جمال القراء و كمال الإقراء

هوية الکتاب

عنوان واسم المؤلف: جمال القراء و كمال الاقراء/

تاليف علم الدين ابي الحسن علي بن محمد السخاوي ؛ حققه و علق عليه و عمل فهارسه ر . عبد الكريم الزبيدي.

تفاصيل المنشور: بيروت: دارالبلاغه، 1413ه = 1993م = 1372.

خصائص المظهر : ج

حالة الاستماع : في انتظار الإدراج (معلومات التسجيل)

رقم الببليوغرافيا الوطنية : 2124121

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

ملتزم الطبع والنشر والتوزيع مؤسسة المكتب الثقافية فقط

الطبعة الأولى

مؤسسة الكتب الثقافية

للطباعة ، بناية الإتحاد الوطني، الطابق النتاج ، شقة ٧٨

هاتف المكتب : 739250 - 739258

خليوي : ٠٣/٨١٠٥٦١

ص ب : ١١٤/٥١١٥ - ببرقيا : المكتبكو، تلكن : ٤٠٤٥٩

بيروت - لبنات

ص: 4

نوقشت هذه الرسالة عَلِنيَّة بقاعة المحاضرات الكبرى بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في ١٤١٠/١٧/١٣ه_ وذلِكَ مِن قِبَل لجنة المناقشة المشكلة من الأسائِدَة وَهُمْ :

الدكتور محمد سالم محيسن .

الدكتور : عبد الفتاح إبراهيم سلامة

الدكتور : عبد الله محمد الأمين الشنقيطي

ومنح صاحب الرسالة

درجة الدكتوراه بتقدير ممتازه

«مع مرتبة الشرف الأولى »

ص: 5

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 6

الجزء الأول

مقدّمة [المحقق

اشارة

الحمد للّه العزيز الوهاب، أنزل على عبده الكتاب، هدى و ذكرى لأولى الألباب، و الصلاة و السلام على سيد الأحباب، نبينا محمد- صلّى اللّه عليه و سلّم- النبي الأمي المبعوث بالحق و الصواب، الشافع المشفع يوم الحساب، و على آله و صحابته و من تبعهم بإحسان إلى يوم المآب.

أما بعد: فإن علوم القرآن الكريم أرفع العلوم قدرا، و أشرفها ذكرا، و الاشتغال بها من أجلّ الأعمال و أفضل القربات، لأنها تتعلق بخدمة كتاب اللّه تعالى، و قد كان القرآن الكريم موضع عناية من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و صحابته الكرام، و من تبعهم من العلماء الأجلاء الذين عكفوا عليه يدرسونه و يستخرجون كنوزه، فأولوه عناية فائقة، فاعتنوا بتفسيره و بيان أساليبه و بلاغته، إلى غير ذلك، و تناولوا كثيرا من نواحيه بالبحث و التوضيح، و تنافسوا في هذا الميدان الفسيح، و أفنوا أعمارهم في تصنيف الكتب التي تخدم هذا القرآن العظيم، و هم بهذا يكونون قد أدوا واجبهم نحوه، كل بحسب ما أوتى من العلم، فخلفوا لنا تراثا علميا تزخر به المكتبات في أنحاء المعمورة، و كلها تدل على العناية بهذا الدستور الإلهي الرباني الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ ... (1).

و معظم هذا التراث لا زال مخطوطا ينتظر من ينفض عنه الغبار، و يخرجه إخراجا سليما، بحيث يكون في متناول طلاب العلم و المعرفة، و بخاصة طلاب الدراسات العليا.

و من أجلّ هذه المخطوطات ما يسمى في اصطلاح المتأخرين ب «علوم القرآن»، و اني أحمد اللّه سبحانه و تعالى الذي وفقني لتحقيق كتاب من خيرة الكتب التي صنفت في علوم

ص: 7


1- سورة فصلت (42).

القرآن، ألا و هو «جمال القراء و كمال الإقراء» لموضوع بحثي، و هو لعلم الدين السخاوي المتوفي سنة 643 ه، و قد كنت أحد خريجي كلية القرآن الكريم و الدراسات الإسلامية، و كنت شغوفا في حبي لكتاب اللّه تعالى و معرفة علومه، و منّ اللّه عليّ بالالتحاق بشعبة التفسير و علوم القرآن من قسم الدراسات العليا، و كان عملي في مرحلة الماجستير في موضوع «عبد الرحمن الثعالبي و منهجه في التفسير» فأردت أن أجمع بين الحسنيين، الموضوع و التحقيق، فاخترت هذا الكتاب و هو كتاب مهم و مفيد، إذ تناول فيه مؤلفه أنواعا من العلوم المتصلة بالقرآن الكريم، كمعرفة المكي و المدني، و الكلام على إعجاز القرآن و فضائله، و كيفية تأليفه، و تجزئته و عدد آياته و سوره، و ذكر الشواذ، و ناسخ القرآن و منسوخه، و غير ذلك، و هي موضوعات مهمة، كلها تتعلق بالقرآن الكريم.

فألفيته جديرا بالاهتمام و التحقيق، و بخاصة أن مؤلفه علم الدين السخاوي الذي أجمع المؤرخون له على جلالة قدره، فشد هذا من أزري و شجعني على اختيار هذا الموضوع، و لا شك أن العمل في مجال تحقيق التراث، مجال فيه مشقة و تعب، و في الوقت نفسه فيه لذة و سعادة، و إن بعض من لم يمارس عمل التحقيق و يكابد مشقته، يظن أنه عمل سهل و ميسور، و يظن أنه مجرد إزالة الغبار عن كتاب مغمور و نسخه و إخراجه، و الواقع أن تحقيق كتب التراث يحتاج إلى وقت و جهد كبير، و يتمثل ذلك في التعليق على بعض المسائل المهمة، و إيضاح القضايا العلمية التي تحتاج إلى إيضاح، و عزو الآيات القرآنية و تخريج الأحاديث النبوية، و ترجمة الأعلام .. إلى غير ذلك، مما يخدم النص، و يخرجه إلى طلاب العلم و المعرفة بثوب يليق به، و هذا ما حاولت أن أسلكه في تحقيق هذا الكتاب، و قد كانت مهمتي شاقة، إذ أن الكتاب يشتمل على عدة علوم، كل علم يكاد يكون علما مستقلا بذاته و يحتاج إلى متخصص، و حسبي أني اجتهدت و بذلت طاقتي فإن أصبت فالحمد للّه الذي وفقني للصواب، و إن أخطأت، فكل بني آدم خطاء، و اللّه الموفق و الهادي إلى سواء الصراط، و هو حسبي و نعم الوكيل.

ص: 8

تمهيد
اشارة

و قد ضمنته ما يأتي:

أ) تعريف علوم القرآن.

ب) أهم المصنفات في علوم القرآن منذ عصر التدوين حتى عصر علم الدين السخاوي.

ج) أثر كتاب «جمال القراء فيمن جاء بعده من المؤلفين».

و قبل الشروع في الحديث عن هذه القضايا أقول و باللّه التوفيق: لقد كان الصحابة- رضي اللّه عنهم- عربا خلصا، يتذوقون الأساليب الرفيعة و يفهمون ما ينزل على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من الآيات البينات. فإذا أشكل عليهم فهم شي ء من القرآن، سألوا عنه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيبيّن لهم ما خفي عليهم، لأن اللّه آتاه الكتاب و علّمه ما لم يكن يعلم، فلم تكن الحاجة ماسة إلى وضع تأليف في «علوم القرآن» في عهده صلّى اللّه عليه و سلّم (1).

و ظلت علوم القرآن تروى بالتلقين و المشافهة على عهده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم على عهد الشيخين أبي بكر و عمر- رضي اللّه عنهما- و في خلافة عثمان- رضي اللّه عنه- بدأ اختلاط العرب بالأعاجم، فأمر عثمان أن يجتمعوا على مصحف إمام، و أن تنسخ منه مصاحف للأمصار، و أن يحرق الناس كل ما عداها (2).

و قد شكلت لجنة لهذا العمل الجليل برئاسة زيد بن ثابت- رضي اللّه عنه- فوضعت

ص: 9


1- انظر مناهل العرفان 1/ 29، و مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ص 119، و الشيخ مناع القطان ص 9.
2- و سيأتي بيان هذا الموضوع- ان شاء اللّه- في هذا الكتاب عند كلام السخاوي على تأليف القرآن ص 308.

لها منهجا اتبعته في رسم الكلمات التي ورد فيها أكثر من قراءة صحيحة، و بهذا تكون هذه اللجنة قد وضعت الأساس لعلم رسم القرآن (1).

و «علوم القرآن» كلمة شاملة تعم كل ما يتعلق بالقرآن الكريم. و هذا موضوع واسع، و بحر لا ساحل له.

يقول الزركشي (ت: 794 ه) (و علوم القرآن لا تنحصر، و معانيه لا تستقصى ..

و مما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه، كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث (2)) ا ه.

إذن فلم تكن علوم القرآن قد اتخذت وضعا مستقلا في العصور الإسلامية الأولى و إنما وردت متفرقة في روايات المحدثين، و أقوال العلماء و مقدمات كتب التفسير (كالطبري و الحوفي و الزمخشري و ابن عطية و القرطبي ..) (3).

و هناك بعض العلماء ألفوا كتبا في موضوعات مختلفة تتصل بالقرآن الكريم في جانب من جوانبه المتعددة، و كانت طريقتهم استقصاء جزئيات القرآن، ثم جمعت هذه المباحث تحت عنوان «علوم القرآن» (4).

أ) تعريف علوم القرآن:

هذا اللفظ مركب إضافي، و له جزءان، مضاف و هو «علوم»، و مضاف إليه و هو «قرآن». و له معنيان، معنى باعتباره مركبا اضافيا، و معنى باعتباره «علما».

أما المعنى الأول: فيراد بكلمة «علوم»- و هو المضاف-: كل علم يخدم القرآن الكريم، و يتصل به، و يستند إليه، و ينتظم ذلك علم التفسير، و علم أسباب النزول، و علم إعجاز القرآن، و علم الناسخ و المنسوخ، و علم إعراب القرآن و علم القراءات، و علم عد الآي و فواصلها، و علم الرسم العثماني، و علم الدين من فقه و توحيد و غيرهما، و علم العربية من نحو و بلاغة و سواهما.

ص: 10


1- راجع مناهل العرفان 1/ 30، و مباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح ص 120، و في رحاب القرآن 1/ 152.
2- البرهان 1/ 9.
3- انظر مقدمة الإتقان 1/ 7.
4- راجع لمحات في علوم القرآن ص 96.

و يراد بكلمة «القرآن» و هو المضاف إليه: الكتاب المقدس المنزل على سيدنا محمد صلّى اللّه عليه و سلّم المتعبد بتلاوته (1).

و المعنى الثاني: يراد به أن لفظ «علوم القرآن»: نقل من هذا المعنى الإضافي، و جعل «علما» على الفن المدون، و أصبح مدلوله «علما» غير مدلوله مركبا اضافيا (2).

و يمكن تعريفه باعتباره «علما» بأنه المباحث المتعلقة بالقرآن من ناحية مبدأ نزوله، و كيفية هذا النزول، و مكانه و مدته، و من ناحية جمعه و كتابته في العصر النبوي، و عهد أبي بكر و عثمان، و من ناحية إعجازه و ناسخه و منسوخه، و محكمه و متشابهه، و أقسامه و أمثاله، و من ناحية ترتيب سوره و آياته و ترتيله و أدائه إلى غير ذلك (3).

و إنه لمن الصعب الجزم بتحديد أول من جمع هذه العلوم في كتاب واحد (4). إلّا أن الشيخ عبد العظيم الزرقاني يذكر أن أول من ألّف في علوم القرآن هو علي بن إبراهيم بن سعيد المشهور بالحوفي المتوفي سنة 430 هجرية. حيث صنف كتابه «البرهان في علوم القرآن» (5).

هذا ما يراه الزرقاني- رحمه اللّه- و لكن بالاطلاع وجدت أن هناك من ألّف في علوم القرآن من قبل الحوفي كالواقدي المتوفي سنة 207 ه حيث صنف كتابه «الرغيب في علم القرآن» و ابن المرزبان المتوفي سنة 309 ه الذي ألّف كتابه «الحاوي في علوم القرآن» و غيرهما ممن سيأتي ذكرهم في الفقرة التالية.

ب) أهم المصنفات في علوم القرآن من بدء التدوين حتى عصر السخاوي:

لقد تتبعت المصنفات التي تحمل هذا العنوان «علوم القرآن» أو كلمة نحوها منذ عصر التدوين إلى عصر السخاوي، و رجعت في ذلك إلى كثير من مصنفات علوم القرآن، و الفهارس العامة و المخطوطات، و ظفرت بالكتب التالية: و سأرتبها حسب وفيات مؤلفيها، مع الإشارة إلى المطبوع منها أو المخطوط، و ما وجدت إلى ذلك سبيلا:

ص: 11


1- انظر من علوم القرآن ص 5، 6، و في رحاب القرآن 2/ 7، 8.
2- المصدران السابقان.
3- انظر مناهل العرفان 1/ 23، 27، و مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ص 15، و التبيان في علوم القرآن للشيخ علي الصابوني ص 6.
4- لمحات في علوم القرآن ص 97.
5- مناهل العرفان 1/ 35.

[1] الرغيب في علم القرآن: لأبي عبد اللّه محمد بن عمر الواقدي المتوفى سنة 207 ه ذكره ابن النديم (1). و هو مخطوط (2).

[2] الحاوي في علوم القرآن: لأبي بكر محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة 309 ه قال ابن النديم: كبير، سبعة و عشرون جزءا (3). و كذلك قال إسماعيل باشا البغدادي (4).

و ذكره الزركلي (5)، و الدكتور محمد سالم محيسن (6)، دون أن يذكرا عدد الأجزاء، و هو مخطوط (7).

[3] عجائب علوم القرآن: لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 ه، تكلم فيه مؤلفه على فضائل القرآن، و نزوله على سبعة أحرف، و كتابة المصاحف، و عدد السور و الآيات و الكلمات (8). و هو مخطوط (9).

و ذكره الدكتور محمد سالم محيسن بعنوان «في علوم القرآن (10)». و توجد منه نسخة في مجلد في مكتبة البلدية بالإسكندرية، مكتوبة بقلم نسخ واضح سنة 651 ه بخط علي بن إبراهيم بن محمد (3599 ج) قال المفهرس: و قد أخذنا نسبة هذا الكتاب إلى ابن الأنباري من أوائل فصوله (11) ا ه.

[4] الشافي في علم القرآن: تأليف يونس بن محمد بن إبراهيم الوفراوندي، ذكره ابن النديم (12) و هو مخطوط (13)، و ذكره كذلك ياقوت الحموي (14).

ص: 12


1- الفهرست ص 144.
2- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 402.
3- الفهرست ص 214.
4- هدية العارفين 2/ 26.
5- الأعلام 6/ 115.
6- في رحاب القرآن 2/ 12.
7- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 401.
8- انظر مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ص 122.
9- انظر الأعلام 6/ 334.
10- في رحاب القرآن 2/ 12.
11- فهرس مكتبة بلدية الاسكندرية علم تفسير القرآن ص 20.
12- الفهرست ص 128، و انظر طبقات المفسرين للداودي 2/ 385.
13- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 402.
14- معجم الأدباء 20/ 68.

[5] الشامل في علم القرآن: لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي المتوفى سنة 330 ه. ذكره ابن النديم (1)، و هو مخطوط (2).

[6] المختزن في علوم القرآن: لأبي الحسن الأشعري المتوفى سنة 334 ه (3). و هو عظيم جدا (4).

[7] إمام التنزيل في علم القرآن: تأليف الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي المتوفى سنة 360 ه و هو مخطوط (5).

[8] الأنوار في علم القرآن: لأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم المتوفي سنة 362 ه ذكره ابن النديم (6)، و الزركلي بعنوان «الأنوار في تفسير القرآن (7)».

[9] الآمد في علوم القرآن: تأليف عبيد اللّه بن محمد بن جرو الأسدي المتوفى سنة 387 ه و هو مخطوط (8).

[10] الاستغناء في علوم القرآن: لأبي بكر محمد بن علي بن أحمد الأدفوي المتوفى سنة 388 ه ذكره أبو شامة (9)، و الدكتور صبحي الصالح (10)، و أستاذنا الدكتور محمد سالم محيسن (11). و هو مخطوط، قال الزركلي: يقع في مائة جزء، رأى منها صاحب «الطالع السعيد» «عشرين مجلدا» (12) ه.

[11] التنبيه على فضل علوم القرآن: لأبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري المتوفى سنة 406 ه.

ص: 13


1- الفهرست ص 215.
2- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 403.
3- هكذا نص ابن فرحون على أن وفاته كانت سنة أربع و ثلاثين و ثلاثمائة و في بعض المصادر (324 ه).
4- انظر الديباج المذهب في أعيان المذهب ص 195.
5- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 399.
6- الفهرست ص 49.
7- الأعلام 6/ 81.
8- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 399.
9- انظر المرشد الوجيز ص 118.
10- مباحث في علوم القرآن ص 122.
11- في رحاب القرآن 2/ 12.
12- الأعلام 6/ 274، و انظر معجم الدراسات القرآنية ص 399.

ذكره كل من الزركشي (1)، و السيوطي (2)، و نقلا عنه.

[12] البرهان في علوم القرآن: لأبي الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة (430 ه) يوجد من هذا الكتاب أجزاء كثيرة مخطوطة (3).

و أفاد الزرقاني أنه ظفر في دار الكتب المصرية بهذا الكتاب، و هو يقع في ثلاثين مجلدا، و الموجود منه خمسة عشر مجلدا، غير مرتبة و لا متعاقبة .. إلخ.

قال: و قد رأيته يعرض الآية الكريمة بترتيب المصحف، ثم يتكلم عليها من علوم القرآن (4) .. إلخ.

[13] البيان في علوم القرآن: لأبي عامر فضل بن إسماعيل الجرجاني المتوفى في حدود سنة 445 ه، ذكره حاجي خليفة (5)، و إسماعيل باشا البغدادي (6).

[14] البيان الجامع لعلوم القرآن: لأبي داود سليمان بن نجاح المقرئ المتوفى سنة 496 ه ذكره الذهبي و الزركلي، و قالا: يقع في ثمانمائة جزء (7).

[15] رسالة في علوم القرآن: لأبي محمد جعفر بن أحمد بن السراج المتوفى سنة 500 ه مخطوط في الظاهرية رقم 5987 ضمن مجموع (8).

[16] جواهر القرآن: لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي المتوفى سنة 505 ه ضمنها الكلام على أنواع علوم القرآن .. طبع عدة طبعات (9).

[17] مقدمتان في علوم القرآن: مقدمة ابن عطية المتوفى سنة 542 ه، و مقدمة المباني طبع في مصر- مكتبة الخانجي سنة 1392 ه بتحقيق آرثر جعفري.

ص: 14


1- انظر البرهان في علوم القرآن 1/ 192.
2- انظر الاتقان في علوم القرآن 1/ 22.
3- راجع فهرس معهد المخطوطات العربية ص 22- 24، و فهرس علوم القرآن في مركز البحث العلمي- جامعة أم القرى 1/ 41- 51، و الأعلام للزركلي 4/ 250، و معجم الدراسات القرآنية ص 399.
4- مناهل العرفان 1/ 34- 35، و في الطبعة التي بين يدي توفي الحوفي سنة 330 ه و هو خطأ.
5- كشف الظنون 1/ 263.
6- هدية العارفين 1/ 819.
7- انظر: معرفة القراء الكبار 1/ 451، و الأعلام للزركلي: 3/ 137.
8- انظر معجم الدراسات القرآنية ص: 402.
9- انظر فهرس المكتبة الأزهرية مجلد 1/ 174.

[18] فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن: و يسمى: فنون الأفنان في عيون علوم القرآن- لابن الجوزي طبع في المغرب- الدار البيضاء- سنة 1970 م بتحقيق أحمد الشرقاوي (1).

[19] المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن: لابن الجوزي، له نسخ كثيرة في دار الكتب الخديوية و دار الكتب المصرية (2).

[20] مختصر فنون الأفنان في علوم القرآن: لابن الجوزي، مخطوط، منه نسخ خطية في دار الكتب الخديوية، و دار الكتب المصرية، و مكتبة الغازي حسر و بك في يوغسلافيا (3).

[21] المدهش في علوم القرآن و الحديث: لابن الجوزي، نشره محمد السماوي- بغداد- مطبعة الآداب سنة 1348 ه، و في بيروت- المؤسسة العالمية سنة 1978 م (4).

[22] المغني في علوم القرآن: لابن الجوزي (5).

[23] نهاية التأميل في علوم التنزيل: لأبي حفص عمر بن الخطيب المتوفى سنة 600 ه، مخطوط، الخزانة التيمورية رقم 471 (6).

[24] رسالة في علوم القرآن: للسخاوي علي محمد المتوفى سنة 643 ه (7).

هذا بالإضافة إلى كتابه «جمال القراء و كمال الاقراء» الذي نحن بصدد الحديث عنه، ثم جاء بعد ذلك أبو شامة المتوفى سنة 665 هجرية- تلميذ السخاوي-، فوضع كتابا في علوم القرآن سماه «المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز».

ثم جاء الزركشي المتوفى سنة 794 ه، فألّف كتابه «البرهان في علوم القرآن»،

ص: 15


1- و راجع لمحات في علوم القرآن ص 97 و مباحث في علوم القرآن للدكتور: صبحي الصالح ص 124، و معجم الدراسات القرآنية ص 392، و مؤلفات ابن الجوزي ص 130، و في رحاب القرآن: 2/ 13. و قد طبع في القاهرة عام 1407 ه بتحقيق استاذنا الدكتور عبد الفتاح عاشور. كما طبع أيضا في البشائر الإسلامية بتحقيق الدكتور: حسن ضياء الدين العتر.
2- انظر مؤلفات ابن الجوزي ص 158، و معجم الدراسات القرآنية ص 403 و مباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح ص 124.
3- انظر مؤلفات ابن الجوزي ص 162.
4- معجم الدراسات القرآنية ص 395، و انظر مؤلفات ابن الجوزي ص 142.
5- انظر مؤلفات ابن الجوزي ص 62، 171.
6- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 405.
7- سيأتي الكلام عنها- ان شاء اللّه- عند الحديث عن مؤلفات السخاوي.

و تبعه جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 ه فوضع كتابه «الإتقان في علوم القرآن» ثم تتابع العلماء بعد ذلك في وضع مصنفات، معظمها على هيئة مباحث متصلة بعلوم القرآن (1).

ج) أثر كتاب (جمال القراء ..) فيمن جاء بعده من المؤلفين:

من يقرأ تاريخ العلماء يجد أن كثيرا منهم استفاد ممن سبقهم، و أفاد من جاء بعدهم، و هذا أمر مشاهد و معروف، و مما لا شك فيه أن لشخصية المؤلف و مكانته العلمية دورا كبيرا في إفادة من جاء بعده.

و الإمام السخاوي شخصية علمية كبيرة اشتهر في البيئة التي نشأ فيها، و في المجتمع الذي مكث يقرئ فيه نيفا و أربعين عاما، إذ كان الناس في إقبال شديد على تعلم أنواع العلوم، و بخاصة علوم القرآن الكريم، ثم إن كثيرا منهم ترك هذا الفن لصعوبة مسلكه و تشعب معلوماته، فظلت شخصية السخاوي محدودة لدى المتخصصين في علم القراءات، بل إن كثيرا من طلاب العلم عند ما يذكر له السخاوي، لا ينصرف ذهنه إلّا إلى شمس الدين محمد بن عبد الرحمن المحدث المؤرخ المتوفى سنة 902 ه، و بناء على هذا ظلت مؤلفات إمامنا السخاوي مغمورة محبوسة في المكتبات تنتظر من ينفض الغبار عنها و يخرجها إلى طلاب العلم و المعرفة، و قد وجدت بعض العلماء كأبي شامة و ابن الجزري و السيوطي و غيرهم من السابقين نقل عن (جمال القراء ..) بعض الفوائد، كما وجدت أيضا بعض العلماء المعاصرين من أفاد من هذا الكتاب، مثل شيخنا عبد الفتاح القاضي- رحمه اللّه تعالى-. و أستاذنا الدكتور محمد سالم محيسن- حفظه اللّه تعالى-.

و لا شك أن هذا النقل و الإفادة من كتب السابقين يعتبر دليلا واضحا على أهميتها.

و تتميما للفائدة سأشير إلى بعض العلماء الذين استفادوا من كتاب (جمال القراء ..):

[1] أفاد الشيخ أبو شامة من كتاب «جمال القراء ..» في أماكن متعددة من كتابه (المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز)، فقد أفاد منه عند كلامه على كيفية نزول القرآن، و تلاوته، و ذكر حفاظه في ذلك الزمان. قال: قال الشيخ أبو الحسن في كتابه (جمال القراء ..) في ذلك:- أي في إنزاله إلى سماء الدنيا- تكريم بني آدم .... (2) الخ.

ص: 16


1- راجع مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ص 125، و الشيخ مناع القطان ص 14.
2- المرشد الوجيز ص 27.

و كان أحيانا يتكلم على القضية، ثم يقول: و قد تكلم على ذلك شيخنا أبو الحسن- رحمه اللّه- ببعض ما ذكرناه (1).

* و عند كلامه عن كتابة القرآن و جمعه، كان من كلامه: أن أبا بكر- رضي اللّه عنه- قال لعمر بن الخطاب و زيد بن ثابت: «أقعدوا على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شي ء من كتاب اللّه تعالى فاكتباه» ا ه.

ثم قال أبو شامة: قال الشيخ أبو الحسن في كتابه (جمال القراء ..): و معنى هذا الحديث- و اللّه أعلم- «من جاءكم بشاهدين على شي ء من كتاب اللّه الذي كتب بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و إلّا فقد كان زيد جامعا للقرآن (2) ..» ا ه.

[2] كما نوه المحقق ابن الجزري بهذا الكتاب و أثنى عليه و نقل منه في كتابه النشر، و قد روا ه بإسناده إلى المؤلف ضمن الكتب التي ذكر كيفية روايته لها (3).

[3] و اقتبس منه أحمد بن محمد القسطلاني عند كلامه عن حكم القراءة الشاذة، قال: و قد أجمع الأصوليون و الفقهاء و غيرهم على أن الشاذ ليس بقرآن ... صرح بذلك الغزالي و ابن الحاجب .. و السخاوي في (جمال القراء ..) (4).

[4] و اقتبس منه البدر العيني عند شرحه لحديث بدء الوحي، قال: و قال السخاوي:

ذهبت عائشة- رضي اللّه عنها- و الأكثرون إلى أن أول ما نزل اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله: ما لَمْ يَعْلَمْ (5) (6) .. الخ.

[5] و الإمام السيوطي يعتبر من المكثرين من النقل عن السخاوي المتأثرين به تأثرا واضحا في كتابه (الإتقان في علوم القرآن)، حيث نقل عنه في أماكن كثيرة، و عزا ذلك إلى (جمال القراء ..):-

* فهو يعد (جمال القراء) من الكتب التي اعتمد عليها (7).

ص: 17


1- المصدر السابق ص 26.
2- المصدر السابق ص 55، و راجع ص 172123، 208، 208.
3- انظر النشر 1/ 18، 97، 266.
4- لطائف الاشارات ص 72، 73.
5- سورة العلق (1- 5).
6- عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 1/ 62.
7- الاتقان 1/ 18.

* و أفاد منه عند كلامه عن الآيات المستثناة من المكي و المدني.

* و عند كلامه عن الحضري و السفري، و عن النهاري و الليلي.

* و عند كلامه عن (ما تكرر نزوله)، و عند كلامه عن كيفية إنزال القرآن الكريم.

* و كذلك عند حديثه عن أسماء السور، و عن تقسيمات القرآن بحسب سوره.

* و عند جمعه و ترتيبه، و عدد سوره و آياته و كلماته و حروفه (1) .. الخ.

و أفاد منه كل من:

[6] الشيخ أحمد بن محمد الدمياطي (2).

[7] و الشيخ محمود بن عبد اللّه الآلوسي (3).

[8] و شيخنا عبد الفتاح القاضي- رحمه اللّه (4)-.

[9] و أستاذنا الدكتور محمد سالم محيسن (5).

ص: 18


1- انظر الاتقان 1/ 55، 60، 61، 103، 119، 156، 163، 167، 186، 197.
2- اتحاف فضلاء البشر ص 19.
3- روح المعاني 10/ 41.
4- تاريخ المصحف الشريف ص 46، و من علوم القرآن ص 44.
5- في رحاب القرآن 1/ 249، 261، و القراءات و أثرها في علوم العربية 1/ 27.
القسم الأول
الباب الأول حياة المؤلف
اشارة

الباب الأول حياة المؤلف (1) و قد ضمنته ما يأتي:

أ) اسمه و كنيته و لقبه :
اشارة

اسمه و كنيته و لقبه (2)

هو علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن غطاس (3)

ص: 19


1- وردت ترجمة السخاوي في المراجع الآتية: * إشارة التعيين ص 231* الأعلام 4/ 332* انباه الرواة 2/ 311* بغية الوعاة ص 349* تذكرة الحفاظ 4/ 1432* تلخيص مجمع الآداب 1/ 604* حسن المحاضرة 1/ 412* خزانة الأدب 2/ 529* دول الإسلام 2/ 149* الذيل على الروضتين ص 177* الرسالة المستطرفة ص 62* روضات الجنات ص 470* سير أعلام النبلاء 23/ 122* شذرات الذهب 5/ 222* طبقات الشافعية للاسنوي 2/ 68* طبقات الشافعية للسبكي 8/ 297* طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 116* طبقات المفسرين للداودي 1/ 429* طبقات المفسرين للسيوطي ص 72* العبر في خبر من غبر: 5/ 178* غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 568* القاموس الإسلامي 3/ 280* القلائد الجوهرية ص 238* كشف الظنون 1/ 593* المختصر في أخبار البشر 3/ 174* مرآة الجنان 4/ 110* معجم الأدباء 15/ 65* معجم البلدان 3/ 196* معجم المؤلفين 7/ 209* معرفة القراء الكبار 2/ 631* النجوم الزاهرة 6/ 354* هدية العارفين 1/ 708* الوافي بالوفيات 22/ 64* وفيات الأعيان 3/ 340
2- المراد بالكنية ما كان في أوله أب أو أم، و باللقب ما أشعر بمدح أو ذم. انظر شرح ابن عقيل 1/ 119.
3- بفتح الغين و تشديد الطاء المهملة، و بعد الألف سين مهملة، طبقات النجاة لابن قاضي شهبة 2/ 182.

الهمداني المصري السخاوي الشافعي.

* كنيته: أبو الحسن باتفاق من ترجم له.

و قد وردت آثار تحث على التكني، و ترغب في إشاعتها، و لا سيما إذا كانت الكنية غريبة، و لا يكاد يشترك فيها أحد مع من تكنّى بها في عصره، فإنه يطير بها ذكره في الآفاق، و تتهادى أخباره الرفاق (1) ..

* و لقبه: (علم الدين) باتفاق المترجمين له.

و اللقب إن دلّ على ما يكرهه المدعو به كان منهيا، و أما إذا كان حسنا فلا ينهى عنه، و ما زالت الألقاب الحسنة في الأمم كلها من العرب و العجم، تجري في مخاطباتهم و مكاتباتهم من غير نكير (2).

* نسبته:

نسبه بعض المترجمين إلى همدان (3)، و همدان: قبيلة من اليمن (4) قال ابن حزم:

و همدان هو ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ (5) ا ه. و سبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان (6). و قد اشتهرت نسبته ب (السخاوي) بفتح السين المهملة و الخاء المعجمة، و بعدها ألف، هذه النسبة إلى (سخا)، و هي بليدة بالغربية من أعمال مصر (7)، و قياسه (سخوي)، لكن الناس أطبقوا على النسبة الأولى (8). و هذا المكان يسمى الآن بكفر الشيخ (9).

و كثيرا ما يلتبس صاحبنا علم الدين السخاوي المقرئ المجوّد المتوفى سنة 643 ه

ص: 20


1- البحر المحيط 8/ 113.
2- المصدر السابق 8/ 113.
3- بفتح الهاء و سكون الميم و فتح الدال المهملة و بعد الألف نون. انظر اللباب 3/ 391.
4- انظر الانساب للسمعاني 5/ 647. و ينسب اليها كثير من العلماء منهم علم الدين السخاوي صاحب الترجمة تبصير المنتبه 4/ 1461.
5- جمهرة أنساب العرب ص 392.
6- المصدر نفسه ص 484. و راجع اللباب مع اختلاف يسير 3/ 391.
7- و هي من فتوح خارجة بن حذافة، بولاية عمرو بن العاص، حين فتح مصر ايام عمر- رضي اللّه عنه. معجم البلدان 3/ 196.
8- وفيات الأعيان: 3/ 341، و انظر الانساب للسمعاني 7/ 100.
9- القاموس الاسلامي 3/ 280.

بشمس الدين السخاوي المحدث المؤرخ المتوفى سنة 902 ه لاشتهار كل منهما. و قد اشترك مع الإمام السخاوي في هذه النسبة جماعة من قبله و من بعده، و هم:

[1] زياد بن المعلى أبو أحمد «السخاوي» توفي ب «سخا» سنة 255 ه (1).

[2] أبو الفتح بن عبد الرحمن بن علوي بن المعلى «السخاوي» الحنفي فقيه أديب ناشر شاعر خطيب، له مصنفات في فروع الفقه، توفي بدمشق سنة 629 ه (2).

[3] علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن جبارة الكندي (السخاوي) المالكي شرف الدين، أبو الحسن، أديب نحوي شاعر، حفيد إبراهيم بن جبارة شيخ علم الدين السخاوي- الآتي ترجمته- إن شاء اللّه تعالى- توفي سنة 632 ه (3).

[4] نصر اللّه بن عبد الرحمن بن مكارم الأنصاري «السخاوي» الحنفي أبو الفتح فقيه، توفي بدمشق سنة 633 (4) ه.

[5] محمد بن أبي الكرم عز الدين الحنفي (السخاوي)، كان نائبا في الحكم زمن الجمال المصري قاضي القضاة إلى أن مات سنة 647 ه (5).

[6] علي بن عبد الحميد (السخاوي)، حافظ زمانه، و واحد أوانه، ولي القضاء بدمشق نيفا و سبعين يوما، و أدركه الأجل فمات سنة 756 ه (6).

[7] مساعد بن ساري بن مسعود المصري (السخاوي) الشافعي، فرضيّ، سكن دمشق، و توفي بها سنة 819 ه (7).

[8] محمد بن الحسن بن علي (السخاوي)، فاضل، من آثاره (بضاعة المجود) كان حيا سنة 846 ه (8).

ص: 21


1- اللباب في تهذيب الانساب 2/ 109، و معجم البلدان 3/ 196.
2- ايضاح المكنون 1/ 159، و معجم المؤلفين 8/ 47.
3- بغية الوعاة ص 329، و هدية العارفين 1/ 707، و معجم المؤلفين 7/ 34.
4- هدية العارفين 2/ 493، و معجم المؤلفين 13/ 96.
5- الذيل على الروضتين ص 182.
6- درة الحجال في أسماء الرجال (3/ 247).
7- الضوء اللامع 10/ 155، و شذرات الذهب (7/ 143) و معجم المؤلفين (12/ 223).
8- ذكره اسماعيل باشا البغدادي في ايضاح المكنون (1/ 185) و رضا كحالة في معجم المؤلفين (9/ 201).

[9] محمد بن محمد بن محمد الأنصاري (السخاوي) بدر الدين المصري الشافعي، له (شرح تنقيح اللباب) توفي سنة 869 ه (1).

[10] محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عثمان شمس الدين، أبو الخير (السخاوي) و هو أشهرهم في هذه النسبة كما قلت- فقيه محدث مؤرخ- توفي سنة 902 ه (2).

[11] محمد بن محمد (السخاوي) مؤلف (تخميس طي البردة و تلخيص نثر الوردة) (3).

[12] عبد القادر بن علي (السخاوي) الشافعي، له (الرسالة العثمانية، او السخاوية في علم الحساب) (4).

[13] عبد المعطي بن أحمد بن محمد (السخاوي) المدني، مفسر فقيه مؤرخ، من آثاره تفسير القرآن، و سمّاه (فتح المجيد) في ستة أسفار كان حيا حوالى سنة 960 ه (5).

ب) مولده:

اختلف المترجمون في تاريخ مولده، فمنهم من قال: ولد سنة ثمان أو تسع و خمسين و خمسمائة (6).

و قال ابن خلّكان: ولد سنة ثمان و خمسين و خمسمائة (7).

و قد تابع ابن خلكان كلّ من السيوطي (8)، و ابن الغوطي (9)، و الزركلي (10)، و رضا كحالة (11).

ص: 22


1- هدية العارفين (2/ 204).
2- الضوء اللامع (8/ 2) و شذرات الذهب (8/ 15) و الرسالة المستطرفة (ص 63) و معجم المؤلفين (10/ 150).
3- انظر: القاموس الاسلامي 3/ 280.
4- معجم المطبوعات العربية 1/ 1014.
5- نيل الابتهاج بتطريز الديباج (ص 188) و معجم المؤلفين (6/ 176).
6- و من هؤلاء الذهبي في معرفة القراء الكبار 2/ 631، و ابن الجزري في غاية النهاية 1/ 568، و الداودي في طبقات المفسرين (1/ 430).
7- وفيات الأعيان (3/ 340).
8- طبقات المفسرين (ص 72).
9- تلخيص مجمع الآداب (1/ 604).
10- الاعلام (4/ 332).
11- معجم المؤلفين (7/ 209).
ج) أسرته:

لم تسعفنا المصادر بذكر شي ء ذي بال عن أسرة الإمام السخاوي فلم نجد لها ذكرا في كتب التراجم و الطبقات، إلّا ما ذكره أبو شامة- تلميذ السخاوي- إذ قال:- في حوادث سنة ثلاث و عشرين و ستمائة- و فيها توفي شمس الدين محمد ابن شيخنا علم الدين السخاوي- رحمه اللّه- بدمشق، و دفن بالجبل (1) ا ه.

و كذلك ذكر أبو شامة- عند ترجمته لأحمد بن عبد اللّه بن شعيب التميمي- أحد تلاميذ السخاوي- أن أحمد هذا تزوج ابنة الشيخ علم الدين السخاوي، فولدت له، و ماتت هي و ولدها قديما.

قال: ثم بقي عندنا مدة عمره، و خلف كتبا و ثروة، و وقف داره على فقهاء المالكية (2) هذا كل ما وقفت عليه فيما يتعلق بأسرته. و اللّه تعالى أعلم.

د) شيوخه و مدى تأثره بهم:
اشارة

بدأ السخاوي طلب العلم في سن مبكرة في بلدة (سخا) (3) مسقط رأسه، فحفظ القرآن (4) و تلقى مبادئ الفقه المالكي، ثم رحل إلى الاسكندرية سنة 572 ه، و بعد ذلك توجه إلى القاهرة و تلقى فيهما العلم على خيرة العلماء (5) ثم انتقل إلى دمشق (6)، و جلس إلى أئمتها الأعلام، فأخذ كثيرا من العلوم، و برز في فنون شتى، و بخاصة علم القراءات و ما يتعلق بها.

و بناء على هذا يمكنني أن أصنف شيوخه الذين أخذ عنهم إلى ما يأتي:

أولا: شيوخه في القراءات.

ثانيا: شيوخه في الحديث.

ثالثا: شيوخه الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي أخذها منهم.

ص: 23


1- الذيل على الروضتين (ص 148).
2- المصدر نفسه (ص 235).
3- تقدم انها بليدة بالغربية من اعمال مصر.
4- اغفلت المصادر التي وقفت عليها ذكر شيخ السخاوي في حفظ القرآن الكريم.
5- انظر مقدمة سفر السعادة.
6- انظر معجم الأدباء (15/ 66).
أولا:

شيوخه في القراءات:

[1]- داود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت، أبو البركات البغدادي، ولد سنة 542 ه، روى القراءات سماعا عن أبي الكرم المبارك ابن الحسن الشهرزوري، روى القراءات عنه أبو الحسن السخاوي، ولد ببغداد و مات بدمشق، توفي سنة (616 ه) (1).

[2]- زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن، العلامة تاج الدين أبو اليمن الكندي البغدادي المولود سنة 520 ه التاجر المقرئ النحوي الحنفي، شيخ القراء و النحاة بدمشق، قرأ القرآن تلقينا على أبي محمد سبط الخياط، و له نحو سبع سنين.

قال الذهبي: و هذا نادر، و أندر منه أنه قرأ بالروايات و هو ابن عشر حجج، و ما علمت هذا لأحد أصلا، قرأ على كثير من المشايخ، و تفقه على مذهب الإمام أحمد و كان حسن الاخلاق، متبحرا في عدة علوم.

قرأ عليه القراءات علم الدين السخاوي و غيره، و سمع منه خلق لا يحصون، توفي سنة (613 ه) (2).

قال ابن كثير: قال السخاوي: كان عنده- يعني شيخه الكندي- من العلوم ما لا يوجد عند غيره .. إلى أن قال: و قد مدحه السخاوي بقصيدة حسنة ا ه (3).

و قال ابن الجزري: قرأ السخاوي على أبي اليمن الكندي القراءات الكثيرة، و أخذ عنه النحو و اللغة و الأدب ا ه (4).

و قال أبو شامة: قال السخاوي في شرح المفصل: لقيت جماعة من أهل العربية منهم الشيخ أبو اليمن الكندي رحمه اللّه و كان عنده في هذا الشأن ما لم يكن عند غيره، و أخذت عنه كتاب سيبويه، و قرأت عليه كتاب الإيضاح لأبي علي (5) مستشرحا، و أخذت عنه كتاب اللمع لأبي الفتح (6) و كان واسع الرواية، وافر الدراية ا ه (7).

ص: 24


1- غاية النهاية (1/ 278).
2- معرفة القراء (2/ 586) و غاية النهاية (1/ 197) و انظر: شذرات الذهب (5/ 54).
3- البداية و النهاية (13/ 78).
4- غاية النهاية (1/ 569).
5- هو: أبو علي الفارسي، ستأتي ترجمته في هذا الكتاب ان شاء اللّه.
6- هو: أبو الفتح عثمان بن جنى المتوفى سنة 392 ه. الاعلام (4/ 204).
7- الذيل على الروضتين (ص 95).

[3]- غياث بن فارس بن مكي، الأستاذ أبو الجود اللخمي المنذري المصري، المولود سنة 518 ه الفرضي النحوي العروضي الضرير، شيخ القراء بديار مصر، كان ديّنا فاضلا بارعا في الأدب. قرأ عليه خلق كثير منهم علم الدين السخاوي، توفي سنة (605 ه) (1).

[4]- القاسم بن فيرة (2) بن خلف بن أحمد الإمام أبو محمد و أبو القاسم الرعيني الشاطبي الضرير، ولد سنة 538 ه، أحد الأعلام، قرأ ببلده القراءات و أتقنها، ثم ارتحل إلى شاطبة، فعرض بها القراءات على مشايخها، و ارتحل ليحج، فسمع من أبي طاهر السلفي و غيره، و استوطن مصر، و اشتهر اسمه و بعد صيته، و قصده الطلبة من النواحي، و كان إماما علامة ذكيا، كثير الفنون منقطع النظير، رأسا في القراءات حافظا للحديث، بصيرا بالعربية، واسع العلم، و قد سارت الركبان بقصيدته «حرز الأماني» في القراءات، قرأ عليه بالروايات عدد كبير، منهم أبو الحسن علي بن محمد السخاوي، قال ابن الجزري: و هو من أجل أصحابه. ا ه، توفي سنة 590 ه (3).

ثانيا: شيوخه في الحديث:

[1]- أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو طاهر السّلفي (4)، حافظ الإسلام، و أعلى أهل الأرض إسنادا في الحديث و القراءات، مع الدين و الثقة و العلم، ولد سنة 472 ه و قيل غير ذلك، و توفي سنة 576 ه، نص ابن الجوزي على أن السخاوي سمع من السلفي بمصر (5).

ص: 25


1- معرفة القراء (2/ 589) و غاية النهاية (2/ 4) و سير أعلام النبلاء (21/ 473) و حسن المحاضرة (1/ 498).
2- ضبطه الداودي: بكسر الفاء و سكون الياء المثناة من تحت و تشديد الراء و ضمها، و هو بلغة الرطانة من أعاجم الاندلس، و معناه بالعربي الحديد. ا ه طبقات المفسرين (2/ 44) كما ضبطها كذلك معظم الذين ترجموا له.
3- معرفة القراء (2/ 573) و غاية النهاية (2/ 20) و الديباج المذهب (ص 224) و سير أعلام النبلاء (21/ 261) و مرآة الجنان (3/ 467) و الأعلام (5/ 180).
4- قال ابن خلكان: و نسبته الى جده (سلفه) بكسر السين المهملة و فتح اللام و الفاء- و هو لفظ أعجمي، و معناه بالعربي: ثلاث شفاه، لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة، فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية .. ا ه وفيات الأعيان (1/ 107). و انظر ترجمته في سير اعلام النبلاء (21/ 5) و غاية النهاية (1/ 102) و تذكرة الحفاظ (4/ 1298) و ميزان الاعتدال (1/ 155) و الرسالة المستطرفة (ص 61) و الاعلام (1/ 215).
5- غاية النهاية (1/ 569).

و قد ذكره السخاوي عند كلامه على فضل سورة (يس).

قال: حدثنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني رحمه اللّه ... الخ (1).

كما ذكره أيضا عند كلامه عن آداب حملة القرآن و فضلهم، فقد ساق بالسند عن شيخه هذا إلى الطبراني إلى الحسين بن علي بن أبي طالب: (حملة القرآن عرفاء أهل الجنة) و سيأتي إن شاء اللّه في موضعه (2).

[2]- إسماعيل بن صالح بن ياسين بن عمران أبو الطاهر المصري المسند الصالح العابد، حدث عنه السخاوي و ابن الحاجب و غيرهما توفي سنة (596 ه) (3).

[3]- حنبل بن عبد اللّه بن الفرج بن سعادة الرصافي الحنبلي، روى مسند أحمد بالسند عن مصنفه، و خرج من بغداد، و استقدمه ملوك دمشق إليها، فسمع الناس بها عليه المسند، نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع منه، رجع إلى بغداد و توفي بها سنة (604 ه) (4).

[4]- عبد الخالق بن فيروز الجوهري أبو المظفر الهمذاني الواعظ أكثر الترحال، حدث عنه السخاوي عند كلامه عن (منازل الإجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم)، ذكر فاتحة الكتاب (5).

قال: حدثنا أبو المظفر ... و ساق السند الى الإمام النسائي، و كذلك عند كلامه على فضائل آية الكرسي، قال: حدثنا أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري بالسند المتقدم، و كلما أذكره عن النسائي فهو بهذا الإسناد .. الخ (6).

قال الذهبي: لم يكن ثقة و لا مأمونا اه (7).

[5]- القاسم بن علي بن الحسن بن هبة اللّه الحافظ المحدث الفاضل بهاء الدين،

ص: 26


1- انظر (ص 260) من هذا الكتاب.
2- انظر (ص 363) من هذا الكتاب.
3- له ترجمة في سير أعلام النبلاء (21/ 269) و التكملة لوفيات النقلة (2/ 242) و شذرات الذهب (4/ 323).
4- انظر: البداية و النهاية (13/ 55) و غاية النهاية (1/ 569) و العبر (5/ 10) و شذرات الذهب (5/ 12).
5- انظر (ص 225) من هذا الكتاب.
6- انظر (ص 235) من هذا الكتاب.
7- انظر ميزان الاعتدال (2/ 543) و العبر في خبر من غبر (4/ 282).

أبو محمد بن عساكر الدمشقي المولود سنة 527 ه، مصنف (فضائل القدس) كان محدثا صدوقا، متوسط المعرفة، و أبوه أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر مؤلف (تاريخ دمشق) المشهور.

ذكر السخاوي شيخه القاسم هذا في آخر كلامه على الناسخ و المنسوخ قال: سمعت كتاب «الناسخ و المنسوخ» لهبة اللّه بن سلامة من أبي محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة اللّه الحافظ ... الخ (1)، كما نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع من القاسم هذا (2) توفي سنة (600 ه).

[6]- محمد بن أحمد بن حامد بن مفرح الأرتاحي أبو عبد اللّه ولد سنة 507 ه، حدث عنه السخاوي أثناء كلامه عن فضل حامل القرآن ... إلخ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حامد بن مفرح الأرتاحي رحمه اللّه، و ساق بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه «لقد أتى علينا حين ... الخ» و سيأتي- إن شاء اللّه- في موضعه (ص 358) و هو من بيت القرآن و الحديث و الصلاح، توفي سنة (601 ه) (3).

[7]- محمد بن يوسف بن علي الإمام شهاب الدين أبو الفضل الغزنوي المولود سنة 522 ه المقرئ الفقيه الحنفي، نزيل القاهرة، قرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط، و حدّث ببغداد و الشام و مصر و تصدر للإقراء، قرأ عليه الإمامان علم الدين السخاوي و جمال الدين بن الحاجب و غيرهما، توفي سنة (599 ه) (4).

ذكره السخاوي عند كلامه عن «نثر الدرر في ذكر الآيات و السور».

قال: حدّثنا شيخنا أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي- رحمه اللّه- و ساق بسنده إلى الترمذي إلى أنس بن مالك (ص 112).

و ذكره أيضا عند كلامه على فضائل القرآن (ذكر فاتحة الكتاب)، قال: و عن

ص: 27


1- انظر (ص 903) من هذا الكتاب.
2- غاية النهاية (1/ 569). و انظر: ترجمته في تذكرة الحفاظ (4/ 1367) و سير أعلام النبلاء (21/ 405) و الرسالة المستطرفة (ص 36).
3- راجع ترجمته في شذرات الذهب (5/ 6).
4- انظر: ترجمته في معرفة القراء الكبار (2/ 579) و غاية النهاية (2/ 286) و طبقات المفسرين للداودي (2/ 291) و شذرات الذهب (4/ 343) و حسن المحاضرة (1/ 498).

الترمذي بالإسناد المتقدم- و كلما أذكره عنه فهو بهذا الإسناد الذي ذكرته عن الغزنوي (ص 230).

ثالثا: شيوخه الذين نص العلماء على سماعه منهم دون تعيين للمادة العلمية:

[1]- إبراهيم بن جبارة السخاوي أبو إسحاق.

قال ابن الشعار: قرأ:- أي علم الدين السخاوي- على أبي إسحاق السخاوي.

اه (1) و لم يشتهر هذا الشيخ، اذ إنني لم أجد له ذكرا في كتب التراجم، و اللّه أعلم.

[2]- إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف، أبو طاهر الزهري العوفي الاسكندراني المالكي، المولود سنة 485 ه، إمام عصره و فريد دهره، و عليه مدار الفتوى مع الورع و الزهد و كثرة العبادة (2). سمع السخاوي منه في الاسكندرية (3) توفي سنة (581 ه).

[3]- عساكر بن علي بن إسماعيل أبو الجيوش المصري المقرئ النحوي الشافعي المولود سنة 490 ه أخذ عنه علم الدين السخاوي و غيره توفي سنة 581 ه (4).

[4]- عمر بن محمد بن معمر بن يحيى المعروف بأبي حفص بن طبرزد (5) البغدادي، سمع الكثير و أسمع، قدم مع حنبل بن عبد اللّه دمشق، فسمع أهلها عليهما، نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع منه و عاد إلى بغداد و توفي بها سنة (607 ه) (6).

[5]- هبة اللّه بن علي بن مسعود بن ثابت الخزرجي المعروف بالبوصيري (7) المولود سنة 506 ه، أبو القاسم، كان أديبا كاتبا، له سماعات عالية، و لم يكن في آخر عصره

ص: 28


1- انظر: ملحق وفيات الأعيان (7/ 322) و كذلك تلخيص مجمع الآداب (1/ 605).
2- انظر: تذكرة الحفاظ (4/ 1336) و سير أعلام النبلاء (21/ 122) و شذرات الذهب (4/ 268) و مرآة الجنان (3/ 419) و حسن المحاضرة (1/ 452).
3- غاية النهاية (1/ 569).
4- معرفة القراء (2/ 552) و انظر: غاية النهاية (1/ 512) و حسن المحاضرة (1/ 496).
5- قال الأصمعي: (طبرزد) و طبرزل و طبرزن: ثلاث لغات معربات، و هو السكر- بضم السين و فتح الكاف المشددة. اه مختار الصحاح (ص 387) (طبرزد) و وفيات الأعيان (3/ 453).
6- انظر: البداية و النهاية (13/ 66) و غاية النهاية (1/ 569) و وفيات الأعيان (3/ 452).
7- بضم الباء الموحدة و سكون الواو و كسر الصاد المهملة و سكون الياء المثناة من تحتها و بعدها راء- بليدة بأعمال البهنسا من صعيد مصر. اه، وفيات الأعيان (6/ 68).

مثله، سمع الكثير، و رحلوا إليه من البلاد، نص ابن الجزري على أن السخاوي سمع من البوصيري في مصر (1) و كان يسمّى (سيد الأهل) لكن هبة اللّه أشهر، توفي سنة 598 ه (2).

مدى تأثره بشيوخه:

قد كان لشيوخ السخاوي الأثر الواضح في ثقافته، إذ انعكست ثقافتهم عليه انعكاسا واضحا، و من خلال دراستي لحياة السخاوي العلمية، وجدته قد تأثر ببعض شيوخه تأثرا واضحا.

و هذه أمثلة لذلك:

أولا: تأثر السخاوي بشيخه «الشاطبي» في التصنيف، و دليل ذلك أنه أول من شرح قصيدته المعروفة بالشاطبية، كما قام بشرح منظومته المسماة ب «عقيلة أتراب القصائد» في رسم القرآن (3).

ثانيا: تأثره ببعض شيوخه في الإقراء، إذ منهم من عكف للإقراء، كشيخه أبي اليمن الكندي و كذلك غياث بن فارس الذي كان شيخ الإقراء بديار مصر، فتبعهم السخاوي، و مكث نيفا و أربعين عاما يقرئ الناس و تخرج به عدد لا يحصيهم إلّا اللّه (4).

ثالثا: من شيوخه من كان رأسا في العربية كشيخه أبي اليمن الكندي، الذي خلّف كثيرا من المؤلفات، منها مائة و ثلاثة و أربعون مجلدا في اللغة (5) فلازمه السخاوي، و تلقى عنه كتاب سيبويه و غيره، و وجد عنده ما لم يجد عند غيره، فاقتدى به السخاوي و عمل شرحا للمفصل للزمخشري، و سمّاه «المفضل شرح المفصل» و ألّف كتابين كذلك في اللغة، أحدهما سمّاه «سفر السعادة و سفير الإفادة» و الآخر «منير الدياجي في شرح الأحاجي» (6).

قال الصّفدي: و كان- يعني السخاوي- أقعد بالعربية من شيخه الكندي (7) اه.

ص: 29


1- غاية النهاية (1/ 569).
2- وفيات الأعيان (6/ 67) و سير اعلام النبلاء (21/ 390) و انظر: مرآة الجنان (3/ 409).
3- و سيأتي- ان شاء اللّه- الكلام على هذا عند الحديث عن مؤلفاته.
4- كما سيأتي قريبا- ان شاء اللّه- عند الحديث عن تلاميذه.
5- كما سبق عند الحديث عن النهضة العلمية.
6- انظر: مؤلفات السخاوي فيما يأتي.
7- انظر الوافي بالوفيات (22/ 66).

من هذا كله نخرج بصورة واضحة جلية عن مدى تأثر السخاوي بشيوخه، و اقتفائه آثارهم في التصنيف و الإقراء.

ه) تلاميذه و مدى تأثرهم به:
اشارة

تصدر الإمام السخاوي- رحمه اللّه- إلى تعليم القراءات القرآنية و غير ذلك من العلوم الشرعية، و قد أخذ عنه جمع غفير لا يمكن حصرهم، فقد ذكر بعض من ترجم له أنه مكث يقرئ الناس نيفا و أربعين سنة، فقرأ عليه خلق لا يحصيهم إلّا اللّه تعالى (1).

و ليس هذا غريبا، فإن السخاوي كان بحرا في علوم شتى، و قصده طلاب العلم ينهلون من علمه، و يأخذون منه القراءات و التفسير و الحديث و الفقه و اللغة و غير ذلك، إلّا أن الذين ترجموا لهؤلاء التلاميذ كالذهبي و ابن الجزري نصوا على من تلقى عنه القراءات، لأنه اشتهر بهذا، و هذا لا يمنع ان يكون هؤلاء التلاميذ أنفسهم الذين تلقوا عنه القراءات، تلقوا عنه- أيضا- علوما أخرى.

و هناك عدد قليل من هؤلاء التلاميذ نص العلماء على أنهم رووا عنه الحديث، أو سمعوا منه دون تصريح بالعلوم التي سمعوها.

و بناء على هذا فسأقوم بالترجمة الموجزة لمن وقفت على ترجمته في كتب التراجم و الطبقات، مبتدئا بالذين تلقوا عنه القراءات لأنهم- كما قلت- هم الأكثرية الغالبة، ثم الذين تلقوا عنه الحديث، ثم الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي أخذوها عنه:

أولا: تلاميذه في القراءات:

[1]- إبراهيم بن أبي الحسن المخرّمي (2)، قرأ على السخاوي، و روى عنه (3)، قال ابن الجزري: قرأ عليه ختمة. اه (4).

[2]- إبراهيم بن داود بن ظاهر بن ربيعة، الإمام أبو إسحاق الفاضلي العسقلاني، ثم الدمشقي إمام حاذق مشهور، ولد سنة 622 ه قرأ على السخاوي، و لزمه ثماني

ص: 30


1- انظر: العبر في خبر من غبر للذهبي (5/ 178) و البداية و النهاية (13/ 181).
2- لم أقف على تاريخ وفاته.
3- معرفة القراء الكبار (2/ 632).
4- غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 570).

سنين، نقل عنه كثيرا، قال الذهبي: جمع عليه سبع ختمات للسبعة، و حمل عنه الكثير من التفسير و الأدب و الحديث. اه توفي سنة 692 ه (1).

[3]- أحمد بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، الإمام شرف الدين أبو العباس الفزاري البدري، المقرئ النحوي الشافعي، خطيب جامع دمشق، ولد سنة 630 ه.

قال الذهبي: قرأ القرآن لنافع و ابن كثير و أبي عمرو في عدة ختمات على الشيخ علم الدين السخاوي، و سمع عليه الكثير، و على غيره، توفي سنة (705 ه) (2).

قال ابن الجزري: و ذكر الحافظ الذهبي أنه قرأ على السخاوي لأبي عمرو أيضا، و لم يذكر عاصما، و الظاهر أنه وهم، فإني وقفت على إجازة من الفزاري، فلم أره أسند قراءة أبي عمرو عنه. اه (3).

[4]- أحمد بن سليمان بن مروان، ابن البعلبكي، شهاب الدين العالم الأديب، أحد عدول القضاة الضعفاء.

قرأ على السخاوي بثلاث روايات (4) و عرض عليه الشاطبية، و رواها مرات عدة، توفي سنة (712 ه) (5).

[5]- أحمد بن عبد اللّه بن الزبير الإمام شمس الدين أبو العباس الخابوري ثم الحلبي، المقرئ الشافعي، خطيب جامع حلب، قرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي و غيره، و تقدم في الفقه و العربية و تصدر للإقراء ببلده، اشتهر ذكره، و قرأ عليه جماعة، كان من كبار المقرئين توفي بحلب سنة (690 ه) (6).

[6]- أحمد بن عبد اللّه بن شعيب التميمي الصقلي ثم الدمشقي المقرئ الأديب.

قال الذهبي: لزم السخاوي مدة، و اتقن القراءات و سمع من القاسم بن عساكر و طائفة، و قرأ الكثير على السخاوي و طبقته. ا ه (7).

ص: 31


1- غاية النهاية (1/ 14) و انظر: معرفة القراء الكبار (2/ 703).
2- معرفة القراء (2/ 714).
3- غاية النهاية (1/ 33).
4- لم تبين المصادر الروايات التي قرأ بها.
5- معرفة القراء (2/ 732) و انظر: غاية النهاية (1/ 58).
6- معرفة القراء (2/ 705) و انظر: غاية النهاية (1/ 73) و العبر (5/ 366) و شذرات الذهب (5/ 411).
7- العبر (5/ 276) و انظر: شذرات الذهب (5/ 315).

و وصفه أبو شامة بقوله: رفيقنا في القراءة على شيخنا علم الدين السخاوي- رحمه اللّه- و كان تزوج ابنته، فولدت له و ماتت هي و ولدها قديما، ثم بقي عندنا مدة عمره و خلف كتبا كثيرة و ثروة، و وقف داره على فقهاء المالكية، صليت عليه إماما سنة (663 ه) اه (1).

[7]- أحمد بن محمود القلانسي، قرأ على السخاوي و روى عنه (2).

[8]- إسماعيل بن عثمان بن المعلم الرشيد أبو الفداء الحنفي، إمام عالم، قال الذهبي: و كان من كبار أئمة العصر، قرأ بالروايات على السخاوي، قال: و لو أراد لما عجز عن إقرائها، لكنه كان ضيق الخلق، فلم يقدر على الأخذ منه، و اعتلّ بأنه تارك، و هو آخر من قرأ القراءات على السخاوي، توفي بالقاهرة سنة (714 ه) (3).

[9]- إسماعيل بن مكتوم صدر الدين الدمشقي، الشيخ المسند المعمر، قال الذهبي: ذكر لي أنه قرأ ختمة على السخاوي، و سمع من غيره، توفي سنة (710 ه) (4).

[10]- الياس بن علوان بن ممدود ركن الدين المقرئ الملقّن، قرأ على السخاوي، و تصدر للإقراء بجامع دمشق زمانا، يقال: ختم عليه أكثر من ألف نفس، توفي سنة (673 ه) (5).

[11]- أبو بكر بن أبي الدر المعروف بالرشيد- أو رشيد الدين- إمام حاذق مصدر ماهر، قرأ على السخاوي، و رحل إلى الاسكندرية، فقرأ على مشايخها، توفي سنة (673 ه) و قد عاش نيف على التسعين (6).

[12]- جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي الرّبعي المعروف بابن الدبوقا، أبو دبوقا الدمشقي الحرّاني المقرئ، ولد سنة 621 ه. قدم إلى دمشق و قرأ بها القراءات على السخاوي، ثم أضر في أواخر عمره فجلس للاقراء عند قبر هود من الجامع الأموي.

ص: 32


1- الذيل على الروضتين (ص 235).
2- معرفة القراء (2/ 632) و انظر: غاية النهاية (1/ 570) و لم أقف على سنة وفاته.
3- معرفة القراء (2/ 732) و غاية النهاية (1/ 166) و انظر: النشر في القراءات العشر (1/ 62).
4- معرفة القراء (2/ 733) و انظر: غاية النهاية (1/ 570).
5- معرفة القراء (2/ 686) و انظر: غاية النهاية (1/ 171) و الوافي بالوفيات (9/ 373).
6- غاية النهاية (1/ 181) و انظر: معرفة القراء (2/ 676).

قال الذهبي: و روى الحديث عن السخاوي. اه، توفي سنة (691 ه) (1).

[13]- الحسن بن الخلال، سمع من السخاوي و قرأ عليه (2).

[14]- الحسن بن أبي عبد اللّه بن صدقة بن أبي الفتوح أبو علي الأزدي الصقلي، إمام زاهد كبير القدر، قرأ على السخاوي القراءات، و هو من جلة أصحابه، و سمع الكثير، و أجاز له المؤيد الطوسي، و كان ورعا مخلصا متقللا من الدنيا، توفي بدمشق سنة (669 ه) (3).

[15]- خضر بن عبد الرحمن بن خضر، سديد الدين أبو القاسم الحموي المقرئ، قرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي، و تصدّر ببلده للإقراء، و عمر دهرا، و كان عارفا بالفن، توفي سنة (681 ه) (4).

[16]- دانيال بن منكلي بن صرفا القاضي ضياء الدين أبو الفضائل الشافعي المقرئ ولد سنة 617 ه، قدم دمشق و قرأ القراءات على السخاوي، و كان فقيها مقرئا عالما مجموع الفضائل، قال الذهبي: و هو ممن أدركناه من أصحاب السخاوي، توفي سنة (696 ه) (5).

[17]- صالح بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم الملقب بالضياء، الأسعردي الأصل الفارقي المولد، الدمشقي الدار، المصري الوفاة، إمام جامع الحاكم بالقاهرة شيخ ماهر، قرأ السبع على السخاوي و ابن الحاجب و روى «الشاطبية» عن السخاوي، و عن السديد عيسى، توفي بعد الثمانين و ستمائة (6).

[18]- عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس أبو محمد المالكي الزواوي، ولد سنة 589 ه، شيخ مشايخ الإقراء بدمشق، إمام بارع، صالح محقق فقيه ثقة، قدم

ص: 33


1- انظر: غاية النهاية (1/ 194) و معرفة القراء (2/ 706) و العبر (5/ 372) و شذرات الذهب (5/ 418).
2- غاية النهاية (1/ 570) و لم أقف على سنة وفاته.
3- انظر: معرفة القراء (2/ 675) و غاية النهاية (1/ 219) و العبر في خبر من غبر (5/ 291) و شذرات الذهب (5/ 328) و مرآة الجنان (4/ 171).
4- معرفة القراء (2/ 687) و انظر: غاية النهاية (1/ 287).
5- معرفة القراء 2/ 713) و انظر: غاية النهاية (1/ 278) و شذرات الذهب (5/ 435).
6- غاية النهاية (1/ 332).

مصر و هو شاب فقرأ على مشايخها بالاسكندرية. ثم قدم دمشق سنة سبع عشرة و ستمائة، فقرأ القراءات على شيخها أبي الحسن السخاوي، و باشر مشيخة الإقراء الكبرى بالتربة الصالحية، بعد أبي الفتح- أحد تلاميذ السخاوي-، مع وجود أبي شامة، فانتهت إليه رئاسة الإقراء بالشام، توفي سنة (681 ه) (1).

[19]- عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم أبو القاسم المقدسي ثم الدمشقي الشافعي، المعروف بأبي شامة- لأنه كان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة- الشيخ الإمام الحجة الحافظ ذو الفنون، قرأ القراءات على السخاوي سنة ست عشرة و ستمائة، و كتب و ألّف، و كان أوحد زمانه، صنّف الكثير في أنواع من العلوم، و منها كتاب «الوجيز في علوم تتعلق بالكتاب العزيز» توفي سنة (665 ه) (2).

[20]- عبد الواحد بن كثير المصري ثم الدمشقي، جمال الدين المقرئ، قرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، و ترك و نسى، توفي سنة (696 ه) (3).

[21]- عيسى بن علي بن كجا بن إسماعيل أبو الروح سيف الدين الحلبي ثم البعلبكي الحنفي المقرئ المجود الماهر، تلا بالسبع بحلب على الشيخ أبي علي الفاسي، و بدمشق على أبي الحسن السخاوي سنة ست و ثلاثين و ستمائة، و تولى بعلبك فأقرأ بها، و بقي إلى بعد التسعين و ستمائة (4).

[22]- أبو المحاسن بن الخرقي، ذكره ابن الجزري ضمن الذين قرءوا على السخاوي و سمعوا منه (5).

[23]- محمد بن أحمد العقيلي القلانسي الكاتب، الرئيس العام زين الدين، قال الذهبي: قرأ القراءات على السخاوي، و عرض عليه «القصيد» سمعتها عليه، و كان حسن السمعة .. توفي سنة (698 ه) (6).

ص: 34


1- غاية النهاية (1/ 386) و انظر معرفة القراء (2/ 676) و العبر (5/ 336) و مرآة الجنان (4/ 197) و البداية و النهاية (13/ 318) و شذرات الذهب (5/ 374).
2- انظر: غاية النهاية (1/ 315) و معرفة القراء (2/ 763) و شذرات الذهب (5/ 318) و مرآة الجنان (4/ 164).
3- معرفة القراء (2/ 730) و غاية النهاية (1/ 477) و البداية و النهاية (13/ 371).
4- غاية النهاية (1/ 612).
5- غاية النهاية (1/ 570) و لم أقف على سنة وفاته.
6- معرفة القراء (2/ 730) و انظر: غاية النهاية (2/ 94).

[24]- محمد بن الحسين بن رزين بن موسى أبو عبد اللّه العامري الحموي الشافعي، ولد سنة 603 ه، قاضي القضاة، شيخ الإسلام تقي الدين .. أخذ الفقه عن ابن الصلاح و القراءات عن السخاوي .. و العربية عن ابن يعيش، تفقه به عدة أئمة، و انتفعوا بعلمه و هديه و سمعته و ورعه رحمه اللّه، و توفي سنة (680 ه) (1).

[25]- محمد بن عبد الخالق بن مزهر الإمام شهاب الدين أبو عبد اللّه الأنصاري الدمشقي، قرأ القراءات على السخاوي، و روى الحديث و كان عالما فاضلا، ذاكرا للروايات، حسن المعرفة، له مشاركة في الفقه و النحو، توفي سنة (690 ه) (2).

[26]- محمد بن عبد العزيز بن أبي عبد اللّه بن صدقة أبو عبد اللّه الدمشقي، المعروف بابن الدمياطي، مقرئ عارف ثقة، قرأ القراءات مفردا في عشر ختمات، و جامعا في ختمة على أبي الحسن السخاوي، و اختص به و سمع منه و من غيره، و كان حسن الأخلاق، جلس للاقراء احتسابا في جامع دمشق، تلا عليه أبو عبد اللّه الذهبي و غيره، ولد في حدود العشرين و ستمائة، و توفي سنة (693 ه) (3).

[27]- محمد بن عبد الكريم بن علي أبو عبد اللّه التبريزي، ثم الدمشقي الملقب بنظام الدين، مقرئ معمر مسند، حفظ القرآن، و سافر به والده إلى مصر، فقرأ على شيوخها، ثم قدم دمشق فتلا السبع على السخاوي سنة 635 ه، و كان حسن الأخذ متواضعا، له حلقة إقراء بالجامع ثم انقطع، و وقع في الهرم- رحمه اللّه- ولد في حدود العشر و ستمائة و توفي سنة (704 ه) (4).

[28]- محمد بن عبد اللّه بن عبد اللّه بن مالك أبو عبد اللّه الطائي الأندلسي الشافعي الإمام النحوي، ولد سنة 598 ه، إمام زمانه في العربية، قدم دمشق فأخذ عن أبي الحسن علي بن محمد السخاوي، و سمع منه و من غيره، قال ابن الجزري: و قد شاع عند كثير من منتحلي العربية ان ابن مالك لا يعرف له شيخ في العربية و لا في القراءات، و ليس كذلك، بل قد أخذ العربية في بلده عن ثابت بن خيار .. و أخذ عن

ص: 35


1- العبر (5/ 331) و شذرات الذهب (5/ 368).
2- معرفة القراء (2/ 706) و انظر: غاية النهاية (2/ 159) و العبر (5/ 370).
3- معرفة القراء (2/ 707) و غاية النهاية (2/ 173) و انظر: العبر (5/ 379) و شذرات الذهب (5/ 424).
4- معرفة القراء (2/ 696) و غاية النهاية (2/ 174).

السخاوي العربية و القراءات ... و توفي سنة (672 ه) (1).

[29]- محمد بن عثمان بن سليمان أبو عبد اللّه الزرزاري الإربلي الرهاوي، حافظ ثقة مقرئ خير، تلا بالسبع على السخاوي بدمشق، و على غيره بالقاهرة و الاسكندرية، توفي سنة (688 ه) (2).

[30]- محمد بن علي بن موسى أبو الفتح شمس الدين الأنصاري، الدمشقي، شيخ القراء بعد السخاوي بالتربة الصالحية، و كان من أجلّ أصحابه، قرأ عليه القراءات السبع أفرادا و جمعا، توفي سنة (657 ه) (3).

[31]- محمد بن قيماز عتيق بشر الطحان الحاج أبو عبد اللّه الدمشقي، مقرئ، تلا بالسبع على الإمام السخاوي أفرادا، و كان معه إجازة، توفي سنة (702 ه) (4).

[32]- المهذب بن أبي الغنائم التنوخي، العدل الكبير، زين الدين، المولود سنة 618 ه) (5).

[33]- يعقوب بن بدران بن منصور، التقى أبو يوسف الدمشقي، ثم المصري، المعروف بالجرائدي، إمام مقرئ، كان شيخ وقته بالديار المصرية، أخذ القراءات على الإمام السخاوي و غيره، ولد بعد الستمائة بدمشق، و توفي بالقاهرة سنة (688 ه) (6).

ثانيا: تلاميذه في الحديث:

[1]- إبراهيم بن معضاد بن شداد الجعبري أبو إسحاق الزاهد الواعظ، روى عن السخاوي، و سكن القاهرة، و كان لكلامه وقع في القلوب لصدقه و إخلاصه، و صدعه

ص: 36


1- غاية النهاية (2/ 180) و انظر العبر (5/ 300) و الوافي بالوفيات (3/ 359) و له ترجمة في شذرات الذهب (5/ 339) و الاعلام (6/ 233).
2- غاية النهاية (2/ 196).
3- غاية النهاية (2/ 211، 1/ 569) و انظر معرفة القراء (2/ 670) و الذيل على الروضتين (ص 202).
4- معرفة القراء (2/ 731) و غاية النهاية (2/ 233).
5- العبر في خبر من غبر (5/ 360) و شذرات الذهب (5/ 407).
6- غاية النهاية (2/ 389) و العبر (5/ 360) و انظر: معرفة القراء الكبار (2/ 690) و شذرات الذهب (5/ 407) و حسن المحاضرة (1/ 504).

بالحق، و كان شافعيا، سمع الحديث من أبي الحسن السخاوي، و قدم القاهرة، و حدث بها، فسمع منه أبو حيان و غيره، توفي سنة (687 ه) (1).

[2]- محمد بن يوسف بن البرزالي، الإمام العدل الكبير بهاء الدين قرأ بالروايات على جده علم الدين القاسم .. و حدث عن السخاوي و جماعة، توفي سنة (699 ه) (2).

ثالثا: تلاميذه الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي أخذوها عنه:

[1]- إبراهيم بن علي بن النصير، قال الذهبي: و هو آخر من بقي من الذين سمعوا على السخاوي اه (3).

[2]- أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد شرف الدين أبو العباس الشافعي، خطيب دمشق و مفتيها، و شيخ الشافعية بها، أجاز له أبو علي بن الجواليقي و طائفة، و سمع من السخاوي و ابن الصلاح، و تفقّه على ابن عبد السلام و غيره، و برع في الفقه و الأصول و العربية، و كان متواضعا متنسكا، توفي سنة (694 ه) (4).

[3]- أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع، موفق الدين أبو العباس الكواشي- قلعة من بلاد الموصل- المولود سنة 590 ه، الشافعي المقرئ المفسر الزاهد، بقية الأعلام، قرأ على والده، و قدم دمشق، و أخذ عن السخاوي و غيره، و تقدم في معرفة التفسير و القراءات و العربية، توفي سنة (680 ه) (5).

[4]- عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، ولد سنة 624 ه، العلامة، الإمام المفتي، فقيه الشام، تاج الدين الفزاري البدري المصري الأصل الدمشقي الشافعي، سمع من السخاوي و غيره، و سمع منه ابن تيمية و غيره، و انتهت إليه رئاسة المذهب، و محاسنه كثيرة، توفي سنة (690 ه) (6).

ص: 37


1- انظر: ترجمته في وفيات الأعيان (6/ 147) و شذرات الذهب (5/ 399).
2- معرفة القراء (2/ 738) و انظر: غاية النهاية (2/ 287).
3- معرفة القراء (2/ 632) و غاية النهاية (1/ 570) لم أقف على سنة وفاته.
4- انظر: العبر في خبر من غبر (5/ 381).
5- معرفة القراء (2/ 685) و انظر غاية النهاية (1/ 151) و شذرات الذهب (5/ 365) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 100)، و العبر في خبر من غبر (5/ 327).
6- فوات الوفيات (2/ 263) و شذرات الذهب (5/ 413) و انظر مرآة الجنان (4/ 218).

[5]- عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش أبو محمد البغدادي، شيخ القراء ببغداد، إمام عارف و أستاذ محقّق، زاهد ثقة ورع، قرأ القراءات على الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي ... و روى بالإجازة عن أبي الفرج بن الجوزي و أبي الحسن السخاوي، توفي سنة (676 ه) (1).

[6]- عبد اللّه بن يحيى أبو عبد اللّه الجمال الجرائدي، المحدث المتقن نزيل دمشق، روى عن أبي الخطاب بن دحية و السخاوي و خلق، و كتب الكثير، و صار من أعيان الطلبة، من العبادة و التواضع، توفي سنة (682 ه) (2).

[7]- محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر، الشيخ مجد الدين، أبو عبد اللّه بن الظهير الإربلي الحنفي الأديب، المولود سنة 602 ه، سمع بدمشق من السخاوي و غيره، و روى عنه أبو شامة و الدمياطي- تلميذا السخاوي- و غيرهما، ولد بإربل، و توفي بدمشق سنة (677 ه) (3).

[8]- محمد بن الخيسي (العز) قال أبو شامة: شاب من المشتغلين بالعلم المحصلين له، المجتهدين فيه، من أصحاب شيخنا أبي الحسن السخاوي و أعزهم عليه- رحمه اللّه- شهدت الصلاة عليه و شيعته (4). ا ه.

[9]- محمد بن علي بن منصور اليمني المعروف بابن الحجازي، قال أبو شامة: كان من فضلاء الشبان- هو و أبوه- من أصحاب شيخنا أبي الحسن- أي السخاوي- المختصين به، و دفن بجبل قاسيون سنة 643 ه- رحمه اللّه. ا ه (5).

[10]- المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي، زين الدين أبو البركات، ولد سنة 631 ه، أحد من انتهت إليه رئاسة المذهب أصولا و فروعا، مع التبحر في العربية و النظر و البحث و كثرة الصيام و الصلاة و الوقار و الجلالة، سمع من السخاوي و جماعة توفي سنة (695 ه) (6).

ص: 38


1- غاية النهاية (1/ 387) و انظر معرفة القراء (2/ 665) و شذرات الذهب (5/ 353).
2- العبر في خبر من غبر (5/ 338) و شذرات الذهب (5/ 376).
3- فوات الوفيات (3/ 301) و العبر (5/ 316) و شذرات الذهب (5/ 359).
4- الذيل على الروضتين (ص 176) و لم يذكر أبو شامة سنة وفاة محمد بن الخيسي هذا.
5- الذيل على الروضتين (ص 176).
6- شذرات الذهب (5/ 433).

[11]- موهوب بن عمر الجزري ثم المصري الشافعي صدر الدين ولد سنة 590 ه، أخذ عن السخاوي و ابن عبد السلام و غيرهما، و كان إماما علامة عابدا، و كان بارعا في المذهب، و من فضلاء زمانه (1).

قال أبو شامة: كان رفيقنا في الاجتماع عند الشيخ علم الدين السخاوي ا ه، توفي سنة (665 ه) (2).

[12]- يحيى بن فضل اللّه بن السيسي شرف الدين، إمام المدرسة الصالحية، قال أبو شامة: و كان من أصحاب شيخنا أبي الحسن السخاوي رحمه اللّه- بدمشق، و هو أول من أمّ بدار الحديث الأشرفية في زماننا، ثم أنتقل إلى القاهرة، فأقام بالمدرسة النجمية، و كان عنده تعصّب و كرم و له قراءة حسنة، توفي سنة (661 ه) (3).

مدى أثر السخاوي في تلاميذه:

مما تقدم يتبيّن لنا جليا أنه قد تتلمذ على الإمام السخاوي عدد كثير من طلبة العلم و بخاصة في علم القراءات، و قد سلك كثير منهم مسلك شيخه و اقتفى أثره في الإقراء و التأليف- فمنهم من صنّف في القراءات، تأثرا بشيخه مثل (أبي شامة) إذ شرح قصيدة الشاطبي المسماة «حرز الأماني» كذلك، و سمى شرحه «إبراز المعاني في حرز الأماني» (4) و كذلك قام بشرحها الشيخ يعقوب بن بدران تقي الدين الدمشقي، المعروف بابن الجرائدي، اقتصر فيه على حل مشكلاته، و سمّاه «كشف الرموز» (5).

قال الذهبي: و نظم في القراءات أبياتا كثيرة، حل فيها رموز القراءات، و جعلها بدل الأبيات المرموزة في «الشاطبية» تسهيلا على الطلبة، ا ه (6).

و منهم من روى أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات، كالشيخ عبد الصمد ابن أحمد (7).

- و كذلك قام ابن مالك باختصار «الشاطبية» سمّاه «حوز المعاني في اختصار حرز

ص: 39


1- شذرات الذهب (5/ 320).
2- الذيل على الروضتين (ص 240).
3- الذيل على الروضتين (ص 228).
4- كشف الظنون (1/ 647) و انظر: معرفة القراء الكبار (2/ 673).
5- كشف الظنون (1/ 647).
6- معرفة القراء (2/ 690).
7- انظر معرفة القراء (2/ 667).

الأماني» (1) و صنّف أيضا في القراءات قصيدة مرموزة في قدر «الشاطبية» (2).

- و هذا أبو عبد اللّه محمد بن القفّال الشاطبي- تلميذ السخاوي- عمل شرحا على «عقيلة أتراب القصائد» (3) التي شرحها شيخه كذلك و سمّى السخاوي شرحه «الوسيلة إلى شرح العقيلة» (4).

- و منهم من صنّف في علوم القرآن كالشيخ أبي شامة الذي ألّف كتابه القيم «المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز».

و قد أفاد في مواطن كثيرة من كتاب «جمال القراء ..» لشيخه السخاوي (5)، و كذلك الشيخ عبد السلام الزواوي حيث صنّف في عدد الآي و الوقف و الابتداء (6).

- و منهم صنّف في التفسير كالشيخ أحمد بن يوسف الكواشي، سمّاه «التلخيص» ضمّنه القراءات أيضا (7).

و هو بهذا متأثر بشيخه السخاوي إذ عمل تفسيرا للقرآن الكريم، وصل فيه إلى سورة الكهف، و توفي قبل أن يتمّه، من وقف عليه عرف قدر الرجل (8).

- و منهم من قام بشرح بعض مصنّفات شيخه، كما فعل الشيخ أبو شامة أخصّ تلاميذ السخاوي إذ شرح «القصائد السبع النبوية» التي نظمها شيخه (9)، و سمّاه «كتاب شرح المدائح النبوية» و يعد هذا الشرح من أول مؤلفاته (10).

- و منهم من ألّف في النحو كالشيخ أبي شامة إذ ألّف كتاب «المقدمة» (11)، و كذلك

ص: 40


1- كشف الظنون (1/ 649).
2- الوافي بالوفيات (3/ 359) و انظر: الحياة العقلية (ص 97).
3- كشف الظنون (2/ 1159).
4- كما سيأتي- ان شاء اللّه- عند الحديث عن مؤلفاته.
5- كما سبق عند الكلام عن اثر كتاب «جمال القراء». فيمن جاء بعده.
6- انظر معرفة القراء (2/ 677) و الحياة العقلية (ص 173).
7- كشف الظنون (1/ 480).
8- و سيأتي- ان شاء اللّه- عند الحديث عن مؤلفاته.
9- معرفة القراء (2/ 673).
10- انظر (ص 56) من هذا البحث.
11- معرفة القراء (2/ 674).

ابن مالك الذي تلقى عن السخاوي القراءات و النحو، و قد ألّف كتاب «الفوائد» في النحو، اختصر التسهيل منها (1).

- كما تصدّر بعضهم للإقراء ببلده كالشيخ أحمد بن عبد اللّه الخابوري ثم الحلبي، و الشيخ الياس بن علوان، حيث ختم عليه أكثر من ألف نفس- كما سبق- و الشيخ جعفر بن القاسم، و الشيخ خضر بن عبد الرحمن الحموي، و الشيخ عبد السلام الزواوي الذي باشر مشيخة الإقراء الكبرى بالتربة الصالحية، و انتهت إليه رئاسة الإقراء- كشيخه السخاوي- و الشيخ عيسى بن علي الحلبي الذي أقرأ في بعلبك، و الشيخ محمد بن عبد العزيز الذي جلس للإقراء احتسابا في جامع دمشق، و كذلك الشيخ الدمياطي جلس طرفي النهار يقرئ الجماعة احتسابا (2)، و كذلك الشيخ محمد بن علي بن موسى أبو الفتح شيخ الإقراء بعد شيخه السخاوي بالتربة الصالحية و غيرهم، إلى غير ذلك مما قام به تلاميذ السخاوي من خدمة للعلم، إذ برعوا في أنواع من العلوم سوى ما تقدم كالحديث و الفقه و التاريخ، و من هذا يتبيّن مدى تأثرهم بشيخهم و اقتفائهم أثره.

و) مكانته العلمية و ثناء العلماء عليه:

عاصر الإمام السخاوي الكثيرين من علماء عصره، و تقدم عليهم في كثير من الميادين العلمية، و اعترف له المؤرخون المعاصرون له و اللاحقون بالصلاح و التقوى، و وصفوه بأنه كان مقرئا، مجودا، متكلما، مفسرا، محدثا، فقيها، أصوليا، أديبا، لغويا، نحويا، شاعرا ...

و فيما يلي نماذج من ثناء العلماء عليه:

أولا: ثناء المعاصرين له:

[1]- فهذا ياقوت الحموي يترجم له في معجم الأدباء، ثم يقول: و كتبت هذه الترجمة سنة تسع عشرة و ستمائة (619 ه) و هو بدمشق كهل يحيا (3) ...

و قال أيضا في كتابه معجم البلدان: .. و بدمشق رجل من أهل القرآن و الأدب، و له فيهما تصانيف، اسمه علي بن محمد السخاوي، حي في أيامنا، و هو أديب فاضل ديّن، يرحل إليه للقراءة عليه ... ا ه (4).

ص: 41


1- كشف الظنون (2/ 1301).
2- معرفة القراء (2/ 708).
3- معجم الأدباء (15/ 66).
4- معجم البلدان (3/ 196).

[2]- و قال ابن خلكان: ثم انتقل السخاوي إلى مدينة دمشق، و تقدّم بها على علماء فنونه و اشتهر، و كان للناس فيه اعتقاد عظيم .. و رأيته بدمشق، و الناس يزدحمون عليه في الجامع، لأجل القراءة، و لا تصح لواحد منهم نوبة إلّا بعد زمان، و رأيته مرارا يركب بهيمة، و هو يصعد إلى جبل الصالحية، و حوله اثنان (1) و ثلاثة، و كل واحد يقرأ ميعاده في موضع غير الآخر، و الكل في دفعة واحدة، و هو يرد على الجميع، و لم يزل مواظبا على وظيفته إلى أن توفي اه (2).

[3]- و قال القفطي: و استوطن دمشق، و تصدّر بجامعها للإقراء و الإفادة، فاستفاد الناس منه، و أخذوا عنه، و صنّف في علم القراءات، و شرح قصيدة شيخه في القراءات شرحا وافيا كافيا، و نقل عنه، و شرح المفصل للزمخشري شرحا حسنا، وطي ء الألفاظ، أراد به وجه اللّه تعالى، فالنفوس تقبله، و هو مقيم على حالته في الإفادة بدمشق في زماننا هذا، و هي سنة اثنتين و ثلاثين و ستمائة (632 ه) (3).

[4]- كما وصفه تلميذه أبو شامة بقوله: «.. علامة زمانه و شيخ عصره و أوانه ...» اه (4).

ثانيا: ثناء العلماء اللاحقين به:

و هم كثيرون، أذكر كلام بعضهم على سبيل المثال، و فيه ما يكفي لأن معظم كلام غير هؤلاء إنما يعد تكرارا لما كتبه الأولون.

[1]- ترجم له الذهبي فقال: كان السخاوي إماما علامة مقرئا محققا، و نحويا علامة، مع بصره بمذهب الشافعي- رضي اللّه عنه- و معرفته بالأصول، و اتقانه للغة، و براعته في التفسير، و أحكامه لضروب الأدب، و فصاحته في الشعر، و طول باعه في النثر، مع الدين و المروءة، و التواضع و اطّراح التكلّف، و حسن الأخلاق، و وفور الحرمة، و ظهور الجلالة، و كثرة التصنيف .. إلى أن قال: و قد كان الشيخ علم الدين من أفراد العالم، و من أذكياء بني آدم، حلو النادرة، مليح المحاورة ... ا ه (5).

[2]- و قال السبكي: كان فقيها يفتي الناس، و إماما في النحو و القراءات

ص: 42


1- هكذا و لعل الصواب: أو ثلاثة.
2- وفيات الأعيان (3/ 340).
3- انباه الرواة (2/ 311).
4- الذيل على الروضتين (ص 177) و سيأتي- ان شاء اللّه- بقية كلامه عند ذكر وفاة السخاوي.
5- معرفة القراء الكبار (2/ 632).

و التفسير، قصده الخلق من البلاد لأخذ القراءات عنه، و له المصنفات الكثيرة، و الشعر الكثير، و كان من أذكياء بني آدم ... اه (1).

[3]- و قال ابن كثير: شيخ القراء بدمشق، ختم عليه ألوف من الناس، و كان قد قرأ على الشاطبي المتوفى سنة 590 ه و شرح قصيدته و له شرح المفصل، و له تفاسير و تصانيف كثيرة، و مدائح في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كانت له حلقة بجامع دمشق، و ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح و بها كان مسكنه ... اه (2).

[4]- و وصفه ابن الجزري بقوله: كان إماما علامة محققا مقرئا مجودا، بصيرا بالقراءات و عللها، إماما في النحو و اللغة و التفسير و الأدب أتقن هذه العلوم اتقانا بليغا، و ليس في عصره من يلحقه فيها، و كان عالما بكثير من العلوم غير ذلك، مفتيا أصوليا مناظرا، و كان- مع ذلك- ديّنا خيرا متواضعا، مطرح التكلّف، حلو المحاضرة، حسن النادرة، حاد القريحة، من أذكياء بني آدم، وافر الحرمة، كبير القدر، محببا إلى الناس، ليس له شغل إلّا العلم و الإفادة، أقرأ الناس نيفا و أربعين سنة بجامع دمشق .. ثم بتربة الصالح، و لأجله بنيت، و بسببه جعل شرطها على الشيخ أن يكون أعلم أهل البلد بالقراءات اه (3).

[5]- و نعته السيوطي بقوله: طويل الباع في الادب، مع التواضع في الدين، و المودة و حسن الخلق، من أفراد العالم، و أذكياء بني آدم مليح المحاورة، حلو النادرة، حاد القريحة، مطرح التكلّف ا ه (4).

و من ينعم النظر فيما قاله هؤلاء العلماء في حق الإمام السخاوي يظهر له جليا:

- أنه لم يكن مقرئا مجودا فحسب، بل كان إلى جانب ذلك مفسّرا، كما ذكر مترجموه أن له تفسيرا وصل فيه إلى سورة الكهف (5).

و قد ذكره كل من السيوطي و الداودي ضمن علماء التفسير في طبقاتهما.

- و إلى جانب كونه مقرئا مجودا مفسرا، كذلك كان محدثا فقد روى الحديث عن

ص: 43


1- طبقات الشافعية (8/ 297).
2- البداية و النهاية (13/ 181).
3- غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 569).
4- بغية الوعاة (ص 349).
5- و سيأتي- ان شاء اللّه- عند الكلام عن مؤلفاته.

مجموعة من شيوخه، و كذلك روى عنه بعض تلامذته، إضافة إلى ذلك فقد جعله الإمام الذهبي من العلماء المحدثين (1).

- كما كان- رحمه اللّه- لغويا نحويا بارعا، و مما يدل على ذلك أن القفطي ترجم له في كتابه «أنباه الرواة على أنباه النحاة» و السيوطي في «بغية الوعاة في أخبار النحاة»، كما ترجم له عبد الباقي اليمني في كتابه «إشارة التعيين في تراجم النحاة و اللغويين» (2).

- كما كان السخاوي فقيها على مذهب الإمام الشافعي، نصّ على ذلك الذين ترجموا له، و منهم الأسنوي و السبكي في طبقات الشافعية، و قد جعله السيوطي ضمن فقهاء الشافعية الذين كانوا بمصر (3).

و الخلاصة أن الإمام السخاوي كان علما لا يباريه أحد في علمه رحمه اللّه.

ز)- استقلاله العلمي:

إن الناظر في كتاب (جمال القراء ..) و بخاصة كلام السخاوي فيه على الناسخ و المنسوخ، يتضح له جليا شخصيته الواضحة، حيث إنه- رغم اعتماده على مصادر عدة- لم يكن مجرد ناقل فحسب، بل إنه سلك مسلك النقد لكثير من الآراء التي نقلها عن العلماء، و الدليل على ذلك ما يأتي:

* فعند كلامه عن إنصاف الأحزاب قال: نصف التاسع و الخمسين في المطففين:

إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ [المطففين: 2] هكذا ذكروا، و هو غلط، بل النصف وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (4) و قيل آخرها.

* و قال: الموضع الحادي و العشرون: قوله عز و جل: فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (5) [النساء: 71] قالوا: هو منسوخ بقوله عز و جل وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً [التوبة: 122] قال: و ما أحسب هؤلاء فهموا كلام اللّه عزّ و جلّ ا ه.

ثم أخذ يعلّل لذلك و يرد على قولهم.

* و في الموضع الثلاثين من سورة النساء عند قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ

ص: 44


1- انظر: كتاب المعين في طبقات المحدثين (ص 202).
2- انظر المصدر المذكور (ص 231).
3- انظر حسن المحاضرة (1/ 412).
4- التكوير (4) انظر (ص 434).
5- النساء (71) انظر (ص 430).

الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء: 145] قال: زعموا أنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا .. (1) قال: متعجّبا من قولهم- فما أدري أي الأمرين أعجب، إدخال النسخ في الأخبار، أو جعل الاستثناء نسخا؟!.

* و عند قوله سبحانه: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... إلى قوله: كُلَّ مَرْصَدٍ (2)فصلت (40) و انظر (ص 813).(3)، حكى قول القائلين بأن هذه الآية نسخت مائة و أربعا و عشرين آية، ثم نسخت بقوله عزّ و جلّ في آخرها: فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ لم يرتض هذا القول، بل ردّه بقوله: و لا يقول مثل هذا ذو علم، إنما هو خبط جاهل في كتاب اللّه ا ه.

* و عند قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (4)، يقول السخاوي: قال بعضهم: هذه الآية نصفها محكم، و نصفها منسوخ، قال: و هذا كأنه نوع من اللعب ا ه.

* و من هذا القبيل قوله: إن سورة مريم ليس فيها من المنسوخ شي ء، قال: و قال قوم: إن قوله عزّ و جلّ: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ (5)، نسخ بآية السيف، قال: و هذا من أعجب الجهل، أ ترى أنه لما نزلت آية السيف بطل إنذاره و تذكيره بيوم القيامة؟!.

* و كذلك عند قوله سبحانه: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ (5) قال: قال ابن حبيب: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (6) ثم قال: و ليس هذا بمنسوخ كما ذكر .. و كيف يظن من له تحصيل أن قوله عزّ و جلّ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ تفويض؟

و هذا قول مظلم كيف ما تدبرته ازداد ظلمة، و مما فيه أنه كان لنا أن نعمل ما شئنا من غير مشيئة اللّه تعالى ثم نسخ بأنّا لا نشاء شيئا إلّا أن يشاء اللّه، و هذا ضرب من الهذيان ا ه.

* و كذلك فعل عند قوله تعالى: فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (7) حيث نقل القول بنسخها بقوله تعالى بعدها وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نقله عن ابن سلامة، ثم

ص: 45


1- النساء (146) انظر (ص 680).
2- التوبة
3- و انظر (ص 721).
4- الحجر (94) و انظر (ص 740).
5- مريم (39) و انظر (ص 756).
6- الانسان (30) و انظر (ص 893).
7- الانسان (29) انظر (ص 893).

قال: و هذا ضرب من الجهل عظيم، فإنه عزّ و جلّ لم يطلق المشيئة للعبيد، ثم حجزها عنهم و نسخها، و إنما أعلم أن العبد إذا شاء أمرا من صلاح أو ضلال، فلا يكون ذلك إلّا أن يشاء اللّه، و هذا وعيد و تهديد ... الخ.

* و عند قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (1) نجده ينقل عن الضحاك قوله بأنها منسوخة بالأمر بالإقبال عليهم و تبليغهم الرسالة و وعظهم ا ه. و لم يسلم بهذا القول، بل فنّده و دحضه بقوله: و يلزم من هذا أنه أمر في هذه الآية بترك التبليغ للرسالة، ثم أرسل بعد ذلك، فنسخ ما كان أمر به من ترك الرسالة و الإنذار، و هذا لم يكن قط ...

إلخ ثم ذكر وجهة نظره و ما يراه صحيحا في معنى الآية.

* و عند قوله تعالى: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ... (2)

الآية. نجد السخاوي ينقل قول هبة اللّه بن سلامة بأنها منسوخة بما بعدها، و هو قوله تعالى: إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ، ثم يعقب على هذا بقوله: و هذا كلام ساقط و أخذ يعلل لذلك ..

* و كان أحيانا ينقل بعض التفسيرات لبعض الأحاديث، ثم يقول: و كل هذه الأقوال غير مستقيمة، ثم يأخذ في التعليل لاعتراضه، مبيّنا وجهة نظره فيقول:

أما قول أبي عبيد ...، فتأويل لا دليل عليه.

و أما قول الأصمعي ...، فذلك خلاف ما جاء في الأخبار الصحاح.

و أما قول من قال كذا ...، فذلك أيضا غير صحيح.

و أما قول من قال كذا ...، فكلام لا معنى تحته (3).

و هكذا كان- رحمه اللّه- يجول بفكره، و يرد على بعض الأقوال بأسلوب مهذب مقنع.

و هذا إن دلّ على شي ء فإنما يدل على كثرة علمه و قوة شخصيته و رجاحة عقله.

ح) مذهبه:

كان للبيئة التي نشأ فيها السخاوي و ترعرع في أحضانها أثر في اتباع مذهب الإمام

ص: 46


1- الذاريات (54) و انظر (ص 843).
2- الممتحنة (8) انظر (ص 867).
3- انظر (ص 289).

مالك- رضي اللّه عنه- إذ يظهر أن الشيوخ الذين تلقى عنهم مبادئه الأوليّة، كانوا يتبعون هذا المذهب، قال ابن الشعار: كان السخاوي مالكي المذهب، ثم انتقل إلى المذهب الشافعي (1).

و قد سبق أثناء الكلام عن ثناء العلماء عليه، أن الأسنوي و السبكي قد أثنيا على الإمام السخاوي و عداه من أعيان المذهب الشافعي، و كان مما قاله الأسنوي: كان فقيها مفتيا على مذهب الإمام الشافعي (2).

و قال الذهبي- أثناء ترجمته للسخاوي- كان بصيرا بمذهب الشافعي- رضي اللّه عنه- (3). و سبق كذلك أن السيوطي ترجم له ضمن فقهاء الشافعية الذين كانوا في مصر (4).

ط) مؤلفاته:
اشارة

ذكرت لنا كتب التراجم و الطبقات مؤلفات السخاوي في فنون القراءات العربية و غير ذلك، و مشاركته في كثير من العلوم بقسط يجعله في مقدمة علماء عصره المبرزين، قال الذهبي: و له تصانيف سائرة متقنة (5) ا ه.

و قد ذكر الذين ترجموا للسخاوي جملة من كتبه، و تآليفه و أشادوا بها و أثنوا عليها ثناء عاطرا، و كان لها القبول الحسن، مما يكشف عن مكانة السخاوي العلمية وسعة اطلاعه و طول باعه، في كثير من الميادين التي خاض غمارها و أدلى بدلوه في معينها، و قد تعددت مؤلفاته، و تنوعت مضامينها، فمن كتب القراءات و علوم القرآن و التفسير، إلى كتب الحديث و النحو و اللغة إلى كتب السيرة و القصائد النبوية إلى غير ذلك.

و قد حاولت- قدر المستطاع- جمع شتات تلك المؤلفات المتفرقة، و رتبتها ترتيبا موضوعيا، ثم رتبت كتب كل موضوع ترتيبا هجائيا، مبيّنا إن كانت مطبوعة أو مخطوطة و أماكن وجودها كلما تيسر لي ذلك.

ص: 47


1- انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322) و راجع الحياة العقلية (ص 104).
2- طبقات الشافعية للاسنوي (2/ 68) و انظر الوافي بالوفيات (22/ 65).
3- معرفة القراء (2/ 632).
4- حسن المحاضرة (1/ 412).
5- العبر في خبر من غبر (5/ 178).
[1]- مؤلفاته في القراءات:
* الإفصاح و غاية الانشراح في القراءات السبع .

الإفصاح و غاية الانشراح في القراءات السبع (1).

ذكره حاجي خليفة بهذا العنوان (2).

و كذلك إسماعيل باشا البغدادي (3)، إلّا أنهما ذكرا بدل «الانشراح»: «الإشراح»، و لعله خطأ. و توجد منه نسخة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا تحت رقم 166، نسخها محمد بن أحمد الدميري بتاريخ 747 ه بخط معتاد، عدد الأوراق 187 عدد الأسطر 21 (4).

* فتح الوصيد في شرح القصيد

فتح الوصيد في شرح القصيد (5).

نوه المؤلف بذكر هذا الكتاب في كتابه «علم الاهتداء في معرفة الوقف و الابتداء» عند كلامه عن الياءات قال: و قد كنت نظمت هذه الياءات في «فتح الوصيد (6)، و ذكره ابن الشعار (7)، و الذهبي (8)، يقول أبو شامة- تلميذ السخاوي- في مقدمة كتابه «إبراز المعاني من حرز الأماني»: ... إنما شهر «حرز الأماني» بين الناس و شرحها و بيّن معانيها و أوضحها، و نبه على قدر ناظمها، و عرف بحال عالمها، شيخنا الإمام العلامة علم الدين بقية مشايخ المسلمين أبو الحسن علي بن محمد هذا الذي ختم به اللّه العلم ... إلخ (9).

كما روى هذا الشرح «فتح الوصيد» ابن الجزري بسنده عن الإمام الرشيد إسماعيل بن عثمان بن المعلم الحنفي- تلميذ السخاوي- أخبرنا المؤلف سماعا و قراءة و تلاوة (10).

ص: 48


1- في فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى: (.. في القراءات العشر).
2- كشف الظنون (1/ 132).
3- هدية العارفين (1/ 708).
4- فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (2/ 25) و رقمه في المركز 553.
5- و هي القصيدة المسماة ب «حرز الأماني و وجه التهاني» في القراءات السبع، و هي المشهورة بالشاطبية، و أبياتها ألف و مائة و ثلاثة و سبعون بيتا، أبدع فيها ناظمها كل الابداع، فصارت عمدة الفن، و عليها شروح كثيرة، ذكرها حاجي خليفة في كشف الظنون (1/ 646- 649). «و قد سارت الركبان بهذه القصيدة، و حفظها خلق لا يحصون، و خضع لها فحول الشعراء، و كبار البلغاء، و حذاق القراء ..)، انظر معرفة القراء (2/ 574).
6- انظر الكتاب المذكور (ص 631) بتحقيق الدكتور علي حسين البواب ملحق بجمال القراء.
7- انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322).
8- معرفة القراء (2/ 632).
9- ابراز المعاني من حرز الأماني ص 7.
10- النشر في القراءات العشر (1/ 63).

و في موضع آخر قال ابن الجزري: و له من الكتب شرح الشاطبية، و سماه «فتح الوصيد» فهو أول من شرحها، بل هو- و اللّه أعلم- سبب شهرتها في الآفاق، و إليه أشار الشاطبي بقوله: «يقيض اللّه لها فتي يشرحها .... (1)» ه.

هذا و توجد منه نسخة في المكتبة التيمورية بدار الكتب المصرية رقم 255، و أخرى في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة رقم 46، و ثالثة في المكتبة الخالدية بالقدس الشريف رقم (1) (2) و رابعة في مكتبة شتسربتي تحت رقم 3926 (3).

* مراتب الأصول و غرائب الفصول:

ذكره حاجي خليفة، و قال: إنه في القراءة (4)، و إسماعيل باشا البغدادي (5). و قد تكلم المؤلف في هذا الكتاب عن فضل القراءة، و ذكر الأحاديث في ذلك و تعرض لأسانيد القراءة، و الطرق التي أخذ كل قارئ قراءته من خلالها، و تحدث عن طبقات القراء، مع التعريف، بأولئك القراء، و تعرض لتفنيد بعض الشبهات الواردة على بعض القراء أو القراءات .. الخ.

و الكتاب مطبوع بالآلة الكاتبة بالأردن، حققه الشيخ محمد عصام مفلح القضاة، أحد خريجي كلية القرآن الكريم و الدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، و نال به محققه درجة «الماجستير» من الجامعة الأردنية- قسم أصول الدين شعبة التفسير، كما طبع أيضا ملحقا بكتاب «جمال القراء» بتحقيق الدكتور علي حسين البواب.

[2]- و له في التفسير:]
* تفسير القرآن الكريم الى آخر سورة الكهف:

في أربعة مجلدات، مات- رحمه الله- قبل إتمامه (6).

قال ابن الجزري:- و هو يعدد مصنفات السخاوي- و كتاب التفسير وصل فيه إلى

ص: 49


1- غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 570)، و انظر كشف الظنون: (1/ 647) و الاعلام (4/ 332).
2- انظر فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (2/ 205، 206).
3- معجم الدراسات القرآنية (ص 438).
4- كشف الظنون (2/ 1650).
5- هدية العارفين (1/ 708).
6- انظر سير أعلام النبلاء (23/ 124) و معرفة القراء (2/ 633) و معجم الأدباء (15/ 66)، و طبقات الشافعية للأسنوي (2/ 68) و كشف الظنون (1/ 448) و هدية العارفين (1/ 708).

الكهف، في أربعة أسفار، من وقف عليه (علم مقدار هذا الرجل، ففيه من النكت و الدقائق و اللطائف ما لم يكن في غيره ... (1)) ا ه و قد أشار أبو شامة إلى هذا التفسير، و سماعه في حلقة شيخه السخاوي (2).

[3]- و له في إعجاز القرآن:]
* الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز:

ذكر إسماعيل باشا البغدادي (3)، و هو جزء من «جمال القراء ..».

[4]- و له في عد آي القرآن:]
* أقوى العدد في معرفة العدد:

ذكره حاجي خليفة و قال: إنه في القراءة (4)، و ليس كذلك، و ذكره إسماعيل باشا البغدادي ضمن مؤلفات السخاوي (5)، و هو جزء من «جمال القراء ..».

[5]- و له في رسم المصحف:]
* الوسيلة الى شرح العقيلة :

الوسيلة الى شرح العقيلة (6):

نوه بذكر هذا الكتاب أبو شامة، قال: أخبرنا شيخنا أبو الحسن في كتاب «الوسيلة» عن شيخه الشاطبي بإسناده الى ابن وهب، قال: سمعت مالكا يقول: (إنما ألّف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ..) (7) ا ه.

و ذكره ابن الشعار (8)، و ابن الجزري (9)، و السيوطي ضمن مراجعه التي اعتمد

ص: 50


1- غاية النهاية (1/ 570).
2- انظر الذيل على الروضتين ص 175.
3- هدية العارفين (1/ 708).
4- كشف الظنون (1/ 140).
5- هدية العارفين (1/ 708).
6- و هي نظم المقنع للداني، منظومة رائية في رسم المصحف للامام الشاطبي، و لها شروح أخرى منها شرح لأبي عبد اللّه محمد بن القفال- تلميذ السخاوي- انظر كشف الظنون (2/ 1159) و قد سارت الركبان بهذه القصيدة المسماة (عقيلة أتراب القصائد)، و حفظها خلق لا يحصون و خضع لها فحول الشعراء، و كبار البلغاء، و حذاق القراء ..). انظر معرفة القراء 2/ 574.
7- المرشد الوجيز ص 46.
8- انظر ملحق وفيات الاعيان 7/ 322.
9- غاية النهاية 1/ 570.

عليها في الاتقان (1)، و إسماعيل باشا البغدادي (2). أوله الحمد للّه الذي بدأ الخلق ..) (3). توجد منه عدة نسخ: في دار العلوم- ديوبند- بخط عبد الرحمن حبشاني، في 240 صفحة (4).

و نسخة في مكتبة الأحمدي، تقع في 93 صفحة (5) و صوّرته الجامعة الإسلامية.

و نسخة في دار الكتب المصرية رقم 66 قراءات (6).

و نسخة في المكتبة المحموديّة- مكتبة الملك عبد العزيز، الرقم العام 50 و الرقم الخاص 223، تقع في مجلد واحد، تاريخ الخط 1089 ه 20* 14، عدد الصفحات 148، و منه نسخة كذلك عليها تصحيحات و تعليقات في مكتبة عارف حكمت، رقم المجموعة 288 التصنيف 80 مجاميع. انتهى من نسخها محمد بن محمد القاري التبريزي الشهير بشيخي عام 928 ه خط فارسي تقع في (112) صفحة 27 س 25* 18 م.

[6]- و له في متشابه القرآن:]
* هداية المرتاب و غاية الحفاظ و الطلاب:

و هي منظومة في متشابه كلمات القرآن، مرتبة على حروف المعجم، تقع في (425) بيتا كما بينها الناظم.

يقول في مطلعها:

قال السخاوي عليّ ناظما .. (كان له اللّه الرحيم راحما) ا ه، ذكرها الزركشي في البرهان، عند كلامه عن المتشابه، قال: (و قد صنّف فيه جماعة، و نظّمه السخاوي (7)) ا ه.

و ذكرها كذلك حاجي خليفة (8)، و إسماعيل باشا البغدادي (9).

ص: 51


1- انظر الاتقان 1/ 20.
2- هدية العارفين 1/ 709.
3- كشف الظنون 2/ 1159.
4- فهرس مخطوطات دار العلوم.
5- انظر فهرس مكتبات الوقفية- مكتبة الأحمدي (1/ 148).
6- فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي جامعة أم القرى (2/ 346).
7- البرهان في علوم القرآن (1/ 112).
8- كشف الظنون (2/ 2041) و فيه بدل «علم الدين» علاء الدين. خطأ.
9- هدية العارفين (1/ 709).

توجد منه نسخة في دار الكتب بالقاهرة بخط مغربي، كتبها عبد اللّه سالم بن عبد الرحمن بن علي المشّاط الجنزوري، و فرغ من كتابتها في أواسط الحجّة سنة 1112 ه، و مسطرتها 16 سطرا 17* 21 سم، ضمن مجموعة من ورقة (92- 105) (25342 ب) (1). و منه نسخة في مكتبة عارف حكمت الرقم العام (164) و الخاص (80) عدد الرسائل (36) بخط محمد محنث ردة المؤذن، نسخة مذهبة بخط نسخ جميل (37 صفحة، 18* 11 م 13 س).

و توجد منه نسخة كذلك في مكتبة السود بحمص- سورية رقم (51) (2).

و في المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية صورتان منه (ميكروفلم) إحداهما عن مكتبة برلين بألمانيا الغربية رقم (1153) خطت بتاريخ (959 ه) عدد الأوراق (12)، و عدد الأسطر (21)، و الأخرى في برلين برقم (1149). و الكتاب طبع في مصر طبعة حجرية سنة 1306 ه (3).

و قد قام بشرحها الأستاذان الفاضلان الدكتور/ محمد سالم محيسن و الدكتور/ شعبان محمد إسماعيل، و سمّياه «التوضيحات الجلية شرح المنظومة السخاوية في متشابهات الآيات القرآنية»، و نشرته المكتبة المحموديّة التجاريّة- ميدان الأزهر بمصر، ط الأولى دون تاريخ.

[7]- مؤلفاته في تجويد القرآن الكريم:]
* التبصرة في صفات الحروف و أحكام المد:

ذكره بروكلمن (4).

* روضة الدرر و المرجان في تجويد القرآن:

مخطوط في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، يقع في ثلاث ورقات ضمن مجموع (46- 48)، مسطرتها 13، توجد منه نسخة ميكروفلم في المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية تحت رقم 397.

* عمدة المفيد و عدة المجيد في معرفة لفظ التجويد:

عمدة المفيد و عدة المجيد (5) في معرفة لفظ التجويد:

نظّم في التجويد، عدد أوراقه ست ورقات (6).

ص: 52


1- فهرس المخطوطات في دار الكتب (3/ 188).
2- فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى (2/ 338).
3- انظر معجم المطبوعات العربية (1/ 1015) و الأعلام (4/ 332).
4- تاريخ الأدب العربي ص 727 من الذيل.
5- هكذا سماه حاجي خليفة في كشف الظنون 2/ 1171.
6- انظر فهرس المجاميع في المكتبة الظاهرية، مكتوب بخط اليد، و مصور دون ترقيم للصفحات.

و هي منظومة نونية، تقع في أربعة و ستين بيتا، قدم لها الناظم بالحديث عن حقيقة التجويد، ثم انتقل إلى المقصد الأهم فيها و هو مخارج الحروف، و ما يجب الاحتراز فيه .. و تحدث عن صفات الحروف، و ختم الناظم قصيدته بالحديث عن وجوب الترتيل و تجنب اللحن (1).

ذكر حاجي خليفة أن المصنف شرحها شرحا مختصرا.

قال: و شرحها أيضا الإمام إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقاعي الحموي المتوفي سنة 670 ه، و شمس الدين أحمد بن محمود الأديب الحكيم المقرئ، أوله:

(الحمد للّه الذي أنزل القرآن العظيم و الذكر الحكيم ..) (2) الخ.

و من هذا الشرح نسخة في التيمورية رقم 266.

و له شرح آخر مخطوط أيضا في التيمورية رقم 243 لشارح مجهول (3).

كما قام بشرح هذه المنظومة الحسن بن قاسم المرادي المتوفى سنة 749 ه و سماه «المفيد في شرح عمدة المجيد».

و قد طبع هذا الشرح في مكتبة المنار بالزرقاء- الأردن عام 1407 ه (في جزء صغير). بتحقيق الدكتور/ على حسين البواب.

و أخيرا قام أستاذنا الدكتور/ عبد العزيز القاري بشرح هذه القصيدة، مع قصيدة أبي مزاحم الخاقاني المتوفى سنة 325 ه.

و طبع هذا الشرح عام 1402 ه في دار مصر للطباعة (في جزء صغير).

* منهاج التوفيق الى معرفة التجويد و التحقيق:

ذكره حاجي خليفة، و سماه «منهاج التوفيق في القراءة (4)»، و إسماعيل باشا البغدادي (5).

أوله: التجويد: مصدر جوّد تجويدا، إذا أتى بالقراءة مجوّدة الألفاظ .. إلخ و آخره: ... و روى عن أبي حنيفة أنه (كان يقرأ القرآن في ركعة ..).

ص: 53


1- انظر مقدمة المفيد في شرح عمدة المجيد ص 10، بتحقيق الدكتور علي حسين البواب.
2- كشف الظنون 1/ 1172 و راجع 2/ 1984 من المصدر نفسه.
3- انظر معجم الدراسات القرآنية ص 510.
4- كشف الظنون 2/ 1871.
5- هدية العارفين 1/ 709.

توجد منه نسخة بمكتبة جامعة الملك سعود، الرقم العام 850/ 2 م (ص 115- 133) يقع في عشر ورقات، عدد الأسطر 19، خط نسخ معتاد، لعله من القرن الثامن الهجري (1).

و قد طبع الكتاب المذكور بتحقيق الدكتور علي حسين البواب ملحقا «بجمال القراء».

[8]- و له في فضائل القرآن:]
* منازل الإجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم:

ذكره إسماعيل باشا البغدادي ضمن مؤلفات السخاوي (2)، و هو جزء من «جمال القراء ...».

[9]- و له في النسخ:]
* الطود الراسخ في المنسوخ و الناسخ:

ذكره ضمن مؤلفات السخاوي، إسماعيل باشا البغدادي (3). و هو جزء من «جمال القراء ..».

[10]- و له في الوقف و الابتداء:]
* علم الاهتداء في معرفة الوقف و الابتداء:

توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية، تقع في 55 صفحة ضمن مجموع (171- 225)، و تحتفظ الجامعة الاسلامية- المكتبة المركزية بصورة منه ميكروفلم تحت رقم 2401 (4).

[11]- و له في المكي و المدني:]
* نثر الدرر في ذكر الآيات و السور:

ذكره حاجي خليفة، قال: نثر الدّرر في القراءة للسخاوي (5). و ليس هو في القراءة، كما ذكره إسماعيل باشا البغدادي ضمن مؤلفات السخاوي (6) و هو جزء من «جمال القراء ..».

[12]- و له في علوم القرآن:]
* جمال القراء و كمال الإقراء:

موضوع البحث، و سيأتي الكلام عنه مفصّلا- إن شاء اللّه تعالى-.

ص: 54


1- انظر معجم مصنفات القرآن الكريم: 3/ 259.
2- هدية العارفين: 1/ 708.
3- المصدر السابق: 1/ 708.
4- و قد طبع ضمن كتابه «جمال القراء ..» ملحقا به بتحقيق الدكتور علي حسين البواب.
5- كشف الظنون: 2/ 1927.
6- هدية العارفين: 1/ 709.
* رسالة في علوم القرآن:

توجد منه نسخة بالمكتبة الظاهرية تحت رقم 7659 ضمن مجموع، رقم الفن 258 مجاميع/ تفسير و علوم القرآن، بخط معتاد، غير معروف ناسخه، تقع في ثلاث ورقات، 18 سطرا (1).

[13]- و له في الحديث:]
* الجواهر المكللة في الأخبار المسلسلة:

ذكره حاجي خليفة (2)، و إسماعيل باشا البغدادي (3). كما ذكره الكتاني ضمن الكتب التي ألّفت في الأحاديث المسلسلة، و هي التي تتابع رجال إسنادها على صفة أو حالة (4).

* شرح مصابيح السنة للبغوي:

ذكره إسماعيل باشا البغدادي (5).

[14]- مؤلفاته في السيرة النبوية:]
* أرجوزة في أسماء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ذكره ياقوت الحموي (6)، و صلاح الدين المنجد (7).

* أرجوزة في سيرة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

ذكره ياقوت الحموي (8)، و صلاح الدين المنجد (9).

* ذات الأصول في مدح الرسول- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-:

ذكره إسماعيل باشا البغدادي (10).

* ذات الأصول و القبول في مفاخر الرسول- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-:

ذكره إسماعيل باشا البغدادي (11).

و صلاح الدين المنجد (12).

* ذات الدرر في معجزات سيد البشر:

ذكره إسماعيل باشا البغدادي (13).

ص: 55


1- فهرس علوم القرآن بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى 1/ 92، و انظر معجم الدراسات القرآنية ص 402.
2- كشف الظنون: 1/ 617.
3- هدية العارفين 1/ 708.
4- الرسالة المستطرفة ص 62، و راجع مقدمة تحفة الأحوذي للمباركفوري 1/ 95.
5- هدية العارفين 1/ 708.
6- معجم الأدباء 15/ 66.
7- معجم ما ألّف عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ص 37.
8- معجم الأدباء 15/ 16.
9- معجم ما ألّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ص 102.
10- هدية العارفين 1/ 708.
11- هدية العارفين 1/ 708.
12- معجم ما ألّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ص 208.
13- هدية العارفين 1/ 708.
* شكوى الاشتياق إلى النبي الطاهر الأخلاق:

ذكره إسماعيل باشا البغدادي (1)، و صلاح الدين المنجد (2).

* القصائد السبع في المدائح النبوية:

نص أبو شامة على شرحه لهذه القصائد النبوية- لشيخه السخاوي- و سماه «كتاب شرح المدائح النبوية» (3).

و يعد هذا الشرح أول مؤلفاته، كما ذكر ذلك في كتابه «الذيل على الروضتين» (4).

و قد نظم بعضهم مؤلفات أبي شامة في أبيات، و منها هذا الكتاب:

«شرح الصدور بشرحه لقصائد ... نبوية في قبضه أو بسطه».

و هذا الشرح يقع في مجلد (5)، كما ذكر ذلك الذهبي (6)، و ابن الجزري (7) و حاجي خليفة (8)، و أحمد بدوي (9).

و كتاب «القصائد السبع» للسخاوي، ذكره أيضا إسماعيل باشا البغدادي (10).

و بروكلمن (11). و صلاح الدين المنجد (12)، و رمز له الزركلي بأنه مخطوط (13).

قال الصفدي: و للسخاوي مدائح في النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (14).

[15]- و له في الفقه:]
* أرجوزة في الفرائض:

ذكره عبد الباقي اليمني في إشارة التعيين (15).

ص: 56


1- المصدر السابق.
2- معجم ما ألّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ص 331.
3- المرشد الوجيز ص 25.
4- المصدر المذكور ص 39.
5- الذيل على الروضتين ص 40.
6- معرفة القراء 2/ 673.
7- غاية النهاية 1/ 570.
8- كشف الظنون 2/ 1327.
9- الحياة العقلية ص 107.
10- هدية العارفين (1/ 708).
11- تاريخ الأدب العربي (الذيل ص (457).
12- معجم ما ألّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ص 334.
13- الأعلام للزركلي (4/ 332).
14- الوافي بالوفيات (22/ 66).
15- المصدر المذكور ص 232.
* تحفة الناسك في معرفة المناسك (مناسك الحج).

ذكره ابن الشعار (1)، و إسماعيل باشا البغدادي، و قال: إنه يقع في أربعة مجلدات (2).

[16]- و له في العقيدة:]
* القصيدة الناصرة لمذهب الأشاعرة (تائية).

ذكرها الصفدي (3)، و إسماعيل باشا البغدادي (4).

* الكوكب الوقاد في تصحيح الاعتقاد:

(أرجوزة في أصول الدين). ذكره الصفدي (5)، و إسماعيل باشا البغدادي (6)، و حاجي خليفة.

و قال: هي منظومة للشيخ علم الدين السخاوي .. شرحه السيوطي (7). كما ذكره الزركلي و قال إنه مخطوط (8).

قال السيوطي: «وضعت عليه شرحا لطيفا (9)» ا ه.

[17]- و له في الفقه:]
* ذات الحلل و مهاة الكلل:

ذكره ابن الشعار (10)، و الصفدي (11).

توجد منه نسخة ميكروفلم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نسخت بتاريخ 639 ه- أي في أواخر عهد المصنف-، عدد الأوراق 38 (12). و هي قصيدة للمؤلف

ص: 57


1- انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322).
2- هدية العارفين (1/ 708).
3- انظر الوافي بالوفيات (22/ 66).
4- هدية العارفين (1/ 708).
5- انظر الوافي بالوفيات (22/ 66).
6- هدية العارفين (1/ 708).
7- كشف الظنون (2/ 1523).
8- الأعلام (4/ 332).
9- بغية الوعاة ص 349.
10- انظر ملحق وفيات الأعيان (7/ 322).
11- انظر الوافي بالوفيات (22/ 66).
12- سجل حصر الميكروفلم ص 9 رقم التسلسل 185 بخط اليد.

فيما اتفق لفظه و اختلف معناه، و هي في الحقيقة جزء من كتاب «سفر السعادة و سفير الإفادة» و سيأتي الحديث عنه- إن شاء اللّه تعالى-، صدّر المصنف هذه القصيدة بقوله:

و هذه ذات الحلل و مهاة الكلل، تغر بالألفاظ المؤتلفة، و تسر بالمعاني المختلفة .. الخ، و عدد أبياتها ثلاثة و أربعون بيتا و مائتا بيت (243)، يقول في مطلعها:

بحمد اللّه ربّ العالمينا و ربّ العرش أبدأ مستعينا

و يقول في ختامها:

و حسبي جود ربي و التجائي اليه لما أؤمل أن يكونا

[18]- مؤلفاته في النحو:]
* سفر السعادة و سفير الإفادة:

معظم الذين ترجموا للسخاوي ذكروا هذا الكتاب ضمن مؤلفاته.

قال الصفدي: و هو كتاب كثير الفوائد في اللغة العربية (1) ا ه. افتتحه المؤلف بقوله: هذا كتاب «سفر السعادة و سفير الإفادة»، يتحفك بالمعاني العجيبة، و يقفك على الأسرار الغامضة الغريبة ... شرحت فيه معاني الأمثلة و مبانيها المشكلة، و أودعته ما استخرجته من ذخائر القدماء و تناظر العلماء، و ختمته بأغرب نظم و أسناه، فيما اتفق لفظه و اختلف معناه (2). و أضفت إلى الأبنية ألفاظا مستطرفة، واقعة أحسن المواقع عند أهل المعرفة، و رتبت الأبنية على الحروف مستعينا باللّه المنان الرءوف (3)» ا ه.

و للكتاب عدة نسخ خطية استغنى عن ذكرها، حيث قد ذكر ذلك من قام بتحقيقه، فقد قام بتحقيقه أحمد بن عبد المجيد هريري، نال به درجة «الدكتوراة» من كلية الآداب، جامعة القاهرة عام 1978 م (4). كما قام بتحقيقه أيضا محمد أحمد الدالي، نال به درجة «الماجستير» من كلية الآداب بجامعة دمشق عام 1402 ه (5).

ص: 58


1- الوافي بالوفيات 22/ 66.
2- و هو الكتاب المسمى ب «ذات الحلل و مهاة الكلل» و قد سبق قريبا.
3- سفر السعادة ص 3، 4 بتحقيق الدالي.
4- انظر ذخائر التراث العربي الاسلامي ط الأولى عام 1401 ه.
5- و طبع في مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1403 ه في ثلاثة أجزاء الثالث فهارس.
* المفضل شرح المفصل:

المفضل شرح المفصل (1):

ذكره الذهبي (2)، و الصفدي (3)، و ياقوت الحموي (4)، و أبو الفداء (5)، و الأسنوي (6)، و ابن الشعار (7).

قال القفطي: شرحه- يعني المفصل- شرحا حسنا، وطي ء الألفاظ أراد به وجه اللّه تعالى، فالنفوس تقبله، إذ لم يعتمد فيه القعقعة الأعجمية، و لا التقاسيم المنطقية (8) ..) ا ه.

و قال ابن الجزري: «و هو كتاب نفيس في أربعة أسفار (9) ...» ا ه.

و قال حاجي خليفة:- أثناء تعداده للذين شرحوا كتاب «المفصل» للزمخشري، و شرحه علم الدين السخاوي أيضا في أربعة مجلدات (10) ..» ا ه.

قال الزركلي: في أربعة أجزاء، منه نسخة كتبت سنة 632 ه، عليها إجازة بخط المؤلف، مؤرخة سنة 638 ه، في دار الكتب، تصويرا عن أحمد الثالث (3158) كما في المخطوطات المصورة 1/ 397 (11).

ص: 59


1- المفصل في النحو للزمخشري، أوله: اللّه أحمد على أن جعلني من علماء العربية، ... إلخ جعله على أربعة أقسام: الأول في الأسماء، و الثاني في الأفعال، و الثالث في الحروف، و الرابع في المشترك من أحوالها، ثم اختصره و سماه «الأنموذج». و قد شرحه كثير من العلماء، ممن عاصر السخاوي، و من قبله و من بعده. أنظر كشف الظنون 2/ 1774- 1777. كما قام بنظمه العلامة أبو شامة- تلميذ السخاوي-. انظر الذيل على الروضتين ص 40، و معرفة القراء 2/ 674، و طبقات الشافعية للسبكي 8/ 165.
2- سير أعلام النبلاء 23/ 124.
3- الوافي بالوفيات 22/ 66.
4- معجم الأدباء: 15/ 16.
5- المختصر في تاريخ البشر 3/ 174.
6- طبقات الشافعية 2/ 68.
7- ملحق وفيات الأعيان 7/ 322.
8- انباه الرواة 2/ 311.
9- غاية النهاية 1/ 570.
10- كشف الظنون: 2/ 1775، كذا أربع مجلدات. و الصواب: أربعة مجلدات.
11- الأعلام للزركلي: 4/ 332.
* منير الدياجي في شرح الأحاجي :

منير الدياجي في شرح الأحاجي (1):

ذكره المؤلف في كتابه «سفر السعادة» باب الكاف عند الكلام عن «كميت» .. قال: و قد ذكرناه في «تنوير الدياجي (2).

و ذكره كذلك ابن الشعار، بهذه التّسمية (3)، أي بالمعنى مختصرا، و ذكره الذهبي (4)، و ابن الجزري (5).

و سمّاه السيوطي: «شرح أحاجي الزمخشري النحوية». قال: (و هو من أجلّ الكتب في موضوعه، و التزم أن يعقب كل أحجيتين بلغزين من نظمه (6) ا ه.

أشار الزركلي إلى أنه مخطوط. قال: رأيته في خزانة محمد سرور الصبّان بجدة، و على النسخة خط المؤلف (7). و توجد منه نسخة مصورة بالميكروفلم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية باسم «تنوير الدياجي في تفسير الأحاجي» «في القراءة»!! تاريخ النسخ 639 ه- أي في أواخر عهد المصنف، تقع في 165 ورقة (8).

* نظم الضوابط النحوية:

ذكره بروكلمن (9). و منه نسخة بدار الكتب رقم 1604 نحو (10).

[19]- مؤلفاته في موضوعات متعددة:]

* تنوير الظلم في الجود و الكرم:

ذكره حاجي خليفة (11)، و إسماعيل باشا البغدادي (12).

ص: 60


1- الأحاجي: جمع «أحجية» كأضحية، كلمة مخالفة المعنى، و هو علم يبحث فيه عن الألفاظ المخالفة لقواعد العربية بحسب الظاهر و تطبيقها عليها، إذ لا يتيسر أدراجها بمجرد القواعد المشهورة ..) ا ه كشف الظنون 1/ 13. قال حاجي خليفة: و للعلامة الزمخشري تأليف لطيف في هذا الفن سماه «المحاجات» و للشيخ علم الدين السخاوي شرح هذا المتن «ا ه المصدر نفسه.
2- سفر السعادة ص 450.
3- ملحق وفيات الأعيان 7/ 322.
4- سير أعلام النبلاء 23/ 124. و معرفة القراء 2/ 633.
5- غاية النهاية 1/ 570.
6- بغية الوعاة ص 349، و انظر كشف الظنون 1/ 13.
7- الاعلام 4/ 332.
8- سجل حصر الميكروفلم رقم التسلسل 415 بخط اليد.
9- تاريخ الأدب العربي «الذيل ص 728.
10- انظر الحياة العقلية ص 107.
11- كشف الظنون 1/ 501.
12- هدية العارفين 1/ 708.
* عروس السمر في منازل القمر:

(نونية). ذكره الصفدي (1)، و إسماعيل باشا البغدادي (2).

و شرحه أبو شامة- تلميذ السخاوي (3).

* كتاب تحفة الفرّاض و طرفة تهذيب المرتاض:

ذكره الصفدي (4) و نقله عنه صاحب روضات الجنات، دون كلمة «تهذيب (5)» كما ذكره أيضا إسماعيل باشا البغدادي، دون كلمة «تهذيب (6)».

* لواقح الفكر في اخبار من غبر:

انفرد بذكره إسماعيل باشا البغدادي (7).

* المشهور في أسماء الأيام و الشهور:

ذكره الحافظ ابن كثير عند تفسير قوله تعالى إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً .. [التوبة: 36] قال: «فصل» ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سمّاه: «المشهور في أسماء الأيام و الشهور» أن المحرم سمّي بذلك لكونه شهرا محرما ... و هكذا أخذ ابن كثير في سرد أسماء الشهور و الأيام مع التعليل لكل تسمية، معتمدا على هذا الكتاب للسخاوي (8).

* المفاخرة بين دمشق و القاهرة:

ذكره ابن الجزري (9)، و حاجي خليفة (10)، و الزركلي (11)، و أحمد بدوي ثم قال: (و كم كان بودنا أن لو ظفرنا بهذا الكتاب، لنرى فيه صورة صادقة لهاتين المدينتين في ذلك العصر (12)) ا ه. (1) الوافي بالوفيات 22/ 66.

(2) هدية العارفين 1/ 708.

(3) الذيل على الروضتين ص 40.

(4) الوافي بالوفيات 22/ 66.

(5) المصدر المذكور ص 470.

(6) هدية العارفين 1/ 708.

(7) هدية العارفين 1/ 708.

(8) تفسير ابن كثير 2/ 354.

(9) غاية النهاية 1/ 570.

(10) كشف الظنون 2/ 1758.

(11) الاعلام 4/ 332.

(12) الحياة العقلية ص 107.

ص: 61

ي)- أهم أعماله:

سبق أن قلت إن الإمام السخاوي بدأ طلب العلم في سن مبكرة منذ نعومة أظفاره، و أنه رحل إلى الاسكندرية سنة 572 ه، أي و هو في سن الرابعة عشرة من عمره، ثم توجه إلى القاهرة.

* و هناك سكن بمسجد ب (القرافة) (1) يؤم الناس فترة من الزمن (2).

* كان يعلم أولاد الأمير ابن موسك (3)، و انتقل معه إلىّ دمشق (4).

* و حج سنة 598 (5) ه.

* قال ابن الجزري: (أقرأ الناس نيفا و أربعين سنة بجامع دمشق (6)) ا ه.

ك)- وفاته:

أجمعت المصادر التي وقفت عليها على أن وفاته كانت سنة (643 ه) ثلاث و أربعين و ستمائة.

إلّا ما ذكره إليان سركيس من أن وفاته كانت سنة (653 ه) و هو خطأ. قال أبو شامة في حوادث سنة 643 ه: «- واصفا جنازة شيخه السخاوي، و ما كان عليها من هيبة و جلالة و إخبات- و في ليلة الأحد ثاني عشر جمادى الآخرة، توفي شيخنا علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي- رحمه اللّه- علامة زمانه، و شيخ عصره و أوانه،

ص: 62


1- القرافة- بالفتح-: خطة بالفسطاط من مصر .. بها قبر الامام الشافعي- رحمه اللّه- و فيها مدرسة للفقهاء الشافعية، ينسب اليها قوم من المحدثين. معجم البلدان 4/ 317.
2- معجم الأدباء 15/ 66، و انظر الحياة العقلية ص 105.
3- أما الأمير ابن موسك، فهو عماد الدين بن موسك بن حسكو، كان من خيار الأمراء الأجواد، حج مع الملك المعظم ابن العادل سنة 611 ه ثم سجن و مات متأثرا بجراحة- رحمه اللّه- سنة 644 ه، انظر البداية و النهاية 13/ 73، 183. و أما موسك فهو الأمير عز الدين ابن خال السلطان صلاح الدين و هو من أكابر أقربائه، و مقدمي كتائبه، و كان للقرآن حافظا، و على الاحسان محافظا، و لقضاء الناس ملاحظا ... توفي بدمشق سنة 585 ه. انظر الروضتين في أخبار الدولتين 2/ 150.
4- انظر معجم الأدباء 15/ 66.
5- انظر ملحق وفيات الأعيان 7/ 322، و تلخيص مجمع الآداب 1/ 605.
6- غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 569.

بمنزله بالتربة الصالحية، و صلّي عليه بعد الظهر بجامع دمشق .. إلى أن قال: و فقد الناس بموته علما كثيرا، و منه استفدت علوما جمة، كالقراءات و التفسير، و علوم فنون العربية، و صحبته من شعبان سنة أربع عشرة- أي و ستمائة- ...

رحمه اللّه و جمع بيننا و بينه في جنته آمين (1)» ا ه.

ص: 63


1- انظر الذيل على الروضتين ص 177.
الباب الثاني
الفصل الأول «توثيق الكتاب»
اشارة

و قد ضمنته ما يأتي:

أ) تحقيق عنوان الكتاب:

من الأدلة الواضحة التي لا شك فيها أن مؤلفه سمّاه «جمال القراء و كمال الإقراء» و هو كذلك بهذا العنوان في كل النسخ التي حصلت عليها.

و معظم الذين ذكروا هذا الكتاب من المترجمين و المؤرخين، سمّوه بهذا الإسم إلّا أن بعض العلماء تصرفوا في هذه التسمية. أمثال الصفدي (1)، و ابن قاضي شهبه (2)، فسمّاه (جمال القراء و تاج الإقراء).

ب) صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

لم يختلف العلماء في نسبة كتاب (جمال القراء ..) إلى مصنفه علم الدين السخاوي، و قد سبق عند الكلام عن أثر هذا الكتاب في من جاء بعده من المؤلفين أن الشيخ أبا شامة- تلميذ السخاوي- و المحقق ابن الجزري و العلامة السيوطي قد نقلوا من هذا الكتاب في مواضع من كتبهم، مما لا يدع مجالا للشك في نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه.

قال عنه ابن الجزري: .. و هو غريب في بابه، جمع أنواعا من الكتب .. إلخ ثم ذكر كيفية روايته لهذا الكتاب بإسناده إلى السخاوي (3).

و قال عنه في موضع آخر: (فيه عدة مصنفات، و هو من أجلّ الكتب (4)) ا ه.

ص: 64


1- الوافي بالوفيات 22/ 66.
2- طبقات الشافعية 2/ 117.
3- النشر في القراءات العشر 1/ 97.
4- غاية النهاية: 1/ 570.

و وصفه حاجي خليفة بقوله: و هو كتاب لطيف جامع في فنه، جمع فيه أنواعا من الكتب (1) .. إلخ.

و مما يؤكد صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه: أن جميع العناوين التي وجدتها على النسخ الخطية التي حصلت عليها، تثبت نسبة الكتاب إلى المؤلف.

ج) وصف النسخ الخطية و بيان النسخة التي جعلتها أصلا:
اشارة

اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على أربع نسخ:-

النسخة الأولى:

كانت هذه النسخة هي أول نسخة حصلت عليها في المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية، و تحمل رقم (4650) و هذا الرقم واضح في آخر النسخة، أما في أولها فلم يظهر الصفر لسوء التصوير.

و هذه النسخة التي جعلتها أصلا مصورة عن الخزانة الملكية بالمغرب، عليها تعليقات و تصحيحات قيمة بخط الناسخ، تقع في 93 ورقة من الحجم الكبير، «النسخة عتيقة بخط مشرقي جميل شكّلت فيه بعض الكلمات، آخرها: و لا يثبت النّسخ باجتهاد مجتهد من صحابي و لا غيره، و لا بد في ذلك من النقل و اللّه أعلم. وقع الفراغ من كتابتها في الثاني و العشرين من ذي القعدة عام (733 ه) و لم يذكر فيها اسم الناسخ».

و كتب على اليسار: «بلغ مقابلة بحسب الطاقة»، و في الورقة الأولى من النسخة تقييد بخط أحمد بن علي الحسيني، يفيد قراءته للكتاب جميعه على أحد شيوخه. مقاسها 2، 24* 3، 18 سم و عدد الأسطر (25 سطرا) ا ه (2).

- كتب على وجهها: ملك الفقير محمد بن قر الحنفي الدمشقي الأزهري، غفر اللّه له و لوالديه ...

- و قد ذكر اسم الكتاب و اسم مؤلفه:

ثم قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم: اللّه الموفق لما يشاء، اللّهم وفقنا لما يرضيك عنا، الحمد للّه رب العالمين و صلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين و على آله و صحبه

ص: 65


1- كشف الظنون 1/ 593.
2- أنظر فهارس الخزانة الحسنية بالقصر الملكي «بالرباط» المجلد السادس الفهرس الوصفي لعلوم القرآن الكريم، تصنيف محمد العربي الخطابي.

أجمعين، أما بعد، فقد قرأت جميع هذا الكتاب- و هو (جمال القراء و كمال الإقراء) تصنيف الإمام العلامة الأستاذ الحبر الشيخ علم الدين أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي، تغمده اللّه برحمته، و أسكنه بحبوحة جنته على سيدنا و شيخنا ... العالم شيخ الإقراء، العامل صاحب الفوائد، شيخ الأنام، مفتي الإسلام شيخ الإقراء بقية السلف الصالحين، قاضي القضاة، شرف الدين الكفري الحنفي، متع اللّه الإسلام و المسلمين بطول حياته، و أفاض علينا من بركته و بركة أسلافه.

و أخبرني أنه قرأه من لفظه على الشيخ الإمام العالم شمس الدين محمد بن أحمد بن علي بن عبد الغني ... الحنفي.

و أخبره أنه سمعه على الشيخ الإمام العالم شهاب اللّه أبي بكر بن محمد بن عبد الخالق بن عثمان بن مزهر الأنصاري، بقراءته على مصنفه الشيخ الإمام العلامة، علم الدين السخاوي، قدّس اللّه روحه و نوّر ضريحه. و أجاز لي أن أرويه عنه و جميع ما يجوز له روايته.

و كتبه أحمد بن علي بن محمد بن إسرائيل بن أحمد الحسيني، حامدا اللّه و مصليا على نبيه محمد و على آله و صحبه و سلم، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل. و كملت القراءة لهذا الكتاب في أواخر سنة ثلاث و سبعين و سبعمائة، (فللّه الحمد و المنة) ا ه.

و قد جعلت هذه النسخة أصلا في التحقيق و رمزت لها ب (ت).

النسخة الثانية:

مصورة عن دار الكتب الظاهرية بدمشق، و تحمل رقم (9035) (ف 23).

و هي نسخة قديمة مقروءة و مصححة، فقد بعض أوراقها، و أصابتها الرطوبة، و أضرت بها، مما ترتب على ذلك تآكل أسافل بعض الأوراق. خطها نسخ قديم جيد مشكول، من خطوط القرن السابع أو الثامن الهجري، عناوين الموضوعات و أسماء السور مكتوب بخط كبير، و عليها بعض التصحيحات الجيدة، تقع في 113 ورقة، عدد الأسطر 19 سطرا مقاس 25* 17، في أوائلها قيد مطالعة بتاريخ 964 ه كتبه أحمد بن يوسف العدوي (1). و عليها تملّكات أكثرها لا يقرأ. و قد حصل فيها خلط و تقديم و تأخير عند الكلام عن أرباع أجزاء ستين، و بيّنت ذلك في موضعه. و حصل فيها سقط كبير، حيث

ص: 66


1- راجع فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (علوم القرآن) ص 353 وضع الدكتور عزت حسن. دمشق 1381 ه.

سقطت الأوراق التي تشمل الكلام على الناسخ و المنسوخ من سورة الشورى إلى سورة المزمل، بالرغم من تسلسل أرقام الصفحات، و قد بيّنت ذلك أيضا في موضعه، و اللّه الموفق، و قد رمزت إلى هذه النسخة ب (ظق) اختصارا لكلمة (ظاهرية قديمة) تمييزا لها عن النسخة الثانية الظاهرية المتأخرة عنها و التي سيأتي الحديث عنها.

- النسخة الثالثة:

من مصورات دار الكتب المصرية، رقم الميكروفلم 1916، تقع في 148 ورقة عدد الأسطر 23 سطرا. عدد الكلمات في كل سطر تتراوح بين 8- 10 كلمات. و خطها عادي مقروء، شكّلت فيها بعض الكلمات، و قد يكون التشكيل أحيانا خطأ. لم تميز فيها العناوين و أسماء السور بخط بارز. كتبت بعض العناوين في الحاشية، و عليها تعليقات نادرة.

كتب هذه النسخة محمد بن موسى بن عمران سنة 843 ه، ثلاث و أربعون و ثمانمائة. و قد قمت برحلة علمية إلى القاهرة، و صورت هذه النسخة في دار الكتب المصرية. و قد رمزت إلى هذه النسخة ب (د) اختصارا لكلمة (دار الكتب المصرية).

- النسخة الرابعة:

و هي مصورة عن المكتبة الظاهرية بدمشق و تحمل رقم 333 (44 قراءات) و قد تفضل الأستاذ سعيد عبد اللّه المحمّد الأستاذ بجامعة أم القرى بإعطائي صورة منها جزاه اللّه خيرا.

و خطها عادي، كتبها علي بن محمد بن رمضان من قرية بيت تول سنة 973 ه تقع في 122 ورقة عدد الأسطر 21، مقاسها 5، 21* 5، 15 سم. و كتبت العناوين و أسماء السور و رءوس الفقر بخط كبير (1). إلا أن بعض هذه العناوين أصيبت بالطمس أثناء التصوير. و قد سقطت منها ورقة (70) و تكررت فيها ورقة (73). و عليها بعض التعليقات الدّالة على المقابلة.

كتب في وجهها ترجمة موجزة للمؤلف السخاوي، منقولة من وفيات الأعيان لابن خلكان. و قد رمزت إلى هذه النسخة ب (ظ) اختصارا لكلمة (ظاهرية).

ص: 67


1- راجع فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (علوم القرآن) ص 352 وضع الدكتور عزت حسن دمشق 1381 ه.
الفصل الثاني منهج المؤلف في تصنيف كتابه
اشارة

و قد ضمنته ما يأتي:

أ- المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في تصنيف كتابه:
اشارة

لا شك أن للمصادر دورا رئيسيا هاما بالنسبة لكل مؤلف، و قد تبيّن لي- بعد إمعان النظر في كتاب (جمال القراء ..)- أن السخاوي- رحمه اللّه- قد اعتمد على مصادر عدة، استقى منها مادته العلمية، إضافة إلى ثقافته التي تلقاها مشافهة عن شيوخه، و بما أن السخاوي قد اعتمد في تصنيف كتابه هذا على قدر كبير من المصادر التي لها قيمتها العلمية، كما أنه تتلمذ على مجموعة كبيرة من خيرة العلماء، أمثال الإمام الشاطبي (ت 590 ه) و غيره؛ أقول: لقد كان لهذا الأثر البارز في مصنفات السخاوي، و قد ظهر ذلك جليا في كتابه هذا (جمال القراء ...) و من يقرأ هذا الكتاب يتضح له صدق ما ذكرته، و قد كان السخاوي- رحمه اللّه- يصرح بأسماء العلماء الذين نقل عنهم و بمؤلفاتهم، كما أنه كان في بعض الأحيان يصرح باسم المؤلف دون أن يذكر اسم الكتاب الذي أفاد منه، و بناء على هذا فيمكنني أن أقسّم مصادره التي اعتمد عليها في تصنيف هذا الكتاب قسمين: مصنفات، ثم علماء:

القسم الأول: المصنفات:
اشارة

لقد تتبعت منقولاته، و قيّدت تلك الكتب التي نقل منها، و صنفتها حسب موضوعاتها إلى سبعة أصناف، بدءا بكتب التفسير، فالقراءات، فالناسخ و المنسوخ، فالحديث- و يدخل فيه فضائل القرآن و أخلاق أهله- فالعدد و المصاحف، فكتب الفقه، ثم النحو و غريب الحديث.

ص: 68

أولا: كتب التفسير: و تتمثل فيما يأتي:

- مجاز القرآن: لأبي عبيدة معمر بن المثنى التميمي (110- 209 ه). أفاد منه السخاوي في مواضع من كتابه، فيما يتعلق بتفسير بعض الألفاظ، كتفسير كلمة (الفرقان) و (الكتاب) عند كلامه عن اسماء القرآن، و كتفسيره لكلمة (السّكر) بفتح السين و الكاف (1).

- جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (224- 310 ه) لم يصرح السخاوي بذكر اسم الكتاب الذي أفاد منه، و انما اكتفى بقوله: قال الطبري، أو و اختاره الطبري، و بهذا يقول الطبري، و نحو ذلك من العبارات التي استعملها في افادته من هذا التفسير (2).

و قد كان أحيانا يورد كلامه على سبيل الرد عليه، كما فعل عند حديثه عن الشواذ (3).

- الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل: لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (467- 538 ه). نقل عنه السخاوي في بعض المواضع، عند كلامه على الناسخ و المنسوخ، و لكنه لم يسلم له بما نقله عنه، بل كان يعترض على كلامه و يرده، و يعلل لذلك الرد، بما يراه مناسبا لمعنى الآية (4).

ثانيا: كتب القراءات: و تتمثل فيما يأتي:

- البيان في القراءات السبع: لأبي طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم (279- 349 ه) أفاد منه السخاوي عند كلامه عن الشواذ، حيث قال: قال عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم: و قد نبغ نابغ في عصرنا هذا .. إلى أن قال: و أبو طاهر عبد الواحد هذا، إمام من أئمة القرآن، و هو صاحب ابن مجاهد ا ه (5).

ثالثا: الناسخ و المنسوخ:

- الناسخ و المنسوخ: لأبي القاسم هبة اللّه بن سلامة بن نصر الضرير البغدادي (المتوفى

ص: 69


1- انظر: (ص 167، 169، 744).
2- انظر: (ص 602، 627، 637).
3- انظر: (ص 571).
4- انظر: (ص 631، 769).
5- انظر: (ص 575).

سنة 410 ه) أفاد منه السخاوي عند كلامه على الناسخ و المنسوخ قائلا: قال أبو القاسم هبة اللّه بن سلامة كذا ... (1) ثم قال: وهبة اللّه هذا رجل صالح، و قد سمعت كتابه من أبي محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة اللّه الحافظ- رحمه اللّه- و ساق السند إلى المصنف (2).

- الايضاح لناسخ القرآن و منسوخه و معرفة أصوله و اختلاف الناس فيه: لأبي محمد مكي بن أبي طالب، و اسم أبي طالب (حمّوش) بن محمد (355- 437 ه) أفاد منه السخاوي عند كلامه على الناسخ و المنسوخ، بالتصريح أحيانا، و بغير ذلك أحيانا أخرى فنجده مثلا يقول: قال بعض مؤلفي الناسخ و المنسوخ: .. كذا ثم يختمه بقوله: و هذا سياق قول مكي بن أبي طالب في كتابه المسمى ب (الموضح (3) في الناسخ و المنسوخ).

و عند قوله تعالى: وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً [الفرقان: 63] نجد السخاوي يطيل النفس فيها فيذكر أقوال العلماء، و يختم كلامه بقوله: و قال مكي في هذه الآية: إنّ هذا- و إن كان خبرا- فهو من الخبر الذي يجوز نسخه ... الخ.

و في موضع آخر نجد السخاوي أثناء حديثه عن قوله تعالى: وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ [البقرة: 233] نجده يذكر الأقوال الواردة فيها، ثم يختم كلامه بقوله: و قيل الوارث: الصبي، لأنه وارث الأب، فعليه النفقة من ماله، قال ذلك الضحاك، و اختاره الطبري، و قال مكي: و هو قول حسن ... ا ه.

و لم يقبل السخاوي هذا الاستحسان، بل علق عليه بقوله: و ما أراه كما قال:

ا ه.

و كان أحيانا ينقل عنه دون عزو، لكن يتصرف في بعض العبارات، و يلخص أو يزيد، و هذا كثير (4).

ص: 70


1- انظر: (ص 831) و راجع كذلك (ص 899).
2- انظر: (ص 903).
3- هكذا ذكره بهذا الاسم، و قد أوضحت ذلك في مكانه.
4- راجع على سبيل المثال كلامه على قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ... الآية (219) من سورة البقرة، و قارنه بما في الايضاح (ص 167) و كذلك راجع الموضع (الثامن و العشرين) من سورة النساء، و كلام السخاوي في ذلك و قارنه بما في الايضاح (ص 232- 245). و الموضع العاشر من سورة الأنعام من هذا الكتاب و قارنه بالايضاح (ص 261- 262) و هلم جرّا.
رابعا: مصادره في الحديث و فضائل القرآن و أخلاق أهله:

و تتمثل فيما يأتي:

- سنن الترمذي: لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (209- 279 ه) نقل منه السخاوي في مواضع من كتابه بسنده عن شيخه أبي الفضل الغزنوي، قال: حدثنا شيخنا أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي- رحمه اللّه- و ساق السند إلى أبي عيسى الترمذي. ثم بعد ذلك كان السخاوي كلما أورد حديثا من سنن الترمذي، قال: حدثنا الغزنوي- رحمه اللّه- بإسناده المتقدم إلى أبي عيسى الترمذي- رحمه اللّه (1).

- فضائل القرآن: لأبي عبيد القاسم بن سلام الأنصاري (157- 224 ا ه) اعتمد عليه السخاوي اعتمادا كبيرا عند كلامه عن (منازل الإجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم) ناقلا أحيانا و مقتبسا أحيانا أخرى، فيقول مثلا: و روى أبو عبيد القاسم- رحمه اللّه-، ثم اختصر هذه العبارة بقوله: أبو عبيد، حدثنا .. و يسوق السند إلى آخره، و أحيانا كان لا يذكر السند بل يكتفي بقوله: و روى أبو عبيد عن ابن مسعود مثلا و هذا كثير (2). و كان أحيانا لا يصرح بالنقل عن أبي عبيد، و لكن بالرجوع إلى فضائل القرآن: تبين لي ذلك.

- فضائل القرآن: لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (215- 303 ه) أفاد منه السخاوي في مواضع من كتابه بسنده عن شيخه أبي المظفر الجوهري، قال: حدثنا أبو المظفر عبد الخالق ابن فيروز الجوهري- رحمه اللّه- و ساق السند إلى النسائي .. ثم بعد ذلك اكتفى بهذه العبارة: و بالإسناد عن النسائي ... الخ قال: و كلما اذكره عن النسائي، فهو بهذا الإسناد (3).

- أخلاق أهل القرآن: لأبي بكر محمد بن الحسين بن عبد اللّه الآجرّي المتوفى سنة (360 ه) لم يصرح السخاوي بالنقل من هذا الكتاب، و إنما اكتفى بقوله: حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن حامد بن مفرح الأرتاحي- رحمه اللّه- و ساق السند إلى أبي بكر الآجري، بسنده إلى عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه (4). ثم قال في موضع آخر بعد ذلك: و عن الآجرّي- رحمه اللّه- بإسنادنا المتقدم، قال محمد بن الحسين: ينبغي لمن علمه اللّه القرآن ... الخ.

ص: 71


1- انظر: (ص 113، 237).
2- انظر: (ص 233، 244).
3- انظر: (ص 225، 235).
4- انظر: (ص 359).

و نقل نصا طويلا في آداب حملة القرآن، و ما ينبغي أن يكونوا عليه من الصفات الحميدة، و الأخلاق الفاضلة (1).

خامسا: كتب العدد و المصاحف: و تتمثل فيما يأتي:

- المصاحف: لأبي بكر عبد اللّه بن أبي داود سليمان السجستاني (230- 316 ه) اعتمد السخاوي على هذا الكتاب اعتمادا كبيرا عند كلامه على (تأليف القرآن) بسنده عن شيخه أبي المظفر الجوهري، قال: حدثني أبو المظفر عبد الخالق الجوهري رحمه اللّه- و ساق السند إلى المصنّف ... إلخ (2).

ثم اقتصر السخاوي في كلامه على هذا الموضوع على قوله: قال عبد اللّه ...

و يسوق السند إلى آخره (3).

- البيان في عد آي القرآن: لأبي عمرو بن عثمان بن سعيد الداني (371- 444 ه) أفاد منه السخاوي عند كلامه على (تجزئة القرآن) فمن ذلك قوله: و أما أنصاف الأسباع، فحدثني أبو القاسم شيخنا- رحمه اللّه- يعني الشاطبي- قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن هذيل، ثنا أبو داود، ثنا أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني- رحمه اللّه- ...

و ذكرها (4) و كذلك عند كلامه عن أجزاء أربعة و عشرين، قال: قال أبو عمرو الداني- رحمه اللّه- و بها قرأت على شيخنا فارس بن أحمد- رحمه اللّه- ... و ذكرها (5).

أما عند الكلام على (أقوى العدد في معرفة العدد) فلم يصرح السخاوي بالنقل عن أبي عمرو الداني، بل لم يصرح بالنقل عن أحد من علماء أهل العدد، بالرغم من تقريره بأن الاختلاف في العدد شبيه بإختلاف القراءات، أي أن كلا منهما راجع إلى النقل و التوقيف.

و الذي ينعم النظر في كلامه عن (العدد) و يقارنه بما في كتاب (البيان) للداني يجد أنّه اعتمد عليه، و إن كان هناك خلاف يسير في بعض الأماكن، و بخاصة أنّ الكتاب بين يديه، و قد صرح بالنقل منه عند كلامه على (تجزئة القرآن) و اللّه أعلم.

ص: 72


1- انظر: (ص 368).
2- انظر: (ص 300).
3- انظر: (301).
4- انظر: (ص 405).
5- انظر: (ص 411).
سادسا: كتب الفقه: و تتمثل فيما يأتي:
اشارة

- الأم: لأبي عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي (150- 204 ه) أفاد منه السخاوي عند كلامه على (أقوى العدد في معرفة العدد) دون تصريح بالنقل من كتاب «الأم» و لكن بالرجوع إليه تبيّن ذلك، و كانت إفادته من هذا الكتاب عند كلامه على سورة الفاتحة، و إختلاف أهل العدد في البسملة.

قال: قال الشافعي- رضي اللّه عنه- حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز ... و ساق السند إلى أنس بن مالك أنه قال: (صلى معاوية بالمدينة ... و ذكره) (1).

و أفاد منه كذلك أثناء كلامه على الناسخ و المنسوخ في سورة النور (2).

- الوجيز في فقه الإمام الشافعي:

لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي (450- 505 ه) لم يفد منه السخاوي إلّا في موضع واحد دون تصريح باسم الكتاب، و ذلك أثناء كلامه على دعوى النسخ في قوله تعالى: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ حيث ذكر ما قاله الإمام مالك و الشافعي في هذه الآية، معتمدا في ذلك على ما كتبه مكي بن أبي طالب في الإيضاح إلى أن قال: قال أبو حامد:- أي الغزالي- إذا قال: لاضربنك مائة خشبة، حصل البر بالضرب بشمراخ عليه مائة من القضبان ... إلى آخر ما قاله (3).

سابعا: كتب النحو و غريب الحديث: و تتمثل فيما يأتي:
- الكتاب:

لأبي بشر عمرو بن عثمان الملقب ب (سيبويه) (148- 180 ه) أو نحو ذلك.

الذي ظهر لي أنّ السخاوي قد أفاد من هذا المصدر إمّا بطريق مباشر، أو غير مباشر، و مما ترجح عندي أنّه نقله مباشرة من كتاب سيبويه، هو ما ذكره عند الحديث عن دعوى نسخ قوله تعالى: وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (4) حيث قال: و تكلم في ذلك سيبويه، و لم يتكلم في شي ء من الناسخ و المنسوخ إلّا في هذه .. إلخ (5).

و مما هو واضح أنّه نقله بطريق غير مباشر، هو عند كلامه على أسماء القرآن، حيث قال: و من أسمائه (الكتاب) ...

قال أبو علي:- أي الفارسي- الكتاب: مصدر (كتب). قال: و دليل ذلك:

ص: 73


1- انظر: (ص 506).
2- انظر: (ص 766).
3- انظر: (ص 807).
4- الفرقان (63).
5- انظر: (ص 775).

انتصابه عمّا قبله في قوله تعالى: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ .. (1) قال: فمذهب سيبويه في هذا النحو أنّه لما قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... (2) دل هذا الكلام على كتب عليكم ... إلخ (3).

- غريب الحديث:

لأبي عبيد القاسم بن سلام الأنصاري (157- 224 ه) نقل عنه السخاوي في موضع واحد فقط، و هو تفسيره لمعنى الأوراد المنهي عنها ... إلخ (4) و لم يصرح باسم المصدر، و لكن بالرجوع إلى غريب الحديث وجدت الكلام بنصه.

- المسائل الحلبيات:

لأبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي (288- 377 ه) وجدت السخاوي يفيد منه عند كلامه عن أسماء القرآن و اشتقاقها، دون تصريح باسم الكتاب الذي رجع إليه (5).

و قد كان أحيانا يتعقب أبا علي الفارسي، و يرد على بعض آرائه كقوله مثلا: و هذا سهو من أبي علي، أو و هذا الذي رجحه أبو علي ليس براجح، مع التعليل لذلك، و كقوله: و القول بكذا أرجح من قول أبي علي .. (6).

القسم الثاني: العلماء:

قلت فيما سبق: إنّ السخاوي اعتمد في تصنيف كتابه- إضافة الى المصنفات السابق ذكرها- على بعض العلماء دون أن يذكر أسماء مؤلفاتهم التي أفاد منها، فيقول مثلا: قال فلان، كما فعل عند كلامه على (نثر الدرر في ذكر الآيات و السور)، إذ نقل عن أبي مسلم الخراساني ترتيب السور المكية و المدنية، و المختلف فيها، التي قيل: إنها مكية، و قيل:

إنها مدنية، و ما أدخل من المدني في المكي، و ما أدخل من المكي في المدني ... و هكذا (7).

و لعطاء الخراساني كتاب في التفسير، و كتاب في الناسخ و المنسوخ كلاهما مخطوط، توجد أوراق من التفسير، و جزء من الناسخ و المنسوخ في الظاهرية (8) فاللّه أعلم على أيهما اعتمد السخاوي- رحمه اللّه.

و كذلك عند كلامه على (تجزئة القرآن).

ص: 74


1- النساء (24).
2- النساء (23).
3- انظر: (ص 173).
4- انظر: (ص 319).
5- انظر: (ص 164، 166).
6- انظر: (ص 167، 175).
7- انظر: (ص 106- 151).
8- كما ذكر ذلك الزركلي في الأعلام (4/ 235).

قال السخاوي: قال ابن المنادي: و قد قسّم القرآن العزيز على مائة و خمسين جزءا، عمل ذلك بعض أهل البصرة ... ا ه (1).

و بالرجوع إلى مؤلفات ابن المنادي نجد أن من مؤلفاته: كتاب إختلاف العدد (2) و فضائل القرآن، و أفواج القراء، و ناسخ القرآن و منسوخه، و لا يوجد من هذه الكتب إلّا أسماؤها مبثوثة في بطون المصنفات (3) فاللّه أعلم بمظان ذلك.

و كما نقل- مثلا- عن القاضي إسماعيل بن إسحاق ما يقرب من صفحتين، و ذلك عند كلامه عن نسخ قوله تعالى: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ (4).

هذه هي المصادر التي اعتمد عليها السخاوي في كتابه (جمال القراء ...)، و من هذا يتبين للقارئ أن السخاوي قد تنوعت مشاربه التي تضلع منها، و استقى من معينها مادته العلمية، إضافة إلى أنّه كان أحيانا يلخص و يقتبس و يتصرف في العبارات- كما قلت-.

و أحيانا كان يعمم كلامه، و لا يخص أحدا بالذكر، فيقول: قال قوم: كذا ...،

قال بعض العلماء: كذا ... و نحو ذلك من العبارات التي تنبئ أنّه كان يقرأ و يحاول أن يلم بالموضوع، ثم يصوغه بأسلوبه الخاص- رحمه اللّه-.

ب- مشتملات الكتاب:
اشارة

صدر السخاوي كتابه (جمال القراء ..) بمقدمة مختصرة بيّن فيها أنّ كتاب اللّه عز و جلّ أجلّ الكتب حيث نطق بمصالح الأمّة في دينها و دنياها، قال: و في هذا الكتاب- يعني (جمال القراء ...)- من العلوم ما يشرح الألباب و يفرح الطلاب، و ينيلهم المنى، و يفيدهم الغنى، و يريحهم من العناء، و يمنحهم ما دعت إليه الحاجة بأيسر الاعتناء، فهو كاسمه (جمال القراء و كمال الإقراء) ا ه.

ص: 75


1- انظر (ص 453).
2- ذكره ابن النديم في الفهرست (58).
3- انظر مقدمة متشابه القرآن لابن المنادي تحقيق الشيخ عبد اللّه بن محمد الغنيمان (ص 15، 16).
4- الحشر (7) و انظر: (ص 861).

ثم قسمه- رحمه اللّه- إلى سبعة علوم رئيسة، كل علم يكاد يكون موضوعا مستقلا بذاته (1)، و يغلب على تصنيفه هذه العلوم أسلوب المتقدمين، مع قلة التفريعات و التقسيمات و التفصيلات.

و هذه العلوم هي:

ص: 76


1- بل إن بعض من ترجم للسخاوي كصاحب «هدية العارفين» عد هذه العلوم مؤلفات مستقلة، كما بينت ذلك أثناء الكلام عن مؤلفاته.
العلم الأول نثر الدرر في ذكر الآيات و السور

تكلم في هذا العلم عن أول ما نزل، و آخر ما نزل، و قال: إنّ العلماء ذكروا بأنّه إنما نزل أولا صدر اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ... إلى قوله ... عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (1).

ثم ساق رواية عطاء الخراساني في ترتيب السور المكية و المدنية، حيث بلغت السور المكية خمسا و ثمانين سورة (85) و بلغت السور المدنية ثمانيا و عشرين سورة، ذكر منها ستا و عشرين سورة سردا، ثم استطرد في الحديث عن سورة (الفتح) مبيّنا مكان نزولها، و بعد ذلك ذكر السورتين الباقيتين من السور المدنية، و هما سورتا المائدة و التوبة.

ثم ذكر الخلاف الوارد في سورة الفاتحة هل هي مكية أو مدنية؟ و رجع مكيّتها، ثم انتقل إلى ذكر بعض السور المكية و ما نزل منها بالمدينة و العكس بادئا بسورة الأعراف و منتهيا بسورة الماعون.

و تعرض كذلك لذكر السور المختلف فيها، و التي قيل: إنها مكية و قيل: إنها مدنية، مع الترجيح لما يراه راجحا بادئا بسورة الصف، و منتهيا بالمعوذتين، قال:

فهذا جميع المختلف في تنزيله ذكرته و ما لم أذكره من السور فلا خلاف فيه (2) و قال أثناء كلامه على سورة الإخلاص و عطاء الخراساني يروي جميع ما ذكره عن ابن عباس ...

اه.

ص: 77


1- الآيات الخمس الاولى من سورة العلق.
2- و لعله يقصد ما ورد في رواية عطاء الخراساني، و إلّا فقد ورد خلاف في بعض السور التي لم يتعرض لذكرها، و قد نبهت على ذلك في موضعه.

- و تحدث عن كيفية إنزال القرآن، و أنه نزل كله جملة واحدة في رمضان إلى سماء الدنيا، و ذكر بعض الحكم من إنزاله جملة إلى سماء الدنيا.

و بهذه المناسبة تطرّق- رحمه اللّه- إلى الحديث عن الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن، و عن فضلها و فضل تحريها، و متى ينبغي أن يتحراها المسلم كي ينال فضلها.

- ثم انتقل إلى الحديث عن أسماء القرآن، فذكر له ثلاثا و عشرين اسما (1) معللا لبعضها بالآيات القرآنية و أشعار العرب، و كلام أهل اللّغة.

- ثم تحدث عن أسماء السور و ذكر لبعض السور أكثر من اسم، و أثناء ذلك تعرض لتقسيم القرآن بحسب سوره إلى السبع الطول و المثاني و المئين و المفصل.

- و تعرض كذلك لذكر معنى الآية و السورة داعما أقواله بالأدلة و الشواهد النحوية، ثم عاد إلى ذكر ألقاب سور القرآن سورة سورة إلى آخره.

ص: 78


1- و معظم هذه الاسماء التي ذكرها انما هي في الحقيقة أوصاف للقرآن الكريم، و قد ذكره ذلك في موضعه.
العلم الثاني في الجزء الاول الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز

تحدث تحت هذا العنوان عن قضية الإعجاز، و كيف أنّ القرآن الكريم نزل بلغة العرب، و هم أهل اللسان و البيان، و هم الفصحاء البلغاء فتحداهم أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة قصيرة، فعجزوا، بالرغم من وجود أسباب المعارضة، و كان عجزهم دليلا على أن القرآن من عند اللّه، و قد وقع التحدي لهم بنظمه و معناه، و كذلك فإن أسلوب القرآن جاء مخالفا لمعهود كلام البشر سواء كان شعرا أو نثرا أو سجعا، فإن كلام البشر- و إن كان قد صدر من فصيح بليغ- فإنّه إذا طال يظهر فيه التفاوت و الاختلاف و الإخلال ...

أما القرآن الكريم كله فإنّك لا تجد فيه ذلك التفاوت و الاختلاف، و لما عجزوا عن معارضته لجأوا إلى القتال، و بذل الأموال و العتاد ثم أورد المؤلف تساؤلا و أجاب عليه، و مضمونه:

فإن قيل: فأي فائدة في تكرير القصص و الأنباء؟

ثم أجاب على هذا التساؤل، و ذكر عدة فوائد في ذلك، و أقام الأدلة و البراهين على أن القرآن كلام اللّه غير مخلوق عند أهل الحق، و أمّا المعتزلة، فإنهم يقولون: إنّ القرآن مثل كلام المخلوقين .. فرد عليهم بأدلة نقلية و عقلية ..

ص: 79

العلم الثالث منازل الإجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم

- ذكر تحت هذا العنوان ما ورد في فضائل القرآن الكريم جملة، ثم ما ورد في فضائل بعض السور، و كذلك ما ورد في فضائل الآيات كآية الكرسي و الآيتين من آخر البقرة، و ما ورد في أوائل سورة الكهف و آخرها ... الخ.

- و تحدث عن فضل حملة القرآن، و عن المعاني التي نزل عليها القرآن.

- و أردف ذلك بذكر الأحرف السبعة.

- و انتقل إلى الحديث عن تأليف القرآن، أي ترتيب سوره و آياته، و كتابته في الصحف و المصاحف.

- ثم تحدث عن فضل تلاوة القرآن الكريم و بيان كيفيتها .. و عن النهي عن قراءة القرآن منكوسا، و عن قراءته بالحان أهل الفسق و أهل الكتابين، و استطرد في ذكر قراءة القرآن بالحزن و البكاء و تزيين الصوت بالقراءة.

- و تحدث عن جواز قراءة القرآن بغير وضوء ما لم يكن جنبا، و عن جواز قراءة القرآن بالسر و الجهر.

- ثم عقد بابا تحت عنوان (فضل حامل القرآن و متعلمه و معلمه و ما يطالب به حملة القرآن، و كيف كان قراء السلف و الصدر الأول) تحدث فيه عن فضل من حفظ القرآن فاستظهره و عمل به، و عن فضل من تعلم القرآن و علّمه، و عن جواز تعليم أولاد أهل الذمة القرآن، و أورد الآثار التي تنهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو، و أن اللّه تعالى يرفع بهذا القرآن أقواما و يضع آخرين، و أنه ينبغي لمن أعطي القرآن أن لا ينظر إلى

ص: 80

سواه، و أن لا يمدّ عينيه إلى ما أعطي غيره من حطام الدنيا، فإنّ ما عند اللّه خير و أبقى و أنه لا يجوز الاستخفاف بالقرآن بقراءة بعض الآيات على سبيل المزاح، و قيام حامل القرآن به، و النهي عن توسده و النوم عنه ...

- ثم تكلم عن المدة التي يستحب لقارئ القرآن أن يختمه فيها، و ذكر آثارا كثيرة في ذلك تدلّ على أنّ في الأمر سعة.

- ثم ذكر آثارا فيها تهديد و وعيد لمن أوتي القرآن أو سورة منه أو آية فنسي ذلك، عن قصد أو تهاون، و أنه ينبغي لقارئ القرآن أن يسأل اللّه تعالى به، و لا يرائي بقراءته، و أن يقتدي بالسلف الصالح حيث كانوا يقرءون القرآن و لا يصعقون، و لا يغشى عليهم، و إنما كانوا يبكون و تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر اللّه.

- و تكلم عن آداب حملة القرآن، و أنّه لا ينبغي المراء فيه، و أن حملة القرآن هم عرفاء أهل الجنة، فينبغي إكرامهم.

و اختتم حديثه عن هذا الموضوع بذكر فضل ختم القرآن و فضل من حضر ختمه، و أورد بعض الآثار في ذلك عن السلف، و بيّن أنهم كانوا يحرصون على حضور ختم القرآن و الدعاء عنده.

ص: 81

العلم الرابع في الجلد الاول تجزئة القرآن

تحدث فيه عن معنى (الحزب و الورد) و ذكر الأدلة على أن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الصحابة- رضوان اللّه عليهم- كانوا يحزبون القرآن و يجزئونه، ثم تكلم عن عدد حروف القرآن- و ذكر أقوال العلماء في ذلك- و تكلم عن نصف القرآن و أثلاثه و أرباعه و أخماسه و أسداسه و أسباعه و أثمانه و أتساعه و أعشاره.

- ثم انتقل إلى الحديث عن أنصاف الأسداس، و أنصاف الأسباع، قال: و أما أجزاء خمسة عشر فداخلة في أجزاء ثلاثين و أجزاء ستين، و سأذكرها- إن شاء اللّه تعالى- فتعرف منها أجزاء خمسة عشر. اه.

- و تحدث عن أجزاء ستة عشر، و أجزاء أربعة و عشرين، و نقل عن أبي عمرو الداني قوله: و بها قرأت على شيخنا فارس بن أحمد- رحمه اللّه.

- و ذكر أجزاء سبعة و عشرين لصلاة القيام، ثم أجزاء ثمانية و عشرين، ثم أجزاء ستين، و نقل عن أبي عمرو الداني قوله: و هذه الأجزاء- أي أجزاء ستين- أخذتها عن غير واحد من شيوخنا، و قرأت عليهم بها. اه. ثم ذكر تلك الأجزاء عن أبي عمرو الداني، و إذا كان هناك من يخالفه ذكر قوله بعبارة: و قال غير أبي عمرو كذا، أو عبارة نحوها.

قال: و أما أجزاء ثلاثين، فداخلة في هذه الأجزاء- أي أجزاء ستين- كل جزءين منها جزء من ثلاثين، و كذلك أجزاء خمسة عشر، كل أربعة أجزاء: جزء من خمسة عشر، و كذلك العشرة، كل ستة منها جزء من عشرة، قال: و انما ذكرت أجزاء عشرة فيما تقدم، لأن الذي ذكرته على عدد الحروف، و هذه الأجزاء على الكلمات، و لهذا يجي ء بعضها أطول من بعض، و كذلك أجزاء عشرين، كل ثلاثة أجزاء من ستين، جزء من

ص: 82

عشرين، و كذلك أجزاء أربعين، كل حزب و نصف من الستين، جزء من أربعين. اه.

- ثم انتقل إلى ذكر أنصاف الأحزاب من أجزاء الستين، و هي أجزاء مائة و عشرين.

- ثم عقد بابا لذكر أرباع أجزاء الستين، و ذكر في كل جزء من أجزاء الستين الربع الأول و الربع الثالث فقط.

قال: لأنّ الربعين الآخرين قد ذكرتهما، أمّا الربع الثاني فإنه نصف الحزب، و قد ذكرته، و أمّا الربع الرابع، فهو رأس الحزب، و قد ذكرته .. قال: و كان شيخنا أبو القاسم- يعني الشاطبي- رحمه اللّه يأخذ بذلك على من يجمع القراءات، فيقرأ عليه الجزء من الستين في أربعة أيام ... اه.

قال: و قد قسّم القرآن الكريم إلى مائة و خمسين جزءا، و لم أراني أطوّل الكتاب بذكره، و كذلك قسم على ثلاثمائة و ستين جزءا لمن يريد حفظ القرآن، فإذا حفظ كل يوم جزءا، حفظ القرآن في سنة، و قد حفظ القرآن بهذه التجزئة بعض العلماء، و حفّظوا بها أبناءهم، و هي تجزئة مباركة ...

- ثم أخذ في سرد هذه الأجزاء من أوّل القرآن إلى آخره مبيّنا موضع كل جزء.

- و اختتم حديثه عن هذا الموضوع بفوائد تلك التجزئة- أي التجزئة إلى (360) جزءا.

ص: 83

العلم الخامس في الجلد الثاني أقوى العدد في معرفة العدد

ذكر تحت هذا الموضوع أقسام عدد آي القرآن، و نسبة كل عدد إلى أهله، و من روي عنه ذلك العدد من الصحابة- رضي اللّه عنهم- أو غيرهم ثم استعرض سورة القرآن سورة سورة، فإذا وجد خلاف بين علماء العدد ذكره و إذا لم يوجد قال: سورة كذا ليس فيها خلاف- أو عبارة نحوها- و هي كذا آية، و هكذا إلى آخر القرآن، و توسع في كلامه على سورة «الفاتحة» و ذكر الخلاف في البسملة هل هي آية منها أم لا؟ و بناء على ذلك الخلاف هل يجهر فيها في الصلاة أم لا؟ و أجاب على ذلك.

و قد وقع منه سهو في بعض المواضع، نبهت عليه في موضعه، معتمدا على كلام العلماء السابقين له و اللاحقين في هذا الشأن.

ثم اختتم كلامه على هذا العلم بذكر العدد الإجمالي لآي القرآن عند أهل الكوفة و المدني الأخير و المدني الأول، و أهل البصرة و أهل الشام و عدد حروف القرآن و كلماته.

و مما قاله: و قد عدوا كلمات كل سورة و حروفها، و ما أعلم لذلك من فائدة، و لأن ذلك إن أفاد، فإنما يفيد في كتاب يمكن الزيادة و النقصان منه، و القرآن لا يمكن ذلك فيه.

ثم أورد تساؤلا، و هو: ما الموجب لاختلافهم في عدد الآي؟

و أجاب عليه بقوله: النقل و التوقيف، و لو كان ذلك راجعا إلى الرأي لعدّ الكوفيون (الر) آية، كما عدوا (الم) ... الخ.

و هذا شبيه باختلاف القراءات، و هو راجع إلى النقل، و اللّه أعلم.

ص: 84

العلم السادس في الجلد الثانى ذكر الشواذ

ذكر فيه معنى (الشاذ) من حيث اللغة:

قال: و كفى بهذه التسمية تنبيها على انفراد الشاذ و خروجه عما عليه الجمهور.

اه.

ثم استطرد في ذكر الآثار و النصوص عن بعض العلماء التي تنفر عن الأخذ بالشاذ، قال: و إذا كان القرآن هو المتواتر، فالشاذ ليس بقرآن لأنّه لم يتواتر. اه.

ثم أورد شبهة و أجاب عليها، و هي أن الإمام الطبري قال: إنّ عثمان- رضي اللّه عنه- إنما كتب ما كتب من القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ...

و أجاب على ذلك بقوله: إنّ هذا الذي ادعاه- من أنّ عثمان- رضي اللّه عنه- إنما كتب حرفا واحدا من الأحرف السبعة التي أنزلها اللّه عز و جلّ- لا يوافق عليه و لا يسلّم له، و ما كان عثمان- رضي اللّه عنه- يستجيز ذلك ... إلى آخر ما قاله في رده على هذه الدعوى.

ثم ذكر أن هناك من ظهر ببدعته و خالف جمهور المسلمين، و حاد عن الطريق الصحيح، فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية بحرف من القرآن يوافق خط المصحف ... إلخ فقراءته به جائزة في الصلاة و في غيرها، فأخذ للتأديب و الرجوع عن بدعته و الإقلاع عنها.

و حفظ اللّه كتابه من لفظ الزائفين و شبهات الملحدين، و للّه الحمد و المنّة.

ص: 85

العلم السابع في الجلد الثانى الطود الراسخ في المنسوخ و الناسخ
اشارة

هذا الموضوع يعد من أنفس الموضوعات التي تناولها السخاوي في هذا الكتاب إذ تناول فيه- بتوسع- كثيرا من قضايا النسخ، كتعريف الناسخ و المنسوخ، و حكمة النسخ، و الفرق بينه و بين التخصيص و الاستثناء و ضابط المكي و المدني- لما يترتب على ذلك، حيث إنّ الناسخ لا يكون إلّا مدنيا، و أما نسخ المكي للمكي، فهو أمر مختلف فيه لم يحصل الاتفاق عليه-.

و ذكر أنّ النسخ لا يكون إلّا في الأحكام و لا يكون في الأخبار (1) لأن خبر اللّه حق، فلا يجوز و لا يصح أن يكون على خلاف ما هو عليه.

- ثم شرع في ذكر بعض القضايا التي ادّعى غيره فيها النسخ، و يرى إنّه ما كان ينبغي ذكر تلك المواضع ضمن القضايا التي اختلف فيها العلماء.

- ثم بدأ يستعرض القرآن سورة سورة، فيذكر ما في كل سورة من ناسخ و منسوخ، و إذا لم يوجد في السورة ناسخ و لا منسوخ، قال: سورة كذا ليس فيها نسخ، أو عبارة نحوها، و هكذا إلى آخر القرآن، مرتبا السور و الآيات حسب ترتيب المصحف إلّا في بعض المواضع كان يقدم موضعا على آخر في السورة نفسها، و قد بيّنت ذلك في مواضعه.

- و حاول أن يسلك مسلك البسط و المناقشة لكثير من قضايا النسخ، فما رآه غير صالح للنسخ، رده على قائله، و فنده، و ما رآه قد ورد فيه الخلاف المعتبر ذكر ذلك

ص: 86


1- و هناك أمور أخرى أيضا لا يدخلها النسخ، و قد تعرض لها السخاوي و غيره، كالتهديد و الوعيد و التخصيص و الاستثناء و ما كان عليه عمل أهل الجاهلية و غير ذلك مما سيأتي بيانه في موضعه- إن شاء اللّه.

الخلاف، و وقف موقفا محايدا، و ما رآه معتمدا على الدليل و البرهان، و إنّه داخل في الناسخ و المنسوخ، وقف إلى جانبه مؤيدا إياه بالأدلّة، و قد يسوق في الآية عدة أقوال، ثم يقول: و قد سقت هذه الأقوال ليعلم أنّ القول بالنسخ ظن لا يقين.

- و قد تبين لي من أسلوبه في إيراده لكثير من قضايا النسخ، أنّه كان يحكي أقوال العلماء مجرد حكاية، و ليس راضيا عن كثير منها، و لذلك نجده عند ما وصل إلى سورتي الفتح و الحجرات يقول: و لم يذكروا في (الفتح و لا الحجرات) شيئا من المنسوخ، فلتهنهما العافية!!.

- و كان- رحمه اللّه- حريصا على استيفاء شروط النسخ، فما كان من قبيل الأخبار و الوعد و الوعيد و التنديد و التهديد، لم يقبل القول فيه بالنسخ بحال، و ردّ على القائلين بذلك، و رماهم بعدم التحصيل و المعرفة (1).

- و حاول أن يقتفي أثر السلف في كثير من قضايا النسخ، و أن يعتذر عما ورد عن بعضهم من إطلاق النسخ على بعض القضايا، و قال: إنهم يريدون بالنسخ غير ما نريده نحن- هذا إن صح ذلك عنهم- و أما القول بالنسخ على اصطلاح المتأخرين فلا يصح و لا يجوز بالظن و الاجتهاد.

أقسام سور القرآن فيما يتعلق بالنسخ و عدمه
اشارة

رأيت معظم من ألّف في الناسخ و المنسوخ، يعقدون بابا لأنواع سور القرآن من حيث اشتمال بعضها على الناسخ و المنسوخ، و بعضها على الناسخ فقط، و بعضها على المنسوخ، و خلوّ البعض الآخر من ذلك كله، و يعدون السور التي تندرج تحت كل نوع منها، و رأيت الامام السخاوي- رحمه اللّه- لم يفعل ذلك.

و نظرا لأهمية هذه القضية و كثرة الخلاف حولها، فقد تتبعت كلامه، و تبيّن لي- بعد الاستقراء لكلامه حول النسخ- أنّ سور القرآن تنقسم إلى أربعة أقسام، سواء كان القول بالنسخ صحيحا و ثابتا، أو ضعيفا و مردودا:

ص: 87


1- و قد ذكرت بعض تلك العبارات عند الحديث عن قوة شخصيته (ص 44).
القسم الأول: سور فيها ناسخ و منسوخ، و هي ثلاث عشرة سورة:

1- البقرة 2- آل عمران 3- النساء 4- النور 5- المائدة 6- الانفال 7- التوبة 8- النحل 9- الاسراء 10 الاعراف 11- المجادلة 12- الممتحنة 13- المزمل

القسم الثاني: سور فيها منسوخ و ليس فيها ناسخ، و هي ثمان سور:

1- الانعام 2- يونس 3- هود 4- الجاثية 5- الحشر 6- القلم 7- المعارج 8- الطارق

القسم الثالث: سور ادّعي في بعض آياتها النسخ، و ليس الأمر كذلك، و هي سبع و أربعون (47) سورة:

1- يوسف 2- الرعد 3- إبراهيم 4- الحجر 5- الكهف 6- مريم 7- طه 8- الانبياء 9- الحج 10- المؤمنون 11- الفرقان 12- الشعراء 13- النمل 14- القصص 15- العنكبوت 16- الروم 17- لقمان 18- السجدة 19- الأحزاب 20- سبأ 21- فاطر 22- يس 23- الصافات 24- سورة ص 25- الزمر 26- غافر 27- فصلت 28- الشورى 29- الزخرف 30- الدخان 31- الأحقاف 32- محمد صلّى اللّه عليه و سلّم 33- سورة ق 34- الذاريات 35- الطور 36- النجم 37- القمر 38- الواقعة 39- المدثر 40- القيامة 41- الإنسان 42- عبس 43- التكوير 44- الغاشية 45- التين 46- العصر 47- الكافرون

ص: 88

القسم الرابع سور ليس فيها ناسخ و لا منسوخ:

هناك سور صرح السخاوي عند ما وصل إلى الحديث عنها بأنه ليس فيها نسخ، أو عبارة نحوها (1) و هذه السور هي:

1- الفاتحة 2- الفتح 3- الحجرات 4- الرحمن 5- الحديد 6- الصف 7- الجمعة 8- المنافقون 9- التغابن 10- الطلاق 11- التحريم 12- الملك 13- الحاقة 14- نوح 15- الجن 16- المرسلات 17- النبأ 18- النازعات 19- الانفطار 20- المطففين 21- الانشقاق 22- البروج 23- الأعلى 24- الفجر 25- البلد 26- الشمس 27- الليل 28- الضحى 29- الشرح 30- العلق 31- القدر 32- البينة 33- الزلزلة 34- العاديات 35- القارعة 36- الهاكم 37- الهمزة 38- الفيل 39- قريش 40- الماعون 41- الكوثر 42- النصر 43- المسد 44- الاخلاص 45- الفلق 46- الناس

آية السيف

و مما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أنّ «آية السيف»- و هي قوله تعالى: ... فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... (2) الآية- نقل المصنف الأقوال التي قيل: إنّ هذه الآية ناسخة لغيرها من الآيات، كآيات الصبر، و الأمر بالإعراض عن المشركين و ما شاكل ذلك، و قد كان السخاوي- رحمه اللّه- يشتد أحيانا في الرد على بعض العلماء

ص: 89


1- سوى أنه ورد في ثنايا حديثه عن بعض مواضع من السور ذكر لبعض آيات من هذا القسم، فعلى سبيل المثال قال عند كلامه عن الموضع التاسع من سورة آل عمران: قوله عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ الآية (102) قال قتادة: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ الآية (16) من سورة التغابن.
2- التوبة (5).

القائلين بالنسخ في كثير من الآيات و بخاصة ما يتعلق بآية السيف، التي جعلها بعضهم ناسخة لمائة و أربع و عشرين آية (1).

و قد تتبعت الآيات التي حكاها السخاوي- نقلا عن العلماء- على أنها منسوخة بآية السيف، فوجدتها في ثمانية و مائة موضع (108)، و تتميما للفائدة فهذا بيان المواضع التي قيل: انها منسوخة بآية السيف:

1- وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا ... [البقرة: 190].

2- وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ ... [البقرة: 191].

3- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ... [البقرة: 217].

4- وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ ... [آل عمران: 20].

5- ... إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً [آل عمران: 28].

6- وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ... [آل عمران: 186].

7- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً [النساء: 63].

8- وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً [النساء: 80].

9- ... فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ... [النساء: 81].

10- فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ... [النساء: 84].

11- إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ [النساء: 90].

12- سَتَجِدُونَ آخَرِينَ ... [النساء: 91].

13- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ ... [المائدة: 2].

14- فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ [المائدة: 13].

15- ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ [المائدة: 99].

16- قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 66].

17- وَ ذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَ لَهْواً [الأنعام: 70].

18- ... قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام: 91].

19- ... وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [الأنعام: 104].

20- وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 106].

21- وَ ما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 107].

ص: 90


1- راجع كلام السخاوي في هذا (ص 721).

22- وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: 108].

23- قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ [الأنعام: 135].

24- فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ* [الأنعام: 112، 137].

25- قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ [الأنعام: 158].

26- إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ [الأنعام: 159].

27- وَ أُمْلِي لَهُمْ ... [الأعراف: 183].

28- خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف: 199].

29- قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [الأنفال: 38].

30- وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [الأنفال: 61].

31- وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ... [الأنفال: 72].

32- فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ [التوبة: 2].

33- ... إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [التوبة: 7].

34- ... لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ ... [يونس: 20].

35- وَ إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ [يونس: 41].

36- وَ إِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ [يونس: 46].

37- أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: 99].

38- فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها ...

[يونس: 108].

39- وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ [يونس: 109].

40- إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ [هود: 12].

41- وَ قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ ... [هود: 121].

42- فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ [الرعد: 40].

43- ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا ... [الحجر: 3].

44- فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر: 85].

45- لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ* [الحجر: 88].

46- وَ قُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ [الحجر: 89].

47- فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النحل: 82].

ص: 91

48- وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125].

49- وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل: 127].

50- وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا [الإسراء: 54].

51- وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ [مريم: 39].

52- فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا [مريم: 75].

53- فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ... [مريم: 84].

54- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [طه: 130].

55- قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا [طه: 135].

56- وَ إِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ [الحج: 68].

57- فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ [المؤمنون: 54].

58- ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [المؤمنون: 96].

59- فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ [النور: 54].

60- وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً [الفرقان: 63].

61- ... وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ [النمل: 92].

62- وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ... [القصص: 55].

63- وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت: 46].

64- قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ [العنكبوت: 50].

65- فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [الروم: 60].

66- وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ [لقمان: 23].

67- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ [السجدة: 30].

68- وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ [الأحزاب: 48].

69- قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا [سبأ: 25].

70- إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ [فاطر: 23].

71- فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ [يس: 76].

72- فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ... [الصافات: 174، 175، 178، 179].

73- اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ [ص: 17].

74- إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ [ص: 70].

ص: 92

75- اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [الزمر: 39].

76- وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الزمر: 41].

77- فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ* [غافر: 55، 77].

78- ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت: 34].

79- وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الشورى: 6].

80- لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ [الشورى: 15].

81- وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشورى: 39].

82- ... وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ ... إلى فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى: 46- 48].

83- فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [الزخرف: 83].

84- فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف: 89].

85- فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ [الدخان: 59].

86- فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الاحقاف: 35].

87- فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ... [محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: 4].

88- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ [ق: 39].

89- وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق: 45].

90- فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ [الذاريات: 54].

91- قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ ... [الطور: 31].

92- وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الطور: 48].

93- فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ [الطور: 45].

94- فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا [النجم: 29].

95- فَتَوَلَّ عَنْهُمْ [القمر: 6].

96- لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ [الممتحنة: 8].

97- سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [القلم: 44].

98- فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [القلم: 48].

99- فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا [المعارج: 5].

100- فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا ... [المعارج: 42].

101- وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا [المزمل: 10].

ص: 93

102- وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ [المزمل: 11].

103- ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً [المدثر: 11].

104- فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الإنسان: 24].

105- فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق: 17].

106- لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22].

107- أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ [التين: 8].

108- لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ [الكافرون: 6].

ص: 94

القسم الثاني التحقيق

و قد ضمنته أهم الأعمال التي قمت بها أثناء التحقيق و تتلخص فيما يأتي:

- أخرجت النص المحقّق وفقا لما أراده مؤلفه.

- قارنت بين النسخ، و ذكرت الفروق بينها، مبينا الزيادة منها في الهامش.

- عزوت جميع الآيات القرآنية إلى أماكنها بذكر اسم السورة و رقم الآية فيها.

- إذا أورد المصنف آية فيها كلمة قرآنية مخالفة لقراءة حفص فإني أشير إلى ذلك، و أبيّن القراءات فيها.

- خرّجت الأحاديث النبوية و الآثار من كتب السّنة و غيرها كلما تيسّر لي ذلك.

- قمت بالحكم على بعض الأحاديث و الآثار صحة و ضعفا، معتمدا في ذلك على كلام علماء هذا الشأن كالحافظ ابن كثير، و ابن الجوزي، و الذهبي و ابن حجر و غيرهم.

- خرّجت الأبيات الشعرية و عزوتها إلى قائليها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

- شرحت بعض غريب الألفاظ، و علّقت على مشكل العبارات معتمدا على أمهات كتب اللغة.

- عرّفت ببعض البلدان التي تحتاج في نظري إلى تعريف.

- ترجمت لكل الأعلام الواردة في المتن ما وجدت إلى ذلك سبيلا.

- قمت بإتمام معظم نصوص الآيات التي اكتفى المؤلف بإيراد جزء منها و هي كثيرة جدا ليسهل على القارئ فهم المراد من النص القرآني.

- ناقشت المؤلف في بعض القضايا التي أوردها مؤيدا له أو معترضا عليه، مسترشدا بآراء العلماء الأفاضل قدماء و محدثين.

ص: 95

- رجعت في توثيق بعض النصوص إلى الكتب التي استقى منها المؤلف، و كذلك إلى الكتب التي اقتبس مؤلفوها شيئا من الكتاب المحقّق.

- ترك المؤلف التنبيه على بعض المسائل العلمية- و هي نادرة- فقمت ببيان ذلك من خلال كلام العلماء في كل مسألة على حدة، و هذا لا ينقص من قدر المؤلف- رحمه اللّه-.

- هناك الكثير من الموضوعات العلميّة التي عرضها المؤلف تتطلب تجليتها، و خدمة للنص كنت أقوم بتجلية هذه الموضوعات مبيّنا أهميتها و اعتناء العلماء بها.

- وثّقت أهم القضايا العلميّة التي اشتمل عليها الكتاب- و هي كثيرة و متعددة- من المصادر المعنية في ذلك.

- قمت بعمل فهارس عامة للكتاب، و تشمل ما يأتي:

أ) فهرس الآيات القرآنية.

ب) فهرس الأحاديث النبوية و الآثار.

ج) فهرس الأعلام.

د) فهرس الأشعار.

ه-) فهرس البلدان و الأماكن.

و) فهرس المصادر و المراجع.

ز) فهرس الموضوعات.

ص: 96

الوجه الأول من نسخة الأصل (ت).

الصورة

ص: 97

الوجه الأول من نسخة (ظق).

الصورة

ص: 98

الورقة الأخيرة من نسخة الأصل (ت).

الصورة

ص: 99

بسم اللّه الرحمن الرحيم و به نستعين (1) الحمد للّه الذي استنارت صدور الصحف باسمه، و أشرقت سطور الكتب بوصفه فيها و رسمه، و كانت البداءة بحمده كافلة بالتمام، ضامنة بلوغ الغاية فيما يراد من الأمور و يرام، أحمده مستعينا به على تيسير ما أحاوله، و أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له الذي عم الأنام نائله (2)، و أشهد أن محمدا صلّى اللّه عليه و سلم عبده الذي بعثه رحمة لعباده، و رسوله الذي اتضحت السبل بهدايته و إرشاده، أيّده بكتابه المبين، الذي ظهرت معجزاته و بهرت (3) آياته، و قهرت ذوي العناد بيّناته، صلى اللّه عليه و على آله و صحبه الذين نصرت بهم ألوية الحق و راياته.

هذا و إنّ أجلّ ما بأيدي هذه الأمة كتاب ربّها الناطق بمصالح (4) دينها و دنياها، الواصف (5) لها مراشد أولاها و عقباها، و إنّ أشرف العلوم ما كان منه بسبيل، و أجلّ الرسوم فنونه [الذي (6) هي أعلى الدرجات في التقديم و التفضيل، و في هذا الكتاب من علومه ما يشرح الألباب و يفرح الطلاب، و ينيلهم المنى و يفيدهم الغنى، و يريحهم من

ص: 100


1- في ظق: رب يسر، و في «د» و «ظ»: اللهم يسر يا كريم.
2- يقال: نلته أنيله و أناله نيلا و نالا و نالة: أصبته، و أنلته اياه و أنلت له و نلته، و النّيل و النائل: ما نلته. القاموس المحيط: 4/ 63.
3- البهر:- بسكون الهاء-: الاضاءة، و منه بهر القمر: أضاء حتى غلب ضوؤه ضوء الكواكب. القاموس المحيط: 1/ 392، و مختار الصحاح: 67.
4- في «د» و «ظ»: بمصابيح.
5- في «د» و «ظ»: الموضح.
6- في بقية النسخ: التي، و هو الصواب.

العناء، و يمنحهم ما دعت اليه الحاجة لهم (1) بأيسر الاعتناء، فهو كاسمه «جمال القراء و كمال الإقراء» أعان اللّه عبده الضعيف على إنهائه، و منّ عليه بإجابة دعائه، و صلى اللّه على سيد أصفيائه، و خاتم رسله و أنبيائه، و على آله و أصحابه المفضلين في أرضه و سمائه.

ص: 101


1- كلمة (لهم) ليست في بقية النسخ.

نثر الدرر في ذكر الآيات و السور

ذكر أول ما نزل من القرآن
اشارة

ذكر أول ما نزل (1) من القرآن

أول ما نزل من القرآن في قول عائشة (2)- رضي اللّه عنها- و مجاهد (3) و عطاء بن (1) لا شك ان نزول القرآن الكريم أحدث انقلابا عجيبا في البشرية حيث كان معجزة باهرة قاهرة سرت في الامم، و حولت مجراها، ففي هذا التعبير بالنزول: يعطي قوة فوق ما يتصوره البشر، فهو يصور الهبوط من أعلى إلى أسفل و يربط السماء بالأرض، و في هذا عناية بهذا الانسان و رعاية له حتى يترعرع و يبلغ أشده، يقول الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني: ما ملخصه: و من فوائد الإلمام بأول ما نزل و آخره:

أ) تمييز الناسخ من المنسوخ.

ب) معرفة تاريخ التشريع الإسلامي، و مراقبة سيره التدريجي ....

ج) إظهار مدى العناية التي أحيط بها القرآن الكريم، حتى عرف فيه أول ما نزل و آخر ما نزل، كما عرف مكيّة و مدنيّه ...

د) الوصول من خلال ذلك إلى حكمة الإسلام و سياسته في أخذه الناس بالهوادة و الرفق .. الخ.

مناهل العرفان: 1/ 92.

و راجع في رحاب القرآن الكريم 1/ 52 للدكتور محمد سالم محيسن.

(2) عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقا، و أفضل أزواج النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، إلّا خديجة ففيها خلاف شهير، ماتت سنة سبع و خمسين على الصحيح. التقريب 2/ 606، و انظر:

الأعلام 3/ 240، و صفة الصفوة: 2/ 15، و الفكر السامي: 1/ 246.

(3) مجاهد بن جبر- بفتح الجيم و سكون الموحدة- يكنى أبا الحجاج، تابعي، مفسر من أهل مكة، أخذ التفسير عن ابن عباس، قرأه عليه ثلاث مرات (21- 104 ه) أنظر: صفة الصفوة 2/ 208، و ميزان الاعتدال 3/ 439، و التقريب و الأعلام 5/ 278، و مشاهير علماء الأمصار: 82.

ص: 102

يسار (1) و عبيد بن عمير (2)، و أبي رجاء العطاردي (3): اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] قالت عائشة- رضي اللّه عنها-: (أول ما ابتدئ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من الوحي الرؤيا الصادقة، كانت تجي ء مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان بحرّاء (4) يتحنث (5) فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ثم يرجع إلى أهله فيتزود لمثلها حتى فجئه الحق (6) فقال: يا محمد أنت رسول اللّه، قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «فجثوت لركبتي (7)، ثم تزحفت يرجف فؤادي فدخلت»- يريد على خديجة (8)- فقلت: زملوني، حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد أنت رسول اللّه، فلقد هممت أن أطرح نفسي من جبل، فتبدّى لي حين هممت بذلك فقال: يا محمد أنا جبريل و أنت رسول اللّه

ص: 103


1- عطاء بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة، ثقة فاضل صاحب مواعظ و عبادة، مات سنة أربع و تسعين و قيل بعد ذلك. التقريب: 2/ 23 و راجع تاريخ الثقات للعجلي: 334، و مشاهير علماء الأمصار: 69 و الميزان 3/ 77.
2- عبيد بن عمير بن قتادة الليثي (أبو عاصم) تابعي ثقة، و كان قاضي أهل مكة، ولد في عهد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مات سنة ثمان و ستين. راجع الكنى و الأسماء للإمام مسلّم بن الحجاج: 1/ 606، و مشاهير علماء الأمصار: 82، و التقريب 1/ 544، و تاريخ الثقات 321 و صفة الصفوة 2/ 207.
3- أبو رجاء عمران بن تميم العطاردي، أدرك زمن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و توفي سنة خمس عشرة و مائة، و يقال: عمران بن ملحان، و عمران بن عبد اللّه. أنظر: الكنى و الأسماء للإمام مسلّم 1/ 315، و التقريب 2/ 85.
4- حراء: ككتاب يذكّر و يؤنث، فإن أنث لم يمنع: جبل بمكة فيه غار تحنث فيه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. القاموس 4/ 318، و مختار الصحاح: 133، و راجع عمدة القارئ: 1/ 48.
5- تحنث: تعبد و اعتزل الأصنام، مثل تحنف/ مختار الصحاح: 159، و القاموس: 1/ 171، و المتحنث: النافض عن نفسه الحنث/ المفردات للراغب الأصفهاني: 133، و قد شرحها السخاوي في نهاية الحديث.
6- بكسر الجيم أي بغته، كما في فتح الباري 1/ 23، و عمدة القارئ 1/ 54.
7- في «د» و «ظ»: فجثوت بركبتيّ. و في الطبري: فجثوت لركبتيّ و أنا قائم 30/ 251. قال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: 224) فجئثت منه فرقا، و يقال: جئثت، قال الكسائي ت 189 ه: المجثوث و المجئوث: المرعوب الفزع اه. غريب الحديث 1/ 315، و أنظر اللسان 2/ 126، و المفردات للراغب: 88.
8- خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي، من قريش زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الأولى، و كانت أسن منه بخمس عشرة سنة، ولدت بمكة في بيت شرف و يسار، و كانت ذات مال كثير و تجارة تبعث بها إلى الشام، و لما بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كانت أول من أسلّم من الرجال و النساء، توفيت رضي اللّه عنها في السنة الثالثة قبل الهجرة. صفة الصفوة 2/ 7، و الأعلام: 2/ 302.

فقال: اقرأ فقلت ما أقرأ؟ فأخذني فغتني (1) ثلاث مرات حتى بلغ مني الجهد، فقال:

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فقرأت، فأتيت خديجة فقلت: لقد أشفقت علي نفسي، و أخبرتها (2) خبري، فقالت: أبشر فو اللّه لا يخزيك اللّه أبدا، و اللّه إنك لتصل الرحم، و تصدق الحديث، و تؤدي الأمانة و تحمل الكل (3)، و تقري الضيف، و تعين (4) على نوائب الحق، قال: ثم انطلقت (5) بي إلى ورقة بن نوفل بن أسد (6) فقالت (7):

اسمع من ابن أخيك، فسألني فأخبرته، فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى بن عمران، ليتني أكون فيها جذعا، ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك، قلت (8): أ مخرجيّ هم؟ قال: (نعم، إنه لم يجي ء رجل قط بما جئت به إلّا عودي، و لئن أدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا) (9).

ص: 104


1- سيشرحها السخاوي في نهاية هذا الحديث.
2- في ظق: فأخبرتها.
3- يقول النووي: الكل: بفتح الكاف، و أصله الثقل، و منه قوله تعالى: وَ هُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ النحل: 76، و يدخل في حمل الكل الإنفاق على الضعيف و اليتيم و العيال و غير ذلك، و هو من الكلال، و هو الإعياء. شرح النووي 2/ 201، و أنظر عمدة القارئ 1/ 50.
4- في بقية النسخ: و تصبر.
5- في «د» و «ظ»: ثم انطلق. و هو خطأ.
6- ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي، من قريش حكيم جاهلي اعتزل الأوثان قبلى الإسلام، و امتنع من أكل ذبائحها و تنصّر، و قرأ كتب الأديان أدرك أوائل عصر النبوة و لم يدرك الدعوة. توفي سنة 12 قبل الهجرة او نحوها. أنظر: الإصابة 10/ 304 رقم 9132، و الأعلام 8/ 114.
7- في «ظ»: فقلت.
8- في «د» و «ظ»: فقلت.
9- أنظر البخاري، كتاب بدء الوحي 1/ 3، و كتاب التعبير باب أول ما بدئ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الوحي. الرؤيا الصادقة 8/ 67، و مسلما كتاب الايمان باب بدء الوحي الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 2/ 197. و هذا هو أحد الأقوال التي قيلت في أول ما نزل من القرآن و هو الراجح و الصواب عند جمهور العلماء من السلف و الخلف. أنظر شرح النووي على مسلّم 2/ 199، و لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 7/ 143، دار الفكر- بيروت. و هذا القول ذكره الطبري بإسناده إلى عائشة و من ذكر معها 30/ 252 و كذلك السيوطي في الاتقان 1/ 68. و في الدر المنثور 8/ 562.

و معنى (1) فغتني: من قولهم غتة في الماء إذا أغطه (2)، و غته بالأمر: اذا كدّه، و معنى يتحنث: يتجنب الحنث كالأصنام و نحوها، و الحنث: الذنب و الاثم و مثل ذلك تأثم إذا تجنب الاثم.

قالت: قال رسول اللّه (3) صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ثم كان أول ما نزل عليّ من القرآن بعد اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ حتى قرأ الى (4) فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ [القلم: آية 1، 5]، و يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ [المدثر:

1، 2]، وَ الضُّحى وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى (5) [الضحى: 1، 2]، و العلماء على أنه انما أنزل (6) عليه من اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (7) ثم نزل باقيها بعد يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ و يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ.

و قال جابر بن عبد اللّه (8): يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ أول القرآن نزولا (9). و الأكثر على ما

ص: 105


1- من هنا إلى قوله: اذا تجنب الاثم. ساقط من «د» و «ظ».
2- و معنى «غطني»- بالغين المعجمة و الطاء المهملة-: عصرني و ضمني، يقال: غطه و غته و ضغطه و عصره و خنقه و غمزه، كله بمعنى واحد. أنظر: شرح مسلّم للنووي 2/ 199، و عمدة القاري 1/ 50، و راجع القاموس المحيط: 2/ 390، و مختار الصحاح: 476، و المصباح المنير 449.
3- في «د» و «ظق»: قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
4- (إلى) ليست في «د» و «ظ».
5- ذكر حديث عائشة بسنده اليها الطبري في تفسيره 30/ 251، و كذلك القرطبي نقل هذا القول عن عائشة 20/ 118. و يقول السيوطي: أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عائشة قالت: كان أول ما نزل عليه بعد اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ن وَ الْقَلَمِ، و يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، و الضُّحى أنظر: الدر المنثور 8/ 562.
6- في بقية النسخ: انما نزل.
7- العلق: 1- 5. و قد جاء تحديد ذلك بخمس آيات في رواية مسلّم 2/ 200، و وقع في صحيح البخاري 1/ 3، إلى قوله وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ، و هو مختصر و في رواية مسلّم زيادة، و هي من الثقة مقبولة كما يقول الزركشي. أنظر البرهان 1/ 206. قلت: و قد وقع في الرواية الاخرى من صحيح البخاري في كتاب التعبير حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ و بهذا تتفق مع رواية مسلم.
8- جابر بن عبد اللّه بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري، أبو عبد اللّه صحابي من المكثرين في الرواية عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، غزا تسع عشرة غزوة و كانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي، يؤخذ عنه العلم، توفي سنة 78 ه. أنظر: صفة الصفوة 1/ 648، و الأعلام 2/ 104.
9- و هو القول الثاني من الأقوال التي قيلت في أول ما نزل و هو مرجوح كما ذكر ذلك جمهور العلماء، و لا أحب أن أستطرد في ذكر الأدلة و الجمع بينها، فمن رام ذلك فليرجع إلى شرح مسلم للنووي 2/ 199، 207، و البرهان للزركشي 1/ 206، و الاتقان للسيوطي 1/ 69 و تفسير ابن كثير 4/ 440، عند تفسير سورة المدثر.

قدمته، و ليس في قول جابر ما يناقضه، لأن المدثر من جملة ما نزل أول القرآن.

و قال عطاء (1) بن أبي مسلم الخراساني (2):

2- (3) نزلت يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قبل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ.

3- بعد ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ.

4- ثم نزلت يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ.

5- ثم تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ.

6- ثم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ.

7- ثم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

8- ثم وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى

9- ثم وَ الْفَجْرِ.

10- ثم سورة الضحى.

11- ثم أَ لَمْ نَشْرَحْ.

12- ثم الْعَصْرِ (4).

ص: 106


1- عطاء بن أبي مسلم الخراساني و اسم أبيه عبد اللّه و قيل ميسرة، مفسر، له تفسير توجد أوراق منه، و له الناسخ و المنسوخ يوجد جزء منه، كلاهما في الظاهرية، كما أفاد ذلك الزركلي، أنظر: الأعلام 4/ 235 و فيه عطاء بن مسلم و هو مخالف لما ذكر المترجمون له، توفي سنة خمس و ثلاثين و مائة. أنظر ترجمته في الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 67، و الميزان 3/ 73، و التقريب 2/ 23، و طبقات المفسرين للداودي 1/ 385، و الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 1/ 409، و الأعلام: 4/ 235.
2- يقول السيوطي في الإتقان 1/ 26: و قال ابن الضريس في فضائل القرآن حدثنا محمد بن عبد اللّه ابن أبي جعفر الرازي، أنبأنا عمرو بن هارون، حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه عن ابن عباس، قال: كانت إذا أنزلت فاتحة السورة بمكّة كتبت مكّيّة، ثم يزيد اللّه فيها ما شاء، و كان أول ما أنزل من القرآن: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم ن .. ثم ذكرها إلى آخرها، كما ذكرها السخاوي.
3- الرقم الأول: هو لسورة العلق المتقدم ذكرها.
4- في د: ثم سورة و العصر، و هذه العبارة ساقطة من ظ.

13- ثم سورة العاديات.

14- ثم الكوثر.

15- ثم أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ.

16- ثم أَ رَأَيْتَ الَّذِي (1).

17- ثم قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ.

18- ثم الفيل. 19- ثم سورة الفلق.

20- ثم سورة الناس. 21- ثم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

22- ثم سورة النجم. 23- ثم عَبَسَ وَ تَوَلَّى.

24- ثم إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.

25- ثم وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها. 26- ثم وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ.

27- ثم وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ. 28- ثم سورة قريش.

29- ثم القارعة. 30- ثم القيامة.

31- ثم وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ. 32- ثم و المرسلات.

33- ثم ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ. 34- ثم لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ.

35- ثم الطارق. 36- ثم الانشقاق (2).

37- ثم ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ.

38- ثم سورة الأعراف. 39- ثم سورة الجن.

40- ثم يس. 41- ثم الفرقان.

42- ثم الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

43- ثم سورة مريم- عليها السلام-.

44- ثم سورة طه. 45- ثم الواقعة.

46- ثم الشعراء. 47- ثم النمل.

48- ثم القصص. 49- ثم سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ.

ص: 107


1- ساقط من كل النسخ، و قد ألحقتها في هذا الموضع اعتمادا على البرهان 1/ 193، و الإتقان 1/ 27، 72، و لباب التأويل للخازن 1/ 10، و غيرها من المصادر و هي كثيرة.
2- ذكر السيوطي في الإتقان 1/ 157، أن لها اسمين «اقتربت»، و (القمر)، و ذكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنها تدعى في التوراة «المبيضة» و أنكره.

50- ثم سورة يونس- عليه السلام-.

51- ثم سورة هود- عليه السلام-.

52- ثم سورة يوسف- عليه السلام-.

53- ثم الحجر. 54- ثم الانعام.

55- ثم وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا. 56- ثم سورة لقمان.

57- ثم سورة سبأ. 58- ثم الزمر (1).

59- ثم المؤمن (2). 60- ثم حم السجدة.

61- ثم الشورى. 62- ثم الزخرف.

63- ثم الدخان. 64- ثم الجاثية.

65- ثم الأحقاف. 66- [] (3) وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً.

67- ثم الغاشية. 68- ثم الكهف.

69- ثم النحل. 70- ثم سورة نوح.

71- ثم سورة إبراهيم. 72- ثم سورة الأنبياء.

73- ثم سورة (4) قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ.

74- ثم الم السجدة.

75- ثم سورة الطور (5). 76- ثم سورة الملك.

77- ثم الحاقه. 78- ثم المعارج.

79- ثم النبأ. 80- ثم (6) النازعات.

81- ثم إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ.

82- ثم إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ.

83- ثم الم غُلِبَتِ الرُّومُ (7). 84- ثم العنكبوت.

ص: 108


1- في د: ثم سورة الزمر.
2- في د: ثم سورة المؤمن.
3- هكذا في الأصل بدون (ثم) و هي موجودة في بقية النسخ.
4- كلمة (سورة) ليست في بقية النسخ.
5- في د، ظ: ثم سورة و الطور.
6- في د، ظ: ثم و النازعات.
7- الى هنا انتهى ما في البرهان 1/ 193، و يظهر انه اعتمد على السخاوي في ذلك. ثم قال الزركشي: و اختلفوا في آخر ما نزل بمكة، فقال ابن عباس: العنكبوت، و قال الضحاك، و عطاء: المؤمنون. و قال مجاهد: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، فهذا ترتيب ما نزل من القرآن بمكة، و عليه استقرت الرواية عن الثقات، و هي خمس و ثمانون سورة اه.

85- ثم سورة المطففين (1).

قال عطاء بن أبي مسلم: و كانوا إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت مكية، و يزيد اللّه عزّ و جلّ فيها ما شاء (2) بالمدينة (3).

قال عطاء: ثم كان أول ما أنزل اللّه عزّ و جلّ بالمدينة:

1- سورة البقرة. 2- ثم الأنفال.

3- ثم آل عمران. 4- ثم الأحزاب.

5- ثم الامتحان. 6- ثم النساء.

7- ثم إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها.

8- ثم الحديد. 9- ثم سورة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و قال غير عطاء: هي مكية، و هي بالمدني أشبه.

10- ثم الرعد. 11- ثم سورة الرحمن عزّ و جلّ.

ص: 109


1- قال محمد بن علي الأنماري: حدثنا محمد بن حاتم الجوزجاني و غيره قالوا: أخبرنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا عمر بن هارون عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: أول ما نزل بمكة و ما أنزل منه بالمدينة الأول فالأول- و كانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت مكّية ثم يزيد اللّه فيها ما يشاء بالمدينة-، فكان أول ما نزل: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم ذكرها الى آخرها و قال: فهذه ما أنزلت بمكة، و هي خمس و ثمانون سورة. قال: ثم أنزل بالمدينة سورة البقرة، ثم سورة الأنفال و ذكرها الى آخرها إلّا أن في هذا الجدول الذي ذكر في هذه الرواية لم تذكر سورة المائدة و التوبة و الفتح و الصف، و قد ذكر السور الثلاث في رواية أخرى إلّا سورة الصف فلم تذكر في الروايتين، و لعلها سقطت سهوا، لأنه قال:- أي أبو سهل الأنماري- فهذه الروايات كما ترى قد اتفقت على أن جميع سور القرآن مائة و ثلاث عشرة سورة، و لم يذكر في شي ء منها فاتحة الكتاب في العدد، و لا في أنها مكية أو مدنية و لا متى أنزلت ...» اه. مقدمتان في علوم القرآن ص 13. و سيأتي- إنّ شاء اللّه- كلام المصنّف عليها و أن الراجح أنها مكية، و يأتي كذلك كلام أبي سهل الأنماري أنها في رأيه أول سورة من القرآن نزلت بمكة.
2- في د، ظ: ما يشاء.
3- ذكره السيوطي في الدر المنثور: 8/ 240، و الإتقان: 1/ 26 معزوا إلى ابن عباس، و راجع فتح القدير 5/ 266، عند أول تفسير سورة القلم.

12- ثم هَلْ أَتى 13- ثم الطلاق.

14- ثم لم يكن. 15- ثم الحشر.

16- ثم إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ.

17- ثم النور. 18- ثم الحج.

قال عطاء بن أبي مسلم و غيره: إنّها مدنية.

و قال بعضهم: فيها مدني و مكي و سفري.

قال عطاء بن أبي مسلم:

19- ثم المنافقون. 20- ثم المجادلة.

21- ثم الحجرات. 22- ثم التحريم.

23- ثم الجمعة. 24- ثم التغابن.

25- ثم الصف. 26- ثم الفتح (1).

ص: 110


1- هذه جملة ما ذكره السخاوي من السور المكّية و المدنيّة، مرتبة حسب نزولها و هي 85 مكية+ 26 مدنية 111 مائة و إحدى عشرة سورة و يبقى ثلاث سور هي الفاتحة و المائدة و التوبة. أما المائدة و التوبة فسيذكرهما عقب حديثه عن سورة الفتح، و أما الفاتحة فسيذكر الخلاف فيها بعد ذلك أيضا، مع ترجيحه أنها مكيّة. و أقول: إنّه لم يرد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شي ء في بيان المكي و المدني. لأن الرعيل الأول من الصحابة رضي اللّه عنهم لم يكونوا في حاجة الى بيان ذلك، لأنهم كانوا يعايشون الوحي و من ينزل عليه، فعرفوا زمانه و مكانه، و ليس بعد العيان بيان! فهم إذا المعول عليهم في معرفة المكي و المدني، و كذلك كبار التابعين. و هم لا شك متفاوتون في معرفة ذلك، فقد يبلغ هذا ما لا يبلغ ذاك. و بناء على ذلك لم تتفق الرواية عنهم في ترتيب السور المكية و المدنية. راجع في هذا: البرهان 1/ 191، و الإتقان: 1/ 23، و مناهل العرفان: 1/ 196، و تاريخ المصحف 101. و من هنا كان الاختلاف في عدد السور المكية و المدنية و ترتيب نزولها فهذا الامام السخاوي- كما رأينا- يذكر لنا ما بلغه في ذلك عن عطاء الخراساني، و هو من الطبقة الصغرى من التابعين، اي من الخامسة، كما صنفهم ابن حجر في التقريب 1/ 5، و هو رواه عن ابن عباس كما تقدم قريبا. و هذان الإمامان الخازن في تفسيره 1/ 10، و الزركشي في برهانه 1/ 193، يذكران ما بلغهما عن الثقات في ذلك دون تعيين لمن رويا عنهم. و من بعدهما الإمام جلال الدين السيوطي في إتقانه 1/ 72 ينقل لنا ما رواه أبو بكر محمد بن الحارث بن أبيض في ذلك في جزئه المشهور بسنده إلى جابر بن زيد. ت 93 ه. و هي رواية اخرى غير الرواية التي تقدم ذكرها عن عطاء الخراساني عن ابن عباس، و هي الموافقة لما ذكره السخاوي.

قال عطاء بن أبي مسلم و غيره: إنها مدنية (1).

و روي عن البراء بن عازب (2) أنها نزلت بالحديبية (3) (4).

و قال الشعبي (5):- أيضا- نزلت بالحديبية.

و أصاب صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في تلك الغزوة ما لم يصب في غيرها.

أ- بويع (6) له بيعة الرضوان.

ب- و غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر.

ج- و ظهرت الروم على فارس، فسر السرور، و قد يطلق الفرح على البطر كقوله تعالى لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ القصص:

(76) انظر، اللسان 2/ 542، و مختار الصحاح 495.

و الذي يظهر لي- و اللّه أعلم- أن تعبير السخاوي ب (سر) أدق من (فرح) من حيث المعنى.(7) المؤمنون بتصديق كتاب اللّه.

ص: 111


1- قال القرطبي، بإجماع 19/ 259.
2- هو أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري، استصغره الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم بدر فرده، ثم غزا معه في خمس عشرة غزوة، و توفي سنة 72 ه. الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 580، و التقريب لابن حجر 1/ 94.
3- الحديبية: كدويهية- و قد تشدد- قرية قرب مكة، سميت ببئر فيها. لسان العرب 1/ 302، و القاموس 1/ 55، و هي التي بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عندها أصحابه تحت شجرة هناك على أن لا يفروا، و كانت في ذي القعدة سنة ست. راجع خبر هذه الغزوة في صحيح البخاري 5/ 61، و سيرة ابن هشام: 2/ 308، و زاد المعاد 3/ 286، و البداية و النهاية لابن كثير 4/ 166.
4- راجع صحيح البخاري 5/ 61، كتاب المغازي باب غزوة الحديبية، و تفسير الطبري 26/ 71. يقول الشوكاني: و هذا لا ينافي الإجماع على كونها مدنية، لأن المراد بالسور المدنية: النازلة بعد الهجرة من مكة 5/ 43. قلت: و هذا أحد الاقوال التي قيلت في تعريف المكي و المدني و هو أجمعها و أرجحها. الثاني: إنّ المكي ما نزل بمكة و لو بعد الهجرة، و المدني ما نزل بالمدينة. الثالث: إن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة، و المدني ما وقع خطابا لأهل المدينة. أنظر البرهان 1/ 187، و الإتقان 1/ 23، و تاريخ المصحف 98، و في رحاب القرآن الكريم 1/ 63.
5- أبو عمرو عامر بن شراحيل- بفتح المعجمة-، و قيل: عامر بن عبد اللّه بن شراحيل الحميري الكوفي تابعي جليل القدر وافر العلم. (21- 105 ه) مع خلاف شديد في سنة مولده و وفاته. أنظر التقريب: 1/ 387، و راجع مقدمة تحفة الأحوذي 1/ 456- 459، و الاعلام للزركلي 3/ 251.
6- في د، ظ: بأن بويع.
7- هكذا، و في بعض كتب التفسير التي وقفت عليها (ففرح) و المعنى بينهما متقارب، فالفرح بمعنى

د- و أطعموا نخيل خيبر.

ه- و بلغ الهدى محله (1).

و لما رجع صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2) من الحديبية بلغه عن رجل من أصحابه أنه قال: ما هذا بفتح! لقد صدّونا عن البيت، و صدّ (3) هدينا (4). فقال (5) النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «بئس الكلام هذا بل هو أعظم الفتوح، قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح (6)، و يسألوكم القضية (7)، و يرغبوا إليكم في الأمان، و قد رأوا منكم ما كرهوا» (8).

و قيل: نزلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (انا فتحنا لك) مرجعه من الحديبية (9). حدثنا شيخنا أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي (10)- رحمه اللّه- نبا (11) عبد الملك بن أبي القاسم

ص: 112


1- قال الطبري: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي ... و ذكره 26/ 71 و راجع القرطبي 16/ 260، و قال ابن حجر في الفتح: 7/ 442 و روى سعيد بن منصور بسند صحيح عن الشعبي ... و ذكره. و أنظر الدر المنثور: 7/ 509، و الفتوحات الإلهية 4/ 106.
2- في د، ظ: و لما رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
3- في د، ظ: و ضل هدينا.
4- ذكره القرطبي في تفسيره 16/ 260، و ذكره السيوطي في الدر المنثور 7/ 509.
5- في د، ظ: و قال، و هو خطأ.
6- راح منك معروفا، و أروح: وجد الفرحة بعد الكرب، اللسان 2/ 459.
7- يقال: قضى بينهم قضية و قضايا، و القضايا: الأحكام واحدتها قضية، و القضاء: يطلق على الحكم و الفصل، و قد وقع ذلك بين النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بين أهل مكة في الحديبية، أنظر لسان العرب: 15/ 186.
8- عزاه السيوطي إلى البيهقي عن عروة- رضي اللّه عنه-. الدر المنثور 7/ 509، و انظر تفسير القرطبي 16/ 260 و الفتوحات الإلهية 4/ 156.
9- أنظر أسباب النزول للواحدي ص 216، و زاد المسير 7/ 418، و تفسير القرطبي 16/ 259، و لباب النقول في أسباب النزول ص 676.
10- بهاء الدين أبو الفضل محمد بن يوسف الحنفي المقرئ- أحد شيوخ السخاوي- (522- 599 ه) شذرات الذهب 4/ 343، و معرفة القرّاء الكبار 2/ 579، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 291.
11- في د، ظ: قال: نبا عبد الملك.

الهروي (1) عن أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي (2) عن أبي محمد عبد الجبار ابن محمد الجراحي (3) عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي (4) عن أبي عيسى الترمذي (5) نبا عبد بن حميد (6) نبا عبد الرزاق (7) عن معمر (8) عن قتادة (9) عن

ص: 113


1- عبد الملك بن أبي القاسم عبد اللّه بن أبي سهل الهروي، حدث ب (جامع الترمذي) عن القاضي أبي عامر الأزدي و غيره (462- 548 ه) سير أعلام النبلاء 20/ 273.
2- أبو عامر محمود بن القاسم بن القاضي الهروي الشافعي، راوي (جامع الترمذي) عن الجراحي و كان عفيفا زاهدا (400- 487 ه) شذرات الذهب 3/ 382، و طبقات الشافعية للسبكي 5/ 327، و للأسنوي 1/ 94.
3- أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد اللّه الجراحي روى (جامع الترمذي) عن المحبوبي، و هو ثقة صالح- إن شاء اللّه- كما قال العماد الحنبلي، أنظر: شذرات الذهب 3/ 195.
4- أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي المروزي راوي (جامع الترمذي) عنه، و كانت رحلته إليه في خمس و ستين و مائتين، و هو ابن ست عشرة سنة، و سماعه صحيح. توفي سنة 346 ه، سير أعلام النبلاء 15/ 537. يقول ابن الأثير: 1/ 193، و من طريقه روينا كتابه الجامع. اه و يقول صاحب تحفة الأحوذي: قال الحافظ أبو جعفر بن الزبير في برنامجه: روى هذا الكتاب عن الترمذي ستة رجال فيما علمته: أبو العباس محمد بن احمد محبوب. و ذكر البقية 1/ 360، و أنظر البداية و النهاية 11/ 71.
5- هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة- بفتح السكون- .. الترمذي الحافظ المشهور، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في الحديث (200- 279 ه) التقريب 2/ 198، و الميزان 3/ 678، و جامع الأصول 1/ 193، و فيه ولد سنة تسع و مائتين (كما في الأعلام ايضا 6/ 322). و راجع ترجمته بتوسع في البداية و النهاية لابن كثير 11/ 71، و في مقدمة تحفة الأحوذي 1/ 337.
6- عبد بن حميد بن نصر الإمام الحافظ الثقة و قيل اسمه عبد الحميد (ت 249 ه). التقريب: 1/ 529، و طبقات المفسرين للداودي 1/ 374، و الرسالة المستطرفة: 50.
7- عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني من حفاظ الحديث، الثقات (126- 211 ه). أنظر ترجمته في: ميزان الاعتدال 2/ 608، تاريخ الثقات: 302 و الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 126، و فيه الحميدي بدل الحميري و التقريب 1/ 505، و طبقات المفسرين للداودي 1/ 302، و الرسالة المستطرفة 31، و الأعلام للزركلي 3/ 353.
8- معمر بن راشد بن أبي عمرو الأزدي، فقيه حافظ للحديث متقن من أهل البصرة ولد و اشتهر فيها و سكن اليمن (95- 153 ه). الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 625، و الجرح و التعديل 8/ 255، و الميزان 4/ 154، و التقريب 2/ 266، و الأعلام: 7/ 272.
9- قتادة بن دعامة السدوسي البصري، أحد الاعلام الحفاظ، من صغار التابعين و من كبار الفقهاء و المفسرين (ت: 117 اه). ميزان الاعتدال، 3/ 385، و البداية و النهاية 9/ 325، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 47، و الفكر السامي 1/ 300.

أنس (1) قال: أنزلت (2) على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ مرجعه من الحديبية (3).

قال أبو عيسى الترمذي: و حدثنا محمد بن بشار (4) نبا محمد بن خالد بن عثمة (5) نبا مالك بن أنس (6) عن زيد بن أسلم (7) عن أبيه (8) قال: سمعت عمر بن الخطاب (9)

ص: 114


1- أنس بن مالك بن النضر النجاري الخزرجي الانصاري أبو ثمامة صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خادمه ت 93 ه، و هو آخر من مات بالبصرة من الصحابة رضي اللّه عنهم أجمعين. صفة الصفوة 1/ 710، و التقريب 1/ 84، و الأعلام: 2/ 24.
2- في د، ظ: نزلت.
3- هكذا ذكره السخاوي مختصرا، و قد ذكره بطوله البخاري: 5/ 66، كتاب المغازي باب غزوة الحديبية، و في كتاب التفسير، باب إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 6/ 44، و مسلم كتاب الجهاد و السير، باب صلح الحديبية 12/ 143، و الترمذي في التفسير 9/ 148، باب و من سورة الفتح.
4- محمد بن بشار بن عثمان بن داود العبدي البصري المعروف ب «بندار» من حفاظ الحديث الثقات (167- 252 ه). الجرح و التعديل 7/ 214، و الميزان 3/ 490، و التقريب 2/ 147، و الأعلام 6/ 52.
5- محمد بن خالد بن عثمة الحنفي البصري صدوق يخطئ كما يقول ابن حجر في التقريب 2/ 157 و انظر، الجرح و التعديل: 7/ 243.
6- هو الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، إمام دار الهجرة و أحد الأئمة الأربعة عند أهل السّنة مولده و وفاته في المدينة (93- 179 ه). أنظر ترجمته في: صفة الصفوة 2/ 177، و الفهرست لابن النديم: 280، و جمهرة أنساب العرب لابن حزم، 435- 436، و البداية و النهاية لابن كثير 10/ 180 و الديباج المذهب في أعيان المذهب: 18، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 294، و الرسالة المستطرفة: 11، و الأعلام: 5/ 257.
7- زيد بن أسلم العدوي العمري أبو أسامة، أو أبو عبد اللّه فقيه مفسر من أهل المدينة ت 136 ه، الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 104، و علماء مشاهير الأمصار: 80، و التقريب 1/ 272، و طبقات المفسرين للداودي 1/ 182، و الأعلام للزركلي 3/ 56.
8- أسلم مولى عمر بن الخطاب مدني ثقة من كبار التابعين (ت 80 ه) و قيل: بعد سنة ستين، تاريخ الثقات للعجلي: 63، و التقريب: 1/ 64.
9- عمر بن الخطاب بن نفيل- بنون و فاء-، مصغرا- العدوي أمير المؤمنين أشهر من أن يعرّف، و مناقبه كثيرة، استشهد- رضي اللّه عنه- في ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين، و ولي الخلافة عشر سنين و نصفا. راجع: الكنى و الأسماء للإمام مسلم: 1/ 200، و صفة الصفوة: 1/ 268 و تاريخ الثقات للعجلي 356، و التقريب: 2/ 54، و قد كتب في سيرته و مناقبه مؤلفات أنظرها في: الأعلام للزركلي: 5/ 45.

يقول: «كنا مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض أسفاره فكلمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسكت، ثم كلمته فسكت، فحركت راحلتي، فتنحيت فقلت: ثكلتك (1) أمك يا ابن الخطّاب نزرت (2) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثلاث مرات، كل ذلك لا يكلمك ما أخلقك أن ينزل فيك قرآن! فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ (3) فجئت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: يا ابن الخطّاب لقد أنزل اللّه (4) عليّ هذه الليلة سورة ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (5)».

و الحديثان صحيحان، و معنى نزرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لححت عليه، يقال: فلان لا يعطى حتى ينزر، اي يلح عليه (6).

و قال المسور بن مخرمة (7): نزلت بين مكة و المدينة (8).

ص: 115


1- الثكل: الموت و الهلاك، و يستعمل في فقدان المرأة ولدها، اللسان: 11/ 88، و هي كلمة تقولها العرب للإنكار و لا تريد حقيقتها. الفتح: 7/ 446، 8/ 583.
2- نزرت- بفتح النون و بالزاي بعدها راء- بالتخفيف و التثقيل، و التخفيف أشهر، و النزر: الإلحاح في السؤال، و كأنه عليه الصلاة و السلام أدب عمر رضي اللّه عنه بالسكوت عن جوابه حينما ألحّ عليه. راجع اللسان 5/ 203، و فتح الباري 7/ 453، و تحفة الأحوذي: 9/ 148.
3- في الترمذي: يصرخ بي قال فجئت: 9/ 148.
4- لفظ الجلالة ليس في الترمذي، و لا في بقية النسخ.
5- أنظر: صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن 6/ 104، باب فضل سورة الفتح، و 5/ 67 كتاب المغازي باب غزوة الحديبية و 6/ 43 كتاب التفسير باب إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، و سنن الترمذي 9/ 147، في التفسير، باب و من سورة الفتح، و الموطأ كتاب الرقائق باب فضل إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ... 2/ 433.
6- راجع كذلك اللسان 5/ 203، و القاموس المحيط: 2/ 146.
7- المسور بن مخرمة بن نوفل .. الزهري، له و لأبيه صحبة، ت 64 ه التقريب: 2/ 249، و صفة الصفوة: 1/ 772.
8- أنظر المستدرك للحاكم 2/ 459 كتاب التفسير، و سيرة ابن هشام: 2/ 320، و الدر المنثور: 7/ 507.

قال عطاء بن أبي مسلم: ثم نزلت.

27- سورة المائدة. 28- ثم سورة التوبة (1).

و عن ابن عباس (2) رحمه اللّه (3): «أول شي ء نزل من سورة التوبة لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ (4) ثم أنزلت السورة كلها بعد ذلك» (5).

فخرج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إلى تبوك (6)، و تلك آخر غزوة غزاها النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و قيل: آخر ما أنزل عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ (7) (8).

ص: 116


1- القول بأن آخر سورة نزلت سورة «براءة» ذكره البخاري 5/ 185، كتاب التفسير، باب يستفتونك، و باب قوله: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ 5/ 202 و ذكره مسلم في كتاب الفرائض 11/ 58، كلاهما عن البراء بن عازب. و ذكر الواحدي في كتابه أسباب النزول ص 7 بسنده: «... آخر سورة نزلت في المدينة براءة، اه». و المراد- لا شك بعضها أو معظمها، لأن غالبها نزل في غزوة تبوك و هي آخر غزواته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. أنظر فتح الباري 8/ 316، و في البرهان للزركشي 1/ 194؛ ثم التوبة، ثم المائدة، و منهم من يقدم المائدة على التوبة، و قرأ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المائدة في خطبة حجة الوداع و قال: «يا أيها الناس إنّ آخر القرآن نزولا سورة المائدة، فأحلّوا حلالها و حرّموا حرامها» اه. ذكره ابن كثير في تفسيره 2/ 2 موقوفا على عائشة رضي اللّه عنها، و كذلك السيوطي في الدر المنثور 3/ 3، و في الاتقان 1/ 79.
2- عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي أبو العباس، حبر الأمة الصحابي الجليل، ولد بمكة في السنة الثالثة قبل الهجرة، و نشأ في بدء عصر النبوة، فلازم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف و توفي بها سنة 68 ه. أنظر صفة الصفوة 1/ 746، و معرفة القراء الكبار 1/ 45، و الإصابة 6/ 130، و الأعلام: 4/ 95.
3- في د، ظ: رضي اللّه عنهما، و هي أليق. و هكذا يقال في كل ما يماثله.
4- التوبة (25).
5- ذكره ابن الجوزي في تفسيره 3/ 388، و ابن كثير 2/ 343، و السيوطي في الدر: 4/ 158، و الإتقان 1/ 75، كلهم ذكروه موقوفا على تلميذ ابن عباس مجاهد.
6- كانت في شهر رجب سنة تسع، و كانت في زمن عسرة من الناس، و جدب من البلاد، و حين طابت الثمار، و الناس يحبون المقام في ثمارهم و ظلالهم، و كان عليه الصلاة و السلام قلّما يخرج في غزوة إلّا كنّى عنها، و ورى بغيرها، إلّا ما كان من غزوة تبوك لبعد الشقة و شدة الزمان. راجع خبر هذه الغزوة في سيرة ابن هشام 2/ 515، و البداية و النهاية لابن كثير 5/ 3، المجلد الثالث، و زاد المعاد 3/ 526.
7- البقرة (281).
8- ذكره الطبري بأسانيده من عدة طرق عن ابن عباس 3/ 114، و ذكره الواحدي بإسناده الى ابن عباس كذلك 8، أسباب النزول، و راجع الأول التي قيلت في آخر ما نزل من القرآن، في البرهان: 1/ 206 النوع العاشر، و الإتقان 1/ 77، النوع الثامن، و قد أوصلها الزرقاني إلى عشرة أقوال. أنظر المناهل 1/ 96. يقول ابن حجر في الفتح: 8/ 316، و أصح الأقوال في آخرية الآية قوله تعالى وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ اه. و راجع تاريخ المصحف: 96، و في رحاب القرآن 51.

فبقي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (بعدها) (1) تسعة أيام (2)، ثم قبض، و نزلت الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (3) في يوم عرفة، في يوم جمعة (4)، و عاش النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعدها إحدى و ثمانين ليلة (5).

سورة الفاتحة

(6) و قال أبو هريرة (7)، و مجاهد و الزهري (8)، و عطاء بن يسار، و عبيد اللّه بن

ص: 117


1- في بقية النسخ: فبقي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (بعدها) تسعة أيام.
2- راجع فتح الباري 8/ 205، كتاب التفسير باب وَ اتَّقُوا يَوْماً ..* و الدر المنثور 2/ 116، و الإتقان: 1/ 78، و مناهل العرفان 1/ 103.
3- المائدة (3).
4- أنظر: صحيح البخاري 1/ 16، كتاب الإيمان باب زيادة الإيمان و نقصانه، و مسلم 18/ 153، أول كتاب التفسير، و سنن الترمذي: 8/ 407، كتاب التفسير، باب و من سورة المائدة، و تفسير الطبري 6/ 79- 84، و القرطبي: 6/ 61، و ابن كثير 2/ 13، و فتح الباري 8/ 270، و الدر المنثور 3/ 17، و الإتقان: 1/ 52.
5- بعض المصادر المتقدم ذكرها نصّت على تحديد المدة التي عاشها عليه الصلاة و السلام بعد حجة الوداع التي نزلت فيها تلك الآية المشار إليها، و هي إحدى و ثمانون ليلة، كالطبري و السيوطي في الدر.
6- هذه العناوين التي بين القوسين زيادة على الأصل، زدناها تيسيرا للقارئ و الباحث.
7- أبو هريرة الدوسي الصحابي الجليل، أكثر الصحابة حفظا للحديث، اختلف في اسمه و اسم أبيه اختلافا كثيرا، و الأكثر على أنه عبد الرحمن بن صخر ت 57 ه، و قيل غير ذلك. الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 889، و صفة الصفوة 1/ 685، و معرفة القراء للذهبي 1/ 43، و التقريب: 2/ 484، و الأعلام: 3/ 308.
8- محمد بن مسلم بن عبيد اللّه بن شهاب الزهري، أول من دون الحديث و أحد أكابر الحفاظ و الفقهاء، تابعي مدني (58- 124 ه). الكنى و الاسماء للإمام مسلم 1/ 114، و تاريخ الثقات: 412، و صفة الصفوة 2/ 136، و التقريب: 2/ 207، و الأعلام 7/ 97.

عبد اللّه بن عمر (1): (نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة) اه.

و الأكثر على خلاف ذلك (2).

قال أبو العالية (3): (لقد أنزلت وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي (4)، و ما أنزل من

ص: 118


1- عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب العدوي المدني، ثقة ت 106 ه. الكنى و الاسماء 1/ 135، و تاريخ الثقات 317، و مشاهير علماء الأمصار 65، و التقريب 1/ 535. و هو هكذا في النسخ، أما في المحرر الوجيز لابن عطية فهو: عبد اللّه بن عبيد بن عمير 1/ 99، و كذلك في البحر المحيط: 1/ 16، و ترجمة هذا الأخير في صفة الصفوة 2/ 214، فليتأمل.
2- و الصحيح أنها مكية، و قد قال بعض العلماء إن القول بأنها مدنية بعد هفوة من مجاهد رحمه اللّه. يقول ابن حجر في الفتح: 8/ 159، و أغرب بعض المتأخرين فنسب القول بذلك لأبي هريرة و الزهري و عطاء بن يسار. اه. راجع هذه المسألة بتوسع في المحرر الوجيز لابن عطية 1/ 99، و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1/ 115، و تفسير ابن كثير: 1/ 8 و البحر المحيط: 1/ 16، و الدر المنثور 1/ 11، و الإتقان في علوم القرآن 1/ 30، و روح المعاني للآلوسي 1/ 33، و الجمل على الجلالين 4/ 614، و تاريخ المصحف للشيخ عبد الفتاح القاضي 107 و في رحاب القرآن الكريم للدكتور محمد سالم محيسن 1/ 63. بل إن أبا سهل الأنماري مال إلى أنها أول سورة نزلت بمكة فقد ذكر قولين أحدهما يفيد أنها مكية و الآخر يفيد أنها مدنية، ثم قال: و قد وقع عندي ما هو أوجب من هذه الأحاديث كلها، و أقرب إلى المعنى المحتمل أن أول ما نزل من القرآن فاتحة الكتاب ثم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، و هذا عندي أشبه بالمعنى لجهتين: إحداهما: أنها سميت أم الكتاب لأنها أقدم ما أنزل و أوله، كما سميت مكة أم القرى لأنها أقدمها، و سميت فاتحة الكتاب لأن الكتاب فتح بها. أي ابتدئ النزول بتلك السورة. و الأخرى: أن بها تفتتح القراءة في الصلاة، و تثنى في كل ركعة و ليس من السور سورة بتلك المنزلة، فيحتمل أن يكون تركهم ذكر نزولها و عدّها في عدد السور لشهرتها، و لأنها لا تخفى على أحد منزلتها بذلك على ما ذهبنا إليه .. اه. مقدمتان في علوم القرآن ص 13.
3- أبو العالية: رفيع- بالتصغير- ابن مهران الرياحي، ثقة بصري من كبار التابعين ت: 90 ه، و قيل 93 ه. الكنى و الأسماء 1/ 621، و الميزان 2/ 54، و التقريب: 1/ 252، و تاريخ الثقات: 503، و طبقات المفسرين للداودي 1/ 178، و معرفة القراء للذهبي 1/ 60.
4- الحجر (87).

الطول شي ء) (1)، يريد أن سورة الحجر نزلت قبل البقرة و آل عمران و النساء و المائدة (2).

و قال أبو ميسرة (3): (أول ما أقرأ جبريل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاتحة الكتاب إلى آخرها (4)) اه.

ص: 119


1- ذكره الطبري بإسناده إلى أبي العالية 14/ 55، و أنظر: روح المعاني 14/ 78. يقول ابن حجر: 8/ 158:- عند شرحه لحديث أبي سعيد بن المعلى (كنت أصلي في المسجد ...) إلى أن قال: (أ لم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟) قال: «الحمد للّه رب العالمين» هي «السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته» يقول ابن حجر: و في هذا تصريح بأن المراد بقوله تعالى وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي هي الفاتحة اه. و يقول عند تفسير هذه الآية: و قد روى الطبري بإسنادين جيدين عن عمر ثم عن علي قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب ... و بإسناد حسن عن ابن عباس كذلك، و من طريق جماعة من التابعين اه. 8/ 382، و راجع الطبري 14/ 54. و هناك قول آخر مشهور أيضا عن ابن عباس بأن المراد بالسبع المثاني السبع الطول، روى ذلك عنه بإسناد قوي كما يقول ابن حجر 8/ 382، و لا مانع- كما يقول ابن كثير 2/ 557، من وصف غير الفاتحة بالسبع المثاني اه. يقول الألوسي- ما ملخصه؛ و قد لهج الناس بالاستدلال على مكيتها بآية الحجر، و هي مكية لنص العلماء و الرواية عن ابن عباس، و الأقوى: الاستدلال بالنقل عن الصحابة الذين شاهدوا الوحي و التنزيل، لأن ذلك موقوف أولا على تفسير السبع المثاني بالفاتحة،- و هو و إن كان صحيحا ثابتا في الأحاديث-، إلّا أنه قد صح أيضا عن ابن عباس و غيره تفسيرها بالسبع الطوال. و لا مانع أن يمنّ اللّه بالشي ء قبل ايتائه، مع أن اللّه قد امتن عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأمور قبل ايتائه إياها .. روح المعاني 1/ 33، و راجع 14/ 78، من نفس المصدر، أما القرطبي فقد أجاب عن هذا بأن اللّه تعالى أنزله الى سماء الدنيا ثم أنزله نجوما أنظر تفسيره 10/ 55.
2- تفسير السخاوي لقول أبي العالية فيه اختصار، و إلّا فالسبع الطول تبدأ من (البقرة) و تنتهي الى آخر (الأعراف) ثم (براءة) و قيل (يونس) على خلاف في ذلك. راجع القرطبي 10/ 54، و ابن كثير 2/ 557، و فتح الباري 8/ 382 و الجمل على الجلالين 2/ 554.
3- أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي ثقة عابد، ت: 63 ه الكنى و الاسماء للإمام مسلم 2/ 824، و الجرح و التعديل: 6/ 237 و التقريب 2/ 72، و صفة الصفوة 3/ 32.
4- هذا هو القول الثالث من الأقوال التي قيلت في أول ما نزل من القرآن و قد تقدم القول بأن أول ما نزل على الاطلاق صدر سورة العلق. يقول الزمخشري،- عند أول تفسيره للفاتحة، و لما ذا قدم الاسم على الفعل في التسمية و أخر عند الأمر بالقراءة؟ يقول: هناك تقديم الفعل أوقع، لأنها أول سورة نزلت فكان الأمر بالقراءة أهم. اه 1/ 30. و قال عند تفسير سورة العلق- اكثر المفسرين على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم. اه 4/ 270. و قد ردّ عليه ابن حجر في الفتح: 8/ 714، حيث قال: و الذي ذهب أكثر الأئمة اليه هو الأول، و أما الذي نسبه إلى الأكثر فلم يقل به إلّا عدد أقل من القليل بالنسبة الى من قال بالأول. و راجع البرهان 1/ 207، و الإتقان 1/ 70، و الفتح: 8/ 678 عند تفسير سورة المدثر، و 719 عند تفسير سورة العلق. و روح المعاني 1/ 33 (في الهامش) حيث قال:- معلقا على كونها من أول ما نزل من القرآن- فقد روينا عن أبي ميسرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان اذا برز سمع مناديا ... الحديث اه. و قد ذكر السيوطي بأن رجاله ثقات إلّا أنه مرسل 1/ 71 و قال الزركشي- نقلا عن كتاب الانتصار لأبي بكر الباقلاني- هذا الخبر منقطع 1/ 207، و أنظر أسباب النزول للواحدي: 10. و بناء على ذلك فإني أميل الى ما مال إليه ابن حجر و غيره بأن أول ما نزل على الاطلاق صدر سورة العلق. كما تقدم.

و قال ابن عباس: (نزلت بمكة بعد يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ثم نزلت تَبَّتْ يَدا (1) أَبِي لَهَبٍ (2)) اه.

سورة الأعراف

و زعم مقاتل بن سليمان (3) أن الأعراف نزلت (4) منها بالمدينة قوله عزّ و جلّ:

وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ (5) إلى قوله سبحانه من ظهورهم ذرياتهم (6) (7) قال: و باقيها مكي (8).

ص: 120


1- الى هنا ينتهي نص الآية في د، ظ.
2- و هي الرواية التي ذكرها السيوطي عن جابر بن زيد، و قد تقدم ذكرها عند الحديث عن السور المكّيّة و المدنيّة.
3- مقاتل بن سليمان بن كثير الأزدي الخراساني المفسر، من أعلام المفسرين و من المتروكين في الحديث، ت 150 ه. فهرست ابن النديم 253، و الميزان 4/ 173، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 330، و التقريب 2/ 272، (و فيه توفي سنة خمس و مائة و لعله خطأ مطبعي) و الأعلام 7/ 281.
4- في بقية النسخ؛ نزل منها. و هو الصواب.
5- الأعراف (163).
6- هي هكذا في النسخ بالجمع و هي قراءة نافع و أبي عمرو و ابن عامر و أبي جعفر و يعقوب، و قراءة الباقين بالافراد و هم ابن كثير و الكوفيون. النشر في القراءات العشر 2/ 273، و المهذب في القراءات العشر 1/ 258.
7- الأعراف (172).
8- اختلف المفسرون في عدد الآيات المدنيات في هذه السورة فقيل: آية و هي وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ .. و قيل ثلاث، و قيل خمس آيات، و قيل ثمان آيات. انظر: معالم التنزيل للبغوي 2/ 172، و الجامع للقرطبي 7/ 160، و الكشاف 2/ 65، و الخازن: 2/ 172، و تفسير أبي السعود 3/ 209 و فتح القدير للشوكاني 2/ 187، و البحر المحيط 4/ 265، و الدر المنثور 3/ 412، و البرهان 1/ 200، و الإتقان 1/ 39، و مناهل العرفان 1/ 199.
سورة الأنفال

و كذلك قال في الأنفال وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا (1) نزلت بمكة، و باقيها مدني (2).

سورة يونس

و قال (3): يونس مكية إلّا آيتين فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ ... (4) و التي تليها نزلتا (5) بالمدينة (6).

ص: 121


1- الأنفال (30).
2- ذكره ابن جرير 9/ 230 بسنده إلى عكرمة، ثم قال: قال ابن جريج قال مجاهد: هي مكية اه، و انظر الدر المنثور 4/ 3، 52. قال القرطبي: 7/ 360 مدنية بدرية في قول الحسن و عكرمة و جابر و عطاء. و قال ابن عباس: هي مدنية إلّا سبع آيات، من قوله تعالى وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا الى آخر السبع آيات. اه. و قد ذكر أبو حيان 4/ 455، قول ابن عباس هذا، ثم قال: و قال مقاتل: غير آية واحدة، و هي وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا الآية نزلت في قصة وقعت بمكّة، و يمكن أن تنزل الآية بالمدينة في ذلك. اه و هذا ما يفهم من كلام الزمخشري 2/ 154، أن الآية مدنية، فإنه لما فتح اللّه عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ذكره مكر قريش به حين كان بمكة ليشكر نعمة اللّه عزّ و جلّ في نجاته من مكرههم، و استيلائه عليهم، و ما أتاح اللّه له من حسن العاقبة. اه. و راجع مفاتيح الغيب للفخر الرازي 15/ 155، و معالم التنزيل للبغوي 3/ 2، على هامش تفسير الخازن. و أقول: ان تعبير السخاوي بقوله: زعم مقاتل، يظهر منه عدم الموافقة و بخاصة في قوله تعالى وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا حيث إن كثيرا من المفسرين صرحوا بأن الأنفال كلها مدنية لم يستثن منها شي ء. ثم أن الزركشي في البرهان 1/ 202، لم يستثن هذه الآية عند حديثه عن الآيات المكية في السور المدنية. أما السيوطي فإننا نجده يردّ على مقاتل زعمه ذلك. انظر الإتقان 1/ 39، و أسباب النزول له 378، على هامش الجلالين و على هذا فإني أرجح أنها كلها مدنية دون استثناء لما تقدم و اللّه أعلم.
3- أي مقاتل بن سليمان.
4- يونس (94- 95).
5- في ظ؛ نزلت. و هو خطأ.
6- قاله القرطبي 8/ 304، و عزاه إلى مقاتل، و هو موافق لما ذكره السخاوي، و انظر فتح القدير 2/ 421.

و قال الكلبي (1): وَ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ (2).

نزلت بالمدينة في قوم من اليهود، و باقيها مكي (3).

و قيل: نزل من أولها إلى أربعين آية بمكة، و باقيها نزل بالمدينة (4). و قال ابن عباس و عبد اللّه بن الزبير (5): نزلت بمكة (6).

سورة هود

و قال مقاتل: في سورة هود ثلاث آيات نزلت بالمدينة، و باقيها مكي (7): الأولى فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ (8) ... (9).

ص: 122


1- محمد بن السائب الكلبي الكوفي، النسابة المفسر، متهم بالكذب ارتضوا أقواله في التفسير، أما الحديث فعنده مناكير، بل كذبوه. ت 146 ه، انظر: الفهرست: 139، و الميزان 3/ 556، و طبقات الداودي 2/ 149، و الأعلام 6/ 133.
2- يونس (40).
3- ذكر هذا القرطبي و عزاه الى الكلبي 8/ 304، و ذكره الفخر 17/ 2، و لم يعزه، و الخازن و عزاه إلى ابن عباس، و لم ينص على أنها نزلت في اليهود. لباب التأويل 3/ 141.
4- ذكره القرطبي 8/ 304. و قد نقل السيوطي في الإتقان 1/ 40 هذه الأقوال الثلاثة و عزاها إلى «جمال القراء» للسخاوي، و هذا يعتبر تأكيدا لما ذكره السخاوي. ثم أن الألوسي 11/ 58 نقل عن السخاوي القول الأخير، و الذي ترجح لي و ملت اليه أنه استثنى منها ثلاث آيات فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ .. إلى آخرهن و ذلك لكثرة الرواية في ذلك عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. انظر مفاتيح الغيب للفخر الرازي 17/ 2، و الجامع للقرطبي 8/ 304 و البحر المحيط: 5/ 121، و تفسير الخازن 3/ 141، و على هامشه معالم التنزيل للبغوي، و فتح القدير للشوكاني 2/ 421.
5- عبد اللّه بن الزبير بن العوام القرشي، فارس قريش في زمنه، و أول مولود في المدينة بعد الهجرة، بويع له بالخلافة سنة 64 ه، ت 73 ه انظر: صفة الصفوة 1/ 764، و الاصابة 6/ 83، و الجرح و التعديل 5/ 56، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 113، و التقريب 1/ 415، و الأعلام للزركلي 4/ 87.
6- أي دون استثناء كما حكى ذلك القرطبي 8/ 304 عن الحسن و عكرمة و عطاء و جابر، و انظر: فتح القدير 2/ 421، و روح المعاني 11/ 58 هذا و لم يستثن منها الزركشي شيئا. راجع البرهان 1/ 200.
7- نقل قول مقاتل: أبو حيان في البحر 5/ 200، و الخازن في تفسيره 3/ 176. و ذكره السيوطي في الإتقان دون عزو 1/ 40، و قال: دليل الآية الثالثة ما صح من عدة طرق أنها نزلت بالمدينة في حق أبي اليسر. اه و سيأتي قريبا أن هذا هو الراجح.
8- كلمة (بعض) ليست في بقية النسخ.
9- هود (12). فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ ... الآية.

و الثانية أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ .. (1) نزلت في عبد اللّه بن سلام (2) و أصحابه، و قوله إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ (3) ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (4) نزلت (5) في نبهان التمار (6).

ص: 123


1- هود (17) أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً ....
2- عبد اللّه بن سلام بن الحارث الاسرائيلي صحابي، قيل: انه من نسل يوسف بن يعقوب- عليهما السلام- أسلم عند قدوم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة، ت 43 ه. صفة الصفوة 1/ 718، و الإصابة 6/ 108، و الاستيعاب 6/ 228، على هامش الإصابة، و الاعلام 4/ 90.
3- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
4- هود: 114.
5- كلمة (نزلت) ساقطة من د.
6- لم أجد من ترجم لنبهان التمار حسب اطلاعي، و قد ذكره ابن حجر في الاصابة 10/ 140، و ذكر قصته و ضعفها- كما سيأتي قريبا-. هذا و قد جاءت أحاديث كثيرة و بألفاظ مختلفة بالنسبة لسبب نزول هذه الآية. و خلاصتها: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فذكر ذلك له، كأنه يسأله عن كفارتها، فأنزل اللّه عليه وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، فقال الرجل: يا رسول اللّه أ لي هذه؟ قال: «هي لمن عمل بها من أمتي» اه انظر: صحيح البخاري 5/ 214، كتاب التفسير باب قوله وَ أَقِمِ الصَّلاةَ ..*، و راجع جامع الاصول 2/ 196. و في معظم الأحاديث التي وردت في ذلك لم تعين اسم الرجل الذي نزلت بسببه الآية. و الذين ذكروا اسمه اختلفوا فيه: فقال ابن كثير: 2/ 443، و عن ابن عباس: انه عمرو بن غزية الأنصاري التمار. و قال مقاتل: هو أبو نفيل عامر بن قيس الأنصاري، و ذكر الخطيب البغدادي: أنه أبو اليسر كعب بن عمرو. اه. و يقول ابن حجر في الفتح: 8/ 356، و قد جاء أن اسمه كعب بن عمرو و هو أبو اليسر- بفتح التحتانية و المهملة- الأنصاري ... و ذكر بعض الشراح في اسم هذا الرجل: نبهان التمار، و قيل: عمرو بن غزية. و قيل: أبو عمرو زيد بن عمرو بن غزية. و قيل عامر بن قيس. و قيل: عباد. إلى أن قال: و أقوى الجميع أنه أبو اليسر و اللّه أعلم. اه. و قد ذكر الترمذي 8/ 538 في إحدى روايات الحديث انه أبو اليسر و سمّاه كعب بن عمرو، و زاد صاحب تحفة الأحوذي: ابن عباد السلمي الانصاري، صحابي بدرى جليل. اه. و كذلك الطبري 12/ 137 ذكر القصة بسنده الى أبي اليسر، و نقلها عنه ابن كثير. و قد جاء في معالم التنزيل للبغوي 3/ 210، على هامش لباب التأويل للخازن أن اسم أبي اليسر عمرو بن غزية الأنصاري. و كذلك في الكشاف للزمخشري 2/ 297، و لم يذكرا غيره. و هذا القول و هم كما يقول ابن حجر في الفتح 8/ 356. و أما قصة نبهان التمار التي ذكرها السخاوي عن مقاتل في نزول الآية فقد ذكر هذا القول أبو حيان في البحر 5/ 200، و اقتصر عليه في ذكر سبب نزول الآية. و مما تقدم يتبين للقارئ أن هذا القول مرجوح، و أيضا فإن ابن كثير ذكر عن مقاتل أنه قال: هو أبو نفيل عامر بن قيس الانصاري، و هذا خلاف ما ذكر عنه السخاوي و أبو حيان. و إذا ما انتقلنا الى ابن حجر في كتابه الاصابة 10/ 140، فإننا نجده يدحض هذا القول و يردّه قائلا: ذكر مقاتل بن سليمان في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ الآية، آل عمران 135 هو نبهان التمار، أتته امرأة ... إلى أن قال: و هكذا أخرجه عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مطولا، و مقاتل متروك، و الضحاك لم يسمع من ابن عباس و عبد الغني و موسى هالكان ... اه. و قد أورد ابن حجر في الفتح 8/ 356 نحو هذا ثم قال: و هذا- و إن ثبت- حمل على واقعة أخرى، لما في السياقين من المغايرة. اه و اللّه أعلم.
سورة إبراهيم

و قال في (1) إبراهيم أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً .. (2) هذه الآية مدنية (3).

ص: 124


1- أي مقاتل بن سليمان.
2- إبراهيم (28).
3- ذكر هذا القول الطبري 13/ 222 بإسناده إلى عطاء بن يسار، و استثنى بعض العلماء آيتين أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا .. و التي بعدها. انظر: البرهان 1/ 200 دون عزو، و الإتقان 1/ 40، و عزاه إلى قتادة، و الدر المنثور 5/ 3، و عزاه إلى ابن عباس نقلا عن النحاس في تاريخه. و عزا هذا القول أيضا إلى ابن عباس: الشوكاني 3/ 92. و استثنى القرطبي 9/ 338، و أبو حيان 5/ 403، ثلاث آيات أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً .. إلى آخرهن، و عزوا هذا القول إلى ابن عباس و قتادة. و لعل هذا هو الصحيح، لأن الآيات الثلاث مرتبطة ببعضها لفظا و معنى. و اللّه أعلم.
سورة النحل

و قال الكلبي: النحل مكية، غير أربع آيات.

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا ... (1) (2).

و الثانية وَ إِنْ عاقَبْتُمْ ... و ما يليها إلى آخر السورة (3)، و وافقه مقاتل (4). و زاد خامسة وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً .. (5).

سورة الإسراء

و قال الكلبي: في سورة سُبْحانَ ...

آيات مدنيات، قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ .. (6) نزلت حين جاءه

ص: 125


1- النحل (110).
2- و من الذين قالوا: إن هذه الآية مدنية الواحدي في أسباب النزول 162 و القرطبي 10/ 65، و أبو حيان 5/ 472، و الثعالبي في الجواهر الحسان 2/ 324، و الألوسي في روح المعاني 14/ 240.
3- النحل (126- 128).
4- أورد السيوطي عدة روايات عن ابن عباس و أبي هريرة و الشعبي تدل على أن الآيات الثلاث من آخر سورة النحل مدنية. راجع الإتقان 1/ 24 عند كلامه على معرفة المكي و المدني. و 1/ 41 عند كلامه على ما استثنى من المكي و المدني، و 1/ 54 عند كلامه عن الحضري و السفري. و انظر: الدر المنثور 5/ 107. و يعد هذا مؤيدا لكلام السخاوي القائل بأن الثلاث الآيات من آخر سورة النحل مدنية. و أما الآية الأولى من هذه الآيات الثلاث و هي وَ إِنْ عاقَبْتُمْ ... فقد قال القرطبي 10/ 201، أطبق جمهور أهل التفسير إن هذه الآية مدنية، نزلت في شأن التمثيل بحمزة في يوم أحد، و كذلك قال الثعالبي في تفسيره 2/ 327.
5- النحل (112). و قد ذكر هذا القول عن مقاتل الخازن في تفسيره 4/ 65، و تابعه صاحب الفتوحات الإلهية 2/ 556، لكن أبا حيان 5/ 542 يرجح أنها مكيّة بدليل سياق الآية التي بعدها، و هي قوله تعالى وَ لَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ ... و منشأ الخلاف في كونها مكية أو مدنية مبني على تحديد المراد بالقرية التي ضربها اللّه مثلا، هل هي مكة أم المدينة أم أي قرية دون تعيين. و حمل الآية على العموم أظهر لأنه يعم جميع متناولاتها، و مكة و المدينة يدخلان دخولا أوليا. راجع في هذا التفسير الطبري 14/ 186. و القرطبي 10/ 194، و البحر المحيط: 5/ 542، و الجواهر الحسان 2/ 324، و فتح القدير 3/ 199.
6- الإسراء (76) وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ....

وفد ثقيف، و حين قالت اليهود: ليست هذه بأرض الأنبياء (1).

و قوله وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ .. (2).

و زاد مقاتل: وَ إِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ .. (3).

و قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا (4) إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ .. (5).

ص: 126


1- هذه الآيات التي ذكرها السخاوي و قال: انها مستثناة من سورة الإسراء، ذكرها الإمام القرطبي بتمامها 10/ 203. و كذلك الشوكاني 3/ 205. و قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ .. .. هذه الآية مدنية ... و ذكر مقالة اليهود معزوة الى ابن عباس .. و قيل: أنها مكية. قال مجاهد و قتادة: نزلت في همّ أهل مكة بإخراجه .. و هذا أصح، لأن السورة مكية، و لأن ما قبلها خبر عن أهل مكة، و لم يجر لليهود ذكر. اه و راجع تفسير الطبري 15/ 132، و ابن كثير 3/ 53 و راجع كذلك أسباب النزول للسيوطي ص 476. و من هذا يظهر ان الآية مكية، خصوصا و أن أبا حيان 6/ 3، و الألوسي 15/ 2 حكيا الاجماع بالقول بمكية السورة كلها، و إن كانا قد ذكرا الآيات التي قيل انها استثنيت و منها الآيات التي ذكرها السخاوي.
2- الإسراء (80). روى الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمكة، ثم أمر بالهجرة، فنزلت وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ ... الآية اه. سنن الترمذي 8/ 574 يقول السيوطي في أسباب النزول: 480، بعد ذكره الحديث الترمذي و هذا صريح في أن الآية مكية. و أخرجه ابن مردويه بلفظ أصرح منه. اه.
3- الإسراء (60). و ممن قال: أن الآية مدنية اصحاب المصنفات الآتية: القرطبي في تفسيره 10/ 203، و أبو حيان 6/ 3، و الشوكاني 3/ 205 و الألوسي 15/ 2، و الخازن 4/ 104، و السيوطي في الاتقان 1/ 41.
4- حرفت في «د» الى «يؤمنوا».
5- الاسراء (107). و انظر المصادر السابقة.
سورة الكهف

و قال بعضهم في الكهف: مدنية (1) قوله عزّ و جلّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ [عَلى (2) عَبْدِهِ الْكِتابَ .. إلى قوله وَ لا لِآبائِهِمْ ... (3)

و قوله عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (4).

و قال ابن عباس: «نزلت الكهف بمكة بين هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (5)

ص: 127


1- هكذا في الأصل. و في بقية النسخ: مدني. و هو الصواب.
2- ساقطة من الاصل.
3- الكهف (1- 5). و قد استثنى بعض المفسرين من أول السورة الى الآية الثامنة (صعيدا جرزا). يقول القرطبي: 10/ 246 ... روى عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة الى قوله (جرزا). و كذلك قال أبو حيان 6/ 95، و الألوسي 5/ 199 و عزوا هذا القول إلى مقاتل، و ذكره السيوطي في الاتقان 1/ 41 دون عزو. و هناك بعض المفسرين لم يستثن منها شيئا بل يرى أنها كلها مكية كالبغوي 4/ 155، و كذلك الخازن و أيضا الزمخشري 2/ 471. و قال القرطبي: هي مكية في قول جميع المفسرين، هذا هو الاصح اه. و كذلك قال الثعالبي 2/ 366 و نقله الشوكاني عن القرطبي: 3/ 268 و اختار هذا أبو عمرو الداني كما نقله عنه الألوسي 5/ 199. و هذا هو الظاهر من سياق السورة و هو الصحيح إن شاء اللّه تعالى.
4- الكهف (30). هكذا ذكر السخاوي الآية بتمامها. و لم أقف على من نصّ على استثناء هذه الآية. و قال أبو حيان: 6/ 95 السورة مكّيّة ... إلّا ما روى عن مقاتل أنه قال: هي مكّيّة، إلّا من أولها الى (جرزا) و من قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ .. الآيتين فمدني في اه بتصرف يسير و قد صرّح بعض العلماء بأن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إلى آخر السورة مدني 107- 110. انظر الإتقان 1/ 42، و روح المعاني 15/ 199، و قد عزاه الألوسي الى مقاتل، و هذا مخالف لما ذكره السخاوي عن مقاتل في هذه الآية. و بما أن كلام أبي حيان الذي نقله عن مقاتل لا يفهم منه صراحة ان الآية المستثناة هي التي ذكرها السخاوي و التي بعدها. فإن الذي ظهر لي- و اللّه أعلم- أن الآية المقصودة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ..* هي التي في آخر السورة، و إن كان السخاوي قد أتمّ الآية التي ذكرها، فلعله سهو منه و اللّه أعلم.
5- الغاشية (1).

و النَّحْلِ (1)، و كذلك قال الحسن (2) و عكرمة (3).

سورة مريم

و قيل في مريم: هي مكيّة غير آية السجدة (4).

سورة الحج

و قال مقاتل: نزل من سورة الحج يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ... إلى قوله

ص: 128


1- هكذا ذكرها السخاوي كما تقدم عند حديثه عن ترتيب السور المكية فانظرها رقم (68) بين الغاشية و النحل. (ص 108). و هي كذلك في البرهان 1/ 193، و الإتقان 1/ 26- 27، و قد ذكر السيوطي- في النوع السابع عند كلامه عن معرفة أول ما نزل- ذكر عن بعض العلماء رواية في ترتيب السور و قال: «... ثم الغاشية ثم الكهف ثم الشورى، ثم تنزيل السجدة ثم الانبياء ثم النحل ... الخ. إلّا أنه لم يرتض هذا الترتيب و قال: هذا سياق غريب، و في هذا الترتيب نظر. اه 1/ 73.
2- الحسن بن يسار البصري أبو سعيد تابعي فقيه فصيح شجاع له مواقف حميدة مع الولاة (21- 110 ه). انظر: صفة الصفوة: 3/ 233، و الميزان 1/ 527، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 150، و الأعلام 2/ 226.
3- عكرمة بن عبد اللّه البربري المدني أبو عبد اللّه، مولى ابن عباس عالم بالتفسير، توفي نحو سنة 105 ه. انظر ميزان الاعتدال 3/ 93، و التقريب 2/ 30، طبقات المفسرين للداودي 1/ 386، و الأعلام 4/ 244.
4- آية السجدة التي في سورة مريم هي قوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ... الآية (58). قال القرطبي: 11/ 72 سورة مريم مكية بإجماع. اه و قال الثعالبي: 3/ 2 هذه السورة مكية بإجماع، إلّا السجدة منها فقيل انها مكية و قيل مدنية. اه. و قد نقل أبو حيان عن مقاتل أن آية السجدة مدنية. و هو موافق لما ذكره السخاوي و مؤيد له، انظر: البحر 6/ 172. و ممن قال: ان آية السجدة مدنية دون عزو: السيوطي في الإتقان 1/ 41 و صاحب الفتوحات الإلهية: 3/ 50، و الصاوي في حاشيته على الجلالين 3/ 30.

وَ لكِنَّ (1) عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) نزل (3) في غزوة بني المصطلق (4) ليلا (5)، قال: و نزل بالمدينة منها أيضا مَنْ كانَ يَظُنُّ ... (6) الآية.

و سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ ... (7) نزلت في عبد اللّه بن أنس بن خطل (8).

ص: 129


1- في د، ظ: (إن عذاب اللّه شديد) خطأ.
2- الحج (1- 2).
3- (نزل) ساقط من د، ظ.
4- غزوة بني المصطلق، و تسمى المريسيع، بلغ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن بني المصطلق يجمعون له، فلما سمع بهم خرج اليهم، حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع من ناحية قديد الى الساحل، و انتصر المسلمون عليهم نصرا مؤزرا و غنموا مغانم كثيرة. و كانت سنة خمس للهجرة على الصحيح. انظر: هذا في زاد المعاد 3/ 256 تحقيق شعيب و عبد القادر الأرناءوط. و راجع خبر هذه الغزوة في سيرة ابن هشام 2/ 289، و البداية و النهاية 4/ 157 و فتح الباري 7/ 428، و مرويات غزوة بن المصطلق للدكتور إبراهيم قريبي 89 فما بعدها.
5- جاء في سنن الترمذي 9/ 9 عن عمران بن حصين بسندين: ان أول السورة نزل على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو في سفر، و لم يعين الترمذي هذا السفر، و قد صرّح به السخاوي و أبو حيان 6/ 349 و نقله عنه صاحب الفتوحات الإلهية 3/ 151، بأنها نزلت ليلا في غزوة بني المصطلق و ذكره الخازن في تفسيره 5/ 3، و كذلك السيوطي في الدر 6/ 6 عن ابن عباس.
6- الحج (15) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ. لم أجد من نص على أن هذه الآية مدنية، و لكن يفهم ذلك من سبب نزولها حيث ذكر بعض العلماء أنها نزلت في نفر من أسد و غطفان، قالوا نخاف أن اللّه لا ينصر محمدا فينقطع الذي بيننا و بين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا. راجع تفسير الطبري 17/ 128، و الخازن: 5/ 6، و الثعالبي 3/ 74 و الألوسي 17/ 127 إلّا أن فيه ... و قيل: نزلت في اعراب من أسلم و غطفان. و قد نسب الفخر الرازي 23/ 16، القول بأنها نزلت في بني أسد و غطفان الى مقاتل، و هو يعزز ما ذكره السخاوي عن مقاتل.
7- الحج: (25). و تمامها وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، لأن هذا اللفظ من الآية هو المقصود بقوله نزلت في عبد اللّه بن خطل.
8- نسب هذا الى مقاتل الفخر الرازي 23/ 25. و عزاه السيوطي في أسباب النزول ص 515 على هامش الجلالين، و في الدر المنثور 6/ 27، الى ابن عباس، و كذلك الشوكاني 3/ 449، و كلاهما سمّاه عبد اللّه بن أنيس. و في السيرة لابن هشام 2/ 409، 410. قال ابن اسحاق:- اثناء ذكره للذين أمر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بقتلهم- و عبد اللّه بن خطل، رجل من بني تيم بن غالب .. الخ. ثم ذكر سبب قتله و خلاصته أنه قتل ثم ارتد عن الاسلام، و قد أمر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بقتله و إن وجد متعلقا بأستار الكعبة اه. و انظر صحيح البخاري 2/ 216 كتاب جزاء الصيد، باب دخول الحرم و مكة بغير إحرام، و شرحه فتح الباري 4/ 60، و صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 131، كتاب الحج باب جواز دخول مكة بغير إحرام و سنن أبي داود 3/ 135، كتاب الجهاد باب قتل الأسير .. إلخ و سنن الترمذي 5/ 341 أبواب الجهاد باب ما جاء في المغفر. هذا و قد اختلف في اسم ابن خطل فقيل، عبد العزى، و قيل: هلال و قيل، عبد اللّه، و هذا الأخير هو الصحيح، انظر: فتح الباري: 4/ 60، 61.

و أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. (1) وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ .. (2)، وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ... (3) نزلت في أهل التوراة (4). و الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .... و التي 17/ 110. و هذا كله مخالف لما ذكره السخاوي- رحمه اللّه- و منه يتضح أن الآية فيها الخلاف، و يبدو أن الراجح كونها مكّيّة، نظرا لكثرة القائلين بذلك. و اللّه تعالى أعلم.

ص: 130


1- الحج (39) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا .. الآية. روى الترمذي 9/ 15 بسنده عن ابن عباس قال: لما أخرج النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من مكة، قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، ليهلكن فأنزل اللّه تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ ... الآية. و راجع تفسير الطبري 17/ 172، و أسباب النزول للواحدي: 177، و للسيوطي 516 على هامش الجلالين، و راجع كذلك روح المعاني 17/ 161 بفتح القدير 3/ 457. يقول القرطبي: 12/ 68 و هي أول آية نزلت في القتال اه.
2- الحج (40) وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ ... و إذا تقرر أن قوله تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. نزل بالمدينة فصلة قوله سبحانه بعدها وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ .. واضحة لأن فيه تحريضا على القتال المأذون فيه، فكأنه لما قيل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. قيل: فليقاتل المؤمنون، فلولا القتال و تسليط اللّه تعالى المؤمنين على المشركين في كل عصر و زمان لهدمت متعبداتهم و لذهبوا شذر مذر، و هذا- أي شدة ارتباط الآيتين ببعضهما- يرجح كون الآية مدنية، و اللّه أعلم، راجع في هذا روح المعاني للآلوسي 17/ 162.
3- الحج (54). وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ .. الآية.
4- يقول القرطبي: 12/ 87 وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ .. أي من المؤمنين، و قيل: أهل الكتاب اه. و لم أجد غير القرطبي من المفسّرين- حسب اطلاعي- من أشار إلى أنها نزلت في أهل التوراة، او نص على مدنيتها. و إنما بالاستقراء وجدت علماء أهل التفسير يذكرون هذه الآية ضمن آيات أربع مما استثنى من سورة الحج على انها مكية، تبدأ من قوله تعالى وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ ... الآيات 52- 55. و قد نسب القرطبي 12/ 1 هذا القول إلى ابن عباس و قتادة و الضحاك. و نسبه إلى قتادة أبو حيان 6/ 349، و السيوطي في الدر 6/ 3، و الإتقان 1/ 32، و كذلك الألوسي في روح المعاني

بعدها (1). و عن ابن عباس: كلها مكية (2)، إلّا السجدتين (3).

و أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ .. و التي بعدها (4).

سورة الفرقان

و قال ابن عباس و قتادة: الفرقان مكية إلّا قوله وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ

ص: 131


1- الحج (58- 59). ... ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً .. الآيتين. لم أقف على من نص على مدنيّة هذه الآية وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... و لكن بالرجوع إلى ما ذكره العلماء من سبب نزولها، يمكن أن يقال إنها مدنيّة، و يدل على ذلك ما يلي: يقول الإمام الطبري 17/ 194 «ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اختلفوا في حكم من مات في سبيل اللّه، فقال بعضهم: (سواء المقتول منهم و الميت) اه اي حتف أنفه-. ثم يقول الطبري: و قال آخرون: المقتول أفضل، فأنزل اللّه هذه الآية على نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعلمهم استواء أمر الميت في سبيله و المقتول فيها في الثواب عنده. اه. و انظر: تفسير الفخر الرازي 23/ 57، و القرطبي 12/ 88، و أبي حيان 6/ 383، و الثعالبي 3/ 86، و السيوطي: 6/ 71 و الألوسي 17/ 188.
2- أي سورة الحج.
3- السجدتان هما قوله تعالى أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ .. الآية 18 و قوله سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا .. الآية 77 و استثناء السجدتين عن ابن عباس يعد رواية أخرى سوى ما تقدم عنه. و بعد الانتهاء من الكلام عن سورة الحج، يفهم مما تقدم أن هذه السورة وقع فيها خلاف شديد بين العلماء فمنهم من قال بأنها مكية إلّا بعض الآيات فهي مدنية. و منهم من قال: بل هي مدنية إلّا بعض الآيات فهي مكيّة، و قد قال القرطبي: 12/ 1 هنا كلاما حسنا، و خلاصته ما يلي: قال الجمهور: السورة مختلطة، منها مكّي و منها مدنيّ. و هذا هو الاصح، لأن الآيات تقتضي ذلك. و راجع الإتقان 1/ 32، و البحر المحيط: 6/ 349، و فتح القدير 3/ 434، و روح المعاني 17/ 110، و الجمل على الجلالين 3/ 150 و حاشية الصاوي عليه 3/ 92.
4- تقدم الحديث عنهما قريبا.

إِلهاً (1) ... إلى (2) آخر الثلاث (3).

سورة الشعراء

و قيل في الشعراء: هي مكيّة، إلّا قوله عزّ و جلّ وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ... (4) إلى آخرها (5).

قال مقاتل: و إلا قوله: «أو لم تكن (6) لهم آية ..» الآية (7).

سورة القصص

و قال مقاتل في القصص الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ .. إلى قوله عزّ و جلّ

ص: 132


1- كلمة (إلها) ليست في د. و ظق.
2- (الى) ساقط من ظ.
3- الفرقان (68- 70). ذكر هذا بنصه القرطبي 13/ 1 و أبو حيان 6/ 480، و ذكرا عن الضحاك عكس ما روى عن ابن عباس و قتادة أي أنها مدنية إلّا الثلاث الآيات المذكورات. و نقل السيوطي في الإتقان 1/ 32 عن ابن الفرس إنها مكية في قول الجمهور، و مدنية في قول الضحاك، أي دون استثناء. و ما روي عن الضحاك- لا شك- قول مرجوح. و في تصوري أنه خطأ من النساخ، و اللّه أعلم.
4- الشعراء (224- 227)
5- ذكر هذه الآيات المستثناة البغوي في تفسيره 5/ 92 و الزمخشري 3/ 104، و الرازي 24/ 118 و أبو السعود 6/ 233، دون عزو و عزاه القرطبي 13/ 87 إلى ابن عباس و قتادة و مقاتل، و عزاه أبو حيان 7/ 5 إلى ابن عباس و قتادة و عطاء. و قال السيوطي في الإتقان 1/ 24، 42: «الشعراء مكيّة إلّا خمس آيات من قوله تعالى وَ الشُّعَراءُ .. إلى آخر السورة اه. و بالرجوع إلى ما قرره أهل العدد وجدت أن هذه الآيات التي اعتبرها السيوطي خمسا هي أربع آيات، و هذا مما أثار الدهشة عندي، نظرا لأن السيوطي لا يخفى عليه مثل هذا الحكم و لا أدري من أين جاء هذا الخطأ هل هو من النساخ أو من دور الطباعة؟ و قد وافق السيوطي في هذا الشوكانيّ: 4/ 92، و سيأتي إن شاء اللّه مزيد لهذا في موضعه من «جمال القراء».
6- في لفظ (تكن) قراءتان سبعيتان، بتاء التأنيث لابن عامر الشامي مع رفع التاء في (آية)، و بياء التذكير و نصب (آية) للباقين. انظر التبصرة في القراءات السبع لمكي بن أبي طالب 448، و النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/ 336.
7- الشعراء (197) ذكر هذا عن مقاتل القرطبي 13/ 87، و أبو حيان 7/ 5، و حكاه السيوطي في الإتقان 1/ 42 عن ابن الفرس، و ذكره كذلك أبو السعود 6/ 233 دون عزو.

لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (1) مدني (2).

و قوله إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ .. (3) نزلت بالجحفة (4) قبل الهجرة (5).

سورة العنكبوت

و قال قتادة: من أول العنكبوت إلى قوله عزّ و جلّ وَ لَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (6) مدني، و باقيها مكّيّ (7).

ص: 133


1- القصص: (52- 55).
2- و قد وافق المؤلف كلّ من السيوطي في الإتقان 1/ 42. و كذلك البغوي 5/ 133، و الخازن، و نسبه القرطبي 13/ 247، و أبو حيان 7/ 104، و الثعالبي 3/ 170، و الشوكاني 4/ 157، و الألوسي 20/ 41، إلى مقاتل، و أما الزركشي في البرهان 1/ 201 فلم يستثن سوى الآية الأولى. و مما تقدم يتبيّن أن رأي المؤلف صحيح نظرا لموافقته لغيره من المؤلفين.
3- القصص: (85).
4- جحف الشي ء يجحفه جحفا: قشره، و الجحف و المجاحفة: أخذ الشي ء و اجترافه، و أجحف به أي ذهب به، و الجحفة: موضع بين مكة، و المدينة على اثنين و ثمانين ميلا من مكة، و كانت تسمى مهيعة، فنزل على أهلها سيل فأجحفهم، فسميت جحفة، و هي ميقات أهل الشام. لسان العرب: 9/ 21، و القاموس المحيط: 3/ 125. و مختار الصحاح: 93، و المصباح المنير: 91.
5- قال البغوي: 5/ 133، نزلت بين مكة و المدينة. اه و كذلك الخازن، و يقول السيوطي في الإتقان: 1/ 55- عند حديثه عن الحضري و السفري- يقول: من السفري إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ .. نزلت بالجحفة في سفر الهجرة، كما أخرجه ابن ابي حاتم عن الضحاك. اه. و من هذا نفهم أن هؤلاء العلماء المذكورين مؤيدون للمؤلف في رأيه بمدنيّة هذه الآية. و اللّه أعلم. و راجع تفسير القرطبي 13/ 347، و أبي حيان 7/ 104، و الثعالبي 3/ 170، و الآلوسي 20/ 41، و البرهان 1/ 197.
6- العنكبوت: (1- 11).
7- رواه ابن جرير 20/ 133 بسنده إلى قتادة ... أنه قال: و هذه الآيات العشر مدنيّة إلى هاهنا- أي من أول السورة إلى وَ لَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ- و سائرها مكي. اه. و نسب البغوي هذا القول إلى الشعبي. انظر تفسيره 5/ 157 على هامش الخازن و كذلك ذكره الخازن دون عزو، و نسبه القرطبي 13/ 323 إلى ابن عباس و قتادة في أحد قوليهما، كما نسبه القرطبي إلى يحيى بن سلام أنها مكية إلّا عشر آيات من أولها، فإنها نزلت بالمدينة في شأن من كان من المسلمين بمكة. اه. و قد حكى القرطبي عن ابن عباس و قتادة قولا آخر، و هو أن السورة كلها مدنيّة، و هذا لا يقوى على معارضة ما روي عنهما و عن غيرهما من أن السورة مكيّة سوى ما استثنى منها، و هذا هو الذي ترجح عندي و اللّه تعالى أعلم.
سورة لقمان

و قيل: إن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا قدم المدينة أتاه اليهود، فقالوا: يا محمد بلغنا أنك تقول:

وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (1). أ فعنيتنا أم عنيت قومك؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «عنيت الجميع». فقالوا: يا محمد، أما تعلم أن اللّه عزّ و جلّ أنزل التوراة على موسى- عليه السلام- و خلفها موسى فينا؟

و في التوراة أنباء كل شي ء! فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «التوراة و ما فيها من الأنباء قليل في علم اللّه تعالى» فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ .. إلى آخر الآيات الثلاث (2)، و باقيها مكيّ (3).

سورة السجدة

و في السجدة ثلاث آيات نزلن بالمدينة لمّا قال الوليد بن عقبة (4) لعلي (5)- رضي اللّه

ص: 134


1- الإسراء: (85).
2- لقمان: (27- 29).
3- ذكره الطبري في تفسيره 21/ 81 بأسانيده إلى ابن عباس و عكرمة و عطاء بن يسار بألفاظ متقاربة، و عزاه ابن إسحاق إلى ابن عباس انظر: سيرة ابن هشام 1/ 308. كما ذكر نحو قول السخاوي: الواحدي في أسباب النزول: 198. و أيضا البغوي في تفسيره 5/ 181. يقول الخازن و على هذا، الآية مدنية. اه و هو تأييد لما ذكره السخاوي، و قد نسب السيوطي هذا القول إلى ابن عباس، انظر الإتقان 1/ 24، 43، و راجع الدر المنثور 6/ 526، و أسباب النزول له ص 560 على هامش الجلالين.
4- الوليد بن عقبة بن أبي معيط أبو وهب الأموي القرشي، أخو عثمان بن عفان لأمه، أسلم يوم فتح مكة ت 61 ه. انظر: السيرة النبوية 2/ 296، و التقريب 2/ 334، و الإصابة 10/ 311، رقم 9148، و جمهرة أنساب العرب، 115، و الأعلام 8/ 122.
5- علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو الحسن أمير المؤمنين، و رابع الخلفاء الراشدين، و أحد المبشرين بالجنة، و ابن عم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صهره، مناقبه أشهر من أن تذكر رضى اللّه عنه، استشهد سنة 40 ه، قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي. انظر: صفة الصفوة 1/ 308، و معرفة القراء الكبار 1/ 25، و الإصابة 7/ 57، رقم 5682، و الأعلام 4/ 295.

عنه-: أنا أذرب منك لسانا- يعني أحدّ لسانا- و أحدّ سنانا (1) و أردّ للكتيبة (2). فقال له عليّ- عليه السلام-: أسكت فإنك فاسق، فأنزل اللّه عزّ و جلّ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً ... (3) الآيات (4).

و قال آخرون: إلّا خمس آيات من قوله عزّ و جلّ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ (4) ..... إلى قوله ... الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ .. (6).

سورة سبأ

و قال مقاتل: قوله عزّ و جلّ في سبأ وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ .. (5) هذه الآية منها مدني (6).

ص: 135


1- السنان: سنان الرمح: و جمعه أسنّة، و سنان الرمح: حديدته و سننت السنان أسنّه فهو مسنون: إذا أحددته على المسن، و سننت فلانا بالرمح: إذا طعنته به. راجع اللسان 9/ 223، و القاموس 4/ 238، و مختار الصحاح 317.
2- رده عن الشي ء يرده ردا وردة- بالكسر- أي صرفه. انظر: اللسان 3/ 172، و القاموس 1/ 304، و مختار الصحاح 239، فكأن الوليد يصف نفسه بقوة الشكيمة بحيث يقف أمام الكتيبة فيردّها على أعقابها.
3- السجدة (18- 20) أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ... (4) ذكره الطبري: 21/ 107 بسنده إلى عطاء بن يسار، قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب و الوليد بن عقبة بن أبي معيط .. إلخ و ذكره الواحدى 200 بسنده إلى ابن عباس، و عزاه البغوي 5/ 183 إلى عطاء و كذلك الخازن، و عزاه القرطبي 14/ 84، إلى مقاتل و الكلبي، و قال القرطبي: 14/ 105- عند تفسيره الآية- قال: ابن عباس و عطاء بن يسار: نزلت في علي بن أبي طالب و الوليد ابن عقبة بن أبي معيط ... و ذكر نحو ما ذكره السخاوي، و عزاه ابو حيان، 7/ 196، إلى ابن عباس و مقاتل و الكلبي، و عزاه السيوطي في الإتقان إلى ابن عباس 1/ 25، 43، و قد ذكر هذا صاحب فتح القدير 4/ 255 عن ابن عباس من عدة طرق و ذكره عن عطاء بن يسار و السدي و عبد الرحمن بن أبي ليلى. و يتحصل من هذه الأقوال أن هذه الآيات مدنيات نزلت في علي و الوليد قال بذلك ابن عباس و مقاتل و الكلبي و عطاء بن يسار و السدي و عبد الرحمن بن أبي ليلى.
4- في د، ظ: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ .. (6) السجدة (16- 20). و هذا الاستثناء يعد زيادة على ما تقرر في رواية ابن عباس و غيره ممن تقدم ذكرهم آنفا، و بهذا تكون الآيات المستثناة خمسا و هو يوافق ما ذكره السخاوي. راجع تفسير القرطبي 14/ 84 و أبي حيان 7/ 196، و الإتقان للسيوطي 1/ 43.
5- سبأ (6). وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ .. الآية.
6- القول بمدنيّة هذه الآية المذكورة أو مكيّتها مترتب على المراد بالذين أوتوا العلم، هل هم الذين أسلموا من أهل الكتاب بعد الهجرة، أو هم الذين أوتوا العلم من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ يقول الطبري: 22/ 62 عنى بالذين أوتوا العلم: مسلمة أهل الكتاب كعبد اللّه بن سلام و نظرائه. اه. و بناء عليه فتكون الآية مدنية. ثم ذكر القول الآخر و من قال به، و بناء عليه فتكون الآية مكية، و قد أيد الطبري في ما ذهب إليه ابن عطية، كما نقله عنه أبو حيان في تفسيره 7/ 257. و راجع الجواهر الحسان للثعالبي 3/ 239. و قد حكى القرطبي القولين، و عزا القول بمدنيّتها إلى مقاتل، كما ذكره السخاوي، انظر الجامع لأحكام القرآن 14/ 258، و راجع فتح القدير 4/ 313 عند تفسير الآية الكريمة.
سورة الزمر

و في الزمر أربع آيات نزلت (1) فيما قيل بالمدينة.

الأولى: يا عِبادِ (2) الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ .. (3).

و الثلاث الباقية نزلت (4) في وحشي (5)- فيما ذكروا-.

يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ .. إلى قوله وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (6).

ص: 136


1- في بقية النسخ: نزلن.
2- في الأصل: يا عبادي.
3- الزمر (10). نقل هذا السيوطي في الإتقان 1/ 444 و عزاه إلى «جمال القراء» للسخاوي، و ذكره أبو حبان 7/ 414 و عزاه إلى مقاتل، و كذلك الخازن 6/ 56 دون عزو.
4- في د و ظ: نزلن.
5- وحشي بن حرب الحبشي أبو دسمة، من سودان مكة، قاتل حمزة عم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم أحد توفي نحو سنة 25 ه. انظر قصة قتله لحمزة رضي اللّه تعالى عنه و قصة إسلامه في صحيح البخاري 5/ 36، كتاب المغازي باب قتل حمزة، و راجع فتح الباري 7/ 367، و راجع ترجمته في الإصابة 10/ 299 رقم 9110، و الاستيعاب في معرفة الأصحاب 11/ 48 رقم 2739 على هامش الإصابة، و التقريب 2/ 330، و الأعلام 8/ 111.
6- الزمر (53- 55). قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ذكره الواحدي في أسباب النزول ص 213 الأقوال التي قيلت في سبب نزول هذه الآيات، و من ضمن تلك الأقوال أن هذه الآيات نزلت في وحشي قاتل حمزة- رضي اللّه تعالى عنه- و راجع 193 من نفس المصدر عند الكلام عن سورة الفرقان، و انظر تفسير القرطبي 15/ 268 و أسباب النزول للسيوطي 614 على هامش الجلالين، و قد نص البغوي في تفسيره 6/ 55 على مدنية قوله تعالى قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا .. و كذلك الخازن، إلّا أنه حكى قولا آخر أيضا، و هو استثناء هذه الآية و التي بعدها إلى قوله تعالى وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ و هو يوافق ما ذكره السخاوي، راجع البحر المحيط 7/ 414، و الجامع لأحكام القرآن 15/ 232، و البرهان للزركشي 1/ 202، و الإتقان 1/ 25، 43، و فتح القدير 4/ 447، و الجواهر الحسان: 4/ 46، 60.
سورة غافر

و قال ابن عباس و قتادة في المؤمن: هي مكيّة غير آيتين نزلتا بالمدينة إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ .. (1) و التي تليها.

سورة الشورى

و كذلك قالا (2) في الشورى: آيات غير مكيّة.

قال ابن عباس: لمّا نزل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (3) قال رجل من الأنصار: و اللّه ما أنزل اللّه هذا في القرآن قط (4)، فأنزل اللّه عزّ و جلّ أَمْ

ص: 137


1- غافر (56، 57) .. فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ .. الآيتين. عزا هذا القول إلى ابن عباس و قتادة القرطبي 15/ 288، و كذلك الشوكاني 4/ 479 و هو موافق لما ذكره السخاوي. يقول السيوطي: أخرج عبد بن حميد و ابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية- رضي اللّه عنه- قال: إنّ اليهود أتوا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقالوا: إن الدجّال يكون منا في آخر الزمان، و يكون من أمره، فعظموه ... فأنزل اللّه، و ذكر الآية. انظر الدر المنثور 7/ 294، و نقله عنه الشوكاني 4/ 499، و راجع الإتقان 1/ 44، و أسباب النزول للسيوطي: 625.
2- أي ابن عباس و قتادة.
3- الشورى (23).
4- لم أجد- حسب اطلاعي- من ذكر مقالة هذا الرجل الأنصاري من المفسّرين كالطبري 15/ 22- 29، و ابن كثير 4/ 111، و السيوطي 7/ 346، و الشوكاني 4/ 536 و غيرهم. و إنما وجدت الإمام البغوي في تفسيره 6/ 102- و تابعه الخازن- قال: قال ابن عباس: لمّا نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وقع في قلوب قوم منها شي ء، و قالوا: يريد أن يحثنا على أقاربه من بعده، فنزل جبريل، فأخبره أنهم اتهموه و أنزل هذه الآية، فقال القوم الذين اتهموه: يا رسول اللّه، نشهد إنّك صادق. فنزل وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ .. اه. و قد أخرج هذا السيوطي في الدر 7/ 348 عن سعيد بن جبير- بنحو ما ذكره البغوي- و ضعفه، و كذلك في أسباب النزول له عن ابن عباس ص 642 على هامش الجلالين و ذكر نحوه كذلك الألوسي 15/ 38 عن سعيد بن جبير إلّا أنّه نسب هذه المقالة إلى المنافقين ثم تابوا بعد نزول الآية و ندموا فأنزل اللّه وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ...

يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ .. (1) قال: ثم إن الأنصاري تاب و ندم، فأنزل اللّه تعالى وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ .. إلى قوله ... لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (2) فهذه الآيات على قوله مدنيّات (3).

سورة الجاثية

و قال قتادة- في الجاثية في قوله عزّ و جلّ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا ... (4): هذه الآية وحدها مدنيّة (5).

ص: 138


1- الشورى (24).
2- الشورى: (25- 26).
3- اختلف العلماء في هذه الآيات التي استثناها السخاوي عن ابن عباس و قتادة- هل هي مكيّة- فتكون السورة كلها مكية دون استثناء-، أو مدنية؟ قال القرطبي: 16/ 1 السورة مكيّة في قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر ثم قال: و قال ابن عباس و قتادة: إلّا أربع آيات منها أنزلت بالمدينة و ذكرها، و كذلك الشوكاني 4/ 524 عزا هذا الاستثناء إلى ابن عباس و قتادة و هو موافق لما ذكره السخاوي عنهما. و عزاه أبو حيان 7/ 507 و الخازن 6/ 97 إلى ابن عباس، و هذا الاستثناء مبني على أن الآيات نزلت في الأنصار أو في المنافقين- كما تقدم. و هناك قول بمكية هذه السورة كلها، و هو متفق مع القرطبي في أحد قوليه، و في هذا المعنى يقول ابن كثير 4/ 112- بعد أن ساق الآثار الصحيحة عن ابن عباس في تفسيرها- يقول: و ذكر نزول الآية: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ ..- في المدينة فيه نظر، لأن السورة مكية. اه و هذا ما رجحه ابن حجر في الفتح 8/ 546. و يقول الشوكاني: 4/ 536- عند تفسير الآية- الأولى إنّ الآية مكيّة لا مدنيّة و من قال إنّها مدنية، فإنّ أدلته التي تمسك بها لا تقوى على ما ثبت عن ابن عباس من عدة طرق من تفسيرها بما يفيد مكيّتها. انتهى بمعناه. و هذا هو الصحيح- إن شاء اللّه تعالى- و ما عدا ذلك فهي أقوال مرجوحة، سيما و إنّ السيوطي ذكر في الدر 7/ 346 عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية بمكة، كان المشركون يؤذون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأنزل اللّه .. و ذكر الآية.
4- الجائية (14) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ..
5- أورد الواحدي في أسباب النزول ص 215 روايتين عن ابن عباس في سبب نزول هذه الآية، تدلّان على أن الآية مدنيّة، و أنها نزلت في عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- و عبد اللّه بن أبي بسبب ما جرى بينهما في غزوة بني المصطلق. و الرواية الثانية أنها نزلت في عمر و فنحاص اليهودي عند ما قال: احتاج ربّ محمد، فروى أنّ عمر أراد أن يبطش بهما و أن يضرب عنقيهما فنزلت الآية. و راجع تفسير القرطبي 16/ 161 حيث ذكر هذا عن الواحدي و القشيري و كان قبل ذلك- عند بداية السورة- قد عزا القول بمدنية الآية إلى ابن عباس و قتادة. و كذلك أبو حيان 8/ 42. و قد حكى القرطبي و أبو حيان قولا آخر عن المهدوي و النحاس عن ابن عباس أنّ الآية نزلت في عمر شتمه رجل من المشركين بمكة قبل الهجرة فأراد أن يبطش به فنزلت. و على هذا فتكون السورة كلها مكيّة من غير خلاف. لكن ابن العربي المالكي لم يرتض هذا السبب- أي أنها نزلت في عمر و الرجل المشرك- و قال: هذا لم يصح. انظر: أحكام القرآن له 4/ 1693. هذا و قد نقل كلام السخاوي كل من السيوطي في الإتقان 1/ 44، و الألوسي في تفسيره 15/ 138 و عزواه الى «جمال القراء». و بناء على هذا فقد ترجح القول بمدنيّة هذه الآية و اللّه أعلم.
سورة الأحقاف

و في الأحقاف: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ .. (1) الآية. نزلت في عبد اللّه بن سلام (2) (3).

و قوله عزّ و جلّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ .. (4)،

ص: 139


1- الأحقاف (10).
2- تقدمت ترجمته عند الحديث عن سورة هود ص 123.
3- اختلف العلماء في هذه الآية الكريمة هل هي مكيّة أو مدنية؟ و الذي ظهر لي من خلال قراءتي في كتب التفاسير و غيرها أنّها مدنيّة نزلت في عبد اللّه بن سلام عند ما أسلم بعد مقدم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة، و على هذا أكثر العلماء، و في مقدمتهم الإمام الطبري حيث قال:- بعد كلام- غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأن ذلك عنى به عبد اللّه بن سلام. و عليه أكثر أهل التأويل و هم كانوا أعلم بمعاني القرآن، و السبب الذي فيه نزل، و ما أريد به. اه انظر تفسيره 26/ 12. و راجع سنن الترمذي 9/ 137 مع تحفة الأحوذي، و تفسير القرطبي 16/ 188، و فتح الباري 7/ 130، كتاب مناقب الأنصار، و أسباب النزول للسيوطي 665، و الإتقان له 1/ 45، و تفسير ابي حيان 8/ 54 و الألوسي 16/ 3. و هناك قول آخر للطبري و غيره يفيد أن الآية مكيّة. هذا و لم يستثن الزركشي شيئا من الحواميم إلّا هذه الآية من سورة الأحقاف قال: نزلت في عبد اللّه بن سلام. اه انظر البرهان 1/ 202.
4- الأحقاف (35). قال القرطبي 16/ 221 ذكر مقاتل أن هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم أحد ... الخ. و قد استثنى هذه الآية فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ .. و الآية التي سبق ذكرها قُلْ أَ رَأَيْتُمْ .. استثناهما أبو حيان و عزاهما إلى ابن عباس و قتادة انظر تفسيره 8/ 54، و استثناهما الخازن دون عزو 6/ 130. قال السيوطي في الإتقان: 1/ 45- بعد كلامه على قوله تعالى قُلْ أَ رَأَيْتُمْ و استثنى بعضهم وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ .. الأربع الآيات 15- 18، و قوله: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ .. الآية. ثم قال: حكاه في «جمال القراء» اه. قلت: و هذا خطأ في النقل، فإنّ السخاوي لم ينص على استثناء قوله تعالى وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ .. الآيات. و تابع السيوطي في ذلك الألوسي في تفسيره 16/ 4 فنسب هذا الاستثناء إلى «جمال القراء» فليتأمل.

و باقيها مكي (1).

سورة القتال

و سورة القتال مدنيّة، و قد سبق القول فيها (2).

و قيل: هي مدنية إلّا قوله عزّ و جلّ وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (3) قيل: إن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لما توجّه مهاجرا الى المدينة وقف و نظر إلى مكة و بكى، فنزلت هذه الآية (4).

ص: 140


1- في د: و باقيها مكية.
2- و ذلك عند كلامه عن السّور التي نزلت في المدينة مرتبة حسب نزولها و هي تاسع سورة في الترتيب حسبما ذكره السخاوي عن ابن عباس في رواية عطاء الخراساني. و قد قال السخاوي هناك: و قال غير عطاء: هي مكيّة، و هي بالمدنيّ أشبه. قلت: و هو كما قال، و عليه أكثر العلماء، راجع تفسير القرطبي 16/ 223 و أبي حيان 8/ 72، و الشوكاني 5/ 28، و الألوسي 26/ 36. و قد ذكر هذه السورة ضمن السّور المدنيّة دون استثناء كل من الزركشي في البرهان 1/ 194، و السيوطي في الإتقان 1/ 27، 29. و الخازن في مقدمة تفسيره: 1/ 10. و هناك قول للنسفيّ بأن السورة مكيّة. راجع تفسيره 4/ 148، و استغربه السيوطي في الإتقان 1/ 32، و حكاه كذلك أبو حبان 8/ 72 عن الضحاك و ابن جبير و السدي، قال الشوكاني 5/ 28 و هو غلط من القول، فإنّ السورة مدنية كما لا يخفى.
3- محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (13).
4- نقل هذا عن السخاوي السيوطي في الإتقان 1/ 55 عند الكلام عن معرفة الحضري و السفري. و عزا القول بمكيّة هذه الآية إلى ابن عباس و قتادة: القرطبي 16/ 223، و أبو حيان 8/ 72، و الشوكاني 5/ 28. و الألوسي 16/ 36 إلّا أنهم اختلفوا في وقت نزولها فقال القرطبي و أبو حيان و الشوكاني: إنّها نزلت بعد حجّة الوداع، و هذا على قول من يقول: ما نزل بمكة و لو بعد الهجرة المكي و قال السخاوي و السيوطي و الألوسي: إنها نزلت لما خرج عليه الصلاة و السلام من مكة مهاجرا إلى المدينة. و في هذا يقول السيوطي في الدر 7/ 463 أخرج عبد بن حميد و أبو يعلى و ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- (أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا خرج من مكّة إلى الغار التفت إلى مكة، و قال: أنت أحب بلاد اللّه إلى اللّه، و أنت أحب بلاد اللّه إليّ، و لو لا أن أهلك أخرجوني منك لم اخرج منك ... فأنزل اللّه تعالى وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ .. الآية و راجع أسباب النزول له 672 و قد ذكر هذا القرطبي 16/ 235 عند تفسيره الآية و قال: و هو حديث صحيح. اه. و بناء عليه يفهم أن للقرطبي قولين: و مما تقدم يمكنني أن أقرر و أنا مطمئن بأن الآية نزلت عند الهجرة. لأن ملابسات النظر إلى مكّة و البكاء متحقق عند خروجه عليه الصلاة و السلام خفية تاركا وطنه و أهله و ماله. أما بعد حجّة الوداع فإن مكّة أصبحت دار إسلام و أمان و لم يخرج منها أحد فرارا بدينه بعد ذلك. و اللّه أعلم.
سورة ق

و قال ابن عباس و قتادة: قوله عزّ و جلّ في (1) سورة ق وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (2) نزلت هذه الآية بالمدينة (3) و باقي السورة بمكة.

سورة النجم

و قالا (4): في سورة (و النجم) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ (5) وَ الْفَواحِشَ .. (6)

الآية نزلت بالمدينة (7) و باقيها مكّي.

ص: 141


1- (في) ساقطة من د، ظ.
2- سورة ق (38).
3- نسب هذا القول إلى ابن عباس و قتادة: القرطبي 17/ 1، و أبو حيان 8/ 120، و الشوكاني 5/ 70، و الألوسي 26/ 170 بإسناده إلى قتادة أنها نزلت في اليهود، و ذكره كذلك الواحدي في أسباب النزول 226 بإسناده إلى ابن عباس، و نسبه إلى الحسن و قتادة دون إسناده و عزاه القرطبي 17/ 24 إلى قتادة و الكلبي. و عزاه كذلك ابن كثير إلى قتادة، راجع تفسيره 4/ 229، و انظر: الدر المنثور 7/ 609، و الإتقان 1/ 45.
4- أي ابن عباس و قتادة.
5- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
6- النجم (32) .. وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ.
7- عزا هذا الاستثناء إلى ابن عباس و قتادة القرطبي في تفسيره 17/ 81. و عزاه الشوكاني إلى ابن عباس و عكرمة. انظر تفسيره 5/ 103 قال السيوطي في الإتقان 1/ 45 النجم استثنى منها الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ إلى اتَّقى آية (32). و قيل: أ فرأيت الذي تولى .. الآيات التسع (33- 41). و راجع تفسير الألوسي 27/ 44.
سورة الرحمن

و اختلف في تنزيل سورة الرحمن عزّ و جلّ.

فقالت عائشة- رضي اللّه عنها- و الحسن و عكرمة و عطاء بن يسار و مجاهد و سفيان بن عيينة (1) و مقاتل: هي مكيّة (2).

و قال ابن عباس و قتادة: هي مكيّة إلّا آية واحدة يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ ... (3) فإنها نزلت بالمدينة (4) اه.

ص: 142


1- سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي أبو محمد محدث الحرم المكّي و كان واسع العلم كبير القدر (107- 198 ه) راجع ترجمته في صفة الصفوة 2/ 231، و الفهرست لابن النديم 316، و الميزان 2/ 170 و التقريب 1/ 312، و طبقات المفسّرين للداودي 1/ 196، و الرسالة المستطرفة 31، و الأعلام للزركلي 3/ 105.
2- قال القرطبي 17/ 151 مكّية كلها في قول الحسن و عروة بن الزبير و عكرمة، و عطاء و جابر، ثم قال القرطبي: و هذا هو الأصح، ثم ذكر الأدلة على ذلك، و نقل هذا عن القرطبي الشوكاني في تفسيره 5/ 130 و قد نسب القول بمكّيتها إلى الجمهور أبو حيان في البحر 8/ 187، و السيوطي في الإتقان 1/ 33 و قال: و هو الصواب، و ساق الأدلة على ذلك و منها قصة الجن، و راجع الدر المنثور 7/ 689، و تفسير الألوسي 17/ 96 و الثعالبي 4/ 240، و تاريخ المصحف 108.
3- الرحمن (29).
4- عزا القرطبي هذا الاستثناء إلى ابن عباس. انظر تفسيره 17/ 151، و كذلك أبو حيان 8/ 187 و نقله عنه الألوسي 17/ 96، و عزاه السيوطي في الإتقان 1/ 45 إلى «جمال القراء» للسخاوي، يقول الألوسي 17/ 97 و حكى استثناء هذه الآية في «جمال القراء» عن بعضهم، و لم يعينه. اه. قلت: بل قد عينه السخاوي و نسبه إلى ابن عباس و قتادة، و لعل الألوسي- عفا اللّه عنه- اكتفى بالنقل من الإتقان، دون الرجوع إلى الأصل. و هنا ينشأ سؤال لما ذا قيل إنّ هذه الآية مدنية استثنيت من سائر السورة؟ و بالرجوع إلى ما روي في سبب نزولها يتضح الجواب، قال البغوي في تفسيره: 7/ 5 قال مقاتل: نزلت في اليهود حين قالوا: إنّ اللّه لا يقضي يوم السبت شيئا. اه. و ذكره كذلك عن مقاتل أبو حيان 7/ 193 و أيضا الألوسي 17/ 111 و ذكره الخازن دون عزو بصيغة قيل، و كذلك أبو السعود 8/ 181، و عزاه الثعالبي في الجواهر الحسان في تفسير القرآن إلى النقاش 4/ 244.

و قال عطاء بن أبي مسلم- عن ابن عباس- و نافع بن أبي نعيم (1) و كريب (2): هي مدنية (3).

سورة الواقعة

قال (4) ابن عباس و الكلبي و قتادة: الواقعة مكيّة، إلّا آية واحدة وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (5) (6).

ص: 143


1- نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي، أحد القراء السبعة المشهورين انتهت إليه رئاسة الإقراء في المدينة و أقرأ الناس فيها نيفا و سبعين سنة و توفي بها سنة 169 ه. معرفة القراء الكبار 1/ 107 و ميزان الاعتدال 4/ 242، و التقريب: 2/ 295 و مشاهير علماء الأمصار: 141 و الأعلام 8/ 5.
2- كريب- بضم ففتح كزبير- بن أبي مسلم، أبو رشدين، مولى ابن عباس ت 98 ه. الجرح و التعديل 7/ 168، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم: 1/ 323 و مشاهير علماء الأمصار: 72، و التقريب 2/ 134.
3- هذا القول عزاه القرطبي إلى ابن مسعود و مقاتل 17/ 151، و عزاه أبو حيان 8/ 187 إلى ابن مسعود فقط، و نقله عنه الألوسي في تفسيره 17/ 96. ثم قال أبو حيان: و عن ابن عباس القولان- أي انه روي عنه أنها مكيّة و روي عنه أنها مدنية- و نقله عنه الألوسي كذلك، و ذكر القولين عن ابن عباس الخازن في تفسيره 7/ 2. و خلاصة ما قيل في هذه السورة:- أ- يرى الجمهور أنها مكيّة دون استثناء. ب- يرى بعض العلماء أنها مكيّة سوى آية واحدة كما ذكره السخاوي عن ابن عباس و قتادة، و أضيف إليها قوله تعالى عقبها فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ آية 30 بحكم اتصالها بها كما ذكر ذلك سليمان الجمل في الفتوحات الإلهية 4/ 252، و الصاوي في حاشيته على الجلالين 4/ 152. ج- و يرى البعض الآخر انها مدنيّة كلها دونه استثناء كما ذكر ذلك أبو حيان عن ابن عباس في أحد أقواله و ابن مسعود، و كما ذكره القرطبي عن مقاتل. د- حاول بعض العلماء كالشوكاني أن يجمع بين كونها مكيّة و كونها مدنيّة فقال: إنّه نزل بعضها بمكّة و بعضها بالمدينة، اه. قال أبو السعود 8/ 176 سورة الرحمن مكيّة أو مدنية أو متبعضة. اه و أقول: الراجح القول بمكيّتها كلها. لأن هذا قول جمهور العلماء و اللّه أعلم.
4- في بقية النسخ: و قال.
5- الواقعة (82).
6- ذكر هذا الاستثناء القرطبي 17/ 194 و الشوكاني 5/ 146، و الألوسي 27/ 128، و قد عزاه الألوسي إلى ابن عباس و قتادة، و عزاه القرطبي و الشوكاني إلى ابن عباس و قتادة و الكلبي، إلّا أنهما ذكرا عن الكلبي استثناء أربع آيات هي قوله تعالى أَ فَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ* وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ جمال القراء و كمال الإقراء، ج 1،تُكَذِّبُونَ، و قوله سبحانه ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (39- 40). و قد ذكر السيوطي في الدر المنثور 8/ 29 و في أسباب النزول: 719 و في الإتقان 1/ 56 أنها نزلت في رجل من الأنصار في غزوة تبوك .. الخ و لعل ذلك هو الذي جعل ابن عباس و غيره يقولون بمدنيّة هذه الآية
سورة المجادلة

و قيل في سورة المجادلة: هي مدنيّة إلّا قوله ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ (1) ..

الآية.

سورة الصف و الجمعة و التغابن

و قيل في الصف و الجمعة: هما مدنيّتان (2)، و قيل: مكّيتان (3)، و كذلك التغابن (4).

ص: 144


1- المجادلة (7). ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ .. الآية. عزاه القرطبي 17/ 269 و أبو حيان 8/ 232، إلى الكلبي و نقله الشوكاني عن القرطبي راجع فتح القدير 5/ 181. و كذلك سليمان الجمل في الفتوحات الإلهية 4/ 298، و انظر: روح المعاني للآلوسي 28/ 2 و حاشية الصاوي على الجلالين 4/ 178. و عزاه الثعالبي في الجواهر الحسان 4/ 275 إلى النقاش، و عزاه السيوطي في الإتقان 1/ 46 إلى ابن الفرس. و لعل سبب استثناء هذه الآية: ما ذكره أبو حيان عن ابن عباس قال: نزلت في ربيعة و حبيب- ابني عمرو- و صفوان بن أمية، تحدثوا، فقال أحدهم: أ ترى اللّه يعلم ما نقول؟ فقال الآخر: يعلم بعضا و لا يعلم بعضا، فقال الثالث: ان كان يعلم بعضا فهو يعلمه كله. اه انظر تفسيره 8/ 235، و راجع روح المعاني للآلوسي 28/ 24. و هناك قول آخر لأبي حيان و الألوسي مفاده أنّ الآية نزلت في المنافقين و بناء عليه تكون السورة كلّها مدنية. و اللّه أعلم.
2- و هو قول جمهور العلماء، راجع في هذا تفسير القرطبي 17/ 77، 91 و أبي حيان 8/ 261، 266، و الثعالبي 4/ 295، 298، و الشوكاني 5/ 218، 224، و الخازن 7/ 70، 72، و الألوسي 28/ 83، 92، و الجمل على الجلالين 4/ 335، 340، و انظر الإتقان 1/ 33، 34، و تحفة الأحوذي 9/ 206.
3- انظر المصادر السابقة، و هو قول مرجوح.
4- أي اختلف في سورة التغابن بين كونها مدنيّة أو مكيّة، فذهب جمهور العلماء إلى أنها مدنيّة كما في تفسير القرطبي 18/ 131، و أبي حيان 8/ 276، و الخازن 7/ 86 و الشوكاني 5/ 234، و الألوسي: 28/ 119، و الفتوحات الإلهية 4/ 349 و حاشية الصاوي على الجلالين 4/ 210، و راجع تحفة الأحوذي 9/ 223، و تاريخ المصحف ص 109.
سورة القلم

و قال ابن عباس و قتادة: في سورة (نون) من أولها إلى قوله .. عَلَى الْخُرْطُومِ (1) مكيّ، ثم إلى قوله (2) .. أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (3) مدنيّ ثم إلى قوله .. فَهُمْ يَكْتُبُونَ (4) مكي، ثم إلى قوله .. مِنَ الصَّالِحِينَ (5) مدني، ثم إلى آخرها مكي (6).

سورة المرسلات

و المرسلات مكّيّة كلها (7)، و قد روي عن ابن مسعود (8): أنّها نزلت على رسول

ص: 145


1- القلم (1- 16) إلى قوله تعالى سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ.
2- من هنا إلى قوله مِنَ الصَّالِحِينَ ساقط من د، ظ بانتقال النظر.
3- القلم (17- 33) .. وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.
4- القلم (34- 47) .. أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ.
5- القلم (48- 50) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ.
6- قال هذا بنصه القرطبي 18/ 222، و عزاه إلى الماوردي، و نقله عنه سليمان الجمل 4/ 382. و عزاه السيوطي في الإتقان 1/ 46، إلى «جمال القراء» للسخاوي و ذكر الشوكانى 5/ 266 أن من آية 17 إلى آية 50 مدني و من أولها إلى آية 16 ثم من آية 51 إلى آخرها مكّي و عزاه إلى الماوردي. هذا و لم يستثن منها ابن عطية شيئا حيث قال: إنها كلّها مكيّة بلا خلاف من أهل التأويل. اه كما نقله عنه أبو حيان في تفسيره 8/ 307. كما وافق ابن عطية في رأيه الثعالبي 4/ 324 و الألوسي: 29، 27 و الذي ظهر لي أنّ السورة كلّها مكيّة دون استثناء حيث إنّ كثيرا من أهل التفسير لم يستثنوا منها شيئا إضافة إلى ابن عطية. كالزمخشري 4/ 140، و الفخر الرازي 30/ 77، و أبي السعود 9/ 11 و النسفي 4/ 279، و ابن كثير 4/ 400. و اللّه أعلم.
7- قال القرطبي 19/ 153 مكيّة في قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر. اه و كذلك قال الشوكاني 5/ 355 و قال الثعالبي. 4/ 376 هي مكية في قول الجمهور و قيل: فيها من المدني وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ اه. آية: 48.
8- عبد اللّه بن مسعود الهذلي، أبو عبد الرحمن، صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، أول من جهر بالقرآن بمكّة، و كان خادم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صاحب سره و رفيقه في حله و ترحاله توفي بالمدينة سنة 32 ه عن نحو ستين عاما. راجع صفة الصفوة 1/ 395، و الإصابة 6/ 214 رقم 4945، و معرفة القراء الكبار 1/ 32، و الاستيعاب 7/ 20، و التقريب 1/ 450، و الأعلام 4/ 137.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة الجن، قال: و نحن بحراء (1) اه.

و يقال: إنّ فيها من المدني وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (2).

سورة المطففين

و اختلف في المطففين، فقيل: هي أول ما نزلت (3) بالمدينة (4).

و عن ابن عباس: أنها مكيّة (5).

ص: 146


1- اخرج البخاري 6/ 78 عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: بينما نحن مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في غار بمنى- إذ نزلت عليه وَ الْمُرْسَلاتِ .. الحديث، كتاب التفسير، باب (هذا يوم لا ينطقون) و انظر فتح الباري 8/ 688، و تفسير ابن كثير 4/ 458، و قال القرطبي 19/ 153 قال ابن مسعود: نزلت وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة الجن و نحن معه نسير، حتى أوينا إلى غار بمنى فنزلت .. الحديث.
2- المرسلات (48). عزاه القرطبي إلى ابن عباس و قتادة، و كذلك الشوكاني. انظر المصدرين السابقين. و عزاه أبو حيان 8/ 403 إلى ابن عباس و قتادة و مقاتل، و كذلك الألوسي 29/ 213، و استثناها السيوطي في الإتقان 1/ 46. و قال: حكاه ابن الفرس و غيره. اه. و قد ذكر ابن حجر في الفتح 9/ 41 الآيات التي نزلت بعد الهجرة مما في السور المكيّة، مبتدئا من آية (الأعراف) و منتهيا الى سورة الْمُرْسَلاتِ و هو قريب مما ذكره السخاوي.
3- هكذا في الأصل (نزلت) و في بقية النسخ: نزل. و هو الصواب.
4- قال القراء في معاني القرآن: 3/ 245، نزلت سورة المطففين أول قدوم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة ... الخ. اه و قال السيوطي في الإتقان: 1/ 34 أخرج النسائي و غيره- بسند صحيح- عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فأنزل اللّه وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فأحسنوا الكيل. اه و قد ذكره هذا الحديث بإسناده إلى ابن عباس: البغوي في تفسيره: 7/ 182، و الواحدي، في أسباب النزول: 253، و ابن كثير في تفسيره 4/ 483، و راجع أسباب النزول للسيوطي 788 على هامش الجلالين. و فتح القدير للشوكاني 5/ 397، و روح المعاني للآلوسي: 30/ 85 و على هذا فتكون السورة مدنيّة. و قد عزا القول بمدنيّة هذه السورة القرطبي 19/ 250 إلى الحسن و عكرمة و مقاتل- في أحد قوليه-، و كذلك أبو حيان 8/ 439، و نقله الشوكاني عن القرطبي 5/ 397. و عزاه الثعالبي إلى ابن عباس- في أحد قوليه- راجع الجواهر الحسان 4/ 393.
5- سبق للسخاوي قوله بأن سورة المطففين آخر السور المكيّة، و ذلك عند ذكره لرواية عطاء الخراساني عن ابن عباس في ترتيب السور المكية حسب نزولها قال الزركشي في البرهان: 1/ 194 قال مجاهد و عطاء: آخر ما نزل بمكّة وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ اه. و قال ابن جزي الكلبي في تفسيره: 4/ 183 سورة المطففين مكّيّة نزلت بعد العنكبوت، و هي آخر سورة نزلت بمكة. اه. و قد عزا القول بمكّيّة هذه السورة القرطبي 19/ 250، و أبو حيان 8/ 439 إلى ابن مسعود و الضحاك و مقاتل- في أحد قوليه-. و نقل هذا الشوكاني عن القرطبي، راجع فتح القدير 5/ 397. و على هذا فتكون السورة مكية، كما ذكره السخاوي عن ابن عباس. و هناك قول ثالث ذكره القرطبي: و هو أنها نزلت بين مكّة و المدينة و عزاه إلى الكلبي و جابر بن زيد، و ذكره أبو حيان دون عزو. و قال السيوطي كذلك في الإتقان 1/ 57 حكى النسفيّ و غيره أنها نزلت في سفر الهجرة، قبل دخول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة اه. و حكاه السيوطي كذلك في الإتقان 1/ 34 عن ابن الفرس. و هناك أيضا قول رابع: و هو أن بعض العلماء حاول الجمع بين تلك الأقوال، فقال: هي مكّيّة إلّا أمر التطفيف فإنه نزل بالمدينة و هو عندي قول حسن يزيل الإشكال. و هذا القول مروي عن ابن عباس و قتادة كما ذكره عنهما القرطبي و أبو حيان و نقله الشوكاني عن القرطبي. و حكاه السيوطي أيضا عن ابن الفرس- في أحد أقواله-. و عزاه الثعالبي إلى ابن عباس، انظر الجواهر الحسان 4/ 393.
سورة القدر

و سورة القدر: مدنية (1)، و قيل: مكّيّة (2)، نزلت بين عبس و الشمس (3).

سورة البينة

و قال قتادة و كريب: وجدنا في كتاب ابن عباس لَمْ يَكُنِ مكّيّة (4)، و كذا روي عن مجاهد.

ص: 147


1- راجع تفسير القرطبي 20/ 129، و البحر المحيط: 8/ 496، و لباب التأويل 7/ 226، و فتح القدير: 5/ 471.
2- انظر: المصادر السابقة، و تفسير ابن جزي الكلبي 4/ 210، و قد ذكر الثعالبي فيها القولين، و لم يرجح أحدهما على الآخر 4/ 430. و كذلك السيوطي ذكر فيها القولين، إلّا أنه رجح أنها مكّيّة، راجع الإتقان 1/ 36 و الدر المنثور 8/ 567. و الذي أميل إليه هو ما رجحه السيوطي في كونها مكّيّة لأن الذين سردوا السور المكّيّة حسب ترتيب نزولها، ذكروها ضمن السور المكّيّة كالسخاوي و الزركشي و السيوطي و الخازن. و أيضا ما تحمله السورة في طياتها من البشرى بنزول القرآن، و بيان فضل ليلة القدر يرجح كون السورة مكية. و اللّه أعلم.
3- و قد وافق السخاوي في هذا كل من الزركشي 1/ 193، و السيوطي 1/ 27، 72، و الخازن 1/ 10، و سبق للمؤلف أن ذكر ترتيبها بين عبس و الشمس، و كانت تحمل رقم (24).
4- قال القرطبي 20/ 138 مكيّة في قول يحيى بن سلام- بتشديد اللام. و قال أبو حيان 8/ 498 مكيّة في قول الجمهور. ثم قال: و روى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكيّة. و اختاره يحيى بن سلام. اه. و نقل السيوطي في الإتقان 1/ 36 و الألوسي في تفسيره 30/ 256 عن ابن الفرس أنّ الأشهر أنها مكيّة. و رجح الثعالبي في تفسيره أنّها كذلك مكيّة، راجع الجواهر 4/ 432.

و قال ابن الزبير و عطاء بن يسار: هي مدنية (1).

سورة الزلزلة

و قال مجاهد (2) في إِذا زُلْزِلَتِ: هي مكّيّة (3)، و غيره يقول: مدنيّة (4).

ص: 148


1- ذكره عنهما أبو حيان- نقلا عن ابن عطية- انظر البحر المحيط 8/ 498. و نسبه القرطبي الى الجمهور، انظر تفسيره 20/ 138. و قال الخازن: 7/ 230 هي مدنيّة في قول الجمهور، و في رواية عن ابن عباس انها مكيّة. و كذا قال سليمان الجمل 4/ 568 و الصاوي 4/ 341، و صاحب تحفة الأحوذي 9/ 284 و جزم ابن كثير بأنها مدنية، مستدلا بحديث رواه الإمام أحمد بسنده إلى أبي حبة البدري قال: لما نزلت لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إلى آخرها قال جبريل: يا رسول اللّه إنّ ربّك يأمرك أن تقرئها أبيا .. الحديث. راجع تفسير ابن كثير 4/ 536، و حديث قراءة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على أبيّ رواه البخاري في كتاب مناقب الأنصار. و في كتاب التفسير، انظر فتح الباري 7/ 126، 8/ 725. و رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبيّ بن كعب 16/ 19، بشرح النووي. و القولان- كما نرى أمامنا- قد ذكرهما جمهرة من العلماء، إلّا أنني أميل إلى أنها مدنية تبعا لما رجحه ابن كثير و غيره و اللّه أعلم.
2- اسم مجاهد ساقط من ظ.
3- قال القرطبي: 20/ 146 مكّيّة في قول ابن مسعود و عطاء و جابر و كذا قال الشوكاني 5/ 478، و نقله عن القرطبي صاحب الفتوحات الإلهية 4/ 572. و قال أبو حيان: 8/ 500 مكّيّة في قول ابن عباس و مجاهد و عطاء و كذا قال الآلوسي (30/ 266). و قال الثعالبي: 4/ 433 هي مكّيّة في قول ابن عباس و غيره. اه و حكى الخازن فيها القولين 7/ 233 دون عزو. و كذلك صاحب تحفة الأحوذي 9/ 285.
4- عزاه القرطبي إلى ابن عباس و قتادة و كذلك الشوكاني. انظر المصدرين السابقين، و راجع أيضا الدر المنثور 8/ 590، و عزاه أبو حيان إلى قتادة،و مقاتل، و كذا الألوسي، و الثعالبي قال السيوطي في الإتقان: 1/ 36 في سورة الزلزلة قولان: و يستدل لكونها مدنية بما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ .. الآية قلت: يا رسول اللّه، إني لراء عملي؟ ... الحديث،، و أبو سعيد لم يكن إلّا بالمدينة، و لم يبلغ إلّا بعد أحد. اه و نقله عنه الألوسي مطولا و ذكر هذا الحديث بطوله ابن كثير في تفسيره 4/ 540 و كذا السيوطي في الدر 8/ 594، و قد ذكر هذه السورة السخاوي ضمن السّور المدنية عند حديثه عنها و هي هناك رقم 7 و ذكرها كذلك الزركشي و السيوطي و الخازن في عداد السور المدنية و أنّها نزلت بعد سورة النساء. و بناء على ما تقدم فإني أرجح أنها مدنيّة. و اللّه أعلم.
سورة العاديات

و كذلك القول في العاديات (1).

سورة الماعون

و أَ رَأَيْتَ: مكّيّة (2)، و قال جويبر (3) عن الضحاك (4)، مدنية (5).

ص: 149


1- قال القرطبي: 20/ 153، و أبو حيان 8/ 503، و الشوكاني 5/ 481 و الألوسي 30/ 274 هي مكّيّة في قول ابن مسعود و جابر و الحسن و عكرمة و عطاء. و مدنيّة في قول ابن عباس و أنس بن مالك و قتادة. اه إلّا أنّ في تفسير القرطبي: (.. و أنس و مالك) بدلا من أنس بن مالك و أرى أنّ الصواب هو أنس بن مالك. و بناء عليه يكون هناك خطأ مطبعي. و قال السيوطي في الإتقان: 1/ 36 فيها قولان، و يستدل لكونها مدنيّة بما أخرجه الحاكم و غيره عن ابن عباس قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خيلا، فلبثت شهرا لا يأتيه منها خبر، فنزلت وَ الْعادِياتِ .. الحديث. اه. و راجع أسباب النزول للواحدي 259 و للسيوطي 810، و الدر المنثور 8/ 599، و تفسير الشوكاني 5/ 484، و الألوسي 30/ 274. و يظهر لي أنّ السورة مدنية بناء على ما استدل به السيوطي و غيره، و جو السورة أيضا ينبئ بذلك. و اللّه أعلم.
2- عزّاه القرطبي إلى عطاء و جابر، و ابن عباس في أحد قوليه. انظر الجامع لأحكام القرآن 20/ 210 و راجع فتح القدير 5/ 499، و عزاه أبو حيان إلى الجمهور، انظر تفسيره 8/ 516، و كذلك الألوسي 30/ 309.
3- جويبر بن سعيد الأزدي، نزيل الكوفة، راوي التفسير، صاحب الضحاك ضعيف جدا مات نحو 140 ه. الميزان 1/ 427، و التقريب 1/ 136، و تاريخ بغداد 7/ 250.
4- الضحاك بن مزاحم، أبو القاسم- و يقال أبو محمد- الهلالي الخراساني المفسر كان يؤدب الأطفال، توفي بخراسان 105 ه. الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 687، و الميزان 2/ 325، و التقريب 1/ 373، و الأعلام 3/ 215.
5- عزاه القرطبي إلى قتادة و ابن عباس في أحد قوليه. و راجع تفسير أبي حيان و الشوكاني و الألوسي، الصفحات السابقة.

و قال قوم: هي مكّيّة، إلّا قوله عزّ و جلّ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ .. (1) نزلت في المنافقين (2).

سورة الإخلاص

و اختلف في سورة الإخلاص، و قد سبق قول عطاء بن أبي مسلم إنّها مكّيّة (3)، و هو يروي جميع ما ذكره عن ابن عباس، و كذلك قال كريب و نافع بن أبي نعيم (4). و قال مجاهد و محمد بن كعب القرظي (5) و أبو العالية و الربيع (6) و غيرهم: إنّها مدنية (7) و هو الصحيح إن شاء اللّه تعالى.

ص: 150


1- الماعون (4- 7). فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ...
2- ذكر هذا القرطبي 20/ 212، و أبو حيان 8/ 516، و الزركشي 1/ 203، و الثعالبي 4/ 444، و ابن جزى 4/ 219، و السيوطي في الإتقان 1/ 47. و على هذا فيكون بعض السورة نزل بمكّة و البعض الآخر نزل بالمدينة و هذا هو القول الذي اطمأنت إليه نفسي. و اللّه أعلم.
3- أي عند ذكره للسور المكيّة مرتبة حسب نزولها، و هي هناك رقم 21، قال القرطبي: 20/ 244 سورة الإخلاص مكّيّة في قول ابن مسعود و الحسن و عطاء و عكرمة و جابر، و ذكر نحوه أبو حيان 8/ 527. و راجع فتح القدير 5/ 513 و روح المعاني 30/ 341.
4- تقدمت ترجمتهما.
5- محمد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي، أبو حمزة، تابعي، مدني ثقة عالم بالقرآن (40- 119 ه) أو نحوها. انظر الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 243، و صفة الصفوة: 2/ 132، و التقريب 2/ 203، و الطبقات الكبرى لابن سعد القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص 134.
6- هو الربيع بن أنس بن زياد البكري، سكن مرو، سمع أنس بن مالك، و كان راوية لأبي العالية (ت سنة 139 ه). انظر مشاهير علماء الأمصار: 126 و التقريب 1/ 243، و الجرح و التعديل 3/ 454.
7- و عزاه القرطبي إلى ابن عباس- في أحد قوليه- و قتادة و الضحاك و السدي و كذلك عزاه الشوكاني. و عزاه أبو حيان إلى ابن عباس و محمد بن كعب و أبي العالية و الضحاك و تابعه الألوسي. انظر المصادر السابقة. و عزاه الثعالبي إلى ابن عباس 4/ 450. هذا و قد أورد الواحدي ص 262 و السيوطي في أسباب النزول سببين: أحدهما يدل على أنها مكيّة و الآخر يدل على أنها مدنيّة. ثم جمع بينهما السيوطي و رجح أنها مدنيّة، راجع أسباب النزول له ص 816 على هامش الجلالين، و قد ذكر هذا أيضا في الإتقان 1/ 37 و نقله عنه الألوسي 30/ 341. و من هذا نفهم أن الراجح في سورة الإخلاص أنها مدنية. و هو ما صححه المؤلف رحمه اللّه تعالى. و اللّه أعلم.
المعوذتان

و الفلق و الناس: من المدني (1)، و قيل: من المكّيّ (2).

فهذا جميع المختلف في تنزيله، ذكرته و ما لم أذكره من السور فلا خلاف فيه (3). و هو على ما ذكره عطاء الخراساني في المكّي و المدنيّ.

ص: 151


1- عزاه القرطبي 20/ 251، و الشوكاني 5/ 518 إلى ابن عباس- في أحد قوليه- و قتادة، و انظر البحر المحيط 8/ 530. قال أبو حيان: «قيل: و هو الصحيح» أي أنّهما مدنيتان. و هذا ما اختاره السيوطي في الإتقان 1/ 37، و هو أيضا ما يفهم من صريح كلام المؤلف. و قال مكّيّ بن أبي طالب في التبصرة ص 564 «الإخلاص و المعوذتان مدنيات» اه. و من أقوى المرجحات في كونهما مدنيتين ما قيل في سبب نزولهما، و هو قصة سحر لبيد بن الأعصم اليهودي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كما ذكر ذلك الواحدي ص 263 من أسباب النزول و كذلك السيوطي ص 817 و غيرهما. و بناء عليه يترجح أنّهما مدنيّتان. و اللّه أعلم.
2- قال القرطبي و الشوكاني: و هو قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر. و عزاه أبو حيان إلى هؤلاء المذكورين، و أضاف إليهم ابن عباس في رواية كريب عنه. المصادر السابقة.
3- هذا بالنسبة لما نقله المؤلف عن عطاء الخراساني، و إلّا فهناك سور أخرى ورد الخلاف فيها، و لم يتعرض لها، فعلى سبيل المثال: لم يتعرض للآيات المستثناة من سورة الأنعام. انظر تفسير البغوي و الخازن 2/ 95، و القرطبي 20/ 382 و أبي حيان 4/ 66، و البرهان 1/ 199، و الإتقان 1/ 38، و الدر المنثور: 3/ 344، و فتح القدير 2/ 96، و تفسير المنار 7/ 284، و لم يتعرض للحديث عن سورتي الأعلى و التكاثر هل هما مكيتان أو مدنيتان؟ و قد ذكر بعض العلماء الخلاف فيهما. انظر تفسير القرطبي 20/ 13، 168، و الشوكاني 5/ 422، 487 و الألوسي 30/ 129، 285 و راجع الإتقان 1/ 34، و تاريخ المصحف 109، 110. و هنا يحسن أن أذكر ما قاله الإمام أبو عمرو الداني: اعلم أنّ جميع سور القرآن مائة و أربع عشرة سورة، ينتهي نصف الجميع إلى سورة المجادلة- أي أنّ المجادلة من النصف الثاني-. و جملة السور المدنية التي لا خلاف فيها على ما رواه لنا أئمتنا عن سلفنا إحدى و عشرون سورة. و جملة السورة المكّيّة التي لا خلاف فيها أيضا على ذلك أربع و سبعون سورة و جملة المختلف فيه من السور، فيقال: مكي و يقال مدني: «تسع عشرة سورة و جملة ما دخل من المدنيّ في المكّيّ على ما رويناه أيضا أربعون آية. و ما دخل من المكيّ في المدنيّ خمس آيات ...» اه كتاب البيان في عد آي القرآن 29/ ب.
تنزلات القرآن

قوله عزّ و جلّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) أنزلناه: يعني القرآن (2)، قال ابن عباس و الشعبي و ابن جبير (3): «أنزل اللّه القرآن كله جملة واحدة في رمضان إلى سماء الدنيا، فإذا أراد اللّه عزّ و جلّ أن يحدث في الأرض شيئا أنزل منه حتى (4) جمعه (5)».

و هي (6) الليلة المذكورة في سورة الدخان (7).

ص: 152


1- سورة القدر (1).
2- و هو قول الجمهور، انظر روح المعاني 30/ 241، و راجع تفسير القرطبي 20/ 129، و الثعالبي 4/ 430، و الشوكاني 5/ 471، و إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس 3/ 741.
3- سعيد بن جبير الأسدي، تابعي جليل، كان من أعلمهم، و كان عابدا صالحا، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 95 ه. راجع صفة الصفوة 3/ 77، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم: 1/ 470، و تاريخ الثقات: 181، و الأعلام للزركلي 3/ 93.
4- (حتى) ساقط من د، ظ. ثم فسرت في هامش ظ الأسفل بخط مغاير «أي بعض آيات أو جملة آيات تتعلم ...».
5- قوله: حتى جمعه، يقال: جمع الشي ء المتفرق فاجتمع، و بابه قطع، انظر: اللسان 8/ 53، و مختار الصحاح: 110. و من هذا المعنى اللغوي نفهم أن اللّه سبحانه و تعالى أنزله نجوما مفرقا حتى جمعه في قلب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اللّه أعلم. و هذا الحديث أخرجه النسائي في فضائل القرآن بأسانيده إلى ابن عباس: 27، و كذلك الطبري في تفسيره 2/ 145، قال أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن: 3/ 742 و أما الحديث في تنزيل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر. فصحيح غير مدفوع عند أهل السنة .. اه. و قال ابن كثير في تفسيره: 1/ 216 هكذا روي من غير وجه عن ابن عباس. اه و قال الزركشي في البرهان: 1/ 228 .. و هذا هو الأشهر و الأصح و إليه ذهب الأكثرون، ثم ذكر الأدلة على ذلك، و انظر تفسير القرطبي 2/ 297، و راجع الإتقان 1/ 116 و الدر المنثور 1/ 457، 8/ 567، و تفسير الشوكاني 5/ 473، و الفخر الرازي 5/ 87، و مناهل العرفان 1/ 44، و في رحاب القرآن 1/ 21- 23.
6- الضمير يعود إلى قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و أطال المؤلف الفاصل بين المفسر و المفسر- بكسر السين الأولى و فتح الثانية-.
7- و هي قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ .. الآية الثالثة.

فإن قيل: ما في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا (1)؟

قلت: في ذلك تكريم بني آدم، و تعظيم شأنهم عند الملائكة، و تعريفهم عناية اللّه عزّ و جلّ بهم و رحمته لهم. و لهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لمّا أنزل سورة الأنعام أن تزفها (2) و زاد سبحانه في هذا المعنى:- بأن أمر جبريل- عليه السلام- بإملائه على السفرة

ص: 153


1- ما في قوله ما في إنزاله .. إلخ اسم استفهام، و كأنه ساق هذا الاستفهام ليبين الحكم التي من اجلها أنزل اللّه تعالى القرآن إلى سماء الدنيا دفعة واحدة، ثم شرع يجيب على هذا التساؤل.
2- ذكره ابن كثير بأسانيد مختلفة إلى ابن عباس و غيره. انظر تفسيره 2/ 122، و راجع الدر المنثور 3/ 243 حيث نسب هذا القول- نقلا عن المفسرين- إلى ابن عباس و ابن مسعود و ابن عمر و أبي بن كعب، و عطاء. و انظر فتح القدير 2/ 96 فقد أورد هذا إلى ابن عباس و غيره من عدة طرق. يقول الألوسي: 7/ 76 و خبر تشييع الملائكة لها رواه جمع من المحدثين إلّا أن منهم من روى أن المشيعين سبعون ألفا، و منهم من روى أنهم كانوا أقل. و منهم من روى أنهم كانوا أكثر. اه و بعد ذكر الألوسي الآثار الدالة على فضل هذه السورة قال: و لعل الأخبار بنزول هذه السورة جملة، إمّا ضعيف و إمّا موضوع .. إلى أن قال: و يؤيد ما أشرنا إليه من ضعف الأخبار بالنزول جملة: ما قاله ابن الصلاح في فتاويه: الحديث الوارد في أنها نزلت جملة رويناه من طريق أبي بن كعب، و لم نر له سندا صحيحا، و قد روى ما يخالفه اه و انظر: الإتقان 1/ 108. قلت: إلّا أن المحققين من أهل التفسير كابن كثير و السيوطي و الشوكاني قد ساقوا- في بداية تفسيرهم لهذه السورة- الآثار الدالة على نزولها جملة يشيعها سبعون ألف ملك، و لم يذكروا في تلك الآثار مطعنا و ابن كثير- كما نعلم- فارس هذا الميدان، و هو حافظ ناقد بصير بالروايات، و إضافة إلى هذا فقد ذكر أنها نزلت جملة واحدة ... كل من البغوي و الخازن 2/ 95، و الفخر الرازي: 12/ 141، و القرطبي 6/ 382، و غيرهم و أخيرا وقفت على تحقيق جيد نفيس للسيد محمد رشيد رضا في تفسيره المنار 7/ 285 فقد ناقش كلام ابن الصلاح الذي نقله عنه الألوسي و فنده.- أما بالنسبة لتشييع الملائكة لها فهو حملها و زفها إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و من معاني الزفزفة كما جاء في القاموس 3/ 153 شدّة الجري و هزيز الموكب. اه و إذا نظرنا إلى الروايات المتعددة التي ساقها ابن كثير و السيوطي نجد بعضها يفسر بعضا، ففي بعضها جاء بلفظ التشييع و في بعضها لهم زجل، و في البعض الآخر معها رجز من الملائكة، و في بعضها قد سدّوا ما بين الخافقين، و قد سدّوا الأفق .. و هكذا. و لا شك ان جبريل عليه السلام هو أمين الوحي، و هو السفير بين اللّه و بين محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ الشعراء (193). و هو ملك كريم إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ التكوير (19). و لكن لا يمنع من ان اللّه تعالى يصطفي من الملائكة رسلا فينزلون مع جبريل احيانا، و هذا مما يزيد الموقف مهابة و إجلالا.

الكرام البررة- عليهم السلام- و إنساخهم إياه و تلاوتهم (1) له.

- و فيه أيضا إعلام عباده من الملائكة و غيرهم أنه علّام الغيوب، لا يعزب عنه شي ء، إذ كان في هذا الكتاب العزيز ذكر الاشياء قبل وقوعها.

- و فيه أيضا التسوية بين نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بين موسى عليه السلام في إنزال كتابه جملة (2) و التفضيل لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في إنزاله عليه منجما (3) ليحفظه (4)، قال اللّه عزّ و جلّ .. كَذلِكَ

ص: 154


1- هذا أمر غيبي لا يعلم إلّا بالنص ممن لا ينطق عن الهوى. و لعل المؤلف- رحمه اللّه- اقتبس هذا من قوله تعالى فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ* مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ* بِأَيْدِي سَفَرَةٍ عبس (13- 15). فقد ذكر المفسّرون هنا أن السفرة هم الكتبة من الملائكة- عليهم السلام- فانهم ينسخون الكتب من اللوح المحفوظ، و نسبوا ذلك إلى ابن عباس و تلميذه مجاهد و غيرهما. راجع في هذا تفسير الطبري 30/ 54 و الزمخشري 4/ 218، و الفخر الرازي 31/ 58، و أبي حيان 8/ 428، و ابن كثير 4/ 471، و الألوسي 30/ 53. و إضافة إلى ذلك فإني أسوق كلام السيوطي في الإتقان 1/ 127 و هو قريب من كلام المؤلف حيث يقول: و في تفسير علي بن سهل النيسابوري: قال جماعة من العلماء: نزل القرآن جملة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت يقال له: بيت العزة، فحفظه جبريل، و غشي على أهل السموات من هيبة كلام اللّه، فمر بهم جبريل و قد أفاقوا، فقال: ما ذا قال ربكم؟ قالوا الحق- يعني القرآن- و هو معنى قوله حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ الآية 23 من سورة سبأ. فأتى به جبريل إلى بيت العزّة، فأملاه على السفرة الكتبة- يعني الملائكة- و هو معنى قوله تعالى بِأَيْدِي سَفَرَةٍ* كِرامٍ بَرَرَةٍ. اه. و راجع نحوه في الفتوحات الإلهية للجمل 4/ 488.
2- يقول السيوطي: و من هذا يفهم أن سائر الكتب أنزلت جملة، و هو مشهور كلام العلماء و على ألسنتهم، حتى كاد يكون إجماعا .. اه. انظر الإتقان 1/ 122، و راجع مناهل العرفان 1/ 53. و عبارة المؤلف تفيد القصر على إنزال التوراة جملة، بينما الصحيح أن كل الكتب السابقة نزلت دفعة واحدة، و في مقدمتها التوراة و الإنجيل راجع الكشاف 1/ 411، و مفاتيح الغيب 8/ 157، و الجامع لأحكام القرآن 4/ 5، و روح المعاني 3/ 76.
3- أي مفرقا بحسب الوقائع في مدة نبوّته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. قال ابن منظور: و جاء في التفسير أنّ النجم نزول القرآن نجما بعد نجم انظر: اللسان 12/ 569، 570.
4- نقل هذا عن السخاوي: السيوطي بنوع من الاختصار، انظر الإتقان 1/ 119. قال الزركشي في البرهان: 1/ 230 فإن قلت: ما السر في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا؟ قيل: فيه تفخيم لأمره و أمر من نزل عليه، و ذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم. اه. و راجع الإتقان 1/ 119، و مناهل العرفان 1/ 46.

لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ (1) و قال عزّ و جلّ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (2)، و كان جبريل يلقى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في كل عام في رمضان يعرض عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم القرآن، و عرضه في العام الذي قبض فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرتين (3) فأين هذا من أمر التوراة؟.

- و فيه أيضا أنّ جناب العزّة عظيم، ففي إنزاله جملة واحدة، و إنزال الملائكة (4) له مفرقا بحسب الوقائع ما يوقع في النفوس تعظيم شأن الربوبيّة (5).

ص: 155


1- الفرقان (32). وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ ...
2- الأعلى (6).
3- راجع صحيح البخاري 6/ 101 كتاب فضائل القرآن، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، 4/ 183 كتاب المناقب باب علامات النبوّة، 4/ 81 كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة صلوات اللّه عليهم، و راجع صحيح مسلم 15/ 68، كتاب الفضائل باب جوده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، 16/ 6 كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة رضى اللّه عنها.
4- هذه العبارة تفيد أن القرآن كان ينزل به على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جمع من الملائكة و لم يفصح عنهم المؤلف، و الواقع أن هذا الكلام مخالف للأدلة من الكتاب و السنة و التي تفيد بأن الذي كان ينزل بالوحي هو سيدنا جبريل عليه السلام، إلّا إن كان يقصد أنّ الملائكة كانت تنزل معه أحيانا كما تقدم في تشييعهم لسورة الأنعام. و اللّه أعلم.
5- قال الفخر الرازي: 5/ 84 اعلم أنه تعالى لما خصّ هذا الشهر بهذه العبادة بيّن العلة لهذا التخصيص، و ذلك هو أن اللّه سبحانه خصه بأعظم آيات الربوبية، و هو أنّه أنزل فيه القرآن ... الخ. اه. و عند تفسير قوله تعالى كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ .. الآية 32 الفرقان ذكر الفخر ثمانية وجوه تدل على الحكمة من نزول القرآن مفرقا منجما. و لا بأس هنا أن أذكرها ملخّصة للفائدة. 1- أنّه عليه السلام لم يكن من أهل القراءة و الكتابة .. 2- أنّ من كان الكتاب عنده، فربما اعتمد على الكتاب و تساهل في الحفظ ... 3- أنّه تعالى لو أنزل الكتاب جملة واحدة على الخلق لثقلت عليهم الشرائع ... 4- أنّه عليه السلام إذا شاهد جبريل حالا بعد حال يقوى قلبه .. 5- أنّه ثبت إعجازه مع كونه مفرقا، و لم يستطيعوا الإتيان بمثله .... 6- كان القرآن ينزل بحسب الوقائع و الإجابة على الاسئلة ... 7- أنّه إذا ثبت عجزهم عن معارضة البعض فمن باب أولى عجزهم عن معارضة الكل و في هذا مزيد تثبيت لفؤاد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنهم عاجزون لا محالة. 8- أنّ في هذا النزول منصبا لجبريل عليه السلام في استمرار سفارته بين اللّه و رسله. انظر تفسير الفخر 24/ 79 و راجع البرهان 1/ 231، و الإتقان 1/ 121 و مناهل العرفان 1/ 53، و في رحاب القرآن 1/ 24.

فإن قيل: قوله عزّ و جلّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أخبار عن القرآن، أ فما (1) هذه السورة مما أنزل في ليلة القدر؟.

قلت: هي مما أنزل في تلك الليلة (2) كما أنزل فيها إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ..

[الحجر: 9] و إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ [الدخان: 3]، و كما قال تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9]، وَ هذا ذِكْرٌ (3) مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ [الأنبياء: 5].

حدّثنا الغزنوي بإسناده المتقدم (4) إلى أبي عيسى الترمذي رحمه اللّه نبأ ابن ابي (عمرو) (5) نبأ سفيان عن عبدة بن أبي لبابة (6) و عاصم (7) سمعا زر بن حبيش (8) يقول:

ص: 156


1- في ظ (فما) بدون همز.
2- ذكر نحوه الزركشي في البرهان 1/ 230. و كذلك السيوطي في الإتقان 1/ 120 و عزاه إلى أبي شامة تلميذ السخاوي.
3- في كل النسخ: (و هذا كتاب مبارك ...) و لا يوجد نص قرآني بهذا اللفظ و اللّه أعلم.
4- هو شيخه أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي عن عبد الملك بن أبي القاسم الهروي عن أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي عن أبي محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي عن ابي عيسى الترمذي، و قد تقدمت ترجمتهم عند الحديث عن ترتيب السور المكّيّة حسب نزولها.
5- هكذا في الأصل ابن أبي عمرو، و في بقية النسخ: ابن أبي عمر، و كذلك هو في سنن الترمذي و صحيح مسلم. و اسمه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، نزيل مكة، كان ملازما لسفيان بن عيينة، و هو صدوق، لكن فيه غفلة، توفي سنة 243 ه. انظر: الجرح و التعديل 8/ 124 و التقريب 2/ 218، و الرسالة المستطرفة 50 و الأعلام 7/ 135.
6- هو عبدة بن أبي لبابة الأسدي أبو القاسم، فقيه ثقة. انظر الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 688، و تاريخ الثقات 315، و صفة الصفوة 3/ 110، و مشاهير علماء الأمصار 116، و التقريب 1/ 503.
7- عاصم بن أبي النّجود- بفتح النون المشددة- الكوفي الأسدي، و اسم أبيه بهدلة على الصحيح. كما يقول الذهبي، و هو أحد القراء السبعة المشهورين، و من التابعين الثقات في القراءة، ت سنة 127 ه انظر معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 88، و الميزان 2/ 357، و مشاهير علماء الأمصار ص 165، و التبصرة في القراءات السبع لمكي بن أبي طالب ص 11، و الأعلام للزركلي 3/ 248.
8- زر بن حبيش بن حباشة بن أوس الأسدي التابعي أدرك الجاهلية و الإسلام، و لم ير النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كان عالما بالقرآن فاضلا سكن الكوفة، و عاش 120، توفي سنة 83 ه. انظر الجرح و التعديل 3/ 622، و صفة الصفوة 3/ 31، و الكنى و الأسماء 2/ 769، و التقريب 1/ 259، و الأعلام 3/ 43.

«قلت لأبي بن كعب (1): إن أخاك عبد اللّه بن مسعود يقول: (من يقم الحول يصب ليلة القدر، فقال: يغفر اللّه لأبي عبد الرحمن، لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان (2)، و أنها ليلة سبع و عشرين و لكنّه أراد أن لا يتكل الناس، ثم حلف لا يستثنى أنّها ليلة سبع و عشرين (3).

قال: قلت له: بأي شي ء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالآية (4) التي أخبرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها (5) و هو حديث صحيح (6).

ص: 157


1- هو أبي بن كعب بن قيس، أبو المنذر الأنصاري، أقرأ الأمة، عرض القرآن على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اختلف في سنة وفاته فقيل 19 و 20، 22 ه، كما في معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 28، و قيل سنة 30 ه كما في صفة الصفوة لابن الجوزي 1/ 474، و انظر ترجمته ايضا في مشاهير علماء الأمصار 12، و الإصابة 1/ 26، رقم 32، و الاستيعاب 1/ 126، و كنز العمال 13/ 261 فما بعدها، و الجرح و التعديل 2/ 290.
2- قال الترمذي: 3/ 505 «و أكثر الروايات عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: «التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر»، قال الشارح لسنن الترمذي: فالأرجح و الأقوى أن كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره، لا في ليلة منه بعينها. اه ثم نقل عن الحافظ ابن حجر قوله: و هذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها ... الخ» اه. و راجع الفتح 4/ 260. و قد ذكر ابن حجر الأقوال التي قيلت في تحديد ليلة القدر و أوصلها إلى أكثر من أربعين قولا، ثم قال: «هذا آخر ما وقفت عليه من الأقوال و بعضها يمكن رده إلى بعض و ان كان ظاهرها التغاير، و أرجحها كلها أنّها في وتر من العشر الأخير، و أنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب ... الخ.
3- يقول ابن حجر: 4/ 266، (و هو أرجاها عند الجمهور)، و كان قد ذكر الأدلة على ذلك عند ذكره للقول الحادي و العشرين، فلتنظر هناك 4/ 264، و راجع نيل الأوطار للشوكاني 4/ 271- 275.
4- في سنن الترمذي 9/ 284 قال: بالآية التي أخبرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو بالعلامة ... الخ. اه. فيكون معنى الآية هنا: العلامة لأنّهما كلمتان مترادفتان في مثل هذا الموضع. و قد جاء في صحيح مسلم 8/ 65 قال: بالعلامة أو بالآية .. الخ.
5- قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: قال أهل اللغة: هو ما يرى من ضوئها عند بروزها مثل الحبال و القضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها ... و قال القاضي عياض: قيل معنى لا شعاع لها أنها علامة جعلها اللّه تعالى لها، قال: و قيل: بل لكثرة الملائكة في ليلتها و نزولها إلى الارض و صعودها بما تنزل به: سترت بأجنحتها و أجسامها اللطيفة ضوء الشمس و شعاعها و اللّه أعلم. اه. و راجع تحفة الأحوذي 3/ 506، و انظر اللسان مادة (شعع) 8/ 181 و القاموس المحيط 3/ 46.
6- انظر: سنن الترمذي 9/ 283 كتاب التفسير باب و من سورة القدر. و ذكر الترمذي نحوه عن أبي بن كعب في كتاب الصوم 3/ 504، باب ما جاء في ليلة القدر. و الحديث رواه مسلم 8/ 64 في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر و الحث على طلبها. و أبو داود 2/ 106 كتاب الصلاة باب في ليلة القدر، و انظر الدر المنثور 8/ 575 و جامع الأصول 9/ 254.

و روى عبد اللّه بن عمر (1) أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «من كان متحريها فليتحرها في ليلة سبع و عشرين» (2).

و من العجائب أنّ هذه السورة ثلاثون كلمة على عدد أيام الشهر، فعدّها ابن عباس فوافق قوله عزّ و جلّ (هي) فاستدلّ بذلك على أنها ليلة سبع و عشرين لأن (هي) من كلمات السورة السابعة بعد العشرين (3).

و قيل: إنّها تختلف فتكون مرة ليلة سبع و عشرين و مرة في غيرها (4)، يدلّ على ذلك ما روى أبو سعيد (5)- رحمه اللّه- عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: «.. و قد رأيتني أسجد

ص: 158


1- عبد اللّه بن عمر بن الخطاب العدوي أبو عبد الرحمن، صحابي جليل، أفتى الناس في الإسلام ستين سنة، مولده و وفاته كانا في مكة، و هو آخر من توفي فيها من الصحابة، توفي سنة 73 ه كما جزم به ابن عبد البر في الاستيعاب 6/ 308، و قيل غير ذلك. انظر ترجمته في: الإصابة 6/ 167 رقم 4825 و صفة الصفوة 1/ 563 و التقريب 1/ 435، و الأعلام 4/ 108.
2- قال الشوكاني في نيل الأوطار 4/ 271 رواه أحمد باسناد صحيح. اه و عزاه ابن حجر في الفتح 4/ 265 إلى ابن المنذر بلفظه و قد أخرج نحوه أبو داود في كتاب الصلاة 2/ 111، باب من قال: سبع و عشرون بسنده إلى معاوية بن أبي سفيان رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «ليلة القدر: ليلة سبع و عشرين». و أخرج نحوه السيوطي في الدر المنثور عن ابن عمر و غيره 8/ 578.
3- راجع تفسير ابن كثير 4/ 533، و المغني لابن قدامة 3/ 180، و فتح الباري 4/ 265. قال ابن حجر: و انكر ابن حزم هذا، و نقله ابن عطية في تفسيره، و قال إنّه من ملح التفاسير و ليس من متين العلم. انتهى كلام ابن حجر، و هو كما قال فان اللّه قد أغنانا عن ذلك بما جاء في كتابه و في سنة نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
4- تقدم كلام ابن حجر أنّ الراجح أنّها تنتقل كما يفهم من مجموع الأحاديث الواردة في ذلك. و سيأتي قريبا مزيد بيان في هذا.
5- سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري، صحابي جليل، كان من الملازمين للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، غزا اثنتي عشرة غزوة، و توفي بالمدينة سنة 74 ه، و قيل غير ذلك. انظر ترجمته في الكنى و الأسماء 1/ 353، و صفة الصفوة 1/ 714، و الاستيعاب 4/ 162، و التقريب 1/ 289، و الأعلام: 3/ 87.

في (1) صبيحتها في ماء و طين».

قال أبو سعيد: فأبصرت عيناي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و على جبهته و أنفه أثر الماء و الطين من صبيحة إحدى و عشرين، و كان المسجد قد وكف (2) (3).

و أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعض أصحابه بالتماسها ليلة ثلاث و عشرين (4)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

«التمسوها في الخامسة و السابعة و التاسعة» (5)، و ذلك لمّا علم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّها تنتقل فيما أري و اللّه أعلم (6).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «نزلت صحف إبراهيم- عليه السلام- أول ليلة من شهر رمضان، و نزلت التوراة على موسى- عليه السلام- في ست من شهر رمضان، و نزل

ص: 159


1- في د، ظ: من.
2- وكف البيت بالمطر: أي نزل فيه بغزارة، فالإسناد مجازى من باب الإسناد إلى المحل. انظر: سنن أبي داود 2/ 109 هامش 2 و غريب الحديث لأبي عبيد الهروي 1/ 177، و لسان العرب مادة (وكف) 9/ 362، و مختار الصحاح 734، و المصباح المنير: 670.
3- أخرجه بنحوه كل من البخاري في صحيحه 2/ 253، كتاب صلاة التراويح، باب التماس ليلة القدر، و باب تحري ليلة القدر 2/ 254، و مسلم في كتاب الصيام 8/ 6 باب فضل ليلة القدر و الحث على طلبها و أبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن قال: ليلة احدى و عشرين 2/ 109، و مالك في الموطأ 1/ 312 كتاب الصلاة باب استحباب اعتكاف العشر الأواخر ... الخ. و النسائي في كتاب السهو باب ترك مسح الجبهة بعد التسليم 3/ 79.
4- راجع جامع الأصول لابن الأثير 9/ 251.
5- المصدر السابق 9/ 256.
6- تقدم كلام ابن حجر أن الراجح أنّها تنتقل كما يفهم من مجموع أحاديث الباب الواردة في ذلك. و زيادة على ذلك أسوق كلام أبي عيسى الترمذي في هذا الصدد حيث يقول 3/ 505 روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في ليلة القدر أنها ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين و خمس و عشرين و سبع و عشرين و تسع و عشرين و آخر ليلة من رمضان. ثم قال الترمذي: قال الشافعي: كان هذا عندي- و اللّه أعلم- أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يجيب نحو ما يسأل .. إلى أن قال الترمذي: و رأى أبو قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر. اه. و راجع نيل الأوطار 4/ 274. قال ابن قدامة في المغنى: 3/ 182 فعلى هذا كانت في السنة التي رأى أبو سعيد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يسجد في الماء و الطين ليلة إحدى و عشرين، و في السنة التي أمر عبد اللّه بن أنيس ليلة ثلاث و عشرين و في السنة التي رأى أبي بن كعب علامتها ليلة سبع و عشرين، و قد ترى علامتها في غير هذه الليالي. اه.

الزبور على داود- عليه السلام- في اثنتي عشرة من شهر رمضان و نزل الإنجيل على عيسى- عليه السلام- في ثماني عشرة من شهر رمضان، و أنزل اللّه (الفرقان) على محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أربع و عشرين من شهر رمضان» (1).

فهذا الإنزال يريد به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أول نزول القرآن عليه (2)، و قوله عزّ و جلّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يشمل الإنزالين (3)، و معنى (4) لَيْلَةِ الْقَدْرِ ليلة الجلالة و العظمة، و قيل:

القدر مصدر، من قولهم: قدر الشي ء يقدّره قدرا، لأن اللّه تعالى يقدّر فيها ما يشاء من أمره، أو لأن (القرآن) أنزل فيها، و فيه تبيان كل شي ء (5).

ص: 160


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، باب منازل القرآن .. ص 344، و ذكر السيوطي في الدر المنثور 1/ 456 نحو ما ذكره السخاوي هنا من عدة طرق، مرفوعا و موقوفا. و بألفاظ مختلفة عما ذكره السخاوي تقديما و تأخيرا و اختصارا. إلّا أنها بمثابة الشواهد على ما ذكره السخاوي. حيث قال السيوطي: أخرج أحمد و ابن جرير و محمد بن نصر و ابن أبي حاتم، و الطبراني و البيهقي في شعب الإيمان و الأصبهاني في الترغيب عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «أنزلت صحف إبراهيم .... و ذكره». و أخرج أبو يعلى و ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه .. و ذكر نحوه و أخرج ابن الضريس عن أبي الجلد ... و ذكر كذلك نحوه، و أخرج محمد بن نصر عن عائشة قالت: أنزلت الصحف الأولى في أول يوم من رمضان .. و ذكر ايضا نحوه. و راجع تفسير الطبري 2/ 145 و البغوي 1/ 131، و كنز العمال 2/ 570، و ابن كثير 1/ 216، و الشوكاني 1/ 183، و الألوسي 2/ 61، و انظر فتح الباري 4/ 264، عند ذكره للأقوال التي قيلت في تحديد ليلة القدر، حيث قال: القول الثامن عشر أنها ليلة أربع و عشرين ... و حجة أصحاب هذا القول: حديث واثلة أن القرآن نزل لأربع و عشرين من رمضان. اه.
2- أما الإنزال الأول فهو إلى بيت العزّة كما تقرر سابقا.
3- أي الإنزال الأول إلى بيت العزّة، و الثاني على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هنا لا بد من حمل القرآن على بعض أجزائه و أقسامه، فيكون القرآن مما عبّر بكله عن بعضه، و المعنى: بدئ بانزاله، و ذلك في الرابع و العشرين من رمضان .. كما سبق. راجع تفسير الفخر الرازي 5/ 84، و أبي حيان 2/ 39.
4- في د، ظ: و معنى قوله.
5- راجع في هذا إعراب القرآن للنحاس 3/ 743، و الكشاف: 4/ 273، و البحر المحيط 8/ 496، حيث ذكر أبو حيان ثمانية أقوال في معنى تسميتها بليلة القدر. و راجع كذلك فتح الباري 4/ 255 و تفسير الشوكاني 5/ 471.
أسماء القرآن
1- القرآن:

أسماء القرآن (1)

اسم من أسماء هذا الكتاب العزيز (2)، وهو منقول من المصدر،

ص: 161


1- ذكر المؤلف ثلاثا وعشرين اسما للقرآن- كما سيأتي- مع ذكر اشتقاق بعضها. وقد صنف بعضهم فيها وأوصلها إلى نيّف وتسعين اسما كما في البرهان للزركشي ١/ ٢٧٣. وأوصلها بعضهم إلى خمسة وخمسين اسما. انظر البرهان ١/ ٢٧٣ والإتقان ١/ ١٤٣، وروح المعاني ١/ ٨ وأوصلها الزمخشري إلى اثنين وثلاثين، انظر مقدمة تفسيره: ٢/ ١٨ وقد ذكر كل من الزمخشري والزركشي والسيوطي وجوه تسميتها بتلك الأسماء، وأوصلها ابن تيمية إلى نحو خمسين اسما. انظر الفتاوى ١٤/ ١ يقول الألوسي: ١/ ٨ «وعندي أنها كلها ترجع- بعد التأمل الصادق- إلى (القرآن) والفرقان رجوع أسماء الله إلى صفتي الجمال والجلال، فهما الأصل فيها». وقد ذكر الزرقاني نحوا من كلام الألوسي ثم قال: «ويلي هذين الاسمين في الشهرة: الكتاب والذكر والتنزيل» مناهل العرفان ١/ ١٥ وراجع المدخل لدراسة القرآن الكريم للدكتور أبي شهبه: ٢٣. وفي رحاب القرآن للدكتور محمد سالم محيسن: ١/ ١٨، ومباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان: ٢١. وسبب إكثار بعض العلماء وإسرافهم في سرد مجموعة كبيرة من الأسماء للقرآن الكريم أنهم جعلوا كثيرا من صفاته اسماء له فعلى سبيل المثال استخرجوا اسمين من قوله تعالى إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ الواقعة: ٧٧ فجعلوا وصفه كَرِيمٌ اسما له وقس على ذلك. راجع مناهل العرفان ١/ ١٥. ومهما يكن من شيء فإن كثرة الأسامي تدل على شرف المسمى وعلو منزلته، وكل اسم أو صفة للقرآن فهو يعطي معنى من تلك المعاني الرائعة التي انفرد بها القرآن عن سائر الكتب السماوية، وتحمل في طياتها عظمة قائلها ومنزّلها سبحانه وتعالى. هذا وقد تناول الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي كثيرا من هذه الاسماء بالحديث المستفيض على اسلوب الوعظ والتذكير من خلال تلك الأسماء في كتاب سمّاه (الهدى والبيان في اسماء القرآن).
2- قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: ١/ ١ «القرآن: اسم كتاب الله خاصة، ولا يسمّى به شيء من سائر الكتب». وقال الفراء في معاني القرآن: ٣/ ٢١١ «القراءة والقرآن مصدران» وانظر تفسير الطبري ١/ ٤٢، فهو إذا مصدر- نحو الغفران والرجحان مرادف للقراءة، ثم نقل من هذا المعنى المصدري وجعل اسما للكلام المعجز المنزّل على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم .. راجع المفردات للراغب (قرأ) ٤٠٢ والبرهان ١/ ٢٧٧، والإتقان ١/ ١٤٧ ومناهل العرفان ١/ ١٤، والمدخل لدراسة القرآن الكريم ١٧.

و دخول اللام فيه كدخولها في «الفضل» و دخولها في «الفضل» كدخولها في «العباس» و إنما تدخل في العباس و نحوه لأنّها بمنزلة الصفات الغالبة نحو الصعق (1) كذا قال سيبويه (2) و الخليل (3).

و كأنه (4) أراد الذي يعبّس فلهذا المعنى دخلت اللام، و من لم يرد هذا المعنى قال عباس و حارث (5)، و يدلّ على صحة مذهبهما أنّه (6) لم يدخلوا اللام في ثور و حجر (7) و نحو ذلك مما نقل إلى العلمية، و ليس بصفة و لا مصدر (8)، و إنما دخلت اللام فيما نقل

ص: 162


1- صعق الإنسان صعقا و صعقا، فهو صعق: غشي عليه و ذهب عقله من صوت يسمعه، و قد يطلق على الموت، و يقال: فلان ابن الصعق و الصعق: صفة تقع على كل من أصابه الصعق، و لكنه غلب عليه حتى صار بمنزلة زيد علما. و الصعق: هو خويلد الكلابي أحد فرسان العرب، سمّي بذلك لأنّه أصابته صاعقة. اللسان (صعق) و راجع الكتاب لسيبويه 2/ 100.
2- عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب ب «سيبويه»- و هي بالفارسية: رائحة التفاح- أبو بشر، إمام النحاة، و أول من بسط علم النحو، توفي سنة 180 ه و قيل غير ذلك. وفيات الأعيان 3/ 463، و بغية الوعاة 366، و البداية و النهاية 11/ 74 و الأعلام 5/ 81.
3- الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي، أبو عبد الرحمن، من أئمة الأدب ولد و مات بالبصرة (100- 170 ه). وفيات الأعيان 2/ 244، و بغية الوعاة في طبقات النحاة 243، و الأعلام للزركلي 2/ 314.
4- أي كأن الذي قال بهذا أراد كذا ... سواء كان سيبويه أو الخليل أو غيرهما. و اللّه أعلم.
5- راجع الكتاب لسيبويه 2/ 101.
6- في د، ظ: أنهم، و يظهر أنها أليق بالسياق.
7- قال ابن سيدة: و قد سموا حجرا- بضم فسكون- و حجرا- بفتح فسكون-. و قال الجوهري: حجر- بفتحتين- اسم رجل، و منه أوس بن حجر الشاعر، و حجر- بضم فسكون- اسم رجل و هو حجر الكندي .. و حجر ابن عدي، و يجوز: حجر مثل عسر و عسر- بسكون السين الأولى و ضم الثانية ..) راجع اللسان (حجر) 4/ 171.
8- قال ابن مالك: و بعض الأعلام عليه دخلا للمسح ما قد كان عنه نقلاكالفضل و الحارث و النعمان فذكر ذا و حذفه سيان. اه انظر شرح ابن عقيل للبيتين 1/ 183، و هو نحو كلام السخاوي.

عن المصدر، لأن المصدر يوصف به فهو كالحارث و أيضا فإنّهم إذا قالوا: الفضل لحظوا فيها معنى الزيادة، كما لحظوا المعنى المقدم ذكره في الصفة (1).

و القرآن معناه: الجمع من قولهم: قرأت الشي ء أي جمعته، يدلّ على ذلك قوله عزّ و جلّ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القيامة: 18].

أي فإذا جمعناه فاتبع جمعه (2)، فإن قيل: فكيف يصح على ما ذكرت من أن معناه الجمع أن يقال: ان علينا جمعه و جمعه، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ [القيامة: 17].

قلت: قال أبو علي (3): الجمع أعم و القرآن أخص فحسن التكرير لذلك، كما يجوز أعلمت زيدا و أنذرته.

لأن الإنذار أخصّ، لأنّ كل منذر معلم، و ليس كل معلم منذرا، كذلك قرأت (4) و جمعت، و قرأت (5) أخصّ من جمعت، و إذا جاز استعمال المعنى الواحد بلفظين مختلفين نحو:

ص: 163


1- فدخول الالف و اللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما ... فاذا لمح الأصل جى ء بالألف و اللام، و ان لم يلمح لم يؤت بهما. انظر شرح ابن عقيل 1/ 185.
2- في مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/ 1 «و انما سمّي قرآنا لأنه يجمع السور فيضمها، و تفسير ذلك في آية من القرآن قال جلّ ثناؤه: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ مجازه: تأليف بعضه إلى بعض، ثم قال: فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ مجازه: فاذا ألفنا منه شيئا فضممناه إليك فخذ به و أعمل به و ضمه إليك. أه. و راجع مختار الصحاح 526 و غريب القرآن للسجستاني: 25 على هامش المصحف. و الذي أميل إليه: ما ذكره ابن عطية في مقدمة تفسيره و رجحه من أن القرآن مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا و قراءة. المحرر الوجيز 1/ 78.
3- هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي (أبو علي)، أحد الأئمة في علم العربية، دخل بغداد سنة 307 ه و تجوّل في كثير من البلدان، له مؤلفات في القراءات و العربية و غيرهما (288- 377 ه) وفيات الأعيان 2/ 80، و تاريخ بغداد 7/ 275، و الأعلام 2/ 179 و راجع أبو علي الفارسي حياته و آثاره للاستاذ عبد الفتاح إسماعيل شلبي.
4- في د، ظ: كذلك قرآن، خطأ.
5- في ظ، ظق: بدون واو.

أقوى و أقفر (1) فإن يجوز فيما يختص (2) به إحدى الكلمتين بمعنى ليس للأخرى أولى (3) اه.

و عن (4) ابن عباس قال (5): «كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا ألقى إليه جبريل- عليهما السلام- القرآن يعجل لحرصه و خوفه أن ينساه، فيساوقه (6) في قراءته و يحرّك شفتيه، و حرّك ابن عباس شفتيه.

فقيل له: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ [القيامة: 16، 17] لك و قرآنه (7) و وزن (قرآن) فعلان، و حقه ان لا ينصرف للعلمية و الزيادة (8).

ص: 164


1- قال ابن منظور: القفر و القفرة: الخلاء من الأرض، و جمعه قفار و قفور و يقال: أرض قفر، و مفازة قفر و قفرة ايضا: و أقفر الرجل: صار إلى القفر انظر: اللسان 5/ 110 (قفر). قال عنترة بن شداد: حييت من طلل تقادم عهده أقوى و أقفر بعد أم الهيثم انظر المعلّقات السبع ص 163 و هو صدر بيت في ديوان النابغة ص 32 و قول المؤلف: نحو أقوى و أقفر هو إشارة إلى قوله تعالى وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ الواقعة 73. قال الراغب: 419 و سمّيت المفازة قواء، و أقوى الرجل صار في قواء أي قفر. اه و راجع إعراب القرآن للنحاس 3/ 341، و الكشاف 4/ 58 و الجامع لأحكام القرآن 1/ 399. يقول الفراء في معاني القرآن: 1/ 37، و إنّ العرب تجمع بين الحرفين و إنّهما لواحد إذا اختلف لفظاهما ... كقولهم: بعدا و سحقا و البعد و السحق واحد. اه. باختصار. و راجع تفسير ابن كثير 1/ 91- 92 عند قوله تعالى: وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ البقرة 53، و كتابي مشكل القرآن و غريبه لابن قتيبة 1/ 162.
2- في د، ظق: فيما يختص فيه، و في (ظ) يخص فيه.
3- انظر المسائل الحلبيات ص 293. و راجع في هذه المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات ص 533 لأبي على الفارسي. و البرهان 1/ 277.
4- الواو ليست في د، ظ.
5- (قال) ليست في بقية النسخ.
6- قال صاحب القاموس 3/ 256، تساوقت الإبل: تتابعت و تقاودت. و انظر المصباح المنير 296، و اللسان (سوق).
7- أصل الحديث في صحيح البخاري 6/ 76 كتاب التفسير باب سورة القيامة و في سنن الترمذي 9/ 248 أبواب التفسير باب و من سورة القيامة و في سنن النسائي 2/ 149 كتاب الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن إلّا لفظة (فيساوقه) فلم أجدها بنصها ضمن الأحاديث التي رجعت إليها.
8- و إلى هذا أشار ابن مالك بقوله: عند كلامه على الاسم الذي لا ينصرف: كذاك حاوي زائدي فعلانا كعطفان و كأصبهانا قال ابن عقيل: 2/ 330 «اي كذلك يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما، و فيه ألف و نون زائدتان للعلمية و الزيادة» اه باختصار. و انظر الدر المصون للسمين 2/ 280 ت. د/ أحمد الخراط. و هنا ينشأ سؤال: إذا كان حقه أن لا ينصرف لانطباق الشرطين عليه فلما ذا صرف؟. و الظاهر أن استحضار المصدرية و اغفال شأن العلمية اللاحقة كان السبب في صرفها، حيث انّ اللفظة مصدر (قرأ) ثم طرأ عليها العلمية.

فأما قوله عزّ و جلّ وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ [الزمر: 27، 28] فقال أبو علي: (قرآنا) حال من القرآن في أول الآية (1)، قال: و لا يمتنع أن يتنكر ما جرى في كلامهم معرفة من نحو هذا. قال:

و من ثم اختار (2) الخليل (في) (3) قولهم: يا هند! هند بين خلب (4) و كبد. أن يكون المعنى: يا هند أنت هند بين خلب و كبد (5) فجعله نكرة لوصفه له بالظرف (6).

قال (7): و مثل ذلك قوله: علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم (8) ...

و أما قوله عزّ و جلّ: وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ [الإسراء: 106].

ص: 165


1- انظر اعراب القرآن للنحاس 2/ 817، قال ابن جزي: 3/ 194، (قرآنا عربيا) نصب على الحال، أو بفعل مضمر على المدح. اه و راجع تفسير أبي حيان 7/ 424 و إملاء ما من به الرحمن للعكبري 4/ 265 على هامش الفتوحات الإلهية، و الكشاف للزمخشري 3/ 396.
2- في ظق: أجاز، و كذلك في المسائل الحلبيات. و في «د» اختار و تحتها بخط أصغر «أجاز».
3- في بقية النسخ: في قولهم. و هي أليق بالسياق.
4- الخلب- بكسر فسكون- لحيمة رقيقة تصل بين الأضلاع، أو حجاب ما بين القلب و الكبد. انظر: اللسان (خلب) 1/ 364، و القاموس 1/ 65.
5- من قوله: أن يكون المعنى إلى هنا ساقط من د، ظ.
6- الشاهد فيه رفع (هند) الثانية على أنها خبر لمبتدإ محذوف، و تقديرها نكرة موصوفة بما بعدها، و التقدير: أنت هند مستقرة بين خلب و كبد. و يجوز ان تجعلها معرفة على أصلها مقطوعة ايضا عما قبلها كأنه قال: هند هذه المذكورة بين خلبي و كبدي مستقرة. انظر: الكتاب لسيبويه 2/ 239 بتحقيق عبد السلام هارون، و المسائل الحلبيات ص 298، و شرح أبيات سيبويه للسيرافي 1/ 519 رقم البيت 279.
7- أي أبو علي الفارسي في المسائل الحلبيات ص 298.
8- هذا شطر بيت، تمامه: ... بأبيض ماضي الشفرتين يماني و هو لرجل من طي ء، و لم أقف على من نص على اسمه، و الشاهد فيه: أن العلم قد يضاف إذا وقع فيه اشتراك لفظي، و هو قليل. انظر شرح جمل الزجاج 2/ 221 لابن عصفور، و خزانة الأدب للبغدادي 2/ 224، و شرح شواهد المغنى 165 رقم الشاهد 67. و يوم النقا: أي وقعة النقا، و النقا كما في اللسان (نقا) يقال للكثيب من الرمل المجتمع الأبيض الذي لا ينبت شيئا.

فقال أبو علي: يجوز أن يكون مفعولا، و التقدير وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ [الإسراء: 105] و أنزلنا قرآنا (1)، قال: و لا يجوز أن ينتصب على الحال من أجل حرف العطف.

قال: أ لا ترى أنك لا تقول: (جاءني زيد و راكبا) قال: و يجوز أن يعطف على ما يتصل به على حذف المضاف، أي وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَ نَذِيراً و ذا قرآن (2).

و كان ابن كثير (3) لا يهمّز (القرآن) (4)، و يقول: (القرآن) انما هو اسم مثل (التوراة) و (الإنجيل)، و جوز أن يكون من قرنت الشي ء بالشي ء.

قال أبو علي: و هذا سهو ممن ظنه لأن لام الفعل من (قرأت) (5) همزة و من (قرنت) نون، و النون في (قرآن) زائدة و في (قرنت) أصل و هو (6) لام الفعل.

قال: و نرى أن الإشكال وقع له من أجل تخفيف الهمزة من (قرآن) لمّا حذفت و ألقيت حركتها، فصار لفظه كلفظة (فعال) من قرآن و ليس مثله. قال: و لو سميت رجلا بقرآن مخفف الهمزة لم تصرفه في المعرفة، كما لا تصرف (عثمان) اسم رجل، و لو سميته بقرآن من (قرنت) لانصرف (7).

ص: 166


1- فهو إذا منصوب بفعل مضمر، انظر إعراب القرآن للنحاس 2/ 263، و قد قدره المؤلف- نقلا عن أبي علي الفارسي- ب (أنزلنا) و قدره العكبري ب (آتيناك). انظر إملاء ما من به الرحمن ص 502. أو منصوب ب (فرقناه) المذكور بعده، أي: و فرقنا قرآنا فرقناه فهو من باب الاشتغال. انظر تفسير أبي حيان 6/ 87، و الألوسي 15/ 187.
2- انظر المسائل الحلبيات ص 298 بنحوه. قال: ... و ذا قرآن، و صاحب قرآن، فحذف المضاف، و أقيم المضاف مقامه. اه.
3- هو عبد اللّه بن كثير الداري المكّيّ، أبو معبد، أحد القراء السبعة المشهورين، و كانت حرفته العطارة، و كانوا يسمّون العطار (داريا) نسبة الى بلد بالهند فعرف بالداري و هو فارسي الأصل، مولده و وفاته بمكّة (45- 120 ه). انظر معرفة القراء الكبار 1/ 86 و التبصرة: 5، و الجرح و التعديل 5/ 144، و التقريب 1/ 442، و الأعلام 4/ 115.
4- انظر: الكشف عن وجوه القراءات 1/ 110، و النشر 1/ 414، و اتحاف فضلاء البشر: 61 و الإرشادات الجلية: 55، و راجع البرهان للزركشي 1/ 278.
5- في د، ظ: من قرآن خطأ.
6- في بقية النسخ: و هي.
7- انظر المسائل الحلبيات ص 297 بنحوه.

و هذا سهو من أبي علي، و ما كان مثل هذا يذهب على ابن كثير، و إنّما ذهب ابن كثير إلى أنه اسم من أسماء الكتاب العزيز، فيكون على قوله اسمان (قرآن) من (قرأت) و (قران) من (قرنت) و هذا واضح لا إشكال فيه (1).

2- و من أسمائه: الفرقان :

2-و من أسمائه: الفرقان (2)

قال اللّه عزّ و جلّ: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ (3) و هو منقول من المصدر، و هو من المصادر التي جاءت على (فعلان) نحو الغفران و الكفران (4).

و قال أبو عبيدة (5): «تقديره تقدير قولهم: رجل قنعان أي يرضى به الخصمان و يقنعان (6)» اه.

ص: 167


1- يقول أبو حيان: 2/ 27 «و من لم يهمّز فالأظهر أن يكون ذلك من باب النقل، أو تكون النون أصلية من قرنت الشي ء إلى الشي ء: ضممته لأن ما فيه من السور و الآيات و الحروف مقترن بعضها إلى بعض» اه و في لسان العرب مادة (قرن) «و قرنت السماء و أقرنت: دام مطرها»، و القرآن من لم يهمزه جعله من هذا لاقتران آية. قال ابن سيدة: و عندي انه من تخفيف الهمز» اه. و بناء على هذا فأنا لست مع المؤلف في رأيه، و الذي أراه أن مذهب أبي علي هو الصواب، لأنّ كلمة (قرآن) سواء كانت محققة الهمزة على قراءة الجمهور أو منقولة حركتها إلى ما قبلها على قراءة ابن كثير هي مشتقة من (قرأت). و راجع تفسير القرطبي 2/ 298. و ابن عطية 1/ 79، و مناهل العرفان 1/ 14، و المدخل لدراسة القرآن الكريم: 17.
2- هذا هو الاسم الثاني من أسماء القرآن الكريم، و هذان الاسمان أعني: القرآن و الفرقان، هما أشهر أسماء النظم الكريم، بل جعلهما بعض العلماء، مرجع جميع أسمائه، كما ترجع صفات اللّه على كثرتها إلى معنى الجلال و الجمال. راجع روح المعاني 1/ 8، و مناهل العرفان 1/ 15، و قد سماه اللّه تعالى (فرقانا) لأنّه يفرق به بين الحق و الباطل- كما سيأتي- و بين الهدى و الضلال و بين الغي و الرشاد و بين الحلال و الحرام و بين الخير و الشر و بين السعادة و الشقاوة و بين المؤمن و الكافر ... إلى آخر تلك المعاني التي تنضوي تحت كلمة (الفرقان). انظر الهدى و البيان في أسماء القرآن 2/ 37.
3- أول آية من سورة الفرقان.
4- انظر: المفردات للراغب 378، و المحرر الوجيز: 1/ 79، و اللسان (فرق) 10/ 302.
5- معمر بن المثني التيمي بالولاء، أبو عبيدة، النحوي البصري من أئمة العلم بالأدب و اللغة. مولده و وفاته بالبصرة (110- 209 ه). انظر الميزان 4/ 155، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 316، و التقريب 2/ 266، و الأعلام 7/ 272.
6- مجاز القرآن 1/ 3 (بعبارة قريبة). قال الراغب: (ص 378) و الفرقان أبلغ من الفرق، لأنه يستعمل في الفرق بين الحق و الباطل، و تقديره كتقدير (قنعان) يقنع به في الحكم، و هو اسم لا مصدر- فيما قيل- و الفرق يستعمل في ذلك و في غيره. اه.

فهو على هذا منقول من الصفة، و إلى هذا القول ذهب أبو علي و إنما ذهب أبي علي في (القرآن) إلى أنّه مصدر في الأصل، و في الفرقان إلى ما ذكرنا (1) قال لأن الدلالة قد قامت على أن (القرآن) لا يجوز أن يكون صفة كما قامت على جواز ذلك (2) كون (القرآن) (3) صفة، قال: و ذلك أن اللّه عزّ و جلّ قال إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ.

فلو كان صفة (4) لم تجز هذه الإضافة، لأن الصفة لا تضاف إلى الفاعل، لأن اسم الفاعل هو الفاعل في المعنى، و الشي ء لا يضاف إلى نفسه (5)، قال: فلو (6) كان (القرآن) صفة كما أن (الفرقان) صفة في قول أبي عبيدة لم تجز فيه هذه الإضافة فدلّ جوازها (7) على أنه (8) مصدر في الأصل، و لا يمتنع أن يضاف المصدر إلى الفاعل (9)، كما لا يمتنع إضافته إلى المفعول لأنه غير الفاعل، كما أنه غير المفعول.

و أجاب (10) عن أنّه لو كان (11) صفة لجرى على موصوف، كما قيل: رجل قنعان فأجرى صفة على الموصوف، فقال: لا يمتنع أن يكون صفة و إن لم يجر على الموصوف، لأنّ كثيرا من الصفات استعمل استعمال الأسماء، من ذلك: هذا عبد و رأيت عبدا، و هو في الأصل صفة و لا يكادون يقولون: رجل عبد و كذلك صاحب و لذلك (12) لم يعمل أعمال

ص: 168


1- أي أنه منقول من الصفة.
2- في بقية النسخ: على جواز كون .. الخ.
3- هكذا في الأصل. و في بقية النسخ: الفرقان. و هو كذلك في المسائل الحلبيات ص 299.
4- أي فلو كان القرآن صفة ..
5- فلا يقال: ضارب الأب زيدا، على تقدير: يضرب الأب زيدا.
6- «فلو»: ساقط من د، ظ.
7- أي الاضافة.
8- أي القرآن.
9- لعل الشيخ توهم أن المصدر في الآية مضاف إلى الفاعل، بينما الإضافة فيها من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله، و الفاعل محذوف و الأصل: و قراءتك اياه. راجع روح المعاني 29/ 178 و الفتوحات الالهية 4/ 448.
10- أي أبو علي الفارسي.
11- أي الفرقان.
12- في د: و كذلك. خطأ.

أسماء الفاعلين نحو (ضارب) و (آكل) و حسن لهذا ترخيمه في نحو.

أ صاح ترى بريقا هب و هنا (1) ...

و إن لم يرخموا من هذا الضرب من الأسماء غيره، قال: و كذلك الأجرع (2) و الأبطح (3) و الأدهم (4) و لذلك كسروه (5): أجارع و أباطح، و أبارق (6)، و لو لم يستعمل استعمال الأسماء لما تعدوا فيه (فعلا) و (فعلانا) كأحمر و (حمر) و حمران (7)، فإذا كثر في كلامهم هذا النحو من الصفات التي جرت مجرى الأسماء في أنها لم تجر على الموصوف، و في أنها كسرت تكسير الأسماء لم يدل امتناعهم من اجراء «الفرقان» صفة على موصوفه، على أنه ليس بصفة، قال: (و يقوى كونه صفة مجيئه على وزن جاءت عليها (8) الصفات كعريان و خمصان) (9) اه.

و قال أبو عبيدة في قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَ هارُونَ الْفُرْقانَ (10) و في قوله

ص: 169


1- هذا نصف بيت لامرئ القيس. انظر شرح ديوانه 105 يقول الخطابي كان امرؤ القيس ينازع كل من قيل إنّه يقول شعرا فنازع الحارث بن التوأم فقال امرؤ القيس: أحار .... و يروى: أ صاح. فقال الحارث: كنار مجوس تستعر استعارا و كذلك ذكر الجرجاني عنهما. انظر ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 59، 130، و الشاهد فيه حذف الحرف الأخير للترخيم. و راجع نحو هذا الترخيم في جمهرة أشعار العرب 135، و الخصائص 1/ 360، 3/ 302، و اللسان 6/ 213 (مجس)، 11/ 354 (شعل).
2- الأجرع: في الأصل صفة بمعنى الصعوبة و الخشونة، ثم أطلق على المكان الذي فيه خشونة. اللسان (جرع).
3- الأبطح: في الأصل صفة بمعنى الاتّساع، ثم أطلق على بطن الوادي. اللسان (بطح).
4- الأدهم: في الأصل صفة بمعنى السواد، ثم أطلق على القيد لسواده إذا كان من خشب. اللسان (دهم).
5- و الصفات لا يتوسع في تكسيرها.
6- الأبارق: جمع أبرق، و هو في الأصل صفة للأرض الغليظة المختلطة بالحجارة و الرمل، و للتيس الذي فيه سواد و بياض، ثم كسرت تكسير الأسماء لغلبتها. اللسان (برق). فهذه كلها صفات في الأصل، و إن استعملت استعمال الأسماء و كان من المناسب أن يقول: (و أداهم) لأنه لم يسبق ذكر (الأبرق).
7- في بقية النسخ: كأحمر و حمر و حمران.
8- في بقية النسخ: عليه.
9- انظر المسائل الحلبيات ص 299- 301 مع تصرف يسير من السخاوي.
10- الأنبياء: (48)، و لم يذكر أبو عبيدة عندها شيئا اكتفاء بما ذكره في المقدمة 1/ 3 و سورة البقرة 1/ 40،و آية الأنبياء هي المبينة للمعنى المراد من (الفرقان) المذكور في آية البقرة كما ذكر ذلك علماء التفسير. راجع المفردات للراغب (فرق) 378 و تفسير القرطبي 2/ 399. قال أبو حيان: 1/ 202: «- عند قوله تعالى- وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ- الفرقان: هو التوراة، و معناه أنه آتاه جامعا بين كونه كتابا و فرقانا بين الحق و الباطل، و يكون من عطف الصفات لأن الكتاب في الحقيقة معناه: المكتوب ..». و انظر تفسير الطبري 1/ 285، و روح المعاني 1/ 259،

تعالى: وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ (1)، الفرقان: ما فرق بين الحق و الباطل. اه.

و قال مجاهد في قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ الْفُرْقانِ (2): يوم فرّق اللّه عزّ و جلّ بين الحق و الباطل (3)، لأن المسلمين علت كلمتهم يوم بدر بالقهر و الغلبة، كما نصروا في الفرقان بالحجة (4).

و قيل: المعنى في قوله عزّ و جلّ: وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ و آتيناكم الفرقان (5) كقوله:

...... متقلدا سيفا و رمحا (6)

ص: 170


1- البقرة (53).
2- الأنفال (41).
3- من قوله: و قال مجاهد .. إلى هنا سقط من المطبوع بانتقال النظر. قال النحاس: و أحسن ما قيل في هذا قول مجاهد اه. إعراب القرآن 1/ 175.
4- انظر تفسير الطبري 10/ 8، و ابن كثير 2/ 313، و أبي حيان 4/ 499، و الآلوسي 10/ 7، و الثعالبي 2/ 99،
5- قال أبو حيان: 1/ 202 «... أو القرآن على حذف مفعول التقدير و محمدا الفرقان» ثم رد أبو حيان هذا القول لأنه لا دليل على ذلك المحذوف ..، و راجع روح المعاني 1/ 259.
6- البيت لعبد اللّه بن الزّبعرى، و صدره: يا ليت زوجك قد غدا و هو في معاني القرآن للفراء 1/ 121 و المسائل الحلبيات ص 301، و في إعراب القرآن للنحاس 2/ 68، 3/ 310، و في مجاز القرآن لأبي عبيدة 2/ 68، و الخصائص 2/ 431 و اللسان (قلد). و الكشاف 3/ 422، و انظر شرح شواهد الكشاف 4/ 364، و يريد الشاعر: أي متقلدا سيفا و حاملا رمحا، و مثله قول الشاعر: علفتها تبنا و ماء باردا أي: و سقيتها ماء باردا و عبد اللّه بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي، أبو سعد، شاعر قريش في الجاهلية، كان شديدا على المسلمين .. ثم أسلم بعد فتح مكة و اعتذر، و مدح النبي صلّى اللّه عليه و سلم. توفي سنة «15 ه» الإصابة 6/ 81 رقم 4670، و موسوعة الشعر و الشعراء 5/ 201، و الأعلام 4/ 87.

و قوله تعالى وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَ هارُونَ الْفُرْقانَ: يبطل هذا التأويل (1) و لكن يجوز في الآيتين جميعا أن يريد بالفرقان: البرهان الذي فرّق بين الحق و الباطل، نحو انقلاب العصا و خروج اليد بيضاء من غير سوء، و غير ذلك من الآيات أو الشرع الفارق بين الحلال و الحرام (2).

و قيل (الفرقان): انفراق البحر (3)، ورد أبو علي على هذا القول لأن (الفرقان) قد استعمل في هذه الآيات في معان لا في أعيان و لأن مصدر فرقت قد جاء في القرآن (فرقا) (4) و لم يجي ء (فرقانا) (5).

قال (6): و إن كان بعض أمثلة (7) المصادر قد جاء على مثال (فعلان) (8) اه.

قال أبو عبيدة: «سمّي فرقانا لأنه فرّق بين الحق و الباطل و المؤمن و الكافر» (9).

و قال أبو عبيدة (10): (الفرقان) عند النحويين: مصدر فرقت بين الشي ء- أفرق فرقا و فرقانا (11) (12).

ص: 171


1- و كذا رده النحاس في إعراب القرآن 1/ 175.
2- راجع تفسير الطبري 1/ 44، و الزمخشري 1/ 281، و أبي حيان 1/ 202 و الآلوسي 1/ 259.
3- انظر: زاد المسير 1/ 81، و تفسير القرطبي 1/ 399، و الكشاف: 1/ 281 يقول أبو حيان 1/ 202 «و ضعف هذا القول بسبق ذكر فرق البحر في قوله (و إذ فرقنا) [البقرة: 50] و بذكر ترجية الهداية عقيب الفرقان، و لا يليق إلّا بالكتاب» اه.
4- كما في قوله تعالى فَالْفارِقاتِ فَرْقاً [المرسلات: 4].
5- و هذا على أن أبا علي الفارسي يرى أن (فرقانا) صفة كما مر.
6- ساقط من د، ظ و القائل هو أبو علي.
7- في د، ظ: أمثلة من المصادر.
8- انظر المسائل الحلبيات ص 302.
9- مجاز القرآن 1/ 3، 18، و انظر البرهان 1/ 280.
10- هكذا في الأصل «أبو عبيدة» و في بقية النسخ: «أبو عبيد» و يظهر من السياق أن هذا هو الصواب. و هو القاسم بن سلام الهروي، أبو عبيد الخراساني البغدادي من كبار العلماء في الحديث و الأدب و الفقه (157- 224 ه). معرفة القراء الكبار 1/ 170، و صفة الصفوة 4/ 130، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 37 و الاعلام 5/ 176.
11- من قوله: و قال أبو عبيد ... إلى هنا سقط من المطبوع.
12- انظر نحوه في تفسير الطبري 9/ 226 و أبي حيان 4/ 487.

و عن ابن عباس (الفرقان): المخرج (1)، قال اللّه عزّ و جلّ: .. إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً (2) أي بيانا و مخرجا من الشبهة و الضلال (3).

و أنشدوا لمزرد (4):

بادر الليل أن يبيت فلما أظلم الليل لم يجد فرقانا (5)

3- و من أسمائه: الكتاب:

سمّي بذلك لأن الكتب: الجمع، يقال: كتب إذا جمع الحروف بعضها إلى بعض، و تكتب بنو فلان: أي اجتمعوا (6)، فسمّي بذلك لما اجتمع فيه من المعاني،

ص: 172


1- و كذا قال مجاهد و عكرمة و الضحاك و السدي و ابن قتيبة و مالك- فيما روي عن ابن وهب و ابن القاسم و أشهب. انظر البحر المحيط 4/ 486.
2- الأنفال: (29). و أولها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ ...
3- انظر تفسير الطبري 9/ 225، و ابن كثير 2/ 301. و قد سرد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان 2/ 349 الأقوال التي قيلت في معنى الفرقان- نقلا عن ابن كثير- ثم قال: «لكن الذي يدل عليه القرآن و اللغة على صحته في تفسير الآية المذكورة هو قول ابن إسحاق (فرقانا) أي فصلا بين الحق و الباطل». قال: «لأن الفرقان: مصدر، زيدت فيه الألف و النون و أريد به الوصف أي الفارق بين الحق و الباطل ...» ثم ذكر الآيات الدّالة على ذلك. و هذا القول الذي اختاره الشنقيطي سبقه إليه ابن كثير حيث قال: «إنّه أعم من القول بأن معناه: المخرج أو النجاة أو النصر، فهو يستلزم ذلك كله» اه. المصدر السابق.
4- هو مزرد بن ضرار بن حرملة بن سنان الغطفاني، فارس شاعر، جاهلي أدرك الإسلام في كبره و أسلم، كان هجاء في الجاهلية، توفي سنة (10 ه) و يقال: إن اسمه يزيد، و (مزرد) كمحدث لقب له. انظر ترجمته في: الإصابة 9/ 175 رقم 7913 و الشعر و الشعراء 199 و الأعلام 7/ 211 و راجع اللسان مادة (زرد) 3/ 194، و القاموس 1/ 308.
5- في تفسير أبي حيان 4/ 486 «و قال مزرد بن ضرار: بادر الأفق أن يغيب فلما ....... إلخ و انظر المحرر الوجيز لابن عطية 8/ 47، و الدر المصون للسمين 5/ 595.
6- انظر المفردات للراغب (كتب) 423 و تفسير القرطبي 1/ 158 و الخازن 1/ 23، و البرهان 1/ 276، و الإتقان 1/ 146، و الفتوحات الإلهية 1/ 11. و يطلق الكتاب على عدة وجوه منها: القرآن، و منها الفرض، و منها الحجة و البرهان، و منها الأجل انظر تفسير الفخر الرازي 2/ 14، و راجع المفردات للراغب فقد ساق المعاني و الآيات الكثيرة التي تدل عليها مادة كتب فلتنظر 423-425 و كذلك ابن قتيبة، انظر مشكل القرآن و غريبه 1/ 11 حيث قال: «أصل الكتاب ما كتبه اللّه في اللوح مما هو كائن، ثم يتفرع منه معان ترجع إلى هذا الأصل» اه.

كالأمر و النهي و المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ و الحلال و الحرام. و نبأ ما كان و ما يكون، و ما يحتاج إليه من أمر الدين، و تفصيل ما اختلف فيه من الأحكام، قال اللّه عزّ و جلّ: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ (1) و قال عزّ و جلّ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَ لكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (2).

و كذلك (3) سمّي (قرآنا) لأنه قد جمع فيه كل شي ء (4).

و قال أبو عبيدة: و سمّي (5) قرآنا لأنه جمع السور و ضمّها (6) اه.

و كذلك تسميته بالكتاب أيضا.

و قال أبو علي: الكتاب مصدر كتب (7).

قال: و دليل ذلك انتصابه عمّا قبله في قوله عزّ و جلّ .. كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (8).

و قوله وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا (9).

قال: فمذهب سيبويه في هذا النحو أنه لما قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ دل هذا الكلام على (كَتَب عَلَيْكُمْ) (10) و كذلك (11) قوله عزّ و جلّ وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ

ص: 173


1- الأنعام: (38).
2- يوسف: (111).
3- في بقية النسخ: و لذلك.
4- قال الراغب في مادة (قرأ): «قال بعض العلماء: تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب اللّه، لكونه جامعا لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم، كما أشار تعالى إليه بقوله وَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْ ءٍ. و راجع البرهان 1/ 277، و الإتقان 1/ 147.
5- في بقية النسخ: سمّي بدون واو.
6- في مجاز القرآن: 1/ 1 لأنّه يجمع السور فيضمها. و انظر 1/ 18 من المصدر نفسه. و هذا بناء على أن (قرأ) بمعنى (جمع) و ليس بمعنى (تلا) كما تقدم عن أبي عبيدة.
7- انظر الحجة للقراءات السبعة لأبي علي الفارسي 2/ 456.
8- أول الآيات حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء: 23، 24].
9- آل عمران: (145).
10- انظر إعراب القرآن للنحاس 1/ 406 و معاني القرآن للفراء 1/ 260، و تفسير القرطبي 5/ 123، و إملاء ما من به الرحمن .. للعكبري: 2/ 128، 226 على هامش الفتوحات الإلهية، و قطر الندى لابن هشام 363 عند حديثه عن اسم الفعل.
11- في د، ظ: كذلك. بدون واو.

تَمُوتَ .. دل على كتب اللّه موته و مدة حياته، فانتصب ب (كتب) (1) الذي دل (2) عليه الفعل المظهر (3).

قال: و مذهب غيره من أصحابه: أنه انتصب بالفعل الظاهر.

و كيف كان الأمر فقد ثبت من ذلك أن (الكتاب) مصدر كالوعد و الصنع من قوله عزّ و جلّ وَعْدَ اللَّهِ (4)قال النحاس: (صنع اللّه) منصوب عند الخليل و سيبويه- رحمهما اللّه- على أنه مصدر لأنه لما قال عز و جل وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ دل على أنه صنع ذلك صنعا ... اه.

إعراب القرآن 2/ 537، و انظر إملاء ما من به الرحمن 4/ 142، و تفسير أبي حيان 7/ 100.(5).

و صُنْعَ اللَّهِ .. (6) في انتصابهما بما ذكر قبلهما من قوله عزّ و جلّ وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ (6)، و قوله عزّ و جلّ .. وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ (7) ثم قال بعد ذلك وَعْدَ اللَّهِ .. (8).

قال (9): و سمّي به (10) التنزيل بدلالة قوله عزّ و جلّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ (11).

ثم قال: و المراد بالمصدر الذي هو (الكتاب): المكتوب، كما يقال: الخلق و يراد به المخلوق لا الحدث، تقول: جاءني الخلق، و كلمت الخلق، و الدرهم ضرب الأمير، و الثوب نسج اليمن أي مضروبه و منسوج اليمن (12).

و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «الراجع في هبته» (13) اي موهوبه، قال: فما تأولناه في قولنا في

ص: 174


1- حرفت في ظ إلى: بكتبه.
2- كلمة (دل) ساقطة من ظ.
3- راجع الكشاف 1/ 468، 518، و الحجة لأبي علي الفارسي 2/ 457.
4- الروم
5- . و سيذكر المصنف ارتباطها بما قبلها.
6- النمل (88). و نص الآية وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ ....
7- الروم (2- 3).
8- المصادر السابقة 2/ 581، 4/ 172، 7/ 162، و الفتوحات الإلهية 1/ 320.
9- أي أبو علي الفارسي.
10- الضمير يعود على الكتاب.
11- أول آية من سورة الكهف.
12- ذكر نحوه ابن مطرف الكناني انظر القرطين 11، و أبو علي الفارسي في الحجة للقراء السبعة 2/ 140.
13- رواه البخاري بلفظ (العائد في هبته كالعائد في قيئه) كتاب الهبة باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته و صدقته 2/ 142، و انظر: فتح الباري 5/ 234. و رواه مسلم في كتاب الهبات باب تحريم الرجوع في الصدقة و الهبة بعد القبض 11/ 64، و أبو داود 3/ 808 كتاب البيوع باب الرجوع في الهبة و الترمذي 4/ 522 كتاب البيوع باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة.

(الكتاب) المسمّى به (التنزيل) أنه يراد به المكتوب: أرجح عندي من قول من قال: إنّه سمّي (1) بذلك لما فرض فيه و أوجب العمل به.

قال: أ لا ترى أنّ جميع التنزيل مكتوب و ليس كله مفروضا.

قال: و إذا كان كذلك كان العامل (2) الشامل لجميع المسمّى أولى مما كان بخلاف هذا الوصف (3) اه.

و هذا الذي رجحه أبو علي ليس براجح، لأن قولهم: هذا الدرهم ضرب الأمير قد علم المراد منه.

و أن الضرب الذي هو الغرض الذي قد انقضى و ذهب: لا يصح أن يكون موجودا و مشارا إليه.

فتعين أن المراد بالضرب المضروب، و ليس كذلك (الكتاب) لأنه اسم منقول (4) من المصدر كفضل، و إنما سمّي (القرآن) به (5) لأن معنى كتب الشي ء: جمعه و ضمّ بعضه إلى بعض و كذلك (القرآن).

و قول من قال: إنما سمّي كتابا لأنه يقال: كتب الله كذا بمعنى أوجبه و فرضه كقوله عزّ و جلّ وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ .. (6) فسمّي (القرآن) كتابا لما فيه من الواجبات التي كتبها: أرجح من قول أبي علي، لأن الشي ء (7) يسمّى ببعض ما فيه.

ثم إن قول أبي علي يوهم أن ليس الأصح هذا القول و قوله (8).

ص: 175


1- في ظ: يسمى.
2- في المسائل الحلبيات: كان العام الشامل.
3- انظر المسائل الحلبيات بنحوه 303- 305.
4- في د، ظ: رسمت الكلمة هكذا (مفعول).
5- في د، ظ: و إنما سمّي القرآن كتابا لأن .. الخ.
6- النساء (66) .. أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ...
7- حرفت في د، ظ: إلى (لأن المسمّى يسمّى).
8- هكذا هي في الأصل. و في بقية النسخ: أن ليس إلّا هذا القول ... و هي واضحة، أما عبارة الأصل فهي قلقة.

و أوضح من القولين و أصح: قول من قال: هو منقول من المصدر الذي هو بمعنى الجمع و الضم (1).

4- و من أسمائه: الذكر.

قال (2) عزّ و جلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (3) و هو منقول من المصدر، و الذكر: الموعظة، و الذكر: الشرف (4).

5- و من أسمائه: الوحي.

قال المؤمنون كلهم: القرآن كلام اللّه و وحيه و تنزيله (5).

و قال اللّه عزّ و جلّ: قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ (6) و هو من قولهم: وحي يحي وحيا (7).

ص: 176


1- راجع ما ذكره السخاوي عند أول كلامه على (و من أسمائه الكتاب) ثم إنّه في تصوري أنّ رأي أبي علي مبني على مقدمات و نتائج و تحليلات ما كان الأمر يستدعي هذا كله، فالكتاب يمكن حمله على المكتوب و المفروض و المضموم بعضه إلى بعض.
2- في بقية النسخ: قال اللّه عزّ و جل.
3- الحجر (9).
4- قال الزركشي في البرهان: 1/ 279 «و أما تسميته (ذكرا) فلما فيه من المواعظ و التحذير و أخبار الأمم الماضية. و هو مصدر ذكرت ذكرا، و الذكر: الشرف، قال تعالى: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ الأنبياء (10) أي شرفكم». و انظر الإتقان 1/ 147، و تفسير ابن عطية 1/ 80 و يطلق الذكر على عدة معان، فانظرها إن شئت في المفردات للراغب الأصفهاني (ذكر) ص 179.
5- هذه هي عقيدة أهل السنة و الجماعة- و هي التي ندين اللّه بها أن القرآن كلام اللّه، و أنه أنزله على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وحيا، و صدقه المؤمنون على ذلك حقا. انظر: فتاوى ابن تيمية 2/ 37 و شرح العقيدة الطحاوية: 179 و الهدى و البيان في أسماء القرآن 1/ 193.
6- الأنبياء: (45).
7- يقال: وحي إليه الكلام يحيه وحيا، و أوحى أيضا، و هو أن يكلمه بكلام يخفيه، و يطلق الوحي في اللغة في عدة معان منها: الإشارة و الكتابة و الرسالة و الإلهام و الكلام الخفي، و كل ما ألقيته إلى غيرك. انظر: اللسان مادة (وحي) و مختار الصحاح، و راجع مشكل القرآن و غريبه لابن قتيبة 2/ 112. و المفردات للراغب الأصفهاني (وحي) 515، و البرهان: 1/ 280، و فتح الباري 1/ 9، 1/ 14. و معنى الوحي في لسان الشرع كما يقول الزرقاني: «أن يعلم اللّه تعالى من اصطفاه من عباده كل ما أراد اطلاعه عليه من ألوان الهداية و العلم و لكن بطريقة سرية خفية غير معتادة للبشر» مناهل العرفان: 1/ 63.

قال الشاعر (1):

.......* وحي (2) لها القرار فاستقرت (3) و يقال: أوحى يوحي إيحاء (4) و معناه: الإفهام بإيماء أو إشارة (5).

و قال بعض العلماء: الوحي: قذف في القلوب، و كأنه سمّي وحيا لأن الملك كان يفهمه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لا يفهم عنه سواه، كما سمّوا ضرب الأمثال وحيا من جهة اللفظ، و ذلك أن يضرب الرجل لصاحبه مثلا فيعرف به أمرا بينهما، و لا يفهمه سواه، و كل من أشار إلى معنى من غير إفصاح فبلغ بذلك المراد فقد أوحى.

6- و من أسمائه: التنزيل :

6-و من أسمائه: التنزيل (6):

يقال: جاء في «التنزيل» كذا، كما يقال: جاء في (القرآن)، و هو منقول من المصدر، يقال: نزل تنزيلا (7)، قال اللّه عزّ و جلّ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ

ص: 177


1- هو عبد اللّه بن رؤبة بن لبيد العجاج، أبو الشعثاء، من الشعراء، ولد في الجاهلية، و قال الشعر فيها ثم أسلم توفي سنة (90 ه) الشعر و الشعراء 397، و الأعلام 4/ 86، و مقدمة ديوانه (1).
2- (وحي) ساقط من د، ظ.
3- انظر ديوان العجاج 408، و يروي: أوحى لها ... و بعده: و شدها بالراسيات الثبت* ........ و البيت من شواهد النحاس في إعراب القرآن 3/ 54، 520، و أبي حيان في البحر 8/ 501، و انظر اللسان (وحى)، و شرح شواهد الكشاف 4/ 353.
4- و هذه هي اللغة الفاشية في القرآن، أما في غير القرآن فالمشهور (وحى). راجع اللسان، و عمدة القارئ 1/ 14.
5- أومى يومي، و ومى يمي مثل أوحى و وحى، و الإيماء: الإشارة بالأعضاء كالرأس و اليد، و العين و الحاجب. اللسان (ومى).
6- قال اللّه عزّ و جلّ تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ الزمر: (1).
7- قال الزركشي: «و أما تسميته (تنزيلا) فلأنّه مصدر نزلته، لأنّه منزل من عند اللّه على لسان جبريل ...» اه البرهان 1/ 281. و في اللسان: (نزل) و تنزله و أنزله و نزله بمعنى. إلّا أنّ الراغب ذكر فرقا دقيقا بين الإنزال و التنزيل حيث قال: «الفرق بين الإنزال و التنزيل- في وصف القرآن و الملائكة- أنّ التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقا، و مرة بعد أخرى، و الانزال: عام، فمما ذكر فيه التنزيل قوله تعالى وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا الإسراء (106). و إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ الحجر (9). و مما ذكر فيه الإنزال قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ البقرة: (185). يقول: (و إنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل: لما روى أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجما نجما) المفردات ص 489 (نزل). و هو كما قال، و قد تقدم أن القرآن نزل أولا إلى سماء الدنيا ثم نزل مفرقا في ثلاث و عشرين، و ذلك عند الحديث عن تنزلات القرآن، فلينظر هناك.

الْحَدِيثِ (1).

7- و من أسمائه: القصص :

7-و من أسمائه: القصص (2):

قال (3) عزّ و جلّ إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ (4).

و القصص في العربية: أتباع الأثر (5).

قال اللّه عزّ و جلّ: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (6).

قال اللّه عزّ و جلّ: قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ (7) ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي (8).

و القرآن (9): قصصه الذي قصه (10)، أي اتبعه و ألقاه إلى غيره. كما قفاه (11) و اتبع فيه اثر الملك.

8- و من أسمائه: الروح:

قال اللّه عزّ و جلّ: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ... (12).

ص: 178


1- الزمر (23).
2- رجعت إلى مادة (قصص) في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم فلم أجد كلمة تدل على تسمية القرآن بالقصص، و الآية التي أوردها المؤلف- رحمه اللّه- إنما تشير إلى ما قصه اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من نبأ عيسى عليه السلام. راجع فتح القدير 1/ 347.
3- في ظ: قال اللّه تعالى عزّ و جلّ.
4- آل عمران (62).
5- انظر المفردات للراغب (قصص). و اللسان، و مختار الصحاح.
6- الكهف (64).
7- هذا محل الشاهد من الآية الكريمة و هو الاتباع.
8- الاعراف (203).
9- هكذا في الأصل. و في ظق: فالقرآن، و في د، ظ: و أمر القرآن و لعل العبارة الصحيحة: و أثر القرآن.
10- قال الزركشي: «و أما تسميته (قصصا)، فلأن فيه قصص الأمم الماضية و أخبارهم» البرهان 1/ 280، و راجع الهدى و البيان في أسماء القرآن 1/ 274.
11- قفاه قفوا و قفوا و اقتفاه و تقفاه: أي تبعه. اللسان (قفا) و راجع المفردات للراغب ص 409، و مختار الصحاح.
12- الشورى (52).

سمّي روحا لأنه تحيا به القلوب و الدين (1)، قال اللّه عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ (2).

9- و من أسمائه: المثاني :

9-و من أسمائه: المثاني (3):

قال اللّه عزّ و جلّ: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ .... (4)

سمّي مثاني لأن القصص و الأنباء ثنيت فيه، أي كررت، يقال: ثنيت الشي ء إذا كررته (5).

و سماه اللّه عزّ و جلّ:

10- الهدى
11- و البيان
12- و التبيان،

10- الهدى (6)

11-و البيان (7)

12-و التبيان (8)

ص: 179


1- قال القرطبي 16/ 55 و أبو حيان 7/ 527: «و سمّي ما أوحى إليه (روحا) لأن به الحياة من الجهل». زاد أبو حيان: و قال مالك بن دينار: «يا أهل القرآن، ما ذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع القلوب، كما أن العشب ربيع الأرض» و انظر الهدى و البيان في أسماء القرآن: 2/ 44 فإن فيه كلاما نفيسا حول هذا الموضوع.
2- الأنفال (24).
3- سبق أن ذكرت بأن كثيرا من العلماء أسرفوا في سرد مجموعة كبيرة من أوصاف القرآن و جعلها أسماء له. و الذي ظهر لي أن ما ذكره السخاوي من هنا إلى آخر كلامه على الأسماء إنما هو من هذا القبيل، و يظهر هذا جليا لمن أمعن النظر في ذلك و اللّه أعلم.
4- الزمر: (23).
5- كأن المؤلف قصر ذلك على تثنية القصص و الأنباء، و يظهر لي من خلال كلام العلماء أن كلمة (مثاني) يمكن أن تشمل عدة معان إضافة إلى ما ذكره المؤلف، يقول الراغب: (ثني) ص 82. «و سميت سور القرآن مثاني لأنها تثني على مرور الأوقات و تكرر فلا تدرس و لا تنقطع دروس سائر الأشياء التي تضمحل و تبطل على مرور الأيام و على ذلك قوله تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ و لما يتجدد حالا فحالا من فوائده، و يصح أن يكون ذلك من الثناء تنبيها على أنه أبدا يظهر منه ما يدعو إلى الثناء عليه و على من يتلوه و يعلمه و يعمل به ...». و راجع تفسير القرطبي 15/ 249، و أبي حيان 7/ 423، و البرهان 1/ 280، و مشكل القرآن و غريبه 2/ 103.
6- لأن فيه دلالة بينة إلى الحق، و تفريقا بينه و بين الباطل. البرهان 1/ 279. قال تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ البقرة (2).
7- من قوله تعالى هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ آل عمران (138).
8- من قوله تعالى وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ النحل (89).

13- و الموعظة (1)، 14- و الرحمة (2)، 15- و البشير، 16- و النذير (3)، 17- و العزيز (4).

الذي لا يرام (5) فلا يؤتى بمثله، و لا يستطاع إبطاله (6).

18- و الحكيم (7): و هو إمّا بمعنى المحكم- بفتح لكاف- او المحكم- بكسرها-، من قولهم: حكمة الدابة، لأنها تردّها عن الجور، لأنّه يرد العباد إلى القصد (8).

19- و المهيمن (9):- و هو الشاهد-.

20- و البلاغ: قيل: لأنه يكفي من غيره (10).

21- و الشفاء (11).

ص: 180


1- من قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ يونس (57).
2- فمن فهمه و عقله كان رحمة له. البرهان 1/ 280. و أي رحمة فوق التخليص من الضلالات. مفاتيح الغيب 2/ 16. قال تعالى وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الإسراء (82).
3- لأنه بشر بالجنة و أنذر من النار، قال تعالى كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* بَشِيراً وَ نَذِيراً فصلت: (3، 4). البرهان 1/ 279، و مفاتيح الغيب 2/ 16.
4- أخذا من قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ فصلت (41).
5- رام الشي ء يرومه روما و مراما: طلبه. اللسان (روم) فكأنّ من أراد أن يطلبه ليأتي بمثله لا يستطيع ذلك.
6- راجع البرهان 1/ 179 و مفاتيح الغيب 2/ 17، و الإتقان: 1/ 148، و تفسير ابن كثير 4/ 102.
7- أخذا من قوله تعالى تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ يونس (1)، و لقمان (2).
8- قال أبو عبيدة في «مجاز القرآن: 1/ 272» و الحكيم: مجازه المحكم المبين الموضح، و العرب قد تضع (فعيل) في معنى (مفعل). و القرآن تضمن المعنيين جميعا. راجع المفردات للراغب (حكم) 127 و البرهان 1/ 280، و مفاتيح الغيب 2/ 15 و الاتقان 1/ 148، و روح المعاني 11/ 59.
9- فهو أمين و شاهد و حاكم على كل كتاب قبله، يقول تعالى وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ المائدة: (48) راجع تفسير ابن كثير 2/ 65، و البرهان 1/ 280، و القرطين لابن مطرف 1/ 141.
10- قال الراغب: (بلغ) ص 60 (البلاغ): التبليغ، نحو قوله عزّ و جلّ هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ إبراهيم: (52). و البلاغ: الكفاية، نحو قوله عزّ و جلّ إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ الأنبياء (106) اه و راجع الهدى و البيان في أسماء القرآن 2/ 49.
11- أخذا من قوله تعالى وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ الإسراء (82) أي شفاء من الشبه و الشكوك، و هو إزالة ما فيها من رجس و دنس. تفسير ابن كثير 2/ 421.

22- و المجيد (1): لشرفه على كل كلام (2).

23- و النور: قال اللّه عزّ و جلّ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ (3).

ص: 181


1- سقطت الواو من د، ظ.
2- أخذا من قوله تعالى ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ. انظر المفردات (مجد) و البرهان 1/ 280، و تفسير أبي حيان 8/ 120، و الشوكاني 5/ 71.
3- المائدة (15). سمّي نورا لكشفه ظلمات الشرك و الشك، أو لأنّه ظاهر الإعجاز. البحر 3/ 448، و لأنّه يدرك به غوامض الحلال و الحرام. البرهان 1/ 179. و هذا على أن المقصود بالنور المذكور في الآية هو (القرآن).
«تعدد أسماء السور» أسماء الفاتحة

«تعدد أسماء السور» (1) أسماء الفاتحة

و تسمّى فاتحة الكتاب: المثاني أيضا (2)، فهو اسم مشترك (3)، و تسمّى سورة

ص: 182


1- الكلام على ألقاب سور القرآن سيأتي بعد الحديث عن أسماء الفاتحة و أقسام القرآن و معنى السورة و الآية، و قد قدم المؤلف الحديث عن أسماء الفاتحة لأن من أسمائها المثاني، و قد تقدم أنّ من أسماء القرآن كذلك: المثاني فللمجاورة قدم ذلك. و هنا ينشأ سؤال: من الواضع لأسماء السور؟ ذهب السيوطي إلى أن أسماء سور القرآن بتوقيف من النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيث قال: «و قد ثبت أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث و الآثار، و لو لا خشية الإطالة لبينت ذلك» اه. الاتقان 1/ 150 و ذكره الألوسي في تفسيره 1/ 34. و لعل السيوطي يقصد بذلك بعض الأسماء- و بخاصة الثابتة في المصاحف- و ليس كل الأسماء التي ذكرت لبعض السور ورد فيها نص من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و أكبر دليل على ذلك أن السيوطي نفسه قد سرد لسورة الفاتحة خمسا و عشرين اسما، و معظمها لم يذكر فيها نصا يدل على التوقيف أو أثرا موقوفا على أحد الصحابة أو قولا معزوا إلى أحد التابعين و إنما هي أقوال معزوة إلى بعض العلماء المتأخرين، استنباطا مما تحمله السورة في طياتها من معاني سامية و آداب رفيعة، أو أخذا من مفهوم بعض الأحاديث و ليس من منطوقها، و لذلك نجد السيوطي ينقل عن الزركشي قوله: «و ينبغي البحث عن تعداد الأسامي، هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثاني فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسمائها، و هو بعيد» اه البرهان 1/ 270، و الإتقان 1/ 159. و لكن الذي ظهر لي من صنيعهما- رحمهما اللّه تعالى- أنهما ذكرا النوعين، أي ما وردت به الآثار و ما لم ترد، و سيأتي مزيد بيان على هذا عند الحديث عن «ألقاب سور القرآن» و كيف ان السخاوي و غيره من العلماء قد أكثروا من ذكر أسماء لسورة (التوبة) فقد أوصلها السخاوي إلى اثني عشر اسما، و نقل السيوطي عنه بعضها دون ذكر لمستند من حديث أو أثر، و إنما معظمها مأخوذ من الجو العام للسورة و ملابساتها التي تنزلت فيها.
2- في بقية النسخ: أيضا المثاني.
3- أي أن كلمة (المثاني) تطلق على عدة معان: فتطلق على الفاتحة، و على سور القرآن الكريم كلها و على آياته، و غير ذلك. انظر: تفسير ابن كثير 2/ 557، و البرهان 1/ 145 و تفسير الشوكاني 3/ 142.

الحمد: أمّ الكتاب، و فاتحة الكتاب، سمّيت أمّ الكتاب لأن أمّ كل شي ء أصله، و لما كانت مقدمة الكتاب العزيز، فكانت كأنها أصله (1).

قيل لها: أمّ الكتاب و أمّ القرآن.

و سميت الفاتحة (2): لأنّ القرآن العزيز افتتح بها، و من قال: إنّها أول ما نزل قال: سمّيت فاتحة الكتاب: لأن الوحي افتتح بها (3).

و روى أبو هريرة و أبيّ بن كعب أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «هي أم القرآن، و هي السبع المثاني، و هي فاتحة الكتاب» (4).

و سمّيت السبع المثاني: لأنّها تثنى في كل ركعة، و قيل: لأنّها نزلت بمكّة، ثم ثنيت فنزلت بالمدينة (5).

و قيل: لأن اللّه عزّ و جلّ استثناها لهذه الأمة و ذخرها (6) لها ممّا أنزله على غيرها (7)، و منع أنس و ابن سيرين (8).

ص: 183


1- في د، ظ: أصل.
2- اقتصر المؤلف على تسميتها بهذه الأسامي التي ذكرها، و من قبله ابن عطية كذلك. انظر تفسيره 1/ 100، و ذكر الخازن لها ستة أسامي. انظر تفسيره 1/ 14، و أوصلها كل من الزمخشري 1/ 175 و القرطبي 1/ 111، إلى اثني عشر اسما. قال الزركشي: «و ذكر بعضهم لسورة الفاتحة بضعة و عشرين اسما» ثم سرد لها اثني عشر من تلك الأسماء. البرهان 1/ 269. و قال السيوطي: «قد وقفت لها على نيف و عشرين اسما، و ذلك يدل على شرفها، فإن كثرة الأسماء دالة على شرف المسمى». ثم ذكرها جميعا مع التعليل لكل اسم. انظر: الإتقان 1/ 151.
3- و هو قول مرجوح كما تقدم تقرير ذلك عند الحديث عن أول ما نزل.
4- أخرجه الترمذي في سننه 8/ 552 كتاب التفسير، باب و من سورة الحجر بنحوه، و الطبري كذلك 14/ 59، و انظر جامع الأصول 8/ 467، و تفسير ابن كثير 1/ 9، و فتح الباري 8/ 381، و الدر المنثور 1/ 12.
5- انظر تفسير البغوي 1/ 14، و القرطبي 1/ 116، و ابن كثير 1/ 8، و أبي حيان 1/ 16، و الخازن 1/ 14، و الإتقان 1/ 31، 102، 153.
6- ذخر الشي ء يذخره ذخرا، و اذّخره اذّخارا: اختاره. اللسان 4/ 302 (ذخر).
7- راجع تفسير ابن عطية 1/ 100، و الخازن 1/ 14، و الإتقان 1/ 153 و القرطبي 1/ 112، و مفاتيح الغيب 1/ 175،- حيث ذكر الفخر الرازي ثمانية وجوه لسبب تسميتها ب (المثاني)-، و انظر 19/ 207، من نفس المصدر، و فتح الباري 8/ 158.
8- محمد بن سيرين البصري الأنصاري بالولاء، أبو بكر، تابعي، كان إماما في وقته في علوم الدين، مولده و وفاته بالبصرة (33- 110 ه) مشاهير علماء الأمصار: 88، و صفة الصفوة 3/ 241، و التقريب 2/ 169 و الأعلام 6/ 154.

أن تسمى أم الكتاب و أم القرآن (1).

قالا: لأن ذلك اسم اللوح المحفوظ، قال اللّه عزّ و جلّ وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا (2)قال الزركشي في البرهان: 1/ 29 «و قد ينزل الشي ء مرتين تعظيما لشأنه، و تذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه، و هذا كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين: مرة بمكة، و أخرى بالمدينة» ثم ذكر بعض النماذج على ذلك.

و قال السيوطي في الإتقان 1/ 31 «نزلت الفاتحة مرتين مبالغة في تشريفها».

و هذا عندي أوفق لأن كثيرا من السور نزلت بعدة أوجه، و لم يتكرر نزولها بسبب ذلك. و اللّه تعالى أعلم.(3) .. و الحديث يرد ما قالا، و قد تكون الأسماء مشتركة (4).

فإن قيل: فما فائدة نزولها مرة ثانية؟

قلت: يجوز أن تكون نزلت أول مرة على حرف واحد، و نزلت في الثانية ببقية وجوهها (4). نحو (مالك) و (مالك) و (السراط) و (السراط) (5) و نحو ذلك (6).

ص: 184


1- نسبه الخطابي إلى ابن سيرين كما في الفتح 8/ 381. و نسبه السهيلي إلى الحسن و ابن سيرين، و تعقب هذا القول بما ورد من الأحاديث التي تخالفه. انظر فتح الباري 8/ 156، و الاتقان 1/ 152.
2- الزخرف
3- . .. لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ.
4- بمعنى أنّ الإسم قد يطلق على عدة أشياء بحسب السياق. فمثلا قد تطلق كلمة (أم الكتاب) و يراد اللوح المحفوظ كما في الآية الكريمة التي استدل بها أنس و ابن سيرين، و قد تطلق على فاتحة الكتاب كما مر معنا في الحديث الذي رواه الترمذي و غيره. و من هذا القبيل كلمة «المثاني» فقد جاءت الأحاديث تدل على أن المثاني: الفاتحة، كما مر معنا أيضا. و قد تطلق على القرآن كله. يقول الزركشي: «... و قد تسمى سور القرآن مثاني، و منه قوله تعالى كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ- الآية (23) من الزمر-. البرهان 1/ 245، و راجع تفسير ابن كثير 2/ 557، و الشوكاني 3/ 142. و قد تطلق على السبع الطول، يقول ابن حجر: «.. و قول آخر مشهور بأن المثاني تطلق على السبع الطول، و قد أسنده النسائي و الطبري و الحاكم عن ابن عباس باسناد قوي». فتح الباري 8/ 382.
5- قرأ عاصم و الكسائي (مالك) و بقية السبعة (ملك)، و قرأ ابن كثير في رواية قنبل (السراط) بالسين على الأصل، و قرأ خلف عن حمزة بين الصاد و الزاي أي بالإشمام، و قرأ الباقون بالصاد تبعا لخط المصحف. انظر التبصرة ص 80، و الكشف 1/ 25، 34، و النشر 1/ 271، و المهذب 1/ 45.
6- نقل هذا التساؤل و الإجابة عليه عن السخاوي: السيوطي في الإتقان 1/ 103.
«أقسام القرآن بحسب سوره»

و في القرآن العزيز: السبع الطّول (1)، البقرة، و آل عمران، و النساء، و المائدة، و الأنعام، و الأعراف، و يونس، و قيل براءة (2).

و قد ظنّ (3) عثمان (4)- رضي اللّه عنه- أن الأنفال و براءة سورة واحدة، فلذلك وضعها في السبع الطّول و لم يكتب بينهما البسملة (5).

و كانتا تدعيان في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم القرينتين (6).

و الطّول: جمع طولي، و الطولي: تأنيث الأطول (7)، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أعطاني ربي

ص: 185


1- سيشرحها المؤلف بعد قليل.
2- ساق أبو عبيد عدة آثار تدل على أن يونس هي السابعة. انظر فضائل القرآن، باب فضائل السبع الطول 158، مطبوع بالآلة الكاتبة، و في جامع الأصول لابن الأثير 2/ 151، ذكر أن براءة هي السابعة دون خلاف. و راجع الخلاف في ذلك في البرهان 1/ 244، و الإتقان 1/ 179، و تحفة الأحوذي 8/ 480، و مناهل العرفان 1/ 352، و في رحاب القرآن 1/ 115، و مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان: 145.
3- في د، ظ: و قد توهم.
4- عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة من قريش، أمير المؤمنين ذو النورين و أحد العشرة المبشرين بالجنة، من كبار الصحابة الذين أعزّ اللّه بهم الإسلام، ولد بمكّة و أسلم بعد البعثة بقليل ... استشهد في منزله بالمدينة رضي اللّه عنه سنة 35 ه. انظر: معرفة القراء الكبار 1/ 24، و صفة الصفوة 1/ 294، و الأعلام: 4/ 210.
5- هكذا ذكره المؤلف بمعناه مختصرا، و سيعيد ذكره بنصه كاملا عند الحديث عن تأليف القرآن و هو بطوله في سنن الترمذي 8/ 477، كتاب التفسير باب و من سورة التوبة حيث ساق بسنده إلى ابن عباس قال: قلت: لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال و هي من المثاني، و إلى براءة و هي من المئين، فقرنتم بينهما و لم تكتبوا بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و وضعتموها في السبع الطول، ما حملكم على ذلك؟ إلى آخر الحديث. و أخرجه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب من جهر بالبسملة 1/ 498 و أبو عبيد في فضائل القرآن، باب الزوائد في الحروف ص 223، و انظر: تفسير الطبري 1/ 45، و كتاب المصاحف لابن أبي داود ص 39 و الدر المنثور 4/ 119.
6- ذكر هذا النحاس في ناسخه عن عثمان بن عفان- رضي اللّه عنه-. انظر الدر المنثور 4/ 120، و ذكره القرطبي 8/ 63.
7- راجع اللسان «طول» و مختار الصحاح.

مكان التوراة السبع الطّول (1)، و مكان الإنجيل المثاني» (2) و هي السورة (3) التي ثنيت فيها القصص (4).

و في القرآن (5) المئون:

و هو ما بلغ مائة آية، أو ما قرب من ذلك (6).

- و في القرآن المفصل: و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، و أعطيت المئين مكان الإنجيل، و أعطيت المثاني مكان الزبور، و فضلت بالمفصل» (7).

و سمّي المفصل بذلك لكثرة انفصال بعضه من بعض (8).

و يسمّى المفصل- أيضا-: المحكم (9)، لأنّه لم ينسخ منه شي ء (10).

ص: 186


1- يقول الإمام الطبري: «و إنما سمّيت هذه السور السبع الطول: لطولها على سائر سور القرآن» مقدمة تفسيره 1/ 45.
2- سيأتي الحديث بتمامه قريبا مع تخريجه. و المراد بالمثاني هنا: ما ولى المئين. انظر البرهان 1/ 245، و تبتدئ من أول الأحزاب و تنتهي في آخر الحجرات. انظر في رحاب القرآن 1/ 116.
3- في ظق: و هي السور. و هي الصحيحة. و هي كذلك في الإتقان نقلا عن «جمال القراء» 1/ 179.
4- انظر تفسير الطبري 1/ 45، و البرهان 1/ 245، و الإتقان 1/ 179 حيث نقل السيوطي عن السخاوي قوله: «و هي السور ..» ثم قال: «و قد تطلق على القرآن كله و على الفاتحة». و قد تقدم ذكر ذلك عند الحديث عن أسماء الفاتحة.
5- في ظق: و في القرآن العزيز.
6- انظر المصادر السابقة و مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/ 6، و تبتدئ من انتهاء السبع الطول على الخلاف المتقدم و تنتهي في آخر سورة السجدة انظر في رحاب القرآن 1/ 116.
7- رواه أبو عبيد بسنده إلى واثلة بن الأسقع عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، انظر فضائل القرآن، باب فضائل السبع الطول 157. و نقله عنه ابن كثير في مقدمة تفسيره 1/ 34، و الشوكاني 1/ 28، و الزركشي في البرهان 1/ 244، النوع الرابع عشر و كلهم قالوا: إنّ الحديث غريب لأن في إسناده سعيد بن بشير، و راجع كلام العلماء في سعيد هذا في الميزان 2/ 128. هذا و قد أخرج الحديث ابن جرير الطبري في مقدمة تفسيره: 1/ 44 و الدارمي في سننه بنحوه 2/ 453 كتاب فضائل القرآن، باب فضائل الأنعام و السور، و انظر الدر المنثور 7/ 587، و كنز العمال 1/ 572 رقم 2582.
8- اقتصر على هذا الطبري في تفسيره 1/ 46، و ابن حجر في الفتح 2/ 259.
9- في مسند الإمام أحمد عن سعيد بن جبير: «ان الذي تدعونه المفصل هو المحكم» المصدر المذكور 1/ 253.
10- انظر البرهان 1/ 245، و فيه: «... و قيل لقلة المنسوخ فيه». و كذلك في الإتقان 1/ 180 و مناهل العرفان 1/ 352، و الذي تبين لي أنّ عبارة الزركشي و من تابعه أوفق من عبارة السخاوي التي تقول: إنّه لم ينسخ من المفصل شي ء، و سيأتي في هذا الكتاب كلام السخاوي نفسه على الناسخ و المنسوخ و سنجد هناك أنه قد ذكر كثيرا من القضايا التي قيل إنّها منسوخة من سور المفصل، و إن كان قد رد على أكثرها، إلّا أنّه سلّم ببعضها كقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ... المجادلة (12). قال: إنها منسوخة بالآية التي بعدها أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ، فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ ... و سيأتي الكلام على هذا في موضعه- ان شاء اللّه تعالى-. انظر ص 855 و راجع نواسخ القرآن لابن الجوزي 478، و الإتقان 3/ 67 و مناهل العرفان 2/ 268، و قد تردد في بعض تلك القضايا و لم يجزم بنسخها أو عدمه كما سيأتي عند كلامه على الناسخ و المنسوخ من سورة المزمل، و ليس غرضي هنا الكلام على ذلك، و إنما أردت أن أقرر ما ذكره السخاوي و غيره من بعض قضايا النسخ في المفصل ...

و أول المفصل سورة الحجرات (1) و قيل سورة (ق) (2).

و عن ابن عباس: المفصل أوله من سورة (3) الضُّحى (4) لأنه يفصل من تلك السورة بين كل سورتين بالتكبير (5).

ص: 187


1- يقول ابن حجر في الفتح: 2/ 249- بعد أن سرد الأقوال في ذلك و هي ما يقرب من اثني عشر قولا- قال: «و الراجح الحجرات ذكره النووي» اه. و قال في موضع آخر: 9/ 43: «و به جزم جماعة من الأئمة». هكذا قال- رحمه اللّه- إلّا أن الذي مال إليه و اختاره هو القول الآخر انظر الهامش الآتي.
2- و اختاره الحافظ ابن حجر، انظر الفتح 2/ 195، 249، 9/ 43، و الزركشي في البرهان 1/ 246. و قد سرد السيوطي في الإتقان اثني عشر قولا، و لم يصرح بالترجيح 1/ 180 إلّا أنه في الدر المنثور 7/ 587 ساق الآثار في ذلك عند أول تفسيره لسورة (ق) و هذا يدل على الترجيح، و به جزم ابن كثير في تفسيره 4/ 220.
3- في بقية النسخ: (و الضحى).
4- حكاه الخطابي و الماوردي كما في فتح الباري 2/ 249 دون ذكر لابن عباس. و قال الزركشي: «عزاه الماوردي لابن عباس، حكاه الخطابي في غريبه و وجهه بأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير، قال: و هو مذهب ابن عباس و قراء مكة» البرهان 1/ 246، و انظر الاتقان 1/ 180.
5- قال ابن الجزري: «اختلف في سبب ورود التكبير من المكان المعين فروى الحافظ أبو العلاء بإسناده عن أحمد بن فرح عن البزي: أن الأصل في ذلك أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انقطع عنه الوحي، فقال المشركون: قلى محمدا ربّه، فنزلت سورة وَ الضُّحى فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (اللّه أكبر)، و أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يكبر إذا بلغ (و الضحى) ... مع خاتمة كل سورة حتى يختم. قلت- ابن الجزري- و هذا قول الجمهور من أئمتنا كابي الحسن بن غليون و أبي عمرو الداني، و أبي الحسن السخاوي، «و غيرهم من متقدم و متأخر» النشر 2/ 405. و قال ابن كثير: «و ذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة (الضحى) أنّه لما تأخر الوحي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و فتر تلك المدة ثم جاء الملك، فأوحى إليه وَ الضُّحى وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى السورة بتمامها كبر فرحا و سرورا. و لم يرد ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة و لا ضعف، فاللّه أعلم اه. تفسيره 4/ 521. و نقل بعض هذا عنه ابن الجزري و قال: يعني كون هذا سبب التكبير، و إلا فانقطاع الوحي مدة أو ابطاؤه مشهور .. اه. النشر 2/ 406. أما حكم التكبير فقد قال مكي بن أبي طالب: «أجمع القراء على ترك التكبير إلّا البزي فإنّه روى عن ابن كثير أنه يكبر من خاتمة (و الضحى) إلى آخر القرآن. من خاتمة كل سورة ..» اه. التبصرة: 564 ... و ساق الذهبي عند ترجمته للبزي- بإسناده إلى البزي- قال: «سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد اللّه بن قسطنطين فلما بلغت (و الضحى) قال: كبر عند خاتمة كل سورة فإني قرأت على عبد اللّه بن كثير فلما بلغت (و الضحى) قال كبر حتى تختم و أخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، و أخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك و أخبره ابن عباس أن أبيّ بن كعب أمره بذلك، و أخبره أبيّ- رضي اللّه عنه- أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أمره بذلك» اه. ثم قال الذهبي: قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرجه البخاري و لا مسلم اه معرفة القراء الكبار 1/ 175 و كان الذهبي قد قال قبل ذلك: «روى البزي في التكبير خبرا غريبا، رواه عنه جماعة» و راجع الميزان في ترجمة البزي 1/ 144، ثم ساق الذهبي بسند أبي عمرو الداني إلى البزي نحو ما تقدم قال: و به قال موسى بن هارون، قال لي ابن أبي بزة: حدثت محمد بن ادريس الشافعي، فقال لي: إن تركت التكبير، فقد تركت سنّة من سنن نبيك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اه و انظر النشر 2/ 415. و قال ابن كثير في تفسيره: 4/ 521 «روينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن أبي بزة المقرئ قال: قرأت على عكرمة ... و ذكره بالسند الذي ذكره الذهبي إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال ابن كثير: «فهذه سنّة تفرّد بها البزي، و كان إماما في القراءات، فأما في الحديث فقد ضعفه أبو حاتم الرازي و قال: لا أحدّث عنه، و كذلك أبو جعفر العقيلي قال: هو منكر الحديث، لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في شرح الشاطبية عن الشافعي أنّه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة، فقال: أحسنت و أصبت السنّة، و هذا يقتضي صحة هذا الحديث» اه. و قال ابن الجزري في النشر 2/ 414 «و قد تكلم بعض أهل الحديث في البزي، و أظن ذلك من قبل رفعه له» اه. - و أما كيفية التكبير، فقال مكي بن أبي طالب: «قال الحسن بن مخلد: سألت البزي عن التكبير، فقال: «لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر» التبصرة: ص 565. و كذلك ذكره الذهبي عن الحسن بن الحباب بن مخلد .. إلخ معرفة القراء الكبار 1/ 178. ثم قال مكي: «و الذي قرأنا به، و هو المأخوذ به في الأمصار (اللّه أكبر) انتهى. قال ابن الجزري: أما صيغته فلم يختلف عن أحد ممن أثبته أنّ لفظه (اللّه أكبر) و لكن اختلف في الزيادة عليه، ثم ذكر من قال بالزيادة، و هي لفظة التهليل. النشر 2/ 429. و حكى ابن كثير القولين دون عزو. انظر تفسيره 4/ 521. - و أما بالنسبة لابتدائه و انتهائه، فقال ابن الجزري: ما ملخصه- اختلف الراوون للتكبير في ابتدائه و انتهائه، بناء منهم على أن التكبير هو لأول السورة أو لآخرها، فروى جمهورهم التكبير من أول سورة أَ لَمْ نَشْرَحْ أو من آخر سورة وَ الضُّحى على خلاف بينهم في العبارة، ثم ذكر من قال بهذا و من قال بذاك .. و كذلك ذكر الخلاف هل يقف التكبير عند أول الناس أو في آخرها ثم يقرأ الفاتحة و خمس آيات من البقرة على العدد الكوفي، قيل بهذا و قيل بذاك انظر: النشر 2/ 417. هذه نبذة مما قاله العلماء حول حكم التكبير و سبب وروده و كيفيته حسب المقام، و من أراد المزيد من التفصيل فليرجع إلى النشر في القراءات العشر لابن الجزري فقد خصص بابا للتكبير في آخر الكتاب اشتمل على 35 صفحة. و كان من ضمن الذين نقل عنهم ما يتعلق بموضع التكبير و حكمه في الصلاة: الإمام علم الدين السخاوي في شرحه للشاطبية. راجع النشر 2/ 423 و راجع كذلك الكلام على التكبير في البرهان 1/ 472، و الإتقان 1/ 311.

و عن زر بن حبيش: قرأت القرآن كلّه في المسجد (الجامع) بالكوفة على أمير المؤمنين

ص: 188

علي بن أبي طالب- رضوان اللّه عليه- فلما بلغت (الحواميم) قال لي أمير المؤمنين: (يا زر، قد بلغت عرائس القرآن) (1).

و قال بعض الأئمة من السلف (2)- رضي اللّه عنهم-: في القرآن ميادين و بساتين و مقاصير (3) و عرائس (4). و ديابيج (5)، و رياض (6)، فميادين القرآن: ما

ص: 189


1- الذي يظهر أنّ وصف الحواميم بالعرائس موقوف على عليّ رضي اللّه عنه. و أما تسميتها بذلك فقد ذكرها الدارمي في سننه 2/ 458 و نقلها عنه القرطبي 15/ 288، و ذكرها أبو عبيد في فضائل القرآن: 187، و نقلها عنه ابن كثير 4/ 69، و انظر الدر المنثور 7/ 269، و لباب التأويل 6/ 73 و على هامشه معالم التنزيل.
2- نقل هذا القول عن السخاوي: السيوطي في الإتقان 1/ 163 بتصرف يسير. و انظر البرهان 1/ 454.
3- مقاصير: جمع مقصورة، شبّهت بالدار إذا كانت واسعة محصّنة الحيطان فكل ناحية منها على حيالها مقصورة. اللسان (قصر).
4- كأنه شبه المسبحات فيما تحمله من معاني و آداب و تنزيه للّه تعالى بالعروس ليلة زفافها.
5- ساق أبو عبيد في فضائل القرآن 187 بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: «آل حم ديباج القرآن». و في اللسان (دبج) الديباج ضرب من الثياب، و الجمع ديابيج، و سمّى ابن مسعود الحواميم «ديباج القرآن».
6- الرياض: جمع روضة، و هي الأرض ذات الخضرة، و البستان الحسن اللسان (روض).

افتتح (1) ب (الم)، و بساتينه: المفتتح ب (الر) و مقاصيره: الحامدات (2)، و عرائسه المسبحات (3)، و ديابيجه، (آل حم)، و رياضه: المفصل.

ص: 190


1- في ظ: ما أفتح.
2- أي السور المبدوءة بالحمد كالأنعام و الكهف.
3- أي السور المبدوءة بالفعل الماضي (سبح) و ما اشتق منه، و كأنّ الحواميم توصف بأنها عرائس- كما تقدم- و بأنها ديابيج كما هنا.
معنى السورة و الآية

و السورة (1) في اللغة (2): الرفعة و الاعتلاء (3).

قال النابغة (4):

أ لم تر أن اللّه أعطاك سورة ترى كلّ ملك دونها يتذبذب (5) أي منزلة و مرتبة عالية لا ينالها ملك.

ص: 191


1- من هنا حصل تقديم و تأخير في د، ظ. و يشمل الحديث عن السورة و الآية، أي إلى قوله: «و قالوا: الطواسين و الطواسيم ...» الآتي ذكره، هذا مؤخر. و في نظري أن ما في د، ظ أولى لاتصال الموضوع ببعضه.
2- و في الاصطلاح: حد السورة قرآن يشتمل على آي ذوات فاتحة و خاتمة و أقلها ثلاث آيات. البرهان 1/ 164، و الإتقان 1/ 150، و راجع مناهل العرفان 350.
3- انظر المفردات للراغب (سور) ص 247 و مجاز القرآن 1/ 3، و تفسير الطبري 1/ 46، و تفسير ابن عطية 1/ 81، و ابن كثير 1/ 7، و اللسان (سور) و الإتقان 1/ 150، و مناهل العرفان 1/ 350.
4- و اسمه زياد بن معاوية الذبياني، أبو أمامة، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى من أهل الحجاز (توفي نحو 18 ق ه) شرح شواهد المغنى 78، و موسوعة الشعر العربي 2/ 237، و الشعر و الشعراء: 87، و الأعلام 3/ 54.
5- البيت في ديوان النابغة 46. و هو من شواهد أبي عبيدة و الراغب و الطبري و ابن عطية و ابن كثير و ابن منظور المتقدم ذكرهم آنفا و غيرهم.

و قال عدي (1):

نما بي و أنمابي إلى السور العلى أب كان أبا الدنية بارعا

(2).

و يقال: ساوره أي واثبه، لأن كل واحد منهما يطلب أن يعلو الآخر. و سورة (3) الغضب من ذلك، لأن الغضبان يريد أن يرتفع و يعلو (4).

قال أبو عبيدة (5): «و قد تهمز السورة، قال: فمن همزها جعلها من أسأرت أي أبقيت بقية و فضلة».

قال: «كأنها قطعة من القرآن على حدة (6)».

قلت: بل يجوز أن تكون «السؤرة» بالهمز بمعنى «السورة» بغير همز، و إنما همزها من همز لمجاورة الواو الضمة (7)، كما قيل: (السؤق) في (السوق) فتكون السورة سميت بذلك لرفعتها و علو شأنها، أو لأنها رفعة و مرتبة لمن أنزلت عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و الآية في العربية: الدلالة على الشي ء و العلامة (8).

و سمّيت آيات القرآن بذلك لأنّها علامات و شواهد و دلالات على صدق النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و على الحلال و الحرام و سائر الأحكام.

و قالوا للراية: آية لأنّها علامة يستدلون بها (9).

ص: 192


1- هو عدي بن زيد بن حماد بن زيد التميمي، شاعر، من دهاة الجاهلين، كان فصيحا، يحسن العربية و الفارسية. توفي نحو 35 قبل الهجرة. الأعلام 4/ 220، و انظر جمهرة أنساب العرب ص 214.
2- لم أقف على من ذكر هذا البيت.
3- بفتح السين و سكون الواو.
4- اللسان (سور)، و مختار الصحاح، و المصباح المنير، و البرهان 1/ 264.
5- في بقية النسخ: أبو عبيد.
6- مجاز القرآن 1/ 5 (بنحوه) و راجع المفردات للراغب (سور) 248 و البحر المحيط 1/ 101، و اللسان (سأر) و تفسير الطبري 1/ 46 و ابن عطية 1/ 81، و البرهان 1/ 263، و الإتقان 1/ 150، و القرطين لابن مطرف 1/ 26.
7- ذكر نحوه القرطبي 1/ 66.
8- و في الاصطلاح: هي طائفة ذات مطلع و مقطع مندرجة في سورة من القرآن. راجع البرهان 1/ 266، و الإتقان 1/ 187، و مناهل القرآن 1/ 339.
9- اللسان (أيا) و البرهان 1/ 266.

و قال زهير (1):

أراني إذا ما شئت لاقيت آية تذكرني بعض الذي كنت ناسيا (2) أي علامة و أمارة.

و قال النابغة:

توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام و ذا العام سابع

(3) و قال اللّه (4) عزّ و جلّ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا (5) أي علامة و دلالة على صدق ما جاء به نبيكم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (6).

و قال اللّه (7) عزّ و جلّ ... وَ رَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (8).

و أما قولهم: جاءوا بآيتهم، فقال أبو عمرو (9): بجماعتهم إذا جاءوا و لم يدعوا وراءهم شيئا (10).

ص: 193


1- زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، حكيم الشعراء في الجاهلية (توفي سنة 13 ق ه). انظر ترجمته في الشعر و الشعراء ص 73، و شرح شواهد المغني: 131 و جواهر الأدب 2/ 46، و الأعلام 3/ 52.
2- انظر: ديوان زهير: 107.
3- انظر: ديوان النابغة 79. و مجاز القرآن 1/ 33، و تفسير القرطبي 1/ 66، و ابن كثير: 1/ 7 و شرح أبيات سيبويه للسيرافي 1/ 446، و الكتاب لسيبويه: 2/ 86، و الشطر الأول منه في الحجة لأبي علي الفارسي 1/ 257.
4- لفظ الجلالة ليس في د، ظ.
5- آل عمران (13).
6- تفسير الطبري 3/ 193، و ابن كثير 1/ 350.
7- لفظ الجلالة ليس في بقية النسخ.
8- آل عمران (49).
9- إسحاق بن مرار الشيباني أبو عمرو، لغوي أديب، جمع أشعار نيف و ثمانين قبيلة من العرب و دونها، سكن بغداد و مات بها (94- 206 ه) و قيل سنة 210 ه. انظر تاريخ بغداد 6/ 329، و الميزان 4/ 557، و الأعلام 1/ 296.
10- انظر مشكل القرآن و غريبه لابن قتيبة 1/ 26، و تفسير ابن عطية 1/ 81 و القرطبي 1/ 66، و اللسان 14/ 62، مادة (أيا) و مختار الصحاح و البرهان 1/ 266.

و قيل: كان الأصل في قولهم جاءوا بآيتهم للراية، ثم كثر حتى قيل للجماعة (آية) (1) و إن لم يكن معهم راية.

قال البرج بن مسهر (2):

خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآياتنا نزجي اللقاح المطافلا و قال بعضهم: سمّيت آيات القرآن بذلك لأنّها جماعة حروف أو كلمات (3)، و (4) أصل «آية» عند سيبويه: (أوية) تركت الواو و انفتح ما قبلها فقلبت ألفا (5) و إنما جعل سيبويه موضع العين واوا دون الياء، قال: لأنّ ما كان موضع العين منه «واو» و اللام «ياء» أكثر مما موضع العين منه و اللام «ياء».

ص: 194


1- في بقية النسخ: سقطت من الأصل.
2- برج من مسهر بن جلاس الطائي شاعر جاهلي، معمر، اختار أبو تمام أبياتا من شعره (توفي نحو 30 ق ه). انظر: ترجمته في شرح شواهد المغني: 280، و موسوعة الشعر العربي 4/ 95، و الأعلام 2/ 47، و البيت في تفسير القرطبي 1/ 66، و ابن كثير 1/ 8، و اللسان (أيا) 14/ 62. و معنى النقبين: تثنية (نقب) و هو الطريق بين الجبلين. اللسان 1/ 767 (نقب). نزجى اللقاح: و نزج بمعنى: رقص، و اللقاح: مصدر قولك: لقحت الناقة تلقح إذا حملت. اللسان 2/ 579 (لقح) و (نزج) 2/ 376. و المطافل: جمع بغير الياء، و هي الناقة التي قرب عهدها بالنتائج. اللسان 11/ 402 (طفل). فكأنّ الشاعر يقول: خرجنا من طريق لا يماثلنا أحد من أهل الأحياء، خرجنا بجماعتنا و بعددنا و عدتنا و ركابنا المتنوعة.
3- و هو نحو كلام أبي عمرو الشيباني المتقدم.
4- سقطت الواو من ظ.
5- راجع اللسان 14/ 63 (أيا) فقد نقل كلام الجوهري عن سيبويه ثم قال: «- أي صاحب اللسان- قال ابن بري: لم يذكر سيبويه أن عين (آية) واو كما ذكر الجوهري، و إنما قال: أصلها (أيّة)- بفتح الهمزة دون مد و تشديد الياء-، فأبدلت الياء الساكنة ألفا، و حكى عن الخليل أن وزنها فعلة». أي على وزن شجرة، فتصير على هذا «أويه» أو «أيية» و قد ذكر هذا عن سيبويه كل من ابن عطية في تفسيره 1/ 82 و القرطبي 1/ 66 و ابن كثير 1/ 8 و الزركشي 1/ 266، و كل هؤلاء نقلوا عن سيبويه أن أصلها (أيية) أي أن موضع العين (ياء). و راجع اللسان أيضا حيث أنشد الشطر الأول من البيت الآتي لأبي زيد: لم يبق هذا الدهر من آيائه ................ قال: فظهور العين في آيائه يدل على كون العين «ياء». إلّا أن ابن منظور كان قد قرر قبل هذا أن أصل آية أوية بفتح الواو، و موضع العين واو. و النسبة إليه أووى. انتهى و هو نفس ما ذكره السخاوي.

لأنّ مثل «شويت» أكثر من «حييت». و النسب إليها (أووي) (1). و قال الفراء (2):

«آية فاعلة، و الأصل: (آيية) (3)، و لكنها خففت، فذهبت منها اللام».

و جمع آية: آي و آيات آياي على أفعال (4)، و أنشد أبو زيد (5):

لم يبق هذا الدهر من آيائه غير أثافيه و أرمدائه

(6) و آية الرجل: شخصه، يقال منه: تأييته (7) و تآييته مثل تفعلته، و تفاعلته (8) إذا قصدت آيته.

و قالت امرأة لابنتها:

الحصن أدنى لو تأييته من حثيك الترب على الراكب

(9) و يروى: لو تآييته- بالمد-.

ص: 195


1- قال ابن بري: فأما (أووي) «فلم يقله أحد علمته غير الجوهري» اه. اللسان 14/ 63 (أيا).
2- يحيى بن زياد الديلمي، إمام العربية توفي سنة 207 ه. طبقات المفسرين للداودي (2/ 367).
3- مثل آمنة، نسب هذا القول ابن عطية في تفسيره 1/ 82، إلى الكسائي و كذلك القرطبي 1/ 66، و ابن كثير 1/ 8، و الزركشي في البرهان 1/ 266. و ذكره الراغب دون عزو و ضعفه، قال: لقولهم في تصغيرها: (أييّة)- مثل أمية- و لو كانت (فاعلة) لقيل: «أوية» مادة (أي) 33. و ذكره صاحب اللسان (أيا) معزوا إلى الفراء، و انظر: المصباح المنير 1/ 32 (أوى).
4- انظر: اللسان 14/ 63 (أيا) و مختار الصحاح ص 37.
5- هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، أبو زيد. أحد أئمة الأدب و اللغة، من أهل البصرة، و توفي بها (119- 215 ه). انظر جمهرة أنساب العرب 373، و تاريخ بغداد 9/ 77، و الأعلام 3/ 92.
6- البيت في تفسير القرطبي 1/ 66، و اللسان (أيا) 14/ 61، 62 و أورده ابن منظور كذلك في مادة (رمد) 3/ 185 بلفظ: لم يبق هذا الدهر من ثريائه .............. و الأثافي: جمع (الأثفية) بالضم و بالكسر- الحجر توضع عليه القدر. القاموس المحيط 4/ 310. و الأرمداء: كالأربعاء: الرماد. القاموس المحيط 1/ 306.
7- في د، ظ: ياييته.
8- انظر اللسان (أيا) تجد هذا بنصه. و راجع القاموس 4/ 303 فقد ذكر نحو ما هنا دون ذكر البيت.
9- قال ابن منظور: «في مادة (حصن) و امرأة حصان- بفتح الحاء- عفيفة بيّنة الحصانة و الحصن- بضم الحاء في الثانية- .. و قد حصنت المرأة تحصن حصنا و حصنا و حصنا- بكسر فضم ففتح- إذا عفت عن الريبة فهي حصان» ثم أنشد البيت المذكور .. اللسان 13/ 120 «حصن».

و قوارع (1) القرآن: الآيات التي يتعوذ بها و يتحصن. و سمّيت بذلك لأنها تقمع الشيطان و تقرعه، و تصرف كل مخوف و تدفعه، كآية الكرسي (2)، و المعوذتين و يس، و تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ (3) و نحوها.

و قالوا (4) (5): الطواسين و الطواسيم، و آل حم و الحواميم (6).

و أنشد أبو عبيدة:

................ ... و بالطواسيم التي قد ثلثت

و بالحواميم التي (7) قد سبعت (8) .................

ص: 196


1- في لسان العرب 8/ 268 «قرع»: قرع الشي ء قرعا: سكّنه و قرعه: و قوارع القرآن منه: «الآيات التي يقرأها إذا فزع من الجن و الإنس فيأمن، مثل آية الكرسي و آيات آخر سورة البقرة و ياسين، لأنها تصرف الفزع عمن قرأها، كأنها تقرع الشيطان» و نحوه في القاموس المحيط 3/ 69 «قرع». و هذه التسمية لبعض سور القرآن و آياته ذكرها السخاوي و نقلها عنه السيوطي في الإتقان 1/ 163 و لم أقف على من سبقهما إلى هذه التسمية. و اللّه أعلم.
2- هي قوله تعالى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ .. (255). من سورة البقرة.
3- الملك (1).
4- تقدم أن قلت بأنه حصل تقديم و تأخير في د، ظ فمن هنا إلى آخر الكلام على ألقاب سور القرآن مقدم فيهما على الحديث عن السورة و الآية.
5- و القائلون هم علماء علوم القرآن و اللغة العربية، قالوا: الطواسين و الطواسيم لأنّ الميم و النون متقاربتان في المخرج. و راجع اللسان 12/ 363 (طسم).
6- قال أبو عبيد: «آل حم كما يقال: هؤلاء آل فلان كأنك أضفتهم إليه». فضائل القرآن: 188 و انظر البرهان 1/ 248 و اللسان 12/ 150 (حمم).
7- في مجاز القرآن: اللواتي سبعت.
8- هذان الشطران هما ضمن ثلاثة أبيات قيلت في أسماء سور القرآن الكريم أو في أقسام سور القرآن، و قد ذكرها أبو عبيدة بتمامها في مجاز القرآن قال: قال سليمان في جمع أسمائها: حلفت بالسبع اللواتي طولت و بمئين بعدها قد أمئيت و بمثان تثنيت فكررت و بالطواسيم التي قد ثلثت و بالحواميم اللواتي سبعت و بالمفصل اللواتي فصلت اه 1/ 7 و ذكرها الطبري في مقدمة تفسيره دون عزو 1/ 46، و نقلها ابن منظور عن أبي عبيدة، انظر اللسان 12/ 363 (طسم) أمّا أبو عبيدة فقد عزاها إلى سليمان، و الظاهر أنه سليمان بن يزيد العدوي، فقد ذكره أبو عبيدة عند تفسيره لسورة الروم مستشهدا ببيت من شعره. المجاز 2/ 124.
ألقاب سور القرآن

ألقاب (1) سور القرآن (2)

و ألقاب سور القرآن (3):

البقرة، و آل عمران، و النساء، و تسمّى سورة العقود: ب (العقود) و ب (المائدة) (4).

ص: 197


1- ألقاب جمع: لقب، و اللقب: اسم يسمّى به الإنسان سوى اسمه الأول و يراعى فيه المعنى. و اللقب ضربان: ضرب على سبيل التشريف كألقاب السلاطين، و ضرب على سبيل النبز، و إياه قصد بقوله تعالى وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ الحجرات (11) قاله الراغب في المفردات 452 (لقب) و راجع اللسان 1/ 743 (لقب). و لا شك أن العلم ينقسم إلى اسم و كنية و لقب، فالاسم مثل زيد، و الكنية: ما صدرت بأب أو أم، و اللقب: ما أشعر برفعة المسمّى أو وضعه. و هو غير الاسم. انظر قطر الندى لابن هشام 134.
2- هناك كلمات مبتورة على هامش «ت» فهمت منها هذا العنوان.
3- قال الزركشي في البرهان 1/ 269 عند حديثه عن تعداد أسماء السور- «قد يكون للسورة اسم، و هو كثير، و قد يكون لها اسمان ... و قد يكون لها ثلاثة أسماء ... و قد يكون لها أكثر من ذلك ..» اه. ثم تحدث عن بعض السور التي لها أكثر من اسم مع التعليل لذلك و قد ذكر السيوطي في الإتقان 1/ 155 فما بعدها ذكر أسماء للسور سورة سورة إلّا القليل منها لم يتعرض لها، و هو نحو كلام السخاوي مع التصريح أحيانا بالنقل عنه.
4- تقدم الكلام عن أسماء السور، و هل هي توقيفية؟ أم البعض توقيفي و البعض الآخر ليس كذلك، و ذلك عند الحديث عن أسماء سورة الفاتحة، و أضيف هنا ما قاله الإمام السيوطي حتى يتضح الأمر جليا حيث قال في كتابه التحبير- فيما نقله عنه صاحب الفتوحات الإلهية- و كون أسماء السور توقيفية إنما هو بالنسبة للاسم الذي تذكر به السورة و تشتهر، و إلّا فقد سمّى جماعة من الصحابة و التابعين سورا بأسماء من عندهم، كما سمّى حذيفة التوبة بالفاضحة و سورة العذاب، و سمّى خالد بن معدان البقرة فسطاط القرآن، و سمّى سفيان بن عيينة سورة الفاتحة الوافية ... الخ» اه. الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية: 1/ 8.

و الأنعام، و الأعراف، و الأنفال، و براءة، و كانوا يسمونهما (القرينتين) (1) و تسمّى براءة: سورة العذاب.

قال حذيفة (2)- رحمه اللّه-: «إنّكم تسمّونها سورة التوبة و إنما هي سورة العذاب و اللّه ما تركت أحدا إلّا نالت منه (3).

و تسمّى المقشقشة، لأنّها تقشقش من النفاق أي تبرئ منه (4)، و تسمّى المبعثرة (5) لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين، و الحافرة لأنها حفرت عن أسرارهم، و المخزية و الفاضحة، و المنكلة، و المدمدمة، و المشردة، و سورة التوبة (6). لقوله عزّ و جلّ لَقَدْ

ص: 198


1- راجع الكلام على هذا عند الحديث عن السبع الطّول فيما سبق.
2- حذيفة بن حسل بن جابر العبسي أبو عبد اللّه صحابي جليل، كان صاحب سر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنافقين، لم يعلمهم أحد غيره توفي سنة 36 ه. صفة الصفوة 1/ 610، و الإصابة 2/ 223 رقم 1643، و التقريب 1/ 156 و الأعلام 2/ 171.
3- ذكر هذا بسنده إلى حذيفة: أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن باب سورة براءة 173. و السيوطي في الدر المنثور 4/ 120، و الشوكاني في تفسيره 2/ 332 و كأنّ حذيفة- رضي اللّه عنه- يرى أنّ تسميتها بسورة العذاب أليق من تسميتها بسورة التوبة لما اشتملت عليه من فضح المنافقين و هتك أستارهم ... إلى آخر تلك المعاني التي تحملها السورة في طياتها و هذا رأيه و اجتهاده. و لعل ذلك كان قبل إجماع الصحابة على كتابة المصاحف. و اللّه أعلم.
4- انظر: الكشاف للزمخشري 2/ 171 و الدر المنثور 4/ 120، و الإتقان 1/ 155. و هذا كما قيل لسورة الكافرون و الاخلاص: المقشقشتان. قال أبو عبيدة: «و معناه المبرئتان من الكفر و الشك و النفاق كما يقشقش الهناء الجرب فيبرئه». مجاز القرآن 1/ 6 و انظر: اللسان «قشقش» 6/ 337.
5- قال السيوطي:- أثناء ذكره لأسماء براءة- و حكى ابن الفرس من أسمائها المبعثرة- و أظنه تصحيف المنقرة- فإن صح كملت الأسماء عشرة، ثم رأيته كذلك- يعني المبعثرة- بخط السخاوي في «جمال القراء» و قال: لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين و ذكر فيه من أسمائها: المخزية و المنكلة و المشردة و المدمدمة». الإتقان 1/ 155- 156.
6- قال الزمخشري: «لها عدة أسماء- ثم ذكرها، إلى أن قال: و هي تقشقش من النفاق: أي تبرئ منه، و تبعثر عن أسرار المنافقين تبحث عنها و تثيرها و تحفر عنها و تفضحهم و تنكلهم، و تشرد بهم و تخزيهم و تدمدم عليهم ...» الكشاف 2/ 171 و نقله عنه الفخر الرازي 15/ 215 و ذكر لها ابن الجوزي تسعة أسماء مع عز و كل قول لقائله .. قال: و المشهور بين الناس: «التوبة و براءة» زاد المسير 3/ 389.

تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ ... (1) إلى قصة كعب (2) بن مالك، و مرارة بن الربيع (3)، و هلال بن أمية (4) (5).

و سورة يونس- عليه السلام-، و سورة هود- عليه السلام- و إنما سمّيت به دون من ذكر فيها من الأنبياء لخفة اسمه، و لم يقل سورة نوح، لأن السورة (6) الأخرى تسمّى سورة نوح، و لم يقل سورة لوط، لأن قصته لم ينفرد بها دون إبراهيم- عليه السلام (7)-.

و سورة يوسف- عليه السلام- و سورة الرعد، و سورة إبراهيم (8)، و سورة الحجر، و سورة النحل، و تسمّى سورة النعم و سورة النعيم، و سبحان و تسمّى سورة الإسراء و سورة بني إسرائيل، و سورة الكهف، و (كهيعص)، و تسمّى سورة مريم- عليها السلام-، و طه، و تسمّى سورة الكليم (9)، و سورة اقترب (10) و تسمّى سورة الأنبياء-

ص: 199


1- التوبة: (117).
2- كعب بن مالك بن عمرو الأنصاري، صحابي شاعر أحد الثلاثة الذين خلفوا «مات سنة 50 ه» أو نحوها. مشاهير علماء الأمصار 18 و الإصابة 8/ 304، رقم 4727 و التقريب 2/ 135 و الأعلام 5/ 228.
3- هو مرارة بن الربيع العامري الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، شهد بدرا، و هو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في غزوة تبوك، و تاب اللّه عليهم و نزل القرآن في شأنهم. انظر الاستيعاب على هامش الإصابة 9/ 59، و فيه: «مرارة بن ربيعة، و يقال: ابن ربيع ...» و راجع البداية و النهاية 5/ 22 و الإصابة 9/ 159 رقم 7859.
4- هلال بن أمية الواقفي، شهد بدرا، و هو أحد الثلاثة الذين خلفوا و هو الذي قذف زوجته بشريك بن سحماء. انظر الاستيعاب 10/ 402 و الإصابة 10/ 252 رقم 8979.
5- انظر قصة هؤلاء الثلاثة في سيرة ابن هشام 2/ 519 531، و زاد المعاد 3/ 552، و البداية و النهاية 5/ 21.
6- في ظ: لأنّ سورة الأخرى. خطأ.
7- انظر نحو هذا التعليل في البرهان 1/ 271، و الإتقان 1/ 160. و مما قاله الزركشي- معللا لتسميتها بهذا الإسم- قال: «تكررت هذه القصص في سورة الأعراف و سورة هود و الشعراء بأوعب مما وردت في غيرها و لم يتكرر في واحدة من هذه السّور الثلاث اسم هود- عليه السلام- كتكرره في هذه السورة، فإنّه تكرر فيها عند ذكر قصته في أربعة مواضع ..» اه من المصدر نفسه.
8- في د، ظ: و سورة إبراهيم- عليه السلام-.
9- يقول السيوطي في الإتقان 1/ 161: «رأيت في (جمال القراء)» للسخاوي أن سورة طه تسمّى «سورة الكليم»، و أعاد السيوطي نقل ذلك عن السخاوي 1/ 157 عند حديثه عن أسماء السور.
10- في د. و ظ: و سورة اقتربت. غلط.

عليهم السلام-، و سورة الحج، و (قد أفلح) و تسمّى سورة المؤمنين (1)، و سورة النور، و سورة الفرقان، و (طسم) و تسمّى الشعراء، و طس، و تسمّى سورة النمل و سورة سليمان- عليه السلام-، و (طسم) و تسمّى سورة القصص، و (الم أحسب الناس) و تسمّى سورة العنكبوت، و (الم غلبت الروم) و تسمّى سورة الروم، و السورة التي بعدها (2) تسمّى سورة لقمان، و بعدها السجدة، و بعدها الأحزاب، و بعدها سورة سبأ، و بعدها فاطر، و تسمّى سورة الملائكة، و بعدها يس، و هي قلب القرآن.

و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: «و قلب القرآن يس» (3) و بعدها الصافات، و سورة ص، و تسمّى سورة داود- عليه السلام-، و سورة الزمر و تسمّى سورة الغرف، و سورة غافر و تسمّى سورة المؤمن، و (حم) السجدة، و تسمّى فصلت، و تسمّى أيضا سورة المصابيح، «و حم عسق» و تسمّى الشورى، و تليها الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية و تسمّى الشريعة، ثم الأحقاف، ثم سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و تسمّى سورة القتال، ثم سورة الفتح، ثم الحجرات، ثم سورة ق، و يقال لها: سورة الباسقات، ثم الذاريات، ثم الطور، ثم النجم، ثم (اقتربت الساعة) و تسمّى سورة القمر، ثم سورة الرحمن عزّ و جلّ، ثم الواقعة، ثم الحديد، ثم المجادلة، ثم الحشر، ثم سورة الممتحنة- بفتح الحاء (4)-، و الممتحنة: سبيعة بنت الحارث (5). و تسمّى أيضا سورة المودة و سورة الامتحان (6)، ثم

ص: 200


1- هكذا بالجر على الإضافة و يجوز الرفع على الحكاية.
2- كلمة (بعدها) ساقطة من د، ظ.
3- أخرجه الدارمي في سننه 2/ 456 كتاب فضائل القرآن، و الترمذي في سننه 8/ 196 أبواب فضائل القرآن، و راجع تفسير ابن كثير 3/ 562 و الدر المنثور 7/ 37. قال العجلوني: و الحديث فيه ضعف و لكنه يعمل به في فضائل الأعمال. كشف الخفاء 1/ 232 رقم 709.
4- يقول ابن حجر في الفتح: 8/ 633 «و المشهور في هذه التسمية: فتح الحاء، و قد تكسر و به جزم السهيلي، فعلى الأول هي صفة المرأة التي نزلت السورة بسببها و على الثاني صفة للسورة كما قيل لبراءة: الفاضحة» اه. و راجع الإتقان 1/ 158.
5- سبيعة بنت الحارث الأسلمية. انظر أسباب النزول للواحدي: 241 و راجع ترجمتها في الاستيعاب 13/ 36، و الإصابة 12/ 296 رقم 518، 521 و التقريب 2/ 601. و قد رجح القرطبي 18/ 49، 61، و ابن حجر 8/ 633 و الشوكاني 5/ 209 أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. و راجع لباب النقول للسيوطي 733 و الدر المنثور 8/ 132.
6- نقل هاتين التسميتين عن المؤلف السيوطي في الإتقان 1/ 158.

سورة الصف، و تسمّى سورة الحواريين، ثم سورة الجمعة، ثم سورة المنافقين، ثم سورة التغابن، ثم سورة الطلاق، و تسمّى سورة النساء القصري، ثم سورة التحريم، و تسمّى أيضا سورة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، ثم تبارك، و تسمّى سورة الملك و الواقية و المنجية و المانعة (1) و المناعة (2)، ثم سورة (ن) و تسمّى سورة القلم، ثم الحاقة ثم (سأل سائل) و يقال لها:

سورة الواقع و سورة المعارج، ثم سورة نوح- عليه السلام-، ثم (قل أوحي) و تسمّى سورة الجن و سورة الوحي، ثم سورة المزمل، ثم سورة المدثر، ثم سورة (لا أقسم) و تسمّى سورة القيامة، ثم (هل أتى) و تسمّى سورة الإنسان، ثم المرسلات، ثم (عم يتساءلون) و تسمّى سورة النبأ، و سورة التساؤل ثم النازعات، و تسمّى سورة الساهرة، و سورة الطامة ثم عبس و تسمّى سورة السفرة، ثم (إذا الشمس كورت) و يقال لها: سورة التكوير و تسمّى أيضا كورت، ثم (إذا السماء انفطرت) و يقال لها: سورة الانفطار.

و تسمّى أيضا انفطرت، ثم سورة (3) المطففين، و تسمّى سورة التطفيف، ثم (إذا السماء انشقت) و يقال لها: سورة الانشقاق و يقال ايضا: انشقت، ثم سورة البروج، ثم سورة الطارق، ثم سورة الأعلى عزّ و جلّ، ثم سورة الغاشية ثم سورة (و الفجر) ثم سورة البلد، ثم سورة (و الشمس)، ثم سورة (و الليل)، ثم سورة (و الضحى)، ثم (4) (أ لم نشرح)، ثم سورة (و التين)، ثم سورة (اقرأ)، و تسمّى سورة العلق، و سورة القلم ثم سورة القدر، ثم سورة (لم يكن) و تسمّى سورة البريّة و البينة و القيمة و الانفكاك (5). ثم (إذا زلزلت) و تسمّى سورة الزلزلة و الزلزال و يقال لها أيضا: زلزلت، ثم (و العاديات)، ثم (القارعة)، ثم (ألهاكم) و تسمّى سورة التكاثر، ثم (و العصر)، ثم (الهمزة)، ثم سورة الفيل، ثم سورة قريش، و هما سورتان (6).

ص: 201


1- أخرج الترمذي بسنده إلى ابن عباس يرفعه أن النبي- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- قال: «.. هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر» قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه اه. انظر السنن 8/ 300.
2- قال السيوطي: «و في «جمال القراء»: تسمّى أيضا الواقية و المناعة» الإتقان 1/ 159.
3- كلمة (سورة) ليست في د، ظ.
4- في ظ: ثم سورة أَ لَمْ نَشْرَحْ.
5- نقله السيوطي في الإتقان 1/ 159 عن السخاوي.
6- و هذا هو الصحيح، و من قال: إنهما سورة واحدة نظرا لاتصال ألفاظهما و معانيهما، فهو قول مرجوح، و الكثير على خلافه. انظر مشكل القرآن و غريبه 2/ 218، و تفسير الطبري 30/ 306، و القرطبي 20/ 200، و أبي حيان 8/ 514، و ابن كثير 4/ 553، و الدر المنثور 8/ 634، و الإتقان 1/ 186.

و عن جعفر الصادق (1) و أبي نهيك (2): أن ذلك سورة واحدة من غير فصل (3)، ثم (أ رأيت) و تسمّى سورة الدين و سورة الماعون، ثم (4) (إنّا أعطيناك) و تسمّى سورة الكوثر، ثم (قل يا أيّها الكافرون) و يقال لها: الكافرون، و يقال: سورة الكافرين، و يقال لها أيضا: سورة العبادة، ثم سورة النصر، و تسمّى سورة التوديع (5)، لما فيها من الإيماء إلى وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (6)، ثم سورة (تبت) و تسمّى سورة المسد، ثم (قل هو اللّه أحد) و تسمّى سورة الإخلاص و سورة الأساس لاشتمالها على توحيد اللّه تعالى الذي هو أساس الدين (7)، ثم سورة الفلق، ثم سورة الناس و يقال لهما: المعوذتان، و المشقشقتان (8)، من قولهم: شقشق البعير إذا هدر، و شقشق العصفور و خطيب مشقشق، و خطيب ذو شقشقة، و الشقشقة: التي يخرجها البعير من فيه إذا هاج كالرئة شبه الخطيب بالفحل (9).

و هاتان سورتان من القرآن بإجماع الأمة، و يروى عن ابن مسعود أنه كان يحكمهما من المصاحف، و يقول: «لا تزيدوا (10) في كتاب اللّه ما ليس منه» (11). فإن كان هذا

ص: 202


1- جعفر بن محمد الباقر بن علي بن الحسين، الهاشمي القرشي أبو عبد اللّه الملقب ب «جعفر الصادق» سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، كان من أجلاء التابعين (80- 148 ه) صفة الصفوة 2/ 168 و التقريب: 1/ 132، و الأعلام 2/ 126.
2- أبو نهيك- بفتح فكسر- و هناك كثير ممن يكنى بهذه الكنية. راجع الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 849 و للدولابي 2/ 142، و الاستيعاب 12/ 164، و التقريب 2/ 15، 482، و لم أستطع الجزم بالمقصود هنا، إلّا أنني أميل إلى أنّه القاسم بن محمد الأسدي، روى عنه الثوري و غيره. كما في الكنى للإمام مسلم و الدولابي. و اللّه أعلم.
3- و نقل هذا عن السخاوي: السيوطي في الإتقان 1/ 186.
4- في بقية النسخ: ثم سورة إِنَّا أَعْطَيْناكَ.
5- راجع فتح الباري 8/ 736، و تفسير القرطبي 20/ 229، 232. و الإتقان 1/ 159.
6- و هذا ما فهمه ابن عباس رضي اللّه عنهما من هذه السورة فقد روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال: «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر ... إلى أن قال: هو أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أعلمه له، قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ و ذلك علامة أجلك- فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً، فقال عمر: ما أعلم منها إلّا ما تقول» فتح الباري 8/ 735.
7- في بقية النسخ: لاشتمالها على توحيد اللّه عزّ و جلّ و هو أساس .. إلخ.
8- انظر: تفسير القرطبي 20/ 251 و الإتقان 1/ 159.
9- انظر اللسان 10/ 185 (شقق) و القاموس المحيط 3/ 259، و غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 53.
10- في د، ظ: لا يزيدوا. تصحيف.
11- انظر مسند الإمام أحمد 5/ 129، 130، و المصنف لابن أبي شيبة 10/ 538، و تفسير ابن كثير 4/ 571، و الدر المنثور 8/ 683.

صحيحا (1) عنه فسببه أنّه رأى رسول (2) اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يعوذ بهما سبطيه (3) فظنّ أنهما (4) عوذتان.

و المسلمون كلهم على خلاف ذلك (5)، و مثل هذا ما حكي عن أبي أنه زاد في مصحفه سورتين: إحداهما تسمّى سورة الخلع (6) و هي: (اللهم إنّا نستعينك و نستغفرك، و نثني عليك، و نؤمن بك و لا نكفرك، و نخلع و نترك من يهجرك)، و تسمّى الثانية سورة الحفد (7) و هي:

(اللهم إيّاك نعبد، و لك نصلي و نسجد، و إليك نسعي و نحفد، نرجوا (8) رحمتك، و نخشى عذابك إنّ عذابك بالكفار ملحق) (9) فهذا أيضا مما أجمع المسلمون على خلافه.

ص: 203


1- قال ابن حجر في الفتح: 8/ 743- بعد أن نقل إنكار هذه الرواية عن ابن مسعود- «الطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل بل الرواية صحيحة و التأويل محتمل» اه. ثم أخذ يورد بعض التأويلات المحتملة لعمل ابن مسعود- رضي اللّه عنه- و راجع تفسير ابن كثير 4/ 571 و الدر المنثور 8/ 683، و روح المعاني 30/ 357، و مناهل العرفان 1/ 275، و كلام الشيخ عبد القادر الأرناءوط في تعليقه على جامع الأصول 2/ 443.
2- في د، ظ: النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.
3- أي الحسن و الحسين- رضي اللّه عنهما-، لأنّ من معاني السبط ولد الولد، و هو أحد الأسباط، و يطلق على غير ذلك. انظر: اللسان «سبط» 7/ 310.
4- في د: فظنهما. ثم كتب في الحاشية: في الأصل: فظن أنهما.
5- راجع مشكل القرآن و غريبه لابن قتيبة 2/ 222، و تفسير القرطبي 20/ 251، و الألوسي 30/ 357، و البرهان 1/ 251، و تفسير ابن عيينة 349، و إعجاز القرآن للباقلاني 292.
6- مأخوذ من قوله في الدعاء: (و نخلع و نترك من يهجرك). و في المصباح المنير مادة (خلع) 178. و في الدعاء: (و نخلع و نهجر من يكفرك) اه. قال ابن منظور: (خلع الشي ء) يخلعه خلعا: جرده. اللسان (خلع) 8/ 76.
7- مأخوذ من قوله في الدعاء: (و إليك نسعى و نحفد). و في المصباح المنير 141 (حفد) حفد حفدا، من باب ضرب أي أسرع، و في الدعاء (و إليك نسعى و نحفد) أي نسرع إلى الطاعة و انظر: اللسان 3/ 153 (حفد) و غريب الحديث 2/ 96.
8- في ظ: و نرجوا.
9- راجع فضائل القرآن لأبي عبيد 284، و البرهان 1/ 251، و الإتقان 1/ 184، 185، و الدر المنثور 8/ 695 آخر التفسير، و المغني لابن قدامة 2/ 153، و مشكل القرآن 2/ 223، و إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل 2/ 164، 170.و الذي تبين لي مما أورده السيوطي في الدر و الإتقان أن هذا الذي حكي عن أبي بن كعب نزل به جبريل- عليه السلام- على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هو في الصلاة لما قنت يدعو على مضر، و هو- لا شك- دعاء من الأدعية المأثورة كتبها أبيّ أولا في مصحفه خشية نسيانها، خصوصا و أنّ المسلمين أجمعوا على عدم اعتبار ذلك قرآنا راجع مناهل العرفان 1/ 264، 271، و إعجاز القرآن للباقلاني 292، و أبيّ- رضي اللّه عنه- كان ممن جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر و عثمان- رضي اللّه عنهما-. راجع المصاحف لابن أبي داود: 15، 31، 33، 34، 38.

ص: 204

الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز

(1) لا ريب في عجز البلغاء و قصور الفصحاء عن معارضة القرآن العظيم، و عن الإتيان بسورة من مثله في حديث الزمان و القديم، و ذلك ظاهر مكشوف و متيقن معروف، لا سيما القوم الذين تحداهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (2)، فإنّهم كانوا ذوي حرص على تكذيبه و الردّ عليه، و حالهم معه معروفة، في معاداته و معاندته و إظهار بغضه و أذاه، و قذفه بالجنون و الشعر

ص: 205


1- تناول العلماء الحديث عن إعجاز القرآن من قبل السخاوي و من بعده، و بينوا أنّ العرب كانوا قبل مجي ء الإسلام يتخبطون في ظلمات من الجهل بالدين سوى ما بقي من ملة إبراهيم- عليه السلام- و قد اختلط الحق بالباطل و الصحيح بالزائف و الدّين بالخرافة، و لكنهم لم يكونوا جهالا في معرفة أسرار البلاغة، و سحر البيان، بل كانوا يدركون ذلك دون إمعان نظر و كثرة تفكير .. و من هنا كان المناسب لهم أن يخاطبوا بالقرآن الذي دخل عليهم من الباب الذي يجيدونه و يحسنونه و الذي حازوا فيه قصب السبق، و هم أهل اللسان و البيان، حتى يتبين لهم أن هذا الكتاب حق و أنّ الذي جاء به صادق، فتلزمهم الحجة فيذعنون و يؤمنون عندئذ و يسعدون، إلّا من كتب اللّه عليهم الشقاوة، و ذلك هو الخسران المبين و كما قلت بأن كثيرا من العلماء اعتنوا بهذا الجانب و بيّنوا كثيرا من وجوه إعجاز القرآن، فمن أراد الوقوف على ذلك فليرجع إلى إعجاز القرآن للباقلاني 8- 47، و ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للرماني، و الخطابي و الجرجاني و الشفا للقاضي عياض 1/ 258- 279، و البداية و النهاية: 6/ 65، و البرهان 2/ 90، و مقدمتي تفسير ابن عطية 1/ 71، و القرطبي 1/ 79 و الإتقان 4/ 3 و مناهل العرفان 2/ 331، و المعجزة الكبرى- القرآن الكريم- (66)، و النبأ العظيم ص 80 فما بعدها.
2- فإذا عجز أولئك الفصحاء البلغاء و الذين نزل القرآن بلسانهم، فمن باب أولى غيرهم ممن يأتي بعدهم على مر العصور. راجع كلام أبي بكر الباقلاني في هذا في كتابه إعجاز القرآن: 250.

و السحر، فكيف يترك من هذه حاله معارضته، و هو قادر عليها و مماثلته و هو واصل إليها (1)؟! هذا و هو ينادي عليهم بقوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنس وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (2). مع ما فيه من سبهم و سب آبائهم، و وصفهم بالجهل و العجز، و إيعادهم بالعذاب و النكال و سوء المنقلب، و رميهم بالكذب و الافتراء، و تقبيح الأفعال، و تهجين ما هم عليه من الأحكام الفاسدة، و إطالة القول في ذلك، و في شرح أحوالهم و استقباح أعمالهم، و فيما أعد لهم من الهوان و النكال في الدنيا و المآل (3). أ ليس هذا و شبهه ممّا يحملهم على المعارضة لو كانوا قادرين عليها (4)؟! و مما يجذبهم إلى المناظرة لو وجدوا سبيلا إليها (5)؟.

و حالهم في الجدال معلومة، و أمورهم في تفاخرهم و طلبهم الترفّع مفهومة، و قد كانوا يجعلون أموالهم دون أعراضهم، و يهون عليهم كل مستصعب في بلوغ أغراضهم، فإذا هجاهم شاعر جدّوا في معارضته و إجابته، و استعانوا على ذلك بمن يحسنه و يظهر عليه في مقاولته و محاورته (6)، فلا ريب إذا في أنهم راموا ذلك فما أطاقوه، و حاولوه فما استطاعوه، و أنّهم رأوا نظما عجيبا خارجا عن أساليب كلامهم، و رصفا بديعا مباينا لقوانين بلاغتهم و نظامهم، فأيقنوا بالقصور عن معارضته، و استشعروا العجز عن مقابلته.

و هذا هو الوجه في إعجاز القرآن، كما قال بعضهم: القرآن لا يدركه عقل و لا يقصر عنه فهم.

ص: 206


1- راجع المصدر السابق و الشفا للقاضي عياض 1/ 267.
2- الإسراء (88).
3- راجع ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 21، و إعجاز القرآن للباقلاني: 20.
4- يقول الباقلاني: «.. أ لا ترى أنّهم قد ينافر شعراؤهم بعضهم بعضا؟ و لهم في ذلك مواقف معروفة و أخبار مشهورة و آثار منقولة مذكورة، و كانوا يتنافسون على الفصاحة و الخطابة .. و يتفاخرون بينهم، فلن يجوز- و الحال هذه- أن يتغافلوا عن معارضته لو كانوا قادرين عليها». إعجاز القرآن: 23.
5- يقول عبد القاهر الجرجاني: «إنّهم لم يشكوا في عجزهم عن معارضته و الإتيان بمثله و لم تحدثهم أنفسهم بأنّ لهم إلى ذلك سبيلا على وجه من الوجوه ..» إلى آخر ما ذكره من إبائهم و محاولتهم الانتصار و الظهور على منافسيهم في هذا المجال. انظر ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 119.
6- في ظ: و مجاوزته.

و أما ما تضمنه القرآن العزيز من الأخبار عن المغيّب: فليس ذلك ممّا تحدّاهم به (1) و لكنه دليل على صدق الرسول، و أنه كلام علّام الغيوب، و كذلك أيضا دلالة حال الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم في كونه أميا لا معرفة له و لا يحسن ان يقرأ (2) و لا وقف على شي ء من أخبار الأمم السالفة، حتى إنّه لا يقول الشعر و لا ينظر في الكتب (3)راجع المصدر السابق، و البداية و النهاية لابن كثير 6/ 72.(4).

ثم إنّه قد أتى بأخبار القرون الماضية و الأمم الخالية، و بما كان من أول خلق الأرض و السماء إلى انقضاء الدنيا، و هم يعلمون ذلك من حاله و لا يشكون فيه فهذه الحال دليل قاطع بصدقه صلى اللّه عليه (5) و على آله (5).

و لكن إعجاز القرآن من قبل أنه خارج في بديع نظمه و غرابة أساليبه عن معهود كلام البشر (6)، مختص بنمط غريب لا يشبه شيئا (7) من القول في الرصف (8) و الترتيب لا هو من

ص: 207


1- هو نوع من أنواع الإعجاز و لكنه غير منحصر في هذا النوع. انظر: الشفا للقاضي عياض 1/ 268. و البرهان 2/ 95، و الإتقان 4/ 7، و مناهل العرفان 2/ 367، و ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 23، و إعجاز القرآن للباقلاني: 33 و البداية و النهاية لابن كثير: 6/ 71، و فضائل القرآن له في آخر تفسيره: 5.
2- قال الباقلاني: «الوجه الثاني من وجوه الإعجاز: أنّه كان معلوما من حال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه كان أميا لا يكتب و لا يحسن أن يقرأ» إعجاز القرآن: 34. و لا يفهم من هذا أنّ الأمية تعد معجزة بذاتها، فإنّها صفة مشتركة و لكن بانضمامها إلى غيرها يمكن اعتبارها، و هذا هو ما قرره العلماء.
3- قال الخطابي: «و كانوا مرة- لجهلهم و حيرتهم- يقولون: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا الفرقان
4- مع علمهم أن صاحبهم أمي و ليس بحضرته من يملي أو يكتب .. البيان ضمن ثلاث رسائل 28، و انظر البرهان 2/ 104، و الإتقان 4/ 14.
5- في د، ظ: صلّى اللّه عليه و سلّم.
6- و هو نحو كلام الباقلاني في إعجاز القرآن 35- 50. قال ابن عطية في مقدمة تفسيره: «و الصحيح الذي عليه الجمهور أن التحدي إنّما وقع بنظمه و صحة معانيه و توالي فصاحة ألفاظه» 1/ 71، و نقله عنه القرطبي 1/ 76 و الزركشي 2/ 97، و السيوطي في الإتقان 4/ 8، و انظر الشفا 1/ 264، و مناهل العرفان 2/ 332. و يقول الزركشي:- بعد أن ساق الأقوال في وجوه الإعجاز- «أهل التحقيق على أنّ الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال، لا بكل واحد على انفراده فإنّه جمع ذلك كله، فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على الجميع ...» اه. البرهان 2/ 106. و نقله عنه السيوطي 4/ 15 و هو كما قالا.
7- في ظ: لا يشبهه شيئا. خطأ.
8- في ظ: في الوصف. و الرصف: ضم الشي ء بعضه إلى بعض و نظمه. اللسان 9/ 119 (رصف).

قبيل الشعر، و لا هو (1) من ضروب الخطب و السجع (2)، يعلم من تأمله أنه خارج عن المألوف، مباين للمعروف، متناسب في البلاغة، متشابه في البراعة، بري ء من التكلف، منزّه عن التصنع و التعسف، و كلام البشر- و إن كان من فصيح بليغ- يظهر فيه- إذا طال- تفاوت و اختلاف و إخلال (3). و القرآن (4) العزيز على ذوق واحد، إن بشّر أو أنذر أو وعظ أو حذّر (5) أو قصّ و أخبر، أو نهى أو أمر (6)، و ليس ذلك لرؤساء الكلام و فحول النظام، فقد يجيد بعضهم المدح و يقصّر في ضده، و في وصف الخيل و سير الليل دون وصف الحرب و الجود و المطر و السيل.

و القرآن العزيز كله- و إن أطال (7) في هذه المعاني التي ذكرتها أو أوجز على قريّ (8) واحد، [لا لتعثر] (9) فيه على اختلاف و لا لتقصير بواحد فلا يشك في صحة نزوله من عند اللّه عزّ و جلّ ذو بصيرة (10).

ص: 208


1- (هو) ليست في بقية النسخ.
2- انظر جواب الباقلاني على من ادعى أنّ القرآن مشتمل على الشعر و السجع (53- 57).
3- يقول الباقلاني: «و متى تأملت شعر الشاعر البليغ: رأيت في شعره على حسب الأحوال التي يتصرف فيها، فيأتي بالغاية في البراعة في معنى فإذا جاء إلى غيره قصر عنه و وقف دونه، و بان الاختلاف على شعره، و هؤلاء لا خلاف في تقدمهم في صنعة الشعر، و لا شك في تبريزهم في مذهب النظم و الخطب و الرسائل و نحوها، و ذكر مثل هؤلاء يغني عن ذكر غيرهم» اه. انظر إعجاز القرآن: 37 (باختصار يسير).
4- سقطت الواو من ظ.
5- في بقية النسخ: أو وعظ و حذر.
6- انظر نحو هذا في ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 27. و إعجاز القرآن للباقلاني: 36 و البرهان للزركشي: 2/ 103.
7- في د، ظ: و ان طال.
8- القرو و القريّ: كل شي ء على طريق واحد، يقال: ما زال على قرو واحد و قري واحد، و رأيت القوم على قرو واحد، أي على طريقة واحدة. اللسان 15/ 175 (قرا).
9- هكذا في الأصل: لا لتعثر فيه. و لا معنى لها. و في د، ظ: لا تعتز و كذلك لا معنى لها. و في ظق: لا تعثر. و هو الصواب.
10- يقول الخطابي: «و معلوم أن الإتيان بمثل هذه الامور، و الجمع بين أشتاتها حتى تنتظم و تتسق أمر تعجز عنه قوى البشر، و لا تبلغه قدرتهم فانقطع الخلق دونه، و عجزوا عن معارضته بمثله ..» اه. ثلاث رسائل في اعجاز القرآن: 28. و نقله عنه الزركشي في البرهان 2/ 104، و السيوطي في الإتقان 4/ 13.

و لا قدرة لأحد من البشر على أن يأتي بمثله في أحكام معانيه (1) و انتظام ألفاظه و بديع مناهجه (2).

و لقد عجزت العرب- مع قدرتها على التصرف في الكلام و الفصاحة و فروع البلاغة- عن معارضته بسورة (3).

و من السور ما يقل عدده (4)، و قد أعلمهم أنهم لا يقدرون على ذلك (5)، فنطق لسان الحال بعجزهم، و وقوع إياسهم من الوصول الى شي ء منه، و انحرفوا إلى القتال و بذل الأموال في المعاندة (6)، فالقرآن إذا لهذا السبب: أعظم آياته صلّى اللّه عليه و سلّم، و أوضح الأدلة على صحة نبوته (7).

و لهذا قال اللّه عزّ و جلّ: .. لا رَيْبَ فِيهِ* (8) أي لا يرتاب فيه ذو لبّ فإن قيل: ما معنى قولكم: النظم الغريب و الرصف العجيب؟ و هل ثم زائد على تعلق الكلام بعضه ببعض، و ذلك: الإسم بالاسم و الفعل بالاسم و الحرف بهما، و هذا موجود في كلام العرب، فبأي شي ء باين القرآن كلام العرب؟ قيل: ما كل ما يحيط به العلم تؤديه الصفة، و لكن أ لست تفضل كلام البلغاء و الخطباء على غيره؟!.

و ترى أيضا فلانا أبلغ من فلان و أخطب و أشعر و أفصح؟

ص: 209


1- في د، ظ: في إحكام مكانته.
2- في بقية النسخ: منهاجه.
3- في: ظ: عن معارضة سوره.
4- كسورة الكوثر مثلا فإنّها أقصر سورة، و هي ثلاث آيات قصار. راجع إعجاز القرآن للباقلاني 254، و مناهل العرفان: 2/ 129.
5- و التحدي بسورة هي آخر المراحل التي تحداهم بها فعجزوا. قال تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ .. يونس (38).
6- راجع نحو هذا في إعجاز القرآن للباقلاني: 249.
7- يقول ابن كثير: «و مثل هذا التحدي إنما يصدر عن واثق بأنّ ما جاء به لا يمكن للبشر معارضته و لا الاتيان بمثله، و لو كان من منقول من عند نفسه لخاف أن يعارض فيفتضح، و يعود عليه نقيض ما قصده من متابعة الناس له، و معلوم لكل ذي لب أن محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أعقل خلق اللّه تعالى بل أعقلهم و أكملهم على الإطلاق في نفس الأمر، فما كان ليقدم على هذا الأمر إلّا و هو عالم بأنّه لا يمكن معارضته و هكذا وقع ...» اه البداية و النهاية 6/ 68.
8- البقرة و السجدة (2).

فبأي شي ء حصلت هذه التفرقة؟ (1).

فكذلك عرفت العرب و من يعلم البلاغة من غيرهم مباينة القرآن العزيز سائر الكلام، و ذلك بصحة الذوق، و سلامة الطبع و لطف الحس، حتى أنّ منهم من يعرف شعر الشاعر، و إن دلّس بغيره، و يفصله ممّا (2) دلّس به و يقول (3): هذا كلام فلان (4).

و لقد رفع الى الخليفة (5) شعر صالح بن عبد القدوس (6) في شي ء من الكفر فلما مثل بين يديه، أنكر أن يكون ذلك من قوله، فأنشده غير ذلك مما اعترف به، فقال: هذا من نسبة ذاك، فقتله.

فانظر كيف عرف شعره و أسلوبه و اتحاد طريقه حتى قضى بأنه كله شي ء واحد، و إن لم يكن في الثاني شي ء مما في الأول.

و قد يكون كلام البشر فصيحا مليحا موصوفا بالجودة، و أنه مطابق للمعنى، سليم من التعمّق و التعسّف و التكلّف، بري ء من النقصان و الزيادة، حسن المجاورة، تتبع الكلمة الكلمة التي تناسبها و تكون بها أولى من غيرها، خفيف على السمع، حلو في النطق جار على المعتاد من كلام الفصحاء و البلغاء.

و مع ذلك فلا يقارب القرآن في شي ء من ذلك و لا يدانيه (7).

ص: 210


1- انظر نحو هذا الكلام في إعجاز القرآن للباقلاني 113- 116.
2- في د: و يفصله عمّا.
3- في ظ: و تقول.
4- يقول الباقلاني: «.. و العالم لا يشذ عنه شي ء من ذلك، و لا تخفى عليه مراتب هؤلاء، و لا تذهب عليه أقدارهم، حتى إنّه إذا عرف طريقة شاعر في قصائد معدودة، فأنشد غيرها من شعره لم يشك أنّ ذلك من نسجه، و لم يرتب في أنّها من نظمه ..» اه إعجاز القرآن: 120. و هو مؤدي كلام السخاوي الذي ذكره عن الخليفة المهدي العباسي و صالح بن عبد القدوس الآتي.
5- هو محمد بن عبد اللّه المنصور العباسي، أبو عبد اللّه المهدي باللّه، من خلفاء الدولة العباسية في العراق، كان محمود العهد و السيرة (127- 169 ه) تاريخ بغداد 5/ 391 و البداية و النهاية 10/ 155 الأعلام 6/ 221.
6- صالح بن عبد القدوس بن عبد اللّه الأزدي، أبو الفضل، شاعر حكيم اتهم عند المهدي العباسي بالزندقة فقتله ببغداد سنة (160 ه) أو نحوها. ميزان الاعتدال 2/ 297، و تاريخ بغداد 9/ 303، و الأعلام 3/ 192.
7- يقول الباقلاني: ما ملخصه: «ليس للعرب كلام مشتمل على فصاحة القرآن و غرابته، و تصرفه البديع، و معانيه اللطيفة و فوائده الغزيرة، و حكمه الكثيرة، و التناسب في البلاغة و التشابه في البراعة، على هذا الطول و على هذا القدر، و انّما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة و ألفاظ قليلة، و إلى شاعرهم قصائد محصورة، يقع فيها الاختلال و يعترضها الاختلاف، و يشملها التكلف و التجوز و التعسف ..» اه. اعجاز القرآن: 36 و راجع 247 من المصدر نفسه.

فإن قيل: فأي فائدة في تكرير القصص فيه و الأنباء؟ قيل: لذلك فوائد (1):

أ) منها أن يقول المعاند و الجاحد: كيف أعارض- مثلا- قصة موسى، و قد سردتها و أوردتها على أفصح القول و أحسنه، و سبقت إلى ذلك، فلم يبق لي طريق إلى المعارضة؟!.

فيقال له: ها هي قد جاءت في القرآن العزيز على أنحاء و مباني، فأت بها أنت و لو على بناء واحد (2).

ب) و منها أنّهم لمّا عجزوا عن الإتيان بسورة مثله أتاهم بسور مماثلة في المعنى و النظم و القصة، و ذلك أنكى (3) لقلوبهم.

ج) و منها أنّ كل أحد لا يقدر على كل سورة، فجاءت هذه السور فيها هذه القصص على قدر قوى البشر، فمن أطاق هذه حفظها، و من لم يطق حفظ الأخرى، لينال الضعيف نحو ما نال القوي.

د) و منها أنّ [عادة] (4) هذه القصص المتحدة على الأنحاء المختلفة مع التماثل في حسن النظم: أبلغ في الفصاحة و أعظم في المعجزة (5)، فكانت تلك المعاني كعرائس تجلى في

ص: 211


1- اذا أراد القارئ مزيدا من معرفة بعض الحكم و الأسرار من تكرير القصص في القرآن فعليه أن يرجع إلى ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 52، و تأويل مشكل القرآن 232، و البرهان في علوم القرآن النوع السادس و الأربعون 3/ 25، و الإتقان النوع السادس و الخمسون 3/ 204، و القصص القرآني لعبد الكريم الخطيب: 230، و مباحث في علوم القرآن لمناع القطان: 307.
2- قال الباقلاني: «فقد أتى بذكر القصة على ضروب ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك .. ليكون أبلغ في تعجيزهم و أظهر للحجة عليهم اه إعجاز القرآن: 189.
3- نكى العدوّ نكاية: أصاب منه، و أكثر فيه الجراح و القتل، فوهن لذلك، اللسان 15/ 341 (نكى).
4- هكذا في الأصل و ظ، و في ظق و د: إعادة. و هو الصواب.
5- و هنا يحسن أن أضيف ما قاله أبو بكر الباقلاني في كتابه: إعجاز القرآن: 61 «إنّ إعادة ذكر القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدا من الأمر الصعب الذي تظهر به الفصاحة، و تتبين به البلاغة». - و أعيد كثير من القصص في مواضع كثيرة مختلفة على ترتيبات متفاوتة، و نبهوا بذلك على عجزهم عن الاتيان بمثله مبتدأ به و مكررا. «و لو كان فيهم تمكن من المعارضة لقصدوا تلك القصة و عبروا عنها بألفاظ لهم تؤدي تلك المعاني و نحوها ...» اه.

ملابس مختلفة رائعة، إذا رأيت الواحدة منها (1) قلت: هذه، فإذا رأيت الأخرى قلت: بل هذه، فإذا جاءت الأخرى (2) قلت؛ لا بل هذه، حتى لا تفضل واحدة على الأخرى، و لا يقدر بليغ و لا ناقد في الفصاحة على ذلك أبدا.

فإن قيل: فهل في إقامته البراهين و إيراد الدلائل على الوحدانية بذكر السموات و الأرض و تصريف الرياح و السحاب، و بأنه (لو كان فيهما آلهة إلّا (3) اللّه لفسدتا) (4) و على البعث بإنزال الماء و إحياء الأرض بعد موتها، و بالنشأة الأولى الى غير ذلك: إعجاز؟.

قلت: الإعجاز من جهة إيراد هذه الحجج في الأساليب العجيبة و البلاغة الفائقة، فهو راجع إلى ما قدّمناه من نظم القرآن و إعجازه (5) و أما كونها براهين قاطعة، فهو دليل على صدق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لأنّه لم يكن من أهل هذا و لا قومه، و لا يعرف شيئا منه، فلا اكتراث بعد ذلك بما أظهره حاسد أو معاند أو جاهل من شك أو ارتياب يظهره لضعيف يكفّره.

و من آيات اللّه عزّ و جلّ و تمام حكمته أن تعاطى مسيلمة الكذاب (6) معارضته، فأتى بما جعله ضحكة للعالمين، ليظهر بذلك مضمون خبره الصادق، بأنّ المعارضة ممتنعة، و أن المماثلة مندفعة.

ص: 212


1- (منها) ساقطة من د، ظ.
2- في د، ظ: فإذا جاءت رأيت الأخرى قلت.
3- كتبت الآية خطأ في كل النسخ ففي الأصل: إله إلّا اللّه لفسدتا و في بقية النسخ: إله آخر لفسدتا.
4- اقتباس من آية (22) من سورة الأنبياء.
5- القرآن معجز بأسلوبه و نظمه و بلاغته، و ما اشتمل عليه من المعارف الإلهية و بيان المبدأ و المعاد، و الإخبار بالأمور الغيبية الماضية و الحاضرة و المستقبلة، هذا هو القول الصحيح من أقوال العلماء. و قد تقدم أن ذكرت عن الزركشي قوله بأنّ الإعجاز واقع بكل هذا. يقول الخطابي: «و اعلم أن القرآن إنّما صار معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمنا أصح المعاني، من توحيد له عزّت قدرته و تنزيه له في صفاته و دعاء إلى طاعته ...» اه. ثلاث رسائل: 27، و نقله عنه الزركشي: 2/ 103، و السيوطي 4/ 13.
6- مسيلمة بن ثمامة الحنفي، أبو ثمامة، متنبئ، أحد الذين ادعوا النبوة في زمن النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-، و قد أكثر من وضع أسجاع يضاهي بها القرآن الكريم، قتله المسلمون في خلافة أبي بكر الصديق- رضي اللّه عنه-. سنة 12 ه. انظر: البداية و النهاية 5/ 46- 47. و سيرة ابن هشام: 2/ 72، و الأعلام 7/ 226.

و لقد حكى عن عمرو بن العاص (1)- رحمه اللّه- أنه مرّ باليمامة، فأتى مسيلمة الكذاب ليختبر ما عنده، فقال له مسيلمة: ما الذي نزل على صاحبكم في هذه الأيام؟.

فقال عمرو: نزل عليه وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ فقال مسيلمة: قد (2) نزل عليّ نحو من هذا.

فقال له عمرو: و ما ذلك؟

فقال يا وبر يا وبر (3)، أذنان و صدر، و سائرك حقر نقر (4)، كيف ترى يا عمرو؟

فقال له عمرو: إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب (5) (6). فقد خرج مسيلمة بهذا

ص: 213


1- عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أبو عبد اللّه أسلم في هدنة الحديبية، و كان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام، و هو أحد دهاة العرب، فتح مصر و غيرها من البلدان. توفي سنة (43 ه)- رضي اللّه تعالى عنه-. انظر: الاستيعاب 8/ 222، و الإصابة 7/ 122، رقم 5877، و الأعلام: 5/ 79.
2- في د، ظ: لقد.
3- قال ابن كثير: «و الوبر دويبة تشبه الهرّ، أعظم شي ء فيه: أذناه و صدره، و باقيه دميم» تفسيره 4/ 547، و راجع اللسان: 5/ 272، (وبر).
4- النقر و النقرة و النقير: النكتة في النواة، كأن ذلك الموضع نقر منها، فقوله: حقر نقر: على الاتباع، كما تقول: حقير نقير اللسان 5/ 228 (نقر).
5- في د: أنك لتكذب.
6- ذكر هذا ابن كثير في تفسيره 4/ 547، بصيغة: و ذكروا .... إلخ و ذكره كذلك في البداية و النهاية 6/ 331 بصيغة: و روينا ... إلخ و ذكر نحوه الخطابي بسنده. انظر ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 56 إلّا أنّ ابن كثير يذكر هذا عن عمرو بن العاص و هو لا زال في الجاهلية و الخطابي يقول: إنّ الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم بعث عمرو بن العاص إلى البحرين ... فمر على مسيلمة .. الخ. و الذي ترجح عندي و ملت إليه أنّ مرور عمرو بن العاص بمسيلمة كان بعد إسلامه بدليل ما يأتي: أولا: قول الخطابي: إنّ الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم بعث عمرو بن العاص إلى البحرين فمر على مسيلمة. ثانيا: أنّ ابن كثير يقول: و الصحيح أن عمرو أسلم قبل الفتح بستة أشهر- أي في هدنة الحديبية- انظر البداية و النهاية: 8/ 27. و راجع 4/ 238، من المصدر نفسه و سيرة ابن هشام: 2/ 277. ثالثا: ذكر ابن حجر أنّ عمرو بن العاص قدم عمان- و هي قريبة من البحرين- من عند النبي صلّى اللّه عليه و سلّم .. و كان ذلك بعد خيبر. و لعل ذلك كان بعد حنين فتصحفت .. اه. باختصار فتح الباري 8/ 96. رابعا: ذكر ابن كثير أنّ الوفود جاءت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في العام التاسع، و من بين هؤلاء الوفود: وفد بني حنيفة و كان مع وفد بني حنيفة مسيلمة الكذاب، و قد أعطاهم صلّى اللّه عليه و سلّم و أكرمهم، فأخبروه أنّ مسيلمة تأخر في رحالهم فأمر له بنصيبه و قال: «أما إنّه ليس بشركم مكانا» أي لحفظه شيعة أصحابه، و بعد عودته إلى اليمامة تفاقم أمره و ادعى النبوة ... اه بتصرف البداية و النهاية 5/ 46. و راجع سيرة ابن هشام: 2/ 600، و فتح الباري: 8/ 89.

الكلام عن كلام العقلاء، و دخل في تخليط المجانين (1).

و أما من قال في قوله عزّ و جلّ: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ (2): إن الهاء تعود على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، أي من مثل محمد صلّى اللّه عليه و سلّم في أميته، لا يعرف هو و لا قومه ما في القرآن من الأنباء، و استشهد على صحة ما ذهب إليه بقوله عزّ و جلّ: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا .. (3).

فكلام من ركب (4) الخطر و لم ينعم (5) النظر (6) لأن كلامه يقتضي أنّ بعض الناس يقدر على الإتيان بمثله، و هم العلماء بالسير، و الممارسون للكتب (7) و هذا يبطله قوله عزّ

ص: 214


1- حيث أراد- كما يقول ابن كثير- أن يركّب من هذا الهذيان ما يعارض به القرآن انظر تفسيره 4/ 547، و راجع إعجاز القرآن للباقلاني 156 و البداية و النهاية 6/ 325، و ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 56، و مناهل العرفان: 2/ 334.
2- البقرة (23).
3- هود (49).
4- حرفت في د إلى (ربك).
5- في ظ: يمعن. و كلاهما صحيح.
6- القول بأنّ الضمير يعود على القرآن هو القول الراجح و الأظهر. انظر تفسير ابن كثير 1/ 59، و ابن عطية: 1/ 194، و القرطبي 1/ 232 و قد ذكر أبو حيان عدة أقوال ترجّح عود الضمير على القرآن منها: أ) أنّ الارتياب أولا إنّما جي ء به منصبا على المنزّل، لا على المنزّل عليه، و إنّ كان الريب، في المنزّل ريبا في المنزّل عليه بالالتزام فكان عود الضمير عليه أولى. ب) أنّه قد جاء في نظير هذه الآية و هذا السياق قوله فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ البقرة: 23] فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ هود (13). عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ الإسراء (88). ج) اقتضاء ذلك كونهم عاجزين عن الإتيان سواء اجتمعوا أو انفردوا و سواء كانوا أميين أم كانوا غير أميين .. انظر تفسيره 1/ 104.
7- يقول ابن كثير: «و التحدي بما اشتمل عليه من المعاني الصحيحة الكاملة يعم جميع أهل الأرض من الملّتين أهل الكتاب و غيرهم من عقلاء اليونان و الهند و الفرس و القبط و غيرهم من أصناف بني آدم في سائر الأقطار و الأمصار» اه البداية و النهاية 6/ 71.

و جلّ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (1).

و القرآن كلام رب العالمين، غير مخلوق عند أهل الحق، و على ذلك أئمة المسلمين (2). كسفيان الثورى (3)، و مالك بن أنس و الشافعي (4)، و أحمد بن حنبل (5) و عامة الفقهاء و العلماء (6).

ص: 215


1- الإسراء (88).
2- مسألة القول بخلق القرآن تعتبر من أخطر القضايا التي احتدم فيها النزاع بين أهل السنّة من جهة و بين المعتزلة من جهة أخرى، و قد تشعب فيها الكلام و تفاقم فيها الخلاف، و وقعت بسببها المحنة على أهل السنة، و ضرب بسببها إمام من أئمتها ألا و هو أحمد بن حنبل- رحمه اللّه تعالى- الذي وقف كالجبل الشامخ ضد المعتزلة القائلين بخلق القرآن، مقررا أنّ القرآن كلام اللّه و صفة من صفاته تعالى الأزلية. يقول ابن تيمية- رحمه اللّه-: «مذهب سلف الأمة و أئمتها من الصحابة و التابعين لهم بإحسان و سائر أئمة المسلمين، كالأئمة الأربعة و غيرهم ما دلّ عليه الكتاب و السنّة، و هو الذي يوافق الأدلّة العقلية الصريحة أنّ القرآن كلام اللّه منزّل غير مخلوق ...» اه. الفتاوى 12/ 37، و راجع 12/ 164، 577، 578، 584 من المصدر نفسه. و يقول الطحاوي: «القرآن كلام اللّه، منه بدا بلا كيفية قولا، و أنزله على رسوله وحيا، و صدقه المؤمنون على ذلك حقا، و أيقنوا أنه كلام اللّه تعالى بالحقيقة، و ليس بمخلوق ككلام البرية اه ...» شرح العقيدة الطحاوية: 179، و راجع 188 من المصدر نفسه. و راجع كذلك كلام الإمام أحمد بن حنبل و غيره في هذا في: الإبانة عن أصول الديانة الباب الخامس 103.
3- سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد اللّه، أمير المؤمنين في الحديث، و كان سيد أهل زمانه في علوم الدين و التقوى، ولد في الكوفة، و توفي بالبصرة (97- 161 ه). تاريخ بغداد 9/ 151، و صفة الصفوة 3/ 147، و البداية و النهاية 10/ 137، و الأعلام 3/ 104.
4- محمد بن إدريس بن العباس الهاشمي القرشي، أبو عبد اللّه، أحد الأئمة الأربعة، و إليه تنسب الشافعية، كان ذكيا مفرطا، أفتى و هو ابن عشرين سنة، له تصانيف كثيرة، ولد بغزة من فلسطين، و توفي بمصر (150- 204 ه). تاريخ بغداد 2/ 56، و صفة الصفوة 2/ 248، و البداية و النهاية 10/ 262، و الأعلام 6/ 26.
5- أحمد بن حنبل، أبو عبد اللّه الشيباني، إمام المذهب الحنبلي، و أحد الأئمة الأربعة المشهورين، و في أيامه دعا المأمون إلى القول بخلق القرآن، و مات قبل أن يناظر ابن حنبل، و تولّى المعتصم فسجن ابن حنبل ثمانية و عشرين شهرا لامتناعه عن القول بخلق القرآن ... (164- 241 ه). تاريخ بغداد 4/ 412، و صفة الصفوة 2/ 336، و الأعلام 1/ 203 و راجع كتاب «مناقب الإمام أحمد» لابن الجوزي مطبوع متداول.
6- انظر الإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعري: 110، و راجع كذلك التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي 17- 18.

و قال جميع المعتزلة: «إنّ كلام اللّه تعالى مثل كلام المخلوقين، و إنّ البشر يقدرون على الإتيان بمثله، و بما هو أفصح منه، و إنما منعوا من ذلك في بعض الأوقات» (1).

و الدليل على أن القرآن غير مخلوق قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (2).

فلو كان القرآن مخلوقا لكان مخلوقا بقول آخر و أدّى ذلك إلى أن لا يوجد منه سبحانه فعل أبدا.

اذ لا بد أن يوجد (3) قبل ذلك الفعل أفعال هي أقوال ليس لها غاية، و ذلك محال (4)، ثم إنّ المخلوقات قسمان: جسم و عرض، فلو كان القرآن مخلوقا: لكان (5) إمّا جسما و إمّا عرضا، و الجسم يقوم بنفسه.

فلو كان القرآن جسما: لكان قائما بنفسه، و يلزم من ذلك وجود كلام غير قائم بمتكلم.

و لا يصح أيضا أن يكون عرضا مخلوقا، لأنّه لو كان كذلك: لم يخل أن يقوم بنفس

ص: 216


1- في الملل و النحل للشهرستاني 1/ 56، «قال إبراهيم بن يسار النظام المتوفي سنة 231 ه: إن إعجاز القرآن من حيث الأخبار عن الأمور الماضية و الآتية و من جهة صرف الدواعي عن المعارضة، و منع العرب من الاهتمام به جبرا و تعجيزا، حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله بلاغة و فصاحة و نظما» اه. «و قال عيسى بن صبيح- أحد رؤساء المعتزلة- المتوفي حدود سنة 226 ه إنّ الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة و نظما و بلاغة و هو الذي بالغ في القول بخلق القرآن ...» اه. الملل و النّحل للشهرستاني 1/ 69.
2- النحل (40).
3- في ظق: أن يكون.
4- و هو نحو كلام أبي الحسن الأشعري حيث يقول: «و مما يدل من كتاب اللّه على أن كلامه غير مخلوق قوله عزّ و جلّ: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ النحل (40)، فلو كان القرآن مخلوقا لوجب أن يكون مقولا له: كُنْ فَيَكُونُ، و لو كان اللّه عزّ و جلّ قائلا للقول كُنْ لكان للقول قولا، و هذا يوجب أحد أمرين: أ) إما أن يؤول الأمر إلى أن قول اللّه غير مخلوق. ب) أو يكون كل قول واقع بقول لا إلى غاية، و ذلك محال، و إذا استحال ذلك: صح و ثبت أنّ للّه عزّ و جلّ قولا غير مخلوق. الإبانة عن أصول الديانة: 86. و راجع 99، 54 من المصدر نفسه.
5- في د: كان.

الباري عزّ و جلّ [و بغيره (1).

أولا في محل (2)، و اللّه سبحانه و تعالى (3) ليس بمحل للحوادث (4). فاستحال أن يخلقه في نفسه، و كذلك لا يصح أن يخلقه في غيره، لأنّه كان يكون كلاما للذي خلق فيه، و صفة له، كالعلم و الإرادة المخلوقين في الأجسام.

أ لا ترى أنهما صفتان لمن قامتا به دون الخالق لهما (5)؟ و كذلك أيضا يستحيل أن يخلقه لا في شي ء كما استحال فعل حركة و لون (6) لا في شي ء.

و أيضا فإنه لو كان عرضا لوجب أن يفنى في الثاني من حال حدوثه، و يلزم من ذلك أن لا يكون (7) الباري عزّ و جلّ في وقتنا هذا لا آمرا بشي ء و لا ناهيا عنه، و لا مخبرا بشي ء، و ذلك خلاف ما عليه الأمة (8).

و قال شيخ من رؤساء المعتزلة- يقال له: معمر (9)-: إنّ اللّه تعالى ليس له كلام،

ص: 217


1- في بقية النسخ: أو بغيره. و هي الصواب.
2- راجع في هذا ما ذكره الشهرستاني في الملل و النحل عن أبي الحسن الأشعري 1/ 95.
3- في ظق: و اللّه تعالى عزّ و جلّ. و في د، ظ: و اللّه تعالى وحّد.
4- انظر: شرح العقيدة الطحاوية 185 تجد نحو ما ذكره السخاوي.
5- انظر نحو هذا في الإبانة عن أصول الديانة 101، 102.
6- في ظ: و كون.
7- في د، ظ: أن يكون.
8- ذكر نحو هذا الشهرستاني عن معمر بن عبّاد السلمي المعتزلي- الآتي- ذكره- قال: «و هو من أعظم القدريّة فرية في دقيق القول بنفي الصفات» .. قال: إنّ اللّه تعالى لم يخلق شيئا غير الأجسام، فأمّا الأعراض فإنّها من اختراعات الأجسام، إما طبعا كالنار التي تحدث الإحراق، و الشمس التي تحدث الحرارة، و القمر الذي يحدث التلوين و إما اختيارا كالحيوان يحدث الحركة و السكون، و الاجتماع و الافتراق. يقول الشهرستاني: و من العجب أنّ حدوث الجسم و فناءه عنده: عرضان، فكيف يقول إنّهما من فعل الأجسام؟ و إذا لم يحدث الباري عرضا، فلم يحدث الجسم و فناءه؟ فإنّ الحدوث عرض .. فيلزمه أن لا يكون للّه فعل أصلا ثم ألزم كلام الباري تعالى إما عرض أو جسم فإن قال هو عرض فقد أحدثه الباري، فإنّ المتكلم على أصله هو من فعل الكلام، أو يلزمه أنّ لا يكون للّه تعالى كلام هو عرض، و إن قال: هو جسم، فقد أبطل قوله: إنّه أحدثه في محل، فإنّ الجسم بالجسم، فإذا لم يقل هو بالصفات الأزلية، و لا قال بخلق الأعراض فلا يكون للّه كلام يتكلم به على مقتضى مذهبه، و إذا لم يكن له كلام، لم يكن آمرا ناهيا .. الملل و النحل 1/ 66، 67.
9- معمر بن عبّاد السلمي، معتزلي من الغلاة، من أهل البصرة، انفرد بمسائل، و له فضائح توفي (215 ه) أنظر الملل و النحل 1/ 65 و الأعلام 7/ 272.

و إنّ موسى إنّما سمع كلام الشجرة (1)، و إن اللّه- تعالى عن قوله- لم يأمر قط و لم ينه عن شي ء، و لا تكلّم البتة نسأل اللّه العفو و العافية مما (2) صارت إليه هذه الفرقة و غيرها من فرق الضلال.

ص: 218


1- يقول أبو الحسن الأشعري: «زعمت الجهمية أنّ كلام اللّه مخلوق حلّ في شجرة، و كانت الشجرة حاوية له، فلزمهم أن تكون الشجرة بذلك الكلام متكلمة، و وجب عليهم أنّ مخلوقا من المخلوقين كلّم موسى- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- و أنّ الشجرة قالت: يا موسى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي طه (14) ... «و كلام اللّه عزّ و جلّ من اللّه، لا يجوز أن يكون كلامه الذي هو منه مخلوقا في شجرة مخلوقة ...» اه الإبانة عن أصول الديانة: 89، ثم ذكر أمثلة أخرى مفحمة لمثل هؤلاء فلتنظر هناك. و راجع شرح الطحاوية 186، و الفتاوي: 12/ 502.
2- في د، ظ: فيما.

منازل الاجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم

اشارة

منازل (1) الاجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم (2)

ص: 219


1- في ظ: فصل: منازل .. الخ.
2- اهتم كثير من العلماء بذكر فضائل القرآن الكريم، مستندين في ذلك لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم و الصحابة من الأحاديث و الآثار فاهتموا بالترغيب في دراسته و تلاوته و تدبره، و الترهيب من هجرانه و نسيانه، و صنفوا فيه التصانيف و بينوا الصحيح منه من السقيم كالبخاري و من حذا حذوه كابن كثير و أبي عبيد الهروي و النسائي و القرطبي و غيرهم، و قد تعرضوا لبيان عظمة القرآن و حرمته و فضل قارئه، و كيفية تلاوته و استماعه، و حذروا من قراءته للرياء و السمعة- نسأل اللّه العافية من ذلك- و كشفوا عما أعد اللّه لأهل القرآن من النعيم المقيم في جنات النعيم، و ما أعد كذلك من العذاب الأليم لمن أعرض عن كتابه الكريم، و وضعوا للمسلم زادا أمامه يتناول منه ما يريد، حتى يقرأ كتاب ربه على بصيرة و يدرسه دراسة نيرة بتدبر و خشوع، و على قدر ذلك يؤجّر المسلم و يثاب و ينجو من عذاب اللّه يوم الحساب. هذا و قد احتذى حذوهم الإمام علم الدين السخاوي فعقد هذا الفصل لبيان بعض فضائل القرآن، فرحمه اللّه رحمة واسعة. و قبل الدخول فيما ذكره السخاوي من الأحاديث و الآثار في فضائل القرآن على العموم و فضائل بعض السور و الآيات على الخصوص، قبل ذلك أحب أن أقول: إن هناك سؤالا يفرض نفسه و هو ما المراد بالفضائل التي وردت في بعض السور و الآيات؟. هل المراد اختصاص كل سورة من السور المتحدث عنها بمزية دون سواها أو أن الفضل يعود إلى الأجر الحاصل من تلاوتها و الموعود بقراءتها لما تحمله في طياتها من معان عظيمة و آداب سامية كريمة. و الذي ظهر لي من الأحاديث و الآثار أن الأمر يشمل ذلك كله، فهو قدر مشترك و أن بعض السور و الآيات قد تنفرد بمزايا لم تكن لغيرها، و قد تشترك مع غيرها في الأجر و الثواب لتاليها، كسورة الفاتحة مثلا و الإخلاص، و الآيتين من آخر سورة البقرة، و الآيات من أول سورة الكهف أو من آخرها- كما سيأتي- و هناك قضية أثارها العلماء و تحدثوا عنها و هي قضية تفضيل بعض سور القرآن أو آياته على بعض، و هي مسألة خلافية، لا يسمح المقام هنا بالحديث عنها و الخوض فيما ذكره العلماء حولها، و لكني اكتفي بذكر ملخص لكلام القرطبي فيها: «و اختلف أهل الحق في تفضيل بعض السور و الآيات على بعض، فقال قوم: لا فضل لبعض على بعض لأن الكل كلام اللّه عز و جل، و تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ، و ان الأفضل يشعر بنقص المفضول. و قال قوم: بالتفضيل، و أن ما تضمنه قوله تعالى وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ البقرة (163)، و آية الكرسي و آخر سورة الحشر، و سورة الإخلاص، من الدلالات على وحدانية اللّه و صفاته، و مثل هذه المعاني: ليست موجودة في قوله تعالى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ إلى آخر السورة، و ليس مدلول قوله سبحانه هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ الحديد (3) كمدلول: وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ الأنعام (143، 144)، و ما كان مثل ذلك فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة و كثرتها، لا من حيث الصفة، و قد يقال: سورة خير من سورة و آية خير من آية: بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل، و هو الاحتراز مما يخشى، و الاعتصام باللّه تعالى مما يكره، و ذلك كقراءة آية الكرسي و سورة الإخلاص و المعوذتين و خاتمة سورة البقرة و نحو ذلك ...» اه باختصار من التذكار في أفضل الأذكار ص 32. و راجع البرهان للزركشي 1/ 438، و الإتقان 4/ 115- 127.

روي (1) عن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول الرب عزّ و جلّ:

«من شغله القرآن و ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطى السائلين و فضل كلام اللّه على سائر الكلام: كفضل اللّه على خلقه (2)» اه.

ص: 220


1- كلمة «روى» ساقطة من د، ظ.
2- رواه الترمذي 8/ 244، أبواب فضائل القرآن، و قال: حديث حسن غريب، قال شارح سنن الترمذي: «و في سنده محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، و هو ضعيف». ثم نقل عن الحافظ ابن حجر قوله: «قال الذهبي: حسّن الترمذي حديثه فلم يحسن». و راجع ترجمة محمد بن الحسن المذكور في ميزان الاعتدال 3/ 515، و كلام العلماء فيه، و قد ذكر الذهبي هناك هذا الحديث بسنده إلى أبي سعيد الخدري مرفوعا «يقول اللّه: من شغله القرآن .....» ثم قال: «حسنه الترمذي فلم يحسن». و الحديث أخرجه الدارمي في سننه 2/ 441 باب فضل كلام اللّه على سائر الكلام، و راجع التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي ص 39. يقول الشوكاني: «و الحديث لو لا أن فيه ضعفا لكان دليلا على أن الاشتغال بالتلاوة عن الذكر و عن الدعاء يكون لصاحبه هذا الأجر العظيم ...» تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين ص 262. و قوله في الحديث «و فضل كلام اللّه ...» الخ: «يحتمل أن تكون هذه الجملة من تتمة قول اللّه عز و جل، فحينئذ فيه التفات كما لا يخفى، و يحتمل أن تكون من كلام النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و هذا أظهر لئلا يحتاج إلى ارتكاب الالتفات». تحفة الأحوذى 8/ 244. قال الشوكاني: «هذه الكلمة لعلها خارجة مخرج التعليل لما تقدمها من أنه يعطي المشتغل بالقرآن أفضل ما يعطي اللّه السائلين ...» تحفة الذاكرين: 262. و الظاهر أن هذه الزيادة من كلام بعض التابعين. انظر فتح الباري 9/ 66.

و عن أبي أمامة (1) قال (2): سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «من قرأ ثلث القرآن فقد أوتي ثلث النبوة، و من قرأ ثلثي القرآن فقد أوتي ثلثي النبوة، و من قرأ القرآن كله فقد أوتي النبوة كلها» (3).

و قال مالك بن عبادة الغافقي (4): عهد إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حجة الوداع فقال:

«عليكم بالقرآن، فإنّكم سترجعون إلى قوم يشتهون الحديث عني، فمن عقل شيئا فليحدّث به (5) و من قال عليّ ما لم أقل (فليتبوّأ) (6) بيتا- أو قال: مقعدا (7)- من جهنم» قال: لا أدري أيّهما قال (8).

ص: 221


1- صدي- بالتصغير- بن عجلان بن وهب الباهلي، صحابي جليل، سكن الشام و كان من المكثرين في الرواية عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو آخر من مات من الصحابة- رضي اللّه تعالى عنهم- بالشام سنة 86 ه و قيل: 81 ه، فعاش 106 سنين. الاستيعاب 11/ 131، و صفة الصفوة: 1/ 733، و الإصابة 5/ 133، رقم 4054، و الأعلام 3/ 203.
2- قال: ليست في بقية النسخ.
3- هذا الحديث ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 1/ 326 عند ترجمته لبشر بن نمير- أحد رجال السند- و قال: إن العلماء تركوا حديث بشر كيحيى القطان، و أحمد بن حنبل و غيرهما، ثم قال- بعد أن ذكر الحديث-: «و لبشر عن القاسم نسخة كبيرة ساقطة». «و قال الذهبي في موضع آخر: 4/ 398، عند ترجمته ليحيى بن العلاء البجلي الرازي- و بشر بن نمير هالك». و الحديث ذكره القرطبي في التذكار في أفضل الاذكار ص 49، و انظر كنز العمال 1/ 524 رقم 2348، و الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني ص 306، و تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة 1/ 292.
4- مالك بن عبادة- و يقال بن عبد اللّه- الغافقي أبو موسى، مشهور بكنيته صحابي، قال ابن عبد البر: توفي سنة 58 ه. انظر الاستيعاب 9/ 314، و الإصابة 9/ 53، رقم 7635، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 765، و مشاهير علماء الأمصار: 56.
5- (به) ساقط من ظ.
6- هكذا في الأصل و في بقية النسخ فليتبوأ. و هو الصواب.
7- في د، ظ: فليتبوأ بيتا و مقعدا.
8- أخرج الحديث أبو عبيد الهروي بلفظه باب فضل الحض على القرآن و الإيصاء به و إيثاره على ما سواه ص 16، و الحاكم بنحوه في المستدرك كتاب العلم 1/ 113. و قد ذكره بلفظ قريب مما هنا ابن عبد البر و ابن حجر، ذكراه بمناسبة ترجمتهما للغافقي المذكور و لم يذكرا فيه مطعنا. انظر: الاستيعاب 12/ 160، و الإصابة 12/ 35، رقم 1093، و أصل النهي عن الكذب على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: في صحيح البخاري، كتاب العلم باب اثم من كذب على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 1/ 199، بشرح ابن حجر، و في سنن الترمذي كتاب الفتن 6/ 533، باب 60 و أبواب التفسير باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه 8/ 278. و في سنن الدارمي باب اتقاء الحديث عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم .. الخ 1/ 76.

و قال رجل لأبي الدرداء (1): «إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرءونك السلام و يأمرونك أن توصيهم، فقال: أقرئهم السلام و أمرهم (2) أن يربطوا (3) القرآن بخزائمهم (4) (5)، فإنّه يحملهم على السهولة و القصد (6) و يجنّبهم الجور و الحزونة» (7).

و قال خباب بن الأرت (8): «تقرب إلى اللّه ما استطعت، و اعلم أنك لست تتقرّب إليه بشي ء هو أحب إليه من كلامه» (9).

ص: 222


1- عويمر بن زيد- و قيل بن عامر- شهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مشاهد كثيرة، و ولاه عمر بن الخطاب القضاء بدمشق، و توفي بها سنة 32 ه، و قيل غير ذلك. صفة الصفوة 1/ 627، و معرفة القراء الكبار 1/ 40، و الاستيعاب 9/ 55، 11/ 226، و الإصابة 7/ 182 رقم 6112، و الأعلام 5/ 98.
2- كلمة (و أمرهم) سقطت من ظق. و كأنّ الناسخ أضافها في الحاشية فلم تظهر.
3- في فضائل القرآن لأبي عبيد، و سنن الدارمي: فليعطوا القرآن.
4- في بقية النسخ: بحزائمهم.
5- جمع خزامة، و الخزامة هي الحلقة التي تجعل في أنف البعير، غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 5، و اللسان 12/ 174، (خزم) و فيه: أن يعطوا. و المراد: التشمير لهذا الأمر و العناية بالقرآن حفظا و تطبيقا و انقيادا.
6- في بقية النسخ: على القصد و السهولة.
7- رواه أبو عبيد بسنده إلى أبي الدرداء. انظر فضائل القرآن، باب فضل الحض على القرآن ص 20، و رواه الدارمي في سننه 2/ 434، كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن، و ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 527.
8- خباب- بتشديد الموحدة الأولى- بن الأرت بن جندلة، أبو عبد اللّه و قيل أبو يحيى، من السابقين إلى الإسلام، و كان مستضعفا في مكة، عذبه المشركون ليرجع عن دينه، هاجر إلى المدينة و توفي بالكوفة سنة 37 ه. رضي اللّه عنه. صفة الصفوة 1/ 427، و الاستيعاب 3/ 180، و الإصابة: 3/ 76، رقم 1486، و التقريب 1/ 221، و الأعلام 2/ 301.
9- الأثر أخرجه أبو عبيد بسنده إلى فروة بن نوفل الأشجعي- مختلف في صحبته- قال: كان خباب بن الأرت لي جارا، فقال لي يوما: يا هذا- أو كلمة نحوها- (تقرب إلى اللّه ... و ذكره) و ذكره البغوي في شرح السنة 4/ 437. و هذا الأثر له شاهد عند الترمذي بإسنادين، أحدهما في سنده رجل متكلم فيه، و الآخر مرسل، فقد ساق بسنده إلى أبي أمامة قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «... و ما تقرب العباد إلى اللّه عز و جل بمثل ما خرج منه»، قال أبو النضر: أحد رجال السند- يعني القرآن»، ثم ساق كذلك بسنده إلى جبير بن نفير، قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنكم لن ترجعوا إلى اللّه بأفضل مما خرج منه، يعني القرآن». سنن الترمذي 8/ 229، أبواب فضائل القرآن. و الرجل الذي أرسل الحديث هو: جبير بن نفير- بنون و فاء مصغرا- ابن مالك الحمصي ثقة من الثانية لأبيه صحبة. التقريب: 1/ 126.

و عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «القرآن شافع مشفع، و ماحل (1) مصدّق، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، و من محل به القرآن يوم القيامة كبّه اللّه في النار على وجهه» (2) اه.

و عن أبي قلابة (3) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، «من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم (4) حين تقسم، و من شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا في سبيل اللّه» (5).

ص: 223


1- قال أبو عبيد: «جعله يمحل بصاحبه إذا لم يتّبع ما فيه، و الماحل: الساعي» غريب الحديث 2/ 268. و قال ابن الأثير: «أي خصم مجادل مصدّق، و قيل: ساع مصدّق من قولهم: محل بفلان إذا سعى به إلى السلطان، يعني أن من اتبعه و عمل بما فيه فإنه شافع مقبول الشفاعة، و مصدق عليه فيما يرفع من مساويه إذا ترك العمل به» اللسان 11/ 619 (محل).
2- أخرجه بلفظه أبو عبيد في فضائل القرآن: 26. و نقله عنه السيوطي، انظر الإتقان 4/ 104، و انظر كنز العمال: 2/ 292 رقم 4037. و له شاهد من حديث جابر بن عبد اللّه، أورده ابن حبان في صحيحه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «القرآن شافع مشفع و ما حل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة و من جعله خلف ظهره ساقه إلى النار». انظر تحفة الذاكرين للشوكاني 261، و راجع المصنف لعبد الرزاق: 3/ 373، و لابن أبي شيبة 10/ 498. و له شاهد كذلك في سنن الدارمي موقوف على ابن مسعود أنه كان يقول: «يجي ء القرآن يوم القيامة، فيشفع لصاحبه، فيكون له قائدا إلى الجنة، و يشهد عليه، و يكون سائقا به إلى النار» سنن الدارمي، كتاب فضائل القرآن 2/ 433.
3- عبد اللّه بن زيد بن عمرو الجرمي، عالم بالقضاء و الأحكام، من أهل البصرة، ثقة في الحديث مات في الشام سنة 104 ه. صفة الصفوة 3/ 238، و الميزان 2/ 425، و التقريب: 1/ 417، و الأعلام 4/ 88.
4- في ظ: الغنائم، و في د: الغانم.
5- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى أبي قلابة يرفعه، انظر فضائل القرآن باب فضل القرآن ص 46، و أخرجه الدارمي بنحوه، كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 468، و الحديث في كنز العمال معزو إلى محمد بن نصر و ابن الضريس عن أبي قلابة مرسلا. انظر كنز العمال 1/ 542 رقم 2430. و الحديث ضعيف لأن في سنده صالح بن بشير المري، تكلم فيه العلماء و ضعفوه. انظر الميزان 2/ 289، و التقريب 1/ 358.

ص: 224

ذكر فاتحة الكتاب

ذكر (1) فاتحة الكتاب

حدثنا أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري (2)- رحمة اللّه- ثنا أبو الفضل محمد بن ناصر (3) ثنا أبو طاهر (4) محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري (5) ثنا أبو علي الحسين بن ميمون بن محمد بن عبد الغفار، ثنا أبو الحسن محمد بن عبد اللّه بن زكريا بن حيّويه (6) ثنا الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (7). أنبا محمد بن

ص: 225


1- في حاشية د و ظ: فصل.
2- الهمداني الواعظ، أكثر الترحال، قال الذهبي: لم يكن ثقة و لا مأمونا توفي سنة 590 ه. العبر في خبر من غبر 4/ 282، و شذرات الذهب 4/ 301.
3- محمد بن ناصر بن محمد بن علي، أبو الفضل البغدادي الثقة الثبت محدث العراق، سمع أبا طاهر ابن أبي الصقر و غيره (467- 550 ه) العبر 4/ 140، و شذرات الذهب 4/ 155، و الأعلام 7/ 121.
4- في ظ: أبو ظاهر.
5- الأنباري الخطيب، سمع بالحجاز و الشام و مصر، توفي (476 ه). العبر 3/ 285، و شذرات الذهب 3/ 354.
6- النيسابوري ثم المصري قاض من رجال الحديث الثقات، سمع من النسائي و غيره، توفي سنة 366 ه. شذرات الذهب 3/ 57، و الأعلام 6/ 225.
7- أحمد بن شعيب بن علي النسائي أبو عبد الرحمن، صاحب السنن القاضي الحافظ، أصله من خراسان، استوطن مصر ثم خرج منها (215- 303 ه). التقريب 1/ 16، و البداية و النهاية 11/ 131 و الرسالة المستطرفة 9، و الأعلام 1/ 171.

منصور (1) عن سفيان (2) عن الزهري عن محمود بن الربيع (3) عن عبادة بن الصامت (4) عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (5).

و بالإسناد عن النسائي أنبا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد (6) و محمد بن جعفر (7)

ص: 226


1- هناك اثنان يسميان محمد بن منصور، و كلاهما رويا عن سفيان بن عيينة و كلاهما أيضا روى عنهما النسائي و وثقهما. فلم أستطع الجزم بالمراد منهما: أحدهما: محمد بن منصور بن ثابت الخزاعي أبو عبد اللّه المكي. المتوفى سنة (252 ه): و الثاني: محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم الطوسي أبو جعفر المتوفي سنة (256 ه). انظر تهذيب التهذيب 9/ 471- 472، و راجع تحفة الأشراف 4/ 266.
2- حرفت في دالي (سفير).
3- محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الخزرجي أبو محمد المدني، صحابي صغير، و جلّ روايته عن الصحابة، توفي سنة 99 ه رضي اللّه عنه، الاستيعاب 10/ 46، و الإصابة 9/ 136، رقم 7812، و التقريب 2/ 233.
4- عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري، أبو الوليد، شهد بدرا و المشاهد بعدها، و كان أحد النقباء الذين بايعوا النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة العقبة، مات سنة 34 ه و قيل غير ذلك. الاستيعاب 5/ 323، و الإصابة 5/ 322 رقم 4490.
5- اخرجه النسائي- بالسند و المتن الذي ذكره المصنّف- في فضائل القرآن 38، و رواه كذلك في سننه 2/ 137، كتاب الافتتاح باب إيجاب قراءة فاتحة الكتاب، و الحديث في صحيح البخاري، كتاب الأذان باب وجوب القراءة للإمام و المأموم 1/ 183، و في صحيح مسلم 4/ 105، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، و سنن الترمذي أبواب الصلاة باب ما جاء أنّه لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب 2/ 59، و سنن أبي داود، كتاب الصلاة باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب 1/ 514.
6- يحيى بن سعيد القطان التميمي، أبو سعيد، من حفاظ الحديث، ثقة حجة من أقران مالك، من أهل البصرة (120- 198 ه). تاريخ بغداد 14/ 101، و مشاهير علماء الأمصار 161، و الأعلام 8/ 147.
7- محمد بن جعفر المعروف ب «غندر» أحد الأئمة الأثبات المتقنين و لا سيما في شعبة، توفي سنة 193 ه. تاريخ الثقات 402 و الميزان 3/ 502 و سير أعلام النبلاء 9/ 98.

قالا: ثنا شعبة (1) عن (حبيب) (2) بن عبد (3) الرحمن (4) عن حفص بن عاصم (5) عن أبي سعيد بن المعلى (6). قال: مرّ بي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا أصلي فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته، فقال لي: ما منعك ان تأتيني (7)؟ قلت: كنت أصلي، قال: أ لم يقل اللّه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ ... (8)؟ قال: أ لا أعلّمك أعظم سورة في القرآن، قبل أن أخرج من المسجد؟، فذهب ليخرج فذكرته، فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته (9).

ص: 227


1- شعبة بن الحجاج بن الودك العتكي ثم البصري أبو بسطام أمير المؤمنين في الحديث (82- 160 ه). تاريخ بغداد 9/ 255، و التقريب 1/ 351، و الأعلام 3/ 164.
2- هكذا في الأصل: حبيب بالحاء المهملة. و في بقية النسخ (خبيب) بالخاء المعجمة. و هو الصواب.
3- كلمة (عبد) سقطت من د، ظ. و هو سقط قبيح.
4- خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاري أبو الحارث المدني ثقة من الرابعة، توفي سنة 132 ه، التقريب 1/ 222.
5- حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، تابعي ثقة من الثالثة. التقريب 1/ 186، و تاريخ الثقات: 124.
6- اختلف في اسمه على أقوال، قال ابن عبد البر: و أصحها: الحارث بن نفيع بن المعلى الأنصاري، توفي سنة 74 ه. الاستيعاب 11/ 279، و راجع الإصابة 3/ 244، رقم 1821، 11/ 165 رقم 528، و التقريب 2/ 427 و فيه: أبو سعد.
7- قال الحافظ ابن حجر: قال الخطابي: فيه أن حكم لفظ العموم أن يجري على جميع مقتضاه، و أنّ الخاص و العام إذا تقابلا، كان العام منزلا على الخاص، لأن الشارع حرّم الكلام في الصلاة على العموم ثم استثنى منه إجابة دعاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الصلاة. و فيه أنّ إجابة المصلي دعاء النبي لا تفسد الصلاة، هكذا صرح به جماعة من الشافعية و غيرهم. و فيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة مطلقا سواء كان المخاطب مصليا أو غير مصل، أما كونه يخرج بالإجابة من الصلاة فليس من الحديث ما يستلزمه، فيحتمل أن تجب الإجابة، و لو خرج المجيب من الصلاة، و إلى ذلك جنح بعض الشافعية. اه الفتح 8/ 158.
8- الأنفال (24).
9- أخرجه النسائي في كتاب فضائل القرآن 38 بالإسناد و المتن الذي ذكره المصنف، و رواه كذلك بسند آخر في سننه كتاب الافتتاح، باب تأويل قول اللّه عزّ و جلّ وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ 2/ 139، و الآية 87 من سورة الحجر. و الحديث في صحيح البخاري 6/ 103، كتاب فضائل القرآن باب فضل فاتحة الكتاب، و كتاب التفسير 5/ 146، 199، و راجع فتح الباري 8/ 157، و سنن الدارمي 2/ 445، كتاب فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب، و سنن أبي داود، كتاب الصلاة باب فاتحة الكتاب 2/ 150.

و أظن- و اللّه أعلم- أن أبا سعيد بن المعلى ترك قراءة الفاتحة في صلاته، فلذلك دعاه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، لأنّ صلاته باطلة، فأعلمه بمكان الفاتحة و شأنها (1).

و بالإسناد قال: أنبا عمرو بن منصور (2) ثنا الحسن بن الربيع (3)، ثنا أبو الأحوص (4) عن عمار بن رزيق (5) عن عبد اللّه بن عيسى (6) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «بينا (7) جبريل قاعد عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ سمع نقيضا (8) من فوقه، فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء قد فتح اليوم لم يفتح قط، فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلّا اليوم، فسلم، فقال أبشر بنورين اثنين (9) أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة (10)». و حدّثني الغزنوي- رحمه اللّه-

ص: 228


1- لم أقف على من ذكر هذا المعنى، و كأنّ السخاوي- رحمه اللّه- استبعد نداء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأبي سعيد بن المعلى و هو متلبس بعبادة، فكيف يطلب منه إبطالها، فاجتهد باستنتاج هذا المعنى، و لا أرى له وجها، لأنّ حديث أبيّ بن كعب الآتي أيضا قصته شبيهة بقصة سعيد بن المعلى فهل ترك أيضا أبيّ قراءة الفاتحة؟! و اللّه أعلم.
2- عمرو بن منصور النسائي، أبو سعيد ثقة ثبت من شيوخ النسائي أبي عبد الرحمن صاحب السنن. الميزان 3/ 289، و التقريب 2/ 79.
3- الحسن بن الربيع البجلي الكوفي أبو علي سمع أبا الأحوص و غيره ثقة، مات سنة 221 ه التقريب 1/ 166، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 557، و الجرح و التعديل 3/ 13، و التهذيب: 2/ 277.
4- سلام بن سليم الحنفي أبو الأحوص الكوفي الحافظ الثقة، روى عن عمار بن رزيق و غيره، و روى عنه الحسن بن الربيع و غيره، توفي سنة 179 ه تهذيب التهذيب 4/ 282.
5- عمار بن رزيق الكوفي، قال ابن حجر: لا بأس به، توفي سنة 159 ه الميزان 3/ 164، و التهذيب 7/ 400.
6- عبد اللّه بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، يروي عن سعيد بن جبير و غيره، ثقة فيه تشيع، توفي سنة 130 ه. الميزان 2/ 470، و التقريب 1/ 439، و فيه: عبد اللّه بن أبي عيسى بن عبد الرحمن ...
7- في ظ: بينما.
8- قال النووي: «سمع نقيضا» هو بالقاف و الضاد المعجمتين- «أي صوتا كصوت الباب إذا فتح» شرح صحيح مسلم 6/ 91.
9- لفظة (اثنين) ليست في سنن النسائي و لا في صحيح مسلم.
10- أخرجه النسائي في فضائل القرآن ص 41 و في آخره: لن تقرأ بحرف منها إلّا أعطيته و رواه كذلك في سننه 2/ 138 كتاب الافتتاح باب فضل فاتحة الكتاب، و الحديث في صحيح مسلم 6/ 91 مع تمامه الذي تركه السخاوي كتاب المسافرين باب فضل الفاتحة و خواتيم سورة البقرة ...

بالسند المتقدم إلى الترمذي (1) ثنا قتيبة (2) ثنا عبد العزيز بن محمد (3) عن العلاء بن عبد الرحمن (4) عن أبيه (5) عن أبي هريرة (6) «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خرج على أبيّ بن كعب فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا أبيّ- و هو يصلي- فالتفت أبيّ فلم يجبه، و صلى أبيّ فخفف، ثم انصرف إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: السلام عليك يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

و عليك السلام، ما منعك يا أبيّ أن تجيبني إذ دعوتك؟

فقال: يا رسول اللّه إنّي كنت في الصلاة، قال: فلم (7) تجد فيما أوحي إليّ أن اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ (8)؟.

قال: بلى، و لا أعود- إن شاء اللّه- قال: تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان (9) مثلها؟ قال: نعم يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كيف تقرأ في الصلاة (10)؟ فقرأ أم القرآن فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «و الذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان مثلها، و إنّه سبع من المثاني و القرآن العظيم الذي أعطيته».

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح (11).

ص: 229


1- و ذلك عند الحديث عن ترتيب السور المدنية حسب نزولها.
2- قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي، أبو رجاء، من أكابر رجال الحديث ولد في بلخ و سكن العراق (150- 240 ه). الجرح و التعديل 7/ 140، و التقريب 2/ 123، و الأعلام: 5/ 179.
3- عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي المدني أبو محمد، محدّث روى عنه خلق كثير، و هو صدوق، إذا حدّث عن غيره يخطئ، توفي سنة 186 ه أو نحوها. الميزان 2/ 633، و التقريب 1/ 512، و الأعلام 4/ 25، و سنن الترمذي 1/ 19.
4- العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، تابعي مدني ثقة، توفي سنة 132 ه تاريخ الثقات: 343، و مشاهير علماء الأمصار: 80، و التقريب 2/ 92 و الجرح و التعديل 6/ 357، و الميزان 3/ 102.
5- عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني المتقن الثقة. مشاهير علماء الأمصار: 74، و تاريخ الثقات: 301، و التقريب 1/ 503.
6- في د و ظ: عن أبي هريرة رضي اللّه عنه.
7- هكذا في النسخ، و في سنن الترمذي: أ فلم تجد.
8- الأنفال: (24).
9- كلمة (و لا في الفرقان) ساقطة من د و ظ.
10- في بقية النسخ: كيف تقرأ في الصلاة؟ قال: فقرأ .... إلخ.
11- سنن الترمذي 8/ 178 أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب .. و انظر سنن النسائي 2/ 139، و روى شطره الأخير أبو عبيد بسندة إلى أبيّ بن كعب. فضائل القرآن: 152، باب فضل فاتحة الكتاب. يقول المنذري: «و رواه ابن خزيمة، و ابن حبان في صحيحهما و الحاكم باختصار، و قال: صحيح على شرط مسلم. انظر الترغيب و الترهيب 2/ 367، و تحفة الأحوذي 8/ 180.

و في الباب عن أنس بن مالك (1).

و عن الترمذي بالإسناد المتقدم- و كلما أذكره عنه فهو بالسند الذي ذكرته عن الغزنوي- رحمه اللّه- ثنا هناد (2) ثنا أبو معاوية (3) عن الأعمش (4) عن جعفر بن إياس (5) عن أبي نضرة (6) عن أبي سعيد قال: «بعثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في سرية، فنزلنا بقوم، فسألناهم القرى (7) فلم يقرونا، فلدغ سيّدهم، فأتوا فقالوا: هل فيكم من يرقى من العقرب؟

قلت: نعم أنا، و لكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما، فقالوا (8): فإنّا نعطيكم ثلاثين شاة، فقبلنا، فقرأت عليه (الحمد) سبع مرات فبرأ، فقبضنا الغنم، قال (9): فعرض في أنفسنا

ص: 230


1- أخرجه ابن حبان في صحيحه و الحاكم و قال: صحيح على شرط مسلم، تحفة الأحوذي 8/ 180.
2- هناد بن السري بن مصعب أبو السري التميمي الدارمي الحافظ القدوة الزاهد (152- 243 ه). انظر سنن الترمذي 1/ 20، و التقريب 2/ 321، و الرسالة المستطرفة 39، و الأعلام 8/ 96.
3- محمد بن خازم الضرير أبو معاوية الكوفي، أحد الأئمة الأعلام الثقات (113- 195 ه) الكنى للإمام مسلم 2/ 759، و تاريخ بغداد 5/ 242، و الميزان 3/ 533، و التقريب 2/ 157، و الأعلام 6/ 112.
4- سليمان بن مهران الأعمش أبو محمد الكوفي تابعي مشهور، أحد الأئمة الأثبات، كان عالما بالقرآن و الحديث و الفرائض، توفي بالكوفة (61- 148 ه) تاريخ بغداد 9/ 3، و الميزان 2/ 224، و معرفة القراء الكبار 1/ 94، و الأعلام 3/ 135.
5- جعفر بن إياس أبو بشر بن أبي وحشيّة- بفتح الواو و سكون المهملة و كسر المعجمة و تثقيل التحتانية- ثقة ثبت في سعيد بن جبير. توفي سنة 126 ه. الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 138، و التقريب: 1/ 129، و انظر تحفة الأحوذي 6/ 226.
6- المنذر بن مالك بن قطعة- بضم ففتح- أبو نضرة العبدي، بصري ثقة توفي سنة 109 ه. انظر: تاريخ الثقات 439، و التقريب 2/ 275، و سنن الترمذي 6/ 229.
7- قرى الضيف يقريه قري بالكسر و قراء بالفتح و المد: أحسن إليه، و القرى أيضا ما قرى به الضيف. مختار الصحاح 533 (قرا).
8- في بقية النسخ: قالوا.
9- في د و ظ: فقال.

منها شي ء فقلنا: «لا تعجلوا حتى تأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فلمّا (1) قدمنا عليه، و ذكرت له الذي صنعت، قال: و ما علمت أنّها رقية (2)؟ اقبضوا الغنم و اضربوا لي معكم بسهم» قال: هذا حديث حسن صحيح (3).

قال الترمذي: و رخص الشافعي- رحمه اللّه- للمعلم أن يأخذ على تعليم القرآن أجرا (4)، و يرى له أن يشترط (5)، و احتج بهذا الحديث (6).

سورة البقرة
اشارة

عن الترمذي عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تجعلوا بيوتكم (مقابرا) (7)، و إنّ البيت الذي تقرأ فيه البقرة: لا يدخله الشيطان». هذا حديث حسن صحيح (8).

ص: 231


1- في سنن الترمذي: قال: فلما ... إلخ.
2- و في رواية البخاري: و ما يدريك أنها رقية، و أيضا في سنن الترمذي في رواية أخرى.
3- سنن الترمذي 6/ 226، و رواه أيضا الترمذي بسند آخر و لفظ قريب مما هنا 6/ 230 أبواب فضائل القرآن، و الحديث في صحيح البخاري 6/ 103، كتاب فضائل القرآن، باب فاتحة الكتاب، و كتاب الإجارة 3/ 53، باب ما يعطي في الرقية .. و رواه مسلم 14/ 187، كتاب السلام باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن و الأذكار. و راجع فتح الباري 4/ 455.
4- قال النووي: «و هذا مذهب الشافعي و مالك و أحمد و إسحاق و أبي ثور و آخرين من السلف و من بعدهم، و منعها- أي أخذ الأجرة- أبو حنيفة في تعليم القرآن و أجازها في الرقية». شرح النووي على صحيح مسلم 14/ 188، و راجع نيل الأوطار 5/ 288. «و قد أجاز المتأخرون من الحنفية أيضا أخذ الأجرة على تعليم القرآن» تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 6/ 229. و المصلحة أيضا تقتضي جواز ذلك، و بهذا انتشرت- بفضل اللّه- مدارس تحفيظ القرآن الكريم في زماننا هذا في كثير من المدارس و المعاهد و المساجد، و حفظه جمع غفير من أبناء المسلمين و للّه الحمد و المنّة.
5- في بقية النسخ: أن يشترط على ذلك، و احتج ... إلخ.
6- في هامش «ت» كلمات لم أستطع قراءتها، يظهر أنها من الناسخ.
7- هكذا في الأصل: مقابرا. و في بقية النسخ: مقابر. و هو الصواب.
8- سنن الترمذي 8/ 180، أبواب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة و آية الكرسي. و الحديث في صحيح مسلم 6/ 68، كتاب صلاة المسافرين و قصرها، باب استحباب صلاة النافلة في البيت، و رواه النسائي في فضائل القرآن 42. و رواه الحاكم بنحوه في المستدرك، كتاب فضائل القرآن: 1/ 561، و الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن 2/ 447.

و بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لكل شي ء سنام (1)، و إنّ سنام القرآن سورة البقرة (2)».

و بإسناده عن أبي هريرة قال: «بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعثا (3)، فاستقرأ كل رجل منهم- يعني ما معه من القرآن- فأتى على رجل من أحدثهم سنا، فقال: ما معك يا فلان؟ قال: معي كذا و كذا، و سورة البقرة. قال: أ معك سورة البقرة؟ قال: نعم، قال: اذهب فأنت أميرهم، فقال رجل من أشرافهم: و اللّه ما منعني أن أتعلم البقرة إلّا خشية أن لا أقوم بها. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «تعلّموا القرآن و اقرءوه، فإنّ مثل القرآن لمن تعلمه و قام به كمثل جراب (4) محشو مسكا يفوح ريحه في كل مكان، و مثل من تعلمه، فيرقد و هو في جوفه، كمثل من (5) أوكئ على مسك» (6).

ص: 232


1- سنام البعير و الناقة- بفتح السين- أعلى ظهرها، و الجمع: أسنمة، و سنام كل شى ء أعلاه. اللسان 12/ 306 (سنم). «و منه سميت سورة البقرة سنام القرآن لطولها و احتوائها على أحكام كثيرة. و لما فيها من الأمر بالجهاد، و به الرفعة الكبيرة». تحفة الأحوذي: 8/ 181.
2- و تمامه في سنن الترمذي: و فيها آية هي سيدة آي القرآن- آية الكرسي- قال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث حكيم بن جبير، و قد تكلم فيه شعبة و ضعفه» 8/ 182. و راجع كلام العلماء في حكيم هذا و تضعيفهم له، في الميزان للذهبي: 1/ 583. قال ابن كثير: «و قد ضعفه أحمد و يحيى بن معين و غير واحد من الأئمة تفسيره 1/ 307. و الحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه من هذا الوجه بهذا اللفظ كما في تحفة الأحوذي 8/ 182. و أخرجه الحاكم من هذه الطريق بلفظ قريب- و قال: صحيح الإسناد. المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 560، و راجع تحفة الذاكرين للشوكاني 265، و التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي: 145.
3- في سنن الترمذي: «.. بعثا و هم ذو عدد فاستقرأ ...» إلخ.
4- الجراب بكسر الجيم- الوعاء، و العامة تفتحه، و الجمع: أجربة و جرب- بضم الراء الأولى و سكون الثانية-. اللسان 1/ 261 (جرب). «و خص الجراب هنا بالذكر: احتراما لأنه من أوعية المسك، فصدر القارئ كجراب، و القرآن فيه كالمسك، فإنّه إذا قرأ وصلت بركته إلى تاليه و سامعيه، فتصل رائحته إلى كل مكان حوله، أمّا من تعلم القرآن و لم يقرأ فهو كالجراب الذي أوكئ- أي ربط بالوكاء- و هو الخيط الذي تشد به الأوعية فلم تصل بركته لا إلى نفسه و لا إلى غيره» اه. تحفة الأحوذي 8/ 187 باختصار.
5- هكذا في النسخ، و الذي في الترمذي: كمثل جراب أوكئ ... إلخ.
6- قال الترمذي: «هذا حديث حسن، و قد روى هذا الحديث عن سعيد المقبري عن عطاء مولى أبي أحمد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرسلا نحوه» سنن الترمذي 8/ 187. قال الذهبي: عطاء مولى أبي أحمد معدود في التابعين لا يعرف، روى سعيد المقبري عنه عن أبي هريرة حديثا في فضل القرآن الميزان 3/ 77. و قال ابن حجر: مقبول من الثالثة. التقريب 2/ 23، و رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 362. قال السيوطي: و أخرجه النسائي و ابن ماجة و محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، و ابن حبان و الحاكم و صححه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة ...»، الدر المنثور 1/ 52.

و روى أبو عبيد القاسم (1)- رحمه اللّه- عن ابن أبي مريم (2) عن ابن لهيعة (3) عن يزيد بن أبي حبيب (4) عن سنان (5) عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه» (6).

ص: 233


1- ابن سلام بتشديد اللام- الفقيه الأديب المشهور، صاحب التصانيف المتوفي سنة 224 ه، طبقات المفسرين للداودي: 2/ 37.
2- سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي بالولاء، أبو محمد البصري، ثقة ثبت فقيه، روى عنه القاسم بن سلام، و غيره (144- 224 ه). الجرح و التعديل: 4/ 13، و تهذيب التهذيب: 4/ 17.
3- عبد اللّه بن لهيعة- بفتح اللام و كسر الهاء- بن عقبة الحضرمي أبو عبد الرحمن، قاضي مصر و عالمها، صدوق، خلط بعد احتراق كتبه توفي سنة 174 ه. التهذيب 5/ 373، و راجع كلام العلماء حوله في الميزان 2/ 475.
4- يزيد بن أبي حبيب أبو رجاء و اسم أبيه سويد، المصري ثقة فقيه و كان يرسل، مات سنة 128 ه و قد قارب الثمانين. الجرح و التعديل 9/ 267، و الكنى للإمام مسلم 1/ 316، و التقريب 2/ 363، و التقريب 2/ 363، و الأعلام 8/ 183.
5- سنان بن سعد- و يقال- سعد بن سنان و الأول أصح- الكندي المصري، يروي عن أنس بن مالك، و عنه يزيد بن أبي حبيب، قال ابن حجر: صدوق. التقريب 1/ 287، و انظر الميزان 2/ 121، 235.
6- أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام- كما قال المصنف- في كتابه فضائل القرآن 159 فضل سورة البقرة و خواتيمها و آية الكرسي، و نقله السيوطي في الدر 1/ 50 عن أبي عبيد، و كذلك الشوكاني: 1/ 27 و له شاهد في سنن الدارمي فقد ساق بسنده إلى أبي الأحوص قال: قال عبد اللّه: «إنّ الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ في بيت خرج منه» سنن الدارمي 2/ 447، كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة. و سبق قريبا الحديث الذي رواه مسلم و الترمذي و غيرهما «لا تجعلوا بيوتكم مقابر ...» الحديث. راجع أول حديث أورده السخاوي في فضل سورة البقرة ص (231).

و روي عن أبي أمامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة» (1) و زاد غيره «و لا يستطيعها (2) البطلة» (3).

ما جاء في آية الكرسي

في الحديث: «أعظم سورة في القرآن البقرة، و أعظم أيها آية الكرسي» (4) و فيه:

(آية الكرسي خمسون كلمة، في كل كلمة خمسون بركة) (5).

ص: 234


1- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى أبي أمامة. فضائل القرآن: 159. و الحديث في صحيح مسلم 6/ 90 بلفظ أطول مع الزيادة التي ذكرها السخاوي عن غير أبي عبيد، كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل قراءة القرآن و سورة البقرة. و رواه الديلمي بنحوه عن أبي سعيد. انظر كنز العمال 1/ 566 رقم 2552، و انظر المستدرك للحاكم كتاب فضائل القرآن 1/ 564، و الدر المنثور 1/ 47.
2- في بقية النسخ: و لا تستطيعها.
3- قال الإمام مسلم: «قال معاوية- أحد رجال السند- بلغني أن البطلة: السحرة» اه. و البطلة- بفتح الباء و الطاء و اللام- يقال: «أبطل إذا جاء بالباطل، و قيل: هم الشجعان من أهل الباطل». قاله الشوكاني في تحفة الذاكرين 265، و انظر: اللسان 11/ 56 «بطل».
4- ذكر السيوطي نحوه قال: «أخرج وكيع و الحارث بن أبي أسامة و محمد بن نصر و ابن الضريس بسند صحيح عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أفضل القرآن سورة البقرة، و أعظم آية فيه آية الكرسي ...» الدر المنثور 1/ 51. و في كنز العمال 1/ 561، رقم 2523 نحو هذا: و قال: عن الحسن مرسلا. قال ابن حجر: اسناده إلى الحسن صحيح. المطالب العالية 3/ 313.
5- في كنز العمال: رواه ابن عساكر بلفظ: قال علي: أين أنتم عن فضيلة آية الكرسي؟ أما أنّها خمسون ... و ذكره. و رواه ضمن حديث طويل أبو عبد اللّه منصور بن أحمد الهروي في حديثه، و الديلمي عن علي رضي اللّه عنه، و في إسناده مجالد بن سعيد، قال أحمد: ليس بشي ء، و قال غير واحد: ضعيف. اه كنز العمال 2/ 302، و راجع ترجمة مجالد هذا و تضعيف العلماء له في الميزان 3/ 438. قال القرطبي: «و هذه الآية تضمنت التوحيد و الصفات العلا، و هي خمسون كلمة، و في كل كلمة خمسون بركة ...» اه انظر تفسيره 3/ 170، و راجع التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي 150. و لعل القرطبي اعتمد في هذا على الأثر المذكور عن علي رضي اللّه عنه، و الذي لم يصح كما عرفت. و اللّه أعلم.

و روي أنّ جبريل قال للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم: (1) «إنّ عفريتا من الجن يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي» (2).

و عن علي- عليه السلام-: «ما أرى رجلا في الإسلام، أو أدرك عقله الإسلام يبيت أبدا حتى يقرأ هذه الآية اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (3) و لو تعلمون ما هي، إنّما أعطيها نبيّكم من كنز تحت العرش و لم يعطها أحدا (4) قبل نبيّكم، و ما بت ليلة قط حتى أقرأها ثلاث مرات (5)، أقرأها في الركعتين بعد عشاء (6) الآخرة، و في وتري و حين آخذ مضجعي من فراشي» (7).

و حدّثني أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري (8) عن النسائي بالسند المتقدم- و كلما أذكره عن النسائي فهو بهذا الإسناد- قال النسائي: أنبأ أحمد بن محمد بن عبد اللّه (9)

ص: 235


1- في بقية النسخ: و روى أن جبريل قال للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم، قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ عفريتا ..» إلخ. و لا معنى لها.
2- قال السيوطي: «أخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان و الدينوري في المجالسة عن الحسن أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إنّ جبريل أتاني» فقال: إنّ عفريتا من الجن .. و ذكره. الدر المنثور 2/ 14.
3- البقرة (255). و زاد في (ظق) (... لا تأخذه).
4- في بقية النسخ: و لم يعطها أحد. و كلاهما صحيح.
5- عبارة (ثلاث مرات) ساقطة من ظق.
6- في بقية النسخ: بعد العشاء الآخرة.
7- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى أبي أمامة الباهلي عن علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة و خواتيمها، و آية الكرسي 161. قال القرطبي: و ذكر أبو نصر الوائلي عن أبي أمامة الباهلي عن علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- أنه كان يقول: «ما أرى رجلا ... و ذكره» التذكار في أفضل الأذكار: 149. و قال السيوطي: أخرج أبو عبيد و ابن أبي شيبة و الدارمي، و محمد بن نصر و ابن الضريس عن علي قال: «ما أرى رجلا ...» و ذكره. انظر الدر المنثور 2/ 8، و راجع المصنف لابن أبي شيبة فقد أورده بسنده عن عبيد بن عمرو الحازمي عن علي- رضي اللّه عنه- مختصرا كتاب الدعاء باب ما قالوا في الرجل إذا أخذ مضجعه. 10/ 252، يقول السيوطي: و أخرجه الديلمي و شيخ شيوخنا الحافظ شمس الدين ابن الجزري في كتاب أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب مسلسلا، يقول كل راو من رواته: «ما تركت قراءتها كل ليلة منذ بلغني هذا الحديث و قال: صالح الإسناد» اه كنز العمال 2/ 301. رقم 459.
8- في بقية النسخ- رحمه اللّه-.
9- هكذا في النسخ، و في فضائل القرآن للنسائي: .. بن عبيد اللّه و هو أحمد بن محمد بن عبيد اللّه، أبو جعفر النجار، صدوق من الحادية عشرة، مات في حدود الخمسين و مائتين. تهذيب التهذيب 1/ 76، و التقريب 1/ 24.

ثنا شعيب بن حرب (1) ثنا إسماعيل بن مسلم (2) عن أبي المتوكل (3) عن أبي هريرة «أنه كان على تمر الصدقة فوجد أثر كف كأنّه قد أخذ منه، فذكر ذلك للنبي صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: أ تريد أن تأخذه؟ قل: سبحان من سخرك لمحمد صلّى اللّه عليه و سلم، قال أبو هريرة: فقلت، فإذا جنّي قائم بين يدي، فأخذته لأذهب به إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: إنّما أخذته لأهل بيت فقراء من الجن، و لن أعود، قال (4): فعاد، فذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فقال: تريد أن تأخذه؟ فقلت: نعم، فقال: قل، سبحان من سخّرك لمحمد، فقلت، فإذا أنا به، فأردت أن أذهب به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فعاهدني أن لا يعود، فتركته، ثم عاد فذكرت ذلك للنبي صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: تريد أن تأخذه؟ فقلت: نعم، قال: قل سبحان الذي (5) سخّرك لمحمد، فقلت، فإذا أنا به فقلت (6): عاهدتني، و كذبت و عدت، لأذهبن بك إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: خل عني أعلمك كلمات إذا قلتهن لا يقربك ذكر و لا أنثى من الجن (7) قلت: و ما هؤلاء الكلمات؟ قال: آية الكرسي، اقرأها عند كل صباح و مساء قال أبو هريرة: فخليت عنه، فذكرت ذلك للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال لي: «أ و ما علمت أنه كذلك» (8).

ص: 236


1- شعيب بن حرب المدائني، أبو صالح، نزيل مكة ثقة عابد، من التاسعة مات سنة 197 ه. تاريخ الثقات: 221، و الميزان 2/ 276، و التقريب: 1/ 352.
2- إسماعيل بن مسلم العبدي أبو محمد البصري القاضي ثقة من السادسة، الميزان 1/ 250، و التقريب 1/ 74.
3- علي بن داود الناجي البصري أبو المتوكل، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة 108 اه و قيل قبل ذلك. الجرح و التعديل 6/ 184، و الكنى للإمام مسلم 2/ 829، و التقريب: 2/ 36.
4- (قال) ساقط من ظ.
5- في بقية النسخ: سبحان من سخّرك.
6- في بقية النسخ: قال: فقلت.
7- (من الجن): ساقطة من د و ظ.
8- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في كتاب فضائل القرآن: 43، و راجع تفسير ابن كثير 1/ 306، و سيأتي حديث الترمذي بعد هذا مباشرة بألفاظ مختلفة عما هنا عن أبي أيوب الأنصاري، و للحديث طريق أخرى كذلك بألفاظ مختلفة. رواه البخاري 4/ 486، كتاب الوكالة باب 10 بشرح ابن حجر، و له طريق عند النسائي أخرجها من طريق أبي المتوكل الناجي عن أبي هريرة. ثم قال ابن حجر: بعد أن شرح الحديث- «و وقع أيضا لأبيّ بن كعب عند النسائي و أبي أيوب عند الترمذي و أبي سعيد الأنصاري عند الطبراني و زيد بن ثابت عند ابن أبي الدنيا قصص في ذلك ... و هو محمول على التعدد» الفتح 4/ 489.

و حدّثني شيخي أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي- رحمه اللّه- بالسند الذي تقدم ذكره إلى أبي عيسى الترمذي، حدثنا محمد بن بشار (1) ثنا أبو أحمد (2) ثنا سفيان (3)، عن ابن أبي ليلى (4) عن أخيه (5) (عن) (6) عبد الرحمن بن أبي ليلى (7) عن أبي أيوب الأنصاري (8) (أنّه كان (9) له سهوة (10) فيها تمر فكانت تجي ء الغول (11) فتأخذ منه، فشكا ذلك إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم فقال: اذهب فإذا رأيتها، فقل: بسم اللّه، أجيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فأتت فأخذها (12) فحلفت (13) أن لا تعود، فأرسلها، فجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فقال: ما فعل

ص: 237


1- في بقية النسخ: قال: ثنا أبو أحمد ... الخ.
2- أبو أحمد: اسمه محمد بن عبد اللّه بن الزبير بن عمرو الأسدي الزبيري الكوفي، ثقة ثبت إلّا أنه يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة مات سنة 203 ه. التقريب 2/ 176، و الميزان 3/ 595.
3- هو الثوري تقدمت ترجمته.
4- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي القاضي أبو عبد الرحمن، صدوق سيئ الحفظ جدا، من السابعة، مات سنة 148 ه. التقريب 2/ 184، و انظر تحفة الأحوذي 8/ 183.
5- عيسى بن عبد الرحمن، ثقة من السابعة. التقريب 2/ 99.
6- ساقط من الأصل، و هو موجود في سنن الترمذي و مسند الإمام أحمد:
7- عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي ثقة من الثانية، مات سنة 86 ه. التقريب 1/ 496، و الميزان 4/ 596، و انظر تحفة الأحوذي 8/ 183.
8- خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة أبو أيوب الأنصاري، صحابي شهد العقبة و غيرها من المشاهد، عاش إلى أيام بني أمية، و كان يسكن المدينة و رحل إلى الشام، و مات بالقسطنطينية سنة 52 ه- رضي اللّه عنه- صفة الصفوة 1/ 468، و الإصابة 3/ 56، رقم 1439، و الأعلام: 2/ 295.
9- في بقية النسخ: كانت.
10- السهوة: بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع و الخزانة، و قيل هو: كالصفة تكون بين يدي البيت، و قيل: شبيه بالرف أو الطابق يوضع فيه الشي ء، تحفة الأحوذي 8/ 184، و راجع اللسان 14/ 407 (سها).
11- الغول: بضم الغين المعجمة- هو شيطان يأكل الناس، و قيل: هو من يتلون من الجن، و الجمع: أغوال و غيلان، و كل ما اغتال الإنسان فأهلكه من جن أو شيطان أو سبع فهو غول. اللسان 11/ 507 (غول).
12- في د و ظ: قال: فأخذها.
13- في ظ، و سنن الترمذي قال فأخذها فحلفت، و في ظق: مطموسة.

أسيرك؟ قال (1): حلفت أن لا تعود قال: كذبت، و هي معاودة للكذب، قال: فأخذها مرة أخرى فحلفت أن لا تعود فأرسلها، فجاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فقال (2) ما فعل أسيرك؟ قال:

حلفت أن لا تعود، قال: كذبت، و هي معاودة للكذب فأخذها فقال: ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم فقالت: إني ذاكرة لك شيئا: (آية الكرسي) اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان و لا غيره.

فجاء الى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: ما فعل أسيرك؟ قال: فأخبره بما قالت، قال:

«صدقت و هي كذوب». هذا حديث حسن غريب (3).

الآيتان في آخر سورة البقرة

أبو المظفر بإسناده عن النسائي أنبأ عبد اللّه بن محمد بن إسحاق (4) عن جرير (5) عن منصور (6) عن إبراهيم (7) عن عبد الرحمن بن يزيد (8) عن أبي مسعود (9) قال: قال رسول

ص: 238


1- في د و ظ: فقال.
2- في د و ظ: قال.
3- أخرجه الترمذي في سننه 8/ 183 أبواب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة و آية الكرسي. قال الشارح: و ذكره المنذري في ترغيبه، و ذكر تحسين الترمذي و أقره و انظر الترغيب و الترهيب 2/ 373. و الحديث في مسند الإمام أحمد 5/ 423 و انظر الدر المنثور 2/ 11.
4- عبد اللّه بن محمد بن إسحاق الجزري، أبو عبد الرحمن الموصلي ثقة من العاشرة. التقريب 1/ 446.
5- جرير بن عبد الحميد الكوفي نزيل الري و قاضيها، ثقة صحيح الكتاب قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه، مات سنة 188 ه. التقريب 1/ 127، و الميزان 1/ 394.
6- منصور بن المعتمر بن عبد اللّه السلمي الكوفي، ثقة ثبت في الحديث توفي سنة 132 ه. الكنى للإمام مسلم 1/ 650، و تاريخ الثقات: 440، و التقريب 2/ 276.
7- إبراهيم بن يزيد النخعي أبو عمران الكوفي الثقة مفتي الكوفة مات سنة 96 ه، الكنى للإمام مسلم 1/ 595، و تاريخ الثقات: 56، و الميزان 1/ 74.
8- عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي تابعي كوفي، ثقة مات سنة 83 ه الكنى للإمام مسلم 1/ 114، و تاريخ الثقات: 301، و التقريب 1/ 502.
9- عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري البدري أبو مسعود صحابي شهد العقبة و أحدا و ما بعدها و نزل الكوفة، توفي سنة 40 ه، أو بعدها. الإصابة 7/ 24، رقم 5599، و الأعلام 4/ 240.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» (1) (2).

و حدّثني الغزنوي (3) بإسناده عن الترمذي، حدثنا أحمد بن منيع (4) ثنا (5) جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود الأنصاري مثله، و قال: هذا حديث حسن صحيح (6). النسائي (7): و ثنا (8) عمرو بن منصور ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني (9) ثنا أبو عوانة (10) ثنا أبو مالك الأشجعي (11) عن ربعي بن حراش (12) عن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «فضلنا على الناس بثلاث:

ص: 239


1- قال النووي: «كفتاه: قيل معناه من قيام الليل، و قيل من الشيطان و قيل من الآفات، و يحتمل من الجميع» اه شرح صحيح مسلم 6/ 91، و انظر فتح الباري 9/ 59، و تحفة الذاكرين 268، للشوكاني.
2- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده و متنه 44، و أخرجه أيضا بسندين آخرين عن أبي مسعود، فضائل القرآن 35 باب سورة كذا و سورة كذا. و رواه الترمذي و سيأتي بعد هذا مباشرة. و الحديث في صحيح البخاري 6/ 104، كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة، و في صحيح مسلم 6/ 92، كتاب صلاة المسافرين باب فضل الفاتحة و خواتيم سورة البقرة و الحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة.
3- في بقية النسخ: رحمه اللّه.
4- أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي أبو جعفر نزيل بغداد، حافظ ثقة، كان يعد من أقران أحمد بن حنبل في العلم (160- 244 ه) تهذيب التهذيب 1/ 84، و الأعلام 1/ 260.
5- في بقية النسخ: قال: ثنا جرير ... الخ.
6- سنن الترمذي 8/ 189، و راجع تخريجه في الحديث الذي قبله.
7- أي و بالإسناد المتقدم إلى النسائي.
8- الواو ليست في بقية النسخ.
9- آدم بن أبي أياس عبد الرحمن العسقلاني أبو الحسن، أصله من خراسان ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة 221 ه. التقريب 1/ 30، و تاريخ الثقات: 58، و صفة الصفوة 4/ 308.
10- وضّاح- بتشديد المعجمة ثم مهملة- بن عبد اللّه اليشكري البزار، أبو عوانة مشهور بكنيته ثقة ثبت من السابعة، مات سنة 175 ه أو نحوها التقريب 2/ 331، و تاريخ الثقات 464.
11- سعد بن طارق أبو مالك الأشجعي الكوفي الثقة من الرابعة مات في حدود أربعين و مائة. التقريب 1/ 287.
12- ربعي- بكسر الراء- بن حراش- بكسر المهملة و آخره معجمة- بن جحش أبو مريم العبسي الكوفي الثقة العابد من الثانية مات سنة 100 ه، و قيل غير ذلك. التقريب 1/ 243، و صفة الصفوة 3/ 36، تاريخ الثقات 152.

أ) جعلت الأرض كلها لنا مسجدا، و جعلت تربتها لنا طهورا.

ب) و جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة.

ج) و أوتيت هؤلاء الكلمات (1): آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعط منه أحد قبلي و لا يعطى منه أحد بعدي» (2).

سورة آل عمران

الترمذي حدثنا محمد بن إسماعيل (3) ثنا هشام بن إسماعيل أبو عبد الملك العطار (4) قال: حدثنا محمد بن شعيب (5) ثنا (6) إبراهيم بن سليمان (7) عن الوليد بن عبد الرحمن (8)

ص: 240


1- في فضائل القرآن للنسائي هؤلاء الآيات.
2- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن 45، و الحديث في صحيح مسلم 5/ 4، كتاب المساجد و مواضع الصلاة، دون ذكر الخصلة الثالثة و هي موضع الشاهد، و قد نبّه عليها النووي و قال: إنّه ذكرها النسائي من رواية أبي مالك الراوي للحديث قال: و أوتيت هذه الآيات ... الخ، و رواه الإمام أحمد في مسنده 5/ 383.
3- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري أبو عبد اللّه، حبر الإسلام الحافظ لحديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، صاحب الجامع الصحيح المعروف ب «صحيح البخاري» و غيره من المؤلفات، ولد في بخاري و نشأ يتيما، و قام برحلة في طلب الحديث، سمع من نحو ألف شيخ و جمع نحو ستمائة ألف حديث، اختار منها في صحيحه ما وثق منها (194 ه- 256 ه) صفة الصفوة 4/ 168، و تاريخ بغداد 2/ 4 و البداية و النهاية 11/ 27، و التقريب 2/ 144، و الأعلام 6/ 34.
4- هشام بن إسماعيل بن يحيى بن سليمان أبو عبد الملك العطار الدمشقي ثقة فقيه عابد من العاشرة مات سنة 216 ه. التقريب: 2/ 317، و تاريخ الثقات: 456.
5- محمد بن شعيب بن شابور- بالمعجمة و الموحدة- الأموي الدمشقي، صدوق صحيح الكتاب من كبار التاسعة، مات سنة 200 ه. الميزان 3/ 580، و التقريب: 2/ 170.
6- في بقية النسخ: قال: ثنا إبراهيم.
7- إبراهيم بن سليمان الأفطس الدمشقي ثقة ثبت إلّا أنه يرسل، من الثامنة التقريب 1/ 36.
8- الوليد بن عبد الرحمن الجرشي- بضم الجيم و بالشين المعجمة- الحمصي، ثقة من الرابعة. التقريب 2/ 334.

أنّه حدثهم عن جبير بن نفير (1) عن نواس بن سمعان (2) عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: «يأتي القرآن و أهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمهم (3) سورة البقرة و آل عمران (4)، قال نواس:

و ضرب لهما (مثلا) (5) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: تأتيان كأنهما غيايتان (6) و بينهما شرق (7) أو كأنهما غمامتان سوداوان، أو كأنهما ظلتان (8)، من طير صواف (9) تجادلان (10) عن صاحبهما» (11).

ص: 241


1- جبير بن نفير- بنون و فاء مصغرا- بن مالك بن عامر الحضرمي الحمصي ثقة جليل من الثانية، لأبيه صحبة مات سنة 80 ه و قيل نحوها. تاريخ الثقات ص 95، و التقريب 1/ 126.
2- النواس بن سمعان بن خالد العامري الأنصاري له و لأبيه صحبة. الإصابة 10/ 192، و مشاهير علماء الأمصار 53، و التقريب: 2/ 308.
3- هكذا في النسخ، و في سنن الترمذي و صحيح مسلم و مسند أحمد: تقدمه، و على كلا اللفظين يكون الضمير عائدا إلى القرآن أو إلى أهله.
4- قال الترمذي: «و معنى هذا الحديث عند أهل العلم و ما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجي ء ثواب قراءة القرآن ..» اه 8/ 192. و قال أبو عبيد: «يعني ثوابهما. قال أبو الحسن- لعلّه الأشعري- تكلّم أبو عبيد بهذا و السيف يومئذ يقطر» اه. فضائل القرآن 166. و قال النووي: «قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين» 6/ 90. و قال شارح سنن الترمذي: «و قيل: يصور الكل بحيث يراه الناس كما تصور الاعمال للوزن في الميزان، و مثل ذلك يجب اعتقاده إيمانا فإن العقل يعجز عن أمثاله» اه. قلت: و هذا الذي ذكره شارح سنن الترمذي هو الذي تميل إليه النفس و ترتاح حتى لا نخوض في التأويل و نخرج النصوص عن ظاهرها و اللّه أعلم. و هذا ما تشعر به عبارة أبي الحسن الأشعري التي قال فيها: إنّ أبا عبيد تأول ذلك و السيف يومئذ يقطر.
5- هكذا في الأصل: و ضرب لهما مثلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ثلاث أمثال ... الخ.
6- قال النووي: «قال أهل اللغة: الغمامة و الغياية: كل شي ء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة و غبرة و غيرهما» اه 6/ 90 و انظر اللسان 15/ 144 «غيا».
7- شرق:- بفتح الشين المعجمة و سكون الراء بعدها قاف- أي ضياء و نور. شرح النووي و تحفة الأحوذي، و راجع اللسان 10/ 174، و في بقية النسخ: شرف.
8- في سنن الترمذي: أو كأنهما ظلة. قال الشارح: و الظلة: كل ما أظلك من شجر و غيره اه.
9- جمع صافة، أي باسطات أجنحتها في الطيران. المصدر نفسه.
10- في د و ظ: يجادلان.
11- أي تحاجان، و المحاجة: المخاصمة، و إظهار الحجة .... و ظاهر الحديث أنهما يتجسمان حتى يكونا كأحد هذه الثلاثة التي شبهها بها صلّى اللّه عليه و سلم، ثم يقدرهما سبحانه و تعالى على النطق بالحجة، و ذلك غير مستبعد من قدرة القادر القوي الذي يقول للشي ء «كن فيكون». تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8/ 192.

و في الباب عن بريدة (1)، و أبي أمامة (2)، هذا حديث حسن غريب (3).

أبو عبيد (4): ثنا حجاج (5) عن حماد بن سلمة (6) عن عبد الملك بن عمير (7)، قال: قال حماد: أحسب له عن أبي منيب (8) عن عمه: (أن رجلا قرأ البقرة و آل عمران فلما قضى صلاته قال له كعب: قرأت البقرة و آل عمران؟ قال: نعم، قال: فو الذي نفسي بيده أن فيهما اسم اللّه الذي إذا (9) دعي به استجاب، قال: فأخبرني به، قال: لا و اللّه لا أخبرك به (10)،

ص: 242


1- عند الإمام أحمد في مسنده بلفظ أطول 5/ 352، 361، و سنن الدارمي 2/ 450. و بريدة هو: ابن الحصيب- بمهملتين مصغرا- بن عبد اللّه أبو سهل الأسلمي صحابي، أسلم قبل بدر، مات سنة 63 ه. رضي اللّه عنه. الإصابة 1/ 241 رقم 629.
2- حديث أبي أمامة تقدم أنّ ذكر السخاوي شطرا منه، و هو في صحيح مسلم: عن أبي أمامة الباهلي قال: «اقرءوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين: البقرة و سورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة ...» الحديث 6/ 90 بشرح النووي.
3- سنن الترمذي 8/ 192 أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في آل عمران، و أخرجه مسلم 6/ 90 كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل قراءة القرآن و سورة البقرة.
4- أي قال أبو عبيد.
5- حجاج بن محمد الأعور أبو محمد، ترمذي الأصل سكن بغداد، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام كان ثقة صدوقا توفى سنة 206 ه تهذيب الكمال 1/ 234، و تهذيبه 2/ 205، و الميزان 1/ 464.
6- حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة، روى عن عبد الملك بن عمير و غيره ثقة عابد، توفى سنة 167 ه، التهذيب 3/ 11، و التقريب 1/ 197.
7- عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي الكوفي، ثقة فقيه تغير حفظه و ربما دلس، من الثالثة، روى عن حماد بن سلمة و غيره، مات سنة 136 ه عن 103 سنوات. التهذيب 6/ 411، و التقريب 1/ 521، و الميزان 2/ 660.
8- شك حماد بن سلمة هل روى عبد الملك بن عمير عن أبي منيب أو عن غيره، و بناء على ذلك فقد بذلت قصارى جهدي في التعرف على أبي منيب هذا فلم أستطع الجزم في تحديده، و قد سألت أهل الاختصاص عن ذلك فلم أجد الإجابة المقنعة، لأن هناك كثيرا ممن يكنى بأبي منيب، كما ذكر ذلك البخاري في كتابه التاريخ الكبير، و ابن عبد البر في كتابه الاستغناء في معرفة الأسماء و الكنى و غيرهما، و اللّه أعلم.
9- (إذا) ساقط من د و ظ. و في ظ: دعا به.
10- جاء في الحديث عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول في هاتين الآيتين اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ البقرة: (255) و الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ آل عمران: (1، 2): ان فيهما اسم اللّه الأعظم. نسبه ابن كثير إلى مسند الإمام أحمد و سنن أبي داود و الترمذي، و ابن ماجة. قال: قال الترمذي: حسن صحيح. انظر تفسير ابن كثير 1/ 307، و سنن الترمذي 9/ 445، 448، باب ما جاء في جامع الدعوات، و راجع كلام شارح سنن الترمذي في تحديد الاسم الأعظم.

و لو أخبرتك لأوشك (1) أن تدعوا بدعوة (2) أهلك فيها أنا و أنت) (3).

و روى أبو عبيد عن ابن مسعود- رحمه اللّه- (من قرأ آل عمران فهو غني) (4).

و روى أيضا عن الشعبي عن عبد اللّه قال: «نعم كنز الصعلوك (5) سورة آل عمران يقوم به الرجل من آخر الليل (6)».

سورة النساء

روى أبو عبيد (7) عن عمر رضي اللّه عنه قال: «من قرأ البقرة (8) و آل عمران و النساء في ليلة: كتب من القانتين (9)».

ص: 243


1- في فضائل القرآن لأبي عبيد: لأوشكت.
2- هكذا في الأصل (تدعوا) و هو خطأ.
3- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله 166 باب فضل البقرة و آل عمران و النساء، و نقله عن أبي عبيد ابن كثير في تفسيره 1/ 34. قال السيوطي: أخرج أبو عبيد و ابن الضريس عن أبي منيب عن عمه أن رجلا ... و ذكره. الدر المنثور 1/ 48. ثم قال السيوطي: و أخرجه ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن عمير، دون ذكر أبي منيب و عمه. الدر 2/ 140، و لهذا الأثر شاهد في سنن الدارمي فقد ساق بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود قال: «قرأ رجل البقرة و آل عمران، فقال: قرأت سورتين فيهما اسم اللّه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب و إذا سأل به أعطى» 2/ 451.
4- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى ابن مسعود بلفظ «من قرأ سورة آل عمران ..» ص 168. و رواه الدارمي بسنده إلى ابن مسعود، و زاد فيه: و النساء محبرة، قال أبو محمد- يعني نفسه- «محبرة: ميزنة» اه و محبرة- بفتح الباء مخففة- أي مظنة للحبور و السرور. اللسان 4/ 158 (حبر). سنن الدارمي 2/ 452 كتاب فضائل القرآن باب فضل آل عمران. و راجع الدر المنثور 2/ 140، و مسند عبد الرزاق 3/ 375.
5- الصعلوك: الفقير الذي لا مال له، و قد تصعلك الرجل، إذا كان كذلك. اللسان 10/ 455 «صعلك».
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله 169 بسنده إلى الشعبي عن عبد اللّه- هو ابن مسعود- باب فضل البقرة و آل عمران و النساء، و عبد الرزاق في المصنف 3/ 375. و رواه الدارمي في سننه 2/ 452، بسنده إلى ابن مسعود كذلك. و راجع الدر 2/ 140.
7- أي و روى أبو عبيد بسنده عن عمر رضي اللّه عنه.
8- كلمة (البقرة) ساقطة من د و ظ.
9- أخرجه أبو عبيد في فضائله 168 بسنده إلى عمر بلفظ «من قرأ البقرة و آل عمران و النساء في ليله كان أو في نهاره، كتب من القانتين»، و نقله عنه ابن كثير في تفسيره 1/ 34 دون ذكر النساء، و قال: فيه قال رسول انقطاع و لكن ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قرأ بهما في ركعة واحدة اه. و زاد السيوطي نسبته إلى سعيد بن منصور و عبد بن حميد و البيهقي في شعب الإيمان. الدر 1/ 49.

و روى أيضا عن حارثة بن (مصرّف) (1) قال: «كتب إلينا عمر رضي اللّه عنه أن تعلموا سورة النساء و النور و الأحزاب (2).

سورة المائدة

(3) روى أبو عبيد (4) عن محمد بن كعب القرظي قال: «نزلت سورة المائدة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في حجة الوداع فيما بين مكة و المدينة، و هو على (ناقة القصوى) (5) فانصدع كتفها، فنزل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم (6)».

و روى أيضا عن ضمرة بن حبيب (7) و عطية بن قيس (8) قالا (9):

ص: 244


1- هكذا في النسخ: حارثة بن مصرف، و الصحيح حارثة بن مضرّب، و هو حارثة بن مضرّب- بتشديد الراء المكسورة قبلها معجمة- العبدي الكوفي ثقة تابعي من الثانية. الميزان 3/ 446، و تاريخ الثقات 103، و التقريب 1/ 145.
2- أخرجه أبو عبيد في فضائله 169، و نقله عنه السيوطي في الدر المنثور 6/ 124، و في الإتقان 4/ 108، و ذكره الألوسي، دون عزو. انظر تفسيره 18/ 74.
3- الذي يمعن النظر في الآثار التي أوردها السخاوي في فضل سورة المائدة يجد أنها ليس فيها ما يدل على ذلك، و اللّه أعلم.
4- أي و روى أبو عبيد.
5- هكذا في الأصل على ناقة القصوى. و في بقية النسخ: و هو على ناقته فانصدع ... الخ و هو الصواب.
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل المائدة و الأنعام 170، و نقله السيوطي في الدر 3/ 3، و الشوكاني في تفسيره 2/ 3، و له شاهد ذكره الطبري في تفسيره 16/ 83، 84 عن شهر بن حوشب و أسماء بنت يزيد و الربيع بن أنس، و له كذلك شاهد ذكره ابن كثير في تفسيره 2/ 2 و السيوطي في الدر 3/ 3، دون ذكر للزمان و المكان.
7- ضمرة- بسكون الميم- بن حبيب بن صهيب الحمصي، أبو عتبة، ثقة من الرابعة، مات سنة 130 ه. تاريخ الثقات 232، و مشاهير علماء الأمصار 116، و التقريب 1/ 374.
8- عطية بن قيس الكلابيّ الشامي، أبو يحيى ثقة مقرئ من الثالثة، مات سنة 121 ه و قد جاوز المائة. مشاهير علماء الأمصار 115، و الميزان 2/ 330، و التقريب 2/ 25.
9- هكذا في النسخ و في الدر المنثور عن أبي عبيد قالا بضمير التثنية، أما في فضائل القرآن لأبي عبيد فقد جاءت العبارة هكذا .. عن ضمرة بن حبيب عن عطية بن قيس قال ..- «بضمير الافراد»-.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «المائدة من آخر القرآن نزولا (1)، فأحلوا حلالها و حرّموا حرامها» (2).

و عن أبي ميسرة: «في المائدة إحدى عشرة فريضة» (3).

و عنه أيضا: «ثماني عشرة فريضة، و ليس فيها منسوخ» (4).

سورة الأنعام

روي أبو عبيد (5) عن عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- قال: «الأنعام من نواجب (6) القرآن (7)».

ص: 245


1- في بقية النسخ: تنزيلا.
2- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- 170 باب فضل المائدة و الأنعام و نقله عنه السيوطي في الدر المنثور: 3/ 2. و له شاهد أخرجه أبو عبيد أيضا بسنده إلى جبير بن نفير- بنون و فاء مصغرا- قال: حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: يا جبير هل تقرأ المائدة؟ قلت: نعم، قالت: «أمّا أنّها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه، و ما وجدتم فيها من حرام فحرّموه» فضائل القرآن 171. و قال السيوطي: أخرج أحمد، و أبو عبيد في فضائله و النحاس في ناسخه و النسائي و ابن المنذر، و الحاكم، و صحّحه، و ابن مردويه و البيهقي في سننه عن جبير بن نفير قال: حججت ... و ذكره. الدر المنثور: 3/ 3.
3- أخرجه أبو عبيد في فضائله عن أبي ميسرة: 171.
4- أخرجه- أيضا- أبو عبيد بسنده عن أبي ميسرة: 171. و نسبه السيوطي إلى الفريابي، و أبي عبيد، و عبد بن حميد، و ابن المنذر و أبي الشيخ كلهم عن أبي ميسرة. الدر المنثور 3/ 4. ثم قال السيوطي: و أخرج أبو داود و النحاس كلاهما في الناسخ عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: «لم ينسخ من المائدة شي ء» اه. و ذكره البغوي و عزاه كذلك إلى أبي ميسرة 2/ 2 قال: «روى عن أبي ميسرة قال: أنزل اللّه تعالى في هذه السورة ثمانية عشر حكما لم ينزلها في غيرها» اه. و راجع تفسير القرطبي 6/ 30. و أما كونها ليس فيها منسوخ: فهو قول جماعة من العلماء و سيأتي الكلام عليه- إن شاء اللّه- في موضعه من هذا الكتاب.
5- أي و روى أبو عبيد.
6- نجب ينجب نجابة: إذا كان فاضلا نفيسا في نوعه. اللسان 1/ 748 (نجب).
7- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- بسنده عن عمر بن الخطاب باب فضل المائدة و الأنعام 172. و نسبه السيوطي إلى أبي عبيد في فضائله و الدارمي في سننه و محمد بن نصر في كتاب الصلاة و أبي الشيخ كلهم عن عمر بن الخطاب. و كذلك عن محمد بن نصر عن ابن مسعود. الدر المنثور 3/ 245، و فيه بدل: نواجب «مواجب» و لعلّه تحريف، لأنّه مخالف لما في النسخ و فضائل القرآن لأبي عبيد و سنن الدارمي. انظر سنن الدارمي 2/ 453، كتاب فضائل القرآن باب فضل الأنعام و السور. و راجع فتح القدير للشوكاني 2/ 97.

قال أبو عبيد: ثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان (1) عن يوسف بن مهران (2) عن ابن عباس- رحمة اللّه عليه- قال: «نزلت سورة الأنعام بمكّة ليلا جملة، و نزل معها سبعون ألف ملك يجأرون (3) حولها (4) (5)».

فضل (سورة الأعراف)

هي من السبع الطول باتفاق، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، و أعطيت المئين مكان الإنجيل، و أعطيت المثاني مكان الزبور، و فضلت بالمفصل» (6).

و روى عن ابن عباس أنه قال: «السبع المثاني: البقرة و آل عمران، و النساء و المائدة و الأنعام و الأعراف و يونس». و كذلك قال سعيد بن جبير و مجاهد (7). و عن عائشة- رضي

ص: 246


1- علي بن زيد بن عبد اللّه بن زهير بن عبد اللّه بن جدعان- بضم الجيم- البصري، من الرابعة، قال ابن حجر: ضعيف، مات سنة 131 ه، أو قبلها. التقريب 2/ 37، و راجع ترجمته بتوسع في الميزان 3/ 127.
2- يوسف بن مهران البصري، لم يرو عنه غير ابن جدعان- المترجم قبل هذا- و يوسف هذا: لين الحديث من الرابعة. التقريب 2/ 382، و الميزان 4/ 474.
3- جأر يجأر جأرا و جؤارا: رفع صوته بالدعاء و التضرع و الاستغاثة. اللسان 4/ 112، و القاموس 1/ 398، و معنى ذلك أنّ الملائكة يسبحون اللّه تعالى أثناء نزول هذه السورة الكريمة بأصوات مرتفعة.
4- أخرجه أبو عبيد بسنده الى ابن عباس ص 172 و ذكره السيوطي بنحوه و عزاه إلى أبي عبيد و ابن الضريس في فضائلهما و ابن المنذر و الطبراني و ابن مردويه كلهم عن ابن عباس. الدر المنثور 3/ 243، و راجع فتح القدير 2/ 96.
5- في بقية النسخ: يجأرون حولها بالتسبيح.
6- تقدم تخريجه عند الكلام عن أقسام القرآن بحسب سوره ص 186.
7- هذا أحد الرأيين اللذين قيلا في تحديد السورة السابعة هل هي الأنفال مع التوبة أو سورة يونس. و قد تقدم الحديث عن هذا عند الكلام عن أقسام القرآن بحسب سورة و ذكرت هناك أنّ أبا عبيد ساق آثارا عن ابن عباس، و مجاهد، و سعيد بن جبير تفيد أن السورة السابعة هي يونس، فلينظر هناك. و راجع تفسير ابن كثير 1/ 35، و فضائل القرآن لأبي عبيد ص 158، و فتح القدير للشوكاني 1/ 28. و كان من المناسب الاكتفاء بذكر هذه الآثار في فصل تقسيم القرآن بحسب سوره، لأنه ليس فيها ما يدل على الفضيلة، إلّا إن نظرنا إلى أنّه يقصد أنّ هذه السور الموصوفة بالسبع الطول تعادل التوراة المنزلة على موسى- عليه السلام-. و اللّه تعالى أعلم.

اللّه عنها-: «من أخذ السبع فهو حبر» (1) (2).

و قال يحيى بن الحارث الذماري (3): «و إن يونس تسمّى السابعة (4)، و ليس بعد الأنفال و لا براءة من السبع الطّول» (5).

و سأل سعيد بن جبير ابن عباس- رحمه (اللّه) (6) عن سورة الأنفال قال (7): (نزلت في بدر) (8).

ص: 247


1- الحبر- بفتح المهملة و قد تكسر-: معناه العالم بتحبير الكلام و العلم و تحسينه. اللسان 4/ 157 (حبر) و غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 60، و ليس المقصود أنّ مجرد الأخذ و الحفظ يصيره حبرا، فإنّ كثيرا من الناس يحفظها و لا يفهمها و لا يعمل بها، و إنّما المقصود حفظها و فهمها و تطبيقها، و اللّه أعلم.
2- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم، باب فضل السبع الطّول ص 157، و رواه الحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي 1/ 564. و ذكره ابن كثير و الشوكاني نقلا عن أبي عبيد، قال ابن كثير: «هذا حديث غريب» اه. و عزواه أيضا إلى الإمام أحمد بن حنبل عن عائشة مرفوعا. انظر تفسير ابن كثير 1/ 35، و الشوكاني 1/ 28، خلافا للسخاوي فقد أوقفه على عائشة رضي اللّه عنها.
3- يحيى بن الحارث الذماري- بكسر المعجمة و تخفيف الميم و قد تفتح الذال- أبو عمرو الشامي القارئ، الإمام الثقة، مات سنة 145 ه و ذمار: من قرى اليمن. معرفة القراء الكبار 1/ 105، و التقريب 2/ 344، و راجع اللسان 4/ 313، «ذمر» و القاموس 2/ 37.
4- أي سابعة السبع الطّول.
5- ذكره أبو عبيد في فضائله عن يحيى الذماري 158، باب فضل السبع الطّول. و راجع تفسير ابن كثير 1/ 35، و الشوكاني 1/ 28.
6- سقطت من الأصل.
7- في بقية النسخ: فقال.
8- الأثر في صحيح البخاري 8/ 306، كتاب التفسير باب قوله «يسألونك عن الأنفال». و زاد السيوطي نسبته إلى سعيد بن منصور و ابن المنذر و أبي الشيخ و ابن مردويه كلهم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. الدر المنثور 4/ 3. و ليس فيه ما يدل على فضيلة سورة الأنفال في نظري. و اللّه تعالى أعلم.
براءة و النور

براءة و النور(1) أبو عبيد (2) بسنده عن أبي عطية (3): (كتب (4) إلينا عمر بن الخطاب رضوان اللّه عليه و رحمته- تعلموا سورة التوبة، و علّموا نساءكم سورة النور) (5).

ص: 248


1- لعل سائلا يسأل فيقول: ما الحكمة من قرن سورة «براءة» مع «النور» و بينهما سور كثيرة وردت أحاديث و آثار في فضلها؟ فأقول: أما بالنسبة للعنوان فواضح من الأثر المتضمن للسورتين، و أما بالنسبة للأثر الذي رواه أبو عبيد عن أبي عطية، و الذي فيه الأمر بتعلم سورة «التوبة» و تعليم النساء سورة «النور» فلعل من أهم ذلك ما يلي: أ) أن سورة «التوبة» عرضت للحديث عن العهود و المواثيق التي كانت بين أهل الكتاب و المشركين من جهة، و بين المسلمين من جهة أخرى، و من المعلوم أن الذي يقوم بابرام ذلك و يتولاه هم الرجال .. ب) ثم إنّ سورة «براءة» تحدثت عن قتال المشركين الذين نقضوا العهد و أول من يقوم بذلك- لا شك- هم الرجال. ج) و أيضا فإنّ سورة «براءة» كشفت عن أسرار المنافقين و فضحتهم و لم تترك أحدا منهم إلّا نالت منه، و أظهرت للمسلمين خطرهم و مكرهم و كيدهم حتى يأخذوا حذرهم منهم، و حتى لا يقع ضعاف النفوس فيما وقع فيه أولئك فيفضحهم اللّه أمام الناس. و أمّا بالنسبة للأمر بتعليم نسائنا سورة النور فيمكن ذكر أهم الحكم فيما يلي: أ) تناولت السورة الحديث عن الأسرة التي تعد النواة الأولى لبناء المجتمع، و عملت سياجا محاطا بها للمحافظة على شرفها و صيانة عرضها. ب) تعرضت للحديث عن الزنى و بدأت بذكر الزانية قبل الزاني، بخلاف السرقة التي ذكرت في سورة (المائدة) فقد بدئ فيها بذكر السارق لأن الرجل فيه جرأة و قدرة على السرقة أكثر من المرأة، بخلاف الزنى فإن المرأة- عادة- إن لم تطاوع الرجل فلن يحصل الزنى إلّا بالقهر و التهديد. ج) و تحدثت السورة عن كثير من الآداب السامية و الأخلاق الرفيعة و منها حرمة اختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات، و بينت محارم المرأة التي لا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها لغيرهم، و تعرضت للقواعد منهن اللاتي لا يرجون نكاحا. إلى آخر تلك المعاني التي تحملها السورتان في طياتهما و التي يمكن للقارئ استخلاص الكثير منها، و لا يتسع المقام لذكر أكثر من هذا. و اللّه أعلم.
2- أي و روى أبو عبيد، و هكذا كلما يأتي نحو هذا اللفظ كقوله: الترمذي ... و كقوله: النسائي ... إلخ.
3- مالك بن عامر أبو عطية الوادعي الهمداني تابعي ثقة من الثانية، مات في حدود السبعين. قال: جاءنا كتاب عمر.، هكذا قال ابن حجر انظر التهذيب 12/ 169، و التقريب 2/ 451، و تهذيب الكمال 1/ 298 و تاريخ الثقات 418، و الاصابة 11/ 278 رقم 847.
4- في بقية النسخ: قال: كتب ... إلخ.
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- بسنده إلى أبي عطية ص 173 باب فضل سورة براءة. قال السيوطي: «أخرج أبو عبيد و سعيد بن منصور و أبو الشيخ و البيهقي في الشعب عن أبي عطية الهمداني ... و ذكره. الدر: 4/ 120 و راجع كنز العمال 2/ 314 رقم 4096.
سورة هود

أبو عبيد بإسناده عن ابن شهاب قال: (قالوا: يا رسول اللّه، إنّا نرى في رأسك شيبا؟ فقال: كيف لا أشيب و أنا أقرأ سورة هود، و إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1))؟! و روي (سعيد) (2) بن أبي وقاص (3) عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «شيّبتني (4) سورة هود و الواقعة و المرسلات و عَمَّ يَتَساءَلُونَ و إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (5). و فيها من الفصاحة و البلاغة ما حير أولى الألباب و رؤساء البيان (6)».

ص: 249


1- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- بسنده إلى ابن شهاب- هو الزهري- باب فضائل سورة هود و .. ص 175. و له شاهد عند الترمذي 9/ 184 أبواب تفسير القرآن (سورة الواقعة) فقد ساق بسنده إلى ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول اللّه، قد شبت، قال: (شيبتني هود و الواقعة و المرسلات) و عَمَّ يَتَساءَلُونَ و إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب اه و في الباب شواهد كثيرة ذكرها السيوطي في الدر المنثور 4/ 396، و انظر تفسير ابن كثير 2/ 435، و الشوكاني 2/ 479، و كشف الخفاء 2/ 15. و له شاهد عند الحاكم بنحو ما رواه الترمذي، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه و وافقه الذهبي، المستدرك، كتاب التفسير 2/ 343.
2- هكذا في الأصل و د و ظ: سعيد بن أبي وقاص. و في ظق: سعد بن أبي وقاص و هو الصواب.
3- سعد بن أبي وقاص مالك أبو إسحاق الصحابي الأمير الفاتح، أول من رمى بسهم في سبيل اللّه، و أحد العشرة المبشرين بالجنة، شهد بدرا و ما بعدها، مات رضي اللّه عنه قرب المدينة سنة 55 ه أو نحوها. صفة الصفوة 1/ 356، و الإصابة 4/ 160، رقم 3187، و الأعلام 3/ 87.
4- في د و ظ: شيبني.
5- قال السيوطي: أخرج أبو الشيخ و ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه، لقد شبت؟ قال: (شيبتني هود .. و ذكره). الدر المنثور 4/ 197، و راجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة.
6- قال القرطبي: «لو فتش كلام العرب و العجم، ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها و بلاغة رصفها و اشتمال المعاني فيها» اه تفسيره 9/ 40. و قد أطال النفس الإمام الألوسي في الكلام حول بلاغة هذه الآية الكريمة فانظره في تفسيره 12/ 63.

قال ابن دريد (1): مرّ أعرابي برجل يقرأ (2) يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (3) فطأطأ رأسه، و قال: هذا كلام القادرين (4) اه.

سورة يوسف

روي أن أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلم قالوا: «يا رسول اللّه، لو قصصت علينا فأنزل اللّه عزّ و جلّ هذه السورة» (5).

و قال: «أحسن القصص» (6) لأنها على أعجب طريقة و أغرب هيئة، و قد جاءت هذه القصة في الكتب فلم تكن على نحو ما جاءت هذه السورة في الجزالة و الإيجاز و الحلاوة و حسن السياق.

ص: 250


1- محمد بن الحسن بن دريد الأزدي أبو بكر، من أئمة اللغة و الأدب، ولد بالبصرة و انتقل إلى عمان ثم رجع إلى البصرة، و رحل إلى فارس ثم عاد إلى بغداد، و له مؤلفات كثيرة (223- 321 ه). تاريخ بغداد 2/ 195، و البداية 11/ 188 و فيه: أحمد بن الحسن .. و هدية العارفين 2/ 32، و الأعلام: 6/ 80.
2- في بقية النسخ: (و قيل يا أرض ...).
3- هود (44).
4- قال أبو حيان: «روي أن إعرابيا سمع هذه الآية فقال: هذا كلام القادرين ..» اه البحر المحيط: 5/ 228.
5- أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: قالوا: يا رسول اللّه، لو قصصت علينا؟ قال: فنزلت نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ... الآية (3) يوسف. ثم ذكر مثله أو قريبا منه عن عمرو بن قيس و عون بن عبد اللّه و سعد بن أبي وقاص. انظر تفسيره 12/ 150. و راجع تفسير ابن كثير 2/ 467، و زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 4/ 176، و أسباب النزول للواحدي 155. و قد ذكر السيوطي رواية ابن جرير عن ابن عباس التي تقدم ذكرها، ثم قال و أخرج إسحاق بن راهويه و البزار و أبو يعلى و ابن المنذر و ابن جرير و ابن أبي حاتم، و ابن حبان و أبو الشيخ و الحاكم و صححه، و ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص- رضي اللّه عنه- قال: أنزل على النبي صلّى اللّه عليه و سلم القرآن فتلا عليهم زمانا، فقالوا: يا رسول اللّه، لو قصصت علينا فأنزل اللّه الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ هذه السورة، ثم تلا عليهم زمانا، فأنزل اللّه أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ الحديد 16. أه الدر المنثور 4/ 496. قال ابن حجر في حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه: «هذا: حديث حسن» اه. المطالب العالية 3/ 343، و انظر المستدرك للحاكم 2/ 345.
6- أي قوله تعالى نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ يوسف (3).

و كيف يشبه كلام رب العالمين كلام غيره (1)؟!

سورة بني اسرائيل
الكهف و الزمر

و روى الترمذي بإسناده عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «كان النبي صلّى اللّه عليه و سلم لا ينام حتى يقرأ بني (2) اسرائيل و الزمر» (3).

و قال النسائي: أخبرنا (4) عمرو بن علي (5) أنبا محمد بن جعفر ثنا سعيد (6) عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد (7) عن معدان (8) عن (9) أبي الدرداء عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «من قرأ عشر آيات من الكهف: عصم من فتنة الدجّال» (10).

ص: 251


1- في د و ظ: كلام غيره فيه.
2- في د و ظ: سورة بني إسرائيل ... إلخ.
3- رواه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- بإسناده إلى عائشة رضي اللّه عنها مرفوعا و قال: «هذا حديث حسن غريب» اه كتاب فضائل القرآن قال الشارح لسنن الترمذي: «رواه أحمد و النسائي و الحاكم» اه 8/ 238 باب 21، و انظر الدر المنثور 5/ 181. و رواه أيضا الترمذي بنفس السند و المتن في أبواب التفسير 9/ 351، و رواه ابن السنى في عمل اليوم و الليلة 252 باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم و الليلة.
4- في د و ظ: أنبأ.
5- عمرو بن علي بن بحر أبو حفص الفلاس الصيرفي الباهلي البصري الثقة الحافظ، من العاشرة، مات سنة 249 ه. التقريب 2/ 75، و الجرح و التعديل 6/ 249، و الكنى للإمام مسلم 1/ 211.
6- هكذا، و في فضائل القرآن للنسائي: (شعبة). و كلاهما قد رويا عن قتادة، أعني سعيدا و شعبة، كما في الجرح و التعديل 7/ 133، و قد تقدمت ترجمة شعبة، و أما سعيد المذكور فهو: سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري، ثقة حافظ، له تصانيف، لكنه كثير التدليس، و اختلط، و كان من أثبت الناس في قتادة. من السادسة مات سنة 156 ه أو نحوها، التقريب 1/ 302، و الميزان: 2/ 151.
7- سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي ثقة و كان يرسل كثيرا من الثالثة مات سنة 97 ه، و قيل غير ذلك. التقريب 1/ 279.
8- معدان بن أبي طلحة، و يقال: بن طلحة، شامي ثقة، من الثانية، التقريب 2/ 263.
9- في ظ: بن أبي الدرداء. خطأ.
10- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن (46):و الحديث في صحيح مسلم 6/ 92 كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل سورة الكهف و آية الكرسي، و فيه: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ... إلخ و في رواية من آخر الكهف. و رواه الترمذي في سننه 8/ 195، أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الكهف، و فيه: «من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف» ... إلخ و قال: «هذا حديث حسن صحيح» اه. قال النووي: «قيل سبب ذلك ما في أولها من العجائب و الآيات، فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال، و كذا في آخرها ... إلخ» اه (6/ 93).

و في رواية أبي عبيد عن أبي الدرداء عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم «من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف (1) (2)».

و روى بإسناد آخر عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم الدجّال فقال:

«من رآه منكم فليقرأ فواتح سورة الكهف» (3).

و روى أبو عبيد بإسناده عن أبي سعيد الخدري: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة: أضاء له من النور ما بينه و بين البيت العتيق» (4) اه.

قلت: يجوز في هذا الحديث أن تكون (5) الهاء عائدة على الكهف في قوله: (ما بينه) (6).

ص: 252


1- أي عصم من فتنة الدجال، و حذف لدلالة الأول عليه.
2- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- عن أبي الدرداء، باب فضائل سورة هود و بني إسرائيل و الكهف .. إلخ 176، و أخرجه بلفظ «من حفظ عشر آيات من أول الكهف ...». و هو في صحيح مسلم كما سبق في الذي قبل هذا.
3- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن: 46. و الحديث في صحيح مسلم مطولا 18/ 65، كتاب الفتن باب ذكر الدجال، و في سنن الترمذي مطولا كذلك 6/ 499 أبواب الفتن باب ما جاء في فتنة الدجال، و قال: «هذا حديث غريب حسن صحيح» اه.
4- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله ص 175 عن أبي سعيد الخدري، و الحديث في سنن الدارمي 2/ 454، كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة الكهف. قال السيوطي: أخرج أبو عبيد و سعيد بن منصور و الدارمي و ابن الضريس و الحاكم. و البيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال: من قرأ سورة الكهف ... و ذكره. الدر المنثور 5/ 355. و راجع تفسير ابن كثير 3/ 70 و كشف الخفاء للعجلوني 2/ 271، و تحفة الذاكرين 269.
5- في د و ظ: أن يكون.
6- قلت: بل الظاهر أنها عائدة على القارئ بدليل قوله: أضاء له من النور. و اللّه أعلم. قال الشوكاني: «و معنى إضاءة النور له فيما بينه و بين البيت العتيق: المبالغة في ثواب تلاوتها بما تعقله الأفهام، و تتصوره العقول» اه. تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين 269.

و روى أبو عبيد عن أبي الدرداء عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، ثم أدرك الدجّال: لم يضره، و من حفظ خواتم سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة» (1).

و قال زر بن حبيش: «من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من الليل قامها».

و (2) قال عبدة بن أبي لبابة (3): «فجربناه فوجدناه كذلك».

قال (4) ابن كثير (5): و جرّبناه (6) غير مرة، فأقوم في الساعة التي أريد (7).

ص: 253


1- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده عن أبي الدرداء مرفوعا: 177. و الشطر الأول من الحديث في صحيح مسلم 6/ 92 كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل سورة الكهف و آية الكرسي. و رواه أبو داود في سننه 4/ 497، كتاب الملاحم باب خروج الدجال دون ذكر: «لم يضره، و كانت له نورا يوم القيامة». و ذكره بلفظه السيوطي نقلا عن أبي عبيد، و زاد نسبته إلى ابن مردويه عن أبي الدرداء. انظر الدر المنثور 5/ 354.
2- الواو ليست في بقية النسخ.
3- عبدة بن أبي لبابة الأسدي مولاهم، و يقال مولى قريش، أبو القاسم البزار الكوفي، نزل دمشق، ثقة من الرابعة. التقريب 1/ 53، و تاريخ الثقات 315، و صفة الصفوة: 3/ 110.
4- في د و ظ: و قال.
5- هو أحد رجال سند الحديث المذكور في فضائل القرآن لأبي عبيد و هو محمد بن كثير بن أبي العطاء المصيصي الصنعاني، أبو أيوب، يقال هو من صنعاء دمشق، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام و غيره. توفي سنة 216 ه. تهذيب التهذيب 9/ 415.
6- في بقية النسخ: و جربناه أيضا غير ... إلخ.
7- قال أبو عبيد: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عبدة مولى- كذا- أبي لبابة قال: سمعت زر بن حبيش يقول: «من قرأ ... و ذكره ص 177، و أخرج قول زر بن حبيش: الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب في فضل سورة الكهف 2/ 454 و نقله عنه القرطبي في التذكار: 167. قال الشيخ عبد الرحمن الثعالبي: «و مما جربته و صح من خواص هذه السورة، أنّ من أراد أن يستيقظ أي وقت شاء من الليل، فليقرأ عند نومه قوله تعالى: أَ فَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ الكهف 102 إلى آخر السورة، فإنه يستيقظ- بإذن اللّه- في الوقت الذي نواه ... اه الجواهر الحسان في تفسير القرآن: 2/ 299. هكذا ذكر هؤلاء الأئمة- رحمهم اللّه- و لا نستطيع الجزم برده و خاصة بعد تصريحهم بالتجربة و التطبيق العملي لذلك. إلّا أنني أقول: إنه لم يرد هذا عن الصادق المصدوق صلّى اللّه عليه و سلم و لا عن أحد من صحابته الكرام، و الذي ورد- كما سبق- أن من قرأ آخر هذه السورة عصم من فتنة الدجال، و بناء على هذا فلعل الشخص إذا نوى بعزم أنه يقوم في وقت ما لعبادة أو عمل أو ميعاد- مثلا- فإنه يستيقظ- عادة- في هذا الوقت- و هذا مجرب. و ليس ذلك مقيدا بهذه الآيات، و لعل هؤلاء الأئمة كانوا يجمعون بين هذا و ذاك فيستيقظون، و اللّه أعلم.

قال: و ابتدئ من قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (1) إلى آخرها. اه.

سورة الإسراء
الكهف و مريم

و قال عبد اللّه بن مسعود: «إن بني إسرائيل و الكهف و مريم: من تلادى، و هو من (2) العتيق الأول» (3) (4).

قال أبو عبيد: «قوله من تلادى: يعني من قديم ما أخذت من القرآن (5)، قال و ذلك أنّ هذه (6) (السورة) (7) نزلت بمكّة» (8).

ص: 254


1- الكهف (107).
2- في ظ: و هو من البيت العتيق الأول.
3- في صحيح البخاري: «إنهن من العتاق الأول» قال ابن حجر: و العتاق- بكسر المهملة و تخفيف المثناة- جمع عتيق و هو القديم، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة، و به جزم جماعة في هذا الحديث، و بالأوّل جزم أبو الحسن بن فارس، و قوله: الأول: «بتخفيف الواو» اه فتح الباري 8/ 388.
4- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن عبد اللّه بن مسعود ص 177، و الأثر في صحيح البخاري عن ابن مسعود، كتاب التفسير باب سورة بني إسرائيل 8/ 388 بشرح ابن حجر. و أخرجه ابن الضريس و ابن مردويه كما يقول السيوطي في الدر المنثور 5/ 181.
5- قال ابن حجر: «و مراد ابن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن، و أنّ لهنّ فضلا لما فيهن من القصص و أخبار الأنبياء و الأمم» اه الفتح 8/ 388. و قال ابن الأثير الجزري: أراد بالعتاق الأول: السور التي نزلت أولا بمكة، و لذلك قال: من تلادى، يعني من أول ما تعلمه، و التلاد و التالد: المال الموروث القديم و الطريف المكتسب» اه. جامع الأصول 2/ 210.
6- في ظ: أن هذا خطأ.
7- هكذا في الأصل و ظق و فضائل القرآن لأبي عبيد: «أنّ هذه السورة» و الصواب (السور).
8- فضائل القرآن لأبي عبيد ص 178.
سورة طه و يس

وقال شهر بن حوشب (1): (يرفع (2) القرآن عن أهل الجنة إلّا طه ويس (3)). وعن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من قرأ طه ويس كل شهر مرة، أضمن له الجنة، وطوبى لمن مات وهاتان السورتان في جوفه» (4).

سورة الحج

وعن عمر- رضي الله عنه- أنّه سجد في الحج سجدتين، وقال: «إنّ هذه السورة فضّلت على السور بسجدتين» (5).

وعن نبيه بن صؤاب (6). صلّيت مع عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- بالجابية (7) صلاة الصبح، فقرأ بسورة الحج، فسجد فيها سجدتين، ثم قال: «إنّ هذه السورة فضّلت على السور بسجدتين» (8).

ص: 255


1- شهر بن حوشب الأشعري، فقيه قارئ، من رجال الحديث، سكن العراق، وهو شامي الأصل، صدوق كثير الإرسال، والأوهام، من الثالثة، مات سنة ١١٢ ه_. التقريب ١/ ٣٥٥، والميزان ٢/ ٣٨٣، وفيه توفى سنة ١٠٠ ه_ وقيل ١١١. والأعلام ٣/ ١٧٨.
2- هكذا في الأصل. وهو موافق لما في فضائل القرآن لأبي عبيد ص ١٧٨ وجاءت العبارة في بقية النسخ: (يزيغ).
3- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن شهر بن حوشب ص ١٧٨، وباب فضل السجدة ويس ص ١٨٥. وذكر السيوطي نحوه قال: أخرج ابن مردويه عن أبي أمامة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «كل قرآن يوضع على أهل الجنة، فلا يقرءون منه شيئا، إلّا طه ويس، فإنهم يقرءون بهما في الجنة» اه. الدر المنثور ٥/ ٥٤٨. وأورده كذلك الشوكاني في فتح القدير ٣/ ٣٥٤ هكذا ورد هذا الأثر موقوفا ومرفوعا، وسكت عنه السيوطي والشوكاني فالله أعلم بصحته. فإن صح، فإنّ معناه- حسب فهمي-: أنّ القرآن الكريم كلام الله تعالى وصفة من صفاته، وقد قرأه المؤمنون في الدنيا ونالوا به الجنة، وحصل لهم مطلوبهم، بعد أن سهروا في تلاوته، وقاموا به آناء الليل وأطراف النهار، أمّا في الآخرة فليس هناك تكاليف، فلم يكلفوا بتلاوة شيء، بل رفع عنهم كما رفعت سائر العبادات. وبقيت هاتان السورتان على ألسنة المؤمنين يتلذذون بتلاوتهما. والله تعالى أعلم.
4- لم أستطع الحصول على هذا الحديث في مظانه.
5- ذكر هذه الآثار عن عمر بن الخطاب: ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ١١، وأبو عبيد في فضائل القرآن باب فضل سورة الحج وسورة النور (١٧٩)، قال ابن كثير: قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: حدّثني ابن أبي داود وساق السند إلى أبي الجهم أنّ عمر سجد سجدتين في الحج وهو بالجابية، وقال: «إنّ هذه السورة فضلت بسجدتين» اه من تفسيره ٣/ ٢١١.- والمراد بالسجدتين هما الواردتان في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ .. إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ الحج (١٨)، والثانية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .. الآية (٧٧) الحج-. وزاد السيوطي والشوكاني نسبته إلى سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي كلهم عن عمر بن الخطاب. راجع الدر ٦/ ٣، وفتح القدير ٣/ ٤٣٤. وأورد الإمام مالك أثرين عن عمر وابنه أنهما سجدا سجدتين في الحج. انظر الموطأ كتاب الصلاة باب الآيات التي يؤثر السجود فيها وإذا قرأها في الصلاة سجد فيها ١/ ٢٣٥. وفي نصب الراية للزيلعي قال: بعد أن ذكر الأثر عن عمر في الموطأ- قال: «وأخرج الحاكم عن ابن عباس وعمر وابن عمر وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وأبي موسى وأبي الدرداء: أنّهم سجدوا في الحج سجدتين» اه ٢/ ١٨٠. يقول الشوكاني: وقد روي عن كثير من الصحابة أن فيها سجدتين، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعضهم: «إنّ فيها سجدة واحدة، وهو قول سفيان الثوري، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عباس وإبراهيم النخعي» اه فتح القدير ٣/ ٤٣٤. وراجع أحكام القرآن للجصاص الحنفي ٣/ ٢٢٤، والجامع للقرطبي ١٢/ ١.
6- نبيه- بضم النون- بن صؤاب- بضم المهملة بعدها همزة- أبو عبد الرحمن الجهني ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٨/ ٤٩١، وقال: إنّه صلى مع عمر بالجابية ... وذكره. وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ١٠/ ٢٩٠ وقال: قدم على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وسلم وشهد فتح مصر، وترجم له ابن حجر في الإصابة وذكر الأثر عنه عن عمر ١٠/ ١٤٣ رقم ٨٦٧٩.
7- الجابية: مدينة بدمشق، وباب الجابية باب من أبوابها. اللسان ١٤/ ١٣١ (جبى) والقاموس ٤/ ٣١٢.
8- ذكر هذه الآثار عن عمر بن الخطاب: ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ١١، وأبو عبيد في فضائل القرآن باب فضل سورة الحج وسورة النور (١٧٩)، قال ابن كثير: قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: حدّثني ابن أبي داود وساق السند إلى أبي الجهم أنّ عمر سجد سجدتين في الحج وهو بالجابية، وقال: «إنّ هذه السورة فضلت بسجدتين» اه من تفسيره ٣/ ٢١١.- والمراد بالسجدتين هما الواردتان في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ .. إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ الحج (١٨)، والثانية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .. الآية (٧٧) الحج-. وزاد السيوطي والشوكاني نسبته إلى سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي كلهم عن عمر بن الخطاب. راجع الدر ٦/ ٣، وفتح القدير ٣/ ٤٣٤. وأورد الإمام مالك أثرين عن عمر وابنه أنهما سجدا سجدتين في الحج. انظر الموطأ كتاب الصلاة باب الآيات التي يؤثر السجود فيها وإذا قرأها في الصلاة سجد فيها ١/ ٢٣٥. وفي نصب الراية للزيلعي قال: بعد أن ذكر الأثر عن عمر في الموطأ- قال: «وأخرج الحاكم عن ابن عباس وعمر وابن عمر وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وأبي موسى وأبي الدرداء: أنّهم سجدوا في الحج سجدتين» اه ٢/ ١٨٠. يقول الشوكاني: وقد روي عن كثير من الصحابة أن فيها سجدتين، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعضهم: «إنّ فيها سجدة واحدة، وهو قول سفيان الثوري، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عباس وإبراهيم النخعي» اه فتح القدير ٣/ ٤٣٤. وراجع أحكام القرآن للجصاص الحنفي ٣/ ٢٢٤، والجامع للقرطبي ١٢/ ١.

و عن ابن عباس رضي اللّه عنه: «إنّ هذه السورة فضلت بسجدتين (1)» (2).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «فضّلت سورة الحج على غيرها بسجدتين» (3).

ص: 256


1- قوله: و عن ابن عباس رضي اللّه عنه «أنّ هذه السورة فضلت بسجدتين» ساقط من د و ظ بانتقال النظر.
2- أخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي العالية عن ابن عباس. المصنف 2/ 11، و أخرجه أبو عبيد في فضائله كذلك من طريق أبي العالية ص 179، و أخرجه الحاكم عن ابن عباس بلفظ: في الحج سجدتان «كذا في نصب الراية 2/ 180».
3- أخرج أبو عبيد في فضائله بسنده إلى خالد بن معدان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «فضلت» ... و ذكره ص 180. و أخرجه أبو داود في المراسيل و البيهقي عن خالد بن معدان يرفعه. انظر تفسير ابن كثير 3/ 211، و الدر المنثور 6/ 3، و فتح القدير للشوكاني 3/ 434، و نصب الراية للزيلعي 2/ 180، باب سجود التلاوة.

و عن عقبة بن عامر (قلت: يا رسول اللّه، أ في الحج سجدتان؟ قال: نعم، فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما) (1).

و قال ابن عباس: «قد كان قوم يركعون و يسجدون في الآخرة (2) كما أمروا (3)» و قال ابن عمر: «لو كنت تاركا احداهما لتركت الأولى» (4).

سورة النور

(5) و عن أبي عطية: «كتب إلينا عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- أن علّموا نساءكم سورة النور» (6).

ص: 257


1- رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب تفريع أبواب السجود 2/ 120، و الترمذي أبواب السفر باب في السجدة في الحج. قال الترمذي: «هذا حديث ليس إسناده بالقوي» اه 3/ 178. و أبو عبيد بسنده عن عقبة بن عامر باب فضل سورة الحج و سورة النور ص 180، و الحاكم في المستدرك كتاب الصلاة: 1/ 221، و انظر: 2/ 390 من المصدر نفسه. قال ابن كثير:- عقب ذكره لكلام الترمذي المتقدم- «و في هذا نظر فإن ابن لهيعة- أحد رجال السند- قد صرح فيه بالسماع، و أكثر ما نقموا عليه تدليسه» اه تفسيره 3/ 211. و يقول شارح سنن الترمذي: «حديث الباب هذا ضعيف، لكنه معتضد بغيره و بآثار الصحابة رضي اللّه تعالى عنهم». فالقول الراجح المعول عليه: «أن في سورة الحج سجدتين، و اللّه تعالى أعلم» اه باختصار، و راجع بقية كلامه هناك 3/ 179. و الذي ظهر لي من كلام الترمذي و ابن كثير و صاحب تحفة الأحوذي أنّ الحديث ضعيف، و لكن ثبوت السجدتين وارد من طرق أخرى عن عمر و غيره- كما مر- و كما سيأتي تقريره من أقوال الفقهاء. و اللّه أعلم.
2- الآخرة: أي التي في آخر السورة، و هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا ... الحج (77) و تقدمت قريبا.
3- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، و فيه: و يسجدون في الأخيرة ... إلخ. ص 181. يقول الجصاص: «و الجمع بين الركوع و السجود مخصوص به الصلاة ...» اه. أحكام القرآن له 3/ 225.
4- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عمر رضي اللّه عنهما ص 180، قال ابن الجوزي: «لم يختلف أهل العلم في السجدة الأولى من الحج و اختلفوا في هذه السجدة الأخيرة» اه. زاد المسير في علم التفسير 5/ 454، و انظر أحكام القرآن للجصاص 3/ 224. يقول ابن كثير:- بعد أن ساق الأحاديث و الآثار في ذلك- «فهذه شواهد يشد بعضها بعضا» اه تفسيره 3/ 212.
5- المتأمل في الأحاديث و الآثار التي ساقها المؤلف في فضائل سورة النور يجدها لا تشتمل على ما يدل على فضيلتها صراحة. و اللّه أعلم.
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي عطية ص 181. قال القرطبي: كتب عمر- رضي اللّه عنه- إلى أهل الكوفة: «علموا نساءكم سورة النور» اه تفسيره 12/ 158 و قال السيوطي: أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر و البيهقي عن مجاهد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم «علموا رجالكم سورة المائدة، و علّموا نساءكم سورة النور» اه الدر المنثور 6/ 124. و راجع الكلام على هذا فيما سبق عند الحديث عن فضل سورة براءة و النور ص 357.

و عن عائشة رضي اللّه عنها: أنّها ذكرت نساء الأنصار، فأثنت عليهن خيرا، و قالت لهن معروفا.

و قالت: «لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجوز (1) (2) مناطقهن (3) فشققنها فجعلن منها خمرا (4)» (5).

و عن أبي وائل (6): «استعمل عليّ رضي اللّه عنه عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنه على الموسم، فخطب خطبة لو سمعها الديلم (7) لأسلمت، ثم قرأ عليهم سورة النور (8)»

ص: 258


1- في د و ظ: حجور.
2- جمع حجزه- بوزن حجرة-، و أصل الحجزة موضع شد الإزار، ثم قيل «للإزار حجزة للمجاورة» اه اللسان 5/ 332 «حجز».
3- جمع نطاق، و يقال: منطق و نطاق بمعنى واحد كما يقال: مئزر و ازار، و هو أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشي ء، و ترفع وسط ثوبها، و ترسله على الأسفل لئلا تعثر في ذيلها. اه. اللسان 10/ 355 «نطق».
4- قال القرطبي: الخمر- بضم المعجمة و الميم- جمع خمار، و هو ما تغطي به المرأة رأسها، و منه اختمرت المرأة و تخمرت، و هي حسنة الخمرة- بكسر المعجمة- تفسيره 12/ 230، و انظر اللسان 4/ 257 «خمر».
5- أخرجه أبو داود بسنده إلى عائشة- رضي اللّه عنها- كتاب اللباس باب في لباس النساء 4/ 356، و أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عائشة ص 182، و ورد حديث بنحوه في صحيح البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت: «يرحم اللّه نساء المهاجرات- أي النساء المهاجرات نحو شجر الأراك- الأول، لما أنزل اللّه وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ النور (31) 8/ 489 و انظر المستدرك 2/ 397، و المروط: جمع مرط و هو الإزار، كما يقول ابن حجر. و قد زاد السيوطي نسبته إلى النسائي و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في سننه كلهم عن عائشة رضي اللّه عنها. الدر المنثور 6/ 180.
6- شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي، ثقة مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز و له مائة سنة. التقريب 1/ 354، و الإصابة 5/ 107 رقم 3977.
7- الديلم: جيل من العجم، كانوا يسكنون نواحي أذربيجان. المعجم الوسيط 1/ 294، و راجع معجم البلدان 2/ 544 دار الكتاب العربي.
8- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده الى أبي وائل باب فضل سورة الحج و النور ص 183، و الطبري في تفسيره كذلك، و فيه «... لو سمعها الترك و الروم، لأسلموا ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها» اه 1/ 36. و أورده ابن حجر عند ترجمته لابن عباس رضي اللّه عنهما. الاصابة 6/ 137 رقم 4772.

و روى الأعمش عن أبي وائل: «قرأ ابن عباس سورة النور، و جعل يفسرها فقال رجل:

لو سمعت الديلم هذا لأسلمت» (1).

سورة السجدة و يس

أبو عبيد (2) ثنا يزيد (3) عن حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن المسيب بن رافع (4) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «تجي ء (5) تنزيل السجدة يوم القيامة لها جناحان تظل صاحبها، تقول: لا سبيل عليك لا سبيل عليك» (6).

و عن ابن عمر: «تنزيل السجدة و تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ: فيهما فضل ستين درجة على غيرهما من سورة القرآن» (7).

ص: 259


1- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى الأعمش عن أبي وائل ص 183، و أخرجه الطبري كذلك و فيه: «قرأ ابن عباس البقرة ...» الخ. و في الروايات الأخرى: فقرأ سورة النور .. الخ. و له شاهد عند الحاكم عن أبي وائل قال: (حججت أنا و صاحب لي، و ابن عباس على الحج ...) و ذكره. الدر المنثور 6/ 124. و أورده ابن حجر في الاصابة عند ترجمته لابن عباس رضي اللّه عنهما 6/ 137 رقم 4772.
2- أي و روى أبو عبيد، كما تقدم.
3- يزيد بن هارون بن وادي، و يقال: زاذان بن ثابت السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي أحد الأعلام الحفاظ المشاهير قيل: أصله من بخارى روى عن حماد بن سلمة و غيره توفي (117- 206 ه) تهذيب الكمال 1/ 326، و تهذيب التهذيب 11/ 368، و تذكرة الحفاظ 1/ 317 و تاريخ بغداد 14/ 337.
4- المسيب بن رافع الأسدي أبو العلاء الكوفي الأعمى الثقة من الرابعة، مات سنة 105 ه التقريب 2/ 250، و تاريخ الثقات: 429.
5- في فضائل القرآن لأبي عبيد: «تجي ء الم السجدة ...».
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل السجدة و يس بسنده إلى المسيب بن رافع ص 184. و نقله عنه السيوطي في الإتقان، و قال: (انه من مرسل المسيب بن رافع) انظر: الإتقان 4/ 110. و رواه الدارمي في سننه بنحوه عن خالد بن معدان كتاب فضائل القرآن باب في فضل سورة تنزيل السجدة و تبارك 2/ 454. و عزاه السيوطي في الدر إلى ابن الضريس عن المسيب بن رافع 60/ 535.
7- رواه الترمذي في سننه بسنده إلى طاوس، و فيه: تفضلان على كل سورة من القرآن بسبعين حسنة. أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الملك 8/ 202. و رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عمر باب فضل تنزيل السجدة و يس ص 184. و الدارمي في سننه بسنده إلى طاوس و فيه: قال: فضلتا على كل سورة في القرآن بستين حسنة 2/ 455. و ابن السني في عمل اليوم و الليلة باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم و الليلة 251، و انظر الدر المنثور 6/ 535.

و عن ابن عباس: «كان (1) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تَنْزِيلُ و هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ» (2).

و حدثنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي (3) الأصبهاني- رحمه اللّه- أنبأ أبو طاهر خالد بن عبد الواحد بن خالد التاجر (4) ثنا أبو الحسن سري بن عبد اللّه الدومي (5) القارئ ثنا أبو جعفر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي (6). ثنا علي بن طيفور (7)

ص: 260


1- في بقية النسخ: قال: كان رسول اللّه ... الخ.
2- رواه مسلم كتاب الجمعة باب ما يقرأ في يوم الجمعة 6/ 167، و الترمذي كتاب الجمعة باب ما جاء في ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة 3/ 55. قال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح اه.
3- السلفي- بكسر السين و فتح اللام- و إنما قيل له السلفي: نسبة لجده إبراهيم سلفة لأنه كان مشقوق إحدى الشفتين كان حافظا مكثرا، رحل في طلب العلم، توفي في الاسكندرية (478- 576 ه) شذرات الذهب: 4/ 255، و طبقات الشافعية للاسنوي 2/ 58، و البداية و النهاية 12/ 328 و الأعلام 1/ 215.
4- لم أعثر له على ترجمة.
5- هكذا في النسخ: سري بن عبد اللّه الدومي ... الخ. و في شذرات الذهب: بشري بن عبد اللّه الرومي القاضي، كان صالحا صدوقا توفي سنة 431 ه 3/ 248. و في البداية و النهاية: بشري بن مسيس من سبى الروم 12/ 51.
6- عالم بالحديث كان مسند العراق في عصره من أهل بغداد و القطيعي نسبة إلى «قطيعة الدقيق» فيها (273- 368 ه). لسان الميزان 1/ 145 و الأعلام 1/ 107.
7- علي بن طيفور بن غالب أبو الحسن النسوي، سكن بغداد و حدث بها عن قتيبة بن سعيد، روى عنه ابن مالك القطيعي و غيره، و كان ثقة، توفي سنة 300 ه تاريخ بغداد 11/ 442.

ثنا قتيبة (1) ثنا أحمد بن عبد الرحمن (2) عن الحسن بن صالح (3) عن هرمز بن محمد (4) عن مقاتل بن حيان (5) عن قتادة عن أنس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إنّ لكل شي ء قلبا، و قلب القرآن يس، و من قرأ يس: كتب اللّه له بقراءتها القرآن عشر مرات» (6).

و روى أبو عبيد بإسناده عن معقل بن يسار (7) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «اقرءوها على (8) موتاكم (9)».

ص: 261


1- في سنن الترمذي 8/ 196: حدثنا قتيبة و سفيان بن وكيع قالا: أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس ... الخ و لعله وقع تحريف: حميد إلى أحمد، و هارون إلى هرمز و قد ظهر لي هذا بعد البحث و التقصي عن رجل يسمى أحمد بن عبد الرحمن روى عنه قتيبة و روى هو عن الحسن بن صالح و كذلك في هرمز. و اللّه أعلم.
2- حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن أبو عوف الكوفي روى عنه قتيبة بن سعيد و غيره و كان إماما حافظا متقنا توفي سنة 190 ه أو نحوها. تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 288.
3- الحسن بن صالح بن صالح الهمداني الثوري ثقة فقيه عابد رمي بالتشيع (100- 169 ه) التقريب 1/ 167، و فيه: «توفي سنة تسع و تسعين» تحريف لستين. و الجرح و التعديل 3/ 18، و صفة الصفوة 3/ 152 و الميزان 1/ 496، و تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 216، و تهذيب الكمال 1/ 264.
4- في الكاشف للذهبي: هارون أبو محمد يروي عن مقاتل بن حيان و عنه الحسن بن صالح مجهول. الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة 3/ 216. و في التاريخ الكبير للبخاري: هارون بن محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة 8/ 226، و في سنن الترمذي: «... و هارون أبو محمد شيخ مجهول».
5- مقاتل بن حيان النبطي أبو بسطام لم يلق أحدا من الصحابة، كان ممن عني بعلم القرآن صدوق فاضل من السادسة مات قبل الخمسين بأرض الهند. مشاهير علماء الأمصار 195، و تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 174 و التهذيب 10/ 277.
6- تقدم تخريج هذا الحديث عند الكلام عن أسماء السور ص 200. و هو ضعيف.
7- معقل بن يسار المزني أبو علي صحابي ممن بايع تحت الشجرة. و هو الذي ينسب اليه نهر معقل بالبصرة مات بعد الستين. التقريب 2/ 265.
8- في حاشية ظق 19/ أ عقب هذا الحديث كلمات مطموسة أولها: أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة اللّه بن علي بن مسعود البوصيري بقراءة الحافظ أبي طاهر السلفي ... اه.
9- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى معقل بن يسار ص 185 و رواه أبو داود كتاب الجنائز باب القراءة عند الميت 3/ 489 و الإمام أحمد في مسنده 5/ 26 و الحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 565، و أحد رجال سند الحديث: أبو عثمان، قال الذهبي: أبو عثمان يقال: اسمه سعد عن أبيه عن معقل بن يسار بحديث: (اقرءوا يس على موتاكم) لا يعرف أبوه و لا هو و لا روى عنه سوى سليمان التيمي اه الميزان 4/ 550. و ذكر الحديث العجلوني في كشف الخفاء، و لم يحكم عليه، و إنما اكتفى بعزوه إلى أبي داود و النسائي و ابن حبان و أحمد 1/ 161.
الحواميم

و روى أبو عبيد أيضا عن ابن عباس أنه قال: «انّ لكل شي ء لبابا، و إنّ لباب القرآن آل حم، أو قال: الحواميم» (1).

و روى أيضا عن المهلب بن أبي صفرة (2) أنه قال: حدثني من سمع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقول (3): «ان بيّتم (4) الليلة فقولوا: حم لا ينصرون» (5).

قال أبو [عبيدة] (6): هكذا يقول المحدّثون بالنون، و إعرابها: لا ينصروا. اه و أقول: إن قول المحدّثين صحيح، و له وجه ظاهر (7).

ص: 262


1- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى ابن عباس ص 186، و نقله عنه كل من ابن كثير في تفسيره 4/ 69 و الزركشي في البرهان 1/ 444 و السيوطي في الدر: 7/ 268، و الإتقان 4/ 110.
2- و اسمه ظالم بن سارق العتكي الأزدي أبو سعيد البصري، من ثقات الأمراء، و كان عارفا بالحرب، فكان أعداؤه يرمونه بالكذب، من الثانية. مات سنة 82 ه على الصحيح. التقريب: 2/ 280، و الأعلام: 7/ 315.
3- (يقول) ساقطة من بقية النسخ.
4- بالبناء للمجهول، و في سنن الترمذي: إن بيتكم العدو، قال الشارح لسنن الترمذي: أي إن قصدكم- أي العدو- بالقتل ليلا و اختلطتم معهم، و تبييت العدو: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم، فيؤخذ بغتة و هو البيات اه تحفة الأحوذي 5/ 330. و راجع المفردات للراغب الأصفهاني 65 «بيت» و اللسان 2/ 16.
5- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى المهلب بن أبي صفرة ص 186، و رواه أبو داود كتاب الجهاد باب في الرجل ينادي بالشعار 3/ 74. و الترمذي كتاب الجهاد باب ما جاء في الشعار 5/ 329.
6- هكذا في النسخ (أبو عبيدة) و الصواب: أبو عبيد.
7- أي في العربية،، و الدليل على ذلك قول الخطابي إن ابن كيسان سأل أبا العباس أحمد بن يحيى عنه فقال: معناه الخبر، و لو كان بمعنى الدعاء لكان مجزوما أي: لا ينصروا، و إنما هو إخبار كأنه قال: (و اللّه لا ينصرون) اه. معالم السنن بحاشية سنن أبي داود 3/ 74، و راجع تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 5/ 330.

و روى أبو عبيد عن مجاهد قال: قال عبد اللّه: «آل حم ديباج (1) القرآن» (2).

و روى عن عبد اللّه (ابن عباس) (3) أنه قال: «إذا وقعت في آل حم، وقعت في روضات دمثات (4) (5) أتأنق فيهن» (6).

قال مسعر (7): «بلغني أنهن كن يسمين العرائس» (8).

قال أبو عبيد: آل حم، كما تقول (9): آل فلان.

ص: 263


1- الدبج: النقش و التزيين، فارسي معرب و الديباج: ضرب من الثياب، و الجمع: ديابيج و دبابيج، و روي عن إبراهيم النخعي أنه كان له طيلسان مدبج، قالوا: هو الذي زينت أطرافه بالديباج». اللسان 2/ 262 «دبج». فكأن «الحواميم» بمنزلة الزينة للقرآن.
2- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى مجاهد ص 187 عن عبد اللّه- هو ابن مسعود- و نقله عنه ابن كثير في تفسيره 4/ 69، و عزاه السيوطي إلى أبي عبيد و ابن الضريس و ابن المنذر و الحاكم و البيهقي في شعب الإيمان كلهم عن ابن مسعود. الدر المنثور 7/ 268.
3- هكذا في الأصل: عن عبد اللّه بن عباس. و هو خطأ لأن المصادر التي وقفت عليها نصت على أن القائل عبد اللّه بن مسعود.
4- في د و ظ: كرمتات. و لا معنى لها.
5- دمثات: جمع دمثة، و دمث دمثا، فهو دمث: لأن و سهل، و الدمث: المكان اللين ذو رمل. اللسان 2/ 149 «دمث» و المصباح المنير 199.
6- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود باب فضل آل حم ص 187. و ذكره البغوي في تفسيره 6/ 73، و ابن كثير 4/ 69. و عزاه السيوطي إلى أبي عبيد و محمد بن نصر و ابن المنذر عن ابن مسعود. الدر المنثور 7/ 268.
7- مسعر- بكسر أوله و سكون ثانية- بن كدام- بكسر أوله و تخفيف ثانية- ابن ظهير الهلالي أبو سلمة الكوفي ثبت ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة 153 ه. التقريب 2/ 243، و تاريخ الثقات 426 و صفة الصفوة: 3/ 188.
8- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده عن مسعر بن كدام ص 187. و رواه الدارميّ في سننه عن مسعر عن سعد بن إبراهيم كتاب فضائل القرآن باب فضل حم الدخان و الحواميم و المسبحات 2/ 458. و ذكره البغوي عن سعد بن إبراهيم، انظر معالم التنزيل 6/ 73، و رواه محمد بن نصر عن سعد بن إبراهيم كذلك كما في الدر المنثور 7/ 296 و يظهر أن هذه التسمية مروية عن بعض الصحابة بدليل قول مسعر و سعد بلغنا ذلك. و اللّه أعلم.
9- في د و ظ: كما يقول.

الترمذي بإسنادنا (1) عنه، و بإسناده عن أبي سلمة (2) عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك» (3).

و روى أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة غفر له» (4).

سورة الواقعة

و روى أبو عبيد عن مسروق بن الأجدع (5) قال: (من أراد أن يعلم نبأ الأولين و نبأ الآخرين، و نبأ أهل الجنة و نبأ أهل النار، و نبأ أهل الدنيا (6) و نبأ أهل الآخرة، فليقرأ سورة الواقعة) (7).

ص: 264


1- في د و ظ: بإسناده عنه. خطأ.
2- أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد اللّه و قيل: إسماعيل ثقة مكثر من الثالثة مات سنة 94 ه سمع أبا هريرة و غيره، و روى عنه يحيى بن أبي كثير و غيره. تاريخ الثقات 499، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 378، و التقريب 2/ 430.
3- أخرجه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في حم الدخان 8/ 198. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، و عمر بن أبي خثعم- أحد رجال السند- يضعّف، قال محمد- البخاري- هو منكر الحديث اه و نقله عنه ابن كثير في تفسيره 4/ 137، قال الذهبي: ضعفوه، و بعد أن ذكر كلام العلماء فيه قال: روى عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا: من قرأ حم الدخان ... و ذكره اه الميزان 2/ 193، و انظر الموضوعات لابن الجوزي 1/ 248.
4- سنن الترمذي، أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في حم الدخان 8/ 198، قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. و هشام أبو المقدام- أحد رجال السند- يضعّف، و لم يسمع الحسن- أحد رجال السند- من أبي هريرة اه. فالحديث إذا ضعيف من وجهين كما يقول صاحب تحفة الأحوذي. و راجع كلام العلماء في هشام أبي المقدام المذكور في الميزان 4/ 298.
5- مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني، كناه ابن حجر بأبي عائشة و كناه العجلي بأبي يمانة، الكوفي الثقة الفقيه العابد، من الثانية مات سنة 63 ه أو نحوها. التقريب 2/ 242، و تاريخ الثقات: 426، و صفة الصفوة 3/ 24.
6- (و نبأ أهل الدنيا) هذه العبارة سقطت من د و ظ.
7- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى مسروق بن الأجدع باب فضل سورة الواقعة و المسبحات ص 189 و ذكره القرطبي في التذكار في أفضل الأذكار و عزاه إلى مسروق ص 178.

و روى عن عبد اللّه (1) بن مسعود قال: (إنّي (2) أمرت بناتي أن يقرأن سورة الواقعة كل ليلة، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة: لم تصبه فاقة» (3).

سورة الملك

و روى الترمذي عن ابن عباس قال: «ضرب بعض أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خباءه (4) على قبر و هو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و قال: يا رسول اللّه ضربت خبائي على قبر و أنا لا أحسب أنّه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «هي المانعة، هي المنجية تنجيه من عذاب القبر» (5).

و روى أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: أن سورة من القرآن ثلاثين (6) آية شفعت

ص: 265


1- في د: عبيد اللّه. خطأ.
2- في بقية النسخ: اني قد أمرت الخ.
3- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن مسعود ص 189، و ابن السني في عمل اليوم و الليلة باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم و الليلة ص 252. و نسبه السيوطي إلى أبي عبيد و ابن الضريس و الحارث بن أسامة و أبي يعلى و ابن مردويه و البيهقي في شعب الإيمان كلهم عن ابن مسعود يرفعه. الدر المنثور 8/ 3، و انظر روح المعاني للآلوسي 27/ 128 و الإتقان 4/ 142، و قد ذكر ابن كثير 4/ 281 و العجلوني في كشف الخفاء 1/ 458 هذا الحديث و لم يتعرضا له بتصحيح أو تضعيف. و في سنده شجاع عن أبي ظبية عن ابن مسعود. قال الذهبي: قال أحمد بن حنبل: لا أعرفهما. ثم قال الذهبي: و هو صاحب حديث (من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة). الميزان 2/ 265. و قال الشوكاني في إسناده كذاب اه الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 311.
4- خباءه: بكسر الخاء المعجمة و المد- أي خيمته و الخباء: أحد بيوت العرب من وبر و صوف، و لا يكون من شعر و يكون على عمودين أو ثلاثة. تحفة الأحوذي 8/ 199 و انظر اللسان 14/ 223 (خبأ).
5- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- باب ما جاء في سورة الملك 8/ 199 و قال: «هذا حديث غريب من هذا الوجه». قال صاحب تحفة الأحوذي: «في سنده يحيى بن عمرو بن مالك، و هو ضعيف» اه. و انظر التقريب 2/ 354 حيث ضعفه ابن حجر. و كذلك الذهبي في الميزان 4/ 399، ضعفه، بل نقل عن بعضهم تكذيبه و قال: ان له مناكيرا» اه. ثم قال الذهبي: يحيى بن عمرو بن مالك عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: (ضرب بعض الصحابة خباء على قبر ...) الحديث.
6- هكذا في النسخ على أنه بدل من سورة. و في سنن الترمذي: (ثلاثون) على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هي ثلاثون، و الجملة صفة لاسم ان «تحفة الأحوذي».

لرجل حتى غفر له و هي (1) تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ (2) و روى (عن) (3) عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد اللّه بن مسعود- رحمه اللّه-: (من قرأ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ في كل ليلة منعه الله من عذاب القبر)، و كنا في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم نسميها «المانعة» (4).

فضائل سور متفرقة

و عن النسائي بالإسناد المتقدم أنبأ علي بن حجر (5) أنبأ بقية بن الوليد (6) عن محمد بن سعد (7) عن خالد بن معدان (8) عن عبد اللّه بن أبي بلال (9) عن العرباض بن

ص: 266


1- سقطت الواو من ظ.
2- أخرجه الترمذي في أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الملك و قال: هذا حديث حسن 8/ 200. و رواه أبو داود كتاب الصلاة باب عدد الآي 2/ 119. و الحاكم كتاب التفسير 2/ 497 و قال: صحيح الإسناد. و وافقه الذهبي و عزاه السيوطي أيضا إلى الإمام أحمد و النسائي و ابن ماجة و ابن الضريس و ابن مردويه و البيهقي في شعب الإيمان كلهم عن أبي هريرة مرفوعا. الدر المنثور 8/ 230.
3- هكذا في الأصل: و روى عن عاصم .. الخ و هي عبارة موهمة حيث يظن القارئ أن الراوي الترمذي الراوي للحديثين اللذين قبل هذا و ليس كذلك.
4- أخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ أطول بسنده عن عبد اللّه بن مسعود كتاب التفسير، تفسير سورة الملك 2/ 498، و قال: «هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه». و أقره الذهبي. و أخرجه النسائي كما في الترغيب و الترهيب للمنذري 2/ 378، 447 و الإتقان للسيوطي 4/ 112، و تحفة الذاكرين للشوكاني: 272، و أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف بنحوه 3/ 380، و انظر مجمع الزوائد 7/ 127.
5- علي بن حجر- بضم المهملة و سكون الجيم- بن إياس السعدي المروزي نزيل بغداد ثم مرو، ثقة حافظ من صغار التاسعة. مات سنة 244 ه و قد قارب المائة. التقريب 2/ 33.
6- بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الحميدي الكلاعي الحمصي الحافظ أحد الأعلام صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثامنة. (110- 197 ه) الميزان 1/ 331 و التقريب 1/ 105.
7- هكذا في النسخ. و في كتب الحديث التي وقفت عليها وقع: «.. بقية بن الوليد عن بحير بن سعد، و هو بحير- بكسر المهملة- بن سعد أبو خالد الحمصي الثقة من السادسة. التقريب 1/ 93. و فيه: .. بن سعيد، و لعلّه خطأ من الناسخ أو الطابع- و تاريخ الثقات 77، و الكنى للإمام مسلم 1/ 281، و الجرح و التعديل 2/ 412.
8- خالد بن معدان الكلاعي الحمصي أبو عبد اللّه ثقة عابد، يرسل كثيرا من الثالثة، مات سنة 103 ه، و قيل بعد ذلك. التقريب 1/ 218، و صفة الصفوة 4/ 415.
9- عبد اللّه بن أبي بلال الخزاعي الشامي، مقبول من الرابعة. التقريب 1/ 405، و لم يرو عنه سوى خالد بن معدان. الميزان 2/ 399.

سارية (1): أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم كان يقرأ المسبحات (2) قبل أن يرقد، و يقول: «إن فيهن آية (3) أفضل من ألف آية» (4)، و في رواية أبي عبيد (5): حتى يقرأ المسبحات، و يقول: ان فيها (6) آية كألف آية (7) و روى أبو عبيد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «إنّي نسيت أفضل المسبحات» فقال أبيّ بن كعب: فلعلها سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؟ قال: نعم (8) و معنى هذا الحديث: أنه صلّى اللّه عليه و سلم كان قد أعلم بأفضلها، ثم نسى فأذكره (9) أبيّ.

و روى أبو الدرداء رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال: «تعلّموا عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ تعلّموا ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ تعلّموا وَ النَّجْمِ إِذا هَوى

ص: 267


1- عرباض: بكسر أوله و سكون الراء بعدها موحدة و آخره معجمة- بن سارية السلمي أبو نجيح، صحابي كان من أهل الصفة و نزل حمص و مات رضي اللّه عنه بعد السبعين. التقريب 2/ 17، و الإصابة 6/ 410، رقم 5493.
2- المراد بالمسبحات: السور التي افتتحت بالفعل (سبح) و ما اشتق منه، و قد تقدّم الكلام على هذا ص 190.
3- قال ابن كثير: الآية المشار اليها في الحديث هي- و اللّه أعلم- قوله تعالى هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ الحديد 3 تفسيره 4/ 302. و الذي أميل إليه هو عدم تحديدها، فإن ذلك أدعى للتنافس في قراءة تلك السور.
4- أخرجه النسائي- كما في المصنف- في فضائل القرآن بسنده إلى العرباض بن سارية ص 47، و رواه الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن باب 21 (8/ 238) و قال: هذا حديث حسن غريب اه. «و بقية بن الوليد فيه مقال و كثير التدليس، و روى هذا الحديث بالعنعنة» تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي. و راجع كلام العلماء في بقية هذا جرحا و تعديلا في الميزان 1/ 331، و قد أعاد الترمذي ذكر هذا الحديث في أبواب الدعوات باب 22 (9/ 351). و الحديث رواه أبو داود في كتاب الأدب باب ما يقول عند النوم 5/ 304.
5- في ظ: و في رواية أبي عبيد اللّه .. الخ. خطأ.
6- في ظ: فيهن.
7- أخرجه أبو عبيد في فضائله باب فضل الواقعة و المسبحات ص 190، و الدارمي في سننه بلفظ: إن فيهن آية تعدل ألف آية 2/ 458، و ابن السنى في عمل اليوم و الليلة باب ما يستحب أن يقرأ في اليوم و الليلة ص 353.
8- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم باب فضل الواقعة و المسبحات ص 190، و نقله عنه السيوطي في الدر 8/ 480، و الإتقان 4/ 112، و كذلك الآلوسي في تفسيره مختصرا 30/ 130.
9- كتب في حاشية الأصل: صوابه: فذكره. قلت: و كلاهما صحيح. انظر لسان العرب 4/ 308 (ذكر).

تعلّموا وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ فإنكم لو (علمتم) (1) ما فيهن، لعطلتم ما أنتم فيه و تعلّمتموهن، فإن اللّه يغفر بهن كل ذنب إلّا الشرك باللّه» (2).

و روت فاطمة (3) رضي اللّه عنها عن أبيها صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال: «قارئ الحديد و الواقعة و سورة الرحمن يدعى (4) في ملكوت السموات ساكن الفردوس» (5).

و عن ابن عمر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة رأى عين (6) فليقرأ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ و إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ و إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (7)».

الترمذي: عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «من قرأ إِذا زُلْزِلَتِ عدلت له بنصف القرآن، و من قرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ عدلت له بربع القرآن، و من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عدلت له بثلث القرآن» (8).

ص: 268


1- هكذا في الاصل. و هي خطأ. و في بقية النسخ: علمتم. و هو الصواب.
2- ذكره السيوطي مختصرا و عزاه إلى ابن مردويه عن أبي الدرداء مرفوعا. انظر الدر المنثور 7/ 588. و كذلك ذكره الآلوسي مختصرا و عزاه الى ابن مردويه عن أبي العلاء مرفوعا. انظر روح المعاني 26/ 171. و نسبه أبو الحسن الكتاني إلى الديلمي عن أبي الدرداء. و قال: إنّ فيه إسحاق بن بشر الكاهلي. انظر تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاخبار الشنيعة الموضوعة 1/ 197. قلت: و إسحاق بن بشر بن مقاتل الكاهلي الكوفي كذبه علماء الجرح و التعديل و تركوه و قالوا هو في عداد من يضع الحديث. قال الذهبي: «لا بارك اللّه فيه» اه الميزان 1/ 186.
3- فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، أم الحسنين، و سيدة نساء هذه الأمة، تزوجها علي رضي اللّه عنه في السنة الثانية من الهجرة، و ماتت بعد النبي صلّى اللّه عليه و سلم بستة أشهر، و قد جاوزت العشرين بقليل. التقريب 2/ 609، و انظر الاصابة 13/ 71 رقم 828.
4- في د: تدعى. خطأ.
5- أخرجه البيهقي و ضعفه عن فاطمة رضي اللّه عنها عن أبيها صلّى اللّه عليه و سلم. انظر الدر المنثور 7/ 690.
6- في ظ: رأى العين.
7- رواه الترمذي في سننه بسنده إلى ابن عمر يرفعه، أبواب تفسير القرآن باب و من سورة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 9/ 252. و أخرجه الحاكم في المستدرك و قال صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي، كتاب التفسير باب تفسير سورة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 2/ 515. و انظر الدر المنثور 8/ 426، و تحفة الأحوذي 9/ 253.
8- رواه الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في إِذا زُلْزِلَتِ و قال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الشيخ الحسن بن مسلم 8/ 203. قلت: و الحسن بن مسلم بن صالح العجلي هذا، قال عنه الذهبي:- بعد أن أورد هذا الحديث- هذا منكر، و الحسن لا يعرف اه. الميزان 1/ 523، 493. و قال ابن حجر: مجهول اه. التقريب 1/ 166. و الحديث أخرجه أيضا ابن مردويه و البيهقي. الدر المنثور 8/ 591 و تحفة الأحوذي 8/ 204. و أقول: ان هذا الحديث مع ضعفه مخالف لما جاء من الأحاديث الصحاح الآتية في فضل سورة الإخلاص و أنها تعدل ثلث القرآن، و هذا الحديث يقتضي فضل سورة الزلزلة على سورة الإخلاص، و على فرض صحته «فيحتمل ... أن يقال: المقصود الأعظم بالذات من القرآن بيان المبدأ و المعاد و إِذا زُلْزِلَتِ مقصورة على ذكر المعاد، مستقلة ببيان أحواله فتعادل نصفه». و ما جاء أنها ربع القرآن- كما سيأتي إن شاء اللّه- فتقريره أن يقال: القرآن مشتمل على تقرير التوحيد و النبوات و بيان أحكام المعاش و أحوال المعاد، و هذه السورة مشتملة على القسم الأخير من الأربع و قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ محتوية على القسم الأول منها لأن البراءة عن الشرك إثبات التوحيد ليكون كل واحدة منها كأنها ربع القرآن اه من تحفة الأحوذي 8/ 203.

النسائي: أخبرنا (1) عبيد اللّه بن فضالة (2) أنبأ عبد اللّه (3) ثنا (شعبة) (4) حدثني عياش بن عباس القتباني (5) عن عيسى بن هلال الصدفي (6) عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: (أتى رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فقال: أقرئني يا رسول اللّه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «اقرأ ثلاثا من ذات الر* (7)»، فقال الرجل: كبرت سني و اشتد قلبي و غلظ

ص: 269


1- في د و ظ: أنبأ.
2- عبيد اللّه بن فضالة بن إبراهيم النسائي أبو قديد، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة 241 ه. التقريب 1/ 538، و التهذيب 7/ 43.
3- عبد اللّه بن يزيد أبو عبد الرحمن العدوي المقرئ الحافظ، كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة 213 ه. تهذيب الكمال 2/ 757، و تهذيبه 6/ 83، و الكاشف: 21/ 144.
4- هكذا في النسخ (شعبة) و في النسائي و أبي داود و غيرهما (سعيد) و هو سعيد بن أبي أيوب الخزاعي مولاهم المصري أبو يحيى بن مقلاص ثقة ثبت من السابعة، مات سنة 160 ه و قيل غير ذلك، و كان مولده سنة 100 ه. التقريب 1/ 292، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 905، و التهذيب 4/ 7.
5- القتباني- بكسر القاف و سكون المثناة- المصري، ثقة، من السادسة، مات سنة 133 ه، التقريب 2/ 95، و تاريخ الثقات 378، و الكاشف 2/ 363، و التهذيب 8/ 197.
6- عيسى بن هلال الصدفي- بفتح الصاد- المصري، صدوق من الرابعة قال الذهبي: وثّق. الكاشف 2/ 372، و التقريب 2/ 103، و التهذيب 8/ 236.
7- المقصود بذات الرا: السور المفتتحة بهذا اللفظ و هي يونس و هود و يوسف و الرعد و إبراهيم و الحجر.

لساني فقال: «اقرأ ثلاثا من (آل حم)»، فقال مثل مقالته الأولى، فقال: «اقرأ ثلاثا من (المسبحات)»، فقال مثل مقالته، ثم قال الرجل: و لكن أقرئني سورة جامعة، قال:

«فاقرأ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها» فقرأ حتى فرغ منها فقال: و الذي بعثك بالحق لا أزيد عليها شيئا ابدا، ثم أدبر الرجل، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «أفلح الرويجل (1)، أفلح الرويجل، أفلح الرويجل (2)». و الرويجل: تصغير رجل على غير قياس و كأنه تصغير (راجل)، يقال: رجل و رجيل و رويجل (3).

و عن أبيّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال: «من قرأ سورة العصر (4) ختم اللّه له بالصبر، و كان مع أصحاب الحق يوم القيامة، و من قرأ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ أعطى من الأجر بعدد من استهدى (5) بمحمد صلّى اللّه عليه و سلم، و من قرأ أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ عافاه اللّه أيام حياته في الدنيا، و من قرأ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة و اعتكف بها، و من قرأ أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ غفر اللّه له إن كان مؤديا للزكاة» (6).

ص: 270


1- هكذا في النسخ تكرّرت ثلاث مرات و في النسائي و غيره مرتين فقط.
2- أخرجه النسائي في فضائل القرآن- كما قال المصنف- ص 48، و رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن 2/ 119. و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 193. و الحاكم في المستدرك كتاب التفسير باب سورة الزلزلة و قال: صحيح على شرط الشيخين و وافقه الذهبي 2/ 532. و زاد السيوطي نسبته إلى الإمام أحمد و ابن مردويه و البيهقي في شعب الإيمان كلهم عن عبد اللّه ابن عمرو بن العاص. الدر المنثور 8/ 590 و انظر تفسير ابن كثير 4/ 538.
3- انظر جامع الأصول لابن الأثير 8/ 484، و اللسان 11/ 265 (رجل).
4- في د و ظق: و العصر، و في ظ: غير واضحة.
5- في الكشاف للزمخشري (... بعدد من استهزأ بمحمد صلّى اللّه عليه و سلم و أصحابه). و هو أليق بما تحمله السورة من الهمز و اللمز، و سيأتي أن الحديث موضوع من أصله.
6- الذي ظهر لي أن هذا الحديث الذي ذكره السخاوي في فضائل هذه السور هو قطعة من حديث أبيّ الطويل الذي وضع في فضائل سور القرآن سورة سورة. و من الذين ضمنوا تفاسيرهم هذا الحديث الزمخشري في تفسيره حيث ذكر فضل كل سورة في آخر تفسيرها انظر آخر تفسيره لسورة العصر و الهمزة و الفيل و قريش و الماعون 4/ 282- 290 التي ذكرها السخاوي. يقول الزركشي: و أما حديث أبيّ بن كعب- رضي اللّه عنه- في فضيلة (سور القرآن) سورة سورة: فحديث موضوع، و قد أخطأ بعض المفسرين في إيداعه تفاسيرهم، و اللوم يقع على من ذكره بالإسناد بخلاف من ذكره بلا إسناد و جزم به كالزمخشري فإن خطأه أشد اه. البرهان 1/ 432 باختصار. و يقول القرطبي: «لا التفات لما وضعه الواضعون و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة وضعوا الحديث حسبة كما زعموا ..». إلى أن قال: قال ابن الصلاح في كتاب علوم الحديث: و هكذا الحديث الطويل الذي يروى عن أبيّ بن كعب عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم في فضل القرآن سورة سورة، و قد بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه و جماعة وضعوه، و إن أثر الوضع فيه لبين اه. التذكار في أفضل الأذكار: 141. و انظر مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث: 58. و راجع الموضوعات لابن الجوزي 1/ 239. و المنار المنيف في الصحيح و الضعيف لابن القيم 113. و الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 296. و أقول: عفا اللّه عن الإمام السخاوي ما كان ينبغي له أن يضمن كتابه (جمال القراء) بما يخدش هذا الجمال بالأحاديث الموضوعة المختلقة و كان يكفيه ما ورد من الأحاديث الصحيحة و الحسنة في فضائل القرآن الكريم على العموم و في فضائل بعض السور و الآيات على الخصوص ففيها غنية عن غيرها و لكن لكل جواد كبوة و قد سبقه إلى ذلك من سبقه.

و عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ تعدل ربع القرآن و إِذا زُلْزِلَتِ تعدل ربع القرآن، و إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ تعدل (1) ربع القرآن» (2).

و عن جبير بن مطعم (3) أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال له: «يا جبير أ تحب إذا خرجت سفرا أن تكون أفضل أصحابك و أكثرهم زادا؟ اقرأ هذه السور الخمس قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ و إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (4).

ص: 271


1- من هنا حصل طمس في أطراف ثلاثة أسطر من «ظ».
2- رواه الترمذي بسنده إلى أنس بن مالك، أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في إِذا زُلْزِلَتِ و قال: هذا حديث حسن اه 8/ 204، و نسبه ابن حجر الى الترمذي و ابن أبي شيبة و أبي الشيخ من طريق سلمة بن وردان عن أنس .. قال: و هو حديث ضعيف لضعف سلمة، و ان حسنه الترمذي، فلعلّه تساهل فيه لكونه من فضائل الاعمال اه. فتح الباري كتاب فضائل القرآن باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 9/ 62- 63، و راجع ترجمة سلمة بن وردان هذا في الميزان 2/ 193، و التقريب 1/ 319.
3- جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي صحابي عارف بالأنساب مات سنة 58 ه أو نحوها. التقريب 1/ 126، و الإصابة 2/ 65 رقم 1087.
4- ذكره السيوطي في الدر المنثور و عزاه إلى أبي يعلى عن جبير بن مطعم 8/ 658. و ذكره القرطبي عن جبير كذلك، انظر تفسيره 20/ 224.

و روى الترمذي بإسناده عن فروة بن نوفل (1): (أنّه أتى النبي صلّى اللّه عليه و سلم فقال: يا رسول اللّه، علّمني شيئا أقوله اذا أويت إلى فراشي، فقال: «اقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فإنّها براءة من الشرك») (2).

و روى أيضا عن عبد اللّه بن خبيب (3) قال: (خرجنا في ليلة مطيرة، و ظلمة شديدة نطلب رسول اللّه يصلي بنا فأدركته، فقال: قل، فلم أقل شيئا (4)، ثم قال: قل، فقلت: ما أقول؟ قال: (5) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و المعوذتين ثلاث مرات حين تمسي و حين تصبح تكفيك من كل شي ء) (6).

و روى بإسناده عن عائشة رضي اللّه عنها: (أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم كان اذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، يقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه و وجهه، و ما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث () (7)، قال: هذا حديث حسن

ص: 272


1- فروة بن نوفل الأشجعي مختلف في صحبته، و الصواب- كما يقول ابن حجر- أن الصحبة لأبيه، و هو من الثانية قتل في خلافة معاوية رضي اللّه عنه. التقريب 2/ 109 و الإصابة 8/ 121، رقم 7033.
2- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- بسنده إلى فروة بن نوفل أبواب الدعوات باب 22 (9/ 348). ثم رواه كذلك بسند آخر عن فروة بن نوفل عن أبيه، قال: و هذا أصح و رواه أبو داود بسنده إلى فروة بن نوفل عن أبيه كتاب الأدب باب ما يقول عند النوم 5/ 303.
3- عبد اللّه بن خبيب- بضم المعجمة و فتح الموحدة الأولى و سكون الياء- الجهني المدني حليف الأنصار صحابي. التقريب 1/ 412، و الإصابة 6/ 69 رقم 4640.
4- في بقية النسخ: فأدركته، فقال: قل. فلم أقل شيئا، ثم قال: قل فلم أقل شيئا .. الخ و كذلك العبارة في سنن الترمذي.
5- في سنن الترمذي و أبي داود: قال: قل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
6- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- في سننه بسنده إلى معاذ بن عبد اللّه بن خبيب عن أبيه. أبواب الدعوات، و قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه 10/ 28. و النسائي في سننه كتاب الاستعاذة 8/ 250. و رواه أبو داود كتاب الأدب باب ما يقول إذا أصبح 5/ 321. و أورد الحديث ابن حجر في الإصابة عند ترجمته لعبد اللّه بن خبيب و رواه ابن السنى في عمل اليوم و الليلة ص 41. و زاد السيوطي نسبته إلى ابن سعد و عبد بن حميد و عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد و الطبراني كلهم عن عبد اللّه بن خبيب، و فيه: ابن حبيب- بمهملة- 8/ 681.
7- ساقط من الأصل كلمة (مرات).

غريب صحيح). اه (1).

و روى النسائي بإسناده عن مهاجر أبي الحسن (2) عن رجل من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: (كنت أمشي مع النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فسمع رجلا يقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ حتى ختمها، قال: «قد برئ هذا من الشرك»، ثم سرنا فسمع آخر يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال:

«أما هذا فقد غفر له») (3).

و روى أيضا بإسناده عن قتادة بن النعمان (4) قال: (قام رجل من الليل يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .. السورة يردّدها لا يزيد عليها، فلما أصبحنا، قال رجل: يا رسول اللّه إن رجلا قام الليلة من السحر يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، لا يزيد عليها، كأنّ الرجل يتلقاها- فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «و الذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن» (5).

و روى أيضا بإسناده عن عقبة بن عامر (6) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «أنزل عليّ

ص: 273


1- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- في سننه أبواب الدعوات باب ما جاء فيمن يقرأ من القرآن عند المنام 9/ 347. و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل المعوذات 6/ 105، و في صحيح مسلم بنحوه كتاب السلام باب استحباب رقية المريض 14/ 181. و في سنن أبي داود كذلك بنحوه كتاب الطب باب كيف الرقي؟ 4/ 224.
2- مهاجر أبو الحسن التيمي مولاهم الكوفي الصائغ ثقة من الرابعة. التقريب 2/ 279، و الكنى للإمام مسلم 1/ 214، و الجرح و التعديل 8/ 260.
3- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده إلى مهاجر أبي الحسن عن رجل من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلم ص 49. و الدارمي في كتاب فضائل القرآن 2/ 458. و ذكر السيوطي نحوه قال: أخرج أحمد و ابن الضريس و البغوي و حميد بن زنجويه في ترغيبه عن شيخ أدرك النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: (خرجت مع النبي صلّى اللّه عليه و سلم في سفر، فمر برجل يقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ...) و ذكره. الدر المنثور 8/ 656.
4- قتادة بن النعمان بن زيد الأنصاري أبو عبد اللّه صحابي، أخو أبي سعيد الخدري لأمه، شهد بدرا و مات سنة 23 ه على الصحيح و صلّى عليه عمر بن الخطاب. التقريب 2/ 123، و مشاهير علماء الأمصار 27.
5- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده إلى قتادة بن النعمان ص 50. و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 6/ 105. و في الموطأ للإمام مالك كتاب الرقائق باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 2/ 432. و في سنن أبي داود كتاب الصلاة باب في سورة الصمد 2/ 152.
6- عقبة بن عامر بن عيسى الجهني صحابي مشهور، كنيته أبو حماد على الأصح، ولي أمرة مصر لمعاوية- رضي اللّه عنه- ثلاث سنين، و كان فقيها فاضلا مات قرب الستين. الاستيعاب 8/ 100 رقم 1824 و التقريب 2/ 27، و الإصابة 7/ 21 رقم 5594.

آيات لم ير مثلهن قط» (المعوذتين) (1).

و روى الترمذي بإسناده عن أبي أيوب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «أ يعجز أحدكم أن (2) يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ من قرأ (اللّه الواحد الصمد) (3) فقد قرأ ثلث القرآن» (4).

و روى عن أبي هريرة رضي اللّه (عنه) (5) قال: «أقبلت مع النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فسمع رجلا يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «وجبت»، قلت: و ما وجبت؟ قال:

(3) صلّى اللّه عليه و سلم «الجنة»، و صحح الحديث (6).

ص: 274


1- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن بسنده عن عقبة بن عامر ص 51، و في سننه كتاب الافتتاح باب الفضل في قراءة المعوذتين 2/ 158. و الحديث في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل قراءة المعوذتين 6/ 96. و سنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في المعوذتين 8/ 214، و سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب فضل المعوذتين 2/ 462. و فضائل القرآن لأبي عبيد ص 203 و المصنّف لعبد الرزاق 3/ 384.
2- في د: أن تقرأ. تصحيف.
3- يقول ابن حجر:- عند شرحه لهذه العبارة- عند الإسماعيلي من رواية أبي خالد الأحمر عن الأعمش: (فقال: يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فهي ثلث القرآن «فكأنّ رواية الباب بالمعنى») اه. فتح الباري: 9/ 60. علما بأن صاحب تحفة الأحوذي قال: و في بعض النسخ من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ اه 8/ 206.
4- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص 8/ 206. و الحديث في صحيح البخاري 6/ 105، كتاب فضائل القرآن باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. و في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 6/ 96. و في سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن 2/ 460.
5- (عنه): ساقطة من الأصل. و ليس في بقية النسخ عبارة (رضي اللّه عنه).
6- أخرجه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص، و قال: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلّا من حديث مالك بن أنس 8/ 209. و رواه النسائي في سننه كتاب الافتتاح 2/ 171. و الإمام مالك في الموطأ كتاب الرقائق باب فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 2/ 432 و فيه: فأردت أن أذهب إلى الرجل فأبشره .. الخ و رواه الحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن، باب ذكر سور و آي متفرقة، 1/ 566، و قال صحيح الإسناد و أقره الذهبي. و راجع جامع الأصول 8/ 489.

و روى أيضا بإسناده عن أنس بن مالك قال: (من قرأ كل يوم مائتي مرة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ محي عنه ذنوب خمسين سنة، إلّا أن يكون عليه دين)، قال: و بهذا الإسناد عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه، ثم قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مائة مرة، فإذا كان يوم القيامة، يقول له الرب: يا عبدي أدخل على يمينك الجنة» (1).

و روى أيضا بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «احشدوا (2)، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن»، قال: فحشد من حشد ثم خرج نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «فإني (3) سأقرأ عليكم ثلث القرآن»، إني لأرى هذا خبر (4) جاءه من السماء.

ثم خرج نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فقال: «إني قلت: سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا و إنها تعدل بثلث (5) القرآن» هذا حديث حسن صحيح (6).

و روى الترمذي أيضا عن أنس قال: (كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد

ص: 275


1- أخرجه الترمذي بسنده عن أنس بن مالك مرفوعا أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص 8/ 210. و قال: هذا حديث غريب من حديث ثابت عن أنس، و قد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضا عن ثابت اه. قال صاحب تحفة الأحوذي: في سنده حاتم بن ميمون و هو ضعيف اه قال الذهبي: قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. ثم أورد الذهبي الحديث الأول من هذين الحديثين بهذا اللفظ، و بلفظ «.. كتب اللّه له ألفا و خمسمائة حسنة» اه ميزان الاعتدال: 1/ 428. و أخرجه الدارمي بسنده عن أنس بن مالك و فيه «.. خمسين مرة». و لم يذكر الدين. (2/ 461) و راجع تفسير ابن كثير 4/ 568. و الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 304 باب فضائل القرآن.
2- حشدوا و تحاشدوا إذا دعوا فأجابوا مسرعين. اللسان 3/ 150 «حشد».
3- في د و ظ: إني.
4- في د و ظ: خبرا.
5- في د و ظ: ثلث القرآن. بدون الباء.
6- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- بإسناده عن أبي هريرة أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص. و قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه اه 8/ 211، و الحديث في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 6/ 94.

قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ لهم في الصلاة: افتتح ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، و كان يصنع ذلك في كل ركعة (1). فكلمه أصحابه، فقالوا: إنّك تقرأ بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة أخرى، فإما أن تقرأ بها، و إما أن تدعها و تقرأ بسورة أخرى، قال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم (2) أؤمكم بها فعلت. و إن كرهتم تركتكم! و كانوا يرونه أفضلهم، فكرهوا أن يؤمهم غيره.

فلما أتاهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أخبروه الخبر، فقال: «يا فلان ما يمنعك مما يأمر به أصحابك؟

و ما يحملك أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة؟» فقال: يا رسول اللّه، إنّي أحبها، فقال (3): «إن حبكها (4) أدخلك الجنة» (5).

ص: 276


1- الظاهر من هذه الرواية أنه كان يقرأ بعد الفاتحة ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثم يقرأ السورة بعدها، و هذا لا يعرف طبعا و لا يسمع إلّا في صلاة الصبح و الركعتين الأوليين من صلاة المغرب و العشاء. و اللّه أعلم.
2- في سنن الترمذي: أن أؤمكم ... الخ.
3- في سنن الترمذي: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.
4- في الترمذي: إن حبها، و في البخاري: إن حبك إياها، و في ظ: إن حبك لها.
5- أخرجه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص، و قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث عبيد اللّه بن عمر عن ثابت البناني اه 8/ 212، و أخرجه البخاري معلقا قال: و قال عبيد اللّه عن ثابت عن أنس (كان رجل من الأنصار يؤمهم ... و ذكره بلفظه إلى آخره). كتاب الأذان باب الجمع بين السورتين في الركعة 1/ 188. قال ابن حجر: و حديثه هذا وصله الترمذي و البزار عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، و البيهقي من رواية محرز بن سلمة كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي عنه بطوله اه الفتح 2/ 257. قال صاحب تحفة الأحوذي: تنبيه: روى الشيخان عن عائشة أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعث رجلا على سرية و كان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فلمّا رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: سلوه، لأي شي ء يصنع ذلك فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن، و أنا أحب أن أقرأها، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أخبروه أن اللّه يحبه». و الظاهر أن قصة حديث عائشة هذا و قصة حديث أنس- رضي اللّه عنهما- المذكور في الباب، قصتان متغايرتان، لا أنها قصة واحدة، و يدل على تغايرهما أن في حديث الباب: أنه كان يبدأ ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و في حديث عائشة أن أمير السرية كان يختم بها، و في هذا أنه كان يصنع ذلك في كل ركعة، و لم يصرّح بذلك في قصة الآخر، و في هذا أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سأله، و في حديث عائشة أنه صلّى اللّه عليه و سلّم أمرهم أن يسألوا أميرهم، و في هذا أنه قال: أنه يحبها فبشره بالجنة، و أمير السرية قال: أنها صفة الرحمن فبشّره بأن اللّه يحبه. و اللّه أعلم 8/ 213- 214، و راجع فتح الباري 2/ 258.

و عن عقبة بن عامر قال: (أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة) (1).

و عن أسماء ابنة (2) أبي بكر- رضي اللّه عنهما- (من صلّى الجمعة، ثم قرأ بعدها قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و المعوذتين: حفظ أو كفى من مجلسه ذلك الى مثله) (3).

و عن ابن شهاب: (من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و المعوذتين بعد صلاة الجمعة حين يسلّم الإمام قبل أن يتكلم (4) سبعا سبعا: كان ضامنا) (5).

قال أبو (عبد) (6): أراه قال: (على اللّه هو و ماله و ولده من الجمعة إلى الجمعة).

ص: 277


1- أخرجه الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في المعوذتين 8/ 215. و ابن السنى في عمل اليوم و الليلة ص 55. و رواه أبو داود بنحوه كتاب الصلاة باب في المعوذتين، دون ذكر الأمر بقراءتهما دبر كل صلاة. و كذلك النسائي كتاب الافتتاح باب الفضل في قراءة المعوذتين 2/ 158 و كتاب الاستعاذة. 8/ 251. و أورده الذهبي عند ترجمة يزيد بن عبد العزيز الرعيني. و قال: هذا حديث حسن غريب اه 4/ 433.
2- أسماء بنت أبي بكر الصديق المعروفة بذات النطاقين، القرشية الفاضلة أخت عائشة لأبيها، و أم عبد اللّه بن الزبير، توفيت سنة 73 ه. انظر صفوة الصفوة 2/ 058، و الأعلام 1/ 305.
3- أخرجه أبو عبيد في فضائله عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي اللّه عنهما باب فضل المعوذتين و ما جاء فيهما ص 204. و رواه بنحوه ابن السنى في عمل اليوم و الليلة بسنده إلى عائشة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ص 145، و نقله عنه السيوطي في الدر المنثور 8/ 675.
4- في ظ: أن تتكم. خطأ.
5- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى ابن شهاب ص 205، و راجع فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوى 6/ 203، فقد ذكر آثارا حول هذا المعنى، ثم قال: و أخذ حجة الإسلام بقضية هذا الخبر و ما بعده فجزم بندبه في بداية الهداية. فقال: إذا فرغت و سلمت من صلاة الجمعة، فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات و الإخلاص سبعا و المعوذتين سبعا سبعا فذلك يعصمك من الجمعة إلى الجمعة و يكون لك حرزا من الشيطان اه.
6- هكذا في الأصل. و هو خطأ. و الصواب أبو عبيد، كما في بقية النسخ.
باب فضل بعض الآيات
اشارة

و عن ابن عباس (1)- في قوله تعالى مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ (2) هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ (3) قال:

هن ثلاث آيات في سورة الأنعام: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ .. (4) إلى ثلاث آيات، و التي في بني اسرائيل: وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً (5) الى آخر الآيات (6).

ص: 278


1- في د و ظ: رضي اللّه عنهما.
2- قال القرطبي:- عند تفسير هذه الآية- اختلف في المحكمات و المتشابهات على أقوال عديدة: فقال جابر بن عبد اللّه:- و هو مقتضى قول الشعبي و سفيان الثوري و غيرهما- المحكمات من آي القرآن: ما عرف تأويله و فهم معناه و تفسيره. و المتشابه: ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر اللّه تعالى بعلمه دون خلقه. قال بعضهم: و ذلك مثل وقت قيام الساعة و خروج يأجوج و الدجال و عيسى، و نحو الحروف المقطعة في أوائل السور. قلت:- أي القرطبي-: هذا أحسن ما قيل في المتشابه اه 4/ 9. و بناء على هذا فيكون ما قاله ابن عباس مثالا أعطاه في المحكمات. قاله ابن عطية. انظر تفسير القرطبي 4/ 10.
3- آل عمران (7).
4- الأنعام (151- 153) قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً .. الآيات.
5- الإسراء (23- 25).
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عباس ص 206، و أخرجه ابن جرير بسنده إلى ابن عباس، انظر تفسيره 3/ 172. قال ابن كثير: و رواه ابن أبي حاتم و حكاه عن سعيد بن جبير به 1/ 345، و عزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور و ابن أبي حاتم و الحاكم و صححه و ابن مردويه كلهم عن عبد اللّه بن قيس سمعت ابن عباس يقول في قوله مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ ... و ذكره. الدر المنثور: 2/ 145. قال الحاكم: صحيح و وافقه الذهبي. انظر المستدرك 2/ 288.

و عن منذر الثوري (1) قال لي الربيع بن خثيم (2): (أ يسرّك أن تلقى صحيفة من محمد صلّى اللّه عليه و سلّم خاتمة (3)؟!).

قلت: نعم، و أنا أرى أنه سيطرفني (4)- فما زادني على هؤلاء الآيات من سورة الأنعام: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ .. الى آخر الآيات (5).

و قال عبد اللّه بن مسعود- رحمه اللّه-: (ما من آية أجمع لخير و شر من آية في سورة النحل إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ (6) .. إلى قوله لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (7).

و قال: (ما في القرآن آية أعظم (فرحا) (8) من آية في سورة الزمر قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا .. (9) إلى آخرها).

و عنه أيضا: (ما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النساء القصرى (10)

ص: 279


1- منذر بن يعلى الثوري أبو يعلى الكوفي الثقة من السادسة. التقريب 2/ 275، و تاريخ الثقات: 440، و الكنى للإمام مسلم: 2/ 928.
2- الربيع بن خثيم- بضم المعجمة و فتح المثلثة- الثوري التميمي أبو يزيد من عبّاد أهل الكوفة و زهادهم و المواظبين منهم على الورع، مات بها سنة ثلاث و ستين. مشاهير علماء الأمصار: 99، و التقريب 1/ 244، و صفة الصفوة 3/ 59.
3- في فضائل القرآن لأبي عبيد: عليها خاتمه. و في الدر المنثور: بخاتم.
4- قال ابن منظور: أطرف الرجل، أعطاه ما لم يعط أحدا قبله، و أطرفت فلانا شيئا: أي أعطيته شيئا لم يملك مثله فأعجبه اه. اللسان 9/ 214 «طرف».
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله باب فضل آيات القرآن ص 207. و زاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد، و ابن المنذر عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم. الدر المنثور 3/ 381. و له شاهد عند الترمذي، فقد ساق بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود قال (من سرّه أن ينظر إلى الصحيفة التي عليها خاتم محمد صلّى اللّه عليه و سلّم: فليقرأ هؤلاء الآيات) ... و ذكرها، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، أبواب التفسير باب و من سورة الأنعام 8/ 446.
6- كتبت العبارة في ظ هكذا: إن اللّه يأمر بالعدل و الأولى قوله .. الخ.
7- النحل (90).
8- هكذا في الأصل و د، ظ (فرحا) بالحاء المهملة. و في ظق (فرجا) بالجيم و هي أصوب.
9- الزمر (53). و في، و ظ: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ....
10- أي السورة القصيرة التي تحدثت عن أحكام النساء، احترازا عن السورة الطويلة التي تحدثت أيضا عن النساء ما لهن و ما عليهن و المعروفة بسورة النساء.

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً (1)عبد اللّه بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي، أحد السابقين المكثرين من الصحابة، و أحد المتعبّدين الفقهاء، مات بالطائف على الراجح سنة 65 ه و قيل نحوها.

التقريب 1/ 436، و الإصابة 6/ 178، رقم 4838.(2) (3).

و قال ابن عباس لعبد اللّه بن عمرو (3): (أي آية في كتاب اللّه أرجى (4).

قال عبد اللّه بن عمرو: قول اللّه عزّ و جلّ قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا .. (5)

الآية. فقال ابن عباس: لكن قوله اللّه عزّ و جلّ وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ؟ قالَ: بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (6).

قال ابن عباس: فرضي منه بقوله: (بلى) قال: فهذا لما يعترض في الصدر ما يوسوس به الشيطان) (7).

ص: 280


1- الطلاق
2- .
3- ذكر هذا أبو عبيد بسنده إلى ابن مسعود باب فضل آيات القرآن ص 208، و ذكره الطبري 14/ 163، 24/ 15، 28/ 140. و زاد السيوطي نسبته إلى سعيد بن منصور و البخاري في الأدب و محمد بن نصر في الصلاة و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الطبراني و الحاكم و صححه، و البيهقي في شعب الإيمان كلهم عن عبد اللّه ابن مسعود رضي اللّه عنه. الدر المنثور 5/ 160. و قد أخرج الحاكم في المستدرك كلام ابن مسعود في الآية التي في سورة النحل بنحوه و قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه 2/ 356.
4- قال الزركشي: اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا، ثم سردها و من ضمنها قول ابن عباس هذا. انظر البرهان 1/ 446.
5- الزمر (53).
6- البقرة (260).
7- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن المنكدر و صفوان بن سليم قالا: التقى ابن عباس و عبد اللّه بن عمرو ... فذكره ص 209. و أخرج نحوه الطبري بسنده إلى شعبة قال: سمعت زيد بن علي يحدث عن رجل عن سعيد بن المسيب قال: أتعد عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن عمرو أن يجتمعا ... فذكره. انظر تفسيره 3/ 49، و السند كما ترى فيه رجل مجهول. و أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب الإيمان 1/ 60 و قال: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه، و تعقّبه الذهبي بأن فيه انقطاعا. و زاد السيوطي نسبته إلى عبد اللّه بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم كلهم عن ابن عباس. الدر المنثور 2/ 34، و راجع تفسير ابن كثير 1/ 316.

و عن أبي الفرات (1) مولى صفية (2) أم المؤمنين- رضي اللّه عنها- أن عبد اللّه ابن مسعود قال: (في القرآن آيتان ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلّا غفر له)، قال:

فسمع بذلك رجلان من أهل البصرة، فأتياه، فقال: ائتيا أبيّ بن كعب فإني لم أسمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم شيئا إلّا قد سمعه أبيّ قال: فأتيا أبيّ بن كعب، فقال لهما: اقرإ القرآن فإنكما ستجدانهما، فقرءا حتى اذا بلغا من آل عمران وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (3) ذَكَرُوا اللَّهَ .. (4) الآية، و قوله عزّ و جلّ وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (5) فقالا: قد وجدناهما، فقال أبيّ: أين؟ فقالا: في آل عمران و النساء، فقال: هما هما (6).

و قال عبد اللّه بن مسعود- رحمه [اللّه (7)- (إنّ في النساء خمس آيات، ما يسرني أن لي بها الدنيا و ما فيها)، و لقد علمت أن العلماء إذا مرّوا (8) بها يعرفونها قوله عزّ و جلّ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (9)، و قوله عزّ و جلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَ يُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (10)، و قوله عزّ و جلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ

ص: 281


1- هناك من يسمى كنانة بن نبيه مولى صفية أم المؤمنين رضي اللّه عنها، مقبول ضعفه الأزدي بلا حجة من الثالثة. التقريب 2/ 137، و راجع طبقات ابن سعد 8/ 128، و الإصابة 13/ 16 عند ترجمتهما لصفية، و ميزان الاعتدال عند ترجمته لهاشم بن سعيد الراوي عن كنانة.
2- صفية بنت حييّ بن أخطب الإسرائيلية أم المؤمنين، تزوجها النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بعد خيبر، قال ابن حجر في الإصابة: و أقرب ما قيل في وفاتها سنة 50 ه و قيل غير ذلك. الإصابة 13/ 14، و صفة الصفوة 2/ 51، و التقريب 2/ 603، و سير أعلام النبلاء 2/ 231.
3- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
4- آل عمران (135).
5- النساء (110).
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي الفرات مولى صفية أم المؤمنين عن عبد اللّه بن مسعود ص 209. و ذكره السيوطي و الشوكاني بنحوه دون ذكر أبيّ بن كعب قالا: أخرج سعيد بن منصور و ابن أبي شيبة و عبد بن حميد و الطبراني و ابن أبي الدنيا و ابن المنذر و البيهقي كلهم عن ابن مسعود قال: إن في كتاب اللّه لآيتين ... و ذكراه. الدر 2/ 326، و فتح القدير 1/ 382.
7- سقط لفظ الجلالة من الأصل. و في د و ظ: رضي اللّه عنه.
8- في ظ: إذا أمروا ... الخ.
9- النساء (31).
10- النساء (40).

يَشاءُ (1)، و قوله عزّ و جلّ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (2). و قوله عزّ و جلّ وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (3) (4) اه.

و عن المطلب بن عبد اللّه بن حنطب (5): أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قرأ في مجلس و معه أعرابي جالس فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (6). فقال الأعرابي: يا رسول اللّه، مثقال ذرة؟! قال: نعم فقال الأعرابي: وا سوأتاه! مرارا، ثم قام و هو يقولها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لقد دخل قلب الاعرابي الايمان» (7).

و عن حنش الصنعاني (8): (أن رجلا مصابا مرّ به (9) على ابن مسعود، فقرأ في أذنه أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً .. (10) حتى ختم الآية فبرأ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «ما ذا قرأت في أذنه؟» فأخبره فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «و الذي نفسي بيده لو أن رجلا قرأ بها على جبل لزال» (11).

ص: 282


1- النساء (48).
2- النساء (64).
3- النساء (110).
4- أخرجه أبو عبيد ص 210 و في آخره: قال ما يسرني أن لي بها الدنيا و ما فيها. و الحاكم في المستدرك كتاب التفسير 2/ 305. و أخرجه الطبري في تفسيره 5/ 44 بنحوه، و زاد السيوطي و الشوكاني نسبته إلى سعيد بن منصور، و عبد بن حميد، و ابن المنذر و الطبراني و الحاكم و البيهقي في شعب الإيمان كلهم عن ابن مسعود. الدر المنثور 2/ 498، و فتح القدير 1/ 459.
5- المطلب بن عبد اللّه بن حنطب المخزومي، صدوق كثير الإرسال عن كبار الصحابة رضي اللّه عنهم كأبي موسى و عائشة، من الرابعة. ميزان الاعتدال 4/ 129، و التقريب 2/ 254.
6- الزلزلة (7، 8).
7- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن عبد اللّه ص 211. و نسبه السيوطي إلى سعيد بن منصور عن المطلب كذلك يرفعه. و نسبه أيضا بلفظ قريب إلى عبد الرزاق، و سعيد بن منصور و عبد بن حميد كلهم عن زيد بن أسلم يرفعه. الدر المنثور 8/ 595، و انظر تفسير القرطبي 20/ 152.
8- حنش بن عبد اللّه- و يقال بن علي- بن عمرو الصنعاني، نزيل إفريقيا ثقة من الثالثة، مات سنة 100 ه، الميزان 1/ 620، و التقريب: 1/ 205، و الإعلام 2/ 276.
9- مر به: بالبناء للمجهول.
10- المؤمنون (110).
11- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى حنش الصنعاني ص 211، و ابن السنى في عمل اليوم و الليلة باب ما يقرأ على من يعرض له في عقله ص ٢٣٥ وفيه: لو أن رجلا موقنا قرأ بها ... الخ. وذكره ابن كثير نقلا عن ابن أبي حاتم بسنده كذلك إلى حنش الصنعاني انظر تفسيره ٣/ ٢٥٩ وفيه بدل حنش: حسن وهو تحريف. وزاد السيوطي نسبته إلى الحكيم الترمذي وأبي يعلى وأبي نعيم في الحلية وابن مردويه كلهم عن ابن مسعود. انظر الدر المنثور ٦/ ٢٢. «والحديث أخرجه العقيلي وفيه سلام بن رزين، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثت أبي هذا الحديث فقال: (موضوع هذا حديث الكذابين) اه وتعقب بأن له طريقا آخر أخرجه أبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح سوى ابن لهيعة وحنش الصنعاني وحديثهما حسن». تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ١/ ٢٩٤، وراجع اللئالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١/ ٢٤٧.

وقال عامر بن عبد قيس (1) - رحمه الله-: (أربع آيات من كتاب الله عزّ وجلّ، إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وما أمسي): قوله عزّ وجلّ: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ (2). وقوله عزّ وجلّ: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ (3). وقوله عزّ وجلّ:

سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (4). وقوله عزّ وجلّ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها (5) (6).

وقال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: (إن كل مؤدب (7) يحب أن يؤتى أدبه

ص: 283


1- عامر بن عبد الله بن قيس التميمي أبو عبد الله بصري تابعي ثقة، من كبار التابعين وعبّادهم توفي سنة ٥٥ ه_ أو نحوها. الكنى للإمام مسلم ١/ ٤٦٨، وتاريخ الثقات ٢٤٥، وصفة الصفوة ٣/ ٢٠١، والأعلام ٣/ ٢٥٢.
2- فاطر (٢).
3- يونس (١٠٧).
4- الطلاق (٧).
5- هود (٦).
6- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عامر بن عبد قيس ص ١١٢ وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة عند ترجمته لعامر بن عبد قيس ٣/ ٢٠٧. ونسبه السيوطي إلى ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس عند أول تفسير سورة فاطر. الدر المنثور ٧/ ٥. ونسبه كذلك في موضع آخر إلى البيهقي في شعب الإيمان، وفيه: عن عامر بن قيس قال: ثلاث آيات في كتاب الله اكتفيت بهن عن جميع الخلائق ... وذكرها دون ذكر آية الطلاق. الدر المنثور ٤/ ٣٩٥.
7- قال أبو عبيد: يقال: مأدبة ومأدبة- بضم الدال وفتحها-، فمن قال: مأدبة، أراد به الصنيع يصنعه الإنسان فيدعو إليه الناس، يقال منه: أدبت عليه القوم أدبا وهو رجل آدب مثال فاعل ... ومعنى الحديث: أنه مثل شبّه القرآن بصنيع صنعه الله للناس، لهم فيه خير ومنافع، ثم دعاهم اليه اه غريب الحديث ٢/ ٢٢٢. وراجع اللسان ١/ ٢٠٦ (أدب) ومقدمة تفسير القرطبي ١/ ٦.

و إنّ أدب اللّه عزّ و جلّ القرآن) (1).

فضل حملة القرآن

الترمذي (2): عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة (3) ريحها طيب و طعمها طيب و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها و طعمها حلو (4)، و مثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة (5) ريحها طيب و طعمها مر، و مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة (6) ريحها مر و طعمها مر» و قال: هذا حديث حسن صحيح (7).

ص: 284


1- أخرجه الدارمي في سننه بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود بلفظ: ليس من مؤدب إلّا و هو يحب ... الخ كتاب فضائل القرآن 2/ 433. و أخرجه أبو عبيد بلفظ المصنف عن عبد اللّه بن مسعود ص 6. و رواه البيهقي في شعب الإيمان عن سمرة بن جندب كما في الكنز 1/ 514 رقم 2286. و له شاهد عند أبي عبيد عن عبد اللّه بن مسعود يرفعه (إن هذا القرآن مأدبة اللّه، فتعلّموا من مأدبته ما استطعتم ..) الحديث و سيأتي قريبا، و نقله ابن كثير عن أبي عبيد، و قال: هذا حديث غريب من هذا الوجه اه. انظر فضائل القرآن لابن كثير ص 5 في آخر تفسيره.
2- أي و روى الترمذي بإسناده عن أبي موسى.
3- في سنن الترمذي: الأترنجة. قال ابن حجر: (الأترجة- بضم الهمزة و الراء بينهما ساكنة و آخره جيم مثقلة، و قد تخفف و يزاد قبلها نون ساكنة ..) اه فتح الباري 9/ 66، و الأترج و الأترجة و الترنجة و الترنج: معروف و هي أحسن الثمار الشجرية و أنفسها عند العرب. تحفة الأحوذي 8/ 165. و راجع القاموس المحيط 1/ 187 (ترج) و فتح الباري 9/ 66.
4- في ظ: طيب حلو.
5- كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم. تحفة الأحوذي 8/ 165.
6- الحنظل: نبت يمتد على الأرض كالبطيخ، و ثمره يشبه ثمر البطيخ لكنه أصغر منه جدا، و يضرب المثل بمرارته. المصدر السابق 8/ 166.
7- رواه الترمذي في سننه- كما قال المصنف- أبواب الأمثال باب في مثل المؤمن القارئ للقرآن و غير القارئ 8/ 164، و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل القرآن على سائر الكلام 6/ 106، و في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضيلة حافظ القرآن 6/ 3، و في فضائل القرآن للنسائي باب مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ص 75، و في سنن أبي داود بلفظ أطول مما هنا كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس 5/ 166.

و حدّثني الشيخ أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري- رحمه اللّه- بالإسناد المذكور إلى النسائي، حدّثنا عبيد اللّه بن سعيد (1) ثنا يحيى (2) عن شعبة (3) عن قتادة عن أنس عن أبي موسى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال (4): «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب و ريحها طيب، و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب و لا ريح لها، و مثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر، و مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر، و ليس لها ريح» (5).

و بالإسناد قال النسائي: ثنا عبيد اللّه بن سعيد عن عبد الرحمن (6) قال: حدّثني عبد الرحمن بن بديل بن ميسرة (7) عن أبيه (8) عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اللّه أهلين من خلقه»، قالوا: و من هم يا رسول اللّه؟ قال: «أهل القرآن هم أهل اللّه و خاصته» (9).

ص: 285


1- عبيد اللّه بن سعيد بن يحيى اليشكري أبو قدامة، نزيل نيسابور ثقة مأمون سنى، من العاشرة مات سنة 241 ه. التقريب 1/ 533، و الكنى للإمام مسلم 2/ 693.
2- هو القطان تقدم.
3- هو شعبة بن الحجاج تقدم.
4- (قال) ليست في د و ظ.
5- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ باب مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ص 75. و أخرجه النسائي كذلك بسند آخر في السنن (المجتبى) كتاب الإيمان باب مثل الذي يقرأ القرآن من مؤمن و منافق 8/ 124. و راجع تخريج الحديث السابق الذي قبل هذا مباشرة.
6- عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال و الحديث من التاسعة مات سنة 198 ه. التقريب 1/ 499، و تاريخ الثقات 299، و تاريخ بغداد 10/ 240، و الكنى لمسلم 1/ 364.
7- العقيلي البصري لا بأس به من الثامنة. الميزان 2/ 549، و التقريب: 1/ 473، و تاريخ الثقات: 78.
8- بديل- مصغرا- بن ميسرة العقيلي- بضم العين- البصري ثقة من الخامسة مات سنة 125 ه و قيل غير ذلك. التقريب 1/ 94.
9- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب أهل القرآن ص: 52. و أبو عبيد في فضائل القرآن باب فضل اتباع القرآن ص 30. و ذكره الذهبي عند ترجمته لعبد الرحمن بن بديل بن ميسرة- بإسناده إلى عبد الرحمن بن مهدي و هو الذي روى عنه عبيد اللّه بن سعيد عن عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ... و ذكره و عزاه إلى النسائي و ابن ماجة، و أحمد. انظر الميزان 2/ 549، و راجع الكنز 1/ 512، رقم 2277. و فضائل القرآن لابن كثير ص 54. قال الحاكم في المستدرك: «قد روى هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس هذا أمثلها» اه. و سكت عنه الذهبي، كتاب فضائل القرآن 1/ 556.

و روى أبو عبيد هذا الحديث فقال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد اللّه أو عبد الرحمن بن بديل العقيلي عن أبيه بديل بن ميسرة عن أنس بن مالك (1).

و روى أبو عبيد بإسناده (2) عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إنّ هذا القرآن مأدبة (3) اللّه، فتعلّموا من مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن حبل اللّه عزّ و جلّ، و هو النور المبين و الشفاء النافع، عصمة لمن تمسّك به و نجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوّم و لا يزيغ فيستعتب (4)، و لا تنقضي عجائبه، و لا يخلق من كثرة (5) الرد، فاتلوه، فإنّ اللّه يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أمّا إنّي لا أقول: (الم) حرف (6) و لكن (ألف) عشر و (لام) عشر و (ميم) عشر» (7).

ص: 286


1- رواه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب فضل اتباع القرآن ص 30.
2- في بقية النسخ: بإسناد.
3- تقدم قريبا ذكر معناها، ص 283.
4- الاستعتاب: طلبك إلى المسي ء الرجوع عن إساءته .. و يقال: فلان يستعتب من نفسه و يستقبل من نفسه و يستدرك من نفسه إذا أدرك بنفسه تغييرا عليها بحسن تقدير و تدبير. اللسان 1/ 577، 578 (عتب).
5- في ظق: على كثرة. و في د و ظ: عن كثرة.
6- كلمة (حرف) سقطت من ظق.
7- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل القرآن و تعلّمه و تعليمه للناس ص 5، و انظر سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن 2/ 431 قال القرطبي: و أسند أبو بكر بن الأنباري عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم .. و ذكره. التذكار في أفضل الأذكار ص 30. و نقله ابن كثير عن أبي عبيد، و قال: هذا غريب من هذا الوجه، و رواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري- بفتح الهاء و الجيم- و اسمه إبراهيم بن مسلم و هو أحد التابعين، و لكن تكلّموا فيه كثيرا، و قال أبو حاتم الرازي: ليّن ليس بالقوي، و قال أبو الفتح الأزدي: رفّاع كثير الوهم. قلت:- ابن كثير- فيحتمل و اللّه أعلم أن يكون و هم في رفع هذا الحديث و إنّما هو من كلام ابن مسعود، و لكن له شاهد من وجه آخر و اللّه أعلم اه. فضائل القرآن لابن كثير ص 5. و راجع كلام العلماء في إبراهيم الهجري هذا في الميزان 1/ 65، و التقريب 1/ 43. و قد ساق الذهبي حديث ابن مسعود هذا، و سكت عنه. و روى الترمذي شطره الأخير بألفاظ قريبة مما هنا بسنده عن محمد بن كعب عن ابن مسعود يرفعه. سنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في من قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر 8/ 226. و سيذكره المصنف عند كلامه عن فضل حامل القرآن ص 337. و أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 555، و قال: صحيح الإسناد و لم يخرجاه و تعقبه الذهبي بأن إبراهيم بن مسلم ضعيف، و نسبه في الكنز إلى ابن أبي شيبة و محمد بن نصر و ابن الأنباري في كتاب المصاحف و البيهقي في شعب الإيمان .. كلهم عن ابن مسعود 1/ 526 رقم 2356.

قال (1) أبو عبيد: ثنا حجاج (عن ابن المسعودي) (2) عن عون بن عبد اللّه بن عتبة (3) قال: ملّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ملة (4) فقالوا: يا رسول اللّه حدّثنا، فأنزل اللّه تبارك و تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ (5) قال: ثم نعته فقال: كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ .. إلى آخر الآية. قال: ثم ملّوا ملّة أخرى (فقال) (6) يا رسول اللّه، حدّثنا شيئا فوق الحديث و دون القرآن، يعنون القصص، فأنزل اللّه تبارك و تعالى الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إلى قوله تعالى نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (7).

ص: 287


1- في بقية النسخ: و قال.
2- هكذا في الأصل عن ابن المسعودي، و في بقية النسخ و فضائل القرآن لأبي عبيد: عن المسعودي، و هو عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عتبة المسعودي الكوفي، صدوق، اختلط قبل موته، من السابعة مات سنة 160 ه. التقريب 1/ 487 و الميزان 2/ 574.
3- ابن مسعود الهذلي أبو عبد اللّه الكوفي، ثقة عابد، من الرابعة مات سنة 120 ه. التقريب 2/ 90، و صفة الصفوة 3/ 100.
4- ملّ الشي ء، و مل من الشي ء يمل- بفتح الميم- مللا و ملّة و ملالة: أي سئمه و ضجر منه. مختار الصحاح 634 (ملل) و المصباح المنير: 580، و انظر اللسان: 11/ 628.
5- الزمر (23). و كتبت الآية في الأصل خطأ هكذا (اللّه أنزل الحديث).
6- هكذا في الأصل: فقال، و هو خطأ واضح. و في بقية النسخ: فقالوا و هو الصواب.
7- يوسف: (1- 3).

فإن (1) أرادوا الحديث دلّهم على أحسن الحديث، و إن أرادوا القصص دلّهم على أحسن القصص (القرآن) (2) اه.

و روى أيضا عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «لو كان القرآن في إهاب (3)، ثم ألقى في النار ما احترق» (4).

قال أبو عبيد: (وجه هذا عندنا أن يكون أراد بالإهاب قلب المؤمن و جوفه الذي قد وعى القرآن (5)) اه.

و قال الأصمعي (6): لو جعل القرآن في إنسان ثم ألقي في النار ما احترق، يقول:

ص: 288


1- في بقية النسخ: قال: فإن أرادوا ... الخ.
2- أخرجه أبو عبيد في فضائله- كما قال المصنف- باب فضل القرآن و تعلّمه و تعليمه ص 7. و أخرجه الحاكم في المستدرك بنحوه و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. و أقرّه الذهبي كتاب (التفسير) تفسير سورة يوسف عليه السلام 2/ 345. و أخرجه الطبري في تفسيره بسنده إلى المسعودي عن عون بن عبد اللّه 12/ 150. و أخرجه في موضع آخر بسنده إلى سعد بن أبي وقاص، المصدر السابق، و زاد السيوطي نسبته إلى إسحاق بن راهويه و البزار و أبي يعلى و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم و ابن حبان، و أبي الشيخ، و ابن مردويه كلهم عن سعد بن أبي وقاص و ذكره بنحوه. الدر المنثور 4/ 496.
3- الإهاب: الجلد من البقر و الغنم و الوحش ما لم يدبغ، اللسان 1/ 217 (أهب). و راجع مختار الصحاح 31، و القاموس المحيط 1/ 39، و المصباح المنير 28.
4- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب فضل القرآن و تعلّمه و تعليمه ص 8، و الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن بلفظ (لو جعل القرآن ...) الخ 2/ 430. و في سنده مشرح بن هاعان المصري و ابن لهيعة، و قد تقدم إنّ ابن لهيعة ضعيف، و أما مشرح فقد قال الذهبي: قال ابن حبان «يكنى أبو مصعب يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها ...» اه الميزان 4/ 117. و هذا الحديث ممّا رفعه ابن لهيعة في آخر عمره بعد أن اختلط. راجع الميزان 2/ 476. قال المناوي: «و فيه ابن لهيعة عن مشرح بن ماهان- هكذا- و لا يحتج بحديثهما عن عقبة، لكنه يتقوّى بتعدد طرقه ..» اه فيض القدير 5/ 324، و أخرجه أحمد و ابن الضريس و الحكيم الترمذي و البيهقي في شعب الإيمان و الطبراني في الكبير كلهم عن عقبة بن عامر إلّا الطبراني فعن سهل بن سعد. انظر الكنز 1/ 536 رقم 2402، 2403، 2404.
5- نقل هذا القرطبي عن أبي عبيد، ثم نقل أقوالا أخرى عن أبي جعفر الطحاوي. انظر التذكار ص 48، و قيل المعنى: من علّمه اللّه القرآن لم تحرقه نار الآخرة، فجعل جسم حافظ القرآن كالإهاب له. النهاية في غريب الحديث 1/ 83، و فيض القدير: 4/ 324.
6- عبد الملك بن قريب- بضم القاف- بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي، أحد الأئمة في اللغة و الشعر و البلدان، مولده و وفاته بالبصرة (122- 216 ه) تاريخ بغداد 10/ 410. و جمهرة أنساب العرب 245، و البداية و النهاية 10/ 283، و الأعلام: 4/ 162.

(إنّ من حفظ القرآن من المسلمين لا تحرقه النار يوم القيامة إن ألقي فيها بالذنوب) و قال غيره: كان هذا في عصر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم علما (1) لنبوته و دليلا على أنّ القرآن كلام اللّه و من عنده، ثم زال ذلك بعد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم (2). و قيل: أراد بقوله: «ما احترق» القرآن لا الإهاب، أي يحترق الإهاب و لا يحترق القرآن (3).

و كل هذه الأقوال غير مستقيمة:

أ) أما قول أبي عبيد: إنّه أراد الإهاب: قلب المؤمن و جوفه فتأويل لا دليل عليه لأن الإهاب: الجلد الذي لم يدبغ، فاستعماله في جوف المؤمن أو قلبه من غير دليل: لا يصح، و ظاهر اللفظ أيضا يقتضي خلاف ذلك، لأنّ هذا الكلام إنّما يقال على وجه الفرض و التقدير (4)، أي لو قدر جعله في إهاب، ثم ألقي في النار ما احترق الإهاب، و لا يستغرب كون القرآن (5) في جوف المؤمن (ثم إنّ جوف المؤمن) (6) لا يلقى في النار دون جسده، ثم إن أراد نار الدنيا فإنّا (7) لا نشك في احتراق من يلقي فيها من حفظة القرآن، و قد وقع ذلك، و إن أراد نار الآخرة (8) فبعيد أن يقال: لو ألقي قلب المؤمن في النار ما احترق.

ب) و أما قول الأصمعي: لو جعل القرآن في إنسان ثم ألقي في النار ما احترق أي أنّ من حفظ القرآن من المسلمين لم تحرقه النار يوم القيامة إن ألقي فيها: فذلك خلاف ما

ص: 289


1- في د و ظ: و علما.
2- ذكر هذا البغوي في شرح السنة 4/ 437، و ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث 1/ 83، و المناوي في فيض القدير 4/ 324، و راجع اللسان 1/ 217 (أهب).
3- قال البغوي: حكي عن الإمام أحمد بن حنبل قال: معناه: «لو كان القرآن في إهاب يعني في جلد في قلب رجل، يرجى لمن القرآن محفوظ في قلبه أن لا تمسه النار» اه. شرح السنة 4/ 437.
4- في د: أضاف الناسخ في الحاشية جوابا من عنده استحسنه، بعض كلماته لا تقرأ، و مفاده: أنّ هناك أعمالا صالحة، من يعملها لا يدخل النار، بل يدخل الجنة بغير حساب و لا عقاب، فلا عجب من عدم إحراق النار من زاد على تلك الأعمال الصالحة حفظ القرآن، و أما قوله تعالى وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها ففي معناها أقوال مختلفة، فلا قطع بذلك، و اللّه أعلم.
5- في ظ: في قلب جوف المؤمن.
6- سقطت هذه العبارة من الأصل.
7- في د و ظ: فإنّك لا تشك.
8- في و ظ: و إن أراد بالآخرة.

جاء في الأخبار الصحاح (1) أنّ المؤمنين يحرقون بتلك النار، و يخرجون حين يخرجون منها و قد صاروا حمما (2).

ج) و أما قول من قال: كان ذلك في عصر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم علما لنبوته، فذلك أيضا غير صحيح، لأنّ ذلك لم ينقل، و لو كان كذلك لفعله المسلمون غير مرة ليقيموا به الحجة على المشركين.

د) و أما قول من قال: يحترق الإهاب و لا يحترق القرآن فكلام لا معنى تحته، لأنّ ذلك من المعلوم، لأنّ القرآن كلام اللّه، و الكلام لا يحترق إنّما تحترق (3) الأجسام و كذلك أيضا كلام الخلق، لو كتب في كتاب و ألقي في النار لاحترق الكتاب دون الكلام.

و إنّما معنى الحديث عندي- و الذي لا أعتقد سواه-: أنّ القرآن لو كتب في إهاب و ألقي ذلك الإهاب في نار جهنم لم يحترق، و لم تعد عليه النار احتراما للقرآن إذ لم يجعل لها سلطانا على ما هو وعاء له (4).

و أعلم اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم بأنّ النار لا تعدو على ما كتب فيه القرآن ليكون ذلك بشرى لحملة القرآن و بسطا لرجائهم، كما قال عزّ و جلّ: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (5) أعلمنا اللّه عزّ و جلّ بذلك و هو الحق ليكون

ص: 290


1- قال القرطبي: «الأحاديث الثابتة ترد هذا القول على ما دلّت عليه من إدخال من قرأ القرآن النار من الموحدين الذين قرءوه و حفظوه و لم يعملوا به، ثم يخرجون بالشفاعة» اه، التذكار في أفضل الأذكار ص 48.
2- الحمم- بضم الحاء المهملة-: الفحم، واحدته حممة، و الحمم كذلك الرماد و الفحم و كل ما احترق من النار. اللسان 12/ 157.
3- في د: يحترق.
4- قال المناوي: «أي لو صوّر القرآن و جعل في إهاب و ألقى في النار ما مسته، و لا أحرقته ببركته، فكيف بالمؤمن المواظب لقراءته و تلاوته ..» اه فيض القدير 5/ 324. ثم قال: قال الطيبي: و تحريره إنّ التمثيل وارد على المبالغة و الفرض .. أي ينبغي و يحق أنّ القرآن لو كان في مثل هذا الشي ء الحقير الذي لا يؤبه به، و يلقى في النار ما مسته فكيف بالمؤمن الذي هو أكرم خلق اللّه؟ و قد وعاه في صدره، و تفكر في معانيه و عمل بما فيه كيف تمسّه فضلا عن أن تحرقه؟» اه. المصدر نفسه. و أقول: إنّ هذا هو الذي تميل إليه النفس و تستريح، فليس كل من حفظ القرآن لا تمسّه النار، و لكن من حفظه و تفكر فيه و عمل بما يحمله في طياته من مناهج و تعليمات و آداب و أوامر و نواهي، فإنّ اللّه تعالى سيشفعه فيه و يدخله الجنة دون أنّ تمسّه النار كما جاء في النصوص النبوية و التي تقدم ذكر بعضها.
5- سورة الحشر: آية (21).

موعظة لبني آدم، و أن قلوبهم لا تتصدع و لا تخشع لما تخشع و تتصدع له الجبال، لما (1) ذكرناه من بسط الأمل.

قال أبو أمامة: «احفظوا القرآن و لا (يغرنكم) (2) هذه المصاحف، فإنّ اللّه لا يعذب بالنار قلبا وعى القرآن» (3).

اللّهم إنّا نرجو ما رجاه أبو أمامة، فلا تخيّب رجاءنا برحمتك.

و عن أنس بن مالك: قال (4) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «القرآن شافع مشفع، و ماحل مصدّق، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، و من محل به القرآن يوم القيامة أكبه (5) اللّه في النار على وجهه» (6).

و عن عبد اللّه بن بريدة (7) عن أبيه (8) قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «إنّ القرآن يلقى

ص: 291


1- في بقية النسخ: و لما.
2- هكذا في النسخ: لا يغرّنكم و في ظق مطموسة. و المعنى: لا تغتروا بهذه المصاحف التي كتب فيها القرآن و تعتمدوا عليها و تتركوا حفظ القرآن في الصدور اعتمادا على أنّه محفوظ في السطور.
3- أخرجه الدارمي في سننه بسندين إلى أبي أمامة الباهلي كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن 2/ 432، و ابن أبي شيبة في المصنف باب في الوصية بالقرآن 10/ 505. و ذكره البغوي في شرح السنة 4/ 437. و هو في كنز العمال بلفظ (اقرءوا القرآن ..) الحديث 1/ 512 رقم 2271، و بلفظ (لا تغرّنكم هذه المصاحف المعلقة، إنّ اللّه تعالى لا يعذب قلبا وعى القرآن) و عزاه إلى الحكيم الترمذي عن أبي أمامة 1/ 535 رقم 2400. و بلفظ (لا يعذب اللّه عبدا أوعى القرآن) و عزاه إلى الديلمي عن عقبة بن عامر، 1/ 536 رقم 2401. و الأثر ضعيف كما أشار إلى ذلك السيوطي في القواعد العامة التي وضعها في مقدمة جمع الجوامع. انظر الكنز 1/ 10.
4- في د و ظ: قال: قال رسول اللّه .. إلخ.
5- في د و ظ: كبه.
6- تقدم تخريجه في أول الكلام على فضائل القرآن ص: 223.
7- عبد اللّه بن بريدة بن الحصيب- بمهملتين مصغرا- الأسلمي المروزي قاضيها ثقة من الثالثة مات سنة 105 ه و قيل 115 ه. التقريب 1/ 403 و تاريخ الثقات 250.
8- بريدة بن الحصيب، أبو سهل الأسلمي صحابي أسلم قبل بدر، مات سنة 63 ه. التقريب 1/ 96، و تاريخ الثقات: 79، و الإصابة 1/ 240، رقم 629.

صاحبه يوم القيامة كالرجل الشاحب (1)، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر و أسهرت ليلك، إنّ كل تاجر من وراء تجارته، و إنّي اليوم من وراء كل تجارة، قال: فيعطى الملك بيمينه (2) و الخلد بشماله و يوضع على رأسه تاج الوقار، و يكسى والداه (3) حلّتين لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان:

بم كسينا هذا؟ فيقال لهما: بأخذ ولدكما القرآن ثم يقال له: اقرأ و اصعد في درج الجنة و غرفها، قال: فهو في صعود ما دام يقرأ هذا (4) كان أو ترتيلا» (5) (6).

و لهذا الحديث قالت عائشة رضي اللّه عنها: «إنّ عدد درج الجنة بعدد آي القرآن (7)، فمن دخل الجنة ممن قرأ القرآن: فليس فوقه أحد» (8).

و عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «الذي يقرأ القرآن و هو به

ص: 292


1- الشاحب المتغير اللون لعارض من مرض أو سفر أو نحوهما. اللسان 1/ 485 (شحب).
2- قال البغوي: لم يرد به أن شيئا يوضع في يديه، و إنّما أراد به: يجعل له الملك و الخلد، و من جعل له شي ء ملكا فقد جعل في يده، و يقال: «هو في يدك و كفك، أي استوليت عليه» اه. شرح السنة 4/ 455.
3- في د: والده.
4- في د: هزا.
5- يقال: هذّ يهذ هذا، أي أسرع في قراءته. المصباح المنير: 636. و الترتيل هو: التمهل في القراءة.
6- رواه الدارمي في سننه بسنده إلى عبد اللّه بن بريدة عن أبيه، بلفظ أطول مما هنا كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة و آل عمران 2/ 450. و رواه الإمام أحمد في مسنده كذلك بلفظ أطول 5/ 348 و في ص 352 بلفظ أخصر عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه. و رواه أبو عبيد في فضائل القرآن باب فضل اتباع القرآن ص: 28. و رواه ابن أبي شيبة و محمد بن نصر و ابن الضريس كلهم عن بريدة. انظر: كنز العمال 1/ 552 رقم 2475 و راجع 1/ 571 من المصدر نفسه. قال البغوي: هذا حديث حسن غريب اه. شرح السنة 4/ 454. و قال الهيثمي: «رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح» اه. مجمع الزوائد 7/ 159.
7- عدد آي القرآن ستة آلاف و مائتا آية و كسر، و سيأتي إن شاء اللّه الحديث عنه.
8- أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن بسنده إلى عمران بن حطاب قال: سمعت أم الدرداء تقول: سألت عائشة رضوان اللّه عليها عن من دخل الجنة ممن قرأ القرآن ما فضله على من لم يجمعه؟ فقالت: إنّ عدد .. و ذكره، باب فضل اتباع القرآن ص 28، و أورده الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 50. و رواه ابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها كما في الكنز 1/ 541 رقم 2424. و ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره بلفظ قريب، و عزاه إلى مكي بن أبي طالب عن عائشة (1/ 9).

ماهر (1) مع السفرة (2) الكرام البررة، و الذي يقرأ القرآن و هو يشتد عليه (3) فله أجران» (4).

ص: 293


1- قال النووي: «الماهر الحاذق الكامل الحفظ، الذي لا يتوقف، و لا يشق عليه القراءة بجودة حفظه و اتقانه» اه. شرح مسلم 6/ 84.
2- قال البغوي: السفرة هم الملائكة سمّوا سفرة لأنهم ينزلون بوحي اللّه و ما يقع به الصلاح بين الناس، كالسفير الذي يصلح بين القوم، يقال: سفرت بين القوم أي أصلحت بينهم اه. شرح السنة 4/ 430.
3- و في رواية لمسلم: (.. و يتتعتع فيه و هو عليه شاق) اي يجد صعوبة و مشقة قال النووي: «و هو الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه ..» المصدر نفسه.
4- رواه البخاري بنحوه كتاب التفسير- تفسير سورة عبس- 6/ 80 رقم السورة 80 و مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضيلة حافظ القرآن: 6/ 84، و الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل قارئ القرآن 8/ 216. و أبو داود كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن 2/ 148. و النسائي في فضائل القرآن بأسانيد متعددة و متن متقارب ص 59. و أبو عبيد في فضائله باب فضل القرآن و تعلّمه ص 4، و باب فضل اتباع القرآن ص 30. و الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب فضل من يقرأ القرآن و يشتد عليه 2/ 444 كلهم عن عائشة رضي اللّه عنها.
ذكر معاني القرآن التي نزل عليها

أبو عبيد بإسناده عن أبي سلمة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «نزل القرآن على سبع:

حلال و حرام، و محكم و متشابه، و ضرب الأمثال، و خبر ما كان قبلكم، و خبر ما هو كائن بعدكم» (1).

ص: 294


1- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى سلمة بن أبي سلمة عن أبيه، باب فضل علم القرآن و السعي في طلبه ص 39، و أخرج ابن جرير نحوه عن ابن مسعود مرفوعا و موقوفا. انظر تفسيره 1/ 30، قال ابن كثير: «- بعد أن نقل هذا عن ابن جرير- و الأشبه أنّه من كلام ابن مسعود- رضي اللّه عنه- و اللّه أعلم» اه. انظر فضائل القرآن ص 19، و ذكره الزركشي في البرهان دون عزو 1/ 454. و عزاه بنحوه في الكنز إلى الديلمي عن أبي هريرة و أبي سعيد، و إلى الحاكم و أبي نصر السجزي و الفريابي عن ابن مسعود. انظر كنز العمال 1/ 529 رقم 2369، 2370، 2371. و أخرجه الحاكم بنحوه و بلفظ أطول و قال: «هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه» و أقره الذهبي. المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 553، قال ابن حجر في الفتح:- عند شرحه لحديث «أنزل القرآن على سبعة أحرف»- قال: و ذهب قوم إلى أن السبعة الأحرف: سبعة أصناف من الكلام، و احتجوا بحديث ابن مسعود- رضي اللّه عنه- عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم- و ذكره ثم قال: أخرجه أبو عبيد و غيره. قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت، لأنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، و لم يلق ابن مسعود، و قد ردّه قوم من أهل النظر ... إلى أن قال: و قد صحّح الحديث المذكور ابن حبان و الحاكم، و في تصحيحه نظر لانقطاعه بين أبي سلمة، و ابن مسعود، و قد أخرجه البيهقي من وجه آخر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلا، و قال: «هذا مرسل جيد» اه الفتح 9/ 29.

و في رواية (1) راشد بن سعد (2) عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «فأحلّوا حلاله و حرّموا حرامه، و اعملوا بمحكمه، و آمنوا بمتشابهه، و اعتبروا بأمثاله» (3).

ص: 295


1- أي إضافة إلى رواية أبي سلمة، قال راشد بن سعد: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «نزل القرآن على خمسة أحرف: حلال و حرام، و محكم، و متشابه، و ضرب الأمثال، فأحلّوا حلاله ...» الخ.
2- راشد بن سعد المقرائي- بفتح الميم و سكون القاف و فتح الراء بعدها همزة ثم ياء النسب- الحمصي تابعي ثقة كثير الإرسال، من الثالثة مات سنة 108 ه و قيل 113 ه. التقريب 1/ 240، و تاريخ الثقات 151، و الميزان: 2/ 35.
3- فضائل القرآن لأبي عبيد ص 39. و راجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة.
ذكر السبعة الأحرف

ذكر السبعة الأحرف (1)

ص: 296


1- لم يتعرّض المصنف- رحمه اللّه- هنا لذكر معنى السبعة الأحرف التي أنزل عليها القرآن و التي جاءت بطرق صحيحة متواترة باختلاف أساليبها و ألفاظها، و اتحاد معانيها و مقاصدها، و هو التيسير على هذه الأمة حيث لم يكلفهم ما لا طاقة لهم به، و إنّما وسع عليهم في قراءة كتاب ربّهم على سبعة أحرف كلها شاف كاف، و يستعرض المصنف لذكر ما قيل في معنى الأحرف السبعة في آخر كلامه على الشواذ. يقول ابن قتيبة:- فيما نقله عنه ابن الجزري-: «و لو أراد كل فريق من هؤلاء أن يزول عن لغته و ما جرى عليه اعتياده طفلا و ناشئا و كهلا، لاشتدّ ذلك عليه و عظمت المحنة فيه، و لم يمكنه إلّا بعد رياضة للنفس و تذليل للسان و قطع للعادة، فأراد اللّه برحمته و لطفه أن يجعل لهم متسعا في اللغات، و متصرفا في الحركات كتيسيره عليهم في الدين» اه النشر 1/ 23. هذا و قد اختلف العلماء اختلافا كثيرا في المعنى المراد من الأحرف السبعة، و ذهبوا فيه مذاهب شتى، حتى إنّ فارس هذا الميدان المحقق ابن الجزري يقول: «و لا زلت أستشكل هذا الحديث، و أفكر فيه و أمعن النظر من نيف و ثلاثين سنة، حتى فتح اللّه عليّ بما يمكن أن يكون صوابا- إن شاء اللّه- و ذلك أنّي تتبعت القراءات صحيحها و شاذها و ضعيفها و منكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها» اه. النشر في القراءات العشر: 1/ 26، ثم ذكر تلك الأوجه و هي بنحو الأوجه التي سيذكرها السخاوي أثناء كلامه على الشواذ و هي لا تخلو من الاعتراض من بعض العلماء و لا يتسع المقام لذكرها و ذكر الاعتراضات عليها. و قال السيوطي: إنّ العلماء اختلفوا في معنى الحديث على نحو من أربعين قولا، ثم ذكر منها ستة عشر قولا، و لم يرجح شيئا منها فيما ظهر لي. انظر الإتقان 1/ 131، النوع السادس عشر. و كذلك الصفاقسي نجده يقول: و اختلفوا في المراد بهذه الأحرف السبعة على نحو من أربعين قولا و اضطربوا في ذلك اضطرابا ... إلى أن قال: فذهب معظمهم إلى أنها سبع لغات. انظر غيث النفع في القراءات السبع ص 10، «و يؤكد ذلك في ص 13 بأنه أبين الأقوال و أولاها بالصواب» اه.

أبو عبيد بإسناده عن عبد الرحمن بن عبد القاري (1) عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: «سمعت هشام بن حكيم بن حزام (2) يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما أقرؤها و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أقرأنيها، قال: فأخذت بثوبه، فذهبت به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقلت؛ إنّي سمعت هذا يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما أقرأتني قال: اقرأ، فقرأ القراءة التي سمعت منه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «هكذا أنزلت»، ثم قال لي: اقرأ، فقرأت، فقال: هكذا أنزلت، إنّ هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا منه ما تيسّر» (3).

ص: 297


1- مدني تابعي، ثقة من التابعين، و قيل: له صحبة، مات سنة 88 ه الكنى للإمام مسلم 2/ 727، و تاريخ الثقات 295، و الإصابة 7/ 219 رقم 6219.
2- هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي صحابي ابن صحابي له ذكر في الصحيحين في حديث عمر. التقريب 2/ 318، و تاريخ الثقات 457، و الإصابة 9/ 245 رقم 8964.
3- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه باب لغات القرآن و أي العرب نزل القرآن بلغته ص 301. و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب أنزل القرآن على سبعة أحرف 6/ 100، و في كتاب الخصومات باب كلام الخصوم بعضهم في بعض 3/ 90. و في صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب بيان أنّ القرآن على سبعة أحرف 6/ 98. و سنن أبي داود، كتاب الصلاة باب أنزل القرآن على سبعة أحرف 2/ 158، و سنن الترمذي أبواب القراءات باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف 8/ 265، و مسند أحمد 1/ 40، و فضائل القرآن للنسائي باب على كم نزل القرآن ص 23.
ذكر تأليف القرآن

ذكر تأليف القرآن (1) أبو عبيد عن عثمان رضي اللّه عنه قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا نزلت عليه سورة

ص: 298


1- قال ابن كثير: المراد من التأليف هاهنا: ترتيب سوره اه. فضائل القرآن له ص 24. و هنا ينشأ سؤال فيما يتعلق بترتيب آيات القرآن و سوره و وضعها في مواضعها هل ذلك أمر توقيفي من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أو من فعل الصحابة أو بعضها توقيفي و بعضها باجتهاد الصحابة؟. يجيب الزركشي على هذه التساؤلات فيقول: «أما ما يتعلق بترتيب الآيات في كل سورة، و وضع البسملة أوائلها: فترتيبها توقيفي بلا شك، و لا خلاف فيه، و لهذا لا يجوز تعكيسها». قال مكّي و غيره: «ترتيب الآيات في السور هو من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و لمّا لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة». و قال القاضي أبو بكر: ترتيب الآيات أمر واجب و حكم لازم، فقد كان جبريل يقول: «ضعوا آية كذا في موضع كذا» ... إلى أن قال الزركشي و أما ترتيب السور على ما هو عليه الآن: فمذهب جمهور العلماء منهم مالك، و القاضي أبو بكر بن الطيب- فيما اعتمده و استقر عليه رأيه من أحد قوليه-: «إلى أن ذلك من فعل الصحابة، و أنّه صلّى اللّه عليه و سلّم فوّض ذلك إلى أمته بعده». و ذهبت طائفة إلى أن ذلك توقيفي من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، ثم قال «و الخلاف يرجع إلى اللفظ، لأن القائل بالثاني- أي أنّه من فعل الصحابة- يقول: إنّه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله و مواضع كلماته».و لهذا قال الإمام مالك: إنّما ألّفوا (أي جمعوا) القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه: هل ذلك بتوقيف قولي أم بمجرد استناد فعلي، و بحيث بقي لهم فيه مجال للنظر؟ .... ثم قال: و القول الثالث مال إليه القاضي أبو محمد بن عطية: «إنّ كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صلّى اللّه عليه و سلّم كالسبع الطول و الحواميم و المفصل، و أشاروا إلى أن ما سوى ذلك يمكن أن يكون فوّض الأمر فيه إلى الأمة بعده» اه كلام الزركشي 1/ 256- 257. و راجع كلام العلماء في هذه المسألة في تفسير ابن عطية 1/ 66، و القرطبي 1/ 59- 62، و الإتقان 1/ 172- 179، و مناهل العرفان 1/ 346. يقول الزرقاني: «و قد ذهب إلى هذا الرأي فطاحل العلماء، و لعلّه أمثل الآراء ...» اه مناهل العرفان 1/ 356. «و على كل حال فإنّه يجب احترام هذا الترتيب- كما يقول الزرقاني- سواء أ كان ترتيب السور توقيفيا أم اجتهاديا، خصوصا في كتابه المصاحف لأنّه عن إجماع الصحابة، و الإجماع حجة، و لأن خلافه يجر إلى الفتنة، و درء الفتنة و سد ذرائع الفساد واجب» اه. المصدر نفسه.

قال: ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا و كذا» (1).

(و يروى) (2) أيضا عن ابن عباس قال: قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى (الانفال) و هي من المثاني و إلى (براءة) و هي من المئين، فقرنتم بينهما و لم تكتبوا بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و وضعتموها في السبع الطّول»؟ فقال عثمان:- رحمه اللّه- إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان فيما (3) يأتي عليه الزمان، و هو ينزل عليه من السور ذوات العدد، و كان إذا نزلت عليه سورة يدعو بعض من يكتب فيقول: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا و كذا»، و كانت (براءة) من آخر القرآن نزولا، و كانت (الأنفال) من أول ما نزل بالمدينة، و كانت قصتها (شبيه) (4) بقصتها و ظننتها منها، و قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لم يبيّن لنا أمرها، قال: «فلذلك قرنت بينهما و لم أجعل بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و وضعتها في السبع الطول» (5) و معنى قوله: «و كانت قصتها شبيهة بقصتها»: لأنّ فيهما جميعا ذكر القتال. و روى أبو عبيد عن السدي (6) عن عبد،

ص: 299


1- هذا جزء من حديث سيأتي بعد هذا مباشرة، و هذا الجزء منه أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى عثمان رضي اللّه عنه. باب تأليف القرآن و جمعه .. ص 213.
2- في بقية النسخ: و روى.
3- في د و ظ: مما.
4- هكذا في الأصل: شبيه. و هو خطأ واضح. و في بقية النسخ: شبيهة و هو الصواب.
5- سبق أن ذكر المصنف جزءا من هذا الحديث عند كلامه عن أقسام القرآن بحسب سوره، و سبق تخريجه هناك ص 185. و أزيد هنا مما حضرني من مظانه: فضائل القرآن للنسائي باب السور التي يذكر فيها كذا ص 36 و مسند الإمام أحمد 1/ 57.
6- إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي- بضم المهملة و تشديد الدال- و هو السدي الكبير ابو محمد الكوفي صدوق يهم، رمي بالتشيع من الرابعة، مات سنة 127 ه. التقريب 1/ 71، و راجع الجرح و التعديل 2/ 184، و الميزان 1/ 236.

خير (1) قال: «أول من جمع القرآن بين اللوحين أبو بكر (2) رضي اللّه عنه» (3).

و عن علي عليه السلام: «رحم اللّه أبا بكر كان أول من جمع القرآن» (4).

و حدّثني أبو المظفر عبد الخالق الجوهري- رحمه اللّه- أنبأ القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف (5) أنبأ أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد (6) بن عمر بن الحسن بن المسلمة (7) أنبأ أبو عمرو عثمان بن محمد بن القاسم البزار المعروف بالآدمي (8)، حدّثنا

ص: 300


1- عبد خير بن يزيد الهمداني أبو عمارة الكوفي، مخضرم، ثقة من الثانية لم يصح له صحبة. التقريب 1/ 470، و تاريخ الثقات 286، و الإصابة 7/ 252 رقم 6360.
2- عبد اللّه بن عثمان بن عامر أبو بكر بن قحافة الصديق الأكبر الخليفة الأول لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أول من آمن به من الرجال، مات في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة و له ثلاث و ستون سنة. رضي اللّه عنه التقريب 1/ 432، و صفة الصفوة 1/ 235، و الإصابة 6/ 155 رقم 4808، و الأعلام 4/ 102.
3- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى عبد خير موقوفا عليه، باب تأليف القرآن و جمعه ص 213. و رواه ابن أبي داود في المصاحف عن المطلب عن السدي عن عبد خير، باب جمع القرآن ص 12، و له شواهد ستأتي بعد هذا مباشرة، تدل على أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم انتقل إلى الرفيق الأعلى و لم يكن القرآن مجموعا في مكان واحد و إنّما كان مفرقا فجمعه زيد بن ثابت بأمر الخليفة أبي بكر رضي اللّه عنهما. قال ابن كثير: «و هذا من أحسن و أجلّ و أعظم ما فعله الصّديق رضي اللّه عنه فإنّه أقامه اللّه تعالى بعد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مقاما لا ينبغي لأحد من بعده ...» اه. فضائل القرآن ص 8.
4- رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف بعدة أسانيد و ألفاظ متقاربة إلى علي رضي اللّه عنه باب جمع القرآن ص 11. و رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى علي رضي اللّه عنه، باب تأليف القرآن و جمعه ص 217. و ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب فضائل القرآن باب أول من جمع القرآن 10/ 544. قال ابن كثير- «بعد أن ساق الروايات عن علي- و هذا إسناد صحيح» اه فضائل القرآن ص 8.
5- الأرموي- نسبة إلى أرمية و هي من بلاد أذربيجان- كما في فتح الباري: 9/ 17، الفقيه الشافعي ولد ببغداد و سمع أبا جعفر بن المسلمة و غيره و كان ثقة صالحا (459- 547 ه) شذرات الذهب 4/ 145. و سير أعلام النبلاء 20/ 183.
6- (ابن محمد): ساقط من ظ.
7- السلمي البغدادي كان ثقة نبيلا عالي الإسناد كثير السماع متين الديانة (375- 465 ه) شذرات الذهب 3/ 323، و سير أعلام النبلاء 18/ 213.
8- حدث عن ابن أبي داود و غيره و كان ثقة، له ترجمة في تاريخ بغداد 11/ 310.

أبو بكر عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث السجستاني (1) ثنا عمر بن شبة (2) ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا سفيان (3) عن السدي عن عبد خير عن علي رضي اللّه عنه قال: «أعظم الناس أجرا في المصاحف: أبو بكر، فإنّه أوّل من جمع بين اللوحين» (4).

قال عبد اللّه (5)؛ و ثنا هارون بن إسحاق (6) ثنا عبدة (7) عن هشام (8) عن أبيه (9):

«أنّ أبا بكر هو الذي جمع القرآن بعد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: ختمه» (10).

ص: 301


1- عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني أبو بكر بن أبي داود من كبار حفاظ الحديث له تصانيف، كان إمام أهل العراق (230- 316 ه) تاريخ بغداد 9/ 464، و الميزان: 2/ 433 و الشذرات 2/ 273، و وفيات الأعيان 1/ 81، و غاية النهاية 1/ 420 و الأعلام 4/ 91.
2- عمر بن شبة- بفتح المعجمة و تشديد الموحدة- بن عبيدة بن زيد النميري- بالنون مصغرا- البصري نزيل بغداد، صدوق، له تصانيف من كبار الحادية عشرة (173- 262 ه) التقريب 2/ 57، و هدية العارفين 1/ 780.
3- هو الثوري.
4- رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف بسنده إلى عبد خير عن علي رضي اللّه عنه. باب جمع القرآن ص 11. و رواه كذلك بأسانيد أخرى إلى علي أيضا. انظر المصدر نفسه ص: 11- 12، و نقله السيوطي عنه و حسنه. انظر الإتقان: 1/ 165. و راجع كنز العمال 2/ 572 رقم 4753. و قد سبق القول عن ابن كثير بأن هذا إسناد صحيح. فضائل القرآن ص 8.
5- أي ابن أبي داود السجستاني.
6- هارون بن إسحاق بن محمد بن مالك الهمداني- بالسكون- أبو القاسم الكوفي، صدوق من صغار العاشرة، مات سنة 258 ه. التقريب 2/ 311، و الجرح و التعديل 9/ 87، و الكنى للإمام مسلم 2/ 690.
7- عبدة بن سليمان الكلابي أبو محمد الكوفي، يقال اسمه عبد الرحمن ثقة ثبت من صغار الثامنة، مات سنة 187 ه و قيل بعدها. التقريب 1/ 530، و الكنى للإمام مسلم 2/ 727، و تاريخ الثقات 315، و الجرح و التعديل 6/ 89.
8- هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي ثقة فقيه، ربما دلّس من الخامسة، مات سنة 145 ه أو نحوها. التقريب 2/ 319، و تاريخ الثقات 459، و الجرح و التعديل 9/ 63.
9- عروة بن الزبير بن العوام الأسدي أبو عبد اللّه المدني ثقة فقيه مشهور من الثانية مات سنة 94 ه على الصحيح، و مولده في أوائل خلافة عمر الفاروق رضي اللّه عنه. التقريب 2/ 19، و انظر الكنى للإمام مسلم 1/ 474، و تاريخ الثقات: 331.
10- أخرجه ابن أبي داود- كما قال المصنف- بسنده إلى أبي بكر رضي اللّه عنه باب جمع القرآن ص 12. و نقله عنه ابن كثير، و قال: «صحيح الإسناد». ص 8، فضائل القرآن و معنى ختمه: أي حفظه بين اللوحين، فلا يزاد فيه و لا ينقص، فكأنه وضع الختم عليه بعد الانتهاء من جمعه. و اللّه أعلم.

و قال عبد اللّه: ثنا أبو الطاهر (1) أنبأ ابن وهب (2) أخبرني ابن أبي الزناد (3) (4) عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما استحر (5) القتل بالقراء يومئذ فرق (6) أبو بكر على القرآن أن يضيع (7)، فقال لعمر بن الخطاب و لزيد (8) بن ثابت: «اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شي ء من كتاب اللّه، فاكتباه» (9).

و معنى هذا الحديث:- و اللّه أعلم- من جاءكم بشاهدين على شي ء من كتاب اللّه الذي كتب بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و إلّا فقد كان زيد جامعا للقرآن (10).

ص: 302


1- أحمد بن عمرو بن عبد اللّه بن السرح- بمهملات- أبو الطاهر المصري ثقة من العاشرة، مات سنة 255 ه. التقريب 1/ 23، و الكنى للإمام مسلم 2/ 461.
2- عبد اللّه بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه ثقة حافظ عابد من التاسعة مات سنة 197 ه. التقريب 1/ 460، و صفة الصفوة 4/ 313، و الكنى: 2/ 736، و الجرح و التعديل 5/ 189.
3- في د: الزياد.
4- عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد اللّه بن ذكوان المدني مولى قريش صدوق تغيّر حفظه لمّا قدم بغداد، و كان فقيها من السابعة. مات سنة 174 ه. التقريب 1/ 479.
5- استحر. بين مهملة ساكنة و مثناة مفتوحة ثم راء ثقيلة- أي كثر و اشتد. جامع الأصول 2/ 503 و تحفة الأحوذي: 8/ 512.
6- فرق من باب طرب: أي خاف. مختار الصحاح 500 (فرق). و فرق عليه: أي فزع و أشفق. اللسان 10/ 304.
7- في د: أن يضع.
8- زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري أبو سعيد و أبو خارجة صحابي مشهور، كتب الوحي و كان من الراسخين في العلم، مات في سنة 48 ه أو نحوها رضي اللّه تعالى عنه. التقريب 1/ 272، و الإصابة 4/ 41، رقم 2874، و الكنى لمسلم 1/ 353.
9- أخرجه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف بسنده إلى عروة بن الزبير باب جمع القرآن ص 12. و نقله عنه السيوطي في الإتقان، و قال: «رجاله ثقات مع انقطاعه» 1/ 167. قلت: لأن عروة بن الزبير الراوي للحديث ولد في أوائل خلافة ابن الخطاب رضي اللّه عنه كما سبق عند ترجمته، و القصة كما ترى وقعت في عهد أبي بكر.
10- «و هذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا مع كون زيد كان يحفظه، و كان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط» اه من فتح الباري 9/ 14، و الإتقان 1/ 167 و تحفة الأحوذي 8/ 514.

و يجوز أن يكون معناه: «من جاءكم بشاهدين على شي ء من كتاب اللّه، أي من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، و لم يزد على شي ء مما يقرأ أصلا، و لم يعلم بوجه آخر» (1).

و قال عبد اللّه: ثنا (عمر) (2) بن علي بن بحر ثنا أبو داود (3) ثنا إبراهيم بن سعيد (4) ثنا الزهري أخبرني عبيد بن السباق (5) أنّ زيد بن ثابت حدّثه قال: «أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة (6) و كان عنده عمر، فقال: إنّ هذا أتاني فقال: إن القتل قد استحرّ

ص: 303


1- نقل هذا المعنى عن السخاوي تلميذه أبو شامة في كتابه «المرشد الوجيز» ص 55، و السيوطي بنحوه. انظر الإتقان 1/ 167، و راجع تاريخ المصحف ص 49. قال ابن حجر و كأن المراد بالشاهدين الحفظ و الكتابة أو المراد أنهما يشهدان على أنّ ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن، و كان غرضهم أنّ لا يكتب إلّا من عين ما كتب بين يدي النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لا من مجرد الحفظ» اه فتح الباري 9/ 14- 15. و هو نحو كلام السخاوي، و راجع تحفة الأحوذي 8/ 515. قال السيوطي: «أو المراد أنّهما يشهدان على أنّ ذلك مما عرض على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عام وفاته» اه الإتقان 1/ 167. و معنى كلام ابن حجر أنّ المراد بالشاهدين: الحفظ و الكتابة: أي أنّ من كان يحفظ شيئا في صدره فليأت به، و من كان عنده شي ء مكتوب فليأت به أيضا و ليبرزه، و كذلك من توفر لديه الحفظ و الكتابة فليأت بهما زيادة في التوثيق و الحرص الدقيق. و اللّه أعلم.
2- هكذا في الأصل (عمر) و في بقية النسخ (عمرو) و هو الصواب.
3- سليمان بن داود بن الجارود أبو داود الطيالسي البصري ثقة حافظ، غلط في أحاديث من التاسعة، مات سنة 204 ه. التقريب 1/ 323، و الجرح و التعديل 4/ 111، و تاريخ الثقات 201 و الميزان 2/ 203.
4- هكذا في النسخ، و في كتاب المصاحف لابن أبي داود: إبراهيم بن سعد، و كذا في صحيح البخاري 6/ 98، و سنن الترمذي 8/ 511، و هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق مدني ثقة حجة، نزيل بغداد، تكلّم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة 185 ه. التقريب 1/ 35، و راجع الجرح و التعديل 2/ 101، و تاريخ الثقات 52، و الميزان 1/ 33.
5- عبيد بن السباق- بمهملة و موحدة شديدة- المدني الثقفي أبو سعيد ثقة من الثالثة. التقريب 1/ 543، و تاريخ الثقات: 321.
6- مقتل أهل اليمامة: هو مفعل من القتل، و هو ظرف زمان هاهنا، يعني: «أوان قتلهم، و اليمامة: أراد الواقعة التي كانت باليمامة، في زمن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، و هم أهل الردة» اه من جامع الأصول لابن الأثير 2/ 503 و راجع فتح الباري 9/ 12.

بالقراء، و إنّي أخشى ان يستحرّ القتل (1) بالقراء في سائر المواطن، فيذهب القرآن، و قد رأيت أن تجمعوه، فقلت لعمر: كيف تفعل (2) شيئا لم يفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟.

فقال عمر: هو و اللّه خير، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح اللّه صدري للذي شرح له صدره، و رأيت فيه الذي رآه.

فقال أبو بكر: إنّك شاب أو رجل عاقل، و قد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و لا نتهمك (3) فاكتبه. قال (4): فو اللّه (5) لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل عليّ منه، فقلت لهما: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟

قال أبو بكر و عمر: و هو و اللّه خير، فلم يزل أبو بكر و عمر يراجعاني في ذلك حتى شرح اللّه صدري للذي شرح اللّه (6) له صدرهما، و رأيت فيه الذي رأيا، فتتبّعت القرآن أنسخه من الصحف (7) و العسب (8) و اللخاف (9) و صدور الرجال حتى فقدت آية كنت أسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقرأ بها لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ .. (10) فالتمستها

ص: 304


1- كلمة (القتل) ساقطة من ظق.
2- في د و ظ: كيف نفعل.
3- ذكر له أربع صفات مقتضية خصوصيته بذلك: أ) كونه شابا فيكون أنشط لما يطلب منه. ب) و كونه عاقلا فيكون أوعى له. ج) و كونه لا يتهم فتركن النفس إليه. د) و كونه كان يكتب الوحي فهو أكثر ممارسة له. و هذه الصفات التي اجتمعت له قد توجد في غيره لكن مفرقة، اه. تحفة الأحوذي 8/ 513، و راجع مناهل العرفان 1/ 250.
4- في د و ظ: فقال.
5- في د و ظ: و اللّه.
6- لفظ الجلالة ليس في بقية النسخ.
7- يقول ابن حجر: «الفرق بين الصحف و المصحف: أنّ الصحف: الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر، و كانت سورا مفرقة كل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها أثر بعض. فلمّا نسخت و رتبت بعضها أثر بعض صارت مصحفا» اه. فتح الباري 9/ 18.
8- جمع عسيب و هو سعف النخل. جامع الأصول 2/ 503.
9- جمع لخفة و هي حجارة بيض رقاق. المصدر نفسه.
10- التوبة (128).

فوجدتها (1) عند خزيمة (2) بن ثابت (3). فأثبتها في سورتها» (4).

و اللخاف: الحجارة الرقاق.

قال عبد اللّه: حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن النعمان (5). قال: ثنا محمد (6)

ص: 305


1- أي أنه لم يجدها مكتوبة مع غيره، لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة راجع الإتقان 1/ 167 و مناهل العرفان 1/ 252.
2- في صحيح البخاري: «... حتى وجدت آخر سورة (التوبة) مع أبي خزيمة الأنصاري ...». يقول ابن حجر عند شرحه لهذه العبارة: «وقع في رواية عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن سعد (مع خزيمة بن ثابت) أخرجه أحمد، و الترمذي. و وقع في رواية شعيب عن الزهري (مع خزيمة الأنصاري) و قد أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» من طريق أبي اليمان عن شعيب فقال فيه: «خزيمة بن ثابت الأنصاري». و كذا أخرجه ابن أبي داود من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب، و قول من قال: عن إبراهيم بن سعد «مع أبي خزيمة» أصح. فالذي وجد معه آخر سورة التوبة غير الذي وجد معه الآية التي في الأحزاب مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ... الآية 23، فالأول اختلف الرواة فيه على الزهري، فمن قائل «مع خزيمة» و من قائل «مع أبي خزيمة» و من شاك فيه يقول: «خزيمة أو أبي خزيمة». و الأرجح أن الذي وجد معه آخر سورة التوبة «أبو خزيمة» بالكنية، و الذي وجد معه الآية من الأحزاب «خزيمة». و أبو خزيمة قيل: «هو ابن أوس بن يزيد بن أصرم، مشهور بكنيته دون اسمه، و قيل: هو الحارث، و أما خزيمة فهو ابن ثابت ذو الشهادتين» فتح الباري 9/ 15.
3- خزيمة بن ثابت بن الفاكهة بن ثعلبة الأنصاري أبو عمارة المدني ذو الشهادتين صحابي جليل شهد بدرا، و قتل مع عليّ في صفّين سنة 37 ه رضي اللّه تعالى عنه. التقريب 1/ 223 و الإصابة 3/ 93 رقم 1525.
4- أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع القرآن ص 12- 13، و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن 6/ 98، و سنن الترمذي أبواب التفسير باب و من سورة التوبة، قال الترمذي: حديث حسن صحيح اه 8/ 511، و في فضائل القرآن لأبي عبيد ص 214 باب تأليف القرآن و جمعه ..
5- أبو محمد القاضي الأصبهاني المقرئ، قرأ على أبي الحسن الادمي عن المطرز، قرأ عليه عبد السيد بن عتاب. غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 454، و ذكره الذهبي في العبر عرضا 2/ 277، 356.
6- هناك من يسمّى محمد بن عبد اللّه بن الزبير ذكره ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل 6/ 180، و الذهبي في الميزان 3/ 319، و قالا: إنه روى عن أبي جعفر الرازي، و قد تقدمت ترجمة محمد المذكور. هذا و في تهذيب الكمال للمزي هناك اثنان كل منهما يسمّى محمدا كلاهما روى عن أبي جعفر الرازي: الأول محمد بن سليمان بن أبي داود المتوفى سنة 213 ه. و الثاني محمد بن سليمان بن الأصبهاني المتوفى سنة 181 ه. و هما صدوقان كما قال ابن حجر في التقريب 2/ 166.

ثنا (1) أبو جعفر (2) عن ربيع (3) عن أبي العالية: «أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، و يملي عليهم أبيّ بن كعب فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (4) فظنوا أنّها آخر ما أنزل من القرآن فقال أبيّ إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أقرأني بعدهن آيتين لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (5). فهذا (6) آخر ما نزل (7) من القرآن (8)، فختم الأمر بما فتح به (9)، بقول (10) اللّه جلّ ثناؤه وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ

ص: 306


1- في بقية النسخ: قال: ثنا أبو جعفر.
2- أبو جعفر الرازي التميمي مولاهم مشهور بكنيته، و اسمه عيسى بن أبي عيسى عبد اللّه بن ماهان صدوق سيئ الحفظ خصوصا عن مغيرة من كبار السابعة، مات سنة 161 ه. الاستغناء 1/ 503 و التقريب 2/ 406 و تهذيب التهذيب 12/ 56 و الجرح و التعديل 6/ 280، و الكاشف 3/ 322.
3- هكذا في النسخ (ربيع) و هو الربيع بن أنس تقدمت ترجمته.
4- التوبة (127).
5- التوبة (128- 129).
6- في كتاب المصاحف: قال: فهذا.
7- في ظ: فهذا آخر ما أنزل .. الخ.
8- هذا أحد الأقوال التي قيلت في آخر ما نزل، و قد تقدم الحديث عن هذا في أوائل هذا الكتاب ص 116، و أن الراجح أن آخر ما نزل على الإطلاق قوله تعالى وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ... و أما القول بأن آخر ما نزل من القرآن خاتمة (براءة) فيمكن نقضه- كما يقول الزرقاني- بأنها آخر ما نزل من سورة (براءة) لا آخر مطلق و يؤيده ما قيل من أن هاتين الآيتين مكّيتان بخلاف سائر السورة، و لعلّ قوله سبحانه فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ .. يشير إلى ذلك من حيث عدم الأمر فيه بالجهاد عند تولي الأعداء و إعراضهم اه. مناهل العرفان 1/ 99.
9- لعلّ المعنى أن الأمر بدئ بالدعوة إلى التوحيد و هي وظيفة الرسل- عليهم السلام- من أولهم إلى خاتمهم نبينا محمد صلّى اللّه عليه و سلم فما من نبي إلّا دعا قومه إلى عبادة اللّه تعالى و توحيده فختم الأمر بما فتح به. و اللّه أعلم.
10- في ظق و ظ: يقول. و في د: غير واضحة.

رسول إلّا يوحى (1) إليه أنّه لا إله إلّا أنا فاعبدون (2) (3).

و أقول: إنّ أبيّا- رحمه اللّه- إنما كان يتتبع ما كتب بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في اللخاف و الأكتاف (4) و العسب و نحو ذلك، لا (5) لأنّ القرآن العزيز كان معدوما (6).

و أمّا قوله: (و صدور الرجال) (7) فإنّه كتب الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن (8) فكان (9) يتتبعها من صدور الرجال ليحيط بها علما و دليل ذلك أنّه كان عالما بالآيتين اللتين في آخر (براءة) ثم لم يقنع بذلك حتى طلبهما و سأل عنهما غيره، فوجدهما عند خزيمة (10)، و إنّما طلبهما من غيره مع علمه بهما ليقف على وجوه القراءة، و اللّه أعلم (11).

قال عبد اللّه: ثنا أبو الطاهر أنبا (12) ابن وهب أخبرني (13) مالك عن ابن شهاب عن

ص: 307


1- هكذا بالياء في النسخ و هي قراءة نافع و ابن كثير و أبي عمرو و ابن عامر و شعبة و قرأ الباقون بالنون. انظر التبصرة لمكّي ص 447، و الإرشادات الجليلة ص 304.
2- الأنبياء (25).
3- أخرجه ابن أبي داود بسنده إلى أبي العالية باب جمع القرآن ص 15. و راجع فتح الباري 19/ 16. و أخرجه كذلك ابن أبي داود بسنده إلى أبي العالية عن أبيّ بن كعب انظر كتاب المصاحف باب خبر قوله عزّ و جلّ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ ... الآية ص 38.
4- الأكتاف: جمع كتف و هو العظم الذي للبعير أو الشاة كانوا إذا جف كتبوا عليه. فتح الباري 9/ 14، و الإتقان 1/ 168.
5- سقطت (لا) من د. و هو سقط يحيل المعنى.
6- أي غير محفوظ في الصدور.
7- قال ابن حجر: «و صدور الرجال» أي حيث لا يوجد ذلك مكتوبا، أو الواو بمعنى «مع» أي: «أكتبه من المكتوب الموافق للمحفوظ في الصدور» اه فتح الباري 9/ 15.
8- تقدم قريبا نحوه عن السخاوي و نقله السيوطي عن السخاوي في الإتقان: 1/ 167، و ذكرت هناك كلام ابن حجر المؤيد لهذا، فانظره في فتح الباري 9/ 14، و كان الخط آن ذاك مجردا من النقط و الشكل فكانت الكتابة تشمل جميع الأوجه السبعة التي نزل بها القرآن، مع الاعتماد في كل وجه من هذه الوجوه السبعة على المحفوظ في الصدور.
9- في د: فكانه.
10- تقدم قريبا الكلام فيه هل هو خزيمة أو أبو خزيمة فانظره ص 305.
11- انظر المرشد الوجيز لأبي شامة- تلميذ السخاوي- حيث نقل هذا التعليق ص 56.
12- في بقية النسخ: قال: أنبأ ابن وهب.
13- في بقية النسخ: قال: أخبرني مالك.

سالم (1) و خارجة (2) «أنّ أبا بكر الصديق كان (3) جمع القرآن في قراطيس (4)، و كان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك فأبى حتى استعان عليه بعمر ففعل (5) فكانت تلك الكتب عند أبي بكر حتى توفي، ثم عند عمر حتى توفي، ثم عند حفصة (6) زوج النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فأرسل إلى عثمان فأبى أن يدفعها إليه حتى عاهدها ليردنها إليها فبعثت بها إليه فنسخها عثمان (7) هذه المصاحف ثم ردها إليها، فلم تزل عندها، حتى أرسل مروان (8) فأخذها فحرقها اه.

و في الرواية عن أنس بن مالك: فلما كان مروان أمير المدينة (9) أرسل إلى حفصة يسألها عن الصحف ليحرقها، و خشى أن يخالف بعض الكتاب بعضا فمنعته إياها (10).

قال ابن شهاب: فحدّثني سالم بن عبد اللّه، قال: فلما توفيت حفصة أرسل إلى عبد اللّه بن عمر بعزيمة ليرسلن (11) بها، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها عبد اللّه

ص: 308


1- سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي أبو عمر أو أبو عبد اللّه المدني الفقيه، كان ثبتا عابدا فاضلا من كبار الثالثة مات في آخر سنة 106 ه على الصحيح. التقريب 1/ 280 و تاريخ الثقات: 174.
2- خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري أبو زيد المدني، ثقة فقيه، من الثالثة مات سنة 100 ه و قيل قبلها. التقريب 1/ 210، و تاريخ الثقات: 140.
3- في بقية النسخ: كان قد جمع.
4- هذه الرواية تفيد أنّ أبا بكر هو الذي جمع القرآن، فلا يفهم منها تعارض مع الروايات الثابتة في الصحيح و غيره أن زيد بن ثابت هو الذي جمع القرآن في الصحف فقد جمعه زيد بأمر أبي بكر، و الآمر بالشي ء ينسب إليه فعله، و مثل هذا كثير و قد ذكر هذه الرواية ابن حجر و السيوطي، و لم يذكرا فيها مطعنا، كما سيأتي و اللّه أعلم.
5- ذكر هذه الرواية ابن حجر و السيوطي إلى قوله: «ففعل»، و عزواها إلى موطأ ابن وهب عن مالك عن ابن شهاب .. الخ. فتح الباري 9/ 16، و الإتقان 1/ 169.
6- حفصة بنت عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنهما- أم المؤمنين، تزوجها النبي صلّى اللّه عليه و سلم بعد خنيس بن حذافة، سنة ثلاث و ماتت سنة 45 ه. التقريب 2/ 594، و الإصابة 12/ 197 رقم 293.
7- (في) ساقطة من النسخ و من كتاب المصاحف لابن أبي داود، و قد أضافها الناشر لكتاب المصاحف.
8- مروان بن الحكم بن أبي العاص، أحد الخلفاء الأمويين، ولد بمكة و توفي بالشام سنة 65 ه. الأعلام: 7/ 207.
9- كان مروان أمير المدينة من قبل معاوية رضي اللّه عنه من سنة 42 إلى 49 ه انظر الأعلام للزركلي 8/ 207، و البداية و النهاية لابن كثير 8/ 25.
10- أخرجه ابن أبي داود بلفظ: قال ابن شهاب: ثم أخبرني أنس بن مالك الأنصاري أنه اجتمع لغزوة أذربيجان ... إلى أن قال: فلمّا كان مروان أمير المدينة .. الحديث باب جمع عثمان رحمة اللّه عليه المصاحف ص 28، و أخرجه أبو عبيد في فضائله باب تأليف القرآن و جمعه ص 217.
11- في بقية النسخ: لترسلن.

ابن عمر إلى مروان فغسلها، و حرقها مخافة أن يكون في شي ء من ذلك اختلاف لما نسخ عثمان (1) رحمة اللّه عليه (2) اه.

قال عبد اللّه: ثنا إسماعيل بن عبد اللّه بن مسعود (3) (4) ثنا يحيى (5)- يعني ابن يعلى ابن الحارث- ثنا أبي (6) ثنا غيلان (7) عن أبي إسحاق (8) عن مصعب بن سعيد (9).

ص: 309


1- و كان هدف مروان بن الحكم: ما ذكره ابن أبي داود بإسناده إلى سالم بن عبد اللّه ... و فيها فقال مروان: إنّما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب و حفظ بالصحف فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول: إنه قد كان شي ء منها لم يكتب اه كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة اللّه عليه المصاحف ص 32.
2- كتاب المصاحف لابن أبي داود ص 28. قال أبو عبيد عقب ذكره لهذه الرواية: لم يسمع شي ء من الحديث أن مروان هو الذي مزّق الصحف إلّا في هذا الحديث اه. فضائل القرآن باب تأليف القرآن ص 218 لكن الحافظ ابن حجر تعقب قول أبي عبيد هذا بأنه ورد من طرق اخرى، و منها رواية ابن أبي داود هذه- و هي التي ذكرها السخاوي-، انظر فتح الباري 9/ 20.
3- إسماعيل بن عبد اللّه بن مسعود العبدي الأصبهاني أبو بشر حافظ متقن من أهل أصبهان، رحل في طلب الحديث رحلة واسعة، توفي سنة 267 ه. تذكرة الحفاظ 2/ 566، و طبقات الحفاظ: 243، و الرسالة المستطرفة 71 و الأعلام 1/ 318.
4- في بقية النسخ: قال: ثنا يحيى- يعني ابن يعلى بن الحارث- قال: ثنا أبي، قال: ثنا غيلان .. الخ.
5- يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي، الكوفي ثقة من صغار التاسعة مات سنة 216 ه. التقريب 2/ 360، و الميزان: 4/ 415، و الجرح و التعديل 9/ 196.
6- يعلى بن الحارث بن حرب المحاربي، الكوفي، ثقة، من الثامنة مات سنة 168 ه. التقريب 2/ 377، و انظر الجرح و التعديل 9/ 304.
7- غيلان بن جامع بن أشعث المحاربي أبو عبد اللّه قاضي الكوفة ثقة من السادسة، مات سنة 132 ه. التقريب 2/ 106، و تهذيب الكمال 2/ 1091 و الجرح و التعديل 7/ 53.
8- عمرو بن عبد اللّه الهمداني أبو إسحاق السبيعي- بفتح المهملة و كسر الموحدة- مكثر ثقة عابد من الثالثة، اختلط بآخره، مات سنة 129 ه و قيل قبل ذلك. التقريب 2/ 73، و انظر التهذيب 8/ 63، و تذكرة الحفاظ 1/ 114.
9- هكذا في النسخ: مصعب بن سعيد، و في كتاب المصاحف لابن أبي داود و فتح الباري: مصعب بن سعد بن أبي وقاص. و هو مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري أبو زرارة المدني ثقة، من الثالثة، أرسل عن عكرمة بن أبي جهل مات سنة 103 ه. التقريب 2/ 251، و تاريخ الثقات 429، و تهذيب الكمال 3/ 3132.

قال: (سمع عثمان قراءة أبيّ و عبد اللّه و معاذ (1)، فخطب الناس، ثم قال: إنّما قبض نبيكم منذ خمس عشرة سنة (2)، و قد اختلفتم في القرآن، عزمت على من عنده شي ء من القرآن سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم لمّا (3)في بقية النسخ و العسب.(4) أتاني به، فجعل الرجل يأتيه باللوح و الكتف و العسيب (4) فيه الكتاب، فمن أتاه بشي ء قال: أنت سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم؟. ثم قال: «أيّ الناس أفصح؟ قالوا: سعيد بن العاص (5)، قال: فأيّ الناس أكتب؟

قالوا: زيد بن ثابت، قال: فليكتب زيد، و ليمل سعيد، قال: فكتب مصاحف فقسمها في الأمصار فما رأيت أحدا عاب ذلك عليه») (6).

و من الأسباب الباعثة لعثمان- رضي اللّه عنه- على ما فعل في المصاحف: ما رآه حذيفة (7) من الاختلاف.

ص: 310


1- معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة، شهد بدرا و ما بعدها، و كان إليه المنتهى في العلم بالأحكام و القرآن مات بالشام سنة 18 ه. التقريب 2/ 255، و الإصابة 9/ 219 رقم 8032.
2- قال ابن حجر: و كانت خلافة عثمان بعد قتل عمر، و كان قتل عمر في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين من الهجرة بعد وفاة النبي صلّى اللّه عليه و سلم بثلاث عشرة سنة إلّا ثلاثة أشهر، فإن كان قوله: «خمس عشرة سنة» أي كاملة فيكون ذلك بعد مضي سنتين و ثلاثة أشهر من خلافته، لكن وقع في رواية أخرى له (منذ ثلاث عشرة سنة) فيجمع بينهما بإلغاء الكسر في هذه و جبره في الأولى، فيكون ذلك بعد مضي سنة واحدة من خلافته فيكون ذلك في أواخر سنة أربع و عشرين و أوائل سنة خمس و عشرين، و هو الوقت الذي ذكر أهل التاريخ أن أرمينية فتحت فيه .. اه فتح الباري 9/ 17.
3- لما: هذه هي الاستثنائية، و تكون بمعنى «إلّا» نحو قوله تعالى إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ الطارق
4- . معجم النحو ص 313.
5- سعيد بن العاص بن أمية الأموي، قتل أبوه ببدر، و كان لسعيد عند موت النبي صلّى اللّه عليه و سلم تسع سنين، و ذكر في الصحابة و ولى إمرة الكوفة لعثمان و إمرة المدينة لمعاوية مات سنة 58 ه، و قيل غير ذلك. التقريب 1/ 299، و راجع الإصابة 4/ 192 رقم 3261.
6- أخرجه ابن أبي داود بسنده إلى مصعب بن سعد بن أبي وقاص كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة اللّه عليه المصاحف ص 31. و نقله عنه ابن حجر في الفتح 9/ 17 و هذه إحدى الروايات الباعثة لعثمان على جمع المصحف، و هناك روايات أخرى وردت بألفاظ مختلفة ذكر المصنف بعضا منها.
7- حذيفة بن اليمان تقدم.

قال عبد اللّه: ثنا محمد بن عوف (1) ثنا (2) أبو اليمان (3) أنا شعيب (4) عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك الأنصاري (أنّ حذيفة قدم على عثمان بن عفان في ولايته و كان يغزو مع أهل العراق قبل أرمينية (5)، ثم اجتمع أهل العراق و أهل الشام يتنازعون في القرآن، حتى سمع حذيفة من اختلافهم فيه ما ذعره، فركب حذيفة حتى قدم على عثمان، فقال:

يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود و النصارى في الكتب، ففزع لذلك عثمان، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إليّ بالصحف التي جمع فيها القرآن فأرسلت بها إليه حفصة، فأمر عثمان زيد بن ثابت و سعيد بن العاص و عبد اللّه ابن الزبير و عبد الرحمن (6) بن هشام (7) أن ينسخوها في المصاحف) (8).

قال عبد اللّه: ثنا محمد بن بشار ثنا عبد الأعلى (9) ثنا هشام (10) عن محمد (11) قال:

ص: 311


1- محمد بن عوف بن سفيان الطائي أبو جعفر الحمصي ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 272 ه أو نحوها. التقريب 2/ 197، و الجرح و التعديل 8/ 52، و تذكرة الحفاظ 2/ 581.
2- في بقية النسخ: قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب ... الخ.
3- أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي مشهور بكنيته ثقة ثبت من العاشرة مات سنة 222 ه. التقريب 1/ 193، و تذكرة الحفاظ: 1/ 412.
4- شعيب بن أبي حمزة الأموي و اسم أبيه دينار، أبو بشر الحمصي ثقة عابد من أثبت الناس في الزهري، من السابعة، مات سنة 162 ه أو نحوها. التقريب 1/ 352.
5- إرمينية: بكسر الهمزة على الراجح و قد تفتح و بسكون الراء و كسر الميم بعدها تحتانية ساكنة ثم نون مكسورة ثم تحتانية مفتوحة خفيفة و قد تثقل و النسبة إليها أرمني- بفتح الهمزة- و هي مدينة عظيمة من بلاد الروم يضرب بحسنها و طيب هوائها و شجرها المثل. راجع القاموس المحيط 4/ 231، و فتح الباري 9/ 17. و قد تقدم أن غزوها كان في أواخر سنة أربع و عشرين و أوائل خمس و عشرين.
6- ذكر في هذه الرواية أربعة أشخاص من الذين قاموا بنسخ المصاحف، و سيأتي قريبا ذكر غيرهم.
7- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أبو محمد المدني له رؤية و كان من كبار التابعين، مات سنة 43 ه، التقريب 1/ 476، و انظر الإصابة 7/ 211، رقم 6195.
8- أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة اللّه عليه المصاحف ص 26، و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن 9/ 11، بشرح ابن حجر، و في سنن الترمذي أبواب التفسير باب و من سورة التوبة 8/ 516.
9- عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري السامي- بالمهملة- أبو محمد ثقة من الثامنة، مات سنة 189 ه. التقريب 1/ 465، و الميزان 2/ 531، و الجرح و التعديل 6/ 28 و فيه: الشامي بالمعجمة.
10- هشام بن حسان الأزدي أبو عبد اللّه البصري، ثقة من أثبت الناس في محمد بن سيرين من السابعة مات سنة 147 ه أو نحوها. التقريب 2/ 318، و الميزان 4/ 295، و الجرح و التعديل: 9/ 54.
11- هو ابن سيرين تقدم.

«كان الرجل يقرأ حتى يقول الرجل لصاحبه: كفرت بما تقول، فرفع ذلك إلى عثمان بن عفان فتعاظم ذلك في نفسه فجمع اثني (1) عشر رجلا من قريش و الأنصار، فيهم أبيّ بن كعب، و زيد بن ثابت (2) فأرسل إلى الرّبعة (3) التي كانت في بيت عمر فيها القرآن ...» (4)

اه. و قال عبد الرحمن بن مهدي: خصلتان لعثمان (5) ليستا لأبي بكر و لا لعمر، صبره نفسه حتى قتل مظلوما، و جمعه الناس على المصحف (6).

ص: 312


1- في د، ظ: اثنا عشر. خطأ نحوي.
2- و قد سمّى ابن حجر بعض هؤلاء الاثني عشر منهم عبد اللّه بن عباس و مالك بن أبي عامر- جد مالك بن أنس- و كثير بن أفلح و أنس بن مالك و أبيّ بن كعب و هؤلاء يضافون إلى الأربعة الذين ذكروا في الحديث السابق. يقول ابن حجر: فهؤلاء تسعه عرفنا تسميتهم من الاثني عشر .. اه فتح الباري 9/ 19.
3- الربعة- بفتح الراء المشددة و تسكين الباء-: صندوق أجزاء المصحف. المعجم الوسيط 1/ 324 (ربع).
4- أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف. و ذكر له عدة شواهد بأسانيده تدل على أن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه جمع لكتابة المصحف اثني عشر رجلا فيهم أبيّ بن كعب و زيد بن ثابت ص 33.
5- في بقية النسخ: لعثمان بن عفان.
6- أخرج كلام عبد الرحمن بن مهدي هذا ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصحف ص 19.
ذكر تلاوة القرآن و فضلها و صورتها
اشارة

التلاوة: الاتّباع، من قولهم: تلا الشي ء الشي ء اذا تبعه (1)، كأنّ قارئ القرآن يتّبع في قراءته ما أنزل (2) اللّه عزّ و جلّ، كما كان النبي صلّى اللّه عليه و سلم يتبع ذلك اذا قرأه عليه جبريل- عليه السلام-.

و قيل: كأنّ الذي يتلو كتاب اللّه: هو الذي يقرؤه و يعمل بما فيه فيكون تابعا له و القرآن يكون (3) سابقا له و قائدا، و هو معنى قوله عزّ و جلّ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ (4) أي يقرءونه و يعملون بما فيه.

و عن ابن عباس (يتلونه حق تلاوته) (5) يتبعونه حق اتباعه.

قال عكرمة: أ لا ترى أنك تقول: فلان يتلو فلانا، أي يتبعه وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها (6).

و قال غيره (7): يكونون أتباعا للقرآن، و القرآن لهم بمنزلة إمام يقتدون به (8).

ص: 313


1- انظر اللسان 14/ 104 (تلا).
2- في د و ظ: ما أنزله اللّه عزّ و جلّ.
3- (يكون) ساقط من د.
4- البقرة (121).
5- من قوله: أي يقرءونه ... إلى هنا ساقط من د و ظ: بانتقال النظر.
6- الشمس (1- 2).
7- في د: و قال: يكونون تباعا. و في ظ: قال يكونون تباعا.
8- انظر فضائل القرآن لأبي عبيد ص 68 و تفسير القرطبي 2/ 95، و أبي حيان 1/ 369، و ما ذكره ابن عباس و غيره في معنى الآية متقارب، لأن الذي تلا القرآن و قرأه و اتّبع ما فيه و أحلّ حلاله و حرّم حرامه و عمل بمحكمه و آمن بمتشابهه فإنه يكون تابعا للقرآن، و يكون القرآن سابقا و إماما له. قال القرطبي: و روى نصر بن عيسى بن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم في قوله تعالى يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ قال: (يتبعونه حق اتباعه). و في إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكر الخطيب أبو بكر بن أحمد، إلّا أن معناه صحيح. اه من المصدر السابق.

حدّثني (1) أبو المظفر الجوهري- رحمه اللّه- بالإسناد المتقدم إلى النسائي أخبرنا قتيبة بن سعيد حدّثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «لا حسد (2) إلّا في اثنتين، رجل آتاه اللّه مالا فهو ينفقه (3) آناء الليل (4) و آناء النهار، و رجل آتاه اللّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل و آناء النهار» (5).

و حدّثني الغزنوي- رحمه اللّه- بإسناده عن أبي عيسى الترمذي ثنا محمود بن غيلان (6) ثنا أبو أسامة (7) ثنا (8) الأعمش عن أبي صالح (9) عن أبي هريرة قال: قال رسول

ص: 314


1- في ظق: و حدّثني.
2- قال النووي: قال العلماء: الحسد قسمان، حقيقي و مجازي، فالحقيقي تمنّي زوال النعمة عن صاحبها، و هذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة. و أما المجازي: فهو الغبطة، و هو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، و إن كانت طاعة فهي مستحبة. و المراد بالحديث: لا غبطة محبوبة إلّا في هاتين الخصلتين و في معناهما شرح مسلم للنووي 6/ 97. و ذكر صاحب المصباح المنير أن الحسد حقيقة في كلا المعنيين اللذين ذكرهما النووي. (حسد) 1/ 135.
3- في ظ: منفقه.
4- آناء الليل: أي ساعاته. اللسان 14/ 49 «أنى».
5- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب اغتباط صاحب القرآن ص 70، و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب اغتباط صاحب القرآن 6/ 108. و كتاب التوحيد 8/ 209، و في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب فضل من يقوم بالقرآن ... الخ 6/ 97. و في مسند الإمام أحمد 2/ 8- 9.
6- محمود بن غيلان العدوي مولاهم أبو أحمد المروزي نزيل بغداد، ثقة من العاشرة مات سنة 239 ه و قيل بعدها. التقريب 2/ 233، و الكنى للإمام مسلم 1/ 79، و الجرح و التعديل: 8/ 291.
7- حماد بن أسامة القرشي أبو أسامة مولاهم الكوفي مشهور بكنيته، ثقة ثبت ربما دلس و كان بآخره يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة مات سنة 201 ه. التقريب 1/ 195.
8- في بقية النسخ: قال ثنا الأعمش.
9- أبو صالح السمان و اسمه ذكوان مدني كوفي تابعي ثقة من الثالثة مات سنة 101 ه، و كان يجلب الزيت الى الكوفة. التقريب 1/ 238، و الكنى للإمام مسلم 1/ 434، و تاريخ الثقات 150.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، و من ستر مسلما ستره اللّه في الدنيا و الآخرة، و من يسر على معسر يسر اللّه عليه في الدنيا و الآخرة، و اللّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، و من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل اللّه له طريقا إلى الجنة، و ما قعد قوم في مسجد يتلون كتاب اللّه و يتدارسونه بينهم إلّا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة، و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه» (1).

الترمذي (2): حدّثنا نصر بن علي الجهضمي (3) ثنا الهيثم بن الربيع (4) قال: حدّثني صالح المرى (5) عن قتادة عن زرارة بن أوفى (6) عن ابن عباس قال: (قال رجل: يا رسول (7) اللّه، أي العمل أحب إلى اللّه عزّ و جلّ؟ قال صلّى اللّه عليه و سلم: الحال المرتحل) (8). و روى أبو عبيد

ص: 315


1- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب القراءات باب رقم 3، الجزء 8/ 267. و رواه مختصرا في كتاب العلم باب فضل طلب العلم 7/ 405، و في كتاب الحدود باب ما جاء في الستر على المسلم 4/ 690، و في كتاب البر و الصلة باب ما جاء في الستر على المسلمين 6/ 57، و الحديث بطوله في صحيح مسلم كتاب البر باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن و على الذكر 17/ 21.
2- أي و روى الترمذي قال: حدّثنا نصر ... الخ.
3- نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي- بفتح الجيم و سكون الهاء و فتح المعجمة- ثبت طلب للقضاء فامتنع، من العاشرة مات سنة 250 ه أو بعدها. التقريب 2/ 300، و راجع تحفة الأحوذي 2/ 123.
4- الهيثم بن الربيع العقيلي- بضم المهملة و فتح القاف- أبو المثنى البصري، ضعيف من السابعة. التقريب 2/ 327، و الميزان 4/ 322.
5- صالح بن بشير بن وادع المرى- بضم الميم و تشديد الراء- أبو بشر البصري القاضي الزاهد، ضعيف، من السابعة، مات سنة 172 ه و قيل بعدها. التقريب 1/ 358، و الميزان 2/ 289.
6- زرارة- بضم أوله- بن أوفى العامري، أبو حاطب البصري قاضيها ثقة، عابد من الثالثة، مات فجأة في الصلاة سنة 93 ه. التقريب 1/ 259، و صفة الصفوة 3/ 230، و مشاهير علماء الأمصار ص 95.
7- في بقية النسخ رسمت الكلمة (يرسول اللّه) و تكرّر هذا كثيرا.
8- أخرجه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب القراءات باب 4 ج 8/ 274 و قال: هذا حديث غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلّا من هذا الوجه اه ثم ذكر الترمذي أن الحديث روي بمعناه دون ذكر ابن عباس، يقول: و هذا عندي أصح اه. و الحديث رواه الدارمي في سننه بسنده إلى زرارة بن أوفى أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم سئل أي العمل أفضل؟ قال: الحال المرتحل، قيل: و ما الحال المرتحل؟ قال: صاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره و من آخره إلى أوله كلما حل ارتحل اه كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 469. و أخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في تحفة الأحوذي 8/ 275 و الحديث ضعيف لأن في سنده ضعيفين- و هما الهيثم بن الربيع و صالح المرى، كما عرفت. و معنى الحال المرتحل: هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله، شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه، ثم يفتتح سيره أي يبتدئه ... انظر: اللسان 11/ 171، (حلّل) و تحفة الأحوذي 8/ 274.

بإسناده عن سهل بن سعد الأنصاري (1) قال: (خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، و نحن نقترئ، يقرئ (2) بعضنا بعضا فقال: الحمد للّه، كتاب اللّه عزّ و جلّ واحد فيه الأحمر و الأسود، اقرءوا القرآن، اقرءوا (3) قبل أن يجي ء أقوام يقيمونه كما يقام القدح (4) لا يجاوز تراقيهم (5)، يتعجلون أجره و لا يتأجلونه) (6).

و بإسناده عن عقبة بن عامر قال: (خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يوما و نحن في المسجد نتدارس القرآن، فقال: تعلّموا كتاب اللّه عزّ و جلّ و اقتنوه- و حسبت أنه قال-: و تغنوا به (7)، فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل) (8) (9).

ص: 316


1- سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي أبو العباس، له و لأبيه صحبه، مشهور مات سنة 88 ه و قيل بعدها. التقريب 1/ 336، و الإصابة 4/ 275 رقم 3526.
2- في ظ: نقرئ.
3- في د و ظ: اقرءوا القرآن، اقرءوا القرآن قبل ... الخ.
4- القدح- بكسر القاف و سكون الدال- جمعه قداح، و هو السهم قبل أن ينصل و يراش. و قال أبو حنيفة: القدح: العود إذا بلغ فشذب عنه الغصن، و قطع على مقدار النبل الذي يراد من الطول و القصر اللسان 2/ 556 (قدح).
5- التراقي: جمع ترقوة- بفتح التاء- و هي عظم وصل بين ثغرة النحر و العاتق من الجانبين، فمعناه أن قراءتهم لا يرفعها اللّه و لا يقبلها فكأنها لم تجاوز حلوقهم، و قيل المعنى: لا يعملون بالقرآن و لا يثابون على قراءته و لا يحصل لهم غير القراءة اللسان 10/ 32 (ترق).
6- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى سهل بن سعد الأنصاري باب فضل الحض على القرآن و الإيصاء به ص 17، و الحديث في سنن أبي داود كتاب الصلاة باب ما يجزئ الأمي و الأعجمي من القراءة 1/ 520 و المصنّف لابن أبي شيبة 10/ 535. و في مسند أحمد بنحوه 3/ 146، 397، 5/ 338، و انظر فضائل القرآن لابن كثير: 54، 55، و التبيان ص 29.
7- في مسند أحمد: قال قباث- أحد رجال السند- و لا أعلمه قال إلّا «و تغنوا به».
8- قال النووي: الأنعام التي تعقل هي الإبل خاصة، و العقل- بضم العين و القاف- و يجوز إسكان القاف و هو كنظائره، و هو جمع عقال ككتاب و كتب اه. شرح صحيح مسلم 6/ 77.
9- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب فضل الحض على القرآن و الإيصاء به ص 18. قال الهيثمي: و رجاله رجال الصحيح 8/ 169. و الحديث في مسند الإمام أحمد 4/ 146، 153. و في سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب في تعاهد القرآن 2/ 439، و في فضائل القرآن للنسائي باب الأمر بتعلم القرآن و العمل به ص 55، و أصل الأمر بتعاهد القرآن و عدم نسيانه في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب الامر بتعاهد القرآن 6/ 75- 78.

قال أبو عبيد: و معنى (تغنوا (1) به) (2): اجعلوه غناكم من الفقر و لا تعدّوا الاقلال معه فقرا.

و معنى (اقتنوه): اجعلوه مالكم كما تقتنوا الأموال (3).

و عن أبي سعيد الخدري- رحمه اللّه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «يقول الرب عزّ و جلّ: (من شغله القرآن و ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)» (4).

فإن قيل: التلاوة أفضل أم الذكر؟.

قلت: «إذا تلوت خاطبك اللّه عزّ و جلّ (5)، و إذا ذكرته فأنت تخاطبه، و لا مزيد على هذا» (6). و قيل لعبد اللّه بن مسعود- رحمه اللّه-: (إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا، من تهليل و تذكير و تحميد و تسبيح و تمجيد، و على الخوف و الرجاء و الدعاء و السؤال و الأمر بالتفكر في آياته و الاعتبار بمصنوعاته إلى غير ذلك مما شرح فيه من واجبات الأحكام و فرق فيه بين الحلال و الحرام، و نص فيه من غيب الأخبار، و كرّر فيه من ضرب الأمثال و القصص و المواعظ .. الخ.

فمن وقف على ذلك و تدبره فقد حصل أفضل العبادات، و أسنى الأعمال و القربات، و لم يبق عليه ما يطالب به بعد ذلك من شي ء اه. التذكار في أفضل الاذكار الباب السابع ص 38.

ص: 317


1- في د و ظ: و معنى (و تغنوا به).
2- و عند حديث «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» فسرّه أبو عبيد بقوله: قوله «من لم يتغن» من التغاني، و الاستغناء: التعفف عن مسألة الناس و استئكالهم بالقرآن، و أن يكون في نفسه بحمله القرآن غنيا و إن كان من المال معدما اه فضائل القرآن باب القارئ يستأكل بالقرآن ... الخ ص 142. و هو كلام حسن في نفسه إلّا أن الحديث لا يدل على هذا المعنى، و سيأتي كلام الحافظ ابن كثير الذي يدل عليه الحديث.
3- نقل هذا ابن كثير عن أبي عبيد، ثم ساق بعض الآثار الدالة على الأمر بالتغني بالقرآن و تحسين الصوت به، ثم قال: فقد فهم من هذا أن السلف رضي اللّه عنهم إنّما فهموا من التغني بالقرآن إنّما هو تحسين الصوت به، كما قال الأئمة رحمهم اللّه اه فضائل القرآن لابن كثير 34، 35، و انظر التبيان للنووي فصل في استحباب تحسين الصوت بالقراءة ص 58، 59، و الإتقان 1/ 302، و التذكار: 102. و أقول: يشترط في التغني بالقرآن أن يكون مع مراعاة أحكام التجويد فإن خرجت التلاوة عن هذا الإطار فإنها لا تجوز.
4- تقدم تخريج هذا الحديث في أول الكلام عن فضائل القرآن من هذا الكتاب ص 220.
5- و معنى خاطبك اللّه: أن القرآن- و هو كلامه تعالى مشتمل على أوامر و نواهي و أحكام و آداب و غير ذلك .. إذا فالتالي للقرآن الكريم كأنه يردد أوامر اللّه تعالى و نواهيه. و اللّه أعلم.
6- أي لست في حاجة إلى مزيد على هذا، و هو أنك حصلت على مطلوبك في تلاوتك لكتاب ربّك و هو لا شك أفضل الأذكار، و قد تقدم ذكر كثير من الآثار في هذا، أنه ما تقرّب العباد إلى ربّهم بأفضل من كلامه. يقول القرطبي: و إنّما كان القرآن أفضل الذكر- و اللّه أعلم- لأنه مشتمل على جميع الذكر

فقال: ذلك منكوس القلب) (1).

قال أبو عبيد: يتأول (منكوسا) كثير من الناس: أن يبتدئ من آخر السورة فيقرأها الى أولها، و هذا شي ء ما أحسب أحدا يطيقه و لا كان (2) هذا في زمن عبد اللّه، و لا عرفه (3)، و لكن وجهه عندي: أن يبدأ من آخر القرآن من المعوذتين، ثم يرتفع إلى البقرة كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتّاب، لأنّ السنّة خلاف هذا، يعلم ذلك بالحديث الذي يحدثه عثمان- رحمه اللّه- عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم (أنه كان اذا نزلت عليه السورة او الآية، قال:

ضعوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا و كذا) (4).

أ لا ترى ان التأليف الآن في الحديث من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ثم كتب المصاحف على هذا، و مما يبيّن لك ذلك (5) أنه ضم (براءة) إلى (الانفال) فجعلها بعدها، و هي أطول، و إنما ذلك للتأليف (6)، فكان أول القرآن فاتحة الكتاب ثم البقرة (7)، فإذا بدأ من المعوذتين صارت فاتحة الكتاب آخر القرآن، فكيف تسمى فاتحته (8) و قد جعلت خاتمته؟!.

قال: و قد روي عن الحسن و ابن سيرين من الكراهة فيما هو دون هذا قال: حدثنا

ص: 318


1- ساق ابن أبي داود بسنده إلى الأعمش عن أبي وائل قال: أتي عبد اللّه بمصحف قد حلّى بذهب، فقال: إن أحسن ما زيّن به تلاوته في الحق، و جاء رجل إلى عبد اللّه، فقال: الرجل يقرأ القرآن منكوسا، قال: ذاك منكوس القلب اه كتاب المصاحف باب تحلية المصاحف بالذهب ص 169. و أخرجه أبو عبيد مختصرا باب ما يستحب لحامل القرآن من إكرام القرآن و تعظيمه و تنزيهه ص 57، و انظر المصنف لابن أبي شيبة 10/ 564، و مجمع الزوائد 7/ 168، و نقله النووي عن ابن أبي داود و صححه. انظر التبيان ص 52.
2- في غريب الحديث لأبي عبيد: لا كان، بدون واو.
3- في غريب الحديث لأبي عبيد: و لا أعرفه.
4- تقدم تخريجه ص 299.
5- في غريب الحديث: أيضا.
6- في غريب الحديث: التأليف.
7- و هكذا إلى آخر القرآن.
8- في الأصل: أضاف الناسخ كلمة «الكتاب» بعد كلمة (فاتحته) و لا محل لها حيث يوجد الضمير.

ابن أبي عدي (1) عن أشعث (2) عن الحسن و ابن سيرين أنهما كانا يقرءان القرآن من أوله الى آخره، و يكرهان الأوراد (3).

و قال ابن سيرين: تأليف اللّه خير من تأليفكم.

قال أبو عبيد: و تأويل الأوراد: أنهم كانوا أحدثوا أن جعلوا القرآن أجزاء، كل جزء منها فيه سورة مختلفة من القرآن على غير التأليف، جعلوا السورة الطويلة مع أخرى دونها في الطول، ثم يزيدون كذلك حتى يتم الجزء و لا يكون فيه سورة منقطعة. فهذه الأوراد التي كرهها الحسن و محمد، و النكس أكثر (4) من هذا و أشد، و إنّما جاءت الرخصة في تعلّم الصبي و العجمي من المفصل لصعوبة السور الطوال عليهما، فهذا عذر (5)، فأما من قد قرأ القرآن و حفظه، ثم يعمد (6) أن يقرأه من آخره إلى أوله، فهذا النكس المنهى عنه، فإذا كرهنا هذا، فنحن للنكس من آخر السورة إلى أولها أشد كراهة (7)- إن كان ذلك يكون (8)- اه.

قال أبو عبيد: و حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال: قيل لعبد اللّه:

إنّك لتقل الصوم، قال: إنّه يضعفني عن قراءة القرآن، و قراءة القرآن أحب إليّ منه (9).

ص: 319


1- محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، و قد ينسب لجده، و قيل: هو إبراهيم أبو عمرو البصري ثقة من التاسعة مات سنة 194 ه على الصحيح. التقريب 2/ 141، و ذكره العجلي في تاريخ الثقات: 410، و انظر الجرح و التعديل 7/ 186.
2- أشعث بن عبد الملك الحمراني- بضم المهملة- البصري أبو هانئ ثقة فقيه من السادسة مات سنة 142 ه أو نحوها. التقريب 1/ 80، و انظر الكنى للإمام مسلم 2/ 891، و الجرح و التعديل 2/ 275، و الميزان 1/ 266.
3- سينقل المصنّف معنى الأوراد قريبا عن أبي عبيد.
4- في د و ظ: أكبر. و هي أليق.
5- يقول النووي: و أما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فممنوع منعا متأكدا فإنه يذهب بعض ضروب الإعجاز و يزيل حكمة الترتيب .. و أما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن ليس هذا من هذا الباب .. إلخ اه التبيان ص 52.
6- في ظق: ثم تعمد.
7- قال القرطبي: و من حرمة القرآن أن لا يتلى منكوسا كفعل معلمي الصبيان يلتمس أحدهم أن يرى الحذق من نفسه و المهارة فإن تلك مخالفة اه مقدمة تفسيره 1/ 29.
8- نقل هذا السخاوي عن أبي عبيد من كتاب غريب الحديث 2/ 220.
9- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بالسند المذكور، فضائل القرآن باب فضل قراءة القرآن و الاستماع إليه ص 12.

و عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «الذي يقرأ القرآن- و هو به ماهر- مع السفرة الكرام البررة، و الذي يقرأ القرآن- و هو يشتد عليه- فله أجران» (1).

قال أبو عبيد: و ثنا هشام بن اسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي، أن رجلا صحبهم في سفر، فحدّثنا حديثا- ما أعلمه إلّا رفعه- أن (2) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «إن العبد إذا قرأ فحرّف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل» (3).

قال أبو عبيد: و حدّثني نعيم بن حماد (4) عن بقية بن الوليد عن حصين بن مالك الفزاري (5) قال: سمعت شيخا يكنى أبا محمد، يحدث عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «اقرءوا القرآن بلحون (6) العرب و أصواتها، و إيّاكم و لحون أهل الفسق و أهل الكتابين، و سيجي ء قوم من بعدي يرجّعون (7) بالقرآن ترجيع الغناء (8)

ص: 320


1- تقدم تخريجه ص 293.
2- في د و ظ: إلّا رفعه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم.
3- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى الأوزاعي عن رجل مجهول باب فضل قراءة القرآن نظرا و قراءة الذي لا يقيم القرآن ص 45، و الأثر كما هو واضح في سنده رجل مجهول، و متنه يدل على عدم صحته، و اللّه أعلم. و قد ذكره الهندي في كنز العمال عن مسند الفردوس للديلمي، قال السيوطي: و كل ما عزي إلى الديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف انظر: كنز العمال 1/ 10، 513.
4- نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي أبو عبد اللّه المروزي نزيل مصر، صدوق يخطئ كثيرا، فقيه عارف بالفرائض، من العاشرة، مات سنة 228 ه على الصحيح، و قد تتبّع ابن عدي ما أخطأ فيه و قال: باقي حديثه مستقيم اه. التقريب 2/ 305، و راجع الميزان 4/ 267، و الرسالة المستطرفة ص 37.
5- حصين بن مالك الفزاري، ذكره الذهبي في الميزان 1/ 553، و ابن حجر في لسان الميزان 1/ 319، و سيأتي ذكرهما للحديث و قولهما أنه منكر.
6- اللحون: جمع لحن، و هو التطريب و ترجيع الصوت و تحسينه بالقراءة و الشعر و الغناء. مقدمة تفسير القرطبي 1/ 17. قال القرطبي: قال علماؤنا: و يشبه أن يكون هذا الذي يفعله قراء زماننا بين يدي الوعاظ و في المجالس من اللحون الأعجمية التي يقرءون بها ما نهى عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم اه المصدر نفسه و راجع التذكار ص 105.
7- الترجيع في القراءة المنهي عنه: ترديد الحروف كقراءة النصارى، و الترتيل في القراءة: هو التأني فيها و التمهل و تبيين الحروف و الحركات .. اه التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي ص 106.
8- الأغنية و الغناء: جمعه «أغاني» تقول منه: تغنى و غنى بمعنى، و هو الصوت بترنم. انظر مختار الصحاح 483 (غنى) و المصباح المنير 2/ 455، و المعجم الوسيط 2/ 664.

و الرهبانية (1) (2) و النّوح (3)، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم و قلوب من يعجبهم شأنهم» (4).

البكاء و الدعاء عند قراءة القرآن

و عن عبد الملك بن عمير قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «إنّي قارئ عليكم سورة، فمن بكى فله الجنة»، فقرأها، فلم يبك أحد، ثم أعاد الثانية، ثم الثالثة، (فقالوا) (5) «ابكوا، فإن لم تبكوا (6) فتباكوا» (7).

و روى مطرف بن عبد اللّه بن الشّخّير (8) عن أبيه (9) قال: (انتهيت إلى رسول

ص: 321


1- في د و ظ: و الرهبابنة.
2- هو ترديد الحروف و تكرارها بطريقة خاصة بهم، لم أجد من نص على ذلك من المعاجم.
3- النّوح: مصدر ناح نوحا، النساء يجتمعن للحزن و النياحة على الميت، اللسان 2/ 627.
4- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بالسند المذكور باب ما يستحب للقارئ من تحسين القرآن و تزيينه بصوته ص 99، و عزاه القرطبي إلى الإمام الحافظ رزين و أبي عبد اللّه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول. انظر مقدمة تفسير القرطبي 1/ 17، و التذكار ص 105، و نقله ابن كثير عن أبي عبيد الهروي و لم يتكلّم عنه سندا أو متنا. انظر فضائل القرآن لابن كثير ص 36. و الحديث كما هو واضح فيه رجل مجهول و هو أبو محمد، و في سنده أيضا بقية بن الوليد و قد سبقت ترجمته و هو كثير التدليس عن الضعفاء كما يقول ابن حجر في التقريب 1/ 105. و الحديث أورده الإمام الذهبي مختصرا عند ترجمته لحصين بن مالك الفزاري و قال: ان هذا الخبر منكر اه. الميزان 1/ 553، و كذلك ابن حجر في لسان الميزان 1/ 319.
5- هكذا في الأصل. و في بقية النسخ. فقال. و هو الصواب.
6- أي إن لم يحصل لكم البكاء فتكلفوا البكاء بإظهار الحزن و التباكي. راجع اللسان 14/ 82 (بكا).
7- رواه ابن ماجة في أبواب الزهد باب الحزن و البكاء مختصرا بسنده عن سعد بن أبي وقاص 2/ 425. و في سنده إسماعيل بن رافع، يكنى أبا رافع. قال ابن حجر: ضعيف الحفظ اه التقريب 1/ 69، و راجع الميزان 1/ 227. و رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عبد الملك بن عمير يرفعه، باب ما يستحب لقارئ القرآن من البكاء ... الخ ص 72. و ذكر القرطبي و النووي شطره الأخير دون عزو. انظر التذكار ص 126 و التبيان ص 46.
8- بكسر الشين المعجمة و تشديد الخاء المعجمة المكسورة بعدها تحتانية ثم راء- العامري أبو عبد اللّه البصري ثقة عابد فاضل من الثانية مات سنة 95 ه. التقريب 2/ 253، و صفة الصفوة: 3/ 222.
9- صحابي من مسلمة الفتح. التقريب 1/ 422، و له ترجمة في الإصابة 6/ 117 رقم 4734.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و هو يصلّي و لجوفه أزيز (1) كأزيز المرجل (2) من البكاء) (3).

قال أبو عبيد: قوله: (أزيز) يعني غليان جوفه من البكاء، و أصل الأزيز الالتهاب و الحركة، و قوله عزّ و جلّ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (4): من هذا، أي تدفعهم و تسوقهم، و هو من التحريك (5).

قال (6) حمران بن أعين (7): (سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم رجلا يقرأ: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَ جَحِيماً وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ وَ عَذاباً أَلِيماً (8) فصعق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم) (9).

و عن حذيفة: (صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ذات ليلة، فكان إذا مرّ بآية رحمة سأل، و إذا مرّ بآية عذاب تعوذ، و إذا مرّ بآية فيها تنزيه للّه تعالى سبح) (10).

ص: 322


1- صحفت العبارة في ظ إلى (أزير كازيز الرحل).
2- سينقل المصنف عن أبي عبيد معنى الأزيز. و أما المرجل- بكسر الميم و سكون الراء و فتح الجيم- فهو القدر من الحجارة و النحاس يطبخ به. انظر اللسان 11/ 274 (رجل).
3- رواه أبو داود كتاب الصلاة باب البكاء في الصلاة 1/ 557. و النسائي في سننه كتاب السهو باب البكاء في الصلاة 3/ 13. و الإمام أحمد في المسند 4/ 25، 26. و أبو عبيد في فضائله باب ما يستحب لقارئ القرآن من البكاء .. الخ ص 72.
4- مريم (83) أَ لَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا.
5- ذكر هذا أبو عبيد في غريب الحديث 1/ 135 (أزز).
6- في بقية النسخ: و قال.
7- حمران- بضم أوله- بن أعين الكوفي، مولى بني شيبان ضعيف رمي بالرفض من الخامسة. التقريب 1/ 198، و انظر الميزان 1/ 604.
8- المزمل (12- 13).
9- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى حمران بن أعين ص 73، و أخرجه ابن جرير في تفسيره 29/ 135. و زاد السيوطي نسبته إلى أحمد في الزهد و ابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، و ابن أبي داود في الشريعة و ابن عدي في الكامل و البيهقي في شعب الإيمان كلهم من طريق حمران بن أعين عن أبي حرب الأسود أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم سمع رجلا يقرأ ... و ذكره. الدر المنثور 8/ 319، و أبو حرب الذي روى عنه حمران بن أعين هو بصري ثقة، من الثالثة، مات سنة 108 ه. التقريب 2/ 410.
10- رواه أبو داود بنحوه بسنده عن حذيفة كتاب الصلاة باب ما يقول الرجل في ركوعه و سجوده 1/ 543. و أحمد في مسنده مختصرا 5/ 382، 384.

و عن أبي ذر قال: (قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ليلة من الليالي، فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم و بها يركع و بها يسجد، فقال القوم (1): أي آية هي؟ فقال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) (3).

و عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- (أنه قرأ في الصلاة أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (4) فقال: سبحانه و بلى) (5).

وقال أبو هريرة: (من قرأ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ فبلغ أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى فليقل: بلى وإذا قرأ وَالْمُرْسَلاتِ فانتهى إلى آخرها فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (6) فليقل: آمنت بالله وما أنزل، ومن قرأ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فانتهى الى آخرها أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (7) فليقل: بلى) (8).

ص: 323


1- في فضائل القرآن لأبي عبيد: فقال القوم لأبي ذر .... الخ.
2- المائدة (118).
3- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي ذر رضي اللّه عنه، باب ما يستحب لقارئ القرآن من تكرير الآية و تردادها ص 79. و النسائي في كتاب الافتتاح باب ترديد الآية 2/ 177. و عزاه السيوطي إلى الإمام أحمد و ابن أبي شيبة و ابن مردويه و البيهقي في سننه كلهم عن أبي ذر. الدر المنثور 3/ 240. قال ابن كثير: و هذه الآية لها شأن عظيم و نبأ عجيب، و قد ورد في الحديث أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قام بها ليلة حتى الصباح يرددها ... ثم ساق الآثار في ذلك. انظر تفسيره 2/ 121.
4- القيامة (40).
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن عباس باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية و الشهادة لها ص 84. و الطبري في تفسيره بإسناده إلى قتادة قال: ذكر لنا أن نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلم كان إذا قرأها .. و ذكره 29/ 102، و راجع الدر المنثور 8/ 363، و أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التفسير بسنده عن أبي هريرة يرفعه، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي 2/ 510. و ليس فيه ذكر الصلاة.
6- المرسلات (٥٠).
7- التين (٨).
8- رواه أبو داود كتاب الصلاة مقدار الركوع والسجود ١/ ٥٥٠، والذي يظهر أن وضعه في الباب الذي قبله- أي من سنن أبي داود- أليق و هو باب الدعاء في الصلاة. و أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي هريرة باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب ... الخ ص 84. و رواه الترمذي مختصرا في أبواب التفسير باب و من سورة التِّينِ. و قال: هذا حديث إنّما يروى بهذا الإسناد عن هذا الاعرابي عن أبي هريرة و لا يسمى اه 9/ 276. و رواه الحاكم بسنده إلى أبي هريرة يرفعه، دون ذكر المرسلات، و صححه و كذلك الذهبي. المستدرك 2/ 510. يقول ابن العربي: و هذه أخبار ضعيفة اه. أحكام القرآن 4/ 953، و كذلك ذكر صاحب تحفة الأحوذي و الشوكاني في تفسيره 5/ 343، «و الحديث يدل على أن من يقرأ هذه الآيات يستحب له أن يقول تلك الكلمات سواء كان في الصلاة أو خارجها، و أما قولها للمقتدى خلف الإمام فلم أقف على حديث يدل على ذلك» انتهى من تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 9/ 277. و أقول: نظرا لضعف الحديث عند بعض العلماء- كما عرفت- فلا يعمل به في الصلاة في حق الإمام و المنفرد كذلك و على فرض صحته فليس فيه ما يدل على أنه كان يقول ذلك في الصلاة. و بناء عليه فإني أرى عدم استحباب قول تلك الكلمات في الصلاة اعتمادا على حديث لم يبلغ درجة الصحة. و اللّه أعلم.

و عن ابن عمر ( «أنه قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال: (سبحان ربّي الأعلى) (1)»).

و عن ابن عباس- رحمه اللّه- أنه قال مثل ذلك (2).

و عن صلة بن أشيم (3) قال: (إذا أتيت على هذه الآية وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ (4) فقف عندها و سل اللّه الجليل (5)).

ص: 324


1- ذكره أبو عبيد بسنده إلى ابن عمر رضي اللّه عنهما ص 86، و الطبري في تفسيره 30/ 151 بإسناده إلى ابن عمر و علي رضي اللّه عنهم. و الحاكم في المستدرك كتاب التفسير و قال: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه 2/ 521.
2- و قال مثله أيضا علي بن أبي طالب و أبو موسى الأشعري و عبد اللّه بن الزبير و عمر بن الخطاب و الضحاك و قتادة. راجع الدر المنثور 8/ 482.
3- صلة بن أشيم- بوزن أحمد- أبو الصهباء العبدي بصري تابعي ثقة، من كبار التابعين، رجل صالح. تاريخ الثقات 229، و انظر الإصابة 5/ 172 رقم 4127.
4- الرحمن (27).
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى صلة بن أشيم باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية ... الخ ص 87. و ذكر السيوطي نحوه قال: أخرج ابن المنذر و البيهقي عن حميد بن هلال قال: قال رجل: يرحم اللّه رجلا أتى على هذه الآية وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ فسأل اللّه تعالى بذلك الوجه الكافي الكريم، و لفظ البيهقي: بذلك الوجه الباقي الجميل اه. الدر المنثور 7/ 699.
ذكر ترتيل القراءة و تزيين الصوت بها

و قرأ علقمة (1) على عبد اللّه فكأنه عجل، فقال عبد اللّه: (فداك أبي و أمي، رتل، فإنّه زين القرآن) (2) و كان علقمة حسن الصوت بالقرآن.

(و نعتت أم سلمة (3) قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قراءة مفسرة حرفا حرفا) (4).

و عن معاوية بن قرة (5) قال: سمعت عبد اللّه بن مغفل (6) يقول: (رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يوم الفتح على (ناقة) (7)- أو جمله- يسير و هو يقرأ سورة الفتح- أو قال من سورة الفتح.

ص: 325


1- علقمة بن قيس بن عبد اللّه النخعي- خال إبراهيم النخعي- الكوفي الثقة الثبت العابد، من الثانية، صاحب ابن مسعود، توفي سنة 62 ه و قيل غير ذلك. معرفة القراء الكبار 1/ 51، و صفة الصفوة 3/ 27، و التقريب 2/ 31.
2- ذكره أبو عبيد بسنده إلى إبراهيم- هو النخعي خال علقمة كما سبق- باب ما يستحب لقارئ القرآن من الترتيل .. الخ ص 89. و رواه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب فضائل القرآن 10/ 524، و ذكره الذهبي عند ترجمته لعلقمة. انظر معرفة القراء الكبار 1/ 52، و عزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة و ابن نصر و البيهقي كلهم عن إبراهيم قال: قرأ علقمة .. و ذكره مختصرا. الدر المنثور 8/ 314.
3- هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن المغيرة بن مخزوم المخزومية، أم سلمة، أم المؤمنين تزوجها النبي صلّى اللّه عليه و سلم بعد أبي سلمة سنة أربع و قيل ثلاث و عاشت بعد ذلك 60 سنة، ماتت سنة 62 ه أو نحو ذلك. التقريب 2/ 617، و راجع الإصابة 13/ 221 رقم 1304 ه و الإعلام 8/ 97.
4- رواه الترمذي مطولا في أبواب فضائل القرآن باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي صلّى اللّه عليه و سلم 8/ 240، و أبو داود في كتاب الصلاة 2/ 154، و النسائي في كتاب الافتتاح باب تزيين القرآن بالصوت 2/ 181، و أبو عبيد في فضائله باب ما يستحب لقارئ القرآن من الترتيل .. الخ ص 88، و الإمام أحمد في مسنده 6/ 294.
5- معاوية بن قرة بن أياس بن هلال المزني أبو أياس البصري ثقة عالم من الثالثة مات سنة 113 ه. التقريب 2/ 261، و تاريخ الثقات 432.
6- عبد اللّه بن مغفل- بمعجمة و فاء ثقيلة- ابن عبيد، أبو عبد الرحمن المزني صحابي بايع تحت الشجرة و نزل البصرة مات سنة 57 ه، و قيل بعد ذلك. التقريب 1/ 453، و انظر الإصابة 6/ 223 رقم 4963.
7- هكذا في الأصل على ناقة. و في بقية النسخ: على ناقته و هو الصواب.

ثم قرأ معاوية قراءة ليّنة فرجّع (1)، ثم قال: لو لا إني أخشى أن يجتمع الناس لقرأت ذلك اللحن (2).

و كان عمر رضي اللّه عنه إذا رأى أبا موسى قال: (ذكرنا ربّنا يا با (3) موسى فيقرأ عنده) قال أبو عثمان النهدي (4): (كان أبو موسى يصلّي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج (5) و لا صوت بربط (6) أحسن من صوته) (7).

قال أبو عبيد: و معنى ذلك إنما هو طريق الحزن و التخويف و التشويق، لا الألحان المطربة الملهية (8).

ص: 326


1- أي ردد صوته بالقراءة، و قد ورد في رواية للبخاري: «كيف ترجيعه؟ قال: آ. آ. آ ثلاث مرات». قال القرطبي: «و هو محمول على إشباع المد في موضعه، و يحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة، كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبا من انضغاط صوته و تقطيعه لأجل هز المركوب، و إذا احتمل هذا فلا حجة فيه ...» اه انظر مقدمة تفسير القرطبي 1/ 16. و راجع فتح الباري 8/ 584 و فضائل القرآن لابن كثير ص 47، و شرح النووي لمسلم 6/ 80.
2- رواه البخاري في كتاب التفسير باب «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» 6/ 44، و في كتاب التوحيد باب ذكر النبي صلّى اللّه عليه و سلم و روايته عن ربه 8/ 213، و مسلم في كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن 6/ 81، و أبو عبيد في فضائله باب ما يستحب للقارئ من تحسين القرآن و تزيينه بصوته ص 92، و أبو داود في كتاب الصلاة باب استحباب الترتيل في القراءة 2/ 154 دون ذكر كلام معاوية بن قرة.
3- هكذا في الأصل و ظق: يا با موسى. و في بقية النسخ: يا أبا موسى و هو الصواب.
4- عبد الرحمن بن ملّ- بلام ثقيلة و الميم مثلثة- أبو عثمان النهدي- بفتح النون و سكون الهاء- مشهور بكنيته، مخضرم من كبار الثانية، ثقة ثبت عابد، مات سنة 95 ه و قيل بعدها. التقريب 1/ 499. و راجع الميزان 4/ 550، و صفة الصفوة 3/ 200، و الكنى للإمام مسلم 1/ 542، و الإصابة 7/ 256 رقم 6375.
5- الصنج: بفتح المهملة و سكون النون بعدها جيم- هو آلة تتخذ من نحاس كالطبقين يضرب أحدهما بالآخر فتح الباري 9/ 93 و راجع اللسان 2/ 311 (صنج).
6- البربط:- بالموحدتين بينهما راء ساكنة ثم طاء مهملة بوزن جعفر- هو آلة تشبه العود، فارسي معرب المصدر نفسه، و راجع اللسان 7/ 258 (بربط).
7- ذكر هذين الأثرين عن عمر و أبي عثمان النهدي: أبو عبيد في فضائله ص 96، 97 و نقلهما عنه ابن كثير في فضائل القرآن ص 35. و ذكر أثر عمر- رضي اللّه عنه- الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن 2/ 472، 473. قال ابن حجر: و أخرج ابن أبي داود من طريق أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صنج .. و ذكره قال: و سنده صحيح اه الفتح 9/ 93.
8- قال أبو عبيد: عند ذكره للأحاديث المرفوعة و الموقوفة الدالة على استحباب تحسين الصوت بالقرآن قال: و على هذا المعنى تحمل هذه الأحاديث التي ذكرناها في حسن الصوت، إنما هو طريق الحزن و التخويف و التشويق .. فهذا وجهه لا الألحان المطربة الملهية .. فضائل القرآن ص 97، و راجع فضائل القرآن لابن كثير 36- 38.

و عن عابس الغفاري (1): و رأى الناس يفرّون من الطاعون- فقال: (يا طاعون خذني، فقيل له: تتمنى الموت و قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول: «لا يتمنين أحدكم الموت ..» (2) فقال: أبا در (3) خصالا سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول: (4) «يتخوفهن على أمته: بيع الحكم (5) و الاستخفاف بالدم و قطيعة الرحم، و قوما يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم ليس بأفقههم و لا أفضلهم إلّا ليغنيهم به غناء» (6).

و عن البراء بن عازب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «زيّنوا القرآن (7) بأصواتكم» (8).

ص: 327


1- عابس بن عيسى الغفاري، و يقال له: عيسى بن عابس، قال البخاري له صحبة:. انظر الإصابة 5/ 265، رقم 4330، و راجع الجرح و التعديل 7/ 35.
2- رواه البخاري بلفظ أطول في كتاب المرضي باب تمني المريض الموت 7/ 10، و رواه مسلم كذلك كتاب الذكر باب كراهة تمني الموت لضر نزل به 17/ 7.
3- في د و ظ: حرفت إلى (أبو ذر).
4- هكذا في النسخ يقول، و أرى أن الكلام بدونها أولى، و الحديث في فضائل القرآن لأبي عبيد بدونها.
5- أي أن من الخصال التي كان عليه الصلاة و السلام يتخوفها على أمته: بيع الحكم، و المراد به: عام يشمل بيع الأوراق و الوثائق التي تحمل الأحكام و الصكوك و الحقوق، و بهذا تضيع حقوق الناس بسبب التلاعب و التزوير في الأحكام، و كذلك ما يحدث من تولية من ليس أهلا لذلك في الحكم، و ذلك بالتزوير في الانتخابات و شراء الأصوات- كما هو الحال في كثير من البلدان- و اللّه أعلم. و المراد من الاستخفاف بالدم عدم المبالاة بحرمة دماء المسلمين، بل قد تسفك لأتفه الأسباب كما هو الواقع اليوم.
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله ص 99، 100 و الإمام أحمد في مسنده بنحوه 3/ 494، 6/ 22، و الحاكم في المستدرك بنحوه كذلك و سكت عنه هو و الذهبي، كتاب معرفة الصحابة 3/ 443. و الحديث نقله ابن كثير في فضائل القرآن عن أبي عبيد، كما نقل غيره من الأحاديث ثم قال: و هذه طرق حسنة في باب الترهيب اه ص 36، و أورد الحديث مختصرا ابن حجر في الإصابة عند ترجمة عابس الغفاري و عزاه إلى ابن شاهين و البخاري في تاريخه. انظر الإصابة 5/ 265- 266.
7- قال الخطابي: معناه زينوا أصواتكم بالقرآن، و هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث، و زعموا أنه من باب المقلوب، كما قالوا «عرضت الناقة على الحوض، أي عرضت الحوض على الناقة ...» اه. معالم السنن بهامش سنن أبي داود 2/ 155. و المراد من المقلوب: أن يعرب كل واحد من الفاعل و المفعول إعراب الآخر لظهور المعنى، و للنحاة فيه مذاهب و شواهد كثيرة. انظر شرح جمل الزجاجي لابن عصفور 2/ 181، و مجاز القرآن لأبي عبيدة 2/ 110. قلت: و حديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف بعد حديث البراء يؤيد ما ذهب إليه الخطابي من فهمه لحديث البراء.
8- بوب له البخاري بقوله: باب قول النبي صلّى اللّه عليه و سلم «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، و زينوا القرآن بأصواتكم» كتاب التوحيد 8/ 214، و الحديث في فضائل القرآن للنسائي باب تزيين الصوت بالقرآن ص 61، و في سننه (المجتبى) كتاب الافتتاح باب تزيين القرآن بالصوت 2/ 179. و رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب استحباب الترتيل في القراءة 2/ 155، قال ابن كثير: «و إسناده جيد» اه فضائل القرآن ص 35. و رواه الإمام أحمد في مسنده 4/ 283. و الحاكم بأسانيد متعددة في المستدرك كتاب فضائل القرآن 1/ 571.

و قال أبو هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «زيّنوا بأصواتكم القرآن» (1) قال شعبة: نهاني أيوب (2) أن أحدّث بهذا الحديث «زيّنوا القرآن بأصواتكم» (3). قال أبو عبيد: إنما كره أيوب- فيما نرى- أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في هذه الألحان المبتدعة (4) اه.

القراءة بصوت متوسط مع عدم الخلط في الآيات، و جواز الكلام أثناء القراءة للفائدة

و عن سعيد بن المسيب: (مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بأبي بكر و هو يخافت، و مرّ بعمر و هو يجهر، و مرّ ببلال- رحمة اللّه عليهم- و هو يقرأ من هذه السورة، و من هذه السورة فقال

ص: 328


1- ذكره أبو عبيد بسنده إلى أبي هريرة يرفعه ص 93. و رواه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك بسنده عن البراء بن عازب كتاب فضائل القرآن 1/ 571، 572.
2- أيوب بن أبي تميمة، كيسان السختياني- بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة، ثم تحتانية و بعد الألف نون- نسبة إلى جلد الماعز إذا دبغ معرب- أبو بكر البصري ثقة ثبت حجة من كبار فقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة 131 ه. التقريب 1/ 89، و انظر الجرح و التعديل 2/ 255، و التهذيب 1/ 397 و القاموس المحيط 1/ 155 (سخت).
3- ذكره الخطابي بسنده عن شعبة قال: نهاني ... و ذكره. معالم السنن بهامش سنن أبي داود 2/ 155.
4- ذكره أبو عبيد في فضائله ص 100 و تمامه: «فلهذا نهاه أن يحدث به» اه و نقله عنه ابن كثير و قال: «ثم ان شعبة- رحمه اللّه- روى الحديث متوكلا على اللّه كما روي له و لو ترك كلّ حديث يتأوله مبطل لترك من السنة شي ء كثير ...» اه فضائل القرآن له ص 35، ثم قال ابن كثير: و المراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه و تحزينه و التخشع به، ثم ذكر أدلة على ذلك. و قد تقدم الشي ء الكثير منها، و اللّه الموفق بفضله.

لأبي بكر: مررت بك و أنت تخافت، فقال: إني أسمع من أناجي، فقال: ارفع شيئا، و قال لعمر: مررت بك و أنت تجهر، فقال: أطرد الشيطان و أوقظ الوسنان (1) فقال:

اخفض شيئا، و قال لبلال: مررت بك و أنت تقرأ من هذه السورة و من هذه السورة، فقال: أخلط الطيب بالطيب، فقال: اقرأ السورة على وجهها) (2).

قال (أبو عبيدة) (3) و حدّثنا حجاج عن الليث بن سعد (4) عن عمر (5) مولى عفرة:

(أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم مرّ بأبي بكر و عمر و بلال، مثل ذلك، إلّا أنه قال لبلال: إذا قرأت السورة فأنفذها) (6).

و كان ابن سيرين رحمه اللّه يكره أن يقرأ الرجل القرآن إلّا كما أنزل، و يكره أن يقرأ ثم يتكلم ثم يقرأ (7).

و سئل عمن يقرأ من السورة آيتين ثم يدعها، ثم يقرأ من غيرها ثم يدعها (8)،

ص: 329


1- الوسنان: أي النائم الذي ليس بمستغرق في نومه. اللسان 13/ 449 (و سن).
2- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى سعيد بن المسيب باب القارئ يقرأ آي القرآن في مواضع مختلفة ... الخ ص 121. و في آخره بعد قوله: على وجهها: أو قال: على نحوها. قال الزركشي: و هي زيادة مليحة اه البرهان 1/ 469. و الحديث في سنن أبي داود بألفاظ متقاربة عن أبي قتادة أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم خرج ليلة فإذا هو بأبي بكر رضي اللّه عنه يصلي ... و ذكره. كتاب الصلاة باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل 2/ 82، و في سنن الترمذي دون ذكر بلال، أبواب الصلاة باب ما جاء في القراءة بالليل 2/ 526. و في المصنف لابن أبي شيبة ذكر بلال فقط 10/ 551، و راجع التذكار في أفضل الأذكار ص 112، و كنز العمال فقد عزاه الهندي إلى عبد الرزاق في المصنف، قال: و هو من مراسيل عطاء 2/ 325 رقم 4144.
3- هكذا في النسخ: أبو عبيدة، و هو خطأ. و الصواب أبو عبيد.
4- الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من السابعة، مات سنة 175 ه. التقريب 2/ 138، تاريخ الثقات 399.
5- عمر بن عبد اللّه المدني مولى عفرة- بضم العين و سكون الفاء- ضعيف، و كان كثير الإرسال من الخامسة، مات سنة 145 ه أو نحوها. التقريب 2/ 59، و انظر الميزان 3/ 210.
6- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف في فضائله ص 121، و نقل هذه الزيادة عن أبي عبيد الزركشي في البرهان 1/ 469، و راجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة.
7- ذكره أبو عبيد بسنده إلى ابن سيرين باب القارئ يقرأ آي القرآن في مواضيع مختلفة ... الخ ص 124.
8- قوله: ثم يقرأ من غيرها ثم يدعها سقط من د و ظ بانتقال النظر.

و يأخذ في غيرها (1) فقال: ليتق أحدكم أن يأثم إثما كثيرا (2) و هو لا يشعر (3) قال نافع:

قال نافع: (و كان ابن عمر إذا قرأ لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد أن يقرأ فدخلت يوما، فقال: أمسك عليّ سورة البقرة، فأمسكتها عليه فلمّا أتى على مكان منها (4) قال (5): أ تدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: في كذا و كذا (6) ثم مضى في قراءته) (7).

قال أبو عبيد: إنما ترخص ابن عمر في هذا، لأن هذا الذي تكلّم به من تأويل القرآن و (سننه) (8) كالذي ذكر عن ابن مسعود أن أصحابه كانوا ينشرون المصحف فيقرئون و يفسّر لهم، و لو كان الكلام من أحاديث الناس و أخبارهم، كان عندي مكروها أن يقطع القراءة به (9) اه.

ص: 330


1- و هذا ما يفعله بعض القراء في المحافل و المناسبات، يقرأ بعض الآيات من هنا و بعضها من هناك لتعلقها بموضوع واحد أو لغير ذلك من الأسباب، أما القراءة في الصلاة في الركعة من موضع و في الثانية من موضع آخر. فهذا جائز لا حرج فيه. و اللّه أعلم.
2- في ظق: إثما كبيرا.
3- رواه أبو عبيد في فضائله ص 122. و راجع المصنف لابن أبي شيبة فقد ذكر بعض الآثار التي تدل على كراهة قراءة آيات من السورة ثم تركها و الأخذ في غيرها من سورة أخرى و كذلك قراءة بعض الآية- من باب أولى- و ترك البعض الآخر. كتاب فضائل القرآن 10/ 552.
4- هو قوله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .. [البقرة: 223].
5- في د و ظ: فقال.
6- أي في إتيان النساء في أدبارهن، نسبه السيوطي إلى الدار قطني و غرائب مالك و الطبراني و ابن مردويه و أحمد بن أسامة التجيبي، كلهم عن نافع عن ابن عمر، ثم قال السيوطي: قال الدار قطني: هذا ثابت عن مالك. و قال ابن عبد البر: الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة عنه مشهورة اه الدر المنثور 1/ 636، و نحوه في فتح الباري 8/ 190. و الراجح في هذه القضية ما صححه جمهور الصحابة و التابعين و الفقهاء من عدم جواز إتيان الرجل زوجته في دبرها، و يفسرون قوله تعالى فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ أي كيفما شئتم بشرط أن يكون ذلك في صمام واحد، و هو موضع الحرث. راجع المسألة بأدلتها في تفسير ابن كثير 1/ 260- 265، و فتح القدير 1/ 226- 229، و فتح الباري 8/ 189- 192، و الدر المنثور 1/ 626- 635.
7- ذكره أبو عبيد في فضائله بسنده إلى نافع باب القارئ يقرأ آي القرآن في مواضيع مختلفة .. الخ ص 124. و حديث ابن عمر «أنه كان إذا قرأ لم يتكلم .. الخ» في صحيح البخاري كتاب التفسير باب نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ .. الآية 8/ 189 بشرح ابن حجر.
8- هكذا في الأصل: و سننه و في بقية النسخ: و سببه.
9- قاله أبو عبيد- كما قال المصنف- عقب ذكره لكلام نافع مع ابن عمر ص 124 و انظر البرهان 1/ 464.
جواز قراءة القرآن بغير وضوء

و عن علي- عليه السلام-: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقضي حاجته- يعني البول- ثم يخرج فيقرأ القرآن، و يأكل معنا اللحم، لا يحجزه عن القراءة شي ء ليس الجنابة» (1).

و عن ابن سيرين: «أن عمر بن الخطاب قرأ من القرآن بعد ما خرج من الغائط فقال له أبو مريم الحنفي (2) أ تقرأ و قد أحدثت؟ فقال: أ مسيلمة أفتاك بهذا (3)؟».

و عن عبد اللّه بن مالك الغافقي (4) (أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول لعمر بن الخطاب إذا توضأت و أنا جنب، أكلت و شربت، و لا أصلّي و لا أقرأ حتى أغتسل) (5).

(و سئل علي- عليه السلام- عن الجنب أ يقرأ القرآن؟ قال: لا، و لا حرفا) (6).

ص: 331


1- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه باب القارئ يقرأ القرآن على غير وضوء أو يقرأه جنبا ص 125. و رواه أبو داود بسنده إلى عائشة رضي اللّه عنها مختصرا، كتاب الطهارة باب في الرجل يذكر اللّه تعالى على غير طهر 1/ 24. و الترمذي كذلك كتاب الدعوات باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة 9/ 325. و رواه أيضا في أبواب الطهارة باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا، و قال: حديث عليّ هذا حديث حسن صحيح اه 1/ 453، و راجع نصب الراية لأحاديث الهداية 1/ 196.
2- أبو مريم الحنفي القاضي اسمه إياس بن صبيح مقبول، من الثانية، روى عن عمر و عثمان، و روى عنه ابن سيرين و ابنه عبد اللّه. التقريب 2/ 472. و الكنى للإمام مسلم 2/ 769، و للدولابي 2/ 110 و الجرح و التعديل 2/ 280.
3- رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى ابن سيرين ص 126. و رواه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الصلاة باب يجوز للمحدث أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب دون الجنب 1/ 92 دون التصريح باسم الرجل و رواه ابن أبي شيبة في المصنف باب في الرجل يقرأ القرآن و هو غير طاهر 1/ 103. ملحوظة: كان أبو مريم الحنفي هذا مع مسيلمة الكذاب قبل أن يسلم ذكر هذا الدولابي في الكنى و الأسماء، و لذلك قال له عمر: أ مسيلمة أفتاك بهذا؟. أي انكر عليه عمر رضي اللّه عنه هذا التساؤل.
4- أبو موسى، سكن مصر، قال ابن عبد البر: سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول لعمر: (إذا توضأت و أنت جنب ...) و ذكره الاستيعاب في معرفة الأصحاب 7/ 10، و انظر الإصابة 6/ 205، رقم 4922.
5- رواه أبو عبيد في فضائله ص 129. قال ابن حجر:- عند ترجمته للغافقي-: أخرجه البغوي، و الدار قطني و الطبري و البيهقي، و ابن منده .. المصدر السابق.
6- رواه الإمام أحمد مطولا (... رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال: هذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا و لا آية) اه المسند 1/ 110 و رواه ابن أبي شيبة في المصنف 1/ 102 و أبو عبيد في فضائله ص 129 قال الدار قطني: هو صحيح عن عليّ اه. نصب الراية 1/ 196.

و سأل عبد اللّه بن أبي قيس (1) عائشة رضي اللّه عنها، (كيف كانت قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أ يسرّ القراءة أم يجهر؟ فقالت: كل ذلك قد كان يفعله ربما أسرّ (2) و ربما جهر) (3).

و عن أم هانئ بنت أبي طالب (4): (كنت أسمع قراءة رسول (5) اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و أنا على عريشي (6) (7)).

قال أبو عبيد: تعني بالليل.

و حدّثني أبو المظفر بن فيروز قراءة (8) الرجل القرآن ماشيا أو (9) على الدابة بإسناده إلى النسائي، بإسناده عن عبد اللّه بن مغفل قال: (رأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلم يسير على ناقته، فقرأ (10) إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (11) او رجّع في قراءته) (12).

ص: 332


1- عبد اللّه بن أبي قيس، و يقال: ابن قيس، و يقال: ابن أبي موسى أبو الأسود النصري- بالنون- الحمصي، ثقة مخضرم من الثانية. التقريب 1/ 442، و الكنى لمسلم 1/ 72، الجرح و التعديل 5/ 140.
2- في ظ: ربما سر.
3- رواه الترمذي بسنده إلى عبد اللّه بن أبي قيس، أبواب الصلاة باب ما جاء في القراءة بالليل 2/ 528 و قال: هذا حديث صحيح غريب و رواه مطولا في أبواب فضائل القرآن باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي صلّى اللّه عليه و سلم 8/ 240. و رواه أبو داود بنحوه مختصرا كتاب الصلاة باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل 2/ 81. و أبو عبيد في فضائله باب القارئ يمد صوته ليلا بالقرآن في الخلوة به ص 105. و راجع التذكار في أفضل الأذكار الباب السادس و العشرون ص 87.
4- الهاشمية اسمها فاختة: و قيل هند لها صحبة و أحاديث، ماتت في خلافة معاوية- رضي اللّه عنهما-. التقريب 2/ 625، و انظر الإصابة 13/ 65، 300 رقم 812، 1526.
5- في بقية النسخ: قراءة النبي صلّى اللّه عليه و سلم.
6- قال السندي في حاشيته على سنن النسائي: (و أنا على عريشي): العريش كل ما يستظل به، و يطلق على بيوت مكة لأنها كانت عيدانا تنصب و يظلل عليها. اه 2/ 178، و انظر مختار الصحاح: 424 (عرش).
7- رواه النسائي في كتاب الافتتاح باب رفع الصوت بالقرآن 2/ 187، و أحمد في المسند 6/ 342، و في آخره: هذا و هو عند الكعبة، 6/ 424، و ابن أبي شيبة في مصنفه باب ما قالوا في قراءة الليل كيف هي 1/ 365، و أبو عبيد في فضائله باب القارئ يمد صوته ليلا بالقرآن ص 105.
8- في بقية النسخ: في قراءة.
9- في بقية النسخ: و على الدابة.
10- في د و ظ: يقرأ.
11- الفتح: (1).
12- تقدم الحديث بنحوه مع تخريجه قريبا ص 326 و الكلام على معنى الترجيع.

و عن عقبة بن عامر قال: «كنت أمشي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: يا عقبة قل، قلت (1): ما ذا أقول؟ فسكت عني، ثم قال: يا عقبة، قل، قلت: ما ذا أقول يا رسول اللّه؟ فسكت عني، فقلت: اللهم اردده عليّ، فقال: يا عقبة، قل، فقلت: ما ذا أقول؟ فقال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فقرأتها حتى أتيت (2) على آخرها، ثم قال:

قل، قلت (3): ما ذا أقول يا رسول اللّه؟ قال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فقرأتها، حتى أتيت على آخرها، ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عند ذلك: «ما سأل سائل بمثلها (4) و لا استعاذ مستعيذ بمثلها» (5) اه.

ص: 333


1- في د و ظ: قال: قلت.
2- حرفت في د إلى (أبيت) في الموضعين.
3- في ظ: فقلت.
4- في فضائل القرآن للنسائي: (بمثلهما) في الموضعين، و بناء عليه يكون هناك روايتان: بإفراد الضمير، أي بمثل هذه الاستعاذة، و بتثنيته و يكون المعنى: و لا استعاذ مستعيذ بمثل سورة الفلق و الناس.
5- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب قراءة الماشي ص 66، و أخرجه كذلك في سننه (المجتبي) كتاب الاستعاذة بأسانيد متعددة و ألفاظ متقاربة عن عقبة بن عامر 8/ 251. و أخرجه الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب في فضل المعوذتين 2/ 460، و أخرجه الإمام أحمد في مسنده بنحوه مختصرا 4/ 144، 148، 149، و أخرج نحوه كذلك مختصرا الترمذي في سننه أبواب فضائل القرآن 8/ 214. و كذلك أبو داود في كتاب الصلاة باب في المعوذتين 2/ 152.
فضل حامل القرآن و متعلمه و معلّمه و ما يطالب به حملة القرآن و كيف كان قراء السلف و الصدر الأول
اشارة

حدّثني الغزنوي بالإسناد المتقدم إلى أبي عيسى- رحمه اللّه- قال: ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود الطيالسي حدّثنا شعبة و هشام (1) عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام (2) عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «من قرأ القرآن فاستظهره (3)، فأحلّ حلاله و حرّم حرامه أدخله اللّه (4) الجنة، و شفعه في عشرة من أهل بيته، كلهم قد وجبت لهم (5) النار» (6).

و حدّثني أبو المظفر الجوهري- رحمه اللّه- بإسناده إلى النسائي قال: أنبأنا محمد بن

ص: 334


1- هشام بن أبي عبد اللّه سنبر- بمهملة ثم نون ثم موحدة وزن جعفر- أبو بكر الدّستوائي- بفتح الدال و سكون السين المهملتين و فتح المثناة ثم مد- ثقة ثبت، و قد رمى بالقدر من كبار السابعة مات سنة 154 ه التقريب 2/ 319، و تاريخ الثقات 458، و صفة الصفوة 3/ 348، و الميزان 4/ 300.
2- سعد بن هشام بن عامر الانصاري المدني، ثقة من الثالثة، استشهد بأرض الهند. التقريب 1/ 289.
3- أي حفظه، تقول: قرأت القرآن عن ظهر قلبي: أي قرأته من حفظي. تحفة الأحوذي 8/ 217.
4- لفظ الجلالة ساقط من د و ظ.
5- في د: له.
6- رواه الترمذي بسند آخر غير السند الذي ذكره السخاوي. قال الترمذي: حدّثنا علي بن حجر أخبرنا حفص بن سليمان عن كثير بن زاذان عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: و ذكر الحديث. ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه و ليس له إسناد صحيح، و حفص بن سليمان أبو عمر بزاز كوفي يضعف في الحديث اه أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل قارئ القرآن 8/ 217. قال ابن حجر: حفص بن سليمان متروك الحديث مع إمامته في القراءة اه. التقريب 1/ 186، و انظر مجمع الزوائد 7/ 162، و الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 309.قلت: أما السند الذي ساقه المصنف فهو لحديث: «الذي يقرأ القرآن و هو ماهر به ..» و هو في الصحيحين و غيرهما كما سبق.

عبد الأعلى (1) ثنا خالد (2) عن شعبة أخبرني علقمة بن مرثد (3) قال: سمعت سعد بن عبيدة (4) عن أبي عبد الرحمن (5) عن عثمان عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: «خيركم من علم (6) القرآن و تعلّمه» (7).

و قال: ثنا (عبد) (8) اللّه بن سعيد ثنا يحيى (9) عن شعبة و سفيان، قالا: ثنا علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال (10): «خيركم من تعلّم القرآن و علمه». و قال سفيان: (أفضلكم من تعلّم القرآن و علمه) (11).

ص: 335


1- محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري ثقة من العاشرة مات سنة 245 ه. التقريب 2/ 182، و الجرح و التعديل 8/ 16.
2- خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم أبو عثمان، ثقة ثبت، من الثامنة مات سنة 186 ه. التقريب 1/ 211، و الكنى للإمام مسلم 1/ 548، و الجرح و التعديل 3/ 325.
3- علقمة بن مرثد- بفتح الميم و سكون الراء بعدها مثلثة- الحضرمي أبو الحارث الكوفي ثقة من السادسة. التقريب 2/ 31، و الجرح و التعديل 6/ 406، و تاريخ الثقات 341 و راجع الفتح 9/ 77.
4- سعد بن عبيدة السلمي أبو حمزة الكوفي ثقة من الثالثة مات في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. التقريب 1/ 288، و تاريخ الثقات: 180، و الكنى للإمام مسلم 1/ 244.
5- عبد اللّه بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي المقرئ، مشهور بكنيته، و لأبيه صحبة ثقة ثبت من الثانية مات بعد السبعين. التقريب 1/ 408، و الكنى للإمام مسلم 1/ 513.
6- في ظ: من تعلم.
7- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب فضل من علم القرآن ص 56، و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب خيركم من تعلم القرآن و علمه 6/ 108، و سنن أبي داود كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن 2/ 147. و سنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في تعليم القرآن 8/ 222، و في مسند الإمام أحمد 1/ 58. و سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب خياركم من تعلّم القرآن و علّمه 2/ 437.
8- في بقية النسخ: عبيد اللّه. و هو الصواب.
9- يحيى بن سعيد القطان تقدم.
10- في بقية النسخ: قال شعبة: خيركم ... الخ.
11- ذكر هذه الرواية عن سفيان الثوري: النسائي- كما قال المصنف- كما ذكرها أيضا البخاري و الترمذي. انظر نفس الأجزاء و الصفحات من هذه المصادر في تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة.

و من طريق الغزنوي- رحمه اللّه- قال أبو عيسى: حدّثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود (1) أنبأ شعبة أخبرني (2) علقمة بن مرثد قال: سمعت سعد بن عبيدة يحدّث عن أبي عبد الرحمن عن عثمان بن عفان أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «خيركم من تعلّم القرآن و علمه» (3). قال أبو عبد الرحمن: فذاك الذي اقعدني مقعدي هذا.

و علّم القرآن في زمان عثمان حتى بلغ الحجاج بن يوسف (4)، هذا حديث حسن صحيح (5).

حدّثنا محمود بن غيلان ثنا بشر (6) بن السرى (7) ثنا (8) سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان بن عفان: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «خيركم- أو أفضلكم (9)- من تعلّم القرآن و علمه» هذا حديث حسن صحيح (10).

قال أبو عيسى: قال محمد بن بشار: و أصحاب سفيان لا يذكرون فيه غير سفيان

ص: 336


1- هو الطيالسي تقدم.
2- في بقية النسخ: قال: أخبرني علقمة.
3- راجع رواية النسائي المتقدمة قريبا عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد بن الحارث عن شعبة به.
4- الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي الأمير المشهور الظالم، وقع ذكره و كلامه في الصحيحين و غيرهما، و ليس بأهل بأن يروى عنه، ولي امرة العراق عشرين سنة و مات سنة 95 ه. التقريب 1/ 154، و انظر البداية و النهاية 9/ 123، و الأعلام: 2/ 168.
5- انظر سنن الترمذي 8/ 222- 223 و تقدم قريبا تخريجه. و جاء في رواية البخاري: قال: و أقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: «و ذاك الذي أقعدني مقعدي هذا» اه صحيح البخاري 6/ 108. قال الحافظ ابن حجر: أي حتى ولي الحجاج على العراق. ثم قال: و بين أول خلافة عثمان و آخر ولاية الحجاج اثنتان و سبعون سنة إلّا ثلاثة أشهر، و بين آخر خلافة عثمان و أول ولاية الحجاج العراق ثمان و ثلاثون سنة، و لم أقف على تعيين ابتداء إقراء أبي عبد الرحمن السلمي و آخره فاللّه أعلم بمقدار ذلك، و يعرف من الذي ذكرته أقصى المدة و أدناها، و القائل: (و أقرأ .. الخ هو سعد بن عبيدة) اه الفتح 9/ 76.
6- في ظ: بشير. خطأ.
7- بشر بن السري أبو عمرو الأفوه بصري سكن مكة و كان واعظا ثقة، من التاسعة، مات سنة 195 ه أو نحوها. التقريب 1/ 99، و تاريخ الثقات: 80، و الكنى للإمام مسلم 1/ 572.
8- في بقية النسخ: قال: ثنا سفيان.
9- شك من بعض الرواة، كما في تحفة الأحوذي 8/ 223.
10- سنن الترمذي أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في تعليم القرآن 8/ 223.

عن سعد بن عبيدة، قال محمد بن بشار: «و هو أصح، و (1) قد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث سعد بن عبيدة، و كأنّ بحديث سفيان أشبه و أصح» (2). و بإسناده عن عبد اللّه بن مسعود، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «من قرأ حرفا من كتاب اللّه، فله به حسنة، و الحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، و لكن (ألف) حرف و (لام) حرف و (ميم) حرف».

هذا حديث حسن صحيح (3).

و روى عن الحسن (أنه أجاز أن يعلم المقرئ أولاد المشركين القرآن) (4).

قال أبو عبيد: حدّثني يزيد (5) عن حماد بن سلمة عن حبيب المعلم (6) قال: سألت الحسن، قلت: (أعلم أولاد أهل (7) الذمة القرآن؟ قال: نعم، أو ليس يقرءون التوراة و الإنجيل و هما من كتب (8) اللّه عز و جلّ (9)؟!).

ص: 337


1- الواو ساقطة من ظ.
2- قال الحافظ ابن حجر: و رجح الحفاظ رواية الثوري و عدوا رواية شعبة من المزيد في متصل الاسانيد. ثم قال الحافظ: و أما البخاري فأخرج الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعا محفوظان، فيحمل على أن علقمة سمعه أولا من سعد ثم لقي أبا عبد الرحمن فحدثه به، أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن ... إلى أن قال: و الصواب عن الثوري بدون ذكر سعد و عن شعبة بإثباته اه الفتح 9/ 75.
3- رواه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في من قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر 8/ 226، و انظر الدارمي 2/ 429، و الحاكم 1/ 555.
4- انظر فضائل القرآن لأبي عبيد باب القارئ يعلم المشركين القرآن .. الخ ص 131.
5- يزيد بن هارون تقدم.
6- حبيب بن المعلم أبو محمد البصري، مولى معقل بن يسار، اختلف في اسم أبيه فقيل زائدة و قيل زيد، صدوق من السادسة مات سنة 130 ه التقريب 1/ 152، و انظر الكنى و الأسماء للإمام مسلم 2/ 726، و الميزان 1/ 456.
7- كلمة (أهل) ساقطة من د و ظ.
8- في بقية النسخ و فضائل القرآن لأبي عبيد: و هما من كتاب اللّه عزّ و جلّ.
9- فضائل القرآن لأبي عبيد ص 132. و قد بوّب البخاري في كتاب الجهاد لهذا، فقال: باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب، ثم ساق طرفا من كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إلى قيصر، و قد اشتمل على بعض الآيات، قال ابن حجر: و إرشادهم منه أي من الكتاب ظاهر، و أما تعليمهم الكتاب فكأنه استنبطه من كونه كتب إليهم بعض القرآن بالعربية، و كأنه سلّطهم على تعليمه إذ لا يقرءونه حتى يترجم لهم، و لا يترجم لهم حتى يعرف المترجم استخراجه، و هذه المسألة مما اختلف فيه السلف فمنع مالك من تعليم الكافر القرآن، و رخص أبو حنيفة، و اختلف قول الشافعي، و الذي يظهر أن الراجح التفصيل بين من يرجى منه الرغبة في الدين و الدخول فيه على الأمن منه أن يتسلط بذلك الى الطعن فيه، و بين من يتحقق أن ذلك لا ينجع فيه، أو يظن أنه يتوصل بذلك إلى الطعن في الدين اه الفتح 6/ 07؟. قلت: و هو كما قال رحمه اللّه. و إلّا كيف نستطيع التوصل إلى قلوب من يرغبون الدخول في الإسلام إلّا بإسماعهم كلام اللّه و تعليمهم بعض آياته و سوره و حتى تقوم الحجة عليهم. و اللّه يهدي من يشاء.

و قال أبو عبيد: قال عباد (1): سألت أبا حنيفة (2) عن ذلك، فقال: (لا بأس أن تعلمه القرآن صغيرا و كبيرا) (3).

و قد روى نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «لا تسافروا بالقرآن، فإني أخاف أن يناله العدو» (4).

ففي هذا الحديث ما يمنع ما ذهب إليه (5) الحسن و غيره، لأن ذلك يؤدي إلى أن يمسه الكافر، و إذا كان المسلم لا يمس القرآن- و هو محدث- فكيف يجوز أن يعلمه المشرك، فيكتبه؟ و إذا كان المسلم الجنب لا يقرأه فكيف يجوز أن يقرأه الكافر (6)؟.

ص: 338


1- عباد بن العوام بن عمر الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي ثقة من الثامنة مات سنة 185 ه. التقريب 1/ 393، و تاريخ الثقات: 247.
2- النعمان بن ثابت التيمي بالولاء الكوفي أبو حنيفة إمام الحنفية الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السّنة، ولد و نشأ بالكوفة (80- 150 ه). انظر التقريب 2/ 303، و تاريخ بغداد 13/ 323، و الجرح و التعديل 8/ 449، و البداية و النهاية 10/ 110، و الإعلام للزركلي 8/ 36.
3- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ يعلم المشركين القرآن ... الخ ص 131.
4- رواه البخاري في كتاب الجهاد باب كراهية السفر بالمصحف إلى أرض العدو 6/ 133، بشرح ابن حجر. و رواه مسلم في كتاب الإمارة باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار 13/ 13، و أبو داود كتاب الجهاد باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو 3/ 82، و النسائي في فضائل القرآن باب السفر بالقرآن إلى أرض العدو ص 64، و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 131. قال النووي: «فيه النهي عن المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار للعلة المذكورة في الحديث، و هي خوف أن ينالوه فينتهكوا حرمته، فإن أمنت هذه العلة بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم فلا كراهة و لا منع منه حينئذ لعدم العلة، هذا هو الصحيح ...» اه شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 13 و راجع كلام ابن حجر في هذا أيضا في فتح الباري 6/ 134.
5- (اليه) ساقط من د و ظ.
6- و هذا لا ينافي أن يعلم المسلم المشرك أو الكافر ما يعرف به الحق فيدخل فيه و لو بطريق التلقي و المشافهة و لا يلزم منه أن يمس المصحف و اللّه أعلم. و قد ذكر ابن أبي داود آثارا تدل على جواز كتابة النصراني للمصحف كما ذكر آثارا أخرى تدل على كراهة كتابة الجنب للقرآن الكريم. انظر كتاب المصاحف ص 148، 149.

قال أبو عبيد: و ثنا عبد اللّه بن صالح (1) عن الهقل بن زياد (2) عن معاوية بن يحيى الصّدفي (3)، قال، حدّثني الزهري قال: حدّثني عامر بن واثلة (4) أن نافع بن عبد الحارث الخزاعي (5) تلقي عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بعسفان (6)، و كان عمر استعمله على أهل مكة، فسلّم على عمر، فقال له: (من استخلفت على أهل الوادي؟

فقال نافع: استخلفت عليهم يا أمير المؤمنين ابن أبزى (7)، فقال عمر: و ما ابن أبزى؟ فقال نافع: هو من موالينا يا أمير المؤمنين، فقال عمر: استخلفت عليهم مولى؟! فقال: يا أمير المؤمنين قارئ لكتاب اللّه تعالى (8)، عالم بالفرائض، فقال عمر: أما إن

ص: 339


1- عبد اللّه بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني أبو صالح المصري كاتب الليث صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه و كانت فيه غفلة من العاشرة مات سنة 222 ه. التقريب 1/ 423.
2- هقل- بكسر أوله و سكون القاف ثم لام- ابن زياد السكسكي- بمهملتين مفتوحتين بينهما كاف ساكنة الدمشقي نزيل بيروت قيل: هو لقب و اسمه محمد أو عبد اللّه و كان كاتب الأوزاعي ثقة من التاسعة مات سنة 179 ه أو بعدها. التقريب: 2/ 321.
3- معاوية بن يحيى الصدفي- بفتح الصاد و الدال- أبو روح الدمشقي سكن الري ضعيف، و ما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري، من السابعة. التقريب 2/ 261 و الميزان 4/ 138.
4- عامر بن واثلة بن عبد اللّه الليثي أبو الطفيل و ربما سمي عمرا، ولد عام أحد و رأى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، و روى عن أبي بكر فمن بعده و عمر إلى أن مات سنة 110 ه على الصحيح، و هو آخر من مات من الصحابة قاله مسلم و غيره. التقريب 1/ 389 و الكنى للإمام مسلم 1/ 459 و الإصابة 11/ 215 رقم 671.
5- نافع بن عبد الحارث بن خالد الخزاعي، صحابي أسلم عام الفتح أمّره عمر على مكة فأقام بها إلى أن مات. التقريب 2/ 295 و الإصابة 10/ 131 رقم 8651 و فيه: نافع بن عبد الحارث بن حبالة.
6- عسفان: كعثمان موضع على مرحلتين من مكة إلى المدينة. القاموس المحيط 3/ 181 (عسف) و يقدر بنحو 90 كم من مكة إلى المدينة.
7- عبد الرحمن بن أبزى- بفتح الهمزة، و سكون الموحدة بعدها زاي مقصورا- الخزاعي مولاهم، صحابي صغير، و كان في عهد عمر رجلا و كان على خراسان لعليّ. التقريب 1/ 472، و الإصابة 6/ 258 رقم 5066.
8- و في هذا المعنى إمامة الصلاة. قال ابن حجر: «اسند ابن أبي داود بإسناد صحيح عن الأشعث بن قيس أنه قدم غلاما صغيرا، فعابوا عليه، فقال: ما قدمته، و لكن قدمه القرآن» اه الفتح 9/ 83.

نبيّكم صلّى اللّه عليه و سلم قال: «إنّ اللّه سبحانه و تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما و يضع به آخرين» (1).

و سئلت عائشة رضي اللّه عنها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فقالت: «كان خلق رسول اللّه القرآن، يرضى برضاه و يسخط بسخطه» (2).

و قال عبد اللّه بن مسعود رحمه اللّه: (إن كل مؤدب يحب أن يؤتي أدبه، و إن أدب اللّه عزّ و جلّ «القرآن») (3).

و عن محمد بن كعب القرظي قال: (كنا نعرف قارئ القرآن بصفرة اللون) (4).

قال أبو عبيد: و لا أرى هذا إلّا للخلال التي تكون في قراء القرآن مما يروى (عن) (5) صفاتهم، عن عبد اللّه بن مسعود و عبد اللّه بن عمرو، يعني (6) قول عبد اللّه بن مسعود:

(ينبغي لقارئ القرآن أن (7) يعرف بليله إذ الناس نائمون، و بنهاره إذ الناس مفطرون)،

ص: 340


1- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب إعظام أهل القرآن و إكرامهم و تقديمهم ص 34. و الحديث في صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين و قصرها 6/ 98. و في سنن الدارمي كتاب فضائل القرآن باب ان اللّه يرفع بهذا القرآن أقواما و يضع آخرين 2/ 443. و أورده ابن حجر في الإصابة عند ترجمته لعبد الرحمن بن أبزى نقلا عن صحيح مسلم، ثم قال: و أخرجه أبو يعلى من وجه آخر ... اه 6/ 258.
2- أخرجه بلفظه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي الدرداء قال: سألت عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ... الخ باب حامل القرآن و ما يجب عليه ص 49، و نسبه السيوطي إلى ابن المنذر و ابن مردويه و البيهقي في دلائل النبوة كلهم عن أبي الدرداء أنه سأل عائشة عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم .. الخ الدر المنثور: 8/ 243. و له شاهد ضمن حديث طويل أخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن سعد بن هشام بن عامر و فيه: (فقلت: أنبئيني عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، قالت: أ لست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فان خلق نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلم كان القرآن ...) الحديث. كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب صلاة الليل .. الخ 6/ 26. و كذلك في سنن أبي داود كتاب الصلاة 2/ 87. و هذا الشاهد في سنن الدارمي كذلك كتاب الصلاة باب صفة صلاة النبي صلّى اللّه عليه و سلم 1/ 344. و في المستدرك للحاكم كتاب التفسير باب تفسير سورة (المؤمنون) 2/ 392 و تفسير سورة القلم 2/ 499.
3- سبق تخريجه و الكلام عليه عند الحديث عن فضل بعض الآيات ص 284.
4- أورده أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن كعب القرظي ص 51، و معناه: أن صاحب القرآن يختلف عن غيره بالجد و الاجتهاد و القيام به و السهر في قراءته و تخلقه بأخلاقه فيظهر ذلك على جوارحه و اللّه أعلم ..
5- هكذا في الأصل. و في بقية النسخ: (من) و هو الصواب.
6- في د و ظ: نعني.
7- أن: ساقط من ظ و د.

و ببكائه إذا الناس يضحكون، و بورعه إذا الناس يخلطون، و بصمته إذا الناس يخوضون، و بخشوعه إذا الناس يختالون) (1) قال المسيب بن رافع: و أحسبه قال: و بحزنه إذا الناس يفرحون. و قول عبد اللّه بن عمرو (2): (من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما، و قد استدرجت النبوة بين جنبيه، إلّا أنه لا يوحى إليه، و لا (3) ينبغي لحامل القرآن (4) أن يجدّ فيمن يجدّ (5) و لا أن يجهل فيمن يجهل، و في جوفه كلام اللّه عزّ و جلّ (6)، و عنه: فقد اضطربت (7) النبوة بين جنبيه، فلا ينبغي أن يلعب مع من يلعب و لا يرفث مع من يرفث، و لا يتبطل مع من يتبطل، و لا يجهل مع من يجهل) (8).

قوله: (أن يجدّ فيمن يجدّ) يريد- و اللّه أعلم- ما يجد الناس فيه من أمور الدنيا، أو لا (9) يتعاظم.

ص: 341


1- أورده أبو عبيد في فضائله بسنده إلى المسيب بن رافع عن ابن مسعود باب حامل القرآن و ما يجب عليه .. الخ ص 51. و الديلمي بنحوه عن ابن مسعود كما في الكنز 1/ 622، رقم 2877، و النووي في التبيان في آداب حملة القرآن الباب الخامس ص 28. و القرطبي في التذكار في أفضل الأذكار ص 55.
2- هذا الكلام معطوف على ما قبله و هو قوله: يعني قول عبد اللّه بن مسعود ... إلى أن قال: و قول عبد اللّه بن عمرو.
3- (لا) ساقطة من ظ.
4- في بقية النسخ: لصاحب القرآن.
5- هكذا في النسخ: أن يجدّ فيمن يجدّ. أي بالجيم المعجمة و في فضائل القرآن لأبي عبيد: أن يحد فيمن يحد، أي بالحاء المهملة و هي كذلك في كنز العمال 1/ 524 رقم 2347 و أخلاق أهل القرآن ص 56، و لعلها أقرب إلى معنى الحديث، و معناها: لا ينبغي لقارئ القرآن تعتريه شدة الطيش و الغضب كما تعتري غيره. راجع اللسان 3/ 141 (حدد) و أما بالجيم فسيشرحها المصنف قريبا حسبما فهمه من اللفظ.
6- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عبد اللّه بن عمرو ص 51، و الحاكم في المستدرك بسنده إلى عبد اللّه بن عمرو بن العاص و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و أقره الذهبي كتاب فضائل القرآن 1/ 552. و أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه مختصرا، كتاب فضائل القرآن باب في فضل من قرأ القرآن 10/ 467، و كذلك الآجرّي في كتابه أخلاق أهل القرآن ص 56 و ابن المبارك في كتاب الزهد باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 275 «و أخرجه الطبراني و البيهقي في الشعب، و قال: يحتمل أن يكون معناه: جمع في صدره ما أنزل على النبي صلّى اللّه عليه و سلم غير أنه لا يوحى إليه فيدعى لأجله نبيا» اه. انظر تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة 1/ 293.
7- أي تحركت و ماجت. اللسان 1/ 544 (ضرب).
8- أورده أيضا أبو عبيد بسنده إلى عبد اللّه بن عمرو ص 52.
9- في د و ظ: و لا يتعاظم.

و قال سفيان بن عيينة: (من أعطي القرآن، فمد عينيه إلى شي ء مما صغر القرآن:

فقد خالف القرآن، أ لم تسمع قوله سبحانه و تعالى وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ* لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ (1).

و قوله تعالى (2): وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى (3).

قال: يعني القرآن (4).

قلت: يريد بقوله: (يعني القرآن) أي ما رزقك اللّه من القرآن خير و أبقى مما رزقهم من الدنيا.

قال: و قوله تعالى وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (5).

قال: و قوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (6)، قال: هو القرآن (7).

و من ذلك: قول النبي صلّى اللّه عليه و سلم «ما أنفق عبد من نفقة أفضل من نفقة في قول» (8).

ص: 342


1- الحجر: (87، 88).
2- يلاحظ أنه حدث خلط بين آيات سورة الحجر و طه فتصرفت- لتشابه النصين في تنسيقها و فصلها عن بعضها، و كل من آيات سورة الحجر و طه تتحدث عن متاع الحياة الدنيا و زينتها .. الخ. و كذلك وقع الخلط في الآيتين عند أبي عبيد في فضائل القرآن، و قد نقلها السخاوي عنه.
3- طه: (131).
4- انظر تفسير سفيان بن عيينة- تفسير سورة الحجر ص 282، و الأثر في فضائل القرآن لأبي عبيد عن ابن عيينة ص 53، و في تفسير الطبري عن ابن عيينة كذلك 4/ 60. و عزاه السيوطي إلى ابن المنذر عن سفيان بن عيينة. الدر المنثور 5/ 97.
5- طه: (132).
6- السجدة: (16).
7- ذكر هذا ابن عيينة في تفسيره بنحوه- تفسير سورة السجدة ص 307، و نقله أبو عبيد عنه، انظر فضائل القرآن ص 53. و على هذا يرى السخاوي- تبعا لابن عيينة و أبي عبيد- في أن المقصود من الإنفاق في هذه الآية و الأثر هو تعليم القرآن للناس فكلّ ينفق مما أعطاه اللّه من أشياء مادية أو معنوية، فيكون المراد من القول في الحديث عام يشمل الكلمة الطيبة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بث العلم بين الناس و الجهاد في سبيل اللّه باللسان و غير ذلك.
8- ذكره أبو عبيد ضمن ذكره لكلام سفيان بن عيينة، ثم قال: «يذهب إلى أن القول نفقة» اه باب حامل القرآن و ما يجب عليه أن يأخذ به من أدب القرآن ص 53.

و عن شريح (1) (أنه سمع رجلا يتكلم، فقال: أمسك عليك بعضك (2).

قال أبو عبيد: (جلست الى معمّر بن سليمان النخعي (3) بالرقة (4)، و كان خير من رأيت، و كانت له حاجة إلى بعض الملوك، فقيل له: لو أتيته فكلّمته، فقال: قد أردت إتيانه، ثم ذكرت القرآن و العلم فأكرمتهما عن ذلك) (5) اه.

قال أبو عبيد: و ثنا هشيم (6) عن مغيرة (7) عن إبراهيم (8): (كانوا يكرهون أن يتلوا الآية عند الشي ء لعرض (9) من أمر (10) الدنيا) (11).

ص: 343


1- شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي القاضي أبو أمية، مخضرم ثقة، و قيل: له صحبة، و مات قبل الثمانين أو بعدها، قال بعضهم: حكم 70 سنة. التقريب 1/ 349، و طبقات الحفاظ للسيوطي ص 20 و تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 59، و راجع الحلية لأبي نعيم 1/ 132.
2- هكذا في النسخ: بعضك، و في فضائل القرآن لأبي عبيد ص: 53 نفقتك.
3- معمر- بالتشديد- بن سليمان النخعي الرقي أبو عبد اللّه الكوفي من التاسعة. التقريب 2/ 266. قال الذهبي: ثقة وقور صالح، مات سنة 191 ه. الكاشف 3/ 165.
4- الرّقة- بفتح الراء المشددة و سكون القاف- كل أرض إلى جنب واد ينبسط الماء عليها أيام المد ثم ينضب، جمع رقاق و بلد على الفرات واسطة ديار ربيعة و آخر غربي بغداد اه. القاموس المحيط 3/ 245 «رقق».
5- ذكره أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب ما يستحب لحامل القرآن من إكرامه و تعظيمه و تنزيهه ص 61.
6- هشيم- بالتصغير- بن بشير- مكبر- بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية الواسطي ثقة ثبت كثير التدليس و الإرسال الخفي من السابعة، مات سنة 183 ه. التقريب 2/ 320، و الميزان 4/ 306، و طبقات المفسرين للداودي 2/ 353.
7- مغيرة بن مقسم- بكسر الميم- الضبي مولاهم أبو هاشم الكوفي الأعمى ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس و لا سيما عن إبراهيم النخعي من السادسة، مات سنة 136 ه على الصحيح. التقريب 2/ 270، و الميزان 4/ 165.
8- إبراهيم بن يزيد النخعي تقدم.
9- هكذا في الأصل: لعرض. و في بقية النسخ: يعرض.
10- كلمة (أمر) ساقطة من ظ.
11- ذكره أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله، باب ما يستحب لحامل القرآن ... الخ ص 62، و ذكره النووي في التبيان في الباب السادس ص 66، و القرطبي بنحوه بلفظ أطول قال: و منها- أي من آداب قراءة القرآن- أن لا يتأوله عند ما يعرض له من أمر الدنيا، و روى هشيم .. و ذكره قال: و من ذلك مثل قوله (كلوا و اشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) هذا عند حضور الطعام و أشباه هذا اه. التذكار الباب الثالث و الثلاثون ص 116.

قال أبو عبيد: (و هذا كالرجل يريد لقاء صاحبه، أو يهم بالحاجة، فتأتيه (1) من غير طلب، فيقول:- كالمازح- جئت (2) على قدر يا موسى!، و هذا من الاستخفاف بالقرآن).

و منه قول ابن شهاب: (لا تناظر بكتاب اللّه و لا بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم) (3).

قال أبو عبيد: يقول (4): لا تجعل لهما نظيرا من القول و لا الفعل.

ذكر فضل قيام حامل القرآن به

و عن مخرمة بن شريح الحضرمي (5) قال: (ذكر رجل عند النبي صلّى اللّه عليه و سلم فقال: ذاك لا يتوسد (6) القرآن) (7).

قال: و عن الحسن (أنه سئل عمن جمع القرآن، أ ينام عنه؟ فقال: يتوسد القرآن؟! لعن اللّه ذلك) (8).

ص: 344


1- في د و ظ: فيأتيه.
2- في د: وجبت. و في ظ: وجيت
3- ذكره أبو عبيد أيضا ص 62.
4- (يقول) ليست في د و ظ.
5- ذكره خليفة بن خياط في تاريخه و قال: انه استشهد يوم اليمامة ص 111، و ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب 6/ 52، و ابن حجر في الإصابة 9/ 145، 5/ 70.
6- قال ابن الأعرابي: (لقوله: لا يتوسد القرآن، وجهان: أحدهما: مدح و الآخر ذم، فالذي هو مدح أنه لا ينام عن القرآن و لكن يتهجد به، و لا يكون القرآن متوسّدا معه بل هو يداوم قراءته و يحافظ عليها، و في الحديث: (لا توسدوا القرآن و اتلوه حق تلاوته). و الذي هو ذم أنه لا يقرأ القرآن و لا يحفظه و لا يديم قراءته، و إذا نام لم يكن معه من القرآن شي ء، فإن كان مدحه فالمعنى هو الأول و ان كان ذمه فالمعنى هو الآخر. قال أبو منصور: و أشبههما أنه أثنى عليه و حمده اه. اللسان 3/ 460 «وسد». و راجع النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 5/ 182.
7- رواه الإمام أحمد في مسنده بسنده إلى الزهري عن السائب بن يزيد أن شريحا الحضرمي ذكر عند النبي صلّى اللّه عليه و سلم فقال: و ذكره، المسند 3/ 449، و بهذا يتبين أن الرجل الذي ذكر هو والد مخرمة راوي الحديث. و رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى مخرمة بن شريح الحضرمي باب ما يؤمر به حامل القرآن من تلاوته و .. الخ ص 65. و أورده ابن حجر عند ترجمته لشريح الحضرمي و صححه. انظر الإصابة 5/ 70 رقم 3884.
8- قال أبو عبيد: و قد ذكرنا تفسير التوسد عن الحسن ... و ذكره.

و قال الحسن: (قرّاء القرآن: ثلاثة أصناف:

أ) فصنف اتخذوه بضاعة يأكلون به.

ب) و صنف أقاموا حروفه و ضيّعوا حدوده، و استطالوا (1) به على أهل بلادهم و استدرّوا (2) به الولاة، كثير هذا الضرب من حملة القرآن لا كثرهم اللّه.

ج) و صنف عمدوا الى دواء القرآن فوضعوه على داء (3) قلوبهم، و استشعروا الخوف و ارتدوا الحزن، فأولئك الذين يسقي اللّه بهم الغيث و ينصر بهم على الأعداء.

و اللّه لهذا الضرب في حملة القرآن أعزّ من الكبريت (4) الأحمر) (5).

و عن أبي الأحوص (6) قال: (إن كان الرجل ليطرق (7) الخباء (8) فيسمع فيه كدوي (9) النحل، فما لهؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون) (10)؟!.

ص: 345


1- استطال على الناس إذا رفع رأسه، و رأى أن له عليهم فضلا في القدر. اللسان 11/ 412 (طول).
2- أي استجلبوهم و طلبوا درّهم و عطاياهم. انظر نحوه في المصدر نفسه 4/ 28 (درر).
3- قوله: .. القرآن فوضعوه على داء .. الخ هذه العبارة سقطت من ظق و أضيفت في الحاشية لكنها لم تظهر.
4- الكبريت: معروف، و هذا كقولهم: أعز من بيض الأنوق، و يقال: ذهب كبريت أي خالص. اللسان 5/ 130 (كبر). و كبرته: عالجته بالكبريت، و هو عنصر ذو شكلين بلورين و ثالث غير بلوري نشيط كيميائيا، و ينتشر في الطبيعة شديد الاشتعال اه. المعجم الوسيط 2/ 773.
5- ذكره أبو عبيد بسنده إلى الحسن ص 65 و في سنده عمار بن سيف الضبي الكوفي، قال ابن حجر: «ضعيف الحديث و كان عابدا» اه التقريب 2/ 47. و له شاهدان لا يخلو كل واحد منهما من ضعف في سنده. انظر كنز العمال 1/ 622، 624 رقم 2880، 2882، و له شاهد كذلك ذكره بنحوه ابن المبارك في كتاب الزهد بسنده إلى الحسن باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 274.
6- عوف بن مالك بن نضلة- بفتح النون و سكون المعجمة- الجشمي- بضم الجيم و فتح المعجمة- أبو الأحوص الكوفي، مشهور بكنيته ثقة من الثالثة، من أصحاب عبد اللّه بن مسعود، روى عن علي بن الأقمر الوادعي و غيره. راجع التقريب 2/ 90، و الجرح و التعديل 7/ 14، 6/ 174، و الكنى للإمام مسلم 1/ 91.
7- الطروق: المجي ء ليلا. انظر غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 233 و مختار الصحاح 391 (طرق).
8- تقدم معناه ص 265.
9- الدوي: الصوت، يقال: دوّى الصوت يدوي تدوية كدوي النحل و غيره. اللسان 14/ 281 (دوى).
10- ذكره أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي الأحوص ص 67. و ذكره النووي في التبيان في الباب الخامس كذلك عن أبي الأحوص ص 34.

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم «اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست (1) تقرؤه- أو فلا تقرأه» (2).

و قال الحسن: (إن أولى الناس بهذا القرآن من اتبعه و إن لم يكن يقرؤه) (3).

في كم يختم القارئ القرآن

و سأل أبو صعصعة (4) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: (في كم أقرأ القرآن؟ فقال: في كل خمس عشرة، فقال: إني أجدني أقوى من ذلك، فقال: ففي كل جمعة) (5).

(و كان عبد اللّه بن مسعود يقرأ القرآن في غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة و يقرؤه في رمضان في ثلاث).

(و كذلك (6) تميم (7) و الأعمش يختمان في كل سبع، و كان أبيّ يختمه في كل ثمان،

ص: 346


1- في ظ: فليست. خطأ.
2- أخرجه أبو عبيد في فضائله باب ما يوصف به حامل القرآن من تلاوته بالاتباع و الطاعة و العمل به ص 71. ثم ذكر له شواهد عن الحسن بن علي رضي اللّه عنهما. قال المناوي: «و سنده ضعيف» اه فيض القدير 2/ 61.
3- انظر تخريج الحديث السابق (اقرأ القرآن ما نهاك ...). و هذا فيه زجر و تهديد لمن يقرأ القرآن و لم يعمل به، و الحجة قائمة عليه أكثر من غيره، و قد يكون هناك إنسان لا صلة له بحفظ القرآن و لكن قلبه مملوء بالإيمان فإذا سمع آيات اللّه تتلى عليه انصاع لها و عمل بها فهذا لا شك خير ممن يجيد القرآن و لكنه مضيع لحدوده نسأل اللّه السلامة و العافية.
4- هكذا في النسخ (أبو صعصعة) و ليس كذلك إنما السائل قيس بن أبي صعصعة و اسم أبي صعصعة: عمرو بن زيد بن عوف الأنصاري شهد العقبة و بدرا. راجع ترجمته في الإصابة 8/ 193 رقم 7181.
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله باب القارئ يقرأ القرآن من سبع ليال إلى ثلاث ص 109. و عزاه الهندي في كنز العمال إلى ابن منده و ابن عساكر 2/ 326 رقم 4147. و أورده ابن حجر عند ترجمته لقيس بن أبي صعصعة، قال: أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن و محمد بن نصر المروزي في قيام الليل و الطبراني و غيرهم من طريق حبّان بن واسع بن حبّان عن أبيه عن قيس بن أبي صعصعة أنه قال (يا رسول اللّه ...) و ذكره 8/ 193.
6- في بقية النسخ: و كذلك كان تميم ... الخ. و هو الصواب.
7- تميم بن أوس بن خارجة الداري أبو رقية- بقاف و تحتانية مصغرا- صحابي مشهور سكن بيت المقدس بعد مقتل عثمان قيل مات سنة 46 ه. التقريب 1/ 113، و الإصابة 1/ 304 رقم 833 و صفة الصفوة: 1/ 737.

و كان الأسود (1) يختمه في ست (2)، و كان علقمة يختمه في خمس) (3).

و عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا يفقهه من قرأه في أقل من ثلاث» (4).

و عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: (كان (5) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لا يختم القرآن في أقل من ثلاث) (6).

و حدّثني الغزنوي- رحمه اللّه- بإسناده إلى أبي عيسى- رحمه اللّه- ثنا عبيد بن

ص: 347


1- الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن مخضرم ثقة مكثر فقيه من الثانية، مات سنة 54 ه أو نحوها. التقريب 1/ 77، و انظر صفة الصفوة 3/ 23.
2- ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة عند ترجمته للاسود بن يزيد 3/ 23.
3- ذكر هذا عنهم أبو عبيد في فضائله بأسانيده إلى عبد اللّه بن مسعود و تميم الداري و إبراهيم النخعي- بدل الأعمش- و أبيّ بن كعب و الأسود و علقمة، باب القارئ يقرأ القرآن من سبع ليال إلى ثلاث ص 109، و كذلك ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب في القرآن في كم يختم 2/ 501. قلت: و الناس يتفاوتون في هذا قوة و ضعفا و نشاطا و كسلا و انشغالا سواء كان الانشغال بالعلم و أمور المسلمين أو غير ذلك، من أمور الدنيا و سيأتي عن بعض هؤلاء كتميم الداري و علقمة و غيرهما أنهم كانوا يختمون القرآن في ليلة. و قد ذكر كل من النووي و القرطبي كلاما نفيسا حول هذا فانظره في التبيان في آداب حملة القرآن ص 30، و التذكار في أفضل الاذكار ص 64 فما بعدها.
4- رواه الترمذي في أبواب القراءات الباب الرابع بسنده إلى عبد اللّه بن عمرو بلفظ (لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث) 8/ 271 و ص 276. و قال: حديث حسن صحيح. و رواه أبو داود في كتاب الصلاة أبواب قراءة القرآن 2/ 113، و أبو عبيد في فضائله ص 111 و النسائي في فضائل القرآن باب في كم يقرأ القرآن ص 68. و في الحديث دلالة على أنه من قرأه في أقل من ثلاث فقد لا يفهم معانيه و لا يتفكر و لا يتدبر.
5- في الأصل: قالت: قال رسول اللّه .. الخ ثم وضع الناسخ كلمة (كان) فوق (قال) و لم يطمسها.
6- رواه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عائشة رضي اللّه عنها ص 111. قال ابن كثير:- بعد أن نقل هذا الحديث عن أبي عبيد- «هذا حديث غريب جدا و فيه ضعف، فإن الطيب بن سليمان- أحد رجال السند- هذا بصري ضعفه الدارقطني و ليس هو بذاك المشهور و اللّه أعلم» اه فضائل القرآن ص 5. قلت: لكن متنه صحيح تشهد له أحاديث الباب التي ساقها السخاوي. يقول ابن حجر:- عند كلامه على هذا الحديث- و عند أبي داود، و الترمذي مصححا من طريق يزيد بن عبد اللّه بن الشخير عن عبد اللّه بن عمرو مرفوعا (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)، و شاهده عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن ابن مسعود (اقرءوا القرآن في سبع و لا تقرءوه في أقل من ثلاث) .. و هذا اختيار أحمد، و أبي عبيد، و اسحاق بن راهويه و غيرهم و ثبت عن كثير من السلف أنهم قرءوا القرآن دون ذلك) اه الفتح 9/ 96.

أسباط بن محمد القرشي (1) قال: حدّثني أبيّ (2) عن مطرف (3) عن أبي إسحاق (4) عن أبي بردة (5) عن عبد اللّه بن عمرو قال: (قلت: يا رسول اللّه، في كم أقرأ القرآن؟ قال:

أختمه في شهر، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: أختمه في عشرين، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: اختمه في خمسة عشر، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: اختمه في عشر، قلت (6): إني أطيق أفضل من ذلك، قال: اختمه في خمس، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فما رخص لي) (7). هذا حديث حسن صحيح.

قال: و قد روى هذا الحديث من غير وجه عن عبد اللّه بن عمرو (8).

و روي عن عبد اللّه بن عمرو عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» (9).

ص: 348


1- أبو محمد الكوفي: صدوق من الحادية عشرة مات سنة 250 هجرية التقريب 1/ 541، و انظر الجرح و التعديل 5/ 402.
2- أسباط بن محمد بن عبد الرحمن القرشي مولاهم أبو محمد ثقة ضعف في الثوري من التاسعة مات سنة 200 ه. التقريب 1/ 53 و انظر الميزان 1/ 175.
3- مطرف- بضم أوله و فتح ثانيه و تشديد الراء المكسورة- ابن طريف الكوفي أبو بكر أو أبو عبد الرحمن، ثقة فاضل من صغار السادسة مات سنة 141 ه أو بعدها. التقريب 2/ 253 و انظر الجرح و التعديل 8/ 313.
4- أبو اسحاق السبيعي عمرو بن عبد اللّه تقدم.
5- عامر بن عبد اللّه بن قيس أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقة من الثالثة، مات سنة 104 ه و قيل غير ذلك. التقريب 1/ 388، 2/ 394، و تاريخ الثقات 491، و الكنى للإمام مسلم 1/ 149.
6- في د و ظ: قال اني أطيق ... الخ.
7- قال ابن حجر: و كأنّ النهي ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، و عرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق .. اه. إلى أن قال: و أغرب بعض الظاهرية فقال: يحرم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، و قال النووي: «أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، و إنما هو بحسب النشاط و القوة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال و الأشخاص» اه. و اللّه أعلم. فتح الباري 9/ 97، و راجع تحفة الأحوذي 8/ 271، 272.
8- رواه الترمذي- كما قال المصنف- أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 271، و رواه النسائي في فضائل القرآن باب في كم يقرأ القرآن ص 67 و الدارمي في سننه بنحوه، كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن: 2/ 471، و عبد الرزاق في المصنف 3/ 355. و أصله في صحيح البخاري بألفاظ مختلفة. راجع فتح الباري 9/ 94.
9- تقدم تخريجه قريبا ص 347.

قال: و روى عن عبد اللّه بن عمرو- رحمه اللّه- أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال له: «اقرأ القرآن في أربعين» (1).

قال: و قال إسحاق بن إبراهيم (2): (و لا نحب للرجل أن يأتي عليه أكثر من أربعين يوما و لم يقرأ القرآن) لهذا الحديث.

قال: و قال بعض أهل العلم: لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، للحديث الذي روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم (3).

قال: و رخص فيه بعض أهل العلم (4).

و روي عن عثمان بن عفان- رحمه اللّه- (أنه كان يقرأ القرآن في ركعة (5) يوتر بها) و روي عن سعيد بن جبير رحمه (6) اللّه أنه قرأ القرآن في ركعة في الكعبة (7) قال: (و الترتيل

ص: 349


1- سنن الترمذي أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 272 ثم وصله بسنده إلى عبد اللّه بن عمرو، ثم قال: «هذا حديث حسن غريب» اه و رواه النسائي بلفظ أطول مما هنا في فضائل القرآن باب في كم يقرأ القرآن ص 68، و كذلك أبو داود في كتاب الصلاة باب في تحزيب القرآن 2/ 116. و قد ذكر ابن حجر رواية أبي داود و الترمذي و النسائي، ثم قال: «هذا- ان كان محفوظا- احتمل في الجمع بينه و بين الروايات الأخرى تعدد القصة، فلا مانع أن يتعدد قول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لعبد اللّه بن عمرو ذلك تأكيدا، و يؤيده الاختلاف الواقع في السياق و هو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال أو المآل ..» اه. الفتح 9/ 97 بتصرف يسير.
2- إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي أبو محمد ابن راهويه المروزي ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، تغير قبل موته بقليل، مات سنة 238 ه. التقريب 1/ 54، و الميزان 1/ 182.
3- و هو الحديث الذي تقدم قريبا عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص و غيره مرفوعا. قال ابن كثير: «و قد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقل من ثلاث كما هو مذهب أبي عبيد و إسحاق بن راهويه و غيرهما من الخلف أيضا» اه. ثم ذكر الأحاديث في ذلك عن معاذ بن جبل و عبد اللّه بن مسعود، و صحح أسانيدها. فضائل القرآن ص 50.
4- سنن الترمذي أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 272 و راجع في هذا كلام القرطبي في التذكار الباب السابع عشر ص 64 فما بعدها. و النووي في التبيان الباب الخامس ص 30 فما بعدها. و تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8/ 272. و قد تقدم كلام ابن حجر و النووي في هذا، و هو أن الناس يتفاوتون في هذا حسب ظروفهم و أحوالهم.
5- حرفت في د: إلى (ربعة).
6- في د و ظ: رضي اللّه عنه.
7- و قد نقل شارح سنن الترمذي عن كثير من السلف أنه كان يختم في ليلة أو نحو ذلك، ثم قال: «و هكذا لو تتبعت تراجم أئمة الحديث لوجدت كثيرا منهم أنهم كانوا يقرءون القرآن في أقل من ثلاث، فالظاهر أن هؤلاء الأعلام لم يحملوا النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على التحريم» اه تحفة الأحوذي 8/ 273.

في القراءة أحب الى أهل العلم) (1) اه.

و روى أبو عبيد- رحمه اللّه- عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي (2) قال: (قلت:

لأغلبن الليلة على الحجر (3)،- يعني المقام- فقمت، فلما قمت فإذا أنا برجل متقنّع يزحمني، فنظرت، فإذا عثمان بن عفان- رحمة اللّه عليه و بركاته- فتأخرت عنه، فصلّى فإذا هو يسجد بسجود (4) القرآن حتى إذا قلت: هذي هوادي الفجر (5)، أوتر بركعة، لم يصل غيرها، ثم انطلق) (6).

قال أبو عبيد: و حدّثنا هشيم، قال: أنبأ منصور عن ابن سيرين قال: قالت نائلة ابنة الفرافصة الكلبية (7)- رحمها اللّه- حيث دخلوا على عثمان رحمه اللّه ليقتلوه- (إن تقتلوه

ص: 350


1- سنن الترمذي أبواب القراءات الباب الرابع 8/ 272. «و هذا هو المختار، لأنه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقرأ القرآن بالترتيل و كانت قراءته مفسرة حرفا حرفا، و اتباعه صلّى اللّه عليه و سلّم أحب و أولى» راجع تحفة الأحوذي 8/ 273، و هذا الذي أميل إليه و تطمئن النفس إليه. و اللّه أعلم. «و الدلائل عليه أكثر من أن تحصر و أشهر من أن تذكر، فهو المقصود المطلوب، و به تنشرح الصدور و تستنير القلوب» اه التبيان في آداب القرآن ص 43.
2- عبد الرحمن بن عثمان بن عبد اللّه التيمي- بفتح التاء المشددة- ابن أخي طلحة، صحابي، قتل مع ابن الزبير بمكة سنة 73 ه. التقريب 1/ 490، و انظر الاستيعاب 6/ 59، و الإصابة 6/ 300 رقم 5151.
3- يظهر أنه الحجر- بفتح الحاء و الجيم- و هو مقام إبراهيم- عليه السلام- و قد جاء في رواية ابن أبي شيبة: قال: «فقمت خلف المقام أصلي ...» و اللّه أعلم. و قد ضبطت في بقية النسخ: بكسر الحاء و سكون الجيم، و كأنّهم يقصدون حجر إسماعيل- عليه السلام- و الذي أراه أنه بفتح الحاء و الجيم كما أثبته و هو المناسب للسياق. و اللّه أعلم.
4- هكذا في الأصل و د و ظق: بسجود القرآن، و في ظ و فضائل القرآن لأبي عبيد: سجود. و المعنى أن سجوده كان مساويا لقراءته. و اللّه أعلم.
5- الهادية من كل شي ء: أوله و ما تقدم منه، و لهذا قيل: أقبلت هوادي الخيل، إذا بدت أعناقها، و هوادي الليل: أوائله، و كذلك أوائل الفجر، لتقدمها كتقدم الأعناق اللسان 15/ 357 (هدى).
6- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى السائب بن يزيد أن رجلا سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبيد اللّه، فقال ان شئت أخبرتك عن صلاة عثمان، فقال: نعم، قال: قلت: لأغلبن ... و ذكره، باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو ركعة ص 114، و نقله ابن كثير عن أبي عبيد، و قال: و هذا اسناد صحيح فضائل القرآن ص 50. و أخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب من رخص أن يقرأ القرآن في ليلة و قراءته في ركعة 2/ 502.
7- نائلة ابنة الفرافصة- بفتح الفاء الأولى- بن الأحوص، زوجة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي اللّه عنه، كانت خطيبة شاعرة من ذوات الرأي و الشجاعة، و كانت ممن وقف يدافع عن عثمان عند ما أرادت تلك الفئة الباغية قتلة، و قطعت دونه، و بعد مقتل عثمان أبت الزواج بعده. راجع طبقات ابن سعد 8/ 483، و الأعلام 7/ 343. يقول ابن منظور: و الفرافصة: أبو نائلة امرأة عثمان رضي اللّه عنه ليس في العرب من يسمى بالفرافصة بالألف و اللام غيره ... و كل ما في العرب فرافصة بضم الفاء- إلا فرافصة ابي نائلة امرأة عثمان، بفتح الفاء لا غير اه. اللسان 7/ 66 (فرفص).

أو تدعوه (1)، فقد كان يحيي الليل في (2) ركعة يجمع فيها القرآن) (3).

و عن ابن سيرين (أن تميما الداري قرأ القرآن في ركعة) (4).

و عن إبراهيم عن علقمة: (أنه قرأ القرآن في ليلة، طاف بالبيت أسبوعا (5)، ثم قرأ بالطول، ثم طاف أسبوعا، ثم أتى المقام، فصلّى عنده، فقرأ بالمئين (6)، ثم طاف أسبوعا، ثم أتى المقام فقرأ بالمثاني، ثم طاف أسبوعا، ثم أتى المقام فصلّى عنده فقرأ بقية القرآن) (7).

قال أبو عبيد: و ثنا سعيد بن عفير (8) عن بكر بن مضر (9) (أن سليم بن عتر

ص: 351


1- في د و ظ: إن يقتلوه أو يدعوه ... الخ.
2- في بقية النسخ: بركعة.
3- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى نائلة باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة ص 114. و نقله عنه ابن كثير، و قال: «و هذا حسن» اه فضائل القرآن ص 50، و رواه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب في الرجل يقرن السور في الركعة .. الخ 2/ 367.
4- ذكره أبو عبيد ص 114، و نقله عنه ابن كثير في فضائل القرآن و قال: «صحيح الإسناد» اه ص 50. و رواه ابن أبي شيبة في المصنف بسنده عن ابن سيرين كتاب الصلاة: 2/ 502، و ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة عند ترجمته لتميم الداري 1/ 738.
5- يقال: طفت بالبيت اسبوعا، و الأسبوع من الطواف سبعة أطواف، و يجمع على أسبوعات. اللسان 8/ 146 (سبع). و منه الحديث (من طاف بالبيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة ... الحديث)، رواه الترمذي و النسائي و الحاكم و ابن ماجة. راجع تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 3/ 604.
6- في د و ظ: فصلى عنده بالمئين. إلا أن كلمة (بالمئين) حرفت في ظ إلى (التين).
7- رواه أبو عبيد بسنده إلى إبراهيم- هو النخعي- عن علقمة باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو ركعة ص 115 و نقله عنه ابن كثير و صحح إسناده فضائل القرآن له ص 50، و رواه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلوات مختصرا 2/ 503.
8- سعيد بن كثير بن عفير- بالمهملة و الفاء مصغرا- الأنصاري مولاهم المصري، و قد ينسب إلى جده، صدوق عالم بالانساب و غيرها، من العاشرة مات سنة 226 ه. التقريب 1/ 304، و الميزان 2/ 155، و الكنى للإمام مسلم 1/ 552 و الجرح و التعديل 4/ 56.
9- بكر بن مضر بن محمد حكيم المصري أبو محمد أو أبو عبد اللّه، ثقة ثبت من الثامنة مات سنة 173 ه أو نحوها. التقريب 1/ 107 و تاريخ الثقات ص 85، و مشاهير علماء الأمصار ص 191.

التجيبي (1) كان يختم القرآن في الليلة ثلاث مرات، و يجامع ثلاث مرات، قال: فلمّا مات، قالت امرأته: رحمك اللّه، إن كنت لترضي ربّك، و ترضي أهلك، قالوا:

و كيف ذاك؟ قالت: (كان يقوم من الليل فيختم القرآن، ثم يلم بأهله و يغتسل، و يعود فيقرأ حتى يختم، ثم يلم بأهله ثم يغتسل فيعود فيقرأ حتى يختم، ثم يلم بأهله ثم يغتسل فيخرج لصلاة الصبح) (2).

قال أبو عبيد: الذي عليه أمر الناس، أن الجمع بين السور في الركعة حسن واسع غير مكروه، و الذي فعله عثمان- رحمه اللّه- و تميم الداري و غيرهما هو من وراء كل جمع، و مما يقوي ذلك: حديث عبد اللّه (قد علمت النظائر (3) التي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقرن بينهن) (4).

قال: (إلا أن الذي اختار من ذلك أن لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث للأحاديث

ص: 352


1- قال العجلي: تابعي ثقة. تاريخ الثقات ص 200، و قال ابن كثير: «كان من كبار التابعين، و كان ممن شهد خطبة عمر بن الخطاب بالجابية، و كان من الزهادة و العبادة على جانب عظيم، و كان يختم القرآن في كل ليلة ثلاث ختمات في الصلاة و غيرها»، البداية و النهاية 9/ 124.
2- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- باب القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو ركعة ص 114، و نقله عنه ابن كثير، قال: و من أغرب ما هاهنا ما رواه أبو عبيد رحمه اللّه حدثنا سعيد بن عفير ... و ذكره. قلت:- ابن كثير- كان سليم بن عتر تابعيا جليلا ثقة نبيلا، و كان قاضيا بمصر أيام معاوية .. الخ. فضائل القرآن ص 50. و هذا الأثر أخرجه أيضا بنحوه العجلي في تاريخ الثقات عند ترجمته لسليم بن عتر، ص 200، و ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة 4/ 309 مختصرا.
3- قال القرطبي: النظائر و القرائن: هي السور المتقاربة في المقدار .. «اه التذكار: 96، و قال ابن حجر: أي السور المتماثلة في المعاني كالموعظة و الحكم و القصص لا المتماثلة في عدد الآي ...» اه. فتح الباري 2/ 259. و أقول: لا مانع من توفر المعنيين، فقد يلاحظ فيهما التقارب في عدد الآي و التناسب في المعنى. و قد جاء بيان السور التي كان عليه الصلاة و السلام يقرن بينهن في رواية أبي داود قال: (.. النجم و الرحمن في ركعة، و اقتربت و الحاقة في ركعة، و الطور و الذاريات في ركعة، و إذا وقعت و نون في ركعة و سأل و النازعات في ركعة، و وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ و عبس في ركعة، و المدثر و المزمل في ركعة، و هَلْ أَتى و لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ في ركعة و عَمَّ يَتَساءَلُونَ و المرسلات في ركعة، و الدخان إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ في ركعة). ثم قال أبو داود: «هذا تأليف ابن مسعود رحمه اللّه» اه. كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن 2/ 117، و راجع هذا الموضوع بتوسع في فتح الباري 2/ 259.
4- رواه البخاري بسنده قال: «جاء رجل إلى عبد اللّه بن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذّا كهذّ الشعر لقد علمت ..» و ذكره، كتاب الأذان باب الجمع بين السورتين في الركعة .. الخ 1/ 189. و رواه أبو داود في كتاب الصلاة من سننه بلفظ أطول باب تحزيب القرآن 2/ 117، و النسائي في سننه كتاب الافتتاح باب قراءة سورتين في ركعة 2/ 175.

التي ذكرناها عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه) (1) اه.

ذكر الوعيد الشديد لمن نسي القرآن

و قال أبو عبيد: ثنا حجاج عن ابن جريح (2) قال: حدثت (3) عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «عرضت عليّ أجور أمتي، حتى القذاة (4) و البعرة (5) يخرجها الرجل من المسجد، و عرضت عليّ ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر (6) من آية أو سورة من كتاب اللّه أوتيها رجل فنسيها» (7).

قال: و حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد (8) عن عيسى بن فائد (9)

ص: 353


1- قال النووي: «.. و قد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم و ليلة و يدل عليه الحديث الصحيح عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما ...» و ذكره. و قد تقدم. انظر التبيان ص 32.
2- عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكي، ثقة فاضل و كان يدلس و يرسل، من السادسة، مات سنة 150 ه أو بعدها. التقريب 1/ 520، و الميزان 2/ 659، و تاريخ الثقات: 310.
3- حرفت في ظ إلى (حديث).
4- حتى القذاة: بفتح القاف، و هي ما يقع في العين من تراب أو وسخ، تحفة الأحوذي 8/ 233.
5- البعر، معروف، و السكون لغة، و هو من ذي ظلف و خف، و الجمع: أبعار مثل سبب و أسباب .. المصباح المنير 53 (بعر).
6- (و لقائل أن يقول: هذا مناف لما ذكر في باب الكبائر، قيل له: ان سلّم أن أعظم و أكبر مترادفان، فالوعيد على النسيان لأجل أن مدار هذه الشريعة على القرآن، فنسيانه كالسعي في الاخلال بها، فإن قال: النسيان لا يؤاخذ به، قيل له: المراد تركها عمدا إلى أن يفضي إلى النسيان). و قيل المعنى: «أعظم من الذنوب الصغائر ان لم تكن عن استخفاف و قلة تعظيم» اه. من تحفة الأحوذي 8/ 233.
7- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- باب القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه و ما في ذلك من التغليظ ص 133، و عبد الرزاق في المصنف 3/ 361، و رواه الترمذي في أبواب فضائل القرآن باب رقم 19 و قال: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، و ذاكرت به محمد بن إسماعيل- يعني البخاري- فلم يعرفه و استغربه .. اه 8 233. و رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب في كنس المسجد 1/ 316. قال صاحب تحفة الأحوذي: «و رواه أبو داود و ابن ماجة و ابن خزيمة في صحيحه و سكت عنه أبو داود، و قال المنذر؛ و في إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد الأزدي مولاهم المكي و ثقة يحيى بن معين و تكلم فيه غير واحد» اه 8/ 234. و للحديث شاهدان ذكرهما الإمام أحمد في مسنده 5/ 178، 180.
8- يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم الكوفي، ضعيف، كبر فتغير و كان شيعيا، من الخامسة، مات سنة 136 ه. التقريب 2/ 365، و راجع الميزان 4/ 423.
9- عيسى بن فائد- بالفاء- أمير الرقة، مجهول، من السادسة، و روايته عن الصحابة مرسلة. التقريب 2/ 101، و الجرح و التعديل 6/ 284. قال الذهبي: عيسى بن فائد لا يدري من هو اه الميزان 3/ 319.

عن من سمع سعد بن عبادة (1) يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «ما من أحد تعلّم القرآن (ثم نسي) (2) إلّا لقى اللّه عزّ و جلّ أجذم (3) (4).

و قال أبو عبيد: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك (5) عن عبد العزيز بن أبي رواد (6) قال:

سمعت الضحاك بن مزاحم (7) يقول: (ما من أحد تعلّم القرآن، ثم نسيه إلّا بذنب يحدثه لأن اللّه تعالى يقول: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (8)، و إن

ص: 354


1- سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، أحد النقباء، و أحد الأجواد وقع في صحيح مسلم أنه شهد بدرا، و المعروف عند أهل المغازي أنه تهيأ للخروج، فنهش فأقام، مات بأرض الشام سنة 15 ه و قيل غير ذلك. التقريب 1/ 288، و راجع مشاهير علماء الأمصار ص 10، و الإصابة 4/ 152 رقم 3167.
2- أضيفت في الأصل في الحاشية فلم تظهر.
3- قال أبو عبيد في غريب الحديث: قوله؛ (أجذم): «هو المقطوع اليد» اه 1/ 499. و قد نقل الخطابي عبارة أبي عبيد هذه، ثم قال: «و قال ابن قتيبة الأجذم هاهنا: المجذوم، و قال ابن الأعرابي: معناه أنه يلقى اللّه خالي اليدين عن الخير، كنى باليد عما تحويه اليد، و قال آخر: معناه: أنه يلقى اللّه لا حجة له» اه معالم السنن بهامش سنن أبي داود 2/ 158، و قال أبو عمر- ابن عبد البر-: يعني منقطع الحجة. انظر التذكار في أفضل الأذكار الباب الثامن و الثلاثون ص 137.
4- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه ... الخ ص 133، و عبد الرزاق في المصنف 3/ 365. و الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب من تعلم القرآن ثم نسيه 2/ 437، و أبو داود في كتاب الصلاة باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه 2/ 158، و ابن أبي شيبة في المصنف باب في نسيان القرآن 10/ 478. و رواه بلفظ أطول الإمام أحمد في مسنده 5/ 284. و الحديث كما ترى- في سنده رجلان أحدهما مجهول و الآخر ضعيف، و قد ساق الذهبي هذا الحديث عند ترجمته لعيسى بن فائد، و قال: «هذا منقطع، و عيسى يتأمل حاله» اه الميزان 3/ 319.
5- عبد اللّه بن المبارك المروزي مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة 181 ه. التقريب 1/ 445، و صفة الصفوة: 4/ 134، و تاريخ الثقات 275.
6- عبد العزيز بن أبي رواد- بفتح الراء و تشديد الواو- صدوق عابد، ربما وهم، رمي بالارجاء، من السابعة، مات سنة 159 ه. التقريب 1/ 509، و الميزان 2/ 628، و صفة الصفوة 2/ 228.
7- الضحاك بن مزاحم الهلالي ابو القاسم الخراساني، صدوق كثير الإرسال من الخامسة، مات بعد المائة. التقريب: 1/ 373، طبقات المفسرين للداودي: 1/ 222.
8- الشورى (30).

نسيان القرآن من أعظم المصائب) (1).

قال: و ثنا إسماعيل بن إبراهيم (2) عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير (3) عن أبي راشد الحبراني (4) قال: قال عبد الرحمن بن شبل (5): سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:

«اقرءوا القرآن، و لا تغلوا فيه، و لا تجفوا عنه و لا تأكلوا به، و لا تستكبروا به- أو تستكثروا (6) به (7)-» شك أبو عبيد (8).

ص: 355


1- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه و ما في ذلك من التغليظ ص 134. و ابن أبي شيبة في المصنف بسنده إلى الضحاك بن مزاحم، و في آخره؛ ثم قال الضحاك: «و أي مصيبة أعظم من نسيان القرآن» اه كتاب فضائل القرآن باب في نسيان القرآن 10/ 478.
2- إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم- بكسر الميم و سكون القاف- الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بابن علية، ثقة حافظ من الثامنة مات سنة 193 ه أو نحوها. التقريب 1/ 65 و الجرح و التعديل 2/ 153، و الميزان 1/ 216 و طبقات المفسرين للداودي 1/ 150.
3- يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نضر اليمامي ثقة ثبت، لكنه يدلس و يرسل من الخامسة مات سنة 132 ه، و قيل قبل ذلك التقريب 2/ 356.
4- أبو راشد الحبراني- بضم المهملة و سكون الموحدة- الشامي، قيل اسمه أخضر و قيل النعمان ثقة من الثالثة، قال العجلي: «لم يكن بدمشق في زمانه أفضل منه» اه. التقريب 2/ 421، و تاريخ الثقات 497.
5- عبد الرحمن بن شبل- بكسر المعجمة و سكون الموحدة- بن عمر بن زيد الأنصاري الأوسي، أحد النقباء المدني، نزيل حمص مات في أيام معاوية. التقريب 1/ 483، و الإصابة 6/ 288، رقم 5131.
6- في د و ظ: و لا تستكبروا به و تستكثروا به .. الخ.
7- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب القارئ يستأكل بالقرآن .. الخ ص 137، و هو في مسند الإمام أحمد 3/ 428، و انظر مجمع الزوائد 7/ 167. و أورده النووي في التبيان الباب الخامس ص 29، و ابن حجر بمناسبة ترجمته لعبد الرحمن بن شبل. الإصابة (6/ 288). و عزاه الهندي في كنز العمال إلى الإمام أحمد و الطبراني في الكبير و البيهقي في شعب الإيمان و أبي يعلى كلهم عن عبد الرحمن بن شبل 1/ 511 رقم 2270.
8- عند أحمد: و لا تستكثروا به دون شك.
ذكر سؤال اللّه تعالى بالقراءة و خشيته

و عن أبي سعيد الخدري- رحمه اللّه- عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: «تعلّموا القرآن و اسألوا اللّه به قبل أن يتعلّمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلّمه ثلاثة نفر، رجل يباهي به، و رجل يستأكل به، و رجل يقرأه للّه» (1). و قال أبو عبيد، ثنا سعيد بن عبد الرحمن و قال أبو عبيد: ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي (2) قال: سمعت أبا حازم (3) يقول:

( «مرّ ابن عمر برجل من أهل العراق ساقط (4)، و الناس حوله، فقال: ما هذا؟ فقالوا: إذا فقال ابن عمر: و اللّه إنّا لنخشى اللّه تعالى و ما نسقط (5)).

ص: 356


1- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى أبي سعيد الخدري يرفعه، باب القارئ يستأكل بالقرآن .. الخ ص 137. و عزاه في الكنز إلى محمد بن نصر في قيام الليل و البيهقي في شعب الإيمان كلاهما عن أبي سعيد الخدري 1/ 531 رقم 2379. قال القرطبي: و روي عنه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «تعلموا القرآن ... الخ» و ذكره دون عزو، التذكار في أفضل الأذكار، الباب الحادي و العشرون ص 76، و له شواهد عند ابن أبي شيبة في المصنف كتاب فضائل القرآن باب من كره أن يتأكل بالقرآن 10/ 479.
2- أبو عبد اللّه المدني، قاضي بغداد، صدوق له أوهام، من الثامنة أفرط ابن حبان في تضعيفه، مات سنة 176 ه. التقريب 1/ 300، و الميزان 2/ 148، و الجرح و التعديل 4/ 41.
3- سلمة بن دينار التمار الأعرج أبو حازم الغفاري مولاهم، المدني القاضي مولى الأسود بن سفيان، ثقة عابد من الخامسة. التقريب 1/ 316، و الكنى للإمام مسلم 1/ 238، و للدولابي 1/ 141 و صفة الصفوة 2/ 156.
4- هي هكذا في النسخ و كذلك في التذكار للقرطبي، أما في فضائل القرآن لأبي عبيد: ساقطا.
5- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن .. الخ ص 145. و أورده القرطبي دون ذكر لأبي حازم، قال: قال سعيد بن عبد الرحمن الجمحي: مر ابن عمر .. فذكره، و في آخره: ثم قال- أي ابن عمر-: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم التذكار في أفضل الأذكار الباب السادس و الثلاثون ص 133.

قال: و ثنا كثير بن هشام (1) عن جعفر بن برقان (2) عن عبد الكريم الجزري (3) عن عكرمة قال: (سئلت أسماء (4) هل كان أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ فقالت:

لا، و لكنهم كانوا يبكون) (5).

قال: و ثنا محمد بن كثير عن مخلد بن حسين (6) عن هشام بن حسان، قال: قيل لعائشة رضي اللّه عنها: إن قوما إذا سمعوا القرآن: صعقوا فقالت: ( «إن القرآن أكرم من أن تنزف (7) عنه عقول الرجال، و لكنه كما قال اللّه عزّ و جلّ: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ») (8) (9).

ص: 357


1- كثير بن هشام الكلابي أبو سهل، سكن بغداد، ثقة من السابعة، مات سنة 207 ه. التقريب 2/ 134، و الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 400، و تاريخ الثقات 397.
2- جعفر بن برقان- بضم الموحدة و سكون الراء بعدها قاف- الكلابي: أبو عبد اللّه الرقي، صدوق يهم في حديث الزهري، من السابعة مات سنة 150 ه و قيل بعدها. التقريب 1/ 129، و الميزان 1/ 403 و تاريخ الثقات: 96.
3- عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد مولى بني أمية، ثقة، من السادسة مات سنة 127 ه. التقريب 1/ 516، و تاريخ الثقات: 307.
4- أسماء بنت أبي بكر الصديق- زوج الزبير بن العوام- رضي اللّه عنهم، من كبار الصحابة عاشت مائة سنة، و ماتت سنة 73 ه أو نحوها. التقريب 2/ 589، و راجع الإصابة 12/ 114 رقم 46 كتاب النساء.
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عكرمة باب القارئ يصعق عند القراءة .. الخ ص 145. و ذكره القرطبي بلفظ أطول، انظر التذكار الباب 36 ص 133 و ذكره بنحوه السيوطي قال: أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن عساكر عن عبد اللّه بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء- رضي اللّه عنها-: كيف كان يصنع أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إذا قرءوا القرآن/ قالت: كانوا كما نعتهم اللّه تعالى تدمع أعينهم و تقشعر جلودهم، قلت: فإن ناسا هاهنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية، فقالت: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم اه. الدر المنثور 7/ 222.
6- مخلد- بفتح أوله و ثالثه و سكون ثانيه- بن الحسن بن أبي زميل- مصغرا- نزيل بغداد، لا بأس به، من التاسعة. التقريب 2/ 234، و راجع الجرح و التعديل 8/ 349.
7- يقال: نزفه الدم و الفرق: زال عقله. اللسان 9/ 326 (نزف).
8- الزمر (23).
9- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن .. الخ ص 145. و ذكر ابن كثير عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة نحوه. انظر تفسيره 4/ 51.

و سئل أنس بن مالك- رحمه اللّه- عن القوم يقرأ عليهم القرآن فيصعقون، فقال:

(ذلك فعل الخوارج) (1).

قال: و ثنا زيد بن الحباب (2) عن حمران بن عبد العزيز (3) و جرير بن حازم (4)، أنهما سمعا محمد بن سيرين، و سئل عن الرجل يقرأ عنده القرآن، فيصعق؟! فقال: (ميعاد ما بيننا و بينه أن يجلس على حائط، ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره، فإن وقع فهو كما قال) (5).

حدّثنا أبو عبد اللّه محمد بن أحمد (6) بن حامد بن مفرج الأرتاحي (7)- رحمه اللّه- أنبأنا أبو الحسين علي بن الحسين بن عمر الموصلي الفراء (8) أنبأ أبو الحسين عبد اللّه بن أحمد بن (9) سعيد بن الشيخي (10).

ص: 358


1- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى قتادة عن أنس، فضائل القرآن باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن ص 146. قال ابن كثير:- بعد أن ذكر الأحاديث في شأنهم- و هم الذين لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، و يحقر الواحد قراءته مع قراءتهم و صلاته مع صلاتهم و صيامه مع صيامهم، و مع هذا جاء الأمر بقتلهم، لأنهم مراءون في أعمالهم في نفس الأمر، و ان كان بعضهم قد لا يقصد ذلك، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح .. الخ اه. فضائل القرآن ص 52 في آخر تفسيره.
2- زيد بن الحباب- بضم المهملة و موحدتين- أبو الحسين، أصله من خراسان و كان بالكوفة، و رحل في طلب الحديث فأكثر منه، و هو صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة 203 ه التقريب 1/ 273، و الميزان 2/ 100.
3- حمران بن عبد العزيز من بني قيس، يكنى أبا محمد، و يقال: أبو عبد اللّه و أبو الحكم و هو شيخ ثقة .. الجرح و التعديل 3/ 266 و الكنى للإمام مسلم 1/ 491، 2/ 730.
4- جرير بن حازم بن زيد بن عبد اللّه الأزدي أبو النصر البصري، ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف، و له أوهام إذا حدث من حفظه، و هو من السادسة مات سنة 170 ه بعد ما اختلط، لكن لم يحدث بعد اختلاطه. التقريب 1/ 127، و راجع الميزان 2/ 392.
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن سيرين باب القارئ يصعق عند قراءة القرآن و من كره ذلك و عابه ص 146. قال القرطبي: (و قال عمر بن عبد العزيز: ذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن، قال: بيننا و بينهم ...) و ذكره بنحوه. التذكار ص 133.
6- في بقية النسخ: حمد.
7- أحد شيوخ السخاوي و هو من بيت القرآن و الحديث و الصلاح (507- 601 ه). راجع ترجمته في شذرات الذهب 5/ 6.
8- المصري العالم الثقة المحدث (433- 519 ه). العبر للذهبي 2/ 411، و سير أعلام النبلاء 19/ 500، و شذرات الذهب 4/ 59.
9- (بن) ليست في بقية النسخ.
10- لم أقف له على ترجمة.

ثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي المقرئ (1) عن أبي بكر محمد بن الحسين بن عبد اللّه الآجرّي (2) ثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي (3) ثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي (4) ثنا بقية بن الوليد عن شعبة عن سعيد الجريري (5) عن أبي نضرة عن أبي فراس (6) عن عمر بن الخطاب رضي اللّه (عنه) (7) قال: «لقد أتى علينا حين، و ما نرى أن أحدا يتعلم القرآن يريد به إلّا اللّه جلّ ثناؤه فلما كان هاهنا بآخرة خشيت أن رجالا يتعلمونه يريدون به الناس و ما عندهم فأريدوا اللّه بقراءتكم و أعمالكم، فإنا كنّا نعرفكم إذ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و إذ ينزل الوحي، و إذ ينبئنا اللّه من أخباركم، فأمّا اليوم فقد مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، و انقطع الوحي، و أنا أعرفكم بما أقول، من أعلن خيرا أحببناه عليه، و ظننا خيرا، و من أظهر شرا أبغضناه عليه و ظننا به شرا، سرائركم فيما بينكم و بين ربّكم تعالى جده» (8) اه.

ص: 359


1- قال الذهبي: مقرئ العراق و مسند الآفاق، و نقل عن الخطيب قوله: كان صدوقا دينا فاضلا، تفرد بأسانيد القراءات و علوها. (328- 417 ه). معرفة القراء الكبار 1/ 376، و تاريخ بغداد 11/ 329، و سير أعلام النبلاء 17/ 402.
2- محمد بن الحسين بن عبد اللّه أبو بكر الآجرّي- بالمد و ضم الجيم و كسر الراء المشددة- نسبة إلى آجر من قرى بغداد- فقيه مجتهد محدث حدث ببغداد، و انتقل إلى مكة، و توفي فيها سنة 360 ه. تاريخ بغداد 2/ 243، و صفة الصفوة 2/ 470، و البداية و النهاية 11/ 288، و الرسالة المستطرفة: 32، و الأعلام 6/ 97.
3- جعفر بن محمد بن الحسن أبو بكر الفريابي- بكسر الفاء و سكون الراء- قاض من علماء الحديث من أهل فرياب من ضواحي بلخ، حدث بمصر و بغداد (207- 301 ه). تاريخ بغداد 7/ 199، و هدية العارفين 1/ 252، و الأعلام 2/ 127.
4- إبراهيم بن العلاء بن الضحاك بن المهاجر بن عبد الرحمن الزبيدي الحمصي، مستقيم الحديث، من العاشرة، مات سنة 235 ه. التقريب 1/ 40، و راجع الجرح و التعديل 2/ 121.
5- سعيد بن أياس الجريري- بضم الجيم- أبو مسعود البصري، ثقة من الخامسة، اختلط قبل موته بثلاث سنين مات سنة 144 ه. التقريب 1/ 291، و راجع الميزان 2/ 127، و كنى مسلم 2/ 778، و تذكرة الحفاظ 1/ 155.
6- أبو فراس: قال ابن أبي حاتم: أبو فراس قال: شهدت خطبة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، روى عنه أبو نضرة .. الخ. الجرح و التعديل 9/ 423، و هو الربيع بن زياد الحارثي البصري مخضرم من الثانية التقريب 1/ 244، و راجع الميزان 4/ 561.
7- عنه: سقطت من الأصل.
8- رواه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 90. و رواه أحمد في مسنده بسنده إلى عمر بن الخطاب بلفظ قريب مطول 1/ 41، و ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ أخصر، كتاب فضائل القرآن باب من كره أن يتأكل بالقرآن 10/ 480. و الحاكم في المستدرك بلفظ أطول مما هنا و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي 4/ 439، كتاب الفتن. و له شاهد في صحيح البخاري ... أن عبد اللّه بن عتبة قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول: (إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و إن الوحي قد انقطع، و إنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر لنا خيرا أمناه و قربناه، و ليس إلينا من سريرته شي ء اللّه يحاسبه في سريرته، و من أظهر لنا سوءا لم نأمنه و لم نصدقه و ان قال: إن سريرته حسنة). اه صحيح البخاري، كتاب الشهادات باب الشهداء العدول 3/ 148.

و بالإسناد: قال محمد بن الحسين: أنبأ (محمد بن عبد اللّه) (1) بن صالح البخاري (2) ثنا مخلد بن الحسين ثنا أبو المليح (3)، قال: كان ميمون بن مهران (4) يقول: (لو صلح أهل القرآن صلح الناس) (5).

قال: و ثنا جعفر الصندلي (6)، قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أبي الورد (7) يقول: كتب حذيفة المرعشي (8) إلى يوسف بن أسباط (9)، (بلغني أنك بعت دينك

ص: 360


1- هكذا في الأصل: أنبأ محمد بن عبد اللّه. و هو خطأ، و الصواب أبو محمد .. الخ.
2- عبد اللّه بن صالح بن عبد اللّه بن الضحاك، أبو محمد البخاري أحد الثقات و الصلاح و الفهم لما يحدث به، توفي ببغداد سنة 305 ه تاريخ بغداد 9/ 481.
3- الحسن بن عمر بن يحيى الفزاري مولاهم أبو المليح الرقي ثقة من الثامنة مات سنة 181 ه. التقريب 1/ 169، و كنى مسلم 2/ 811، و الجرح و التعديل 3/ 24.
4- ميمون بن مهران- بكسر الميم و سكون الهاء- الجزري أبو أيوب، أصله كوفي، نزل الرقة، ثقة فقيه، ولّي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز و كان يرسل، من الرابعة، مات سنة 117 ه. التقريب 2/ 292، و راجع الحلية لأبي نعيم 4/ 82، و تاريخ الثقات 445، و صفة الصفوة 4/ 193، و البداية و النهاية 9/ 326.
5- أخرجه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 104، و أبو نعيم في الحلية بسنده إلى أبي المليح عن ميمون بن مهران عند ترجمته لميمون 4/ 82، و ذكره ابن كثير عن ميمون بن مهران دون إسناد. انظر البداية و النهاية 9/ 327.
6- جعفر بن يعقوب أبو الفضل الصندلي، كان ثقة صالحا دينا، توفي سنة 318 ه على الصحيح. تاريخ بغداد 7/ 211 و المنتظم 6/ 234.
7- محمد بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد، مولى سعيد بن العاص القرشي، يكنى أبا الحسن، و يعرف بابن أبي الورد، كان مشهورا بالورع و الزهد و الفضل و العبادة حتى فارق الدنيا سنة: 263 ه. الحلية: 10/ 315، و صفة الصفوة 2/ 394، و المنتظم 5/ 42.
8- حذيفة بن قتادة المرعشي، صاحب سفيان الثوري و روى عنه، توفي سنة 207 ه. سير أعلام النبلاء 9/ 283، و صفة الصفوة 4/ 268.
9- يوسف بن أسباط، كوفي ثقة،، صاحب سنة و خير، دفن كتبه توفي سنة 199 ه، تاريخ الثقات 485، و الحلية 8/ 237، و صفة الصفوة 4/ 261.

بحبتين، وقفت على صاحب لبن، فقلت: بكم هذا؟ فقال: هو لك بسدس، فقلت: لا، بثمن، فقال: هو لك، و كان يعرفك، اكشف عن رأسك قناع الغافلين، و انتبه من رقدة الموتى، و اعلم (1) أنه من قرأ القرآن، ثم آثر الدنيا، لم آمن أن يكون بآيات اللّه عزّ و جلّ من المستهزئين (2)) اه.

و عن الحسن قال: مررت أنا و عمران بن حصين (3) على رجل يقرأ سورة يوسف، فقام عمران يستمع لقراءته، فلمّا فرغ، سأل فاسترجع عمران، و قال: انطلق فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول: «من قرأ القرآن فليسأل اللّه به، فإنه سيأتي قوم يقرءون القرآن يسألون الناس به» (4) اه.

ذكر آداب حملة القرآن و فضلهم
اشارة

و حدّثني أبو المظفر بالإسناد إلى النسائي، أنبأ (عمر) (5) بن علي (6) ثنا عبد الرحمن (7) ثنا سلام بن أبي مطيع (8) عن أبي عمران الجوني (9) عن جندب (10) قال: قال رسول

ص: 361


1- في ظ: فاعلم. خطأ.
2- أخرجه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 103. و أورده ابن الجوزي بنحوه و بلفظ أطول عند ترجمته ليوسف بن أسباط، و فيه قال حذيفة المرعشي: كتب إليّ يوسف بن أسباط: أما بعد فإني أوصيك ... إلخ 4/ 263، و لعله حصل بينهما تبادل بالرسائل، و راجع حلية الأولياء لأبي نعيم 8/ 237- 253.
3- عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، أسلم عام خيبر و صحب، و كان فاضلا، و قضى بالكوفة، مات بالبصرة سنة 52 ه. التقريب 2/ 82، و راجع صفة الصفوة 1/ 681.
4- أخرجه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 106 و ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده إلى الحسن عن عمران بن حصين ... في كتاب فضائل القرآن باب من كره أن يتأكل بالقرآن 10/ 480. و الإمام أحمد بسنده كذلك إلى عمران بن حصين 4/ 432، 436، 445، و الترمذي في أبواب فضائل القرآن الباب رقم 20 بسنده إلى عمران بن حصين و قال: هذا حديث حسن اه 8/ 234. و راجع التذكار للقرطبي ص 75 باب 21.
5- هكذا في الأصل. و في بقية النسخ: عمرو. و هو الصواب.
6- عمرو بن علي بن بحر تقدم.
7- عبد الرحمن بن مهدي تقدم.
8- سلام بن أبي مطيع أبو سعيد الخزاعي مولاهم البصري ثقة صاحب سنة، في روايته عن قتادة ضعف، من السابعة، مات سنة 164 ه و قيل بعدها. التقريب 1/ 342، و الميزان 2/ 181، و الجرح و التعديل 4/ 258، و الحلية 6/ 188.
9- عبد الملك بن حبيب الأزدي أو الكندي أبو عمران الجوني- نسبة إلى جون بطن في الأزد- مشهور بكنيته، ثقة من كبار الرابعة، مات سنة 128 ه. التقريب (1/ 518).
10- جندب بن عبد اللّه بن سفيان البجلي، أبو عبد اللّه، و ربما نسب إلى جده، له صحبة، و مات بعد الستين. التقريب 1/ 134، و الجرح و التعديل 2/ 510، و الإصابة 2/ 104 رقم 1220.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم (1) فقوموا عنه (2)».

و به: أخبرنا قتيبة بن سعيد ثنا أنس بن عياض (3) عن أبي حازم عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «أنزل القرآن على سبعة أحرف، المراء (4) في القرآن:

كفر) (5) اه.

و حدّثني الغزنوي- رحمه اللّه- بإسناده إلى أبي عيسى ثنا أحمد بن منيع ثنا جرير عن

ص: 362


1- قال ابن حجر: قوله (فإذا اختلفتم): أي في فهم معانيه، (فقوموا عنه) أي تفرقوا لئلا يتمادى بكم الاختلاف إلى الشر اه. الفتح: 9/ 101، و ذكره بنحوه ابن كثير في فضائل القرآن ص 53.
2- رواه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب ذكر الاختلاف بنفس السند المذكور و بأسانيد أخرى ص 83. و الحديث في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم 9/ 101 بشرح ابن حجر: و في صحيح مسلم كتاب العلم 16/ 218، و رواه أحمد في مسنده 4/ 313، و أبو عبيد في فضائله ص 326 و الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب إذا اختلفتم في القرآن فقوموا 2/ 441 و ابن أبي شيبة في المصنف 10/ 528.
3- أنس بن عياض بن ضمرة- بفتح الضاد المعجمة و سكون الميم- الليثي أبو حمزة المدني ثقة من الثامنة، مات سنة 200 ه. التقريب 1/ 84، و الجرح و التعديل 2/ 289، و فيه: أنس بن عياض أبو ضمرة.
4- قال الخطابي: اختلف الناس في تأويله، فقال بعضهم: معنى المراء هنا: الشك فيه، كقوله تعالى فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ هود (17) (أي في شك). و يقال: بل المراء هو الجدال المشكك فيه. و تأوله بعضهم على المراء في قراءته دون تأويله و معانيه مثل أن يقول قائل: هذا قرآن قد أنزله تبارك و تعالى، و يقول الآخر: لم ينزله اللّه هكذا، فيكفر به من أنكره، و قد أنزل سبحانه كتابه على سبعة أحرف كلها شاف كاف، فنهاهم صلّى اللّه عليه و سلم عن إنكار القراءة التي يسمع بعضهم بعضا يقرؤها، و توعدهم بالكفر عليها لينتهوا عن المراء فيه و التكذيب به، إذ كان القرآن منزلا على سبعة أحرف، و كلها قرآن منزل يجوز قراءته و يجب الإيمان به. و قال بعضهم: إنما جاء هذا في الجدال بالقرآن في الآي التي فيها ذكر القدر و الوعيد، و ما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام و الجدل، و على معنى ما يجري من الخوض بينهم فيها دون ما كان منها في الأحكام و أبواب التحليل و التحريم و الحظر و الإباحة فإن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قد تنازعوها فيما بينهم و تحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام و لم يتحرجوا عن التناظر بها و فيها، و قد قال سبحانه: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ النساء (59)، فعلم أن النهي منصرف إلى غير هذا الوجه، و اللّه أعلم. اه معالم السنن بحاشية سنن أبي داود 5/ 9.
5- أخرجه النسائي- كما قال المصنف- في فضائل القرآن باب المراء بالقرآن ص 81، و روى شطره الأخير أبو داود في كتاب السنة باب النهي عن الجدال في القرآن 5/ 9، و الحاكم في المستدرك كذلك و قال: صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه اه. كتاب التفسير 2/ 223، و ابن أبي شيبة في المصنف 10/ 528. و الإمام أحمد في المسند بلفظ أطول مما هنا 2/ 300.

قابوس (1) بن أبي ظبيان عن أبيه (2) عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «الذي ليس في جوفه شي ء من القرآن كالبيت الخرب» هذا حديث حسن صحيح (3).

و أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني- رحمه اللّه- أنبأ أبو العلاء محمد بن عبد الجبار بن محمد (4) بقراءتي عليه، قلت له: حدّثكم أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر بن عبد كويه الإمام (5) قال: أنبأ سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (6) ثنا سعد (7) بن سعد العطار المكي ثنا إبراهيم بن المنذر (8)، ثنا إسحاق بن إبراهيم (9)- مولى

ص: 363


1- قابوس بن أبي ظبيان الكوفي، فيه لين، من السادسة، التقريب: 2/ 115، و انظر الميزان 3/ 367.
2- حصين بن جندب بن الحارث أبو ظبيان- بفتح المعجمة و سكون الموحدة- الكوفي، ثقة من الثانية، مات سنة 90 ه. و قيل غير ذلك. التقريب 1/ 182، و انظر الكنى و الأسماء للإمام مسلم 1/ 463، و تاريخ الثقات: 122.
3- رواه الترمذي- كما قال المصنف- في أبواب فضائل القرآن الباب الثامن عشر 8/ 231. و رواه الدارمي في سننه أول كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن 2/ 429. و الحاكم في المستدرك، كتاب فضائل القرآن و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه اه. 1/ 554.
4- توفي سنة 496 ه، كما في شذرات الذهب 3/ 404 و العبر للذهبي 2/ 373.
5- إمام جامع أصبهان المحدث الرحال الثقة، حج و سمع بأصبهان و العراق و الحجاز، مولده سنة بضع و ثلاثين و ثلاثمائة، و توفي سنة 422 ه الشذرات 3/ 225، و العبر 2/ 248، و سير أعلام النبلاء 17/ 478.
6- سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الشامي الطبراني أصله من طبرية الشام و إليها نسبته من كبار المحدثين، رحل إلى الحجاز و اليمن و مصر و العراق و فارس و الجزيرة، و توفي بأصبهان (260- 360) البداية و النهاية 11/ 287، و مناقب الإمام أحمد ص 619، و الأعلام 3/ 121.
7- هكذا وقع في النسخ سعد بن سعد العطار المكي، و قد قضيت وقتا طويلا في البحث عن سعد بن سعد، ثم تبين لي أخيرا أن الاسم الصحيح: (مسعدة بن سعد العطار المكي) أحد شيوخ الطبراني. قال الطبراني: حدثنا مسعدة بن سعد العطار المكي حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة ... الخ. انظر المعجم الصغير 2/ 117. و ورد ذكره في كتاب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ضمن شيوخ الطبراني 7/ 179. و ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ضمن الذين أخذوا عن إبراهيم بن المنذر 10/ 689.
8- إبراهيم بن المنذر عبد اللّه بن المنذر بن المغيرة الأسدي صدوق تكلم فيه الإمام أحمد، من العاشرة، مات سنة 236 ه التقريب 1/ 44، و الميزان 1/ 67، و الجرح و التعديل 2/ 139، و سير أعلام النبلاء: 10/ 689، و شذرات الذهب 2/ 86، و طبقات الحفاظ: 204، و تهذيب التهذيب 1/ 166.
9- إسحاق بن إبراهيم بن سعيد الصواف المدني مولى مزينة، لين الحديث من الثامنة التقريب 1/ 54، و التهذيب 1/ 214، و الجرح و التعديل 2/ 206، و المغني في الضعفاء 1/ 67.

جميع بن حارثة الأنصاري (1) حدّثني عبد اللّه بن ماهان الأزدي (2) حدثني فائد- مولى عبيد اللّه (بن عبيد اللّه) (3) بن أبي رافع (4) حدّثتني سكينة (5) بنت الحسين (6) بن علي (7)- رضي اللّه عنهم- عن أبيها قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة» (8).

ص: 364


1- الذي ظهر لي بعد البحث أن الاسم حرّف و أن الصحيح: مجمع بن جارية كما في تهذيب الكمال للمزي حيث ذكر أن إسحاق بن إبراهيم مولى مجمع بن جارية الأنصاري 1/ 78. و هو مجمع بن جارية بن عامر الأنصاري، و كان هو و أبوه و أخوه من الذين بنوا مسجد الضرار. قال ابن إسحاق: كان مجمع بن جارية غلاما حدثا قد جمع القرآن على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، و أبوه جارية ممن اتخذ مسجد الضرار، و كان مجمع يصلي بهم فيه، ثم إنه أحرق، فلما كان زمن عمر بن الخطاب كلّم في مجمع أن يؤم قومه، فقال: لا أ و ليس بإمام المنافقين في مسجد الضرار؟! فقال: و اللّه الذي لا إله إلا هو ما علمت شيئا من أمرهم، فزعموا أن عمر أذن له أن يصلي بهم، و يقال: إن عمر بعثه إلى الكوفة يعلمهم القرآن، و توفي في آخر خلافة معاوية. راجع سيرة ابن هشام 2/ 530، و الاستيعاب لابن عبد البر 10/ 9 و الإصابة في معرفة الصحابة 9/ 95 رقم 7727.
2- لم أقف له على ترجمة.
3- هكذا في الأصل: فائد مولى عبيد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي رافع و ليس في بقية النسخ (بن عبيد اللّه).
4- عبيد اللّه بن أبي رافع المدني مولى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، كان كاتب علي، و هو ثقة من الثالثة. التقريب 1/ 532، و تاريخ الثقات: 316.
5- سكينة بنت الحسين، نبيلة شاعرة كريمة، كانت سيدة نساء عصرها توفيت سنة 117 ه الأعلام 3/ 106.
6- الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي أبو عبد اللّه بن فاطمة الزهراء ولد في المدينة و نشأ في بيت النبوة، استشهد في كربلاء بالعراق (4- 61 ه) صفة الصفوة 1/ 762، و البداية و النهاية 8/ 152، و الأعلام 2/ 243.
7- في د و ظ: .. بن علي بن أبي طالب .. الخ.
8- رواه الدارمي في سننه بسنده إلى عطاء بن يسار موقوفا عليه، كتاب فضائل القرآن 2/ 470، و رواه الطبراني في الكبير عن الحسين بن علي، و ابن النجار عن أبي هريرة كما في كنز العمال 1/ 514 رقم 2288، ص 550 رقم و الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، و قال: هذا حديث لا يصح و فائد ليس بشي ء، قال أحمد: هو متروك الحديث، و قال يحيى ليس بثقة، و قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به اه 1/ 253. كذا قال ابن الجوزي رحمه اللّه، و قد تقدم في ترجمة فائد أن يحيى بن معين وثقه و أن ابن أبي حاتم قال: لا بأس به، فليتأمل. و راجع الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني باب فضائل القرآن ص 307، و تنزيه الشريعة 1/ 293.

قال ابن عبد كويه: و حدّثني أبو بكر محمد بن أحمد المقرئ أنبأ محمد بن إبراهيم بن سفيان (1) ثنا محمد بن قدامة المصيصي (2) ثنا جرير بن عبد الحميد أنبأ الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال (3) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «يا أبا هريرة تعلّم القرآن و علّمه الناس، و لا تزال (4) كذلك حتى يأتيك الموت، فإنه إن أتاك الموت (5) و أنت كذلك، حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج (6) المؤمنون إلى بيت اللّه الحرام» (7) اه.

و روى أبو عبيد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال: «إن اللّه سبحانه و تعالى جوّاد يحب الجود، و يحب معالى الأخلاق، و يكره سفسافها (8)، و إن من تعظيم جلال اللّه تعالى، إكرام ثلاثة: الإمام المقسط، و ذو الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه (9) و لا الجافي عنه (10)» (11).

ص: 365


1- لم أعثر له على ترجمة، و لعله وقع في الإسم تحريف- كما سيأتي عند الكلام على الحديث قريبا.
2- محمد بن قدامة المصيصي- بفتح الميم و كسر الصاد الأولى المشددة- الهاشمي مولاهم، ثقة من العاشرة، مات سنة 250 ه تقريبا. التقريب 2/ 201، و انظر الجرح و التعديل 8/ 66، و التهذيب: 3/ 1260.
3- في ظق و د: قال لي.
4- في د و ظ: و لا يزال. تحريف.
5- كلمة (الموت) ساقطة من د و ظ.
6- في ظق: كما تحج.
7- هذا الحديث ذكره ابن الجوزي بنحوه في كتاب الموضوعات، باب زيارة الملائكة قبور العلماء، و قال: هذا حديث لا يصح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و لم يذكر فيه الحج إلى القبر 1/ 264. و ذكره السيوطي في اللئالئ المصنوعة نقلا عن الخطيب البغدادي، و قال لا يصح ... ثم ذكر له طريقا آخر عن أبي نعيم بسنده إلى أبي هريرة و هو باللفظ الذي أورده السخاوي إلّا أنه زاد في آخره: و إن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين فلا تحدث في دين اللّه حدثا برأيك و اللّه أعلم اه 1/ 222، و سكت عنه السيوطي. و هو في كنز العمال بنحوه معزوا إلى أبي نعيم عن علي رضي اللّه عنه (1/ 531).
8- السفساف: الردى ء من الشي ء، و الأمر الحقير، و كل عمل دون إحكام: سفساف، و هو ضد المعالي و المكارم. اللسان 9/ 154- 155، (سفف).
9- المغالاة في الشي ء: مجاوزة الحد و الإفراط فيه، و من آداب القرآن التي جاء بها: القصد في الأمور، و خير الأمور أوساطها. اللسان 15/ 132 (غلا).
10- الجفاء: البعد عن الشي ء، جفاه إذا بعد عنه، فالتارك لتلاوة القرآن قد جفاه و أهمله. راجع اللسان 14/ 148 (جفا).
11- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله بسنده إلى طلحة بن عبيد اللّه بن كريز- بفتح أوله- تابعي ثقة من الثالثة كما في التقريب 1/ 379 يرفعه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم باب إعظام أهل القرآن و تقديمهم و إكرامهم ص 31، و روى الحاكم شطره الأول بألفاظ متقاربة و بأسانيد مختلفة، و سكت عنها. انظر المستدرك كتاب الإيمان 1/ 48، و راجع كشف الخفاء: 1/ 145، و روى شطره الأخير أبو داود في سننه كتاب الأدب باب في تنزيل الناس منازلهم 5/ 174، و كذلك ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 551.

و عن خليد العصري (1) (2) قال: لمّا ورد علينا سلمان (3)- رحمه اللّه- أتيناه نستقرئه القرآن، فقال: (ان القرآن عربي فاستقرءوه رجلا عربيا، قال: فكان زيد بن صوحان (4) يقرئنا، و يأخذ عليه سلمان) (5) اه.

و عن الآجري- رحمه اللّه- بالإسناد المتقدم: قال محمد بن الحسين: ينبغي لمن علّمه اللّه و فضله على غيره- ممن لم يحمله كتابه- و أحبّ أن يكون من أهل القرآن و أهل اللّه و خاصته، و ممن وعده اللّه عزّ و جلّ الفضل العظيم، و ممن قال اللّه عزّ و جلّ فيهم:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ (6).

و ممن قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «الذي يقرأ القرآن و هو به ماهر مع السفرة الكرام البررة (7)، و الذي يقرؤه (8) و هو عليه شاق له أجران» (9).

ص: 366


1- في د و ظ: القصري بالقاف و الصحيح بالعين. قال ابن الجوزي: و عصر: بطن من عبد قيس، و كذلك قال ابن منظور في اللسان 4/ 581.
2- خليد- بالتصغير- بن عبد اللّه العصري- بفتح المهملتين- أبو سليمان البصري مولى أبي الدرداء، صدوق يرسل، من الرابعة. التقريب 1/ 227، و انظر كنى مسلم 1/ 372، و الحلية: 2/ 232 و صفة الصفوة 3/ 231.
3- سلمان الفارسي أبو عبد اللّه، و يقال له: سلمان الخير، أصله من أصبهان من أول مشاهده الخندق، مات رضي اللّه عنه سنة 34 ه. التقريب 1/ 315، و راجع ترجمته بتوسع في صفة الصفوة 1/ 523- 556 و الإصابة 4/ 223 رقم 3350.
4- زيد بن صوحان العبدي من عبد قيس، أبو عائشة، و يقال: أبو سليمان روى عن سلمان الفارسي. الجرح و التعديل 3/ 565، و انظر كنى مسلم 1/ 642.
5- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى خليد العصري باب إعراب القرآن و ما يستحب للقارئ من ذلك و ما يؤمر به ص 321. و ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب فضائل القرآن باب ما جاء في إعراب القرآن 10/ 460.
6- سورة البقرة آية (121).
7- في بقية النسخ: مع الكرام السفرة.
8- في ظق: و الذي يقرأ القرآن. ثم كتب الناسخ فوق كلمة «القرآن» (يقرأه) بخط أصغر.
9- سبق تخريجه ص: 293.

و قال بشر بن الحارث (1): سمعت عيسى بن يونس (2) يقول: (إذا ختم (القرآن العبد) (3): قبل الملك بين عينيه) (4).

قال: فينبغي له أن يجعل القرآن ربيعا لقلبه (5)، يعمّر به ما خرب من قلبه، فيتأدب بأدب القرآن، و يتخلّق بأخلاق شريفة، يتميز بها عن سائر الناس، ممن لا يقرأ القرآن، فأول ما ينبغي له: أن يستعمل تقوى اللّه تعالى في السر و العلانية باستعماله الورع في مطعمه و مشربه و ملبسه و مسكنه، و أن يكون بصيرا بزمانه و فساد أهله، فهو يحذرهم على دينه، مقبلا على شأنه مهموما بإصلاح ما فسد من أمره، حافظا للسانه، مميزا لكلامه، إن تكلم تكلم بعلم، إذا رأى الكلام صوابا، و إن سكت سكت بعلم، إذا كان السكوت صوابا، قليل الخوض فيما لا يعنيه، يخاف من لسانه أشد مما يخاف من عدوه، يحبس لسانه كحبسه لعدوه ليأمن (6) من شره و سوء عاقبته، قليل الضحك فيما يضحك منه الناس لسوء عاقبة الضحك، إن سر بشي ء مما يوافق الحق تبسم، يكره المزاح خوفا من اللعب، فإن مزح قال حقا، باسط الوجه، طيب الكلام، لا يمدح نفسه بما فيه فكيف بما ليس فيه، يحذر من نفسه أن تغلبه على ما تهوى مما يسخط مولاه لا يغتاب أحدا، و لا يحقر أحدا، و لا يسب أحدا، و لا يشمت بمصيبة، و لا يبغي على أحد، و لا

ص: 367


1- بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن المروزي، أبو مضر المعروف بالحافي، من كبار الصالحين، و من ثقات رجال الحديث سكن بغداد و توفي بها (150- 227 ه). تاريخ بغداد 7/ 67 و صفة الصفوة 2/ 325، و الاعلام 2/ 54.
2- عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السّبيعي- بفتح المهملة و كسر الموحدة- كوفي نزل الشام، ثقة مأمون من الثامنة مات سنة 187 ه و قيل 191 ه التقريب 2/ 103، و صفة الصفوة 4/ 260.
3- هكذا في الأصل. و الأظهر: إذا ختم العبد القرآن و هو كذلك في كتاب أخلاق أهل القرآن و لفظة (القرآن) ساقطة من بقية النسخ. و معنى ذلك: أي قبل الملك خاتم القرآن بين عينيه.
4- روى سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة قال: (إذا ختم (العبد) القرآن قبل الملك بين عينيه)، حدث به أحمد بن حنبل فاستحسنه و قال: هذا من مخبآت سفيان. و قد روي ذلك عن سفيان من قوله، ثم قال القرطبي: و أيهما كان فمثله لا يقال من جهة الرأي فهو مرفوع اه التذكار ص 68.
5- الذي ظهر لي أن هذه العبارة هي جواب للكلام السابق من قوله: قال محمد بن الحسين: ينبغي لمن علمه اللّه ... فينبغي له أن يجعل ... الخ.
6- في: ظ: يأمن.

يحسده، و لا (يسوء) (1) الظن بأحد إلّا بمن يستحق، فحينئذ يظن بعلم، و يتكلم بما في الإنسان من عيب بعلم، و يسكت عن حقيقة ما فيه بعلم، قد جعل القرآن و السّنة و الفقه دليله إلى كل خلق حسن جميل، حافظ لجميع (2) جوارحه عما نهى عنه، إن مشى مشى بعلم، و إن قعد قعد بعلم مجتهد (3) ليسلم الناس من لسانه و يده، لا (4) يجهل (5)، و إن جهل عليه حلم، لا يظلم، و إن ظلم عفا، لا يبغي، و إن بغي عليه صبر، يكظم غيظه ليرضي ربه و يغيظ عدوه، متواضع في نفسه، إذا قيل له الحق قبله من صغير أو كبير، يطلب الرفعة من اللّه عزّ و جلّ، لا من المخلوقين، ماقت للكبر، خائف على نفسه و دينه، لا يتأكل (6) بالقرآن و لا يحب أن تقضى له به الحوائج، و لا يسعى به إلى أبواب الملوك، و لا يجالس به الأغنياء ليكرموه، إن كسب الناس من الدنيا الكثير بلا فقه كسب هو القليل بفقه و علم، إن لبس الناس اللين للتفاخر لبس هو من الحلال ما يستر عورته، إن وسّع عليه وسّع على نفسه، و إن أمسك عليه أمسك، يقنع بالقليل فيكفيه، و يحذر على نفسه من الدنيا ما يطغيه، يتبع واجبات القرآن و السّنة، يأكل بعلم و يشرب بعلم (.. و يلبس بعلم، و ينام بعلم، و يجامع أهله بعلم) (7) و يصحب الأخوان بعلم، و يزورهم بعلم، و يستأذن بعلم عليهم (8)، و يسلم عليهم بعلم، و يجاور جاره بعلم، و يلزم نفسه بر والديه، فيخفض لهما جناحه و يخفض لصوتهما صوته، و يبذل لهما ماله، و ينظر اليهما بعين الوقار و الرحمة و يدعو لهما بالبقاء، و يرفق بهما عند الكبر، لا يسخر (9) بهما، و لا يحقرهما، إن استعانا به على طاعة أعانهما، و إن استعانا على (10) معصية لم يعنهما عليها، و رفق بهما في معصيته إياهما بحسن الأدب، ليرجعا عن قبيح ما أرادا فيما لا يحسن

ص: 368


1- هكذا في الأصل: و لا يسوء. و في بقية النسخ: و لا يسي ء و هو الصواب.
2- في د و ظ: بجميع.
3- في ظق و ظ: يجتهد.
4- في ظ: و لا يجهل.
5- جهلت الشي ء جهلا و جهالة: خلاف علمته، و جهل على غيره: سفه و أخطأ، و جهل الحق: أضاعه اه المصباح المنير ص 113.
6- أي لا يقرؤه طلبا للأكل. انظر فتح الباري 9/ 100.
7- سقط هذا الكلام من الأصل: (.. و يلبس بعلم، و ينام بعلم، و يجامع أهله بعلم).
8- في بقية النسخ: و يستأذن عليهم بعلم. و هي أولى.
9- في ظق: لا يصخر، و في د و ظ: لا يضجر.
10- في د و ظ: و إن استعانا به على معصية.

بهما فعله، يصل الرحم و يكره القطيعة، من قطعه لم يقطعه، من عصى اللّه فيه أطاع اللّه الكريم فيه، يصحب المؤمنين بعلم، و يجالسهم بعلم من صحبه نفعه، يحسن المجالسة لمن جالسه، إن علّم غيره رفق به، و لا يعنف من أخطأ و لا يخجله، رفيق في أموره، صبور على تعليم الخير، يأنس به المتعلم و يفرح به المجالس، مجالسته تفيد (1) خيرا، يؤدب من جالسه بأدب القرآن و السّنة، إن أصيب بمصيبة، فالقرآن و السّنة له مؤديان، يحزن بعلم، و يبكي بعلم، و يصبر بعلم، و يتطهر بعلم، و يصلّي بعلم، و يزكّي بعلم، و يتصدّق بعلم، و يصوم بعلم، و يحج بعلم، و يجاهد بعلم، و يكسب بعلم، و ينفق بعلم و ينبسط في الأمور بعلم، و ينقبض فيها بعلم، يتصفح القرآن ليؤدب به نفسه، و لا يرضى من نفسه أن يؤدي ما فرض اللّه عزّ و جلّ عليه (بجهل) (2)، قد جعل القرآن و السّنة و الفقه دليله إلى كل خير، إن درس القرآن فبحضور فهم و عقل، همّته إيقاع الفهم لما ألزمه اللّه عزّ و جلّ من اتباع ما أمر و الانتهاء عما نهى، ليس همته متى أختم السورة؟! همته (3) متى أستغني باللّه عن غيره؟ متى أكون من المتقين؟ متى أكون من المحسنين؟ متى أكون من المتوكلين؟ متى أكون من الخاشعين؟ متى أكون من الصابرين؟ متى أكون من الصادقين؟ متى أكون من الخائفين؟ متى أكون من الراجين؟ متى أزهد في الدنيا؟ متى أرغب في الآخرة؟ متى أتوب من الذنوب؟ متى أعرف النعم المتواترة؟ متى أشكره عليها؟

متى أعقل عن اللّه عزّ و جلّ الخطاب؟ متى أفقه ما أتلو؟ متى أغلب نفسي على ما تهوى؟

متى أجاهد في اللّه حق جهاده؟ متى أحفظ لساني؟ متى أغض طرفي؟ متى أحفظ فرجي؟

متى أستحي من اللّه حق الحياء؟ متى أشتغل بعيبي؟ متى أصلح ما فسد من أمري؟ متى أتزود ليوم معادي؟ متى أكون عن اللّه راضيا؟ متى أكون باللّه واثقا؟ متى أكون بزجر القرآن متعظا؟ متى أكون بذكره عن ذكر غيره مشتغلا؟ متى أحب ما أحب؟ متى أبغض ما أبغض؟ متى أنصح للّه؟ متى أخلص له عملي؟ متى أقصر أملي؟ متى أتأهب ليوم موتي و قد غيّب عني أجلي؟ متى أعمّر قبري؟ متى أفكر (4) في الموقف و شدته؟ متى أفكر في خلوتي مع ربي؟ متى أحذر ما حذرني ربي عزّ و جلّ من نار حرها شديد و قعرها بعيد،

ص: 369


1- في ظ: يفيد.
2- سقط من النسخ كلمة (بجهل) و هو سقط يحيل المعنى، و هي موجودة في كتاب أخلاق أهل القرآن للآجري.
3- كلمة (همته) ساقطة من ظ.
4- في د و ظ: متى أتفكر.

و عمقها طويل، لا يموت أهلها فيستريحوا و لا تقال عثرتهم (1) و لا ترحم عبرتهم (2)، طعامهم (3) الزقوم، و شرابهم الحميم، كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقوا العذاب (4)، ندموا حيث لا ينفعهم الندم، و عضوا على الأيدي أسفا على تقصيرهم في طاعته، و ركوبهم لمعاصي اللّه عزّ و جلّ.

فقال منهم قائل: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ (5) لِحَياتِي (6).

و قال قائل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ (7).

و قال قائل: يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها (8).

و قال قائل: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا (9).

و قالت فرقة منهم- و وجوههم تتقلّب في أنواع من العذاب- يا ليتنا أطعنا اللّه و أطعنا الرسول (10).

فهذه النار يا معشر المسلمين، يا حملة القرآن، حذّرها اللّه عزّ و جلّ المؤمنين (11) في غير موضع من كتابه، رحمة منه لهم، فقال عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (12).

ص: 370


1- يقال: أقاله يقيله إقالة، و أقال اللّه عثرته: إذا رفعه من سقوطه، و منه: الإقالة في البيع لأنها رفع العقد، المصباح المنير 521 (قيل).
2- عبر الرجل و المرأة و العين من باب طرب: أي جرى دمعه اه. مختار الصحاح ص 408 (عبر).
3- في ظ: و طعامهم.
4- اقتباس من آية (56) من سورة النساء.
5- كلمة (قدمت) سقطت من ظ.
6- الفجر (24).
7- المؤمنون (100).
8- الكهف (49).
9- الفرقان (28).
10- الأحزاب (66). و هي هكذا في النسخ: (الرسول) و قد قرأ البصريان و حمزة بحذف الألف و صلا و وقفا، و قرأ المدنيان و الشامي و شعبة بإثبات الألف بعد النون، و صلا و وقفا، و الباقون بحذفها وصلا و إثباتها وقفا. انظر: النشر في القراءات العشر 2/ 347، و البدور الزاهرة للشيخ عبد الفتاح القاضي ص 252، 256، و المهذب 2/ 142، 149.
11- في د و ظ: للمؤمنين.
12- التحريم (6).

و قال عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ* وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (1)، فحذّر المؤمنين أن يغفلوا عما فرض عليهم و عهد إليهم أن لا يضيعوه، و أن يحفظوا ما استرعاهم من حدوده، و لا يكونوا كغيرهم ممن (2) فسق عن أمره، فعذبه بأنواع العذاب، ثم أعلم المؤمنين أنه لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (3).

قال محمد بن الحسين: فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن، استعرض القرآن فكان كالمرآة، يرى (4) بها ما حسن من فعله و ما قبح منه، فما حذّره مولاه حذره، و ما خوفه به من عقابه خافه، و ما رغبه فيه مولاه رغب فيه و رجاه، فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة، فقد تلاه حق تلاوته، و رعاه حق رعايته، فكان (5) له القرآن شاهدا و شفيعا و أنيسا و حرزا (6).

أسأل اللّه عزّ و جلّ- بكرمه- أن يجعل لي من هذه الأوصاف حظا أتخلّص به من تبعة القرآن.

و قد كان شيخنا أبو القاسم الشاطبي- رحمه اللّه (7)- صاحب هذه الأوصاف (8) جميعها و ربما زاد عليها.

قال محمد بن الحسين: ثنا أبو بكر عبد اللّه بن سليمان السجستاني، و حدّثني أبو المظفر الجوهري- رحمه اللّه- بإسناده إلى أبي بكر ثنا أبو الطاهر أحمد بن عمر و ثنا

ص: 371


1- الحشر (18- 19).
2- في د: مما.
3- الحشر (20).
4- في ظ: يروى.
5- في د و ظ: و كان.
6- ذكر هذا الآجري- كما قال المصنف- في كتابه أخلاق أهل القرآن ص 77- 81 و قد تصرف المصنف في بعض العبارات. و قد عقد القرطبي بابا في كتابه التذكار في أفضل الأذكار و هو الباب الثالث عشر بين فيه الآداب التي ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه بها ... الخ ص 55. و كذلك النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن عقد بابا بعنوان: في آداب حامل القرآن. و هو الباب الخامس ص 28.
7- و قد سبقت ترجمته عند الكلام عن شيوخ السخاوي.
8- في بقية النسخ: الصفات.

ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب (1) عن (زياد) (2) بن فائد (3) عن سهل بن معاذ الجهني (4) عن أبيه (5) أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «من قرأ القرآن و عمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة، ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنك بالذي عمل بهذا؟!» (6).

قال محمد بن الحسين:- رحمه اللّه- ثنا محمد بن صاعد (7) ثنا الحسين بن الحسن المروزي (8) أنبأ ابن المبارك أنبأ همام (9) عن قتادة قال: لم يجالس هذا القرآن أحد إلّا قام

ص: 372


1- يحيى بن أيوب الغافقي- بمعجمة و فاء و قاف- أبو العباس المصري صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة 168 ه. التقريب 2/ 243، و انظر الجرح و التعديل 9/ 127 و الميزان 4/ 362.
2- هكذا تحرفت في النسخ إلى (زياد) و بعد البحث تبين لي أنه زبان.
3- زبان بن فائد- بالفاء- البصري أبو جوين- بالجيم- المصري ضعيف الحديث مع صلاحه و عبادته، من السادسة، مات سنة 155 ه. التقريب 1/ 257، و انظر الجرح و التعديل 3/ 616، و الميزان 2/ 65.
4- سهل بن معاذ بن أنس الجهني، نزيل مصر لا بأس به، إلا في روايات زبان عنه، من الرابعة. التقريب 1/ 337، و الميزان 2/ 241، و قال العجلي: مصري تابعي ثقة تاريخ الثقات ص 409.
5- معاذ بن أنس الجهني الأنصاري، صحابي، نزل مصر، و بقي إلى خلافة عبد الملك. التقريب 2/ 255، و الإصابة 9/ 218، رقم 8031.
6- رواه الآجري في أخلاق أهل القرآن ص 81. و رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن 2/ 148. و أحمد في مسنده 3/ 440، و الحاكم في المستدرك، كتاب فضائل القرآن باب ذكر فضائل سور و آي متفرقة 1/ 567، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و تعقبه الذهبي بقوله: قلت: زبان ليس بالقوي اه.
7- عفا اللّه عن المصنف، فقد مكثت أبحث عن رجل يسمى «محمد بن صاعد» فترة، ثم إني وقفت على النص الذي نقله المصنف من الآجري، و عرفت أن الآجري روى عن يحيى بن محمد بن صاعد ثم أن الذهبي صرح بأن الذي روى عن الحسين بن الحسن المروزي هو يحيى بن محمد بن صاعد و بناء عليه فقد اختصر المصنف الاسم فأوقعنا في الإيهام. راجع ترجمة يحيى هذا في البداية و النهاية 11/ 177.
8- الحسين بن الحسن المروزي، أبو عبد اللّه، نزيل مكة، صدوق، من العاشرة مات سنة 246 ه. التقريب 1/ 175، و انظر الجرح و التعديل 3/ 49، و شذرات الذهب 2/ 111.
9- همام بن يحيى بن دينار أبو عبد اللّه أو أبو بكر البصري، ثقة ربما و هم، من السابعة مات سنة 164 ه أو نحوها.التقريب 2/ 321، و انظر الجرح و التعديل 9/ 107، و الميزان 4/ 309.

عنه بزيادة أو نقصان، قضى اللّه الذي قضى (1) شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (2) (3).

و قال قتادة:- في قول اللّه عزّ و جلّ-: وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ (4)، قال (البلد الطيب): المؤمن سمع كتاب اللّه فوعاه، و أخذ به و انتفع به كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت و أمرعت (5)، وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً إلّا عسرا، و هذا مثل الكافر، سمع القرآن فلم يعقله و لم يأخذ به (و لم ينتفع (6) به) كمثل هذه الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئا و لم تمرع شيئا (7) اه.

قال محمد بن الحسين: ينبغي لأهل القرآن أن يتأدبوا به و لا يغفلوا عنه، فإذا انصرفوا عن تلاوة القرآن اعتبروا نفوسهم بالمحاسبة لها، فإن تبيّن لهم (8) منها قبول ما ندبهم إليه مولاهم الكريم مما هو واجب عليهم من أداء فرائضه و اجتناب محارمه، فحمدوه في ذلك و شكروا اللّه عزّ و جلّ على ما وفقهم له، و إن (9) علموا أن النفوس معرّضة عما ندبهم إليه مولاهم الكريم، قليلة الاكتراث به استغفروا اللّه عزّ و جلّ من تقصيرهم

ص: 373


1- هكذا في الأصل: قضى اللّه الذي قضى، و في ظق: قضا اللّه الذي قضا. و في د و ظ: قضاء اللّه الذي قضى.
2- الإسراء (82).
3- رواه الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 155. و ابن المبارك في كتاب الزهد بسنده إلى قتادة باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 272، و أخرجه ابن عساكر عن أويس القرني رضي اللّه عنه كما في الدر المنثور 5/ 330.
4- الأعراف (58).
5- المريع: الخصيب، و قد مرع الوادي من باب ظرف، و أمرع أيضا: أكلا فهو مريع و ممرع. مختار الصحاح 622 (مرع).
6- أضافها ناسخ الأصل في الحاشية فلم تظهر.
7- رواه أبو بكر الآجري في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 106، و أخرجه عبد بن حميد و ابن المنذر و أبو الشيخ عن قتادة بلفظه. انظر الدر المنثور 3/ 478 ثم ذكر السيوطي آثارا بعضها في الصحيحين تؤيد تفسير قتادة للآية الكريمة.
8- في بقية النسخ: فإن تبينوا منها.
9- سقطت الواو من د و ظ.

و سألوه النقلة من هذه الحالة التي لا تحسن بأهل القرآن و لا يرضاها لهم مولاهم إلى حال يرضاها، فإنه لا يقطع من لجأ إليه، و من كانت هذه حاله وجد منفعة تلاوة القرآن في جميع أموره، و عاد عليه من بركة القرآن كما يحب في الدنيا و الآخرة (1) اه.

آداب التلاوة

قال محمد بن الحسين: حدّثنا أحمد بن يحيى الحلواني (2) ثنا محمد بن الصباح الدولابي (3) ثنا وكيع (4) ثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي اللّه عنها أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «إذا نعس أحدكم فليرقد، فإن أحدكم يريد أن يستغفر اللّه عزّ و جلّ. فيسب نفسه» (5).

و قال زر: قلت لعطاء: أقرأ فيخرج مني الريح! فقال: (تمسك عن القراءة حتى ينقضي (6) الريح (7)).

ص: 374


1- ذكر هذا أبو بكر الآجري في كتابه أخلاق أهل القرآن ص 154.
2- أحمد بن يحيى بن إسحاق أبو جعفر البجلي الحلواني- بضم الحاء و سكون اللام- بلد بالعراق- كما في اللسان 14/ 194، سكن بغداد و حدث بها و هو ثقة زاهد محدث، توفي سنة 296 ه. تاريخ بغداد 5/ 212، و شذرات الذهب 2/ 224.
3- محمد بن الصباح الدولابي أبو جعفر البغدادي، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة 227 ه. التقريب 2/ 171، و انظر تاريخ الثقات 405، و كنى مسلم 1/ 178 و الجرح و التعديل 7/ 289، و العبر 1/ 399، و سير أعلام النبلاء: 10/ 670 و شذرات الذهب 2/ 62، و الرسالة المستطرفة: 27.
4- وكيع بن الجراح بن مليح أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد، من كبار التاسعة، مات سنة 196 ه. التقريب 2/ 331، و انظر كنى مسلم 1/ 389، و الميزان 4/ 335، و الجرح و التعديل 9/ 37، و صفة الصفوة 3/ 170.
5- رواه الآجري- كما قال المصنف- في كتاب أخلاق أهل القرآن ص 150، و رواه البخاري في كتاب الوضوء باب الوضوء من النوم .. الخ 1/ 60، و مسلم في كتاب صلاة المسافرين و قصرها باب أمر من نعس في صلاته أن يرقد 6/ 74، و أبو داود في كتاب الصلاة باب النعاس في الصلاة 2/ 74. و الترمذي في أبواب الصلاة باب ما جاء في الصلاة عند النعاس 2/ 337.
6- في بقية النسخ: تنقضى.
7- أخرجه أبو بكر الآجري في كتاب أخلاق القرآن ص 149. قال النووي: كذا رواه ابن أبي داود و غيره عن عطاء، و هو أدب حسن التبيان ص 64 و قد بحثت عنه في كتاب المصاحف لابن أبي داود فلم أقف عليه، و لعله ذكره في كتاب آخر، و له شاهد عند ابن المبارك أن مجاهدا كان يقرأ و يصلي، فوجد ريحا فأمسك عن القراءة حتى ذهبت. انظر كتاب الزهد ص 275.

و عن مجاهد:- رحمه اللّه- (إذا تثاءبت و أنت تقرأ فأمسك حتى يذهب عنك) (1).

و روى أبو عبيد- رحمه اللّه- عن أبي ميسرة (أن جبريل- عليه السلام- لقّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عند خاتمة القرآن- أو قال: عند خاتمة البقرة- آمين) (2).

و كان معاذ بن جبل- رحمه اللّه- (إذا ختم سورة البقرة، قال: آمين) (3). و كان جبير بن نفير يقول: (آمين آمين حتى يركع، و يقول و هو راكع حتى يسجد) (4).

و دخل عمر رضي اللّه عنه المسجد- و قد سبق ببعض الصلاة فنشب في الصف (5) و قد قرأ الإمام (و في السماء رزقكم و ما توعدون) (6)، فقال عمر رضي اللّه عنه (و أنا أشهد، رفع صوته حتى ملأ المسجد) (7).

ص: 375


1- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن مجاهد باب ما يستحب لحامل القرآن من إكرامه .. الخ ص 56، و كذلك ذكر نحوه بسنده عن عكرمة. المصدر نفسه ص 57. و أخرجه الآجري بسنده إلى مجاهد كتاب أخلاق أهل القرآن ص 149، و ذكره القرطبي عن مجاهد و قال: لأنه مخاطب ربه و مناج و التثاؤب من الشيطان اه. التذكار في أفضل الأذكار الباب الثالث و الثلاثون ص 109. قال النووي: و هو حسن، و يدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل» رواه مسلم اه. التبيان ص 64.
2- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده عن أبي ميسرة، باب فضل سورة البقرة و خواتيمها ص 165. و نقله السيوطي عن أبي عبيد عن أبي ميسرة. الدر المنثور 2/ 137، و كذلك الشوكاني في تفسيره 1/ 309، و فيه عن ميسرة.
3- أخرجه أبو عبيد ص 165، و الطبري في تفسيره بسنده إلى معاذ بن جبل 3/ 161، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي شيبة في المصنف و ابن المنذر. انظر الدر المنثور 2/ 137. و كذلك الشوكاني في تفسيره 1/ 309.
4- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى جبير بن نفير ص 165. و نقله عنه السيوطي. انظر الدر المنثور 2/ 137، و كذلك الشوكاني في تفسيره 1/ 109، و لم يذكر كل من السيوطي و لا الشوكاني الركوع و لا السجود.
5- معنى نشب في الصف: أي دخل فيه.
6- الذاريات (22).
7- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى عبد اللّه بن السائب قال: أخر عمر بن الخطاب العشاء الآخرة، فصليت، و دخل، فكان في ظهري، فقرأت وَ الذَّارِياتِ حتى أتيت ... و ذكره. باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية و الشهادة لها ص 82.

و سمع عمر رضي اللّه عنه رجلا يقرأ (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) فقال: (يا ليتها تمت) (1).

و سمع ابن مسعود- رحمه اللّه- من قرأ هذه الآية، فقال: (أي و عزّتك فجعلته (2) سميعا بصيرا و حيا و ميتا) (3).

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: (أنه تلا هذه الآية يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (4)القيامة (40).(5) فقال: جهله) (6).

و عن بعض أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: أنه كان يقرأ فوق بيت له: أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (6) فرفع صوته، فقال: «سبحانك اللّهم و بلى»، فسئل عن ذلك، فقال: (سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقوله) (7) اه.

ص: 376


1- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عمر رضي اللّه عنه. راجع المصدر السابق. و عزاه القرطبي إلى أبي بكر و عمر رضي اللّه عنهما، و قال: أي ليت المدة التي أتت على آدم لم تكن شيئا مذكورا تمت على ذلك، فلا يلد و لا يبتلى أولاده اه. تفسيره 19/ 120. و الأثر عزاه أيضا السيوطي إلى ابن المبارك و أبي عبيد و عبد بن حميد و ابن المنذر كلهم عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه. الدر المنثور 8/ 366.
2- في د و ظ: فجعله.
3- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود ص 83. و عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد و ابن المنذر عن عمر بن الخطاب الدر المنثور 8/ 367.
4- الانفطار
5- .
6- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى صالح بن مسمار، قال: بلغنا أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم تلا هذه الآية ... و ذكره، باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية و الشهادة لها ص 83. و عزاه ابن كثير إلى ابن أبي حاتم بسندين موقوفين على عمر بن الخطاب و ابنه عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما. ثم قال: و روى عن ابن عباس و الربيع بن خيثم و الحسن مثل ذلك اه. انظر تفسيره 4/ 481، و راجع الدر المنثور 8/ 439.
7- أخرجه أبو عبيد بسنده إلى موسى بن أبي عائشة عن رجل آخر عن آخر أنه كان يقرأ فوق بيت له .. و ذكره باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب .. الخ ص 83. و قد تقدم تخريجه و الكلام عليه قريبا، و راجع تفسير ابن كثير 4/ 452.

و عن ابن عباس رضي اللّه عنه: (أنه قرأ في الصلاة أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى فقال: «سبحانك اللّهم و بلى).

و عن أبي هريرة: (من قرأ ذلك فليقل: بلى، و كذلك في آخر وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ، و من قرأ آخر المرسلات فليقل: آمنت باللّه و ما أنزل) (1).

و عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان (2) عن عمر بن عطية (3) قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (4) يقول: (إذا قرأت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقل أنت: اللّه أحد (5)، و إذا قرأت قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فقل أنت: أعوذ برب الفلق، و إذا قرأت قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فقل أنت: أعوذ برب الناس) (6) اه.

و عن عبد خير قال: (سمعت عليا- عليه السلام- قرأ في الصلاة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال: «سبحان ربي الأعلى»).

و كذلك روى عن ابن عمر، و ابن عباس، و أبي موسى و سعيد بن جبير (7).

و قال صلة بن أشيم: (إذا أتيت على هذه الآية وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ (8) فقف عندها و اسأل اللّه الجليل) (9).

ص: 377


1- سبق تخريج هذه الآثار عن ابن عباس و أبي هريرة رضي اللّه عنهم ص 323.
2- هو الثوري و قد تقدم.
3- عمر بن عطية قال ابن أبي حاتم: روى عن أبي جعفر و المسيب بن رافع روى عنه الثوري و عبد الرحمن بن مهدي اه: الجرح و التعديل: 6/ 127.
4- محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر ثقة فاضل من الرابعة، مات سنة بضع عشرة و مائة. التقريب 2/ 192، و راجع كنى مسلم 1/ 173، و الدولابي 1/ 134 و تاريخ الثقات ص 410، و غاية النهاية 2/ 202، و مشاهير علماء الأمصار ص 62.
5- في فضائل القرآن لأبي عبيد: فقل أنت: اللّه أحد اللّه الصمد.
6- أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن بسنده إلى أبي جعفر محمد بن علي باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية و الشهادة لها ص 85. و أورده ابن الجزري في غاية النهاية عند ترجمته لمحمد بن علي بن الحسين، قال: و روينا عنه أنه قال: إذا قرأت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ... و ذكره 2/ 202.
7- ذكر هذه الآثار أبو عبيد في فضائله باب ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية و الشهادة لها ص 86، و قد تقدم الحديث عنها و تخريجها في هذا الفصل ص 323، 324.
8- الرحمن (27).
9- سبق تخريج هذا الأثر عن صلة بن أشيم في هذا الفصل ص 324.

و روى (أنه كان يستحب للقارئ إذا قرأ أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَ هُمْ نائِمُونَ (1) أن يرفع صوته) (2).

ص: 378


1- الأعراف: (97).
2- قال أبو عبيد: حدثنا يوسف بن الغرق بإسناد لا أحفظه، قال: كان يستحب ... و ذكره ص 87. و عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ عن أبي نضرة. الدر المنثور 3/ 506، و في الآية تخويف من اللّه تعالى بنزول العذاب على الكفار، و كأنّ القارئ عند ما يرفع صوته بها يوقظ هؤلاء النّوم الذين هم في سبات عميق من النوم و الغفلة.
ذكر ختم القرآن

(1) أبو عبيد (2) بإسناده عن أبي قلابة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم، و من شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا في سبيل اللّه» (3).

و عن قتادة: (كان بالمدينة رجل يقرأ القرآن من أوله الى آخره على أصحاب له فكان ابن عباس يضع عليه الرقباء، فإذا كان عند الختم، جاء ابن عباس فشهده) (4).

و عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: (من ختم القرآن: فله دعوة مستجابة، و كان إذا ختم القرآن جمع أهله، ثم دعا و أمنوا على دعائه) (5).

(و كان أنس بن مالك يجمع أهله عند الختم) (6).

ص: 379


1- في د: أضاف الناسخ عنوانا في الحاشية: (في فضل من شهد خاتمة القرآن و فاتحته).
2- أي: و روى أبو عبيد، و قد تقدم مثله مرارا.
3- تقدم تخريجه في أول فصل (منازل الإجلال و التعظيم ..) الخ 223.
4- أخرجه أبو عبيد في فضائله عن قتادة باب فضل ختم القرآن ص 47. و الدارمي في سننه بسنده إلى قتادة كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 468، و عزاه النووي إلى الدارمي و ابن أبي داود. انظر التبيان ص 89، و ذكره القرطبي عن قتادة. انظر التذكار في أفضل الأذكار ص 68.
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن ابن مسعود باب فضل ختم القرآن ص 47، و له شواهد ذكرها القرطبي عن ابن عباس و أنس بن مالك يرفعها. انظر التذكار في أفضل الأذكار الباب الثامن عشر ص 73.
6- رواه ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب فضائل القرآن باب في الرجل إذا ختم ما يصنع، و أبو عبيد في فضائله ص 47.و الدارمي في سننه بسنده إلى أنس كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 468. و ابن المبارك في كتاب الزهد باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 279. قال النووي: و روى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين عن قتادة التابعي الجليل صاحب أنس رضي اللّه عنه قال: «كان أنس بن مالك رضي اللّه عنه إذا ختم القرآن جمع أهله و دعا) اه. التبيان ص 89، و راجع التذكار للقرطبي الباب الثامن عشر ص 68، و عزاه في الكنز إلى ابن النجار عن أنس يرفعه بلفظ: «كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إذا ختم القرآن جمع و أهله و دعا» اه. 2/ 349، رقم 4219. و قد وردت بعض الآثار المرفوعة و الموقوفة تدل على استحباب الدعاء عند ختم القرآن و أنه مظان الإجابة. انظر سنن الدارمي 2/ 468، و مجمع الزوائد 7/ 172، و كنز العمال: 1/ 517، و تنزيه الشريعة 1/ 299، و التذكار ص 68.

و قال إبراهيم التيمي (1): (كان يقال إذا ختم الرجل القرآن في أول النهار: صلّت عليه الملائكة بقية يومه، و إذا ختمه أول الليل: صلّت عليه الملائكة بقية ليلته، قال:

فكانوا يحبون أن يختموا في أول النهار و في أول الليل) (2) اه.

و قال محمد بن جحادة (3): (كانوا يستحبون إذا ختموا من أول الليل أن يختموا في الركعتين بعد المغرب، و إذا ختموا من النهار (4) أن يختموا في الركعتين قبل صلاة الفجر) (5) اه.

ص: 380


1- إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي يكنى أبا اسماء الكوفي العابد ثقة. إلا أنه يرسل و يدلس، من الخامسة مات سنة 92 ه. التقريب 1/ 45 و فيه: إبراهيم بن زيد .. و انظر الجرح و التعديل: 2/ 145، و صفة الصفوة 3/ 90، و الميزان 1/ 74.
2- رواه الدارمي في سننه كتاب فضائل القرآن باب في ختم القرآن 2/ 469، و أبو عبيد في فضائله بسنده إلى إبراهيم التيمي باب فضل ختم القرآن ص 48. قال القرطبي: و يستحب أن يختم أول النهار فإن إبراهيم التيمي (كذا) قال: كانوا يقولون: إذا ختم الرجل .. و ذكره بنحوه. ثم قال القرطبي: و قد روى هذا مرفوعا عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم «من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي و من ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح» اه. التذكار ص 69، و قد روى هذا الحديث الدارمي بسنده عن سعد بن أبي وقاص موقوفا عليه، قال الدارمي: هذا حسن من سعد اه فضائل القرآن باب ختم القرآن 2/ 470.
3- محمد بن جحادة- بضم الجيم و تخفيف المهملة- الأودي البصري، عابد من الخامسة مات سنة 131 ه. التقريب 1/ 150 و تاريخ الثقات 402، و صفة الصفوة 3/ 110.
4- في د و ظ: من أول النهار.
5- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده إلى محمد بن جحادة باب فضل ختم القرآن ص 48. و رواه ابن المبارك في كتاب الزهد بسنده إلى محمد بن جحادة باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص 279. و ذكر نحوه النووي في التبيان دون عزو، قال: «و في ركعتي الفجر أفضل» اه. ص 88. و كذلك القرطبي ذكر نحو هذا، و قال: قال عبد اللّه بن المبارك: إذا كان الشتاء فأختم القرآن في أول الليل و إذا كان الصيف فأختمه في أول النهار اه. التذكار ص 69.

ص: 381

تجزئة القرآن

اشارة

(1) يقال: أجزاء القرآن و الأحزاب و الأوراد: بمعنى واحد، و أظن الأحزاب مأخوذة

ص: 382


1- جزأ العلماء القرآن تجزئات شتى، منها التجزئة إلى ثلاثين جزءا؛ فقد جزءوه إليها أولا و أطلقوا على كل واحد منها اسم الجزء، بحيث لا يخطر بالبال عند الإطلاق غيره. فإذا قال قائل: قرأت جزءا من القرآن تبادر للذهن أنه قرأ منه جزءا من الأجزاء الثلاثين. ثم جزءوا كل واحد من هذه الأجزاء الثلاثين إلى جزءين فصارت الأجزاء بذلك ستين- و سيأتي إن شاء اللّه بيان هذا كله بالتفصيل- و قد أطلقوا على كل واحد منها اسم الحزب. ثم جزءوا كل واحد من هذه الأحزاب الستين إلى ثمانية أجزاء فصارت بذلك أربعمائة و ثمانين جزءا، فإذا حفظ من يريد حفظ القرآن في كل يوم من ذلك جزءا- أي ثمن حزب أتم حفظه في نحو سنة و أربعة أشهر. انظر كتاب التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 154) و سيأتي- بإذن اللّه- أن المنصور العباسي طلب من عمرو بن عبيد أن يجزئ له القرآن بحيث يحفظه في سنة، فجزأه له إلى ثلاثمائة و ستين جزءا، و قال: إنه حفظ القرآن على هذه التجزئة و حفظ بها جماعة من الناس، فحفظ المنصور العباسي القرآن على تلك التجزئة و حفظ بها ولده المهدي العباسي و من هذه التجزئة يمكن استخراج انصاف القرآن و أثلاثه و أرباعه و أخماسه و أسداسه و أعشاره، و سيذكرها المصنف بالتفصيل، مع ذكر الأسباع و الأثمان و الاتساع و أجزاء اثني عشر و خمسة عشر و ستة عشر و أربع و عشرين و سبع عشرين ... الخ. و قد وقع خلاف يسير بين العلماء في هذه التجزئة- كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى- و في هذه التجزئة ما يبعث على حفز الهمم و تنشيط القارئ حتى يسير قدما في حفظ القرآن و الإقبال عليه دون كلل أو ملل، و اللّه الموفق. و هنا ينشأ سؤال و هو من أول من وضع التجزئة؟ و أترك الإجابة لأبي عمرو الداني حيث قال: روى شعبة عن أبي عوانة أنه قال: أول من جزأ القرآن بأسباعه و أعشاره على الآيات و جزأه على الكلمات أبيّ بن كعب، و به أخذ أهل العراق، و جزأه على الحروف: معاذ بن جبل، و به أخذ ابن مسعود، رضي اللّه عنهم. اه كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (106/ أ). هذا و سيأتي- إن شاء اللّه- أن عمرو بن عبيد بعد أن جزأ القرآن إلى 360 جزءا وضع كل 12 جزء من تلك الأجزاء جزءا واحدا فصارت ثلاثين جزءا، و هو المعمول به اليوم في المصاحف، و اللّه أعلم.

من قولهم: حزب فلان، أي جماعته، لأن الحزب طائفة من القرآن (1).

و الورد: أظنه من الورد الذي هو ضد الصّدر (2) لأن القرآن يروي ظمأ القلوب.

اه (3).

قال أبو عبيد: ثنا مروان بن معاوية (4) عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الطائفي (5) قال: حدّثني عثمان بن عبد اللّه بن أوس الثقفي (6) عن جده (7) (أنه كان في الوفد الذين قدموا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من بني مالك، فأنزلهم في قبة له في المسجد قال: فكان يأتينا فيحدّثنا بعد العشاء و هو قائم حتى يراوح (8) بين قدميه من طول القيام، و كان أكثر ما يحدّثنا شكايته قريشا، و ما كان يلقى منهم، ثم قال: كنا مستضعفين، فلما قدمنا المدينة انتصفنا من القوم، و كانت سجال الحرب بيننا علينا و لنا، قال: فاحتبس عنا ليلة، فقلنا: يا رسول اللّه، لبثت عنا الليلة أكثر مما كنت تلبث؟ قال: نعم، طرأ عليّ حزبي من القرآن، فكرهت أن أخرج من المسجد حتى أقضيه) اه (9).

ص: 383


1- راجع اللسان (1/ 308) (حزب).
2- المصدر نفسه (3/ 457) (ورد)، و الورد: ما يعتاده الإنسان من صلاة و قراءة و غير ذلك. راجع المصباح المنير (ص 133).
3- فكأنه شبه القرآن بالماء الذي يرد إليه كل عطشان، فيشرب حتى يروي ظمأه، فكذلك القرآن يروي ظمأ القلوب و يحييها بعد موتها و يجليها من صدئها.
4- مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري أبو عبد اللّه الكوفي، نزيل مكة ثم دمشق، ثقة حافظ، و كان يدلس أسماء الشيوخ من الثامنة مات سنة: 193 ه. التقريب (2/ 239) و الميزان (4/ 93).
5- ابن يعلى بن كعب أبو يعلى الثقفي، صدوق يخطئ و يهم، من السابعة. التقريب (1/ 429) و الميزان (2/ 452).
6- الطائفي مقبول من الثالثة. التقريب (2/ 11) و انظر الجرح و التعديل (5/ 96) و الميزان (3/ 42).
7- أوس بن أبي أوس، و اسم أبي أوس حذيفة الثقفي، صحابي سكن دمشق. التقريب (1/ 85) و راجع الإصابة (1/ 132) رقم 325.
8- راوح الرجل بين رجليه: إذا قام على إحداهما مرة و على الأخرى مرة. اللسان (2/ 466) (روح) و جامع الأصول لابن الأثير (2/ 475).
9- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ يحافظ على حزبه و ورده من القرآن بالليل و النهار في صلاة أو في غير صلاة (ص 117). ثم ذكر أبو عبيد عدة روايات تدل على تحزيب القرآن، و أنهم كانوا يحافظون على أورادهم التي اعتادوا على قراءتها، و ستأتي بعض هذه الروايات، و رواه أبو داود بنحوه في كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن (2/ 114) و في آخره: قال أوس: سألت أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، كيف يحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث و خمس و سبع و تسع و إحدى عشرة و ثلاث عشرة و حزب المفصل وحده. اه و رواه الإمام أحمد في مسنده (4/ 9، 343). و قد ذكر ابن كثير هذا الحديث و قال: و هذا إسناد حسن. اه. فضائل القرآن (ص 26)، و ذكره أبو عمرو الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن ورقة (103/ أ) ميكروفيلم. قال القرطبي: و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ممن يقرؤه في سبع تيسيرا على الأمة، و كان يبتدئ فيجعله ثلاث سور حزب ... و ذكر مثل الذي تقدم عن أبي داود، ثم قال: فذلك سبعة أحزاب. اه. التذكار (ص 67) و راجع ذلك بالتفصيل في البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/ 247).

قال أبو عبيد: و حدّثني أبو نعيم (1) عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الطائفي عن عثمان بن عبد اللّه بن أوس عن جده عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: مثل ذلك، و زاد في حديثه قال:

فقلنا لأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: إنه قد حدّثنا أنه طرأ عليه حزبه من القرآن، فكيف تحزبون القرآن؟ فقالوا: نحزبه ثلاث سور و خمس (سورة) (2) و سبع سور و تسع سور و إحدى عشرة سورة و ثلاث عشرة سورة، و حزب المفصل فيما بين قاف و أسفل اه (3).

و قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «طرأ عليّ حزبي من القرآن» هو من قولهم: طرأ علينا يطرأ طرءا و طروءا، إذا طلع عليهم من بلد آخر (4).

فلمّا خطر بباله صلّى اللّه عليه و سلّم حزبه صار كأنه طرأ عليه. اه.

و حدّثني أبو المظفر الجوهري- رحمه اللّه- بالسند المتقدم إلى أبي بكر عبد اللّه بن

ص: 384


1- الفضل بن دكين أبو نعيم الكوفي، و اسم دكين: عمرو بن حماد بن زهير التيمي مولاهم الأحول مشهور بكنيته، ثقة ثبت من التاسعة، مات سنة 218 ه أو نحوها. التقريب (2/ 110) و انظر الجرح و التعديل (7/ 61) و تاريخ بغداد (12/ 346) و مناقب الإمام أحمد (109، 481) و سير أعلام النبلاء (10/ 142) و تهذيب الكمال للمزي (2/ 1096).
2- هكذا في الأصل، و هو خطأ.
3- راجع تخريج الحديث الذي قبل هذا مباشرة، و قد تقدم الكلام على معنى المفصل و القول الراجح في ابتدائه.
4- أو خرج عليهم من مكان بعيد فجاءة، أو أتاهم من غير أن يعلموا أو خرج عليهم من فجوة. اه اللسان (1/ 114) (طرأ) و راجع النهاية في غريب الحديث (1/ 376).

أبي داود ثنا محمود بن آدم المروزي (1) ثنا بشر بن السرى ثنا محمد بن مسلم (2) عن إبراهيم بن ميسرة (3) عن عثمان بن عبد اللّه بن أوس عن المغيرة بن شعبة (4) قال: (استأذن رجل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم- و هو بين مكة و المدينة- فقال: إنه قد فاتني الليلة جزئي من القرآن، فإني لا أوثر عليه شيئا) (5).

قال عبد اللّه: و حدّثنا يعقوب بن سفيان (6) ثنا (7) بن أبي مريم (8) أنبأ يحيى بن أيوب (9) حدّثني ابن الهاد (10) قال: سألني نافع بن جبير (11) فقال: (في كم تقرأ القرآن)؟

فقلت: ما أجزئه فقال نافع: لا تقل ما أجزئه، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقول: «قرأت جزءا من القرآن» اه (12).

ص: 385


1- محمود بن آدم المروزي، صدوق من العاشرة، مات سنة 258 ه ذكره ابن عدي في شيوخ البخاري. التقريب (2/ 232)، و الجرح و التعديل (8/ 290).
2- محمد بن مسلم الطائفي و اسم جده موسى- و قيل غير ذلك- صدوق يخطئ من الثامنة، مات قبل التسعين. التقريب (2/ 207) و الجرح و التعديل (8/ 77) و الميزان (4/ 40).
3- إبراهيم بن ميسرة الطائفي، نزيل مكة، ثبت حافظ، من الخامسة مات سنة 132 ه. التقريب (1/ 44) و الجرح و التعديل (2/ 133) و مشاهير علماء الأمصار (ص 77).
4- المغيرة بن شعبة بن مسعود الثقفي صحابي مشهور، أسلم قبل الحديبية، و ولي إمرة البصرة ثم الكوفة، مات سنة 50 ه على الصحيح. التقريب (2/ 269) و راجع الإصابة في تمييز الصحابة (9/ 269) رقم 8173.
5- رواه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة القرآن (ص 131).
6- يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف الفسوي، ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 277 ه. التقريب (2/ 375) و انظر الجرح و التعديل (9/ 208).
7- في بقية النسخ قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أنبأ يحيى بن أيوب، قال: حدثني ابن الهاد ... الخ.
8- سعيد بن الحكم تقدم.
9- يحيى بن أيوب الغافقي- بمعجمة و فاء و قاف- أبو العباس المصري عالمهم و مفتيهم، صدوق ربما أخطأ، من السابعة مات سنة 168 ه. التقريب (2/ 343) و الميزان (4/ 362) و الجرح و التعديل (9/ 127) و مشاهير علماء الأمصار (ص 190).
10- شداد بن الهاد الليثي صحابي شهد الخندق و ما بعدها. التقريب (1/ 348) و انظر الإصابة (5/ 56) رقم 3852.
11- نافع بن جبير بن مطعم النوفلي، أبو محمد أو أبو عبد اللّه المدني ثقة فاضل من الثالثة، مات سنة 99 ه. التقريب (2/ 295) و الجرح و التعديل (8/ 451).
12- رواه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 131) و فيه جاءت العبارة هكذا: ... يقول: قرأت جزء من القرآن، و هو خطأ نحوي واضح.و رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب تحزيب القرآن (2/ 114) قال عبد القادر الأرناءوط في تحقيقه لجامع الأصول: و رجاله ثقات و إسناده قوي. اه (2/ 476).

و قال عبد اللّه: ثنا هارون بن سليمان (1) و يحيى بن حكيم (2) قالا: حدّثنا عبد اللّه ابن بكر السهمي (3) قال: ثنا عمرو بن منخل السدوسي (4) عن مطهر بن خالد الربعي (5) عن سالم، و قال يحيى (6) بن سلام أبي محمد الحماني، قال (أبو بكر بن أبي) (7) داود: ليس هو سالم (8) و لا سلام (9) إنما هو راشد أبي محمد (10) الحمّاني (11) قال: (جمع الحجاج بن يوسف الحفاظ و القراء- و كنت فيهم- فقال: أخبروني عن القرآن كله، كم (12) هو من حرف؟

ص: 386


1- لم أقف له على ترجمة.
2- يحيى بن حكيم المقوم- بتشديد الواو المكسورة- أبو سعيد البصري، ثقة حافظ عابد مصنف، من العاشرة مات سنة 256 ه. التقريب (2/ 345) و انظر الجرح و التعديل (9/ 134) و سير أعلام النبلاء (12/ 298) و شذرات الذهب (2/ 136).
3- عبد اللّه بن بكر بن حبيب السهمي الباهلي، أبو وهب البصري، نزيل بغداد، امتنع من القضاء، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة 208 ه. التقريب (1/ 404) و تاريخ الثقات (251)، و الجرح و التعديل (5/ 16) و تاريخ بغداد (9/ 421).
4- لم أقف على ترجمته.
5- مطهر بن خالد الربعي، قال ابن أبي حاتم: روى عن سلام أبي محمد صاحب القرآن زمن الحجاج، روى عنه عمرو بن منخل. اه الجرح و التعديل (8/ 395).
6- هكذا في الأصل: يحيى بن سلام خطأ، و الصواب: و قال يحيى: سلام، كما في بقية النسخ.
7- غير واضحة في الأصل.
8- هكذا في النسخ و في كتاب المصاحف، و الظاهر أن الصحيح: ليس هو سالما و لا سلاما.
9- نص ابن أبي حاتم في موضعين من كتابه الجرح و التعديل على أن سلاما أبا محمد هو الذي كان ضمن الذين جمعهم الحجاج من الحفاظ و القراء لحصر عدد حروف القرآن. انظر المصدر المذكور (4/ 262، 8/ 395). و صرح به أيضا القرطبي في مقدمة تفسيره (1/ 64) و الزركشي في البرهان (1/ 249) و سيأتي قريبا- بإذن اللّه- ذكر ذلك و لعل الاشتباه وقع في الاسمين لاشتراكهما في الكنية و اللقب، و اللّه أعلم.
10- هكذا في النسخ (أبي محمد) بالجر في الموضعين، و في كتاب المصاحف الموضع الأول بالجر و الثاني بالرفع، و يظهر أن الجر خطأ و ليس له وجه يخرج عليه.
11- راشد بن نجيح الحماني- بكسر المهملة و تشديد الميم- أبو محمد البصري صدوق ربما أخطأ، من الخامسة. التقريب (1/ 240) و الميزان (2/ 36) و الجرح و التعديل (3/ 484).
12- «كم» ساقطة من ظ.

قال: فجعلنا نحسب حتى اجمعوا أن القرآن كله ثلاثمائة ألف حرف (و أربعين) (1) ألف حرف و سبعمائة حرف و نيف و أربعين (2) حرفا (3).

قال: و أخبروني، إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن؟ فحسبوا و أجمعوا على (4) أنه ينتهي في الكهف وَ لْيَتَلَطَّفْ (5) في الفاء (6).

قال: فأخبروني بأسباعه على الحروف؟ فإذا أول سبع في النساء فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ (7) في الدال.

و السبع الثاني في الأعراف: حَبِطَتْ في (الباء) (8).

ص: 387


1- هكذا في الأصل: (و أربعين) في الموضعين، و هي كذلك في كتاب المصاحف لابن أبي داود، و في بقية النسخ: و أربعون، و هو الصواب.
2- في ظق: «و أربعين» أي في الموضع الثاني فقط.
3- هناك أقوال أخرى في عدد الحروف و الكلمات، ذكرها ابن النديم في فهرسته (ص 41) و أبو عمرو الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن ورقة (25/ ب، 103/ أ) ميكروفيلم، و القرطبي في مقدمة تفسيره (1/ 65) و سيأتي بعد قليل قول ليحيى بن آدم عن يزيد بن أسحم يخالف ما هاهنا، و راجع (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 250). قال السيوطي: و قد أخرج ابن الضريس من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: «... جميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف و ثلاثة و عشرون ألف حرف و ستمائة حرف و أحد و سبعون حرفا ... قال: و فيه أقوال أخر، و الاشتغال باستيعاب ذلك مما لا طائل تحته .. و كتابنا هذا موضوع للمهمات لا لمثل هذه البطالات، و قد قال السخاوي: لا أعلم لعدد الكلمات و الحروف من فائدة، لأن ذلك أن أفاد فإنما يفيد في كتاب يمكن فيه الزيادة و النقصان، و القرآن لا يمكن فيه ذلك اه. الإتقان (1/ 189، 197) و سيأتي كلام السخاوي هذا عند الكلام عن أقوى العدد في معرفة العدد- إن شاء اللّه تعالى- و لعل السخاوي و السيوطي و من نحا نحوهما يقصدون أن كثرة الانشغال بذلك لم يعد بكبير فائدة للمجتمع، و إن كانت وردت أحاديث في اعتبار الحروف و ما يترتب على ذلك من الحسنات لمن قرأ حرفا من كتاب اللّه، و لكني أقول: أن الأجر حاصل سواء أحصينا نحن تلك الحروف أم لم نحصها، و اللّه أعلم.
4- «على» ليست في بقية النسخ.
5- وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ ... إلى قوله: فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَ لْيَتَلَطَّفْ ... الكهف (19). و هذه رواية الحماني. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246) و أما رواية حميد الأعرج فستأتي.
6- هناك بعض العناوين كتبت في حاشية كل من الأصل و د و ظ مأخوذة من النص.
7- النساء (55) و لفظ (عنه) ليس في بقية النسخ.
8- هكذا في الأصل: في الباء. و في بقية النسخ: في التاء و هو الصواب.

قلت: يعني قوله عزّ و جلّ وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ (1).

و السبع الثالث في الرعد: أُكُلُها دائِمٌ (2) الألف آخر أكلها.

و السبع الرابع في الحج: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً (3) في الألف.

و السبع الخامس في الأحزاب: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ (4) في الهاء.

و السبع السادس في الفتح: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ (5)انظر: (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 241).(6) في الواو.

و السابع: ما بقي من القرآن (6).

قال: فأخبروني عن (7) أثلاثه، قالوا:

الثلث الأول: رأس مائة من براءة (8).

و الثلث الثاني: رأس إحدى و مائة من طسم الشعراء (9).

و الثلث الثالث: ما بقي من القرآن (10).

قال الحماني: و سألنا عن أرباعه، فإذا أول ربع: خاتمة سورة الأنعام.

و الربع (11) الثاني: في الكهف وَ لْيَتَلَطَّفْ.

و الربع الثالث: خاتمة الزمر.

و الربع (الرابع) (12): ما بقي من القرآن (13).

ص: 388


1- أي قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ... الأعراف (147).
2- الرعد (35).
3- الحج (67).
4- الأحزاب (36).
5- الفتح
6- .
7- في بقية النسخ: بأثلاثه.
8- و هي قوله تعالى وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ ... إلى ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ براءة (100).
9- و هي قوله تعالى: وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ الشعراء (101).
10- انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 236).
11- من هنا إلى قوله: و الربع الرابع: أضيف في حاشية ظ فلم يظهر بعضه.
12- كلمة (الرابع) سقطت من الأصل، و في كتاب المصاحف لابن أبي داود: و الرابع ما بقي ... الخ.
13- و هذا التقسيم المروي عن أبي محمد الحماني لنصف القرآن و أثلاثه و أرباعه و أسباعه: هو باعتبار عدد الحروف. و راجع: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237).

قال الحماني: عملناه في أربعة أشهر، و كان الحجاج يقرؤه في كل (1) ليلة (2) اه.

و قال عبد اللّه: ثنا محمد بن عامر بن إبراهيم (3) عن أبيه (4) عن الفيض بن موسى (5) قال: ثنا عبد الواحد العطار (5) عن هلال الوراق (5) و عاصم الجحدري (6) (7) أنهما قالا:

نصف القرآن: خاتمة الكهف (8) و خاتمة: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ و ثلث القرآن: خاتمة براءة، و خاتمة طسم القصص، و آخر القرآن، و ربع القرآن: خاتمة الأنعام، و خاتمة الكهف، و خاتمة يس و آخر القرآن (9).

و خمس القرآن: خاتمة المائدة، و خاتمة يوسف، و خاتمة الفرقان و خاتمة حم السجدة، و آخر القرآن.

و سدس القرآن: خاتمة النساء، و خاتمة براءة، و خاتمة الكهف، و خاتمة طسم القصص، و خاتمة الدخان، و آخر القرآن (10).

ص: 389


1- في مقدمة تفسير القرطبي (1/ 64): «.. في كل ليلة ربعا» و كذلك في البرهان للزركشي (1/ 250).
2- ذكر هذا ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 132- 133) و ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره مع بعض التقديم و التأخير، قال: و أما عدد حروفه و أجزائه فروى سلام أبو محمد الحماني أن الحجاج بن يوسف جمع القراء .. و ذكره. و قال في آخره: و في هذه الجملة خلاف مذكور في كتاب البيان لأبي عمرو الداني، من أراد الوقوف عليه وجده هناك. اه (1/ 64) و انظر البيان للداني ورقة (103) ميكروفيلم. و راجع البرهان للزركشي فقد ذكر نحو قول القرطبي (1/ 249- 250).
3- أخو إبراهيم بن عامر الأصبهاني، روى عن أبيه و غيره، و كان صدوقا. الجرح و التعديل (8/ 44).
4- عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال أبو داود الطيالسي: «اكتبوا عن عامر بن إبراهيم- مؤذن مسجد أصبهان- فإنه ثقة اه. الجرح و التعديل (6/ 319) قال ابن حجر: ثقة من التاسعة مات سنة إحدى أو اثنتين و مائتين اه. التقريب (1/ 386).
5- لم أقف لهم على ترجمة.
6- عاصم بن العجاج الجحدري البصري المقرئ، و هو عاصم بن أبي الصباح، أخذ عنه جماعة قراءة شاذة فيها ما ينكر. الميزان (2/ 354) و راجع الجرح و التعديل (6/ 349).
7- في د: الجحدي خطأ.
8- و هذا الرأي مخالف للمشهور و للإجماع الذي ذكره قبل هذا عن أبي محمد الحماني من أن نصف القرآن ينتهي عند قوله تعالى: .. وَ لْيَتَلَطَّفْ في الفاء، و كذلك في الأثلاث و الأرباع.
9- رواه ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 133). و نحوه في مقدمة كتاب (المباني في نظم المعاني) انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237).
10- قال أبو بكر ابن أبي داود: حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم عن أبيه، و ساق السند المتقدم إلى هلال الوراق و عاصم الجحدري إنهما قالا: و خمس القرآن: .... و ذكره بلفظه كتاب المصاحف (ص 133- 134). و هناك روايتان أخريان ذكرهما صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» عن حميد الأعرج و أبي محمد الحماني. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237- 238).

و سبع القرآن: يَصُدُّونَ (1) عَنْكَ (2) صُدُوداً (3) في النساء، و في سورة الأعراف: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (4) و في سورة إبراهيم: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (5) و في المؤمنين: أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ (6) و في سبأ: فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (7) و خاتمة الفتح، و آخر القرآن (8).

و ثمن القرآن: البقرة و آل عمران، و خاتمة الأنعام، و خاتمة هود، و خاتمة الكهف، و خاتمة الشعراء، و خاتمة يس و خاتمة الذاريات (9) و آخر القرآن (10) و لم يحفظ التسع (11).

و عشره: البقرة و مائة من آل عمران (12) و خاتمة المائدة، و خاتمة الأنفال، و خاتمة يوسف، و خاتمة الكهف، و خاتمة الفرقان، و خاتمة الأحزاب، و خاتمة حم السجدة، و خاتمة الواقعة و آخر القرآن.

ص: 390


1- حرفت في د إلى (يعدون).
2- حرفت في ظ إلى (عند).
3- النساء (61).
4- الأعراف (170).
5- إبراهيم (25).
6- المؤمنون (55).
7- سبأ: (20).
8- و هذه الأسباع التي ذكرت في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري موافقة للرواية الآتية عن يزيد بن أسحم عن حمزة الزيات، و مخالفة للرواية السابقة عن أبي محمد الحماني، إلّا في السبع الأول فقط فقد اتفقت الروايتان فيه. و راجع مقدمتان في علوم القرآن (ص 240).
9- في بقية النسخ: و الذاريات.
10- و هناك روايتان قريبتان مما هنا ذكرهما صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» عن حميد الأعرج و إبراهيم التيمي. انظر: «مقدمتان في علوم القرآن» (ص 241، 242).
11- لعله يريد أن تقسيم القرآن إلى أتساع لم يحفظ في هذه الرواية، و إلا فإنه سيذكر في رواية حميد الأعرج الآتية قريبا تقسيم القرآن إلى اتساع.
12- هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ آل عمران (100).

و القرآن كله ستة آلاف آية و مائتان و أربع آيات (1). و هو مائة و أربع عشرة سورة مع فاتحة الكتاب (2).

و قال عبد اللّه: ثنا شعيب بن أيوب (3) ثنا يحيى بن آدم (4) قال: أسباع القرآن:

السبع الأول: خمسمائة و سبع و أربعون (5) آية.

و السبع الثاني: خمسمائة و سبعون آية.

و السبع الثالث: ستمائة و إحدى و خمسون آية.

و السبع الرابع: تسعمائة و ثلاث و خمسون آية.

و السبع الخامس: ثمانمائة و ثمان و ستون آية.

و السبع السادس: تسعمائة و ست و ثمانون آية.

و السبع الآخر: ألف آية و ستمائة و أربع و عشرون آية.

فجميع آي القرآن: ستة آلاف و مائتا آية و تسع و عشرون آية (6) في الجملة نقصان ثلاثون آية خطأ في الحساب (7).

ص: 391


1- و هذا في عدد البصريين كما ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره (1/ 65) و سيأتي- إن شاء اللّه- الحديث عن العدد في فصل مستقل. قال السيوطي نقلا عن أبي عمرو الداني: أجمعوا على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية، ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد، و منهم من قال: و مائتا آية و أربع آيات، و قيل: و أربع عشرة، و قيل: و تسع عشرة، و قيل: و خمس و عشرون، و قيل: و ست و ثلاثون. اه الإتقان (1/ 189).
2- أورد هذا ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف باب تجزئة المصاحف (ص 133- 134). قال الزركشي: و اعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل و العقد: مائة و أربع عشرة سورة كما هي في المصحف العثماني، أولها الفاتحة و آخرها الناس اه. البرهان (1/ 251) و انظر الإتقان (1/ 184).
3- شعيب بن أيوب بن زريق الصيرفي القاضي، أصله من واسط، صدوق يدلس، من الحادية عشرة، مات سنة 261 ه. التقريب (1/ 351) و انظر الميزان (2/ 275) و فيه: الصيرفيني المقري صاحب يحيى بن آدم اه.
4- يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، أبو زكريا مولى بني أمية، ثقة حافظ فاضل، من كبار التاسعة، مات سنة 203 ه. التقريب (2/ 341). قال العجلي: كوفي ثقة، و كان جامعا للعلم عاقلا ثبتا في الحديث اه. تاريخ الثقات (ص 468).
5- في كتاب المصاحف لابن أبي داود: و أربعين.
6- ذكر القرطبي سبعة أقوال في عدد آي القرآن لم يكن هذا القول منها. مقدمة تفسيره (1/ 64).
7- أي إذا جمعنا هذه الأسباع حسب العدد المذكور فإن الناتج 6199 آية أي ينقصان (30) آية فإذا أضفنا الثلاثين إلى العدد 6199 فإنه يصير (6229) آية. قال صاحب كتاب (المباني في نظم المعاني): و عن حميد الأعرج قال: جميع آي القرآن ستة آلاف آية و مائتا آية و اثنتا عشرة آية، ثم ذكر أنصاف القرآن بعدد الآيات و أثلاثه و أرباعه و أخماسه و أسداسه و أسباعه و أثمانه و أتساعه و أعشاره، و الأسباع التي ذكرها هي قريبة من الرواية التي ذكرها المصنف عن يحيى بن آدم. فالسبع الأول مثلا خمسمائة و خمسون آية ... و هكذا. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 247).

و جميع حروف القرآن: ثلاثمائة ألف حرف واحد و عشرون ألف حرف و مائتا حرف و خمسون حرفا (1).

قال يحيى بن آدم: حدّثني يزيد بن أسحم (2) قال: أعطانيه حمزة الزيات (3) من كتابه (4) فيصير كل سبع من أسباع القرآن خمسة و أربعين (5) ألف حرف و ثمانمائة حرف

ص: 392


1- و هذه رواية يحيى بن آدم عن يزيد بن أسحم- بضم الحاء- عن حمزة الزيات من كتابه كما سيأتي، و هي خلاف ما تقدم من إجماع من جمعهم الحجاج بن يوسف الثقفي حيث أجمعوا على أن القرآن كله ثلاثمائة ألف حرف و أربعون ألف حرف و سبعمائة حرف و نيف و أربعون حرفا. و هناك قولان آخران في عدد حروف القرآن ذكرهما القرطبي عن عطاء بن يسار و مجاهد. انظر مقدمة تفسيره (1/ 65). و راجع أيضا كتاب (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 248). قال الزركشي: و أعلم أن سبب اختلاف العلماء في عد الآي و الكلم و الحروف أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم كان يقف على رءوس الآي للتوقيف، فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة. اه البرهان (1/ 251- 252) و راجع الإتقان (1/ 189)، و قد ذكر هذا أيضا الزرقاني بنحوه، و قال في آخره: فيظن بعض الناس أن ما وقف عليه النبي صلّى اللّه عليه و سلم فاصلة، فيصلها بما بعدها معتبرا أن الجميع آية واحدة، و البعض يعتبرها آية مستقلة فلا يصلها بما بعدها. و الخطب في ذلك سهل، لأنه لا يترتب عليه في القرآن زيادة و لا نقص. اه. مناهل العرفان (1/ 344). إذا فلا سبيل إلى معرفة آيات القرآن إلا بتوقيف من الشارع، لأنه ليس للقياس و الرأي مجال فيها، إنما هو محض تعليم و إرشاد ... و ما ورد من الخلاف في ذلك فلا ينبغي أن يشتبه على القارئ، لأن كلا وقف عند حدود ما بلغه أو علمه. اه. المصدر نفسه (1/ 340).
2- في كتاب البيان لأبي عمرو الداني: يزيد بن سحيم. و لم أعثر على ترجمته.
3- حمزة بن حبيب الزيات القارئ- أحد القراء السبعة المشهورين- أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، صدوق زاهد، ربما وهم، من السابعة، مات سنة 156 ه أو نحوها. التقريب (1/ 199) و انظر معرفة القراء الكبار (1/ 111)، و مشاهير علماء الأمصار (ص 168) و الميزان (1/ 605) و صفة الصفوة (3/ 156) و غاية النهاية (1/ 261).
4- قال ابن النديم:- عند ترجمته لحمزة- و له من الكتب: (كتاب قراءة حمزة)، (كتاب الفرائض) اه الفهرست (ص 44). و ذكره صاحب إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون (2/ 322).
5- في د و ظ: و أربعون. خطأ

و (اثنان و تسعون) (1) حرفا، يبقى ستة أحرف. اه (2)لم أقف على ترجمته.(3).

قال أبو بكر بن أبي داود: القائل: حدثنيه يزيد بن أسحم: يحيى بن آدم. اه (4) و أسباع القرآن:

السبع الأول: في النساء يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً.

و الثاني: في الأعراف إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ.

و السبع الثالث: في إبراهيم كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ إلى قوله لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.

و الرابع: في المؤمنين قوله عزّ و جلّ: نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ.

و الخامس: في سبأ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

و السادس: خاتمة الفتح.

و السابع: بقية القرآن (5).

و قال عبد اللّه بن أبي داود: ثنا يعقوب بن سفيان ثنا عبد اللّه بن الزبير الحميدي (6) ثنا أبو الوليد عبد الملك بن عبد اللّه بن مسعود (6) عن إسماعيل بن عبد اللّه بن

ص: 393


1- هكذا في الأصل، و في بقية النسخ: و اثنين و تسعين حرفا. و هو الصواب.
2- أي بعد قسمة 321250 7 45892 يبقى
3- أحرف.
4- كتاب المصاحف (ص 135) و أقول: هي عبارة لا داعي لها لأنه قد تقدم قبل قليل: قال يحيى بن آدم: حدثنيه يزيد بن أسحم.
5- المصدر نفسه، و قد تقدم قريبا مثل هذا القول عن أسباع القرآن بنصه عن هلال الوراق و عاصم الجحدري فلا أدري لما ذا أعاد المصنف ذكره؟ و لعله أعاد ذكر ذلك لأنه بصدد ذكر رواية يحيى بن آدم، و اللّه أعلم. و تقدم أيضا عزو هذه الآيات المذكورة فلا حاجة لإعادته. قال صاحب كتاب المباني في نظم المعاني: و أما الأسباع المعروفة عندنا على تأليف أهل الكوفة ... و ذكرها كما هنا. انظر مقدمتان في علوم القرآن (ص 240).
6- عبد اللّه بن الزبير بن عيسى القرشي الحميدي المكي، أبو بكر، ثقة حافظ فقيه، من العاشرة، مات سنة 219 ه و قيل بعدها. التقريب (1/ 415) و انظر: الجرح و التعديل (5/ 56) و مناقب الإمام أحمد (146).

قسطنطين (1) عن حميد الأعرج (2) أنه حسب حروف القرآن فوجد النصف الأول من القرآن ينتهي إلى خمس و ستين آية من سورة الكهف عند قوله هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ (3) مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ... (4).

و هو الربع الثاني و السدس الثالث و الثمن الرابع و العشر الخامس، و صار مَعِيَ صَبْراً من النصف الأخير (5) إلى أن يختم القرآن، و الثلث الأول: ينتهي إلى بعض إحدى و تسعين آية من براءة، عند قوله كَذَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ سَيُصِيبُ (6) إلى الباء من (سيصيب) و هو السدس الثاني، و التسع (7) الثالث، و صارت الباء من (سيصيب) من الثلث الأوسط، و الثلث الأوسط: ينتهي إلى بعض ست و أربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا (8) و هو السدس الرابع و التسع (9) السادس.

و صارت الَّذِينَ ظَلَمُوا من الثلث الآخر.

و الثلث الأخير (10): ينتهي إلى أن يختم القرآن.

ص: 394


1- إسماعيل بن عبد اللّه بن قسطنطين، أبو إسحاق المخزومي المكي المقرئ، قارئ أهل مكة في زمانه، أقرأ الناس دهرا. أحد الذين قرءوا على حميد الأعرج كما قال ابن أبي داود في كتاب المصاحف (ص 139) و قرأ عليه الإمام الشافعي و غيره كانت وفاته سنة 170 ه. معرفة القراء الكبار (1/ 141) و الجرح و التعديل (2/ 180).
2- حميد بن قيس المكي الأعرج، أبو صفوان القارئ، ليس به بأس من السادسة، مات سنة 130 ه و قيل بعدها. انظر التقريب (1/ 203) و انظر معرفة القراء الكبار (1/ 97) و الميزان (1/ 615) و الجرح و التعديل (3/ 227).
3- في د و ظ: (تعلمن) و قد أثبت الياء و صلا نافع و أبو عمرو و أبو جعفر، و في الحالين ابن كثير و يعقوب و حذفها في الحالين سواهم. اتحاف فضلاء البشر (ص 292) و البدور الزاهرة (ص 192) و المهذب (1/ 405).
4- الكهف (66- 67) و لعل القارئ يلحظ بعض الاختلاف في رقم بعض الآيات التي يذكرها المصنف و الرقم الذي أضعه في الهامش و السبب في ذلك أني أثبت ما في المصحف الذي بين أيدينا المعتمد على العدد الكوفي، بينما المصنف يعتمد- أحيانا- على عدد آخر تبعا لابن أبي داود و الداني و غيرهما، و سيأتي الكلام على العدد في فصل مستقل- بإذن اللّه تعالى- تحت عنوان (أقوى العدد في معرفة العدد).
5- في بقية النسخ: الآخر.
6- التوبة (90).
7- في د و ظ حرفت إلى (السبع).
8- العنكبوت (46).
9- في د و ظ: حرفت إلى (السبع).
10- في بقية النسخ: الآخر.

و الربع الأول: ينتهي إلى أول آية من سورة الأعراف، إلى وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (1)أي قوله تعالى: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ... الأعراف الآية (2).(3) و هو الثمن الثاني، و صارت اتَّبِعُوا (2) من الربع الثاني.

و الربع الثاني: ينتهي إلى إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ حيث انتهى النصف.

و الربع الثالث: إلى بعض مائة و ثمان و أربعين آية من سورة الصافات عند فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ (3) و هو الثمن السادس، و صارت إِلى حِينٍ من الربع الآخر.

و الربع الآخر: إلى أن يختم القرآن (4).

و الخمس الأول: ينتهي (5) إلى بعض اثنتين و ثمانين آية من سورة المائدة، عند قوله أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (6) و هو العشر الثاني، و صارت وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ من الخمس الثاني.

و الخمس الثاني: ينتهي إلى بعض ست و أربعين من سورة يوسف عند قوله لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ (7) و هو العشر الرابع، و صارت لَعَلَّهُمْ من الخمس الثالث.

و الخمس الثالث: ينتهي إلى بعض إحدى و عشرين آية من سورة الفرقان، عند قوله أَوْ نَرى رَبَّنا (8) و هو العشر السادس، و صارت لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا من الخمس الرابع.

ص: 395


1- الأعراف
2- الصافات (148).
3- و ما ذكره المصنف تبعا لابن أبي داود من عدم عد (المص) آية هو خلاف للعدد الكوفي و الذي هو مثبت في المصحف.
4- و هذه رواية حميد الأعرج، و هي تعد قولا ثالثا في تحديد نصف القرآن و أثلاثه و أرباعه. و قد ذكر هذه الرواية بنصها صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» بسنده عن حميد الأعرج، قال: فأما الأنصاف فإنه روى عن الحسين بن أحمد الزعفراني ... و ذكر السند. انظر: «مقدمتان في علوم القرآن» (ص 235).
5- أي في رواية حميد الأعرج، و هناك رواية أخرى مروية عن الحماني ذكرها صاحب كتاب «المباني ...» انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 238).
6- المائدة (80).
7- يوسف (46).
8- الفرقان (21).

و الخمس الرابع: ينتهي إلى بعض خمس و أربعين آية من سورة حم السجدة، عند قوله عزّ و جلّ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ (1) و هو العشر الثامن، و صارت أَساءَ فَعَلَيْها من الخمس الخامس.

و الخمس الخامس: ينتهي إلى أن يختم القرآن (2).

و السدس الأول (3): ينتهي إلى بعض إحدى و أربعين و مائة من سورة النساء عند قوله عزّ و جلّ ... إِلَى الصَّلاةِ قامُوا (4) و صارت كُسالى من السدس الثاني.

و السدس الثاني: ينتهي إلى إحدى (5) و تسعين آية من سورة براءة في ... سَيُصِيبُ (6) إلى الباء، و هو الثلث الأول و التسع (7) الثالث، و صارت الباء من سَيُصِيبُ من السدس الثالث.

و السدس الثالث: ينتهى إلى بعض خمس و ستين آية، من سورة الكهف عند إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ (8) (9) و هو النصف الأول، و الربع الثاني و الثمن الرابع و العشر الخامس، و صار مَعِيَ صَبْراً من السدس الرابع.

ص: 396


1- فصلت (46).
2- و لم يتقدم ذكر للأخماس في رواية أبي محمد الحماني و يزيد بن أسحم، و إنما تقدم ذكرها في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري، و هي مخالفة لرواية حميد الأعرج هذه. و قد ذكر هذه الرواية بنصها صاحب كتاب (المباني في نظم المعاني) عن حميد الأعرج. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 237).
3- راجع مقدمتان في علوم القرآن (ص 238) مع ملاحظة أن السدس الثالث لم يذكر و لعله سقط عند النسخ أو الطبع. حيث قال: و السدس الثالث: و قفز إلى سورة العنكبوت. ثم ذكر رواية أخرى عن الحماني في الأسداس فانظرها. و قد تقدمت في رواية عاصم الجحدري و هلال الوراق.
4- النساء (142) و هي قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ....
5- في ظ: أحد.
6- التوبة (90) و هي قوله تعالى: وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَ قَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
7- حرفت في د و ظ إلى (السبع).
8- (معي) ليست في بقية النسخ.
9- الكهف (67).

و السدس الرابع: ينتهي إلى بعض ست و أربعين آية من سورة العنكبوت عند قوله عزّ و جلّ .. بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا (1) و هو التسع (2) السادس، و صارت الَّذِينَ ظَلَمُوا من السدس الخامس.

و السدس الخامس: ينتهي إلى بعض أربع و ثلاثين آية من حم الجاثية عند قوله عزّ و جلّ: فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها (3) و صارت وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ من السدس الآخر.

و السدس الآخر: ينتهي إلى أن يختم القرآن (4).

و السبع لأول: ينتهي إلى بعض ست و خمسين آية من سورة النساء، عند قوله عزّ و جلّ: أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ (5) و صارت وَ نُدْخِلُهُمْ (6) من السبع الثاني.

و السبع الثاني: ينتهي إلى مائة و سبع و ستين آية من الأعراف عند قوله عزّ و جلّ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ال (7) و صارت (عقاب) من السبع الثالث.

و السبع الثالث: ينتهي إلى بعض أربع و عشرين آية من سورة إبراهيم عند قوله عزّ و جلّ ... وَ ما كانَ لِي علي (8) و صارت (كم) من السبع الرابع.

و السبع الرابع: ينتهي إلى بعض سبع و أربعين آية من سورة المؤمنين عند قوله عزّ و جلّ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ (9) و صارت لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ* من السبع الخامس.

ص: 397


1- العنكبوت (46).
2- حرفت في د و ظ إلى (السبع).
3- الجاثية (35).
4- لم يسبق ذكر للأسداس في رواية أبي محمد الحماني و يزيد بن أسحم، و إنما ذكرت في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري، و هي مخالفة لرواية حميد الأعرج هذه.
5- النساء (57).
6- سقطت الواو من الأصل.
7- الأعراف (167).
8- إبراهيم: (22) و هي قوله تعالى: وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ... الآية.
9- المؤمنون (49).

و السبع الخامس: ينتهي إلى بعض ثمان عشرة آية من سورة سبأ عند قُرىً ظاهِرَةً وَ قدر ... (1) و صارت (2) (نا) من السبع السادس.

و السبع السادس: ينتهي إلى آخر حرف من الآية الثانية من سورة الحجرات وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (3) و صارت إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ (4) من السبع الآخر.

و السبع الآخر: إلى أن يختم القرآن (5).

و الثمن الأول: ينتهي إلى بعض مائة و خمسة (6) و سبعين (7) آية من سورة آل عمران، عند قوله عزّ و جلّ: مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مأ ... (8)

و صارت الواو و الياء و الهاء و الميم التي في مَأْواهُمْ من الثمن الثاني.

و الثمن الثاني: ينتهي إلى أول آية من سورة الأعراف، عند وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (9) و هو الربع الأول، و صارت اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من الثمن الثالث.

و الثمن الثالث: ينتهي إلى بعض سبع و ثلاثين آية من سورة هود عند وَ فارَ (10)

ص: 398


1- سبأ (18) و هي قوله تعالى وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ الآية.
2- في بقية النسخ: و صار (نا).
3- الحجرات (2) أولها قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ.
4- الحجرات (3).
5- و هذه رواية حميد الأعرج، و هي خلاف الروايات السابقة في تحديد أسباع القرآن إلا أن الفروق ليست متباعدة بين هذه الروايات و بين رواية هلال و عاصم المتقدمة. و قد ذكر هذه الرواية عن حميد الأعرج صاحب كتاب «المباني ..» و ذكر بسنده عن قتادة رواية أخرى. انظر: «مقدمتان في علوم القرآن» (ص 239).
6- هكذا في النسخ (خمسة) و في كتاب المصاحف لابن أبي داود: (خمس) و هو الصواب.
7- هكذا في النسخ (سبعين) و هو تحريف لكلمة (تسعين).
8- آل عمران (197). مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ.
9- الأعراف (2).
10- هود (40) و هي قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ ... الآية.

و صارت (1) التَّنُّورُ، من الثمن الرابع.

و الثمن الرابع: ينتهي إلى خمس و ستين آية من سورة الكهف عند إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ (2) حيث انتهى النصف الأول، و هو الربع الثاني، و العشر الخامس، و صارت مَعِيَ صَبْراً من الثمن الخامس.

و الثمن الخامس: ينتهي إلى آخر سورة الشعراء أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (3) الياء من يَنْقَلِبُونَ: من الثمن الخامس، و النون و القاف و اللام و الباء و الواو و النون: من الثمن السادس.

و الثمن السادس: ينتهي إلى بعض مائة (و ثمانية) (4) و أربعين آية من سورة الصافات (5) عند فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ (6) و هو الربع الثالث و صارت إِلى حِينٍ من الثمن السابع.

و الثمن السابع: ينتهي إلى أول عشر من سورة النجم إلى قوله عزّ و جلّ فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (7)هكذا في النسخ: و ثلاثة. و في كتاب المصاحف لابن أبي داود و ثلاث. و هو الصواب.(8) و صارت ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (9)كلمة (قوله) ليست في بقية النسخ.(10) من الثمن الآخر.

و الثمن الآخر: إلى أن يختم القرآن (11).

و التسع الأول: ينتهي إلى بعض مائة (و ثلاثة) (10) و أربعين آية من سورة آل عمران عند قوله (11) فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أ ... (12) فالواو و الألف آخر التسع الأول، و النون و التاء و الميم من التسع الثاني.

ص: 399


1- في بقية النسخ: و صار.
2- الكهف (67).
3- الشعراء (227).
4- هكذا في النسخ: و ثمانية.
5- في بقية النسخ: و الصافات.
6- الصافات (148).
7- النجم
8- .
9- النجم
10- و كلمة (ما رأى) ليست في بقية النسخ.
11- لم يتقدم ذكر للأثمان إلا في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري و هي مخالفة لهذه الرواية عن حميد الأعرج. و انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 241، 242). فقد ذكر هذه الرواية بنصها ثم ذكر رواية أخرى عن إبراهيم النخعي.
12- آل عمران (143) و هي قوله تعالى: وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ جمال القراء و كمال الإقراء، ج 1،

و التسع الثاني: ينتهي إلى بعض أربع و خمسين آية من سورة الأنعام عند ... لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا (1) و صارت أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ من التسع الثالث.

و التسع الثالث: ينتهي إلى بعض إحدى (2) و تسعين آية من سورة براءة عند سَيُصِيبُ (3) الى الباء، و هو الثلث الأول و السدس الثاني و صارت (الباء) من سَيُصِيبُ من التسع الرابع.

و التسع الرابع: ينتهي في بعض إحدى عشرة من سورة النحل وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي (4) و صارت ذلِكَ من التسع الخامس.

و التسع الخامس: ينتهي في بعض ثمان و عشرين آية من سورة الحج، عند وَ أُحِلَّتْ لَكُمُ الأ ... (5) و صارت النون و العين و الألف و الميم التي في الأنعام من التسع السادس.

و التسع السادس: ينتهي في بعض ست و أربعين آية من سورة العنكبوت وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا ... (6) و هو الثلث الأوسط و السدس الرابع، و صارت الَّذِينَ ظَلَمُوا من التسع السابع.

و التسع السابع: ينتهي إلى بعض تسع آيات من أول سورة المؤمن، عند يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أن ... (7) و صارت الفاء و السين و الكاف و الميم من أَنْفُسَكُمْ في التسع الثامن.

و التسع الثامن: ينتهي في بعض سبع عشرة آية من أول سورة الواقعة عند وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ* عَلى ... (8) و صارت سُرُرٍ من التسع الآخر.

ص: 400


1- الأنعام (53) وَ كَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ ... الآية.
2- في ظ (أحد).
3- تقدمت قريبا.
4- النحل (11) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّيْتُونَ وَ النَّخِيلَ وَ الْأَعْنابَ وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
5- الحج (30) ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ أُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ ... الآية.
6- تقدمت مرارا.
7- غافر (10) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ... الآية.
8- الواقعة (14- 15) و هذا على العدد الكوفي، و ما ذكره فهو لغير الكوفي.

و التسع الآخر: الى آخر (1) القرآن (2).

و العشر الأول (3): ينتهي إلى بعض إحدى و تسعين آية من سورة آل عمران عند لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا ... (4) و صارت تُحِبُّونَ من العشر الثاني.

و العشر الثاني: ينتهي إلى بعض اثنتين و ثمانين آية من سورة المائدة عند لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (5) و هو الخمس الأول و صارت وَ فِي الْعَذابِ من العشر الثالث.

و العشر الثالث: ينتهي إلى بعض اثنتين و ثلاثين آية من سورة الأنفال عند فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا ... (6) و صارت بِعَذابٍ أَلِيمٍ من العشر الرابع.

و العشر الرابع: ينتهي إلى بعض ست و أربعين آية من سورة يوسف عند قوله عزّ و جلّ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ (7) و هو الخمس الثاني، و صارت لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ من العشر الخامس.

و العشر الخامس: ينتهي إلى خمس و ستين آية من سورة الكهف عند قوله إِنَّكَ لَنْ

ص: 401


1- في بقية النسخ: إلى أن يختم القرآن.
2- تقدم أن ذكر المصنف أن التسع لم يحفظ، و الذي يبدو لي أن ذكره للاتساع هنا مناقض لما ذكره سابقا من أن الاتساع لم تحفظ، إلا إن كان يقصد أن التسع لم يحفظ في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري. و لكني أقول: كذلك أيضا لم يرد ذكر للاتساع في رواية أبي محمد الحماني و يزيد بن أسحم، أي لم يرد فيما ذكره المصنف، و إلّا فإن صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» قد ذكر رواية حميد الأعرج في الاتساع- و هي بنص ما ذكره المصنف- ثم ذكر رواية أخرى عن الحماني مخالفة لرواية حميد الأعرج فانظرها في: (مقدمتان في علوم القرآن) (ص 243 244).
3- سبق ذكر للأعشار في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري فقط بصفة إجمالية مخالفة لهذه الرواية المذكورة عن حميد الأعرج، و هذه الأعشار على الحروف- كما لا يخفى- أما على الكلمات فسيذكرها المصنف بصفة إجمالية عند آخر كلامه عن تقسيم القرآن الكريم إلى ستين جزءا.
4- آل عمران (92).
5- المائدة (80).
6- الأنفال (32) وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ ... الآية.
7- يوسف (46).

تَسْتَطِيعَ (1) و هو النصف الأول، و الربع الثاني و السدس الثالث و الثمن الرابع، و صارت مَعِيَ صَبْراً من العشر السادس.

و العشر السادس: ينتهي إلى بعض إحدى و عشرين (2) من سورة الفرقان عند لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا (3) و هو الخمس الثالث و صارت لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ من العشر السابع.

و العشر السابع: ينتهي إلى بعض إحدى و ثلاثين آية من سورة الأحزاب وَ مَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تَعْمَلْ (4) و صارت (5) صالِحاً من العشر الثامن.

و العشر الثامن: ينتهي إلى بعض خمس و أربعين آية من سورة حم السجدة عند مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ ... (6) و هو الخمس الرابع، و صارت أَساءَ فَعَلَيْها من العشر التاسع.

و العشر التاسع: ينتهي إلى بعض خمس و عشرين آية من سورة الحديد عند وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ (7) و صارت فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ في العشر العاشر.

و العشر العاشر: ينتهي إلى آخر القرآن (8).

ص: 402


1- الكهف (67).
2- في بقية النسخ: و عشرين آية من سورة ... الخ.
3- الفرقان (21) وَ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ ... الآية.
4- الأحزاب (31).
5- (و صارت) ساقطة من ظ.
6- فصلت (46).
7- الحديد (26).
8- أورد هذا كله ابن أبي داود- كما قال المصنف- في كتاب المصاحف بسنده إلى إسماعيل بن عبد اللّه بن قسطنطين- شيخ الشافعي- عن حميد الأعرج (ص 139- 144) و انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 244 245). فقد ذكر صاحب كتاب (المباني في نظم المعاني) الفصل العاشر ذكر هذه الأعشار بنصها و هي عن حميد الأعرج، ثم ذكر رواية أخرى عن الحماني فانظرها فيه.
ذكر أنصاف الأسداس

(1) و هي أجزاء اثني (2) عشر: (3) الأول من ذلك: خاتمة البقرة، و هذا قول المعلى بن عيسى الوراق (4) و قال محمد بن الجهم السّمّري (5): لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* (6) من آل عمران، و قيل: عند قوله عزّ و جلّ وَ قِنا عَذابَ النَّارِ (7) منها.

ص: 403


1- تكلم أبو عمرو الداني على أنصاف الأسداس، قال: و أخرجت هذه الأنصاف من أجزاء ستين، و هي التي قرأت بها على غير واحد من الشيوخ، ثم أخذ في ذكرها، و هي نحو ما هاهنا مع اختلاف يسير. ورقة (105).
2- في د و ظ: أجزاء اثنا عشر.
3- أي تجزئة القرآن إلى اثني عشر جزءا.
4- معلى بن عيسى، و يقال: بن راشد البصري الوراق، روى عدد الآي و الأجزاء عن عاصم الجحدري. قال الداني: و هو من أثبت الناس فيه، روى عنه العدد سليم بن عيسى و غيره. غاية النهاية (2/ 304).
5- محمد بن الجهم بن هارون السمري- بكسر السين المهملة و فتح الميم المشددة- أبو عبد اللّه الكاتب الإمام العلامة، البغدادي قال الدارقطني: ثقة، و قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا على عائذ بن أبي عائذ صاحب حمزة الزيات، و سمع الحروف من خلف بن هشام و سليمان الهاشمي، أخذ عنه القراءة ابن مجاهد و جماعة، و كان من أئمة العربية العارفين بها، توفي سنة 277 ه. انظر: تاريخ بغداد (2/ 261) و سير أعلام النبلاء (13/ 163) و غاية النهاية (2/ 113) و المنتظم (5/ 108).
6- آل عمران (6).
7- آل عمران (16).

و الجزء الثاني: ينتهي إلى السدس الأول (1).

و الثالث: إلى الربع الأول (2).

و الرابع: إلى الثلث الأول (3).

و الخامس: إلى آخر الرعد، و قيل: إلى قوله عزّ و جلّ: وَ بِئْسَ الْمِهادُ (4) منها.

و آخر السادس: إلى انتهاء النصف الأول (5).

و السابع: في النور وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (6)أي عند قوله تعالى: فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ الجاثية (35).(7) و قيل: إلى قوله: وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (8).

و الثامن: آخر القصص، و قول الجماعة: هو آخر الثلث الثاني (9).

و التاسع: هو الربع الثالث (10).

و العاشر: هو السدس الخامس (10).

و الحادي عشر: آخر الامتحان، و (11) قيل: خاتمة الصف.

و الثاني عشر: خاتمة الناس.

ص: 404


1- أي عند قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ... النساء (142) كما سبق في رواية حميد الأعرج.
2- أي إلى قوله تعالى: كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ الأعراف (2).
3- أي إلى قوله تعالى: وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَ قَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ التوبة (90).
4- الرعد (18).
5- أي عند قوله تعالى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً* قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً الكهف: (66- 67).
6- النور
7- .
8- النور (20).
9- آخر القصص هو آخر الثلث الثاني في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري كما سبق.
10- أي عند قوله تعالى: فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ الصافات (148).
11- سقطت الواو من د و ظ.
و أما أنصاف الأسباع

فحدثني أبو القاسم (1)- شيخنا رحمه اللّه- ثنا (2) أبو الحسن علي بن محمد بن هذيل (3) ثنا أبو داود (4) ثنا أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (5)- رحمه اللّه (6)- قال: رواية الحلواني (7) عن ابن ذكوان (8): نصف السبع الأول: من البقرة إلى مائتين و خمس و ستين آية لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ* [البقرة: 266].

و نصف الثاني: عشرون آية من الأنعام فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 20].

و نصف (9) الثالث: ستون آية من سورة يونس وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ [يونس: 60].

ص: 405


1- هو: الشاطبي تقدم عند الحديث عن شيوخ السخاوي.
2- في بقية النسخ: قال: ثنا.
3- علي بن محمد بن علي بن هذيل الإمام أبو الحسن البلنسي المقرئ الزاهد، لازم أبا داود سليمان بن أبي القاسم مدة، و قرأ عليه القراءات، و قرأ عليه أبو القاسم الشاطبي و غيره، كان ورعا ذا دين و زهد و تواضع اه. (470- 564 ه) معرفة القراء الكبار (2/ 517).
4- سليمان بن أبي القاسم نجاح أبو داود المقرئ، شيخ الإقراء مسند القراء و عمدة أهل الأداء، أخذ القراءات عن أبي عمرو الداني و لازمه مدة و أكثر عنه، قرأ عليه خلق كثير منهم أبو الحسن علي بن محمد بن هذيل، و كان عالما فاضلا دينا ثقة (413- 496 ه). معرفة القراء الكبار (1/ 450) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 213).
5- عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي مولاهم القرطبي الإمام العلم في علم القرآن، رواياته و تفسيره و معانيه و طرقه، و له في ذلك تواليف حسنة مفيدة، و له معرفة بالحديث و طرقه و اسماء رجاله و نقلته، و كان ورعا فاضلا سنيا (371- 444 ه). معرفة القراء الكبار (1/ 406) و راجع الديباج المذهب (ص 188) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 379) و سير أعلام النبلاء (18/ 77) و الرسالة المستطرفة (ص 104) و الأعلام (4/ 206).
6- انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (105) ميكروفيلم.
7- أحمد بن يزيد الحلواني- بضم الحاء- اللام- أبو الحسن المقرئ، سئل عنه أبو حاتم فلم يرضه في الحديث،، و هو من كبار الحذاق الموجودين، توفي سنة 250 ه. معرفة القراء الكبار (1/ 222) و الميزان (1/ 164) و الجرح و التعديل (2/ 82) و غاية النهاية (1/ 149) و النشر (1/ 113).
8- عبد اللّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي أبو عمرو إمام الجامع، المقرئ، صدوق، متقدم في القراءة، من العاشرة، مات في دمشق سنة 242 ه. التقريب (1/ 401) و انظر: معرفة القراء (1/ 198) و الجرح و التعديل (5/ 5) و غاية النهاية (1/ 404) و الأعلام (4/ 65).
9- كلمة (نصف) ساقطة من د و ظ.

و نصف الرابع: عند اثنتين (و تسعين) (1) آية من الكهف لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً [الكهف: 74].

و نصف الخامس: عند أربعين آية من القصص فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص: 40]. و قيل: عند قوله نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 25] في رواية ابن المنادي (2) و ليس مما رواه أبو عمرو الداني.

و نصف السبع السادس: أربعون آية من المؤمن ... يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ [غافر:

40].

و نصف السبع السابع: آخر (3) التغابن (4).

و قال ابن ذكوان: أخذت هذه الأجزاء عن أصحابنا و مشايخنا أهل الشام اه.

و أما أجزاء خمسة عشر

فداخلة في أجزاء ثلاثين و أجزاء ستين- و سأذكرها- إن شاء اللّه- فتعرف منها أجزاء خمسة عشر.

و أما أجزاء ستة عشر، و هي: أنصاف الأثمان (5):

فنصف الثمن الأول: وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (6).

ص: 406


1- هكذا في النسخ: عند اثنتين و تسعين (أي بالتاء قبل السين) و هو تحريف، و قد شاع و كثر بين النساخ تحريف السبع بالتسع و السبعين بالتسعين و العكس و الحسن بالحسين و العكس، و في كل ما يماثل هذا من الكلمات.
2- أحمد بن جعفر بن محمد أبو الحسين ابن المنادي عالم بالتفسير و الحديث، من أهل بغداد، له مصنفات كثيرة في علوم القرآن، من وقف عليها علم فضل الرجل و اطلاعه، من كتبه «اختلاف العدد» (256- 336 ه). انظر ترجمته في معرفة القراء (1/ 284) و الفهرست لابن النديم (ص 58) و فيه وفاته سنة (334 ه) و كذلك في هدية العارفين (1/ 61). و انظر ترجمته كذلك في طبقات المفسرين للداودي (1/ 34) و الأعلام (1/ 107).
3- في بقية النسخ: إلى آخر التغابن.
4- البيان في عد آي القرآن للداني ورقة (102).
5- قال أبو عمرو الداني: و أخذت أنصاف الأثمان و الاتساع و الأعشار من كتاب بعض علمائنا، و نقلتها على حسب ما وجدتها فيه .. اه ورقة 106 من البيان.
6- البقرة (250) ... رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.

و نصف الثمن الثاني: في العقود وَ لَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (1).

و نصف الثمن الثالث: في التوبة وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (2).

و نصف الثمن الرابع: آخر الحجر.

و نصف الثمن الخامس: آخر الحج.

و نصف الثمن السادس: آخر لقمان.

و نصف الثمن السابع: آخر الشورى.

و نصف الثمن الثامن: آخر المعارج اه (3).

ذكر أجزاء أربعة و عشرين

و هي القراريط (4) و هي أرباع الأسداس.

قال أبو عمرو الداني (5)- رحمه اللّه- و بها قرأت على شيخنا فارس بن أحمد (6)- رحمه اللّه-.

الأول: رأس إحدى (7) و ستين و مائة من البقرة ... وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (8).

و الثاني: آخر البقرة.

ص: 407


1- المائدة (37) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَ لَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ.
2- التوبة (10) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَ لا ذِمَّةً وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ.
3- انظر كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (105) ميكروفيلم، مع اختلاف في بعضها.
4- جمع قيراط، يقال: أصله (قرّاط) لكنه أبدل من أحد المضعفين (ياء) للتخفيف، كما في دينار و نحوه، و لهذا يرد في الجمع إلى أصله فيقال: قراريط، قال بعض الحساب: القيراط في لغة اليونان: حبة خرنوب، و هو نصف دانق، و الدرهم عندهم اثنتا عشرة حبة، و الحسّاب يقسمون الأشياء أربعة و عشرين قيراطا لأنه أول عدد له ثمن و ربع و نصف و ثلث صحيحات من غير كسر. اه. من المصباح المنير (قرط) (ص 498).
5- كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (106) ميكروفيلم.
6- فارس بن أحمد بن موسى بن عمران، أبو الفتح الحمصي المقرئ الضرير، أحد الحذاق في علم القراءات. قال أبو عمرو الداني: لم ألق مثله في حفظه و ضبطه. اه (333- 401 ه). معرفة القراء الكبار (1/ 379) و انظر: هدية العارفين (1/ 813) و غاية النهاية (2/ 5).
7- في ظ: أحد.
8- البقرة (162) ... خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ و كتبت الآية في النسخ خطأ.

و الثالث: آخر آل عمران.

و الرابع: رأس ست و أربعين و مائة من سورة (1) النساء شاكِراً عَلِيماً (2).

و الخامس: رأس عشر و مائة من المائدة وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (3).

و السادس: أَوْ هُمْ قائِلُونَ (4) من الأعراف.

و السابع: آخر الأعراف.

و الثامن: ... حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (5) من التوبة.

و التاسع: رأس أربع و أربعين من هود وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (6).

و العاشر: آخر الرعد.

و الحادي عشر: رأس الثمانين من النحل وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ (7).

و الثاني عشر: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (8) من الكهف.

الثالث عشر: رأس إحدى (9) و ستين آية من الأنبياء لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (10).

و الرابع عشر: رأس عشر من النور وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ [النور: 10].

و الخامس عشر: رأس عشرين (و مائة) (11) من الشعراء إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الشعراء: 220].

و السادس عشر: رأس خمس و أربعين من العنكبوت وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (12).

ص: 408


1- كلمة (سورة) ليست في بقية النسخ.
2- النساء (147) ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ وَ كانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً.
3- المائدة (108).
4- الأعراف (4) وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ.
5- التوبة (92) ... وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً ....
6- هود (44).
7- النحل (80) ... وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ.
8- الكهف (74).
9- في ظ: أحد.
10- الأنبياء: 61 قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ.
11- هكذا في النسخ: (.. و مائة) و في كتاب البيان للداني .. (.. و مائتين) و هو الصواب.
12- العنكبوت (45) و كتبت في (د) بالياء بدل التاء. خطأ.

و السابع عشر: رأس (اثنتين و سبعين) من الأحزاب وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (1).

و الثامن عشر: لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات: 144] و هو الربع الثالث.

و التاسع عشر: رأس سبعين آية من المؤمن فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (2)، بعده إِذِ الْأَغْلالُ.

و الموفى عشرين: رأس إحدى (3) و ثلاثين آية من الجاثية وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (4).

و الحادي و العشرون: آخر الطور.

و الثاني و العشرون: آخر الامتحان.

و الثالث و العشرون: آخر المزمل.

و الرابع و العشرون: آخر القرآن.

و هذه التجزئة على ما ذكره أبو عمرو الداني- رحمه اللّه- و قد خولف في مواضع.

اه (5).

ص: 409


1- قوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا هي آية ثلاث و عشرين و ليست اثنتين و سبعين كما ذكر المصنف فليتأمل. و في البيان للداني: رأس خمسين من الأحزاب وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً بعده تُرْجِي مَنْ تَشاءُ.
2- غافر (70) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.
3- في ظ: أحد.
4- الجاثية (32) وَ إِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ السَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ.
5- انظر: كتاب البيان للداني ورقة (106) مع اختلاف في بعض المواضع.
ذكر أجزاء سبعة و عشرين لصلاة القيام

قال أبو عمرو: حدّثنا الخاقاني (1) و خلف بن إبراهيم بن محمد المقرئ (2) في الإجازة (قالا): (3) ثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه المقرئ الأصبهاني (4) قال: هذه أجزاء سبعة و عشرين على عدد الحروف (5):

ص: 410


1- الذي تبين لي بعد الرجوع إلى كتاب البيان في عد آي القرآن أن الواو مقحمة و بناء عليه فإن الخاقاني هو خلف الآتي ترجمته.
2- خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن خاقان الخاقاني، أبو القاسم المصري المقرئ أحد الحذاق في قراءة ورش. قال تلميذه الداني: «كان ضابطا لقراءة ورش متقنا لها مجودا مشهورا بالفضل و النسك، واسع الرواية، صادق اللهجة ..» اه. مات بمصر سنة 400 ه أو نحوها. غاية النهاية (1/ 271) و معرفة القراء الكبار (1/ 363).
3- هكذا في الأصل و د و ظ (قالا) و قد سبق التنبيه عليه. و في ظق و كتاب البيان لأبي عمرو الداني: (قال).
4- محمد بن عبد اللّه بن أشتة أبو بكر الأصبهاني المقرئ النحوي، أحد الأئمة، صنف في القراءات. قال الداني: «ضابط مشهور، ثقة عالم بالعربية، بصير بالمعاني حسن التصنيف، صاحب سنة، روى عنه جماعة من شيوخنا ...» اه. توفي سنة 360 ه غاية النهاية (2/ 184) و معرفة القراء الكبار (1/ 321) و طبقات المفسرين للداودي (2/ 161) و هدية العارفين (2/ 47).
5- يبدو أنه حصل هنا خلط في النقل عن الداني و إليك أسوق كلامه من كتابه البيان في عد آي القرآن ورقة (107) ميكروفيلم. قال: «باب ذكر أجزاء سبعة و عشرين- و هي المرتبة لقيام شهر رمضان- أخبرني الخاقاني، قال: أخبرنا محمد بن عبد اللّه الأصبهاني، قال: هذه أجزاء سبعة و عشرين على ذلك، أولها .. الخ» اه.

أولها: في البقرة فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة: 158] بعده إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ.

الثاني: وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [البقرة: 272].

الثالث: وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 148] بعده يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا ....

الرابع: في النساء لَوَجَدُوا (1) فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (2).

الخامس: في المائدة ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (3).

السادس: في الأنعام وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (4).

السابع: في الاعراف وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [الأعراف: 53].

الثامن: في الأنفال ... خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (5).

التاسع: في التوبة ... خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (6) بعده وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ (7).

العاشر: في هود فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (8).

الحادي عشر: في يوسف إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 100].

الثاني عشر: في النحل فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (9).

(9) النحل (29) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ جمال القراء و كمال الإقراء، ج 1،

ص: 411


1- في الأصل: (لو وجدوا) خطأ.
2- النساء (82) أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً.
3- المائدة (36) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
4- الأنعام (62) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ.
5- الأنفال (25) وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ....
6- التوبة (100) وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ ... وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ....
7- قوله: بعده وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ هذا سقط من ظ.
8- هود (32) قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا ....
9- الزخرف (37) وَ إِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ.

الثالث عشر: في بني إسرائيل فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً [الإسراء: 99].

الرابع عشر: في طه إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (1).

الخامس عشر: في الحج سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (2).

السادس عشر: في النور وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور: 59] بعده وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ (3).

السابع عشر: في النمل وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (4).

الثامن عشر: في العنكبوت ... وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ (5) أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (6).

التاسع عشر: في الأحزاب وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيباً [الأحزاب: 52].

العشرون: في الصافات لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (7).

الحادي و العشرون: في المؤمن فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (8).

الثاني و العشرون: في الزخرف وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (9).

الثالث و العشرون: في الفتح وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [الفتح: 23].

الرابع و العشرون: في الواقعة إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (9).

الخامس و العشرون: في التغابن وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التغابن: 13].

ص: 412


1- طه (38) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى و هذه الآية مرتبطة بما بعدها ارتباطا وثيقا، و هو قوله تعالى: أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ ... فكان الأولى الوقف قبلها بآيتين على قوله تعالى: قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى ثم يبتدئ بقوله تعالى: وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى و ليس بلازم التقيد بالحروف أو الكلمات. و اللّه أعلم.
2- الحج (36) وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ ... كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ ....
3- ليست في بقية النسخ.
4- النمل (39) قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ ....
5- في د و ظ (و كفروا بآيات اللّه أولئك ...) خطأ.
6- العنكبوت (52) ... وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.
7- الصافات (35) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ.
8- غافر (21).
9- الواقعة (50) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ ....

السادس و العشرون: في الإنسان ... إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً (1)انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (107) باب ذكر أجزاء سبعة و عشرين.(2).

السابع و العشرون: إلى آخر القرآن. اه.

قال (3): و عدد كل جزء من ذلك على الحقيقة: اثنا عشر ألف حرف و سبعمائة و خمسة و خمسون حرفا، على زيادة حرفين في الجزء الأخير على سائر الأجزاء اه (3).

ص: 413


1- الإنسان
2- إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً.
3- أي محمد بن عبد اللّه المقرئ الأصبهاني المتقدم ترجمته قريبا.
ذكر أجزاء ثمانية و عشرين (و هي أرباع الأسباع)

ذكر أجزاء ثمانية و عشرين (1) (و هي أرباع الأسباع) (2)

الربع الأول: مائة و ثلاث و خمسون من البقرة إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة: 153].

الثاني: ثلاثون و مائة من آل عمران لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (3).

الثالث: اثنا عشر من المائدة فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (4).

الرابع: ثلاث آيات من سورة الأعراف أَوْ هُمْ قائِلُونَ (5).

الخامس: أربعون آية من التوبة وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40].

السادس: ثماني عشرة آية (6) من يوسف (7) وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ [يوسف: 18].

ص: 414


1- بوّب الداني لهذا بقوله: باب (ذكر أرباع الأسباع و هي أجزاء ثمانية و عشرين). قال: أخبرني خلف بن إبراهيم المقرئ- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه المقرئ الأصبهاني قال: هذه أجزاء ثمانية و عشرين، و هي أرباع الأسباع على ما وجدناه، إذ عددنا حروف كل سورة آية آية، و ضممنا بعضها إلى بعض عشرا عشرا، فأولها ينتهي في البقرة إلى قوله تعالى: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بعده كَما أَرْسَلْنا ... الخ اه. و ما ذكره المصنف هنا هو مأخوذ من رواية ابن المنادي و ليس من أبي عمرو الدانى كما سيأتي.
2- و هذا الورد يغني عنه ورد سبعة و عشرين لأنه قريب منه كما يقول السخاوي و سيأتي- إن شاء اللّه- عند آخر كلامه عن أرباع أجزاء ستين.
3- آل عمران (130) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
4- المائدة: 11 ... وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
5- الأعراف (4) وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ.
6- (آية) ليست في د و ظ.
7- في ظق من سورة يوسف.

السابع: مائة و عشرون من النحل وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1).

الثامن: إحدى عشرة من الأنبياء وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ [الأنبياء: 11].

التاسع: عشرون من سورة الشعراء فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (2).

العاشر: آيتان من لقمان في عدد أهل المدينة (3) وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (4).

الحادي عشر: مائة و أربع و أربعون من الصافات إِلى (يَوْمِ) (5) يُبْعَثُونَ (6).

الثاني عشر: ستون من الزخرف مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (7).

الثالث عشر: إحدى و تسعون من الواقعة وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ (8).

الرابع عشر: خاتمة الإنسان.

فهذه الأجزاء هي أرباع الأسباع على ما ذكر ابن المنادي (9)- رحمه اللّه- فإذا (10) أردت أن يستكمل لك هذا الورد- يعني ورد- ثمانية و عشرين-: فاقصد باب الأسباع، و باب أنصافها، فألّف من أجزائها يستكمل لك ذلك- إن شاء اللّه تعالى-.

قلت: و ذلك أنه أراد بهذه التجزئة: أرباع الأسباع:

فالجزء الأول: هو نصف نصف (11) السبع الأول.

و الجزء (12) الثاني: هو نصف نصفه الثاني.

و الجزء الثالث: هو نصف نصف السبع الثاني.

ص: 415


1- النحل (120) إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
2- الشعراء (20) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ.
3- أي أن أهل المدينة لا يعدون الم آية و كذلك غيرهم من المكيين و الشاميين و البصريين، و إنما يعدها أهل الكوفة- كما سيأتي بيان ذلك إن شاء اللّه- في فصل (أقوى العدد في معرفة العدد) من هذا الكتاب.
4- لقمان (3) هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ.
5- لفظ (يوم) سقط من الأصل. و في ظ (تبعثون) بالتاء خطأ.
6- الصافات: (144) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
7- الزخرف (60) وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ.
8- الواقعة (89) فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ.
9- أحمد بن جعفر تقدم.
10- في بقية النسخ: قال: فإذا أردت .. الخ.
11- في د و ظ: هو نصف السبع الأول. خطأ.
12- سقطت الواو من د و ظ.

و الجزء الرابع: هو نصف نصفه الثاني.

و كذلك إلى آخر الأجزاء، و يبقى أربعة عشر جزءا- و هي أنصاف الأسباع- فيكمل بذلك ثمانية و عشرون جزءا- اه.

ص: 416

ذكر أجزاء ستين

قال أبو عمرو الداني:- رحمه اللّه- و هذه الأجزاء أخذتها عن (غير) (1) واحد من شيوخنا و قرأت عليهم بها (2).

الأول: في البقرة مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (3).

و قال غير أبي عمرو: وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (4).

قال أبو عمرو:

و الثاني: رأس أربعين و مائة عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (5).

الثالث: رأس مائتي آية وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ [البقرة: 202].

و قال غيره: وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (6).

و قيل: لا يُحِبُّ الْفَسادَ (7).

ص: 417


1- ساقطة من الأصل.
2- انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (106- 110).
3- البقرة (75) أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَ قَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ.
4- البقرة (79) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ... وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ.
5- البقرة (141) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَ لَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.
6- البقرة (200) .. فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.
7- البقرة (205) ... وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ.

و قيل: يا أُولِي الْأَلْبابِ (1).

الرابع: رأس خمسين و مائتي آية وَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [البقرة: 252].

الخامس: في آل عمران وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران: 14].

و قال غير أبي عمرو: وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ [آل عمران: 15].

و قيل: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2).

قال أبو عمرو- رحمه اللّه-:

و السادس: وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. (3).

و قيل: وَ أُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (4).

و قيل: وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (5).

و السابع: وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (6).

و قال غير أبي عمرو: رأس مائة و خمس و ستين.

إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (7) و قيل: وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (8) قبل ذلك بآيتين.

و الثامن: في النساء إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء: 23] باتفاق.

و التاسع: رأس خمس و ثمانين منها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ حَسِيباً [النساء: 86] لم يوافق على ذلك.

قال غير أبي عمر: وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقِيتاً

ص: 418


1- البقرة (197) ... وَ اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ.
2- آل عمران (18) ... لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
3- آل عمران (91) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ ... أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ.
4- آل عمران (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ.
5- آل عمران (95) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
6- آل عمران (170) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ.
7- آل عمران (165) و كتبت الآية خطأ في الأصل و ظق ود.
8- آل عمران (163) و كتبت في الأصل و ظ بالتاء: خطأ. حيث لا خلاف بين القراء فيها.

[النساء: 85]: و قيل لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (1).

و العاشر: رأس مائة و ست و أربعين آية منها وَ كانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً [النساء: 147] باتفاق.

الحادي عشر: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ [المائدة: 26] في المائدة، و لم يوافقه على ذلك أحد.

و قال غيره: فَإِنَّا داخِلُونَ (2) و قيل: فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (3).

و الثاني عشر: وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (4) و وافقه على ذلك بعضهم.

و قيل: وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (5) و قيل: فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (6) و قيل: فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [المائدة: 92]. قال أبو عمرو:

و الثالث عشر: رأس أربع و ثلاثين آية من الأنعام بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (7) قال أبو عمرو: و قيل: رأس ست و ثلاثين منها فَلا تَكُونَنَّ (8) مِنَ الْجاهِلِينَ (9) و لم يقل (10) غيره غير ذلك، و الأول بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ يروى عن خلف بن هشام البزار (11).

ص: 419


1- النساء (82) أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ ....
2- المائدة (22) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ.
3- المائدة (23) ... وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
4- المائدة (81) وَ لَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ النَّبِيِّ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ.
5- المائدة (82) .. ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ.
6- المائدة (83) .. يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
7- الأنعام (33) .. وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ.
8- في د (فلا يكونن) خطأ.
9- الأنعام (35) و هو المعمول به في المصاحف التي بين أيدينا.
10- في د و ظ (و نقل و غيره).
11- خلف بن هشام بن ثعلب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار أحد الأعلام، له اختيار في القراءة، و هو أحد القراء العشرة، كان عابدا فاضلا توفي سنة 229 ه. معرفة القراء الكبار (1/ 208) و تاريخ بغداد (8/ 322) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 167) و سير أعلام النبلاء (10/ 576).

و الرابع عشر: فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (1) باتفاق.

و الخامس عشر: أَوْ هُمْ قائِلُونَ (2)الأعراف (87) ... وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ.(3) في الأعراف، و قيل: آخر الأنعام قلت:

(و على هذا القول جميع الناس) (4) اه.

و السادس عشر: وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (4) و وافقه على ذلك بعضهم. و قال غيره:

وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (5).

و السابع عشر: أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (6) و لم يوافق عليه، و قيل: وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (7).

و الثامن عشر: وَ نِعْمَ النَّصِيرُ [الأنفال: 40] في الأنفال باتفاق.

و التاسع عشر:- عند أبي عمرو- في التوبة وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (8) و قيل: وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (9) و قيل: أَنَّى يُؤْفَكُونَ (10).

العشرون: أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (11) باتفاق، و هو الثلث.

و الحادي و العشرون: وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [يونس: 30]، و لم يوافق عليه، فقال قوم: وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس: 25] و ذكره- أيضا- أبو عمرو فقال: و قيل: رأس خمس و عشرين إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و قال آخرون: قبل هذا بآية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (12).

ص: 420


1- الأنعام (110) ... وَ نَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
2- الأعراف
3- وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ.
4- و هو المعمول به في المصاحف التي بين أيدينا.
5- الأعراف: 89] ... رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ.
6- الأعراف (170) ... إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ.
7- الأعراف (164) ... قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.
8- التوبة (33) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
9- التوبة (32) ... وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ.
10- التوبة (30) ... قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ.
11- التوبة (92) ... تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ.
12- يونس (24) ... كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

و قال (1) بعضهم: وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ [يونس: 40].

و الثاني و العشرون: إلى آخر السورة، و لم يوافق عليه. ثم (2) قال أبو عمرو:- بعد ذلك- و قيل: رأس خمس آيات من هود عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (3)هود (83) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ.(4) و بهذا القول قال قوم، و قال آخرون: إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (5)الرعد (18) ... أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ.(6).

الثالث و العشرون: وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (5).

ثم قال: و قيل: الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (7) و قيل: رَحِيمٌ وَدُودٌ (8) هذا كله قول أبي عمرو، و وافقه قوم على الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ فقط.

و قال قوم مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (9).

الرابع و العشرون: كَيْدَ الْخائِنِينَ (10) في يوسف باتفاق، و هو الخمس الثاني في قول الجميع.

و الخامس و العشرون: وَ بِئْسَ الْمِهادُ (10) في الرعد باتفاق (11) و السادس و العشرون: آخر إبراهيم باتفاق.

و السابع و العشرون: وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (12) في النحل في قول أبي عمرو و غيره.

و قيل: أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ [النحل: 52] و عن خلف- صاحب

ص: 421


1- سقطت الواو من د و ظ.
2- في ظ (و قال ... الخ).
3- هود
4- .. إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ.
5- هود
6- وَ لَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ.
7- هود (87) ... إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ.
8- هود (90) ... إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ.
9- هود (82) وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ.
10- يوسف (52) وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ.
11- كلمة (باتفاق) سقطت من ظق.
12- النحل (50) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.

حمزة رحمهما اللّه- وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (1) و قيل: أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (2).

و الثامن و العشرون: آخر السورة باتفاق.

و التاسع و العشرون: في سبحان أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً [الإسراء: 98] و بعده أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ و لم يوافق عليه و قال قوم: إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً [الإسراء: 96] الآية (3) التي قبل ذلك بآية قبل (4) وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (5).

و الثلاثون: موضع النصف في قول الجميع، و ذلك في سورة الكهف (6).

الحادي و الثلاثون: آخر مريم، و قيل: وَ يَأْتِينا فَرْداً (7) و هذان القولان لأبي عمرو- رحمه اللّه- و لم يوافق أحد (8) عليهما، و قال غيره: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ

ص: 422


1- النحل (44) ... وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.
2- النحل (40) ... إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
3- في د و ظ (قبل الآية التي قبل ذلك بآية).
4- احتراز حتى لا يظن القارئ أن المقصود قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً و هي آية (30) من السورة نفسها.
5- هذه الآية تحمل رقم (65) من السورة نفسها، و ليست هي المقصودة قطعا و إنما المقصودة قوله تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً الآية (96) من الإسراء، و هي التي يدور الكلام حولها و ليست التي ذكرت في الصلب و اللّه أعلم.
6- لا أدري ما ذا يقصد المصنف من قوله في قول الجميع، و قد أورد عدة روايات في تحديد النصف- فقد تقدم في قول أبي محمد الحماني أنهم أجمعوا على أن نصف القرآن ينتهي عند قوله تعالى: وَ لْيَتَلَطَّفْ في الفاء، و هو الربع الثاني في رواية أبي محمد الحماني، و تقدم في رواية هلال الوراق و عاصم الجحدري أن النصف ينتهي آخر الكهف، و هو العشر الخامس في روايتهما. و تقدم في رواية حميد الأعرج أن النصف ينتهي إلى قوله تعالى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (65) الكهف، و هو الربع الثاني و السدس الثالث و الثمن الرابع و العشر الخامس في روايته. و تقدم في رواية الحلواني عن ابن ذكوان أن النصف ينتهي إلى قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) الكهف و هو نصف السبع الرابع في روايته، و لعلّه يقصد بهذه العبارة اتفاقهم على أن نصف القرآن ينتهي عند قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً على تجزئة الكلمات و ليس على الحروف، كما سيذكر ذلك المصنف عند آخر كلامه على تجزئة القرآن إلى ستين جزءا.
7- مريم (80) وَ نَرِثُهُ ما يَقُولُ وَ يَأْتِينا فَرْداً.
8- كلمة (أحد) ليست في بقية النسخ.

عَدًّا (1) و عن خلف بن هشام وَ ما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً [مريم: 92].

الثاني و الثلاثون: آخر (طه) باتفاق.

الثالث و الثلاثون: آخر الأنبياء، و وافق أبا عمرو بعضهم. و قيل: إِلى (2) عَذابِ السَّعِيرِ (3)قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ.(4) أربع آيات من الحج، و قيل: مائة و آية من الأنبياء. (4).

الرابع و الثلاثون: آخر الحج باتفاق.

الخامس و الثلاثون: وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [النور: 20] من النور، و قيل:

تَوَّابٌ حَكِيمٌ (5) هذان القولان لأبي عمرو و لم يوافق على الثاني.

و قال غيره: وَ لكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور: 21].

السادس و الثلاثون: وَ كانَ رَبُّكَ بَصِيراً [الفرقان: 20] في الفرقان، هذا قول أبي عمرو و غيره. و قيل: قبل ذلك بآية، و قيل: بعده بآية.

السابع و الثلاثون: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ [الشعراء: 110] في الشعراء، و بعده:

قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ و وافق أبا عمرو على ذلك غيره. و قيل:

فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً وَ نَجِّنِي وَ مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: 118] بعد القول الأول بثماني آيات. و قال أبو عمرو:- أيضا- وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء: 104] بعده كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ و لم يوافق عليه، و هو قول حسن (6).

ص: 423


1- مريم (84) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا.
2- (إلى) ليست في ظ.
3- الحج
4- كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَ يَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ.
5- النور (10) ... وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ.
6- نعم قول حسن جدا لأن بهذه الآية تنتهي قصة أصحاب النار، و تبتدئ قصة نوح- عليه السلام- مع قومه، فيا حبذا لو روعي هذا التقسيم في القراءة و التعليم و الصلاة في جميع القرآن بغض النظر عن عدد الحروف و الكلمات.

الثامن و الثلاثون: في النمل بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (1) باتفاق.

التاسع و الثلاثون: في القصص إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: 50] و وافق أبا عمرو على ذلك بعضهم، و قيل: نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (2) (عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (3) و قيل: وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (4) و قيل: أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (5) و قيل: أَ فَلا تَعْقِلُونَ (6).

الأربعون: وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ [العنكبوت: 45]، و هو الثلث الثاني، و ذلك باتفاق من الجميع.

الحادي و الأربعون: إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (7) في لقمان. و قيل: فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (8)الأحزاب (40) ... وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً.(9) بعده وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ و وافق أبا عمرو غيره (10) على الموضعين جميعا.

الثاني و الأربعون: وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (11) في الأحزاب، و على ذلك مع أبي عمرو غيره. و قيل بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً (11) بعد ذلك بعشر آيات، بعده يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ.

ص: 424


1- النمل (55) فعلى سبيل المثال على ما قلته، كان الأولى- في تصوري- أن ينتهي الجزء عند نهاية قصة صالح- عليه السلام- مع قومه وَ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ (53) ثم يبتدئ الجزء بقصة لوط- عليه السلام- مع قومه وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ... الآية (54). و ليس الفرق كبيرا- كما ترى- و إنما آيتان فقط، و اللّه أعلم.
2- القصص (25) ... قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
3- سقطت هذه العبارة من الأصل: و قيل: عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ اه. و هي آية (40) من السورة نفسها.
4- القصص (47) وَ لَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
5- القصص (56) ... وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.
6- القصص (60) ... وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى أَ فَلا تَعْقِلُونَ.
7- لقمان (21) ... أَ وَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ.
8- لقمان
9- ... بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
10- في ظ (و غيره) خطأ.
11- الأحزاب (30) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً.

الثالث و الأربعون: قال أبو عمرو- رحمه اللّه-: رأس ثلاثين آية في سبأ وَ لا تَسْتَقْدِمُونَ (1) قال: و قيل: رأس ثلاث و عشرين وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ: 23] و قال غيره: بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سبأ: 27]. و عن خلف: هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ: 33] رأس ثلاث و ثلاثين منها.

الرابع و الأربعون: وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ [يس: 27]. و قال غيره: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ [يس: 26].

الخامس و الأربعون: إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (2) من الصافات (3).

السادس و الأربعون: عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (4) من الزمر باتفاق.

السابع و الأربعون: يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (5) عند أبي عمرو و غيره و قال قوم:

إِلَّا فِي تَبابٍ (6).

الثامن و الأربعون: وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت: 46] في (حم) السجدة.

و قال غيره (7): الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (8) و قيل: عند مُرِيبٍ (9).

التاسع و الأربعون: قال أبو عمرو: كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (10) في الزخرف، قال: و قيل: مُسْتَمْسِكُونَ (11) قال: و قيل: مُقْتَدُونَ (12) (13).

ص: 425


1- سبأ (30) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَ لا تَسْتَقْدِمُونَ.
2- الصافات (144) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
3- في بقية النسخ: من و الصافات.
4- الزمر (31) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.
5- غافر (40) ... فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ.
6- غافر (37) ... وَ ما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ.
7- (غيره) سقطت من د و ظ.
8- فصلت (30) ... وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ.
9- فصلت (45) ... وَ إِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ.
10- الزخرف (25) ... فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ.
11- الزخرف (21) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ.
12- في ظق و د مُقْتَدِرُونَ خطأ.
13- الزخرف (23) ... إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ. و قد جاء في كتاب البيان ورقة (110) و قيل: رأس إحدى و عشرين مُهْتَدُونَ اه أي قبل الآية التي ذكرها السخاوي بآية.

الأقوال الثلاثة لأبي عمرو، و قال غيره: وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (1).

الخمسون: آخر الجاثية، و قال غير أبي عمرو: وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (2).

الحادي و الخمسون: عَذاباً أَلِيماً (3) من الفتح، و قال غير أبي عمرو: آخر سورة القتال، و قيل: وَ سَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (4) (منها) (5) و قال قوم:

فسنؤتيه (6) أجرا عظيما (7)في د و ظ (و يخرج ...) خطأ.(8) في الفتح، و قيل: صِراطاً مُسْتَقِيماً (9).

الثاني و الخمسون: إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (10) في الذاريات باتفاق.

الثالث و الخمسون: آخر القمر، و قال غير أبي عمرو: يَخْرُجُ (10) مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ [الرحمن: 22]. و قال خلف: وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ [الرحمن: 11].

الرابع و الخمسون: آخر الحديد باتفاق.

الخامس و الخمسون: آخر الصف، و قال غير أبي عمرو: أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (11).

ص: 426


1- الزخرف (33) ... لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ.
2- الجاثية (32) ... قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ.
3- الفتح (17) ... وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً.
4- القتال (32) ... لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ.
5- سقطت من الأصل.
6- في ظق فَسَيُؤْتِيهِ بالياء، و هي قراءة أبي عمر و الكوفيين و رويس عن يعقوب، و قرأ الباقون بالنون، النشر (2/ 375) و البدور الزاهرة (ص 297) و المهذب (2/ 243).
7- الفتح
8- ... وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً.
9- الفتح (20) ... وَ لِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَ يَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً و هناك آية تشابهها ... وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً الفتح (2) فاللّه أعلم أيهما أراد المصنف و كلاهما محتمل.
10- الذاريات (30) و كتبت الآية خطأ في الأصل.
11- الصف (3) ... كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ.

و عن خلف: لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (1)في د و ظ: كل جزء.(2) منها.

السادس و الخمسون: آخر التحريم باتفاق.

السابع و الخمسون: آخر نوح باتفاق.

الثامن و الخمسون: آخر المرسلات، عند أبي عمرو و غيره، و قال آخرون خاتمة النبأ.

التاسع و الخمسون: آخر الطارق، عند أبي عمرو وحده، و قال خلف: خاتمة الأعلى، و قيل: خاتمة الغاشية.

الستون: آخر القرآن (3). اه.

و أما أجزاء ثلاثين فداخلة في هذه الأجزاء، كل جزءين منها جزء من ثلاثين، و كذلك (و أجزاء) (4) خمسة عشر كل أربعة أجزاء: جزء من خمسة عشر، و كذلك العشرة، كل ستة منها جزء من عشرة.

و إنما ذكرت أجزاء عشرة فيما تقدم: لأن الذي ذكرته على عدد الحروف و هذه الأجزاء على الكلمات (5) و لهذا يجي ء بعضها أطول من بعض.

و كذلك أجزاء عشرين: كل ثلاثة أجزاء من ستين: جزء من عشرين، و كذلك أجزاء أربعين: كل حزب (5) و نصف من ستين (6) جزء من أربعين اه.

ص: 427


1- الصف
2- ... وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ.
3- انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن للداني ورقة (109، 110).
4- هكذا في الأصل: و كذلك و أجزاء خطأ. و في بقية النسخ: و كذلك أجزاء.
5- في ظق: على عدد الكلمات.
6- في بقية النسخ: من الستين.
ذكر أنصاف الأحزاب

ذكر أنصاف الأحزاب (1)

و أنا أذكر أنصاف الأحزاب من أجزاء الستين مستعينا باللّه و هو خير معين: و هي أجزاء مائة و عشرين (2).

فنصف الحزب الأول: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 38].

و نصف الحزب الثاني: أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 106].

و قيل: بعده بآية.

و نصف الحزب الثالث: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (3).

و نصف الحزب الرابع: فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (4) بعده (فان طلقها).

و نصف الحزب الخامس: هُمْ فِيها خالِدُونَ (5) بعده يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا.

ص: 428


1- هذا العنوان من حاشية الأصل فقط. و في حاشية د: الأحزاب.
2- ذكر أبو عمرو الداني هذه الأجزاء- و هي تختلف عما ذكره السخاوي هنا- ثم قال عقب ذكرها: و كل جزءين من هذه الاجزاء: جزء من ستين، و كل أربعة منها جزء من ثلاثين، و كل ثمانية أجزاء منها جزء من خمسة عشر، و قد قرأت على غير واحد من شيوخي القرآن كله بأجزاء ستين و بأجزاء ثلاثين ... اه. البيان في عد آي القرآن ورقة (108).
3- البقرة (175) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ.
4- البقرة (229) ... وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
5- البقرة (275) ... وَ مَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

و قيل: قبل هذا بآية، و قيل: بآيتين.

و نصف الحزب السادس: وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (1).

و نصف الحزب السابع: أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (2).

و نصف الحزب الثامن: وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ [آل عمران: 198] و قيل:

آخر السورة، و قيل: وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً [النساء: 6] من سورة النساء.

و نصف الحزب التاسع: لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (3).

و نصف الحزب العاشر: وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [النساء: 113].

و نصف الحادي عشر: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ [المائدة: 1] و قيل: في رأس ست منها لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (4)الأنعام (67) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ.(5).

و نصف الحزب الثاني عشر: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51].

و نصف الثالث عشر: وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (6).

و نصف الرابع عشر: وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [الأنعام: 71] و قيل:

مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (6).

و نصف الخامس عشر: وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141.

و نصف السادس عشر: و هو الحزب الأول من الربع الثاني- (7) أُورِثْتُمُوها (8) بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (9).

ص: 429


1- آل عمران (52) ... قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
2- آل عمران (128) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ.
3- النساء (53) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً.
4- المائدة
5- ... وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
6- المائدة (113) ... وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ.
7- لأن الربع الثاني يبتدئ من أول الأعراف كما سبق.
8- في النسخ: الَّتِي أُورِثْتُمُوها ... خطأ.
9- الأعراف (43) ... وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

و نصف الحزب السابع عشر: ... وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ (1).

و نصف الثامن عشر: آخر الأعراف.

و نصف الحزب التاسع عشر: آخر الأنفال.

و نصف الحزب الموفى عشرين: وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (2).

و نصف الحزب (3) الحادي و العشرين: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (4) بعده وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً.

و نصف الحزب الثاني و العشرين: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [يونس: 67] في يونس بعده قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ [يونس: 68].

و نصف الحزب الثالث و العشرين: بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (5) بعده وَ نادى نُوحٌ رَبَّهُ.

و نصف الحزب الرابع و العشرين: أربعة عشر (6) آية من يوسف. قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ [يوسف: 14] أو قبل ذلك بآية.

و نصف الحزب الخامس و العشرين: يَمُرُّونَ عَلَيْها وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (7).

و نصف الحزب السادس و العشرين: فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (8) في إبراهيم و قيل: بعد ذلك وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [إبراهيم: 12] و قيل: ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم: 18].

ص: 430


1- الأعراف (137) ... وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ.
2- التوبة (58) وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ.
3- كلمة (الحزب) ليست في بقية النسخ.
4- التوبة (121) ... وَ لا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.
5- هود (44) ... وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
6- هكذا في الأصل، و في بقية النسخ (أربع عشرة) و هو الصواب.
7- يوسف (105) وَ كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ.
8- إبراهيم (10) ... قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ.

و نصف الحزب السابع و العشرين: عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (1) في سورة الحجر بعده فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ.

الثامن و العشرون: نصفه فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ [النحل:

86] و نصف الحزب التاسع و العشرين: قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً [الإسراء: 65] رأس خمسين آية من بني إسرائيل، و قيل: عند قوله عز و جل وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [الإسراء: 50]. بعده رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي و الأول هو الصحيح.

و نصف الحزب الموفى ثلاثين: وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (2).

و نصف الحزب الحادي (و الثلاثون) (3): و هو أول الربع الثالث (4) أعني هذا الحزب- (5) قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (6).

و نصف الحزب (7) الثاني و الثلاثين: فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (8) في طه، و قيل:

وَ اللَّهُ خَيْرٌ وَ أَبْقى [طه: 73] و قيل: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى [طه: 67].

و نصف الحزب الثالث و الثلاثين: من الأنبياء بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (9).

و نصف الرابع و الثلاثين: من الحج وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (10).

و نصف الخامس و الثلاثين: من المؤمنين عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (11) و قيل:

ص: 431


1- الحجر (93) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.
2- الكهف (28) وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً.
3- هكذا في الأصل: و الثلاثون، و في بقية النسخ: و الثلاثين و هو الصواب.
4- أي عند قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) الكهف و ذلك باعتبار الكلمات كما سبق.
5- حرفت في د إلى (الحزب).
6- مريم (24) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا.
7- كلمة (الحزب) ليست في بقية النسخ.
8- طه (75) وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى
9- الأنبياء (57) وَ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ.
10- الحج (39) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.
11- المؤمنون (74) وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ.

لِلْحَقِّ كارِهُونَ (1).

و نصف الحزب السادس و الثلاثين: في النور بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (2).

و نصف السابع و الثلاثين: ست آيات من الشعراء ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (3)القصص (12) ... فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ.(4).

و نصف الحزب الثامن و الثلاثين: وَ هُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)النمل (14) وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ.(6) في النمل بعده وَ إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ [النمل: 6]. و قيل: ظُلْماً وَ عُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (5) و قيل آخر الشعراء.

و الحزب التاسع و الثلاثون نصفه: في القصص وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ (6).

و نصف الحزب الموفى أربعين: آخر القصص.

و الحادي و الاربعون نصفه (7): في الروم كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ [الروم: 26]. و قيل:

ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم: 30]. و قيل: في لقمان فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [لقمان: 11].

و نصف الحزب الثاني (و الأربعون (8)): في السجدة مَتى (9) هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (10).

ص: 432


1- المؤمنون (70) بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ.
2- النور (50) أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
3- الشعراء
4- فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.
5- النمل
6- أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَ هُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ.
7- عبارة (الحادي و الأربعون نصفه) هي آخر عبارة في ورقة (44/ أ) من نسخة ظق، و جاءت الكلمة التي بعدها و هي قوله (في الروم ..) في ورقة (45/ ب) أي بعدها بصفحتين و هو تقديم و تأخير من الناسخ كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.
8- هكذا في الأصل: و الأربعون. و في بقية النسخ: و الأربعين و هو الصواب.
9- في د: في السجدة نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ آية (19)، ثم كتب في الحاشية: في أصل المصنف: و نصف الحزب الثاني و الأربعين في السجدة وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يتلوه الثالث و الأربعون اه صح. أما في نسخة ظ: فقد جاءت العبارة مضطربة و هذا نصّها: و نصف الحزب الثاني و الأربعين في أصل المصنف و نصف الحزب الثاني و الأربعين في السجدة وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يتلوه الثالث و الأربعون نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، و الثالث و الأربعون نصفه في الأحزاب لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ... الخ، و هذا الخلط كله في الصلب!! فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون.
10- السجدة (28) وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

و الثالث و الأربعون نصفه: في الأحزاب لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (1).

و الرابع و الأربعون نصفه: في فاطر فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (2).

و الخامس و الأربعون: في الصافات نصفه قُلْ نَعَمْ وَ أَنْتُمْ داخِرُونَ [الصافات: 18].

السادس و الأربعون نصفه: في (ص) فَبِئْسَ الْقَرارُ (3) بعده قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا و قيل: نصفه أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ (4).

و السابع و الأربعون نصفه: في الزمر مَثْوَى (5) الْمُتَكَبِّرِينَ (6) و قيل: وَ هُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (7) و قيل: آخرها.

و نصف الثامن و الأربعين (8): آخر المؤمن.

و نصف التاسع و الأربعين: في الشورى إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (9).

و نصف الموفى خمسين: في الدخان قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (10) بعده فَأَسْرِ بِعِبادِي و قيل: نصفه كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ [الدخان: 25] و قيل: نصفه وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (11).

و الحزب الحادي و الخمسون: نصفه خاتمة الأحقاف.

و أقول: بل نصفه في سورة- محمد صلّى اللّه عليه و سلم

ص: 433


1- الأحزاب (63) ... وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً.
2- فاطر (18) ... وَ مَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ.
3- ص (60) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ.
4- ص (45) وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ.
5- في ظ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ و لعلّه اشتبه عليه لفظ الآية رقم (60).
6- الزمر (72) ... فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ.
7- الزمر (70) ... وَ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ.
8- سقطت بعض الكلمات هنا من الأصل، و أضيفت في الحاشية، فظهر بعضها.
9- الشورى (29) ... وَ هُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ.
10- الدخان (22) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ.
11- الدخان (29) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ.

كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (1)المطففين (2) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ.(2) بعده أَ فَلَمْ يَسِيرُوا.

و الثاني و الخمسون: نصفه فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (3) في الحجرات.

و الثالث و الخمسون: نصفه مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (4) في النجم، و قيل: وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى [النجم: 30].

و الرابع و الخمسون: نصفه أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (5) في الواقعة.

و الخامس و الخمسون: نصفه (6) في الحشر فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (7).

و السادس و الخمسون: وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ (8)أي آخر التكوير و هو أولى من القولين اللذين ذكرهما المصنف، و هو المثبت في المصحف.(9) في التغابن، و قيل: وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن: 6] و قيل: خاتمتها.

السابع و الخمسون: نصفه في سورة الحاقة لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً [الحاقة: 12].

و الثامن و الخمسون: نصفه (10) وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ [القيامة: 15] في القيامة.

و التاسع و الخمسون: في المطففين إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (9) هكذا ذكروا، و هو غلط، بل النصف وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ [التكوير: 4] و قيل: آخرها (10).

و نصف الموفى ستين: خاتمة وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ اه.

ص: 434


1- محمد صلّى اللّه عليه و سلم
2- ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ.
3- الحجرات (11) ... وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
4- النجم (23) ... وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى
5- الواقعة (72) أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ.
6- (نصفه) ساقطة من بقية النسخ.
7- الحشر (9) ... وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
8- التغابن
9- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.
10- (نصفه) ساقطة من بقية النسخ.
ذكر أرباع أجزاء الستين
اشارة

(1) و كان شيخنا أبو القاسم- رحمه اللّه- يأخذ بذلك على من يجمع القراءات فيقرأ عليه الجزء من الستين في أربعة أيام، و الناس إلى اليوم يجتمعون بجامع مصر- بعد تسليم الإمام من صلاة الصبح- حول المصحف الكبير، و لذلك المصحف قارئ مجيد، يجلس على دكة (2) و المصحف بين يديه، و عنده شمعتان عن يمينه و شماله، و رجلان قائمان بين يديه، يفتح أحدهما المصحف و يصفح أوراقه للقارئ (3) و يقرأ هذا الجزء على الناس بصوت رفيع، و يدعو عقيب ذلك، و يتفرق الناس بفعل هذا في كل يوم على الدوام، و لهذا القارئ على هذه القراءة في كل شهر خمسة دنانير (4) مصرية.

ص: 435


1- يلاحظ أنه حصل في نسخة (ظق) خلط و تقديم و تأخير، فهذا العنوان في السطر الاخير من ورقة (45/ ب) و في الورقة نفسها (أ) عنوان الربع الثالث من القرآن العزيز، أي قبل العنوان الرئيسي بصفحة و نصف، ثم في وسط ورقة (44/ ب) عنوان ابتداء الربع الثاني من القرآن العزيز، أي قبل العنوان الرئيسي بورقة و نصف صفحة، أما ابتداء الربع الأول فهو في وسط ورقة (46/ أ) و ابتداء الربع الرابع في الورقة نفسها (46/ ب).
2- الدكة:- بفتح الدال- المكان المرتفع يجلس عليه و هو المسطبة معرب، و الجمع: دكك مثل قصعة و قصع. المصباح المنير (198) (دكك).
3- في بقية النسخ: و يصفح للقارئ أوراقه.
4- الدينار: أصله (دنّار) بالتضعيف، فأبدل حرف علة للتخفيف، و لهذا يرد في الجمع الى أصله فيقال: (دنانير)- كما سبق في القراريط-. و الدينار: وزن احدى و سبعين شعيرة و نصف شعيرة تقريبا. و الدينار: هو المثقال اه. المصباح المنير (200) (دنر) و راجع القاموس المحيط (2/ 31).

و أنا أذكر من كل جزء (1) من أجزاء الستين الربع الأول و الربع الثالث: لأنّ الربعين الآخرين، قد ذكرتهما.

أما الربع الثاني: فإنّه نصف الحزب و قد ذكرته.

و أما الربع الرابع: فهو رأس الحزب و قد ذكرته.

ص: 436


1- في الأصل: كتبت الكلمة باللفظين (من كل جزء) و فوق كلمة جزء (حزب). و في د، و ظ: من كل حزب.
ابتداء الربع الأول من القرآن العزيز

(1) الحزب (2) الأول: من أجزاء الستين:

ربعه الأول: أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (3).

و ربعه الثالث: رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (4).

الحزب الثاني:

ربعه الأول: قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: 91].

و الربع (5) الثالث منه: وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ (6).

الحزب الثالث:

الربع الأول: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 157].

ص: 437


1- وضعت هذا العنوان من عندي تأسيا بالعناوين المماثلة الآتية.
2- في د و ظ: و قد ذكرت الحزب الأول ... الخ و هو خطأ، لأن قوله: الحزب الأول من أجزاء الستين، كأنه عنوان جديد.
3- البقرة (25) ... وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
4- البقرة (59) ... فَأَنْزَلْنا عليهم رِجْزاً مِنَ السَّماءِ ....
5- في د و ظ: و ربعه الثالث.
6- البقرة (123) وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ.

و الثالث: لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (1).

الحزب الرابع:

ربعه الأول: يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (2).

و الربع الثالث: وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة: 237].

الحزب الخامس:

الربع الأول: يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (3).

الربع الثالث: وَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [البقرة: 282].

الحزب السادس:

الربع الأول: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ [آل عمران: 32].

و الربع الثالث: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [آل عمران: 74].

الحزب السابع:

الربع الأول: ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران: 112].

و الربع الثالث: وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: 152].

الحزب الثامن:

الربع الأول: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185].

الربع الثالث: في النساء فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [النساء: 11] بعده وَ لَكُمْ نِصْفُ.

الحزب التاسع:

الربع الأول: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً [النساء: 36] و قيل: ذلك بآية.

ص: 438


1- البقرة (188) وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
2- البقرة (218) ... أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ....
3- البقرة (260) ... ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ....

الربع الثالث: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً [النساء: 73].

الحزب العاشر:

الربع الأول: دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [النساء: 96].

الربع الثالث: فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ كانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً [النساء: 134].

الحزب الحادي عشر:

الربع الأول: سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (1) بعده إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ.

الربع الثالث: في المائدة وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [المائدة: 11].

بعده وَ (2) لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ.

الحزب الثاني عشر:

الربع الأول: أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (3).

الربع الثالث: وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ [المائدة: 66].

الحزب الثالث عشر:

الربع الأول: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المائدة: 96].

الربع الثالث: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 12]. بعده وَ لَهُ ما سَكَنَ.

الحزب الرابع عشر:

الربع الأول: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ [الأنعام: 58] بعده وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ.

الربع الثالث: وَ ضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (4).

ص: 439


1- النساء (162) ... وَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً.
2- سقطت الواو من الأصل.
3- المائدة (40) و ختمت الآية في ظق (... و كان اللّه على كل شي ء قدير) خطأ.
4- الأنعام (94) ... لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَ ضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.

الحزب الخامس عشر:

الربع الأول: وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 127].

و الربع الثالث: وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ هُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام: 150].

ص: 440

ابتداء الربع الثاني من القرآن

الحزب الأول:

الربع الأول منه: أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 28].

الربع الثالث: ناصِحٌ أَمِينٌ (1).

الحزب الثاني:

الربع الأول منه: وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف: 116].

الربع الثالث: وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ [الأعراف: 155].

الحزب الثالث:

الربع الأول منه: إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَ بَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 188].

الربع الثالث: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ (2) إلى قوله شَدِيدُ الْعِقابِ (3).

الحزب الرابع:

الربع الأول: إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (4).

ص: 441


1- الأعراف (68) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ.
2- الأنفال (125) وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.
3- و قد ذكرت الآية بكاملها في د و ظ.
4- الأنفال (59) وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ.

الربع الثالث: فَعَسى أُولئِكَ (1) أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة: 18] في التوبة.

الحزب الخامس:

الربع الأول: سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (2).

الربع الثالث: مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ (3) بعده وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ.

الحزب السادس:

الربع الأول (4) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً (5).

الربع الثالث: في يونس وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [يونس: 10].

الحزب السابع:

الربع الأول: وَ لكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس: 44].

الربع الثالث: وَ لا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [يونس: 89].

الحزب الثامن:

الربع الأول: ... وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (6).

الربع الثالث: فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ [هود: 61] في قصة صالح عليه السلام.

ص: 442


1- كلمة أُولئِكَ ساقطة من ظق.
2- التوبة (47) ... وَ فِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ....
3- التوبة (74) ... وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ.
4- في ظق: الربع الأول: إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ثم كتب تحتها لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً.
5- التوبة (108) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ.
6- هود (23) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ ....

الحزب التاسع:

الربع الأول: فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (1) بعده وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا و قال قوم: غَيْرَ مَنْقُوصٍ (2).

الربع الثالث: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (3).

الحزب العاشر:

الربع الأول: وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف: 76].

الربع الثالث: وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4).

الحزب الحادي عشر:

الربع الأول: فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (5) بعده أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ (6) و قيل: وَ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ [الرعد: 34].

الربع (7) الثالث: وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ [إبراهيم: 27].

الحزب الثاني عشر:

الربع الأول: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ [الحجر: 46].

الربع الثالث: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَ السُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ (8).

الحزب الثالث عشر:

الربع الأول: يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (9).

ص: 443


1- هود (107) ... إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ.
2- هود (109) ... وَ إِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ.
3- يوسف (35) ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ.
4- الرعد (4) و في ظ: (... لقوم يتفكرون) خطأ.
5- الرعد (32) ... فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ.
6- في ظق: أتم الآية إلى قوله: أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ.
7- في د و ظ: و الربع.
8- النحل (27) ... قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ ....
9- النحل (70) ... لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ. و كتبت الآية خطأ في الأصل و ظق.

الربع الثالث: ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (1).

الحزب الرابع عشر:

الربع الأوّل: لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا [الإسراء: 22].

الربع الثالث: وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا (2).

الحزب (3) الخامس عشر:

الربع الأول: وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (4).

وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (5).

ص: 444


1- النحل (110) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا ....
2- الإسراء (70) وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ إلى وَ فَضَّلْناهُمْ ....
3- في بقية النسخ: الحزب الخامس عشر.
4- الكهف (16) فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ ....
5- سقط من الأصل بانتقال النظر قوله: الربع الثالث: وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً اه الآية (49) من سورة الكهف.
الربع الثالث من القرآن العزيز

الحزب الأول:

الربع الأول: فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (1).

الربع الثالث: وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [مريم: 57].

الحزب الثاني:

الربع الأول: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه: 50].

الربع الثالث: وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه: 114].

الحزب الثالث:

الربع الأول: مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (2).

الربع الثالث: إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَ كُنَّا بِكُلِّ شَيْ ءٍ عالِمِينَ (3).

الحزب الرابع:

الربع الأول: إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ [الحج: 18] السجدة (4).

الربع الثالث: فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (5) بعده وَ الَّذِينَ هاجَرُوا.

ص: 445


1- الكهف (101) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ....
2- الأنبياء (29) وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ ....
3- الأنبياء (81) وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها ....
4- أي موضع السجود عند نهاية هذه الآية المذكورة.
5- الحج (57) وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

الحزب الخامس (1):

الربع الأول: أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَ كُنْتُمْ تُراباً وَ عِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (2).

الربع الثالث: آخر السورة.

الحزب السادس:

الربع الأول: وَ مَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (3).

الربع الثالث: فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور: 62].

الحزب السابع:

الربع الأول: إِلَّا كُفُوراً (4) بعده وَ (5) لَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا.

الربع الثالث: خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (6).

الحزب الثامن:

الربع الأول: إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (7) في قصة لوط عليه السلام.

الربع الثالث: السجدة في النمل (8).

الحزب التاسع:

الربع الأول: فَهُمْ مُسْلِمُونَ (9) بعده وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ.

ص: 446


1- هنا حصل تقديم و تأخير في ظق كما سبق، فكلمة (الحزب) هي آخر كلمة من ورقة (45/ أ) و كلمة (الخامس) هي أوّل كلمة من ورقة (46/ ب).
2- المؤمنون (35) أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ ....
3- النور (34) وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَ مَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ....
4- الفرقان (50) وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً.
5- سقطت الواو من ظ.
6- الشعراء (51) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ.
7- الشعراء (164) وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ.
8- أي موضع السجود من سورة النمل، و هو قوله تعالى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26).
9- النمل (81) وَ ما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ.

الربع الثالث: أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (1).

الحزب العاشر:

الربع الأول: وَ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص: 70].

الربع الثالث: وَ يَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَ إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (2).

الحزب الحادي عشر:

الربع الأول: آخر العنكبوت.

الربع الثالث: مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (3).

الحزب الثاني عشر:

الربع الأول: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (4)في بقية النسخ: لا يمتعون.(5).

الربع الثالث: وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ (5) إِلَّا قَلِيلًا (6).

الحزب الثالث (عشر) (7):

الربع الأول: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَ أَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً [الأحزاب 44].

الربع الثالث: إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ (8) الْحَمِيدِ (9) الآية السادسة من سبأ.

الحزب الرابع عشر:

الربع الأول: فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ [سبأ: 45].

الربع الثالث: بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً [فاطر: 40].

ص: 447


1- القصص (31) ... يا مُوسى أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ.
2- العنكبوت (21) يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ ....
3- الروم (49) وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ.
4- السجدة
5- يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ.
6- الأحزاب (16) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا.
7- ساقطة من الأصل.
8- كلمة (العزيز) ساقطة من بقية النسخ.
9- سبأ (6) وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَ يَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.

الحزب الخامس عشر:

الربع الأول: وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس: 59].

الربع الثالث: في وَ الصَّافَّاتِ: ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ [الصافات: 82].

اه.

ص: 448

الربع الرابع من القرآن العزيز

الحزب الأول:

الربع الأول: وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ (1).

الربع الثالث: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (2).

الحزب الثاني:

الربع الأول: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (3).

و قيل: قبل هذا بآية.

الربع الثالث: إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (4) في المؤمن.

الحزب الثالث:

الربع الأول: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (5).

الربع الثالث: مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (6) بعده وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا.

ص: 449


1- ص (20).
2- الزمر (9).
3- الزمر (53).
4- غافر (22).
5- غافر (65).
6- فصلت (25) ... وَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ....

الحزب الرابع:

الربع الأول: إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (1) بعده شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ (2).

الربع الثالث: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ (3).

الحزب الخامس:

الربع الأول: في الزخرف بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (4).

الربع الثالث: هذا هُدىً وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5).

الحزب السادس:

الربع الأول: وَ (6) بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (7) بعده وَ اذْكُرْ أَخا عادٍ.

الربع الثالث: آخر السورة. (8)

ص: 450


1- الشورى (12).
2- كلمة مِنَ الدِّينِ ليست في بقية النسخ.
3- الشورى (48).
4- الزخرف (48) وَ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
5- الجاثية (11).
6- سقطت الواو من د و ظ.
7- الاحقاف (20) ... فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ.
8- تقدم أن الحزب الحادي و الخمسين ينتهي نصفه في نهاية سورة الأحقاف، أو في الآية التاسعة من سورة القتال- و هذا هو المعمول به في المصاحف و هو اختيار المصنف كما مرّ- و هنا يتكلم المصنف عن الربع الأول و الثالث من كل حزب. فإذا كان الربع الأول من هذا الحزب ينتهي عند قوله تعالى: ... فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ ... (20) السالف الذكر و الثالث ينتهي في آخر السورة، فأين الربع الثاني اذا؟ و الظاهر أنه حصل سهو من المصنف، فإن الربع الثالث ينتهي عند قوله تعالى: لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ الآية (32) من سورة القتال، و الرابع عند قوله تعالى: ... وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً الآية (17) من سورة الفتح، و هذا هو المعمول به في المصاحف الموجودة بين أيدينا، بغض النظر عن الخلاف المتقدم في انتهاء الحزب الحادي و الخمسين، و اللّه أعلم.

الحزب السابع:

الربع الأول: وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (1) بعده مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.

الربع الثالث: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (2).

الحزب الثامن:

الربع الأول: وَ أَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَ لَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (3).

الربع الثالث: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (4).

الحزب التاسع:

الربع الأول: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (5) بعده وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ.

الربع الثالث: هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ (6) في الحديد.

الحزب العاشر:

الربع الأول: وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (7) بعده أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً.

الربع الثالث: رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) في الامتحان.

الحزب الحادي عشر:

الربع الأول: وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (9)، الربع الثالث: آخر الطلاق.

الحزب الثاني عشر:

الربع الأول: آخر الملك.

ص: 451


1- الفتح (28).
2- ق (22) ... فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.
3- الطور (22).
4- القمر (10) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ.
5- الرحمن (61).
6- الحديد (15) ... مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.
7- المجادلة (13).
8- الممتحنة (5) ... وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
9- المنافقون (7).

الربع الثالث: وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (1).

الحزب الثالث عشر:

الربع الأول: وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا (2).

الربع الثالث: رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً (3).

الحزب الرابع عشر:

الربع الأول: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (4).

الربع الثالث: فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (5).

الحزب الخامس عشر:

الربع الأول: آخر الفجر.

الربع الثالث: آخر وَ (6) الْعادِياتِ.

و هذا الورد مبني على الذي قبله و مأخوذ منه (7) و كذلك الذي قبله مأخوذ من ورد ستين (8).

قال أبو الحسين بن المنادى- رحمه اللّه-: و كان الأصل ورد الثلاثين، لأنه مقسوم على الحروف (9) ثم فرع الناس (فرد) (10) الستين على الكلمات، و كذلك ما فرعوه من ورد الستين.

ص: 452


1- المعارج (14) ... يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ إلى قوله وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ.
2- المزمل (14) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا.
3- الإنسان (20) وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً.
4- النازعات (17).
5- المطففين (26) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ* خِتامُهُ مِسْكٌ وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ.
6- في ظ: بدون واو.
7- أي مأخوذ من انصاف الأحزاب التي تقدم ذكرها.
8- أي ورد انصاف الأحزاب مأخوذ من أجزاء ستين و هي الأحزاب التي سبق الحديث عنها.
9- راجع التعليق في أول الحديث عن تجزئة القرآن.
10- هكذا في الأصل (فرد) خطأ. و الصواب: (ورد) كما في بقية النسخ.

و الورد إذا قسّم على الكلام تباينت قسمته، لأن الكلمات متباينة أ لا ترى أن منها ما هو عشرة أحرف، و ذلك أَ نُلْزِمُكُمُوها (1) و منها ما هو حرفان نحو (ان) و (عن).

قال (2) ابن المنادى: و قد قسّم القرآن العزيز على مائة و خمسين عمل ذلك بعض أهل البصرة، و كأنه أخذ ذلك من ورد الثلاثين، فجعل كل جزء من ثلاثين خمسة أجزاء.

قال: و قد رأيت القرآن مكتوبا عليها، و ذكر هذه الأجزاء جزءا جزءا، و لم أراني أطول الكتاب بذكره، لأن جزء المائة و العشرين يغني عنه، لأن جزء المائة و العشرين جعل (القراء) (3) المساجد، و هذا قريب منه، و كذلك ورد ثمانية و عشرين يغني عنه ورد سبعة و عشرين (4) لأنه قريب منه اه.

أجزاء القرآن لمن يريد حفظه في عام

(5) و قد قسّم القرآن العزيز على ثلاثمائة و ستين جزءا لمن يريد حفظ القرآن، فإذا حفظ كل يوم جزءا، حفظ القرآن في سنة (6)، و هذه الأجزاء: هي أسداس الأحزاب، أعني أحزاب ستين (7)، و يقال: إن المنصور (8) قال لعمرو بن عبيد (9): إني أريد أن أحفظ

ص: 453


1- مأخوذة من قوله تعالى: ... فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ آية (28) من سورة هود.
2- في د و ظ: و قال.
3- هكذا في الأصل و ظ: القراء المساجد. خطأ، و الصواب: لقراء المساجد. كما في ظق و د.
4- و قد سبق أن ذكر المصنف هذين الوردين (ص 410، 414).
5- عنوان من عندي يتطلبه الموضوع.
6- و قد سبق أن بعضهم قسّمه إلى أربعمائة و ثمانين جزءا، لمن أراد حفظه في سنة و أربعة أشهر، أي إنه قسّم الحزب إلى ثمانية أجزاء.
7- بمعنى أنه قسّم الحزب من الستين إلى ستة أجزاء، فإذا أريد معرفة عدد تلك الأجزاء فيكون بحاصل ضرب 6* 60 360 جزءا.
8- المنصور العباسي: عبد اللّه بن محمد بن علي بن العباس، أبو جعفر، ثاني خلفاء بني العباس، و أول من عني بالعلوم من ملوك. العرب، كان عارفا بالفقه و الأدب محبا للعلماء (95- 158 ه). تاريخ بغداد (10/ 53) و البداية و النهاية (10/ 63، 124) (4/ 117).
9- عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالولاء أبو عثمان البصري، شيخ المعتزلة في عصره، و مفتيها، و أحد الزهاد المشهورين، اشتهر بعلمه، و أخباره مع المنصور العباسي و غيره، اتهمه جماعة بانه داعية بدعة. و فيه قال المنصور: كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد اه. (80- 144 ه). انظر الميزان (3/ 273) و التقريب (2/ 74) و البداية و النهاية (10/ 81) و الأعلام (5/ 81).

القرآن، ففي كم تقول إني أحفظه؟.

فقال: إذا يسّر اللّه عزّ و جلّ ففي سنة.

فقال: إني أحب أن أجزئ ذلك على نفسي أجزاء لا تزيد و لا تنقص أحفظ منها كل يوم جزءا، لا أخل به يوما واحدا.

فقال عمرو: أ تحب أن أصنع ذلك؟ قال: نعم، فقسّم القرآن على ذلك و كتبها مصاحف، و جعل كل اثني عشر من تلك الأجزاء جزءا واحدا، فصارت ثلاثين جزءا، و فصّل بين الأجزاء بخط من ذهب في آخر كل جزء اه.

قال أبو العيناء (1): بلغني أن المنصور حفظ بهذه الأجزاء القرآن، و علم ابنه المهدي بها القرآن.

قال أبو العيناء: و بها (2) حفظت القرآن، و علمت بها جماعة من أهلي، فحفظوا بها القرآن، و هي مباركة.

الجزء الأول منها: فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (3) رأس خمس عشرة آية من البقرة.

الثاني: سبع و عشرون (4) منها أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (5).

الثالث: أربعون منها وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ (6).

ص: 454


1- محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي بالولاء، أبو العيناء قال ابن كثير: و إنما لقب بأبي العيناء لأنه سئل عن تصغير عيناء فقال: عييناء اه. و كنيته أبو عبد اللّه، أديب فصيح من ظرفاء العالم، اشتهر بنوادره و لطائفه، أما الحديث فليس منه إلّا القليل (191- 283 ه). البداية و النهاية (11/ 78) و تاريخ بغداد (3/ 170) و شذرات الذهب (2/ 180) و ميزان الاعتدال (4/ 13) و الأعلام (6/ 334).
2- في ظ: و بهذا.
3- البقرة (15) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
4- في د و ظ: و عشرين، خطأ.
5- البقرة (27).
6- البقرة (40).

الرابع: ست و خمسون منها لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (1).

الخامس: ثلاث و ستون (2) منها لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (3).

السادس: خمس و سبعون منها وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (4).

السابع: خمس و ثمانون عَمَّا (5) تَعْمَلُونَ (6) بعده أُولئِكَ الَّذِينَ.

الثامن: ثلاث و تسعون إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (7).

التاسع: مائة و خمس آيات وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (8).

العاشر: ست عشرة كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (9).

الحادي عشر: ست و عشرون بعد المائة وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ (10).

الثاني عشر: احدى و أربعون بعد المائة عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (11).

الثالث عشر: خمسون بعد المائة وَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (12).

الرابع عشر: أربع و ستون بعد المائة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (13).

ص: 455


1- البقرة (56) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
2- في د، ظ ست و ستون، خطأ.
3- البقرة (63) ... خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
4- البقرة (75) ... وَ قَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ.
5- في د و ظ: عما يعملون و هي قراءة نافع و ابن كثير و شعبة و يعقوب و خلف العاشر، و قرأ الباقون بتاء الخطاب. النشر (2/ 218) و البدور الزاهرة (ص 34) و المهذب (1/ 64).
6- البقرة (85) ... وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
7- البقرة (93) ... قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
8- البقرة (105).
9- البقرة (116).
10- البقرة (126) ... قالَ وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.
11- البقرة (141) ... وَ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.
12- البقرة (150) ... فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِي وَ لِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
13- البقرة (164) ... وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

الخامس عشر: ست و سبعون بعد المائة لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (1).

السادس عشر: في الآية الرابعة- بعد مائة و ثمانين- عند قوله عزّ و جلّ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (2) هذا تحقيق القسمة، فإن كملت الآية فإلى قوله عزّ و جلّ وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (3).

السابع عشر: بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (4) في آية أربع و تسعين بعد المائة.

الثامن عشر: ثلاث آيات بعد المائتين وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (5) أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (6).

العشرون: إحدى و عشرون بعد المائتين لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (7).

الحادي و العشرون: ثلاثون بعد المائتين وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (8).

الثاني و العشرون: خمس و ثلاثون بعد المائتين غَفُورٌ حَلِيمٌ (9).

الثالث و العشرون: خمس و أربعون بعد المائتين وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (10).

الرابع و العشرون: اثنتان و خمسون بعد المائتين وَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (11).

ص: 456


1- البقرة (176) ... وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ.
2- البقرة (184) ... فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ....
3- و هذا هو الأولى من تجزئة الآية بغض النظر عن القسمة- كما تقدم- و هكذا يقال في كل ما يماثل هذا.
4- البقرة (194) ... فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ....
5- سقط من الاصل بانتقال النظر: وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، التاسع عشر: أربع عشرة آية بعد المائتين، اه. ثم ألحقت العبارة التالية في الحاشية بخط مغاير: التاسع عشر: وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ و لعلّه اجتهاد من المصحح، و الآية التي ذكرها هي رقم (216) من البقرة.
6- البقرة (214).
7- البقرة (221) ... وَ يُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ و كتبت الآية خطأ في ظ.
8- البقرة (230).
9- البقرة (235) ... وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ.
10- البقرة (245) و قوله: وَ اللَّهُ يَقْبِضُ ... ليس في بقية النسخ.
11- البقرة (252).

الخامس و العشرون: مِائَةَ عامٍ (1) في تسع و خمسين بعد المائتين.

السادس و العشرون: إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ (2) في آية ست و ستين بعد المائتين.

السابع و العشرون: خمس و سبعون بعد المائتين وَ مَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (3).

الثامن و العشرون: فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ (4) في آية اثنتين و ثمانين بعد المائتين، و هي آية الدين.

التاسع و العشرون: ست آيات من آل عمران الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)في د و ظ: خمسة عشر.(6).

الثلاثون: خمس (6) عشرة من آل عمران وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (7).

الحادي و الثلاثون: ست و عشرون بِغَيْرِ حِسابٍ (8).

الثاني و الثلاثون: سبع و ثلاثون وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (9).

الثالث و الثلاثون: خمسون منها فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ (10) بعده إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ.

الرابع و الثلاثون: خمس و ستون وَ ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَ الْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (11).

الخامس و الثلاثون: بعض آية ثمان و سبعين لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ (12).

ص: 457


1- البقرة (259) ... قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ ... و الأولى إتمام الآية كما قلت سابقا.
2- البقرة (266) ... فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ ... و الأولى إتمامها.
3- البقرة (275).
4- البقرة (282) ... وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ....
5- آل عمران
6- ... لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
7- آل عمران (15).
8- آل عمران (27) ... وَ تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.
9- آل عمران (29) ... أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.
10- آل عمران (50).
11- آل عمران (65).
12- آل عمران (78) وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ ....

السادس و الثلاثون: تسعون منها وَ أُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (1).

السابع و الثلاثون: مائة و آيتان (2) منها إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (3).

الثامن و الثلاثون: مائة و اثنا عشر (4) وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (5).

التاسع و الثلاثون: مائة و أربع و عشرون مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (6)، الأربعون: مائة و أربعون مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (7).

الحادي و الأربعون: مائة و اثنان (8) و خمسون وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (9).

الثاني و الأربعون: مائة و ثلاث و ستون هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (10).

الثالث و الأربعون: مائة و سبع و سبعون لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (11).

الرابع و الأربعون: و لا (12) يكتمونه (13) في آية سبع و ثمانين بعد المائة.

الخامس و الأربعون: الثامنة و التسعون بعد المائة خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (14).

ص: 458


1- آل عمران (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ.
2- في د و ظ و اثنان منها.
3- آل عمران (102) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
4- هكذا في النسخ: مائة و اثنا عشر، و هو خطأ، و الصواب: و اثنتا عشرة.
5- آل عمران (112) ... ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ.
6- آل عمران (124) ... أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ.
7- آل عمران (140) ... وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
8- هكذا في النسخ: و اثنان، و هو خطأ، و الصواب و اثنتان.
9- آل عمران (152).
10- آل عمران (163).
11- آل عمران (177).
12- هكذا في النسخ بالياء، و هي قراءة ابن كثير و أبي عمرو و شعبة، و قرأ الباقون بتاء الخطاب. النشر (2/ 246) و البدور الزاهرة (ص 72) و المهذب في القراءات العشر (1/ 147).
13- آل عمران (187) وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ.
14- آل عمران (198) ... وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ.

السادس و الأربعون: سبع آيات من النساء نَصِيباً مَفْرُوضاً (1)النساء (43) ... وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً.(2).

السابع و الأربعون: اثنا عشر (3) منها وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (4)النساء (85) ... وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقِيتاً.(5) بعده تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ.

الثامن و الأربعون: ثلاث و عشرون منها إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (6).

التاسع و الأربعون: عاقدت (7) أيمانكم (8) بعض آية ثلاث و ثلاثين.

الخمسون: بعض آية ثلاث و أربعين فَلَمْ تَجِدُوا ماءً (7).

الحادي و الخمسون: خمس و خمسون بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (9).

الثاني و الخمسون: أربع و ستون لَوَجَدُوا (10) اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (11).

الثالث و الخمسون: ست و سبعون إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (12).

الرابع و الخمسون: خمس و ثمانون عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقِيتاً (12).

الخامس و الخمسون: اثنتان و تسعون تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (13).

ص: 459


1- النساء
2- لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً.
3- هكذا في النسخ: اثنا عشر، خطأ، و الصواب: اثنتا عشرة.
4- النساء
5- .
6- النساء (23).
7- قرأها غير الكوفيين بالألف- كما أوردها المصنف- و الكوفيون بغير ألف. انظر: التبصرة في القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (ص 308) و النشر لابن الجزري (2/ 249).
8- النساء (33) وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ....
9- النساء (55) ... وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً.
10- في الأصل: (لو وجدوا ...) خطأ.
11- النساء (64) وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً.
12- النساء (76).
13- النساء (92) ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً.

السادس و الخمسون (1): الآية التي بعد المائة كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (2).

(السابع و الخمسون) (3): عشر بعد المائة يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (4).

الثامن و الخمسون: خمس و عشرون بعد المائة وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا (5).

التاسع و الخمسون: خمس و ثلاثون بعد المائة فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (6).

الستون: سبع و أربعون بعد المائة شاكِراً عَلِيماً (7).

الحادي و الستون: احدى و ستون (8) وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (9).

الثاني و الستون: اثنتان و سبعون فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (10).

الثالث و الستون: الثالثة من المائدة ... لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (11).

الرابع و الستون: عشر منها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (12).

الخامس و الستون: ست عشرة إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (13) بعده لَقَدْ كَفَرَ.

السادس و الستون: خمس و عشرون هاهُنا قاعِدُونَ (14).

السابع و الستون: خمس و ثلاثون وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (15).

ص: 460


1- قوله: (السادس و الخمسون) كرّرها الناسخ في حاشية الاصل.
2- النساء (101) ... إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً.
3- سقطت من الاصل عبارة: (السابع و الخمسون).
4- النساء (110) وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً.
5- النساء (125).
6- النساء (135) ... وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.
7- النساء (147) ... وَ كانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً.
8- أي بعد المائة.
9- النساء (161).
10- النساء (172) ... وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً.
11- المائدة (3) ... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
12- المائدة (10) وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ.
13- المائدة (16) ... وَ يَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
14- المائدة (24) ... فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ.
15- المائدة (35).

الثامن و الستون: ثلاث و أربعون وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (1).

التاسع و الستون: خمسون لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (2).

السبعون: ستون أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (3).

الحادي و السبعون: تسع و ستون وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (4).

الثاني و السبعون: احدى و ثمانون وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (5).

الثالث و السبعون: اثنتان و تسعون الْبَلاغُ الْمُبِينُ (6).

الرابع و السبعون: ثلاث بعد المائة وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (7).

الخامس و السبعون: اثنتا عشرة بعد المائة اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8).

السادس و السبعون: الآية الثالثة (9) من الأنعام ما يَلْبِسُونَ.

السابع و السبعون: ثماني عشرة منها وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (10).

ص: 461


1- المائدة (43).
2- المائدة (50) ... وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.
3- المائدة (60).
4- المائدة (96) ... مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ.
5- المائدة (81) وَ لَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ النَّبِيِّ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ.
6- المائدة (92) ... فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ و كتبت الآية في النسخ (... إلا البلاغ المبين) خطأ.
7- المائدة (103) ... وَ لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.
8- المائدة (112) ... قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
9- هكذا في النسخ: الآية الثالثة من الانعام ما يَلْبِسُونَ و لعلّه وقع خطأ لأن هذه الآية ... وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ هي الآية التاسعة و ليست الثالثة. و الذي يظهر لي أنه وقع تحريف في الكلمة القرآنية من الآية الثالثة ... يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ فحرفت كلمة ما تَكْسِبُونَ إلى كلمة ما يَلْبِسُونَ، و مما يدل على ذلك أن الحزب الذي بعده ينتهي في الآية الثامنة عشرة، أي في الصفحة نفسها التي فيها كلمة ما يَلْبِسُونَ و هذا لا يتناسب مع التجزئة التي بصددها المصنف، و اللّه أعلم.
10- الأنعام (18).

الثامن و السبعون: ثلاث و ثلاثون بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (1).

التاسع و السبعون: ثمان و أربعون إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (2).

الثمانون: ستون بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (3).

الحادي و الثمانون: اثنتان و سبعون وَ هُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (4).

الثاني و الثمانون: سبع و ثمانون وَ هَدَيْناهُمْ (5) إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (6).

الثالث و الثمانون: ست و تسعون ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (7).

الرابع و الثمانون: عشر بعد المائة فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (8).

الخامس و الثمانون: إحدى و عشرون بعد المائة إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (9).

السادس و الثمانون: الثلاثون بعد المائة أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (10).

السابع و الثمانون: احدى و أربعون بعد المائة إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (11).

الثامن و الثمانون: تسع و أربعون بعد المائة لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (12).

التاسع و الثمانون: سبع و خمسون (13) بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (14).

ص: 462


1- الأنعام (33) ... فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ.
2- الأنعام (47) ... هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ.
3- الأنعام (60) ... ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
4- الأنعام (72).
5- في د و ظ وَ هَدَيْناهُ ... خطأ.
6- الأنعام (87) وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
7- الأنعام (96) ... وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
8- الأنعام (110) ... وَ نَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
9- الأنعام (121) ... وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ.
10- الأنعام (130) ... وَ شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ.
11- الأنعام (141).
12- الأنعام (149) ... فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ.
13- أي بعد المائة.
14- الأنعام (157) ... سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ.

التسعون: الرابعة من سورة الأعراف أَوْ هُمْ قائِلُونَ (1)في الأصل و ظق: (و بما كنتم ...) و في د: (بما كنتم ...) و كلاهما خطأ.(2).

الحادي و التسعون: أربع و عشرون منها وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ (3).

الثاني و التسعون: في بعض السابعة و الثلاثين نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ (4).

الثالث و التسعون: ثمان و أربعون وَ ما (4) كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (5).

الرابع و التسعون: ستون (6) إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (7).

الخامس و التسعون: ثلاث و سبعون عَذابٌ أَلِيمٌ (8).

السادس و التسعون: سبع و ثمانون وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (9).

السابع و التسعون: رأس المائة وَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (10).

الثامن و التسعون: أربع و عشرون بعد المائة ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (11).

التاسع و التسعون: سبع و ثلاثون (12) وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ (13).

المائة: ثمان و أربعون بعد المائة اتَّخَذُوهُ وَ كانُوا ظالِمِينَ (14).

الواحدة (15) بعد المائة: ثمان و خمسون بعد المائة (16) لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (17).

ص: 463


1- الأعراف
2- وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ.
3- الأعراف (24) وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ.
4- الأعراف (37) ... أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ ....
5- الأعراف (48) ... قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ.
6- (ستون) سقطت من ظ.
7- الأعراف (60) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
8- الأعراف (73) ... وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
9- الأعراف (87).
10- الأعراف (100).
11- الأعراف (124).
12- أي بعد المائة.
13- الأعراف (137) ... وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ.
14- الأعراف (148) ... أَ لَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَ لا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَ كانُوا ظالِمِينَ.
15- في ظق: الواحد.
16- من قوله: اتَّخَذُوهُ ... إلى هنا ساقط من د و ظ بانتقال النظر.
17- الأعراف (158) ... وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.

الاثنان (1) بعد المائة: (مائة و سبع و ستون وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (2).

الثالث بعد المائة (3)): ست و سبعون بعد المائة لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (4).

الرابع بعد المائة: تسع و ثمانون (5) صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (6).

الخامس بعد المائة: آخر السورة.

السادس بعد المائة: ثلاث عشرة من الأنفال فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (7)التوبة (20) ... وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ.(8).

السابع بعد المائة: ست و عشرون منها لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (9).

الثامن بعد المائة: أربعون منها وَ نِعْمَ النَّصِيرُ (10).

التاسع بعد المائة: خمسون منها عَذابَ الْحَرِيقِ (11).

العاشر بعد المائة: خمس و ستون منها مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (12).

الحادي عشر بعد المائة: آخر السورة.

الثاني عشر بعد المائة: تسع من التوبة ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (13).

الثالث عشر بعد المائة: عشرون هُمُ الْفائِزُونَ (13) الرابع عشر بعد المائة: احدى و ثلاثون سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (14).

ص: 464


1- في د و ظ: الثاني.
2- الأعراف (167).
3- ما بين القوسين مكرر في الأصل.
4- الأعراف (176) ... فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ و كتبت الآية خطأ في ت و د و ظق.
5- أي بعد المائة، حيث سقطت هذه العبارة من النسخ.
6- الأعراف (89) ... فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.
7- الأنفال
8- ... وَ مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.
9- الأنفال (26) ... وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
10- الأنفال (40) ... فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ.
11- الأنفال (50) ... وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ.
12- الأنفال (65) ... وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ.
13- التوبة (9) ... إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.
14- التوبة (31).

الخامس عشر بعد المائة: تسع و ثلاثون عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (1).

السادس عشر بعد المائة: تسع و أربعون لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (2).

السابع عشر بعد المائة: احدى و ستون يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (3).

الثامن عشر بعد المائة: سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (4) و هي احدى و سبعون.

التاسع عشر بعد المائة: احدى و ثمانون حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (5).

العشرون بعد المائة: ثلاث و تسعون فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (6).

الحادي و العشرون بعد المائة: مائة و ثلاث وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (7) (8).

الثاني و العشرون بعد المائة: مائة و اثنتا عشرة (9) و بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (10).

الثالث و العشرون بعد المائة: مائة و اثنتان و عشرون لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (11).

الرابع و العشرون بعد المائة: أربع آيات من يونس بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (12).

الخامس و العشرون بعد المائة: ست عشرة منها أَ فَلا تَعْقِلُونَ (13).

السادس و العشرون بعد المائة: إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (14).

ص: 465


1- التوبة (39) ... وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
2- التوبة (49) ... وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ.
3- التوبة (61) ... وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
4- التوبة (71) ... أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
5- التوبة (81) ... قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ.
6- التوبة (93) ... رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
7- التوبة (103).
8- أضاف الناسخ في ظ قوله: بعده أَ لَمْ يَعْلَمُوا ....
9- في د: عشر. خطأ.
10- التوبة (112).
11- التوبة (122) ... وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.
12- يونس (4) ... وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ.
13- يونس (16) ... فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ.
14- يونس (25) وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

السابع و العشرون بعد المائة: سبع و ثلاثون منها لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (1).

الثامن و العشرون بعد المائة: أربع و خمسون وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (2).

التاسع و العشرون بعد المائة: ثمان و ستون أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (3).

الثلاثون بعد المائة: ثلاث و ثمانون منها فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (4).

الحادي و الثلاثون بعد المائة: سبع و تسعون منها حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (5) (6).

الثاني و الثلاثون بعد المائة: آخر السورة.

الثالث و الثلاثون بعد المائة: ست عشرة آية (7) من هود وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (8)هود (103) ... ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ.(9).

الرابع و الثلاثون بعد المائة: احدى و ثلاثون منها إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (10).

الخامس و الثلاثون بعد المائة: خمس و أربعون منها وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11).

السادس و الثلاثون بعد المائة: ثمان و خمسون منها مِنْ (12) عَذابٍ غَلِيظٍ (13).

السابع و الثلاثون بعد المائة: احدى و ستون (14) وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (15).

الثامن و الثلاثون بعد المائة: سبع و ثمانون إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (16).

التاسع و الثلاثون بعد المائة: مائة و آيتان منها وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (16).

ص: 466


1- يونس (37) ... وَ تَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ.
2- يونس (54) ... وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ.
3- يونس (68).
4- يونس (83) ... وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ.
5- يونس (97) وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ.
6- أضاف الناسخ في ظ قوله: بعده فَلَوْ لا ....
7- «آية» ساقطة من د و ظ.
8- هود
9- ... وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.
10- هود (31) ... اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ.
11- هود (44).
12- مِنْ ليست في ظ.
13- هود (58) ... وَ نَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ.
14- هكذا في النسخ: احدى و ستون، و هو خطأ. و الصواب: احدى و سبعون.
15- هود (71) فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ.
16- هود (87).

الأربعون بعد المائة: عشرون و مائة وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (1).

الحادي و الأربعون بعد المائة: ست عشرة من يوسف عِشاءً يَبْكُونَ (2).

الثاني و الأربعون بعد المائة: الثامنة (3) و العشرون منها إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (4).

الثالث و الأربعون بعد المائة: رأس الأربعين وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (5).

الرابع و الأربعون بعد المائة: اثنتان و خمسون لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (6).

الخامس و الأربعون بعد المائة: سبع و ستون فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (7).

السادس و الأربعون بعد المائة: ثمانون وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (8).

السابع و الأربعون بعد المائة: خمس و تسعون إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (9).

الثامن و الأربعون بعد المائة (10): مائة و تسع آيات ... اتَّقَوْا أَ فَلا تَعْقِلُونَ (11).

التاسع و الأربعون بعد المائة: ثمان آيات من الرعد عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (12).

الخمسون بعد المائة: سبع عشرة آية منها كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ (13).

الحادي و الخمسون بعد المائة: ثلاثون منها وَ إِلَيْهِ مَتابِ (14).

الثاني و الخمسون بعد المائة: أربعون منها وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ (15).

ص: 467


1- هود (120) ... وَ جاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ.
2- يوسف (16) وَ جاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ.
3- حرفت في د إلى (الثانية).
4- يوسف (28).
5- يوسف (40) ... ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
6- يوسف (52) ... وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ.
7- يوسف (67) ... وَ عَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ.
8- يوسف (80).
9- يوسف (95) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ.
10- قوله: الثامن و الأربعون بعد المائة: سقط من ظ، ثم أضيف في الحاشية فلم يظهر.
11- يوسف (109) ... وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَ فَلا تَعْقِلُونَ.
12- الرعد (8) ... وَ كُلُّ شَيْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ.
13- الرعد (17).
14- الرعد (30) ... قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ مَتابِ.
15- الرعد (40) ... فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ.

الثالث و الخمسون بعد المائة: تسع من إبراهيم تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (1)النحل (32).(2).

الرابع و الخمسون بعد المائة: عشرون (3) وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (4).

الخامس و الخمسون بعد المائة: احدى و ثلاثون لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ (5).

السادس و الخمسون بعد المائة: آخر السورة.

السابع و الخمسون بعد المائة: ثمان و عشرون من الحجر مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (6).

الثامن و الخمسون بعد المائة: ثلاث و ستون بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (7).

التاسع و الخمسون بعد المائة: اثنتان و تسعون لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (8).

الستون بعد المائة: أربع عشرة من النحل وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (9)النحل (86) ... فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ.(10).

الحادي و الستون بعد المائة: اثنتان و ثلاثون ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (9).

الثاني و الستون بعد المائة: ثلاث و أربعون إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (11).

الثالث و الستون بعد المائة: اثنان (12) و ستون وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (13).

الرابع و الستون بعد المائة: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (14) رأس خمس و سبعين.

الخامس و الستون بعد المائة: ست و ثمانون إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ (14).

ص: 468


1- إبراهيم
2- ... وَ قالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ.
3- في بقية النسخ: عشرون منها.
4- إبراهيم (20).
5- إبراهيم (31) ... مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ.
6- الحجر (28) ... وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ.
7- الحجر (63) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ.
8- الحجر (92) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.
9- النحل
10- ... وَ تَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
11- النحل (43) ... فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.
12- هكذا في النسخ: اثنان، خطأ. و الصواب: اثنتان.
13- النحل (62) ... لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ.
14- النحل (75).

السادس و الستون بعد المائة: ثمان و تسعون فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (1).

السابع و الستون بعد المائة: مائة و ثلاث عشرة الْعَذابُ وَ هُمْ ظالِمُونَ (2).

الثامن و الستون بعد المائة: آخر السورة.

التاسع و الستون بعد المائة: خمس عشرة آية من سبحان حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (3).

السبعون بعد المائة: آيتان (4) و ثلاثون منها وَ ساءَ سَبِيلًا (5).

الحادي و السبعون بعد المائة: سبع و أربعون إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً (6).

الثاني و السبعون بعد المائة: احدى و ستون لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (7).

الثالث و السبعون بعد المائة: سبع و سبعون لا يلبثون خلفك (8) إلّا قليلا (9).

الرابع و السبعون بعد المائة: خمس و تسعون مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا (10).

الخامس و السبعون بعد المائة: آخر السورة.

السادس و السبعون بعد المائة: سبع عشرة آية من الكهف وَلِيًّا مُرْشِداً (11).

السابع و السبعون بعد المائة: ثمان و عشرون منها وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (12).

الثامن و السبعون بعد المائة: ثلاث و أربعون منها وَ ما كانَ مُنْتَصِراً (13).

ص: 469


1- النحل (98) فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ.
2- النحل (113) ... فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَ هُمْ ظالِمُونَ.
3- الإسراء (15) ... وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا.
4- في بقية النسخ: اثنتان.
5- الإسراء (32) وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلًا.
6- الإسراء (47) ... إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً.
7- الإسراء (61) ... فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً.
8- هكذا في النسخ، و هي قراءة نافع و أبي جعفر و ابن كثير و أبي عمرو و شعبة، و قرأ الباقون (خلافك) النشر (2/ 308) و البدور الزاهرة (ص 186) و المهذب (1/ 389).
9- الإسراء (76) وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَ إِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا.
10- الإسراء (95) ... لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا.
11- الكهف (17) ... وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً.
12- الكهف (28) ... وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً.
13- الكهف (43) وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مُنْتَصِراً.

التاسع و السبعون بعد المائة: ست و خمسون وَ ما أُنْذِرُوا هُزُواً (1).

الثمانون و مائة: أربع و سبعون لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (2).

الحادي و الثمانون بعد المائة: تسعون منها (3) دُونِها سِتْراً (4).

الثاني و الثمانون بعد المائة: آخر السورة.

الثالث و الثمانون بعد المائة: اثنتان و عشرون من مريم مَكاناً قَصِيًّا (5).

الرابع و الثمانون بعد المائة: أربعون منها وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (6).

الخامس و الثمانون بعد المائة: احدى و ستون منها إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (7).

السادس و الثمانون بعد المائة: اثنتان و ثمانون وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (8).

السابع و الثمانون بعد المائة: خمس و عشرون (9)طه (115) وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً.(10) من طه بِما تَسْعى (11).

الثامن و الثمانون بعد المائة: سبع و أربعون وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (12).

التاسع و الثمانون بعد المائة: سبعون بِرَبِّ (13) هارُونَ وَ مُوسى (14).

التسعون بعد المائة: ست و ثمانون فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (15).

الحادي و التسعون بعد المائة: مائة و خمس عشرة وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (15).

ص: 470


1- الكهف (56) ... وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ ما أُنْذِرُوا هُزُواً.
2- الكهف (74) ... قالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً.
3- في ظق: مِنْ دُونِها سِتْراً.
4- الكهف (90) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً.
5- مريم (22) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا.
6- مريم (42) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً.
7- مريم (61).
8- مريم (82) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا.
9- هكذا في الأصل و ظق و د: خمس و عشرون، و في ظ: خمس و عشرين، و كلاهما خطأ. لأن الآية المذكورة لا تحمل الرقم المذكور (25) و إنما رقمها
10- فليتأمل.
11- طه (15) ... لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى
12- طه (47).
13- في الأصل (رب ...) بدون الباء، خطأ.
14- طه (70) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَ مُوسى
15- طه (86) أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي.

الثاني و التسعون بعد المائة: آخر السورة.

الثالث و التسعون بعد المائة: سبع عشرة آية من الأنبياء إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (1).

الرابع و التسعون بعد المائة: ثلاث و ثلاثون فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (2).

الخامس و التسعون بعد المائة: خمسون أَ فَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (3).

السادس و التسعون بعد المائة: أربع و سبعون كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (4).

السابع و التسعون بعد المائة: تسعون وَ جَعَلْناها وَ ابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ (5).

الثامن و التسعون بعد المائة: آخر السورة.

التاسع و التسعون بعد المائة: احدى عشرة من الحج ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (6)المؤمنون (24) ... وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ.(7).

المائتان: ثلاث و عشرون منها وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (8).

الواحد بعد المائتين: ست و ثلاثون منها سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (9).

الثاني بعد المائتين: احدى و خمسون فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (10).

الثالث بعد المائتين: ست و ستون ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (11) الرابع بعد المائتين: آخر السورة.

الخامس بعد المائتين: أربع و عشرون من المؤمنين بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (11).

ص: 471


1- الأنبياء (17) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ.
2- الأنبياء (33) ... كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ.
3- الأنبياء (50) وَ هذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَ فَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ.
4- الأنبياء (74) ... إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ.
5- الأنبياء (91) وَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَ جَعَلْناها وَ ابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ.
6- الحج
7- .
8- الحج (23).
9- الحج (36) ... كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
10- الحج (51) ... وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ.
11- الحج (66) وَ هُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ.

السادس بعد المائتين: خمس و أربعون منها وَ أَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِينٍ (1).

السابع بعد المائتين: ثلاث و سبعون وَ إِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (2).

الثامن بعد المائتين: رأس المائة منها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (3).

التاسع بعد المائتين: ثلاث آيات من النور وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (4).

العاشر بعد المائتين: عشرون منها وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (5).

الحادي عشر بعد المائتين: بعض آية احدى و ثلاثين أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ (6).

الثاني عشر بعد المائتين: ثمان و ثلاثون وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (7).

الثالث عشر بعد المائتين: خمسون منها بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (8).

الرابع عشر بعد المائتين: ستون منها خَيْرٌ لَهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (9).

الخامس عشر بعد المائتين: خمس من سورة الفرقان تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا (10).

السادس عشر بعد المائتين: عشرون منها وَ كانَ رَبُّكَ بَصِيراً (11).

السابع عشر بعد المائتين: أربعون منها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (12).

الثامن عشر بعد المائتين: ستون منها وَ زادَهُمْ نُفُوراً (13).

ص: 472


1- المؤمنون (45) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَ أَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِينٍ.
2- المؤمنون (73).
3- المؤمنون (100).
4- النور (3) وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
5- النور (20) وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ.
6- النور (31) ... وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ ....
7- النور (38).
8- النور (50).
9- النور (60) ... وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
10- الفرقان (5) وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا.
11- الفرقان (20).
12- الفرقان (40).
13- الفرقان (60) وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً.

التاسع عشر بعد المائتين: آخر السورة.

العشرون بعد المائتين: ثمان و عشرون من سورة الشعراء وَ ما (1) بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (2).

الحادي و العشرون بعد المائتين: اثنان (3) و ستون إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (4).

الثاني و العشرون بعد المائتين: مائة آية و (5) آية مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (6).

الثالث و العشرون بعد المائتين: مائة و أربعون و خمس إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (7) في قصة لوط (8).

الرابع و العشرون بعد المائتين: مائة و ثلاث و خمسون (9) مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (10) في قصة شعيب.

الخامس و العشرون بعد المائتين: آخر السورة.

السادس و العشرون بعد المائتين: عشرون من النمل أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (11).

السابع و العشرون بعد المائتين: رأس أربعين إن رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (12).

الثامن و العشرون بعد المائتين (13): خمس و خمسون بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (14).

ص: 473


1- في ظ: (و مما ...) خطأ.
2- الشعراء (28) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ ما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.
3- هكذا في النسخ: اثنان، خطأ، و الصواب: اثنتان.
4- الشعراء (62) قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ.
5- (و آية) ساقطة من ظ.
6- الشعراء (100، 101) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
7- الشعراء (145) وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ.
8- الآية التي تحمل هذا الرقم (145) هي في قصة صالح و ليست في قصة لوط- عليهما السلام- و أما التي في قصة لوط فهي (164) فليتأمل، و اللّه أعلم.
9- هكذا في النسخ: مائة و ثلاث و خمسون (من المسحرين) في قصة شعيب، و هو خطأ واضح في رقم الآية فإن تلك في قصة صالح و الصحيح خمس و ثمانون، فليتأمل، و اللّه أعلم.
10- الشعراء (185) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ.
11- النمل (20) وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ.
12- النمل (40).
13- قوله: بعد المائتين. مكرر في الأصل.
14- النمل (55).

التاسع و العشرون بعد المائتين: سبعون وَ لا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (1).

الثلاثون بعد المائتين: تسع و ثمانون وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (2).

الحادي و الثلاثون بعد المائتين: اثنتا عشرة من القصص وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ (3)العنكبوت (33) ... إِنَّا مُنَجُّوكَ وَ أَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ.(4).

الثاني و الثلاثون بعد المائتين: أربع و عشرون منها إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (5).

الثالث و الثلاثون بعد المائتين: خمس و ثلاثون وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (6).

الرابع و الثلاثون بعد المائتين: ثمان و أربعون وَ قالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (7).

الخامس و الثلاثون بعد المائتين: (اثنان) (8) و ستون الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (9) بعده قالَ الَّذِينَ ....

السادس و الثلاثون بعد المائتين: سبع و سبعون إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (10).

السابع و الثلاثون بعد المائتين: آخر السورة (11).

الثامن و الثلاثون بعد المائتين: ثمان عشرة آية من العنكبوت إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (12).

التاسع و الثلاثون بعد المائتين: ثلاث و ثلاثون كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (12) (بعده) (13) إِنَّا مُنْزِلُونَ.

الأربعون بعد المائتين: خمس و أربعون وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (14).

ص: 474


1- النمل (70).
2- النمل (89).
3- القصص
4- فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ.
5- القصص (24) ... فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.
6- القصص (35) ... فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ.
7- القصص (48).
8- في د و ظ: اثنتان، و هو الصواب.
9- القصص (62) وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.
10- القصص (77).
11- قوله: السابع و الثلاثون بعد المائتين آخر السورة: ساقط من د و ظ.
12- العنكبوت (18) ... وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ.
13- كلمة (بعده) ساقطة من الأصل.
14- العنكبوت (45).

الحادي و الأربعون بعد المائتين: ثمان و خمسون نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (1).

الثاني و الأربعين بعد المائتين: سبع من الروم بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (2)لقمان (25).(3).

الثالث و الأربعون بعد المائتين: أربع و عشرون بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4).

الرابع و الأربعون بعد المائتين: ثمان و ثلاثون هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) بعده وَ ما آتَيْتُمْ.

الخامس و الأربعون بعد المائتين: اثنان (6) و خمسون إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (7).

السادس و الأربعون بعد المائتين: اثنتا عشرة من لقمان غَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)الأحزاب (18).(9).

السابع و الأربعون بعد المائتين: خمس و عشرون بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (8).

الثامن و الأربعون بعد المائتين: ثلاث من السجدة لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (10).

التاسع و الأربعون بعد المائتين: اثنتان و عشرون إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (11).

الخمسون بعد المائتين: ست من الأحزاب فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (12).

الحادي و الخمسون بعد المائتين: ثماني عشرة وَ لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (12).

الثاني و الخمسون بعد المائتين: وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (13).

ص: 475


1- العنكبوت (58).
2- الروم
3- وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ و كتبت الآية خطأ في النسخ.
4- الروم (24) ... وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
5- الروم (38) ... وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ و في الأصل: بعده (و ما أنتم) و في ظ (و ما أوتيم) و كلاهما خطأ.
6- هكذا في النسخ: اثنان، خطأ. و الصواب: اثنتان.
7- الروم (52) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ.
8- لقمان
9- وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ.
10- السجدة (3) ... لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.
11- السجدة (22).
12- الأحزاب (6) ... وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ... كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً.
13- الأحزاب (30).

الثالث و الخمسون بعد المائتين (1): (سبع) (2) و ثلاثون وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (3).

الرابع و الخمسون بعد المائتين: اثنتان و خمسون وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيباً (4).

الخامس و الخمسون بعد المائتين اثنتان و ستون وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (5).

السادس و الخمسون بعد المائتين ثلاث من سبأ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (6).

السابع و الخمسون بعد المائتين: بعد آية خمس عشرة عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ (7)يس (26).(8).

الثامن و الخمسون بعد المائتين: ثلاثون ساعَةً وَ لا تَسْتَقْدِمُونَ (9).

التاسع و الخمسون بعد المائتين: ثلاث و أربعون إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (10).

الستون بعد المائتين: ست من فاطر إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (11).

الواحد و الستون بعد المائتين: سبع عشرة وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (12).

الثاني و الستون بعد المائتين: اثنان (13) و ثلاثون ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (14).

الثالث و الستون بعد المائتين: ثلاث و أربعون وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (15) الرابع و الستون بعد المائتين: ست و عشرون من يس يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (15).

الخامس و الستون بعد المائتين: خمسون وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (16).

ص: 476


1- من قوله: وَ كانَ ذلِكَ ... إلى هنا ساقط من د و ظ.
2- هكذا في النسخ، و لعلّ الكلمة تحرّفت من تسع إلى سبع، لأن الآية المشار إليها هي (39) دون خلاف.
3- الأحزاب (39).
4- الأحزاب (52).
5- الأحزاب (62).
6- سبأ (3) ... لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.
7- سبأ
8- ... جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ.
9- سبأ (30) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَ لا تَسْتَقْدِمُونَ.
10- سبأ (43) ... وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.
11- فاطر (6).
12- فاطر (17).
13- هكذا في النسخ: اثنان خطأ. و الصواب: اثنتان.
14- فاطر (32).
15- فاطر (43).
16- يس (50) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ.

السادس (و الستون) (1) بعد المائتين: اثنتان و سبعون وَ مِنْها يَأْكُلُونَ (2) (3).

السابع و الستون بعد المائتين: خمس عشرة من الصافات إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (4)الزمر (61).(5).

الثامن و الستون بعد المائتين: خمسون يَتَساءَلُونَ (6) بعده قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ.

التاسع و الستون بعد المائتين: مائة و آية فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (7).

السبعون بعد المائتين: مائة و أربع و أربعون إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (8).

الواحد و السبعون بعد المائتين: خمس من ص لَشَيْ ءٌ يُرادُ (9).

الثاني و السبعون بعد المائتين: خمس و عشرون وَ حُسْنَ مَآبٍ (10) بعده يا داوُدُ.

الثالث و السبعون بعد المائتين: ست و أربعون بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (11).

الرابع و السبعون بعد المائتين: آخر السورة.

الخامس (12) و السبعون بعد المائتين: خمس عشرة من الزمر ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (13).

السادس و السبعون بعد المائتين: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (14).

السابع و السبعون بعد المائتين: خمس و أربعون مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (15).

الثامن و السبعون بعد المائتين: احدى و ستون لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (15).

ص: 477


1- كلمة (و الستون) ساقطة من الأصل.
2- في د: تأكلون.
3- يس (72) وَ ذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَ مِنْها يَأْكُلُونَ.
4- الصافات
5- وَ قالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.
6- الصافات (50) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ.
7- الصافات (101).
8- الصافات (144) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
9- ص (6) ... إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ يُرادُ.
10- ص (25) ... وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ.
11- ص (46) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ.
12- في د و ط: و الخامس.
13- الزمر (15).
14- الزمر (30).
15- الزمر (45) .. وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ.

التاسع و السبعون بعد المائتين: آخر السورة.

الثمانون بعد المائتين: خمس عشرة من المؤمن لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (1).

الواحد و الثمانون بعد المائتين: ثمان و عشرون مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (2).

الثاني و الثمانون بعد المائتين: أربعون يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (3).

الثالث و الثمانون بعد المائتين: خمس و خمسون بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ (4).

الرابع و الثمانون بعد المائتين: تسع و ستون أَنَّى يُصْرَفُونَ (5).

الخامس و الثمانون بعد المائتين: آخر السورة.

السادس و الثمانون بعد المائتين: سبع عشرة من السجدة بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (6).

السابع و الثمانون بعد المائتين: اثنتان و ثلاثون نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (7).

الثامن و الثمانون بعد المائتين: ست و أربعون بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (8).

التاسع و الثمانون بعد المائتين: سبع من عسق ... وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (9).

التسعون بعد المائتين: سبع عشرة منها لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (10).

الواحد و التسعون بعد المائتين: (سبع) (11) و عشرون إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (12).

الثاني و التسعون بعد المائتين: أربع و أربعون إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (13).

ص: 478


1- غافر (15).
2- غافر (28) ... إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ.
3- غافر (40) ... فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ.
4- غافر (55) ... وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ سَبِّحْ .. بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ.
5- غافر (69) أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ.
6- فصلت (17) ... فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ.
7- فصلت (32).
8- فصلت (46) ... وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ.
9- الشورى (7) ... فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ.
10- الشورى (17) ... وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ.
11- هكذا في النسخ، و لعلّ التسعة حرفت إلى سبعة.
12- الشورى (29) ... وَ هُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ.
13- الشورى (44) ... يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ.

الثالث و التسعون بعد المائتين: احدى عشرة من الزخرف كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (1)الأحقاف (22) ... فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.(2).

الرابع و التسعون بعد المائتين: ثلاثون وَ إِنَّا بِهِ كافِرُونَ (3).

الخامس و التسعون بعد المائتين: ثمان و أربعون لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (4).

السادس و التسعون بعد المائتين: سبعون أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (5).

السابع و التسعون بعد المائتين: اثنتا عشرة من الدخان إِنَّا مُؤْمِنُونَ (6)محمد صلّى اللّه عليه و سلم (15) ... وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ. و ليست رأس آية إلّا عند البصرى كما سيأتي (ص) 545.(7).

الثامن و التسعون بعد المائتين: اثنتان و خمسون فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ (8).

التاسع و التسعون بعد المائتين: ست عشرة من الجاثية عَلَى الْعالَمِينَ (9).

الموفى ثلاثمائة: اثنتان و ثلاثون منها وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (10).

الواحد بعد الثلاثمائة (11): احدى عشرة من الأحقاف إِفْكٌ قَدِيمٌ (12).

الثاني بعد الثلاثمائة: اثنتان و عشرون منها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (11).

الثالث بعد الثلاثمائة: آخر السورة.

الرابع بعد الثلاثمائة: خمس عشرة لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (12) من سور محمد صلّى اللّه عليه و سلم (13).

ص: 479


1- الزخرف
2- .
3- الزخرف (30) وَ لَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَ إِنَّا بِهِ كافِرُونَ.
4- الزخرف (48) ... وَ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
5- الزخرف (70) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ.
6- الدخان
7- رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ.
8- الدخان (52).
9- الجاثية (16) وَ لَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ.
10- الجاثية (32) ... قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ.
11- في د و ظ: بعد ثلاثمائة، أي بدون (أل) و هكذا إلى آخر هذه التجزئة.
12- الأحقاف (11) ... وَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ.
13- في بقية النسخ: خمس عشرة من سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلم لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ.

الخامس بعد الثلاثمائة: تسع و عشرون منها أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ (1).

السادس بعد الثلاثمائة: سبع آيات من الفتح وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (2)ق (3) ... وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ.(4).

السابع بعد الثلاثمائة: تسع عشرة آية من الفتح عَزِيزاً حَكِيماً (5).

الثامن بعد الثلاثمائة: في بعض التاسعة و العشرين رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (6).

التاسع بعد الثلاثمائة: إحدى عشرة من الحجرات فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (7).

العاشر بعد الثلاثمائة: إحدى عشرة (8) من ق كَذلِكَ الْخُرُوجُ (7).

الحادي عشر بعد الثلاثمائة: ثمان و ثلاثون منها وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (9).

الثاني عشر بعد الثلاثمائة: ثلاثون من الذاريات إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (10).

الثالث عشر بعد الثلاثمائة: خمس من الطور وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (11).

الرابع عشر بعد الثلاثمائة: ثمان و ثلاثون منها بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (11).

الخامس عشر بعد الثلاثمائة: ست و عشرون من النجم لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى (12).

السادس عشر بعد الثلاثمائة: آخر السورة.

السابع عشر بعد الثلاثمائة: اثنتان و ثلاثون من القمر فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (13) بعده كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ.

ص: 480


1- محمّد صلّى اللّه عليه و سلم (29) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ.
2- الفتح
3- الطور (38) ... فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ.
4- .
5- الفتح (19) ... وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً.
6- الفتح (29) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ....
7- الحجرات (11) ... وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
8- من قوله: من الحجرات فَأُولئِكَ ... إلى هنا ساقط من د و ظ بانتقال النظر.
9- ق (38) وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ.
10- الذاريات (30).
11- الطور (5).
12- النجم (26) وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى
13- القمر (32) وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

الثامن عشر بعد الثلاثمائة: إحدى و عشرون من سورة الرحمن عزّ و جلّ لا يَبْغِيانِ (1).

التاسع عشر بعد الثلاثمائة: اثنتان و ستون منها وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (2).

العشرون بعد الثلاثمائة: تسع و أربعون من الواقعة قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ (3).

الواحد و العشرون بعد الثلاثمائة: تسعون منها وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (4).

الثاني و العشرون بعد الثلاثمائة: احدى عشرة من الحديد وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (5)الحشر (21) ... وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.(6).

الثالث و العشرون بعد الثلاثمائة: عشرون منها إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ (7).

الرابع و العشرون بعد الثلاثمائة: آخر السورة.

الخامس و العشرون بعد الثلاثمائة: عشر من المجادلة فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (8)الحشر (8) ... وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ.(9).

السادس و العشرون بعد الثلاثمائة: إحدى و عشرون منها إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (10).

السابع و العشرون بعد الثلاثمائة ثمان (11) آيات من الحشر أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (10).

الثامن و العشرون بعد الثلاثمائة: إحدى و عشرون منها لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (11).

التاسع و العشرون بعد الثلاثمائة: ست آيات من الامتحان هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (12).

ص: 481


1- الرحمن (20) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ.
2- الرحمن (62).
3- الواقعة (49) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ.
4- الواقعة (90) وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ.
5- الحديد
6- مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ و كتبت الآية في النسخ وَ لَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ خطأ.
7- الحديد (20) وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ.
8- المجادلة
9- ... وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
10- المجادلة (21).
11- في بقية النسخ: ثماني.
12- الممتحنة (6) ... وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.

الثلاثون بعد الثلاثمائة: خمس من الصافات وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (1)في بقية النسخ: اثنتان.(2).

الواحد و الثلاثون بعد الثلاثمائة: ثلاث من الجمعة وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)المنافقون (5) ... لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَ رَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ.(4).

الثاني و الثلاثون بعد الثلاثمائة: خمس من المنافقين وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (3).

الثالث و الثلاثون بعد الثلاثمائة: ست من التغابن وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (5)الطلاق (2) ... وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً.(6).

الرابع و الثلاثون بعد الثلاثمائة: آيتان (5) من الطلاق يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (6).

الخامس و الثلاثون بعد الثلاثمائة: الأولى من التحريم وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7).

السادس و الثلاثون بعد الثلاثمائة: آخر السورة.

السابع و الثلاثون بعد الثلاثمائة: اثنتان و عشرون من الملك صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (8).

الثامن و الثلاثون بعد الثلاثمائة: ثلاثون من ن عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (9).

التاسع و الثلاثون بعد الثلاثمائة: سبع من الحاقة أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (10).

الأربعون بعد الثلاثمائة: خمس من المعارج صَبْراً جَمِيلًا (11).

الواحد و الأربعون بعد الثلاثمائة: ثلاث من نوح وَ اتَّقُوهُ وَ أَطِيعُونِ (12).

ص: 482


1- الصف
2- .
3- الجمعة
4- .
5- التغابن
6- .
7- و الأولى أن ينتهي آخر الطلاق ثم يبتدأ بحفظ التحريم من أولها، فالآية الواحدة- كما هنا- لا تؤثر في حفظ الكمية التي يريد حفظها و قد سبق أن قلت مثل هذا، و هذا ما ينبغي أن يقال في كل ما يماثل هذا، و اللّه أعلم.
8- الملك (22) ... أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
9- القلم (30) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ.
10- الحاقة (7) ... فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ.
11- المعارج (5) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا.
12- نوح (3) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ وَ أَطِيعُونِ.

الثاني و الأربعون بعد الثلاثمائة: آخر السورة.

الثالث و الأربعون بعد الثلاثمائة: عشرون من سورة الوحي وَ لا أُشْرِكُ (1) بِهِ أَحَداً (2).

الرابع و الأربعون بعد الثلاثمائة: آخر يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ.

الخامس و الأربعون بعد الثلاثمائة: ثلاث و ثلاثون من المدّثر وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (3).

السادس و الأربعون بعد الثلاثمائة: احدى و ثلاثون من القيامة وَ لا صَلَّى (4).

السابع و الأربعون بعد الثلاثمائة: احدى و عشرون من الإنسان شَراباً طَهُوراً (5).

الثامن و الأربعون بعد الثلاثمائة: أربعون من المرسلات يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (6) بعده إِنَّ الْمُتَّقِينَ.

التاسع و الأربعون بعد الثلاثمائة: آخر عَمَّ يَتَساءَلُونَ.

الخمسون بعد الثلاثمائة: عشر (7) من عبس عَنْهُ (8) تَلَهَّى (9)الانفطار (10).(10).

الواحد و الخمسون بعد الثلاثمائة: عشر من الانفطار وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10).

الثاني و الخمسون بعد الثلاثمائة: ثمان من الشفق حِساباً يَسِيراً (11).

الثالث و الخمسون بعد الثلاثمائة: عشر من البروج وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (12).

الرابع و الخمسون بعد الثلاثمائة: آخر سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

ص: 483


1- في د وَ لا أُشْرِكُ بِرَبِّي ... خطأ.
2- الجن (20) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَ لا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً.
3- المدثر (33) كَلَّا وَ الْقَمَرِ وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ.
4- القيامة (31) فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى.
5- الإنسان (21) وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً.
6- المرسلات (40) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.
7- في د و ظ: عشرون، و هو خطأ واضح.
8- في بقية النسخ عَنْهُ تَلَهَّى.
9- عبس
10- فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى.
11- الانشقاق (8) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً،
12- البروج (10) ... فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ.

الخامس و الخمسون بعد الثلاثمائة: عشرون من الفجر الْمالَ حُبًّا جَمًّا (1).

السادس و الخمسون بعد الثلاثمائة: خمس من الليل أَعْطى وَ اتَّقى (2)في بقية النسخ: (و هو مائة ...).(3).

السابع و الخمسون بعد الثلاثمائة: آخر سورة العلق.

الثامن و الخمسون بعد الثلاثمائة: آخر إِذا زُلْزِلَتِ.

التاسع و الخمسون بعد الثلاثمائة: آخر الفيل.

الستون بعد الثلاثمائة: آخر سورة الناس.

و هذه التجزئة (مبادلة) (4) و لها فوائد:

أ- منها أنك تعرف بها أثلاث الأحزاب، لأن كل جزءين منها ثلث حزب، و كل ثلاثة نصف حزب، و كل أربعة ثلثا حزب.

ب- و كذلك تعرف بها نصف القرآن، لأن نصف (القرآن) (5) منها: مائة و ثمانون، و ثلث القرآن (5): مائة و عشرون، و الربع: و هو تسعون جزءا، و الخمس:

و هو اثنان و سبعون جزءا، و السدس: و هو ستون جزءا، و الثمن: و هو خمس و أربعون جزءا، و التسع: و هو أربعون جزءا.

ج: و منها أنها (6) تعين على حفظ القرآن، لأنه لا يثقل على من يريد حفظه أن يحفظ منها كل يوم جزءا.

و مما روي في الإعانة على حفظ القرآن (العزيز) (7) ما حدّثني به الإمام أبو الفضل الغزنوي- رحمه اللّه- بالسند المتقدم إلى أبي عيسى- رحمه اللّه- قال: حدّثنا أحمد بن

ص: 484


1- الفجر (20) وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا.
2- الليل
3- فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى
4- هكذا: رسمت الكلمة في الأصل في موضعين (مبادلة) و في بقية النسخ: مباركة. و هي الصواب.
5- غير واضحة في الأصل.
6- في ظ: (أنه) خطأ.
7- في بقية النسخ: القرآن.

الحسن (1) ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي (2) ثنا الوليد بن مسلم (3) ثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح (4) و عكرمة- مولى ابن عباس- عن ابن عباس (5) أنه قال: بينما نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إذ جاءه علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- فقال: بأبي أنت و أمي، تفلت هذا القرآن من صدري، فما أجدني أقدر عليه، فقال (6) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: يا أبا الحسن، أ فلا أعلّمك كلمات ينفعك اللّه بهن، و ينفع (7) بهن من علّمته، و يثبت ما تعلّمت في صدرك؟ قال: أجل يا رسول اللّه، فعلّمني، قال: إذا كان ليلة الجمعة، فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة و الدعاء فيها مستجاب، و قد قال أخي يعقوب لبنيه (8): (سوف أستغفر لكم ربّي) (9) يقول: حتى تأتي (10) ليلة الجمعة، فإن لم تستطع فقم في وسطها، فإن لم تستطع فقم في أولها، فصلّ أربع ركعات، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و سورة يس و في الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و حم الدخان، و في الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب و الم تَنْزِيلُ السجدة،

ص: 485


1- أحمد بن الحسن بن جنيدب- بالجيم و النون مصغرا- الترمذي أبو الحسن، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 250 ه تقريبا. التقريب (1/ 13) و راجع الجرح و التعديل (2/ 47).
2- سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى التميمي الدمشقي، أبو أيوب، صدوق، يخطئ، من العاشرة، مات سنة 233 ه. التقريب (1/ 327) و راجع الميزان (2/ 212).
3- الوليد بن مسلم القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة، لكنه كان كثير التدليس، من الثامنة، مات سنة 194 ه أو نحوها. التقريب (2/ 336) و راجع الميزان (4/ 347) و الفهرست لابن النديم (159، 318).
4- عطاء بن أبي رباح- بفتح الراء الموحدة- و اسم أبي رباح أسلم القرشي مولاهم المكي التابعي، ثقة فاضل، لكنه كثير الإرسال من الثالثة، مات سنة أربع عشرة على المشهور، و قيل: أنه تغير بآخره، و لم يكن ذلك منه. التقريب (2/ 22) و تاريخ الثقات (332).
5- (عن ابن عباس) ليست في د و ظ.
6- في بقية النسخ: فقال له ... الخ.
7- في ظق: و تنفع. و هي أليق.
8- في ظ: للبنينه. خطأ.
9- يوسف (98).
10- في د و ظ: حتى يأتي ... الخ.

و في الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب و تبارك المفصل (1) و إذا فرغت من التشهد (2)، فاحمد اللّه و أحسن الثناء عليه (3) و صل على محمد (4) و أحسن، و على سائر النبيين، و استغفر للمؤمنين و المؤمنات و لإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، و ارحمني أن اتكلف ما لا يعنيني، و ارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السموات و الأرض ذا الجلال و الإكرام و العزة التي لا ترام، أسألك يا اللّه يا رحمن بجلالك و نور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني و ارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السموات و الأرض، ذا الجلال و الإكرام و العزة التي لا ترام، أسألك يا اللّه يا رحمن بجلالك و نور وجهك أن تنور بكتابك بصري، و أن تطلق به لساني، و أن تفرج به عن قلبي، و أن تشرح به صدري، و أن تعمل (5) به بدني (6) فإنه لا يعينني على الحق غيرك، و لا يؤتيه إلا أنت، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

يا أبا الحسن، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا، تجاب بإذن اللّه، و الذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط.

قال ابن عباس: فو اللّه ما لبث عليّ إلّا خمسا أو سبعا، حتى جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في مثل ذلك المجلس، فقال: يا رسول اللّه، إنّي كنت- فيما خلا- لا آخذ (7) إلّا أربع آيات و نحوهن فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن، و أنا أتعلّم اليوم أربعين آية و نحوها، فإذا قرأتهن على نفسي فكأنما كتاب اللّه بين عينيّ، و لقد كنت أسمع الحديث، فإذا ردّدته (8) تفلت، و أنا اليوم أسمع الأحاديث، فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا.

ص: 486


1- و هي تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ و هي من طوال المفصل و قد مرّ الكلام على المفصل. و قد قيّد في الحديث بقوله: (تبارك المفصل) لإخراج تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ و هو من المئين كما سبق بيانه، و اللّه أعلم.
2- في د و ظ: فإذا.
3- في بقية النسخ: على اللّه.
4- في بقية النسخ: و صلّ عليّ.
5- في حاشية د: تستعمل، تغسل. و طمس من الصلب كلمة (تعمل).
6- في سنن الترمذي: و أن تغسل به بدني، قال الشارح لسنن الترمذي: و في بعض النسخ (تعمل) و الظاهر أنه من الأعمال، يقال: أعمله غيره، أي جعله عاملا اه. تحفة الأحوذي (10/ 20).
7- في ظ: لآخذ.
8- في د: فإذا ردّدت. و في ظ: فإذا أردت.

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم (1): عند ذلك- مؤمن و رب الكعبة، يا أبا الحسن اه (2).

ص: 487


1- ليست في د و ظ.
2- رواه الترمذي- كما قال المصنف- في أبواب الدعوات باب في دعاء الحفظ، و قال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلّا من حديث الوليد بن مسلم (10/ 21). و رواه الحاكم في المستدرك كتاب صلاة التطوع، و قال: هذا صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه اه. و لم يوافقه الذهبي بل تعقبه بقوله: هذا حديث منكر شاذ، أخاف لا يكون موضوعا، و قد حيّرني- و اللّه- جودة سنده ... و اللّه أعلم اه. المستدرك (1/ 317). و قد أورده الذهبي أيضا عند ترجمته لسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قال: و خرج له الترمذي عن الوليد حدّثنا ابن جريج عن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس ... و ذكر شطره، ثم قال: و هو مع نظافة سنده حديث منكر جدا، في نفسي منه شي ء، فاللّه أعلم. الميزان (2/ 213) و راجع (4/ 347) من المصدر نفسه. و عزاه الحافظ ابن كثير إلى الطبراني في المعجم الكبير و الترمذي، و الحاكم، ثم قال: و لا شك أن سنده من الوليد على شرط الشيخين حيث صرّح الوليد بالسماع من ابن جريج، و اللّه أعلم، فإنه من البيّن غرابته، بل نكارته اه. فضائل القرآن (ص 57) قال الشيخ محمد رشيد رضا- رحمه اللّه- مؤيدا لكلام ابن كثير هذا: بل أسلوبه أسلوب الموضوعات، لا أسلوب أفصح البشر محمد صلّى اللّه عليه و سلم و علي رضي اللّه عنه و لا أسلوب عصرهما اه. من المصدر نفسه. و راجع تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة كتاب الصلاة (2/ 111) و الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني، باب صلاة الجماعة النوع الخامس صلاة الحفظ (ص 41). جمال القراء و كمال الإقراء، ج 2، ص: 491

المجلد 2

هوية الکتاب

عنوان و نام پديدآور : جمال القراء و كمال الاقراء/ تاليف علم الدين ابي الحسن علي بن محمد السخاوي ؛ حققه و علق عليه و عمل فهارسه ر . عبد الكريم الزبيدي.

مشخصات نشر : بيروت: دارالبلاغه، 1413ه = 1993م = 1372.

مشخصات ظاهري : ج

وضعيت فهرست نويسي : در انتظار فهرستنويسي (اطلاعات ثبت)

شماره كتابشناسي ملي : 2124121

ص: 488

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 489

ملتزم الطبع والنشر والتوزيع مؤسسة المكتب الثقافية فقط

الطبعة الأولى

مؤسسة الكتب الثقافية

للطباعة ، بناية الإتحاد الوطني، الطابق النتاج ، شقة ٧٨

هاتف المكتب : 739250 - 739258

خليوي : ٠٣/٨١٠٥٦١

ص ب : ١١٤/٥١١٥ - ببرقيا : المكتبكو، تلكن : ٤٠٤٥٩

بيروت - لبنات

ص: 490

الجزء الثاني

أقوى العدد في معرفة العدد

اشارة

أقوى العدد في معرفة العدد (1)

عدد أي القرآن، ينقسم إلى المديني الأول و المدني الآخر، و المكّي، و الكوفي،

ص: 491


1- قال أبو عمرو الداني:- بعد أن ذكر السنن و الآثار التي فيها ذكر آي السور- قال: ففي هذه السنن و الآثار التي اجتلبناها في هذه الأبواب- مع كثرتها و اشتهار نقلتها-: دليل واضح و شاهد قاطع على أن ما بين أيدينا مما نقله إلينا علماؤنا عن سلفنا، من عدد الآي، و رءوس الفواصل و الخموس و العشور و عدد جمل آي السور على اختلاف ذلك و اتفاقه، مسموع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و مأخوذ عنه، و أن الصحابة رضوان اللّه عليهم هم الذين تلقوا منه كذلك تلقيا كتلقيهم منه حروف القرآن و اختلاف القراءات سواء، ثم أداه التابعون- رحمة اللّه عليهم- على نحو ذلك إلى الخالفين أداء، فنقله عنهم أهل الأمصار، و أدوه إلى الأمة، و سلكوا في نقله و أدائه الطريق التي سلكوها في نقل الحروف و أدائها من التمسك بالسماع، دون الاستنباط و الاختراع ... اه من كتاب البيان مخطوط (9/ ب) ميكروفيلم و مدار العدد على أحد عشر رجلا موزعين على خمسة أمصار، سيذكرهم المصنف، و راجع اتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر 118، 119. قال الفيروزآبادي: «و أما عدد الآيات فإن صدر الأمة و أئمة السلف من العلماء و القراء كانوا ذوي عناية شديدة في باب القرآن و علمه، حتى لم يبق لفظ و معنى إلا بحثوا عنه، حتى الآيات و الكلمات و الحروف، فإنهم حصروها و عدوها، و بين القراء في ذلك اختلاف لكنه لفظي لا حقيقي» اه بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (1/ 558). ثم أخذ الفيروزآبادي يذكر بعض الأمثلة على الاختلاف في عدد الآيات و هو كثير، إلى أن قال: «و من هنا صار عند بعضهم آيات القرآن أكثر، و عند بعضهم أقل ... فإذا علمت هذه القاعدة في الآيات فكذلك الأمر في الكلمات- و الحروف، فإن بعض القراء عد (في الأرض) مثلا كلمتين على أن (في) كلمة، و (الأرض) كلمة، و بعضهم عدها كلمة واحدة، فمن ذلك حصل الاختلاف. و كذلك الحروف فإن بعض القراء عد الحرف المشدد حرفين ..» اه من المصدر نفسه. هذا و قد ذكر العلماء كثيرا من الفوائد التي يترتب عليها معرفة عدد الآيات و الفواصل، من هذه الفوائد:أ- يحتاج لمعرفة الفواصل لصحة الصلاة، فقد قال الفقهاء فيمن لم يحفظ الفاتحة فإنه يأتي بدلها بسبع آيات ... ب- كون هذه المعرفة سببا لنيل الأجر الموعود به على عدد مخصوص من الآيات ... ج- الاحتياج إلى هذا العدد في معرفة ما يسن قراءته بعد الفاتحة في الصلاة حيث لا تحصل السنة إلا بقراءة ثلاث آيات قصار، أو آية طويلة ... د- اعتباره لصحة الخطبة فقد أوجبوا فيها قراءة آية تامة. ه توقف معرفة الوقف المسنون على هذا العلم، فالوقف على رءوس الآي سنة. و- اعتبار ذلك في الإمالة، فإن من القراء من يوجب إمالة رءوس آي سور خاصة. راجع الإتقان (1/ 196) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 175) فما بعدها، و مناهل العرفان (1/ 344) و نفائس البيان (ص 2).

و البصري، و الشامي (1).

فالمدني الأول: رواه نافع بن أبي نعيم- رحمه اللّه- عن أبي جعفر يزيد بن القعقاع (2) و شيبة بن نصاح (3) و به أخذ القدماء من أصحاب نافع (4).

و المدني الأخير، فهو الذي رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري (5) عن

ص: 492


1- انظر: البيان للداني ورقة (22) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 170).
2- أبو جعفر القارئ المدني المشهور، المخزومي مولاهم أحد القراء العشرة اسمه يزيد بن القعقاع بن شبرمة و قيل: جندب بن صيرور، و قيل فيروز، ثقة من الرابعة. مات سنة 127 ه و قيل غير ذلك. التقريب (2/ 604) و معرفة القراء الكبار (1/ 72) و مشاهير علماء الأمصار (76) و الميزان (4/ 511) و كنى مسلم (1/ 174) و الجرح و التعديل (9/ 285) و تاريخ الثقات (480) و غاية النهاية (2/ 382).
3- بكسر النون بعدها مهملة و آخرها مهملة- ابن سرجس بن يعقوب القاري الإمام المدني القاضي ثقة أحد شيوخ نافع في القراءة، من الرابعة، مات سنة 130 ه. التقريب (1/ 357)، و معرفة القراء الكبار (1/ 79) و تاريخ الثقات (224) و مشاهير علماء الأمصار (130) و غاية النهاية (1/ 329).
4- و هذا هو ما يرويه أهل الكوفة عن أهل المدينة بدون تعيين أحد منهم، بمعنى أنه متى روى الكوفيون العدد عن أهل المدينة بدون نسبة أحد منهم فهو عدد المدني الأول، و هو المروي عن نافع عن شيخيه أبي جعفر و شيبة، و عدد آي القرآن عندهم 6217، و روى أهل البصرة عدد المدني الأول عن ورش عن نافع عن شيخيه، و الحاصل أن المدني الأول هو ما رواه نافع عن شيخيه، لكن اختلف أهل الكوفة و البصرة في روايته عن المدنيّين، فأهل الكوفة رووه عن أهل المدينة بدون تعيين أحد منهم، و رواه أهل البصرة عن ورش عن نافع عن شيخيه، و عدد آي القرآن عندهم 6214 اه. نفائس البيان (ص 6) و راجع التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 170).
5- إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولاهم المدني المقرئ أبو إسحاق، نزل بغداد و نشر بها علمه، و أقرأ بها، و هو ثقة مأمون، توفي ببغداد سنة 180 ه. معرفة القراء الكبار (1/ 144) و تاريخ بغداد (6/ 218) و مشاهير علماء الأمصار (141) و التقريب (1/ 68).

سليمان بن مسلم بن جماز (1) عن شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب- مولى أم سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم- و عن أبي جعفر يزيد بن القعقاع- مولى عبد اللّه بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي (2)-، و عليه الآخذون لقراءة نافع اليوم، و به ترسم الأخماس و الأعشار، و فواتح السور في مصاحف أهل المغرب (3) (4)./

54/ و أما المكّي: فمنسوب إلى عبد اللّه بن كثير (5)- رحمه اللّه- و غيره (من أهل مكة) (6) و هم يروون ذلك عن أبيّ بن كعب- رحمه اللّه (7)./

52/ و أما العدد الكوفي: فرواه حمزة بن حبيب الزيات (8)- رحمه اللّه بسنده عن أبي (عبد اللّه) (9) السلمي، و أبو عبد الرحمن يسند بعضه إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه (10).

ص: 493


1- كان مقرئا جليلا ضابطا نبيلا مقصودا في قراءة أبي جعفر و نافع روى القراءة عرضا عنهما، و توفي بعد السبعين و مائة. النشر في القراءات العشر (1/ 179) و الجرح و التعديل (4/ 142).
2- ولد في الحبشة لما هاجر أبوه إليها و مات بالمدينة، قيل سنة 64 ه و قيل غير ذلك. الإصابة (6/ 188) رقم (4867) و معرفة القراء الكبار (1/ 57).
3- كلمة المغرب حرفت في د و ظ إلى (العرب).
4- و عدد آى القرآن عندهم 6214. انظر مقدمة تفسير القرطبي (1/ 65) و نفائس البيان (ص 7) و في تحديد ذلك خلاف كثير، انظره في بصائر ذوي التمييز (1/ 560).
5- عبد اللّه بن كثير بن المطلب الإمام أبو معبد الداري المكي، إمام المكيين في القراءة و أحد الأئمة السبعة المشهورين، كان فصيحا بليغا مفوها، عليه سكينة و وقار، و حديثه مخرج في الكتب الستة، توفي سنة 120 ه. معرفة القراء الكبار (1/ 86) و انظر التقريب (1/ 442) و الجرح و التعديل (5/ 144) و النشر (1/ 120).
6- في بقية النسخ: و غيره من أهل مكة، و هم يرون ... الخ.
7- و هذا العدد يرويه ابن كثير عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و عدد الآى عندهم (6210) و قيل غير ذلك. انظر: التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 170) و نفائس البيان (ص 7) و ذكر القرطبي أن عدد آي القرآن في العدد المكي 6219. انظر مقدمة تفسيره (1/ 65) و هناك أقوال أخرى ذكرها الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 560).
8- ساق الإمام الداني بسنده إلى أبي عبد اللّه محمد بن عيسى أنه قال: «عدد آى القرآن في قول الكوفي من عدد حمزة الزيات و علي بن حمزة الكسائي» اه. البيان في عد آى القرآن (23/ أ).
9- هكذا في الأصل. و هو خطأ. و في بقية النسخ: عن أبي عبد الرحمن السلمي. و هو الصحيح.
10- انظر: التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 171). يقول الحافظ أحمد بن عبد اللّه العجلي: حدثني أبي: عبد اللّه، قال: قيل للكسائي: كيف عددت عدد أهل الكوفة و تركت أهل المدينة؟ قال: يرون حمزة يغلب رغم أنه عدّد على عليّ بن أبي طالب- رضوان اللّه عليه- هو عدد كوفي، و أضعف العددين عدد البصريين» اه تاريخ الثقات (224) عند ترجمته لشيبة بن نصاح. و يقول الفيروزآبادي: اعلم أن عدد آيات القرآن عند أهل الكوفة 6236 آية. هكذا مسند المشايخ من طريق الكسائي إلى علي بن أبي طالب. و قال سليم عن حمزة قال: «هو عدد أبي عبد الرحمن السلمي، و لا شك فيه أنه عن علي إلا أني أجبن عنه» اه بصائر ذوي التمييز (1/ 559). و قال في موضع آخر: «و أعلى الروايات و أصحها العد الكوفي، فإن إسناده متصل بعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنه» اه (1/ 133) و راجع نحوه في مقدمة تفسير القرطبي (1/ 65). و أما شيخنا القاضي فإنه قال: هو ما يرويه حمزة و سفيان عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه بواسطة ثقات ذوي علم و خبرة، و هذا العدد هو الذي اشتهر بالعدد الكوفي، فيكون لأهل الكوفة عددان أحدهما مروي عن أهل المدينة، و هو المدني الأول- و قد سبق ذكره- و ثانيهما ما يرويه حمزة و سفيان. فما روي عن أهل الكوفة موقوفا على أهل المدينة فهو المدني الأول و ما روي عنهم موصولا إلى علي بن أبي طالب فهو المنسوب إليهم» اه نفائس البيان (ص 8).

و أما العدد البصري: فمنسوب إلى عاصم بن ميمون الجحدري (1) و أما العدد الشامي (2): فعن يحيى بن الحارث الذماري- رحمه اللّه (3)-.

ص: 494


1- و هو عاصم بن العجاج الجحدري، و قد تقدمت ترجمته، و لم أقف على من سماه بعاصم بن ميمون. قال القرطبي: و جميع عدد آي القرآن في عدد البصريين 6204 و هو العدد الذي مضى عليه سلفهم حتى الآن» اه مقدمة تفسيره (1/ 65). و هذا العدد منسوب إلى عطاء بن يسار و عاصم الجحدري، و هو ما ينسب بعد إلى أيوب بن المتوكل. انظر إتحاف فضلاء البشر (ص 119) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 171)، و نفائس البيان (ص 7).
2- و ينقسم العدد الشامي إلى دمشقي، و هو ما يرويه يحيى الذماري عن عبد اللّه بن عامر اليحصبي عن أبي الدرداء، و ينسب هذا العدد إلى عثمان بن عفان رضي اللّه عنه و عدد الآي فيه 6227 و قيل 6226. و الثاني: حمصي و هو ما أضيف إلى شريح بن يزيد الحمصي الحضرمي، و عدد الآى فيه 6232 نفائس البيان (ص 7) و ذكر القرطبي رواية ثالثة في عدد يحيى الذماري و هو 6225 قال ابن ذكوان: فظننت أن يحيى لم يعد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. قال أبو عمرو الداني: فهذه الأعداد- هي- التي يتداولها الناس تأليفا، و يعدون بها في سائر الآفاق قديما و حديثا» اه من مقدمة تفسير القرطبي (1/ 65) و راجع نحو هذا في كتاب التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 171).
3- انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة 22- 23 ميكروفيلم، و الإتقان . (1/ 179) و الإتحاف (ص 118) و نفائس البيان (ص 6، 7). يقول الداني: بعد ما ذكر نحو ما هاهنا- و هذه الأعداد- و إن كانت موقوفة على هؤلاء الأئمة- فإن لها لا شك مادة تتصل و إن لم نعلمها من طريق الرواية و التوقيف، كعلمنا بمادة الحروف و الاختلاف، إذ كان كل واحد منهم قد لقي غير واحد من الصحابة، و شاهده و أخذ عنه و سمع منه، أو لقي من لقي الصحابة مع أنهم لم يكونوا أهل رأي و اختراع، بل كانوا أهل تمسك و اتباع» اه. من المصدر المذكور.

ص: 495

فاتحة الكتاب

هي سبع آيات باتفاق (1) إلّا أنهم اختلفوا في الآية (2) السابعة فعد الكوفي و المكّي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية و لم يعدّوا (3) أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (4) و بالعكس المدنيان

ص: 496


1- قال تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ الحجر: (87). و قد تقدم القول بأن المراد من السبع المثاني هي فاتحة الكتاب و ذلك عند الحديث عن نثر الدرر في ذكر الآيات و السور (ص 167)، و بناء عليه فهي سبع آيات باتفاق، و راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 128) و تفسير الخازن (1/ 13) و غيث النفع (ص 57). و هناك قولان آخران بالنسبة لعدد آيات الفاتحة أحدهما ما جاء عن حسين بن علي الجعفي إنها ست آيات لأنه لم يعد البسملة، و عد صِراطَ الَّذِينَ إلى آخر السورة آية. الثاني: ما جاء عن عمرو بن عبيد أنها ثمان آيات، لأنه عد البسملة و عد أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، و هذان قولان غريبان و لا التفات إليهما لأنهما مخالفان للإجماع المعتد به. انظر التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 166) و راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 128).
2- «الآية» ليست في د و ظ.
3- في د و ظ: و لم يعد.
4- انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (1/ 23، 25) و التبيان لبعض المباحث (ص 186). قال الداني: وعدها آية في أول الحمد من أئمة الأمصار أهل مكة و الكوفة، و كل من رأى قراءتها في صلاة الفرض من الصحابة و التابعين، و من بعدهم من الفقهاء فهي عنده آية» اه كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة 17/ ب و راجع 18/ أ من المصدر نفسه. و قال الشوكاني: و قد جزم قراء مكة و الكوفة بأنها آية من الفاتحة و من كل سورة، و خالفهم قراء المدينة و البصرة و الشام فلم يجعلوها آية لا من الفاتحة و لا من غيرها من السور، قالوا: «و إنما كتبت للفصل و التبرك» اه فتح القدير (1/ 17). و قد نظم شيخنا عبد الفتاح القاضي رحمه اللّه هذا بقوله: و الكوف مع مكّ يعد البسملة سواهما أولى (عليهم) عدّ له اه. نفائس البيان (ص 8). هذا و سيأتي- بإذنه تعالى- مزيد بيان بالنسبة لما يتعلق بالبسملة اثباتا و نفيا و جهرا و إسرارا.

و البصري و الشامي (1).

وعد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من الفاتحة الشافعي (2)- رحمه اللّه- و أبو ثور (3) و أحمد و إسحاق و أبو عبيد، و أهل الكوفة، و أكثر أهل العراق، و ابن شهاب الزهري، و عمرو بن دينار (4) و ابن جريج، و مسلم بن خالد (5) و سائر أهل مكة، و هو مذهب ابن عمر، و الصحيح عن ابن عباس (6) و به يقول جماعة أصحاب ابن عباس:

سعيد بن جبير و عطاء و مجاهد و طاوس (7).

164/ و قد روي الجهر (8) بها في الصلاة عن أبي هريرة و عمار (9)

ص: 497


1- انظر: اتحاف فضلاء البشر (ص 118).
2- قال الإمام الشافعي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الآية السابعة فإن تركها أو بعضها لم تجزئة الركعة التي تركها فيها» اه الأم (1/ 107).
3- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، أبو ثور الفقيه، صاحب الشافعي، ثقة من العاشرة، مات سنة 240 ه التقريب (1/ 35) و الفهرست لابن النديم (ص 297) و تاريخ بغداد (6/ 65) و ميزان الاعتدال (1/ 29) و الأعلام (1/ 37).
4- عمرو بن دينار الجمحي بالولاء أبو محمد الأثرم، فقيه كان مفتى أهل مكة، فارسي الأصل، مولده بصنعاء و وفاته بمكة (46- 126 ه) انظر: التقريب (2/ 69) و الميزان (3/ 260) و الأعلام (5/ 77).
5- مسلم بن خالد المخزومي مولاهم المكي، فقيه، صدوق كثير الأوهام من الثامنة، مات سنة 179 ه أو بعدها، التقريب (2/ 245) و الميزان (4/ 102).
6- ذكر القرطبي نحوه، ثم قال: و هذا يدل على أن المسألة اجتهادية لا قطعية كما ظنه بعض الجهال من المتفقهة، الذي يلزم على قوله تكفير المسلمين، و ليس كما ظن لوجود الاختلاف المذكور اه. الجامع لأحكام القرآن (1/ 96).
7- طاوس بن كيسان اليماني أبو عبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي يقال اسمه ذكوان،، و طاوس لقب، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة مات سنة 106 ه و قيل بعد ذلك. التقريب (1/ 377) و مشاهير علماء الأمصار (122) و صفة الصفوة (2/ 284).
8- قد أفرد هذه المسألة بالتصنيف جماعة: منهم ابن خزيمة و ابن حبان و الدار قطني و البيهقي و ابن عبد البر و آخرون. و للقائلين بالجهر بها أحاديث، أجودها حديث نعيم المجمر قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ... و سيأتي قريبا- إن شاء اللّه-. انظر: نصب الراية (1/ 335).
9- عمار بن ياسر بن مالك أبو اليقظان مولى بني مخزوم، صحابي جليل مشهور، من السابقين الأولين. بدري قتل مع علي بصفين سنة 37 ه. التقريب (2/ 48) و انظر: الإصابة (7/ 64) رقم 5699.

و ابن الزبير (1) (2).

و اختلف في ذلك عن عمر و علي (3) و كان أحمد و إسحاق و أبو عبيد (4) و سفيان و ابن أبي ليلى و الحسن بن حيي (5) و ابن شبرمة (6) يخفونها في صلاة الجهر (7) و كذلك يقول إبراهيم

ص: 498


1- هو: عبد اللّه بن الزبير و قد تقدم روى الخطيب البغدادي عنه الجهر، و روى ابن المنذر عنه ترك الجهر. انظر نصب الراية (1/ 357).
2- ذكر الزيلعي أن الكذب كثر على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه في أحاديث الجهر، لأن الشيعة ترى الجهر، و هم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث. و كان أبو علي بن أبي هريرة- أحد أعيان أصحاب الشافعي- يرى ترك الجهر بها، و يقول: الجهر بها صار من شعار الروافض، و غالب أحاديث الجهر نجد في روايتها من هو منسوب إلى التشيع» اه. من نصب الراية (1/ 357).
3- روى عبد الرزاق بسنده إلى علي رضي اللّه عنه أنه كان لا يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. انظر: المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 88) هذا و قد ساق ابن أبي شيبة الآثار الدالة على الجهر بها و عدمه، و هو نحو ما ذكره المصنف. راجع كتاب المصنف (1/ 410- 412) و راجع كذلك أحكام القرآن للجصاص (1/ 13، 14).
4- قال أبو عبيد: «السنة عندنا هو الإسرار بها في الصلاة» اه فضائل القرآن (ص 151).
5- الحسن بن صالح بن صالح بن حيي الهمداني- بسكون الميم- الثوري ثقة فقيه عابد رمي بالتشيع من السابعة، مات سنة 199 ه و كان مولده سنة 100 ه. التقريب (1/ 167) و انظر صفة الصفوة (3/ 152) و فيه مات سنة تسع و ستين و مائة.
6- عبد اللّه بن شبرمة- بضم المعجمة و سكون الموحدة و ضم الراء- ابن الطفيل، أبو شبرمة الكوفي القاضي ثقة فقيه من الخامسة مات سنة 144 ه. التقريب (1/ 422) و مشاهير علماء الأمصار (ص 168).
7- و قد ذكر القرطبي أقوال العلماء في البسملة- و هو نحو كلام السخاوي- ثم قال: «و القول بالإسرار قول حسن، و عليه تتفق الآثار ... و يخرج به من الخلاف في قراءة البسملة» اه الجامع لأحكام القرآن (1/ 96). و يقول ابن كثير:- «بعد أن ذكر أقوال الطرفين- و هي قريبة لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة و من أسر و للّه الحمد و المنة» اه من تفسيره (1/ 17). و أقول: إن هذا هو القول الوسط، و هو الذي تجتمع به الأدلة و لا تتعارض، و لا مانع من الجهر بها لدرء الفتنة عند مظنة وقوعها ما دام في الأمر سعة و اللّه أعلم. و راجع زاد المعاد في هدى خير العباد لابن القيم (1/ 206).

النخعي (1). و الحكم بن عتيبة (2) و حماد، و هو مذهب عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، و إلى ذلك ذهب أبو حنيفة رضي اللّه عنه (3).

و قال الكرخي (4) و غيره من أصحابه (5): لم يحفظ عنه أنها من فاتحة الكتاب، أو ليست من (6) الفاتحة (7)./

166/ قالوا (8): و مذهبه يقتضي أنها ليست بآية منها، قالوا: لأنه يسر بها في صلاة الجهر (9) و الإسرار بها: لا يدل على ما قولوه به، لأن جماعة من فقهاء الكوفة قد عدوها

ص: 499


1- أخرج بن أبي شيبة عن إبراهيم قال: جهر الإمام ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* بدعة انظر: كتاب المصنف باب من كان لا يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (1/ 410). و نقله عنه السيوطي في الدر (1/ 29) و أخرجه الداني في كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة 18/ أ ميكروفيلم.
2- الحكم بن عتيبة- بالمثناة الفوقية ثم التحتية ثم الموحدة مصغرا- أبو محمد الكندي الكوفي، ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس، من الخامسة مات سنة 113 ه أو بعدها. التقريب (1/ 192) و انظر تاريخ الثقات (126).
3- قال الزيلعي: نقلا عن الحازمي في الناسخ و المنسوخ- روي الجهر عن علي و عمر و ابن عمر و ابن عباس و عبد اللّه بن الزبير و عطاء و طاوس و مجاهد و سعيد بن جبير، و إليه ذهب الشافعي و أصحابه، و خالفهم في ذلك أكثر أهل العلم، و قالوا: يسر بها و لا يجهر، و روى ذلك عن أبي بكر و عمر- في إحدى الروايتين- و عثمان و ابن مسعود و عمار بن ياسر و الحكم و حماد، و به قال أحمد و إسحاق و أصحاب الحديث. و قالت طائفة: لا يقرؤها سرا و لا جهرا، و به قال مالك و الأوزاعي. استدل القائلون بالإخفاء بالأحاديث الثابتة، و أكثرها نصوص لا تقبل التأويل، و هي- و ان عارضها أحاديث أخرى- فأحاديث الإسرار أولى بالتقديم، لثبوتها و صحة سندها، و لا خفاء أن أحاديث الجهر لا توازيها في الصحة و الثبوت ... و أما من ذهب إلى الجهر، فقال: لا سبيل إلى إنكار ورود الأحاديث في الجانبين، و كتب السنن و المسانيد ناطقة بذلك، ثم يشهد بصحة الجهر آثار الصحابة و من بعدهم من التابعين و هلم جرّا، لكن أحاديث الإخفاء أمتن، و أحاديث الجهر- و إن كانت مأثورة عن جماعة من الصحابة- إلا أن أكثرها لم يسلم من شوائب الجرح، كما في الجانب الآخر، و الاعتماد في الباب على رواية أنس بن مالك لأنها أصح و أشهر» اه باختصار من نصب الراية (1/ 361).
4- عبيد اللّه بن الحسين الكرخي أبو الحسن، فقيه، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق، مولده في الكرخ و وفاته ببغداد (260- 340 ه) البداية و النهاية (11/ 239) و الأعلام (4/ 193).
5- أي من أصحاب أبي حنيفة.
6- في د و ظ: أو ليست منها.
7- انظر كلام الكرخي في تفسير الفخر الرازي (1/ 194) و هو نحو ما ذكره السخاوي.
8- أي اصحاب أبي حنيفة.
9- قال الجصاص الحنفي: تلميذ أبي الحسن الكرخي- اختلف في أنها من فاتحة الكتاب أم لا، فعدها قراء الكوفيين آية و لم يعدها قراء البصريين، و ليس عن أصحابنا رواية منصوصة في أنها آية منها، إلا أن شيخنا أبا الحسن الكرخي حكى مذهبهم في ترك الجهر بها، و هذا يدل على أنها ليست منها عندهم، لأنها لو كانت آية منها عندهم لجهر بها كما جهر بسائر آى السور اه أحكام القرآن (1/ 8). و قال في موضع آخر: و ما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من اخفائها يدل على أنها ليست من الفاتحة، إذ لو كانت منها لجهر بها كجهره بسائرها اه (1/ 16).

منها، و هم يسرون بها اتباعا للسّنة في صلاة الجهر (1) و اقتداء بالآثار الواردة في ذلك.

/ و قال داود (2): هي آية مفردة في كل موضع كتبت فيه في المصحف، و ليست بآية في شي ء مما افتتح به (3) و إنما هي آية في قوله عزّ و جلّ: وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا غير اه (4).

ص: 500


1- و هذا يدل على ترك الجهر بها، و لا دلالة فيه على تركها رأسا اه المصدر نفسه (1/ 14).
2- داود بن علي بن خلف الأصبهاني أبو سليمان الملقب بالظاهري، أحد الأئمة المجتهدين في الإسلام، تنسب إليه الطائفة الظاهرية، و سميت بذلك لأخذها بظاهر الكتاب و السنة و إعراضها عن التأويل و الرأي و القياس، و كان داود أول من جهر بهذا القول، مولده في الكوفة، و وفاته في بغداد (201- 270 ه). تاريخ بغداد (8/ 369) و الميزان (2/ 14) و الفهرست لابن النديم (ص 303) و الأعلام (2/ 333).
3- و قد ذكر نحوه الجصاص في أحكام القرآن له (1/ 12) و راجع غيث النفع (58، 59).
4- هي بعض آية من سورة النمل، أولها إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ رقم (30). قال ابن العربي: اتفق الناس على أنها آية من كتاب اللّه تعالى في سورة النمل، و اختلفوا في كونها في أول كل سورة، فقال مالك و أبو حنيفة: ليست في أوائل السور بآية، و إنما هي استفتاح ليعلم مبتدؤها. و قال الشافعي: هي آية في أول الفاتحة قولا واحدا، و هل تكون آية في أول كل سورة؟ اختلف قوله في ذلك ...» اه أحكام القرآن له (1/ 2). و قد ذكر القرطبي نحو كلام ابن العربي ثم قال: و الصحيح من هذه الأقوال قول مالك، لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد، و إنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه، ثم نقل عبارة ابن العربي: و يكفيك أنها ليست من القرآن اختلاف الناس فيها، و القرآن لا يختلف فيه اه. ثم يقول القرطبي: و الأخبار الصحاح التي لا مطعن فيها دالة على أن البسملة ليست بآية من الفاتحة و لا غيرها، إلا في النمل وحدها بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل، و عليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها، أو على السعة في ذلك» اه (1/ 93). و الذي أراه عدم الإنكار على من جهر بها و من أسر فكل له دليله الذي توصل إليه، و كل حاول التمسك بالسنة بغض النظر عن الصحيح و الأصح من ذلك، و اللّه أعلم. قال الشوكاني: و حكى القاضي أبو الطيب الطبري عن ابن أبي ليلى و الحكم أن الجهر و الإسرار سواء ... اه نيل الأوطار (2/ 201) و قد عزا هذا القول إلى ابن أبي ليلى: ابن عبد البر في التمهيد (2/ 231).

قال الرازي (1): و مذهب أبي حنيفة يقتضي عندي ما قال داود (2) و كذلك قال مالك رضي اللّه عنه، إلّا أنه قال: إن اللّه عزّ و جلّ لم ينزلها في شي ء من كتابه إلّا في وسط سورة النمل، و لا تقرأ في الفاتحة في الفريضة سرا و لا جهرا (3).

و قال بجميع ذلك من قوله الأوزاعي (4) (5) و ابن جرير (6) الطبري (7)، و عدوا كلهم (8) أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية.

و حجة من عدها آية (9) ما روى الليث بن سعد- رحمه اللّه- (قال) (10): حدّثني

ص: 501


1- أحمد بن علي الرازي، أبو بكر الجصاص فاضل من أهل الري، سكن بغداد و مات فيها، انتهت إليه رئاسة الحنفية، له مصنفات منها: «أحكام القرآن» (305- 370 ه). تاريخ بغداد (4/ 314) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 56) و الأعلام (1/ 171).
2- انظر نحوه في أحكام القرآن للرازي (1/ 12، 13).
3- راجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 96) و التمهيد لابن عبد البر (2/ 231).
4- عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي- نسبة إلى الأوزاع قرية بدمشق خارج باب الفراديس- أبو عمرو، الفقيه، ثقة جليل، من السابعة، مات سنة 157 ه. التقريب (1/ 493) و تاريخ الثقات (296) و مشاهير علماء الأمصار (180). قال الزيلعي: و الأوزاعي إمام أهل الشام و مذهبه في ذلك مذهب مالك لا يقرأها سرا و لا جهرا اه نصب الراية (1/ 354).
5- ذكر هذا عن الأوزاعي و غيره: ابن المنذر. انظر المغنى لابن قدامة (1/ 478).
6- محمد بن جرير بن زيد الطبري أبو جعفر، الإمام الجليل المفسر صاحب التصانيف المشهورة، استوطن بغداد و أقام بها إلى حين وفاته، و كان قد رحل في طلب الحديث و سمع بالعراق و الشام و مصر من خلق كثير، و حدث بأكثر مصنفاته (224- 310 ه). راجع ترجمته في طبقات المفسرين (2/ 110) و الميزان (3/ 498) و تاريخ بغداد (2/ 162) و معرفة القراء الكبار (1/ 264) و البداية و النهاية (11/ 156).
7- عزا هذا القول إلى مالك و الطبري: ابن عبد البر في التمهيد (2/ 231).
8- الظاهر أن الضمير يرجع إلى الذين تقدم ذكرهم و أنهم لم يثبتوا البسملة في أول الفاتحة كالإمام مالك و بعض أصحاب أبي حنيفة و داود الظاهري و الأوزاعي و الطبري، فالآية السابعة عندهم ما ذكره المصنف و اللّه أعلم.
9- بوّب الإمام الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن لهذا بقوله: باب ذكر من رأى التسمية في أوائل السور آية، و ساق الآثار بأسانيدها في ذلك- و ستأتي معظمها إن شاء اللّه- (16/ أ) ميكروفيلم.
10- في بقية النسخ: قال: حدثني ... الخ.

خالد بن يزيد (1) عن سعيد بن أبي هلال (2) عن نعيم المجمر (3) قال: صليت وراء أبي هرير فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ وَ لَا الضَّالِّينَ فقال: آمين و قال الناس: آمين، و كان يقول: كلّما ركع و سجد، اللّه أكبر، و إذا قام من الجلوس قال: اللّه أكبر، و يقول إذا سلم: و الذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم اه (4).

و الليث بن سعد إمام قدوة، و خالد بن يزيد الإسكندري (5) و سعيد بن أبي هلال:

من الثقات عند أهل الحديث.

و روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة (أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم) كان إذا افتتح الصلاة جهر بها (6) ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه (7).

ص: 502


1- خالد بن يزيد الإسكندري، مولى بني جمح، من ثقات أهل مصر كان فقيها، من السادسة، مات سنة 139 ه-. التقريب (1/ 220) و مشاهير علماء الأمصار (188) و الجرح و التعديل (3/ 358).
2- سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم، أبو العلاء المصري. قال الذهبي: ثقة معروف، حديثه في الكتب الستة اه. الميزان (2/ 162). و قال ابن حجر: صدوق ضعفه ابن حزم، و حكى عن أحمد أنه اختلط، من السادسة، مات بعد الثلاثين و مائة و قيل غير ذلك. التقريب (1/ 307).
3- نعيم بن عبد اللّه المدني، مولى آل عمر، أبو عبد اللّه يعرف بالمجمر- بسكون الجيم و ضم الميم الأولى و كسر الثانية- و كذا أبوه، ثقة من الثالثة، يقال أنه جالس أبا هريرة عشرين سنة. التقريب (2/ 305) و الجرح و التعديل (8/ 460).
4- رواه النسائي في سننه (المجتبى) كتاب الافتتاح باب قراءة بسم اللّه الرحمن الرحيم (2/ 134) و الحاكم في المستدرك كتاب الصلاة باب التأمين (1/ 232). و الدار قطني في سننه (1/ 306) و بحاشيته التعليق المغني على الدارقطني. قال الدار قطني: حديث صحيح و رواته كلهم ثقات اه و رواه ابن خزيمة في صحيحه و ابن حبان في صحيحه و البيهقي في سننه و قال: إسناده صحيح و له شواهد ... اه. انظر نصب الراية (1/ 335).
5- هكذا في النسخ (الإسكندري) و في الجرح و التعديل و مشاهير علماء الأمصار: الإسكندراني.
6- هكذا في النسخ و يظهر أن كلمة (بها) لا داعي لها، و الكلام مستقيم بدونها.
7- رواه الدار قطني بسنده إلى أبي هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا قرأ و هو يؤم الناس افتتح الصلاة ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه انظر: سنن الدارقطني (1/ 306) و بحاشيته التعليق المغني على الدارقطني. و قد عزاه الزيلعي إلى الخطيب و ابن عدي في الكامل ثم قال: و لو ثبت هذا عن أبي أويس فهو غير محتج به، لأن أبا أويس لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا انفرد بشي ء و خالفه فيه من هو أوثق منه، مع أنه متكلم فيه فوثقه جماعة و ضعفه آخرون ... اه نصب الراية (1/ 341).

قالوا: و مما يدل على أنها آية من أول فاتحة الكتاب: أن أم سلمة و صفت قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقالت: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقطع قراءته آية آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1) فهذا دليل على أنه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقرأها كذلك و يجهر بها» اه و عن عبد اللّه بن عمر و ابن عباس- رضي اللّه عنهما: (أنهما كانا إذا افتتحا الصلاة يقرءان بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2) اه و كذلك روي عن عبد اللّه بن الزبير (3).

و روي عن (4) سفيان الثوري- رحمه اللّه- عن عاصم (5) قال: (سمعت سعيد بن جبير يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في كل ركعة) (6) (7).

و روى عن ابن جريج قال: أخبرني أبي (8) أن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس قال: في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي (9) قال: هي أم القرآن (10).

ص: 503


1- رواه أبو داود في سننه كتاب القراءات رقم 1 (4/ 294) و الترمذي بنحوه في أبواب القراءات (8/ 246) و الدار قطني في سننه كتاب الصلاة باب وجوب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* في الصلاة (1/ 307)، و في سنده عمر بن هارون البلخي، قال فيه ابن مهدي و أحمد و النسائي: متروك الحديث و قال يحيى: كذاب خبيث، و قال أبو داود: غير ثقة ... اه من التعليق المغني على الدار قطني.
2- أخرجه عبد الرزاق بسنده إلى ابن عمر و ابن عباس- رضي اللّه عنهما- باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* المصنف (2/ 93). و ساق كذلك بسنده إلى ابن عباس أنه كان يستفتح الصلاة ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المصنف (2/ 90). قال الشافعي: بلغني أن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- كان يقول «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يفتتح القراءة ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» اه. الإمام للشافعي (1/ 107).
3- تقدم أنه روي عنه الجهر و تركه.
4- في بقية النسخ: و روى سفيان ... الخ و يظهر أنه الصواب.
5- عاصم بن سليمان البصري أبو عبد الرحمن من حفاظ الحديث، ثقة مصري، اشتهر بالزهد و العبادة، توفي سنة 142 ه. الجرح و التعديل (6/ 343) و صفة الصفوة (3/ 301) و الأعلام (3/ 248).
6- من قوله: و روى عن سفيان إلى هنا ساقط من ظ.
7- و هذه الرواية ذكرها ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده إلى سعيد بن جبير، كتاب الصلاة باب الرجل يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (1/ 412) و كذلك عبد الرزاق في مصنفه باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 91).
8- أي أبو عبد الملك بن جريج، و هو عبد العزيز بن جريج المكي، مولى قريش، لين، لم يسمع من عائشة، و أخطأ من صرح بسماعه، من الرابعة. التقريب (1/ 508) و انظر الميزان (2/ 624).
9- الحجر: 87.
10- تقدم الكلام على هذا عند الحديث عن نثر الدرر في ذكر الآيات و السور (ص 166) و انظر البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني باب ذكر الآثار و السنن التي فيها ذكر جمل آى السور (8/ أ) ميكروفيلم.

قال عبد الرزاق: قرأها عليّ ابن جريج بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ* اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ آية آية و قال:

قرأها عليّ أبي كما قرأتها عليك و قال: قرأها عليّ ابن عباس كما قرأتها عليك.

و قال ابن عباس: (قد أخرجها اللّه لكم- يعني فاتحة الكتاب- و ما أخرجها اللّه (1) لأحد قبلكم) اه (2).

و عن سعيد بن جبير: سألت ابن عباس- رضي اللّه عنه- عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قال: هي أم القرآن، استثناها اللّه عزّ و جلّ لأمة محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم، و أخّرها حتى أخرجها لهم، و لم يعطها أحدا قبل أمة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.

قال سعيد: ثم قرأها ابن عباس، فقرأ فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قال ابن جريج: قلت لأبي: أخبرني (3) أخبرك سعيد بن جبير أن ابن عباس قال له: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من فاتحة الكتاب؟ قال: نعم اه (4).

و عن عكرمة عن ابن عباس «أنه كان يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و يقول:

هو شي ء اختلسه الشيطان من عامة الناس» اه (5).

و هذا هو الأكثر و الأشهر عن ابن عباس، أنه كان يجهر بها، و أنها أول آية في فاتحة الكتاب، و على ذلك جميع أصحابه، و لا خلاف في ذلك عن ابن عمر و ابن الزبير

ص: 504


1- هكذا في الأصل، و أرى أنه لا حاجة لتكرير لفظ الجلالة.
2- أخرجه عبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2/ 90) و الشافعي في الأم بنحوه بسنده إلى سعيد بن جبير (1/ 107)، و راجع المستدرك (1/ 550 551).
3- كلمة (أخبرني) ليست في بقية النسخ.
4- أخرجه أبو عبيد في فضائله بسنده عن ابن جريج عن سعيد بن جبير عن ابن عباس باب فضل فاتحة الكتاب (ص 155) و انظر (ص 149) من نفس المصدر. و رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (14/ 57) و راجع المستدرك كتاب فضائل القرآن (1/ 550، 551).
5- عزاه السيوطي بنحوه إلى سعيد بن منصور و ابن خزيمة و البيهقي و أبي عبيد و ابن مردويه، كلهم عن ابن عباس: انظر الدر المنثور (1/ 20).

و شداد بن أوس (1) و عطاء و مجاهد و طاوس و سعيد بن جبير و عكرمة و مكحول و عمر بن عبد العزيز (2) و ابن شهاب الزهري (3).

و قال محمد بن كعب القرظي: «فاتحة الكتاب: سبع آيات ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» اه.

و كان ابن شهاب يقول: من ترك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقد ترك آية من فاتحة الكتاب» اه (4).

و عن أبي المقدام (5): صلّيت خلف عمر بن عبد العزيز، فسمعته يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه (6).

ص: 505


1- شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري، أبو يعلى، صحابي، مات بالشام قبل الستين أو بعدها، و هو ابن أخي حسان بن ثابت، روى له الجماعة. التقريب (1/ 347) و الإصابة (5/ 52) رقم (3842) و الاستيعاب على هامش الإصابة.
2- عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ولي أمرة المدينة للوليد، و كان مع سليمان كالوزير، و ولي الخلافة بعده، فعدّ من الخلفاء الراشدين، من الرابعة، مات سنة (101 ه) و له أربعون سنة، و مدة خلافته سنة و نصف اه. التقريب (2/ 59) و تهذيب الكمال (2/ 1016) و انظر صفة الصفوة (2/ 113) و الأعلام (5/ 50).
3- راجع نيل الأوطار فقد ذكر هؤلاء و كثيرا غيرهم من الصحابة و التابعين ممن قال بالجهر بالبسملة (2/ 200).
4- ذكر هذه الآثار أبو عبيد في فضائله باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (ص 149). و نقل السيوطي أثر محمد بن كعب القرظي عن أبي عبيد. انظر الدر المنثور (1/ 23). و كذلك أخرج الثعلبي عن علي موقوفا و طلحة بن عبيد اللّه مرفوعا: «من ترك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقد ترك آية من كتاب اللّه» اه الدر المنثور (1/ 23). و أخرج عبد الرزاق عن ابن شهاب الزهري نحوه. انظر المصنف (2/ 92). و الداني في كتاب البيان في عد آى القرآن (16/ ب) عن ابن شهاب الزهري و محمد بن كعب القرظي.
5- هشام بن زياد بن أبي يزيد القرشي، قال المزي: روى عن عمر بن عبد العزيز. تهذيب الكمال (3/ 1439)، و يقال له: هشام بن أبي الوليد المدني، و هو متروك كما في التقريب (2/ 318).
6- ذكر عبد الرزاق في مصنفه خلاف هذا، فقال: عن معمر، أخبرني من صلى وراء عمر بن عبد العزيز، فسمعته يستفتح القراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال معمر: و كان الحسن و قتادة يفتتحان ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اه باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2/ 89).

و قال أبو عبيد: أنا ابن أبي مريم (1) عن عبد الجبار بن عمر (2) أنه سمع كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ: (استفتحوا ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3).

و كان عمر بن عبد العزيز- رحمه اللّه- يقتدي بعمل أهل المدينة، و يحمل عليه الناس (4).

و قال الشافعي:- رضي اللّه عنه- حدّثنا عبد المجيد بن عبد العزيز (5) (قال) (6) أنبا ابن جريج: أخبرني عبد اللّه بن عثمان بن خثيم (7) أن أبا بكر بن حفص بن عمر بن سعيد (8) أخبره أن أنس بن مالك أخبره قال: (صلّى معاوية (9) بالمدينة صلاة يجهر فيها بالقراءة، فلم يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (10) و لم يكبّر في الخفض و الرفع، فلمّا فرغ

ص: 506


1- سعيد بن الحكم تقدم.
2- عبد الجبار بن عمر الأيلي- بفتح الهمزة و سكون التحتانية- الأموي مولاهم، أبو عمر، ضعيف، من السابعة، مات بعد 160 ه التقريب (1/ 466) و الميزان (2/ 534) و الجرح و التعديل (6/ 31).
3- أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بنحوه في فضائله باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (ص 150).
4- ذكر الزيلعي خلاف هذا، فقال: «و لا يحفظ عن أحد من أهل المدينة بإسناد صحيح أنه كان يجهر بها، إلا شي ء يسير، و له محمل، و هذا عملهم يتوارثونه آخرهم عن أولهم ... و ما روي عن عمر بن عبد العزيز من الجهر بها فباطل لا أصل له» اه نصب الراية (1/ 354).
5- عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد- بفتح الراء و تشديد الواو- أبو عبد الحميد صدوق يخطئ، و كان مرجئا، أفرط ابن حبان فقال: متروك من التاسعة، مات سنة 206 ه. التقريب (1/ 517) و انظر الميزان (2/ 648) و الجرح و التعديل (6/ 64).
6- في بقية النسخ قال: أنبا ابن جريج قال: أخبرني ... الخ.
7- عبد اللّه بن عثمان بن خثيم- بالمعجمة و المثلثة مصغرا- القارئ المكي، أبو عثمان، صدوق من الخامسة، مات سنة 132 ه. التقريب (1/ 432) و انظر الميزان (2/ 459).
8- عبد اللّه بن حفص بن عمر بن سعيد بن أبي وقاص الزهري، أبو بكر المدني، مشهور بكنيته، ثقة من الخامسة. التقريب (1/ 409) و انظر تاريخ الثقات (492) و كنى مسلم (1/ 114).
9- معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموي، أبو عبد الرحمن، الخليفة، صحابي، أسلم قبل الفتح، و كتب الوحي و مات في رجب سنة 60 ه و قد قارب الثمانين. التقريب (2/ 259) و انظر الإصابة (9/ 232) رقم (8063) و الاستيعاب (10/ 134).
10- بالرجوع إلى الأم للإمام الشافعي (1/ 108) وجدت أن الرواية التي ساقها المصنف بهذا السند هي ما يلي: صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأم القرآن، و لم يقرأ بها للسورة التي بعدها، حتى قضى تلك القراءة، و لم يكبر حين يهوي، حتى قضى تلك الصلاة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان، يا معاوية، أ سرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* للسورة التي بعد أم القرآن ... اه.

ناداه المهاجرون و الأنصار، يا معاوية، نقصت الصلاة؟ أين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) و أين التكبير إذا خفضت و رفعت؟ فكان إذا صلّى بهم بعد ذلك قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و كبّر) (2). و هذا يدل على أن الجهر بها في أول الفاتحة في الصلاة من عمل أهل المدينة، و أنها آية منها، لقولهم: نقصت الصلاة؟ (3).

و روى عكرمة عن ابن عباس (أنه كان يفتتح ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يجهر بها، و كان يقول: إنّما ذلك شي ء سرقه الشيطان من الناس) (4) اه.

و أما من لم يعدها آية من الفاتحة، و أسقطها منها، فإنه احتج بما رواه (قليس) (5) بن

ص: 507


1- جاء في ظ بعد البسملة: و كبر، و هذا يدل على أن الجهر، و هو تكرير لما سيأتي بعد سطر بانتقال النظر.
2- رواه الشافعي- كما قال المصنف- في كتاب الأم باب القراءة بعد التعوذ (1/ 108) و عبد الرزاق في المصنف باب (قراءة) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 92). و الدار قطني بسنده إلى الشافعي بالسند المذكور، و في آخره فلم يصل بعد ذلك إلا قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لأم القرآن و للسورة التي بعدها، و كبر حين يهوي ساجدا، رواته كلهم ثقات اه سنن الدار قطني (1/ 311) و عزاه السيوطي إلى الشافعي في الأم و الدارقطني و الحاكم و صححه و البيهقي. الدر المنثور (1/ 21).
3- قال أبو بكر الرازي الجصاص:- عقب ذكره لحديث الشافعي هذا عن معاوية- فمن احتج بهذا قيل له: لو كان ذلك لعرفه أبو بكر و عمر و عثمان و علي و ابن مسعود و ابن المغفل و ابن عباس، و من روينا عنهم الإخفاء دون الجهر، و لكان هؤلاء أولى بعلمه لقوله عليه السلام «ليليني منكم أولو الأحلام و النهى». و كان هؤلاء أقرب إليه في حال الصلاة من غيرهم من القوم المجهولين الذين ذكرت، و على أن ذلك ليس باستفاضة، لأن الذي ذكرت من قول المهاجرين و الأنصار، إنما روايته من طريق الآحاد، و مع ذلك فليس فيه ذكر الجهر، و إنما فيه إنه لم يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و نحن ننكر ترك قراءتها، و إنما كلامنا في الجهر و الإخفاء أيهما أولى، و اللّه أعلم اه أحكام القرآن (1/ 17) و قد أفاض الزيلعي في الكلام عن هذا الحديث و تفنيده سندا و متنا فانظره في نصب الراية (1/ 353).
4- تقدم نحوه قريبا.
5- هكذا في الأصل، و في بقية النسخ: قيس. و هو الصحيح.

عباية (1) قال (2): حدّثني ابن (3) عبد اللّه بن مغفل (4) عن أبيه، قال: سمعني (5) و أنا أقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فقال: يا بني، إيّاك و الحدث، فإني صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و مع أبي بكر و عمر و عثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقرؤها، فإذا قرأت، فقل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اه (6).

و قيس بن عباية الحنفي أبو نعامة ثقة عند أهل الحديث، إلّا أنه لم يرو هذا الحديث عن ابن عبد اللّه بن مغفل سواه، فابن عبد اللّه بن مغفل مجهول، لأن المجهول عندهم من لم يرو عنه إلّا رجل واحد (7) و المجهول لا تقوم به حجة (8).

ص: 508


1- قيس بن عباية- بفتح العين المهملة و الباء الموحدة- الحنفي، أبو نعامة، ثقة من الثالثة، مات بعد سنة عشر و مائة. التقريب (2/ 129) و كنى مسلم (2/ 848). قال الذهبي: صدوق، تكلم فيه بلا حجة و وثقه ابن معين اه الميزان (3/ 397).
2- في بقية النسخ قال: حدثني.
3- اسمه- كما في التقريب: يزيد بن عبد اللّه بن مغفل المزني (2/ 516) و الجرح و التعديل (9/ 324). قال الذهبي: ابن عبد اللّه بن مغفل في أن الجهر محدث و عنه أبو نعامة اه الميزان (4/ 593).
4- مغفل- بضم الميم و فتح الغين المعجمة و الفاء- هكذا ضبطه النووي في التبيان الباب العاشر (ص 120).
5- في سنن الترمذي: سمعني أبي ... الخ.
6- رواه الترمذي في باب ما جاء في ترك الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 53) و النسائي (2/ 135) و ابن أبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة باب من كان لا يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (1/ 410) و عبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 88). قال الترمذي: حديث عبد اللّه بن مغفل حديث حسن، و العمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، أبو بكر و عمر و عثمان و علي و غيرهم، و من بعدهم من التابعين، و به يقول سفيان الثوري و ابن المبارك و أحمد و اسحاق، لا يرون أن يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. قالوا: و يقولها في نفسه اه كلام الترمذي. و راجع نيل الأوطار للشوكاني فقد استوفى هذه المسألة و بسط أدلتها (2/ 199) فما بعدها.
7- المجهول: نوعان: الأول مجهول العين، و هو من لم يرو عنه إلا واحد و حكم روايته الرد إلا أن يوثق، و لو وثقه الراوي عنه إذا كان من أهل الجرح و التعديل. النوع الثاني: مجهول الحال و يسمى المستور، و هو من روى عنه أكثر من واحد من غير توثيق، و حكم روايته التوقف حتى تتبين حاله اه من أطيب المنح في علم المصطلح (ص 42)، و انظر نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (ص 24).
8- يقول الزيلعي: بعد نقل كلام الترمذي السالف الذكر.قال النووي في الخلاصة: و قد ضعف الحفاظ هذا الحديث، و أنكروا على الترمذي تحسينه كابن خزيمة و ابن عبد البر و الخطيب و قالوا: إن مداره على ابن عبد اللّه بن مغفل، و هو مجهول اه ثم قال: و رواه أحمد في مسنده من حديث أبي نعامة عن بني عبد اللّه بن مغفل، قالوا: كان أبونا إذا سمع أحدا منا يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول: أي بني صليت مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أبي بكر و عمر فلم أسمع أحدا منهم يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه و استمر قائلا: و رواه الطبراني في معجمه عن عبد اللّه بن بريدة عن ابن عبد اللّه بن مغفل عن أبيه مثله، ثم أخرجه عن أبي سفيان طريف بن شهاب عن يزيد بن عبد اللّه بن مغفل ... و ذكره بنحوه، فهؤلاء ثلاثة رووا هذا الحديث عن ابن عبد اللّه بن مغفل عن أبيه ... فقد ارتفعت الجهالة عن ابن عبد اللّه برواية هؤلاء الثلاثة عنه ... و بالجملة فهذا حديث صريح في عدم الجهر بالتسمية، و هو و إن لم يكن من أقسام الصحيح فلا ينزل عن درجة الحسن ... و الحسن يحتج به، و هذا الحديث مما يدل على أن ترك الجهر عندهم كان ميراثا عن نبيهم صلّى اللّه عليه و سلّم يتوارثونه خلفهم عن سلفهم، و هذا وحده كاف في المسألة ... اه من نصب الراية التقاطا (1/ 332، 333) و راجع تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، و نيل الأوطار (2/ 205).

و قد ذهب إلى هذا (1) من أسقطها، و ذهب إليه- أيضا- من أسرّ بها لأنه قال: لم أسمع، أو ما سمعت أحدا منهم.

و احتجوا أيضا بما رواه أبو الجوزاء، و اسمه أوس بن عبد اللّه بن (2) ربيعة الأزد (3) عن عائشة رضي اللّه عنها «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يفتتح الصلاة بالتكبير و القراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و يختتمها بالتسليم» (4).

قال أهل الحديث: هذا الحديث مرسل، لأن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة رضي اللّه عنها، و أيضا فإنه لا حجة فيه لمن أسقط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأن قولها: يفتتح الصلاة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لم ترد به نفي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ

ص: 509


1- في بقية النسخ: و قد ذهب إلى هذا الحديث من اسقطها.
2- في بقية النسخ: من ربيعة الأرذ، و يظهر أنه الصواب.
3- قال ابن حجر: بصري يرسل كثيرا، ثقة من الثالثة، مات سنة 83 ه أخرج له الجماعة. التقريب (1/ 86) و راجع الجرح و التعديل (2/ 304) و تاريخ الثقات (ص 84) و كنى مسلم (1/ 197) و الميزان (1/ 278). قال الزيلعي: أوس ثقة كبير، لا ينكر سماعه من عائشة، و قد احتج به الجماعة اه نصب الراية (1/ 334).
4- رواه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة باب ما يجمع صفة الصلاة و ما يفتتح به و يختم به (4/ 213) و أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب من لم ير الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1/ 494) و عبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2/ 89). قال الزيلعي: عقب إيراده حديث مسلم هذا- و هذا ظاهر في عدم الجهر بالبسملة اه.

الرَّحِيمِ و إنّما أرادت كان صلّى اللّه عليه و سلّم يفتتح الصلاة بهذه السورة و يختمها (1) بالتسليم، و هذا واضح (2) اه.

و احتجوا أيضا بما روى مالك- رحمه اللّه- عن العلاء بن عبد الرحمن (3) عن أبي السائب (4) مولى هشام بن زهرة (5) أنه سمعه يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (6) هي خداج غير تمام».

قال: قلت: يا أبا هريرة، إني أحيانا أكون وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي، و قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي، فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «قال اللّه تعالى:

قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين (7) فنصفها لي، و نصفها لعبدي، و لعبدي ما سأل».

ص: 510


1- في ظ: و يختم.
2- قال الإمام الشافعي: يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها- و اللّه تعالى أعلم- لا يعني أنهم يتركون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ه الأم باب افتتاح الصلاة (1/ 106) و قال النووي في شرحه لعبارة «و القراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ استدل به مالك و غيره ممن يقول أن البسملة ليست من الفاتحة، و جواب الشافعي- رحمه اللّه تعالى- و الأكثرين القائلين بأنها من الفاتحة: أن معنى الحديث أنه يبتدئ القرآن بسورة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا بسورة أخرى، فالمراد بيان السورة التي يبتدأ بها، و قد قامت الأدلة على أن البسملة منها» اه شرح صحيح مسلم (4/ 214).
3- العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب المدني، سبقت ترجمته (ص 329). و سيأتي قريبا- بإذن اللّه- ذكر المصنف له و كلام العلماء حوله جرحا و تعديلا.
4- يقول النووي: أبو السائب هذا لا يعرفون له اسما و هو ثقة اه و ذكره مسلم في الكنى و لم يذكر له اسما (1/ 406). قال ابن حجر: يقال اسمه عبد اللّه بن السائب، ثقة من الثالثة اه التقريب (2/ 426).
5- في كتاب البيان للداني: ابن زاهرة، و لعله خطأ من الناسخ ورقة (18/ أ) ميكروفيلم.
6- قال النووي: الخداج- بكسر الخاء المعجمة- قال الخليل بن أحمد و الأصمعي و أبو حاتم السجستاني و الهروي و آخرون: الخداج النقصان، يقال: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج و إن كان تام الخلق، و أخدجته، إذا ولدته ناقصا و إن كان لتمام الولادة اه. شرح النووي على مسلم (4/ 101) و راجع نيل الأوطار (2/ 207). و على هذا المعنى اللغوي فإنه يفهم منه أن من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته ناقصة غير تامة، و هل تفسد صلاته أم لا؟ هذا بحث ليس هذا مكانه، و اللّه الموفق.
7- قال العلماء: المراد بالصلاة هنا: الفاتحة، سميت بذلك، لأنها لا تصح إلا بها كقوله صلّى اللّه عليه و سلّم (الحج عرفة) ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة، و المراد قسمتها من جهة المعنى ... اه شرح النووي على مسلم (4/ 103)، و راجع نيل الأوطار (2/ 207).

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «اقرءوا، يقول العبد (1): الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يقول اللّه: حمدني عبدي، يقول العبد: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه: أثنى عليّ عبدي، يقول العبد: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يقول اللّه تعالى: مجّدني عبدي، يقول العبد: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فهذه الآية بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل، و يقول العبد: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ فهؤلاء (2) لعبدي و لعبدي ما سأل» (3) اه.

و ليس لهم حديث في سقوط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من أول الفاتحة أقوى من هذا الحديث (4) لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «اقرءوا، يقول العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

ص: 511


1- في حاشية ظ: كتب بخط مغاير: ذكر آدم بن أبي إياس عن ابن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «يقول اللّه عز و جل: قسمت الصلاة بيني و بين عبدي، فنصفها لي و نصفها لعبدي، و لعبدي ما سأل ... و ذكر باقي الحديث، ثم قال: ذكره الحاكم النيسابوري في علوم الحديث، و اللّه الموفق اه ورقة (57/ أ).
2- هي هكذا في الموطأ بالجمع، و في صحيح مسلم: قال: هذا لعبدي و لعبدي ما سأل. يقول النووي و في هذه الرواية دليل على أن (اهدنا) و ما بعده إلى آخر السورة ثلاث آيات لا آيتان، و في المسألة خلاف ... الخ شرح مسلم (4/ 104).
3- هذا الحديث رواه الإمام مالك بالإسناد المذكور، و هو بهذا النص الذي ذكره المصنف مركب من ثلاثة أحاديث: أ- الأول إلى قوله: غير تمام، رواه في الموطأ كتاب الصلاة باب تجب قراءة الفاتحة في كل ركعة (1/ 143). ب- و الثاني من قوله: قال: قلت: يا أبا هريرة ... إلى (و لعبدي ما سأل) الأولى، رواه في كتاب الصلاة باب: اختلف السلف في القراءة خلف الإمام على أقوال ... الخ (1/ 145). ج- و الثالث يبدأ من قوله: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: اقرءوا، يقول العبد ... الخ هذا رواه كذلك في الموطأ كتاب الرقائق، باب فضل سورة الفاتحة (2/ 431). و هذه الأحاديث في صحيح مسلم بألفاظ متقاربة، إلا أنه ليس فيه تعيين القائل لأبي هريرة: إني أحيانا أكون وراء الإمام ... الخ، و إنما فيه: فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام ... الخ كتاب الصلاة باب قراءة الفاتحة في كل ركعة (4/ 101). و قد جاء تعيينه في الروايات الأخرى أنه أبو السائب. انظر نيل الأوطار (2/ 207) و الحديث رواه كذلك النسائي في سننه كتاب الافتتاح (2/ 135).
4- قال النووي: و احتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بهذا الحديث، و هو من أوضح ما احتجوا به، قالوا: لأنها سبع آيات بالإجماع، فثلاث في أولها ثناء، أولها الْحَمْدُ لِلَّهِ* و ثلاث دعاء، أولها اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ و السابعة متوسطة و هي إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قالوا: و لأنه سبحانه و تعالى قال: قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين، فإذا قال العبد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، فلم يذكر البسملة، و لو كانت منها لذكرها ... اه (4/ 103). و قال الزيلعي: و هذا الحديث ظاهر في أن البسملة ليست من الفاتحة، و إلا لابتدأ بها، لأن هذا محل بيان و استقصاء لآيات السورة، حتى أنه لم يخل منها بحرف، و الحاجة إلى قراءة البسملة أمس ليرتفع الإشكال. قال ابن عبد البر: حديث العلاء هذا قاطع تعلق المتنازعين، و هو نص لا يحتمل التأويل، و لا أعلم في سقوط البسملة أبين منه اه نصب الراية (1/ 339) و راجع التمهيد لابن عبد البر (2/ 230). قال النووي: و أجاب أصحابنا و غيرهم ممن يقول: إن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة: أحدها: أن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة، هذا حقيقة اللفظ. و الثاني: أن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة. و الثالث: معناه فإذا انتهى العبد في قراءته إلى الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اه شرح مسلم (4/ 103). و أرى أن الجواب الأول مخالف لما تقدم أن ذكرته عنه قبل قليل من أن المراد من قوله: قسمت الصلاة: أي الفاتحة ... ثم أن الشوكاني قال عقب نقله لكلام النووي هذا:- و لا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع و منها ما هو متعسف اه. نيل الأوطار (2/ 208).

قالوا: و لم يقل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثم قال:- بعد أن عد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ آية- يقول العبد الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فعدها آية، قالوا: ثم قال: يقول العبد:

مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فعدها آية، ثم قال: يقول العبد: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فعدها آية، فتمت أربعا، ثم قرأ إلى آخر السورة، فقال: هؤلاء لعبدي، فقال: هؤلاء و لم يقل: هاتان (1) فدلّ ذلك على ثلاث آيات لتتم سبع آيات، إذ أجمع المسلمون على أنها سبع آيات.

قالوا: فدلّ هذا الحديث على أن أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية، و أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ليست بآية» (2) (3) اه.

ص: 512


1- سيأتي كلام المصنف على هذا قريبا.
2- في بقية النسخ: ليست آية.
3- يقول الإمام الداني: و حديث مالك و غيره عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي السائب مولى هشام بن زاهرة (هكذا) عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: يؤذن بأن الآية السادسة أيضا أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ و يدل دلالة قطعية على أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ليست من أم القرآن و لا من غيرها من السور، و كل من لم ير قراءتها في الصلاة الفريضة فليست عنده آية اه البيان في عد القرآن ورقة (18/ أ) و راجع تفسير القرطبي (1/ 94).

و هذا حديث لا خلاف في صحته و ثقة رواته، و الكلام على هذا الحديث من وجهين:

أ- قول الأئمة. ب- و المعنى.

أما قول الأئمة، قال يحيى بن معين (1): العلاء بن عبد الرحمن ليس حديثه بحجة (2)، و هو و سهيل (3) قريب من السواء.

و قال أحمد بن حنبل:- رحمه اللّه- هو عندي أقوى من سهيل بن أبي صالح و محمد بن عمرو (4)، و قال ابن أبي خيثمة (5): سمعت يحيى بن معين يقول: العلاء بن عبد الرحمن ليس بذاك (6) لم يزل الناس ينفون (7) حديثه.

و قال أبو حاتم الرازي (8) روى عن العلاء الثقات، و أنا أنكر من حديثه أشياء (9)

ص: 513


1- يحيى بن معين بن عون الغطفاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي ثقة حافظ مشهور، إمام الجرح و التعديل من العاشرة، مات بالمدينة المنورة سنة 233 ه. التقريب (2/ 358) و انظر الميزان (4/ 410) و الجرح و التعديل (9/ 192).
2- تقدمت ترجمة العلاء، و راجع ما قاله علماء الجرح و التعديل في حقه، في كتاب الجرح و التعديل (6/ 357) و ميزان الاعتدال (2/ 102) و هو نحو كلام السخاوي هنا.
3- سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بآخره، روى له البخاري مقرونا و تعليقا، من السادسة مات في خلافة المنصور، و توفي المنصور سنة 158 ه كما سبق. انظر: التقريب (1/ 338) و الميزان (2/ 243).
4- محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني شيخ مشهور حسن الحديث، صدوق له أوهام من السادسة، مات سنة 145 ه على الصحيح. التقريب (2/ 196) و راجع الجرح و التعديل (8/ 30) و الميزان (3/ 673).
5- محمد بن زهير (أبي خيثمة) بن حرب بن شداد النسائي ثم البغدادي، أبو بكر مؤرخ ثقة حافظ للحديث، راوية للأدب، بصير بأيام الناس مولده و وفاته في بغداد (185- 279 ه) و قيل غير ذلك. انظر البداية و النهاية (11/ 71) و الفهرست لابن النديم (ص 321) و الأعلام (1/ 128).
6- في ظ: في ذلك.
7- هكذا في النسخ. و في الجرح و التعديل لابن أبي حاتم: لم يزل الناس يتقون حديثه.
8- محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي، حافظ للحديث، من أقران البخاري و مسلم، من الحادية عشرة (195- 277 ه). التقريب (2/ 143) و تاريخ بغداد (2/ 73) و البداية و النهاية (11/ 63) و الرسالة المستطرفة (104)، و الأعلام (6/ 27).
9- انظر: الجرح و التعديل (6/ 358).

و قال [أبو عمرو] (1) بن عبد البر: (2) العلاء ليس بالمتين عندهم، و قد انفرد بهذا الحديث، و ليس يوجد إلّا له، و لا تروى ألفاظه عن أحد سواه (3) و اللّه أعلم اه.

ب- و أما من جهة المعنى (4)، فأقول مستعينا باللّه: أنه. ليس بحجة في إسقاط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من الفاتحة، لأنه إنما لم يذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأن المراد منها موجود في قوله في الآية الثالثة الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (5) فلو قال: اقرءوا يقول العبد: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه عزّ و جلّ: أثنى عليّ عبدي، ثم قال بعد

ص: 514


1- هكذا في الأصل و د و ظ. و في ظق: أبو عمر، و هو الصواب.
2- يوسف بن عبد اللّه بن محمد بن عبد البر القرطبي المالكي أبو عمر، من كبار حفاظ الحديث، مؤرخ أديب بحاثة، له مصنفات كثيرة، يقال له: حافظ المغرب، ولد بقرطبة و توفي بشاطبة (368- 463 ه). انظر الديباج المذهب في أعيان المذهب (ص 357) و فيه: يوسف بن عمر بن عبد البر. و البداية و النهاية (12/ 111) و هدية العارفين (2/ 550) و الأعلام (8/ 240).
3- في حاشية نسخة ظق: كتب بخط مغاير: قوله: قال يحيى بن معين: العلاء بن عبد الرحمن ليس حديثه بحجة ... إلى آخر ما قال: ينافيه قوله: و هذا حديث صحيح لا خلاف في صحته و ثقة رواته، و لكن التعصب أعماه عنه ... لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ اه ورقة (57/ أ). و أقول: إن هذا الاعتراض في مكانه، إلا أن العبارة فيها نوع من الشدة و الجفاء على الإمام السخاوي، فهو لا يعد من المحدثين المتخصصين و إنما من القراء المجودين، و لم يزد هنا على نقل عبارة رجال الجرح و التعديل، و إن كان صنيعه هذا ينبئ بشي ء من التعصب إلى المذهب، و يكفي أن الإمام مسلم قد أودعه صحيحه كما سبق. يقول الزيلعي: و قد رواه عن العلاء الأئمة الثقات الأثبات، كمالك و سفيان بن عيينة و ابن جريج و غيرهم، و العلاء نفسه صدوق اه نصب الراية (1/ 140).
4- في حاشية ظق: كتب بخط مغاير: قلت: لا طائل تحت هذا المعنى الذي تمعناه هذا القائل، و إنما هو كلام ظاهر البرودة، لأنه لو كانت العلة في إسقاط البسملة ما ذكر لكان إسقاط آية من وسط السورة أولى ... (الرحمن الرحيم). ثم هناك كلمات مطموسة فهمت منها أنه إن كان المقصود حذف إحداهما للتكرير فإسقاط الثانية أولى ليكون الابتداء بأول السورة بالبسملة أولى و أحق من الابتداء بالبعض، و لوجوه أخر ظاهرة للمتأمل. يقول: فنعوذ باللّه من قول لا طائل له و من التعصب اه ورقة (57/ ب).
5- رد على هذا الجصاص بقوله: فإن قال قائل: إنما لم يذكرها لأنه قد ذكر الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أضعاف السورة، قيل له: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أنه إذا كانت آية غيرها فلا بد من ذكرها، و لو جاز ما ذكرت لجاز الاقتصار بالقرآن على ما في السورة منها دونها، الثاني: أن قوله بِسْمِ اللَّهِ فيه ثناء على اللّه، و هو مع ذلك اسم مختص باللّه تعالى لا يسمى به غيره فالواجب لا محالة أن يكون مذكورا في القسمة، إذ لم يتقدم ذكر فيما قسم من آى السورة ... اه أحكام القرآن له (1/ 9).

ذلك يقول العبد: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، لقال: يقول اللّه عزّ و جلّ: أثنى عليّ عبدي، فاستغنى بإحدى الآيتين عن الأخرى (1).

و أما قوله: يقول اللّه عزّ و جلّ: هؤلاء لعبدي، فإنّما أراد هؤلاء الكلمات (2) و يعضد هذا الذي قلناه حديث نعيم المجمر «صلّيت وراء أبي هريرة ...» (3).

و الجمع بين الحديثين أولى من تعارضهما، و اللّه أعلم اه.

و ابن أبي هلال الذي يرويه عن نعيم المجمر عن أبي هريرة ليس بدون العلاء بن عبد الرحمن عند أهل الحديث، و مما يشهد لصحته ما رواه أبو سعيد (المقرى) (4) (5) و صالح- مولى التّوأمة- (6) عن أبي هريرة أنه كان يفتتح الصلاة (7) ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (8).

و أما إثباتها في أول كل سورة، فلم يذهب إليه أحد من أهل العدد (9).

ص: 515


1- و هناك أجوبة أخرى ذكرها الفخر الرازي في تفسيره فانظرها (1/ 201).
2- قال النووي: و للأكثرين أن يقولوا: قوله (هؤلاء)- يعني في غير رواية مسلم- المراد به الكلمات لا الآيات، بدليل رواية مسلم: فهذا لعبدي، و هذا أحسن من الجواب بأن الجمع محمول على الاثنين، لأن هذا مجاز عند الأكثرين، فيحتاج إلى دليل على صرفه عن الحقيقة إلى المجاز، و اللّه أعلم اه شرح مسلم (4/ 104) و هو مؤدى كلام السخاوي.
3- و قد تقدم في هذا الفصل. ص 722.
4- في بقية النسخ: المقبري. و هو الصواب.
5- هو كيسان بن سعيد المدني أبو سعيد المقبري- بفتح الميم و سكون القاف و ضم الباء الموحدة-، ثقة ثبت من الثانية، مات سنة 100 ه. قال ابن عبد البر: و كان منزله عند المقابر فقيل له: المقبري لذلك اه. انظر التقريب (2/ 137) و تاريخ الثقات (499) و كنى مسلم (1/ 355) و مشاهير علماء الأمصار (ص 71) و تجريد التمهيد (ص 57).
6- صالح بن نبهان المدني- مولى التوأمة- بفتح المثناة و سكون الواو بعدها همزة مفتوحة- و هي ابنة أمية بن خلف، صدوق، اختلط بآخره ... من الرابعة، مات سنة 125 ه أو نحوها التقريب (1/ 163) و انظر الميزان (2/ 302).
7- كلمة «الصلاة» ليست في بقية النسخ.
8- أخرجه الشافعي بسنده إلى صالح مولى التّوأمة عن أبي هريرة. انظر: الأم (1/ 108) و أخرجه عبد الرزاق كذلك أنظر المصنف له باب قراءة (بسم اللّه الرحمن الرحيم) (2/ 90).
9- انظر الكشف لمكي بن أبي طالب (1/ 23) و نيل الأوطار (2/ 209).

و قال ابن عباس:- رحمه اللّه- (من تركها فقد ترك مائة آية (1) و أربع عشرة آية» (2) اه.

قال الشافعي:- رحمه اللّه- و أنا عبد المجيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر (أنه كان لا يدع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لأم القرآن و السورة التي بعدها) اه (3).

و كذلك كان عطاء و أكثر أصحاب ابن عباس يقرءونها في فاتحة الكتاب و في السورة التي يقرءون بعدها.

و روى ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر «أنه كان يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* في أول فاتحة الكتاب، و يقرءوها كذلك في السورة التي يقرأ بعدها» (4) و كذلك روى نافع عنه (5).

و روي عن ابن الزبير مثل ذلك.

و عن سعيد بن جبير (أن المؤمنين في عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كانوا لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فإذا نزلت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*: علموا أن السورة قد انقضت و نزلت الأخرى (6) اه.

ص: 516


1- «آية» ليست في د و ظ.
2- و هذا بناء على ما روى عنه من أنها آية من أول كل سورة، و عليه فمذهبه الجهر بها في السورتين أي في الفاتحة و في السورة التي تقرأ بعدها، و لم تسلم الآثار الواردة عنه في ذلك من مقال. انظر نيل الأوطار (2/ 202). قال مكي بن أبي طالب: و هو قول شاذ، لأنهم زادوا في القرآن مائة آية و ثلاث عشرة آية، و القرآن لا تثبت فيه الزيادة إلا بالإجماع الذي يقطع على غيبه و لا إجماع في هذا، بل الإجماع قد سبق في الصدر الأول من الصحابة، و في الصدر الثاني من التابعين على ترك القول بهذا اه. الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 15، 16، 22).
3- أخرجه الشافعي- كما قال المصنف- قال: أخبرنا مسلم بن خالد و عبد المجيد عن ابن جريج ... و ذكره. الأم باب القراءة بعد التعوذ (1/ 108). قال الشافعي- عقب ذكره لهذا الأثر: «هذا أحب إلي، لأنه حينئذ مبتدئ قراءة القرآن» اه. و الأثر أخرجه أبو عبيد في فضائله عن عبد اللّه بن عمر باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (ص 150). و عبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 90).
4- ذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور (1/ 20).
5- عزاه السيوطي بنحوه إلى الطبراني في الأوسط و الدار قطني و البيهقي عن نافع عن ابن عمر يرفعه (1/ 22).
6- رواه أبو داود في سننه بنحوه عن ابن عباس كتاب الصلاة باب من جهر بالبسملة (1/ 499) و الحاكم كذلك، و قال: صحيح على شرط الشيخين، و لم يخرجاه اه قال الذهبي: أما هذا فثابت اه المستدرك كتاب الصلاة باب التأمين (1/ 231). و رواه أبو عبيد باب ذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (ص 148). و عبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 92) قال الشوكاني: و قد رواه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن جبير، و قال: المرسل أصح. و نقل عن الهيثمي قوله: رواه البزار بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح اه. ثم قال الشوكاني: و الحديث استدل به القائلون بأن البسملة من القرآن، و هو ينبني على تسليم أن مجرد تنزيل البسملة يستلزم قرآنيتها اه. نيل الأوطار (2/ 209).

و كذلك روى سعيد بن جبير عن ابن عباس.

و روى المختار بن فلفل (1) عن أنس بن مالك (2) قال: «بينا (3) النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى (4) إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، قلنا: ما يضحكك يا رسول اللّه؟

قال: نزلت عليّ آنفا سورة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (5) إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ* إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ثم قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم، قال: نهر وعدنيه ربي في الجنة، آنيته أكثر من عدد الكواكب، ترد عليّ أمتي فيختلج (6) العبد منهم، فأقول: يا رب إنّه من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدث بعدك (7) اه.

ص: 517


1- المختار بن فلفل- بفاءين مضمومتين و لامين الأولى ساكنة- الكوفي مولى عمرو بن حريب، صدوق له أوهام من الخامسة. التقريب (2/ 234) و انظر الميزان (4/ 80) و تاريخ الثقات (ص 422).
2- في بقية النسخ: عن أنس قال ... الخ.
3- قال النووي: قال الجوهري: (بينا) فعل أشبعت الفتحة فصارت ألفا، و من قال: (بينما) بمعناه زيدت فيه (ما)، يقول: بينا نحن نرقبه أتانا ... اه شرح مسلم (4/ 113) و انظر مختار الصحاح (ص 72) (بين).
4- أغفى: أي نام. مختار الصحاح (ص 477) (غ ف 1)، و انظر اللسان (15/ 131).
5- قال النووي: من فوائد هذا الحديث: أن البسملة في أوائل السور من القرآن، و هو مقصود مسلم بإدخال هذا الحديث هنا اه (4/ 112) و راجع نيل الأوطار (2/ 209). قلت: و كذلك مقصود السخاوي في الاستدلال بهذا الحديث على قراءة البسملة في أول كل سورة، و اللّه أعلم.
6- فيختلج: أي ينتزع و يقطع اه. شرح مسلم (4/ 113).
7- رواه مسلم كتاب الصلاة باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة (4/ 112). و أبو داود في سننه كتاب السنة باب في الحوض (5/ 110). و النسائي في سننه كتاب الافتتاح باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* (2/ 133). و زاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي شيبة و أحمد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن مردويه و البيهقي كلهم عن أنس بن مالك عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. انظر: الدر المنثور (8/ 647).

فمذهب ابن عباس، و من ذكرناه، أنها آية في أول كل سورة من تلك السورة، و هو مذهب ابن عمر و ابن الزبير و عطاء و مكحول و طاوس و ابن المبارك و الشافعي (1) و قد اختلف عنه، و تحصيل مذهبه ما ذكرته اه.

سورة البقرة

سورة (2)البقرة

1- الم عدها أهل الكوفة (3).

ص: 518


1- و هنا أحب أن أعيد إلى ذهن القارئ ما قاله القرطبي- فيما سبق- أن هذه المسألة اجتهادية لا قطعية، أي مسألة إثبات البسملة، أو نفيها، ثم ما يترتب على ذلك من الجهر و عدمه،- و هذا طبعا عدا البسملة الواردة في سورة النمل- فإنه لا خلاف فيها بين المسلمين أنها من القرآن- كما سبق-. يقول الإمام الشوكاني:- بعد أن ذكر أقوال العلماء في البسملة هل هي آية من الفاتحة فقط أو من كل سورة أو ليست بآية- يقول: و اعلم أن الأمة أجمعت أنه لا يكفر من أثبتها و لا من نفاها لاختلاف العلماء فيها بخلاف ما لو نفى حرفا مجمعا عليه، أو أثبت ما لم يقل به أحد فإنه يكفر بإجماع ... و لا خلاف في إثباتها خطأ في أوائل السور في المصحف إلا في أول سورة التوبة. و أما التلاوة فلا خلاف بين القراء السبعة في أول فاتحة الكتاب و في أول كل سورة إذا ابتدأ بها القارئ ما خلا سورة التوبة ... اه نيل الأوطار (2/ 201). قال الزيلعي ما ملخصه: و المذاهب في كون البسملة من القرآن ثلاثة: طرفان و وسط. فالطرف الأول: قول من يقول: إنها ليست من القرآن، إلا في سورة النمل، كما سبق عن مالك و طائفة من الحنفية، و قاله بعض أصحاب أحمد مدعيا أنه مذهبه. و الطرف الثاني: و هو المقابل لهذا القول: قول من يقول: إنها آية من كل سورة، أو بعض آية كما هو المشهور عن الشافعي، و من وافقه. و القول الوسط: قول من يقول: إنها آية مفردة مستقلة بذاتها حيث كتبت من المصحف، كما تلاها النبي صلّى اللّه عليه و سلّم حين أنزلت عليه إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ و الحديث رواه مسلم كما مر قريبا، و هذا قول ابن المبارك و داود و أتباعه، و هو المنصوص عن أحمد، و به قال جماعة من الحنفية، و هو مقتضى مذهب أبي حنيفة- كما ذكر الرازي الحنفي و هو قول المحققين من أهل العلم، و في هذا القول الجمع بين الأدلة، و كتابتها سطرا منفصلا عن السورة يؤيد ذلك .. اه ملخصا من نصب الراية (1/ 327). و هذا هو الذي تطمئن إليه النفس و تستريح، و اللّه أعلم.
2- يلاحظ أن كلمة (سورة) المضافة إلى اسم السورة قد ذكرت في بعض السور و لم تذكر في البعض الآخر، و هكذا في كل النسخ، و لذلك فإني سأسير على ذكرها في كل سورة، سواء اتفقت النسخ أم اختلفت في ذلك، و لا يترتب على ذلك محظور.
3- السور التي افتتحت بحروف التهجي يعد الكوفي تلك الحروف آية مستقلة، و ذلك نحو الم* إلا ما كان على حرف واحد، فلا يعد الكوفي و لا غيره ذلك رأس آية، و ذلك في ثلاث سور ص و ق و ن، و كذلك لا يعد أحد منهم طس أول النمل آية و لا يعدون الحروف التي افتتحت بها بعض السور إذا كانت مقترنة براء نحو الر* أول سورة (يونس و هود و يوسف و إبراهيم و الحجر و المر أول سورة الرعد. راجع البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (19)، و البرهان للزركشي (1/ 267) و مناهل العرفان (1/ 340).

2- وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (1)البقرة (255) اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ....(2) انفرد بها الشامي.

3- مُصْلِحُونَ (3) أسقطها الشامي وحده.

4- إِلَّا خائِفِينَ (4) أسقطها الجميع إلّا البصري.

5- وَ اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (5) أسقطها المدني الأول (6).

6- فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (7) أسقطها المدني الأخير.

7- وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ (8) عدها المدني الأول و المكّي.

8- لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (9) عدها الكوفي و الشامي و المدني الأخير.

9- قَوْلًا مَعْرُوفاً (10) للبصري وحده.

10- الْحَيُّ الْقَيُّومُ (10) للمدني الأخير و البصري و المكّي.

ص: 519


1- البقرة
2- .
3- البقرة 11 ... قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ.
4- البقرة (114) ... أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ.
5- البقرة (197).
6- و المكي أيضا، و لعلها سقطت من المصنف سهوا، حيث قد ذكر العلماء أن الذي أسقطها المدني الأول و المكي. انظر كتاب البيان للداني ورقة (47/ ب) و إتحاف فضلاء البشر (ص 125) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 186)، و نفائس البيان (ص 11).
7- البقرة (200) فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.
8- البقرة (219).
9- البقرة (219) ... كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ.
10- البقرة (235) ... عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً.

11- مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (1) للمدني الأول.

فالاختلاف في إحدى عشرة آية، فهي في الكوفي مائتان و ثمانون و ست آيات، و خمس آيات في المدنيين و المكّي و الشامي، و سبع آيات في البصري (2).

سورة آل عمران:

1- الم الكوفي.

2- وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ (3) أسقطها الشامي وحده.

3- وَ أَنْزَلَ الْفُرْقانَ (4) أسقطها الكوفي وحده.

4- وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ (5) عدها الكوفي وحده.

5- وَ رَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ (6) عدها البصري وحده (7).

ص: 520


1- البقرة (257) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ.
2- انظر كتاب البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (47/ ب) و غيث النفع (ص 69) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 186) و نفائس البيان شرح الفرائد الحسان في عد آى القرآن (ص 12). و في هذا يقول شيخنا عبد الفتاح القاضي- رحمه اللّه-: ما بدؤه حرف التهجي الكوف عد لا الوتر مع (طس) مع ذي الرّ اعتمد و أوّلا الشورى لحمصيّ يعد موافقا للكوف فيما قد ورد وعد شاميّ (ألم) أولا سواه (مصلحون) عنه نقلا و (خائفين) عدّ للبصريّ و ثاني (الألباب) للشاميّ كالثاني و العراق ثم ثاني (خلاق) أتركنه للثاني و (ينفقون) الثاني عدّ المكّي و اوّل أيضا بدون شك و (تتفكرون) في الأولى ورد للثاني و الشامي و كوف في العدد (معروفا) البصري و معه قد ولى ثان لدى (القيوم) مع مك جلى عدّ (إلى النور) المديني الأوّل و خلف مك في (شهيد) يهمل اه نفائس البيان (ص 9- 12).
3- آل عمران (3).
4- آل عمران (4).
5- آل عمران (48).
6- آل عمران (49).
7- هناك عدد عند العلماء يسمى العدد الحمصي، و هو ما رواه أهل حمص عن خالد بن معدان، و هذا العدد اعتد به بعض العلماء و لم يعتد به البعض الآخر، و مؤلفنا السخاوي من الفريق الذي لم يعتبره لاندثاره و عدم الاعتداد به، و لذلك لم يذكر هنا أن الحمصي يشارك البصري في عد هذه الآية كما ذكر بعض العلماء، و بناء عليه فلن أشير إلى ذلك العدد في تعليقاتي، إلا ما جاء ضمنا في منظومة شيخنا القاضي عند الاستشهاد. قال أبو عمرو الداني: و لأهل حمص عدد سابع كانوا يعدون به قديما وافقوا في بعضه أهل دمشق، و خالفوهم في بعضه، و أوقفته جماعتهم على خالد بن معدان- رحمه اللّه- و هو من كبار تابعي الشاميين ... اه ثم ساق الأسانيد في ذلك. البيان (23/ أ) و راجع (24/ أ) من المصدر نفسه.

6- مِمَّا تُحِبُّونَ (1) أسقطها الكوفي و البصري (2).

7- مَقامُ إِبْراهِيمَ (3) عدها أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، و وافقه الشامي (4) و لا نظير لها، فاختلافها سبع آيات، و هي مائتا آية في جميع العدد (5).

ص: 521


1- [آل عمران: 92 لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ.
2- و أبو جعفر القاري كما في كتاب البيان للداني، و كأنّ المصنف لم يعتد بالخلاف في هذا الموضع بين شيبة و أبي جعفر المدنيين. و في التبيان: عده المكي و المدني الأول و شيبة من المدني الأخير و الشامي اه (ص 187). و في الإتحاف: حرمي و دمشقي غير أبي جعفر اه (ص 169). قال شيخنا القاضي: (مما تحبون) لمك أثبت و للدمشقي كذا مع شيبة قال: و هذا أول المواضع التي اختلف فيها شيبة بن نصاح و أبو جعفر و هي ست، هذا أولها،. الثاني: (مقام إبراهيم). الثالث: وَ إِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ في الصافات آية (167). الرابع: قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ في الملك آية (9). الخامس: (إلى طعامه) في سورة عبس آية (24). و السادس: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ [في التكوير آية (26). و قد عدها شيبة- أي تلك المواضع- إلا الثاني فتركه و ترك عدها أبو جعفر إلا الموضع الثاني فعده اه. نفائس البيان (ص 14) و راجع البيان للداني (22/ ب).
3- آل عمران (97) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ.
4- قال الناظم: (مَقامُ إِبْراهِيمَ) للشامي ورد كذا أبو جعفر أيضا في العدد اه نفائس البيان (ص 14).
5- أي في جملتها، و قد حصل الخلاف تفصيلا في السبعة المواضع المتقدم ذكرها. انظر البيان (49/ ب) و التبيان (ص 187) و إتحاف فضلاء البشر (ص 169) و نفائس البيان (ص 14). يقول شيخنا رحمه اللّه: و غير الشام أول (الإنجيل) عد و الثاني للكوفي به قد انفرد و غيره (الفرقان)، (إسرائيلا) للبصر و الحمصيّ عند الأولى
سورة النساء:

1- وَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (1) الكوفي و الشامي.

2- فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً (2) الشامي وحده، فهي مائة و ست و سبعون آية عند الكوفي، و تنقص آية للمدنيين و البصري و المكي، و تزيد آية للشامي، و اختلافها آيتان (3).

سورة المائدة:

1- أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (4) أسقطها الكوفي وحده.

2- و كذلك قوله عزّ و جلّ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (5).

3- فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ (6) للبصري وحده (7) اختلافها ثلاث آيات و هي في الكوفي مائة و عشرون، و في المدني و المكّي و الشامي تزيد اثنتين، و في البصري تزيد (8) ثلاث آيات (9).

سورة الأنعام:

1- وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ (10) للمدنيين و المكّي.

ص: 522


1- النساء (44).
2- النساء (173) ... وَ أَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَ اسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً.
3- انظر كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (51/ أ) و انظر إتحاف فضلاء البشر (ص 185) و نفائس البيان (ص 14، 15) يقول شيخنا: لكوف (السبيل) و الشامي يعد و ذا (أليما) آخرا به انفرد. اه
4- المائدة (1) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.
5- المائدة (15).
6- المائدة (23) فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ.
7- كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (52/ ب) و التبيان (ص 188) و الإتحاف (ص 197). يقول الناظم: و (بالعقود) (عن كثير) أهملا كوف و (غالبون) بصر نقلا. اه نفائس البيان (ص 15).
8- في د و ظ: و تزيد ثلاث.
9- في التبيان: قال: و عشرون في عدد البصري، و لعله سهو.
10- الأنعام (1).

2- لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (1) الكوفي.

3- وَ يَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ (2) أسقطها الكوفي وحده، و كذلك.

4- إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (3) اختلافها أربع آيات، و هي مائة و ستون و خمس آيات للكوفي، و ست آيات للبصري و الشامي، و سبع آيات للمدنيين و المكي (4).

سورة الأعراف:

1- المص للكوفي.

2- مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (5) للبصري و الشامي.

3- كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (6) للكوفي.

4- ضِعْفاً مِنَ النَّارِ (7) للمدنيين و المكّي.

5- الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ (8) مدنيين و مكّي، اختلافها خمس آيات و هي في الكوفي و المدنيين و المكّي (9) مائتان و ست آيات، و في البصري و الشامي تنقص آية (10).

ص: 523


1- الأنعام (66) قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ.
2- الأنعام (73).
3- الأنعام (161) قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
4- البيان في عد آى القرآن (53/ ب) و التبيان (ص 188).
5- الأعراف (29) وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.
6- الأعراف (29).
7- الأعراف (38) فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ.
8- الأعراف (137) وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ.
9- من قوله: و المكي الْحُسْنى ... إلى و المكي مائتان: سقط من ظ بانتقال النظر.
10- انظر البيان لأبي عمرو الداني (54/ ب) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 188) و إتحاف فضلاء البشر (ص 222). يقول شيخنا- فيما يتعلق بسورتي الأنعام و الأعراف-: قد عدّ (و النور) لدى مكيهم و المدني الأول و الثاني و سم و (بوكيل) أولا كوف يرى و غيره في (مستقيم) آخرا ك (فيكون) (الدين) شام بصري ثم (تعودون) لكوف يجري. و أعدد (من النار) و (إسرائيل) في ثالثها عن الحجازي اقتفى. اه نفائس البيان (ص 15، 16).
سورة الأنفال:

1- ثُمَّ يُغْلَبُونَ (1) للبصري و الشامي.

2- لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا (2) للجميع إلّا الكوفي.

3- بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ (3) للجميع إلّا البصري، اختلافها ثلاث آيات و هي في الكوفي سبعون و خمس آيات، و قال الشامي: و سبع آيات و قال الباقون: و ست آيات (4) اه.

سورة التوبة:

1- أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (5) للبصري (6).

2- إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (7) للشامي.

3- قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ (8) للمدنيين و المكّي.

اختلافا ثلاث آيات (9) و هي مائة و تسع و عشرون في الكوفي، و ثلاثون للباقين (10).

ص: 524


1- الأنفال (36) ... فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ.
2- الأنفال (42).
3- الأنفال (62). هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ.
4- انظر: البيان في عد آى القرآن (56/ أ) و التبيان (ص 189)، و الإتحاف (ص 235).
5- التوبة (3) وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ....
6- ذكر أبو عمرو الخلاف عن البصري في عده هذه الآية و عدم عدها، و رجح أنها معدودة له. البيان (57/ أ).
7- التوبة (39).
8- التوبة (70) أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ.
9- و كذا في البيان لأبي عمرو الداني (57/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 227).
10- انظر: كتاب البيان للداني (57/ أ) و التبيان (ص 189). قال القاضي:- فيما يتعلق بسورتي الأنفال و التوبة- في (يغلبون) الشام كالبصر اتّبع أوّل (مفعولا) عن الكوفي دع (بالمؤمنين) الكل لا البصريّ عد و (المشركين) الثاني للبصري ورد و (القيّم) الحمصيّ عدّا نقله و للدمشقيّ (أليما) أوّله (ثمود) عند المدنيّ الأول عدّ كذا للثاني و المكّي انقل. اه نفائس البيان (ص 18، 19).
سورة يونس:- عليه السلام-.

1- دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (1) للشامي وحده.

2- لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (2) أسقطها الشامي وحده.

3- وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ (3) عدها الشامي وحده.

و هي مائة و تسع آيات في جميع العدد، إلّا الشامي فإنّها فيه مائة و عشر (4).

سورة هود:- عليه السلام-.

1- أَنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (5) الكوفي وحده.

2- يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (6) أسقطها البصري وحده.

3- مِنْ سِجِّيلٍ (7) للمدني الأخير و المكّي.

4- مَنْضُودٍ (8) أسقطها المدني الأخير و المكّي.

5- خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (9) للمدنيين و المكّي (10).

ص: 525


1- يونس (22) ... وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.
2- يونس (22) ... لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.
3- يونس (57) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ.
4- البيان للداني (58/ أ) و التبيان (ص 189) و الاتحاف (ص 246). قال شيخنا رحمه اللّه: و الشام لفظ (الدين) و (الصدور) عد و (الشاكرين) لسواه يعتمد ثم قال: و لا يخفى عليك أن الر* ليست معدودة لأحد، و كذا أول سورة هود و يوسف و إبراهيم و الحجر، و أيضا المر أول الرعد، و قد سبق ذكره في أول البقرة اه نفائس البيان (ص 19).
5- هود (54) قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَ اشْهَدُوا أَنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ.
6- هود (74) وَ جاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ.
7- هود (83) وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ.
8- هود (83) وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ.
9- هود (86) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
10- و الحمصي كما في الإتحاف.

6- وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (1) للكوفي و البصري و الشامي (2).

7- إِنَّا عامِلُونَ (3) أسقطها المدني الأخير و المكّي.

اختلافها سبع آيات، و هي في الكوفي مائة و عشرون و ثلاث (4) آيات، و آيتان (5) في المدني الأول و الشامي، و آية في المدني الأخير و البصري و المكّي (6).

سورة يوسف:- عليه السلام-.

ليس فيها اختلاف، و هي مائة و إحدى عشر (7) آية عند الجميع (8).

سورة الرعد:

1- لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (9) أسقطها الكوفي.

2- يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ (10) للشامي.

3- تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ (11) أسقطها الكوفي.

ص: 526


1- هود (118).
2- الذي يشارك الكوفي و البصري في عدها الدمشقي فقط كما في الإتحاف.
3- هود (121) وَ قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ.
4- في بقية النسخ: و ست آيات، و هو خطأ.
5- في ظ: و اثنتان.
6- كتاب البيان للداني (59/ أ) و التبيان (ص 190) و إتحاف فضلاء البشر (ص 254). و في هذا يقول شيخنا: للكوف و الحمصيّ (تشركون) عد ثاني (لوط) عنه كالبصريّ رد (سجيل) المكّي مع الثاني انتمى و عدّ (منضود) لدى سواهما و (مؤمنين) الحمصي مع حجازهم (مختلفين) اعدده عن دمشقهم كذا العراقي و (عاملون) ا هم مع الأول ناقلونا اه نفائس البيان (ص 19، 20).
7- هكذا في الأصل: و إحدى عشر، و في بقية النسخ: و إحدى عشرة و هو الصواب.
8- انظر البيان للداني ورقة (59/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 255) و التبيان (ص 190).
9- الرعد (5) وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنَّا تُراباً أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.
10- الرعد (16) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ.
11- الرعد (16) أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ.

4- مِنْ كُلِّ بابٍ (1) للكوفي و البصري و الشامي، اختلافها أربع (2) آيات و هي في الكوفي ثلاث و أربعون آية، و أربع و أربعون في المدنيين و المكّي، و خمس و أربعون في البصري، و (ست) (3) و أربعون في الشامي (4).

سورة إبراهيم:- عليه السلام-.

1- النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (5) أسقطها الكوفي و البصري.

2- و (6) كذلك قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (7).

3- وَ عادٍ وَ ثَمُودَ (8)إبراهيم (19) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ.(9) أسقطها الكوفي و الشامي.

4- وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (9) للكوفي و المدني الأول و الشامي.

5- وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ (10) أسقطها المدني الأول.

ص: 527


1- الرعد (23) وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ.
2- في كتاب البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني ورقة (60/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 261) و كذا في التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن: و الآيات المختلف فيها خمس (جديد)، (و النور) (و البصير)، (سوء الحساب)، (من كل باب) اه. و من هذا يتبين أن الموضع الخامس هو قوله تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ آية (18) عده الشامي و تركه غيره، و لعله سقط من المصنف سهوا، و اللّه أعلم. و في هذا كله يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي- رحمه اللّه- (جديد) (النور) سوى الكوفيّ عد و للدمشقيّ (البصير) يعتمد (سوء الحساب) عدّ شام أولا و قبله (الباطل) للحمصي انجلى (من كل باب) عدّه البصريّ و أيضا الشاميّ و الكوفيّ اه نفائس البيان (ص 21).
3- هكذا في النسخ: و ست و أربعون. و هذا مبني على عدم عده أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ كما سبق.
4- البيان للداني ورقة (60/ ب) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 190، 191). و في هذين المصدرين و بصائر ذوي التمييز (1/ 261) و الإتحاف: و سبع و أربعون عند الشامي.
5- إبراهيم (1) لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ.
6- الواو ساقطة من ظ.
7- إبراهيم (5) أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ.
8- إبراهيم
9- أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ.
10- إبراهيم (24) أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ.

6- وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ (1) أسقطها المكّي و البصري (2).

7- عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ (3) أسقطها الكل إلّا الشامي.

اختلافها سبع، و هي خمسون و آيتان (4) في الكوفي، و آية في البصري، و أربع آيات في المدنيين و المكّي، و خمس آيات في الشامي (5).

سورة الحجر:

ليس فيها اختلاف، و هي تسعون و تسع آيات (6).

سورة النحل:

مائة و عشرون و ثمان آيات، ليس فيها اختلاف (7).

سورة بني إسرائيل:

يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (8) للكوفي وحده، و الباقون لا خلاف عندهم، عدها عطاء بن يسار و عاصم الجحدري و يحيى بن الحارث الذماري، و أبي بن كعب و أهل مكة: مائة و عشر آيات، و كذلك قال عكرمة و قتادة و الحسن و الكلبي، و هي في

ص: 528


1- إبراهيم (33).
2- في كتاب البيان في عد آى القرآن (61/ أ) و التبيان و نثر المرجان (3/ 361): عده غير البصري، و عليه فإن المكي يكون ضمن العادين، و لعله وقع سهوا من المصنف، و اللّه أعلم.
3- إبراهيم (42) وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.
4- في د و ظ: اثنان.
5- انظر البيان للداني (61/ أ) و التبيان (ص 191) و الإتحاف (ص 271). يقول الناظم: عن العراقيّ كلا (النور) امنعا (ثمود) بصر مع حجازيّ وعى (جديد) الكوفي و شام نقلا مع أول و (في السماء) أوّلا دع عنه (و النهار) غير البصري و (الظالمون) عند شام يسري اه نفائس البيان (ص 22).
6- انظر كتاب البيان للداني (61/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 272) و التبيان (ص/ 191).
7- انظر كتاب البيان للداني (62/ ب) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 191).
8- الإسراء (107) إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً

الكوفي مائة و إحدى عشرة آية، و عند المدنيين و البصري و المكّي و الشامي مائة و عشر آيات (1).

سورة الكهف:

مائة و عشر آيات.

(و كذلك قال عكرمة) (2) في الكوفي، و خمس في المدني (3) و المكّي و إحدى عشرة آية في البصري، و ست آيات في الشامي، اختلافها عشر آيات (4).

1- إِلَّا قَلِيلٌ (5) للمدني الأخير.

2- فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (6) للمدني الأول و الكوفي و البصري و المكّي و الشامي.

3- وَ جَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (7) أسقطها المدني الأول و المكّي.

4- أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (8) أسقطها المدني الأخير و الشامي.

5- وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً (9) أسقطها المدني الأول و الكوفي (10).

6- فَأَتْبَعَ سَبَباً (11) أثبتها الكوفي و البصري.

ص: 529


1- انظر نحوه مختصرا في كتاب البيان للداني (63/ ب) و التبيان (ص 191) و اتحاف فضلاء البشر (ص 281).
2- هكذا في الأصل: و كذلك قال عكرمة ... الخ فقول الناسخ: و كذلك قال عكرمة، إنما هو تكرير لما في سورة الإسراء، بانتقال النظر.
3- في بقية النسخ: في المدنيين.
4- بل خلافها إحدى عشرة آية، و لعل الموضع الأول سقط من المصنف سهوا حيث ذكر العلماء أن قوله تعالى وَ زِدْناهُمْ هُدىً آية (13) أسقطها الشامي. انظر كتاب البيان للداني (64/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 297) و الإتحاف (ص 287) و نفائس البيان كما سيأتي منظوما و نثر المرجان (74/ 107).
5- الكهف (22) قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ.
6- الكهف (23) وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً.
7- الكهف (32).
8- الكهف (35) قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً.
9- الكهف (84) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً.
10- كذا في النسخ، و لعله سهو، فإن الذي يسقط عدها المدني الأول و المكي، و يعدها الباقون، انظر البيان في عد آى القرآن (64/ ب) و الإتحاف (ص 287) و التبيان (ص 192) و نثر المرجان في رسم القرآن (4/ 181) و نفائس البيان (ص 24) و سيأتي منظوما.
11- الكهف (85).

7- و كذلك ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (1).

8- و كذلك ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (2) الثانية.

9- وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً (3) أسقطها المدني الأخير و الكوفي.

10- بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا (4) أسقطها المدنيان و المكّي (5).

سورة مريم:- عليها السلام

- تسعون و ثمان آيات في الكوفي و المدني الأول و البصري و الشامي، و تسع في المدني الأخير و المكّي، اختلافها ثلاث آيات.

1- كهيعص للكوفي.

2- وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ (6) للمدني الأخير و المكّي.

3- فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا (7) أثبتها الكل إلّا الكوفي (8).

سورة طه:

مائة و ثلاثون و خمس آيات في الكوفي، و أربع آيات في المدنيين و المكّي

ص: 530


1- الكهف (89).
2- الكهف (92).
3- الكهف (86).
4- الكهف (103) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا.
5- إتحاف فضلاء البشر (ص 287). يقول شيخنا القاضي:- فيما يتعلق بسورتي الإسراء و الكهف- (سجّدا) الكوفي (هدى) للشام دع (قليل) الثاني (غدا) له امتنع (زرعا) نفى الأول مع مكّيّهم ك (أبدا) بعد لثان شامهم (سببا) الأولى ك (زرعا) في العدد و عدّ باقيها العراقيّ اعتمد و (قوما) أولى الكوف مع ثان فقد (أعمالا) الشامي مع العراق عد اه نفائس البيان (ص 23، 24).
6- مريم (41).
7- مريم (75). قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا.
8- كتاب البيان في عد آى القرآن للداني ورقة (65/ أ) و التبيان (ص 192) و الإتحاف (ص 297). يقول شيخنا القاضي: أول (إبراهيم) للمكيّ مع ثان و أولى (مدا) الكوفي منع اه نفائس البيان (ص 24).

و آيتان في البصري و مائة (و أربعين) (1) آية في الشامي (2).

اختلافها إحدى و عشرون (3) () (4).

1- طه للكوفي.

2- كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (5) أسقطها البصري وحده.

3- وَ نَذْكُرَكَ كَثِيراً (6) مثله.

4- مَحَبَّةً مِنِّي (7) أسقطها الكوفي و البصري.

5- وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً (8) عدها البصري و الشامي.

6- كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ (9) عدها الشامي وحده.

7- فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ (10) عدها الشامي وحده.

8- وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (11) للكوفي و الشامي.

9- مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (12) للكوفي وحده.

10- فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (13) للشامي وحده.

11- وَ لَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى (14) للشامي وحده.

ص: 531


1- في بقية النسخ: و أربعون و هو الصواب.
2- في غيث النفع (ص 287) و الإتحاف (ص 301): و ثمان و ثلاثون حمصي و أربعون دمشقي.
3- انظر؛ كتاب البيان للداني (66/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 310) و التبيان (ص 193).
4- في بقية النسخ: إحدى و عشرون آية.
5- طه (33).
6- طه (34).
7- طه (39) وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي.
8- طه (40).
9- طه (40).
10- طه (40).
11- طه (41).
12- طه (78) فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.
13- طه (47).
14- طه (77).

12- غَضْبانَ أَسِفاً (1) للمدني الأول و المكّي.

13- وَعْداً حَسَناً (2) للمدني الأخير.

14- فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (3) أسقطها (4) المدني الأخير وحده.

15- وَ إِلهُ مُوسى (5) عدها المدني الأول و المكّي.

16- فَنَسِيَ (6) أسقطها المدني الأولى و المكّي (7).

17- أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا (8) عدها المدني الأخير وحده.

18- إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (9) عدها الكوفي وحده.

19- قاعاً صَفْصَفاً (10) عدها البصري و الكوفي و الشامي.

20- مِنِّي هُدىً (11) أسقطها الكوفي وحده.

21- و كذلك زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا (12) (13).

ص: 532


1- طه (86) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً.
2- طه (86) قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً.
3- طه (87).
4- من قوله أَسِفاً إلى هنا: ساقط من ظ.
5- طه (88) فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ.
6- الآية السابقة نفسها.
7- أي فمن عد وَ إِلهُ مُوسى لا يعد فَنَسِيَ و بالعكس.
8- طه (89) أَ فَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا.
9- طه (92) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا.
10- طه (106) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً.
11- طه (123) فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً.
12- طه (131) وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا.
13- انظر البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني (66/ أ) و التبيان (ص 193، 194) و الإتحاف (ص 301) و نفائس البيان (ص 25- 28). و قد نظم ذلك شيخنا القاضي بقوله: معا (كثيرا) عند بصر أهملا (منّي) دمشقيّ حجازيّ تلا (في اليمّ) حمص (تحزن) (اسرائيل) مع (مدين) (موسى أن) لشامي تقع (فتونا) البصري و شام أتبعا كوف (لنفسي) معه شاميّ وعى (غشيهم) في الثاني كوف (أسفا) للمدني الأول و المكيّ اعرفا للثاني (ألقى السامريّ) فارددا و (حسنا) (قولا و لا) له اعددا (إله موسى) عند مكّ رويا مع أول و لهما اترك (نسيا) (رأيتهم ضلوا) لكوف اعددا و (صفصفا) عن الحجازي ارددا (مني هدى) و ثاني (الدنيا) يرد كوف و حمصيّ (و ضنكا) عنه عد. اه

و أعلم أن من أهل العدد من يقول: اختلافها سبع عشرة (1) فلا يذكر أربع آيات انفرد بها الشامي: تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ، سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ، فَأَرْسِلْ مَعَنا (2) بَنِي إِسْرائِيلَ، وَ لَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى

سورة الأنبياء:- عليهم السلام-

اختلافها آية ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ (3) عدها الكوفي وحده، فهي مائة و اثنتا عشرة آية عنده و عند الباقي: و إحدى عشرة (4).

سورة الحج:

1- مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (5) الكوفي وحده.

2- ما فِي بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ (6) كذلك.

3- وَ عادٌ وَ ثَمُودُ (7) عدها الكل إلّا الشامي.

4- وَ قَوْمُ لُوطٍ (8) أسقطها البصري و الشامي.

5- هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (9) لم يعدها إلّا المكي (10) اختلافها خمس آيات و هي سبعون

ص: 533


1- و لعله خلاف ليس له حظ من النظر، و لذلك لم يتعرض له الداني و لا غيره ممن وقفت على كلامهم، و اللّه أعلم.
2- في كل النسخ فَأَرْسِلْ مَعِيَ ... و هو خطأ و الصحيح ما أثبته.
3- الأنبياء (66) قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ.
4- انظر البيان للداني (67/ أ) و غيث النفع (ص 293) و التبيان (ص 194) و الإتحاف (ص 309).
5- الحج (19) فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ.
6- الحج (20) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ.
7- الحج (42) وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ ثَمُودُ.
8- الحج (43) وَ قَوْمُ إِبْراهِيمَ وَ قَوْمُ لُوطٍ.
9- الحج (78).
10- في إحدى الروايتين عنه كما في التبيان (ص 194) و الراجح ما ذكره المصنف من أن المكي يعدها. انظر البيان للداني (68/ أ) و نثر المرجان (4/ 517) و نفائس البيان (ص 29).

و ثمان آيات في الكوفي، و سبع آيات في المكي، و ست آيات في المدنيين، و خمس آيات في البصري، و أربع في الشامي (1).

سورة المؤمنين:

اختلافها آية واحدة (و أخاه هارون) (2) أسقطها الكوفي وحده، و هي في الكوفي (3) مائة و ثمان عشرة آية، و في الباقين مائة و تسع عشرة آية (4).

سورة النور:

اختلافها آيتان (5).

1- بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ (6) عدها الكوفي و البصري و الشامي.

2- و كذلك يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (7).

و هي ستون و أربع آيات عند هؤلاء، و عند المدنيين و المكّي: اثنتان و ستون (8)،

سورة الفرقان:

هي سبعون و سبع آيات في العدد كله، لا اختلاف فيها (9).

سورة الشعراء:

اختلافها أربع آيات:

1- طسم للكوفي.

2- فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (10) للكل إلّا الكوفي.

ص: 534


1- انظر البيان (68/ أ) و غيث النفع (ص 295) و التبيان (ص 194)، و الإتحاف (ص 313). يقول الشيخ القاضي: (يضركم) كوف مع (الحميم) مع ما بعده (ثمود) للشامي دع (لوط) لشاميّ مع البصري اترك و (المسلمين) الخلف للمكّي حكي.
2- المؤمنون (45) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَ أَخاهُ هارُونَ.
3- في ظ: و هي في المدني، و لعله خطأ من الناسخ.
4- انظر البيان للداني (68/ ب) و التبيان (ص 194).
5- في د و ظ: اثنان.
6- النور (36) يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ.
7- النور (43) يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ.
8- انظر البيان في عد آى القرآن (69/ ب) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 194). يقول الشيخ القاضي:- فيما يتعلق بسورتي المؤمنين و النور- (هارون) للكوفي و الحمصي يرد و الشام كالعراق (و الآصال) عد و اعدد لهؤلاء (بالأبصار) و دع لحمص (لأولي الأبصار) اه
9- انظر غيث النفع (ص 305) و التبيان (ص 195) و الإتحاف (ص 327).
10- الشعراء (49) إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.

3- أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (1) للكل إلّا البصري.

4- وَ ما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (2) للكل إلّا المدني الأخير و المكّي، و هي مائتان و سبع و عشرون في الكوفي و المدني الأول و الشامي، و ست و عشرون في المدني الأخير و البصري و المكّي (3).

سورة النمل:

اختلافها آيتان (4):

1- مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ (5) في الجميع إلّا الكوفي.

2- [وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ (6) عدها المدنيان و المكي. و هي تسعون و ثلاث آيات في الكوفي (7) و أربع في البصري و الشامي و خمس في المدنيين و المكّي (8).

سورة القصص:

و هي في جميع العدد ثمانون و ثمان آيات (9).

1- طسم عدها الكوفي.

2- أُمَّةً (10) مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ (11) أسقطها الكوفي، اختلافها آيتان (12)

ص: 535


1- الشعراء (92) وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ.
2- الشعراء (210).
3- انظر: و الإتحاف (ص 331) و التبيان (ص 195). قال الشيخ القاضي: أول (تعلمون) كوف أهمله ثالث (تعبدون) بصر حظله (به الشياطين) اعددن لكلهم لا المدني الأخير مع مكّيّهم اه نفائس البيان (ص 30).
4- في د و ظ: اثنان.
5- النمل (44) قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ.
6- النمل (33) قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ.
7- ما بين المعقوفتين: ألحق في حاشية (ت) إلحاقا و هي غير مقروءة.
8- انظر: البيان للداني ورقة (72/ أ) و التبيان (ص 195، 196)، و الإتحاف (ص 335).
9- بالإجماع: انظر غيث النفع (ص 315) و التبيان (ص 196).
10- في د و ظ: آية، و هو خطأ.
11- القصص (23) وَ لَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ.
12- انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 353) و إتحاف فضلاء البشر (ص 341) و التبيان. يقول القاضي- ناظما ما يتعلق بسورتي النمل و القصص و للحجازيّ (شديد) اعددا و عند كوفيّ (قوارير) ارددا للكوف (يسقون) ارتكا (و الطين) للحمص عدّ عكس (يقتلون). اه
سورة العنكبوت:

و هي ستون و تسع آيات في جميع العدد (1) اختلافها ثلاث آيات:

1- الم عدها الكوفي.

2- وَ تَقْطَعُونَ السَّبِيلَ (2) أسقطها الكوفي و البصري و الشامي (3).

3- مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (4) عدها البصري و الشامي (5).

سورة الروم:

ستون آية عند الكوفي و المدني الأول و البصري و الشامي، و تسع و خمسون في المدني الأخير و المكّي (6).

و كذلك قال أبي بن كعب، اختلافها أربع آيات.

1- الم للكوفي.

2- غُلِبَتِ الرُّومُ (7) للكوفي و المدني الأول و البصري و الشامي.

3- فِي بِضْعِ سِنِينَ (8) للبصري و المدني الأخير و المكّي و الشامي.

4- يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ (9) للمدني الأول وحده (10).

ص: 536


1- بالاتفاق. انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 359) و التبيان (ص 196).
2- العنكبوت (29) أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ السَّبِيلَ.
3- انظر التبيان (ص 196). قال الشيخ القاضي: و أول (السبيل) للحمصي مع الحجازي (الدين) للبصريّ كذا الدمشقيّ و (يؤمنون) قد إلا عدّ لحمص آخر كما ورد». اه (ص 32).
4- العنكبوت (65) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.
5- انظر: التبيان (ص 196).
6- غيث النفع (ص 319) و الإتحاف (ص 347) و التبيان (ص 196).
7- الروم (2).
8- الروم (4).
9- الروم (55) وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ.
10- انظر البيان في عد آى القرآن لأبي عمرو الداني (74/ أ) و التبيان (ص 196). و قد ذكر صاحب و الإتحاف موضعا خامسا هو قوله تعالى: ... وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ الآية (3). قال: إنه ورد الخلف فيه عن المكي. لكن شيخنا القاضي- رحمه اللّه- قال: إن هذا الخلاف لا يعتبر و لا يعتد به، بل الصحيح أن المكي يعد هذا الموضع كما يعده سائر الأئمة، قال: و لذلك لم يتعرض الداني في كتابه (البيان) لهذا الخلاف، بل جزم بأن المكّي يعده كسائر علماء العدد اه. و قد نظم هذا قائلا: (الروم) للثاني و للمكي يرد و خلفه في (يغلبون) لا يعد (سنين) للأول و الكوفي أهمل و (المجرمون) الثاني عدّ الأول. اه (ص 32).
سورة لقمان:- عليه السلام-.

1- الم للكوفي.

2- مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (1) للبصري و الشامي.

اختلافها: موضعان، و هي ثلاثون و أربع آيات في الكوفي و البصري و الشامي و ثلاث آيات في المدنيين و المكّي (2).

سورة السجدة:

ثلاثون آية في جميع العدد، إلّا البصري فإنها فيه تسع و عشرون (3) اختلافها: آيتان:

1- الم للكوفي.

2- أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (4) أسقطها الكوفي او البصري (5).

سورة الأحزاب:

ليس فيها اختلاف، و هي سبعون و ثلاث آيات عند الجميع (6).

سورة سبأ:

اختلافها آية واحدة عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ (7) عدها الشامي وحده فهي

ص: 537


1- لقمان: (32) وَ إِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.
2- البيان للداني (75/ أ) و التبيان (ص 196) و غيث النفع (ص 322) و بصائر ذوي التمييز (1/ 370) و إتحاف فضلاء البشر (ص 349).
3- غيث النفع (ص 323) و التبيان و بصائر ذوي التمييز (1/ 373).
4- السجدة: (10) وَ قالُوا أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.
5- انظر البيان للداني (75) و الإتحاف (ص 351) و التبيان. يقول القاضي ناظما ما يتعلق بسورتي لقمان و السجدة: و (الدين) للشاميّ و البصري (جديد) الحجاز مع شاميّ. اه نفائس البيان (ص 33).
6- انظر البيان للداني (75/ ب) و غيث النفع (ص 323) و التبيان (ص 197).
7- سبأ (15) لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ.

خمسون و أربع آيات عند الجميع، إلّا الشامي فإنّها في عدده و خمس آيات (1).

سورة فاطر:

سورة فاطر (2):

اختلافها سبع آيات (3).

1- لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (4)فاطر (22) وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ.(5) للبصري و الشامي.

2- وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ (6) أسقطها البصري.

3- و كذلك وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ (7) عدها الجميع إلّا البصري.

4- بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) أسقطها الشامي (8).

5- بِخَلْقٍ (9) جَدِيدٍ (10) أسقطها البصري (11).

6- لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (12) أسقطها المدني الأول و المكّي و الكوفي.

ص: 538


1- البيان للداني (76/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 382) و غيث النفع (ص 326) و الاتحاف (ص 357) و التبيان (ص 197).
2- في بقية النسخ: سورة الملائكة.
3- بصائر ذوي التمييز (1/ 386) و الاتحاف (ص 361) و التبيان (ص 197). قال الشيخ القاضي- ناظما ما يتعلق بسورتي سبأ و فاطر:شام (شمال) و (شديد) أوّلا و معه بصريّ (شديد) نقلا و (تشكرون) عند حمص لا يعد (نذير) الأول عنه ما ورد و الحمصي و البصري (جديد) أهملا و في (البصير) (النور) بصر حظلا (من في القبور) للدمشقيّ أمتنع و (أن تزولا) عند بصريّ وقع (تبديلا) أعدده لدى البصريّ و المدني الآخر و الشاميّ اه النفائس (ص 34).
4- فاطر
5- الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ.
6- فاطر (19).
7- فاطر (20).
8- في الإتحاف و نفائس البيان: اسقطها الدمشقي.
9- في النسخ (لفي خلق جديد) خطأ.
10- فاطر (16) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ.
11- و الحمصي كما في الإتحاف و نفائس البيان.
12- فاطر (43) فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا.

7- أَنْ تَزُولا (1) عدها البصري وحده، و هي في الكوفي و المدني الأول و البصري و المكّي: أربعون و خمس آيات، و في المدني الأخير و الشامي: ست و أربعون (2).

سورة يس:

اختلافها آية واحدة يس للكوفي وحده، و هي ثمانون و ثلاث آيات في الكوفي و آيتان في سواه (3).

سورة الصافات:

اختلافها آيتان.

1- وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ (4) أسقطها البصري.

2- وَ إِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (5) أسقطها أبو جعفر يزيد وحده، و عدها الباقون، و هي في الكوفي و المدنيين و المكّي و الشامي: مائة و ثمانون و آيتان، و في البصري (6): مائة و ثمانون و آية (7).

سورة ص:

اختلافها ثلاث آيات (8):

1- ذِي الذِّكْرِ (9) عدها الكوفي.

ص: 539


1- فاطر (41) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا.
2- انظر البيان للداني (76/ ب) و التبيان (ص 197).
3- انظر البيان في عد آى القرآن (77/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 390) و غيث النفع (ص 331) و إتحاف فضلاء البشر (ص 363) و التبيان (ص 198).
4- الصافات (22) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ.
5- الصافات (167).
6- و أيضا عند أبي جعفر يزيد بن القعقاع- كما ذكر المصنف نفسه، و كما في البيان للداني (77/ ب) و الإتحاف (ص 367) و غيث النفع (ص 334) و التبيان (ص 198). و هذا هو الموضع الثالث من المواضع التي اختلف فيها أبو جعفر مع شيبة، و قد مر ذكر المواضع عند الكلام على سورة آل عمران من هذا الفصل.
7- انظر البيان للداني (77/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 393).
8- انظر: كتاب البيان للداني (79/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 399) و التبيان (ص 198). يقول شيخنا القاضي:- ناظما ما يتعلق بسورتي الصافات و ص و غير حمص (جانب) و العكس له في التّلو (يعبدون) بصر أهمله ثاني (يقولون) يزيد أهملا و الكوف (ذي الذكر) له قد نقلا (غواص) أعددن لغير البصري و غير حمصيّ (عظيم) يجري (أقول) للكوفيّ و الحمص أثبتا و الخلف للبصريّ فيه قد أتى اه نفائس البيان (ص 36).
9- ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ.

2- كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ (1) أسقطها البصري.

3- وَ الْحَقَّ أَقُولُ (2) عدها الكوفي (3).

و هي ثمانون و ثمان آيات في الكوفي، و ست آيات في المدنيين و المكّي و الشامي، و خمس في البصري (4).

سورة الزمر:

اختلافها سبع (5).

1- فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (6) أسقطها الكوفي.

2- مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (7)الزمر (36) ... وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ.(8) عدها الكوفي و الشامي (9).

3- مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (10) عدها الكوفي.

4- فَبَشِّرْ عِبادِ (11) أسقطها المدني الأول و المكّي.

5- فَما لَهُ مِنْ هادٍ (11) عدها الكوفي.

ص: 540


1- ص (37) وَ الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ.
2- ص (84) قالَ فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ.
3- قال الشيخ القاضي: إن الخلف في هذا الموضع قد ورد و ثبت، و ذلك أن عاصما الجحدري من علماء البصرة لم يعد هذا الموضع و يعقوب الحضرمي و أيوب بن المتوكل العالمان البصريان يعدانه اه نفائس البيان شرح الفرائد الحسان (ص 36).
4- و هو عدد عاصم الجحدري- كما في البيان للداني (79/ أ) و هذا هو المفهوم من كلام المصنف لأن الكوفي ينفرد بعد آيتين و البصري يسقط عد ثلاث آيات و هذا فيه تجاوز من المصنف- رحمه اللّه- حيث لم يلتفت إلى الخلاف المتقدم ذكره بين عاصم الجحدري و بين يعقوب الحضرمي و أيوب بن المتوكل البصريّين، و قد اعتمد المصنف رواية عاصم الجحدري، و هي إسقاط عد قوله تعالى: فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ. هذا و في التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن خلاف ما ذكره المصنف، أي أنه اعتمد رواية يعقوب الحضرمي و أيوب بن المتوكل في عد الآية المذكورة، و لذلك قال: هي في الكوفي ثمان و ثمانون، و في غيره ست و ثمانون، لم يتعرض للخلاف المذكور (ص 198).
5- بصائر ذوي التمييز (1/ 403) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 198).
6- الزمر (3) إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.
7- الزمر
8- إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ.
9- في الإتحاف: كوفي و دمشقي، و كذلك في نفائس البيان.
10- الزمر (14) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي.
11- الزمر (17).

6- تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ (1) عدها المدني الأول و المكّي.

7- فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (2) عدها الكوفي (3).

و هي سبعون و خمس آيات في الكوفي، و آيتان في المدنيين و البصري و المكّي، و ثلاث في الشامي (4).

سورة المؤمن:

اختلافها تسع (5):

1- حم للكوفي.

2- كاظِمِينَ (6) أسقطها الكوفي.

3- يَوْمَ التَّلاقِ (7) أسقطها الشامي (8).

4- يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ (9) عدها الشامي (10).

5- وَ أَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (11) أسقطها المدني الأخير و البصري.

ص: 541


1- الزمر (20) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.
2- الزمر (39) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.
3- و هو كذلك في كتابي البيان و التبيان. قال القاضي- رحمه اللّه-: (يختلفون) أوّلا لا الكوف عد معه الدمشقي ثاني (الدين) أعتمد كوف (له ديني) و (هاد) ثانيا (فسوف تعلمون) عنه رويا (بشر عبادي) عند مكّ أرددا مع أوّل (الأنهار) عنهما أعددا اه (ص 37).
4- انظر: البيان للداني (79/ ب، 80/ أ) و غيث النفع (ص 338) و الإتحاف (ص 374) و التبيان (ص 198).
5- في بقية النسخ: سبع، و هو تحريف.
6- غافر (18) وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ.
7- غافر (15) لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ.
8- في الإتحاف: تركها دمشقي.
9- غافر (16) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْ ءٌ.
10- في الإتحاف: عدها الدمشقي.
11- غافر (53).

6- الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ (1) عدها المدني الأخير و الشامي (2).

7- وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (3) عدها الكوفي و المدني الأخير و الشامي (4).

8- فِي الْحَمِيمِ (5) عدها المدني الأول و المكّي.

9- أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (6) عدها الكوفي و الشامي (7) و هي ثمانون و ست آيات في الشامي، و خمس آيات في الكوفي، و أربع في المدنيين و المكّي، و آيتان (8) في البصري (9).

سورة السجدة :

سورة السجدة (10)

اختلافها آيتان حم للكوفي.

عادٍ وَ ثَمُودَ (11)في د: و اثنان.(12) للمدنيين و الكوفي و المكّي.

و هي خمسون و أربع آيات في الكوفي، و ثلاث في المدنيين (و المكّي) (13) و آيتان (13) في البصري و الشامي (14).

سورة عسق:

اختلافها ثلاث آيات (15).

ص: 542


1- غافر (58) وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ.
2- في الإتحاف: عدها دمشقي و مدني أخير.
3- غافر (71) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ.
4- و هو كذلك في كتابي البيان و التبيان.
5- غافر (72) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ.
6- غافر (73) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ.
7- و هو كذلك في كتابي البيان و التبيان.
8- في د: و اثنان.
9- انظر البيان للداني (80/ ب) و راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 409) و الإتحاف (ص 377) و غيث النفع (ص 340).
10- في كتاب البيان للداني: سورة (حم) السجدة. اه و هو قيد جيد لإخراج سورة السجدة التي بين لقمان و الأحزاب و التي تسمى بذلك، و لا ينصرف الذهن عند الإطلاق إلا إليها.
11- فصلت
12- فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ.
13- ساقط من الأصل كلمة (و المكي).
14- انظر البيان للداني (81/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 413) و غيث النفع (ص 342) و الإتحاف (ص 380) و التبيان (ص 199، 200).
15- التبيان (ص 200) و انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 418). و في الاتحاف: خلافها أربع، و ذكر المواضع الثلاثة التي ذكرها المصنف ثم قال: و قال أيوب: أبدل بعض البصريين فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ آية (30) ب (كالأعلام) (ص 382). قال الداني: و لا يصح ذلك عنه. اه البيان (81/ ب). هذا و لم يتعرض شيخنا القاضي لهذا الخلاف حيث قال- فيما يتعلق بسورة غافر و فصلت و الشورى- (يوم التلاق) للدمشقي حظلا و عكس ذا في (بارزون) نقلا و دع لكوف (كاظمين) و اترك للثان و البصر (الكتاب) قد حكي ثان دمشق (و البصير) عنهما و (يسحبون) الكوف عدّ معهما و (في الحميم) أوّل مكيّ و (تشركون) الكوف و الشاميّ (ثمود إذ) للبصر دع و الشامي و الكوف و الحمصيّ (كأعلام) اه نفائس البيان (ص 38).

1- حم للكوفي.

2- عسق للكوفي.

3- كَالْأَعْلامِ (1) للكوفي.

فهي في الكوفي خمسون و ثلاث آيات، و آية فيما سواه (2).

سورة الزخرف:

اختلافها آيتان:

1- حم للكوفي.

2- إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (3) أسقطها الكوفي و الشامي (4). فهي في الشامي ثمانون و ثمان آيات، و تسع آيات فيما سواه (5)./

سورة الدخان:

اختلافها أربع آيات (6):

ص: 543


1- الشورى: (32) (و من آياته الجوار في البحر كالأعلام).
2- المفهوم مما ذكره المصنف إنها في غير الكوفي خمسون آية فقط و ليست خمسين و آية، و كذلك هي في كتاب البيان للداني (81/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 418).
3- الزخرف (27).
4- هكذا في النسخ. و الذي تبين لي أنه سهو من المصنف- رحمه اللّه- فإن هذه الآية ليست موضع إختلاف بين أهل العدد و إنما الخلاف في قوله تعالى أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ آية (52) فقد عدها البصري و المكي و المدني و تركها غيرهم. انظر: البيان في عد آى القرآن (82/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 421) و نثر المرجان (6/ 435) و إتحاف فضلاء البشر (ص 384) و نفائس البيان (ص 40).
5- راجع المصادر السابقة.
6- البيان (82/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 424).

1- حم للكوفي.

2- إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (1) للكوفي.

3- إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (2) أسقطها المدني الأخير و المكّي (3).

4- فِي الْبُطُونِ (4) أسقطها المدني الأولى و المكي و الشامي (5). (فهي خمسون و تسع آيات في الكوفي، و سبع في البصري، و ست في المدنيين و المكّي و الشامي) (6) (7).

سورة الجاثية:

اختلافها آية واحدة (8) حم للكوفي. فهي في الكوفي ثلاثون و سبع آيات، و ست فيما سواه (9).

سورة الأحقاف:

اختلافها آية حم للكوفي. فهي في الكوفي ثلاثون و خمس آيات، و أربع فيما سواه (10).

سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم:

اختلافها آيتان (11).

ص: 544


1- الدخان (34).
2- الدخان (43).
3- في الإتحاف: مكي و حمصي و مدني أخير» اه (ص 388). و معنى هذا أن هؤلاء المذكورين يعدون هذا الموضع و هو خلاف ما ذكره المصنف و من قبله الداني و وافقهما صاحب التبيان (ص 200). و قد حرر شيخنا القاضي هذه المسألة فقال: قوله تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ترك عدها المكي و المدني الثاني و الحمصي، فيكون معدودا لغيرهم، إذا علمت ذلك فلا تغتر بما كتبه الحداد و البنا و القسطلاني، حيث صرحوا بأن هذا الموضع يعده المكي و المدني الثاني و الحمصي، و ما قلناه هو الصواب، و قد صرح بما قلناه الإمام الداني و الشاطبي و الجعبري و ملا على القارئ، فاحرص على هذا و اللّه يتولى هداك» اه مختصرا (ص 40).
4- الدخان (45) (كالمهل يغلي في البطون).
5- في كتاب البيان للداني لم يذكر المكي ضمن الذين لا يعدون هذه الآية، و كذلك في التبيان و الإتحاف و نفائس البيان، و الذي يظهر أن ذكر المصنف للمكي هنا سهو و اللّه أعلم.
6- سقط هذا الكلام من الأصل: فهي خمسون و تسع آيات في الكوفي، و سبع في البصري و ست في المدنيين و المكي و الشامي اه.
7- انظر البيان للداني (82/ ب)، (83/ أ) و الإتحاف (ص 388) و غيث النفع (ص 349) و التبيان (ص 200)
8- كلمة (واحدة) ليست في بقية النسخ.
9- البيان للداني (83/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 426) و الإتحاف (ص 389) و غيث النفع (ص 350) و التبيان (ص 200).
10- انظر المصادر السابقة.
11- بصائر ذوي التمييز (1/ 430).

1- حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (1)و معه الحمصي كما في الإتحاف.(2) عدها الكل إلّا الكوفي (3).

2- لِلشَّارِبِينَ (4) عدها البصري وحده (4) (5). و هي في الكوفي ثلاثون و ثمان آيات، و تسع في المدنيين و المكّي، و الشامي، و أربعون في البصري (6).

سورة الفتح:

و هي عشرون و تسع آيات، لا اختلاف فيها (7) نظيرها (8) إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ.

سورة الحجرات:

ثماني عشرة في جميع العدد (9).

سورة ق:

أربعون و خمس آيات في جميع العدد (9).

سورة الذاريات:

ستون آية في جميع العدد (9).

سورة الطور:

اختلافها آيتان:

1- وَ الطُّورِ للكوفي و البصري و الشامي.

2- إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (10) للكوفي و الشامي (11) و هي أربعون و تسع آيات في الكوفي

ص: 545


1- محمد صلّى اللّه عليه و سلّم
2- .
3- و الحمصي كما في الاتحاف (ص 393).
4- محمد صلّى اللّه عليه و سلّم (15) (... و أنهار من خمر لذة للشاربين).
5- قال الشيخ القاضي: (أوزارها) يسقطها الكوفي ثاني (بالهم) نفى الحمصيّ و مثله (أقدامكم) و البصري (للشاربين) مع حمص يجري. اه (ص 41).
6- انظر البيان (84/ أ) و التبيان (ص 201).
7- انظر البيان للداني (84/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 432)، و الاتحاف (ص 395) و غيث النفع (ص 355) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 201).
8- إلا ما سيأتي- إن شاء اللّه- عند الكلام عن سورة التكوير من أن أبا جعفر لا يعد قوله تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ آية (26) خلافا لغيره من أئمة العدد.
9- انظر المصادر السابعة مع مراعاة فارق الصفحات، و هي متقاربة.
10- الطور (31) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا.
11- يقول شيخنا القاضي: (و الطور) في عد الحجازي أهملا و الشام (دعا) مع كوف نقلا. اه (ص 42).

و الشامي، و ثمان آيات في البصري، و سبع في المدنيين (و الكوفي) (1).

سورة النجم:

اختلافها ثلاث آيات.

1- فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى (2) للشامي (3).

2- لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (4) للكوفي.

3- وَ لَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا (5) أسقطها الشامي وحده (6). فهي ستون و آيتان في الكوفي، و إحدى و ستون فيما سواه (7).

سورة القمر:

ليس فيها اختلاف، و هي خمسون و خمس آيات في الجميع (8).

سورة الرحمن عزّ و جلّ

اختلافها أربع آيات (9)الرحمن (3).(10).

1- الرَّحْمنُ للكوفي و الشامي.

2- خَلَقَ الْإِنْسانَ (10) للكوفي و البصري و الشامي (11).

ص: 546


1- هكذا في النسخ: و سبع في المدنيين و الكوفي، و يظهر أنه سهو من المصنف، حيث إن الكوفي قد تقدم ذكره مع الشامي، و العدد عندهما تسع و أربعون، و هو كذلك في المصحف الذي بين أيدينا، و بناء عليه يكون الصحيح: و سبع في المدنيين و المكي. راجع كتاب البيان في عد آى القرآن للداني (85/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 441) و الإتحاف (ص 400) و غيث النفع (ص 358) و التبيان (ص 201).
2- النجم: (29).
3- (للشامي) ساقط من د.
4- النجم (28) وَ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً.
5- النجم (29) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْ ....
6- هكذا في كتابي البيان و التبيان.
7- كتاب البيان (86/ أ) و التبيان (ص 202) و انظر الإتحاف و غيث النفع (ص 402، 359). يقول الشيخ القاضي: (عمن تولى) الشام (شيئا) آخرا كوف و (دنيا) للدمشقيّ أحظرا. اه (ص 42).
8- انظر البيان (86/ ب) و الإتحاف (ص 404) و غيث النفع (ص 360) و التبيان (ص 202).
9- بل اختلافها خمس آيات، و لعل الموضع الخامس سقط سهوا من المصنف، و هو قوله تعالى: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ آية:
10- تركها المكي و عدها الباقون. انظر كتاب: البيان للداني (87/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 447) و التبيان (ص 202) و إتحاف فضلاء البشر (ص 405) و نفائس البيان (ص 43).
11- و المكي كذلك، و لعله سقط سهوا من المصنف. انظر المصادر السابقة.

3- شُواظٌ مِنْ نارٍ (1) للمدنيين و المكّي.

4- يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (2) للجميع إلّا البصري. و هي سبعون و ثماني آيات في الكوفي و الشامي، و سبع في المدنيين و المكّي، و ست في البصري (3).

سورة الواقعة:

اختلافها أربع عشرة آية (4).

1- فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (5)آية (15) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ.(6) أسقطها (المكّي) و الكوفي (7).

2- وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (8)آية (18) بِأَكْوابٍ وَ أَبارِيقَ.(9) أسقطها الكوفي وحده.

3- مَوْضُونَةٍ (8) أسقطها البصري و الشامي.

4- وَ أَبارِيقَ (9) عدها المدني الأخير و المكّي.

5- وَ حُورٌ عِينٌ (10) عدها المدني الأول و الكوفي.

6- وَ لا تَأْثِيماً (11) أسقطها المدني الأول و المكّي.

7- وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ (12) أسقطها المدني الأخير و الكوفي.

ص: 547


1- الرحمن: (35) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ.
2- الرحمن: (43) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ.
3- يقول شيخنا القاضي: لشام (الرحمن) مع كوف ورد ثم المديني أوّل (الإنسان) رد و أسقط المكيّ (للأنام) كثان (نار) للعراق الشامي و (المجرمون) ثانيا للكلّ إلا لبصريّ كما في النقل. اه (ص 43).
4- انظر: البيان للداني (87/ ب) و راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 450) و إتحاف فضلاء البشر (ص 407).
5- آية
6- و كتبت في النسخ بالواو، و هو خطأ.
7- لعل كلمة (المكي) زيدت سهوا، حيث لم تذكر المصادر التي وقفت عليها أن المكي يشارك الكوفي في إسقاطها.
8- آية
9- .
10- آية (22).
11- آية (25) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا تَأْثِيماً.
12- آية (27).

8- إِنْشاءً (1) أسقطها البصري.

9- وَ أَصْحابُ الشِّمالِ (2) أسقطها الكوفي.

10- سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ (3) أسقطها المكّي.

11- وَ كانُوا يَقُولُونَ (4) عدها المكّي.

12- الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ (5) عدها المدني و الكوفي و البصري (6).

13- لَمَجْمُوعُونَ (7) عدها المدني الأخير و الشامي.

14- فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ (8) عدها الشامي (9). و هي تسعون و ست آيات في الكوفي، و تسع في المدنيين و المكّي، و الشامي، و سبع في البصري (10).

ص: 548


1- آية (35) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً.
2- آية (41).
3- آية (42) فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ.
4- آية (47) وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ.
5- آية (49) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ.
6- الصحيح أن الذي عدها المدني الأول و الكوفي و البصري و المكي، كما في كتاب البيان للداني و الإتحاف و التبيان و نفائس البيان، و بناء عليه فيظهر أنه سقطت كلمتان من النص و هما: (الأول و المكي) و اللّه أعلم.
7- آية (50) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ.
8- آية (89) فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ.
9- قال شيخنا القاضي فيما يتعلق بسورة الواقعة:- كوف و حمص أول (الميمنة) قد أسقطا كأول (المشأمة) (موضونة) للبصر و الشامي اردد للثاني و المكي (أباريق) أعدد و أول و الكوف (عين) رويا (تأثيما) أوّل و مكّ نفيا أولى (اليمين) الكوف معه الثاني رد و ليس (إنشاء) لبصريّ يعد أولى (الشمال) يسقط الكوفيّ أولى (حميم) يترك المكيّ و أعدد (يقولون) لمكّ حمص و (الأولون) عنه دع بالنص (و الآخرين) أعدده للمكيّ و الكوف و الأول و البصريّ عدّ (لمجموعون) ثان شامهم ثم الدمشقي (و ريحان) و سم. اه (ص 44، د 4).
10- كتاب البيان للداني (87/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 450) و الإتحاف (ص 407) و التبيان (ص 202).
سورة الحديد:

اختلافها آيتان:

1- مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (1) للكوفي.

2- وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ (2) للبصري، و هي عشرون و تسع آيات في الكوفي و البصري، و ثمان آيات في المدنيين و المكّي و الشامي (3).

سورة المجادلة:

اختلافها آية فِي الْأَذَلِّينَ (4) أسقطها المدني الأخير و المكّي، و هي عشرون و آية في المكّي و المدني الأخير، و آيتان فيما سوى ذلك (5).

سورة الحشر:

أربع و عشرون آية، لا خلاف فيها (6).

سورة الممتحنة:

ثلاث عشرة آية في جميع العدد (6).

سورة الصف:

أربع عشرة آية بإجماع (6).

سورة الجمعة:

إحدى عشرة آية باتفاق (6).

سورة المنافقون:

مثل الجمعة في العدد و الإجماع (6).

سورة التغابن:

ثماني عشرة آية بلا خلاف (6).

سورة الطلاق:

اختلافها ثلاث آيات (7).

ص: 549


1- الحديد (13) لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ.
2- الحديد (27) وَ قَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ.
3- كتاب البيان (88/ ب) و الإتحاف (ص 409) و التبيان (ص 203) و انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 453) و غيث النفع (ص 364).
4- المجادلة (20) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ.
5- انظر المصادر السابقة مع فارق يسير في بعض الصفحات. قال الناظم- فيما يتعلق بسورتي الحديد و المجادلة- (قبله العذاب) عن كوفيّهم و عدد (الإنجيل) عن بصريّهم و (في الأذلين) المديني الثاني و أيضا المكيّ يهملاني. اه نفائس البيان (ص 46).
6- انظر البيان (90/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 458- 467). و الاتحاف (ص 413- 417) و غيث النفع (ص 366- 368). و لعل القارئ يلحظ من المصنف تنوع العبارة و النتيجة واحدة. فهو يقول: في جميع العدد بإجماع باتفاق، بلا خلاف!
7- كتاب البيان (90) و بصائر ذوي التمييز (1/ 469) و التبيان (ص 204) و الإتحاف (ص 418).

1- يُؤْمِنُ (1) بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ (2) عدها الشامي.

2- يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (3) أسقطها المدني الأول و الشامي و البصري.

3- يا أُولِي الْأَلْبابِ (4)انظر كتاب البيان للداني (91/ أ) و غيث النفع (ص 371) و التبيان (ص 205).(5) عدها المدني الأول. و هي إحدى عشرة آية في البصري، و اثنتا عشرة فيما سوى ذلك.

سورة التحريم:

اثنتا عشرة آية بغير خلاف (6).

سورة الملك:

اختلافها آية قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ (7)في د: و اثنان.(8) عدها المدني الأخير و المكّي (9) و هي إحدى و ثلاثون في المدني الأخير و المكّي، و هي ثلاثون فيما سوى ذلك (10).

سورة ن:

خمسون و آيتان (9) بإجماع (10).

سورة الحاقة:

اختلافها آيتان.

ص: 550


1- في د و ظ: (يؤمنون) و هو خطأ.
2- الطلاق (2) ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ.
3- الطلاق (2) وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً.
4- الطلاق
5- فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ.
6- البيان (90/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 471) و التبيان (ص 204) يقول شيخنا القاضي- ناظما ما يتعلق بسورتي الطلاق و التحريم. و للدمشقي عدد (الآخر) جا و الثان مع مكّ و كوف (مخرجا) (لألباب) فاعدد للمديني الأول (قدير) (الأنهار) للحمصي انقل. اه نفائس البيان (ص 46).
7- آية:
8- .
9- وعدها كذلك شيبة و لم يعدها أبو جعفر، كما في البيان لأبي عمرو الداني (90/ ب).
10- في الإتحاف: و آيها ثلاثون في جميع العدد سوى المكي و شيبة و نافع و إحدى و ثلاثون عندهم، خلافها آية ... اه (ص 420). و كذلك في غيث النفع (ص 371) إلا أن (شيبة) تحرفت إلى (شعبة) يقول الشيخ القاضي: ثاني (نذير) للحجازيّين قد عدّ سوى يزيدهم فما اعتمد أي أن الحجازيين- المكي و المدني- قد عدوا هذا الموضع، إلا يزيد و هو أبو جعفر فلم يعتمد عده، فيكون هذا الموضع متروكا لأبي جعفر و البصري و الكوفي و الشامي، و هذا هو الموضع الرابع من جملة المواضع التي اختلف فيها شيبة و أبو جعفر، فشيبة مع العادين و أبو جعفر مع التاركين اه من نفائس البيان (ص 47).

1- الْحَاقَّةُ عدها الكوفي.

2- كِتابَهُ بِشِمالِهِ (1) مدنيان و مكّي، و أما قوله تعالى مَا الْحَاقَّةُ، فإنها آية باتفاق، و السورة خمسون و آية في البصري و الشامي، و آيتان فيما سوى ذلك (2).

سورة سأل سائل:

أربعون و أربع آيات في العدد كله إلّا الشامي (و آيتان) (3) فإنّها فيه أربعون و ثلاث آيات، أسقط خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) (وعد) (5) الباقون (6).

سورة نوح:- عليه السلام-

اختلافها أربع آيات:

1- وَ لا سُواعاً (7) أسقطها الكوفي.

2- و كذلك فَأُدْخِلُوا ناراً (8).

3- وَ نَسْراً (9) عدها المدني الأخير و الكوفي و المكّي (10).

ص: 551


1- الحاقة (25) وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ.
2- البيان للداني (91/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 478) و التبيان (ص 205).
3- هكذا في الأصل: إلا الشامي و آيتان فإنها ... الخ و هو خطأ من الناسخ.
4- المعارج (4) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.
5- هكذا في الأصل: وعد الباقون، و هو خطأ. و في بقية النسخ: و عدها،، و هو الصواب.
6- انظر البيان في عد آى القرآن (92/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 480) و التبيان (ص 205) و الإتحاف (ص 423) و غيث النفع (ص 373). قال الناظم: فيما يتعلق بسورتي الحاقة و المعارج. (الحاقة) الأولى روى الكوفيّ ثم (حسوما) عده الحمصيّ (شماله) عدّ حجازيّهم و (سنة) غير دمشقيّهم
7- نوح (23) وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً.
8- نوح (25) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً.
9- نوح (23) وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً.
10- في كتابي البيان و التبيان: عده المدني الأخير و الكوفي اه و كذلك في نفائس البيان. و قد نظم شيخنا القاضي هذا بقوله: و (نورا) الحمصي (سواعا) أهملا له و للكوفي كما قد نقلا (نسرا) لثان حمص الكوفيّ (كثيرا) الأول مع مكيّ و (نارا) اعدده عن البصريّ و للحجازيّين و الشامي. اه (ص 48، 49).

4- وَ قَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً (1) عدها المدني الأول و المكّي، و هي عشرون و ثماني آيات في الكوفي، و تسع في البصري و الشامي، و ثلاثون في المدنيين و المكّي (2).

سورة الجن:

اختلافها آيتان.

1- لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ (3) عدها الشامي وحده.

2- وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (4) أسقطها الشامي وحده.

فهي تسع و عشرون في الشامي و ثمان و عشرون فيما سواه (5).

سورة المزمل:

اختلافها ثلاث آيات:

1- يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ عدها المدني الأول و الكوفي و الشامي (6).

2- إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا (7) عدها المكّي (8).

3- الْوِلْدانَ شِيباً (9) أسقطها المدني الأخير، و هي تسع عشرة آية في البصري و ثماني عشرة آية في المدني الأخير، و عشرون آية فيما سوى ذلك (10).

ص: 552


1- نوح (24).
2- كتاب البيان للداني (92/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 482).
3- الجن (22).
4- الجن (22).
5- هنا قضيتان يجب التنبه لهما: الأولى: أن الخلاف المذكور في الآية الأولى و الثانية إنما هو للمكي و ليس للشامي، فالمكي يعد الأولى و يسقط الثانية. القضية الثانية: بناء على ما تقدم فإنه لا خلاف في العدد الإجمالي لآيات السورة، و هي أنها ثمان و عشرون آية عند الجميع، كما في كتاب البيان للداني (92/ ب) و غيث النفع (ص 374) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 205) و هذا ما يفهم من مقتضى العدّ و الاسقاط للمكي، فإنه أسقط آية و عد أخرى فيتساوى مع الجميع في العدد، و هذا يعد سهوا من المصنف رحمه اللّه، و اللّه أعلم. يقول الشيخ القاضي: و (أحدّ) ذو الرفع عدّه لدى مكيّهم و أترك له (ملتحدا) اه (ص 49).
6- و هو كذلك في كتابي البيان و التبيان.
7- المزمل (15).
8- في الاتحاف: مكي و نافع اه.
9- المزمل (17) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً.
10- الاتحاف (ص 426) و التبيان (ص 206). ملحوظة: قوله تعالى: ... كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا معدود للجميع، إلا ما ورد من الخلاف عن المكي، و الصحيح أنه يعده كغيره من أئمة العدد، كما في كتاب البيان للداني (93/ أ).
سورة المدثر:

اختلافها آيتان:

1- فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (1) عدها الجميع إلّا المدني الأخير.

2- عَنِ الْمُجْرِمِينَ (2) عدها أيضا الجميع، إلّا المكّي و الشامي (3). و هي خمسون و ست آيات في المدني الأول و الكوفي و البصري، و خمس في المدني الأخير و المكّي و الشامي (4).

سورة القيامة:

اختلافها آية لِتَعْجَلَ بِهِ (5) عدها الكوفي وحده. فهي فيه أربعون آية، و فيما سواه تسع و ثلاثون آية (6).

سورة الإنسان:

إحدى و ثلاثون آية باتفاق (7).

سورة المرسلات:

خمسون آية في الجميع (8).

سورة النبأ:

اختلافها آية عَذاباً قَرِيباً (9) عدها البصري وحده. فهي فيه إحدى و أربعون آية، و فيما سواه أربعون آية (10).

ص: 553


1- المدثر (40).
2- المدثر (41).
3- و هو كذلك في كتابي البيان و التبيان و في الإتحاف: تركها مكي و دمشقي و نافع اه. و لم يذكر شيخنا القاضي إلا المكي و الدمشقي، قال رحمه اللّه: فيما يتعلق بسورتي المزمل و المدثر: و قبل (قم) كوف دمشق أوّل ثم (جحيما) غير حمص ينقل (رسولا) المكيّ و خلف الثاني له و (شيبا) كلهم لا الثاني ك (يتساءلون) و المكّي رد (المجرمين) مع دمشق في العدد. اه نفائس البيان (ص 50).
4- انظر: البيان للداني (93/ ب) و الإتحاف (ص 427) و التبيان (206).
5- القيامة (16) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ.
6- البيان للداني (94/ أ) و انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 490) و الإتحاف (ص 427) و غيث النفع (ص 376) و التبيان (ص 206).
7- انظر: المصادر السابقة.
8- انظر: المصادر السابقة.
9- النبأ: (40) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً.
10- و هو كذلك في كتاب البيان للداني (95/ أ) و جاء في بصائر ذوي التمييز (1/ 497) و الإتحاف (ص 431) و التبيان (ص 207): و آيتها إحدى و أربعون في عد المكي و البصري، و أربعون في عد الباقين و قد حكى شيخنا القاضي الخلاف عن المكي في هذا الموضع، و رجح عدم عده تبعا للإمام الداني، فقال: للكوف (تعجل به) مع حمصهم (قريبا) البصري و خلف مكّهم. اه نفائس البيان (ص 51).
سورة النازعات:

اختلافها آيتان:

1- وَ لِأَنْعامِكُمْ (1) لم يعدها البصري و لا الشامي، و عدها سواهما.

2- فَأَمَّا مَنْ طَغى (2) عدها الكوفي و البصري و الشامي، فهي في الكوفي أربعون و ست، و خمس فيما سواه (3).

سورة عبس:

اختلافها آيتان (4).

1- وَ لِأَنْعامِكُمْ (5) أسقطها البصري و الشامي.

2- فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (6) أسقطها الشامي وحده، فهي في الشامي أربعون و في البصري أربعون و آية (7) و فيما سوى ذلك أربعون و آيتان (8).

ص: 554


1- النازعات (33) مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ.
2- النازعات (37).
3- البيان للداني (95/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 499) و الإتحاف (ص 432) و غيث النفع (ص 380) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 207). قال الناظم: (أنعامكم) معا لشام بصري دع و الحجازي (من طغى) لا يجري اه (ص 51).
4- في كتابي البيان و الإتحاف: خلافها ثلاث اه. و الموضع الثالث هو قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ آية: (24) قالا: تركها أبو جعفر اه و كذلك في التبيان (ص 207) و نفائس البيان (ص 51) قال الناظم: (طعامه) الكل سوى يزيدهم و (الصاخة) أعدد لسوى دمشقهم اه. و هذا هو الموضع الخامس من المواضع التي اختلف فيها أبو جعفر و شيبة و قد سبق حصرها أثناء الحديث عن سورة آل عمران.
5- عبس (32) مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ.
6- عبس (33).
7- و عند أبي جعفر بناء على ما تقدم.
8- البيان (95/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 501). و في الإتحاف: و آيها أربعون دمشقي و آية بصري و حمصي و أبو جعفر و آيتان كوفي و مكي و شيبة اه (ص 433) و كذلك في غيث النفع (ص 380).
سورة كورت:

هي عشرون و تسع آيات باتفاق (1).

سورة الانفطار:

تسع عشرة آية بإجماع (2).

سورة المطففين:

ست و ثلاثون آية بغير خلاف (3).

سورة انشقت:

اختلافها آيتان:

1- كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (4)البيان للداني (97/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 510) و الإتحاف (ص 436) و غيث النفع (ص 382) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 208).(5) أسقطها البصري و الشامي.

2- و كذلك وَراءَ ظَهْرِهِ (6).

و هي في البصري و الشامي عشرون و ثلاث آيات، و خمس فيما سوى ذلك (7).

سورة البروج:

عشرون و آيتان بلا خلاف (7).

سورة الطارق:

اختلافها آية يَكِيدُونَ كَيْداً (8) أسقطها المدني الأول وحده فهي فيه ست عشرة آية، و فيما سواه سبع عشرة (9).

ص: 555


1- نظيرها سورة الفتح و قد تقدمت، إلا ما روى هنا عن أبي جعفر أنه يسقط عد قوله تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ آية: (26) و تقدمت الإشارة إليه و انظر كتاب البيان للداني (96/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 503) و الإتحاف (ص 434) و غيث النفع (ص 381) و التبيان (ص 207)، و هذا هو الموضع الأخير من المواضع الستة المتقدم ذكرها. و التي يختلف فيها أبو جعفر مع شيبة.
2- انظر: المصادر السابقة.
3- انظر: المصادر السابقة.
4- الانشقاق
5- فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ.
6- الانشقاق (10) وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ.
7- البيان للداني (97/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 508) و التبيان (ص 208).
8- الطارق (15) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً.
9- هي هكذا في كتاب البيان (97/ ب) و إتحاف فضلاء البشر (ص 436)، و غيث النفع (ص 382) أما في بصائر ذوي التمييز: و آيها سبع عشرة في عد الجميع غير أبي جعفر، فإنها عنده ست عشرة، أسقط يَكِيدُونَ كَيْداً وعدها الباقون اه (1/ 512). و لم يتعرض شيخنا لهذا الخلاف، حيث قال- فيما يتعلق بسورة التكوير و الانشقاق و الطارق: و (تذهبون) عن سوى يزيدهم و (كادح) (كدحا) لدى حمصيّهم و (فملاقيه) له لم يسر ودع (يمينه) لشام بصري كذاك (ظهره) و عند أول (كيدا) يعدّ الكل غير الأوّل. اه نفائس البيان (ص 52).
سورة الأعلى عزّ و جلّ:

تسع عشرة آية في الجميع (1).

سورة الغاشية:

عشرون و ست آيات بغير خلاف (2).

سورة الفجر:

اختلافها أربع آيات.

1- وَ نَعَّمَهُ (3) عدها المدنيان و المكّي.

2- فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ (4) كذلك.

3- بِجَهَنَّمَ (5) عدها المدنيان و المكّي و الشامي.

4- فَادْخُلِي فِي عِبادِي (6) عدها الكوفي وحده (7) فهي ثلاثون آية في الكوفي و الشامي، و ثلاثون و آيتان في المدنيين و المكّي، و تسع و عشرون في البصري (8).

سورة البلد:

عشرون لا خلاف فيها (9).

سورة و الشمس:

اختلافها آية (10) فَعَقَرُوها (11) عدها المدني الأول وحده (12)، و هي فيه ست عشرة آية، و خمس عشرة آية فيما سواه (13).

ص: 556


1- انظر المصادر السابقة.
2- المصادر نفسها.
3- الفجر (15) فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ.
4- الفجر (16) وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ.
5- الفجر (23) وَ جِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ.
6- الفجر (29).
7- قال الناظم: (أكرمني) للحمصي دع و (نعّمه) حمص مع الحجاز عدّا يممه حجاز (رزقه) و يتلوه في (جهنم) الشامي (عبادي) الكوفي اه (ص 53).
8- كتاب البيان للداني (98/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 518) و الإتحاف (ص 438) و غيث النفع (ص 383) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 208، 209).
9- انظر المصادر السابقة.
10- أضاف الدمياطي موضعا ثانيا هو قوله تعالى: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها آية: (14) قال: عدها غير الحمصي (ص 440).
11- الشمس (14) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها.
12- قال الداني: عدها المدني الأول و المكي بخلاف عنه و لم يعدها الباقون اه (98/ ب).
13- في بصائر ذوي التمييز: و آياتها خمس عشرة عند القراء، و عند المكي ست عشرة اه (1/ 522) و هو بهذا لم يتعرض للمدني الأول- الذي ذكره المصنف. و قال صاحب التبيان: عده المكي و المدني الأول اه (ص 209) و في الاتحاف: و آياتها خمس عشرة في غير مدني أول، قيل: و مكي و ست عشرة فيهما اه (ص 440) و كذلك في غيث النفع (ص 384) و قال الشيخ القاضي: إن الحمصي يعد هذا الموضع، و هو قوله تعالى فَعَقَرُوها بلا خلاف، و قال: إن الخلاف فيها ثبت للمكي و المدني الأول، فروى عنهما عدة، و روى عنهما تركه اه نفائس البيان (ص 54). و خلاصة أقوال العلماء في عد هذه الآية هي كما يلي: 1- قال بعضهم: إن المدني الأول يعدها و معه المكي بخلف عنه و هذا رأي الداني و تبعه الدمياطي و الصفاقسي، إلا أن الدمياطي ضم الحمصي إلى المدني الأول في عدها قولا واحدا. 2- و قال بعضهم: عدها المدني الأول فقط، و هذا رأي السخاوي. 3- و قال البعض الآخر: عدها المكي فقط، و هذا رأي الفيروزآبادي. 4-و قال آخرون: عدها المكي و المدني الأول و هذا ما ذكره أبو طاهر الجزائري. 5- و حكى شيخنا القاضي عدها للحمصي- تبعا للدمياطي- قولا واحدا و ذكر الخلاف فيها عن المدني الأول و المكي. هذه خلاصة ما ذكره العلماء في هذه الآية عدا أو إسقاطا و اللّه أعلم.
سورة و الليل:

إحدى و عشرون آية في جميع العدد (1).

و ليس مَنْ أَعْطى (2)في د و ظ: العلق.(3) رأس آية، و إنما رأس الآية وَ اتَّقى بغير خلاف.

سورة و الضحى:

إحدى عشرة آية بإجماع (4).

سورة أ لم نشرح:

ثماني آيات باتفاق (3).

سورة و التين:

مثلها.

سورة القلم

(5): اختلافها آيتان أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (5) عدها الجميع إلّا الشامي، لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ (6) عدها المدنيان و المكّي. و هي ثماني عشرة في الشامي، و تسع عشرة في الكوفي و البصري، و عشرون في المدنيين و المكّي (7).

ص: 557


1- انظر: المصادر السابقة.
2- الآية رقم
3- فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى و ليست أَعْطى رأس آية كما قال المصنف، و إنما يشبه فواصل السورة، و هي الألف.
4- انظر المصادر السابقة.
5- العلق (9).
6- العلق (15) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ.
7- البيان (99/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 529) و راجع الإتحاف (ص 441).
سورة القدر:

اختلافها آية لَيْلَةُ الْقَدْرِ (1) الثالثة (2) عدها الشامي و المكّي فهي فيهما ست آيات، و فيما سواهما خمس (3).

سورة لم يكن:

اختلافها آية مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (4)و كذلك ذكر الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 533) إلا أن كلمة (تسع) حرفت إلى (سبع).

و في البيان للداني: عدها البصري و الشامي على خلاف عنه في ذلك اه (100/ أ).

و ذكر الدمياطي و الصفاقسي أن الذي يعدها البصري و الشامي دون أن يذكرا خلافا في ذلك عن الشامي، انظر الإتحاف (ص 442) و غيث النفع (ص 391). و كذلك قال أبو طاهر الجزائري في كتابه التبيان (ص 210) و الشيخ القاضي في نفائس البيان (ص 54).(5) عدها البصري وحده (5) فهي فيه تسع آيات، و في غيره ثماني آيات.

(سورة إذا زلزلت)

(6)، و فيما سواهما تسع آيات (7).

سورة العاديات

(8): إحدى عشرة آية بغير خلاف (9).

سورة القارعة

اختلافها ثلاث آيات:

1- الْقارِعَةُ الأولى عدها الكوفي.

ص: 558


1- [القدر: 3] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
2- في ظ: الثلاثة، و هو خطأ من الناسخ.
3- انظر البيان للداني (99/ ب) و الاتحاف (ص 442) و غيث النفع (ص 390) و التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن (ص 210). يقول الشيخ القاضي:- فيما يتعلق بسورة الشمس و العلق و القدر- (فعقروها) الخلف للمكّي و أوّل و أعدده للحمصيّ سواه (سواها) (الذي ينهى) لدى غير الدمشقيّ رواه عددا (لم ينته) اعدده لدى حجازهم و ثالث القدر) لمك شامهم اه (ص 53، 54).
4- البينة:
5- وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.
6- سقط هذا الكلام من الأصل (سورة إذا زلزلت) اختلافها آية (أشتاتا) أسقطها المدني الأول و الكوفي، فهي فيهما ثماني آيات اه. و نص الآية يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً الزلزلة: (6). و من قوله في هذه العبارة الساقطة: اسقطها المدني الأول ... الخ من هنا سقطت ورقة كاملة من ظ.
7- البيان (100/ أ) و الإتحاف (ص 442) و غيث النفع (ص 391) و التبيان (ص 210). قال شيخنا القاضي:- فيما يتعلق بسورتي البينة و الزلزلة- و (الدين) عن بصر و شام قد وقع للكوف (أشتاتا) مع الأول دع. اه
8- في د و ظ: و العاديات.
9- انظر: المصادر السابقة.

2- مَوازِينُهُ* (1) أسقطها البصري و الشامي (2). فهي فيهما ثماني آيات، و هي عشر آيات في المدنيين و المكّي، و إحدى عشرة آية في الكوفي (3).

سورة التكاثر:

ثماني آيات بغير اختلاف (4).

سورة العصر:

لم يختلف في أنها ثلاث آيات (5) و لكن اختلفوا في رأس آيتين وَ الْعَصْرِ، عدها الجميع إلّا المدني الأخير وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ أسقطها الجميع إلّا المدني الأخير (6).

سورة الهمزة:

تسع آيات بغير خلاف (7).

سورة الفيل:

خمس آيات بإجماع (8).

سورة قريش:

اختلافها آية مِنْ جُوعٍ (9) عدها المدنيان و المكّي. فهي فيهما خمس آيات، و هي فيما سواهما أربع آيات (10).

سورة أ رأيت:

اختلافها آية يُراؤُنَ (11) عدها الكوفي و البصري. فهي فيهما سبع آيات، و ست فيما سواهما (12).

ص: 559


1- القارعة (6، 8) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ، وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ.
2- أي في الموضعين كما صرح بذلك الداني.
3- البيان (100/ ب) و الإتحاف (ص 443) و التبيان (ص 210). قال الناظم: و عدّ كوف أولى (القارعة) كلا (موازينه) حجاز تبعه اه (ص 55).
4- البيان (100/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 540) و الإتحاف (ص 443) و غيث النفع (ص 393) و التبيان (ص 210).
5- انظر المصادر السابقة.
6- انظر المصادر السابقة، و نفائس البيان (ص 55).
7- انظر المصادر السابقة.
8- المصادر السابقة.
9- قريش (4) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.
10- البيان (101/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 545) و راجع الإتحاف (ص 444) و غيث النفع (ص 395).
11- الماعون (6) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ.
12- راجع المصادر السابقة.
سورة الكوثر:

ثلاث آيات بغير خلاف (1).

سورة الكافرون:

ست آيات في الجميع بغير خلاف (2).

سورة النصر:

ثلاث آيات بغير خلاف (3).

سورة تبت:

خمس في جميع العدد (4).

سورة الإخلاص:

اختلافها آية لَمْ يَلِدْ عدها المكّي و الشامي. فهي فيهما خمس آيات، و هي أربع آيات فيما سواهما (5).

سورة الفلق:

خمس آيات باتفاق (6).

سورة الناس:

اختلافها آية الْوَسْواسِ (7) عدها المكّي و الشامي، فهي فيهما سبع آيات، و هي ست آيات فيما سواهما (8).

52/ و قال بعض من عنى بهذا الشأن: جملنا عدد آي القرآن مع آي (9) فاتحة الكتاب، كل ذلك في العدد الكوفي، فكان ذلك ستة آلاف آية و مائتي آية و ستا و ثلاثين آية (10)./

ص: 560


1- البيان (101/ ب، 102/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 547- 552) و غيث النفع (396- 400) و التبيان (ص 211).
2- البيان (101/ ب، 102/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 547- 552) و غيث النفع (396- 400) و التبيان (ص 211).
3- البيان (101/ ب، 102/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 547- 552) و غيث النفع (396- 400) و التبيان (ص 211).
4- البيان (101/ ب، 102/ أ) و بصائر ذوي التمييز (1/ 547- 552) و غيث النفع (396- 400) و التبيان (ص 211).
5- انظر المصادر السابقة.
6- انظر المصادر السابقة.
7- الناس (4) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ.
8- البيان (102/ ب) و بصائر ذوي التمييز (1/ 557) و الإتحاف (ص 446) و غيث النفع (ص 401) و التبيان (ص 212). هذا و قد نظم شيخنا القاضي هذا كله- أي من سورة العصر إلى آخر الناس- فقال: (و العصر) دع للثان عكس (الحق) (جوع) نفى العراق و الدمشقي و (هم يراءون) عراق حمصهم (يلد) مع (الوسواس) مكّ شامهم اه نفائس البيان (ص 55). و من هذا يتبين لنا أن سور القرآن على ثلاثة أقسام بالنسبة لاختلاف العادين: أ- فقسم لم يختلف فيه لا في إجمال و لا في تفصيل و هو أربعون سورة. ب- و قسم اختلف فيه تفصيلا لا إجمالا، و هو أربع سور. ج- و قسم اختلف فيه تفصيلا، و هو سبعون سورة. راجع الإتقان لمعرفة سور كل قسم على حده (1/ 190، 191). و قد مر معنا كل ذلك في مكانه، و اللّه الموفق.
9- (آى) ليست في د.
10- و ينسب عددهم إلى أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، و قد تقدم و انظر كتاب البيان في عد آى القرآن (28/ أ) و مقدمتان في علوم القرآن (ص 246) و بصائر ذوي التمييز (1/ 559).

53/ و جملتا ذلك كله للمدني الأخير- و هو عدد إسماعيل بن جعفر المدني، فكان ستة آلاف آية و مائتي آية و أربع عشرة آية (1).

و كان في المدني الأول ستة آلاف (2) و مائتي آية و سبع عشرة آية (3)./ 55/ و حسبناه في عدد أهل البصرة، فكان ستة آلاف و مائتي آية و أربع آيات (4)/ 56. و جمعناه على عدد أهل الشام فكان ستة آلاف و مائتي آية و سبعا و عشرين آية (5)،/ 57 (و جمعناه على عدد المكّي فكان ستة آلاف آية و مائتي آية و خمسا و عشرين آية) اه (6) و حسبنا حروف القرآن فكان ثلاثمائة ألف

ص: 561


1- و قيل: و عشر آيات، و هذا مبني على الخلاف القائم بين أبي جعفر و شيبة. انظر البيان للداني (28/ أ).
2- جاءت العبارة في «د» هكذا: و كان في المدني الأول فكان ستة آلاف آية.
3- ذكر هذا الداني بسنده إلى محمد بن عيسى، و هو العدد الذي رواه أهل الكوفة دون تسمية. انظر البيان (28/ أ). و يروي هذا عن شيبة بن نصاح. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246) و بصائر ذوي التمييز (1/ 560). و في رواية: و أربع عشرة، و هو العدد الذي رواه أهل الكوفة عن أهل المدينة كما ذكره الفيروزآبادي. و عن أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني: و عشر آيات. انظر المصدرين السابقين.
4- قال الداني: و هو العدد الذي عليه مصاحفهم حتى الآن اه البيان (28/ ب) و ينسب هذا العدد إلى عاصم الجحدري، و به قال أيوب بن المتوكل البصري. و في رواية عن عاصم الجحدري أنه: خمس و مائتان و ستة آلاف. و في رواية عن البصريين أنهم قالوا: و تسع عشرة، و روى ذلك عن قتادة انظر مناهل العرفان (1/ 343).
5- في كتاب البيان للداني (25/ أ) و مقدمتان في علوم القرآن (ص 246). و بصائر ذوي التمييز (1/ 560) و مناهل العرفان (1/ 343): ستة آلاف و مائتان و ست و عشرون اه. و هذا العدد ينسب إلى يحيى بن الحارث الذماري، فقد ساق الداني بسنده إلى سويد بن عبد العزيز قال: سألت يحيى بن الحارث الذماري عن عدد آي القرآن فأشار إليّ بيده اليمنى ... و ذكره.
6- سقط هذا الكلام من الأصل وظق (و جمعناه على عدد المكي فكان ستة آلاف آية و مائتي آية و خمسا و عشرين آية) انتهى. قال الداني: و عدد آى القرآن في قول المكيين ستة آلاف و مائتان و تسع عشر آية، و في قول أبيّ بن كعب: و عشر آيات اه البيان (28/ أ). و هذه رواية الزعفراني عن عكرمة بن سليمان، و مثله عن مجاهد و عن عبد اللّه بن كثير. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246).زاد الفيروزآبادي: و في بعض الروايات: و خمس و في بعضها و أربع اه بصائر ذوي التمييز (1/ 560) و في مناهل العرفان: «و في العدد المكي عشرون» اه.

و حسبنا حروف القرآن فكان ثلاثمائة ألف حرف، و إحدى و عشرون (1) ألف حرف (2) و قد عددنا الكلمات فكانت اثنتين و سبعين ألف كلمة (3).

و قد عدوا كلمات كل سورة و حروفها (4) و ما أعلم لذلك من فائدة، لأن ذلك إن أفاد فإنّما يفيد في كتاب يمكن الزيادة و النقصان منه، و القرآن لا يمكن ذلك فيه (5) [على إن لا يمكن أن لا يزاد فيه و لا ينقص منه فلا يفيد] (6) فيه حصر كلماته و حروفه، فقد تبدّل كلمة موضع أخرى، و حرف مكان آخر، و القرآن- بحمد اللّه- محفوظ من جميع ذلك.

ثم إني رأيتهم قد اختلفوا في عدد الكلمات و الحروف فلم يحصل من ذلك حقيقة يقطع بها (7).

ص: 562


1- هكذا في الأصل. و في ظق: واحدا و عشرين، و في د: واحد و عشرين، أما في نسخة ظ: فالصفحة ساقطة و الصواب: و واحدا و عشرين.
2- و هناك أقوال أخرى في عدد حروف القرآن، منها ما سبق أن ذكره المصنف عند كلامه عن تجزئة القرآن، حيث قال هناك: أن الذين جمعهم الحجاج أجمعوا على أن القرآن كله ثلاثمائة ألف حرف و أربعون ألف حرف و سبعمائة حرف و نيف و أربعون حرفا اه. و ذكره أبو عمرو الداني في البيان (25/ ب). و إن أراد القارئ مزيدا من الأقوال في ذلك فليراجع: مقدمتان في علوم القرآن (ص 246) و بصائر ذوي التمييز (1/ 561، 562).
3- و ذكر الداني أن عدد كلام القرآن ستة و سبعون ألف كلمة و ست مائة و إحدى و أربعون كلمة» اه. البيان (25/ ب). و هناك روايات أخرى في عدد كلمات القرآن ذكرها أيضا الداني (25/ ب) و صاحب كتاب المباني في نظم المعاني. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (276).
4- كأبي عمرو الداني في كتابه البيان و الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز و الخازن في تفسيره، بل ان بعضهم حصر عدد الألفات و الباءات في القرآن و هكذا إلى آخر الحروف الهجائية. انظر: مقدمتان في علوم القرآن (ص 248- 250).
5- تقدم عند الحديث عن تجزئة القرآن أن السيوطي نقل هذا الكلام عن السخاوي مستدلا به على أن كثرة الانشغال و الاستيعاب و الخوض في معرفة عدد الكلمات و الحروف مما لا طائل تحته.
6- ما بين المعقوفتين هكذا في الأصل، و هو كلام مضطرب. و جاءت العبارة في بقية النسخ: على أن ما يمكن أن يزاد فيه أو ينقص منه لا يفيد ... الخ.
7- قال الداني:- ما ملخصه- و قد تناول بعض علمائنا من المتأخرين عد حروف القرآن مجملا و مفصلا، إذ رأى الآثار تضطرب في جملة عددها و عدد ما في السور منها، و لم يدر السبب الموجب لذلك و أن استقرارها في التلاوة تختلف عن حال صورتها في الكتابة ... و ذلك من حيث كانت الكلمة قد تزيد أحرفها في اللفظ على ما هي عليه في الرسم، فأتعب نفسه فيما تناوله و أجهد خاطره فيما قصده .. أ لا ترى أن صورة (الم) في الكتابة ثلاثة أحرف ألف و لام و ميم، و هي في التلاوة: تسعة أحرف، فلو كانت الكلمة إنما تعد حروفها على حال استقرارها في اللفظ دون الرسم لوجب أن يكون لقارئ (الم) تسعون حسنة، إذ هي في اللفظ تسعة أحرف،، و سبب إختلاف الروايات عن السلف في جملة عدد الكلم و الحروف، هو من جهة مرسوم الكلم في المصاحف الموجه بها إلى الأمصار حيث تختلف زيادة و نقصا و حذفا و إتماما و قطعا و وصلا أ لا ترى إلى قوله تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا و أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ و ما شاكلهما أنه جاء في بعضها مقطوعا و في البعض الآخر موصولا، و هكذا فلهذا وقع الاختلاف و تفاوت العدد في جملة الكلم و الحروف، و اللّه أعلم. انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن ورقتي (26، 27) باختصار و تقدم الكلام أيضا في أول هذا الفصل عن سبب اختلافهم في الآيات و الكلمات و الحروف فانظره هناك، و اللّه الموفق.

فإن قيل: فما الموجب لاختلافهم في عدد الآي؟

قلت: النقل و التوقيف، و لو كان ذلك راجعا الى الرأي لعد الكوفيون الر* آية، كما عدوا الم*، و كيف عدوا المص و لم يعدوا المر؟ و ما لهم لم يعدوا طس و ق و ن كما عدوا طسم* و طه و يس؟ و كيف عدوا كهيعص آية واحدة، و عدوا حم* عسق آيتين؟ (1).

و لما عد (2) الشامي غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (3)المائدة (23).(4) و أسقط إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (5) و لما عد الجميع إلّا الشامي وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ (6) في أول آل عمران و لما أسقط الكوفي وحده وَ أَنْزَلَ الْفُرْقانَ (7) وعدها غيره. و لما أسقط الجميع فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ (7) إلّا البصري. و لما عد الكوفي مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (8) في

ص: 563


1- راجع ذلك في أول الكلام على سورة البقرة من هذا الفصل.
2- أي لو كان ذلك راجعا إلى الرأي لما عد الشامي ... الخ.
3- هذه الآية التي ذكرها المصنف هي رقم
4- من سورة البقرة، و قد كتبت خطأ في النسخ، ثم أن هذه الآية ليس فيها خلاف بين أئمة العدد، و إنما الخلاف هو في عد قوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ آية: (10) و قد تقدمت قريبا و أن الشامي انفرد بعدها دون غيره و اللّه أعلم.
5- البقرة (11) وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ.
6- آل عمران (3).
7- آل عمران (4).
8- طه (78) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.

طه و قد مرّ في السور من هذا كثير يدلّك على التوقف (1) (2).

و قد صنّف عبيد اللّه بن محمد الناقط (3) كتابا اعتمد فيه على قياس رءوس الآي، فما (4) رآه موافقا للقياس عده و ما كان مخالفا (5) لذلك اختار تركه، مثال ذلك أنه قال في سورة النساء في قوله عزّ و جلّ وَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (6) عدها أهل الكوفة، قال:

و القياس تركها، و نحن لا نعدها، قال: لأنها ليست متسقة على ما قبلها، و لا ما بعدها (7) و الكتاب كله كذلك (8) و لو كان العدد بالأشباه (9) لما عدوا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (10) في القارعة و نحو ذلك، و كذلك وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (11) و هو كثير.

ص: 564


1- هكذا في الأصل: التوقف. و في بقية النسخ: التوقيف و هو الصواب.
2- و مما يدل على التوقيف ما رواه الإمام أحمد في مسنده بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: «أقرأني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سورة من الثلاثين من آل حم. قال: يعني الأحقاف، قال: و كانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت (الثلاثين) ...» اه ما أردت نقله (1/ 419). و من هذا نفهم أنه لا سبيل إلى معرفة آيات القرآن إلا بتوقيف من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،، فليس للقياس و الرأي مجال فيها إنما هو محض تعليم و إرشاد. راجع مناهل العرفان (1/ 340).
3- لم أعثر له على ترجمة، و كذلك الكتاب الذي صنفه لم أجد له ذكرا في مظانه.
4- في د: فيما رآه.
5- في ظق و د: و ما كان على خلاف ذلك.
6- النساء (44).
7- لأن قبلها و بعدها تنتهي الآية بالألف، و السورة كلها تنتهي بالألف ما عدا هذه الآية التي ذكرها المصنف فإنها تنتهي باللام و هناك أيضا آية تنتهي بالنون و هي رقم (14) و خمس آيات تنتهي بالميم المضمومة و هي الآيات التي تحمل الأرقام (12، 13، 25، 26، 176). راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 169).
8- أشار الزرقاني إلى هذا الرأي بقوله: و بعض العلماء يذهب إلى أن معرفة الآيات، منها ما هو سماعي توقيفي، و منها ما هو قياسي، و مرجع ذلك إلى الفاصلة، و هي الكلمة التي تكون آخر الآية .. يقولون: فما ثبت أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم وقف عليه دائما تحققنا أنه فاصله، و ما وصله دائمة تحققنا أنه ليس فاصلة، و ما وقف عليه مرة و وصله أخرى أحتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة أو لتعريف الوقف التام أو للاستراحة، و احتمل الوصل أن يكون غير فاصلة، أو فاصلة وصلها لتقدّم تعريفها، و في هذا مجال للقياس ...» اه. مناهل العرفان (1/ 341).
9- في ظق ود: و لو كان العدد بالاشتباه ... الخ.
10- القارعة (6) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ.
11- القارعة (8) و راجع الكلام على سورة القارعة من هذا الفصل (ص 559).

فإن قيل: فلو كان ذلك توقيفا لم يقع اختلاف.

قلت: الأمر في ذلك على نحو من اختلاف القراءات، و كلها مع الاختلاف راجع إلى النقل، و اللّه أعلم (1).

و مما يؤيد ما ذكرته من أن عدد الآي راجع إلى التوقيف: ما روى عاصم عن زر عن عبد اللّه بن مسعود أنه قال: «اختلفنا في سورة من القرآن، فقال بعضنا: ثلاثين، و قال بعضنا: اثنتين و ثلاثين، فأتينا (2) النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فأخبرناه، فتغير وجهه (3) فأسرّ إلى عليّ بن أبي طالب بشي ء، فالتفت إلينا عليّ- رضوان اللّه عليه- فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يأمركم أن تقرءوا القرآن كما علّمتموه» (4).

ففي هذا دليل على أن العدد راجع إلى العلم، و فيه أيضا دليل على تصويب العددين لمن تأمل يفهم.

ص: 565


1- أي أن كلا وقف عند حدود ما بلغه أو علمه- كما يقول الزرقاني- و لا شك أن الصحابة رضوان اللّه عليهم كان الواحد منهم يتعلم شيئا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثم يخرج للجهاد أو غير ذلك، و قد لا يبلغه ما بلغ غيره فيتمسك بما علمه.
2- في د و ظ: و آتينا.
3- في بقية النسخ: فتغير لونه.
4- رواه الإمام أحمد في مسنده بنحوه (1/ 106) و الحاكم في المستدرك بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود، قال الذهبي: صحيح اه كتاب التفسير (2/ 224). و أبو عبيد في فضائله باب إعراب القرآن ... الخ (ص 323) و الطبري في مقدمة تفسيره بإسنادين و ألفاظ متقاربة (1/ 12) و ذكره الداني في كتاب البيان في عد آي القرآن ورقة (11/ ب).

ذكر الشواذ

الشاذ: مأخوذ من قولهم: شذ الرجل يشذ و يشذ (1) شذوذا، اذا انفرد عن القوم و اعتزل عن جماعتهم (2).

و كفى بهذه التسمية تنبيها على انفراد الشاذ و خروجه عما عليه الجمهور و الذي لم يزل عليه الأئمة الكبار القدوة في جميع الأمصار من الفقهاء و المحدثين و أئمة العربية: توقير القرآن و اجتناب الشاذ، و اتباع القراءة المشهورة، و لزوم الطرق المعروفة في الصلاة و غيرها (3).

ص: 566


1- كلمة (و يشذ) ساقطة من ظ.
2- انظر: لسان العرب (3/ 494) (شذذ) و المعجم الوسيط (1/ 476).
3- نقل هذا الكلام بلفظه عن السخاوي تلميذه أبو شامة، قائلا: «قال شيخنا أبو الحسن رحمه/ اللّه ...» انظر المرشد الوجيز (ص 179). قال القسطلاني: «أجمع الأصوليون و الفقهاء و غيرهم أن الشاذ ليس بقرآن، لعدم صدق حد القرآن عليه أو شرطه و هو التواتر، صرح بذلك الغزالي و ابن الحاجب و القاضي عضد الدين و السخاوي في «جمال القراء» و الجمهور على تحريم القراءة بالشواذ، و أنه ان قرأ بها غير معتقد أنه قرآن، و لا يوهم أحدا ذلك بل لما فيه من الأحكام الشرعية عند من يحتج بها، أو الأحكام الأدبية، فلا كلام في جواز قراءتها. و على هذا يحمل كل من قرأ بها من المتقدمين، و كذلك يجوز تدوينها في الكتب و التكلم على ما فيها، فإن قرأها معتقدا قرآنيته أو موهما ذلك حرم عليه ...» اه. ثم ذكر كلام النووي و ابن عبد البر و ابن الحاجب و غيرهم، و الذي يدل على تحريم القراءة بالشواذ. انظر لطائف الإشارات (1/ 72) فما بعدها و راجع غيث النفع (ص 18). و سيأتي كلام السخاوي على هذا و أنه لا يجوز القراءة بشي ء من هذه الشواذ، و أنه قد ظهر في زمانه قوم يطالعون كتب الشواذ و يقرءون بما فيها، و ربما صحفوا ذلك فيزداد الأمر ظلمة و عمى.

قال ابن مهدي (1): «لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم، و لا يكون إماما في العلم من روى عن كل أحد، و لا يكون إماما في العلم من روى كل ما سمع» (2).

و قال الحارث بن يعقوب (3): «الفقيه كل الفقيه من فقه في القرآن و عرف مكيدة الشيطان».

و قال خلاد بن يزيد الباهلي (4): قلت ليحيى بن عبد اللّه بن أبي مليكة (5): «ان نافعا (6) حدّثني عن أبيك (7) عن عائشة رضي اللّه عنها (إنها كانت تقرأ (إذ تلقونه) (8) (9) و تقول: إنما هو ولق الكذب) (10).

ص: 567


1- عبد الرحمن بن مهدي تقدم.
2- ذكر هذا عن ابن مهدي ابن الجوزي في صفة الصفوة (4/ 5)، و نقله عن السخاوي تلميذه أبو شامة في كتابه المرشد الوجيز (ص 179).
3- الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري، ثقة عابد، مات سنة 130 ه. التقريب (1/ 145) و الجرح و التعديل (3/ 93) و الكاشف للذهبي (1/ 199).
4- خلاد بن يزيد الباهلي أبو الهيثم البصري المعروف بالأرقط، صدوق جليل، توفي سنة 220 ه. ميزان الاعتدال (1/ 657) و غاية النهاية (1/ 275) و التقريب (1/ 230).
5- يحيى بن عبد اللّه بن أبي مليكة- بالتصغير- القرشي التميمي لين الحديث، من أفاضل أهل مكة مات سنة 173 ه. انظر: التقريب (2/ 352) و مشاهير علماء الأمصار (ص 148)، و الميزان (4/ 390).
6- نافع بن عمر بن عبد اللّه بن جميل الجمحي الحافظ المكي، روى عن ابن أبي مليكة و غيره و عنه عبد الرحمن بن مهدي و غيره ثقة ثبت مات سنة 169 ه. التقريب (2/ 296) و التهذيب (10/ 409) و الكاشف (3/ 197) و تذكرة الحفاظ (1/ 231) و فيه توفي سنة 179 ه.
7- عبد اللّه بن عبيد اللّه بن عبد اللّه أبي مليكة، التميمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، ثقة فقيه، مات سنة 117 ه. التقريب (1/ 431). و انظر: تاريخ الثقات (ص 268) و غاية النهاية (1/ 430).
8- أي بفتح التاء و كسر اللام و ضم القاف، و هي قراءة ليست سبعية و لا عشرية، قال القرطبي: «و معنى هذه القراءة، من قول العرب: ولق الرجل يلق ولقا إذا كذب و استمر عليه، و قراءة الجمهور بحرف التاء الواحدة و إظهار الذال دون إدغام و هو من التلقي ...» اه تفسير القرطبي (12/ 204). و انظر تفسير أبي حيان (6/ 438) و فتح الباري (8/ 482)، قال ابن خالويه: «ففي هذا الحرف عشر قراءات ...» اه و ذكرها انظر: مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه (ص 100).
9- النور (15) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ.
10- رواه البخاري بسنده إلى عائشة رضي اللّه عنها كتاب التفسير (6/ 10) و في كتاب المغازي بلفظ:كانت تقرأ (إذ تلقونه بألسنتكم) و تقول الولق: الكذب. قال ابن أبي مليكة: «و كانت أعلم من غيرها بذلك لأنه نزل فيها» اه فتح الباري (7/ 439).

فقال يحيى: ما يضرك ألا تكون سمعته من عائشة، نافع ثقة على أبي و أبي ثقة على عائشة، و ما يسرني إني قرأتها هكذا، و لي كذا كذا.

قلت (1): و لم و أنت تزعم أنها قد قالت؟ (2).

قال: لأنه غير قراءة الناس (3).

و نحن لو وجدنا رجلا يقرأ بما ليس بين اللوحين، ما كان بيننا و بينه إلّا التوبة، أو تضرب (4) عنقه، نجي ء به عن الأمة عن الأمة (5)، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن جبريل عن اللّه عزّ و جلّ، و تقولون أنتم: حدّثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى، ما أدرى (6) ما ذا أن ابن مسعود يقرأ غير ما في اللوحتين (7) إنّما هو- و اللّه- ضرب العنق أو التوبة اه.

و قال هارون (8): ذكر ذلك لأبي عمرو (9)- يعني القراءة المعزوة إلى عائشة- فقال:

ص: 568


1- القائل: خلاد الباهلي.
2- في المرشد الوجيز نقلا عن المؤلف: قد قرأت.
3- قال النووي: «مذهبنا أن القراءة الشاذة لا يحتج بها، و لا يكون لها حكم الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، و القرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع، و إذا لم يثبت قرآنا لا يثبت خبرا، و المسألة مقررة في أصول الفقه ...» اه شرح النووي على مسلم (5/ 131) و قد أشار ابن تيمية- رحمه اللّه- إلى الخلاف بين العلماء بالاحتجاج بما لم يتواتر من القراءات التي صحت عن بعض الصحابة، مع كونها ليست في مصحف عثمان- رضي اللّه عنه- فإنها تضمنت عملا و علما، و هي خبر واحد صحيح، فاحتجوا بها في إثبات العمل، و لم يثبتوها قرآنا، لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين» اه. انظر الفتاوي (20/ 260).
4- في د و ظ: و تضرب عنقه.
5- في ت: كتب الناسخ الكلمتين ثم وضع خطأ على إحداهما ظنا منه أنها مكررة و ليس كذلك، بل المقصود أن الأمة تروي عن الأمة ... الخ.
6- في د و ظ: و ما أدري.
7- هكذا العبارة في النسخ و هي مضطربة- كما ترى- و قد وجدتها بنقل أبي شامة عن شيخه السخاوي: «حدثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى أن ابن مسعود يقرأ ما بين اللوحين، ما أدري ما ذا؟! إنما هو- و اللّه- ضرب العنق أو التوبة» اه المرشد الوجيز (ص 180). و لعل كلمة (غير) سقطت، و هي موجودة في نص السخاوي و بها يتم المعنى، و اللّه أعلم.
8- هو هارون بن موسى أبو عبد اللّه الأعور العتكي البصري الأزدي مولاهم علامة صدوق، نبيل له قراءة معروفة، و كان من القراء، مات قبل المائتين تقريبا. انظر غاية النهاية (2/ 348) و التقريب (2/ 313).
9- أبو عمرو بن العلاء بن عمار العريان- و اسمه زبان على الأصح- و قيل غير ذلك، المازني النحوي القارئ، ثقة، من علماء العربية و أحد القراء السبعة المشهورين (68- 154 ه) و قيل غير ذلك. معرفة القراء الكبار (11/ 100) و غاية النهاية (1/ 288) و التقريب (2/ 454) و مشاهير علماء الأمصار (ص 153) و فيه توفي سنة 146 ه.

قد سمعت هذا قبل أن تولد (1) و لكنا لا نأخذ به (2).

و قال محمد بن صالح (3): سمعت رجلا يقول لأبي عمرو: و كيف تقرأ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (4)؟

قال: لا يُعَذِّبُ (5) عَذابَهُ أَحَدٌ، فقال له الرجل: كيف، و قد جاء عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لا يُعَذِّبُ (6) عَذابَهُ أَحَدٌ (7)؟.

فقال له أبو عمرو: لو سمعت الرجل الذي قال: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ما أخذته عنه!.

و تدري لم ذاك؟ لأني أتهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة اه (8).

و قراءة الفتح ثابتة- أيضا- بالتواتر، و قد يتواتر الخبر عند قوم دون قوم (9) و إنما

ص: 569


1- في د و ظ: قبل أن يولد. بالياء التحتانية.
2- انظر المرشد الوجيز (ص 180).
3- لم أستطع الجزم بالمراد بهذا الشخص حيث أن هناك الكثير ممن يسمى بهذا الاسم.
4- الفجر: 25، 26 فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ....
5- أي بكسر الذال المشددة و الثاء المثلثة المكسورة، و بها قرأ السبعة غير الكسائي، فإنه قرأ بفتح الذال و الثاء على ما لم يسم فاعله. انظر الكشف عن وجوه القراءات (2/ 373) و التبصرة (ص 556)، كلاهما لمكي بن أبي طالب.
6- أي بفتح الذال، و هي قراء الكسائي كما سبق.
7- قال السيوطي: أخرج سعيد بن منصور و عبد بن حميد و ابن مردويه و ابن جرير و البغوي و الحاكم و صححه و أبو نعيم عن أبي قلابة عمن اقرأه النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. و في رواية مالك بن الحويرث «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أقرأه، و في لفظ أقرأ إياه فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ منصوبة الذال و الثاء» اه. الدر المنثور (8/ 513) قال الحاكم: «- عقب إيراده لهذا الحديث- هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، و الصحابي الذي لم يسمه أبو قلابة قد سماه غيره مالك بن الحويرث» اه و أقره الذهبي. انظر المستدرك كتاب التفسير (2/ 255).
8- انظر: المرشد الوجيز (ص 181).
9- قال القسطلاني نقلا عن السخاوي: «و لا يقدح في تواتر القراءات السبع إذا استندت من طريق الآحاد، كما لو قلت: أخبرني فلان عن فلان أنه رأى مدينة سمرقند، و قد علم وجودها بطريق التواتر لم يقدح ذلك فيما سبق من العلم بها، فقراءة السبع كلها متواترة و قد اتفق على أن المكتوب في المصاحف متواتر الكلمات و الحروف ...» اه لطائف الإشارات (1/ 78).

أنكرها أبو عمرو: لأنها لم تبلغه على وجه التواتر (1).

و عن أبي حاتم السجستاني (2)- رحمه اللّه- قال: أول من تتبع بالبصرة وجوه القرآن و ألفها، و تتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده: هارون ابن موسى الأعور، و كان من العتيك مولى، و كان من القراء، فكره الناس ذلك، و قالوا: قد أساء حين ألفها، و ذلك أن القراءة (3) إنّما يأخذها قرون و أمة عن أفواه أمة، و لا يلتفت منها إلى ما جاء من وراء وراء.

و قال الأصمعي: عن هارون المذكور- كان ثقة مأمونا، و قال (4): كنت أشتهي أن يضرب لمكان تأليفه الحروف (5) و كان الأصمعي لا يذكر أحدا بسوء إلا من عرفه ببدعة.

قلت: و إذا كان القرآن هو المتواتر، فالشاذ ليس بقرآن لأنه لم يتواتر فإن قيل: لعلّه قد كان مشهورا متواترا، ثم ترك حتى صار شاذا.

قلت: هذا كالمستحيل بما تحققناه من أحوال هذه الأمة و أتباعها لما جاء عن نبيها صلّى اللّه عليه و سلّم، و حرصها على امتثال أوامره.

و قد قال لهم صلّى اللّه عليه و سلّم: «بلغوا عني و لو آية» (6). و أمرهم باتباع القرآن و الحرص عليه، و حضّهم على تعلّمه و تعليمه، و وعدهم على ذلك الثواب الجزيل و المقام الجليل، فكيف استجازوا تركه، و هجروا القراءة به حتى صار شاذا بتضييعهم إياه و انحرافهم عنه؟

فإن قيل منعوا من القراءة به و حرقت مصاحفه.

قلت: هذا من المحال، و ليس في قدرة أحد من البشر أن يرفع ما أطبقت عليه الأمة

ص: 570


1- و قد روى أن أبا عمرو رجع إلى قراءة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. انظر: تفسير القرطبي (20/ 57).
2- هو سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد أبو حاتم السجستاني، إمام البصرة في النحو و القراءة و اللغة و العروض، له مصنفات في القراءات، توفي سنة 255 ه. الفهرست لابن النديم (ص 86) و معرفة القراء الكبار (1/ 219) و غاية النهاية (1/ 320).
3- في د: أن القراء.
4- في بقية النسخ: قال.
5- كلام أبي حاتم السجستاني و الأصمعي ذكره أبو شامة تلميذ السخاوي نقلا عن «جمال القراء» انظر المرشد الوجيز (ص 181) و راجع غاية النهاية (2/ 348).
6- رواه البخاري كتاب الأنبياء باب ذكر بني إسرائيل (4/ 145)، و الترمذي في أبواب العلم باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل (7/ 431).

و أجمعت عليه الكافة، و أن يختم على أفواههم فلا تنطق به، و لا أن يمحوه من صدورهم بعد وعيه و حفظه (1) و لو تركوه في الملأ لم يتركوه في الخلوة، و لكان ذلك كالحامل لهم على إذاعته و الجد في حراسته كي لا يذهب من هذه الأمة كتابها و أصل دينها.

و لو أراد بعض ولاة الأمر في زماننا هذا أن ينزع القرآن- و العياذ باللّه- من أيدي الأمة أو شيئا منه، و يعفى (2) أثره لم يستطع ذلك، فكيف يجوز ذلك في زمن الصحابة و التابعين؟ و هم هم و نحن نحن، على أنه قد روى أن عثمان- رضي اللّه عنه- قد قال لهم بعد ذلك- لما أنكروا عليه تحريق المصاحف و أمرهم بالقراءة بما كتب-: «اقرءوا كيف شئتم، إنّما فعلت ذلك لئلا تختلفوا» (3).

فإن قيل: فقد قال الطبري: إن عثمان- رضي اللّه عنه- إنما كتب ما كتب من القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

قال: و ليس اختلاف القراء الآن هو الذي أراد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بقوله: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة احرف» (4).

و اختلاف القراء عن هذا بمعزل، قال: لأن ما اختلف فيه القراء لا يخرج عن خط المصحف الذي كتب على حرف واحد، قال: و الستة الأحرف قد سقطت، و ذهب العمل بها بالإجماع على خط المصحف المكتوب على حرف واحد اه (5).

فالجواب: ان هذا الذي ادعاه من ان عثمان- رضي اللّه عنه إنّما كتب حرفا واحدا

ص: 571


1- في د و ظ: بعد وعيد حفظه.
2- أي يمحوه و يطمسه، مأخوذ من قولهم: «عفت الرياح الآثار، إذا درستها و محتها» اه. انظر: اللسان (15/ 72) (عفا).
3- رواه ابن أبي داود بنحوه ضمن حديث طويل، ذكر فيه أنه لما نزل أهل مصر الجحفة يعاتبون عثمان و ينقمون عليه بعض الأمور التي فعلها، و من ضمنها أنه محا كتاب اللّه عز و جل، فكان هذا من جوابه عليهم. انظر كتاب المصاحف باب اطلاق عثمان رضي اللّه عنه القراءة على غير مصحفه (ص 45، 46). و أقول: إنه لا يفهم من كلام عثمان- رضي اللّه عنه- هذا أنه أباح لهم القراءة بالشاذ، و إنما يفهم منه أنه جوز لهم القراءة بما هو ثابت و صحيح، فإذا ما رجعوا إلى الثابت الصحيح فإنهم بالطبع سيرجعون إلى المصحف الإمام الذي كتبه على ملأ من كبار الصحابة، فلعلهم أنكروا عليه صنيعه دون النظر في معرفة السبب و دون الرجوع إلى دستوره فيما كتبه رضي اللّه عنه.
4- سبق تخريجه أثناء الحديث عن ذكر الأحرف السبعة.
5- راجع مقدمة تفسير الطبري (1/ 28).

من الأحرف السبعة التي أنزلها اللّه عزّ و جلّ: لا يوافق عليه و لا يسلّم له، و ما كان عثمان- رضي اللّه عنه- يستجيز ذلك و لا يستحل ما حرّم اللّه عزّ و جلّ من هجر كتابه و أبطاله و تركه (1).

و إنما قصد سد باب القالة (2) و أن يدعى مدع شيئا ليس مما أنزل اللّه، فيجعله من كتاب اللّه عزّ و جلّ، أو يرى أن تغيير لفظ القرآن (3) بغيره مما هو بمعناه لا بأس به، فلما كتب هذه المصاحف و أمر بالقراءة بما فيها لم يمكن أحدا من أولئك أن يفعل ما كان يفعل، و الذي فعل ذلك مخطئ، لأن عمر- رضي اللّه عنه- أنكر على هشام بن حكيم لفظا لم يسمعه عمر من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (4) و عمر- رضي اللّه عنه- يعلم أن ذلك جائز في العربية و الدليل على أنه جائز في العربية أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «هكذا أنزلت» فلولا أن تغيير القرآن لا يجوز لما أنكر عمر- رضي اللّه عنه- ما أنكر، فأراد عثمان- رضي اللّه عنه- أن يجمع القرآن كله بجميع وجوهه السبعة التي أنزل عليها، سدا لباب الدعوى، وردا لرأي من يرى تبديل حرف منه بغيره (5). (1) قال الطبري: ما ملخصه- «فإن قال بعض من ضعفت معرفته: و كيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهم إياها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أمرهم بقراءتها؟

قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب و فرض، و إنما كان أمر إباحة و رخصة، لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة واجبا عند من يقوم بنقله الحجة، و في تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، فإذا كان ذلك كذلك لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع تاركين ما وجب عليهم نقله ...» اه باختصار. انظر مقدمة جامع البيان (1/ 28).

و أقول: أن هناك فرقا بين القول بأن المصاحف العثمانية كانت مشتملة و متضمنة للأحرف السبعة، و لم يوجب علينا الشارع الإحاطة بجميعها، و إنما هي للتيسير و التسهيل، فكل يأخذ منها ما تيسر له فهذا كلام لا غبار عليه، فرق بين هذا و بين كون عثمان- رضي اللّه عنه- إنما كتب المصاحف على حرف واحد و ترك ما سواها خشية الفرقة و الاختلاف، فهذا هو الذي رفضه السخاوي ورد على الطبري القول به، و قد أصاب رحمه اللّه في ذلك.

و الإمام الطبري لم يحالفه الصواب في رأيه هذا، و لكل جواد كبوة و اللّه أعلم.

(2) جمع قائل، فالقول في الخير و الشر، و القال و القيل في الشر و يقال: كثر القيل و القال، فحكاية أقوال الناس و البحث عما لا يجدي عليه خيرا و لا يعنيه أمره، من هذا القبيل، و القالة: القول الفاحش في الناس اه اللسان (11/ 573) (قول) التقاطا.

(3) في بقية النسخ: لفظ الكتاب العزيز.

(4) و قد تقدم ذكر حديث عمر مع هشام بن حكيم أثناء الكلام على الأحرف السبعة.

(5) و أيضا فإن كثيرا من الصحابة- رضوان اللّه عليهم- قد تلقوا بعض تلك القراءات و انطلقوا دعاة إلى اللّه عز و جل و مجاهديه في سبيله و أخذوا يعلمون الناس ما تلقوه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثم أنه نسخ ما نسخ في العرضة الأخيرة، و لم تثبت بعض تلك الأحرف التي نزلت للتيسير و التسهيل، فكان كل يقرأ على حسب ما تلقاه و علمه، و بذلك حدثت الفتنة، و كانت السبب الداعي لعثمان- رضي اللّه عنه- أن يكتب تلك المصاحف مشتملة على ما استقر في العرضة الأخيرة، و أن يبعث بها إلى الأمصار، و أمر المسلمين الالتزام بها دون سواها، و أرسل مع كل مصحف إماما يقرئ الناس، و بهذا يكون قد قضى على تلك الفتنة قبل أن يستفحل شرها.

ص: 572

أ لا ترى أنه أحضر (المصحف) (1) التي كتبها الصديق- رضي اللّه عنه- و كانت بالأحرف السبعة، و استظهر مع ذلك بما كتب بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من الرقاع و الأكتاف و اللخاف (2) إرادة أن لا يبقى لقائل قول و لا لمدع دعوى.

و أما قوله: إنه إنما كتب حرفا واحدا من تلك الأحرف السبعة: فغير صحيح، فقد كتب في بعض المصاحف و أوصى (3) و في بعضها وَ وَصَّى و كتب في بعضها وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ (4) و في بعضها قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ* و كتب سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ (5) في موضع بغير واو، و في مصحف وَ سارِعُوا و كتب في المدني و الشامي يَرْتَدِدْ (6) و في غيرهما يَرْتَدَّ* بدال واحدة و تَجْرِي تَحْتَهَا (7) في سورة التوبة، و في بعض المصاحف مِنْ تَحْتِهَا*

ص: 573


1- هكذا في الأصل: المصحف، و في بقية النسخ: الصحف، و هو الصواب.
2- تقدم شرح هذه الألفاظ أثناء الكلام على الأحرف السبعة.
3- البقرة (132) وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ ... و قد قرأ نافع و ابن عامر بهمزة مخففا، و شدد الباقون من غير همز، الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (1/ 265)، و النشر (2/ 222).
4- البقرة (116) وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ... قرأ ابن عامر بغير واو، و كذلك هي في مصاحف أهل الشام، و قرأ الباقون (و قالوا) بالواو. الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 260) و النشر (2/ 220).
5- آل عمران (133) وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قرأ نافع و ابن عامر بغير واو، و كذلك هي في مصاحف أهل المدينة و أهل الشام و قرأ الباقون بالواو، الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 356) و النشر (2/ 242).
6- المائدة (54) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ ... قرأ نافع و ابن عامر (يرتدد) بدالين، الثانية ساكنة و كذلك هي في مصاحف أهل المدينة و الشام، و قرأ الباقون بدال واحدة مفتوحة مشددة و كذلك هي في مصاحف أهل الكوفة و البصرة و مكة الكشف عن وجوه القراءات (1/ 412) و النشر (2/ 255).
7- التوبة (100) ... وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ ... قرأ ابن كثير بزيادة (من) و كذلك هي في مصحف أهل مكة و قرأ الباقون بغير (من) و كذلك هي في بقية المصاحف. الكشف (1/ 505) و النشر (2/ 280).

وَ بِالزُّبُرِ وَ بِالْكِتابِ (1) في آل عمران في المصحف الشامي، و في غيره وَ الزُّبُرِ وَ الْكِتابِ إلى غير ذلك من المواضع (2) نحو شُرَكائِهِمْ* (3) و شُرَكاؤُهُمْ* (4) و فإن اللّه الغني (5) و فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ* و كل وعد اللّه (6) و كُلًّا إلى غير ذلك مما تركت ذكره خشية الإطالة (7).

و قد ذكرت أن الأمة لا ترضى لأحد من خلق اللّه بترك كتاب اللّه و ما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و أن أحدا لا يقدر على أن ينتزع من أيديها ما اشتهر بينها و تداولته النقلة، و استمرت على تلاوته الألسنة حتى يصير نسيا منسيا، لا يعرفه إلّا الشاذ منهم بعد أن كان يعرفه الكبير و الصغير، و الذكر و الأنثى، هذا من المحال في مجرى العادة.

و الذي لا يشك فيه أن عثمان- رحمه اللّه- كتب جميع القرآن بجميع وجوهه، و لم يغادر منه شيئا، و لو ترك شيئا منه لم يوافق عليه، و قد جاء بعده علي- عليه السلام- و لم يزد على ما كتبه حرفا (8).

ص: 574


1- آل عمران (184) ... جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَ الزُّبُرِ وَ الْكِتابِ الْمُنِيرِ قرأ ابن عامر (و بالزبر) بالباء بعد الواو، و قرأ هشام (و بالكتاب) كذلك و هو كذلك في مصاحف أهل الشام، و قرأهما الباقون بغير الباء. الكشف (1/ 370) و النشر (2/ 245).
2- قال ابن الجزري:- بعد أن ذكر بعض الأمثلة على ما كان ثابتا في بعض المصاحف دون البعض الآخر- قال: «فلو لم يكن ذلك كذلك في شي ء من المصاحف العثمانية لكانت القراءة بذلك شاذة لمخالفتها الرسم المجمع عليه» اه النشر (1/ 11).
3- الأنعام (137) وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ ... قرأ ابن عامر (زين) بضم الزاي على ما لم يسم فاعلة، (قتل) بالرفع على أنه مفعول لم يسم فاعله، (أولادهم) بالنصب، اعمل فيه القتل، (شركائهم) بالخفض على إضافة القتل إليهم لأنهم الفاعلون، فأضاف الفعل إلى فاعله ... و قرأ الباقون بفتح الزاي على ما يسمى فاعله و نصبوا (قتل) ب (زين) و خفضوا (الأولاد) لإضافة (قتل) إليهم، أضافوه إلى المفعول، و رفعوا الشركاء. انظر: الكشف لمكي بن أبي طالب (1/ 453، 454) و النشر (2/ 263).
4- سقطت الواو من ظق و كتبت الآية خطأ في الأصل.
5- الحديد (24) قرأ المدنيان و ابن عامر بغير (هو) و كذلك هو في مصاحف المدينة و أهل الشام، و قرأ الباقون بزيادة (هو) و كذلك هو في مصاحفهم. انظر: النشر في القراءات العشر (2/ 384).
6- الحديد (10) وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى قرأ ابن عامر بالرفع، و قرأ الباقون بالنصب. الكشف (2/ 307) و النشر (2/ 384).
7- راجع فضائل القرآن لأبي عبيد (ص 294) فما بعدها، و كتاب المصاحف لابن أبي داود باب اختلاف مصاحف الأمصار التي نسخت من الإمام (ص 49) و كتاب الانتصار لنقل القرآن للباقلاني (ص 389) فما بعدها، و المرشد الوجيز (ص 138) فقد أوردوا كثيرا من الأمثلة على ذلك.
8- راجع الانتصار لنقل القرآن لأبي بكر الباقلاني (ص 359، 387) و المرشد الوجير (ص 143) و النشر في القراءات العشر (1/ 31- 33). قال الشيخ الزرقاني: «- تحت عنوان دستور عثمان في كتابة المصاحف- ما ملخصه: و مما تواضع عليه هؤلاء الصحابة أنهم كانوا لا يكتبون في هذه المصاحف إلا ما تحققوا أنه قرآن و علموا أنه قد استقر في العرضة الأخيرة، و ما أيقنوا صحته عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مما لم ينسخ، و تركوا ما سوى ذلك، و كتبوا مصاحف متعددة، لأن عثمان قصد إرسال ما وقع الإجماع عليه إلى أقطار بلاد المسلمين المتعددة أيضا، و كتبوها متفاوتة من إثبات و حذف و غير ذلك، لأنه- رضي اللّه عنه- قصد اشتمالها على الأحرف السبعة، و جعلوها خالية من النقط و الشكل تحقيقا لهذا الاحتمال أما الكلمات التي لا تدل على أكثر من قراءة عند خلوها من النقط و الشكل مع أنها واردة بقراءة أخرى أيضا، فإنهم كانوا يرسمونها في بعض المصاحف برسم يدل على قراءة، و في بعض آخر برسم آخر يدل على القراءة الثانية ... إلى أن قال: و الذي دعا الصحابة إلى انتهاج هذه الخطة في رسم المصاحف و كتابتها أنهم تلقوا القرآن عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بجميع وجوه قراءاته و بكافة حروفه التي نزل عليها، فكانت هذه الطريقة أدنى إلى الإحاطة بالقرآن على وجوهه كلها حتى لا يقال: إنهم أسقطوا شيئا من قراءاته، أو منعوا أحدا من القراءة بأي حرف شاء، على حين أنها كلها منقولة نقلا متواترا عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ...» اه مناهل العرفان (1/ 257- 259).

قال عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم (1): و قد نبغ نابغ (2) في عصرنا هذا

ص: 575


1- البزار أبو طاهر، من أهل بغداد، قرأ على أبي بكر بن مجاهد و غيره، و كان بارعا في الإلقاء و الإقراء، توفي سنة 349 ه و له سبعون سنة. تاريخ بغداد (11/ 7) و الفهرست لابن النديم (ص 48) و معرفة القراء الكبار (1/ 312) و غاية النهاية (1/ 475) و هدية العارفين (1/ 633).
2- هو أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي العطار، أحد القراء بمدينة السلام، كان عالما باللغة و الشعر، توفي سنة 362 ه. تاريخ بغداد (2/ 206) و فيه: مولده سنة 265 و وفاته سنة 354 ه. و الفهرست لابن النديم (ص 49) و معرفة القراء (1/ 306) و غاية النهاية (2/ 123). قال الخطيب البغدادي:- عند ترجمته لابن مقسم هذا- و قد ذكر حاله أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ- صاحب أبي بكر ابن مجاهد- في كتابه الذي سماه (البيان) فقال فيما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قال: أنبأنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم، قال: و قد نبغ نابغ ... الخ ما ذكره السخاوي عن ابن أبي هاشم. و مما ذكره الخطيب البغدادي عن ابن مقسم قوله: كان من أحفظ الناس لنحو الكوفيين و أعرفهم بالقراءات، و له في التفسير و معاني القرآن كتاب جليل سماه «كتاب الأنوار» و له أيضا في القراءات و علوم القرآن تصانيف عدة، و مما طعن عليه أنه عمد إلى حروف من القرآن فخالف الإجماع فيها، فقرأها و أقرأها على وجوه ذكر انها تجوز في اللغة العربية، و شاع ذلك عنه عند أهل العلم، فأنكروا عليه، و ارتفع الأمر إلى السلطان، فأحضره و استتابه بحضرة الفقهاء و القراء، فأذعن بالتوبة، و كتب محضر توبته و أثبت جماعة من حضر ذلك المجلس خطوطهم فيه بالشهادة عليه و قيل: إنه لم ينزع عن تلك الحروف، و كان يقرأ بها إلى حين وفاته» اه. تاريخ بغداد (2/ 207) و راجع غاية النهاية (2/ 124) و معرفة القراء الكبار (2/ 308). قال ابن الجزري: و ظن أبو شامة بعد نقله هذا عن أبي طاهر في كتابه المرشد الوجيز أنه ابن شنبوذ» اه غاية النهاية (2/ 124). قلت: و ما ذكرته عن الخطيب صريح بأنه ليس ابن شنبوذ و إنما هو ابن مقسم، و لكن يظهر من كلام أبي شامة و غيره أيضا أن ابن شنبوذ صارت له قضية شبيهة بقضية ابن مقسم، إلا أن ابن شنبوذ فاء إلى رشده و رجع إلى الحق و أعلن توبته و لم يذكر عنه أنه رجع إلى بدعته تلك، و اللّه أعلم.

فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية بحرف من القرآن يوافق خط المصحف (1) فقراءته به (2) جائزة في الصلاة و في غيرها، فابتدع بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل، و تورط في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام و أهله، و حاول إلحاق كتاب اللّه عزّ و جلّ من الباطل ما لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين اللّه- بسيئ رأيه (3)- طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخيّر القراءات من جهة البحث و الاستخراج بالآراء دون الاعتصام و التمسك بالأثر المفترض على أهل الاسلام قبوله، و الأخذ به كابرا عن كابر، و خالفا عن سالف، و كان أبو بكر بن مجاهد (4)- رحمه اللّه- استتابه عن بدعته (5) و أحضره السلطان ليؤدبه، فاستوهب من السلطان تأديبه عند توبته و إظهاره الإقلاع عن بدعته، ثم عاد إلى ما كان عليه، و استغوى من أصاغر المسلمين و أهل الغفلة و الغباوة جماعة ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينا، و أن يجعلوه فيما ابتدعه إماما، و لن تعدو ضلالته مجلسه (6) لأن اللّه عزّ و جلّ قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لفظ الزائفين و شبهات الملحدين بقوله عزّ و جلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (7) و أبو طاهر عبد الواحد هذا إمام من أئمة القرآن، و هو صاحب ابن مجاهد، و في هذه (8)

ص: 576


1- قال ابن الجزري: «و هذا القسم مردود، و هو ما وافق العربية و الرسم و لم ينقل البتة، فهذا رده أحق و منعه أشد، و مرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر. و قد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي إلى أن قال: و من ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق، و هو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه، و لا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه» اه النسر (1/ 17).
2- (به) ساقطة من د و ظ.
3- في د و ظ: يسي ء قراءته.
4- أحمد بن موسى بن العباس المقرئ الأستاذ، مصنف كتاب (القراءات السبعة) كان واسع العلم، وفاق سائر نظائره من أهل صناعته (245- 324 ه). معرفة القراء (1/ 269) و غاية النهاية (1/ 139).
5- انظر: تاريخ الأدب العربي (4/ 3).
6- في ظق: مجالسه.
7- الحجر (9).
8- في ظ: و في هذا.

الشواذ قطعة كبيرة من هذا الوجه الذي ذكره (1).

قال الأصمعي: سمعت نافعا يقرأ يَقُصُّ الْحَقَّ (2) فقلت له: إن أبا عمرو يقرأ يقض الحق و قال: القضاء مع الفصل، فقال نافع: وي! يا أهل (3) العراق، تقيسون في القرآن؟!.

قلت: معنى قول أبي عمرو: القضاء مع الفصل: أي إني اخترت هذه (4) القراءة (لهذا و لم يرد رد القراءة) (5) الأخرى، و معنى قول نافع: يقيسون في القرآن: لم يرد به أن قراءتهم أخذوها بالقياس، و إنّما يريد أنهم اختاروا ذلك لذلك، و القراءتان ثابتتان عندهما، قال ابن أبي هاشم: قال يريد إياكم (أن) (6) تأخذوا القراءة على قياس العربية، إنا أخذنا (7) بالرواية (8).

و قال بعض أصحاب سليم (9): قلت لسليم:- في حرف من القرآن- من أي وجه (10) كان كذا و كذا؟ فرفع كمه و ضربني به و غضب، و قال: اتّق اللّه لا تأخذن في

ص: 577


1- راجع ما ذكره الخطيب حول شبهة ابن مقسم التي تذرع بها، و هي شبهة واهية. تاريخ بغداد (2/ 208).
2- أي قوله تعالى: ... إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ الأنعام (57). قرأ نافع و ابن كثير و عاصم بالصاد مضمومة غير معجمة من القصص، و قرأ الباقون بالضاد المعجمة المكسورة من القضاء، و دل على ذلك أن بعده (خير الفاصلين) و الفصل لا يكون إلا عن قضاء» اه ملخصا من الكشف (1/ 434) و انظر: النشر في القراءات العشر (2/ 258) و الإتحاف (ص 209).
3- في ظق: يا هل.
4- في د: أخبرت هذه، و في ظ: أخبرت بهذه، و هما عبارتان مضطربتان.
5- سقط هذا الكلام من الأصل: (لهذا و لم يرد رد القراءة) اه.
6- سقطت (أن) من الأصل ظق.
7- في بقية النسخ أنا أخذناها بالرواية.
8- قال ابن الجزري نقلا عن أبي عمرو الداني: «و أئمة القراء لا تعمل في شي ء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة و الأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر و الأصح في النقل، و الرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية، و لا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها و المصير إليها» اه. النشر (1/ 10).
9- هو سليم بن عيسى بن سليم أبو عيسى، و يقال: أبو محمد الحنفي مولاهم الكوفي المقرئ صاحب حمزة الزيات و أخص تلامذته، و أحذقهم في القراءة، ولد سنة 130 ه و قيل 119 ه و توفي سنة 188 ه. معرفة القراء الكبار (1/ 138) و انظر الجرح و التعديل (4/ 215) و الميزان (2/ 131).
10- في د: حرفت الكلمة إلى (وجد).

شي ء من هذا، إنّما نقرأ القرآن على الثقات من الرجال الذين قرءوا على الثقات.

و قال الكسائي (1):- رحمه اللّه- لو قرأت على قياس العربية لقرأت كُبره (2) برفع الكاف (3) لأنه أراد عظمه، و لكني قرأت على الأثر.

و قال يحيى بن آدم: ثنا أبو بكر بن عياش (4) بحروف (5) عاصم في القراءة، و قال: سألته عنها حرفا حرفا، فحدّثني بها، ثم قال: أقرأنيها عاصم كما حدثتك بها حرفا حرفا، تعلمتها منه تعلما اختلف إليه نحوا من ثلاث سنين كل غداة في البرد و الأمطار، حتى أستحي من أهل مسجد بني كاهل في الصيف و الشتاء، و أعملت نفسي فيها سنة بعد سنة، فلمّا قرأت عليه، قال لي: احمد اللّه، فإنّك قد جئت و ما تحسن شيئا، قال: تعلمت القراءة من عاصم كما يتعلّم الغلام في الكتّاب، ما أحسن غير

ص: 578


1- هو الإمام علي بن حمزة الكسائي أبو الحسن الأسدي مولاهم الكوفي المقرئ أحد القراء السبعة المشهورين، و أحد الأعلام في النحو و القرآن، ولد في حدود سنة 120 ه و توفي سنة 189 ه على الصحيح. معرفة القراء (1/ 120- 128) و انظر غاية النهاية (1/ 535) و تاريخ بغداد (11/ 403) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 404).
2- أي قوله تعالى: وَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ النور آية (11). قال ابن الجزري: قرأ يعقوب بضم الكاف، و هي قراءة أبي رجاء و حميد بن قيس و سفيان الثوري و يزيد بن قطيب و عمرة بنت عبد الرحمن و قرأ الباقون بكسرها، و هما مصدران لكبر الشي ء، أي عظم، لكن المستعمل في السن الضم، أي تولي أعظمه. و قيل: «بالضم معظمه و بالكسر البداءة» اه النشر في القراءات العشر (2/ 331) و انظر إتحاف فضلاء البشر (ص 323). فقراءة ضم الكاف تعتبر قراءة عشرية نسبت إلى يعقوب الحضرمي أحد القراء الثلاثة المتممين للعشرة. فقول الكسائي: و لكني قرأت على الأثر، لعله يقصد الأثر الذي بلغه في ذلك، و قد سبق أنه قد يبلغ هذا ما لا يبلغ ذاك، و اللّه أعلم.
3- قال القراء: و هو وجه جيد في النحو، لأن العرب تقول: فلان تولى عظم- بضم فسكون- كذا و كذا، يريدون أكثره اه. معاني القرآن (2/ 247).
4- قال الذهبي: اختلف في اسمه على عشرة أقوال، أصحها قولان، أن اسمه كنيته، و الثاني شعبة، فهو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الإمام، أحد الأعلام قرأ القرآن ثلاث مرات على عاصم و كان سيدا إماما حجة كثير العلم و العمل، منقطع القرين، ولد سنة 95 ه و توفي سنة 193 ه. كما ورخه يحيى بن آدم و أحمد بن حنبل. معرفة القراء الكبار (1/ 134- 138).
5- في د و ظ: بحرف.

قراءته (1) و قال أبو بكر بن عياش: قال عاصم: ما أقرأني أحد حرفا إلّا أبو (عبد اللّه) (2) السلمي، و كان (53/ أ) أبو عبد الرحمن قد قرأ على علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- (3).

فإن قيل: فهل في هذه الشواذ شي ء تجوز القراءة به؟

قلت: لا تجوز القراءة بشي ء منها:

أ- لخروجها عن إجماع المسلمين.

ب- و عن الوجه الذي ثبت به القرآن، و هو التواتر، و إن كان موافقا، للعربية و خط المصحف، لأنه جاء من طريق الآحاد، و إن كانت نقلته ثقات، فتلك الطريق لا يثبت بها القرآن.

ج- و منها من نقله (4) من لا يعتد بنقله، و لا يوثق بخبره، (فهذه) (5) أيضا مردود، لا تجوز القراءة به و لا تقبل، و إن وافق العربية و خط المصحف (6) نحو

ص: 579


1- ذكر هذا بنحوه مختصرا الذهبي عند ترجمته لأبي بكر بن عياش (1/ 137،، 138) و في موضع آخر قال:- عند ترجمته ليحيى بن آدم- قال جماعة: حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا يحيى بن آدم، قال: سألت أبا بكر عن حروف عاصم التي في هذه الكراسة أربعين سنة، فحدثني بها كلها، و قرأها عليّ حرفا حرفا» اه. المصدر نفسه (1/ 168).
2- هكذا في الأصل: أبو عبد اللّه. و قد تكرر هذا الخطأ من قبل و في بقية النسخ: أبو عبد الرحمن. و هو الصواب.
3- ذكر هذا الخبر الذهبي، و قال عقبة: و كنت أرجع من عنده فأعرض على زر، و كان قد قرأ على عبد اللّه رضي اللّه عنه، فقلت لعاصم: لقد استقوثقت. رواها يحيى بن آدم عنه اه. معرفة القراء (1/ 91).
4- في بقية النسخ: ما نقله.
5- هكذا في الأصل، و في بقية النسخ: فهذا. و هو الصواب.
6- و في هذا يقول مكي بن أبي طالب: ما ملخصه: فإن سأل سائل فقال: فما الذي يقبل من القرآن الآن فيقرأ به، و ما الذي لا يقبل و لا يقرأ به و ما الذي يقبل و لا يقرأ به؟ فالجواب أن جميع ما روى في القرآن على ثلاثة أقسام: أ- قسم يقرأ به اليوم، و ذلك ما اجتمع فيه الشروط الثلاثة؛ نقله عن الثقات، و أن يكون له وجه في العربية التي نزل بها سائغا و أن يكون موافقا لخط المصحف ... ب- و القسم الثاني: ما صح نقله عن الآحاد و صح وجهه في العربية و خالف لفظه خط المصحف، فهذا يقبل و لا يقرأ به، لأنه لم يؤخذ بإجماع، فلا تجوز القراءة به و لا يكفر من جحده. ج- و القسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة و لا وجه له في العربية، فهذا لا يقبل ... قال: و لكل صنف من هذه الأقسام تمثيل تركنا ذكره اختصارا اه. الإبانة (ص 51، 52). و قد نقل هذا عن مكي: ابن الجزري و مثل لكل قسم فانظر ذلك في النشر في القراءات العشر (1/ 14).

ملك (1) يوم الدين بالنصب (2) (3).

و لقد نبع في هذا الزمان قوم يطالعون كتب الشواذ، و يقرءون بما فيها، و ربما صحفوا ذلك، فيزداد الأمر ظلمة و عمى (4).

فإن قيل: فقراءة الكسائي هل تستطيع ربّك (5) راجعة إلى ما روى عبادة بن نسيّ (6) عن عبد الرحمن بن غنم (7) قال: سألت معاذ بن جبل عن قول الحواريين هَلْ

ص: 580


1- في بقية النسخ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
2- نقل هذا التساؤل و الجواب عنه الشيخ أبو شامة عن شيخه السخاوي و عزاه إلى «جمال القراء». انظر: المرشد الوجيز (ص 181، 182) قال مكي بن أبي طالب: «و قرأ علي بن أبي طالب ملك يوم الدين بنصب اللام و الكاف و نصب يوم، جعله فعلا ماضيا» اه الإبانة (ص 121). و هي إحدى القراءات الكثيرة الشاذة التي أوردها مكي و غيره في هذا اللفظ (مالك) سوى القراءتين المشهورتين المتواترتين (مالك) بالألف لعاصم و الكسائي و (ملك) بدون ألف للباقين من السبعة. انظر تلك القراءات الشاذة التي وردت في لفظ (مالك) في مختصر من شواذ القرآن لابن خالويه (ص 1) و أحكام القرآن للقرطبي (1/ 139) و البحر المحيط (1/ 20).
3- في المطبوع حصل هنا خلط بالتقديم و التأخير ما يقرب من عشرين سطرا، مما أفسد المعنى، فبعد كلمة (بالنصب) جاءت عبارة: و (فتبينوا) و (فتثبتوا) و جملة ذلك سبعة أوجه ... و بعد ذكر الوجه الخامس، عاد إلى الكلام: و لقد نبع في هذا الزمان ... و ذكره إلى آخره، ثم عاد إلى ذكر الوجهين السادس و السابع!! و لعل هذا وقع أثناء الطبع.
4- انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة (ص 182). و قد تقدم في أول هذا الفصل نبذة من كلام الأئمة في المنع من القراءات بالشاذ.
5- المائدة (112) إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ ... و قد قرأها الكسائي بالتاء و نصب (ربك) و قرأ الباقون بالياء و رفع (ربك) و حجة من قرأ بالتاء أنه أجراه على مخاطبة الحواريين لعيسى، و فيه معنى التعظيم للرب جل ذكره على أن يستفهم عيسى عن استطاعته، إذ هو تعالى مستطيع لذلك، فإنما معناه هل تستطيع سؤال ربك في إنزال مائدة علينا، أي هل تفعل لنا ذلك؟ و حجة من قرأ بالياء أنه على معنى: هل يفعل ربك ذلك؟ لأنهم لم يشكوا في استطاعة الباري على ذلك، لأنهم كانوا مؤمنين، فإنما هو كقولك للرجل: «هل يستطيع فلان أن يأتي؟ و قد علمت أنه مستطيع» اه الكشف (1/ 422) و راجع تفسير القرطبي (6/ 364) و المهذب (1/ 199).
6- بضم النون و فتح المهملة الخفيفة الكندي، أبو عمر الشامي، ثقة فاضل، مات سنة 118 ه. التقريب (1/ 395) و تاريخ الثقات (ص 247) و مشاهير علماء الأمصار (ص 180).
7- بفتح المعجمة و سكون النون- الأشعري مختلف في صحبته، و ذكره العجلي في كبار التابعين، مات سنة 98 ه. التقريب (1/ 494) و تاريخ الثقات (ص 297).

تستطيع ربك أو يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ؟ فقال: «أقرأني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم هل تستطيع ربّك مرارا بالتاء و النصب» (1).

و هذا حديث يرويه محمد بن سعيد الشامي (2) و هو مشهود على كذبه، و رداءة مذهبه، قلنا: ليس هذا الحديث هو أصل القراءة، و لا هي راجعة إليه، و القراءة ثابتة مقطوع بصحتها، و إذا علم ذلك من غير هذا الحديث، فلا يقدح ذلك فيه.

و من الشاذ ما هو لحن فلا يقبل لخروجه عن الشهرة و العربية، و كيف لا يخرج عن الشهرة و هو لحن؟

و قد قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لأبيّ:- و هو يقرئ رجلا- (قوم لسانه، ثم علمه، فإنك مأجور، الذي أنزله لم يلحن فيه، و لا الذي نزل به، و لا الذي نزل به، و لا الذي نزل عليه، و أنه قرآن (3) عربي) (4).

فإن قيل: فأين السبعة الأحرف التي أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن القرآن أنزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟.

قلت: هي متفرقة في القرآن نحو يُسَيِّرُكُمْ (5) و ينشركم و (نحو) (6) و يقض

ص: 581


1- رواه الحاكم في المستدرك كتاب التفسير، و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي (2/ 238) و رواه الترمذي و ضعفه، و ليس فيه محمد بن سعيد الشامي. أبواب القراءات (8/ 250). و نسبه السيوطي إلى الحاكم و الطبراني و ابن مردويه عن عبد الرحمن ابن غنم، قال: سألت معاذ بن جبل ... و ذكره. انظر الدر المنثور (3/ 231).
2- الأسدي المصلوب، كذبوه، و قتله المنصور على الزندقة و صلبه. التقريب (2/ 164). قال الذهبي: روى عن الزهري و عبادة بن نسي، و قد غيروا اسمه على وجوه سترا له، و تدليسا لضعفه، ثم ذكر تلك الأسماء. انظر ميزان الاعتدال (3/ 561).
3- في د و ظ: لقرآن عربي.
4- لم أعثر عليه.
5- يونس (22) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ .... قرأ ابن عامر بالنون الساكنة بعد الياء و بالشين قبل الراء (ينشركم) من النشور، و قرأ الباقون بالياء و السين من التسيير و المشي انظر الكشف (1/ 516) و النشر (2/ 282).
6- هنا كلمة ساقطة من الأصل و هي (و نحو).

و يَقُصُّ (1) و تَحْتَهَا و من تحتها (2) و نحو لَنُبَوِّئَنَّهُمْ* و لنثوينهم (3) و فَتَبَيَّنُوا* و فتثبتوا (4)في د و ظ: يقرأ.(5) و جملة ذلك سبعة أوجه:

(الأول) (6): كلمتان تقرأ (6) بكل واحدة في موضع أخرى نحو ما ذكرته.

و الثاني: أن تزاد كلمة في أحد الوجهين و تترك في الوجه الآخر. نحو تَحْتَهَا و من تحتها و نحو فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (7) و فإن اللّه الغني الحميد.

و الثالث: زيادة حرف و نقصانه نحو بما كَسَبَتْ (8) و فيما كسبت.

و الرابع: مجي ء حرف في موضع حرف نحو نقول (9) و يَقُولُ

ص: 582


1- تقدمت قريبا في هذا الفصل.
2- تقدمت أيضا قريبا. و انظر النشر في القراءات العشر (1/ 280).
3- العنكبوت (58) وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً قرأ حمزة و الكسائي (لنثوينهم) بالثاء المثلثة الساكنة بعد النون و إبدال الهمزة (ياء) من الثواء و هو الإقامة في الجنة. و قرأ الباقون بالباء الموحدة و الهمزة من التبوء، و هو المنزل. انظر: الكشف (2/ 181) و النشر (2/ 344).
4- النساء (94) و الحجرات
5- و نص آية النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ... قرأ حمزة و الكسائي (فتثبتوا) في الموضعين من التثبت. و قرأ الباقون بالياء من التبيين. الكشف (1/ 394)، و النشر (2/ 251).
6- هنا كلمة ساقطة من الأصل و هي: (الأول).
7- الحديد (24) قرأ نافع و ابن عامر بغير (هو) و كذلك ثبت إسقاطها في مصاحف المدينة و الشام، و قرأ الباقون بزيادة (هو) و كذلك هو في مصاحف أهل الكوفة و البصرة و مكة. انظر: الكشف (2/ 312) و النشر (2/ 384).
8- الشورى (30) وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ... قرأ نافع و ابن عامر بغير فاء و كذلك هي في مصاحف أهل المدينة و الشام و تكون (ما) في قوله (و ما أصابكم) بمعنى (الذي) في موضع رفع بالابتداء، فيكون قوله (بما كسبت) خبر الابتداء، فلا يحتاج إلى (فاء). و قرأ الباقون (فبما) بالفاء، و كذلك هي في جميع المصاحف، إلا مصاحف أهل الشام و المدينة، و تكون (ما) في قوله (و ما أصابكم) للشرط، و الفاء جواب الشرط. انظر: الكشف لمكي بن أبي طالب (2/ 251) و النشر في القراءات العشر (2/ 367).
9- العنكبوت (55) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ يَقُولُ ذُوقُوا .... قرأ نافع و الكوفيون بالياء على الأخبار عن اللّه تعالى أو عن الموكّل بعذابهم لهم، و قرأ الباقون بالنون على الإخبار من اللّه عن نفسه، لأن كل شي ء لا يكون إلا بأمره. الكشف (2/ 180) و انظر النشر (2/ 343).

و تتلوا (1) و تَبْلُوا (2).

الخامس: تغيير (3) حركات، اما بحركات أخر أو بسكون، نحو فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (4) و نحو وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ (5).

و السادس: التشديد و التخفيف نحو تُساقِطْ عَلَيْكِ (6) و تسّاقط عليك و بَلَدٍ مَيِّتٍ (7) و ميْت و نحو ذلك.

السابع: التقديم و التأخير (8) كقوله عز و جل: وَ قاتَلُوا

ص: 583


1- يونس (30) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ .... قرأ حمزة و الكسائي (تتلو) بتاءين، من التلاوة، و قرأ الباقون (تبلو) بالباء من الابتلاء و هو الاختبار، أي هناك تختبر كل نفس ما أسلفت لها من عمل. الكشف (1/ 517)، و انظر النشر (2/ 383).
2- في ظ: (و نتلوا).
3- في ظ: تغير.
4- البقرة (37) قرأ ابن كثير بنصب (آدم) و رفع (كلمات) أي أن الكلمات استنقذت آدم بتوفيق اللّه له لقوله إياها و للدعاء بها، فتاب اللّه عليه، و قرأ الباقون برفع (آدم) و نصب (الكلمات) و التاء مكسورة في حال النصب، أي أن آدم هو الذي تلقى الكلمات، لأنه هو الذي قبلها و دعا بها و عمل بها فتاب اللّه عليه .... الكشف لمكي ابن أبي طالب (1/ 237) و انظر: النشر (2/ 211).
5- المائدة: 47 وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ... قرأ حمزة بكسر اللام على أنه جعلها لام كي فنصب الفعل بها، و قرأ الباقون باسكانهما على أنهم جعلوها لام الأمر. الكشف (1/ 410، 411) و انظر النشر (2/ 354).
6- مريم (25) وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. قرأ حفص بضم التاء و كسر القاف مخففة، و فتحهما الباقون، و كلهم شدد السين إلا حمزة و حفصا. فمن قرأ بضم التاء جعله مستقبل (ساقطت) فعداه إلى الرطب فنصبه به، و الفاعل النخلة، تضمر في (تساقط) أي تساقط النخلة رطبا جنيا عليك، و من فتح التاء و خفف السين: أراد (تتساقط)، فحذف إحدى التاءين، و يكون الفعل مسندا إلى النخلة أيضا و يكون نصب (رطب) على الحال، و حجة من شدد أنه أدغم التاء الثانية في السين اه ملخصا من الكشف لمكي بن أبي طالب (2/ 87، 88).
7- أي قوله تعالى: وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ ... الآية (9) من سورة فاطر. و ما شاكله. قرأ نافع و حفص و حمزة و الكسائي بتشديد الياء، و الباقون بالتخفيف انظر: غيث النفع (ص 329) و الكشف (1/ 339) و النشر (2/ 224، 225).
8- نقل هذا الرأي في معنى الأحرف السبعة عن السخاوي: تلميذه أبو شامة المقدسي في كتابه «المرشد الوجيز» قائلا: و أخبرنا شيخنا أبو الحسن رحمه اللّه في كتابه «جمال القراء» قال: فإن قيل: فأين السبعة التي أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن القرآن أنزل عليها .. و ذكرها. المرشد الوجيز (ص 123). و قد تقدم أن عقد السخاوي عنوانا (ذكر السبعة الأحرف) و ذكر هناك حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم رضي اللّه عنهما، و لم يذكر غير ذلك. و قد ذكرت هناك بعض ما قاله العلماء حول الأحرف السبعة بقدر ما يقتضيه المقام، و قد تعرض لهذا الموضوع كثير من مؤلفي كتب التفسير و القراءات و علوم القرآن.

وَ قُتِلُوا (1) و قتلوا و قاتلوا.

و قوله عز و جل ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (2) يقرأ (3) على سبعة أوجه، و كذلك قوله عز و جل- فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ (53/ ب) أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ (4).

و قوله عز و جل فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا (5) و كذلك (6) نظائره (7).

ص: 584


1- آل عمران (195) ... فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا ... الآية. قرأ الكسائي و حمزة بتقديم المفعول على الفاعل، على أن الواو لا تعطي ترتيبا، فسواء التقديم و التأخير، أو يحمل على التوزيع أي منهم من قتل و منهم من قاتل، و قرأ الباقون ببناء الأول للفاعل و الثاني للمفعول، لأن القتال قبل القتل. انظر: الكشف (1/ 373) و النشر (2/ 246) و إتحاف فضلاء البشر (ص 184).
2- المائدة (75) ... انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ.
3- في د و ظ: تقرأ.
4- الأنعام (35).
5- الأنعام (43).
6- في د و ظ: و لذلك نظائر، و كذلك في المرشد الوجيز.
7- قال أبو شامة: عقب ذكره لكلام شيخه هذا- قلت: يعني في مجموع هذه الكلم من هذه الآيات سبعة أوجه لا في كل كلمة منها، و قد يأتي في غيرها أكثر من سبعة أوجه بوجوه كثيرة، إذا نظر إلى مجموع الكلم دون آحادها ... اه المرشد الوجيز (ص 126).

الطود الراسخ في المنسوخ و الناسخ

اشارة

الطود الراسخ في المنسوخ و الناسخ (1)

الناسخ هو: الخاطب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه

ص: 585


1- لا شك أن موضوع النسخ في القرآن الكريم يعتبر من أهم العلوم المتعلقة به، و لقد اهتم به السلف و الخلف و أولوه عناية فائقة و كل أدلى بدلوه في هذا الميدان الفسيح المترامي الأطراف المتشعب المسالك، و الذي لا زال مثار بحث و تدبر من كثير من العلماء على مر الأزمان، و قد كثر المصنفون فيه فمن مسرف و مفرط فيه، و من مقتصد بين ذلك، و من منكر له بالكلية، و كان من الذين أدلوا بدلوهم في هذا الميدان علم الدين بالسخاوي، حيث ضمن كتابه الذي بين أيدينا هذا العنوان البارز (الطود الراسخ في المنسوخ و الناسخ) و هو في الحقيقة اسم على مسمى فهو كالجبل العظيم الراسي كمّا و كيفا. فقد شبه السخاوي هذا الموضوع بالجبل العظيم في ارتفاع قمته و ضخامة منبته، لتشعب أطرافه من ناحية و خطورته من ناحية أخرى، لأن معرفة الناسخ و المنسوخ ليس بالأمر السهل، بل يجب على من يلج في خضم هذا الموضوع الخطير أن يكون لديه دراية بالقرآن الكريم و السنة المطهرة و أقوال الصحابة الذين عاصروا التنزيل و عرفوا التفسير و التأويل. فليس للعقل فيه مجال حتى يمكنه أن يجد و يجتهد و يستنبط بتفكيره و مهارته، و إنما هو أمر توقيفي ممن لا ينطق عن الهوى صلّى اللّه عليه و سلّم أو ممن شاهدوا الوحي و عرفوا الناسخ من المنسوخ، و ليس عليه إلا أن يعمل فكره في معرفة صحيح ذلك من سقيمه، و أن يغوص في بطون كتب التفسير و علوم القرآن ليقف على ما توصل إليه العلماء الجهابذة في هذا الشأن رحمة اللّه عليهم جميعا، و هذا ما فعله الإمام السخاوي في كلامه على الناسخ و المنسوخ، و سأترك هذا الفصل الضخم يتحدث عن نفسه و ينبئ عما يحمله في طياته و لكن قبل أن أبدأ في تحقيقه أذكر بعض النقاط حول أهمية هذا الموضوع الخطير، ملخصا ذلك من كتاب مناهل العرفان:-- أن هذا الموضوع كثير التعاريج متشعب المسالك طويل الذيل. - أنه كان و لا يزال مثار جدال و خلاف شديد بين العلماء. - أن أعداء الإسلام كالملاحدة و المستشرقين و المبشرين قد اتخذوا من النسخ أسلحة مسمومة طعنوا بها في صدر الإسلام الحنيف و زينوا للناس للنيل من قدسية القرآن الكريم فوقع في شراكهم بعض المغفلين، فأنكروا وقوع النسخ ظنا منهم أنهم ينزهون اللّه تعالى عن التغيير و التبديل. - أن إثبات النسخ يكشف النقاب عن سر التشريع الإسلامي، و يطلع الإنسان على حكمة اللّه تعالى في تربية الخلق و سياسته للبشر و ابتلائه للناس بتجديد الأحكام، و هذا يدل على أن القرآن تنزيل من حكيم حميد. - أن معرفة الناسخ و المنسوخ يهدي الإنسان إلى صحيح الأحكام و ينجو عن نسخ ما ليس بمنسوخ حين لا يجد التعارض بين الآيتين ..» اه. مناهل العرفان: (2/ 173- 174).

لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه (1).

و المنسوخ هو: الحكم الزائل- بعد ثباته بخطاب متقدم- بخطاب واقع بعده متراخ عنه دال على ارتفاعه، على وجه لولاه لكان ثابتا (2).

و أما النسخ: فإنه زوال شرع بشرع متأخر عنه (3).

و النسخ في العربية.

أ) النقل، تقول: نسخت الكتاب، إذا نقلته.

ب) و الإزالة، يقولون: نسخت الشمس الظل، أي أزالته و حلت محله و تقول أيضا، نسخت الريح الأثر، فهذه إزالته لا إلى بدل (4). و نسخ القرآن بمعنى الإزالة.

ص: 586


1- انظر: تفسير ابن عطية (1/ 377). و راجع تفسير القرطبي (2/ 64) فقد تولى شرح هذا التعريف، حتى يكون سالما من الاعتراضات. و هناك تعريفات أخرى للنسخ ذكرت في كثير من كتب التفسير و علوم القرآن و أصول الفقه. راجع الإيضاح لمكي ص 85 و الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 42، و الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (4/ 59)، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 90، و شرح النووي على صحيح مسلم (1/ 35) و بصائر ذوي التمييز (1/ 120)، و تفسير النسفي (1/ 67)، و علم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف (ص 262).
2- و هذا التعريف مبني على تعريف الناسخ الذي ذكره المصنف، و هو أجمع التعاريف- حسب فهمي- و أصحها. و قد عرفه الزركشي بقوله: اختلف العلماء، فقيل: المنسوخ ما رفع تلاوة تنزيله، كما رفع العمل به» اه البرهان في علوم القرآن (2/ 30).
3- و عرفه ابن جزي الكلبي بقوله: و معنى النسخ في الشريعة: رفع الحكم الشرعي بعد ما نزل» اه كتاب التسهيل لعلوم التنزيل 1/ 10 الباب السابع من المقدمة الأولى. و عرفه ابن الجوزي فقال: رفع الحكم الذي ثبت تكليفه للعباد، إما بإسقاطه إلى غير بدل أو إلى بدل» اه. نواسخ القرآن ص 90.
4- انظر: الإيضاح ص: 47، فما بعدها و تفسير ان عطية (1/ 377) و نواسخ القرآن ص 90،و تفسير القرطبي (2/ 62)، و البرهان للزركشي (2/ 29)، و الإتقان للسيوطي (3/ 59) و قلائد المرجان ص 22 و اللسان (3/ 61) (نسخ) و المصباح المنير ص: 603.

و قولنا: ناسخ و منسوخ أمر يختص بالتلاوة.

و أما المتلو فلا يجوز ذلك فيه (1)، و كذلك المجاز أمر يختص بالتلاوة (2). و كلام اللّه عزّ و جلّ (3): قديم (4) لم يزل موجودا، و كان قبل إيجاد الخلق غير مكتوب و لا مقروء، ثم بالإنزال كان مقروءا و مكتوبا و مسموعا و لم ينتقل بذلك من حال إلى حال كما أن الباري عز و جل قبل خلق العباد لم يكن معبودا، و إنما عبد بعد إيجاد العباد و لم يوجب له ذلك تفسيرا سبحانه. و حكمة النسخ: اللطف بالعباد و حملهم على ما فيه إصلاح لهم (5).

و لم يزل الباري عز و جل عالما بالأول و الثاني، و بمدة الأول و ابتداء مدة الثاني قبل إيجاد خلقه و تكليفهم ذلك و نقلهم عنه إلى غيره، و ما زال عز و جل مريدا للأول إلى زمن نسخه مريدا (لازالته (6) و حكمه) إلى بدل أو إلى غير بدل (7)، و كلامه صفة له،

ص: 587


1- أي أن الناسخ قد يرفع حكم المنسوخ و تبقى ألفاظه.
2- لأن المجاز يتعلق بالألفاظ، و الألفاظ أوعية للمعاني.
3- سبق في آخر فصل (الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز) من هذا الكتاب أن تعرض المصنف لقضية كلام اللّه تعالى و أنه كلام رب العالمين غير مخلوق قال: و على ذلك أئمة المسلمين، و فند آراء المعتزلة القائلين بخلق القرآن، و قد سقت بعضا من كلام العلماء في ذلك تأييدا لما ذكره السخاوي فانظره هناك.
4- ذكر شارح الطحاوية أن الناس افترقوا في مسألة الكلام إلى تسعة أقوال، ثم ذكرها ناسبا كل قول إلى قائله. و أنا أنقل هنا القول التاسع منها، و هو الموافق لما ذكره السخاوي تبعا لأهل الحديث و غيرهم من أئمة السلف. قال: و التاسع أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء و متى شاء و كيف شاء، و هو يتكلم به بصوت يسمع، و أن نوع الكلام قديم، و أن لم يكن الصوت المعين قديما، و هذا هو المأثور عن أئمة الحديث و السنة اه شرح العقيدة الطحاوية ص: 180.
5- انظر: الإيضاح ص: 56. و راجع بصائر ذوي التمييز فقد ذكر الفيروزآبادي ست حكم من حكم النسخ (1/ 121). قال الزرقاني: إن معرفة الحكمة تريح النفس و تزيل اللبس و تعصم من الوسوسة و الدس، خصوصا في مثل هذا الموضوع الخطير (النسخ) الذي كثر منكروه و تصيدوا لإنكاره الشبهات من هنا و هناك ثم ذكر كثيرا من الحكم المتعلقة بالنسخ، و هي كلها تؤول إلى ما فيه صلاح البشرية و استقامة أمرها في معاشها و معادها. انظر مناهل العرفان (2/ 194) فما بعدها.
6- هكذا في الأصل: لإزالته و حكمه. و في بقية النسخ: لإزالة حكمه. و هو الصواب.
7- يشير السخاوي في هذا إلى الفرق بين النسخ و البداء- بفتح الباء و الدال- و هو ظهور الشي ء بعد خفائه، كقوله تعالى: وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ الزمر: 48، أو نشأة رأى جديد لم يكن من قبل كقوله سبحانه ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ يوسف: 35 أي نشأ لهم في يوسف رأي جديد. فالسخاوي- رحمه اللّه- يقصد بهذا الرد على القائلين بالبداء، أي أن اللّه تعالى كان يأمر بالأمر، ثم يبدو له خلاف ذلك، فينسخه و يأتي بغيره، تعالى اللّه عن قولهم علوا كبيرا. راجع ما ذكره النحاس في الفرق بين النسخ و البداء في الناسخ و المنسوخ له ص: 8، و الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (4/ 68) و مناهل العرفان للزرقاني (2/ 181).

لا تغيير فيه و لا تبديل (1).

و حقيقة التخصيص و الاستثناء تخالف حقيقة النسخ (2)، لأن التخصيص: أن يجي ء اللفظ عاما و المراد بعض متناولاته، فإذا أتى ما دل على أن المراد غير ظاهر اللفظ ظهر التخصيص.

و قالوا في حده: إخراج بعض ما تناوله الخطاب (3).

و لأن الاستثناء: صيغة دالة على أن المستثني غير داخل في الخطاب، فالتخصيص قريب من معنى الاستثناء، إلا أن الاستثناء لا يكون إلا بحرف دال على إخراج المستثنى، لهذا قالوا في حده: صيغة دالة.

و دلالة التخصيص: أما بنص آخر أو إجماع أو قرينة (4).

ص: 588


1- و بنحو هذا الذي ذكره السخاوي ذكر غيره من العلماء. فقد قال مكي: «أعلم أن اللّه جل ذكره هو الآمر فوق كل أمر، قد علم ما سيكون قبل أن يكون و كيف يكون ... فهو تعالى قد علم ما يأمر به خلقه و يتعبدهم به، و ما ينهاهم عنه قبل كل شي ء، و علم ما يقرهم عليه من أوامره و نواهيه و ما ينقلهم عنه إلى ما أراد من عبادته، و علم وقت ما يأمرهم و ينهاهم، و وقت ينقلهم عن ذلك قبل أمره لهم و نهيه بلا أمد ...» اه. انظر بقية كلامه في الإيضاح ص 55- 56.
2- قال مكي: «أعلم أن النسخ و التخصيص و الاستثناء يجتمعن في معنى أنها كلّها لإزالة حكم متقدم قبلها، و يفترقن في معان أخر. فالنسخ: إزالة حكم المنسوخ كله بغير حرف متوسط ببدل حكم آخر أو بغير بدل في وقت معين، فهو بيان الأزمان التي انتهى إليها العمل بالفرض الأول، و منها ابتدأ الفرض الثاني الناسخ للأول. و التخصيص: إزالة بعض الحكم بغير حرف متوسط، فهو بيان الأعيان الذين عمهم اللفظ، أي أن بعضهم غير داخل تحت ذلك اللفظ. و الاستثناء: مثل التخصيص إلا أنه لا يكون إلا بحرف متوسط. و لا يكون إلا متصلا بالمستثنى منه ...» اه الإيضاح ص: 85. و راجع الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري: (4/ 66).
3- أو قصر العام على بعض أفراده. مناهل العرفان (2/ 184). و قد ذكر الزرقاني سبعة فروق بين النسخ و التخصيص فلتنظر.
4- انظر: الإيضاح ص 85- 86.

1- فالتخصيص نحو قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ (1) بعد قوله عز و جل: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ (2) و لو كان هذا نسخا لكانت آية البقرة المراد بها: الكتابيات. و قد روى عن ابن عباس- رضي اللّه عنه أنه قال: (آية المائدة ناسخة لآية البقرة) (3).

و قال قائلون: لا يصح هذا، إلا على أن تكون آية البقرة في المشركات من أهل الكتاب (4).

و أقول: أن هذا (5) الذي قالوه غير مستقيم، فإن قولنا: نسخ و تخصيص و استثناء: اصطلاح وقع بعد ابن عباس، و كان ابن عباس يسمى ذلك نسخا (6).

ص: 589


1- المائدة: آية 5. الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ .. إلى قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ...
2- البقرة: آية: 221.
3- ذكره السيوطي و عزاه إلى أبي داود في ناسخه عن ابن عباس. الدر المنثور (1/ 614). و قد ذكر الطبري رواية عن ابن عباس تدل على أن اللّه تعالى استثنى من عموم المشركات نساء أهل الكتاب، و ذكر أقوال أهل التأويل في المعنى المراد من آية البقرة. ثم قال: و أولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة من أن اللّه تعالى ذكره عني بقوله وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ: من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات، و أن الآية عام ظاهرها، خاص باطنها، لم ينسخ منها شي ء، و أن نساء أهل الكتاب داخلات فيها. ثم أخذ يدلل على ذلك إلى أن قال: فقول القائل: هذه ناسخة، هذه دعوى لا برهان له عليها، و المدعي دعوى لا برهان له عليها متحكم، و التحكم لا يعجز عنه أحد» اه جامع البيان (2/ 377، 378). و راجع الإيضاح في ناسخ القرآن و منسوخة لمكي ص 88، و أضواء البيان للشنقيطي (1/ 204).
4- قال مكي:- عقب ذكره لرواية ابن عباس (ان آية المائدة ناسخة لآية البقرة)-. قال: و هذا إنما يجوز على أن تكون آية البقرة يراد بها الكتابيات خاصة، حرّمن إلى وقت، ثم نسخت بآية المائدة في وقت آخر ... فبيّن الأزمان بالنسخ، و ذهب الحكم الأول بكليته. و الاستثناء و التخصيص يزيلان بعض الحكم الأول، و النسخ يزيل الحكم كله فاعرفه، و يكون تحريم نكاح المشركات من غير أهل الكتاب بالسنة فكون آية المائدة مخصصة لآية البقرة أولى من كونها ناسخة لها، ليكون تحريم نكاح المشركات من غير أهل الكتاب بنص القرآن اه الإيضاح ص 88- 89. و هذا هو الحق، و هو ما قرره الطبري و مكي و غيرهما، من أن هذا من باب التخصيص و ليس من النسخ في شي ء، و اللّه أعلم.
5- (هذا): ساقط من د و ظ.
6- و مما يدل على هذا أن في هذه الآية نفسها أي وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ذكر الطبري عن ابن عباس و الربيع أنه استثنى من ذلك نساء أهل الكتاب. و ذكر ابن القيم بسندين و ألفاظ متقاربة عن محمد بن سيرين عن حذيفة أنه قال: (إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: رجل يعلم ناسخ القرآن و منسوخه ...). قال ابن القيم: «و مراده و مراد عامة السلف بالناسخ و المنسوخ رفع الحكم بجملته تارة- و هو اصطلاح المتأخرين- و رفع دلالة العام و المطلق و الظاهر و غيرها تارة، أما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد و تفسيره و تبيينه، حتى انهم يسمون الاستثناء و الشرط و الصفة نسخا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر و بيان المراد. فالنسخ عندهم، و في لسانهم: هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه، و من تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، و زال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر» اه. إعلام الموقعين (1/ 35).

و لو وقع الاصطلاح على تسمية جميع ذلك نسخا- و يكون النسخ على ثلاثة أضرب (1)- لم يمتنع لاجتماع المعاني الثلاثة في الإزالة للحكم المتقدم.

و الناسخ/ يكون مدنيا لا غير (2). (54/ أ) فأما أن ينسخ مكيا، أو ينسخ (3) مدنيا نزل قبله (4).

و قد تقدم ذكر المدني و المكي (5)، و نزيد هنا فنقول: و الربيع أنه استثنى من ذلك نساء أهل الكتاب.

و ذكر ابن القيم بسندين و ألفاظ متقاربة عن محمد بن سيرين عن حذيفة أنه قال: (إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: رجل يعلم ناسخ القرآن و منسوخه ...).

قال ابن القيم: «و مراده و مراد عامة السلف بالناسخ و المنسوخ رفع الحكم بجملته تارة- و هو اصطلاح المتأخرين- و رفع دلالة العام و المطلق و الظاهر و غيرها تارة، أما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد و تفسيره و تبيينه، حتى انهم يسمون الاستثناء و الشرط و الصفة نسخا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر و بيان المراد.

فالنسخ عندهم، و في لسانهم: هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه، و من تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، و زال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر» اه. إعلام الموقعين (1/ 35).

ص: 590


1- أي و يكون برفع الحكم و إزالته، أو باستثناء بعض أفراده، أو بتخصيص عمومه، فإن هذه المعاني الثلاثة تشترك في معنى الإزالة و اللّه أعلم.
2- أما القول بنسخ المكي للمكي فهو أمر لم يتفق عليه بين العلماء، و هو قليل، و قد مثل له مكي بن أبي طالب بقوله تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا الآية 7 من سورة غافر؛ قال: قال ابن وهب: «هذا ناسخ لقوله في (عسق) وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ الآية 5 من سورة الشورى. قال: و هو من نسخ المكي للمكي، و هو قليل غير متفق عليه» اه الإيضاح ص 399. و هذا قول مرجوح لأن كليهما خبر. و قد نقل السيوطي هذا عن مكي، ثم قال: و أحسن من هذا نسخ قيام الليل في أول سورة المزمل بآخرها، أو بإيجاب الصلوات الخمس، و ذلك بمكة اتفاقا» اه الإتقان (3/ 71).
3- في د و ظ: و أما ينسخ.
4- قال مكي: و هذان الأصلان عليهما كل الناسخ و المنسوخ، و لا يجوز أن ينسخ المكيّ المدنيّ. قال: و يجوز أن ينسخ المكيّ المكيّ الذي نزل قبله، كما جاز أن ينسخ المدنيّ المدنيّ الذي نزل قبله ..» اه الإيضاح ص 113.
5- و ذلك في أول هذا الكتاب تحت عنوان (نثر الدرر في ذكر الآيات و السور).

1- كل سورة فيها (كلا) (1) فهي مكية.

2- و كل سورة افتتحت بالحروف فهي مكية إلا البقرة و آل عمران، و اختلف في الرعد.

3- و كل سورة فيها قصة آدم- عليه السلام- و إبليس- لعنه اللّه- فهي مكية إلا البقرة.

4- و ما فيه (2) ذكر المنافقين فهو مدني (3).

5- و قيل ما كان من السور فيه القصص و الأنباء عن القرون فهي مكية (4).

6- و ما فيه فريضة أو حد فهو مدني.

7- و قيل: ما فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* فهو مدني، و ما فيه يا أَيُّهَا النَّاسُ* و لم يكن فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* فهو مكي (5).

ص: 591


1- ذكر هذا اللفظ في القرآن الكريم ثلاثا و ثلاثين مرة، في خمس عشرة سورة، كلها في النصف الأخير من القرآن الكريم. انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن ص 619، و مناهل العرفان (1/ 196)، و تاريخ المصحف (ص: 102).
2- في ظ: و ما فيها.
3- سوى العنكبوت. انظر: البرهان (1/ 188)، و الإتقان (1/ 48). و قد سبق أثناء الكلام على نثر الدرر في ذكر الآيات و السور من هذا الكتاب أن الآيات الإحدى عشرة الأولى من سورة العنكبوت مدنية و الباقي مكية. و أضيف هنا قول الزرقاني: و «التحقيق أن سورة العنكبوت مكية ما عدا الآيات الإحدى عشرة الأولى منها فإنها مدنية، و هي التي ذكر فيها المنافقون» مناهل العرفان (1/ 198).
4- في بقية النسخ فهو مكي.
5- لمعرفة هذه الفروق راجع الإيضاح لمكي ص 114، و البرهان للزركشي (1/ 188)، و الإتقان (1/ 48). و قلائد المرجان في بيان الناسخ و المنسوخ في القرآن ص 37. و بالنسبة للعلامة الأخيرة التي ذكرها السخاوي فهي من العلامات التي وضعها العلماء لتمييز المكي من المدني. و لكن قال بعضهم: إن هذا ليس على إطلاقه و ليست هذه العلامة مطردة، و إنما هي الأكثر و الأغلب، حيث قد وجد بعض الآيات و السور مصدرة ب يا أَيُّهَا النَّاسُ* و هي مدنية كقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... الآية 21 من سورة البقرة، و هي مدنية، و كأول سورة النساء المبدوءة ب يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ... و هي أيضا مدنية. انظر البرهان (1/ 190)، و الإتقان (1/ 47)، و مناهل العرفان (1/ 194) و تاريخ المصحف ص 103)، هذا و قد زاد بعضهم ضوابط و علامات لمعرفة المكي و المدني غير هذه التي ذكرها السخاوي: 1- منها كل سورة فيها سجدة فهي مكية. 2- ذكر لفظ (بني آدم) في السورة فهي مكية. 3-عناية آى السورة بالدعوة إلى أصول الدين و إلى المقصد الأسمى منه كالإيمان باللّه و توحيده .. الخ فهي مكية. 4- تحدث آى السورة عن مثالب المشركين البغيضة و عاداتهم المنكرة ... الخ فهي مكية. 5- تضمن آيات السورة حث العرب على التحلي بأصول الفضائل و أمهات المكارم ... الخ فهي مكية. و هذه العلامات الثلاث الأخيرة: بحسب الغالب، إذ قد توجد بعض الآيات في سور مدنية مشتملة على ما اشتملت عليه الآيات المكية و العكس. 6- و من علامات المدني: طول أكثر سوره و آياته ... 7- و منها أيضا دعوة أهل الكتاب من اليهود و النصارى إلا الانضواء تحت لواء الإسلام، و إقامة البراهين على فساد عقيدتهم ... 8- اشتمال السورة على بيان قواعد التشريع التفصيلية و الأحكام العملية في العبادات و المعاملات ... الخ. 9- اشتمال السورة على الأذن بالجهاد و بيان أحكامه ... الخ. انظر: تاريخ المصحف (ص 102، 106) التقاطا.

و أما نسخ المكيّ (1) فلم يتفق عليه (2).

و قال العلماء: أول (3) ما نسخ الصلاة إلى بيت المقدس (4). و هذا يدل على أن المكي ليس فيه منسوخ، لأن البقرة مدنية. و النسخ إنما يكون في الأحكام، و لا نسخ في الأخبار، لأن خبر اللّه عز و جل حق، لا يصح أن يكون على خلاف ما هو عليه (5).

و ليس في الفاتحة ناسخ و لا منسوخ.

سورة البقرة: و قد عد قوم من المنسوخ آيات كثيرة ليس فيها أمر و لا نهي، و إنما هي أخبار، و ذلك غلط.

ص: 592


1- كلمة (المكي) الثانية ساقطة من ظ. ظنّا منه أنه مكرر.
2- انظر: الإيضاح ص؛ 113، 399، و سبق قريبا التنويه عنه.
3- في ظ: أولها نسخ الصلاة.
4- سيأتي الكلام عليه قريبا- بإذن اللّه-. و قد قال الفيروزآبادي: و أما ترتيب المنسوخات فأولها الصلوات التي صارت من خمسين إلى خمس، ثم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ... الخ. بصائر ذوي التمييز (1/ 124).
5- لأن المخبر يصير بنسخ خبره كاذبا، و شذ قوم فأجازوا النسخ في الأخبار و الصحيح أن لا نسخ في الأخبار، و ما جاء أنه خبر فهو مقصود به الإنشاء. راجع بصائر ذوي التمييز (1/ 122)، و الإيضاح ص 66، و تفسير القرطبي (2/ 65)، و الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم (4/ 71) و الإتقان (3/ 61) و المصفى ص 12.

2 (1)- نحو قوله تعالى: وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (2) زعموا أنها منسوخة بإيجاب الزكاة (3).

3- و عدوا أيضا من الأوامر و النواهي جملة فقالوا: هي منسوخة نحو قوله عز و جل وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (4).

4- و قوله عز و جل: وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (5)، و ذلك لا يصح، و متى كان للخطاب طريق في الحكم بأنه محكم كان أولى من حمله على أنه منسوخ (6).

ص: 593


1- الرقم الأول، أي نمرة واحد، تقدم عند قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ. ص 589. و رد السخاوي على من جعل ذلك من باب الناسخ و المنسوخ، و إنما هو من باب التخصيص، كما سبق.
2- البقرة: 3.
3- حكاه هبة اللّه بن سلامة ص 32. و قد رد ابن الجوزي القول بأنها منسوخة، و قال: «بل الصحيح أنها محكمة باقية على عمومها». انظر نواسخ القرآن ص 128، و المصفى بأكف أهل الرسوخ ص: 14، و كذلك فعل السيوطي، حيث قال: «إن هذا القسم ليس من النسخ في شي ء،، و لا من التخصيص و لا له بهما علاقة بوجه من الوجوه، بل حكمها باق، و هي خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق، و ذلك يصلح في الزكاة و في غيرها» اه باختصار. الإتقان (3/ 63).
4- البقرة: 83 قال مكي: من قال: إن معنى الآية: سالموا الناس، و قابلوهم بالقول الحسن جعلها منسوخة بآية السيف، و هو قول قتادة. و من قال: معناها: مروهم بالمعروف و انهوهم عن المنكر، قال: هي محكمة إذ لا يصلح نسخ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و هو قول عطاء» اه الإيضاح ص 124. و راجع الناسخ و المنسوخ لعبد القاهر البغدادي ص 170. و قد حكى الفيروزآبادي القولين، أي أنها منسوخة بآية السيف و قيل محكمة. البصائر (1/ 136). قال السيوطي: عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف، و قد غلطه ابن الحصار بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه، و قس على ذلك» اه الإتقان (3/ 64). و أقول: إن القول باحكامها هو الحق- إن شاء اللّه تعالى- فإن الآية سيقت لحكاية ما أخذ اللّه على بني إسرائيل من الميثاق بأن يقولوا للناس حسنا، و هو عام شامل لكل الناس، و اللّه أعلم.
5- البقرة: 190 و الصحيح أن الآية محكمة كسابقتها. انظر تفسير الطبري (2/ 190)) و الإيضاح ص 156، و نواسخ القرآن ص: 181. و سيأتي مزيد بيان للكلام حولها- إن شاء اللّه تعالى- و ذلك عند قوله تعالى: وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا ... الآية: 190، من سورة البقرة ص 609.
6- قال النووي:. «مهما أمكن حمل كلام الشارع على وجه يكون أعم للفائدة تعين المصير إليه ..» اه شرح مسلم (1/ 35).

5- نحو قوله عز و جل: فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ (1)، فحمل هذا على أنه محكم أولى (2).

6- و أما قول عطاء في قوله عز و جل: لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا (3) أنه ناسخ لما كانوا عليه من قولهم في الجاهلية و الإسلام: راعنا سمعك، أي فرغه لنا، لما وجد اليهود بهذه الكلمة سبيلا إلى السب (4)، لأنها في كلامهم سب (5)، فليس ذلك بصحيح.

و لو كان ذلك ناسخا لكان جميع ما أمرهم به من مكارم الأخلاق، و مما يستحسن في القول و الفعل ناسخا لما كانوا عليه (6)، و لهذه الآية نظائر كثيرة.

و كل ما (7) قيل في ذلك بأنه ناسخ لعادة جرت أو شريعة تقدمت، فهذه سبيله، فأعلم ذلك.

ص: 594


1- البقرة: 109.
2- قال السيوطي: و هذا من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ، و قد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد، كقوله فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ و غيرها من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية و قد أخطأ من أدخلها في المنسوخ» اه الإتقان (3/ 64). و كان السيوطي قد نقل قبل ذلك قول مكي بن أبي طالب: ذكر جماعة أن ما ورد في الخطاب مشعر بالتوقيت و الغاية مثل قوله فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا .. محكم غير منسوخ، لأنه مؤجّل بأجل، و المؤجّل بأجل لا نسخ فيه» اه المصدر نفسه (3/ 61).
3- البقرة: 104 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا ... الآية.
4- في ظ: السبب.
5- ذكره بنحوه مختصرا الطبري بسنده عن عطاء و غيره، إلا إنه لم يذكر في ذلك نسخا. انظر: تفسيره (2/ 470). و ذكره الواحدي مطولا، قال: قال ابن عباس في رواية عطاء: و ذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم أعجبهم ذلك، و كان (راعنا) في كلام اليهود سبأ قبيحا، فقالوا: إنا كنا نسب محمدا سرا، فالآن أعلنوا السب لمحمد، فإنه من كلامه، فكانوا يأتون نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فيقولون: يا محمد (راعنا) و يضحكون، ففطن بها رجل من الأنصار، و هو سعد بن عبادة، و كان عارفا بلغة اليهود، و قال: يا أعداء اللّه، عليكم لعنة اللّه، و الذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه، فقالوا: أ لستم تقولونها؟! فأنزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا ... الآية اه. أسباب النزول ص 18 و راجع الدر المنثور (1/ 252).
6- قال مكي: «و قد كان حق هذا ألا يذكر في الناسخ، لأنه لم ينسخ قرآنا، إنما نسخ ما كانوا عليه، و أكثر القرآن على ذلك» اه الإيضاح ص 125، و راجع الإتقان (3/ 64). و سيأتي مزيد بيان حول هذا- إن شاء اللّه تعالى- عند قوله تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ الآية فانظره هناك ص 601 من هذا الفصل.
7- في ظ: و كلما.

- قوله عز و جل: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1) الآية.

قالوا: هي ناسخة للصلاة إلى بيت المقدس قالوا: و الصلاة إلى بيت المقدس، أول ما نسخ (2).

و هذا ليس بناسخ لقرآن، (لأن الصلاة التي للنبي) (3) صلّى اللّه عليه و سلّم لم تكن بقرآن أنزل عليه (4).

و قال ابن عباس- رضي اللّه عنهما- (أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة قال اللّه لنبيه صلّى اللّه عليه و سلّم (و للّه المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه اللّه) (5). فصلى النبي (6) صلّى اللّه عليه و سلّم نحو بيت المقدس ثم صرف إلى البيت (7) العتيق (8)) فعلى هذا تكون الآية ناسخة لقوله سبحانه فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (9) لأنه سبحانه أباح له صلّى اللّه عليه و سلّم استقبال ما شاء من الجهات ثم نسخه بما ذكرنا (10).

ص: 595


1- البقرة: 144.
2- انظر الإيضاح ص 126، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 15 و ابن سلامة ص 41.
3- هكذا في الأصل: لأن الصلاة التي للنبي، و في بقية النسخ: لأن صلاة النبي ... الخ و هو الصواب.
4- و الصحيح أن الآية محكمة و ليست منسوخة كما يقول ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 149، و ابن حجر في الفتح (8/ 194)، و الكرمي في قلائد المرجان ص 115، و الزرقاني في المناهل (2/ 256).
5- البقرة: 115.
6- في د: فصلى اللّه، صلّى اللّه عليه و سلّم!.
7- من هنا حصل سقط في (ظق) بمقدار ورقة، تبدأ من كلمة (العتيق) و تنتهي عند عبارة (و الذكر و الأنثى، و قد مر الكلام .. الخ) الآتية.
8- رواه النسائي مختصرا في كتاب الطلاق باب ما استثنى من عدة الطلاق (6/ 187). و أخرجه أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ ص 146، و الحاكم بلفظ أطول و قال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، و لم يخرجاه بهذه السياقة»، و وافقه الذهبي (انظر المستدرك كتاب التفسير 2/ 267) و زاد السيوطي عزوه، إلى ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي في سننه كلهم عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- الدر المنثور ( (1/ 265). و ذكره الواحدي في أسباب النزول ص 21، و القرطبي في تفسيره 2/ 83.
9- الآية 115 من سورة البقرة.
10- و يروي هذا عن قتادة و مجاهد انظر سنن الترمذي أبواب التفسير (8/ 294)، و انظر الناسخ و المنسوخ لقتادة ص: 32. قال الفخر الرازي: «أن فسرنا الآية بأنها تدل على تجويز التوجه إلى أي جهة أريد، فالآية منسوخة، و أن فسرناها بأنها تدل على نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة فالآية ناسخة، و أن فسرناها بسائر الوجوه، فهي لا ناسخة و لا منسوخة» اه. ... و قال: إن قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ مشعر بالتخيير، و التخيير لا يثبت إلا في صورتين: أحدهما: في التطوع على الراحلة، و ثانيهما: في السفر عند تعذر الاجتهاد للظلمة أو لغيرها، لأن في هذين الوجهين المصلي مخير، فأما على غير هذين الوجهين فلا تخيير ... اه 4/ 19. و سيذكر المصنف الأدلة على هاتين الصورتين- أعني التطوع على الراحلة حيثما توجهت به الراحلة، أو الصلاة المكتوبة عند تعذر معرفة القبلة. و قال ابن الجوزي: و أعلم أن قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ليس فيه أمر بالتوجه إلى بيت المقدس و لا إلى غيره، بل هو دال على أن الجهات كلها سواء في جواز التوجه إليها. ثم قال: فأما التوجه إلى بيت المقدس، فاختلف العلماء، هل كان برأي النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و اجتهاده أو كان عن وحي؟ فروى عن ابن عباس و ابن جريج أنه كان عن أمر اللّه تعالى له. و قال الحسن و عكرمة و أبو العالية و الربيع: بل كان برأيه و اجتهاده ... ثم ذكر أدلة القولين. نواسخ القرآن ص 146، 148. و الذي يظهر أنه يميل إلى أن ذلك كان باجتهاد منه صلّى اللّه عليه و سلّم و اختياره، بدليل ذكره لخلاف العلماء في سبب اختياره بيت المقدس و اللّه أعلم.

و قال عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنه- (نزلت في صلاة التطوع،، يصلي حيثما توجهت به الراحلة) (1).

و قيل: نزلت في قوم عمّيت عليهم القبلة، فصلوا باجتهادهم إلى جهات مختلفة- فأعلموا أن صلاتهم جائزة (2).

و روى عامر بن ربيعة (3) عن أبيه (4) (كنا مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في سفر

ص: 596


1- روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده إلى عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يصلي و هو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: و فيه نزلت فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اه. ثم ذكر مسلم أحاديث تدل على أنه كان صلّى اللّه عليه و سلّم يصلي صلاة التطوع حيثما توجهت به الراحلة. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (5/ 209). و رواه الترمذي في أبواب التفسير باب و من سورة البقرة (8/ 292)، و راجع أسباب النزول للواحدي ص 20، 21، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 141.
2- انظر حديث عامر بن ربيعة الآتي:
3- الذي روى عن أبيه هو عبد اللّه بن عامر بن ربيعة و ليس عامر هو الذي روى عن أبيه، كما في صحيح؛ مسلم (5/ 212) و سنن الترمذي: (2/ 321) فهو عبد اللّه بن عامر بن ربيعة، حليف بني عدي، أبو محمد، ولد على عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، مدني تابعي ثقة، من كبار التابعين، مات سنة بضع و ثمانين. التقريب (1/ 425)، و تاريخ الثقات ص 263.
4- عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك، حليف آل الخطاب، صحابي مشهور أسلم قديما و هاجر، و شهد بدرا، مات سنة 33 ه، و قيل غير ذلك. انظر التقريب (1/ 387)، و مشاهير علماء الأمصار ص 33، و الإصابة (5/ 277) رقم 4374.

فتغيمت (1) السماء، و أشكلت علينا القبلة، فصلينا و علّمنا (2)، فلما طلعت الشمس إذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة، فنزلت فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (3).

8- و من هذا: قول الحسن البصري في قوله عز و جل: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى (4) أنها نزلت في نسخ التراجع الذي كانوا يفعلونه إذا قتل الرجل امرأة كان أولياؤها بالخيار بين قتله مع تأدية نصف ديته، و بين أخذ دية الرجل أو تركه (5)، و أن كان قاتل الرجل امرأة، كان أولياء المقتول بالخيار بين قتل المرأة، و أخذ نصف دية الرجل، فإن (6) شاءوا أخذوا الدية كاملة، و لم يقتلوها.

قال: فنسخت هذه الآية ما كانوا يفعلونه) (7) اه.

ص: 597


1- الغيم: السحاب، و قد غامت السماء و أغامت و أغيمت و تغيمت و غيمت، كله بمعنى واحد. اللسان (12/ 446) (غيم).
2- و علمنا- بتشديد اللام المفتوحة- أي وضعنا أعلاما و خطوطا، تدل على الجهة التي صلينا إليها، حتى نعرف أصبنا أم أخطأنا.
3- رواه الترمذي بنحوه بسنده إلى عبد اللّه بن عامر بن ربيعة عن أبيه. أبواب الصلاة باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم (2/ 321)، و قال: هذا حديث ليس إسناده بذاك. قال: و قد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا، قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم استبان له بعد ما صلى أنه صلى لغير القبلة، فإن صلاته جائزة، و به يقول سفيان الثوري و ابن المبارك و إسحاق اه. و هذا ما رجحه ابن الجوزي، فقد قال: و هذا الحكم باق عندنا و أن من اشتبهت عليه القبلة فصلى بالاجتهاد فصلاته صحيحة مجزية، و هو قول سعيد بن المسيب و مجاهد و عطاء و الشعبي و النخعي، و أبي حنيفة ..) اه نواسخ القرآن ص 140، و قد أعاد الترمذي ذكره في أبواب التفسير باب و من سورة البقرة: (8/ 292)، و قال فيه: حديث غريب) اه.
4- البقرة: (178).
5- في د و ظ: و تركة.
6- في د و ظ: و ان شاءوا.
7- ذكره بنصه النحاس و مكي بن أبي طالب و أبو حيان. انظر الإيضاح ص 136، و الناسخ و المنسوخ ص 20، و البحر المحيط 2/ 10، و ذكره الطبري عن علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- لكن دون أن يذكر أنها نسخت التراجع الذي كانوا يفعلونه. انظر جامع البيان (2/ 105)، و عزاه القرطبي إلى علي بن أبي طالب أيضا و الحسن بن أبي الحسن البصري، و قال: روى هذا الشعبي عن علي و لا يصح، لأن الشعبي لم يلق عليا اه تفسيره (2/ 248). قال الفخر الرازي: و هو أيضا ضعيف عند النظر، لأنه قد ثبت أن الجماعة تقتل بالواحد و لا تراجع، فكذلك يقتل الذكر بالأنثى و لا تراجع، و لأن القود نهاية ما يجب في القتل فلا يجوز وجوب غيره معه اه. تفسيره (5/ 15).

فإن كانت هذه الآية نزلت في ذلك فهي محكمة، و لا يقال: إنها ناسخة لفعلهم لأن فعلهم ذلك لم يكن بقرآن نزل و لا هو حكم من أحكام اللّه عز و جل (1).

و لا يقال:- أيضا- لذلك الفعل الذي كانوا يفعلونه منسوخ.

لأنه لم يكن حكما ثابتا بخطاب سابق لهذا الخطاب.

و عن ابن عباس: (أن هذه الآية منسوخة بقوله عز و جل في المائدة: وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2) فهذه أوجبت قتل الرجل بالمرأة و المرأة بالرجل و الحر بالعبد و العبد بالحر) (3)، و ليس هذا مما أصححه عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- لأن هذه الآية إنّما هي (4) أخبار من اللّه عزّ و جلّ بما أنزل في (5) التوراة.

فإن قيل: فقد قال: بعد ذلك-: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ (6)، قلت: أراد سبحانه أن اليهود خالفوا التوراة، و لم يحكموا بها، و قال بعد ذلك: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ

ص: 598


1- انظر: تفسير أبي حيان (2/ 10).
2- المائدة: (45).
3- رواه النحاس في الناسخ عن ابن عباس ص 20، و في سنده جويبر بن سعيد الأزدي صاحب الضحاك، ضعيف جدا، ليس بشي ء، توفي نحو 140 ه. التقريب (1/ 136) و الميزان (1/ 427)، و أيضا فإن أبا عبيد يقول: إن ابن عباس يذهب إلى أن آية المائدة ليست بناسخة للتي في البقرة، و لكنها كالمفسرة لها، فهما محكمتان. انظر الناسخ و المنسوخ له ص 336. و قد ذكر كل من مكي، و ابن الجوزي النسخ عن ابن عباس ورداه. قال مكي: و هذا لا يجوز عند جماعة من العلماء .. اه الإيضاح ص 134. و قال ابن الجوزي: و هذا القول ليس بشي ء لوجهين: أحدهما: أنه إنما ذكر في آية المائدة ما كتبه على أهل التوراة، و ذلك لا يلزمنا ... و الثاني: أن دليل الخطاب عند الفقهاء حجة ما لم يعارضه دليل أقوى منه، و قد ثبت بلفظ الآية أن الحر يوازي الحر فلأن يوازي العبد أولى، ثم أن أول الآية يعم، و هو قوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ، و إنما نزلت فيمن كان يقتل حرا بعبد و ذكرا بأنثى، فأمروا بالنظر بالتكافؤ اه نواسخ القرآن ص 156، 157، و انظر: زاد المسير (1/ 180).
4- (إنما هي): ساقطة من ظ: و كان الناسخ أضافها في الحاشية إلا أنها لم تظهر.
5- (في): ساقطة من ظ.
6- أي آخر الآية سالفة الذكر ... وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً (1).

فأعلمنا سبحانه أن (2) لنا شرعة تخالف شرعتهم، و منهاجا يخالف منهاجهم. و قال الشعبي و غيره: آية البقرة نزلت في قوم اقتتلوا، فقتل بينهم جماعة كثيرة، و كانت احدى الطائفتين تعاظمت على الاخرى، و أرادت أن تقتل بالعبد منها الحر من الاخرى، و بالأنثى الرجل، فنزلت (3).

ثم هي لمن أراد مثل ما طلبوا (4).

قال هؤلاء: فهي محكمة، و ليس هذا بصحيح، فإن الرجل يقتل بالمرأة (5) عند عامة الفقهاء (6).

إلّا ما ذكر عن (7) عمر بن عبد العزيز و الحسن البصري و عطاء و عكرمة (8)، إلّا أن يريدوا قتل الرجل الحر بالأمة، فيكون قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى أي الأنثى من الاماء بالأنثى منهن أي لا يقتل (9) بالأمة الرجل الحر، إنما (10) يقتل بها أنثى

ص: 599


1- المائدة (48).
2- في ظ: فأعلمنا سبحانه و أن لنا شرعة ... الخ. حيث أقحمت الواو.
3- ذكر هذا الطبري بسنده إلى الشعبي و قتادة و مجاهد. انظر: جامع البيان (2/ 103)، و عزاه النحاس و الواحدي إلى الشعبي. انظر الناسخ و المنسوخ ص 20، و أسباب النزول ص: 26. و نسبه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير. انظر: أسباب النزول له ص 65، و الدر المنثور (1/ 418).
4- انظر الإيضاح ص 135.
5- في الأصل: حصل تداخل في بعض العبارات هنا، فاستدرك الناسخ ذلك في الحاشية، و لم يغير في الصلب.
6- انظر: تفسير الطبري (2/ 105)، و الإيضاح ص 136- 137 قال القرطبي: «و أجمع العلماء على قتل الرجل بالمرأة و المرأة بالرجل و الجمهور لا يرون الرجوع» بشي ء اه الجامع لأحكام القرآن (2/ 248)، قال الشوكاني: و هو الحق اه انظر: فتح القدير (1/ 175). و راجع المسألة مفصلة في تفسير القرطبي و نيل الأوطار (7/ 16).
7- في ظ: إلا ما ذكر عن ابن عبد العزيز، و كان الناسخ أضافها في الحاشية إلا أنها لم تظهر.
8- قال أبو حيان: و هذا خلاف شاذ. انظر: البحر المحيط: 2/ 11. و قد قال هؤلاء و من نحا نحوهم: لا يقتل الرجل بالمرأة و إنما تجب الدية. راجع نيل الأوطار (7/ 16).
9- في ظ: لا تقتل.
10- في ظ: بما.

مثلها أو عبد مثلها، و فيه بعد، لأن قوله عزّ و جلّ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى يقتضي ألا تقتل الأنثى إلّا بأنثى (1) (2).

و قيل: إنهم أرادوا قتل امرأتين بامرأة، و قتل رجلين برجل (3)، فعلى هذا يصح معنى الآية.

و قال السدي و غيره: اقتتل فريقان على عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فأمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في ديات قتلاهم، ديات النساء بديات النساء، و ديات الرجال بديات الرجال (4).

قال هؤلاء: فهي في شي ء بعينه، و هي على هذا الحكم باقية لمن أتى بعدهم، و هي محكمة (5).

و على هذا الذي ذكروه يصح تأويل الآية و معناها أيضا.

و ذهب سعيد بن المسيب و الثوري، و النخعي، و قتادة، و أبو حنيفة، و أصحابه، إلى أن آية البقرة منسوخة بقوله عزّ و جلّ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ فأجروا القصاص بين الحر و العبد (6) و الذكر و الأنثى (7)، و قد مرّ الكلام على أنها غير

ص: 600


1- في ظ: بالأنثى.
2- و تقتل الأنثى بالرجل من باب أولى كما سبق قريبا و هو قول الجمهور و قد نقل أبو حيان عن مالك قوله: أحسن ما سمعت في هذه الآية أنه يراد به الجنس الذكر و الأنثى سواء فيه، و أعيد ذكر الأنثى توكيدا و اهتماما بإذهاب أمر الجاهلية اه. البحر المحيط (2/ 11).
3- قال أبو حيان: و كانوا في الجاهلية يفعلون ذلك و يقتلون بالواحد الاثنين و الثلاثة و العشرة اه البحر المحيط (2/ 15).
4- أخرجه ابن جرير بسنده إلى السدي. انظر: جامع البيان 2/ 104، و كان الطبري قد قال قبل ذكره لرواية السدي هذه- قال قوم: «نزلت هذه الآية في فريقين كان بينهم قتال على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقتل من كلا الفريقين جماعة من الرجال و النساء، فأمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أن يصلح بينهم بأن يجعل ديات النساء من كل واحد من الفريقين قصاصا بديات النساء من الفريق الآخر، و ديات الرجال بالرجال، و ديات العبيد بالعبيد ...» اه و انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 20.
5- راجع الإيضاح لمكي ص 136.
6- إلى هنا نهاية الورقة الساقطة من ظق.
7- قال الشوكاني: و قد استدل القائلون بأن الحر لا يقتل بالعبد بقوله تعالى الْحُرُّ بِالْحُرِّ ... و هم الجمهور، و ذهب أبو حنيفة و أصحابه، و الثوري و ابن أبي ليلى و داود إلى أنه يقتل به. قال القرطبي: و روى ذلك عن علي و ابن مسعود، و به قال سعيد بن المسيب و إبراهيم النخعي، و قتادة و الحكم بن عيينة، و استدلوا بقوله تعالى وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، و أجيب بأن آية البقرة مفسرة لآية المائدة، و آية المائدة أيضا حكاية عما شرعه اللّه لبني إسرائيل، و من جملة ما استدل به الآخرون: قوله صلّى اللّه عليه و سلّم «المسلمون تتكافأ دماؤهم»، و أجيب عنه بأنه مجمل و الآية بينته، و لكنه يقال: «ان آية البقرة إنما أفادت بمنطوقها أن الحر يقتل بالحر، و العبد يقتل بالعبد، و ليس فيها ما يدل على أن الحر لا يقتل بالعبد إلا باعتبار المفهوم، فمن أخذ بمثل هذا المفهوم لزمه القول به هنا، و من لم يأخذ بمثل هذا المفهوم لم يلزمه القول به هنا» اه باختصار فتح القدير 1/ 175. فالأولى التعويل على الأحاديث القاضية بأنه لا يقتل الحر بالعبد، و على ما ورد من الأحاديث القاضية بأنه يقتل الذكر بالأنثى. راجع نيل الأوطار 7/ 17.

منسوخة، و أن آية المائدة لا تصلح أن تكون (1) ناسخة.

9- و مما عدوه ناسخا و ليس كما قالوا: قوله عزّ و جلّ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ (2).

قالوا: هو ناسخ لما كان عليه بنوا إسرائيل، أباح اللّه به العفو عن القاتل، و أخذ الدية، و لم يكن ذلك لهم (3).

و الكلام في ذلك كما تقدم في قوله عزّ و جلّ ... لا تَقُولُوا راعِنا (4).

10- و قوله عزّ و جلّ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ ... (5) الآية، يجوز أن تكون منسوخة بآية الميراث (6) و أن تكون (7) محكمة (8).

ص: 601


1- في د: أن يكون.
2- أي آخر الآية التي سبق الحديث عنها و هي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ ....
3- روى نحوه ابن جرير عن قتادة. انظر: جامع البيان (2/ 111) و روى نحوه كذلك النحاس بسنده عن مجاهد عن ابن عباس. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 21. و ذكره مكي بن أبي طالب، ثم قال: و قد كان يجب ألا يذكروا هذه الآية و شبهها في الناسخ و المنسوخ، لأنها كآي القرآن كلها التي نسخت شرائع الكفار و أهل الكتاب، و لو نسخت آية أخرى لوجب ذكرها اه الإيضاح ص 137- 138.
4- أي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا الآية 104 من سورة البقرة: راجع الكلام عليها ص 594 من هذا البحث.
5- البقرة: 180.
6- آية الميراث يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... الآية 11 من سورة النساء.
7- في ظ: و أن تكن.
8- الذي تبين لي من كلام العلماء أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث حيث جعل اللّه لمن يرث نصيبا معلوما مفروضا، و الحق بكل ذي حق حقه من الميراث، و ليست لهم وصية، و تبقى الوصية مندوبة لمن لا يرث من قريب أو غيره، لأنه لا وصية لوارث، كما دلت على ذلك الأحاديث. انظر في هذا الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 35، و سنن الدارمي كتاب الوصايا باب الوصية للوارث: (2/ 419) و الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 25، و للبغدادي ص 237، و الإيضاح لمكي ص 141، و نواسخ القرآن ص 159، و زاد المسير (1/ 182)، و الدر المنثور 1/ 424 و التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي (1/ 71) و تفسير ابن كثير 1/ 211، و قلائد المرجان ص 59، و مناهل العرفان (2/ 257).

و قالوا (1): كانت الوصية للوالدين و الأقربين، ثم نسخ ذلك.

و قيل: معناها: أن يوصى للوالدين و الأقربين بإمضاء ما فرضه اللّه لهم و سوّغه من مال الميت، و أن لا يتعدى حكم اللّه فيه (2)، فتكون (3) على هذا محكمة، قالوا: و مما يؤيد أنها منسوخة أنها نزلت قبل أن ينزل ما في النساء (4).

و قال طاوس، و الحسن و غيرهما: هي محكمة (5).

و قيل: بعضها منسوخ، و هو قوله تعالى لِلْوالِدَيْنِ، و بعضها محكم و هو (قول) (6) الوصية للأقربين.

و ممن قال ذلك: الشعبي و النخعي و اختاره الطبري، و يروى ذلك عن الحسن و عن قتادة و الضحاك (7).

و قال الضحاك: (من مات و لم يوص للأقربين فقد ختم عمله بمعصية) (8).

و قال الحسن و طاوس: إذا أوصى بثلث ماله للأجنبي، فلقرابته من ذلك (9) الثلثان، و للأجنبي الثلث (10).

ص: 602


1- في بقية النسخ: قالوا. بدون واو.
2- ذكره الفخر الرازي بنحوه، و قال: انه اختيار أبي مسلم الاصفهاني انظر: مفاتيح الغيب 5/ 61.
3- في د: فيكون.
4- قال مكي: قد أجمع المفسرون أن قوله «الوصية للوالدين» نزل قبل نزول آية المواريث اه الإيضاح ص 142.
5- انظر: قلائد المرجان في بيان الناسخ و المنسوخ في القرآن ص 59.
6- هكذا في الأصل: و هو قول الوصية للأقربين. و في بقية النسخ بدون كلمة (قول) و هو الصواب.
7- انظر: الإيضاح لمكي ص 143، و راجع تفسير الفخر الرازي: 5/ 63.
8- أخرجه الطبري بسنده عن جويبر عن الضحاك. انظر: جامع البيان 2/ 116، و قد سبق قريبا عند الكلام على قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ ... أن جويبر هذا ضعيف جدا سيّئ الحفظ، فالأثر ضعيف من حيث السند، ثم إنه أيضا من ناحية المعنى فإنه يحكم على عمل بكونه معصية، و هذا لا يقال إلا من المشرع الذي لا ينطق عن الهوى و لا يقال بالاجتهاد و الرأي. و اللّه أعلم.
9- الإشارة تعود إلى الثلث، فلقرابته الثلثان من ذلك الثلث، و للأجنبي ثلث الثلث.
10- أخرجه ابن جرير عن الحسن و جابر بن زيد و عبد الملك بن يعلى. انظر تفسيره 2/ 117. و ذكره مكي في الإيضاح ص 144، و عزاه إلى الحسن و طاوس. و عزاه السيوطي إلى عبد الرزاق و عبد بن حميد عن الحسن و طاوس الدر المنثور (1/ 423). تتمة: رأيت في ختام الكلام عن هذه الآية أن أنقل ما ذكره الإمام ابن كثير- رحمه اللّه تعالى- حولها ففيه ما يشفي و يكفي، و هو عبارة عن خلاصة ما ذكره المفسرون حول هذه الآية قال: «اشتملت هذه الآية الكريمة على الأمر بالوصية للوالدين و الأقربين، و قد كان ذلك واجبا على أصح القولين قبل نزول آية المواريث، فلما نزلت آية الفرائض نسخت هذه و صارت المواريث المقدرة فريضة من اللّه يأخذها أهلوها حتما من غير وصية و لا تحمل منة الموصي، و لهذا جاء في الحديث الذي في السنن و غيرها عن عمرو بن خارجة، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يخطب و هو يقول: ان اللّه قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث، ثم ساق الآثار عن ابن عباس و غيره، و التي تدل على أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، قال: و من العلماء من يقول انها منسوخة فيمن يرث ثابتة فيمن لا يرث و هو مذهب ابن عباس و الحسن و مسروق و طاوس و الضحاك و مسلم بن يسار و العلاء بن زياد، و به قال سعيد بن جبير و الربيع بن أنس و قتادة و مقاتل بن حيان، و لكن على قول هؤلاء لا يسمى هذا نسخا في اصطلاحنا المتأخر، لأن آية المواريث إنما رفعت حكم بعض أفراد ما دل عليه عموم آية الوصاية، لأن الأقربين أعم ممن يرث و من لا يرث، فرفع حكم من يرث بما عين له، و بقي الآخر على ما دلت عليه الآية الأولى، و هذا إنما يتأتى على قول بعضهم إن الوصاية في ابتداء الإسلام إنما كانت ندبا حتى نسخت، فأما من يقول إنها كانت واجبة- و هو الظاهر من سياق الآية- فيتعين أن تكون منسوخة بآية الميراث كما قاله أكثر المفسرين و المعتبرين من الفقهاء. فإن وجوب الوصية للوالدين و الأقربين الوارثين منسوخ بالإجماع، بل منهى عنه للحديث المتقدم، فآية الميراث حكم مستقل، و وجوب من عند اللّه لأهل الفروض و العصبات، رفع بها حكم هذه بالكلية، بقي الأقارب الذين لا ميراث لهم، يستحب له أن يوصي لهم من الثلث استئناسا بآية الوصية و شمولها، و لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ما حق امرى مسلم له شي ء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا و وصيته مكتوبة عنده اه باختصار من تفسير ابن كثير 11/ 211- 212.

11- و قال قوم:- في قوله عزّ و جلّ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (1) أن الآية منسوخة (2)، و أن المسلمين كانوا يقتدون بفعل أهل الكتاب في

ص: 603


1- البقرة: 183.
2- حكاه النحاس عن أبي العالية و السدي، انظر الناسخ و المنسوخ ص 25، و ممن قال بنسخها ابن حزم، قال: نسخت بقوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ .. الآية 187 من سورة البقرة. و قال بنسخها ابن سلامة ص 55- 62، و عبد القاهر البغدادي، بل ادّعى الاتفاق على نسخها، حيث أورد هذه الآية في باب ذكر الآيات التي اتفقوا على نسخها و ناسخها من القرآن. و قال: ان الذي نسخها قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ الآية 185 من السورة نفسها. انظر الناسخ و المنسوخ ص 72. و يفهم من كلام مكي أنه كذلك يميل إلى القول بنسخها، حيث أورد الأقوال في كونها منسوخة أو ناسخة- أي لصوم يوم عاشوراء أو ثلاثة أيام من كل شهر. إلى أن قال: و قوله عز و جل عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفا عَنْكُمْ .. الآية 187 من السورة نفسها، يدل على أن اللّه فرض علينا ما كان فرضه على من كان قبلنا من الصيام و ترك الطعام و الشراب و الوطء بعد النوم، فهو منسوخ بما بعده، دليل ذلك أن الخيانة لا تلحق إلا من ترك ما أمر به و فعل ما نهى عنه ... اه الايضاح ص 147. و قال بنسخها كذلك ابن العربي و تابعه السيوطي. انظر: الإتقان 3/ 65. فهذه أقوال الذين قالوا بنسخها مع اختلافهم في الناسخ كما ترى، و هي أقوال مرجوحة، و إنما الصحيح أن الآية محكمة كما سيذكره المصنف و كما ذكره ابن الجوزي و غيره فيما يأتي. و اللّه أعلم.

صومهم، فكانوا إذا ناموا حرّم عليهم بعد نومهم أن يأكلوا أو يشربوا أو يقربوا النساء، و كذلك بعد صلاة العشاء الآخرة و إن لم يناموا.

و ليس هذا القول بشي ء، و إنّما المعنى: فرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم، أي أوجبه اللّه تعالى عليكم كما أوجبه على الذين من قبلكم (1).

قال علي- رضي اللّه عنه- (أولهم آدم، و جميع الأمم مفروض عليهم الصوم) (2)، و قال قوم: أراد بقوله أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ يوم عاشوراء و ثلاثة أيام من كل شهر، كتب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم صيامها حين هاجر، ثم نسخ بشهر رمضان (3)، و هذا غير صحيح (4)، لأنه بين الأيام المعدودات بقوله عزّ و جلّ شَهْرُ رَمَضانَ.

ص: 604


1- و هذا ما رجحه الإمام الطبري- أي أن الآية لا ناسخة و لا منسوخة- انظر: جامع البيان (2/ 131، 132). و قد ذكر مكي بن أبي طالب عن الشعبي و مجاهد و الحسن أن الآية محكمة، غير ناسخة و لا منسوخة ..) اه الإيضاح ص 148. و قد مال ابن الجوزي إلى أن الإشارة بقوله: كَما كُتِبَ ليست إلى صفة الصوم و لا إلى عدده، و إنما إلى نفس الصوم، و المعنى: كتب عليكم أن تصوموا كما كتب عليهم. قال: و أما صفة الصوم و عدده، فمعلوم من وجوه أخر، لا من نفس الآية، و هذا المعنى مروي عن ابن أبي ليلى، و قد أشار السدي و الزجاج و القاضي أبو يعلى (إلى هذا)، و ما رأيت مفسرا يميل إلى التحقيق إلا و قد أومى إليه، و هو الصحيح ... و على هذا البيان لا تكون الآية منسوخة أصلا اه نواسخ القرآن ص 170، و ذكره كذلك بنحوه مختصرا في كتابه المصفى بأكف أهل الرسوخ ص 18. و ممن نفى النسخ الشيخ الزرقاني. انظر مناهل العرفان (2/ 259).
2- لم أقف على من ذكره مسندا إلى علي- رضي اللّه عنه- و إنما ذكره أبو حيان عنه دون إسناد. انظر: البحر المحيط 22/ 29.
3- انظر: الإيضاح ص 146- 147.
4- أي تفسير الأيام المعدودات بيوم عاشوراء و ثلاثة أيام من كل شهر. و أنها نسخت بشهر رمضان، فهذا غير صحيح، بل الصحيح الذي قاله العلماء المحققون أن المراد بالأيام المعدودات «شهر رمضان» كما بينه السخاوي- رحمه اللّه- و هو اختيار الطبري، فقد ساق الروايات في ذلك ثم قال: و أولى ذلك بالصواب عندي قول من قال: عني اللّه جل ثناؤه بقوله: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ أيام شهر رمضان. ورد على القائلين الذين قالوا: إن اللّه فرض على الأمة الإسلامية صياما غير صيام شهر رمضان و فند ذلك قائلا: فمن ادعى ذلك فعليه بالدليل و البرهان ..) اه جامع البيان (2/ 131). و بناء على هذا فلا نسخ، و راجع أحكام القرآن لابن العربي (1/ 76). و تفسير الفخر الرازي (5/ 71) و زاد المسير (1/ 185)، و تفسير القرطبي (2/ 276)، و البحر المحيط (2/ 30)، و لباب التأويل (1/ 129) و روح المعاني (2/ 57). و يفهم من كلام المصنف أن صيام يوم عاشوراء و ثلاثة أيام من كل شهر كان مكتوبا على رسول اللّه، و قد سمعنا ما قاله الإمام الطبري في الرد على هذا القول، و لكن بالنسبة لفرضية صوم يوم عاشوراء، فقد روى البخاري- رحمه اللّه- أحاديث تدل على أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يصومه و أنه أمر الناس بصيامه، حتى فرض رمضان فصار بالخيار فمن شاء صام و من شاء أفطر .. قال الحافظ ابن حجر: و يؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبا لثبوت الأمر بصومه ثم تأكد الأمر بذلك .. و ذكر عدة مؤكدات، و منها قول ابن مسعود الثابت في مسلم (لما فرض رمضان ترك عاشوراء) مع العلم بأنه ما ترك استحبابه، بل هو باق فدل على أن المتروك وجوبه اه فتح الباري (4/ 244، 247). و بالنسبة لصيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد روى النسائي بأسانيد مختلفة و ألفاظ متقاربة أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أمرهم بصيامها و ليس فيها ما يدل على أنها كانت فرضا مكتوبا عليه و على أمته ثم نسخت بشهر رمضان. انظر سنن النسائي (4/ 222)، من كتاب الصيام.

12- و أما قوله عزّ و جلّ و على الذين يطيقونه فدية طعام مساكين (1) قيل: إنها منسوخة، و كانوا من شاء صام و من شاء أفطر و أطعم مسكينا عن كل يوم، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (2).

ص: 605


1- البقرة: 184. و هي هكذا في النسخ «فدية طعام مساكين» قرأ نافع و ابن ذكوان، (فدية طعام) بالإضافة، و قرأ الباقون بالتنوين في «فدية»، و برفع «الطعام»، و قرأ نافع و ابن عامر «مساكين» بالجمع، و قرأ الباقون بالتوحيد منونا مخفوضا بالاضافة الكشف (1/ 282)، و التبصرة ص 266، و النشر: 2/ 226.
2- البقرة: 185. روى البخاري في صحيحه بسنده عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت «و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» كان من أراد أن يفطر و يفتدي فعل، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها كتاب التفسير (5/ 155). و رواه مسلم في كتاب الصيام باب بيان قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ 8/ 20، و انظر: الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد 184- 190، قال ابن حزم:- بعد أن ذكر نص الآية- هذه الآية نصفها منسوخ و ناسخها قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ يعني فمن شهد منكم الشهر حيا بالغا حاضرا صحيحا عاقلا فليصمه اه. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 26، و راجع الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 37، و لابن سلامة ص 64. فالأشهر في هذه الآية و المعول عليه أنها منسوخة بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ كما قال مكي في الإيضاح ص 149 و النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 26- 29. و اختار القول بنسخها ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 79) و الجصاص (1/ 177)، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 177، 178، و في المصفى بأكف أهل الرسوخ ص 18، قال: «و في هذا مضمر تقديره: و على الذين يطيقونه و لا يصومونه فدية ...» اه. و انظر تفسير النسفي 1/ 94، و مناهل العرفان (2/ 259).

و قيل: أنها محكمة (1).

و قوله: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ يريد به من أفطر لمرض، ثم صح فأطاق القضاء فلم يقض حتى أدركه فرض الصوم لعام آخر. فإنه يصوم الذي أدركه، فإذا فرغ منه قضى الذي فاته، و أطعم عن كل يوم مدا (2).

و أما من اتصل به المرض فلم يطق أن يقضي حتى جاء الصوم الآخر، فإنه يقضي بعد ذلك إذا أطاق (3)، و لا اطعام عليه.

و هذا القول: قول زيد بن أسلم و ابن شهاب و مالك- رحمه اللّه- في رواية ابن وهب عنه (4).

و يجوز- و اللّه أعلم- أن تكون (5) محكمة، و يكون المعنى قوله وَ عَلَى الَّذِينَ

ص: 606


1- حكاه النحاس، قال: من لم يجعلها منسوخة جعلها مجازا، قال: المعنى: يطيقونه على جهد، أو قال: كانوا يطيقونه، فأضمر (كان) و هو مستغن عن هذا. اه و حكى الأحكام مكي و ابن الجوزي، و القرطبي، و الزرقاني، انظر: المصادر السابقة، و الجامع لأحكام القرآن (2/ 228).
2- انظر: الموطأ للإمام مالك كتاب الصيام باب إذا لم يقض حتى دخل رمضان أطعم و قضى 1/ 303. و هذا يعد خروجا عن معنى الآية و عما يقصده المصنف من النسخ و عدمه.
3- في بقية النسخ: فإنه يقضي إذا أطاق ذلك.
4- ذكر هذا بنحوه مكي. انظر الإيضاح ص 151. قال الجصاص: و قد اختلف الفقهاء فيمن أخر القضاء حتى حضر رمضان آخر، فقال أصحابنا جميعا: يصوم الثاني عن نفسه ثم يقضي الأول، و لا فدية عليه، و قال مالك و الثوري و الشافعي و الحسن بن صالح: إن من فرط في قضاء الأول أطعم مع القضاء كل يوم مسكينا. و قال الثوري و الحسن بن حيّ: لكل يوم نصف صاع بر، و قال مالك و الشافعي: كل يوم مدا. و ان لم يفرط بمرض أو سفر، فلا إطعام عليه ..) اه أحكام القرآن: 1/ 210، و راجع المحرر الوجيز لابن عطية (1/ 513)، و الإيضاح لمكي ص: 151. و شرح النووي على مسلم 8/ 21، 23، و المغني لابن قدامة (3/ 144)، و نيل الأوطار (4/ 234).
5- في د و ظ: أن يكون.

يُطِيقُونَهُ: أي الذين يتعمدون الفطر من غير عذر، فإنهم يلزمهم إطعام ستين مسكينا، أو العتق، أو صوم شهرين.

و السنة بينت الاطعام، و زادت العتق و الصيام (1).

و ليس التأويل الأول: كانوا من شاء صام، و من شاء أفطر و أطعم، بمتفق عليه بين الصحابة، إنّما ذلك قول معاد بن جبل- رحمه اللّه (2)-، و قد خالفه (1) لم يبين المصنف- رحمه اللّه تعالى- نوع الإفطار المتعمد هل كان بالجماع أم بغيره؟ فإن كان بالجماع فقد تولت السنة بيان الكفارة في ذلك، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: هلكت يا رسول اللّه قال: و ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟

قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا ...) الحديث 7/ 225 بشرح النووي.

و رواه البخاري في كتاب الصوم باب إذا جامع في رمضان (2/ 235). و إن كان الإفطار بغير الجماع فالصحيح من أقوال أهل العلم، أن الذي يفطر بأي أنواع المفطرات غير الجماع، فإنه يلزمه القضاء دون الكفارة، قال الإمام الشافعي: (فإن أكل أو شرب عامدا للأكل و الشرب ذاكرا للصوم فعليه القضاء) اه. كتاب الأم باب ما يفطر الصائم 2/ 96. و قال ابن تيمية: و لا أعلم خلافا بين أهل العلم أن من استقاء عامدا فعليه القضاء، و لكن اختلفوا في الكفارة، فقال عامة أهل العلم ليس عليه غير القضاء.

و قال عطاء: عليه القضاء و الكفارة، و حكى عن الأوزاعي، و هو قول أبي ثور، قلت:- ابن تيمية- و هو مقتضى إحدى الروايتين عن أحمد في إيجابه الكفارة على المحتجم، فإنه إذا أوجبها على المحتجم، فعلى المستقي ء أولى، لكن ظاهر مذهبه أن الكفارة لا تجب بغير الجماع كقول الشافعي الفتاوي 25/ 221، 222.

و في زاد المستقنع لشرف الدين الحنبلي: و لا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان اه ص 81، و لعل قائلا يقول: قد جاء في بعض روايات مسلم في الحديث السابق (أن رجلا أفطر في رمضان ..) الحديث 7/ 226.

قال الشوكاني: و بهذا استدلت المالكية على وجوب الكفارة على من أفطر في رمضان بجماع أو غيره؛ و الجمهور حملوا المطلق على المقيد، و قالوا: «لا كفارة إلا في الجماع» نيل الأوطار 4/ 215.

و هذا هو الصحيح حيث لم يرد نص في غير الجماع و لا يقاس غيره عليه. و اللّه تعالى أعلم.

(2) هو جزء من حديث طويل مروى عن معاذ بن جبل- رضي اللّه عنه- رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب كيف الأذان (1/ 338)، و أحمد في مسنده (5/ 546) و الحاكم و قال صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي. انظر المستدرك (2/ 274) و راجع الدر المنثور (1/ 427).

و لم ينفرد معاذ- رضي اللّه عنه- بهذا القول كما يفهم من عبارة المصنف فقد ذكره ابن الجوزي عن معاذ و ابن مسعود و ابن عمر و الحسن و عكرمة و قتادة و الضحاك و النخعي و الزهري رضي اللّه عنهم.

انظر نواسخ القرآن ص 175.و راجع زاد المسير (1/ 186) و المحرر الوجيز لابن عطية (1/ 512) و البحر المحيط (2/ 36).

و هو قول سلمة بن الأكوع- رضي اللّه عنه- كما سبق قريبا في الحديث الذي رواه البخاري عنه.

ص: 607

ابن عباس و أبو بكر الصديق- رضي اللّه عنه- و قرءا و على الذين يطوّقونه- بضم الياء و فتح الطاء و تشديد الواو (1)-.

و قال ابن عباس: رضي اللّه عنه (نزلت في الكبيرين الذين لا يقدران (2) على الصوم، و المريض أيضا (3)) (4).

و على هذه القراءة أيضا: عائشة- رضي اللّه عنها- و عطاء و ابن جبير و عكرمة (5). و عن مجاهد: (يطّوّقونه)- بفتح الياء و تشديد الطاء و الواو- أي يتكلفونه (6). و معنى الأولى: يكلفونه على جهد و عسر.

و لو كانوا في صدر الإسلام- على ما قيل من التأويل الأول- لمنع شهرة ذلك من وقوع هذا الخلاف.

و أنا أذكر- بعون اللّه- الآيات التي قيل انها منسوخة، و لها وجه (7) تحمل عليه فتكون محكمة (8) من ذلك:

ص: 608


1- و هي قراءة شاذة و سيذكر المصنف معناها. انظر مختصر شواذ القرآن لابن خالويه ص 11، و تفسير الطبري (2/ 132)، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 27، و زاد المسير (1/ 186)، و نواسخ القرآن ص 177.
2- في ظ: لا يقدرون.
3- كلمة (أيضا) ليست في بقية النسخ.
4- رواه الدارقطني في سننه كتاب الصوم، و قال: هذا إسناد صحيح (2/ 205)، و هذا يشمل جميع أهل الأعذار الذين يباح لهم الفطر. و انظر الدر المنثور (1/ 432) و تفسير القرطبي (2/ 288) و نواسخ القرآن ص 176.
5- انظر الإيضاح ص 151، و جامع البيان (2/ 137- 138).
6- الإيضاح ص 152، و هي قراءة شاذة كسابقتها، و نسب ابن عطية و القرطبي هذه القراءة إلى ابن عباس، و عائشة و طاوس و عمرو بن دينار. انظر المحرر الوجيز (1/ 511)، و تفسير القرطبي: (2/ 287)، قال القرطبي: «و هي صواب في اللغة، لأن الأصل (يتطوقونه)، فأسكنت التاء و أدغمت في الطاء فصارت طاء مشددة، و ليست من القرآن، خلافا لمن أثبتها قرآنا، و إنما هي قراءة على التفسير) اه و راجع البحر المحيط (2/ 35).
7- في د: و لها وجهة.
8- يفهم من كلام المصنف- رحمه اللّه- أنه شرع في ذكر الآيات التي قيل إنها منسوخة و قيل إنها محكمة و هذا مخالف لما سبق أن ذكره في بعض الآيات و التي حكى فيها القولين، و أكبر دليل على ذلك كلامه على الآية السابقة (و على الذين يطيقونه) حيث حكى القول بنسخها و بإحكامها فليتأمل.

1- قوله عزّ و جلّ وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا (1) قيل: هي منسوخة (2)، نزلت في قتال من قاتل، و نسخها الأمر بقتال المشركين، و هي محكمة، على أن قوله سبحانه وَ لا تَعْتَدُوا أي لا تعتدوا، فتقتلوا الصبيان و النسوان، و من لا قدرة له على القتال، كالشيخ الفاني و الراهب الذي (3) لا يقاتل (4).

2- و قوله عزّ و جلّ وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ (5) قال قتادة:

هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (6).

أي شرك، و بقوله: وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (7) (8).

و قيل: إنها ناسخة لقوله عزّ و جلّ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (9). ثم

ص: 609


1- البقرة: 190.
2- حكى البغدادي نسخها عن ابن عباس. انظر الناسخ و المنسوخ ص 79 و ذكره الطبري بسنده إلى الربيع و ابن زيد، جامع البيان (2/ 189)، و ممن قال بالنسخ هنا و رجحه مكي بن أبي طالب و القرطبي، انظر: الإيضاح ص 196، و الجامع لأحكام القرآن (2/ 348).
3- (الذي) في ظ: مكررة.
4- أما بالنسبة لآخر الآية .. وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ فقد سبق أن ذكرها المصنف ضمن الآيات التي ادّعي فيها النسخ، و الصحيح أنها محكمة لأنها جاءت في سياق الأوامر و النواهي، فالقول بنسخها لا يصح، لأنه متى كان للخطاب طريق في الحكم بأنه محكم، كان أولى من حمله على أنه منسوخ. انظر ص 593. و أما بالنسبة لأول الآية فقد حكي الطبري أحكامها عن ابن عباس و مجاهد و عمر بن عبد العزيز. و قال: (بعد أن سرد الروايات في ذلك- و أولى هذين القولين بالصواب القول الذي قاله عمر بن عبد العزيز- أي لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني النساء و الصبيان و الرهبان- لأن دعوى المدعي نسخ آية يحتمل أن تكون غير منسوخة بغير دلالة على صحة دعواه تحكم، و التحكم لا يعجز عنه أحد) اه جامع البيان (2/ 190). و ممن قال ان الآية محكمة: ابن حزم الأنصاري ص 27، و النحاس: ص 33. و راجع كلام العلماء بتوسع حول هذه الآية في نواسخ القرآن ص 178 فما بعدها.
5- البقرة (191).
6- البقرة (193).
7- التوبة (36).
8- انظر: كتاب الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 33. و نقل الطبري و مكي قول قتادة هذا. انظر: جامع البيان (2/ 192) و الإيضاح ص 157، و راجع الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 27، و للبغدادي ص 185، و النحاس ص 34، و تفسير القرطبي (2/ 351)، و الدر المنثور (1/ 495).
9- النساء (91).

نسخت بقوله عزّ و جلّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (1)، فصارت- أعني آية البقرة- ناسخة لآية النساء منسوخة بآية التوبة، و هذا معدوم النظير (2).

و قيل: ليست آية البقرة بناسخة و لا منسوخة، و إنما هي مخصوصة بالنهي عن القتال في الحرم، و لا يحل القتال فيه، إلّا لمن قاتل، قال ذلك: مجاهد و طاوس (3).

و أكثر العلماء على وجوب قتال المشركين أينما كانوا بآية التوبة، و آية التوبة نزلت بعد البقرة بمدة متطاولة (4).

3- قوله عزّ و جلّ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ

ص: 610


1- التوبة: 5 و هي التي تسمى بآية السيف.
2- ذكر هذا مكي في الإيضاح ص 157. و هذا ان سلم القول بالنسخ، و إلا فإن الراجح الأحكام كما سيأتي قريبا في الهامش الآتي و الذي بعده. قال ابن الحزم الظاهري:- تحت عنوان هل يجوز نسخ الناسخ؟- قال: (و لا فرق بين أن ينسخ اللّه تعالى حكما بغيره، و بين أن ينسخ ذلك الثاني بثالث و ذلك الثالث برابع، و هكذا كل ما زاد، كل ذلك ممكن إذا وجد و قام برهان على صحته ...) اه الأحكام في أصول الأحكام (4/ 80).
3- ذكره النحاس بنحوه عن مجاهد و طاوس ص 34. و هذا هو الذي عليه جمهرة العلماء، فقد قال القرطبي: قال مجاهد الآية محكمة، و لا يجوز قتال أحد في المسجد الحرام إلا بعد أن يقاتل و به قال طاوس، و هو الذي يقتضيه نص الآية، و هو الصحيح من القولين و إليه ذهب أبو حنيفة و أصحابه اه الجامع لأحكام القرآن (2/ 351)، و انظر أحكام القرآن للجصاص (1/ 259)، و لابن العربي (1/ 107- 108) و زاد المسير (1/ 199)، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 182، و البحر المحيط (2/ 67).
4- ذكره النحاس بنحوه عقيب ذكره لرواية قتادة التي تفيد أن الآية منسوخة- و قد سبق ذكرها- قال: و أكثر أهل النظر على هذا القول أي أن الآية منسوخة ص 53. و ذكره كذلك مكي بن أبي طالب بنحو ما ذكره المصنف. انظر: الايضاح ص (157، 158). و الذي ظهر لي- كما قلت آنفا- من خلال ما قاله العلماء كالقرطبي و ابن الجوزي و غيرهما أن الآية محكمة و أنه لا يجوز قتال المشركين في الحرم إلا بعد قتالنا، عند ذلك يجوز لنا أن ندفع عن أنفسنا، بدليل الآية التي ذكرها المصنف وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ و تمامها، فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فهذا خاص، و الأمر بقتال المشركين كافة عام، فيكون هذا من باب التخصيص لا من باب النسخ. و اللّه أعلم. أما بالنسبة لنزول التوبة بعد نزول البقرة بمدة طويلة، فقد سبق الكلام عن ترتيب السور المكية و المدنية في أول هذا الكتاب، و ذكر السخاوي هناك أن البقرة من أوائل السور نزولا بالمدينة و أن التوبة من أواخر ما نزل فيها على القول الراجح. و راجع الإتقان (1/ 72- 73).

فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1).

قال مجاهد: هي محكمة، و المعنى: فمن اعتدى عليكم في الحرم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، فأباح (أن تقاتل) (2) في الحرم من قاتلك، و لا يحل أن تبدأه بالقتال فيه، و هو حكم ثابت الى الابد (3). و عن ابن عباس: أنها منسوخة، و قد نسخ اعتداء من اعتدي عليه برد أمره إلى السلطان، فلا يقتص بيده، إنما يقتص له السلطان (4).

قالوا: قال ابن عباس نسخها قوله عزّ و جلّ فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (5) و لا يصح ذلك عن ابن عباس (6)، لأن (سبحان) مكّية باتفاق، و المكّي لا ينسخ المدني.

4- قوله عزّ و جلّ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (7)، قيل: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ- بعد ذلك- فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ (8).

ص: 611


1- البقرة: 194.
2- سقط من الأصل: قوله (أن تقاتل) و في ظ (أن يقاتل).
3- أخرجه ابن جرير مختصرا، قال: و هو أشبه الأقوال بما دل عليه ظاهر الآية، لأن الآيات قبلها إنما هي أمر من اللّه للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة، و ذلك قوله وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ، و قوله فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ: إنما هو في سياق الآيات التي فيها الأمر بالقتال و الجهاد .. إذا فمعنى الآية: (فمن اعتدى عليكم في الحرم فقاتلكم، فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إياكم ...) اه جامع البيان (2/ 199) و انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 36، و الإيضاح لمكي ص 159، و هذه الآية .. فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ .. نظير قوله تعالى: وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ، و قد سبق الحديث عنها قريبا و أن الراجح أنها محكمة.
4- أخرجه ابن جرير بنحوه دون تصريح بالنسخ. جامع البيان (2/ 199)، و زاد السيوطي نسبته إلى أبي داود في ناسخه و ابن المنذر و ابن أبي حاتم، و البيهقي في سننه كلهم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما الدر المنثور: (1/ 498)، و انظر النحاس ص 36، و البغدادي ص 97 و مكي ص 158.
5- الإسراء: 33 ... وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ....
6- الإشارة بعدم الصحة تعود إلى قول ابن عباس: ان الناسخ آية الإسراء، و قد قال بعدم ثبوت هذا عن ابن عباس: مكي في المصدر السابق. و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 186. و السلطان المراد به هنا: الحجة كما قال مكي، و الرجوع إلى السلطان في القصاص إنما أخذ بالإجماع، و الإجماع لا ينسخ القرآن لكنه يبينه كما تبينه الأخبار من السنن ... اه الإيضاح ص 158.
7- البقرة: 196.
8- جزء من الآية نفسها. قال ابن حزم الأنصاري: نسخت بالاستثناء بقوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً ... الآية. انظر الناسخ و المنسوخ له ص 28. و قد رد كل من مكي و ابن الجوزي القول بالنسخ، فقد قال مكي: و الظاهر في هذا البيّن أنه ليس فيه نسخ، لأنه متصل بالأول غير منفصل منه، و إنما يكون الناسخ منفصلا من المنسوخ، فهي أحكام مختلفة في شروطها متصل بعضها ببعض لا ينسخ بعضها بعضا اه الايضاح ص 159، 160، و انظر نواسخ القرآن ص 190، 191.

قال كعب بن عجرة الأنصاري (1): (لما نزلنا الحديبية مربي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أنا أطبخ قدرا لي، و القمل يتهافت عن رأسي، فقال: يا كعب، لعلك تؤذيك هوام رأسك؟ فقلت: نعم، فقال: احلق رأسك (2).

و نزل فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً ... (3) الآية.

و قال قوم: الآية محكمة (4)، و لم يكن قوله عزّ و جلّ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ متناولا للمريض و لمن به أذى من رأسه (5).

5- قوله عزّ و جلّ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ .. (6)، قال ابن عباس و قتادة و الضحاك و ابن المسيّب و الأوزاعي: هي منسوخة بآية السيف، اذ أباحت قتالهم في كل (7) مكان و زمان (8).

ص: 612


1- كعب بن عجرة بن أمية الأنصاري المدني أبو محمد، صحابي مشهور مات بعد الخمسين و له نيف و سبعون سنة. التقريب (2/ 135)، و الإصابة (8/ 294) رقم (3/ 74).
2- رواه البخاري بلفظ قريب مما هنا، كتاب التفسير باب (فمن كان منكم مريضا ..) 6/ 158، و في كتاب المحصر (2/ 208)، و مسلم، كتاب الحج باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى (8/ 119) و الترمذي أبواب التفسير (8/ 313)، و انظر جامع البيان (2/ 229- 234) و جامع الأصول (2/ 33).
3- قال الطبري: قد تظاهرت الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن هذه الآية نزلت بسبب كعب بن عجرة، إذ شكا كثرة أذى برأسه من صئبانه، و ذلك عام الحديبية» اه المصدر نفسه، و راجع ابن سلامة ص 67.
4- و هذا هو الصحيح كما سبق تقريره عن مكي، و ابن الجوزي، و أما ابن حزم فقد سمي ذلك استثناء- كما سبق ذلك عنه، و صار معنى الآية- كما يقول ابن الجوزي-: و لا تحلقوا رءوسكم إلا أن يكون منكم مريض أو من يؤذيه هوامه، فلا ناسخ و لا منسوخ) اه نواسخ القرآن ص 191.
5- و إنما المراد به الإحلال من الإحرام بسبب الإحصار. راجع تفسير الطبري (2/ 220).
6- البقرة: 217.
7- (كل) ساقط من ظ.
8- انظر: الإيضاح ص 160، و قد مال الطبري إلى القول بنسخها. انظر جامع البيان (2/ 353)، و تابعه السيوطي في الإتقان (3/ 65)، و حكى النحاس إجماع العلماء ما عدا عطاء على القول بهذا النسخ. انظر الناسخ و المنسوخ ص 39، و كذلك ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 147)، و القرطبي (3/ 43)، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 197.

و قال مجاهد و عطاء: هي محكمة، و لا يجوز القتال في الأشهر الحرم (1)، و العلماء على خلاف ذلك.

فإن قيل: فقد قال اللّه عزّ و جلّ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (2)، فهذا يؤيد قول عطاء و مجاهد.

و كيف تكون هذه الآية ناسخة لآية البقرة، و إنما (أباحه) (3) قتل المشركين بعد انسلاخ الأشهر الحرم؟ (فالجواب أن الأشهر الحرم) (4) في براءة، ليست هي التي قال اللّه عزّ و جلّ فيها مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ (5)، إنما هي أربعة أشهر أخر، و هي أشهر السياحة، أمر المؤمنين بقتل المشركين بعد انسلاخها حيث وجدتموهم، و في أي زمان لقوهم، و كان أولها بعد يوم النحر من ذلك العام (6).

و أما الأشهر الحرم التي حرّم فيها القتال ثم نسخ (فهي) (7) محرم و رجب و ذو القعدة و ذو الحجة بغير خلاف (8)، و إنما الخلاف في أنها من سنة أو من عامين، فأهل المدينة يجعلونها في عامين، يقولون: ذو القعدة و ذو الحجة و محرم و رجب.

و قال أهل العراق: أولها محرم، فتكون من عام واحد (9).

6- و قوله عزّ و جلّ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما (10).

ص: 613


1- انظر: الإيضاح ص 160، و نسب البغدادي هذا القول إلى جابر بن عبد اللّه و مجاهد، و ابن جريج. انظر الناسخ و المنسوخ له ص 184 و سيذكر المصنف المراد بالأشهر الحرم هنا.
2- التوبة: 5.
3- هكذا في الأصل: أباحة. و في بقية النسخ: أباحت. و هو الصواب.
4- سقط من الأصل قوله (فالجواب أن الأشهر الحرم).
5- التوبة: 36 إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ....
6- انظر: الإيضاح ص 160، و الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 34، و لابن حزم ص 28، و تفسير ابن كثير (2/ 335)، و القرطبي (4/ 64، 72).
7- كلمة (فهي) ساقطة من الأصل.
8- انظر صحيح البخاري كتاب التفسير (5/ 204)، و أحكام القرآن لابن العربي (2/ 938)، و تفسير القرطبي (8/ 133)، و فتح الباري (8/ 325)، و تفسير ابن كثير (2/ 355).
9- انظر: الإيضاح ص 161، و النحاس ص 40، و تفسير الطبري (10/ 125) و الدر المنثور (4/ 183).
10- البقرة: 219.

قال بعض مؤلفي الناسخ و المنسوخ (1): أكثر العلماء (2) على أنها ناسخة لما كان مباحا من شرب الخمر، قال: لأن اللّه تعالى أخبرنا أن في الخمر إثما، و أخبرنا أن الإثم محرّم بقوله عزّ و جلّ قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ ... (3).

قال: فنصّ على أن الإثم محرّم، و أخبر أن في شرب الخمر إثما، فهي محرّمة بالنص الظاهر الذي لا إشكال فيه (4)، قال: و ما حرّم كثيره فقليله حرام كلحم الميتة و الخنزير و الدم.

و سورة البقرة مدنية، فلا يعترض على ما فيها بما في الأنعام المكّيّة في قوله عزّ و جلّ قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً (5) عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ (6)، لأن هذه الآية و التحريم نزل بمكّة (7) و الخمر نزل تحريمها بالمدينة، و زادنا اللّه في تأكيد تحريم الخمر بقوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (8)؟ فهذا تهديد و وعيد، يدلان على تأكيد تحريم الخمر.

و زاد ذلك بيانا قول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «حرّمت الخمر لعينها و المسكر من غيرها» (9) و أكد اللّه تعالى ذلك و حققه بقوله فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) و لعلّ من

ص: 614


1- اعتمد السخاوي في هذا على ما كتبه مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 166، و سيأتي تصريح السخاوي بالنقل عن مكي في هذا السياق و مناقشته له في كثير مما ذكره حول هذه الآية.
2- في ظ: و أكثر.
3- الأعراف: 33.
4- قال ابن عطية: و هذا ليس بجيد، لأن الإثم الذي فيهما هو الحرام، لا هي بعينها على ما قالوا) اه بتصرف. المحرر الوجيز (2/ 63).
5- إلى هنا ينتهي نص الآية في ظق و ظ.
6- الأنعام: 145.
7- في ظ: لأن هذا التحريم نزلت بمكة. و في د و ظق: لأن هذا التحريم نزل بمكة. و هو الصواب.
8- المائدة: 91. إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ.
9- رواه النسائي في سننه بأسانيد مختلفة و ألفاظ متقاربة، كتاب الأشربة باب الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب المسكر (8/ 321). و أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس بنحوه كما ذكره السيوطي. انظر الدر المنثور (3/ 162).
10- المائدة: 90 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ....

اللّه واجبة (1)، فضمن الفلاح مع اجتنابها، فنظيره الخسران مع مواقعتها، و كما أنه تعالى حرّم أكل الخنزير، و قليله ككثيره (2) بإجماع، كذلك يجب أن تكون الخمر و المسكر من غيرها، فقليلهما ككثيرهما (3) في التحريم، و زاد لذلك بيانا (ما أسكر كثيره فقليله حرام) (4).

قال: و قال ابن جبير: (لما نزلت قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ كره قوم الخمر للإثم (5)، و شربها قوم للمنافع حتى نزل لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى (6)، فتركوها عند الصلاة، حتى نزل فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فحرمت بهذا) (7) اه.

فهذا (8) يدل على أن (9) آية البقرة منسوخة بآية المائدة، و المائدة نزلت بعد البقرة بلا شك، و هذا سياق قول مكّي بن أبي طالب (10) في كتابه المسمى ب (الموضح في الناسخ و المنسوخ) (11).

ص: 615


1- سيعقب المصنف على مكي قوله هذا بأن (لعل) من اللّه واجبة.
2- في ظ: و قليله كثيره.
3- في ظ: فقليلهما كثيرهما.
4- رواه الترمذي في سننه كتاب الأشربة باب ما أسكر كثيره فقليله حرام (5/ 605)، و أبو داود كتاب الأشربة باب النهي عن المسكر (4/ 87) و النسائي كتاب الأشربة باب تحريم كل شراب أسكر كثيره 8/ 300، و زاد صاحب تحفة الأحوذي نسبته إلى ابن ماجة و ابن حبان و صححه قال ابن حجر: و رجاله ثقات اه.
5- في ظق و ظ: كره الخمر قوم للاثم، و كذلك في الإيضاح.
6- النساء: 43.
7- أخرجه ابن جرير بسنده عن سعيد بن جبير (2/ 361)، و ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز (2/ 62)، و عزاه السيوطي بنحوه إلى ابن المنذر عن سعيد بن جبير. انظر: الدر المنثور (3/ 159).
8- أي كلام سعيد بن جبير.
9- (أن) ساقطة من ظق.
10- مكي بن أبي طالب حموش بن محمد القيسي، النحوي، المقرئ المتوفي سنة 437 ه، طبقات المفسرين للداودي (2/ 337).
11- انظر الإيضاح لناسخ القرآن و منسوخه و معرفة أصوله و اختلاف الناس فيه ص 166، 168، هكذا طبع بهذا العنوان، و لهل السخاوي تصرف في عبارة (الإيضاح). و راجع مقدمة كتاب الإيضاح التي كتبها الدكتور أحمد حسن فرحات محقق الكتاب ص 14.

و أقول مستعينا باللّه- قوله أنها ناسخة لما كان مباحا من شرب الخمر يلزم منه أن اللّه عزّ و جلّ أنزل إباحتها، ثم نسخ ذلك.

و متى أحلّ اللّه عزّ و جلّ شرب الخمر؟! و إنما كانوا مسكوتا عنهم في شربها جارون على عادتهم (1)، ثم نزل التحريم، كما سكت عنهم في غيرها من المحرّمات إلى وقت التحريم.

و هذه الآية، و ما ذكر من الآيات: الكل في التحريم (2)، كما جاء تحريم الميتة في (غير) (3) آية (4).

و قوله: إن اللّه عزّ و جلّ أخبرنا أن في الخمر إثما، و أخبرنا أن الإثم محرّم ...

إلى قوله: فهي محرّمة بالنص الظاهر الذي لا إشكال فيه: كلام لا وجه له لأن الإثم هو الذنب، و إذا كان الذنب كبيرا أو كثيرا في ارتكاب شي ء لم يجز ارتكابه، فكيف يسمعون قوله عزّ و جلّ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ثم يقدمون عليهما مع التصريح بالخسران، إذا كان الإثم أكبر من النفع؟، بل هذا (5) كاف في التحريم.

و قوله: فأخبر أن في شرب الخمر إثما، و نص على أن الإثم محرّم بقوله:

وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ: لا حاصل له، لأنه إن أراد أن الخمر هي الإثم، فكيف يقول:

فنصّ على أن الإثم محرم، و أخبر أن في شرب الخمر إثما، فكيف يكون هي الإثم المحرّم على هذا؟! و إن أراد بالإثم: الذنب، لم يحتج إلى شي ء آخر (6).

ص: 616


1- و سبق تقرير هذا مرارا. انظر ص: 594.
2- أي و هكذا كل الآيات التي جاءت في شأن الخمر تدل على التحريم، و ليس فيها ما يدل على التحليل حتى تنسخ بالتحريم بعد ذلك و سيأتي- بإذن اللّه- مزيد بيان لهذا قريبا.
3- ساقطة من الأصل كلمة (غير).
4- كقوله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ .. الآية 173 من سورة البقرة. و انظر: آية 3 من سورة المائدة و آية 145 من سورة الأنعام و آية 115 من النحل.
5- لفظ (هذا) مكرر في الأصل.
6- و أوضح، من هذا ما ذكره الإمام الطبري عند تأويل قوله تعالى وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما قال: يعني بذلك عز ذكره: و الإثم بشرب الخمر هذه، و القمار هذا: أعظم و أكبر مضرة عليهم من النفع الذي يتناولون بهما، و إنما كان ذلك كذلك، لأنهم كانوا إذا سكروا وثب بعضهم على بعض، و قاتل بعضهم بعضا، و إذا ياسروا وقع بينهم فيه بسببه الشر، فأداهم ذلك إلى ما يأثمون به، و نزلت هذه الآية في الخمر قبل أن يصرح بتحريمها، فأضاف الإثم جل ثناؤه إليها و إنما الإثم بأسبابهما إذ كان عن سببهما يحدث، قال: و إنما اخترنا ما قلنا من التأويل لتواتر الأخبار و تظاهرها بأن هذه الآية نزلت قبل تحريم الخمر و الميسر، فكان معلوما بذلك ان الإثم الذي ذكر اللّه في هذه الآية- فأضافه اليهما- إنما عني به الإثم الذي يحدث عن أسبابهما على ما وصفنا، لا الإثم بعد التحريم) اه جامع البيان (2/ 360).

و إنما معنى آية الأعراف: إنما حرّم ربي الفواحش، و ما فيه الإثم، و كلامه كله فاسد إلى آخره.

و قوله: لَعَلَّ* من اللّه عزّ و جلّ واجبة: ليس بصحيح، فقد قال اللّه عزّ و جلّ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (1)، و قد ألانا له القول فَكَذَّبَ وَ عَصى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (2)، و إنما معنى قوله عزّ و جلّ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* فاجتنبوه راجين الفلاح (3)، أو فاجتنبوه و أنووا إرادة الفلاح (4).

و أما قول ابن جبير: (كره الخمر قوم للإثم، و شربها قوم للمنفعة): و أي منفعة تبقى مع أن الإثم أكبر منها، فكيف يقدم مقدم على الانتفاع بشي ء فيه و بال أكثر و أكبر من الانتفاع به (5)؟.

و أطرف من هذا قوله: تركوها عند الصلاة (6)!، فاعلم أن الآية محكمة غير

ص: 617


1- طه: 44.
2- النازعات: 21- 24.
3- في ظق: راجين فلاح.
4- قال الراغب الأصفهاني: (لعل) طمع و اشفاق، و ذكر بعض المفسرين أن (لعل) من اللّه واجب، و فسّر في كثير من المواضع ب (كي) و قالوا: ان الطمع و الاشفاق لا يصح على اللّه تعالى و (لعل) و أن كان طمعا فإن ذلك يقتضي في كلامهم تارة طمع المخاطب .. فقوله تعالى فيما ذكر عن قوم فرعون: لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ فذلك طمع منهم، و قوله في فرعون لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى فإطماع لموسى- عليه السلام- مع هارون، و معناه: فقولا له قولا لينا راجين أن يتذكر أو يخشى .. اه المفردات ص 451، و راجع قطر الندى لابن هشام ص 207.
5- لأن هذه الآية كانت ممهدة لتحريم الخمر على البتات، و لم تكن مصرحة بل معرضة، فأما الإثم فهو في الدين، و أما المنافع فكانت دنيوية بحتة كلذة شربها، و كذا بيعها و الانتفاع بثمنها، و ما كان يحصل لبعضهم من الميسر فينفقه على عياله، و لكن هذه المصالح لا توازي مضرته و مفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل و الدين فاثمهما أكبر من نفعهما. انظر تفسير ابن كثير (1/ 255).
6- يظهر من عبارة السخاوي- رحمه اللّه- التعجب و الإنكار من هذا القول، و ليس هناك ما يدعو إلى هذا، فقد ذكر الإمام الطبري آثارا كثيرة تدل على هذا المعنى، و أن بعض الصحابة كان يشربها قبل تحريمها، ثم أنه حصل منهم خلط في الصلاة، فنزلت الآية الكريمة في سورة النساء تنهاهم عن قرب الصلاة و هم في حالة السكر، و قد تظاهرت الأخبار في هذا عن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. انظر: جامع البيان 5/ 96، و تفسير ابن كثير: (1/ 500)، و الدر المنثور (2/ 545).

ناسخة و لا منسوخة، و هي مصرّحة بتحريم الخمر (1)، و أما (2) قول اللّه عزّ و جلّ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً (3)، فإن قلنا: ان السّكر الطعم (4)، كما قال:

جعلت عيب الأكرمين سكرا (5)، فلا كلام، و إن قلنا: إن السكر: الخمر (6)، فليس فيه دليل على الإباحة، لأنه عزّ و جلّ امتنّ عليهم بما ذكره من ثمرات النخيل و الأعناب، ثم قال: تتخذون من المذكور سكرا و رزقا حسنا فنبّه بقوله عزّ و جلّ وَ رِزْقاً حَسَناً على أن السكر ليس كذلك، و أشار فيه إلى ذم الخمر، إن كان المراد بالسكر (..

الخمر، و إن كان المراد بالسكر ... الخ) (7): الطعم، فهو سكر (8) و رزق حسن، أي:

ص: 618


1- هي محكمة سواء سلمنا أن الآية دالة على تحريم الخمر تحريما قاطعا و آية المائدة مؤكدة لهذا التحريم، أم قلنا إنها دالة على ذم الخمر و هذا هو الصحيح، و الذي قاله جمهرة العلماء. انظر الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 35، 36، و للبغدادي ص 80 و تفسير ابن عطية (2/ 63)، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 198، و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 60).
2- في ظ: بدون واو.
3- النحل: 67 وَ مِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَ الْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ....
4- و هو اختيار أبي عبيدة و الطبري، انظر مجاز القرآن (1/ 363)، و جامع البيان (14/ 138). و بناء عليه فلا نسخ، و قد رد الطبري على دعوى النسخ في هذه الآية. و قال القرطبي: بعد أن نقل رأي أبي عبيدة و الطبري- فالسكر- على هذا- ما يطعم من الطعام و حل شربه من ثمار النخيل و الأعناب، و هو الرزق الحسن، فاللفظ مختلف و المعنى واحد، مثل إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ، و هذا أحسن و لا نسخ ...) اه تفسيره (10/ 129).
5- الشطر ورد نصه هكذا في مجاز القرآن لأبي عبيدة (1/ 363)، و كذلك في تفسير الطبري (14/ 138) و القرطبي (10/ 129) و جاء في اللسان: (جعلت أعراض الكرام سكرا .. أي جعلت ذمهم طعما لك ..) اه (4/ 374) (سكر).
6- ذكر ابن العربي أقوالا عدة في المراد بقوله (سكرا) و منها عن ابن عباس أنه قال: إن السكر: الخمر، و الرزق الحسن: ما أحله اللّه بعدها من هذه الثمرات، قال: و هذا أسد الأقوال، و يخرج ذلك على معنيين: أ) أما أن يكون ذلك قبل تحريم الخمر. ب) و أما أن يكون المعنى: أنعم اللّه عليكم بثمرات النخيل و الأعناب تتخذون منه ما حرم اللّه عليكم اعتداء منكم، و ما أحل اللّه لكم اتفاقا و قصدا إلى منفعة أنفسكم، و الصحيح أن ذلك كان قبل تحريم الخمر، فإن هذه الآية مكية باتفاق من العلماء، و تحريم الخمر مدني اه أحكام القرآن (3/ 1153). و راجع تفسير القرطبي (10/ 128)، و معاني القرآن للفراء (2/ 109).
7- سقط من الأصل.
8- في د و ظ: فهو مسكر.

تتخذون منه طعاما (1) تأكلونه رطبا وَ رِزْقاً حَسَناً يعني التمر و الزبيب.

و زعموا أن قوله عزّ و جلّ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ منسوخ بنسخ إباحة الخمر (2)، و هذا ما (أردى) (3) ما يقال فيه!.

7- و قالوا:- في قوله عزّ و جلّ- قُلِ الْعَفْوَ (4) هي منسوخة بفرض الزكاة و حكوا ذلك عن ابن عباس (5).

و العفو: القليل الذي لا يظهر في المال نقصه.

و قال طاوس: هو اليسير من كل شي ء (6).

و قال الحسن و عطاء: العفو: (ما يكون) (7) إسرافا و لا اقتارا (8).

و قال مجاهد: العفو: الصدقة عن ظهر غني (9).

و قال الربيع: العفو: ما طاب من المال (10)، و كذلك قال قتادة (11).

ص: 619


1- في بقية النسخ: طعما.
2- و هي عبارة مكي في الإيضاح ص 166. و ذلك لأن إباحة الخمر لم يكن بخطاب سابق يحله لهم، و لكن كان مسكوتا عنه، فجاءت هذه الآية- آية البقرة- تذمه و تنفر منه، و تقرر بأن ضرره أكبر من نفعه، توطئة لتحريمه بآية المائدة، و هذا من حكمة التشريع الإلهي. و هو التدرج في تكليف العباد، و عدم أخذهم بالطفرة لما اعتادته نفوسهم حيث نشئوا و ترعرعوا منذ نعومة أظفارهم على شربها و التلذذ بها، فجاء الإسلام يحرمها عليهم، و لكن تدريجيا، حتى قالوا: انتهينا، و اللّه أعلم.
3- هكذا في الأصل: ما أردى- بتقديم الراء على الدال- و هو تحريف.
4- البقرة: 219. ... وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ... الآية.
5- أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس و السدي. انظر: جامع البيان (2/ 367)، ثم رجح خلافه- كما سيأتي-: و انظر الناسخ و المنسوخ لابن حزم الأنصاري ص 28، و لابن سلامة ص 84، 85، و نواسخ القرآن ص 200.
6- انظر: جامع البيان (2/ 364) و الدر المنثور (1/ 608).
7- هكذا في الأصل (ما يكون) و هو خطأ يحيل المعنى. و في بقية النسخ: ما لا يكون.
8- جامع البيان: (2/ 364، 365، 368).
9- المصدر نفسه (2/ 365).
10- المصدر نفسه.
11- و هذا سياق مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 168. قال ابن جرير: و أولى هذه الأقوال: قول من قال: معنى العفو: الفضل من مال الرجل عن نفسه و أهله في مؤنثهم و ما لا بد لهم منه، و ذلك هو الفضل الذي تظاهرت به الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالإذن في الصدقة .. اه جامع البيان (2/ 365).

و قال قوم: كانوا قبل (1) فرض الزكاة قد فرض عليهم من كان له مال أن يمسك لنفسه منه ألف درهم، أو قيمة ذلك من الذهب، و يتصدّق بالباقي (2).

و قال آخرون: فرض عليهم أن يمسكوا الثلث و يتصدقوا بالباقي، و إن كانوا من أهل الزراعة: أمسكوا ما يقيمهم حولا، و تصدّقوا بما بقى و من لم يكن له إلّا العمل بيده: أمسك ما يقوته يومه و تصدق بما بقى، فشق ذلك عليهم، فأنزل اللّه عزّ و جلّ فرض الزكاة (3).

قلت: فلتكن آية الزكاة إذا ناسخة لا منسوخة، لأنها موافقة لقوله عزّ و جلّ قُلِ الْعَفْوَ لأنها نقيض ما كانوا فيه من الجهد و استفراغ الوسع، و هذه حقيقة العفو، كما قالوا: العفو: الأرض (4) السهلة (5).

و الآية محكمة، فإن أريد بها الزكاة فذاك، و إن أريد بها (6) التطوع فذاك (7).

8- قوله عزّ و جلّ وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ (8)، قيل: سبب نزولها أن مرثد بن أبي مرثد (9) بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى مكّة ليخرج ناسا من المسلمين، فقالت له عناق- و هي امرأة كان يخلو بها في الجاهلية- هل لك في الخلوة؟ فقال: حال بيننا الإسلام،

ص: 620


1- في ظق: قيل.
2- في د: و يتصدق الباقي.
3- و هذا سياق هبة اللّه بن سلامة مع تصرف يسير من السخاوي. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 82، 83، و انظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 201، 202.
4- في ظق: للأرض.
5- و في اللسان: و العفو: الأرض الغفل لم توطأ و ليست بها آثار) اه اللسان (15/ 78) (عفا).
6- (بها) ليست في ظق و د.
7- و ممن قال بأن الآية محكمة: ابن جرير الطبري (2/ 368) و النحاس ص 67. قال ابن جرير: و الصواب من القول في ذلك ما قاله ابن عباس على ما رواه عنه عطية من أن قوله (قل العفو) ليس بايجاب فرض فرض من اللّه حقا في ماله، و لكنه أعلام منه ما يرضيه من النفقة مما يسخطه جوابا منه لمن سأل نبيه محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم عما فيه له رضا فهو أدب من اللّه لجميع خلقه على ما أدبهم به في الصدقة غير المفروضات، ثابت الحكم غير ناسخ لحكم كان قبله بخلافه، و لا منسوخ بحكم حدث بعده ..) اه و هو كلام في غاية الوضوح و البيان، و هو كاف في الرد على من ادعى النسخ في هذه الآية، و اللّه الموفق للصواب.
8- البقرة: 221.
9- مرثد بن أبي مرثد الغنوي- بفتح المعجمة و النون- صحابي بدري استشهد في عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم سنة ثلاث أو أربع. التقريب (2/ 236)، و الإصابة 9/ 162 رقم (7871).

قالت له: فتزوج بي، فقال: أرجع إلى رسوله اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فأستأمره (1)، (فاستأمره) (2)، فنزلت هذه الآية (3). فالآية على هذا محكمة، لأن نكاح الكفار غير أهل الكتاب محرّم (4). و قيل: هي محكمة محرّمة لنكاح المشركات و الكتابيات اللواتي في دار الحرب، و يروى ذلك عن ابن عباس، و قاله قتادة و ابن جبير و أكثر العلماء (5).

و عن ابن عمر أنها محكمة، عامة في كل مشركة، كتابية و غير كتابية، حربية و غير حربية (6).

و قيل: إنه إنما كره ذلك، و لم يحرّمه، لأن آية المائدة أباحت الكتابيات كلهن الحربيات و الذميات (7).

ص: 621


1- الأول فعل مضارع و الثاني فعل ماض، أي أستأذنه.
2- ساقط من د و ظ: ظنا أنه تكرير.
3- انظر: أسباب النزول للواحدي ص 39، و للسيوطي ص 108 على هامش الجلالين، و زاد المسير (1/ 245). و عزاه السيوطي مختصرا إلى ابن أبي حاتم و ابن المنذر عن مقاتل بن حيان. الدر المنثور: (1/ 614).
4- و هذا هو الراجح، و قد تقدم الكلام حول هذه الآية مستوفي في هذا الفصل فانظره ص 850.
5- ذكر هذا مكي بن أبي طالب، و قال: لا يحل نكاح كتابية مقيمة في دار الحرب لأنها ليست من أهل ذمة المسلمين، و هو قول أكثر العلماء، فالآية محكمة- على هذا القول- غير عامة و غير منسوخة و لا مخصّصة) اه الإيضاح ص 169، و راجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 69).
6- روى البخاري بسنده عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- أنه كان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية قال: إن اللّه حرم المشركات على المؤمنين، و لا أعلم من الأشراك شيئا أكبر من أن تقول المرأة ربها عيسى، و هو عبد من عباد اللّه) اه كتاب الطلاق باب قول اللّه تعالى: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ (6/ 172). قال النحاس:- عقب ذكره لهذا الحديث عن ابن عمر- و هذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة، لأنه قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة و التابعين جماعة ... و ذكر عددا كبيرا منهم، إلى أن قال: و أيضا فيمتنع أن تكون هذه الآية من سورة البقرة ناسخة الآية التي في سورة المائدة، لأن البقرة من أول ما نزل بالمدينة، و المائدة من آخر ما نزل، و إنما الآخر ينسخ الأول. و أما حديث ابن عمر فلا حجة فيه، لأن ابن عمر كان رجلا متوقفا، فلما سمع الآيتين بواحدة التحليل، و في الأخرى التحريم، و لم يبلغه النسخ توقف، و لم يوجد عنه ذكر النسخ و إنما تؤل عليه، و ليس يوجد الناسخ و المنسوخ بالتأويل اه الناسخ و المنسوخ ص 70 و راجع تفسير القرطبي (3/ 68)، و فتح الباري (9/ 417).
7- ذكره مكي في الإيضاح ص 170، و انظر الدر المنثور (1/ 615).

و قيل: هي عامة في الكتابيات كلهن، و هي منسوخة بآية المائدة، و كره بعض العلماء نكاح الحربيات و لم يحرّمه، و روى مثل ذلك عن مالك، و حرّمه (1) جماعة منهم، (و خصوصا) (2) آية المائدة بالذميات، و آية المائدة: عن أكثر العلماء عامة في كل كتابية، و على ذلك أكثر الصحابة (3) و العلماء (4).

9- و أدخلوا في هذا (5) الباب (6) قوله عزّ و جلّ وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ (7) و قالوا: هي ناسخة لما كان عليه بنو إسرائيل من اجتناب الحائض على كل حال، من مؤاكلة و مضاجعة و غير ذلك، فنسخ بأنا لا تعتزلها إلّا في الوطء خاصة (8).

قالوا: و إنما أدخلنا ذلك في باب الناسخ و المنسوخ لقوله عزّ و جلّ: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ (9).

قالوا: فشريعتهم لازمة لنا حتى نؤمر بتركها.

و الصحيح أن مثل هذا لا يدخل في الناسخ و المنسوخ (10) لأنه لم ينسخ

ص: 622


1- في ظ: بدون واو.
2- هكذا في الأصل: و خصوصا. خطأ. و في بقية النسخ: و خصوا.
3- كلمة (الصحابة) ساقطة من ظق.
4- انظر: الايضاح ص 171. و قد تقدم كلام السخاوي على النسخ و التخصيص و الاستثناء، و قد أورد آية المائدة هذه مستدلا بها على التخصيص لآية البقرة، و قال: انه لو كان من قبيل النسخ لكانت آية البقرة المراد بها الكتابيات، حتى يستقيم نسخها بآية المائدة، و ليس الأمر كذلك، فآية المائدة إذا محكمة غير منسوخة، لكنها مخصّصة و مبينة لآية البقرة. و هذا هو الصحيح. و اللّه أعلم.
5- في د: في هذه.
6- قال السخاوي فيما سبق: و أنا أذكر- بعون اللّه- الآيات التي قيل انها منسوخة و لها وجه تحمل عليه، فتكون محكمة، و أخذ يذكر الآيات في ذلك، و منها هذه الآية.
7- البقرة: 222.
8- انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 773، و نواسخ القرآن ص 204.
9- الأنعام: 90 أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ.
10- و كذا قال مكي في الإيضاح ص 173. قال: لأن معنى (فبهداهم اقتده) يعني في التوحيد خاصة، لا في الشرائع، بدليل قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً المائدة: 48، و لأن شرائع من كان قبلنا مختلفة في الأحكام، و لا سبيل لنا إلى الجمع بين التحليل و التحريم في شي ء واحد و لا إلى فعل شي ء و تركه في عبادة واحدة، فقد كانت لحوم الإبل و ألبانها و شحوم البقرة و الغنم حلالا لمن كان قبل يعقوب من الأنبياء، ثم حرمت على يعقوب و على بني إسرائيل فلا سبيل إلى الجمع بين الشريعتين البتة .. فلم يجتمع الانبياء إلا على التوحيد و التصديق باللّه و رسله و كتبه، و اختلفوا في الشرائع، فليس علينا أن نقتدي من فعلهم إلا بما اجتمعوا عليه ... فعلى هذا كان يجب ألا تدخل هذه الآية في الناسخ و المنسوخ .. اه مختصرا، و كذلك رد ابن الجوزي دعوى النسخ في هذه الآية و فندها. انظر المصدر السابق.

(57/ ب) قرآنا، و لأن الحاجة إلى معرفة الناسخ و المنسوخ، أن لا يظن (1) في منسوخ أنه محكم فيعمل به، و أما إذا لم تكن آية منسوخة تحتاج إلى بيان منسوخة فلا وجه لذلك (2) الناسخ لغير القرآن، و لا فائدة في ذكره، و لا يضرنا أن نجهل ما حرّم على من كان قبلنا أو أحل لهم، حتى يقال: نسخت هذه الآية ما كان عليه من قبلنا.

10- و من ذلك قولهم: كان الرجل يؤلى من امرأته السنة و أكثر من ذلك و لا تطلق (3) عليه، فنسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (4) (5).

11- و من ذلك قولهم في قوله عزّ و جلّ الطَّلاقُ مَرَّتانِ (6)، قالوا: هي ناسخة لشي ء كانوا عليه في أول الإسلام، كان الرجل يطلّق ثلاثا، و هي حبلى، و يكون أحق بارتجاعها ما دامت في العدة (7).

و قيل: هي ناسخة لما كانوا (8) عليه في الجاهلية، ثم في صدر الإسلام، كان

ص: 623


1- في د و ظ: لا يظن. و في ت غير واضحة.
2- في بقية النسخ: لذكر.
3- في د و ظ: و لا يطلق عليه.
4- البقرة: 226.
5- انظر الإيضاح ص 175. و راجع تفسير القرطبي (3/ 103، 108). قال السيوطي: أخرج سعيد بن منصور و عبد بن حميد و الطبراني و البيهقي و الخطيب في تالي التلخيص كلهم عن ابن عباس (كان ايلاء أهل الجاهلية السنة و السنتين و أكثر من ذلك، فوقت اللّه أربعة أشهر، فإن كان ايلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء اه الدر المنثور (1/ 647) قلت: و لا يفهم من كلام ابن عباس النسخ، و إنما يفهم منه أنهم كانوا يفعلون هذا، فلم يقرهم الإسلام، و غيّر ما كانوا عليه، و ليس هذا من قبيل النسخ، و قد تقدم نظير هذا الكثير، و لذلك لم يذكرها كثير من مؤلفي الناسخ و المنسوخ ضمن الآيات التي قيل إن فيها نسخا.
6- البقرة: 229.
7- انظر الإيضاح ص 177، و ابن حزم ص 29، و ابن سلامة ص 89، 90 و الصحيح أن هذه الآية لا تدخل في الناسخ و المنسوخ، كما سيأتي قريبا.
8- في ظ: لما كان.

أحدهم يطلّق امرأته ما شاء مرة بعد مرة، يطلّقها، فإذا كادت تخرج من العدة ارتجعها، يفعل ذلك ما شاء، فنسخ ذلك من فعلهم بهذه الآية (1) (لا تدخل) (2) هذه الآية في الناسخ لما ذكرته.

و قيل: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (3) (4)، و الآيتان محكمتان لم تنسخ واحدة منهما الأخرى، التي في البقرة لبيان عدّة الطلاق، و التي في الطلاق فيها بيان وقت الطلاق (5).

12- و قوله عزّ و جلّ وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (6)، قالوا: هي عامة في كل مطلّقة، فنسخ منها غير المدخول بها، و التي يئست من المحيض و الحامل، قال ذلك قتادة (7).

ص: 624


1- انظر الإيضاح ص 177، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 81، و تفسير القرطبي (3/ 126). قال مكي: و قد كان يجب ألا تذكر هذه الآية في الناسخ و المنسوخ- على هذا القول- لأنها لم تنسخ قرآنا ... اه. قلت: و قد سبق تقرير مثل هذا، و هو أن هذا لا يعد من قبيل النسخ المصطلح عليه بين العلماء، و إنما هو إبطال لما كانوا عليه من أخلاق ذميمة و تصرفات سيئة، فجاء الإسلام و اجتثها من جذورها، و وضع الأسس التي يقوم عليها بناء المجتمع المسلم. قال ابن الجوزي:- بعد أن ذكر القول بنسخها عن ابن عباس و قتادة- و هذا يجوز في الكلام، يريدون به تغيير تلك الحال، و إلا فالتحقيق أن هذا لا يقال فيه ناسخ و لا منسوخ، و إنما هو ابتداء شرع و إبطال لحكم العادة اه نواسخ القرآن ص 208.
2- هكذا في الأصل: بدون واو. و في بقية النسخ: و لا تدخل، و هو الصواب.
3- الآية الأولى من سورة الطلاق. و كتبت الآية في ت و د و ظ: بالواو بدل الفاء.
4- انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 82.
5- انظر: الإيضاح ص 178. قال ابن الجوزي: زعم قوم أن هذه الآية لما اقتضت إباحة الطلاق على الإطلاق من غير تعيين زمان، نزل قوله فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ، أي من قبل عدتهن، و ذلك قول من لا يفهم الناسخ و المنسوخ، و إنما أطلق الطلاق في هذه الآية و بيّن في الأخرى كيف ينبغي أن يوقع، ثم إن الطلاق واقع، و إن طلقها في زمان الحيض، فعلم أنه تعليم أدب و الصحيح أن الآية محكمة) اه. نواسخ القرآن ص 208.
6- البقرة: 228.
7- أخرجه عبد بن حميد عن قتادة. انظر الدر المنثور (1/ 657)، و نسبه بنحوه البغدادي إلى ابن عباس. انظر الناسخ و المنسوخ ص 90 و انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 76، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 206، قال البغدادي: (و لو لا إجماع المفسرين على هذا النسخ لكنا نراه تخصيصا لا نسخا) اه. قلت: بل هذا هو الحق، أي أن الآية التي في البقرة عامة في كل مطلقة، ثم جاء في التخصيص من هذا العموم للحامل و الآيسة و الصغيرة في قوله عز و جل: وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ .. الآية 4 من سورة الطلاق. و الغير مدخول بها في قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها ..) الآية 49 من سورة الأحزاب. و كلام السخاوي في هذا واضح لا أشكال فيه. و راجع الايضاح ص 176، و نواسخ القرآن ص 207، و تفسير القرطبي: (3/ 112).

و ليس كما ذكروا، و إنما أريد بالمطلّقات: المدخول بهن اللواتي يحضن الخاليات من الحمل، يدلّ على ذلك قوله عزّ و جلّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ.

13- و من ذلك قوله عزّ و جلّ وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً (1).

قال أبو عبيد: نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ (2) اه (3).

و هذا ظاهر الفساد، و هذا استثناء و ليس بنسخ.

و قال قوم: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4).

و ليس كذلك، لأن آية البقرة في منع الزوج من ارتجاع ما أعطاه من غير رضى المرأة، و التي في النساء في إباحة ذلك إذا كان عن رضى، فليس بينهما نسخ (5).

14- و من ذلك، قولهم في قوله عزّ و جلّ وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ (6) إنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَ تَشاوُرٍ فَلا جُناحَ

ص: 625


1- البقرة: 229.
2- جزء من الآية نفسها.
3- الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 294. و قد ذكر كل من ابن حزم ص 29 و ابن سلامة ص 91، 92 أنها منسوخة بالاستثناء، و قد رد كل من مكي في الإيضاح ص 178 و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 210 هذا و فنداه. قال ابن الجوزي: و هذا من أرذل الأقوال ..) اه. و انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 83.
4- النساء: 4.
5- انظر: الإيضاح ص 178.
6- البقرة: 233.

عَلَيْهِما (1)، و ليس كذلك، فإنه تعالى قال لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ (2).

15- و من ذلك قوله عزّ و جلّ وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ (3). اختلف في الوارث، فقيل: هو من يرث والد الرضيع، إذا مات قام ورثته مقامه، و كان عليهم للصبي ما كان على أبيه (4).

و قيل: الوارث من يرث الصبي إذا مات (5).

قال (6) ابن عباس: (على وارث الصبي من أجر الرضاع ما كان على أبيه إن لم يكن للصبي مال) (7).

و قال زيد بن ثابت: (يلزم من يرث الصبي من الفقه على رضاعه بقدر حصته من ميراثه منه) (8).

و روى سعيد بن المسيب و سليمان بن يسار (9) (أن رجلا مات و ترك ابنا مسترضعا، و لم يترك مالا، فقضى عمر- رضي اللّه عنه- أن رضاعه على ورثته،

ص: 626


1- جزء من الآية نفسها. و ممن ذكر النسخ هنا هبة اللّه بن سلامة ص 92، 93، و ابن حزم ص 29، إلا أنه قال- أي ابن حزم- نسخت بالاستثناء بقوله فَإِنْ أَرادا فِصالًا .. فصارت هذه الإرادة باتفاق ناسخة لحولين كاملين) اه.
2- فالمقصود منه التخيير و ليس الإلزام، فهو محكم. انظر: الإيضاح ص 179، و نواسخ القرآن ص 211.
3- جزء من الآية السابقة نفسها.
4- ذكره النحاس عن عمر بن الخطاب و الحسن بن أبي الحسن. الناسخ و المنسوخ ص 85. قال ابن الجوزي: و روى هذا القول عن الحسن و السدي. انظر: زاد المسير (1/ 273).
5- أخرجه الطبري عن قتادة و السدي. انظر جامع البيان (2/ 500). و سيأتي ترجيحه لغير هذا القول. و زاد ابن الجوزي نسبة هذا القول إلى عطاء و مجاهد و سعيد بن جبير و ابن أبي ليلى و الحسن بن صالح و مقاتل في آخرين ..) اه زاد المسير (1/ 272).
6- في ظق: و عن ابن عباس.
7- أخرجه بنحوه الطبري عن ابن عباس و قتادة. انظر جامع البيان (2/ 503) و انظر الإيضاح ص 182. و عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن عطاء و إبراهيم و الشعبي. الدر المنثور (1/ 407).
8- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 85، و أحكام القرآن للجصاص الحنفي (1/ 407). و هذا هو القول الراجح كما سيأتي- ان شاء اللّه تعالى-.
9- سليمان بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة، و قيل: أم سلمة ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة، مات بعد المائة و قيل قبلها. التقريب (1/ 331).

و قال: لو لم أجد له ورثة لجعلته على عاقلته) (1).

و قال قتادة: (رضاع الصبي على جميع ورثته بالحصص) (2).

و قيل: الوارث من يرث الولاية على الرضيع، ينفق من مال الصبي عليه مثل ما كان ينفق أبوه (3).

و قيل: الإشارة في قوله عزّ و جلّ وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ إلى ترك المضارة (4).

و قيل: الوارث: الصبي، لأنه وارث الأب، فعليه النفقة في ماله أي أن نفقة الرضاعة على الصبي في ماله، قال ذلك (5): الضحاك و اختاره الطبري (6).

ص: 627


1- انظر: أحكام القرآن للجصاص (1/ 407).
2- و به قال أهل العراق كما قال مكي- فالآية محكمة عندهم. انظر: الإيضاح ص 182.
3- قال مكي: و هو الصواب- ان شاء اللّه- و هذا ان حملت الإشارة على النفقة، فإن حملتها على ترك المضارة، كان معناه: و على وارث ولاية المولود أن لا يضارّ بالأم، و كلا القولين على هذا المعنى حسن صواب اه الإيضاح ص 181.
4- و هذا ما رجحه ابن العربي و وافقه القرطبي، حيث قال ابن العربي: إن هذا هو الأصل- أي أن قوله تعالى وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ لا يرجع إلى جميع ما تقدم و إنما يرجع إلى تحريم الإضرار، و المعنى: و على الوارث من تحريم الإضرار بالأم ما على الأب، فمن ادعى أنه يرجع العطف فيه إلى جميع ما تقدم فعليه الدليل، و هو يدعي على اللغة العربية ما ليس منها، و لا يوجد له نظير) اه أحكام القرآن (1/ 205)، و انظر الجامع لأحكام القرآن (3/ 170). و أما ابن الجوزي فقد مال إلى أن الإشارة ترجع إلى أجرة الرضاع و النفقة و النهي عن الضرار، قال: (و يشهد لهذا أنه معطوف على ما قبله، و قد ثبت أن على المولود له النفقة و الكسوة و أن لا يضار، فيجب أن يكون قوله (مثل ذلك) مشيرا على جميع ما على المولود له) اه زاد المسير (1/ 273)، و انظر أحكام القرآن للجصاص: (1/ 406).
5- في ظق: قال بذلك.
6- ذكره الطبري عن بشر بن نصر المزني- و كان قاضيا في زمن عمر بن عبد العزيز- رحمه اللّه- و عن قبيصة بن ذؤيب و الضحاك. ثم قال: و تأويل ذلك على ما تأوله هؤلاء: و على الوارث المولود مثل ما كان على المولود له اه جامع البيان (2/ 502)، و انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 168)، و قد ساق الطبري بقية الأقوال، ثم قال: و أولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ: أن يكون المعنى بالوارث ما قاله قبيصة بن ذؤيب و الضحاك بن مزاحم، و من ذكرنا قوله آنفا، من أنه معنى بالوارث: المولود، و في قوله مِثْلُ ذلِكَ أن يكون معنيا به مثل الذي كان على والده من رزق والدته و كسوتها بالمعروف ان كانت من أهل الحاجة، و هي ذات زمانه و عاهة، و من لا احتراف فيها، و لا زوج لها تستغني به، و أن كانت من الغنى و الصحة، فمثل الذي كان على والده لها من أجر الرضاعة ...) اه المصدر نفسه (2/ 505).

و قال مكّي: و هو قول حسن (1) اه. و ما أراه كما قال (2).

و عن مالك- رحمه اللّه- ان الآية منسوخة (3)، قال: و لا يجب على الرجل نفقة أخ و لا ذي قرابة اه و ليس الآية بمنسوخة، و لم يذكر مالك- رحمه اللّه- لها ناسخا (4).

16- و من ذلك قوله عزّ و جلّ وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً (5).

قالوا: نسخ منها الحوامل، بقوله عزّ و جلّ وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (6) (7).

و هذا ليس بنسخ، و الآية ليست في الحوامل، يدل على ذلك قوله عزّ و جلّ:

فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (8) أي في ابتغائهن الأزواج، و الحامل ليس (9) لها ذلك.

ص: 628


1- انظر: الإيضاح ص 182.
2- هكذا ساق الإمام السخاوي- رحمه اللّه- الأقوال و يظهر أنه لم يترجح عنده شي ء منها حيث لم يبد رأيه و إنما اكتفى بذكرها و عدم التسليم بما اختاره الطبري و استحسنه مكي، و الذي ترجح عندي و ملت إليه أن المراد بالوارث: كل الورثة من الرجال و النساء- غير الأب و الأم- على قدر نصيبهم من الإرث من مال الصبي إن هو مات، و اللّه أعلم. و هذا ما ذكر آنفا عن ابن عباس و قتادة و السدي و زيد بن ثابت و عمر و غيرهم. و هو أيضا ما رجحه الجصاص الحنفي في أحكام القرآن (1/ 407).
3- ذكره النحاس ص 85، و مكي ص 180، و ابن العربي (1/ 205)، و ابن الجوزي ص 212، و قد رد هذا القول الجصاص و ابن العربي، فقد قال ابن العربي: (و هذا كلام تشمئز منه قلوب العاقلين .. و كان العلماء المتقدمون من الفقهاء و المفسرين يسمون التخصيص نسخا) اه.
4- قال النحاس: بعد أن ذكر النسخ عن مالك و رده- و الذي يشبه أن يكون الناسخ لها عنده- و اللّه أعلم- أنه لما أوجب اللّه سبحانه للمتوفي عنها زوجها من مال المتوفي نفقة حول و السكنى، ثم نسخ ذلك و رفعه نسخ ذلك أيضا عن الوارث» اه الناسخ و المنسوخ ص 86.
5- البقرة: 234.
6- الطلاق: 4.
7- و الصحيح أن هذا من باب التخصيص و البيان فهي محكمة خص منها الحوامل في آية الطلاق، و هذا هو مراد من قال بالنسخ في هذا و أمثاله. انظر الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 187، و الإيضاح ص 184، و تفسير القرطبي (3/ 174).
8- جزء من آية البقرة السابقة 234.
9- سقط من ظ. كلمة (ليس).

17- و من ذلك قوله عزّ و جلّ وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ (1).

قال جماعة: هي منسوخة بالتي تقدمت، و هو قوله عزّ و جلّ: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً.

قالوا: نسخت هذه الحول، و نسخت آية الميراث النفقة عليها إلى الحول (2).

و قال الربيع: كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها أقامت- إن شاءت- حولا و لها السكنى و النفقة، فنسخ ذلك آية الميراث (3).

و قال عبد الملك بن حبيب (4): كانت الحرة المتوفى عنها زوجها، تخير بين أن تقيم في بيته و ينفق عليها من ماله سنة، و بين أن تخرج فلا يكون لها شي ء من ماله، فنسخ ذلك بآية الميراث (5).

و ليست هذه الآية بمنسوخة بالتي قبلها، لأن الناسخ متأخر (6) نزوله عن المنسوخ فكيف يكون نزولها متأخرا، ثم يوضع (7) في التأليف (قيل (8) ما نزل) بعده ناسخة له من غير فائدة في لفظ و لا معنى؟.

ص: 629


1- البقرة: 240.
2- و ممن قال بالنسخ ابن عباس و قتادة و الضحاك و عطاء و ابن زيد و الربيع و عكرمة و الحسن و النخعي. انظر جامع البيان (2/ 579- 581) راجع الدر المنثور (1/ 738)، و الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 36، و لابن حزم الانصاري ص 29، و البغدادي ص 189، و ابن سلامة ص 93، و الإيضاح ص 182، و قلائد المرجان ص 73 و قد حكى ابن حزم الظاهري الاجماع في هذه القضية، و هي نسخ الآية المتأخرة في التلاوة بالآية المتقدمة، قال: و لا يضر كون الآية المنسوخة في ترتيب المصحف في الخط و التلاوة- متقدمة في أول السورة، أو في سورة متقدمة في الترتيب ...) اه الأحكام في أصول الأحكام (4/ 93). و ممن مال إلى القول بالنسخ القرطبي (3/ 174)، و ابن حجر في الفتح (8/ 194)، و السيوطي في الإتقان (3/ 65)، و الزرقاني في مناهل العرفان (2/ 261). أما السخاوي فلم يرتضى القول بنسخها، و سيأتي كلامه و رده لدعوى النسخ قريبا بإذن اللّه.
3- أخرجه ابن جرير بنحوه عن الربيع. جامع البيان (2/ 579).
4- عبد الملك بن حبيب بن سليمان القرطبي، أبو مروان، عالم الأندلس و فقيهها في عصره (174- 238 ه) الميزان (2/ 652)، و الديباج ص 154 و الأعلام (4/ 157).
5- ذكره مكي عن ابن حبيب. انظر الإيضاح ص 183.
6- في بقية النسخ: يتأخر.
7- في ظق: توضع.
8- هكذا في الأصل: قيل ما نزل. تحريف. و في بقية النسخ: قبل ما نزل. و هو الصواب.

و احتجوا لذلك بأن المكّي قد يؤخر عن المدني في السور، و ليس هذا مثل ذلك، و ليس في تقديم السور و تأخيرها شي ء من الإلباس، بخلاف الآيات (1).

قال (2) الزمخشري (3): فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟

قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة، و هي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى:

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ .. (4) مع قوله: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ (5) (6).

و الذي قال غير صحيح، بل التلاوة على ترتيب التنزيل، و قد تقدم (أنّ) (7) قوله عزّ و جلّ: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (8) نزل بعد قوله (9) ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها (10) أي: دم على ذلك، وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (11).

ص: 630


1- قال مكي: و هذا مما تقدم الناسخ فيه على المنسوخ في رتبة التأليف للقرآن، و حق الناسخ في النظر أن يأتي بعد المنسوخ، لأن الناسخ ثان أبدا، و المنسوخ متقدم أبدا، و إنما استغرب هذا لأنه في سورة واحدة، و لو كان في سورتين لم ينكر أن يكون الناسخ في الترتيب قبل المنسوخ، فهو كثير في سورتين، لأن السور لم تؤلف في التقديم و التأخير على النزول أ لا ترى أن كثيرا من المكي بعد المدني و المكي نزل أولا؟! و إنما حكم في هذا بأن الأول نسخ الثاني دون أن ينسخ الثاني الأول على رتبة الناسخ و المنسوخ بالإجماع على أن المتوفي عنها زوجها ليس عليها أن تعتد سنة، و أن عدتها أربعة أشهر و عشرا ... و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بين هذا، فعلم أن الأول ناسخ للثاني و علم أن الأولى في التلاوة نزلت بعد الثانية ناسخة لها) اه الإيضاح: ص 183- 184.
2- في بقية النسخ: و قال.
3- هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري، جار اللّه أبو القاسم من أئمة العلم بالدين و التفسير و اللغة و الأدب، جاور بمكة، و تنقل في البلدان و كان من معتزلي المذهب. (467- 538 ه). طبقات المفسرين للداودي (2/ 314)، و البداية و النهاية: (12/ 235) و الأعلام: (7/ 187).
4- البقرة: (142).
5- البقرة: (144).
6- الكشاف للزمخشري (1/ 377).
7- ساقط من الأصل حرف (أنّ).
8- جزء من الآية السابقة: (144).
9- في ظق و د و ظ: بعد قولهم.
10- جزء من الآية السابقة: (142).
11- جزء من الآية السابقة: (144).

و قد قيل: أن أول ما نزل في ذلك قوله عزّ و جلّ: وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (1)؛، قيل: أعلم اللّه عزّ و جلّ نبيه ما هم قائلون.

فقال: إذا قالوا ذلك، فقل لهم: وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ. و قد تقدم أيضا قوله وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (2)، فهذا يدل على ما قلناه من أن قوله عزّ و جلّ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، (58/ ب) أمر بالدوام على ما كان أمره به من اتخاذ المقام مصلى (3)، ثم أن هذه الآيات كلها في قصة واحدة بخلاف الناسخ و المنسوخ، و لم يقل أحد من المفسّرين أن قوله عزّ و جلّ: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ نزل بعد قوله عزّ و جلّ قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ .. و إنما و هم الزمخشري، فظن الأخبار بما يكون بعد الشي ء قبل وقوعه هو الواقع بعده، و هذا غلط بين (4)، و إنما مثال هذا أن يقول الملك لمن يريد أن يوليه ناحية: سيطعن (5) السفهاء في ولايتك، ثم يقول (له) (6) بعد ذلك: تولّ ناحية كذا، كذلك قال (7) اللّه عزّ و جلّ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ .. الآية، أخبارا بما سيكون بعد التولية، ثم قال سبحانه بعد ذلك: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الآية.

و هذا واضح جدا، و قد خفى عليه هذا، فصار إلى ما صار إليه من تقدم الآية في التلاوة، و تأخرها في الإنزال، و ليس بهين أن يجعل كلام اللّه عزّ و جلّ بهذه المثابة.

بل أقول: إن الآية غير منسوخة بالتي تقدمت (8)، بل معناها: أن المتوفى

ص: 631


1- البقرة: (115). و قد سبق أن ذكر المصنف أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ على أحد الأقوال التي قيلت في ذلك.
2- البقرة: (125).
3- يريد السخاوي أن هذه الآية متقدمة في التلاوة و في ترتيب آيات السورة، و جاءت قبل سَيَقُولُ السُّفَهاءُ ... و قبل قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ و غيرها من الآيات التي تتحدث عن القبلة، مما يدل على أن اللّه أمره صلّى اللّه عليه و سلّم بالدوام على ما كان عليه، إذا فليس هناك نسخ، و اللّه أعلم.
4- في د: و هذا غلط منه. و في ظ: و هم هذا غلط منه.
5- في د و ظ: ستطعن السفهاء.
6- ساقط من الأصل (له).
7- في د: فقال اللّه.
8- و هذا قول مجاهد- و سيأتي- و قد تقدم أن الجمهور يقولون بالنسخ هنا.

عنها زوجها كانت لها متعة، كما أن للمطلّقة متعة، فكانت متعة المتوفى عنها زوجها أن تخير بعد انقضاء العدة بين أن تقيم إلى تمام الحول، و لها السكنى و النفقة، و بين أن تخرج، يدلّ على صحة ذلك قوله عزّ و جلّ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ، أي لا تخرج إذا لم ترد، ثم قال تعالى: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ، فأباح لها أن تخرج، و لو كانت العدة حولا لم يبح لها ذلك، و لم تكن مخيّرة فيه، و من لم يفرّق بين هذا و بين قوله عزّ و جلّ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ و يميز (1) بين المكث الواجب كيف جاء بهذا اللفظ، و بين المكث الراجع الى الاختيار، كيف جاء باللفظ الآخر، فقد سلب آلة التمييز، بل الآية المتأخرة دالة على تقدم الأولى بقوله عزّ و جلّ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ.

أي فإن اخترن الخروج بعد بلوغ الأجل المذكور في الآية المتقدمة فلا حرج.

و قد قال مجاهد: إن الآية محكمة (2)، و لها السكنى و النفقة من مال زوجها- إن شاءت-.

و إن قلنا: إن ذلك قد كان، ثم بطل بأنه لا وصية لوارث، فذاك موافق لما عليه الجمهور (3).

ص: 632


1- في د: و يميزه.
2- روى البخاري في صحيحه عن مجاهد وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ... قال: كانت هذه العدة، تعتد عند أهل زوجها واجب، فأنزل اللّه وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ، فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ. قال: جعل اللّه لها تمام السنة سبعة أشهر و عشرين ليلة وصية، إن شاءت سكنت في وصيتها، و إن شاءت خرجت، و هو قول اللّه تعالى: غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فالعدة كما هي واجب عليها، زعم ذلك عن مجاهد ...). انظر: كتاب التفسير (8/ 193)، بشرح ابن حجر، و أخرجه الطبري أيضا في تفسيره (2/ 581). قال ابن حجر: و الجمهور على خلافه، و هذا الموضع مما وقع فيه الناسخ مقدما في ترتيب التلاوة على المنسوخ اه.
3- أما الكلام بأنه لا وصية لوارث فقد سبق الحديث عنه عند قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ... (ص 601) من هذا الفصل فلينظر. و أما وجه إيراد السخاوي لهذا فإنه يخدم ما ذهب إليه من عدم النسخ فكأنه يقول لا تعارض بين هذه الآية و بين سابقتها، فالسابقة في التلاوة في بيان العدة و المدة التي يجب عليها أن تمكثها، و الآية الثانية خاصة فيما إذا كان هناك وصية للزوجة بذلك، و لم تخرج و لم تتزوج، و هما مقامان مختلفان. و قد رد هذا الزرقاني و رجح القول بالنسخ و عزاه إلى الجمهور. انظر مناهل العرفان (2/ 261).

و أما أن نقول (1): أنها منسوخة بما تقدمها فلا.

و هذا الموضع من أقبح ما ذكروه في كتاب اللّه عزّ و جلّ (2)، ثم ذكر بعد هذه المتعة، متعة الطلاق، فقال عزّ و جلّ- عقيب هذه الآية- وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (3).

18- و من ذلك: قول ابن زيد (4) في قوله عزّ و جلّ إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً (5) أنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ وَ لا تَعْزِمُوا (6) عُقْدَةَ النِّكاحِ (7) (8) و ليس كما قال، بل هي محكمة، و المراد بذلك التعريض بالنكاح.

19- و من ذلك قوله عزّ و جلّ وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (9).

قال ابن المسيب (10): وجبت المتعة لغير المدخول بها بهذه الآية، و بقوله عزّ و جلّ في الأحزاب فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ (11)، قال: ثم نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ

ص: 633


1- في د و ظ: أن تقول.
2- الحقيقة أن تقبيح القول بالنسخ في هذا الموضع ليس سليما، سيما و قد قال به جمهرة من العلماء- كما سبق-.
3- سورة البقرة: (241).
4- عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم المدني، ضعيف، له التفسير و الناسخ و المنسوخ، مات سنة 282، طبقات المفسرين للداودي (1/ 271).
5- البقرة (235) ... عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً.
6- في ظ: و لا تقربوا عقدة النكاح. و هو خطأ في الآية الكريمة.
7- جزء من الآية نفسها.
8- أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن زيد. جامع البيان (2/ 527)، و ذكره مكي عن ابن زيد، و قال: أكثر العلماء أنه محكم ... اه الإيضاح ص 185.
9- البقرة (236) لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ....
10- في د، ظ: ابن السكيت. خطأ.
11- الأحزاب: (49) و هي قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا.

وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ (1) (2).

و هذا ليس بنسخ لذلك، لأن الأول في التي لم يفرض لها، و الثاني في التي قد فرض لها.

و قال ابن المسيب أيضا: كانت المتعة واجبة بقوله عزّ و جلّ في سورة الأحزاب فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ، ثم نسختها آية البقرة، و هو قوله عزّ و جلّ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ قال: و لم يقل: (حقا عليكم، و لا واجبا عليكم) (3) و هذا أيضا ليس كذلك، لأن قوله عزّ و جلّ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ و حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ لا يعارض قوله عزّ و جلّ فَمَتِّعُوهُنَّ، و لذلك قال علي- رضي اللّه عنه-: (المتعة واجبة لكل مطلّقة)، و إليه ذهب الحسن البصري و الضحاك و ابن جبير (4).

و قال شريح: (هي مندوب اليها، فمتّع، إن كنت تحب أن تكون من المحسنين، أ لا تحب أن تكون من المتقين) (5)؟

ص: 634


1- البقرة (237).
2- أخرجه الطبري بنحوه عن سعيد بن المسيب. جامع البيان (2/ 533) و ذكره مكي عن ابن المسيب أيضا. انظر الإيضاح ص 186.
3- انظر: الإيضاح ص 186.
4- المصدر نفسه ص 187. و أخرجه الطبري عن الحسن و أبي العالية و سعيد بن جبير، و بعد أن ذكر الأقوال في ذلك رجح وجوب المتعة لكل مطلقة، و انتصر لهذا القول و فند ما سواه. انظر جامع البيان (2/ 535). و عزا القرطبي الوجوب إلى ابن عمر و علي بن أبي طالب و الحسن بن أبي الحسن و سعيد بن جبير، و أبي قلابة و الزهري و قتادة و الضحاك ابن مزاحم. قال: و تمسك هؤلاء، بمقتضى الأمر، قال: و هو أولى، لأن عمومات الأمر بالإمتاع في قوله مَتِّعُوهُنَّ و إضافة الإمتاع إليهن بلام التمليك في قوله وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ أظهر في الوجوب منه في الندب، و قوله حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ تأكيد لإيجابها، لأن كل واحد يجب عليه أن يتقي اللّه في الإشراك به و معاصيه ... اه. الجامع لأحكام القرآن (3/ 200)، و راجع (3/ 203) من المصدر نفسه.
5- أخرجه ابن جرير بنحوه عن شريح. انظر جامع البيان (2/ 534)، و ذكره مكي بن أبي طالب، و قال: و هذا هو المختار، و هو مذهب مالك. الإيضاح ص 187. قال القرطبي: و تمسك أصحاب هذا القول بقوله تعالى حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ و عَلَى الْمُتَّقِينَ، و لو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أَجْمَعِينَ* اه المصدر السابق. و قد سبق أن ذكرت أن الطبري و القرطبي يرجحان الوجوب، و هذا الذي تطمئن إليه النفس و ترتاح، و به تسود المحبة في الأسرة، و المجتمع، و تجبر القلوب المكسورة بسبب الطلاق، و اللّه الموفق للصواب.

و قال ابن عباس:- رضي اللّه عنهما- و غيره (هي واجبة للتي لم يفرض لها اذا طلّقت قبل الدخول، على الموسر خادم، و يمتّع المتوسط بالورق، و دون المتوسط بالكسوة و النفقة)، و كذلك قال قتادة (1).

و ليس الغرض إيراد المذاهب، و إنما الغرض أن الآية غير منسوخة و لا ناسخة (2).

20- و من ذلك قوله عزّ و جلّ لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ (3).

قال قوم: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ* (4)، و الجمهور (5) على أنها محكمة (6).

ص: 635


1- ذكره مكّي بنحوه، قال: و به قال العراقيون اه الإيضاح ص 189. و قد ساق الطبري بسنده إلى ابن عباس أنه قال: متعة الطلاق أعلاه الخادم، و دون ذلك الورق، و دون ذلك الكسوة اه. جامع البيان 2/ 530. و زاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن ابن عباس. الدر المنثور (1/ 697). و الآية جاءت عامة غير مقدرة و لا محددة للمتعة (على الموسع قدره و على المقتر قدره)- فكل يمتع بقدر استطاعته، هذا بخادم و هذا بثوب و هذا بنفقة، هذا قول الحسن و مالك بن أنس. انظر: تفسير القرطبي (3/ 201).
2- لأن شرط النسخ غير موجود، و الجمع ممكن، و قد قال فريق من العلماء، منهم الثوري: المتعة لكل مطلقة عموما، و هذه الآية إنما بينت أن المفروض لها تأخذ نصف ما فرض لها، و لم يعن بالآية إسقاط متعتها بل لها المتعة و نصف المفروض. انظر: الجامع لأحكام القرآن (3/ 204). و هذا هو الصواب- إن شاء اللّه تعالى-.
3- البقرة (256).
4- التوبة (73) التحريم: (9).
5- في ظ: و الجمهور أنها محكمة.
6- انظر: الإيضاح ص 193، 194، و الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 572 و قد نسب ابن الجوزي القول بالنسخ إلى الضحاك و السدي و ابن زيد و نسب القول بأحكامها إلى ابن عباس و مجاهد و قتادة. قال: و هو من العام المخصوص، و أنه خص منه أهل الكتاب، فإنهم لا يكرهون على الإسلام، بل يخيرون بينه و بين أداء الجزية اه نواسخ القرآن ص 219. و قد رجح أحكام هذه الآية كل من الطبري و النحاس و ابن العربي. انظر: جامع البيان (3/ 17)، و الناسخ و المنسوخ ص 98، و أحكام القرآن (1/ 233).

قال ابن عباس- رضي اللّه عنهما- (نزلت في أهل الكتاب، لا يكرهون إذا أدّوا الجزية) (1).

21- و من ذلك قوله عزّ و جلّ وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ (2)، قالوا: هي ناسخة لما كانوا عليه من بيع المعسر فيما عليه من الدّين (3). و قد قدمت أن مثل هذا لا يجمل أن يذكر في الناسخ (4).

لأنه نقل عن فعل كانوا عليه بغير قرآن نزل فيه، و لا أمر من اللّه عزّ و جلّ، و لو كان ذا ناسخا لكان القرآن كله ناسخا، لأنه نزل في تغيير ما كانوا عليه و إبطاله (5).

22- و من ذلك قوله عزّ و جلّ إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ (6) وَ لا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ (7) فأمر بالكتاب (8) و الإشهاد، قالوا:

ص: 636


1- أخرجه ابن جرير بنحوه عن ابن عباس رضى اللّه عنهما. جامع البيان (3/ 17). و زاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس كذلك. الدر المنثور (2/ 21).
2- البقرة: (280).
3- انظر: الإيضاح ص 194، و راجع تفسير القرطبي (3/ 371)، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 99. قال الطبري: الصواب من القول في هذه الآية أنه معنى به غرماء الذين كانوا أسلموا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و لهم عليهم ديون، قد أربوا فيها في الجاهلية، فأدركهم الإسلام قبل أن يقبضوها منهم، فأمر اللّه بوضع ما بقى من الربا بعد ما أسلموا، و بقبض رءوس أموالهم ممن كان منهم من غرمائهم موسرا، و أنظار من كان منهم معسرا برءوس أموالهم إلى ميسرتهم ... اه جامع البيان (3/ 112).
4- و لذلك لم يتعرض لذكرها ضمن الناسخ و المنسوخ كل من قتادة و ابن حزم و ابن سلامة و البغدادي و ابن الجوزي و الكرمي و السيوطي الزرقاني.
5- سبق أن ذكر السخاوي نحو هذا عند قوله تعالى لا تَقُولُوا راعِنا ص 594. قال مكي: و قد كان يجب أن لا تذكر هذه الآية في الناسخ و المنسوخ، لأنها لم تنسخ قرآنا و لا سنة ثبتت، إنما نسخت فعلا كانوا عليه بغير أمر من اللّه، و القرآن كله أو أكثره على هذا، نقلهم حكمه عما كانوا عليه اه الإيضاح ص 195.
6- سقط من الأصل بانتقال النظر إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ إلى قوله عز و جل اه. اه.
7- البقرة: (282).
8- في د و ظ: بالكتابة.

ثم نسخ ذلك بقوله سبحانه فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ (1)، و ليس هذا بنسخ، و فيه بيان كون الأمر بالكتابة و الإشهاد ليس (2) على الوجوب (3).

و ذهب ابن عمر و ابن عباس و أبو موسى الأشعري و جابر بن زيد و ابن سيرين و الضحاك و أبو قلابة و عطاء و الشعبي و داود إلى وجوب الكتاب (4) و الإشهاد، و أوجبوا على رب الدّين أن يكتب و أن يشهد إذا قدر على ذلك.

قالوا: و أما قوله عزّ و جلّ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، فإنما ذلك عند عدم القدرة على الكتابة و الإشهاد، إذا عفا عن الرهن أو لم يجده (5).

و قال الشعبي و عطاء: أشهد إذا بعت (6) و اشتريت بدرهم أو بنصف درهم أو بثلث درهم (7)، و بهذا يقول الطبري، و على الجملة فالآية محكمة على كل حال (8).

23- و من ذلك قولهم في قوله عزّ و جلّ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ

ص: 637


1- البقرة: (283).
2- في بقية النسخ: و ليس.
3- و حمله على التخيير و الإرشاد و الندب هو قول أكثر أهل العلم. انظر الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 348، و الإيضاح ص 196.
4- في د و ظ: الكتابة.
5- انظر: الإيضاح ص 198، و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 101.
6- في بقية النسخ: أو اشتريت.
7- رواه أبو عبيد بنحوه عن عطاء و إبراهيم النخعي. انظر الناسخ و المنسوخ ص 344، 346، 347. و روى أبو عبيد أيضا عن الشعبي و الحسن التخيير في ذلك. المصدر نفسه، و راجع الناسخ و المنسوخ لابن سلامة ص 97، و قلائد المرجان ص 75.
8- و هذا هو الظاهر، لأنه لا تعارض بين الآيتين، فالآية الأولى تأمر بالكتابة و الإشهاد عند التبايع- بغض النظر عن الخلاف في الوجوب و عدمه كما سبق- فإن كان ندبا فلا تعارض، و يكون الأمر بالكتابة و الإشهاد و الرهن من باب الندب و الإرشاد، فإذا أمن كل من البائع و المشتري الآخر، و لم يكتبا و لم يشهدا فليس عليهما حرج، و ما جعل اللّه علينا في الدين من حرج، و أما إن كان على سبيل الإلزام و الفرض فأيضا ليس هناك تعارض، فإن الآية تنص على الرخصة في عدم الكتابة عند عدم وجود الكاتب. و قد قال بعدم النسخ ابن جرير الطبري و وافقه النحاس و ابن الجوزي غير أنهما يخالفانه في وجوب الكتابة و الإشهاد، و يحملان ذلك على الندب، و هو ما صوبه مكي- كما سبق- و هو كذلك ما يفهم من كلام السخاوي المتقدم. يقول الإمام الطبري:- بعد أن ذكر قول الذين قالوا بالنسخ و رجح أن الأمر للوجوب- و لا وجه لاعتلال من اعتل بأن الأمر بذلك منسوخ بقوله فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ ... الآية، لأن ذلك إنما أذن اللّه تعالى ذكره به حيث لا سبيل إلى الكتاب أو إلى الكاتب، فأما و الكتاب و الكاتب موجودان، فالفرض- إذا كان الدين إلى أجل مسمى- ما أمر اللّه تعالى ... ذكره به في قوله فَاكْتُبُوهُ ... و إنما يكون الناسخ ما لم يجز اجتماع حكمه و حكم المنسوخ في حال واحدة على السبيل التي قد بيناها فأما ما كان أحدهما غير ناف حكم الآخر فليس من الناسخ و المنسوخ في شي ء اه. جامع البيان (3/ 120).

اللَّهُ (1) (إنه) (2) منسوخ بقوله عزّ و جلّ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها (3).

و ليس في هذين ناسخ و لا منسوخ (4)، و النسخ لا يدخل في الأخبار، ففي هذه السورة ثلاثون موضعا أدخلت في الناسخ و المنسوخ (5)، لم يقع الاتفاق على شي ء منها بل فيها ما لا يشك في أنه ليس بناسخ و لا منسوخ و مستند قولهم في ذلك الظن لا اليقين، و لا يثبت ناسخ القرآن و منسوخه بالظن و الاجتهاد.

ص: 638


1- البقرة (284).
2- ساقط من الأصل كلمة (أنه).
3- البقرة (286). و قد ذكر الطبري النسخ بأسانيده عن ابن عباس و عائشة، و ابن مسعود و مجاهد و قتادة و الحسن و الشعبي و السدي و غيرهم. انظر: جامع البيان (3/ 144- 147)، و راجع الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 37، و ابن حزم ص 30، و ابن سلامة ص 98، و البغدادي: ص 92 و الإيضاح لمكي ص 200، و الإتقان 3/ 65. و سيأتي بإذن اللّه قريبا قول الذين قالوا بأحكامها، و أنه هو الراجح.
4- و هذا هو الصحيح- إن شاء اللّه تعالى- من أقوال أهل العلم، و هو ما أخرجه الطبري عن ابن عباس و الربيع بن أنس و الحسن البصري و مجاهد جامع البيان 3/ 147 فما بعدها. و مال إليه النحاس، و مكي و ابن الجوزي و الكرمي. انظر الناسخ و المنسوخ ص 105، و الإيضاح ص 200، و المصفى بأكف أهل الرسوخ ص 21، و هو ما يفهم من كلام ابن الجوزي أيضا في كتابيه نواسخ القرآن ص 234، 235، و زاد المسير 1/ 344، و راجع كذلك قلائد المرجان للكرمي ص 77.
5- و قد تبع السخاوي في هذا العدد الإجمالي للآيات التي أدخلت في الناسخ و المنسوخ أبا جعفر النحاس ص 104، و هبة اللّه بن سلامة ص 32 و لكن على خلاف فيما بينهم في ذكر الآيات المدعي فيها النسخ. و من الملاحظ أن السخاوي ذكر أكثر من هذا العدد، فقد ذكر ثلاثا و عشرين موضعا ابتداء من قوله: «و أنا أذكر بعون اللّه تعالى الآيات التي قيل إنها منسوخة و لها وجه تحمل عليه فتكون محكمة». و كان قد ذكر قبل ذلك اثني عشر موضعا ادّعى فيها النسخ. و أما ابن الجوزي فقد ذكر سبعا و ثلاثين آية أدعى فيها النسخ. و ذكر كل من ابن حزم و الفيروزآبادي ستا و عشرين آية فقط. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 19، و بصائر ذوي التمييز 1/ 135.
سورة آل عمران

ذكروا فيها أربعة عشرة (1) موضعا (2)، ليس منها موضع متفق في صحته (3):

الأول: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ (4)، قالوا: نسخها قوله عزّ و جلّ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (5) و ليس (هذا) (6) بنسخ، إذ يجوز أن يجمع بين الأمرين (7) (8).

الثاني: وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ (9) (10).

ص: 639


1- هكذا في الأصل: عشرة. و في بقية النسخ: عشر. و هو الصواب.
2- ذكر قتادة و السيوطي موضعا واحدا فقط، انظر: الناسخ و المنسوخ: ص 38، و الاتقان: 3/ 66، و ذكر النحاس ص 105، و ابن الجوزي في المصفى ص 22، و الكرمي ص 89، ثلاث آيات. و اقتصر ابن حزم الأنصاري ص 30، و مكي ص 201- 205، و الفيروزآبادي 1/ 160، على خمس آيات. و أما ابن سلامة ص 102، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 237- 246، فقد ذكرا عشر آيات ادعيا فيها النسخ.
3- هكذا في الأصل، و في بقية النسخ: ليس منها موضع متفق على صحة النسخ فيه. و هي أوضح.
4- آل عمران: (20).
5- النحل: (125).
6- سقط من الأصل كلمة (هذا).
7- في ظ: بين الاميرين.
8- انظر: الايضاح: ص 201- 202.
9- آل عمران: 20.
10- انظر: ابن حزم الانصاري ص 30، و ابن سلامة ص 103، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 237، و الكرمى ص 79. قال ابن الجوزي: قد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الكلام اقتضى الاقتصار على التبليغ دون القتال ثم نسخ بآية السيف و قال بعضهم: لما كان صلّى اللّه عليه و سلّم حريصا على إيمانهم مزعجا نفسه في الاجتهاد في ذلك سكن جأشه بقوله إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ الآية 12 من هود و إنما عَلَيْكَ الْبَلاغُ و المعنى لا تقدر على سوق قلوبهم إلى الصلاح، فعلى هذا لا نسخ اه. قلت: و هو الصواب- إن شاء اللّه تعالى:- و عليه فلا نسخ، فإنما عليه صلّى اللّه عليه و سلّم هداية الدلالة و الإرشاد، و عليه تعالى هداية التوفيق و الصلاح. و راجع النسخ في القرآن 1/ 429.

«قالوا: نسختها آية السيف و إنما المعنى: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ» (1) اه، و ليس عليك الهداية، لأنه قال قبل ذلك فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا (2).

الثالث: قوله عزّ و جلّ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ (3).

قالوا: نسخ منها إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً (4) بآية السيف (5)، و ليس كما قالوا، قال الحسن: إنما ذلك في الكفار إذا أكرهوا المؤمنين على الكفر، فيتكلمون بذلك و قلوبهم كارهة (6).

و قال قتادة: التقيّة (7): أن تصل رحمك من الكفار من غير أن تواليهم على المسلمين (8).

ص: 640


1- سقط من الأصل.
2- جزء من الآية نفسها.
3- آل عمران (28) لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ...
4- جزء من الآية نفسها.
5- و كذا ذكر هبة اللّه بن سلامة ص 103، و ابن البارزي ص 27، و قد أعرض عن ذكر دعوى النسخ في هذه الآية كثير ممن تكلموا في النسخ كقتادة و النحاس و البغدادي و ابن حزم الأنصاري و مكي و السيوطي و الكرمي و غيرهم. و أما ابن الجوزي فإنه حكى النسخ و رده. قال: قد نسب قوم إلى أن المراد بالآية اتقاء المشركين أن يوقعوا فتنة أو ما يوجب القتل و الفرقة، ثم نسخ ذلك بآية السيف، و ليس هذا بشي ء، و إنما المراد من الآية جواز اتقائهم إذا أكرهوا المؤمن على الكفر بالقول الذي يعتقده، و هذا الحكم باق غير منسوخ اه نواسخ القرآن ص 238، و المصفى ص 22.
6- عزاه السيوطي بمعناه مختصرا إلى عبد بن حميد عن الحسن. قال: التقية جائزة إلى يوم القيامة اه الدر المنثور: 2/ 176.
7- التقية و التقاة و التقوى و الاتقاء كله واحد. اللسان: 15/ 402 (وقى).
8- أخرجه الطبري بنحوه عن قتادة. انظر: جامع البيان: 3/ 229. و زاد السيوطي نسبته إلى عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن أبي حاتم الدر المنثور: 2/ 176.

و قيل: نزلت في عمار بن ياسر- رضي اللّه عنه- لأنه خاف أن يقتله المشركون فتكلّم ببعض ما أحبوا (1).

و في حاطب بن أبي بلتعة (2) حين كتب بأخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الى كفار مكة ليرعوه في أهله و ماله، و قلبه مطمئن بالإيمان (3).

الرابع و الخامس و السادس: من قوله عزّ و جلّ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ إلى قوله وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (4).

قالوا: نسخها قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا (5) و هذا ليس بناسخ و لا منسوخ (6).

ص: 641


1- انظر: تفسير القرطبي: 4/ 58. و قد ذكر الواحدي قصة عمار و من معه من المسلمين الذين عذبهم المشركون و فتنوهم عن دينهم، و ذلك عند قوله تعالى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ الآية 106 من سورة النحل انظر: أسباب النزول ص 162. و كذلك ذكر السيوطي في أسباب النزول على هامش الجلالين ص: 468 و عزاه إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس: (... فأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقيه ...) اه. و انظر: الدر المنثور: 3/ 170.
2- بفتح الموحدة و سكون اللام بعدها مثناة ثم مهملة مفتوحة- ابن عمرو بن عمير اللخمي صحابي، شهد بدرا و الحديبية، مات سنة ثلاثين في خلافة عثمان رضي اللّه عنه، و له خمس و ستون سنة. الإصابة: 2/ 192 رقم 1534 و الاستيعاب: 2/ 280.
3- انظر: زاد المسير: 1/ 371. و راجع قصة حاطب بن أبي بلتعة في أسباب النزول للواحدي ص: 240 و للسيوطي ص 730، و في الدر المنثور 8/ 125 فما بعدها.
4- آل عمران الآيات: 86- 88.
5- آل عمران (89).
6- قال ابن حزم: فهذه الآيات نزلت في ستة رهط، ارتدوا عن الإسلام بعد أن أظهروا الإيمان، ثم استثنى واحد من الستة و هو سويد بن الصامت فقال تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فهذه الآية ناسخة لها اه. الناسخ و المنسوخ ص 31، و انظر ابن سلامة ص 104. و ممن قال بالنسخ ابن البارزي ص 28، و الفيروزآبادي 1/ 160 هذا و لم يتعرض لدعوى النسخ هنا كل من النحاس و البغدادي و مكي، و أما ابن الجوزي فقد ذكر دعوى النسخ عن السدي و رده و فنده، و قال: إن هذا محكم لا وجه لدخول النسخ عليه ... اه و انظر بقية كلامه في نواسخ القرآن ص 241.

السابع: قوله عزّ و جلّ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً (1).

قالوا: هو منسوخ بقوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا صمت (2) يوما إلى الليل» (3)، و فساد هذا القول واضح (4).

الثامن: قوله عزّ و جلّ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (5).

قال السدي: هو منسوخ بقوله سبحانه: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (6)، و هذا أيضا باطل (7).

ص: 642


1- آل عمران: (41).
2- العرب تقول: لا صمت يوما إلى الليل، و لا صمت يوم إلى الليل، و لا صمت يوم إلى الليل، فمن نصب أراد: لا صمت يوما إلى الليل، و من رفع أراد: لا يصمت يوم إلى الليل، و من خفض فلا سؤال فيه، .. و الصمت: السكوت. انظر: اللسان: 2/ 54 (صمت).
3- رواه أبو داود في سننه كتاب الوصايا باب ما جاء متى ينقطع اليتم: 3/ 294 بلفظ: (لا يتم بعد احتلام، و لا صمات يوم إلى الليل). قال الخطابي: قوله (لا صمات يوم إلى الليل) كان أهل الجاهلية من نسكهم الصّمات، و كان الواحد منهم يعتكف اليوم و الليلة فيصمت و لا ينطق فنهوا عن ذلك و أمروا بالذكر و النطق بالخير اه. المصدر نفسه. و الحديث ذكره النحاس ص 106 و مكي ص 202، و ابن عطية في المحرر الوجيز 1/ 411، و القرطبي في تفسيره: 4/ 81.
4- انظر: النحاس و مكي و ابن عطية و القرطبي الصفحات السابقة. قال القرطبي: قال بعض من يجيز نسخ القرآن بالسنة: أن زكريا منع الكلام، و هو قادر عليه، و إنه منسوخ بقوله عليه السلام (لا صمت يوما إلى الليل)، و أكثر العلماء أنه ليس بمنسوخ، و أن زكريا إنما منع الكلام بآفة دخلت عليه منعته إياه، و تلك الآفة عدم القدرة على الكلام مع الصحة، كذلك قال المفسرون. و ذهب كثير من العلماء إلى أنه (لا صمت يوما إلى الليل) إنما معناه عن ذكر اللّه، و أما عن الهذر و ما لا فائدة فيه، فالصمت عن ذلك حسن. المصدر السابق.
5- آل عمران: (97).
6- جزء من الآية نفسها.
7- ذكر دعوى النسخ ابن سلامة و عزاه إلى السدي، قال: قال السدي: هذا على العموم ثم استثنى اللّه تعالى بعدها فصار ناسخا ... اه الناسخ و المنسوخ ص 105، و ذكره ابن البارزي دون عزو ص 28. هذا و قد أعرض عن ذكر دعوى النسخ في هذه الآية معظم الذين تكلموا في النسخ، إلا أن ابن الجوزي ذكره عن السدي أيضا- كما ذكره ابن سلامة- و فنده و قبح القول به. نواسخ القرآن ص 241.

التاسع: قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ (1)، قال قتادة:

هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (2) (3)، و قال السدي و ابن زيد و الربيع بن أنس و جماعة من العلماء: ليس هذا بنسخ (4)، و الآيتان (5) معناهما واحد، و الأمر بتقوى اللّه لا ينسخ (6).

و قوله حَقَّ تُقاتِهِ أي ما أطقتم (7)، قيل: يا رسول (اللّه) (8)، ما حق تقاته؟

قال: «هو أن يطاع فلا يعصى، و أن يذكر فلا ينسى، و أن يشكر فلا يكفر» (9). و قال ابن عباس: (أن يجاهد في اللّه حق جهاده، و لا تأخذه فيه لومة لائم، و أن تقوم للّه

ص: 643


1- آل عمران: (102).
2- التغابن: (16).
3- حكي النسخ كل من قتادة ص 38، و النحاس ص 106، و ابن حزم الأنصاري ص 31، و ابن سلامة ص 106، و البغدادي ص 92 و مكي ص 203، و ابن البارزي ص 28، و الفيروزآبادي 1/ 160، و السيوطي 3/ 66، إلا أن النحاس و مكي ردا القول بالنسخ، و أما السيوطي فقد حكي فيها القولين، قال: و ليس فيها- أي آل عمران- آية يصح فيها دعوى النسخ غير هذه الآية اه.
4- هكذا ذكر المصنف عن هؤلاء، و ما ذكره مكي و ابن الجوزي عنهم يخالف ما ذكره السخاوي، فقد حكيا عنهم القول بالنسخ. انظر: الإيضاح ص 203، و زاد المسير 1/ 432، و راجع جامع البيان للطبري 4/ 29.
5- في ظق: و إلا كان معناهما.
6- و هذا هو الصحيح، و هو ما رجحه النحاس ص 107، و مكي ص 203 و القرطبي في تفسيره 4/ 157، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 244، و في المصفى ص 22، و الزرقاني في مناهل العرفان 2/ 262.
7- قال القرطبي: و هذا أصوب، لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع و الجمع ممكن فهو أولى اه 4/ 157.
8- لفظ الجلالة سقط من الأصل.
9- عزاه ابن كثير إلى ابن مردويه بسنده عن ابن مسعود يرفعه. انظر: تفسيره 1/ 387. و أخرجه أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ له ص 534، و ابن جرير موقوفا على ابن مسعود، جامع البيان 4/ 28. كما أخرجه ابن جرير أيضا عن عمرو بن ميمون و الربيع بن خيثم. و رواه الحاكم دون الجملة الثالثة، و قال: صحيح على شرط الشيخين و أقره الذهبي. المستدرك 2/ 294. و راجع الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 92 و الإيضاح ص 204، و تفسير ابن كثير 1/ 387.

بالقسط و لو على نفسك أو أبيك أو ابنك) (1) و هذا كله لا ينسخ.

العاشر: قوله عزّ و جلّ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً (2)، قالوا: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ (3) (4) و هو أيضا فاسد.

الحادي عشر: قوله عزّ و جلّ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ (5)، قالوا: هو ناسخ للقنوت الذي كان يفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم للدعاء على الكفار (6) و هذا ليس شرط الناسخ (7)، لأنه لم ينسخ قرآنا (8).

الثاني عشر: قوله عزّ و جلّ وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها (9).

قالوا (10): هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ (11)، و هذا ظاهر البطلان (12). 0.

ص: 644


1- أخرجه أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ باب التقوى و ما فيها من النسخ ص 534، و ابن جرير في تفسيره بسنده عن ابن عباس: 4/ 29. و النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 107. و راجع تفسير القرطبي: 4/ 157، و ابن كثير: 1/ 388، و الدر المنثور: 2/ 283؛.
2- آل عمران (111).
3- التوبة: (29).
4- في بقية النسخ: و هذا. و ممن حكي النسخ ابن سلامة ص 108، و ابن البارزي ص: 27، و حكاه ابن الجوزي عن السدي و رده، قال: قال جمهور المفسرين معنى الكلام: لن يضروكم ضرا باقيا في جسد أو مال، إنما هو شي ء يسير سريع الزوال، و تثابون عليه، و هذا لا ينافي الأمر بقتالهم، فالآية محكمة على هذا، و يؤكده أنهما خبر ... اه نواسخ القرآن ص 245.
5- آل عمران (128).
6- انظر: الحديث برواياته في صحيح البخاري، كتاب التفسير باب ليس لك من الأمر شي ء 8/ 225 بشرح ابن حجر. و في مسلم كتاب المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات: 5/ 176 فما بعدها. و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 108، و جامع الأصول: 2/ 70، و تفسير ابن كثير: 1/ 402، و الدر المنثور 2/ 312.
7- في د: و ليس هذا شرط الناسخ.
8- و لذلك لم يذكر دعوى النسخ في هذه الآية معظم الذين تكلموا في النسخ، و الذين ذكروه، إنما ذكروه للرد عليه كالنحاس ص 108، و مكي في الإيضاح ص 204، و القرطبي في تفسيره: 4/ 200.
9- آل عمران (145.
10- في ظ: قال.
11- الإسراء (18). مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ... الآية.
12- حكي النسخ ابن سلامة ص 109 و ابن البارزي (ص 28) و قد أعرض غيرهما عن ذكرها ضمن الآيات التي أدعي فيها النسخ، إلا أن ابن الجوزي ذكر النسخ و عزاه إلى السدي و رده، و قال: و ليس هذا بقول من يفهم الناسخ و المنسوخ، فلا يعول عليه اه. نواسخ القرآن ص 246، و راجع زاد المسير: 1/ 470.

الثالث عشر: قوله عزّ و جلّ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (1)، قالوا: هذا ناسخ لقرآن كان يقرأ، نزل في الذين قتلوا يوم بئر معونة (2) لأنهم لما أدخلوا الجنة، قالوا: يا ليت قومنا يعلمون بما أكرمنا ربّنا، فقال تعالى: أنا أعلمهم عنكم، فأنزل: (بلّغوا عنا قومنا أن قد لقينا ربّنا فرضى عنا و رضينا عنه) (3).

روى مطرف عن مالك عن ابن شهاب عن أنس قال: فكان ذلك قرآنا قرأناه ثم نسخ بقوله وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً (4)، و ليس هذا من شرط الناسخ و المنسوخ، لأن ذلك لم يثبت قرآنا فينسخه هذا، و لو كان أيضا قرآنا يتلى لم يكن منسوخا، و لم يكن هذا ناسخا له، لأن ذلك خبر (5).

الرابع عشر: قوله عزّ و جلّ وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (6) قالوا: نسخها آية السيف (7)، و ليس هذا مما ينسخ (8).

ص: 645


1- آل عمران (179)- (170).
2- بفتح الميم و ضم العين، موضع في أرض بني سليم فيما بين مكة و المدينة. اه اللسان: 13/ 411 (معن) و راجع سيرة ابن هشام: 2/ 184.
3- أصل الحديث في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الرجيع 5/ 42. و في مسلم كتاب المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات: 5/ 178، بشرح النووي. و أخرجه ابن جرير بنحوه دون ذكر النسخ. انظر: جامع البيان 4/ 173، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر مع ذكر النسخ. الدر المنثور: 2/ 372. و راجع جامع الأصول: 8/ 260.
4- ذكره مكي بسنده و لفظه. انظر الإيضاح ص 205. و أخرجه البغوي بسنده عن قتادة عن أنس. معالم التنزيل 1/ 376.
5- و قد تقدم مرارا ذكر هذا، أي أن الأخبار لا يدخلها النسخ، لذلك لم أقف على من ذكرها من علماء هذا الشأن ضمن الآيات التي أدعي فيها النسخ، إلا أن مكي بن أبي طالب ذكرها للرد على القول بنسخها، و تابعه السخاوي. انظر: الإيضاح ص 205.
6- آل عمران (186).
7- ذكر هذا هبة اللّه بن سلامة ص 109، و لم أقف على من ذكر ذلك غيره، إلا أن ابن الجوزي ذكره عن قوم، و قال: الجمهور على إحكام هذه الآية لأنها تضمنت الأمر بالصبر و التقوى، و لا بد للمؤمن من ذلك اه نواسخ القرآن ص 246.
8- فإنه لا تناقض بين الصبر و التقوى و بين قتال الأعداء، بل أن المؤمن مأمور بذلك في كل وقت و بخاصة عند لقاء العدو، و لا يخفى هذا على ذي لب.
سورة النساء

الكلام فيها في ثلاثين موضعا (1):

الأول: قوله عزّ و جلّ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ (2)تقدم القول في هذا عند قوله تعالى لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا .. ص 594 و انظر الإيضاح ص 207، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 110، و تفسير القرطبي 5/ 12.(3) إلى آخر الآية.

قالوا: هي ناسخة لما كان في الجاهلية من نكاح ما شاءوا من النساء و هذا لا يسمى ناسخا، و قد تقدم القول فيه (3).

الثاني: قوله عزّ و جلّ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ (4)النساء: (10).

و نسبه النحاس إلى ابن عباس ص 112، و زاد مكي نسبته إلى زيد بن أسلم، الإيضاح ص 208.

و رواه ابن الجوزي عن ابن عباس أيضا و الضحاك، قال: (و هذا مقتضى قول أبي حنيفة- أعني النسخ- لأن المشهور عنه أنه لا يجوز للوصي الأخذ من مال اليتيم عند الحاجة على وجه القرض و إن أخذ ضمن ...) اه نواسخ القرآن ص 252.(5).

قالوا: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً (6) إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً (6).

ص: 646


1- تفاوت العلماء في ذكر المواضع التي ذكر فيها الناسخ و المنسوخ في هذه السورة، فقد ذكر قتادة أربعة مواضع فقط، و تحدث النحاس عن عشر آيات، أما ابن حزم و ابن سلامة و الفيروزآبادى فذكروا أربعا و عشرين موضعا، و ذكر ابن البارزي اثنين و عشرين، و ذكر ابن الجوزي ستا و عشرين في نواسخ القرآن و أحد عشر موضعا في المصفى. و عند الكرمي عشرون آية، بينما اقتصر السيوطي و الزرقاني على ذكر ثلاثة مواضع فقط و من هذا يتبين أن هذه المواضع التي ذكرها السخاوي هي مؤلفة من مجموعة كتب فلم يعتمد فيها على كتاب واحد.
2- النساء:
3- .
4- النساء:
5- .
6- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.

و قيل: نسخت (1) بقوله وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (2).

و الجمهور على أنها محكمة (3)، و اختلفوا في معناها، فقال سعيد بن المسيب و ربيعة (4): المعنى: و من كان فقيرا من اليتامى فليأكل بالمعروف لئلا يذهب ماله و يبقى فقيرا (5).

و قال الحسن و قتادة و النخعي و عطاء و ابن زيد: معنى بالمعروف: أي للوصي سد جوعته إذا احتاج، و ليس عليه رد ذلك (6).

ص: 647


1- (نسخت) ساقطة من د و ظ.
2- البقرة (188) بهذا النص، و أما التي في سورة النساء فنصها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ .. الآية 29 و لعل المصنف يقصدها فزيدت الواو في أولها فصارت آية البقرة. و اللّه أعلم. ثم إني وجدتها كذلك في الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 112، و زاد المسير: 2/ 17، و تفسير القرطبي 5/ 42 حيث نسب القرطبي القول بالنسخ إلى مجاهد.
3- قال ابن الجوزي: (و هو قول عمر و ابن عباس و الحسن و الشعبي و أبي العالية و مجاهد و ابن جبير و النخعي و قتادة في آخرين و حكمها عندهم أن الغني ليس له أن يأكل من مال اليتيم شيئا، فأما الفقير الذي لا يجد ما يكفيه و تشغله رعاية مال اليتيم عن تحصيل الكفاية، فله أن يأخذ قدر كفايته بالمعروف من غير إسراف ...) اه زاد المسير: 2/ 17.
4- ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي، مولاهم أبو عثمان المدني المعروف ب (ربيعة الرأي)- كانوا يتقونه لموضع الرأي- ثقة فقيه مشهور، مات سنة 136 ه. على الصحيح. التقريب: 1/ 247، و انظر تاريخ بغداد: 8/ 420، و الجرح و التعديل: 3/ 475.
5- انظر الإيضاح ص 209 و الدر المنثور: 2/ 438. و قد رد هذا القول القرطبي و ابن حجر، حيث قال القرطبي: لأن اليتيم لا يخاطب بالتصرف في ماله لصغره و لسفهه، و اللّه أعلم الجامع لأحكام القرآن: 5/ 41. و قال ابن حجر: و أعرب ربيعة فقال: (المراد خطاب الولي بما يصنع باليتيم إن كان غنيا وسع عليه و إن كان فقيرا أنفق بقدره و هذا أبعد الأقوال كلها) اه فتح الباري 8/ 241.
6- انظر: الإيضاح ص 109. قال القرطبي: و عليه الفقهاء قال الحسن هو طعمة من اللّه له و ذلك أنه يأكل ما يسد جوعته، و يكتسي ما يستر عورته .. اه الجامع لأحكام القرآن 5/ 42. و هذا هو الصواب- إن شاء اللّه تعالى- في المراد بقوله تعالى: بِالْمَعْرُوفِ من بقية الأقوال.

و قيل: أبيح له (أكل) (1) التمر و اللبن لقيامه عليه، فكأنه أجرة له (2).

و قال أبو العالية: معنى (بالمعروف): أي من الغلة (3)، و لا يأكل من الناض (4) قرضا و لا غير قرض (5)، و قيل (6): معنى قوله (بالمعروف): القرض إذا احتاج و الرد إذا أيسر، و يدلّ على ذلك قوله عزّ و جلّ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ، أي ما اقترضتموه (7)، فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ قال ذلك عمر- رضي اللّه عنه- و ابن عباس و الشعبي و ابن جبير (8)، فالآية على جميع هذه الأقوال محكمة، و إنما سقطت هذه الأقوال ليعلم (9) أن القول بالنسخ ظن لا يقين (10).

الثالث: قوله عزّ و جلّ وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً (11).

ص: 648


1- سقط من الأصل كلمة (أكل).
2- ذكره مكي أيضا المصدر السابق. فليس له أن يأخذ شيئا من الذهب و الفضة إلا على وجه القرض. تفسير الطبري: 4/ 258.
3- الغلة: الدخل الذي يحصل من الزرع و الثمر و اللبن و الإجارة و النتاج و نحو ذلك، و فلان يغلّ على عياله، أي يأتيهم بالغلة. اللسان: 11/ 504 (غلل).
4- الناض: الدرهم و الدينار عند أهل الحجاز و يسمى ناضا إذا تحول نقدا بعد أن كان متاعا اه اللسان: 7/ 237 (نضض). القاموس: 2/ 358.
5- ذكره مكي عن أبي العالية. انظر الإيضاح ص 209. و ذكره القرطبي عن أبي قلابة. انظر الجامع لأحكام القرآن: 5/ 43.
6- في د: بدون واو.
7- قال القرطبي: و الصحيح أن اللفظ يعم هذا و سواه اه. تفسيره 5/ 45 أي يعم الاقتراض و الإنفاق على اليتامى من أموالهم، حتى لو وقع خلاف بينهما أمكن إقامة البينة اه. المصدر نفسه.
8- ذكر هذا مكي بن أبي طالب و استحسنه. انظر: الإيضاح ص 208. و ذكره القرطبي عن هؤلاء و أضاف إليهم عبيدة و مجاهدا و أبا العالية، قال: و هو قول الأوزاعي اه الجامع لأحكام القرآن: 5/ 41، و انظر الآثار المروية عن هؤلاء في تفسير الطبري 4/ 255- 257، و قد مال الطبري إلى هذا، و قال: إنه أولى الأقوال بالصواب.
9- في ظق: لتعلم.
10- رد ابن العربي القول بالنسخ، و قال: إنه بعيد لا أرضاه، لأن اللّه تعالى يقول فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ و هو الجائز الحسن، و قال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً فكيف ينسخ الظلم المعروف؟ بل هو تأكيد له في التجويز لأنه خارج عنه مغاير له، و إذا كان المباح غير المحظور لم يصح دعوى نسخ فيه ..) اه أحكام القرآن: 1/ 325.
11- النساء: (8).

قيل: هي منسوخة بآية الوصية و الميراث (1)، قاله ابن المسيّب (2).

و عن ابن عباس و الضحاك و السدي و عكرمة: نسخها آية الميراث.

و عن ابن عباس أيضا: أنها محكمة (3)، و كذلك قال ابن جبير و مجاهد و عطاء (4).

و الأمر على الندب لا على الايجاب.

و عن ابن عباس أيضا: أن الخطاب للموصى، يقسم وصيته بيده، و الأمر على الندب، و روى مجاهد أيضا و الحسن و الزهري، أنها محكمة فيما طابت به أنفس الورثة عند القسمة على الندب (5).

الرابع: قالوا: أن الورثة المذكورين في هذه الآيات (6) كالآباء و الأبناء و الاخوة

ص: 649


1- و هي قوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .. الآيتان 11، 12، من سورة النساء.
2- ذكره قتادة عن ابن المسيب ص 38، و صححه ابن حجر عنه. انظر: فتح الباري: 8/ 242، و راجع جامع البيان للطبري: 4/ 264 و نواسخ القرآن ص 255، فما بعدها.
3- روى البخاري في صحيحه بسنده عن عكرمة عن ابن عباس: قال: هي محكمة و ليست بمنسوخة. تابعه سعيد بن جبير عن ابن عباس. و قد ذكر ابن حجر أن القول بأحكامها عن ابن عباس هو المعتمد، و ما عداها من الروايات عنه فهي ضعيفة اه فتح الباري: 8/ 242.
4- و ذكره قتادة عن أبي موسى الأشعري. انظر الناسخ و المنسوخ ص 39 و كذلك البغدادي، إلا أنه قال عنه: إنها محكمة و واجب على الورثة إذا أرادوا قسمة الميراث أن يرضخوا شيئا منها لمن حضرها من أولي القربى و اليتامى و المساكين اه ص 194. قال ابن الجوزي: و القول بأحكامها هو قول أبي موسى الأشعري و ابن عباس و الحسن و أبي العالية و الشعبي و عطاء بن أبي رباح و سعيد ابن جبير و مجاهد و النخعي و الزهري اه. انظر: زاد المسير: 2/ 18. و هذا هو الصواب من كلام العلماء و يكون الأمر للندب، و سيأتي بإذن اللّه.
5- قال النحاس:- بعد أن ذكر الأقوال في الآية و الروايات في ذلك- أحسن ما قيل في الآية أن تكون على الندب و الترغيب في فعل الخير و الشكر للّه جل ثناؤه، فأمر اللّه الذين فرض لهم الميراث إذا حضروا القسمة و حضر معهم من لا يرث من الأقرباء و اليتامى و المساكين أن يرزقوهم منه شكرا للّه على ما فرض لهم .. اه. الناسخ و المنسوخ ص 115. و راجع الإيضاح ص 211، و أحكام القرآن لابن العربي: 1/ 329، و تفسير القرطبي: 5/ 49، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 255، و زاد المسير: 2/ 21، و فتح الباري: 8/ 243، و مناهل العرفان للزرقاني: 2/ 263.
6- أي آيات الميراث المبدوءة بقوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ .. و سبق ذكرها قريبا.

و الأزواج، كان ذكرهم عاما، ثم نسخت السنة من خالف دينه دين الميت (1). و نسخ الإجماع- من أكثر الأمة- من كان فيه بقية رق (2) فإنه لا يرث، و ليس هذا بنسخ (3).

الخامس: قوله عزّ و جلّ وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (4)، قالوا: تضمنت هذه الآية إمضاء الوصية على ما أمر الموصي، ثم نسخت بقوله عزّ و جلّ فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (5)، أي فلا حرج على الموصى إليه إذا خاف ذلك (أن) (6) يأمر الموصي بالعدل (7)، و هذا ليس بنسخ (8).

ص: 650


1- و ذلك قوله صلّى اللّه عليه و سلّم (لا يرث المسلم الكافر و لا الكافر المسلم) رواه البخاري في كتاب الفرائض: 12/ 50 بشرح ابن حجر. و مسلم في أول كتاب الفرائض 11/ 51، و أبو داود في كتاب الفرائض باب هل يرث المسلم الكافر: 3/ 326. و راجع تفسير القرطبي 5/ 59، و نيل الأوطار: 6/ 73.
2- انظر: نيل الأوطار باب ميراث المعتق بعضه: 6/ 72.
3- لم أقف على من ذكر هذا النوع من النسخ، إلا مكي بن أبي طالب و رده، حيث قال عقيب ذكره، و الذي عليه العمل- و هو قول أهل النظر- أن هذا كله ليس بنسخ، و إنما تخصيص و تبيين من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و من الإجماع، بين النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أن المراد بالآيات أهل الدّين الواحد، و بين الإجماع أن المراد الأحرار في ذلك كله، فهو مخصص مبيّن غير منسوخ .. اه الإيضاح ص 212. و كان مكي قد خصص قبل هذا بابا تحت عنوان (أقسام ما يخصّص القرآن) و من تلك الأقسام: أن يخصّص القرآن بالإجماع بخلاف النسخ، و مثل له بقوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ .. انظر بقية كلامه في الإيضاح ص 102. و راجع فتح الباري: 12/ 52، و أحكام القرآن لابن العربي 1/ 352.
4- النساء: (9).
5- البقرة: (182).
6- سقطه من الأصل (أن).
7- ذكر هذا هبة اللّه بن سلامة ص 114، و ذكره- مختصرا- ابن حزم ص 31 و ابن البارزي ص 29، و الفيروزآبادي 1/ 171، و الكرمي في قلائد المرجان ص 84.
8- قال ابن الجوزي:- بعد أن ذكر الأقوال في معنى الآية- و النسخ منها بعيد، لأنه إذا أوصى بجور لم يجز أن يجري على ما أوصى اه. نواسخ القرآن ص 260. و قد أكثر المفسرون من ذكر الأقوال التي قيلت في معنى الآية. راجع تفسير الطبري 4/ 269، و ابن العربي 1/ 230، و القرطبي 5/ 51، 52 و زاد المسير 2/ 22.

السادس: قوله عزّ و جلّ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً (1)، قالوا: هو منسوخ بقوله وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ (2)هكذا في الأصل و ظ: أربع. و في ظق و د: أربعة و هو الصواب.(3).

قالوا: و المعروف: القرض، فإن أيسر رد، و إن مات قبل أن يوسر فلا شي ء عليه (4).

و ليس هذا- إن قيل (5)- بنسخ، لأن هذا ليس بظلم.

السابع: قالوا: قال اللّه عزّ و جلّ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ* (6) في (أربع) (6) مواضع و لم نجد (7) للموصى في ماله حدا، ثم نسخ هذا بقوله- عليه السلام- (الثلث و الثلث كثير) (8).

ص: 651


1- النساء: (10) و تمامها ... إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً.
2- النساء:
3- .
4- هكذا ذكر المصنف هنا، و قد مر في الموضع الثاني من هذه السورة العكس، أي أن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ... الآية كانت ناسخة لقوله سبحانه وَ مَنْ كانَ فَقِيراً .. الآية. و انظر الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 597 و لابن حزم ص: 32، و لابن سلامة ص 115، و قلائد المرجان ص 85. قال أبو عبيد:- عقيب ذكره لهذا النوع من النسخ- و الذي دار عليه المعنى من هذا أن اللّه عز و جل لما أوجب النار لأكل أموال اليتامى أحجم المسلمون عن كل شي ء من أمرهم حتى مخالطتهم كراهية الحرج فيها، فنسخ اللّه عز و جل ذلك بالإذن في المخالطة و الأذن في الإصابة من أموالهم بالمعروف، إذا كانت لوالي تلك الأموال الحاجة إليها .. المصدر السابق ص 500. و قد حكى ابن الجوزي دعوى النسخ هنا و رده، و قال: و هذا قبيح لأن الأكل بالمعروف ليس بظلم، فلا تنافي بين الآيتين اه نواسخ القرآن ص 262. و قد كان ابن الجوزي حكي قولا آخر في ناسخ هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ... قال: قد توهم قوم لم يرزقوا فهم التفسير و فقهه أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ... الآية 220 من سورة البقرة، و أثبتوا في ذلك في كتب الناسخ و المنسوخ المصدر نفسه ص 260.
5- في ظق و ظ: إن قبل- بالباء الموحدة-.
6- أي في آيتي المواريث 11، 12 من سورة النساء.
7- في ظق: و لم يحدّ.
8- انظر صحيح البخاري كتاب الوصايا 3/ 186، و مسلم أول كتاب الوصية 11/ 76، و سنن أبي داود كتاب الوصايا باب ما جاء في ما لا يجوز للموصي في ماله 3/ 284.

و هذا ليس بنسخ، إنما بيان، كما بين مقدار ما تجب فيه الزكاة، و عدد أركان الصلاة (1).

الثامن: قوله عزّ و جلّ وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ (2) الآية، و التي بعدها (3).

هي منسوخة بالحدود (4)، و هذه الآية في النساء المحصّنات و الأبكار، و التي بعدها في الرجال الثيب منهم و البكر (5)، و نسخ الجميع بالحدود.

و قيل: إن الآية الأولى في المحصنين، و الثانية في البكرين، و عليه جماعة (6)، و الأول هو الصحيح، و هو قول ابن عباس.

و قيل: ليس هذا بنسخ (7) لأنه سبحانه قال أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا لأنه قد كان

ص: 652


1- قال مكي: و هو الصواب- إن شاء اللّه تعالى- الإيضاح ص 213، و راجع أحكام القرآن لابن العربي: 1/ 344.
2- النساء (15) و تمامها ... فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا.
3- و نصها وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما ... الآية.
4- أي بآية الحدود و هي قوله تعالى الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ... الآية الثانية من سورة النور.
5- و اختار هذا النحاس، قال: و هو أصح الأقوال، ثم بين ذلك بالأدلة و الحجج الواضحة. انظر الناسخ و المنسوخ ص 118، و راجع تفسير القرطبي 5/ 86.
6- قال مكي: و عليه أكثر الناس اه الإيضاح ص 214. و هو قول مرجوح و تخصيص بغير دلالة، و إن كان عليه الأكثر. انظر: زاد المسير: 2/ 35.
7- أما بالنسبة لقضية النسخ هنا فقد ذكرها جمع غفير من العلماء الذين تكلموا في الناسخ و المنسوخ و غيرهم من المفسرين، انظر: قتادة ص 39، و أبا عبيد ص 324، و الطبري: 4/ 291- 298 و ابن حزم ص 32، و النحاس ص 117، و الجصاص 2/ 105، و ابن سلامة ص 119 و مكي ص 213، و البغدادي ص 99، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن: ص 262، و ابن كثير: 1/ 462، و الفيروزآبادي: 1/ 171، و ابن البارزي ص 29، و الكرمي ص 86، و السيوطي 3/ 66، و الزرقاني 2/ 264. و أما بالنسبة للمعنى المراد من الآيتين فقد أكثر فيها العلماء من الأقوال و القول الراجح فيها- و الذي اطمأنت إليه نفسي- هو ما ذكره الجصاص الحنفي و ابن الجوزي من أن هذا كان حد الزواني في بدء الإسلام و هو حبسهن حتى الموت؛، أو يجعل اللّه لهن سبيلا، و لم يكن عليهن في ذلك الوقت شي ء غير هذا، و ليس في الآية فرق بين البكر و الثيب فهذا يدل على أنه كان حكما عاما في البكر و الثيب، و قوله تعالى وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما و المراد الرجل و المرأة فاقتضت الآيتان بمجموعهما أن حد المرأة كان الحبس و الأذى جميعا إلى أن تموت، و حد الرجل التعيير و الضرب بالنعال، إذ كانت مخصوصة في الآية الأولى بالحبس و مذكورة مع الرجل في الآية الثانية بالأذى، فاجتمع لها الأمران جميعا، و لم يذكر للرجل إلا الأذى فحسب، و يحتمل أن تكون الآيتان نزلتا معا، فأفردت المرأة بالحبس و جمعا جميعا في الأذى، و تكون فائدة أفراد المرأة بالذكر أفرادها بالحبس إلى أن تموت، و ذلك حكم لا يشاركها فيه الرجل، و جمعت مع الرجل في الأذى لاشتراكهما فيه ... اه أحكام القرآن للجصاص: 2/ 106، و انظر نواسخ القرآن ص 262.

الحكم منتظرا (1).

التاسع: قوله عزّ و جلّ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ (2).

قالوا: هي منسوخة بالتي بعدها، و هي قوله عزّ و جلّ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ، قالوا: فقد احتجر التوبة في هذه الآية على أهل المعصية فقال عزّ و جلّ: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ (3) وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً قالوا: ثم نسخت في أهل الشرك، أي نسختها هذه الآية و بقيت محكمة في أهل الإيمان (4).

ص: 653


1- قال ابن العربي: اجتمعت الأمة على أن هذه الآية ليست منسوخة، لأن النسخ إنما يكون في القولين المتعارضين من كل وجه؛، اللذين لا يمكن الجمع بينهما بحال، و أما إذا كان الحكم ممدودا إلى غاية ثم وقع بيان الغاية بعد ذلك فليس بنسخ لأنه كلام منتظم متصل لم يرد ما بعده ما قبله، و لا اعتراض عليه اه أحكام القرآن: 1/ 354 كذا قال ابن العربي، و قد ذكر مكي نحو هذا، ثم قال: و هذا لا يلزم لأنه لم يبين وقتا معلوما محدودا، و إنما كان يمتنع من النسخ لو قال: حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ (أو يبلغن وقت كذا أو كذا) اه. الإيضاح: ص 214. قلت: و لا أدري ما ذا يقصد ابن العربي من قوله: أجمعت الأمة على عدم القول بالنسخ في هذه الآية، و قد رأينا الذين قالوا بالنسخ هنا و هم الكثرة الغالبة من العلماء!، هذا بالنسبة لما يتعلق بالآية الأولى وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ ...، أما بالنسبة للآية التي بعدها وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ ... فإنه مع الجمهور القائلين بالنسخ، حيث قال في المسألة الرابعة: أن الجلد بالآية و الرجم بالحديث نسخ هذا الإيذاء في الرجال، لأنه لم يكن محدودا إلى غاية، و قد حصل التعارض و علم التاريخ و لم يمكن الجمع فوجب القضاء بالنسخ، و أما الجلد فقرآن نسخ قرآنا، و أما الرجم فخبر متواتر نسخ قرآنا و لا خلاف فيه بين المحققين اه. أحكام القرآن: 1/ 360.
2- النساء (17) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ....
3- ساقط من (د) كلمة الآن.
4- انظر الناسخ و المنسوخ لهبة اللّه بن سلامة ص 121- 125. و ممن ذكر النسخ هنا ابن حزم الأنصاري ص 32، و الفيروزآبادي 1/ 171 و ابن البارزي ص 30، و الكرمي ص 87. قال ابن الجوزي: بعد أن أورد الآيتين- إنما سمّى فاعل الذنب جاهلا، لأن فعله مع العلم بسوء مغبته فأشبه من جهل المغبة. و التوبة من قريب: ما كان قبل معاينة الملك، فإذا حضر الملك لسوق الروح لم تقبل توبة، لأن الإنسان حينئذ يصير كالمضطر إلى التوبة فمن تاب قبل ذلك قبلت توبته، أو أسلم عن كفر قبل إسلامه، و هذا أمر ثابت محكم ... و حكم الفريقين واحد اه. نواسخ القرآن ص 266 و راجع قلائد المرجان ص 87.

و قال قوم: نسخت هذه الآية- و هي قوله وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ بقوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* (1).

فحرّم اللّه مغفرته على من مات و هو مشرك، ورد أهل التوحد الى مشيئته (2)، و هذا كله تخليط من قائله، و لا نسخ في هذه الآيات لأنها أخبار جاءت تبيّن بعضها بعضا (3).

العاشر: قوله عزّ و جلّ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً (4).

قالوا: فقوله عزّ و جلّ وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ (5) هو منسوخ (6) و كان الرجل إذا تزوج امرأة فأتت بفاحشة كان له (أن) (7) يأخذ ما أعطاها (8).

و قال الأكثر: هي محكمة، و أنها إذا زنت فله (9) أن يأخذ منها بالخلع (10).

ص: 654


1- النساء (48، 116).
2- أخرجه أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ عن ابن عباس ص 539، و ذكره الطبري في جامع البيان: 4/ 304. و انظر: الإيضاح ص 215، و زاد المسير: 2/ 38.
3- و هذا هو الصواب، و للّه الحمد و المنة.
4- النساء: (19) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ ... الآية.
5- جزء من الآية نفسها.
6- قال ابن حزم: ثم نسخت بالاستثناء بقوله تعالى إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ اه ص 33. و كذا قال الكرمي في قلائد المرجان ص 88. و قد سبق القول بأن الاستثناء لا يدخل في النسخ إلا على اصطلاح المتقدمين.
7- سقط من الأصل (أن).
8- قاله عطاء الخراساني. انظر تفسير الطبري 4/ 310، و الإيضاح ص 216 و الدر المنثور: 2/ 464، و أحكام القرآن لابن العربي 1/ 362، و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/ 96.
9- (فله) ساقطة من ظ.
10- و هذا قول ابن سيرين و أبي قلابة، كما في تفسير القرطبي، و قد قال القرطبي نقلا عن ابن عطية:و الزنا أصعب على الزوج من النشوز و الأذى و كل ذلك فاحشة تحل أخذ المال، ثم قال: قال أبو عمر- أي ابن عبد البر- قول ابن سيرين و أبي قلابة عندي ليس بشي ء، لأن الفاحشة قد تكون البذاء و الأذى، و منه قيل للبذي ء: فاحش و متفحش، و على أنه لو اطلع منها على الفاحشة كان له لعانها، و إن شاء طلقها، و أما أن يضارها حتى تفتدي منه فليس له ذلك .. اه تفسير القرطبي: 5/ 96. و أقول: إن هذا المعنى- هو الذي ترتاح إليه نفس المؤمن الغيور، فإن الأمر خطير جدا، و هو فوق مسألة المال، و لا أظن أن أحدا يجد امرأته على الفاحشة فينصرف ذهنه إلى طلب المال منها و كفى، إلا إن كان ديوثا- و العياذ باللّه- قد سلب الغيرة، إذا فليس له إلا الطلاق أو الملاعنة، و اللّه تعالى أعلم.

و قيل: إذا نشزت عنه جاز له أن يأخذ منها بالخلع.

و قال قوم: الفاحشة: الزنا، و قيل: النشوز، و قيل: فاحشة اللسان (1)، و الصحيح: ألا نسخ (2).

و قالوا:- في (أول) (3) الآية في قوله عزّ و جلّ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً هو ناسخ لما كانوا عليه في الجاهلية إذا توفّي الرجل كان ابنه أولى بامرأته يمنعها من التزويج حتى تموت فيرثها (4).

و قال ابن عباس: كان حميم الميت يلقى ثوبه على امرأته (5)، فإن شاء تزوجها بذلك و إن شاء حبسها حتى تموت فيرثها (6).

قال غيره: فنسخ ذلك بهذه الآية، و قد بيّنا- فيما تقدم- أن هذا و شبهه ليس بنسخ.

الحادي عشر: قوله عزّ و جلّ وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ (7).

ص: 655


1- انظر: تفسير الطبري 4/ 310، 311، و الإيضاح ص 216، 217 و تفسير القرطبي 5/ 95، و زاد المسير 1/ 41.
2- انظر: تفسير الطبري 4/ 312، و ابن العربي: 1/ 362.
3- لفظ (أول) ساقط من الأصل.
4- انظر: الإيضاح ص 217، و راجع جامع البيان: 4/ 305، و الدر المنثور: 1/ 462.
5- في د: على المرأة.
6- انظر: الآثار في ذلك عن ابن عباس في تفسير الطبري و الدر المنثور الصفحات السابقة.
7- النساء: (22).

قال قوم: هي منسوخة، و المعنى: و لا ما قد سلف فأنزلوا عنه (1).

و قال قوم: محكمة، و المعنى: إلّا ما قد سلف، فقد عفوت عنه.

و أما من قال: هي منسوخة، و المعنى: و لا ما قد سلف، فلا يخلو أن يريد: و لا ما قد سلف من نكاح حلائل الآباء، فانزلوا عنه، فإن أراد هذا فكيف تكون منسوخة؟ بل هي أولى أن (2) تكون محكمة، و إن أراد بقوله: و لا ما قد سلف من الأنكحة الفاسدة التي كانت في الجاهلية فأقرهم الإسلام عليها، إذا أسلموا فاقتضت الآية نزولهم عن النساء، ثم نسخت، فليس كذلك، و ليس في العربية (إلّا) بمعنى (و لا)، و الآية محكمة، و الاستثناء منقطع، و المعنى: لكن ما قد (3) سلف فإنه مغفور (4).

و قيل: لكن ما قد سلف: إنه كان فاحشة (5).

و قال الطبري: المعنى: و لا تنكحوا (6) من النساء نكاح آبائكم، ف (ما) بمعنى (7) (المصدور) (8)، و الاستثناء منقطع (9) كما سبق.

و قال الزمخشري: في هذا الاستثناء- هو مثل قوله: ... غير أن سيوفهم ...

حيث استثنى من قوله: و لا عيب فيهم (10) ..** ... قال: يعني أن أمكنكم أن

ص: 656


1- قال ابن حزم الأنصاري: نسخت بالاستثناء بقوله إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ أي من أفعالهم فقد عفوت عنه اه الناسخ و المنسوخ ص: 33، و راجع ابن سلامة ص: 125.
2- في بقية النسخ: بأن تكون.
3- في ظ: لكن ما قل سلف. تحريف.
4- قال ابن الجوزي:- بعد أن أورد الآية الكريمة- هذا كلام محكم عند عامة العلماء، و معنى قوله إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ أي بعد ما قد سلف في الجاهلية، فإن ذلك معفو عنه، و زعم بعض من قل فهمه أن الاستثناء نسخ ما قبله، و هذا تخليط لا حاصل له، و لا يجوز أن يلتفت إليه ... نواسخ القرآن ص 267.
5- ذكر ابن الجوزي ستة أقوال في معنى إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ. انظر: زاد المسير 2/ 44، 45 و راجع تفسير القرطبي: 5/ 104.
6- في ظ: و لا ينكحوا.
7- في ظ: فما معنى المصدر.
8- هكذا في الأصل: المصدور. خطأ.
9- انظر: تفسير الطبري: 4/ 319. و راجع البحر المحيط: 3/ 207.
10- البيت للنابغة الذبياني. و لا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب انظر: ديوانه ص: 11، دار صادر بيروت. و فلول السيوف كناية عن كمال الشجاعة، فكونه من العيب محال، و قد استشهد الزمخشري بالبيت المذكور في سورة الأعراف عند قوله تعالى: وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا الآية: 126. أي ما تنقم منا إلا ما هو أصل المناقب و المفاخر كلها، و هو الإيمان انظر: تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات شرح شواهد الكشاف: 4/ 330.

تنكحوا ما قد سلف فانكحوا فلا يحل لكم غيره، و ذلك غير ممكن، و الغرض المبالغة في تحريمه، و سد الطريق إلى إباحته، كما يعلق بالمحال في التأبيد، في قولهم: حتى يبيضّ القار (1) و (حتى يلج الجمل في سم الخياط) (2) (3) و قال في قوله عزّ و جلّ: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ (4): و لكن ما مضى مغفور، بدليل قوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (5).

الثاني عشر: قوله عزّ و جلّ: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، قالوا:

المعنى: و لا ما قد سلف، كما تقدم في التي قبلها، و الكلام على ما قالوه كما سبق (6).

الثالث عشر: قوله عزّ و جلّ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً (7) قالوا: هي المتعة، و قد نسخت، و اختلفوا في ناسخها، فقيل: قوله عزّ و جلّ (8) وَ لَهُنَ

ص: 657


1- القار: شي ء أسود يذاب و تطلى به الإبل و السفن يمنع الماء أن يدخل، و قيل: هو الزفت. اللسان: 5/ 124، (قير) و القاموس 2/ 128.
2- الأعراف: (40) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ.
3- انظر: هذا في الكشاف للزمخشري: 1/ 515، و نقله عنه أبو حيان في البحر: 3/ 208، و راجع فتح القدير: 1/ 442.
4- النساء (23) و أولها حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ .. الآية.
5- و لقائل أن يقول: ما السر في قوله تعالى إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ عقيب النهي عن نكاح ما نكح الآباء، و عن الجمع بين الأختين؟ يذكر القرطبي إجابة عن هذا التساؤل عن بعض العلماء أنه قال: كان أهل الجاهلية يعرفون هذه المحرمات كلها التي ذكرت في هذه الآية إلا اثنتين، إحداهما نكاح امرأة الأب، و الثانية الجمع بين الأختين أ لا ترى أنه قال: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، و لم يذكر في سائر المحرمات إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ؟ و اللّه أعلم. الجامع لأحكام القرآن: 5/ 119.
6- راجع الكلام على هذا في الموضع الحادي عشر قبل هذا مباشرة.
7- النساء (24).
8- في د و ظ: هو قوله عزّ و جلّ.

الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ (1).

و عن الشافعي:- رحمه اللّه- موضع تحريم المتعة قوله عزّ و جلّ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ (2) إلى قوله سبحانه فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (3)، قال: و قد أجمعوا على أنها ليست زوجة و لا ملك اليمين (4).

و كذلك قالت عائشة- رضي اللّه عنها (5)- كما قال الشافعي رحمه اللّه، قالت:

كانت المتعة: أن يتزوج الرجل المرأة إلى أجل معلوم و يشترط ألا طلاق بينهما، و لا ميراث و لا عدة، قالت: فحرّمها اللّه تعالى بقوله: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ و قال ابن المسيب: نسخت المتعة آية المواريث (6) (7).

و الظاهر قول من قال من العلماء: ليس قوله فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ في المتعة،

ص: 658


1- النساء: (12). قال ابن حزم: ... و وقع ناسخها موضع ذكر ميراث الزوجة الثمن و الربع فلم يكن لها في ذلك نصيب اه الناسخ و المنسوخ ص: 33. و راجع الإيضاح ص 221، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 126، و لابن سلامة ص 128.
2- كتبت الآية في ت خطأ (إلا على أزواجكم أو ما ملكت أيمانكم)!
3- الآيتان في (المؤمنون) 6، 7، و في المعارج: 30، 31.
4- انظر: نحوه في أحكام القرآن للشافعي: 1/ 194، 195، و للكيا الهراسي 1/ 412. و الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 33، و لابن سلامة ص 128 و تفسير القرطبي 5/ 130.
5- ذكره مكي عن عائشة- رضي اللّه عنها- قال: و هو قول حسن، لأن المتعة لم تكن زواجا صحيحا و لا ملك يمين، ففرض اللّه في هذه الآية حفظ الفروج إلا على زوجة أو ملك يمين، و نكاح المتعة ليس بملك يمين، و لا بنكاح صحيح .. قال: (و هذا إنما يجوز على أن تكون إباحة المتعة بالسنة، ثم نسخت بالقرآن، و لا يجوز إباحة المتعة على هذا القول بالقرآن، لأنها إنما نزلت في سورة مدنية، و هي النساء، و قوله إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ ... الآية مكي، و المكي لا ينسخ المدني ...) اه. الإيضاح ص 222، 223.
6- في الأصل: كتبت الكلمة (الميراث) ثم كتب فوقها (المواريث).
7- رواه عنه النحاس ص 126. و زاد السيوطي نسبته إلى أبي داود في ناسخه و ابن المنذر و البيهقي الدر المنثور: 2/ 486، و ذكره القرطبي في تفسيره عن ابن المسيب 5/ 130. قال مكي: و أكثر الناس على أن آية الميراث نسخت المتعة التي كانت نكاحا بشرط أن لا توارث بينهما اه. الإيضاح ص 222.

و إنّما ذلك في الزوجات، و في إيتاء (1) الصداق، فتكون الآية محكمة (2).

الرابع عشر: قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ (3)، قالوا: نسخها قوله عزّ و جلّ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ (4) قالوا: لأنهم لما أنزلت (5) لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ: اجتنبوا الأكل مع الأعمى لأنه لا يبصر فيختار لنفسه ما يريد، و الأعرج لا يتمكن في جلوسه، و المريض يسبقه الصحيح في الأكل و الابتلاع، فنسخت آية النور تحرجهم.

قال ذلك الحسن و عكرمة (6)، و الجمهور على أنها محكمة (7)، و المراد بالباطل

ص: 659


1- في د و ظ: في ابتداء الصداق.
2- انظر: تفسير الطبري: 5/ 11، 13، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 127، و الإيضاح ص 221، و أحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/ 412، 413. قال ابن الجوزي: اختلف العلماء في المراد بهذا الاستمتاع على قولين: أحدهما: أنه النكاح، و الأجور: المهور، و هذا مذهب ابن عباس و مجاهد و الجمهور. و الثاني: أنه المتعة التي كانت في أول الإسلام، كان الرجل ينكح المرأة إلى أجل مسمى، و يشهد شاهدين، فإذا انقضت المدة ليس له عليها سبيل؛، قاله السدي، ثم اختلفوا هل هي محكمة أو منسوخة فقال قوم: هي محكمة ... و قال آخرون: هي منسوخة، ثم فند القول بنسخها بقوله: إن الآية سيقت لبيان عقدة النكاح بقوله: مُحْصِنِينَ أي متزوجين، عاقدين النكاح، فكان معنى الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ على وجه النكاح الموصوف، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ و ليس في الآية ما يدل على أن المراد نكاح المتعة الذي نهى عنه، و لا حاجة إلى التكلف. و إنما أجاز المتعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثم منع منها .. اه نواسخ القرآن ص 269، 271. و قد ذكر نحو هذا الرد في تفسيره زاد المسير: 2/ 53، 54. و هذا هو الحق و الذي لا ينبغي الالتفات إلى سواه و اللّه الموفق للصواب.
3- النساء (29).
4- النور (61).
5- في بقية النسخ: نزلت.
6- أخرجه بنحوه الطبري عن الحسن و عكرمة. جامع البيان: 5/ 31. و ممن ذكر القول بالنسخ ابن حزم الأنصاري ص 33 و هبة اللّه بن سلامة ص 129، و الفيروزآبادي: 1/ 172، و ابن البارزي ص 30، و الكرمي ص: 90.
7- و هذا هو الصحيح، و هو ما رجحه الطبري في جامع البيان: 5/ 31، و النحاس ص 237، و مكي ص 225، و القرطبي 12/ 312. و رواه ابن أبي حاتم و الطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود قال: إنها محكمة ما نسخت و لا تنسخ إلى يوم القيامة. الدر المنثور: 2/ 494. و رواه ابن الجوزي عن الحسن و مسروق، ثم قال: و قد زعم بعض منتحلي التفسير و مدعي علم الناسخ و المنسوخ: أن هذه الآية لما نزلت تحرجوا من أن يؤاكلوا الأعمى و الأعرج و المريض، و قالوا: أن الأعمى لا يبصر أطيب الطعام، و الأعرج لا يتمكن من الجلوس، و المريض لا يستوفي الأكل. فأنزل اللّه عزّ و جلّ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ* الآية فنسخت هذه الآية، و هذا ليس بشي ء، و لأنه لا تنافي بين الآيتين، و لا يجوز أكل المال بالباطل بحال، و على ما قد زعم هذا القائل قد كان يجوز أكل المال بالباطل اه نواسخ القرآن ص 272.

الغصب و السرقة و البخس و الربا و القمار و نحو ذلك، و القول بأنها منسوخة: يؤدي إلى إباحة أكلها بالباطل مع الأعمى و الأعرج و المريض، و إنما فعلوا ذلك تورعا و ليس هذا أكل مال بالباطل، و لا يقع مشاحة بين الناس في مثل هذا كما لا يتشاحون في أخذ هذا لقمة كبيرة و هذا لقمة صغيرة، و قد قال الزهري: (نزلت آية النور في الثلاثة، لأن الغزاة كانوا يخلّفونهم في بيوتهم، يحرسونها إلى أن يعودوا، فأبيح لهم أن يأكلوا منها) (1).

و قال ابن زيد: (زلت فيهم في رفع الحرج عنهم في الجهاد) (2).

الخامس عشر: قوله عزّ و جلّ و الذين عاقدت (3) أيمانكم فآتوهم (4)

ص: 660


1- أخرجه أبو عبيد بنحوه عن الزهري. انظر الناسخ و المنسوخ ص 508 و كذلك ابن جرير. انظر جامع البيان: 18/ 169. و عبد بن حميد كما في الدر المنثور: 6/ 224. قال ابن جرير: و أشبه الأقوال في معنى الآية قول الزهري .. اه و قد انتصر لهذا القول و فند ما سواه. المصدر السابق.
2- أخرجه ابن جرير عن ابن زيد. انظر جامع البيان: 18/ 169. و نسبه ابن الجوزي إلى الحسن و ابن زيد. انظر زاد المسير: 6/ 64 ثم قال ابن الجوزي: و قد كان جماعة من المفسرين يذهبون إلى أن آخر الكلام، وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ* و أن ما بعده مستأنف لا تعلق له به، و هو يقوي قول الحسن و ابن زيد اه المصدر نفسه و انظر: تفسير القرطبي: 12/ 313. و الذي يظهر أن حمل الآية على العموم أولى، و أن اللّه تعالى رفع الحرج عن الأعمى و الأعرج و المريض في كل ما يتعلق بالتكليف، و لم يستطيعوا أداءه بعد حسن نيتهم و صفاء سريرتهم من جهاد و صوم و غيرهما فإن الحرج و الإثم مرفوع عنهم. و اللّه أعلم. راجع تفسير القرطبي المصدر السابق.
3- هكذا في النسخ (عاقدت) بألف بعد العين، و هي قراءة غير أهل الكوفة، على إسناد الفعل إلى الأيمان، و هو من باب المفاعلة، كان الحليف يضع يمينه في يمين صاحبه، و يقول: دمي دمك، و أرثك و ترثني، و قرأ أهل الكوفة (عقدت) بغير ألف بعد العين، و ذلك على إسناد الفعل إلى الأيمان أيضا، و المراد إضافة الفعل إلى المخاطبين ... الخ. انظر: الكشف: 1/ 388، و النشر 2/ 249 و القراءات القرآنية و أثرها في علوم العربية 1/ 533.
4- في د: حرفت الكلمة إلى (فأقرهم).

نَصِيبَهُمْ (1)، قيل: هي منسوخة، و معنى المعاقدة- عند من قال أنها منسوخة- مختلف فيه:- فقيل: كانوا يتوارثون بالأخوة التي آخى بينهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أي بين المهاجرين و الأنصار، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ (2) فهذه- على قولهم- آية نسخ أولها آخرها (3).

و قيل: بل كانوا يتعاقدون، و يتحالفون أن من مات قبل صاحبه ورثه الآخر، فنزلت هذه الآية تأمر (4) بالوفاء بذلك، ثم نسخت بآية المواريث، و بقوله عزّ و جلّ- في آخر الأنفال- وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* (5)في بقية النسخ: لما قدموا.(6).

و قيل: كان المهاجرون إذا (6) قدموا المدينة يرثون (7) الأنصار دون ذوي أرحامهم لما بينهم من المودة، فأنزل اللّه تعالى يقرر (8) ذلك بقوله عزّ و جلّ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ثم نسخ ذلك بآية المواريث، و بآية (9) الأنفال، و هذه الأقوال كلها مرويّة عن ابن عباس (10).

ص: 661


1- النساء: (33).
2- أي الشطر الأول من الآية السابقة.
3- أخرجه ابن جرير عن ابن عباس. جامع البيان 5/ 53. و ذكره مكي كذلك، قال: و هو قول ابن جبير و مجاهد و قتادة ... اه الإيضاح ص 227.
4- في ظ: يأمر.
5- الأنفال: (75) و الأحزاب:
6- . و ذكر هذا القول بنحوه قتادة ص 40 و ابن حزم ص 34، و ابن سلامة ص 132، و الكرمي ص 91، و نسبه مكي إلى ابن عباس- رضي اللّه عنهما-. الإيضاح ص 227، و انظر تفسير الفخر الرازي 10/ 85 و بصائر ذوي التمييز: 1/ 172، و ابن البارزي ص 30. قال ابن الجوزي: و هذا القول: أعني نسخ الآية وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ بهذه، أي آية الأنفال-. قول جمهور العلماء منهم الثوري و الأوزاعي و مالك و الشافعي و أحمد ابن حنبل اه. نواسخ القرآن ص 276.
7- في بقية النسخ: يورثون.
8- في ظق: تقرير، و في د و ظ: تقدير.
9- في د و ظ: و بآخر الأنفال،.
10- راجع الروايات في ذلك عن ابن عباس في الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 478، 479، و جامع البيان 5/ 52، فما بعدها و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 128، و الدر المنثور: 2/ 509. و راجع هذه الأقوال أو نحوها في زاد المسير: 2/ 71، و تفسير القرطبي: 5/ 165.

و اختلاف الرواية عن شخص واحد دليل الضعف (1).

و قيل: هي محكمة (2)، و هو الصحيح- إن شاء اللّه- و المعى: وفّوا لهم بما عاقدت (3) إيمانكم من النصر و المعونة و الرّفد (4).

السادس عشر: قوله عزّ و جلّ لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا

ص: 662


1- قلت: و هذا لا يمنع أن يكون بعضها صحيحا، و قد حاول ابن حجر أن يجمع ما روي في هذا عن ابن عباس و غيره أثناء شرحه للحديث الذي رواه البخاري بسنده عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ قال: ورثة و الذين عاقدت أيمانكم كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بينهم، فلما نزلت وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ نسخت، ثم قال: و الذين عاقدت أيمانكم من النصرة و الرفادة و النصيحة. و قد ذهب الميراث و يوصي له اه الحديث. قال ابن حجر: هكذا حملها ابن عباس على من آخى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بينهم، و حملها غيره على أعم من ذلك، فأسند الطبري عنه قال كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ ذلك، و من طريق سعيد بن جبير، قال: كان يعاقد الرجل فيرثه، و عاقد أبو بكر رجلا فورثه. ثم ساق بقية الروايات التي ذكرها الطبري عن ابن عباس- أيضا- و قتادة و جماعة من العلماء، و التي تفيد أن الناسخ هو قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ*. قال: و هو المعتمد، و يحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين. الأولى: حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة فنزلت وَ لِكُلٍّ و هي آية الباب، فصاروا جميعا يرثون، و على هذا يتنزل حديث ابن عباس. ثم نسخ ذلك آية الأحزاب و خص الميراث بالعصبة، و بقى للمعاقد النصر و الأرفاد و نحوهما، و على هذا يتنزل بقية الآثار. و قد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضا لكن لم يذكر الناسخ الثاني، و لا بد منه، و اللّه أعلم. فتح الباري 8/ 249.
2- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 129، و تفسير الطبري 5/ 56، 57، و القرطبي 5/ 166، قال الفخر الرازي: (- و هو يحكي أقوال الذين قالوا أن الآية غير منسوخة- المراد بالذين عاقدت أيمانكم الزوج و الزوجة، و النكاح يسمى عقدا، قال تعالى وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ فذكر تعالى الوالدين و الأقربين و ذكر معهم الزوج و الزوجة و نظيره آية المواريث في أنه لما بين ميراث الولد و الوالد، ذكر معهم ميراث الزوج و الزوجة) انتهى من تفسيره 10/ 85، و انظر نحو هذا في تفسير المنار: 5/ 64. و أقول: أن الناظر في سياق الآيات القرآنية في هذه السورة، و هي تتحدث عن أحكام الإرث و غير ذلك يجد أن هذا المعنى هو الأقرب إلى معنى الآية الكريمة، و لا يحتاج معه إلى أعمال فكر في فهمها و لا إلى القول بالنسخ، و اللّه أعلم.
3- في د: بما عاقدتم.
4- انظر: الإيضاح ص 227، و أخرج الطبري نحوه عن ابن عباس و مجاهد جامع البيان 5/ 53.

ما تَقُولُونَ (1) قالوا: مفهوم خطاب هذه الآية جواز السكر، و إنما حرّم قربان الصلاة في تلك الحال.

فنسخ ما فهم من جواز الشرب و السكر بتحريم الخمر (2).

و روى أبو ميسرة عن عمر- رضي اللّه عنه- (أن منادى (3) رسول اللّه- لما نزلت كان ينادي عند الإقامة (4): لا يقربن الصلاة سكران) (5).

و أعجب من هذا: قول عكرمة لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى منسوخ بقوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا (6) الآية (7) أي أنه أبيح لهم أن يؤخروا الصلاة حتى يزول السّكر، ثم نسخ ذلك، فأمروا بالصلاة على كل حال، ثم نسخ شرب الخمر بقوله عزّ و جلّ فَاجْتَنِبُوهُ (8)المائدة (91).(9) و بقوله سبحانه فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (9) (10)، و ليس في هذا كله نسخ، و لم ينزل اللّه هذه الآية في إباحة الخمر فتكون

ص: 663


1- النساء (43).
2- انظر: الإيضاح ص 228، و ذكر ابن الجوزي نحو هذا. انظر: زاد المسير: 2/ 89، و نواسخ القرآن ص 279. قال النحاس: أكثر العلماء على أنها منسوخة ... اه. الناسخ و المنسوخ ص 130.
3- في ظ: أن ينادي.
4- في د: عند الإمامة.
5- هو جزء من حديث طويل رواه أبو داود في كتاب الأشربة باب في تحريم الخمر: 4/ 79، و الطبري في جامع البيان: 7/ 33، و النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 52، و انظر: تفسير ابن كثير: 1/ 255، 500.
6- المائدة: (6) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ .. الآية.
7- رواه النحاس بسنده عن عكرمة عن ابن عباس ص 130. قال فيكون على هذا قد نسخت الآية على الحقيقة، يكونون أمروا بأن لا يصلوا إذا سكروا، ثم أمروا بالصلاة على كل حال، فإن كانوا لا يعقلون ما يقرءون و ما يفعلون فعليهم الإعادة ... اه و هو قول مرجوح. انظر تفسير القرطبي 5/ 201.
8- المائدة
9- و قد سبقت في سورة البقرة.
10- ذكر هذا مكي بن أبي طالب، قال: و هذا قول أكثر العلماء. انظر الإيضاح ص 229، و لعل الإشارة ب (هذا) تعود إلى قوله: ثم نسخ شرب الخمر ... الخ. و ليست إلى قول عكرمة الذي عجب منه المصنف. و اللّه أعلم.

منسوخة، و لا أباح بعد إنزالها مجامعة الصلاة مع السكر (1).

و الآية محكمة على هذا (2)، لا على قول من قال: أراد بالسكر: سكر النوم (3) و هو قول الضحاك و ابن زيد (4).

السابع عشر: قوله عزّ و جلّ وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا ... (5) الآية.

قيل: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ (6)، فذلك نسخ لتلك (7) الإباحة العامة، و هو ظاهر الفساد، و إنما الإباحة المتقدمة لمن لم يجد الطّول (8)،

ص: 664


1- أي حتى يقال إنها نسخت بآية المائدة.
2- و هذا هو الصحيح حيث إن هذه الآية لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى نص صريح دال على تحريم السكر في حالة قرب الصلاة، و ما عدا تلك الأوقات فحكمه باق مسكوت عنه، ثم جاء التحريم و النهي القاطع فشمل تلك الأوقات المسكوت عنها و غيرها. و بناء على هذا فلا نسخ- كما قال المصنف- و اللّه أعلم.
3- أي أن كلام المصنف ليس في هذا المعنى، و إنما كلامه يدور حول المعنى الأول للسكر و هو الخمر، أما هذا المعنى الآخر الذي ذكره عن الضحاك و ابن زيد فهي محكمة قولا واحدا كما سيأتي- إن شاء اللّه- قال ابن العربي: و قد اتفق العلماء عن بكرة أبيهم على أن المراد بهذا السكر سكر الخمر ... اه أحكام القرآن 1/ 434.
4- أخرجه ابن جرير بإسنادين عن الضحاك. انظر جامع البيان 5/ 96 و زاد ابن كثير نسبته إلى ابن أبي حاتم عن الضحاك أيضا. انظر تفسيره: 1/ 500. و قد رد هذا القول النحاس و ابن الجوزي. انظر الناسخ و المنسوخ ص 53، 131، و زاد المسير: 2/ 89. و ذكره مكي عن الضحاك و زيد بن أسلم و قال: إنها على قولهما محكمة الإيضاح ص 229. و راجع تفسير القرطبي 5/ 201.
5- النساء (25) وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ ... الآية. و يلاحظ أن المصنف لم يلتزم هنا بترتيب المصحف.
6- جزء من الآية السابقة.
7- في ظ: بتلك.
8- الطول: بفتح الطاء المشددة و سكون الواو- خص به الفضل و المن، و هو هنا كناية عما يصرف إلى المهر و النفقة. انظر المفردات للراغب الأصفهاني ص 312، و راجع تفسير القرطبي 5/ 136.

و خشي العنت (1) (2).

الثامن عشر: قوله عزّ و جلّ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ .. (3)، قال قوم:

هذا ناسخ لقوله عزّ و جلّ فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (4) و لم يفرّق بين الإماء و غيرهن و ليس كما ذكروا، و لم تكن الأمة داخلة في قوله عزّ و جلّ فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ، و إنما ذلك في الحرة (5) بإجماع، و لا كان حد الأمة قط أكثر من خمسين، محصنة كانت أو غير محصنة (6).

التاسع عشر: قوله عزّ و جلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً (7).

قالوا: هذا تقديم و تأخير، و إنما المعنى: فعظهم و اعرض عنهم، ثم نسخ الوعظ و الأعراض بآية السيف (8)، و ليس كذلك، لأن آية السيف في قتال المشركين، و هذه الآية في أهل النفاق، و ليس فيها تقديم و لا تأخير.

و معنى فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ: دعهم لا تعاقبهم (9)، و اقتصر على وعظهم، و القول

ص: 665


1- يقال: عنت فلان إذا وقع في أمر يخاف منه التلف، يعنت عنتا، و المراد به هنا: الزنا. انظر المفردات للراغب ص 349، و تفسير ابن العربي: 1/ 407، و القرطبي: 5/ 138.
2- ذكره مكي، و قال: ليس ذلك بمنسوخ، لأن الناسخ لا يكون متصلا بالمنسوخ، و إنما هو تخصيص و تبيين، بين اللّه جل ذكره أن الإباحة المتقدمة إنما هي لمن خشي العنت، و لم يجد طولا لحرة، فبهذين الشرطين أرخص للمؤمن الحر في نكاح الإماء، فالآيتان محكمتان اه الإيضاح ص 219. و لذلك لم يتعرض لذكرها ضمن الناسخ و المنسوخ سوى مكي- حسب اطلاعي- و تابعه السخاوي، و اللّه أعلم.
3- النساء (25) فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ... الآية.
4- النور (2). الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ.
5- في د و ظ: في الحر.
6- انظر: الإيضاح في ناسخ القرآن و منسوخه ص 220.
7- النساء (63).
8- ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 34، و ابن سلامة ص 135، و مكي ص 120، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 281، و ابن البارزي ص 28، و الفيروزآبادي 1/ 172. و قد تولى المصنف- رحمه اللّه- الرد على دعوى النسخ فأحسن صنعا.
9- في بقية النسخ: و لا تعاقبهم.

البليغ: هو (1) التخويف (2).

الموضع الموفي عشرين: قوله عزّ و جلّ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (3).

قالوا: نسخ بقوله عزّ و جلّ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ (4) الآية (5)، و ليس كذلك، فإن آية النساء في قصة مخصوصة (6)، لو تابوا و استغفروا و استغفر لهم الرسول (7) (صلّى اللّه عليه و سلّم) (8) لغفر لهم، و آية براءة في المنافقين الذين استغفر لهم الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و هم مصرّون على النفاق، و معلوم أن المنافق و الكافر إذا تاب و استغفر غفر (9) له.

الحادي و العشرون: قوله عزّ و جلّ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (10)، قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (11) الآية (12)، و ما أحسب هؤلاء فهموا كلام اللّه عزّ و جلّ (13).

ص: 666


1- في بقية النسخ: و هو التخويف.
2- راجع زاد المسير: 1/ 122، و الجامع لأحكام القرآن: 5/ 265.
3- النساء (64).
4- التوبة (80) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ....
5- قال بذلك ابن حزم الأنصاري ص 34، و ابن سلامة ص 136، و الفيروزآبادي: 1/ 172، و ابن البارزي ص 30، و الكرمي ص: 92.
6- أي في الرجل اليهودي و الرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف. كما رواه الطبري بسنده عن مجاهد 5/ 157، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر و ابن أبي حاتم. الدر المنثور: 2/ 583.
7- في بقية النسخ: النبي.
8- في بقية النسخ: صلّى اللّه عليه و سلّم. و هي إضافة حسنة.
9- و قد رد ابن الجوزي على القائلين بالنسخ هنا. و قال: إنه قول مرذول اه. نواسخ القرآن ص 281، 182.
10- النساء (71) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً.
11- التوبة (122).
12- انظر: الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 443، و للبغدادي ص 199، و ابن حزم ص 34، و ابن سلامة ص: 137، و ابن البارزي ص: 31 و بصائر ذوي التمييز: 1/ 172، و الدر المنثور 4/ 322، و قلائد المرجان ص 92.
13- فالصحيح أن الآيتين محكمتان و لا تعارض بينهما، و سيذكر المصنف معنى كل منهما، و منه يتضح أنه لا نسخ، فإن آية النساء تأمرهم بأخذ الحيطة و أن ينفروا جماعات متفرقة أو مجتمعين تحت لواء واحد، و لا يفهم من هذا الأمر لهم بأن يخرجوا جميعا دون استثناء، و على فرض أن اللفظ يقتضي ذلك في ظاهره، أي الأمر بأن يخرجوا كلهم فليس فيه ما يدل على النسخ، و لكن حسبما يقتضيه الحال، فقد يطلب منهم النفير جميعا عند الحاجة، و قد لا يطلب منهم ذلك و آية التوبة تتفق مع قوله في سورة النساء فَانْفِرُوا ثُباتٍ أي عند الاكتفاء بطائفة منكم، فيكون على سبيل الفرض الكفائي. و اللّه أعلم.

أما قوله عزّ و جلّ خُذُوا حِذْرَكُمْ فمعناه: احذروا عدوكم، و لا تغفلوا عنه فيتمكن منكم، (و الفرق) (1) إليه ثبات أي: جماعات، سرية بعد أخرى أو انفروا عسكرا واحدا.

و أما قوله عزّ و جلّ وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً الآية، فاختلف فيه، فقيل:

نزل في قوم بعثهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يعلّمون الناس الإسلام، فرجعوا إليه صلّى اللّه عليه و سلّم لما نزل قوله عزّ و جلّ ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (2) خشية أن يكونوا داخلين فيمن تخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً هذا (3) قول مجاهد (4)، أي فهلا نفر من كل فرقة (5) طائفة (6) ليتفقهوا في الدين إذا رجع بعض المسلمين (7) إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و بقي بعض فإذا نفروا كلهم، لم يبق من يعلّم، فإذا رجع الذين تعلّموا من أهل البوادي إلى قومهم أخبروهم بما تعلّموا لعلّهم يحذرون مخالفة أمر اللّه، فليس هذا بناسخ لقوله عزّ و جلّ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً، لأن المعنى: إذا نفرتم إلى العدو فعلى احدى الحالتين، أما مجتمعين أو سرايا متفرقين () (8) إذا غزوا و ليس معهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لينفروا كلهم و تركوه (9)، لا يبقى منهم أحد فإذا بقي بعد النافرين قوم و نزل قرآن تعلّموه.

ص: 667


1- في الأصل: رسمت الكلمة هكذا (و الفرق). و في بقية النسخ (و انفروا) و هو الصواب.
2- التوبة (120).
3- في بقية النسخ: و هذا.
4- انظر: تفسير الطبري: 11/ 66، و معالم التنزيل للبغوي: 3/ 137 و زاد المسير 3/ 517، و تفسير القرطبي: 8/ 292، و الدر المنثور 4/ 324.
5- في ظ: كانت مضطربة هكذا: فلا نفر كل من فريقة.
6- كلمة (طائفة) ساقطة من ظق.
7- في بقية النسخ المعلمين. خطأ.
8- سقط من الأصل قوله: و لم يرد بقوله: جَمِيعاً لا يبقى منكم أحد. و قال ابن عباس و قتادة: المعنى: ما كان المؤمنون ... الخ.
9- هكذا في النسخ، و لعل الأصح: و يتركوه.

فإذا رجع النافرون أخبرهم القاعدون بما أنزل (1)، ثم ينفر (2) القاعدون، و يمكث الأولون عند النبي صلّى اللّه عليه و سلّم (3) و هذا المعنى أيضا، لا يعارض آية النساء، فتكون هذه الآية ناسخة لها.

و روى عن ابن عباس أيضا أنها نزلت في غير هذا المعنى، و إنما أقبلت قبائل مضر إلى المدينة من أجل الجدب الذي أصابهم بدعوة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، تأتي القبيلة تزعم أن الإسلام أقدمها، و إنما أقدمها الضر، فأعلم اللّه النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بأنهم كاذبون، و لو كان ذلك غرضهم لاكتفوا بإرسال بعضهم إلى المدينة ليتفقهوا و لينذروهم إذا انقلبوا إليهم (4) (5).

و اختلاف الرواية دليل الضعف، و المخبر عنه واحد و القصة واحدة، و مع ذلك فلا تعارض بين الآيتين و لا نسخ.

و قال عكرمة: إنما نزلت في تكذيب المنافقين، لأنهم لما نزل قوله عزّ و جلّ ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ... الآية.

قال المنافقون:- لمن تخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لعذر من المؤمنين- هلكتم بتخلفكم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (6)، و هذا تأويل بعيد عن سياق الآية، و مع ذلك فلا نسخ. و قال الحسن البصري هي في الجهاد، و المعنى ليتفقه الطائفة النافرة بما تراه من نصره و تخبر إذا رجعت بما رأته من ذلك قومها المشركين و تحذّرهم أخذ اللّه و بأسه (7).

و روى أنها نزلت في أعراب قدموا المدينة فأغلوا الأسعار، و ملئوا (8) الطرق بالأقذار (9).

ص: 668


1- في بقية النسخ: بما نزل.
2- في ظ: ثم ينفروا القاعدون.
3- أخرجه أبو عبيد بنحوه عن ابن عباس ص 444، و ابن جرير الطبري: انظر تفسيره: 11/ 67، و راجع تفسير البغوي: 3/ 136، و الدر المنثور 4/ 322، و قد مال إلى هذا القرطبي. انظر تفسيره: 8/ 295.
4- كلمة (إليهم) غير واضحة في الأصل.
5- أخرجه ابن جرير بنحوه عن ابن عباس. انظر: جامع البيان: 11/ 68 و راجع زاد المسير 3/ 516، و الدر المنثور: 4/ 323.
6- انظر: المصادر السابقة.
7- ذكره الطبري عن الحسن و رجحه و انتصر له. انظر جامع البيان 11/ 70، و راجع معالم التنزيل: 3/ 137.
8- جاءت العبارة في (ظ) مضطربة هكذا: فأعلموا الأسعار و مكر الطرق ... الخ.
9- انظر: معالم التنزيل: (3/ 137). فعلى هذه المعاني و الأقوال التي ذكرت في معنى الآية يمكن أن يقال: إنها متعلقة بالجهاد و أحكامه، و يمكن أن يقال: إنها كلام مبتدأ لا تعلق له بالجهاد ... انظر تفسير الخازن: 3/ 137.

الثاني و العشرون: قوله عزّ و جلّ وَ مَنْ (1) تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (2)، قالوا: نسخ بآية السيف (3)، و هذا كقوله عزّ و جلّ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ (4) و قد تقدم القول فيه (5) (6).

الثالث و العشرون: قوله عزّ و جلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ (7).

قالوا: هو منسوخ بآية السيف، و إنما هو كالذي قبله ليس بمنسوخ، و إنما نزل في المنافقين.

فإن قلت: أ فلا يكون منسوخا بقوله عزّ و جلّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ (8)سقط من الأصل و ظق (و اغلظ علي) و في ظق: و المنافقين.(9)؟

قلت: قال ابن عباس: (أمروا بجهاد المنافقين باللسان و الكفار بالسيف).

و قال الضحاك: (جاهد الكفار بالسيف، و اغلظ على المنافقين بالكلام).

و قال الحسن و قتادة: (و اغلظ على) (9) المنافقين بإقامة الحدود عليهم، و قيل: بإقامة الحجة عليهم (10).

ص: 669


1- في د: (فمن). خطأ.
2- النساء (80) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى ....
3- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 34، و لابن سلامة ص: 138 و تفسير القرطبي: 5/ 288، و ناسخ القرآن و منسوخه لابن البارزي ص 28، و بصائر ذوي التمييز: 1/ 172. و قد رد ابن الجوزي القول بالنسخ في مثل هذا و استبعده، و إنما معنى الآية: فما أرسلناك عليهم رقيبا تؤاخذ بهم و لا حفيظا محاسبا لهم. انظر نواسخ القرآن ص 283.
4- آل عمران (20) ... فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ.
5- كلمة (فيه) ساقطة من ظ.
6- راجع ص 639 من هذا الفصل.
7- النساء (81) وَ يَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَ اللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ .. و قد تقدم شيبة هذه الآية و هي آية 63 من السورة نفسها و الكلام عنها فانظره ص 665.
8- التوبة (73) و هي بلفظها كذلك في سورة التحريم
9- .
10- أخرج هذه الآثار ابن جرير الطبري بأسانيده عن ابن عباس و الضحاك و الحسن و قتادة. انظر جامع البيان: 10/ 183، 184. و راجع الدر المنثور: 4/ 239، و زاد المسير: 3/ 469، و تفسير القرطبي: 8/ 204، و ابن كثير: 2/ 371، قال ابن كثير:- عقيب ذكره للأقوال في ذلك- و قد يقال: إنه لا منافاة بين هذه الأقوال، لأنه تارة يؤاخذهم بهذا و تارة بهذا بحسب الأحوال، و اللّه أعلم. اه.

فإن قلت: فيكون قوله عزّ و جلّ في النساء فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ منسوخا بهذه؟ قلت:

آية النساء في قوم منهم بأعيانهم، و قد قيل في معنى قوله عزّ و جلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ لا تخبر بأسمائهم (1).

الرابع و العشرون: قوله عزّ و جلّ فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ (2).

قالوا: نسخ بآية السيف (3)، و ليس كما قالوا، لأن هذه الآية إنما نزلت بعد الأمر بالقتال، و لكن (لما) (4) تثبطوا عن القتال على ما ذكر (في) (5) الآيات قبلها، و بيتوا غير ما قالوا من إظهار الطاعة، قال له اللّه عزّ و جلّ فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، و لا تعتمد على نصرهم، فإن تخلّفوا عنك و لم يخرجوا معك فما كلّفت غير نفسك وحدها (و حرض المؤمنون)، أي و ما (6) يلزمك (7) في أمرهم إلّا التحريض (8)، و في هذا تحريك لهم و إلهاب.

و قيل: دعاهم إلى الخروج إلى (9) بدر الصغرى (10)، فكرهوا الخروج فخرج رسول

ص: 670


1- انظر: الجامع لأحكام القرآن: (5/ 290).
2- النساء: (84).
3- حكاه ابن سلامة ص 139، و ابن البارزي ص 28. و رده ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 184.
4- سقط من الأصل (لما).
5- سقط من الأصل في.
6- (و ما) ساقط من د و ظ.
7- في ظ: يلزك.
8- في د و ظ: إلا تحريض.
9- في بقية النسخ: في بدر.
10- و ذلك أن أبا سفيان- بعد انتهاء معركة أحد- توعد المسلمين بالقتال في بدر من العام المقبل فوافق المسلمون على ذلك، و كانت بدر الصغرى في شعبان من السنة الرابعة، حيث خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى بدر و أقام عليه ثمانيا ينتظر أبا سفيان، لكن أبا سفيان خرج من مكة متوجها نحو بدر، ثم بدا له الرجوع، فرجع و كفي اللّه المؤمنين القتال. راجع البداية و النهاية لابن كثير: 4/ 39، 89.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لم يلو على أحد، فلم يتبعه إلّا سبعون (و لم يتبعه أحد فخرج وحده) (1)، و كان أبو سفيان (2) واعده اللقاء، فكان الأمر كما قال اللّه عزّ و جلّ، فكف بأس الذين كفروا، و رجع أبو سفيان، لأنه لم يكن مع أصحابه (زاد) (3) إلّا السويق (4).

فقال لهم: هذا عام مجدب، و لم يقدم (على) (5) لقاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (6).

الخامس و العشرون: قوله عزّ و جلّ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ (7).

قالوا: قال اللّه عزّ و جلّ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (8) ثم استثنى من ذلك أهل الميثاق، و من اتصل بهم و انحاز إلى جملتهم، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ في براءة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (9)، قال قتادة: نبذ إلى كل عهد

ص: 671


1- هكذا في الأصل: و لم يتبعه أحد فخرج وحده. و هي عبارة غير مستقيمة مع سابقتها. و في بقية النسخ: و لو لم يتبعه أحد لخرج وحده.
2- هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، أبو سفيان صحابي مشهور، أسلم عام الفتح و مات سنة 32 ه، و قيل بعدها التقريب: 1/ 365، و انظر: الإصابة 5/ 127 رقم 4041.
3- سقط من الأصل كلمة (زاد).
4- و هو طعام يتخذ من الحنطة و الشعير. اللسان 10/ 170 (سوق).
5- سقط من الأصل حرف (على).
6- راجع تفسير الطبري 4/ 181، و القرطبي 5/ 293، و الفخر الرازي 9/ 99، 10/ 204. و البداية و النهاية: 4/ 89.
7- النساء (90).
8- النساء (89).
9- التوبة (5) و هي الآية التي تسمى بآية السيف. ذكر هذا بنحوه أبو عبيد عن ابن عباس. انظر الناسخ و المنسوخ ص 428، و ابن جرير الطبري عن الحسن و عكرمة و قتادة و ابن زيد. انظر: جامع البيان 5/ 200. و قال به ابن حزم ص 34، و ابن سلامة ص 139، و النحاس ص: 132 و مكي ص 230، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 285، و زاد المسير 2/ 159، و القرطبي في تفسيره 5/ 308، و الثعالبي في الجواهر الحسان 1/ 399، و الكرمي في قلائد المرجان ص 93. و قد حكى البغدادي النسخ عن ابن عباس، ثم قال: و قال غيره الآية محكمة، و إنما نزلت في قوم مخصوصين و هم بنو خزيمة و بنو مدلج عاقدوا حلفاء المسلمين من خزاعة فنهى عن قتلهم، و نزلت آية السيف بعد إسلام الذين ذكرناهم اه الناسخ و المنسوخ ص 201.

عهده، ثم أمر عليه السلام (1) بالقتال و القتل حتى يقولوا: لا إله إلّا اللّه، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قد عاهد كفار مكة عام الحديبية عهدا بقى من مدته عند نزول براءة أربعة أشهر، فأمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن يوفي بعهدهم إلى مدتهم، و أن يؤخر قتال من لا عهد له إلى انسلاخ محرّم، ثم يقاتل الجميع حتى يدخلوا في الإسلام، لا يقبل منهم سوى ذلك، هذا كله قول قتادة (2).

و قال السدي: كان آخر عهد الجميع تمام أربعة أشهر، و ذلك لعشر خلون من ربيع الآخر، و هذا كله كان في موسم تسع (3).

و قال السدي: أمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بإتمام أربعة أشهر لمن كان بينه و بينه عهد أربعة أشهر فما دون ذلك، و أما من كان عهده أكثر من (ذلك) (4) أربعة أشهر فهو الذي (5) أمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أن يتم له عهده في قوله عزّ و جلّ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ (6)، فمن نقض منهم العهد، دخل فيمن أخر إلى تمام أربعة أشهر.

و هذا اختيار الطبري (7)، و هو قول الضحاك، فعلى هذا لا يكون قوله إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ منسوخا، لأنه قد جعل له حكم المعاهدين و أدخل في جملتهم، و قد أخّر قتالهم إلى انقضاء مدتهم.

و روى أن عليا- عليه السلام- كان يقول في ندائه: و من كان بينه و بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عهد فعهده إلى مدته (8) اه.

ص: 672


1- (عليه السلام) ليست في بقية النسخ.
2- انظره مختصرا في الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 40. و أخرجه الطبري بتمامه عن قتادة عند تفسير سورة براءة 10/ 61، و كان قد ذكره مختصرا في سورة النساء: 5/ 200، و انظر: الإيضاح لمكي ص 230، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 286.
3- أخرجه الطبري بأسانيده عن السدي و محمد بن كعب القرظي و قتادة و مجاهد. جامع البيان: 10/ 61، و انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 195.
4- هكذا في الأصل: أكثر من ذلك أربعة أشهر. فكلمة (ذلك) مقحمة لا معنى لها هنا.
5- في ظ: فو الذي. خطأ.
6- التوبة (4) إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَ لَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا ... 6.
7- انظر: جامع البيان للطبري: 10/ 62 و الجامع لأحكام القرآن 8/ 64 و الإيضاح ص 308.
8- قال الطبري:- منتصرا لهذا- ففي الأخبار المتظاهرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه حين بعث عليا رضي اللّه عنه ب (براءة) إلى أهل العهود بينه و بينهم، أمره فيما أمره أن ينادي فيهم: و من كان بينه و بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عهد فعهده إلى مدته. أوضح دليل على ما قلنا، و ذلك أن اللّه لم يأمر نبيه صلّى اللّه عليه و سلّم بنقض عهد قوم كان عاهدهم إلى أجل، فاستقاموا على عهده بترك نقضه، و أنه إنما أجل أربعة أشهر من كان قد نقض عهده قبل التأجيل، أو من كان له عهد إلى أجل غير محدود، فأما من كان أجل عهده محدودا، و لم يجعل بنقضه على نفسه سبيلا، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان بإتمام عهده إلى غاية أجله مأمورا و بذلك بعث مناديه ينادي به في أهل الموسم من العرب اه جامع البيان: 10/ 63. و انظر: بقية الآثار التي ساقها الطبري بأسانيده عن علي رضي اللّه عنه و غيره في هذه القضية.

و يدل عليه قوله عزّ و جلّ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ (1)انظر: الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 425، و تفسير القرطبي 8/ 72.(2)، فأمر اللّه (3) لمن استقام على عهده و لم ينقضه بأن يتم له عهده، و أن يؤخر من نقض عهده و ظاهر على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أربعة أشهر (4).

قال تعالى فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ففسح لمن كان له عهد و نقض قبل انتهائه، و من له أربعة أشهر فما دون أن يتصرفوا في الأرض مقبلين و مدبرين، ثم لا أمان لهم بعد ذلك.

قال مجاهد: أولها من يوم النحر إلى عشر من ربيع الآخر (5).

و قال الزهري: أولها شوال و آخرها آخر محرم (6). و تسمى أشهر السماحة أيضا، لأنه سمح لهم فيها بالتصرّف.

و قال ابن عباس: (من لم يكن له (7) عهد إنما جعل أجله خمسين ليلة، عشرين من ذي الحجة و المحرم) (7)، يدلّ على ذلك قوله عزّ و جلّ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا

ص: 673


1- التوبة
2- .
3- لفظ الجلالة ليست في ظق. و في د و ظ: فأمر من استقام.
4- و سيأتي- إن شاء اللّه- مزيد بيان لهذا في أول سورة التوبة. و اللّه الموفق.
5- قال القرطبي: و هذا قول مجاهد و ابن إسحاق و ابن زيد و عمرو بن شعيب، قال: و قيل لها حرم: لأن اللّه حرم على المؤمنين فيها دماء المشركين و التعرض لهم إلا على سبيل الخير اه. الجامع لأحكام القرآن؛ 8/ 72، و انظر: تفسير الطبري: 10/ 79 و قد سبق أن قرر هذا السخاوي أثناء كلامه على قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ .. حيث قال هناك: إن المراد بالأشهر في قوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ... إنما هي تبدأ من يوم النحر ... الخ ص 613.
6- انظر: تفسير الطبري: 10/ 62 و الإيضاح ص 308، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 195، قال ابن الجوزي: قال أبو سليمان الدمشقي: و هذا أضعف الأقوال لأنه لو كان كذلك لم يجز تأخير أعلامهم به إلى ذي الحجة، إذ كان لا يلزمهم الأمر بعد الإعلام اه. زاد المسير: 3/ 394.
7- ساقط من د.

الْمُشْرِكِينَ، و كان النداء بسورة (براءة) يوم عرفة، و به يتم (1) خمسين ليلة.

و قيل: يوم النحر (2)، و نزلت (براءة) أول شوال، و من ذلك اليوم أجّل أربعة أشهر لأهل العهد.

و قال الزهري: من أول شوال هو (أول) (3) الأربعة أشهر، و هو للجميع، فمن كان له عهد: كان أجله أربعة أشهر من ذلك الوقت.

و من لم يكن له عهد: انسلاخ الأشهر الحرم، و ذلك أربعة أشهر أيضا (4).

السادس و العشرون: قوله عزّ و جلّ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ (5) أَنْ يُقاتِلُوكُمْ (6) قيل: معناه: و لا الذين جاءكم قد ضاقت صدورهم عن قتالكم و عن قتال قومهم، قال الحسن، و عكرمة، و ابن زيد: هو منسوخ بالجهاد (7) اه.

و أقول:- و اللّه أعلم- أن هؤلاء الذين حصرت صدورهم عن القتال: هم الذين ذكروا في قوله عزّ و جلّ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ذكر لهم حالتان:

أ) الاتصال بالمعاهدين.

ب) أو المجي ء إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و التقدير: إلّا الذين حصرت صدورهم، فاتصلوا بقوم بينكم و بينهم ميثاق، أو جاءوكم، يدلّ على ذلك قراءة أبيّ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ

ص: 674


1- هكذا في ت. على إنه حال تقديرها: و به يتم الوقت كاملا، و يجوز أن يكون (خمسين) مفعولا ل (تم)، لأن معناه: بلغ فهو كقولهم بلغت أرضك جريبين. راجع أملا ما من به الرحمن: 3/ 61 على هامش الفتوحات الإلهية، و في بقية النسخ: و به تتم خمسون ليلة ... على إنه فاعل، و هذا واضح.
2- و هذا مبني على الخلاف في المراد بالحج الأكبر، هل هو يوم عرفة أو يوم النحر. و الراجح أنه يوم النحر. انظر: جامع البيان: 10/ 67- 74.
3- سقط لفظ (أول) من الأصل).
4- انظر: الإيضاح ص 308، و قد سبق أن هذا القول ضعيف، و إنما الصحيح أن الأربعة الأشهر تبدأ من أول النداء، و كان يوم النحر و اللّه تعالى أعلم. و انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 195.
5- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
6- النساء؛ (90) و هي جزء من الآية السالفة الذكر.
7- انظر: تفسير الطبري: 5/ 200، و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 133، و ابن سلامة ص 140، و الإيضاح ص 231، و زاد المسير 2/ 159، و البحر المحيط: 3/ 315، و الجواهر الحسان للثعالبي 1/ 399.

حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ (1)، و ليس في قراءته أَوْ جاؤُكُمْ.

و قوله عزّ و جلّ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، إنما أراد كفار مكة و من معهم، يدل على ذلك قوله عزّ و جلّ أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ (2)التوبة (36).(3)، لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عام الحديبية- حين قاضى (المشركون) (4)- أدخل معه بني كعب ابن خزاعة في القضية و أدخل المشركون معهم بني بكر ابن كنانة في القضية، فنقض المشركون أيمانهم، و أغاروا (5) مع بني بكر ابن كنانة على بني كعب ابن خزاعة قبل انقضاء مدة العهد، فغضب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و قال: «و اللّه لانتصرن لهم»، فنصره اللّه عزّ و جلّ بفتح مكّة (6)، و شفي صدره و بني خزاعة (7) و أذهب غيظ قلوبهم، و هم القوم المؤمنون و حلفاء (8) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (9) فتأمل في (10) هذا فإنه (11) لا يعارض ما في سورة النساء، إلّا أن يكون (الذين) (12) حصرت صدورهم ممن نقض العهد و نكث اليمين و أعان على خزاعة.

و الجرأة على الناسخ و المنسوخ خطر عظيم، و لا يعارض ما في سورة النساء أيضا قوله عزّ و جلّ وَ (13) قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (13).

السابع و العشرون: قوله عزّ و جلّ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ (14) (15) الآية، قالوا؛

ص: 675


1- انظر: الكشاف للزمخشري 1/ 552، و تفسير القرطبي: 5/ 309، و أبي حيان: 3/ 316. و هي قراءة شاذة.
2- التوبة
3- .
4- هكذا في الأصل: حين قاضى المشركون. و في بقية النسخ: المشركين و هو الصواب.
5- في ظ: و غاروا.
6- في ظ: و جعل يفتح مكة.
7- في بقية النسخ: و شفا صدور بني خزاعة.
8- في د: و خلفاء.
9- انظر: البداية و النهاية لابن كثير 4/ 278، و الإصابة 7/ 107، و تفسير القرطبي 8/ 64، فما بعدها.
10- ساقطة من بقية النسخ.
11- في د: و أنه.
12- (الذين) ساقط من الأصل.
13- سقطت الواو من الأصل.
14- في ت حرفت إلى (آخرون).
15- النساء (91) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَ يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها ... الآية.

نسخها آية السيف (1).

الثامن و العشرون: قوله عزّ و جلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* (2).

ذهب قوم إلى أنها منسوخة بقوله عزّ و جلّ وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها (3) الآية (4).

و روى (5) عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أنه قال:- في قوله عزّ و جلّ في (سورة) (6) الفرقان ... وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً* إِلَّا مَنْ تابَ (7).

إن هذا لأهل الشرك إذا أسلموا، و لا توبة للقاتل متعمدا (8) اه.

و روى أن رجلا سأل أبا هريرة و ابن عمر و ابن عباس عن قتل العمد، فكلهم قال:

هل يستطيع أن يحييه (9)؟!.

و الصحيح أن هذا ليس من الناسخ و المنسوخ في شي ء، لأن هذا إخبار من اللّه عزّ و جلّ، و إخبار اللّه عزّ و جلّ صدق لا يدخله نسخ (10) و آية الفرقان و آيات النساء محكمات.

ص: 676


1- قال بذلك ابن حزم ص 34، و ابن سلامة ص 140، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 187، و الفيروزآبادي 1/ 172، و ابن البارزي ص 28، و الكرمي ص 93.
2- النساء (48، 116).
3- النساء (93).
4- انظر: الكلام على هذه الآية و ما قيل فيها في الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 545، و جامع البيان 5/ 215، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 133، و ابن حزم ص 35، و البغدادي ص 203، و ابن سلامة ص 141، و الإيضاح لمكي ص 232- 249، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 288، و زاد المسير: 2/ 168، و الجامع لأحكام القرآن 5/ 332، و قلائد المرجان للكرمي ص 94.
5- في د و ظ: و رواه. و في ظق: و رووا.
6- كلمة (سورة) سقطت من الأصل.
7- الفرقان (68- 70).
8- انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري كتاب التفسير، باب يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ ... 8/ 494، و الإيضاح ص 241.
9- عزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور و ابن المنذر. الدر المنثور 2/ 626 و انظر الإيضاح ص 245.
10- قال مكي: و النسخ في آية الفرقان لا يحسن لأنه خبر، و الأخبار لا تنسخ بإجماع .. فالآيتان محكمتان اه الإيضاح ص 233.

و قد قال اللّه عزّ و جلّ في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ، ثم قال عزّ و جلّ فيها: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها، ثم قال بعد ذلك (1): إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ.

فإن قيل: إن قلت: إن هذه أخبار، و النسخ لا يدخل الأخبار، فما تقول في تعارضها؟.

قلت: قوله عزّ و جلّ فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها قد روى ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال في الآية هو جزاؤه إن جازاه (2) و قال الطبري: جزاء القاتل جهنم حقا، و لكن اللّه يغفر و يتفضّل على من آمن به و برسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها، فإما أن يغفر فلا يدخلهم، و إما أن يدخلهم ثم يخرجهم بفضل رحمته، و هذا خبر عام و لا يجوز نسخه (3) اه و كذلك روى عن إبراهيم التيمي و مجاهد (4).

و قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: كاف، و إنما أذكر هؤلاء لأن ذكرهم كالشهادة لصحة الحديث.

فإن قيل: فما تقول فيما تقدم ذكره عن ابن عباس؟

قلت: قد روى عاصم بن أبي النّجود عن ابن جبير عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أنه قال: (هو جزاؤه إن جازاه) (5).

ص: 677


1- في بقية النسخ: ثم قال بعد ذلك أيضا.
2- لكن رفعه اللّه إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لا يصح. انظر: تفسير ابن كثير 1/ 517، و راجع الدر المنثور: 2/ 627. قال مكي: و قد قال من اعتقد هذا: أن اللّه إذا وعد الحسنى و في و لم يخلف، و إذا وعد بالعذاب جاز أن يعفو اه. الإيضاح ص 233.
3- انظر: تفسير الطبري 5/ 221، و الإيضاح ص 241، و راجع تفسير ابن كثير: 1/ 517،.
4- انظر: الإيضاح ص 233.
5- أخرجه أبو عبيد بنحوه عن عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 556، و انظر: الإيضاح ص 233. قال البغدادي: قال ابن عباس: هذه الآية محكمة، و معناها أن ذلك جزاؤه إن جازاه، و لكنه لا يجازي بالخلود في النار إلا الكافرين لقوله تعالى وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ الآية 17 من سورة سبأ. و قال غيره: إن الآية منسوخة بقوله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* اه الناسخ و المنسوخ ص 203. و قال القرطبي: نص على هذا أبو مجلز لاحق بن حميد و أبو صالح و غيرهما اه. أي نصوا على أن ذلك جزاؤه إن جازاه و هو مستحق لذلك لعظيم ذنبه. و راجع تفسير الطبري 5/ 217، و نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 295.

و روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عزّ و جلّ وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (1)، و قال: فلو كانت ذنوبه أعظم من السموات و الأرض و الجبال لجاز أن يغفرها اللّه تعالى.

قال ابن عباس: و قد دعا اللّه عزّ و جلّ إلى مغفرته من قال عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ (2) و من زعم أن اللّه فقير (3)، و من زعم أن يد اللّه تعالى مغلولة (4)، و من زعم أنه عزّ و جلّ (ثالث ثلاثة) (5) فقال (6) عزّ و جلّ أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7).

قال ابن عباس: و قد دعا اللّه عزّ و جلّ إلى التوبة من هو أعظم جرما من هؤلاء من قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (8)، و ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي (9).

قال: و من أيأس العباد من التوبة، فقد جحد كتاب اللّه تعالى، و من تاب إلى اللّه تاب اللّه عليه.

قال: و كما لا ينفع مع الشرك إحسان، كذلك نرجو أن يغفر اللّه ذنوب الموحدين (10).

ص: 678


1- النساء (110).
2- التوبة (30) وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ... الآية.
3- أي في قوله تعالى لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ الآية 181 آل عمران.
4- أي في قوله تعالى: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا ... الآية 64 المائدة.
5- أي قوله تعالى حكاية عن النصارى لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ... الآية 73 من سورة المائدة.
6- في د: فقال اللّه عزّ و جلّ.
7- المائدة (74).
8- النازعات (24).
9- القصص (38) و كلا الآيتين تحكي قول فرعون.
10- حكي هذه الأقوال مكي بن أبي طالب عن ابن عباس. انظر الإيضاح ص 243. قال ابن كثير: و الذي عليه الجمهور من سلف الأمة و خلفها أن القاتل له توبة فيما بينه و بين اللّه عزّ و جلّ، فإن تاب و أناب و خشع و خضع و عمل عملا صالحا، بدل اللّه سيئاته حسنات و عوض المقتول من ظلامته و أرضاه، قال اللّه تعالى وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إلى قوله إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً الآية. و هذا خبر لا يجوز نسخه، و حمله على المشركين، و حمل هذه الآية على المؤمنين خلاف الظاهر، و يحتاج حمله إلى دليل، و اللّه أعلم .. انظر بقية كلامه في تفسيره: 1/ 537. و راجع فتح الباري: 8/ 495- 496.

قال ابن عباس:- مع قول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «لو وضعت قول (1): لا إله إلّا اللّه في كفة، و وضعت السموات و الأرض و ما بينهن (2) و ما فيهن في كفة لرجحت قول (3): لا إله إلّا اللّه» (4).

و هذا هو الصحيح عن ابن عباس- إن شاء اللّه تعالى (5)- إذ أجمع المسلمون على صحة توبة قاتل العمد، و كيف لا تصح توبته و تصح توبة الكافر و توبة من ارتد عن الإسلام، ثم قتل المؤمنين متعمدا ثم رجع إلى الإسلام (6)؟.

قال عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنه-: (كنا معشر أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لا نشك في قاتل المؤمن و آكل مال اليتيم و شاهد الزور و قاطع الرحم- يعني لا نشك في الشهادة لهم بالنار- حتى نزلت إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ*، فأمسكنا عن الشهادة لهم) (7) اه.

فإن قيل: فما تقول في قولهم: هل تستطيع (8) أن تحييه؟ قلت: ذلك على وجه تعظيم (أمر) (9) القتل و الزجر، أو يكون ذلك قبل أن تنزل إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ

ص: 679


1- (قول) ليست في بقية النسخ.
2- (و ما بينهن) ليست في د و ظ.
3- (قول) ليست في بقية النسخ.
4- انظر: الإيضاح ص 244. و الحديث في كنز العمال معزوا إلى أبي يعلى عن أبي سعيد 1/ 53 و أخرجه الحاكم بلفظ أطول، و قال صحيح على شرط مسلم، و وافقه الذهبي. المستدرك: 1/ 6.
5- قال القرطبي: و هذا مذهب أهل السنة و هو الصحيح، و أن هذه الآية- أي وَ مَنْ يَقْتُلْ .. مخصوصة و دليل التخصيص آيات و أخبار .. اه الجامع لأحكام القرآن 5/ 333.
6- انظر: الإيضاح ص 241.
7- أخرجه ابن جرير. جامع البيان: 5/ 126، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم. انظر: الدر المنثور: 2/ 556، و راجع الإيضاح ص 244.
8- في ظق: هل يستطيع.
9- سقط من الأصل لفظ (أمر).

وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ* على قول ابن عمر، و من زعم أن القاتل عمدا لا توبة له: جعل الغفران لما دون الشرك، و آية (1) الفرقان: منسوخا. قالوا: و نزلت آية الفرقان- فيما روى زيد بن ثابت- قبل آية النساء بستة أشهر (2)، و قد قدمت أن النسخ لا يدخل الأخبار، فلا نسخ في جميع هذه الآيات، و كلها محكمة (3).

التاسع و العشرون: قوله عزّ و جلّ وَ إِذا (4) ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا (5)، زعم قوم أنها منسوخة بما جاءت به السّنة من جواز قصر الصلاة في السفر من غير تقييد بالخوف، و هذا غير صحيح، و صلاة الخوف باقية لم تنسخ، و القصر في السفر غير صلاة الخوف (6).

الثلاثون: قوله عزّ و جلّ إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (7) زعموا أنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ... (8) فما أدري أي الأمرين أعجب، إدخال

ص: 680


1- في ظق: في آية الفرقان.
2- انظر: الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 549، و تفسير الطبري: 5/ 220 و القرطبي: 5/ 332 و الإيضاح ص 232، و الدر 2/ 625.
3- انظر: الجامع لأحكام القرآن 5/ 334، و الإيضاح ص 236. و قد رجح ابن الجوزي القول بالأحكام و قال: إنه لا وجه للقول بالنسخ بحال. نواسخ القرآن 294.
4- سقطت الواو من د و ظ.
5- النساء (101).
6- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 139، و الإيضاح ص 250، و تفسير القرطبي 5/ 363. و قد كثر كلام المفسرين في المراد بالقصر في هذه الآية، و أنا أكتفي بما ذكره الإمام الطبري و نقله عنه النحاس و القرطبي، و هو الذي اطمأنت إليه نفسي، حيث قال: و أولي هذه الأقوال التي ذكرناها بتأويل الآية، قول من قال: عنى اللّه بالقصر فيها القصر من حدودها و ذلك ترك إتمام ركوعها و سجودها و إباحة أدائها كيف أمكن أداؤها مستقبل القبلة فيها و مستدبرها و راكبا و ماشيا، و ذلك في حال الشبكة و المسايفة و التحام الحرب و تزاحف الصفوف، و هي الحالة التي قال اللّه تبارك و تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً آية 239، من سورة البقرة، و أذن بالصلاة المكتوبة فيها راكبا إيماء بالركوع و السجود على نحو ما روي عن ابن عباس من تأويل ذلك. و إنما قلنا ذلك أولى التأويلات بهذه الآية- و ذكرها- لدلالة قول اللّه تعالى فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، على أن ذلك كذلك لأن إقامتها إتمام حدودها من الركوع و السجود و سائر فروضها دون الزيادة في عددها التي لم تكن واجبة في حال الخوف اه جامع البيان: 5/ 249.
7- النساء (145).
8- النساء (146). و قد ذكر دعوى النسخ في هذه الآية ابن حزم الأنصاري في الناسخ و المنسوخ ص 35، و ابن سلامة ص 145، و ابن البارزي ص 29، و الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز: 1/ 173. و سبق مرارا أن الاستثناء ليس بنسخ، و منها هذا الموضع، الذي تعجب المصنف من القول بالنسخ فيه، و مما زاد تعجبه- رحمه اللّه- أن هذه أخبار، و الأخبار لا تدخل في النسخ. و راجع نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 296.

النسخ في الأخبار أو جعل الاستثناء نسخا؟ فهذه ثلاثون موضعا لا ترى فيها ناسخا و منسوخا متيقنا.

ص: 681

سورة المائدة

و هي (1) من آخر ما نزل من القرآن، و هي في الإنزال بعد «براءة» عند أكثر العلماء، و قال آخرون: براءة بعدها (2).

و ذهب جماعة إلى أن (3) المائدة ليس (فيها) (4) منسوخ، لأنها متأخرة النزول (5)، و قال آخرون: فيها من المنسوخ عشرة مواضع:

الأول: قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ (6)

ص: 682


1- كلمة (و هي) ليست في د.
2- انظر: الإيضاح ص 259، و نص ابن سلامة على أن (براءة) آخر ما نزل. الناسخ و المنسوخ ص 182. و قد سبق أثناء الكلام عن (نثر الدرر في ذكر الآيات و السور) من هذا الكتاب الخلاف في هذا فانظره.
3- كلمة (أن) سقطت من د.
4- (فيها) سقطت من الأصل. و لعلها أضيفت في الحاشية إلا أنها لم تظهر.
5- أخرجه أبو عبيد عن الحسن و أبي ميسرة. انظر الناسخ و المنسوخ ص 332- 333. و النحاس عن أبي ميسرة. الناسخ و المنسوخ ص 141 و ابن الجوزي عن الحسن و الشعبي. انظر نواسخ القرآن ص 297. و عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد و أبي داود و ابن المنذر عن الحسن كذلك. الدر المنثور 3/ 4. قال أبو حيان: و قول الحسن و أبي ميسرة ليس فيها منسوخ قول مرجوح. اه البحر المحيط 3/ 420.
6- وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ هذا الجزء من الآية سقط من د و ظ.

وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً (1).

قال الشعبي و غيره: لم ينسخ من المائدة غير هذه الخمسة، نسخها الأمر بقتال المشركين (2).

و قال ابن زيد: هذا كله منسوخ بالأمر بقتالهم كافة (3).

و قال ابن عباس و قتادة: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يعني: منع المشركين من الحج، ثم نسخ ذلك بالقتل (4).

و الشعائر: جمع شعيرة، و شعيرة: بمعنى مشعرة أي معلمة (5).

و اختلف فيها فقيل: حدوده التي جعلها أعلاما لطاعته في الحج.

قال ابن عباس: هي مناسك الحج (6). نهاهم أن يحلوا ما منع المحرّم من إصابته.

ص: 683


1- الآية الثانية من سورة المائدة.
2- أخرجه أبو عبيد عن الشعبي. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 332، و الطبري في جامع البيان 6/ 60، و النحاس ص 142، و انظر: الإيضاح ص 257. و عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد و أبي داود في ناسخه و ابن المنذر عن الشعبي. الدر المنثور 3/ 4.
3- انظر: جامع البيان: 6/ 60.
4- الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 40، و النحاس ص 143، و تفسير الطبري 6/ 60، و الإيضاح ص 256. قال الطبري:- عند تفسير هذه الآية- ثم اختلف أهل العلم فيما نسخ من هذه الآية بعد إجماعهم على أن منها منسوخا، فقال بعضهم: نسخ جميعها ... و قال آخرون: الذي نسخ من هذه الآية قوله وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ .. و قال آخرون: لم ينسخ من ذلك شي ء إلا القلائد التي كانت في الجاهلية يتقلدونها من لحا الشجر ... إلى أن قال: و أولي الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: نسخ اللّه من هذه الآية قوله وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ لإجماع الجميع على أن اللّه قد أحل قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم و غيرها من شهور السنة كلها، و كذلك أجمعوا على أن المشرك لو قلد عنقه أو ذراعيه لحاء جميع الحرم!! لم يكن ذلك له أمانا من القتل إذا لم يكن تقدم له عقد ذمة من المسلمين أو أمان اه جامع البيان 6/ 59- 61، و راجع تفسير الخازن 2/ 5.
5- انظر: الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 208، و تفسير الفخر الرازي 11/ 128، و القرطبي: 6/ 37، و أبي حيان 3/ 419 قال القرطبي: قال ابن فارس: و يقال للواحدة شعارة، و هو أحسن و الشعيرة: البدنة تهدي و أشعارها أن يجز سنامها حتى يسيل منه الدم، فيعلم أنها هدى اه المصدر السابق.
6- أخرجه ابن جرير في جامع البيان: 6/ 54، و ذكره مكي في الإيضاح ص 257.و ذكره البغوي عن ابن عباس و مجاهد. انظر: معالم التنزيل 2/ 4. قال مكي: فمعنى الآية: لا ترتكبوا ما نهيتكم عنه من صد و غيره، و هذا كله لا يجوز نسخه اه.

قال (1) زيد بن أسلم: هي ست:

1- الصفا و المروة. 2- و البدن. 3- و الجمار.

4- و المشعر الحرام. 5- و عرفة. 6- و الركن.

قال: و المحرّمات خمس:

1- البلد الحرام. 2- و الكعبة البيت الحرام. 3- و الشهر الحرام.

4- و المسجد الحرام. 5- و المحرم حتى يحل (2).

قال (3) الكلبي: كانت عامة العرب لا يعدون الصفا و المروة من الشعائر، و لا يقفون- إذا حجوا- عليهما، و كانت الخمس، لا يعدون عرفات من الشعائر، و لا يقفون (4) بها في الحج، فنهى اللّه المؤمنين عن ذلك (5).

و قال السدي: شعائر اللّه: حرمه (6). و قيل: هي العلامات بين الحل و الحرم، نهوا أن يجازوها غير محرمين (7).

و قال عطاء: شعائر اللّه: حرماته، نهاهم عن ارتكاب سخطه و أمرهم باتباع طاعته.

و قيل: الشعائر: الهدايا، و قيل: الإشعار: أن تجلل (8)، و تقلّد و تطعن (9) في سنامها فيعلم أنها هدى (10).

ص: 684


1- في بقية النسخ: و قال.
2- انظر: البحر المحيط: 3/ 419.
3- في بقية النسخ: و قال.
4- من قوله: و لا يقفون إذا حجوا إلى هنا ساقط من ظ. بانتقال النظر.
5- انظر البحر المحيط: 3/ 419.
6- أخرجه الطبري عن السدي، قال: إن الذين قالوا بهذا القول وجهوا معنى قوله شَعائِرِ اللَّهِ أي معالم حرم اللّه من البلاد. جامع البيان: 6/ 54.
7- انظر: البحر المحيط: 3/ 419.
8- أي تغطي لصيانتها. راجع اللسان: 11/ 119 (جلل).
9- في د و ظ: كلها بالياء التحتانية المثناة.
10- قال الإمام الطبري:- بعد أن ذكر الأقوال التي قيلت في معنى الشعائر- و أولي التأويلات بقوله لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ: قول عطاء ... فكان معنى الكلام: لا تستحلوا أيها المؤمنون معالم اللّه، فيدخل في ذلك معالم اللّه كلها في مناسك الحج من تحريم ما حرم اللّه إصابته فيها على المحرم و تضييع ما نهى عن تضييعه فيها، و فيما حرم من استحلال حرمات حرمه، و غير ذلك من حدوده و فرائضه و حلاله و حرامه، لأن كل ذلك من معالمه و شعائره التي جعلها أمارات بين الحق و الباطل، يعلم بها حلاله و حرامه و أمره و نهيه ... اه. جامع البيان: 6/ 55. و راجع زاد المسير: 2/ 272، و تفسير الفخر الرازي: 11/ 128.

و الشهر الحرام: قيل: هو ذو القعدة، و قيل: هو رجب (1)، كانت مضر تحرّم فيه القتال، فأمروا بأن يحرّموه و لا يقاتلوا فيه عدوهم.

و قيل: كانوا يحلونه مرة و يحرّمونه أخرى، فنهوا عن إحلاله.

و الهدى: ما أهداه المسلمون إلى البيت من بعير أو بقرة أو شاة، حرّم اللّه عزّ و جلّ أن يمنع أن يبلغ محله.

و القلائد: قيل: هي الهدايا المقلدات (2)، نهى عن الهدى غير المقلّد و عن المقلّد.

و قيل: هي ما كان المشركون يتقلّدون به، كان أحدهم إذا خرج من بيته يريد الحج تقلّد من السّمر فلا يعرض له أحد، و إذا انصرف تقلّد من الشعر قلادة فلا يعرض له أيضا.

و قيل: إنّما نهى اللّه عزّ و جلّ أن ينزع شجر الحرم، فيتقلّد به على عادة الجاهلية.

و قيل: كان الرجل إذا خرج من أهله حاجا أو معتمرا و ليس معه هدى، جعل في عنقه قلادة من شعر أو وبر، فأمن بها إلى مكّة، و إذا قفل من مكة: علّق في عنقه من لحاء شجر مكة، فيأمن بها حتى يصل إلى أهله (3).

و قوله عزّ و جلّ وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قيل: نهوا أن يعرضوا لمن أمّ البيت الحرام من المشركين.

ص: 685


1- انظر: تفسير القرطبي: 6/ 55، و الإيضاح ص 258. قال الفخر الرازي: و أعلم أن الشهر الحرام هو الشهر الذي كانت العرب تعظم القتال فيه إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً ... الآية فقيل: هي ذو القعدة، و ذو الحجة، و المحرم، و رجب، فقوله وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ يجوز أن يكون إشارة إلى جميع هذه الأشهر كما يطلق اسم الواحد على الجنس، و يجوز أن يكون المراد هو رجب لأنه أكمل الأشهر الأربعة في هذه الصفة اه. مفاتيح الغيب 11/ 128.
2- في بقية النسخ: المتقلدات.
3- انظر: تفسير الطبري: 6/ 56، 57، و القرطبي 6/ 39، و راجع الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 208.

و اختلف في سبب نزولها:- فقيل نزلت في الحطم البكري (1).

قال ابن جريج: قدم على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: إني داعية قومي و سيدهم، فأعرض عليّ أمرك، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أدعوك إلى اللّه، أن تعبده لا تشرك به شيئا، و أن تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت».

فقال الحطم: في أمرك غلظه، أرجع إلى قومي، فأذكر (2) لهم ما ذكرت، فإن قبلوا قبلت معهم، و إن أدبروا كنت معهم، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «ارجع»، فلما خرج، قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «لقد دخل بوجه كافر و خرج بعقبي غادر، و ما الرجل بمسلم»، فمرّ على سرح (3) المسلمين (4)، فانطلق به (و طلب) (5) فلم يدرك، ثم (أنه) (6) خرج إلى الحج بتجارة عظيمة فأراد أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن يعرضوا (7) له و يأخذوا ما معه، فأنزل اللّه عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ (8) الآية (9) لما استاق السرح قال:

قد لفها الليل بسوّاق حطم ليس براعي إبل و لا غنم

و لا بجزار على ظهر وضم باتوا نياما و ابن هند لم ينم

بات يقاسيها غلام كالزّلم خدلّج الساقين خفاق القدم

(10)

ص: 686


1- قال ابن سلامة: و اسمه شريح بن ضبيعة بن شرحبيل البكري ص 147.
2- في ظق: و أذكر.
3- و السرح: المال يسام في المرعى من الأنعام. اللسان 2/ 478 (سرح).
4- في د: للمسلمين.
5- (و طلب) ساقط من الأصل.
6- (أنه) ساقطة من الأصل.
7- في د: أن يتعرضوا.
8- أخرج نحوه ابن جرير بسنده عن ابن جريج عن عكرمة، و بسنده عن أسباط عن عكرمة، و ذكره عن ابن جريج دون إسناد. انظر: جامع البيان: 6/ 58، 59. و انظر: أسباب النزول للواحدي ص 107، و زاد المسير: 2/ 270 و البحر المحيط 3/ 419، و الإيضاح لمكي ص 258، و الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 207.
9- سقطت الواو من الأصل.
10- الأبيات في تفسير الطبري: 6/ 58، مع خلاف يسير في بعض ألفاظها و في زاد المسير: 2/ 271، و تفسير القرطبي 6/ 43، و في اللسان 12/ 138، 139، (حطم)، و المراد بالحطم: العنيف برعاية الإبل في السّوق و الإيراد و الإصدار، قليل الرحمة بالماشية فلا يمكنها من المراتع الخصيبة و يقبضها و لا يدعها تنتشر في المرعى. اللسان نفس الجزء و الصفحة. و الوضم: كل شي ء يوضع عليه اللحم من خشب و غيره يوقي به من الأرض. اللسان: 12/ 640 (وضم). و الزّلم:- بضم الزاي و فتحها- القدح الذي لا ريش عليه، و الجمع: أزلام و هي السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها. اللسان 12/ 270 (زلم). و خدلج الساقين: عظيمهما؛. اللسان: 2/ 249 (خدلج) و رجل خفاق القدم: إذا كان صدر قدميه عريضا. و قيل: معناه: أنه خفيف على الأرض ليس بثقيل و لا بطي ء. اللسان 10/ 82 (خفق). و يقصد أن الإبل قد جمعها الليل على سائق عنيف قوي عديم الرفق بها لأنها حصلت له دون جهد و تعب، فإن سلمت فبها و نعمت، و إن تلفت فلم يخسر شيئا .. إلى آخر ما قاله.

و هذا القول يبطله قوله اللّه عزّ و جلّ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً (1). و قال و قال ابن زيد: جاء ناس من المشركين يوم الفتح يقصدون البيت، فقال المسلمون: نغير عليهم، فقال اللّه عزّ و جلّ في ذلك: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ (2).

و قال قتادة: نسخ من (المائدة) وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ نسخها آية القتل في (براءة) (3).

و قد تقدّم أنها (نزلت) (4) بعد براءة عند أكثر العلماء، و هذا مانع أن يكون (5) براءة ناسخة لها.

و من قال: ليس فيها منسوخ، قال: أما الشعائر: فحدود اللّه عزّ و جلّ، و أما الشهر الحرام: فذو القعدة، لا يحلّه المحرم فيتعدى فيه إلى ما أمر باجتنابه.

ص: 687


1- قال الفخر الرازي: أن اللّه تعالى أمرنا في هذه الآية أن لا نخيف من يقصد بيته من المسلمين، و حرم علينا أخذ الهدى من المهدين إذا كانوا مسلمين، و الدليل عليه أول الآية و آخرها، أما أول الآية فهو قوله لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ، و شعائر اللّه: إنما تليق بنسك المسلمين و طاعتهم لا بنسك الكفار، و أما آخر الآية فهو قوله يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً، و هذا إنما يليق بالمسلم لا بالكافر اه من تفسيره: 11/ 130. و على هذا فالآية محكمة. و راجع الإيضاح ص 259.
2- أخرجه الطبري عن ابن زيد. جامع البيان: 6/ 59، و انظر تفسير القرطبي: 6/ 42، و الإيضاح ص 255.
3- انظر الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 41، و البحر المحيط 3/ 419، و الدر المنثور: 3/ 8.
4- (نزلت) ساقطة من الأصل.
5- هكذا في الأصل: و هذا مانع أن يكون براءة .. الخ. و في بقية النسخ: و هذا مانع من أن تكون براءة الخ. و هي الصواب.

و أما الهدى: فظاهر، و أما القلائد: فالنهي عن نزع شجر الحرم ليتقلّد به، و عن الهدى المقلّد، و التقدير على حذف مضاف (1)، أي: و لا ذا القلائد (2)، وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ، قيل: أنها للمسلمين (لأن المشركون) (3)، لا يبتغون فضلا (4) من اللّه، فنهى المسلمون عنهم لأجل ذلك (5)، فيجوز أن يكون (آمين) حالا من المخاطبين، أي لا تحلو شعائر اللّه آمين (يبتغون فضلا) (6) على الالتفات (7)، كقوله عزّ و جلّ وَ لَوْ أَنَّهُمْ، إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ (8).

الثاني (9): قوله عزّ و جلّ وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا (10).

قال ابن زيد: (نسخ بالأمر بالقتل و الجهاد). و الأكثر على أنها محكمة، و إنّما نزلت ناهية عن المطالبة ب (ذحول) (11) الجاهلية لصدهم إياهم عام الحديبية و قد (لعن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم

ص: 688


1- انظر: تفسير القرطبي: 6/ 40.
2- في د و ظ: و لا ذو القلائد.
3- هكذا في الأصل: لأن المشركون!. و هو خطأ نحوي واضح. و في بقية النسخ: لأنّ المشركين. و هي الصواب.
4- في بقية النسخ: لا يبتغون رضوان اللّه.
5- انظر كلام الفخر الرازي المتقدم قريبا ص 687.
6- سقط هذا الكلام من الأصل: الْبَيْتَ الْحَرامَ، أي لا تحلوها قاعدين عن الحج، و لا آمين البيت الحرام، و قوله: يَبْتَغُونَ فَضْلًا اه.
7- و هو الرجوع عن أسلوب من أساليب الكلام إلى غيره، و من فوائده: تطرية سمع السامع و إيقاظه للإصغاء، فإن اختلاف الأساليب أجدر بذلك من الأسلوب الواحد اه من كتاب الإكسير في علم التفسير للطوفي البغدادي ص 140.
8- النساء (64). و انظر: الكشاف للزمخشري: 1/ 538.
9- أي الموضع الثاني من المواضع التي قيل فيها إنها منسوخة.
10- المائدة (2).
11- غير واضحة في النسخ و بالرجوع إلى كتب الناسخ و المنسوخ و غيرها في الموضوع تبينت الكلمة. و الذحول: جمع (ذحل) بفتح الذال و سكون الحاء- و هو الثأر، يقال: طلب بذحله، أي بثأره. اللسان: 11/ 256، و القاموس المحيط؛: 3/ 390.

من قتل بذحل في الجاهلية) (1) و هذا أولى و أحسن عند الأكثر (2).

الثالث: قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ (3)جزء من الآية السادسة السالفة الذكر.(4) قال قوم:

أنها (5) منسوخة، لأنها تقتضي إيجاب الوضوء على من قام إلى الصلاة، و إن لم يك محدثا.

قال عكرمة و ابن سيرين بإيجاب ذلك على كل قائم إلى الصلاة و إن لم يكن محدثا (6).

و إنما معنى الآية: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين. يدل على ذلك قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (6)، و الآية (7) محكمة عند العلماء، و معناها (8) ما ذكرته (9).

الرابع: قوله عزّ و جلّ: وَ (10) امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (11).

قال: قوم هو منسوخ بوجوب غسل الرجلين.

قال الشعبي: نزل القرآن/ بمسح الرجلين، و جاءت السّنة بالغسل (12) و الصحيح

ص: 689


1- انظر مسند الإمام أحمد: 2/ 187، 4/ 32.
2- انظر الإيضاح ص 260، و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص: 144. و نواسخ القرآن ص 302، و قد روي الطبري النسخ عن ابن زيد، و الأحكام عن مجاهد، قال: و أولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد إنه غير منسوخ، لاحتماله أن تعتدوا الحق فيما أمرتكم به، و إذا احتمل ذلك لم يجز أن يقال: هو منسوخ إلا بحجة يجب التسليم لها اه جامع البيان: 6/ 66.
3- المائدة:
4- .
5- في بقية النسخ: هي.
6- من قوله: قال عكرمة و ابن سيرين إلى هنا ساقط من ظ، و يظهر أن الناسخ أضاف ذلك في الحاشية لكن لم يظهر.
7- في بقية النسخ: فالآية محكمة.
8- في ظ: و معناها على ما ذكرته.
9- انظر: تفسير الطبري: 6/ 110- 114، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 147، و الإيضاح ص 264، 265، و نواسخ القرآن ص: 306، و تفسير القرطبي: 6/ 80- 82، و زاد المسير: 2/ 298، 299.
10- في بقية النسخ (فامسحوا) و هي خطأ.
11- جزء من الآية السادسة السالفة الذكر.
12- أخرجه النحاس عن الشعبي ص 149، و عبد بن حميد عن الأعمش كما في الدر المنثور: 3/ 29. و ذكره ابن العربي و القرطبي عن أنس. انظر: أحكام القرآن: 2/ 577، و الجامع لأحكام القرآن: 6/ 92.

أنها محكمة. قال أبو زيد: المسح: خفيف الغسل، و أريد ترك الإسراف، لأن غسل الرجلين: مظنة ذلك (1).

و قال أبو عبيد (2) في قوله عزّ و جلّ: فَطَفِقَ مَسْحاً (3): المسح هاهنا: الضرب كذلك المسح هاهنا: الغسل (4).

و قيل: المسح: التطهير، يقال: تمسحت للصلاة، كما يقال: تطهرت لها (5).

و قيل: قراءة الخفض معناها: مسح الخفين و قراءة النصب لغسل الرجلين (6) و الصحيح أنها محكمة.

الخامس: قوله عزّ و جلّ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ (7) (8).

قال قتادة: نسخها قوله عزّ و جلّ قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ

ص: 690


1- سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري أبو زيد، أحد أئمة الأدب و اللغة من أهل البصرة، و وفاته بها، كان يرى رأي القدرية، و هو من ثقات اللغويين (119- 215 ه)، تاريخ بغداد: 9/ 77، و التقريب: 1/ 291، و الإعلام: 3/ 92.
2- قال القرطبي: قال ابن عطية: و ذهب قوم ممن يقرأ بالكسر إلى أن المسح في الرجلين هو الغسل، ثم قال القرطبي: و هو الصحيح فإن لفظ المسح مشترك يطلق بمعنى المسح و يطلق بمعنى الغسل، قال الهروي:- و ساق السند إلى أبي زيد الأنصاري أنه قال: المسح في كلام العرب يكون غسلا و يكون مسحا، و منه يقال للرجل إذا توضأ فغسل أعضاءه: تمسح، و يقال: مسح اللّه ما بك إذا غسلك و طهرك من الذنوب، فإذا ثبت بالنقل عن العرب أن المسح يكون بمعنى الغسل فترجح قول من قال: أن المراد بقراءة الخفض: الغسل، و بقراءة النصب التي لا احتمال فيها، و بكثرة الأحاديث الثابتة بالغسل، و التوعد على من ترك غسلها في أخبار صحاح لا تحصى كثرة، أخرجها الأئمة ... اه. انظر: تفسيره؛ 6/ 92 و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 148. و الإيضاح ص 266، و أحكام القرآن لابن العربي: 2/ 577.
3- هكذا في النسخ، و لعل الصواب: أبو عبيدة معمر بن المثنى. و انظر: كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1/ 183. و هو كذلك في الإيضاح و زاد المسير.
4- سورة ص (33) فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ.
5- انظر الإيضاح ص 268 و الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/ 406 و زاد المسير: 2/ 302.
6- انظر: اللسان: 2/ 593 (مسح).
7- قرأ نافع و ابن عامر و الكسائي و حفص بالنصب، و قرأ الباقون بالخفض انظر: الكشف 1/ 406، و النشر: 2/ 254 و قد ذكر هذا المعنى الذي أشار إليه السخاوي على هاتين القراءتين: ابن العربي في أحكام القرآن: 2/ 578.
8- المائدة 13 ... وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ ... الآية.

الْآخِرِ (1) و قال ابن عباس: نسخها قوله عزّ و جلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (2)المائدة (33) إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا ... الآية.(3).

و قيل: بقوله عزّ و جلّ وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً (4) ..، و الصحيح أنها محكمة، لا سيما على قول من قال: إن «المائدة» بعد «براءة» و إنّما نزلت في قوم من اليهود، أرادوا الغدر بالنبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فحماه اللّه عزّ و جلّ، و أمره بالعفو و الصفح ما داموا في الذمة، و السياق يدل على ذلك (5).

السادس: قوله عزّ و جلّ إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ... (5)،

قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا .. (6)، و هذا ظاهر الفساد، و قد تقدّم له نظائر.

ص: 691


1- التوبة (29). و انظر الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 41، و تفسير الطبري: 6/ 157 و نواسخ القرآن ص 308.
2- التوبة
3- و هي الآية التي تسمى بآية السيف. و قد ذكر هذا عن ابن عباس: مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 269 قال: و هذا يدل على أن (براءة) نزلت بعد (المائدة) اه و ذكره مسندا إلى ابن عباس: ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 308.
4- الأنفال (58) وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ .... ذكر هذا مكي و ابن الجوزي و القرطبي، دون أن ينسبوه إلى أحد انظر: الإيضاح ص 269، و نواسخ القرآن ص 309، و الجامع لأحكام القرآن: 6/ 116.
5- انظر تفسير الطبري: 6/ 157، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 151 و الإيضاح ص 269، و نواسخ القرآن ص 309.
6- المائدة (34). و ممن ذكر النسخ هنا بالاستثناء ابن حزم الأنصاري ص 36، و ابن سلامة ص 150، و ابن البارزي ص 32، و الفيروزآبادي: 1/ 180، و الكرمي في قلائد المرجان ص 98. أما النحاس و مكي فقد حكيا فيها القول بأنها ناسخة لما كان فعله عليه الصلاة و السلام في أمر العرنيين من التمثيل بهم و سمل أعينهم ... الخ. انظر: بقية كلامهما في الناسخ و المنسوخ ص 152، و الإيضاح ص 270. و أما ابن الجوزي فقد قال: (هذه الآية محكمة عند الفقهاء ... و قد ذهب بعض مفسري القرآن ممن لا فهم له أن هذه الآية منسوخة بالاستثناء لعدها ...) نواسخ القرآن ص 310، و قد تقدم مرارا أن الاستثناء ليس بنسخ.

السابع: قوله عزّ و جلّ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (1) قالوا:

نسخ هذا التخيير بقوله عزّ و جلّ وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ (2) فأوجب عليه الحكم بينهم، و نسخ التخيير (3)، و قيل: هي محكمة، و هو الصحيح (4) إنما المعنى: إذا (5) أردت الحكم فاحكم بينهم بما أنزل اللّه، و هو معطوف على قوله: وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (6).

و قال ابن عباس و مجاهد و قتادة و عطاء الخراساني و عمر بن عبد العزيز و عكرمة و الزهري: ليس للإمام أن يردّهم إلى حكّامهم إذا جاءوه، و هو أحد قولي الشافعي.

و قال عطاء بن أبي رباح و الحسن البصري و مالك و الشعبي و النخعي و أبو ثور:

الإمام مخيّر، و هو أحد قولي الشافعي (7).

الثامن: قوله عزّ و جلّ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ (8)، قيل: نسخ بالجهاد، و قد سبق القول على مثله (9).

التاسع: قوله عزّ و جلّ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (10)، قيل: هي (11) منسوخة بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (12).

ص: 692


1- المائدة (42).
2- المائدة (49).
3- انظر: الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 42 و ابن حزم ص 36، و ابن سلامة ص 151.
4- و هو اختيار الطبري و مكي و ابن العربي و ابن الجوزي. انظر: جامع البيان: 6/ 246، و الإيضاح ص 272، و أحكام القرآن 2/ 632 و نواسخ القرآن ص 314، و زاد المسير: 2/ 361.
5- في د: إن أردت.
6- الآية 42 من السورة نفسها، أي أن الآية 49 المدعي فيها النسخ معطوفة على الآية السابقة 42.
7- انظر: أحكام القرآن للشافعي: 2/ 73- 79، و الام: 4/ 210، و الإيضاح لمكي ص 271- 273. و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 159 فما بعدها، و أحكام القرآن للكيا الهراسي الشافعي 3/ 75. و تفسير القرطبي 6/ 185، فما بعدها، 6/ 210، 212.
8- المائدة (99).
9- راجع ص 639 أثناء الكلام على الآية 20 من سورة آل عمران، و هو الموضع الثاني من السورة.
10- المائدة (105) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ... الآية
11- كلمة (هي) ليست في د و ظ.
12- قال ابن حزم: نسخ آخرها أولها، و الناسخ منها قوله تعالى: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ و الهدى هاهنا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ليس في كتاب اللّه آية جمعت الناسخ و المنسوخ إلا هذه الآية اه الناسخ و المنسوخ ص 36. و انظر: الإيضاح ص 274، و الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 582 و هبة اللّه بن سلامة ص 152- 154.

و الأكثر على أنها محكمة، و المعنى: عليكم أنفسكم لا يضرّكم من (ظل) (1) إذا أمرتم بالمعروف و نهيتم عن المنكر فلم (2) يقبل منكم.

و قال عبد اللّه بن عمر- رحمه اللّه- هذه لأقوام يأتون بعدنا، إن قالوا لم يقبل (منلم) (3) و أما نحن فقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «ليبلّغ الشاهد الغائب، فكنا نحن الشهود و أنتم الغيب» (4).

و قال جبير بن نفير: قال لي جماعة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في هذه الآية:

(عساك أن تدرك ذلك الزمان، فإذا رأيت شحا مطاعا و هوى متبعا و إعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك نفسك لا يضرك من ضلّ إذا اهتديت) (5).

و قال ابن مسعود: (لم يجي ء تأويل هذا بعد، إن القرآن أنزل حيث أنزل فمنه و منه و منه و منه، أي فمنه آيات قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن، و منه آيات قد وقع تأويلهن على عهد رسول (6) اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و منه آيات قد وقع تأويلهن بعد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بيسير، و منه آيات يقع تأويلهن يوم الحساب، فما دامت قلوبكم واحدة و أهواؤكم واحدة، و لم تلبسوا شيعا، و لم يذق بعضكم بأس بعض فامروا بالمعروف و انهوا عن المنكر، (فإذا اختلف) (7) الأقوال و الأهواء و لبستم شيعا، و ذاق بعضكم بأس بعض، فامرؤ و نفسه، عند ذلك جاء تأويل

ص: 693


1- هكذا في الأصل: من ظل. خطأ من الناسخ.
2- و الأفصح بالواو.
3- هكذا في الأصل رسمت الكلمة (منلم). و في بقية النسخ: منهم. و هو الصواب.
4- أخرجه الطبري بنحوه عن ابن عمر. انظر جامع البيان: 7/ 95. و زاد السيوطي نسبته إلى ابن مردويه عن ابن عمر أيضا. الدر المنثور 3/ 216، و انظر تفسير القرطبي: 6/ 343.
5- أخرجه الطبري بلفظ أطول عن جبير بن نفير. جامع البيان 7/ 96. و أخرج الترمذي و أبو عبيد و الطبري نحوه عن أبي أمية الشعباني عن أبي ثعلبة الخشني. انظر سنن الترمذي كتاب التفسير: 8/ 424، و الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 583، و جامع البيان: 7/ 97، و أخرج ابن مردويه نحوه عن معاذ بن جبل كما في الدر المنثور 3/ 217.
6- في بقية النسخ: على عهد النبي ... الخ.
7- هكذا في الأصل: فإذا اختلف. و في بقية النسخ: اختلفت و هي الصواب.

هذه الآية) (1) اه. فهي على هذا كله محكمة (2).

العاشر: قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ ... (3).

قال قوم: أجاز في هذه الآية شهادة غير أهل الملة بقوله عزّ و جلّ مِنْ غَيْرِكُمْ ثم نسخه بقوله سبحانه مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ (4) و بقوله عزّ و جلّ (5) وَ (6) أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ (7) (8).

و الجمهور على أنها محكمة (9).

قال الحسن و عكرمة (من غيركم) أي من غير قبيلتكم، أي من سائر المسلمين

ص: 694


1- أخرجه أبو عبيد و الطبري عن ابن مسعود. الناسخ و المنسوخ ص 587 و جامع البيان: 7/ 96.
2- و هذا هو الصحيح، فإن الآية خبر، و هي تقرر أن المؤمنين متى استقر الإيمان في قلوبهم، و اهتدوا و فعلوا ما يؤمرون به و اجتنبوا ما ينهون عنه و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، عند ذلك لا يضرهم من حاد عن الطريق و ضل سواء السبيل، و ليسوا مؤاخذين بما صنع أولئك المصرون على ضلالهم. و هذا ما رجحه الطبري: 7/ 99. قال مكي: و أكثر الناس أنها محكمة .. اه الإيضاح ص 274. و انظر: نواسخ القرآن ص 316.
3- المائدة (106) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ .. الآية.
4- جزء من آية: 282 من سورة البقرة .. فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ .. الآية.
5- من قوله: مِنْ غَيْرِكُمْ إلى هنا سقط من د و ظ بانتقال النظر.
6- في الأصل: كتبت الآية بالفاء. و هو خطأ.
7- الطلاق (2).
8- و ممن حكي النسخ ابن حزم ص 36، و ابن سلامة ص 154، فما بعدها و النحاس ص 163، و مكي ص 276، و ابن الجوزي ص 319 و ابن البارزي ص 32، و الفيروزآبادي: 1/ 180 إلا أن مكي و ابن الجوزي و النحاس ذكروا من قال بالأحكام و من قال بالنسخ. و هو بنحو ما ذكره السخاوي. و قد قال مكي: أكثر الناس على أن هذا محكم غير منسوخ اه. المصدر السابق.
9- قال ابن الجوزي:- بعد أن حكي الأقوال في ذلك- و القول بأحكامها أصح، لأن هذا موضع ضرورة فجاز كما يجوز في بعض الأماكن شهادة نساء لا رجل معهن بالحيض و النفاس و الاستهلال اه نواسخ القرآن ص 321، و انظر زاد المسير: 2/ 446.

و يروي ذلك عن الشافعي و مالك و يدل على ذلك قوله عزّ و جلّ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ.

و ذا لا يقال لغير المسلمين (1).

و عن ابن عباس و عائشة- رضي اللّه عنهما (2) و أبي موسى الأشعري و ابن سيرين و مجاهد و ابن جبير و الشعبي و ابن المسيب و النخعي و الأوزاعي و شريح: أنها محكمة، و معنى (من غيركم): من أهل الكتاب، و شهادتهم جائزة في الوصية خاصة في السفر عند فقد المسلمين للضرورة (3).

ص: 695


1- انظر الإيضاح ص 276.
2- في ظق: عنها.
3- انظر الإيضاح ص 276- 279، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 163، و تفسير القرطبي: 7/ 349. و قد رجح الطبري العموم في هذا سواء كانا من أهل الكتاب أو من غيرهم و على أي ملة كانا، لأن اللّه تعالى لم يخصص الآخرين من أهله ملة دون ملة بعد أن لا يكونا من أهل الإسلام اه جامع البيان 7/ 107.
سورة الأنعام

فيها ستة عشر موضعا (1):

الأول: قوله عزّ و جلّ: قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (2) قالوا: نسخ بقوله عزّ و جلّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ (3). و هذا غير صحيح (4)، و الخوف مشروط بالعصيان (5)، و كيف لا يخاف اللّه من عصاه و قد قال صلّى اللّه عليه و سلّم:

«و اللّه إني لأخوفكم للّه» (6).

ص: 696


1- اقتصر قتادة بن دعامة السدوسي على ذكر موضع واحد فقط ص 42. و النحاس على خمسة مواضع ص 174. و مكي على ثمانية مواضع ص 281- 289. و الكرمي على اثني عشر موضعا ص 103. و ابن البارزي على ثلاثة عشر موضعا ص 32. و ذكر كل من ابن حزم ص 37، و الفيروزآبادي 1/ 188 أربعة عشر موضعا، و ذكر ابن سلامة خمسة عشر موضعا ص 161. أما ابن الجوزي فقد أوصلها إلى ثماني عشرة آية، أدّعي فيها النسخ انظر: نواسخ القرآن ص 323- 337.
2- الأنعام: (15).
3- الآية الثانية من سورة الفتح، و ممن قال بهذا ابن حزم ص 37، و ابن سلامة ص 161، و الفيروزآبادى 1/ 188، و الكرمي ص 104.
4- رجح ابن الجوزي أن الآية محكمة، و أكد ذلك أنها خبر، و الأخبار لا تنسخ. نواسخ القرآن ص 323.
5- لفظ الجلالة ليس في د و ظ.
6- رواه البخاري بلفظ قريب منه، كتاب «النكاح» 6/ 116. و كذلك مسلم في كتاب «الصوم» باب حكم التقبيل في الصوم، و باب «صحة صوم من طلع عليه الفجر و هو جنب» 7/ 219، 224. و مالك في الموطأ كتاب «الصوم» «باب يصح صوم من أصبح جنبا» 1/ 289.

(هذا موضع العصمة) (1)، و إنما معنى الآية: (قيل) (2) لهؤلاء الذين لا يخافون ما في معصية اللّه من العذاب العظيم.

الثاني: قوله عزّ و جلّ: قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (3)، قالوا: نسخ بآية السيف (4)، و الصحيح أنها مكملة، و إنما أمر (5) صلّى اللّه عليه و سلّم بأن يخبر عن نفسه بذلك، و النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- داع و مبلغ و ليس بوكيل على من أرسل إليه، و لا بحفيظ يحفظ أعماله.

الثالث: قوله عزّ و جلّ: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ (6)، حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ... إلى آخر الآية التي بعدها لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (7).

قالوا: نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ: فَلا (8) تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ (9).

و عند أهل التحقيق لا نسخ في هذا، لأن قوله عزّ و جلّ: وَ ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ (10) خبر، أي ليس على من اتّقى المنكر من حساب (11) من ارتكبه

ص: 697


1- هكذا في الأصل: هذا موضع العصمة، و في د و ظ: هذا العصمة. و في ظق: هذا مع العصمة، و هي الصواب.
2- هكذا في الأصل: قيل، و لا معنى لها. و في بقية النسخ: قل. و هو الصواب.
3- الأنعام (66).
4- حكاه النحاس و رده ص 168. و حكاه كل من ابن سلامة ص 162، و ابن البارزي ص 33 و الكرمي ص 104. و سكتوا عنه، و حكاه مكي و ضعفه ص 281، و كذلك ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 324 حيث ذكر قولين للعلماء في الآية، و قال: «أن الصحيح الأحكام، لأنه خبر و الأخبار لا تنسخ ...» اه. أما القرطبي، و الخازن فقد حكيا القولين- أعني النسخ و الأحكام و لم يرجحا أحدهما على الآخر. انظر: الجامع لأحكام القرآن 7/ 11. و لباب التأويل 2/ 119.
5- في د و ظ: إنما أمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.
6- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
7- الآيتان 68، 69 من سورة الأنعام.
8- في الأصل (و لا تقعد ...) و هو خطأ في الآية الكريمة. و في د و ظ فَلا تَقْعُدْ و هو أيضا خطأ.
9- النساء (140) وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ... الآية.
10- الأنعام (69).
11- في ظ: وقعت العبارة مضطربة.

من شي ء، إنما عليه أن ينهاه، و لا يقعد معه راضيا بقوله (1).

الرابع: قوله عزّ و جلّ: وَ ذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَ لَهْواً (2)، قالوا: (نسخ بآية السيف (3)، و هذا تهدّد و وعيد، و مثل هذا لا ينسخ) (4).

الخامس: قُلِ (5) اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (6)، قالوا: نسخ بآية السيف (7)، و الكلام فيه كالذي قبله.

السادس: قوله عزّ و جلّ: وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (8)، و هذا (9) كالذي تقدّم في (10) ذكر النسخ فيه و الجواب عنه (11).

السابع: وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (12)، قالوا: نسخ بآية السيف. و قد تقدّم القول في مثله (13).

ص: 698


1- و قد رد القول بالنسخ هنا كل من أبي جعفر النحاس، و مكي، و ابن الجوزي، و القرطبي، و الخازن. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 169، و الإيضاح ص 282، و نواسخ القرآن ص 325، و الجامع لأحكام القرآن 7/ 15، و لباب التأويل 2/ 120.
2- الأنعام (70).
3- الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 42، و لابن حزم ص 3، و ابن سلامة ص 163، و تفسير الطبري 7/ 231 و القرطبي 7/ 15، 17.
4- و هذا ما اختاره النحاس، و مكي، و ابن الجوزي، انظر: الناسخ و المنسوخ ص 170، و الإيضاح ص 283، و نواسخ القرآن ص 327.
5- في الأصل: (قال الله ...) و هو خطأ.
6- الأنعام (91) و نصها: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ.
7- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 37، و ابن سلامة ص 163، و الإيضاح ص 283، و نواسخ القرآن ص 327، و تفسير القرطبي 7/ 38. و قد رجّح مكي، و ابن الجوزي القول بالأحكام. انظر المصدرين السابقين.
8- الأنعام (104) فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ.
9- في بقية النسخ: و هو.
10- في د و ظ: من ذكر.
11- راجع الكلام على قوله تعالى قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ الموضع الثاني من هذه السورة ص: 697.
12- الأنعام (102).
13- و سيأتي أيضا في آخر الأنعام- إن شاء اللّه- رد المصنّف على الذين توسعوا في الكلام على النسخ،و فتحوا الباب على مصراعيه، فجعلوا آية السيف ناسخة لمائة و أربع و عشرين آية، دون يقين منهم، و إنما هو الظن و عدم الفهم للآيات القرآنية. هذا و قد ذكر مكي بن أبي طالب النسخ هنا عن ابن عباس. ثم قال: «و أكثر الناس على أنها محكمة، و أن المعنى: لا ينبسط إلى المشركين، من قولهم: أوليته عرض وجهي. و هذا المعنى لا يجوز أن ينسخ، لأنه لو نسخ لصار المعنى: انبسط إليهم و خالطهم، و هذا لا يؤمر به و لا يجوز أ. ه. الإيضاح ص 286. و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 178 عند آخر كلامه على سورة الأنعام.

الثامن: قوله عزّ و جلّ: وَ ما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (1)، قالوا: نسخ بآية السيف، و قد تقدّم القول (2) فيه في نظائره (3).

التاسع: قوله عزّ و جلّ: وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (4)، قالوا: نسخت بآية السيف (5)، قالوا: لأن اللّه عزّ و جلّ أمر بقتلهم، و القتل أغلظ و أشنع من السب، فهو داخل في جنب القتل، و ذلك (أمر) (6) المشركين.

قالوا: لتنتهنّ عن سبّ آلهتنا أو لنهجوّن ربّكم، فأمر اللّه المسلمين أن لا يسبّوا آلهتهم لئلا يسبّوا اللّه عزّ و جلّ، لأن المسلمين إذا علموا (7) أنهم يسبون اللّه عزّ و جلّ إذا سبّوا آلهتهم كانوا (بسبّ آلهتهم) (8) متسببين في سبّ اللّه عزّ و جلّ، فليس هذا نهيا عن سب آلهتهم، إنما هو في الحقيقة نهى عن سب اللّه عزّ و جلّ (9)، و فعل ما هو سبب له و ذريعة

ص: 699


1- الأنعام (107).
2- في بقية النسخ: قولنا فيه و في نظائره. و هي الأصح.
3- و انظر: نواسخ القرآن ص 328. و مما يؤكد أن الآية محكمة ما ذكره الطبري في معناها. حيث قال: «... و إنما بعثتك إليهم رسولا مبلغا، و لم نبعثك حافظا عليهم ما هم عاملوه، و تحصى ذلك عليهم، فان ذلك إلينا دونك، ... و لست عليهم بقيم تقوم بأرزاقهم و أقواتهم، و لا بحفظهم فيما لم يجعل إليك حفظه من أمرهم» أ أه. جامع البيان 7/ 309.
4- الأنعام (108).
5- و ممن قال ذلك ابن حزم ص 38، و ابن سلامة ص 165، و ابن البارزي ص 33، و الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز 1/ 189، و الكرمي في قلائد المرجان ص 106.
6- هكذا في الأصل: أمر و في بقية النسخ (أن) و هو الصواب.
7- كلمة (علموا) ساقطة من ظ.
8- سقط من الأصل: (بسب آلهتهم).
9- من قوله: «فليس هذا نهيا» إلى هنا ساقط من ظ بانتقال النظر.

إليه، و ليست آية القتال من هذا في شي ء، و هذا الحكم باق و لا يجوز أن يسبّ ما يسبّ اللّه عزّ و جلّ بسببه (1).

العاشر: قوله عزّ و جلّ: وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ (2)، قال (3) عكرمة، و عطاء، و مكحول: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ (4)جاءت العبارة في ت و د و ظ هكذا: (و أجاز أكل) و في ظق: (و أجازوا أكل) و هي الصواب.(5)، و هم لا يسمّون.

و يروى عن أبي الدرداء، و عبادة بن الصامت مثل ذلك (و أجاز أكل) (5) ذبائح أهل الكتاب و إن لم يذكر عليها اسم اللّه عزّ و جلّ، و ذهب جماعة إلى أن هذه الآية محكمة، و لا يجوز لنا أن نأكل من ذبائحهم إلّا ما ذكر اسم اللّه عليه، و روى ذلك عن (عليّ) (6)، و عائشة، و ابن عمر- رضي اللّه عنهم-، و كذلك لو ذبح المسلم و لم يذكر اسم اللّه لم يؤكل عندهم، إذا تعمّد ذلك، و قال بجواز الأكل جماعة من الأئمة، و تأولوا قوله عزّ و جلّ:

وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ بالميتة، وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ* (7) أي ما ذكر عليه اسم غير اللّه عزّ و جلّ، و الآية على هذا أيضا محكمة.

و ذهب قوم إلى أن قوله عزّ و جلّ: وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يراد به ما ذبح للأصنام، و آية «المائدة» في ذبائح أهل الكتاب.

فالآيتان محكمتان في حكمين مختلفين، و لا نسخ بينهما (8).

ص: 700


1- و الحقيقة أن القول بالنسخ هنا ضعيف، و أن قال به من قال ممن سبق ذكرهم، حيث لم يذكروا مستندهم في ذلك، و أيضا فإنه لا تعارض بين ما تحمله الآية في طياتها من النهي عن سب آلهتهم، و بين الأمر بقتالهم، حيث إن الآية التي في الأنعام لا يفهم منها ترك قتالهم، حتى يقال: إنها منسوخة بآية السيف. قال ابن الجوزي: «و لا أرى هذه الآية منسوخة، بل يكره للإنسان أن يتعرض بما يوجب ذكر معبوده بسوء، أو نبيّه- صلّى اللّه عليه و سلّم» اه نواسخ القرآن ص 329، و راجع تفسير القرطبي 7/ 61.
2- الأنعام (121).
3- (قال) في الأصل: مكررة.
4- المائدة
5- .
6- اسم (عليّ) ليس في الأصل. و كأن الناسخ أضافه في الحاشية، إلا أنه لم يظهر.
7- المائدة (3). و النحل (115).
8- انظر: الإيضاح لناسخ القرآن و منسوخه ص 261. قال الإمام الطبري- بعد أن ساق الأقوال و الأدلة عليها في هذه الآية-: «و الصواب من القول في ذلك عندنا، أن هذه الآية محكمة فيما أنزلت لم ينسخ منها شي ء، و أن طعام أهل الكتاب حلال ذبائحهم ذكية ... سمّوا عليها أو لم يسموا لأنهم أهل توحيد و أصحاب كتب اللّه يدينون بأحكامها، يذبحون الذبائح بأديانهم كما ذبح المسلم بدينه، سمى اللّه على ذبيحته أو لم يسمه ... اه. جامع البيان 8/ 21. و راجع لباب لتأويل 2/ 147.

و كره (1) مالك- رحمه اللّه- أكل ما ذبح الكتابيون، و لم يذكروا عليه اسم اللّه عزّ و جلّ، و ما ذبحوه لكنائسهم، و ما ذكروا عليه اسم المسيح، و لم يحرّم ذلك عملا بظاهر قوله عزّ و جلّ: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ (2).

و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ (3)، وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ* (4).

و قال عطاء، و مكحول، و ربيعة، و عبادة بن الصامت، و يروى عن أبي الدرداء:

(تؤكل و إن سمّوا عليها غير اسم اللّه تعالى، و لو سمعته يقول: باسم جرجس (5)! لأن اللّه عزّ و جلّ قد علم ذلك منهم و أباح لنا ذبائحهم (6)، و الصحيح انتفاء النسخ في هذه

ص: 701


1- في د و ظ: بدون واو.
2- انظره بنحوه في المدونة للإمام مالك 2/ 67. و إنما كره مالك- رحمه اللّه- ما ذبح أهل الكتاب لأعيادهم و كنائسهم تورعا منه، خشية أن يكون داخلا فيما أهلّ لغير اللّه به، و لم يحرمه لأن معنى ما أهلّ لغير اللّه به عنده- بالنسبة لأهل الكتاب- إنما هو فيما ذبحوه لآلهتهم مما يتقربون به إليها، و لا يأكلونه، فأما ما يذبحونه و يأكلونه فهو من طعامهم، و قد قال تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، و هذه الفتوى من أظهر الأدلة على فقه الإمام مالك و دينه و ورعه- رحمه اللّه- إذ لم يسارع إلى التحريم كما يفعل بعضهم اليوم، و اكتفى بالقول بالكراهية، حيث وجد عمومين متعارضين: عموم ما أهلّ لغير اللّه به، و عموم طعام أهل الكتاب، و قد جمع بينهما. انظر: الحلال و الحرام في الإسلام ص 60.
3- البقرة (173).
4- تقدم عزوها قريبا.
5- جرجيس: اسم نبي من الأنبياء- عليهم السلام-. انظر: اللسان 6/ 37 (جرجس)، و القاموس 2/ 211.
6- قال ابن قدامة: «قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم، قال: لا بأس به، و إن ذبحها الكتابي و سمى اللّه وحده حلت أيضا، لأن شرط الحل وجد، و إن علم أنه ذكر اسم غير اللّه عليها، أو ترك التسمية عمدا لم تحل» قال حنبل: «سمعت أبا عبد اللّه قال: «لا يؤكل. يعني ما ذبح لأعيادهم و كنائسهم، لأنه أهلّ لغير اللّه به، و قال في موضع: «يدعون التسمية على عمد، إنما يذبحون للمسيح، فأما ما سوى ذلك، فرويت عن أحمد الكراهة فيما ذبح لكنائسهم و أعيادهم مطلقا، و هو قول ميمون بن مهران، لأنه ذبح لغير اللّه و روي عن أحمد إباحته، و سئل عنه العرباض بن سارية، فقال: «كلوا و أطعموني، و روي مثل ذلك عن أبي أمامة الباهلي: و أبي مسلم الخولاني، و أكله أبو الدرداء، و جبير بن نفير، و رخّص فيه عمرو بن الأسود، و مكحول و ضمرة بن حبيب. لقول اللّه تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، و هذا من طعامهم، قال القاضي: «ما ذبحه الكتابي لعيده أو نجم أو صنم أو نبي فسماه على ذبيحته، حرم لقوله تعالى: وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ*، و إن سمى اللّه وحده، حل. لقول اللّه تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، لكنه يكره لقصده بقلبه الذبح لغير اللّه أ. ه. المغني 8/ 569. و الذي ترجح عندي من كلام العلماء أنه إذا ذبح الكتابي، و لم نعلم منه أنه سمى غير اسم اللّه، فذبيحته حلال، و أما إذا علمنا أنه يسمى عند الذبح بغير اسم اللّه، فهو مما أهلّ به لغير اللّه فلا تحل. و اللّه أعلم.

الآيات (1) (2).

الحادي عشر: قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ (3).

الثاني عشر: فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ* (4).

الثالث عشر: قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (5).

قالوا: نسخ جميع ذلك بآية السيف، و هذا تهديد و وعيد، و ليس بمنسوخ بآية السيف (6).

ص: 702


1- في بقية النسخ: الآية.
2- اعتمد الإمام السخاوي في كلامه على هذه الآية على ما كتبه النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 2177. و مكي في الإيضاح ص 261- 262. فقد ابتدأ النحاس كلامه على هذه الآية بقوله: «و في هذه السورة شي ء قد ذكره قوم، هو عن الناسخ و المنسوخ بمعزل، و لكنا نذكره ليكون الكتاب عام الفائدة ... الخ. و راجع الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 38، و ابن سلامة ص 167، و البغدادي ص 214، و الإيضاح ص 286، و أحكام القرآن للجصاص الحنفي 2/ 322، و لابن العربي 2/ 748. و نواسخ القرآن ص 329. و تفسير القرطبي 7/ 75 فما بعدها، و الدر المنثور 3/ 348.
3- الأنعام (135).
4- الأنعام (112)، (137).
5- الأنعام (158).
6- ذكر ابن حزم الموضع الحادي عشر، و الثاني عشر فقط، و قال: «أنهما منسوخان بآية السيف» ص 38، و كذلك الكرمي في قلائد المرجان ص 106، 108، و ذكر ابن سلامة المواضع الثلاثة المذكورة. و قال: «أنها منسوخة بآية السيف، إلا قوله عزّ و جلّ: فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ* فحكي فيه» الخلاف ص 168، و حكي ابن الجوزي في هذه الآيات الثلاث القولين- أعني القول بالنسخ و الأحكام-. و صحح الأحكام في الموضع الحادي عشر، و سكت عن الموضعين الثاني عشر، و الثالث عشر، لأنه قد سبق له أن ناقش مثلهما و رجح الأحكام في ذلك. انظر: نواسخ القرآن ص 329- 331. و راجع ص 327 من المصدر نفسه.

الرابع عشر: قوله عزّ و جلّ: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ ... (1) الآية.

قال قوم: هي منسوخة بما حرّمه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم (2)- و الآية محكمة، و حكمها باق، و ما حرمه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- مضموم إلى ما حرّمته الآية.

و قال قوم: إنها (3) محكمة، و هي جواب قوم سألوا عما ذكر فيها، و الذي حرم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- مضموم إليها (4).

و قال سعيد بن جبير، و الشعبي: هي محكمة، و أكل لحوم الحمر جائز (5)، و إنما حرمه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- في ذلك الوقت لعلة و لعذر، قالا: و ذلك أنها تأكل القذر.

مع ما أنه (6) صلّى اللّه عليه و سلّم لم يحرّمه و إنما كرهه (7).

و أقول- و اللّه أعلم-: أن الآية محكمة، و معنى قوله عزّ و جلّ قُلْ لا أَجِدُ فِي ما

ص: 703


1- الأنعام (145). قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ... الآية.
2- قال النحاس: «قالت طائفة: «هي منسوخة، لأنه وجب منها- أي الآية- أن لا محرّم إلا ما قبلها، فلما حرم النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- الحمر الأهلية، و كل ذي ناب من السباع، و كل ذي مخلب من الطير، نسخت هذه الأشياء منها، و هذا غير جائز، لأن الأخبار لا تنسخ» أ. ه من الناسخ و المنسوخ ص 175. و راجع صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 9/ 653- 657، و أحكام القرآن لابن العربي 2/ 764- 768.
3- في بقية النسخ: هي محكمة.
4- و استحسن هذا القول النحاس و صححه. قال: «و كل ما حرمه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- مضموم إليها، لأنها إذا كانت جوابا فقد أجيبوا عما سألوا عنه، و ثم محرمات لم يسألوا عنها، فهي محرّمة بحالها و الدليل على أنها جواب، أن قبلها: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ، و هذا مذهب الشافعي» أ. ه بتصرف يسير من الناسخ و المنسوخ ص 176.
5- في د و ظ: جائزة.
6- هكذا في النسخ. و يظهر أن العبارة غير مستقيمة، و لعلّ الصواب (مع أنه) بدون (ما). و اللّه أعلم.
7- اعتمد الإمام السخاوي في كلامه على هذه الآية على ما كتبه مكي بن أبي طالب في الإيضاح. فانظره بنصه أو قريب منه ص 288- 289. هذا. و قد ساق النحاس الأحاديث المسندة و الآثار الواردة عن الصحابة و التابعين في هذه المسألة، ثم قال: و هذه الأحاديث كلها تعارض سنة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم الثابتة عنه ... إلى أن قال: «... و الذي تأوله سعيد بن جبير يخالف فيه ... و مع هذا فليس أحد له مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حجة ... أ. ه الناسخ و المنسوخ ص 176.

أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً: أي لا أجد محرما مما حرمتموه مما ذكر قبلها، إلّا ما كان من ذلك ميتة أو دما مسفوحا (1).

الخامس عشر: قوله عزّ و جلّ: وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (2)، قالوا: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ (3)، و ليست بمنسوخة، و إنّما النهي أن يقرب مال اليتيم بغير الحسنى، و المخالطة: داخلة في قوله عزّ و جلّ: إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (4).

السادس عشر: قوله عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (5).

قال السدي: نسختها آية السيف (6).

ص: 704


1- أخرج هذا المعنى الطبري بسنده عن طاوس. جامع البيان 8/ 69. و عزاه ابن الجوزي إلى طاوس، و مجاهد. نواسخ القرآن ص 335، قال ابن حجر: ... و عن بعضهم أن آية الأنعام خاصة ببهيمة الأنعام، لأنه تقدم قبلها حكاية عن الجاهلية، أنهم كانوا يحرمون أشياء من الأزواج الثمانية بآرائهم، فنزلت الآية: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً أي من المذكورات، إلا الميتة منها و الدم المسفوح، و لا يرد كون لحم الخنزير ذكر معها، لأنها قرنت به علة تحريمه، و هو كونه «رجسا»، و نقل إمام الحرمين عن الشافعي أنه يقول بخصوص السبب، إذا ورد في مثل هذه القصة، لأنه لم يجعل الآية حاصرة لما يحرم من المأكولات مع ورود صيغة العموم فيها، و ذلك أنها وردت في الكفار الذين يحلون الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهلّ لغير اللّه به، و يحرمون كثيرا مما أباحه الشرع، فكان الغرض من الآية إبانة حالهم، و أنهم يضادون الحق، فكأنه قيل: لا حرام إلا ما حللتموه مبالغة في الرد عليهم ... أ. ه فتح الباري 9/ 657.
2- الأنعام: (152).
3- البقرة: (220). وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ... الآية.
4- انظر: الإيضاح: ص 289.
5- الأنعام؛ (159).
6- ذكره ابن الجوزي عن السدي. نواسخ القرآن ص 337. و ذكره ابن حزم، و ابن البارزي، و الفيروزآبادي، و الكرمي دون عزو، الناسخ و المنسوخ ص 38، و ناسخ القرآن العزيز و منسوخه ص 33، و بصائر ذوي التمييز 1/ 189، و قلائد المرجان ص 108، و رواه النحاس بسنده عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 179. و قد سبق أن جويبر هذا ضعيف سيّئ الحفظ، و لذلك قال النحاس: «أن هذا من الناسخ و المنسوخ بمعزل» أ. ه.

و ليست آية السيف و الأمر بالقتال معارضا لما في هذه الآية. و معنى (لست منهم في شي ء): أي من السؤال عن تفرقتهم، و معنى تفرقة الدين: اختلافهم فيه. و قيل: إنّما أمرهم في المجازاة إلى اللّه عزّ و جلّ، فعلى هذا هي محكمة.

و قيل: إنّما هو خبر من اللّه عزّ و جلّ لنبيّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- عمن يحدث في دينه من بعده من (1) أمته، أو يكفر (2).

و قد جعلوا آية السيف ناسخة لمائة و أربع و عشرين آية (3)، و ليس ذلك عن يقين منهم، و إنما يظنون إذا سمعوا أمر اللّه سبحانه لنبيّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- (و للمؤمنين) (4) بالصبر و ترك الاستعجال ظنّوا أن ذلك منسوخا بآية القتال، و إنما يكون منسوخا بآية القتال النهي عن القتال، و إنما كان النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- يشكو إلى اللّه ما يلاقيه من أذى المشركين، فيأمره بالصبر، و يعده بالنصر، و يقص عليه أنباء الرسل، و ما صبروا عليه من الأذى في ذات اللّه عزّ و جلّ، (و كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) (5)، و لم ينسخ بآية السيف شي ء من ذلك، و لا يحل أن يقال بالظن هذا ناسخ لكذا، و لا هذا منسوخ بكذا (6)، و لو كان هذا الناسخ و المنسوخ مقطوعا به، لم يقع فيه اختلاف، كيف؟ و هذا يقول في الآية: منسوخة، و يقول الآخر: بل هي محكمة!.

ص: 705


1- في د و ظ: في أمته.
2- قال الإمام الطبري- بعد أن حكى الأقوال في هذه الآية-: «و الصواب من القول في ذلك أن يقال: «إن قوله: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ إعلام من اللّه نبيه محمدا- صلّى اللّه عليه و سلّم أنه من مبتدعة أمته الملحدة في دينه بري ء، و من الأحزاب من مشركي قومه، و من اليهود و النصارى، و ليس في إعلامه ذلك ما يوجب أن يكون نهاه عن قتالهم، لأنه غير محال أن يقال في الكلام: لست من دين اليهود و النصارى في شي ء فقاتلهم، فإنّ أمرهم إلى اللّه في أن يتفضل على من شاء منهم فيتوب عليه، و يهلك من أراد إهلاكه منهم كافرا، فيقبض روحه، أو يقتله بيدك على كفره، ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون عند مقدمهم عليه ... و لم يكن في الآية دليل واضح على أنها منسوخة ... أه. جامع البيان 8/ 106، و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 178- 179.
3- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 12، و ابن سلامة ص 169، 184، و الإتقان 3/ 69، و قلائد المرجان ص 116. و قد سردها ابن حزم مبتدئا بسورة البقرة و منتهيا بسورة «الكافرون».
4- كلمة (و للمؤمنين) سقطت من الأصل. و في د و ظ: «و المؤمنين».
5- هود: (120).
6- وقعت العبارة مضطربة في ت.

ثم أن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- لم يكن قادرا على القتال. فكيف ينهى عنه؟!. و كيف يقال للعاجز عن القيام: لا تقم؟!. و إنّما هذا كالفقير يؤمر بالصبر على الفقر، فإذا استغنى، وجبت عليه الزكاة، فوجوب الزكاة لا (1) يعارض الصبر فيكون ناسخا له، و النسخ إنّما هو: رفع حكم الخطاب الثابت بخطاب آت بعده، لولاه لكان ثابتا و هذا واضح.

فإن قيل: فما تصنع فيما يروى عن السلف- رضي اللّه عنهم- كابن عباس و غيره، فقد أطلقوا على هذا (2) النسخ؟.

قلت: لم يريدوا بالنسخ ما حدّدناه به، إنما كانوا (3) يسمّون (4) ما يغير الأحوال نسخا.

ص: 706


1- في ظ و ظق: لم يعارض.
2- في بقية النسخ: على ذلك.
3- كلمة (كانوا) ساقطة من د و ظ.
4- في ظق: يسموا.
سورة الأعراف

قالوا: فيها موضعان:

الأول: قوله عزّ و جلّ: وَ أُمْلِي لَهُمْ (1)، قالوا: نسخ بآية السيف، و هذا خطأ ظاهر (2).

الثاني (3): قوله عزّ و جلّ: خُذِ الْعَفْوَ ... (4) الآية.

قالوا: هي من أعجب الآيات، أولها منسوخ و آخرها منسوخ و أوسطها محكم (5).

قالوا: قوله عزّ و جلّ: خُذِ الْعَفْوَ منسوخ بالزكاة.

و قال ابن زيد: منسوخ بآية السيف بالأمر بالغلظة و القتال. اه و الصحيح أنها محكمة.

و قال (6) مجاهد: العفو: يعنى به الزكاة، لأنها قليل من كثير (7).

ص: 707


1- الأعراف (183).
2- ذكر النسخ هنا ابن سلامة ص 170، و ابن البارزي ص 34، و رده ابن الجوزي. و قال: «هذا قول لا يلتفت إليه» أ. ه. نواسخ القرآن ص 340.
3- في بقية النسخ: و الثاني بالواو.
4- الأعراف (199). خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ.
5- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 38، و ابن سلامة ص 170، و زاد المسير 3/ 308، و البرهان 2/ 41، و الإتقان 3/ 69، و قلائد المرجان ص 110.
6- في بقية النسخ: قال. بدون واو.
7- قال القرطبي: «و فيه بعد لأنه من عفا، إذ درس» أ. ه. الجامع لأحكام القرآن 7/ 346.

و قال (1) سالم و القاسم: هي محكمة، و المراد بالعفو: غير الزكاة، و هو ما كان عن ظهر غني، و ذلك على الندب.

و قال عروة بن الزبير و أخوه عبد اللّه: هي محكمة، و العفو: من أخلاق الناس (2).

و قال ابن زيد: (و أعرض عن الجاهلين) منسوخة بآية السيف. اه و ليس كما قال (3).

قال العلماء: أعرض عن مودتهم و الانبساط إليهم في المجالسة و المخالطة (4)، و هذا لا ينسخ (5).

ص: 708


1- أما سالم: فهو ابن عبد اللّه بن عمر- سبقت ترجمته-. و أما القاسم: فهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق التميمي، ثقة، فاضل، أحد الفقهاء في المدينة، مات سنة 106 ه على الصحيح. التقريب 2/ 120.
2- قال النحاس: «و هذا أولى ما قيل ما في الآية، لصحة اسناده، و أنه عن صحابي خبير بنزول الآية، و إذا جاء الشي ء هذا المجي ء لم يسع أحدا مخالفته، و المعنى عليه: خذ العفو، أي السهل من أخلاق الناس، و لا تغلظ عليهم، و لا تعنف بهم، و كذا كانت أخلاق النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-، أنه ما لقى أحدا بمكروه في وجهه، و لا ضرب أحدا بيده ... أ. ه ص 180.
3- بل الصحيح أنها محكمة. انظر: الإيضاح ص 293، و نواسخ القرآن ص 342، و تفسير القرطبي 7/ 347.
4- لكن المعنى القريب للآية، و المتبادر إلى الذهن: أي إذا أقمت عليهم الحجة و أمرتهم بالمعروف، فجهلوا عليك، فأعرض عنهم، صيانة له عليهم، و رفعا لقدره عن مجاوبتهم، وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. انظر: تفسير القرطبي 7/ 346.
5- انظر ما كتبه مكي في الإيضاح ص 291- 293، حول هذه الآية تجد أن السخاوي اعتمد عليه مع تصرف في بعض العبارات فقط، و راجع تفسير الطبري 9/ 153، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 179- 181. ففيهما- أيضا- كل الأقوال التي ذكرها السخاوي معزوة إلى أصحابها. و راجع أيضا نواسخ القرآن ص 340، و زاد المسير 3/ 307.
سورة الأنفال

فيها (تسع) (1) مواضع:

الأول: قوله عزّ و جلّ: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ (2)، نزلت في غنائم بدر، روى أنهم سألوه عنها، لمن هي (3)؟، و روى أنهم سألوها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم (4).

و الأنفال: جمع نفل (5)، و النفل هاهنا: العطية، سميت بذلك لأنها تفضل من اللّه عزّ و جلّ (و عطية) (6) لهذه الأمة، لم يحلّها (7) لمن كان قبلهم (8).

و قيل: أراد بالأنفال: الزيادات التي يزيدها الإمام لمن شاء في مصلحة المسلمين (9).

ص: 709


1- هكذا في الأصل و د و ظ: تسع. و في ظق: تسعة. و هو الصواب.
2- الآية الأولى من سورة الأنفال. يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ ... الآية.
3- قال الطبري: «قال بعضهم: هي الغنائم. و قالوا: معنى الكلام: يسألك أصحابك يا محمد عن الغنائم التي غنمتها أنت و أصحابك يوم بدر لمن هي؟ فقل: هي للّه و لرسوله» أ. ه. جامع البيان 9/ 168.
4- أخرجه الطبري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. جامع البيان 9/ 175. و زاد السيوطي نسبته إلى ابن مردويه. الدر المنثور 4/ 6.
5- بفتح الفاء و النون.
6- في بقية النسخ: و عطية لهذه الأمة.
7- في د و ظ: لم يجعلها.
8- انظر: تفسير القرطبي 7/ 361، و ابن كثير 2/ 184، و لسان العرب 11/ 670 (نفل).
9- و هذا ما رجّحه الطبري في جامع البيان 9/ 171. و ذكره النحاس ضمن الأقوال التي قيلت في الآية ص 183.

و قيل: الأنفال: ما شذّ من العدو من عبد أو دابة، للإمام أن يعطي ذلك لمن شاء (1).

و قال مجاهد: الأنفال: الخمس (2).

فذهب (قوم) (3) ممن قال: الأنفال الغنيمة إلى أنها منسوخة بقوله عزّ و جلّ:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (4).

و ذهب قوم (منهم) (5) إلى أنها محكمة، و الحكم في الغنيمة أنها للّه و لرسوله.

و قيل: إن أولى القوة غنموا يوم بدر أكثر من غيرهم (فرأوا) (6) أنهم أحق بما غنموه، فنزلت (7).

ص: 710


1- أخرجه ابن جرير، و النحاس عن عطاء. جامع البيان 9/ 169، و الناسخ و المنسوخ ص 184، و زاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد، و ابن المنذر، و أبي الشيخ. كلهم عن عطاء. الدر المنثور 4/ 9. و عزاه مكي إلى عطاء، و الحسن. انظر: الإيضاح ص 296. قال ابن كثير: «و هذا يقتضي- أي قول عطاء بن أبي رباح- أنه فسر الأنفال بالفي ء، و هو ما أخذ من الكفار من غير قتال». أ. ه من تفسيره 2/ 283.
2- ذكره النحاس عن مجاهد في رواية ابن نجيح عنه. الناسخ و المنسوخ ص 184، و انظر: الإيضاح ص 296.
3- في بقية النسخ: فذهب قوم ممن قال ... الخ.
4- الأنفال: (41). ... فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ ... الآية. و قد روى النسخ ابن جرير بأسانيده عن مجاهد، و عكرمة، و السدي جامع البيان 9/ 175، و رواه أبو عبيد عن ابن عباس، و مجاهد. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 465، 466، و راجع الدر المنثور 4/ 8، و الإيضاح ص 295، و تفسير ابن كثير 2/ 184، قال النحاس: «للعلماء في هذه الآية أقوال، و أكثرهم على أنها منسوخة بقوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... الآية. و قد احتج هؤلاء بأنها لما كانت من أوّل ما نزل بالمدينة من قبل أن يؤمر بتخميس الغنائم، و كان الأمر في الغنائم كلها إلى النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- وجب أن تكون منسوخة بجعل الغنائم حيث جعلها اللّه قائلو هذا القول يقولون: الأنفال هاهنا: الغنائم ... و ممن روي عنه هذا القول ابن عباس، و هو قول مجاهد، و عكرمة، و الضحاك و الشعبي، و السدي، و أكثر الفقهاء ...» انتهى بتصرف يسير و اختصار من الناسخ و المنسوخ ص 181، 182. و سيأتي قريبا- إن شاء اللّه- أن الراجح خلاف هذا، و أن الآية محكمة.
5- كلمة (منهم) مبتورة في الأصل.
6- كلمة (فرأوا) ساقطة من الأصل.
7- راجع الآثار في ذلك عند الطبري 9/ 171، و ابن كثير 2/ 284. و السيوطي في الدر 4/ 6.

و قيل: كانوا ثلاث فرق، فرقة اتبعت العدو، و فرقة حازت الغنائم، و فرقة لزمت النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-، و قالت كل فرقة: نحن أحق بالغنيمة، فنزلت، أي الأنفال للّه و الرسول، أي الحكم فيها للّه و الرسول، لا لكم (1).

و من قال: الأنفال غير الغنيمة- على ما سبق- قال: هي محكمة لا غير (و القضايا) (2) بأنها محكمة ظاهر (3).

و قول (4) مجاهد: الأنفال: الخمس، جمع بين الآيتين، فيكون وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مفسّرة لقوله عزّ و جلّ: قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ (5).

الثاني: قوله عزّ و جلّ: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ... (6) الآية، قالوا: نسخها قوله عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ ... (7) الآيتين.

ص: 711


1- انظر: تفسير القرطبي 7/ 360، و ابن كثير 2/ 283، و الدر المنثور 4/ 5.
2- هكذا في الأصل: و القضايا. و الصواب: و القضاء.
3- و هذا هو المتبادر إلى الذهن من الآيتين، إذ لا تعارض بينهما و لا داعي للقول بالنسخ هنا، حيث إن الآية الثانية وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... جاءت مبينة و مفصلة لما أجملته الآية التي في أول السورة فقد بينت الآية الأولى أن حكم الأنفال للّه و لرسوله يحكمان فيها (و قد تولى). سبحانه الحكم فيها بقوله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ، وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ ... الآية، و أنها توزع أخماسا، و يؤخذ منها خمس واحد للذين ذكروا في هذه الآية، و يبقى الأخماس الأربعة، هي حق للغانمين تقسّم عليهم للرجل سهم، و للفرس سهمان، و لصاحبه سهم، و له عليه الصلاة و السلام أن ينفل من الغنائم ما شاء لمن يشاء لأسباب يراها و اللّه أعلم. راجع تفسير الطبري 9/ 176، و الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 121، و الإيضاح لمكي ص 295. قال ابن الجوزي- و هو يناقش الأقوال في هذه الآية، و دعوى النسخ فيها:- و العجب ممن يدعي أنها منسوخة، فإن عامة ما تضمنت أن الأنفال للّه و الرسول، و المعنى: أنهما يحكمان فيها، و قد وقع الحكم فيها بما تضمنته آية الخمس، و أن أريد أن الأمر بنفل الجيش ما أراد، فهذا حكم باق، فلا يتوجه النسخ بحال، و لا يجوز أن يقال عن آية إنها منسوخة إلّا أن يرفع حكمها، و حكم هذه ما رفع، فكيف يدّعي النسخ ...؟ أ ه. نواسخ القرآن ص 344.
4- في د و ظ: بدون واو.
5- انظر: الإيضاح ص 296.
6- الأنفال (16). وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ....
7- الأنفال (65، 66).

قالوا: فأطلق (1) في هاتين الآيتين أن يفرّوا ممن هو أكثر من هذا العدد (2).

و قال الحسن: ليس الفرار من الزحف من الكبائر، و الآية في أهل بدر خاصة (3).

و قال ابن عباس: هي محكمة، و حكمها باق إلى يوم القيامة، و الفرار من الزحف من الكبائر (4).

و أكثر العلماء على ذلك، و أيضا فهي خبر، و الخبر لا ينسخ (5).

الثالث: قوله عزّ و جلّ: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (6).

قالوا: هي (7) منسوخة بما بعدها، وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ (8) (9)، و ليس كما

ص: 712


1- في ظق: و أطلق.
2- روي دعوى النسخ هنا عن عطاء بن أبي رباح، كما في جامع البيان للطبري 9/ 203، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 184، و الإيضاح ص 297، و انظر: الدر المنثور 4/ 38. و راجع كلام ابن حزم الظاهري في الجمع بين هذه الآيات في الأحكام في أصول الأحكام 4/ 91، 92.
3- أخرجه الطبري، و النحاس عن الحسن. جامع البيان 9/ 202، و الناسخ و المنسوخ ص 184، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي شيبة، و عبد بن حميد، و ابن المنذر، و أبي الشيخ. انظر: الدر المنثور 4/ 37، و راجع الإيضاح ص 297. قال ابن الجوزي: «و قد ذهب قوم منهم ابن عباس، و أبو سعيد الخدري و الحسن، و ابن جبير، و قتادة، و الضحاك. إلى أنها في أهل بدر خاصة» أ. ه نواسخ القرآن ص 344.
4- أخرجه الطبري، و النحاس. انظر: جامع البيان 9/ 203، و الناسخ و المنسوخ ص 185، و انظر: الإيضاح ص 197.
5- و هذا هو الصحيح، و هو الذي مال إليه ابن جرير الطبري، و النحاس و مكي، و ابن الجوزي، و القرطبي. انظر: جامع البيان 9/ 203، و الناسخ و المنسوخ ص 185، و الإيضاح ص 297، و نواسخ القرآن ص 346، و الجامع لأحكام القرآن 7/ 382. قال النحاس- بعد أن روى الأحكام عن ابن عباس-: «و هذا أولى ما قيل فيه، و لا يجوز أن تكون منسوخة، لأنه خبر و وعيد و لا ينسخ الوعيد كما لا ينسخ الوعد ... أ. ه. قال مكي: «و عليه أهل النظر و الفهم» أ. ه. انظر المصدرين السابقين.
6- الأنفال (33).
7- (هي) ساقطة من ظ.
8- الأنفال (34). وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ ....
9- دعوى النسخ هنا مروية عن عكرمة، و الحسن. كما في جامع البيان 9/ 238، و زاد السيوطي نسبتها إلى ابن أبي حاتم. الدر المنثور 4/ 57، و رواه ابن الجوزي عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- و رده. نواسخ القرآن ص 346، و ذكره النحاس عن الحسن و رده، و كذلك مكي. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 186، و الإيضاح ص 298.

قالوا، و السورة مدنية، ذكر فيها ما فعلوه بمكة، فقيل: إنما منعهم من (الإنزال) (1) العذاب بهم في ذلك الوقت أنك كنت فيهم، و ما عذّب اللّه قوما (2) إلّا بعد إخراج نبيّهم من بينهم، فالعذاب لا ينزل مع حالين: إحداهما (3): أن يكون النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بين القوم أو يستغفرون و يتوبون، و هؤلاء ما استغفروا و لا تابوا، و لا نبيّهم بينهم، فما لهم أن لا يعذبهم اللّه؟.

و عبّر عن إخراج النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- و عن ترك التوبة و الاستغفار بقوله: «و هم يصدون عن المسجد الحرام» و صدّهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- عن المسجد الحرام و تركهم الاستغفار:

مفهوم من قوله عزّ و جلّ: وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ لأنهم لو آمنوا و استغفروا لما صدّوا عنه، و ما صدّوه عن المسجد الحرام، إلّا بعد خروجه من بينهم، فكأنه قيل:

وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ و لست بين ظهرانيهم، و ليسوا بمستغفرين و لا تائبين (4).

الرابع: قوله عزّ و جلّ: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ (5)، قالوا: هو منسوخ بآية السيف (6)، و ليس كذلك، إنما أمره اللّه بدعوتهم إلى الإسلام،

ص: 713


1- هكذا في الأصل: من الإنزال. و في بقية النسخ: من إنزال. و هو الصواب.
2- في بقية النسخ: و ما عذب اللّه أمة من الأمم ... الخ.
3- في د و ظ: أحدهما.
4- قال الإمام الطبري- مؤيدا لأحكام الآية و مفندا للقول بالنسخ-: و أولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: تأويله: و ما كان اللّه ليعذبهم و أنت فيهم يا محمد و بين أظهرهم مقيم، حتى أخرجك من بين أظهرهم، لأني لا أهلك قرية و فيها نبيها، و ما كان اللّه معذبهم و هم يستغفرون من ذنوبهم و كفرهم، و لكنهم لا يستغفرون من ذلك، بل هم مصرون عليه، فهم للعذاب مستحقون ... «إلى أن قال: «... و لا وجه لقول من قال: ذلك منسوخ بالآية التي بعدها، لأنه خبر، و الخبر لا يجوز أن يكون فيه نسخ، و إنما يكون النسخ للأمر و النهي» أ. ه. جامع البيان 9/ 238. و كذلك رد دعوى النسخ النحاس ص 186، و مكي ص 298، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 346.
5- الأنفال (38).
6- قال ابن حزم: «منسوخة بقوله تعالى: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ...* الآية 39 من سورة الأنفال، و الآية 193 من سورة البقرة. الناسخ و المنسوخ ص 39. و كذلك قال ابن سلامة ص 181، و ابن البارزي ص 34. و الفيروزآبادي 1/ 224، و الكرمي ص 113.

و وعدهم الغفران على ترك الكفر، و الهلاك إن عادوا إلى قتاله (1).

و إنه يفعل بهم ما فعل بالأولين، و هم الذين قتلوا يوم بدر (2).

الخامس: قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (3)، قيل: نزلت في اليهود، ثم نسخت بقوله عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (4) وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ... إلى قوله عزّ و جلّ: ... حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (5) (6)، و ليس هذا بنسخ، لأن إعطاء الجزية ميل إلى السلم.

و قال قتادة: نسخها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (7) و لا هذا أيضا، لأن هذا محمول على من لم يكن بيننا و بينهم صلح (8).

ص: 714


1- في د: إلى قاله!.
2- راجع تفسير الطبري 9/ 247.
3- الأنفال (61).
4- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
5- التوبة (29). قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ....
6- أخرجه أبو عبيد عن ابن عباس، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه، كلهم عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 424، و الدر 4/ 99، و رواه ابن جرير عن عكرمة، و الحسن. جامع البيان 10/ 34، و قال به ابن حزم في الناسخ و المنسوخ ص 39. و حكاه مكي دون عزو. انظر الإيضاح ص 300.
7- التوبة: (5). و هي الآية التي تسمى بآية السيف، و انظر: الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 42، و للنحاس ص 188، و تفسير الطبري 10/ 34، و الإيضاح ص 300، و قلائد المرجان ص 113، و تفسير الخازن 3/ 39، و بهامشه معالم التنزيل، و انظر كذلك: الدر المنثور 4/ 99، و تفسير القرطبي 8/ 39، 40.
8- قال الطبري- مفندا لدعوى النسخ المروية عن قتادة-: «فأمّا ما قاله قتادة، و من قال مثل قوله من أن هذه الآية منسوخة. فقول لا دلالة عليه من كتاب و لا سنة، و لا فطرة عقل، فالناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه، فأمّا ما كان بخلاف ذلك فغير كائن ناسخا، و آية (براءة) غير ناف حكمها آية (الأنفال)، لأن آية الأنفال إنما عنى بها بنو قريظة، و كانوا يهودا أهل كتاب، و قد أذن اللّه- جلّ ثناؤه- للمؤمنين بصلح أهل الكتاب، و متاركتهم الحرب، على أخذ الجزية منهم، و أما آية (براءة) فإنما عنى بها مشركوا العرب من عبدة الأوثان الذين لا يجوز قبول الجزية منهم، فليس في إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى، بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه» أ. ه ببعض الاختصار من جامع البيان 10/ 34.

و عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- نسخها: (1) فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ (2).

و قيل في الجواب عنه: (و إنما) (3) أمره في سورة (الأنفال) بالصلح إن جنحوا إليه، و ابتدءوا بطلبه، و في سورة (القتال) نهاه أن يكون هو المبتدئ بالصلح.

فالآية محكمة، (ليس) (4) ما في (القتال) بناسخ لها (5).

السادس: قوله عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا (6).

فأوجب اللّه عزّ و جلّ على الواحد أن يقف لعشرة من الكفّار، قال ابن عباس:

و كان هذا (و) (7) العدد قليل، فلمّا كثروا، نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ... إلى قوله سبحانه: ... وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (8) (9).

ص: 715


1- و كتبت الآية في النسخ بالواو. و هو خطأ.
2- سورة محمد: صلّى اللّه عليه و سلّم (35). و ذكر هذا عن ابن عباس: النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 188، و مكي في الإيضاح ص 300. و أخرجه أبو الشيخ عن السدي كما في الدر المنثور 4/ 98.
3- هكذا في الأصل: و إنما. و في بقية النسخ: إنما. و هو الصواب.
4- هكذا في الأصل: ليس. بدون واو. و في بقية النسخ: و ليس. و هو الصواب.
5- انظر: الإيضاح ص 300، و هنا يحسن أن أنقل ما ذكره الخازن أثناء حديثه عن هذه الآية وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ .... حيث يقول: قيل: إن الآية تتضمن الأمر بالصلح إذا كان فيه مصلحة ظاهرة، فإن رأى الإمام أن يصالح أعداءه من الكفار و فيه قوة فلا يجوز أن يهادنهم سنة كاملة، و إن كانت القوة للمشركين جاز أن يهادنهم عشر سنين، و لا تجوز الزيادة عليها اقتداء بالنبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-. فإنه صالح أهل مكة مدة عشرة سنين، ثم إنهم نقضوا العهد قبل انقضاء المدة أ. ه. من تفسيره 3/ 39. و راجع الوجيز لأبي حامد الغزالي 2/ 204.
6- الأنفال (65).
7- سقطت الواو من الأصل، فأحدث اشكالا في خبر كان. و في بقية النسخ: و كان هذا و العدد قليل.
8- الأنفال (66). الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.
9- أخرجه أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ ص 422، و رواه ابن جرير الطبري، و النحاس، و ابن الجوزي عن ابن عباس. جامع البيان 10/ 39، و الناسخ و المنسوخ ص 189، نواسخ القرآن ص 351، و ذكره البغدادي في الناسخ و المنسوخ ص 140، لكن لم يصرح الطبري و النحاس بذكر النسخ، و إنما فيهما التخفيف، و المعنى متقارب، باعتبار أن التخفيف نسخ. و راجع الدر المنثور 4/ 102 فما بعدها.

و لا شك في أن هذه منسوخة بهذه، و أما من قال: ليس هذا بنسخ، و إنما هو تخفيف و نقص من العدد (1)، و حق الناسخ أن يرفع حكم المنسوخ كله، و لم يرتفع، و هي باقية على حكمها، لأن من وقف لعشرة فأكثر، فهو مثاب مأجور، و ليس (2) ذلك بمحرّم عليه: فإنه عن المعرفة بمعزل، لأن الوقوف للعشرة كان واجبا فرضا على الواحد، و ليس هو الآن بواجب، فقد ارتفع ذلك الحكم كله و نسخ (3).

السابع: قوله عزّ و جلّ: ما (4) كان لنبي أن تكون (5) له أسرى حتى يثخن في الأرض (6).

و روى عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أنها منسوخة بقوله عزّ و جلّ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً (7)، و مكان ابن عباس من العلم يجل عن هذا، و هل هذا إلّا عتاب للنبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-، لما أسر أهل بدر و لم يقتلهم و قبل منهم الفداء؟!.

ص: 716


1- في بقية النسخ: و نقص من العدة.
2- في بقية النسخ: ليس. بدون واو.
3- انظر: الإيضاح ص 300، 301. و كان مكي قد تحدث عن هذا تحت عنوان باب «بيان شروط الناسخ و المنسوخ». قال: و من شروطه: أنه يجوز أن ينسخ الأثقل بالأخف ... أ. ه. من المصدر نفسه ص 110. و قد اكتفى كثير من العلماء بالقول بالنسخ دون ذكر للأحكام، منهم ابن حزم الأنصاري ص 39، و ابن سلامة ص 177، و ابن البارزي ص 35، و السيوطي في الاتقان 3/ 67، و الخازن في تفسيره 3/ 40، و ابن كثير 2/ 324. و حكي الزرقاني القولين، و انتصر للقول بالنسخ. مناهل العرفان 2/ 266.
4- في الأصل: (و ما كان) خطأ.
5- في النسخ هكذا بالتاء. و هي قراءة أبي عمرو البصري، و قرأ باقي السبعة بالياء. الكشف 1/ 495، و النشر 2/ 277.
6- الأنفال (67).
7- سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم؛ (4). فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ... الآية. و قد روى هذا القول النحاس بإسناده عن ابن عباس، و نسبه ابن الجوزي إلى ابن عباس، و مجاهد في آخرين، و ذكره مكي عن ابن عباس انظر: الناسخ و المنسوخ ص 190، و نواسخ القرآن ص 352، و الإيضاح ص 301. و رواه أبو عبيد عن السدي. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 451. قلت: و ما رواه النحاس مسندا إلى ابن عباس، فأحد رجال السند بكر بن سهل الدمياطي. قال النسائي: «ضعيف». انظر: ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 346. و بكر هذا روى عن عبد اللّه بن صالح (أبو صالح المصري)، قال ابن حجر: «صدوق، كثير الغلط». التقريب 1/ 423.

و لو كان هذا تحريما و منعا لم يجز أن يأخذ (1) الفداء، و لقتلهم وقت نزول هذه الآية، و لرجع عن قبوله، و قد قال عزّ و جلّ: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا (2)، قيل: أراد الفداء، لأنه من جملة الغنائم، على أن هذه الآية قد أباحت المن و قبول الفداء بعد الإثخان، و آية القتال نزلت بعد الإثخان، فهما في معنى واحد، و لا نسخ (3).

الثامن: قوله عزّ و جلّ: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا (4).

و اختلف (5) في تفسير هذا. فقيل: معناه: ما لكم من ميراثهم من شي ء حتى يهاجروا، أي أنهم لمّا لم يهاجروا لم يتوارثوا، فلا ميراث بين المسلم المهاجر و المسلم الذي لم يهاجر، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ (6)، أي أولى بميراث بعض (7).

و قيل: كان المسلمون المهاجرون و الأنصار يتوارثون، يرث بعضهم بعضا، و قيل لبث المسلمون زمانا يتوارثون بالهجرة، و لا يرث المؤمن الذي لم يهاجر، من قريبه المهاجر شيئا، فنسخ ذلك بقوله (8) عزّ و جل: وَ (9) أُولُوا الْأَرْحامِ (10) بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ (11)،

ص: 717


1- في ظ: أن يأخذوا.
2- الأنفال (69).
3- و هذا هو الصحيح، و هو ما رجحه أبو عبيد، و النحاس، و مكي، و ابن الجوزي انظر: الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 456، و النحاس ص 190، و الإيضاح ص 302، و نواسخ القرآن ص 352.
4- الأنفال (72).
5- في بقية النسخ: اهتلف.
6- الأحزاب (6).
7- أخرجه الطبري عن ابن عباس. جامع البيان 10/ 52. و انظر: الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 43، و ابن حزم ص 39، و النحاس ص 191 و الإيضاح لمكي ص 305. قال مكي: فذكر هذه الآية- على قول قتادة- في الناسخ و المنسوخ: حسن، لأنه قرآن نسخ قرآنا، و ذكرها على الأقوال الأخرى لا يلزم لأنها لم تنسخ قرآنا، إنما نسخت أمرا كانوا عليه أه المصدر نفسه.
8- في بقية النسخ: قوله.
9- سقطت الواو من ظ.
10- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
11- رواه الطبري بنحوه عن قتادة. جامع البيان 10/ 53.

و الظاهر أن قوله عزّ و جلّ: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ ليس بناسخ لما ذكروه، و إنّما المعنى: أن أولي (1) الأرحام المهاجرين بعضهم أولى ببعض، أي أن الموارثة من الرحم (2)، و القرابة من (3) المهاجرين: أولى من التوارث بالهجرة، و إذا اجتمع القرابة و الهجرة، كان ذلك مقدما على مجرد الهجرة الذي كانوا يتوارثون به، و إنّما نسخها آية المواريث (4).

و اختار الطبري أن (5) تكون الولاية بمعنى: النصرة (6)، و ليس كما قال، و لو كان (7) الولي في اللغة: الناصر، لأن قوله عزّ و جلّ: وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ: يرد ذلك (8).

و عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أن النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- لمّا آخى بين أصحابه كانوا يتوارثون بذلك ثم نسخ بالآية المذكورة (9).

ص: 718


1- في د: أن أولوا. خطأ نحوي واضح.
2- في بقية النسخ: بالرحم.
3- في بقية النسخ: بين المهاجرين.
4- انظر الناسخ و المنسوخ للبغدادي ص 145.
5- في ظ: بأن تكون.
6- انظر نص كلام الطبري في: جامع البيان 10/ 56.
7- في بقية النسخ: و إن كان.
8- و أقول: «أن الذي يستعرض آيات السورة و المواضيع التي تعالجها، يجد أن الحق مع الإمام الطبري، لأنه لا مكان للميراث فيها، لأنها بصدد الحديث عن القتال و أسبابه و نتائجه، و الآيات في آخر السورة تتحدث عن ولاية المؤمنين بعضهم لبعض، بمعنى النصرة و المحبة و المودة. و اللّه أعلم. يقول الفخر الرازي: «احتج الذاهبون إلى أن المراد من هذه الولاية: الإرث بأن قالوا: لا يجوز أن يكون المراد منها: الولاية بمعنى النصرة، و الدليل عليه أنه تعالى عطف عليه قوله: وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ و لا شك أن ذلك عبارة عن الموالاة في الدين، و المعطوف مغاير للمعطوف عليه، فوجب أن يكون المراد بالولاية المذكورة أمرا مغايرا لمعنى النصرة، و هذا الاستدلال ضعيف، لأنّا حملنا تلك الولاية على التعظيم و الإكرام و هو أمر مغاير للنصرة، أ لا ترى أن الإنسان قد ينصر بعض أهل الذمة في بعض المهمات، و قد ينصر عبده و أمته، بمعنى: الإعانة، مع أنه لا يواليه، بمعنى التعظيم و الإجلال، فسقط هذا الدليل» أ ه من تفسيره 15/ 210. و راجع نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 355.
9- أي بالآية المذكورة سابقا: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ ... الآية. و قد روى هذا بنحوه النحاس عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 191. و أخرجه الطيالسي، و الطبراني، و أبو الشيخ، و ابن مردويه. انظر: الدر المنثور 4/ 118. كما أخرجه- أيضا- ابن مردويه، و ابن أبي حاتم. بلفظ أطول. المصدر نفسه 4/ 114. و ذكره مكي عن ابن عباس. انظر: الإيضاح ص 305.و راجع الكلام على قوله تعالى: وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ص: 660. و هو الموضع الخامس عشر من سورة النساء.

و قيل: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا يراد به الأعراب الذين آمنوا و لم يهاجروا، لا ميراث بينهم و بين أقاربهم ممن هاجر (1).

التاسع: قوله عزّ و جلّ: وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ (2).

قالوا: كان بين النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- و بين أحياء من العرب موادعة، لا يقاتلهم و لا يقاتلونه، و إن احتاج إليهم عاونوه، و إن احتاجوا إليه عاونهم، فصار ذلك منسوخا بآية السيف (3).

و الصحيح أنها في المسلمين الذين لم يهاجروا، إما الذين بقوا بمكة، و إما الأعراب المسلمين، الذين لم يهاجروا، و الثاني: قول ابن عباس (4)، لأنهم- أعني الفريقين- من جملة المسلمين، لهم ما لهم من نصر المسلم المسلم، و عليهم ما عليهم من الوفاء بعهد المعاهدين و ميثاقهم (5).

ص: 719


1- أخرجه بنحوه أبو عبيد عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 475، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 354، و هو قول عكرمة. انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 191، و الإيضاح ص 305 و عزاه ابن الجوزي إلى عكرمة، و الحسن. انظر: المصدر السابق.
2- جزء من الآية السابقة 72 من سورة الأنفال.
3- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن سلامة ص 180، و قلائد المرجان ص 115.
4- رواه عنه ابن جرير الطبري. جامع البيان 10/ 54، و انظر: تفسير ابن كثير 2/ 329.
5- و هذا استثناء، و قد سبق مرارا أن الاستثناء ليس بنسخ، و اللّه أعلم.
سورة التوبة

فيها ثمانية مواضع:

الأول: قوله عزّ و جلّ: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (1)، قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (2) (3)، و إنما قال عزّ و جلّ ذلك بعد انسلاخ الأشهر الحرم، و هذه مدة الذين نقضوا عهد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم-، و أما الذين لم ينقضوه شيئا و لم يظاهروا عليه أحدا، فقد أمرنا بأن نتم عهدهم إلى مدتهم (4).

الثاني: قوله عزّ و جلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... إلى قوله عزّ و جلّ: كُلَّ مَرْصَدٍ (5).

ص: 720


1- الآية الثانية من سورة التوبة.
2- الآية الخامسة من سورة التوبة.
3- انظر: الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 425، و ابن حزم ص 40، و ابن سلامة ص 182، و قلائد المرجان ص 116. قال ابن الجوزي- مبطلا لدعوى النسخ هنا-: «زعم بعض ناقلي التفسير ممن لا يري ما ينقل، أن التأجيل منسوخ بآية السيف ...» إلى أن قال: ... و قوله فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ. قال الحسن: يعني الأشهر التي قيل لهم فيها فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، و على هذا البيان فلا نسخ أصلا ... أ ه نواسخ القرآن ص 357- 359.
4- انظر: الإيضاح: ص 308. قال النحاس: «و هذا أحسن ما قيل في الآية ...» أه الناسخ و المنسوخ ص 195. و هو ما رجحه الطبري و انتصر له. انظر: جامع البيان 10/ 62، 63.
5- تقدم عزوها قريبا، و نص الآية: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ... الآية.

قالوا: هذه الآية التي نسخت مائة و أربعا و عشرين آية (1)، نسخت بقوله عزّ و جلّ في آخرها (2): فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ (3).

و لا يقول مثل هذا ذو علم، إنما هو (4) خبط جاهل في كتاب اللّه، إنما قال عزّ و جلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ما قال: اقتلوا المسلمين. و قال الحسن، و الضحاك، و السدي، و عطاء: هي منسوخة من وجه آخر، و ذلك أنها اقتضت قتل المشركين على كل حال، فنسخت بقوله عزّ و جلّ: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً (5)، فلا يحل قتل أسير صبرا (6).

و قال قتادة، و مجاهد: بل هي ناسخة لقوله عزّ و جلّ: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً، فلا يجوز في أسرى المشركين إلّا القتل دون المن و الفداء (7).

ص: 721


1- قال ابن الجوزي: «و قد ذكر بعض من لا فهم له من ناقلي التفسير أن هذه الآية- و هي آية السيف- نسخت من القرآن مائة و أربعا و عشرين آية ثم صار آخرها ناسخا لأولها، و هو قوله: فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ. و هذا سوء فهم، لأن المعنى: اقتلوهم و أسروهم، إلا أن يتوبوا من شركهم، و يقروا بالصلاة و الزكاة فخلّوا سبيلهم و لا تقتلوهم» أ. ه ص 360. قلت: و قد تقدم كلام السخاوي و رده على من قال: أن آية السيف نسخت أربعا و عشرين و مائتي آية؛ و شنع على القائلين بذلك، و ذلك في آخر سورة الأنعام. ص 705.
2- أي في آخر آية السيف السالفة الذكر.
3- حكى دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 40، و ابن سلامة ص 184، قال مكي- بعد أن حكى القول بالنسخ عن ابن حبيب الذي قال: أن الآية منسوخة، مستثنى منها بقوله فَإِنْ تابُوا ...- قال: «و لا يجوز في هذا نسخ، لأنها أحكام لأصناف من الكفار، حكم اللّه على قوم بالقتل إذا أقاموا على كفرهم، و حكم لقوم بأنهم إذا آمنوا و تابوا أن لا يعرض لهم، و أخبر بالرحمة و المغفرة لهم، و حكم لمن استجار بالنبي- عليه السلام- و أتاه أن يجيره و يبلغه إلى موضع يأمن فيه، فلا استثناء في هذا، إذ لا حرف فيه للاستثناء، و لا نسخ فيه، إنما كل آية في حكم منفرد، و في صنف غير الصنف الآخر، فذكر النسخ في هذا و هم، و غلط ظاهر، و علينا أن نبيّن الحق و الصواب» أ. ه الإيضاح ص 311.
4- (هو): ساقط من ظ.
5- سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم 4.
6- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 197، و الإيضاح ص 309، و نواسخ القرآن ص 359، و تفسير القرطبي 8/ 73. و سيأتي قريبا- ان شاء اللّه- أن هذا القول مرجوح و أن الآيتين محكمتان.
7- ذكر هذا القول النحاس في المصدر السابق ص 198، دون أن يعزوه لأحد، و ذكره مكي معزوا إلى قتادة، و مجاهد. الايضاح ص 309. و كذلك ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 360، و القرطبي 8/ 73.

و قال ابن زيد: الآيتان محكمتان (1)، أما قوله عزّ و جلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، فإنه قال بعد ذلك: وَ خُذُوهُمْ، أي للمن و الفداء، على حسب ما يرى الإمام، و قد فعل جميع ذلك رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم-، فقتل من الأسرى يوم بدر: عقبة ابن أبي معيط، و النضر بن الحارث، و منّ على قوم و قبل الفدية من قوم (2).

الثالث: قوله عزّ و جلّ: ... إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ (3)قاله ابن حزم ص 40، و ابن سلامة ص 185، و ابن البارزي ص (35)، و الكرمي ص 117، و الفيروزآبادي 1/ 230.(4).

قالوا: نسخ بآية السيف (5)، و هذا مستثنى و ليس بناسخ لما تقدم (6)، و كيف يكون الاستثناء نسخا، و لم يدخل في الأول في مراد المتكلم؟ و لو قال قائل: اضرب القوم إلّا زيدا، لم يكن زيد داخلا في المضروبين في نيّة المتكلم، و قد انكشف ذلك للسامع أيضا.

الرابع: قوله عزّ و جلّ: وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ ...، إلى قوله عزّ و جلّ: ... فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (7)، قالوا: نسخ جميع ذلك بآية الزكاة (7).

و عن عمر بن عبد العزيز- رحمه اللّه-: أراها منسوخة بقوله عزّ و جلّ: خُذْ مِنْ

ص: 722


1- في ظ: المحكمتان.
2- و هذا هو الصحيح، و عليه عامة الفقهاء، كما ذكره النحاس، و مكي و ابن الجوزي و القرطبي. انظر: المصادر السابقة. و سيأتي مزيد بيان لهذا- ان شاء اللّه تعالى- عند قوله تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً ... الآية 4 من سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم ص 836.
3- التوبة:
4- . و أولها: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ ....
5- حكي النسخ هنا ابن سلامة ص 185، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 362، و ابن البارزي ص 35.
6- و لذلك أعرض ابن حزم، و النحاس، و مكي و غيرهم من المفسرين، أعرضوا عن ذكرها في الناسخ و المنسوخ، و إن كان ابن الجوزي قد حكاه في نواسخ القرآن، إلا أن عبارته في المصفّى بأكفّ أهل الرسوخ، و زاد المسير تنبئ بعدم قبوله لدعوى النسخ، حيث قال: «زعم بعضهم أنها منسوخة بآية السيف ...» انظر: المصدرين المذكورين ص 38، 3/ 401.
7- التوبة: (34، 35). ... وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ.

أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها (1). و الصحيح أنها محكمة غير منسوخة (2).

و الكنز عند العلماء: كل مال وجبت فيه الزكاة، و لم تؤد زكاته.

قال ابن عمر- رضي اللّه عنه-: (كل مال أديت زكاته فليس بكنز، و إن كان مدفونا، و كل مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه و إن لم يكن مدفونا) (3).

و عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما-: «هي فيمن لم يؤد زكاته من المسلمين، و في أهل الكتاب كلهم، لأنهم يكنزون و لا ينفقون في سبيل اللّه، و إنما ينفق في سبيل اللّه المؤمنون» (4).

الخامس: قوله عزّ و جلّ: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ... إلى قوله عزّ و جلّ: ... ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (5)، قالوا: نسخ هذه الآيات قوله عزّ و جلّ (6): وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (7)، و رووا ذلك عن ابن عباس (8).

ص: 723


1- التوبة (103). و قد أخرج هذا ابن أبي حاتم، و أبو الشيخ عن عراك بن مالك، و عمر بن عبد العزيز- رحمهما اللّه- انظر: الدر المنثور 4/ 179، و رواه عنهما ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 364. و ذكره عنهما مكي ص 314. و قال «و روي عن ابن شهاب مثل قول عمر في الآية، فهي محكمة مخصوصة في الزكاة» أه.
2- قال ابن الجوزي- أثناء مناقشته للأقوال في هذه الآية-: «و قد زعم بعض نقلة التفسير أنه كان يجب عليهم إخراج ذلك في أول الإسلام، ثم نسخ بالزكاة، و في هذا القول بعد» أ. ه نواسخ القرآن ص 364.
3- أخرجه ابن جرير، و ابن الجوزي بسنديهما عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- جامع البيان 10/ 118، و نواسخ القرآن ص 363. و راجع صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 3/ 271 فما بعدها، 8/ 324، و الموطأ مع شرحه المسوي 1/ 256، و الدر المنثور 4/ 177. قال القرطبي- بعد أن حكى الأقوال في ذلك-: «و هو الصحيح» أ. ه، من تفسيره 8/ 125.
4- أخرج ابن جرير بسنده إلى ابن عباس قال: «هم أهل الكتاب». و قال: هي خاصة و عامة،- يعني بقوله خاصة و عامة-: «هي خاصة من المسلمين فيمن لم يؤد زكاة ماله منهم، و عامة في أهل الكتاب لأنهم كفار لا تقبل منهم نفقاتهم إن أنفقوا» أ. ه جامع البيان 10/ 120.
5- التوبة (39- 41).
6- من قوله: ذلِكُمْ ... إلى هنا: ساقط من ظ بانتقال النظر.
7- التوبة (122).
8- رواه عنه النحاس بسنده إلى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 201. و ذكره مكي عن ابن عباس. انظر: الإيضاح ص 314. و قد سبق أن جويبر هذا سيّئ الحفظ ليس بشي ء. و ممن ذكر دعوى النسخ هنا: ابن حزم ص 40، و ابن سلامة ص 186 و الكرمي ص 118.

و قال الحسن، و عكرمة (1)، و كثير من العلماء: هي محكمة.

و معنى إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ: أي إذا احتيج إليكم و استنفرتم فلم تنفروا (2).

السادس: قوله (3) عزّ و جلّ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ... إلى قوله عزّ و جلّ: فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (4) (5).

قالوا: نسخ هذه الآيات (الثلاثة) (6) قوله عزّ و جلّ: فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ (7)، قال ذلك الحسن و عكرمة (8).

و اختلف عن ابن عباس، فقيل عنه: مثل هذا (9)، و قيل عنه: أنه قال: الثلاث محكمات، نزلن في المنافقين الذين استأذنوا في القعود، و التي في النور إنّما هي في المؤمنين يستأذنون لبعض أمورهم ثم يعودون إليه صلّى اللّه عليه و سلّم.

ص: 724


1- هكذا قال المصنف: أن الحسن و عكرمة يقولان بإحكام الآية، و قد تبع المصنف في ذلك مكي ابن أبي طالب، و لكن ما رواه الطبري و ذكره النحاس و ابن الجوزي يخالف هذا، حيث ذكروا عنهما القول بالنسخ- و هو قول مرجوح- كما سيأتي- جامع البيان 10/ 135. و الناسخ و المنسوخ ص 201، و نواسخ القرآن ص 365.
2- قال النحاس- بعد أن حكي القول بالنسخ عن الحسن و عكرمة- و قال غيرهما: «الآيتان محكمتان، لأن قوله تعالى إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً معناه: إذا احتيج إليكم و إذا استنفرتم، هذا مما لا ينسخ لأنه وعيد و خبر، و قوله تعالى: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً محكم، لأنه لا بد أن يبقى بعض المؤمنون لئلا تخلوا دار الإسلام من المؤمنين فيلحقهم مكيدة، و هذا قول جماعة من الصحابة و التابعين أه الناسخ و المنسوخ ص 201.
3- في د و ظ: من قوله عزّ و جلّ.
4- في د: ترددون.
5- التوبة: (43- 45).
6- هكذا في الأصل: الثلاثة. خطأ. و في بقية النسخ: الثلاث.
7- النور: (62).
8- رواه عنهما الطبري في جامع البيان 10/ 143، و ذكره عنهما النحاس، و مكي. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 202، و الإيضاح ص 316. و قال بالنسخ: قتادة في كتابه الناسخ و المنسوخ ص 43. و رواه عنه النحاس في المصدر السابق.
9- روى النسخ: أبو عبيد عن ابن عباس ص 420، 421، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم، و ابن المنذر، و ابن مردويه، و البيهقي في سننه. الدر المنثور 4/ 211.

قيل: كان ذلك و هم يحفرون الخندق، و هذا هو الحق و الصواب و الاستئذانان مختلفان، و لا نسخ بينهما (1).

السابع: قوله عزّ و جلّ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ... (2) الآية، قالوا:

هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ (3) (4)، و هذا غير صحيح، بل هو مؤكد للأول و إنما معنى الأول: أن استغفارك لهم غير نافع، ففعله و تركه سواء و لم يرد بذلك الصلاة عليهم، و لا تخيير بين الاستغفار و تركه، و كيف يستغفر لهم أو يصلّي عليهم، و قد قال اللّه عزّ و جلّ في الآية: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ؟!.

فإن قلت: فقد روى عن النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- أنه قال: «لأزيدن على السبعين» فنزلت:

سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ (5) لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (6).

قلت: يرد هذه الرواية قوله عزّ و جلّ: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، فكيف يقول صلّى اللّه عليه و سلّم: «لأزيدن على السبعين»، و هو يعلم أن (7) الزيادة على السبعين الى ما لا نهاية له من العدد لا ينفع الكافر؟ هذا ما لا يصح (8).

ص: 725


1- و هذا هو الصحيح، و عليه فطاحل العلماء. انظر: جامع البيان 10/ 143 و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 202- حيث ذكر النحاس الروايتين عن ابن عباس، و رجح الأحكام- و كذلك مكي ذكر القولين عن ابن عباس مرجحا القول بالأحكام. انظر: الإيضاح ص 316، و قال ابن الجوزي- بعد روايته للنسخ عن ابن عباس- فالصحيح أنه ليس للنسخ هنا مدخل ...» اه نواسخ القرآن ص 368.
2- التوبة: (80).
3- التوبة: (84).
4- حكاه النحاس و رده ص 208. و كذلك ص 319.
5- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
6- المنافقون: (6). و قد حكى هذا القول- أي أن آية التوبة منسوخة بآية المنافقين- ابن حزم ص 40، و ابن سلامة ص 187، و عزا هذا القول النحاس إلى ابن عباس من طريق جويبر عن الضحاك، و جويبر ضعيف (كما سبق)، و أورده مكي عن ابن عباس- أيضا- في الإيضاح ص 319، و انظر: نواسخ القرآن ص 369، و ذكره الطبري بصيغة (روى) دون أن يعزوه لأحد، و دون تصريح بالنسخ. جامع البيان 10/ 198.
7- أن: ساقطة من ظ.
8- قال القرطبي: «قال القشيري: و لم يثبت أنه قال: (لأزيدن على السبعين)، ثم قال القرطبي:«و هذا خلاف ما ثبت في حديث ابن عمر: (و سأزيد على السبعين)، و في حديث ابن عباس: (و لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر لهم لزدت عليها قال: فصلى عليه- أي على ابن أبي- رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- أخرجه البخاري. اه الجامع لأحكام القرآن 8/ 319. و سيأتي مزيد بيان لهذا قريبا- إن شاء اللّه و إن هذا هو الصواب الذي عليه أهل العلم. و في نظري: أن الإمام السخاوي لم يحالفه الصواب في رده لهذه الرواية التي ثبتت، و قال بها الأئمة و فسروها بتفسيرات تتفق و مقام النبوة، كما سيأتي بإذن اللّه تعالى.

فإن قيل: فكيف كفّن ابن أبيّ (1) (2) في قميصه و هو رأس المنافقين؟ قلت: أرسل إليه عند موته يطلب قميصه (3)، فقال صلّى اللّه عليه و سلّم: «إني أؤمل أن يدخل في الإسلام خلق كثير، و أن قميصي لن يغني عنه من اللّه شيئا» (4)، فأسلم ألف من الخزرج لما رأوه طلب الاستشفاء بقميص النبي صلّى اللّه عليه و سلّم (5).

فإن قيل: أ لم يقم على قبره و يصل عليه؟ قلت: قد روى أنه صلّى اللّه عليه و سلّم لم يصل عليه (6)

ص: 726


1- (ابن أبيّ): ساقط من د و ظ.
2- هو عبد اللّه بن أبي مالك المشهور ب «ابن سلول»، و سلول جده لأمه من خزاعة، رأس المنافقين في الإسلام، من أهل المدينة، كان سيد الخزرج في آخر جاهليتهم، مواقفه السيئة ضد الإسلام و المسلمين: مشهورة، و أخباره معروفة، توفي في السنة التاسعة من الهجرة. انظر: جمهرة الأنساب ص 354، و البداية و النهاية 5/ 31، و الأعلام 4/ 65.
3- أي أرسل إليه ابنه عبد اللّه الصحابي الجليل، قال ابن حجر: و كأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام، فلذلك التمس من النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- أن يحضر عنده و يصلي عليه، و لا سيما و قد ورد ما يدل على أنه فعل ذلك بعهد من أبيه، ...، ثم أورد ابن حجر ما يؤيد ذلك من الأدلة إلى أن قال: «... و كأنّ عبد اللّه بن أبيّ، أراد بذلك دفع العار عن ولده و عشيرته بعد موته فأظهر الرغبة في صلاة النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-، و وقعت إجابته إلى سؤاله بحسب ما ظهر من حاله إلى أن كشف اللّه الغطاء عن ذلك، و هذا من أحسن الأجوبة فيما يتعلق بهذه القصة أ. ه فتح الباري 8/ 334.
4- جاء في رواية الطبري بسنده عن قتادة: (... ذكر لنا أن نبي اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- كلّم في ذلك- أي في تكفينه و الصلاة عليه- فقال: (و ما يغني عنه قميصي من اللّه- أو ربي- و صلاتي عليه، و أني لأرجو أن يسلم به ألف من قومه) أ. ه جامع البيان 10/ 206.
5- و هناك تعليل آخر ذكره ابن كثير، و هو أنه إنما ألبسه قميصه مكافأة لما كان كسي العباس قميصا حين قدم المدينة، فلم يجدوا قميصا يصلح له إلا قميص عبد اللّه بن أبي» اه. البداية و النهاية 5/ 32. و ذكر هذا البغوي و الخازن عند تفسير قوله تعالى: وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى الآية 39 من سورة النجم. انظر: لباب التأويل و بهامشه معالم التنزيل 6/ 223.
6- انظر: الإيضاح ص 319. و الصحيح أنه صلى عليه، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري و غيره. انظر: فتح الباري 8/ 333، و الدر المنثور 4/ 254. قال القرطبي: تظاهرت الروايات بأن النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- صلى عليه، و أن الآية- أي وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ- نزلت بعد ذلك اه. من الجامع لأحكام القرآن 8/ 218.

و إن كان صلّى عليه، فذلك لظنه أنه قد تاب حين بعث يطلب قميصه لينال بركته، و يتّقي به عذاب اللّه عزّ و جلّ، و هذا إيمان إن (1) كان صادرا عن صدر سليم (2).

فإن قلت: أ لم يجذبه عمر- رضي اللّه عنه- حرصا على ترك الصلاة عليه؟ و قال له: أ ليس قد نهاك اللّه عزّ و جلّ؟ فقال: (إنما خيّرني بين الاستغفار و تركه)، فصلّى عليه (3).

قلت: هذا بعيد أن يظن النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- أن ذلك تخيير، و قد أخبره بكفرهم، و هذا ظاهر لمن تأمله (4).

ص: 727


1- في ظ: و إن كان.
2- قد سبق كلام ابن حجر أن عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبي، كان يحمل أباه على ظاهر الإسلام، عند ما طلب من النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- أن يحضر عنده و يصلي عليه، كذلك ذكر ابن حجر أن النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- لم يأخذ بقول عمر، و صلى على عبد اللّه بن أبي، إجراء له على ظاهر حكم الإسلام و استصحابا لظاهر الحكم، و لما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته، و مصلحة الاستئلاف لقومه، و دفع المفسدة ... لا سيما و قد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين ... و بهذا التقرير يندفع الاشكال اه. و انظر: بقية كلامه على هذه القضية المهمة في: الفتح 8/ 336.
3- كلمة (عليه) ساقطة من ظ.
4- أما لفظ التخيير فقد ورد في صحيح البخاري، و أما معناه: فقد قال ابن حجر- و هو يشرح حديث البخاري-: «كان عمر قد فهم من الآية المذكورة: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ ... ما هو الأكثر الأغلب من لسان العرب من أن (أو) ليست للتخيير، بل للتسوية في عدم الوصف المذكور، أي أن الاستغفار لهم و عدم الاستغفار سواء، و هو كقوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ. لكن الثانية- أي آية المنافقين- أصرح، و لهذا ورد أنها نزلت بعد هذه القصة ...» اه. إلى أن قال: «... و قد جاء في لفظ الحديث: «إني خيرت فاخترت» أي: خيرت بين الاستغفار و عدمه، و حديث ابن عباس (لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها)، و حديث ابن عمر جازم بقصة الزيادة، و آكد منه ما روى عبد بن حميد من طريق قتادة. قال: «لما نزلت اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. قال النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-: «قد خيّرني ربي، فو اللّه لأزيدن على السبعين)، و أخرجه الطبري من طريق مجاهد مثله، و الطبري أيضا و ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه مثله، و هذه الطرق- و إن كانت مراسيل- فإن بعضها يعضد بعضا» اه من الفتح 8/ 335. و من أراد مزيدا من معرفة الأحاديث و أقوال الأئمة في هذه القضية، فليراجع تفسير الطبري 10/ 198، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 208، و ابن سلامة ص 187، و الإيضاح ص 318، و نواسخ القرآن ص 368، و زاد المسير 3/ 477، و الجامع لأحكام القرآن 8/ 218، و تفسير ابن كثير 2/ 376، و فتح الباري 8/ 333، و الدر المنثور 4/ 253، و تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي 8/ 495 فما بعد الصفحات المذكورة.

الثامن: قوله عزّ و جلّ: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً ... إلى قوله:

... وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1).

قالوا: نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ: وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَ صَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ ... (2) الآية.

و هذا مما ينبغي أن يتصامم (3) عنه و لا يسمع (4).

ص: 728


1- التوبة (97- 98).
2- التوبة (99).
3- الصمم: انسداد الأذن و ثقل السمع. اللسان 12/ 342 (صمم). فكان السخاوي يقول: إنه لا ينبغي الالتفات إلى هذا القول و الاستماع إليه لضعفه و عدم فائدته.
4- ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 40، و ابن سلامة ص 188، و مكي ص 318، و نسبه إلى ابن حبيب و رده، و كذلك ذكر دعوى النسخ ابن البارزي ص 36، و الكرمي ص 120. قال مكي: «و هذا خبر لا ينسخ، و لا معنى للنسخ فيه، لأن اللّه أعلمنا أن الأعراب أصناف،- و بين ذلك ...، و أخبر أنهم أشد كفرا و نفاقا، و هو لفظ عام معناه الخصوص في قوم بأعيانهم، دلّ على أنه مخصوص قوله عزّ و جلّ: وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ الآية. ف (من) للتبعيض، فلا نسخ يحسن في هذا ...» أه المصدر نفسه.
سورة يونس (عليه السلام)

فيها (سبع) (1) مواضع:

الأول: قوله عزّ و جلّ: إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (2).

قالوا: نسخت بقوله عزّ و جلّ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ (3).

و ما ذلك بصحيح، فإن خوفه على المعصية من عذاب اللّه- لو قدر وقوعها منه-، و حاشاه أن يزل (4)، و لا نسخ، و هو صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:- لمّا قام حتى تورمت قدماه، و قيل له:

أ تفعل هذا بنفسك و قد غفر لك (5) ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ؟- و اللّه إني لأخوفكم للّه (6) على أن هذه الآية نزلت في طلبهم منه تبديل كلام اللّه و الإتيان بغيره (7)، فقال اللّه عزّ و جلّ: قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي

ص: 729


1- هكذا في الأصل: سبع. و في بقية النسخ: سبعة. و هو الصواب.
2- يونس (15).
3- الفتح (2). و قد ذكر دعوى النسخ هنا: ابن حزم ص 41، و ابن سلامة ص 190 و الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز 1/ 240، و الكرمي ص 121.
4- في بقية النسخ: لم يزل.
5- في بقية النسخ: و قد غفر اللّه لك.
6- تقدم الكلام عنه في الموضع الأول من سورة الأنعام: ص 696.
7- و هو معنى الشطر الأول من الآية الآتية 15 من السورة نفسها. و أول الآية: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي .. الآية.

أَخافُ (1) إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، أ فهذا ينسخ بما ذكروه (2)؟!.

الثاني: قوله عزّ و جلّ: ... لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ (3) الْمُنْتَظِرِينَ (4).

قالوا: نسخت بآية السيف (5)، و ليس ذلك بصحيح، إنما نزل ذلك في طلبهم الآيات المهلكة، لو لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ (6)، أمطر عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ (7)، فقيل له: قل إني لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ (8)، كما قال نوح- عليه السلام- لما قيل له: قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* (قالَ) (9) إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (10)، و كذلك أمر نبينا صلّى اللّه عليه و سلّم أن يقول: إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (11) و هذا تهديد و وعيد، أي فانتظروا ما طلبتم، إني منتظر ذلك معكم، و كما قال (له) (12): قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ (13)، و مثل هذا لا ينسخ بآية القتال (14).

ص: 730


1- في ت. كتبت الآية خطأ (... إليّ قل اني ...).
2- الجواب: لا. و انظر الكلام على نظير هذه الآية في الموضع الأول من سورة الأنعام ص: 696. و هي الآية الخامسة عشرة، و راجع نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 371. و زاد المسير 4/ 14.
3- كتبت الآية خطأ في د: (من المنتظرون)!.
4- يونس (20). و أولها: وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ .. الآية.
5- قال بذلك ابن سلامة ص 192، و الكرمي ص 122، و ابن البارزي ص 36. و ذكره ابن حزم ص 41، و الفيروزآبادي 1/ 240، و لكن ليس في هذه الآية، بل في آية أخرى شبيهة بها، و هي قوله تعالى: ... قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ آية 102 من السورة نفسها.
6- لعل المصنف أراد الاقتباس فحسب، و لم يرد الاستدلال بآية قرآنية، لأنه لا يوجد آية بهذا النص، و أقرب آية إلى ما ذكره المصنف قوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ سبأ آية 3.
7- الأنفال (32).
8- وردت آية في الأنعام: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ، و ليس هناك آية في القرآن الكريم بهذا النص الذي أورده المصنف و لعله أراد الاقتباس أيضا. و اللّه أعلم.
9- سقطت من النسخ.
10- هود: 32، 33.
11- و هي الآية التي نحن بصدد الحديث عنها.
12- في بقية النسخ: و كما قال له:.
13- الأنعام (58).
14- و هذا هو الحق، لأنهم طلبوا شيئا و دليلا آخر يبرهن على صدق نبوته، فأجابهم بقوله: ان الذي تطلبونه مني شي ء غيبي، لا يعلمه أحد إلّا اللّه تعالى، ثم هددهم و وعدهم بقوله: فانتظروا قضاء اللّه الفاصل بيننا و بينكم، عند ما يظهر اللّه الحق و يبطل الباطل، و ينتقم من أهله و هذا لا نسخ فيه و اللّه الموفق للصواب.

الثالث: قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ ... (1)

الآية، قالوا: نسخت بآية السيف (2).

الرابع: قوله عزّ و جلّ: وَ إِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ (3).

الخامس: قوله عزّ و جلّ: أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (4).

السادس: قوله عزّ و جلّ: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (5).

السابع: قوله عزّ و جلّ: وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (6).

قالوا: نسخ جميع ذلك بآية السيف (7).

ص: 731


1- يونس (41).
2- نسبة مكي إلى ابن زيد و غيره. انظر: الايضاح ص 323. و ذكره ابن سلامة دون عزو ص 192، و نسبه ابن الجوزي إلى أبي صالح عن ابن عباس و رده، و فنده من عدّة وجوه. انظر: نواسخ القرآن ص 372، و سيرد المصنف هذا القول عقب ذكره لبقية المواضع في هذه السورة و التي قيل انها منسوخة بآية السيف.
3- يونس (46).
4- يونس (99).
5- يونس (108).
6- يونس (109).
7- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن سلامة ص 191- 193، و قد نقل ابن الجوزي دعوى النسخ في هذه المواضع- أعني الرابع و الخامس و السادس و السابع- و عزا بعضها إلى ابن عباس، و بعضها إلى مقاتل بن سليمان، و دحضها كلها، ورد القول بالنسخ فيها، و قال: «إنه لم يثبت شي ء عن ابن عباس في هذا». نواسخ القرآن ص 373، 374. و أدخل ابن حزم الموضع الثالث، و السادس فقط ضمن الآيات المدعي فيها النسخ بآية السيف. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 41. و ذكر النحاس دعوى النسخ في الموضع السابع فقط، و عزاه إلى ابن زيد انظر: الناسخ و المنسوخ ص 210. و تابعه مكي في الإيضاح ص 323 إلّا أن مكي ذكر- أيضا- دعوى النسخ في الموضع الثالث. و قد سبقت الإحالة إليه.

و لم ينسخ (آية) (1) السيف شي ء من ذلك، و لا هي معارضه له (2).

ص: 732


1- هكذا في الأصل: آية السيف. و في بقية النسخ: بآية السيف. و هو الصواب.
2- و هذا هو الصحيح، فإن كل آية من الآيات المذكورة تحمل في طياتها معنى لا يتعارض مع آية القتال، فالآية في الموضع الخامس- مثلا- تفيد بأن الإيمان موضعه القلب، و هذا لا يمكن الإكراه عليه، و هي أيضا خبر، و الأخبار لا تنسخ- كما سبق مرارا- و في الموضع السادس فيه الترغيب في الإيمان و التحذير من ضده، و تشويق المؤمنين إلى الثبات على الهدى و الإيمان و تحذيرهم من الضلال و عواقبه، و أن الضالين إنما يعود وبال ضلالهم عليهم، و هذا لا ينسخ بآية السيف، و كذلك الأمر في الموضع السابع، و هو الأمر بالصبر على أذى المشركين و جهل الجاهلين، بل و في أثناء المعركة، فإنه صلّى اللّه عليه و سلّم و المؤمنين مأمورون بالصبر و الثبات حتى يفصل اللّه بينهم و بين عدوهم، و هذا- أيضا- لا ينسخ. قال ابن الجوزي: «ثم أن الأمر بالصبر هاهنا مذكور إلى غاية، و ما بعد الغاية يخالف ما قبلها» ا. ه نواسخ القرآن ص 374.
سورة هود (عليه السلام)

(فيها ثلاثة مواضع) (1):

الأول: قوله عزّ و جلّ: إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ (2)، قالوا: نسخت بآية السيف و الكلام في ذلك كما تقدم (3).

الثاني: قوله عزّ و جلّ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها ... (4) الآية، قالوا: نسخت بقوله عزّ و جلّ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ (5).

و ذلك باطل، لأنه خبر، و الخبر لا يدخله النسخ، و رووا ذلك عن: ابن عباس،

ص: 733


1- سقطت من الأصل، و ظق عبارة: (فيها ثلاثة مواضع).
2- هود: (12). فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ....
3- قلت: سبق ما يماثل هذه الآية في الموضع الثاني من سورة آل عمران ص: 639 و قد قال ابن سلامة هنا: «نسخ معناها لا لفظها بآية السيف ص 194 و كذلك قال ابن البارزي ص 36. و ممن قال بأنها منسوخة بآية السيف: الكرمي في قلائد المرجان ص 124. أما ابن الجوزي فقد أوردها ضمن الآيات المدعي فيها النسخ في هذه السورة، و فنّد القول بذلك قائلا: «قال بعض المفسرين: «معنى هذه الآية: اقتصر على انذارهم من غير قتال، ثم نسخ ذلك بآية السيف و التحقيق أنها محكمة، لأن المحققين قالوا: معناها: إنما عليك أن تنذرهم بالوحي، لا أن تأتيهم بمقترحاتهم من الآيات» ا ه نواسخ القرآن ص 375.
4- هود (15). مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ.
5- الإسراء (18).

و مكانه في العلم و المعرفة يرد ذلك (1).

و قيل في قوله تعالى لِمَنْ نُرِيدُ (2): أي لمن نريد إهلاكه (3).

الثالث: قوله عزّ و جلّ: وَ قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ وَ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ... (4) إلى آخر السورة، زعموا أنه منسوخ بآية السيف، و ليس كما زعموا، و قد تقدم القول في مثل ذلك (5).

ص: 734


1- رواه النحاس عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 210، و جويبر هذا ضعيف (كما سبق)، ثم أن النحاس رد هذا القول بقوله: «محال أن يكون هناك نسخ، لأنه خبر، و النسخ في الأخبار محال، و لو جاز النسخ فيها ما عرف حق من باطل و لا صدق من كذب، و لبطلت المعاني، و لجاز لرجل أن يقول: لقيت فلانا، ثم يقول: نسخته. ما القيته»! اه المصدر نفسه ص 210. كما رد دعوى النسخ مكي بن أبي طالب- بعد ن أورده عن الضحاك عن ابن عباس. الإيضاح ص 325. و كذلك فعل القرطبي في تفسيره 9/ 15. و أورده ابن الجوزي عن مقاتل بن سليمان و رده. انظر: نواسخ القرآن ص 376. و قد سبق ما يماثل هذه الآية في الموضع الثاني عشر من سورة آل عمران. فانظره ص: 644.
2- في ظ: لمن يريد. و كذلك في التي بعدها.
3- انظر: تفسير الطبري 15/ 59، و زاد المسير 5/ 20.
4- هود (121- 123).
5- و ذلك في الموضع الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر من سورة الأنعام ص: 702. حيث قال السخاوي هناك: «أن هذا تهديد و وعيد و ليس بمنسوخ بآية السيف». هذا و ممن قال بالنسخ هنا: ابن حزم ص 41، و ابن سلامة ص 194، و ابن البارزي ص 37، و الكرمي ص 125. أما ابن الجوزي فقد حكي فيها القولين و رجح القول بالأحكام. و قال: «أنه قول المحققين». نواسخ القرآن ص 376.
سورة يوسف (عليه السلام)

ليس فيها ناسخ و لا منسوخ. و زعم من لا معرفة له أن قوله عزّ و جلّ: تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (1) منسوخ بقوله- عليه السلام-: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به) (2)، فهذا باطل ظاهر البطلان (3)، لأن هذا خبر أخبر اللّه (4) عزّ و جلّ به عن يوسف- عليه السلام- فكيف يصح نسخه؟.

و لأن يوسف- عليه السلام- سأل اللّه الوفاة على الإسلام، و نحن نسأل اللّه عزّ و جلّ برحمته و بكرمه أن يقبضنا على الإسلام، و ليس قول النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- في الحديث المذكور من هذا، إنما ذلك فيمن اشتد ألمه لضر نزل به، فتمنى (5) الخلاص منه بالموت ضجرا و كراهة لما ابتلي به.

ص: 735


1- يوسف (101).
2- تقدم تخريجه عند ذكر تلاوة القرآن ... الخ. ص: 327.
3- قال النحاس: رأيت بعض المتأخرين قد ذكر أن في سورة يوسف آية منسوخة ... و ذكرها مع ناسخها، قال: و هذا قول لا معنى له و لو لا أنا أردنا أن يكون كتابنا متقصيا لما ذكرناه ... ا. ه. الناسخ و المنسوخ ص 211. و قد أطال مكي في الرد على الذين ذكروا دعوى النسخ في هذا الموضع و فنده. انظر: الإيضاح ص 327- 328. و راجع الأحاديث و الآثار و أقوال العلماء في تفسير هذه الآية، و الجمع بينها و بين الحديث المذكور في تفسير ابن كثير 2/ 492.
4- في ظ: أخبره اللّه.
5- في ظ و د: فيتمنى.
سورة الرعد

ليس فيها شي ء من المنسوخ و الناسخ، و زعم زاعمون أن قوله عزّ و جلّ: وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ (1)فاطر (45).(2) منسوخ بقوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ* (3)، و هذا (4) ظاهر البطلان (5)، و هذا خبر حق لا يدخله نسخ، و ما زال ربّنا (غافر) (6) غير معامل بالعقوبة وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ (6)، فله الحمد على حلمه مع علمه، و له الحمد على عفوه مع قدرته، و قالوا في

ص: 736


1- الرعد
2- . و تمامها: ... وَ إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ.
3- النساء (48، 116).
4- في بقية النسخ: و ذلك.
5- و ممن حكى الخلاف في نسخ هذه الآية: ابن حزم ص 42، على أن الظلم في الآية: الشرك، و كذلك زعم ابن سلامة ص 202، و قال بالنسخ ابن البارزي ص 37، و أما الكرمي فقد حكى النسخ عن الضحاك و الأحكام عن مجاهد-، قلائد المرجان ص 126، و قد رد ابن الجوزي هذا الزعم، و هذا التوهم الفاسد بقوله: «قد توهم بعض المفسرين أن هذه الآية منسوخة، لأنه قال: المراد بالظلم هاهنا: الشرك، ثم نسخت بقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ*، و هذا التوهم فاسد، لأن الظلم عام، و تخصيصه بالشرك هاهنا يحتاج إلى دليل، ثم إن كان المراد به الشرك، فلا يخلو الكلام من أمرين: أما أن يراد به التجاوز عن تعجيل عقابهم في الدنيا، أو الغفران لهم إذا رجعوا عنه، و ليس في الآية ما يدل على أنه يغفر للمشركين إذا ماتوا على الشرك اه نواسخ القرآن ص 377.
6- هكذا في الأصل: غافر. خطأ نحوي واضح. و في بقية النسخ: غافرا و هو الصواب.

قوله عزّ و جلّ: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ (1): نسخ بآية السيف، و ليس كما قالوا، و قد تقدم القول فيه (2).

ص: 737


1- الرعد (40).
2- و ذلك في الموضع الثاني من سورة آل عمران ص: 639. فقد قال هناك: و المعنى: فإنما عليك البلاغ و ليس عليك الهداية، و كذلك صنع في الموضع الثاني و العشرين من سورة النساء: وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً. فقد أحال إلى الموضع الثاني من سورة آل عمران ص: 669. و من العجيب هنا: أن ابن حزم ص 42، و ابن سلامة ص 201، 202 حكيا الإجماع على نسخ هذه الآية. و ممن حكى النسخ: ابن البارزي ص 37، و الكرمي ص 126، و قد أعرض عن ذكرها ضمن الآيات المدعى فيها النسخ كل من: الطبري و النحاس، و مكّي، و القرطبي، و غيرهم من العلماء، و أورده ابن الجوزي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه نسخ بآية السيف و فرض الجهاد، قال: «و كذلك قال قتادة». ثم قال: «و على ما سبق تحقيقه في مواضع- من أنه ليس عليك أن تأتيهم بما يقترحون من الآيات، إنما عليك أن تبلغ- تكون محكمة، و لا يكون بينها و بين آية السيف منافات» اه نواسخ القرآن ص 378.
سورة إبراهيم (عليه السلام)

ليس فيها من المنسوخ و الناسخ شي ء، و أما قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: إن فيها آية منسوخة، و هي قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (1) نسخها قوله عزّ و جلّ في النحل (2): وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (3) فمما لا يلتفت إليه، و لا يعرّج عليه، و لا يستحق أن يكون جوابه إلّا السكوت عنه (4).

ص: 738


1- إبراهيم (34).
2- صحفت في د إلى: (البخل).
3- النحل (18).
4- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 42، و ابن سلامة ص 203، 204 و قلائد المرجان ص 127، و حكى ابن البارزي فيها القولين: النسخ و الأحكام، دون أن يعزو ذلك لأحد كعادته. انظر: ناسخ القرآن العزيز و منسوخه ص 38. و إذا أمعنا النظر في الآيتين الكريمتين، فإننا نجد أنه لا تعارض بينهما فالآية الأولى تتحدث عن المشركين باللّه، و موقفهم من نعمه عليهم و هو موقف الجاحدين الظالمين، فناسب أن تختم الآية بقوله تعالى: ... إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ. و الآية الثانية التي قيل: إنها ناسخة يقرر اللّه تعالى في أولها ما قرره في أول الآية الأولى، التي قيل: إنها منسوخة، و يعد بالغفران و التوبة من اهتدى فآمن به بعد كفر، و شكر نعمة اللّه عليه بعد جحودها، فناسب أن يضيف إلى فضائل اللّه و نعمه التي دعانا إلى تأملها في الآية، فضيلة أخرى يختم بها الآية، و هي الرحمة و المغفرة، هذا بالإضافة إلى أنهما خبران مؤكدان، و لا يسوغ النسخ في الأخبار. انظر: النسخ في القرآن 1/ 449، 450.
سورة الحجر

ليس فيها منسوخ و لا ناسخ. و زعموا أن قوله عزّ و جلّ: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا ... (1)في د و ظ: لا ينسخ.(2)

الآية، منسوخ بآية السيف (3)، و هذا وعيد و تهديد، و آية السيف لا تنسخ (3) الموعظة و التهديد.

و قوله عزّ و جلّ: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (4)، قالوا: نسخ بآية السيف (5)،

ص: 739


1- الحجر:
2- ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا وَ يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.
3- ذكر هذا ابن حزم ص 42، و ابن سلامة ص 205، و ابن البارزي ص 38، و الكرمي ص 128، و الفيروزآبادي 1/ 273. و ذكره ابن الجوزي و سكت عنه. انظر: زاد المسير 4/ 382، و ذكره- كذلك- في نواسخ القرآن و رده بقوله: «قد زعم كثير من المفسرين أنها منسوخة بآية السيف، و التحقيق أنها وعيد و تهديد، و ذلك لا ينافي قتالهم، فلا وجه للنسخ» اه ص 379.
4- الحجر: (85).
5- أخرجه ابن جرير بأسانيده عن قتادة، و الضحاك، و مجاهد. جامع البيان 14/ 51. و أورده النحاس عن سعيد عن قتادة، و كذلك مكّي انظر: الناسخ و المنسوخ ص 213، و الإيضاح ص 329. و راجع نواسخ القرآن ص 380، و تفسير ابن كثير 2/ 556. و ذكره ابن حزم ص 42 و ابن سلامة ص 205، و البغوي في معالم التنزيل 4/ 59، و الكرمي ص 128. هذا و لم يناقش كل من: الطبري، و النحاس، و مكّي، و ابن الجوزي قضية النسخ هنا، و كأنها قضية مسلمة، لكن القرطبي- بعد إيراده النسخ عن قتادة، و عكرمة، و مجاهد- قال: «و قيل: ليس بمنسوخ و أنه أمر بالصفح في حق نفسه فيما بينه و بينهم» اه الجامع لأحكام القرآن 10/ 54. و قال الخازن- بعد ذكره للنسخ-: «و قيل: فيه بعد، لأن اللّه سبحانه و تعالى أمر نبيه- صلّى اللّه عليه و سلّم- أن يظهر الخلق الحسن، و أن يعاملهم بالعفو و الصفح الخالي من الجزع و الخوف» اه لباب التأويل 4/ 60. قلت: و هذا هو الصحيح، فإنه لا تلازم بين كون هذه الآية مكّية و كونها منسوخة، فمن ذهب إلى قبول دعوى النسخ و السكوت عنه اعتمادا على مكّية الآية، و أن مشروعية القتال كان بعد الهجرة؛ فليس صحيحا، و بخاصة أن اللّه تعالى توعدهم- على أنه قد وقع منهم ما يقتضي الصفح عنهم- بعذاب في الآخرة، راجع النسخ في القرآن 2/ 537.

و هذا (1) أمر من اللّه عزّ و جلّ لنبيه- صلّى اللّه عليه و سلّم- بالصبر في حال لم يكن فيها مطيقا لقتالهم، فليس بمنسوخ بآية السيف.

و قوله عزّ و جلّ: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ (2)، قالوا: نسخ بآية السيف (3).

و إنما المعنى: إنا أعطيناك المثاني و القرآن العظيم، فالذي أعطيناك أفضل من كل عطية، فلا تمدن عينيك إلى دنياهم، و استغن بما أعطيناك عما متعنا به صنوفا منهم (4).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ: وَ قُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (5) نسخ معناه بآية السيف دون لفظه، و ليس كما قالوا، و ذلك محكم لفظا و معنى (6).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ هذه الآية نصفها محكم، و نصفها منسوخ، و هو قوله عزّ و جلّ: وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (7)، و هذا كأنه نوع من اللعب!

ص: 740


1- في بقية النسخ: و هو.
2- الحجر (88).
3- ذكره ابن حزم ص 43، و ابن سلامة ص 205، و ابن البارزي ص 38، و الفيروزآبادي 1/ 274، و الكرمي ص 129.
4- راجع تفسير الطبري 14/ 60، و نواسخ القرآن ص 381، و زاد المسير 4/ 416، و تفسير القرطبي 10/ 56.
5- الحجر (89).
6- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 43، و ابن سلامة ص 206، و ناسخ القرآن لابن البارزي ص 38. قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أن معناها نسخ بآية السيف، لأن المعنى عنده: اقتصر على الإنذار، و هذا خيال فاسد، لأنه ليس في الآية ما يتضمن هذا، ثم هذا خبر فلا وجه للنسخ اه نواسخ القرآن ص 381.
7- الحجر (94). و قد روي النسخ: ابن جرير الطبري في جامع البيان 14/ 69 بسنده، عن ابن عباس،و الضحاك، و في السند عن ابن عباس الحسين بن الحسن بن عطية، و هو ضعيف، كما في ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 532. و أما الراوي عن الضحاك فهو: جويبر. و قد تقدم أنه ضعيف أيضا. كما ذكر النسخ معزوا إلى ابن عباس كل من: النحاس ص 213، و مكي ص 329، و القرطبي 10/ 62، و ذكره دون عزو ابن حزم ص 43، و ابن سلامة ص 206، و ابن البارزي ص 38، و الفيروزآبادي 1/ 273، و الكرمي ص 129، هذا و لم يناقش الطبري، و النحاس، و مكي، و ابن الجوزي قضية القول بالنسخ هنا، بل حكوا ذلك و سكتوا عنه. و قد أحسن الإمام السخاوي صنعا في رده القول بالنسخ و رفضه و عدم قبوله، و الحق معه- رحمه اللّه- فإن اللّه تعالى أمر نبيه- صلّى اللّه عليه و سلّم- في هذه الآية أن لا يهتم بما يقال له من كلمات تدل على السخرية و الاستهزاء، و أن لا يشغل باله بذلك، بل عليه أن يوجه كل اهتماماته إلى نشر الدعوة، و هو سيصرف عنه أولئك و سيكفيه إياهم بما شاء- كما سيأتي- فعليه أن لا يبالي بإصرارهم على الكفر و الضلال، و هذا فيه نوع من التسلية لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- و المؤمنين معه. و اللّه أعلم.

و إنما المعنى: بلّغ ما أمرت بتبليغه و اصدع به، و لا تخش المشركين فإنا قد كفيناك المستهزئين.

و كان النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- يخفي أمره مخافتهم، فأمره اللّه بإظهاره أمره، و إظهار القرآن الذي يوحي إليه، و قيل: لم يزل النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- بمكة (1) مستخفيا حتى نزلت، فخرج هو و أصحابه (2).

و عن ابن عباس: (المستهزئين) (3): الوليد بن المغيرة، و العاص بن وائل السهمي (4) و عدي (5) بن قيس، و الأسود بن عبد يغوث الزهري (6)- و هو ابن خال رسول (7) اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم-، و أبو زمعة الأسود بن عبد المطلب، كانوا يستهزءون برسول

ص: 741


1- حرفت في د و ظ إلى: (بمكية).
2- راجع تفسير القرطبي 10/ 62، و الخازن 4/ 63.
3- هكذا في الأصل: المستهزئين. و في بقية النسخ: المستهزءون. و هو الصواب.
4- و قد ماتا مشركين في السنة الأولى من الهجرة. انظر: البداية و النهاية 3/ 234.
5- و في بعض الروايات- كما في سيرة ابن هشام، و تفسير الطبري، و القرطبي-: «الحارث بن الطّلاطلة»، و في معالم التنزيل للبغوي: «الحارث بن قيس بن الطّلاطلة، قال ابن الجوزي- بعد نسبته هذا القول إلى ابن عباس-: و كذلك ذكرهم سعيد بن جبير، إلا أنه قال مكان الحارث بن قيس: الحارث بن غيطلة». قال الزهري: غيطلة: أمه، و قيس: أبوه، فهو واحد ... و في رواية ابن عباس، مكان الحارث بن قيس: عدى بن قيس اه زاد المسير 4/ 421. قلت: و هي موافقة لما ذكره المصنف عن ابن عباس.
6- مات كافرا. انظر: جمهرة أنساب العرب ص 129.
7- في د و ظ: خال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- فبينما النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- و معه جبريل- عليه السلام- إذ مرّوا به واحدا بعد واحد فإذا مرّ واحد منهم قال له جبريل: كيف تجد هذا؟ فيقول النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم: «بئس عبد اللّه» (1)، فيقول جبريل- عليه السلام-: كفيناك هو فهلكوا في ليلة واحدة، أما الوليد: فتعلّق بردائه سهم، فقعد ليخلصه فقطع أكحله (2)، فنزف فمات، و أما الأسود بن عبد يغوث: فأتي بغصن فيه شوك، فضرب به وجهه، فسالت حدقتاه (3) على وجهه، و أما العاص بن وائل: فوطئ شوكة فتساقط لحمه عن عظمه، و أما الأسود بن عبد المطلب، و عدي بن قيس: فأحدهما (4) لدغته حيّة فمات، و الآخر شرب من جرة فما زال يشرب حتى انشق بطنه (5).

أي: إنا كفيناك الساخرين منك الجاعلين مع اللّه الها آخر.

قال عكرمة: و هم (6) قوم من المشركين كانوا (يقول) (7): سورة البقرة سورة العنكبوت!!، يستهزءون بالقرآن و أسمائه (8).

ص: 742


1- و في رواية الطبري قتادة و مقسم: بئس عدو اللّه. جامع البيان 14/ 71.
2- الأكحل: عرق في وسط الذراع يكثر فصده. اللسان 11/ 586 (كحل).
3- الحدقة: السواد المستدير وسط العين. اللسان 10/ 39 (حدق).
4- في د و ظ: واحد منهما.
5- راجع في هذا: تفسير الطبري 14/ 69، و ابن عيينة ص 282، و سيرة ابن هشام 1/ 408، البداية و النهاية 3/ 103، و معالم التنزيل 4/ 63، و لباب التأويل 4/ 63، و تفسير القرطبي 10/ 62، و ابن الجوزي 4/ 421، و ابن كثير 2/ 559، و الدر المنثور 5/ 100.
6- في بقية النسخ: بدون الواو.
7- هكذا في الأصل: كانوا يقول: خطأ. و في بقية النسخ: يقولون و هو الصواب.
8- أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة- كما في الدر المنثور 5/ 104- و ذكره البغوي دون عزو. انظر: معالم التنزيل 4/ 64.
سورة النحل

فيها (خمس) (1) مواضع:- الأول: قوله عزّ و جلّ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حَسَناً (2)، قالوا: نسخت بقوله عزّ و جلّ في المائدة (فاجتنبوه)، و بقوله سبحانه: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (3)، و ليس هذا (منسوخ) (4) بهذا، لأن اللّه عزّ و جلّ أخبر عن حالهم في سورة النحل و عما كانوا بفعلون، و لم يبح لهم بذلك الخمر و لا أمر (5) باتخاذها.

قالوا: و هذا الخبر و شبهه، جائز نسخه، لأن الخبر على ضربين: ضرب لا يجوز نسخه، مثل أن يخبر اللّه عزّ و جلّ عن شي ء أنه كان أو أنه سيكون، و ضرب (6) يجوز نسخه، مثل أن يخبرنا عزّ و جلّ عن قوم أنهم فعلوا شيئا أو استباحوه (7) و تمتعوا (8) به، و لم يحرّم ذلك عليهم، ثم أخبرنا أنه محرّم علينا، فنسخ ما كان أخبرنا به، و أنه (9) كان مباحا

ص: 743


1- هكذا في الأصل: خمس. و في بقية النسخ: خمسة. و هو الصواب.
2- النحل (67).
3- المائدة (90، 91). و تقدم نص الآيتين.
4- هكذا في الأصل: و ليس هذا منسوخ. و في بقية النسخ: و ليس هذا بمنسوخ. و هو الصواب.
5- في ظ: و لأمر.
6- سقطت الواو من: د و ظ.
7- في د و ظ: استباحوه. بدون (أو).
8- في بقية النسخ: أو تمتعوا.
9- في بقية النسخ: أنه. بدون (واو).

لمن كان قبلنا، فهذا النسخ (1) المسكوت عنه من فهم الخطاب، لأنه قد فهم من قوله:

تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً أنه (2) كان مباحا لهم و سكت عن حكمنا فيه، فجاز أن يكون لنا مباحا أيضا، ثم نسخ جواز إباحته بالتحريم في المائدة (3).

و هذا غير صحيح، لأنا لم نفهم من قوله عزّ و جلّ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً أنه (4) كان مباحا لهم، و لو فهمنا ذلك (مثلا) (5) لم ندر ما حكمه فيه علينا، فكما (6) يجوز أن يكون مباحا لنا، كذلك يجوز أن يكون (محرّم) (7) علينا، ثم أن القرآن إنما ينسخ القرآن، و ليس تجويزنا أن يكون مباحا لنا بقرآن فينسخ على أن اللّه عزّ و جلّ قد أومأ إلى تحريمه، و عرض بذمه بقوله عزّ و جلّ بعده: ... وَ رِزْقاً حَسَناً فأشار بذلك إلى أن السّكر:

رزق مذموم غير حسن.

و قال أبو عبيدة: السكر: الطعم. اه (8).

و قيل: السكر: ما سد الجوع (9).

و فيما قدّمته ما يغني عن هذين التأويلين.

الثاني: قوله عزّ و جلّ: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (10)، قالوا: نسخ

ص: 744


1- في د و ظ: فهذا نسخ المسكوت عنه.
2- في د و ظ: أن كان.
3- اعتمد السخاوي- رحمه اللّه- في هذا النص على مكي بن أبي طالب مع تصرف يسير، انظر: الإيضاح ص 331- 333. و راجع الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 44، و أبي عبيد ص 520، و ابن حزم ص 43، و النحاس ص 211، و ابن سلامة ص 207، و نواسخ القرآن ص 383- 386 و تفسير الطبري 135، و القرطبي 10/ 128، و الخازن و بهامشه معالم التنزيل للبغوي 4/ 82، و الدر المنثور 4/ 142.
4- في د و ظ: أن كان.
5- في بقية النسخ: و لو فهمنا ذلك مثلا لم ندر ... الخ.
6- في د: و كما.
7- هكذا في الأصل: محرم. خطأ نحوي. و في بقية النسخ: محرما و هو الصواب.
8- انظر: مجاز القرآن 1/ 363.
9- هذا القول: ذكره النحاس دون عزو إلى أحد. قال: «هو مشتق من قولهم: سكرت النهر، أي: سددته، فيتخذون منه سكرا، و على هذا السكر: ما كان من العجوة و الرطب. و هو معنى قول أبي عبيدة» أه. الناسخ و المنسوخ ص 215.
10- النحل (82).

بآية السيف (1)، و قد تقدم مثل هذا، و الجواب عنه، و إنما المعنى: فإنما عليك البلاغ و ليس عليك هداهم (2).

الثالث: قوله عزّ و جلّ: مَنْ كَفَرَ (3) بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ (4).

قال قوم: نسخ هذا بقوله: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (5)، و قد بينت أن الاستثناء ليس بنسخ (6).

و قال قوم: إن (7) الآية كلها منسوخة بقوله عزّ و جلّ: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا (8)، يعني أنهم فتنوا عن دينهم، فأخبر عزّ و جلّ أنهم إذا هاجروا و جاهدوا و صبروا أنه غفور رحيم، و هذا غلط ظاهر لأن هذا فيمن أسلم بعد أن أكره على الكفر فكفر، و ذاك (9) فيمن شرح بالكفر صدرا، و دام عليه، ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ، وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ... إلى قوله: ... هُمُ الْخاسِرُونَ (10).

ص: 745


1- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 43، و ابن سلامة ص 209، و نواسخ القرآن ص 386، و ناسخ القرآن العزيز لابن البارزي ص 38، و بصائر ذوي التمييز 1/ 280. و قد رد ابن الجوزي في المصدر السابق دعوى النسخ هنا، كما رده في نظائره.
2- راجع الكلام على الموضع الثاني من سورة آل عمران. و هي الآية رقم 20. و مر مثله أيضا عند قوله تعالى: ... فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ ... الآية 40 من سورة الرعد ص: 737.
3- في الأصل: (و من يكفر ...) خطأ.
4- النحل (106). مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
5- جزء من الآية نفسها.
6- ذكر دعوى النسخ هنا: ابن حزم ص 43، و ابن سلامة ص 209، و حكيا فيها قولا آخر، و هي أنها منسوخة بآية السيف. كما ذكر دعوى النسخ ابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز و منسوخه ص 39.
7- (أن) ليست في بقية النسخ.
8- النحل (110).
9- في بقية النسخ: و ذلك.
10- النحل (107- 109).

و قد قرئ (فتنوا) بفتح (1) الفاء و التاء (2): أي فتنوا غيرهم عن دينهم، ثم أسلموا (3) أو تابوا (4).

الرابع: قوله عزّ و جلّ: وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (5)، قالوا: هو منسوخ بآية السيف (6).

و قيل: بل هي محكمة، و التي هي أحسن: اللين غير فظ غليظ و لا جاف.

و قيل: الانتهاء إلى ما أمر اللّه به و نهى عنه، و كل ذلك غير منسوخ (7) و ما زال يدعو إلى اللّه عزّ و جلّ بالرفق و اللين، و ما قاتل قوما قط إلّا (8) دعاهم إلى الإيمان و عرضه عليهم و بيّنه لهم، و أما المفاجأة بالقتال من غير أن يقدم القول و الدعاء إلى الإسلام، فلا، و كان أمره صلّى اللّه عليه و سلّم و حاله كما قيل:

ص: 746


1- كلمة (بفتح) مكررة في د.
2- و بها قرأ ابن عامر. و قرأ غيره بضم الفاء و كسر التاء. الكشف 2/ 41، و النشر 2/ 305. فقراءة ابن عامر بالبناء على الفاعل، أي: فتنوا المؤمنين بإكراههم على الكفر، و قراءة الباقين بالبناء للمفعول، أي: فتنهم الكفار بالتلفظ بالكفر، و قلوبهم مطمئنة بالإيمان. المهذب في القراءات العشر 1/ 276.
3- في الأصل: أو تابوا. و في بقية النسخ: و تابوا. و هي أصح.
4- نسب مكي هذا القول- أي نسخ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ... الآية- بقوله: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا ... الآية، نسبه إلى ابن حبيب، و رده و فنّده بما ملخصه: «و هذا لم يقله أحد غيره، و هو غلط ظاهر، فإنه خبر عن مجازاتهم، فلا يجوز نسخه، و لا يحسن من الآدميين. فكيف من علّام الغيوب تعالى اللّه عن ذلك»؟. فالآية الأولى: نزلت في قوم أكرهوا على الكفر، و في قوم شرحوا صدورهم بالكفر، و في قوم كفروا بعد إيمانهم، و الآية الثانية: نزلت في صنف آخر غير الصنف الأول، فالآيتان في أصناف مختلفة، يختلف الحكم فيهم و في مجازاتهم، فلا ينسخ شي ء منه شيئا اه من الإيضاح ص 335.
5- النحل: (125).
6- قال ذلك النحاس ص 215، و ابن سلامة ص 210، و ابن البارزي ص 38، و الفيروزآبادي 1/ 280، و الكرمي ص 133، و حكي ابن حزم الخلاف فيها. انظر: الناسخ و المنسوخ له ص 44.
7- حكي مكي النسخ. ثم قال: «و قيل هو محكم، و المجادلة بالتي هي أحسن: الانتهاء إلى أمر اللّه به، و الكف عما نهى اللّه عنه، و هذا لا يجوز نسخه، فالآية محكمة» أه. الإيضاح ص 336. و كذلك حكاه ابن الجوزي و رده بنحو ما ذكره مكي، و السخاوي. انظر: نواسخ القرآن ص 387، و راجع تفسير القرطبي 10/ 200.
8- في بقية النسخ: حتى دعاهم. و هي الأصح.

«أناة فإن لم تغن أردف بعدها وعيدا فإن لم يغن أغنت صوارمه»

(1).

الخامس: قوله عزّ و جلّ: وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ... (2)، قالوا: نسخ الصبر بآية السيف (3).

و لا يصح ما قالوه، لأنه قد قال عزّ و جلّ قبلها: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (4)، فما نزلت إلّا بعد الأمر بالقتال، و كان المسلمون قد عزموا على المثلة بالمشركين لما (فعلوا المشركون) (5) يوم أحد بحمزة- رحمه اللّه- و غيره من المسلمين (6)، و قالوا (7): لنمثلنّ بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب (8)، فقال لهم اللّه عزّ و جلّ: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ (9) لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، إما (10) عن المثلة المماثلة لما فعل بكم، و إما عن تركها رأسا، و الاقتصار على

ص: 747


1- البيت لإبراهيم بن العباس الصولي، و هو كلام موجه إلى بعض البغاة الخارجين عن أمير المؤمنين، يتهددهم و يتوعدهم، و هو كلام- مع و جازته- في غاية الإبداع. انظر: ديوانه ضمن الطرائف الأدبية ص 179 و الأغاني 10/ 42، و وفيات الأعيان 1/ 44، و معجم الأدباء 1/ 188. و الصوارم: جمع صارم، و هو السيف القاطع. اللسان 12/ 335 (صرم).
2- النحل (127).
3- قاله ابن سلامة ص 210، و ابن البارزي ص 38، و ذكره مكي ضمنا. انظر الإيضاح ص 119. و حكى ابن حزم الخلاف فيها. انظر: الناسخ و المنسوخ ص 44. قال ابن الجوزي: هذه الآية متعلقة بالتي قبلها، فحكمها حكمها، و قد زعم بعض المفسرين أن الصبر هاهنا منسوخ بآية السيف اه. نواسخ القرآن ص 389، و كان ابن الجوزي قد حكي قولين للمفسرين في الآية التي قبلها- و هي قوله تعالى: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ... الآية- أحدهما: أنها نزلت قبل (براءة) فأمر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- أن يقاتل من قاتله، و لا يبدأ بالقتال ثم نسخ ذلك، و أمر بالجهاد، قاله ابن عباس و الضحاك ... و الثاني: أنها محكمة، و أنها نزلت فمن ظلم ظلامة، فلا يحل له أن ينال من ظلامة أكثر مما نال الظالم منه، قاله الشعبي و النخعي و ابن سيرين و الثوري، و على هذا القول يكون المعنى: و لئن صبرتم على المثلة لا عن القتال، و هذا أصح من القول الأول اه المصدر نفسه.
4- النحل: (126).
5- هكذا في الأصل: لما فعلوا المشركون. و في بقية النسخ: لما فعل المشركون و هي الصواب.
6- في د: من المسلمون!.
7- في د و ظ: قالوا: بدون واو.
8- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 213.
9- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
10- في ظ: ما عن المثلة.

القتل دونها، ثم قال لنبيّه- صلّى اللّه عليه و سلّم-: وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ، لأنه صلّى اللّه عليه و سلّم- لما وقف على (1) حمزة- رضي اللّه عنه-، فنظر إلى شي ء لم ينظر قط إلى شي ء كان أوجع لقلبه منه، و نظر إليه و قد مثل به فقال: (رحمة اللّه عليك، فإنك كنت- ما علمتك- فعولا للخيرات، وصولا للرحم، و لو لا حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر (2) من أفواه شتى، أما و اللّه مع ذلك لأمثلنّ بسبعين منهم)، فنزل جبريل- عليه السلام- و النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- واقف- بخواتيم سورة الحل وَ إِنْ عاقَبْتُمْ ... الآيات (3) الثلاث، فصبر النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- و كفّر عن يمينه، و لم يمثل بأحد، فقوله عزّ و جلّ- لنبيه- صلّى اللّه عليه و سلّم-:

وَ اصْبِرْ، كما يقال لمن يعزّى في مصيبة: (و اصبر) (4) و احتسب، و هذا حكم باق إلى يوم القيامة، لم ينسخ، و كل من نزلت به نازلة، فهو مأمور بالصبر، و هذه السورة مكية إلّا الآيات (5) الثلاثة (6).

ص: 748


1- في د و ظ: لما وقف على عمه حمزة.
2- في د: يحشر. بالياء.
3- أضافها الناسخ في حاشية ت. لكنها لم تظهر واضحة.
4- كلمة (و اصبر) ساقطة من الأصل.
5- هكذا في الأصل: إلّا الآيات الثلاثة، خطأ. و في بقية النسخ: الثلاث. و هي الصواب.
6- ساق الإمام الطبري الأقوال التي قيلت في سبب نزول هذه الآية، و هل هي منسوخة أو محكمة؟. ثم قال: و الصواب من القول في ذلك أن يقال: أن اللّه تعالى ذكره أمر من عوقب من المؤمنين بعقوبة أن يعاقب من عاقبه بمثل الذي عوقب به، إن اختار عقوبته، و أعلمه أن الصبر على ترك عقوبته- على ما كان منه إليه- خير، و عزم على نبيه- صلّى اللّه عليه و سلّم أن يصبر، و ذلك أن ذلك هو ظاهر التنزيل، ... فإذا كان ذلك كذلك. فيقال: أن الآية محكمة، أمر اللّه تعالى ذكره عباده أن لا يتجاوزوا- فيما وجب لهم قبل غيرهم من حق من مال أو نفس- الحقّ الذي جعله اللّه لهم إلى غيره، و أنها غير منسوخة، إذ كان لا دلالة على نسخها، و أن للقول بأنها محكمة وجها صحيحا مفهوما». أه. جامع البيان 14/ 197.
سورة بني إسرائيل

(فيها ستة مواضع) (1):

الأول: قوله عزّ و جلّ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (2)، قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى (3).

قالوا: و بقوله عزّ و جلّ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ (4) (5).

و ذلك غير صحيح، لأن الآية خطابها للمؤمنين في الاستغفار لآبائهم المؤمنين إذا ماتوا، و قد علم أن اللّه لا يغفر لمن مات و هو كافر (6)، فلا وجه لتناولها الآباء الكفار.

الثاني: وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (7).

ص: 749


1- زيادة يقتضيها السياق.
2- الإسراء (24) وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما إلى ... كَما رَبَّيانِي صَغِيراً.
3- التوبة (113).
4- التوبة (114).
5- انظر الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 44، و أبي عبيد ص 576، و ابن حزم ص 44، و النحاس ص 215، و ابن سلامة ص 211، و تفسير الطبري: 15/ 67، و الإيضاح لمكي ص 337، و نواسخ القرآن ص 390، و زاد المسير 5/ 26، و تفسير القرطبي: 10/ 244، و تفسير الخازن و بهامشه تفسير البغوي: 4/ 126،.
6- في بقية النسخ: لمن مات كافرا.
7- الإسراء (34).

قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ ... وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ (1).

و قال آخرون: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ (2)الإسراء (110). و كان ينبغي أن تكون هذه الآية هي الموضع السادس و الأخير من السورة حسب ترتيب الآيات، لكن المصنف لم يلتزم بذلك.(3)، و ليس ذلك بصحيح، فإن اللّه عزّ و جلّ قال: إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*، و قال في الأخرى: وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ.

الثالث: قوله عزّ و جلّ وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (4)، قالوا: نسخ بآية السيف، و قد تقدم الكلام على مثله (5)، و إنّما الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم مبلغ، و ليس بوكيل، و ليست الهداية إليه.

الرابع: قوله عزّ و جلّ وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها (6) وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا (6).

زعموا أن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: هي منسوخة بقوله عزّ و جلّ: في الأعراف وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً (7) الآية، أي أنه أمر في (سبحان) أن لا يخافت

ص: 750


1- البقرة (220) ... وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ... الآية.
2- النساء
3- . ... وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ... الآية. و قد أورد دعوى النسخ قتادة ص 45، و نقله عنه الطبري: 15/ 84 و النحاس ص 217، و نقله مكي عن مجاهد. انظر: الإيضاح ص 339 ثم قال مكي: و الذي يوجبه النظر و عليه جماعة من العلماء أنه غير منسوخ لأنه قال تعالى إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ* ففي هذا جواز مخالطتهم بالتي هي أحسن و هو قوله وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ فكلا الآيتين يجوّز مخالطة اليتيم، فلا يجوز أن تنسخ إحداهما الأخرى لأنهما بمعنى واحد ... اه. و كذلك رد ابن الجوزي دعوى النسخ و شدد النكير على القائلين به و رماهم بالجهل. انظر نواسخ القرآن ص 392 قلت: و قد تقدم مثل هذا في الموضع الخامس عشر من سورة الأنعام ص 704. و أما الكلام على معنى قوله تعالى فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فقد سبق أيضا في الموضع الثاني و السادس من سورة النساء ص 646، 651.
4- الإسراء (54).
5- راجع الكلام على الموضع الثاني من سورة آل عمران، و الموضع الثاني و العشرين من سورة النساء، و الموضع الثاني و الثامن، و الموضع السادس من سورة يونس.
6- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
7- الأعراف (205). و لفظة (تضرعا) ليست في بقية النسخ.

بصلاته و أمر (1) في (الاعراف) بالمخافتة (2). و قد (3) تقدم أن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- يطلق النسخ على غير ما نطلقه نحن عليه- هذا إن صح ذلك عنه-.

و قد (4) قال أبو موسى و أبو هريرة و عائشة- رضي اللّه عنهم-: المراد بالصلاة هاهنا: الدعاء (5).

ص: 751


1- سقطت الواو من ظ في هذه المواضع الثلاثة.
2- ذكره النحاس و ابن الجوزي عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 218، و نواسخ القرآن ص 393. و ذكره مكي عن ابن عباس كذلك. انظر الإيضاح ص 340، و ممن حكى النسخ ابن سلامة ص 214، و الكرمي ص 135.
3- سقطت الواو من ظ في هذه المواضع الثلاثة.
4- سقطت الواو من ظ في هذه المواضع الثلاثة.
5- ذكره النحاس و ابن الجوزي عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 218، و نواسخ القرآن ص 393. و ذكره مكي عن ابن عباس كذلك. انظر الإيضاح ص 340، و ممن حكى النسخ ابن سلامة ص 214، و الكرمي ص 135.

و قد نهى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن رفع الصوت بالدعاء، و قال: إنكم لا تنادون أصمّ (1).

و قيل: (يا رسول اللّه، أ قريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه)؟ فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ (2)، فالآية على هذا محكمة. و قال الحسن:

المعنى: (لا تجهر بصلاتك)، أي لا ترائي بها في العلانية (و لا تخافت بها) أي لا تهملها و تتركها في السر (3). و لكن هذا التأويل يبطله قوله عزّ و جلّ وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا إلّا أن يريد أن الإخلاص و المحافظة سبيل بين الرياء و التهاون، فتكون الآية على هذا محكمة.

الخامس: قوله عزّ و جلّ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا (4).

قال السدي: هذا منسوخ بقوله عزّ و جلّ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا (5).

ص: 752


1- رواه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء إذا علا عقبة 11/ 187، بشرح ابن حجر، و مسلم في كتاب الذكر و الدعاء باب استحباب خفض الصوت بالذكر ... الخ 17/ 25 بشرح النووي، كما رواه النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 218 و البغوي في معالم التنزيل: 1/ 134.
2- البقرة (186) ... فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ .. الآية. و قد أخرج هذا ابن جرير الطبري عن الصلت بن حكيم عن أبيه عن جده جامع البيان: 2/ 158، و زاد السيوطي نسبته إلى البغوي في مجمعه و ابن أبي حاتم، و أبي الشيخ و ابن مردويه من طرق عن الصلت بن حكيم عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده. انظر الدر المنثور: 1/ 469. و ذكره ابن الأثير عن رزين، قال: و لم أجده في الأصول. انظر: جامع الأصول: 2/ 24.
3- أخرجه ابن جرير من طرق عن الحسن. جامع البيان: 15/ 187، و أخرجه ابن عساكر بنحوه عن الحسن كما في الدر المنثور: 5/ 351 و ذكره مكي و القرطبي عن الحسن كذلك. انظر: الإيضاح ص 342، و الجامع لأحكام القرآن: 10/ 344. قال مكي: فالمعنى على قوله: لا يجتمع منك الجهر بالصلاة في العلانية و ترك فعلها في السر، و لا يجوز أن ينسخ هذا المعنى اه.
4- الإسراء (34) ... وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا. و كان حق هذا الموضع أن يتقدم على الموضع الثالث الذي سبق الحديث عنه حسب ترتيب الآيات.
5- آل عمران (77). و سيذكر المصنف نص بقية الآية.

قال (1): فاقتضى قوله عزّ و جلّ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أن من يسأل عن العهد يجوز أن يدخل الجنة، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ ... أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (2).

و ليس الأمر كما قال: فإن قوله عزّ و جلّ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ... الآية.

نزلت في اليهود (3)، و عهد اللّه عزّ و جلّ: ما (4) في كتابهم من نعت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

و إذا أخذ اللّه ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه (5) للناس و لا يكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم و اشتروا به ثمنا قليلا (6).

و قيل: إن قوما من اليهود اشتدت عليهم معيشتهم فلجئوا إلى المدينة، فلما رجعوا سألهم رؤساؤهم عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فقالوا: هو الصادق لا شك فيه، (فقالوا) (7) رؤساؤهم: حرمتم أنفسكم برّنا و نفعنا، فحكوا من كتبهم صفة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أثبتوا صفة غيره، و قالوا لرؤسائهم: إنا كنا غالطين (8)، و قالوا: إن الأمر فيه كما تقولون، و أخرجوا

ص: 753


1- (قال) ساقطة من ظ.
2- أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي دون تصريح بالنسخ كما في الدر المنثور: 5/ 284. و ذكره مكي بن أبي طالب عن السدي، ثم قال: و الذي عليه الجماعة و يوجبه النظر أن هذا غير منسوخ، لأنه خبر لا يجوز نسخه، و لو نسخ هذا لصار المعنى: أن اللّه لا يسأل عن العهد، لأن نسخ الشي ء: رفع حكمه، و هذا الحكم لا يجوز أن يرفع، فالآيتان محكمتان، يسأل اللّه عباده عن الوفاء بالعهد، ثم يعاقب من باعه و لم يف به بما شاء، و يعفو عمن يشاء من أهل الإيمان اه الإيضاح ص 342. هذا و لم أقف على من ذكر هذه الآية ضمن الناسخ و المنسوخ سوى مكي بن أبي طالب، و قد رد القول بذلك كما رأيت، و اللّه أعلم.
3- انظر: تفسير الطبري: 3/ 321، و البغوي: 1/ 310، و الإيضاح ص 343، و زاد المسير: 1/ 411، و أسباب النزول للسيوطي ص 157 بهامش الجلالين.
4- (ما) ساقطة من ظق.
5- هكذا في النسخ بالياء و هي قراءة ابن كثير و أبي عمرو و شعبة على إسناد الفعل إلى أهل الكتاب، و قراءة الباقين بالتاء على الحكاية، أي قلنا لهم: لتبيننه ... الخ، و كذلك في لفظ (يكتمونه). الكشف: 1/ 371، و النشر: 2/ 246، و الإرشادات الجلية في القراءات السبع من طريق الشاطبية ص 100، و المهذب: 1/ 147.
6- آل عمران 187.
7- هكذا في الأصل: فقالوا. خطأ و في بقية النسخ: فقال. و هو الصواب.
8- في بقية النسخ: إن كنا لغالطين.

فيه (1) ما (2) غيّروه و بدّلوه، فنفعوهم و بروهم (3).

و أما قوله عزّ و جلّ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ أي إذا عاهدتم الناس عهدا على شي ء فأوفوا به فإن العهد مسئول، أي مطلوب، أو مسئول عنه، و ليس بين الآيتين تعارض.

السادس: قال السدي في قوله عزّ و جلّ وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ ... (4) الآية نسخها قوله عزّ و جلّ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (5)، قال: فآية (سبحان) تقتضي أن من نقص الكيل و الوزن، كان مؤمنا، ثم أوجب اللّه تعالى له الويل.

و الآية محكمة عند جميع العلماء، و إنّما أخبر (6) اللّه تعالى في (سبحان) أن إيفاء الكيل و الوزن العدل: خير لمن فعله و أحسن عاقبة. و التأويل: العاقبة، و مثل هذا من الخبر لا ينسخ، و أخبر تعالى في (المطففين) بالويل لمن طفف، و لا تعارض بينهما و لا نسخ (7).

ص: 754


1- (فيه): ليست في بقية النسخ.
2- في د و ظ: من.
3- انظر أسباب النزول للواحدي ص 63.
4- الإسراء (35) و تمامها ... وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا.
5- الآية الأولى من سورة المطففين.
6- هكذا قال- رحمه اللّه- و الذي يظهر أن الجملة ليست خبرية، و إنما تدل على الطلب، و الأمر للوجوب.
7- انظر الإيضاح ص 343. و راجع معنى الآية في جامع البيان: 15/ 85، و الجامع لأحكام القرآن 10/ 257. هذا و لم يتعرض لدعوى النسخ هنا إلا مكي بن أبي طالب- حسب اطلاعي- و هذا يدل على ضعف القول به، و قد تولى المصنف الرد على ذلك تبعا لمكي. و اللّه أعلم.
[سورة الكهف]

[سورة الكهف (1)]

و ليس في سورة الكهف شي ء (2)، إلّا أن السدي قال في قوله عزّ و جلّ: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ (3): هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* (4).

و الذي قاله باطل، و المراد (التهديد) (5) لا التخيير، و لو فرض ما قاله لم يكن قوله عزّ و جلّ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* معارضا له.

و يلزم من القول بأن هذا على التخيير إباحة الكفر، و من اعتقد أن اللّه أباح الكفر فهو كافر.

ص: 755


1- زيادة يقتضيها السياق.
2- في د: و ليس في سورة الكهف ليس فيها من المنسوخ.
3- الكهف (29) و أولها وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ .. الآية.
4- الإنسان (30) و التكوير (29). و قد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم عن السدي و قتادة ص 44، و ابن سلامة عن السدي ص 216، و كذلك ذكره ابن الجوزي عن السدي و رده بقوله: هذا تخليط في الكلام و إنما هو وعيد و تهديد ... و لا وجه للنسخ اه نواسخ القرآن ص 395 و راجع الإيضاح ص 401، و تفسير القرطبي 10/ 393، و قلائد المرجان ص 136. و ممن ذكر دعوى النسخ دون عزو ابن البارزي ص 39، و ذكره الفيروزآبادي و عزاه إلى قتادة 1/ 298. و الحق ما ذكره ابن الجوزي و السخاوي في الآيتين. و اللّه الموفق للصواب.
5- كلمة (التهديد) سقطت من الأصل. و وضع الناسخ سهما لكتابتها في الحاشية، لكنها لم تظهر.
سورة مريم- عليها السلام-

ليس فيها من المنسوخ شي ء.

1- و قال قوم: قوله عزّ و جلّ وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ (1) نسخ بآية السيف (2)، و هذا من أعجب الجهل، أ ترى أنه لما نزلت آية السيف بطل إنذاره و تذكيره بيوم القيامة؟

2- و قالوا في قوله عزّ و جلّ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (3).

قالوا: نسخ بقوله عزّ و جلّ إِلَّا مَنْ تابَ (4).

و قد تقدّم ذكر هذا (5).

ص: 756


1- مريم (39). وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ وَ هُمْ لا يُؤْمِنُونَ.
2- ذكره ابن حزم ص 45، و ابن سلامة ص 217، و ابن البارزي ص 40 و الفيروزآبادي 1/ 306، و الكرمي ص 137.
3- مريم (59). فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا.
4- مريم (60) إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً.
5- أي تقدم أن الاستثناء ليس بنسخ، و إنما هو إخراج لبعض ما يتناوله اللفظ. راجع- على سبيل المثال- الموضع الرابع و الخامس و السادس من سورة آل عمران ص 641 و كذلك الموضع (الثلاثون) من سورة النساء ص 680 مع التعليق على تلك المواضع. أما دعوى النسخ هنا فقد ذكرها ابن حزم ص ابن حزم ص 45، و ابن سلامة ص 218 و ابن البارزي ص 40 و الكرمي ص 137. و رده ابن الجوزي بقوله: زعم بعض الجهلة أنه منسوخ بالاستثناء بعده و قد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ اه نواسخ القرآن ص 396.

3- و كذلك قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها (1) هو منسوخ بقوله ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا (2)، و هذا خبر، و الخبر لا يصح نسخه من اللّه عزّ و جلّ.

و أيضا فإن الذين اتّقوا نجو بعد (الورد) (3)، فأين النسخ (4)؟!.

و عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «الورود: الدخول، لا يبقى برّ و لا فاجر إلّا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا و سلاما» (5).

و سأل جابر بن عبد اللّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن ذلك فقال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال بعضهم لبعض: أ ليس وعدنا ربّنا أن نرد النار؟ (قعال) (6) لهم: قد وردتموها، و هى خامدة» (7).

و قال ابن مسعود و قتادة و الحسن: الورود: الجواز على الصراط (8) اه.

و قال بعضهم: يجوز أن يكون خطابا للكفار (9). أعني (منكم)، و على الجملة فهو غير منسوخ.

ص: 757


1- مريم (71) وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا.
2- مريم (72) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا.
3- هكذا في الأصل: الورد. و في بقية النسخ: الورود. و هو الصواب.
4- ذكر دعوى النسخ ابن سلامة ص 218، و كذلك مكي إلا أنه قال: أن الناسخ لها قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ الآية 101 من سورة الأنبياء، و قد رده و قال بعدم جوازه لأنه خبر .. انظر: الإيضاح ص 345. و قال ابن الجوزي: زعم ذلك الجاهل أن الآية وَ إِنْ مِنْكُمْ ... نسخت بقوله: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا، و هذا من أفحش الإقدام على الكلام في كتاب اللّه سبحانه بالجهل. و هل بين الآيتين تناف؟ فإن الأولى تثبت أن الكل يردونها، و الثانية تثبت أنه ينجو منهم من اتقى، ثم هما خبران، و الأخبار لا تنسخ. اه نواسخ القرآن ص 397.
5- انظر: مسند الإمام أحمد: 3/ 328، 329، و المستدرك كتاب الأهوال: 4/ 587، و زاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد و الحكيم الترمذي و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في البعث. الدر المنثور 5/ 535.
6- هكذا رسمت الكلمة في الأصل (قعال). و في بقية النسخ: فيقال. و هي الصواب.
7- انظر: تفسير الطبري: 16/ 109، و ابن كثير: 3/ 132، و الدر المنثور: 5/ 535.
8- رواه الترمذي و الدارمي و الحاكم بنحوه عن عبد اللّه بن مسعود، و قال الترمذي: هذا حديث حسن، و قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم و وافقه الذهبي. انظر: سنن الترمذي أبواب التفسير: 8/ 605، و سنن الدارمي: 2/ 329، و المستدرك كتاب التفسير: 2/ 375، و راجع: 4/ 587، من كتاب المستدرك أيضا.
9- قال مكي: فأما من قال: أن الآية في الورود للكفار خاصة، فلا تخصيص فيها و لا نسخ ... اه الإيضاح ص 346.و هذا القول- أعني تخصيص الورود بالكفار ضعيف، فإن ظاهر اللفظ القرآني لا يعطيه، بل هو عام شامل، و اللّه أعلم.

4- و (1) قالوا في قوله عزّ و جلّ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا (2): نسخ معناه بآية السيف (3).

و هذا خبر جاء على (لفظ) (4) الأمر إعلاما بأن ذلك كائن و لا بد، لأن أمر اللّه لنفسه بمعنى: الخبر، و قيل: إنه دعاء، أي فمد اللّه له في عمره، و على الجملة فليس بمنسوخ.

5- و قالوا في قوله عزّ و جلّ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ (5) إنه منسوخ بآية السيف (6) و هذا تهديد و وعيد، و ليس بمنسوخ بآية السيف.

ص: 758


1- سقطت الواو من د و ظ.
2- مريم (75) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا ... الآية.
3- ذكره ابن حزم ص 45، و ابن سلامة ص 218، و ابن البارزي ص 40 و الفيروزآبادي: 1/ 506، و الكرمي ص 138. قال ابن الجوزي: زعم ذلك الجاهل أنها منسوخة بآية السيف، و هذا باطل. قال الزجاج: هذه الآية لفظها لفظ أمر و معناها الخبر، و المعنى: أن اللّه تعالى جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها، و على هذا لا وجه للنسخ. اه نواسخ القرآن ص 397.
4- كلمة (لفظ) ساقطة من الأصل.
5- مريم (84) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا.
6- انظر: المصادر السابقة نفسها. يقول ابن الجوزي: زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف، و هذا ليس بصحيح، لأنه إن كان المعنى: لا تعجل بطلب عذابهم الذي يكون في الآخرة، فإن المعنى: أن أعمارهم سريعة الفناء، فلا وجه للنسخ، و إن كان المعنى: و لا تعجل بطلب قتالهم، فإن هذه السورة نزلت بمكة، و لم يؤمر حينئذ بالقتال، فنهيه عن الاستعجال بطلب القتال واقع في موضعه، ثم أمره بقتالهم بعد الهجرة، لا ينافي النهي عن طلب القتال بمكة، فكيف يتوجه النسخ؟! فسبحان من قدر وجود قوم جهال يتلاعبون بالكلام في القرآن، و يدّعون نسخ ما ليس بمنسوخ و كل ذلك من سوء الفهم، نعوذ باللّه منه. اه المصدر السابق.
سورة طه

ليس فيها منسوخ.

1- و أما قولهم في قوله عزّ و جلّ وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ (1):

هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (2)و هذا هو الصواب، فإن آية (طه) تفيد نهي الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم عن العجلة أثناء تلقى القرآن، حيث كان- عليه الصلاة و السلام- يبادر جبريل، فيقرأ قبل أن يفرغ من الوحي حرصا على حفظه و خوفا على ذهابه و نسيانه، و هذا كقوله تعالى لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ الآية 16 من سورة القيامة.

و أما الآية التي في سورة (الأعلى) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى فهي تؤكد معنى آية (طه) و تطمئن الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم على الحفظ و عدم النسيان، فلا تعارض بينهما و لا نسخ.(3) (4) فهو (5) ظاهر البطلان، فإن أمره بالتأني إلى أن يسمع من الملك حكم ثابت (6) لا ينسخ (6).

2- و كذلك قوله عزّ و جلّ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ (7): قالوا: إنه

ص: 759


1- طه (114).
2- الأعلى
3- .
4- ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 45، و ابن سلامة ص 219- 224، و ابن البارزي ص 41، و الفيروزآبادي 1/ 312 و الكرمي ص 140.
5- في ظ: فهذا.
6- في بقية النسخ: لم ينسخ.
7- طه (130) ... وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ ....

منسوخ بآية السيف و ما نزل من الفرائض (1). و ليس كذلك و أما (2) قوله عزّ و جلّ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ، فقد تقدم القول في مثله.

و أما قوله عزّ و جلّ (3): وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ: فقد قيل: أراد بقوله قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ: صلاة الفجر، وَ قَبْلَ غُرُوبِها: الظهر و العصر وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ: العشاء الآخرة، وَ أَطْرافَ النَّهارِ: المغرب و الصبح (4).

و كرّر ذكرها كما قال عزّ و جلّ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى (5).

3- و كذلك قوله عزّ و جلّ قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا (6).

قالوا: نسخ بآية السيف (7)، و هذا وعيد و ليس فيه نسخ.

ص: 760


1- الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 45، و ابن سلامة ص 224، و نواسخ القرآن ص 399، و زاد المسير: 5/ 333. و ناسخ القرآن العزيز و منسوخه لابن البارزي ص 40، و قلائد المرجان ص 140، و بصائر ذوي التمييز: 1/ 312. و حكى القرطبي فيها القولين- أعني النسخ و الاحكام- و فسرها بما يؤكد أحكامها. انظر تفسيره 11/ 260. قلت: و القول باحكام الآية و عدم نسخها هو الصحيح، فإن الآية تأمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بالصبر على قولهم و سبهم له، و يفهم من هذا أن الآية تحمل في طياتها الوعيد الشديد لهم بعقاب من عند اللّه عاجلا و آجلا، و قد قاتلهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و استمر في قتالهم و صبر و تحمل كل العقبات التي وقفت في طريقه صلّى اللّه عليه و سلّم فلا نسخ و لا تعارض. و اللّه أعلم.
2- في بقية النسخ: أما. بدون واو.
3- من قوله: أما قوله عزّ و جلّ فَاصْبِرْ .. إلى هنا ساقط من د و ظ بانتقال النظر.
4- انظر تفسير الفخر الرازي: 22/ 133، و راجع تفسير الطبري 16/ 233 و البغوي 4/ 232، و القرطبي: 11/ 261، و الزاد: 5/ 333.
5- البقرة (238).
6- طه (135).
7- قال بذلك ابن حزم ص 45، و ابن سلامة ص 224، و ابن البارزي ص 40 و الفيروزآبادي: 1/ 312، و الكرمي ص 140. و أما ابن الجوزي فقد ذكره في نواسخ القرآن و سكت عنه. انظر: ص 399. و ذكره في زاد المسير بصيغة: قيل هذه منسوخة بآية السيف و ليس بشي ء اه 5/ 377. نعم ليس بشي ء لأنه تهديد و وعيد و تخويف للكفار بالعذاب، فالكل منتظر لمن يكون النصر، و الكل متربص بالآخر، و سيعلم الكفار لمن النصر في الدنيا و الفوز بالآخرة، و مثل هذا لا ينسخ، و اللّه الموفق للصواب.
سورة الأنبياء- عليهم السلام-

ليس فيها شي ء من المنسوخ.

و قال قوم في قوله (1) عزّ و جلّ إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (2): إنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (3).

فما أدرى (بم) (4) يرد هذا القول لكثرة الوجوه المبطلة له؟!.

أ بكونه خبرا من اللّه عزّ و جلّ، و خبره لا ينسخ؟ أم بكونه خطابا لكفار قريش بقوله عزّ و جلّ إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ، و ما كانوا يعبدون المسيح و لا الملائكة؟! أم بقوله وَ ما تَعْبُدُونَ و (ما) لما لا يعقل، أم بكونه قد

ص: 761


1- سقطت كلمة (قوله) من د و ظ. و هو سقط فاحش.
2- الأنبياء (98).
3- الأنبياء (101). و قد ذكر دعوى النسخ ابن حزم و ابن سلامة و ابن البارزي و الكرمي في المصادر السابقة. أما مكي فقد حكى النسخ عن بعض الناس و رده و فنده، و قال: إنما هو تخصيص و تبيين و هو أيضا خبر و الخبر لا ينسخ .. إلى آخر كلامه في الإيضاح ص 350- 351. و قال ابن الجوزي: و قد ذكروا في سورة الأنبياء ما لا يحسن ذكره مما ادعوا فيه النسخ، فأضربنا عنه. اه نواسخ القرآن ص 399.
4- سقطت (بم) من الأصل.

تبيّن بقوله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أنه لم يرد العموم بقوله وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ (1).

ص: 762


1- قال الإمام الطبري: بعد ذكره لأقوال العلماء فيها- ما ملخصه: و أولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب قول من قال: عني بقوله إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ... ما كان من معبود، كان المشركون يعبدونه، و المعبود للّه مطيع، و عابده بعبادتهم إياه كفار، لأن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ .. ابتداء كلام محقق لأمر كان ينكره قوم .. حيث قال بعضهم للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم: ما الأمر كما تقول لأنا نعبد الملائكة، و يعبد آخرون المسيح و عزيرا، فرد اللّه عليهم قولهم ... فأما قول الذين قالوا: ذلك استثناء من قوله إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ .. فقول لا معنى له لأن الاستثناء إنما هو إخراج المستثنى من المستثنى منه، و لا شك أن الذين سبقت لهم منا الحسنى، إنما هم أما ملائكة و أما أنس أو جان، و كل هؤلاء إذا ذكرتها العرب فإن أكثر ما تذكرها ب (من) لا ب (ما)، و اللّه تعالى ذكره إنما ذكر المعبودين الذين أخبر أنهم حصب جهنم ب (ما)، قال: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ إنما أريد به ما كانوا يعبدونه من الأصنام و الآلهة من الحجارة و الخشب، لا من كان من الملائكة و الإنس ... اه جامع البيان: 17/ 97- 98.
سورة الحج

ليس فيها منسوخ.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ إِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (1) نسخها آية السيف (2). و قد قلنا: إن آية السيف لا يصح أن تكون ناسخة لشي ء من هذا، لأنه صلّى اللّه عليه و سلّم لم يكن قادرا على القتال منهيا عنه، و إنما تنسخ آية السيف أية يكون فيها نهيه عن القتال، و لا نجد ذلك في القرآن لأن العاجز عن القتال لا ينهى عنه! أ فترى أنه بعد آية السيف لا يجوز له أن يقول لهم: اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ؟.

و ما يروى عن السلف- رحمهم اللّه- مثل ابن عباس و غيره من إطلاق النسخ في هذا إنما يريدون به: الانتقال من حال الى أخرى، فأطلقوا على ذلك النسخ، و نحن نريد بالنسخ: رفع الحكم الثابت نصا بنص آخر لولاه لكان الأول ثابتا، و ابن عباس و غيره لا يريدون بالنسخ هذا (3).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ (4): هو منسوخ بقوله عزّ

ص: 763


1- الحج (68).
2- قاله ابن سلامة ص 233، و ابن البارزي ص 41، و حكاه القرطبي في تفسيره: 12/ 94. قال ابن الجوزي: اختلفوا في هذه الآية على قولين:- أحدهما: أنها نزلت قبل الأمر بالقتال، ثم نسخت بآية السيف. و الثاني: أنها نزلت في حق المنافقين، كانت تظهر منهم فلتات، ثم يجادلون عليها، فأمر أن يكل أمورهم إلى اللّه تعالى، فالآية على هذا محكمة. اه نواسخ القرآن ص 400.
3- و قد سبق تقرير هذا مرارا.
4- الحج (78).

و جلّ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (1)، و قد تقدم الكلام في هذا (2).

و أما ما ذكروه في قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ (3) من أنه منسوخ بقوله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (4)ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 46، و ابن سلامة ص 231- 233. قال مكي: و ليس في الآية ناسخ و لا منسوخ إنما هي دالة على جواز النسخ لما ليس من القرآن مما يلقيه الشيطان على لسان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم اه الإيضاح ص 355.

و راجع كلام النحاس حول ما قيل في هذه الآية و دعوى النسخ فيها و ناسخها و تفنيده لذلك ص 225.(5): فهذيان لا يسمع و لا يلوى (6) عليه (6).

ص: 764


1- التغابن: 16.
2- أي في الموضع التاسع من سورة آل عمران ص 643 و ممن قال بالنسخ هنا ابن سلامة ص 234، و ابن البارزي ص 41، قال النحاس: من جعلها منسوخة، قال: هي مثل قوله تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ الآية 102 من سورة آل عمران. قال: و هذا لا نسخ فيه اه الناسخ و المنسوخ ص 227. و مال إلى القول بالأحكام مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص 356 و القرطبي في تفسيره 12/ 99. و قد حكى ابن الجوزي النسخ، ثم قال: و القول الثاني: أنها محكمة لأن حق الجهاد: الجد في المجاهدة و بذل الإمكان مع صحة القصد فعلى هذا هي محكمة، و يوضحه أن اللّه تعالى لم يأمر بما لا يتصور فبان أن قوله: مَا اسْتَطَعْتُمْ تفسير لحق الجهاد، فلا يصح نسخ. اه نواسخ القرآن ص 401.
3- الحج (52). و لم يلتزم المصنف الترتيب. و الآية تمامها: ... إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
4- الأعلى
5- و تقدمت قريبا في سورة (طه).
6- أي لا ينبغي أن يلتفت إليه. راجع اللسان 15/ 264 (لوى).
سورة المؤمنين

لا نسخ فيها. و أما قولهم في قوله عزّ و جلّ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ (1)، و (2) قوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ (3) إنهما منسوختان بآية السيف، فغير صحيح، و قد تقدّم الكلام في مثله (4).

ص: 765


1- المؤمنون (54).
2- سقطت الواو الأولى من ظ.
3- المؤمنون (96).
4- و ذلك في الموضع الرابع و الخامس من سورة الأنعام ص 698 و في الموضع الرابع من سورة النحل 746 فانظره و قد ذكر النسخ هنا ابن حزم ص 46 و ابن سلامة ص 234، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 402 و ابن البارزي ص 42، و الفيروزآبادي 1/ 330، و الكرمي ص 148. و حكى القرطبي النسخ في الآية الثانية فقط ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .. انظر، تفسيره: 12/ 147. و قال فيها ابن الجوزي، أي في الآية الثانية:- بعد أن حكى في معناها أربعة أقوال- و قد ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية منسوخة و قال بعض المحققين من العلماء: لا حاجة بنا إلى القول بالنسخ لأن المداراة محمودة ما لم تضر بالدين و لم تؤد إلى إبطال حق و إثبات باطل. اه المصدر نفسه.
سورة النور

1- قوله عزّ و جلّ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (1)يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني مات سنة 144 ه، أو بعدها التقريب: 2/ 348.(2)، في معنى هذه (3) الآية أقوال:

قال ابن المسيب: فيما رواه مالك عن يحيى بن سعيد (3) (عنه) (4) إنها عامة، و إنها منسوخة بقوله عزّ و جلّ وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ (5) (6) و لم يفرّق بين زانية و لا عفيفة.

فكل من زنا بامرأة أو زنا بها غيره: جاز له أن يتزوجها.

قال الشافعي:- رحمه اللّه- الآية منسوخة- إن شاء اللّه- كما قال ابن المسيب (7).

ص: 766


1- النور
2- .
3- كلمة (هذه) ليست في د و ظ.
4- (عنه) سقطت من الأصل.
5- النور (32).
6- انظر أحكام القرآن لابن العربي: 3/ 1331، و تفسير القرطبي 12/ 169 و قد أخرج هذا الأثر أبو عبيد و ابن جرير و النحاس و ابن الجوزي كلهم عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب. انظر الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 274، و النحاس ص 229، و جامع البيان: 18/ 74، 75، و نواسخ القرآن ص 405، و انظر الدر المنثور: 6/ 160.
7- انظر؛ كتاب الأم للشافعي: 5/ 12، 148.

و كذلك يقول ابن عمر: إنها (1) منسوخة بجواز نكاح الزانية، و سالم (2) و جابر بن زيد و عطاء و طاوس و مالك و أبو حنيفة (3).

و القول بأن الآية منسوخة: يوجب أن الزاني كان محرّما عليه أن ينكح عفيفة و لا يجوز له أن ينكح إلّا زانية أو مشركة، و أن الزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك، و ادعاء ذلك ليس بالهين، و متى أباح اللّه عزّ و جلّ نكاح المشركات غير الكتابيات لزناة المسلمين؟ و متى أباح اللّه للزانية المسلمة أن تنكح المشرك؟ فهذا القول واه ظاهر السقوط (4).

ثم أن قوله عزّ و جلّ: وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: يوجب على هذا القول أن يكون الزاني و الزانية غير المشركين، أن يكونا غير مؤمنين.

و قال مجاهد و قتادة و الزهري: هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين أرادوا نكاح مومسات (5) معلوم منهن الزنا في الجاهلية (6) اه.

و قال ابن عمر- رضي اللّه عنه- استأذن رجل من المؤمنين النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في نكاح امرأة يقال لها: أم مهزول، اشترطت له أن تنفق عليه، و كانت تسافح (7).

و الآية (8) لا تطابق ما ذكروه، فكيف يكون سببا لنزولها؟ و كان ينبغي على ما ذكروه أن يكون أول الكلام: المؤمنون لا ينكحون الزواني، و في ذلك أيضا ما ذكرته فيما سبق.

ص: 767


1- في بقية النسخ: هي.
2- أي و كذلك يقول سالم و من عطف عليه.
3- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 229، و راجع الإيضاح لمكي ص 359 و تفسير القرطبي: 12/ 169.
4- في ظق: البطلان.
5- في ظ: حرفت الكلمة إلى (المؤمنات) و هو تحريف قبيح.
6- ذكره عنهم ابن جرير الطبري في جامع البيان: 18/ 73.
7- رواه الطبري و النحاس بسنديهما عن عبد اللّه بن عمرو، قال النحاس: و هذا الحديث من أحسن ما روي في هذه الآية .. اه انظر جامع البيان 18/ 71، و الناسخ و المنسوخ ص 231 و راجع أسباب النزول للواحدي ص 180، و أحكام القرآن لابن العربي 3/ 1328، و تفسير القرطبي: 12/ 168. و الدر المنثور 6/ 128. قال الكيا الهراسي الشافعي: فأقوى التأويلات أن الآية نزلت في بغايا الجاهلية، و المسلم ممنوع من التزوج بهن، فإذا تبن و أسلمن: صح النكاح و إذا ثبت ذلك فلا يجب كونه منسوخا اه. أحكام القرآن 2/ 296.
8- كلمة (الآية) مكررة في ظ.

و عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أن (1) المراد بالنكاح: الوطء. أي أن الزاني من أهل القبلة لا يزني إلّا بزانية مثله من أهل القبلة أو بمشركة، و الزانية من أهل القبلة لا تزني إلّا بزان مثلها من أهل القبلة أو بمشرك وَ حُرِّمَ ذلِكَ أي و حرّم الزنا على المؤمنين.

و اختار هذا القول الطبري، و قال في قوله عزّ و جلّ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: أي و حرّم على المؤمنين نكاح المشركات الوثنيات، و على المؤمنات نكاح المشركين (2)، و ليس هذا القول بمستقيم، و أي فائدة في الإخبار بأن الزاني لا ينكح إلّا زانية أي لا يطأ إلّا زانية؟ و في أن الزانية لا يطأها إلّا زان (3)؟.

ورد (4) قوم من العلماء القول بأن المراد بالنكاح: الوطء بقوله عزّ و جلّ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

و قالوا (5): هو محرّم على المؤمنين و غيرهم. و إنما المراد بالنكاح: التزويج (6) أي و حرّم نكاح البغايا و الزناة، و هذا الرد غير سديد، لأنه لا يلزم من قوله عزّ و جلّ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أن يكون مباحا لغيرهم، و قد قال عزّ و جلّ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (7) و حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ (8) الآية، و إنما ردّه بما ذكرته.

ص: 768


1- أن: ليست في بقية النسخ.
2- انظر نص كلام الطبري في جامع البيان: 18/ 75، و هو بنصه أو قريب منه في الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 230، و الإيضاح ص 360، و راجع أيضا الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 12/ 167.
3- قال ابن العربي: بعد أن أورد الأقوال في الآية- و الذي عندي أن النكاح لا يخلو من أن يراد به الوطء كما قال ابن عباس أو العقد، فإن أريد به الوطء فإن معناه: لا يكون زنا إلا بزانية و ذلك عبارة عن أن الوطئين من الرجل و المرأة زنا من الجهتين، و يكون تقدير الآية: وطء الزنا لا يقع إلا من زان أو من مشرك، و هذا يؤثر عن ابن عباس و هو معنى صحيح. فإن قيل: و أي فائدة فيه و كذلك هو؟ قلنا: علمناه كذلك من هذا القول، فهو أحد أدلته اه أحكام القرآن: 3/ 1330.
4- كلمة (ورد) مطموسة في ظ.
5- في بقية النسخ: و قال.
6- قال القرطبي: و قد روي عن ابن عباس و أصحابه أن النكاح في هذه الآية: الوطء. و أنكر ذلك الزجاج، و قال: لا يعرف النكاح في كتاب اللّه تعالى إلا بمعنى: التزويج و ليس كما قال. و في القرآن حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ الآية 230 من سورة البقرة. و قد بينه النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه بمعنى: الوطء اه من تفسيره: 12/ 168.
7- المائدة (3).
8- النساء (23).

و قال صاحب الكشاف في هذه الآية: الفاسق: الخبيث الذي من شأنه الزنا و التقحب (1) (2)، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء، و اللاتي على خلاف صفته و إنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله أو مشركة (3)، و الفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال و ينفرون عنها و إنما يرغب فيها من هو في شكلها من الفسقة أو المشركين، و نكاح المؤمن الممدوح عند اللّه الزانية و رغبته فيها و انخراطه بذلك في سلك الفسقة (المتّسمون) (4) بالزنا: محرّم عليه محظور، لما فيه من التشبه (5) بالفساق و حضور موقع التهمة، و التسبب لسوء القالة فيه و الغيبة و أنواع المفاسد، و مجالسة الخطّاءين، كم فيها من التعرض (6) لاقتراف الآثام فكيف بمزاوجة الزواني و القحاب (7)؟! و قد نبّه اللّه (8) تعالى (9) على ذلك بقوله وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ (10) اه.

و قد قال هذا، و هو يحسب أنه قد قال شيئا! و متى كان الزاني لا ينكح إلّا زانية أو مشركة؟ بل الزاني المتوغل في الزنا أكثر غيرة من غيره، أ لا ترى إلى قولهم: (بقدر العفة تكون الغيرة) (11)، فهو لا يرضى لنفسه أن تكون قعيدة بيته إلّا في أبلغ درجات التصون (12)، و تراه يتخيل من أدنى (13) شي ء لما عرفه من أحوال الزناة، و لهذا أجاز

ص: 769


1- حرفت في ظ إلى (التعجب).
2- أي التمثل بالقحبة البغي، لأنها كانت في الجاهلية تؤذن طلابها بقحابها، و هو سعالها. اللسان: 1/ 661 (قحب).
3- في الكشاف: أو في مشركة.
4- هكذا في الأصل: المتسمون. و في ظ: بالمتسمين. و في ظق و د (المتسمين) و هي الصواب.
5- في ظق: من التشبيه.
6- في ظ: حرفت الكلمة إلى (التعوض).
7- في د و ظ: الفجار.
8- لفظ الجلالة ليس في بقية النسخ.
9- كلمة (اللّه تعالى) ليست في الكشاف.
10- الكشاف للزمخشري: 3/ 48.
11- مثل عربي لم أستطع العثور عليه.
12- في ظ: حرفت الكلمة إلى (التصوم).
13- في د: أنى شي ء.

مالك- رحمه اللّه- ولاية الفاسق في النكاح (1)، و متى أبيح للزاني نكاح المشركة الوثنية حتى لا يرغب إلّا فيها؟ و متى رأينا الزناة يطلبون المشركات لنكاحهن كتابيات أو غير كتابيات؟.

ثم أن نكاح المشركات ليس فيه (2) شي ء مما ذكر، و لو كان فيه ذلك لما أباح اللّه عزّ و جلّ نكاح الكتابيات و أحلّه للمؤمنين، فكيف تكون مخالطتهن و الكون معهن محرّما على المسلمين؟ فإن قيل: فما بقي للآية معنى تحمل عليه؟.

قلت: معناها: تنفيرهم عن الزنا و تقبيحه في نفوسهم، لأنه عزّ و جلّ ذكر في الآية التي قبلها حد الزنا، و نهى عن الرأفة بمن زنا، و ذكر أنها لا تجامع الإيمان، ثم قال في هذه الآية:- كالمؤكد لذلك- إذا كان الزاني المشهور بالزنا غير مرضي لنكاح من ولّيتم أمره، بل هو مردود عن ذلك مصدود استنكافا له فلا ينكح إلّا زانية مثله، و الزانية لا تجد ناكحا- لهجنتها- إلّا زانيا أو مشركا- إن كانت مشركة، فإذا كانت هذه حال الزنا عندكم، فكيف ترضونه لأنفسكم؟ فقد حرّمه اللّه عليكم لما فيه (من) (3) رفع أقداركم (4)، و صرف السوء و الفحشاء عنكم.

و الزاني في قوله عزّ و جلّ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ (أو مشرك) (5): عام في كل زان مسلم أو مشرك (6) و في كل زانية، فهذا الجنس لا ينكح إلّا زانية إن كان مسلما أو مشركة إن كان مشركا، و نزّه اللّه المؤمنين (7) من ذلك فحرّمه عليهم، و الآية محكمة، و اللّه أعلم (8). (1) انظر: منح الجليل شرح على مختصر سيدي خليل 3/ 289، و راجع فقه السنة للسيد سابق:

2/ 111.

(2) في د: فنه. و في ظ: منه.

(3) (من) ساقط من الأصل.

(4) في ظ: أنذاركم.

(5) قوله: أَوْ مُشْرِكٌ: سقط من الأصل و ظق. و وضع الناسخ إشارة في (ت) لإضافتها في الحاشية لكنها لم تظهر.

(6) في ظ: عام في كل زان أو مشرك عام في كل زان مسلم.

(7) في د و ظ: في ذلك.

(8) قلت: صدر ابن كثير تفسيره للآية بما يؤيد إحكامها، حيث قال: بعد إيراد الآية-: هذا خبر من اللّه عزّ و جلّ بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، و كذلك الزانية لا ينكحها إلا زان أي عاص بزناه أو مشرك لا يعتقد تحريمه ثم ساق عن سفيان إلى ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: ليس هذا بالنكاح، إنما هو الجماع، لا يزني بها إلا زان أو مشرك، و هذا إسناده صحيح عنه.

قال: و قد روى عنه من غير وجه أيضا. و قد روى عن مجاهد و عكرمة و سعيد بن جبير و عروة بن زبير و الضحاك و مكحول و مقاتل بن حيان و غير واحد نحو ذلك ...

و من هنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل- رحمه اللّه- إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب فإن تابت صح العقد عليها، و إلا فلا، و كذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى: وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ اه من تفسيره: 3/ 262.

ص: 770

2- و قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا (1) بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها (2): ليس بمنسوخ بقوله عزّ و جلّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ (3) فِيها مَتاعٌ لَكُمْ (4) كما ذكروا (5)، لأن الأولى في البيوت المسكونة، يدلّ على ذلك قوله عزّ و جلّ وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها و الثانية في البيوت التي ينزلها المسافرون و بيوت الخانات، و البيوت التي ليس لها أرباب و لا سكّان (6).

3- و قوله عزّ و جلّ وَ (7) قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ .. (8) الآية ليس ذلك بمنسوخ، بل هو محكم واجب على جميع النساء (9).

و قال قوم: نسخ بعضها بقوله عزّ و جلّ وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ

ص: 771


1- في د: لا يدخلوا. خطأ.
2- النور (27).
3- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
4- النور (29).
5- أخرجه ابن الجوزي عن ابن عباس و عكرمة و كذلك النحاس. انظر جامع البيان 18/ 115 و الناسخ و المنسوخ ص 231. و زاد ابن الجوزي عزوه إلى الحسن و الضحاك. انظر نواسخ القرآن ص 407 كما عزاه مكي إلى ابن عباس دون إسناد كعادته. انظر الإيضاح ص 365 و ذكره دون عزو ابن حزم ص 48 و ابن سلامة ص 245، و راجع تفسير القرطبي 12/ 221.
6- و قد رد القول بالنسخ كل من الإمام الطبري و النحاس و مكي و ابن الجوزي انظر المصادر السابقة.
7- سقطت الواو من د و ظ.
8- النور (31).
9- و هذا هو الصحيح كما سيأتي قريبا بإذن اللّه.

نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ (1) اه و ليس هذا بناسخ لما تقدم لمن تأمل (2).

4- و قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ .. (3) روى عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- إنها منسوخة، و كذلك قال سعيد بن المسيب، و هذا مما يوضح ما قلته من أنهم كانوا يطلقون النسخ على غير ما نطلقه نحن عليه لأن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- سأل (4) عن هذه الآية، فقال: لا يعمل بها اليوم قال:

و ذلك أن القوم لم يكن لهم ستور و لا حجال (5) (6)، فربما دخل الخادم و الولد و (7) اليتيم على الرجل و هو يجامع فأمر اللّه عزّ و جلّ (8) بالاستئذان في هذه الساعات الثلاث ثم جاء اللّه عزّ و جلّ باليسر و بسط الرزق فاتخذ الناس الستور و الحجال (9)، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم عن الاستئذان (10).

ص: 772


1- النور (60). و قد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 48، و ابن سلامة ص 246، و عزاه مكي إلى ابن عباس كما في الإيضاح ص 366، و رواه ابن الجوزي بسنده عن ابن عباس، قال: و هو قول الضحاك اه نواسخ القرآن ص 409.
2- قال ابن الجوزي: قد زعم قوم أن هذا نسخ .. و ليس هذا بصحيح لأن الآية الأولى فيمن يخاف الافتتان بها، و هذه الآية في العجائز فلا نسخ اه المصدر نفسه.
3- النور (58). .. وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ .. الآية.
4- هكذا في الأصل: سأل. و هو خطأ إملائي. و في بقية النسخ: سئل و هو الصواب.
5- في ظ: و لا حجاب.
6- الحجال: جمع حجلة- بفتحات- مثل القبة، و حجلة العروس بيت يزين بالثياب و الأسرة و الستور. اللسان 11/ 144 (حجل).
7- سقطت الواو من ظ.
8- سقطت الباء من ظ.
9- في د و ظ: و الحجاب.
10- رواه بنحوه أبو عبيد و النحاس و أبو داود كلهم عن ابن عباس. انظر الناسخ و المنسوخ لأبي عبيد ص 471، و النحاس ص 235، و سنن أبي داود كتاب الأدب باب الاستئذان في العورات الثلاث: 5/ 377 قال النحاس: عقيب ذكره لأثر ابن عباس هذا- و هذا القول متنه حسن و ليس فيه دليل على نسخ الآية و لكن على أنها كانت على حال ثم زالت فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان اه المصدر نفسه. و انظر تفسير القرطبي: 12/ 303، و راجع نحو كلام السخاوي في الإيضاح لمكي ص 366- 367.

و قال ابن المسيب: هي منسوخة لا يعمل بها اليوم (1)، و هذا من قوله دليل واضح على ما ذكرته، فلا تغتر بقولهم: منسوخ، فإنهم لا يريدون به ما تريد أنت بالنسخ و الدليل على هذا: أن هذه الآية لم يرد لها ناسخ من القرآن (2)، و لا من السّنة على قول من يجيز نسخه بالسّنّة، و أن حكمها باق فيمن يكون حاله كحال من أنزلت فيه بإجماع.

قال الشعبي: ليست بمنسوخة. فقيل له: إن الناس لا يعملون بها اليوم، فقال: اللّه المستعان (3).

و أكثر العلماء على أنها محكمة و أن (4) حكمها باق، و الاستئذان غير (5) منسوخ (6).

ص: 773


1- رواه النحاس عن سعيد بن المسيب، كما رواه أيضا بنحوه أبو عبيد و الطبري عن سعيد بن جبير الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 234، و أبي عبيد ص 470، و جامع البيان: 18/ 163.
2- يريد المصنف- رحمه اللّه- أنه لم يرد لها ناسخ من القرآن يعول عليه و إلا فقد أورد ابن الجوزي نسخها بقوله تعالى في الآية التي بعدها وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ و عزاه إلى ابن المسيب، و قال: و هذا ليس بشي ء، لأن معنى الآية وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ أي من الأحرار الحلم فليستأذنوا، أي في جميع الأوقات في الدخول عليكم كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: كما استأذن الأحرار الكبار الذين بلغوا قبلهم، فالبالغ يستأذن في كل وقت، و الطفل و المملوك يستأذنان في العورات الثلاث اه نواسخ القرآن ص 411. كما أورد النسخ بهذه الآية دون عزو ابن حزم ص 48، و ابن سلامة ص 247، و ابن البارزي ص 43، و الفيروزآبادى في بصائر ذوي التمييز: 1/ 336، و الكرمي ص 155.
3- أخرجه أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ ص 470، و الطبري في تفسيره 18/ 162، و النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 235. قال: و هو قال القاسم بن محمد و جابر بن زيد اه. و ذكره مكي و القرطبي عن الشعبي. انظر الإيضاح ص 368، و الجامع لأحكام القرآن 12/ 304.
4- «أنّ» ليست في د و ظ.
5- في د و ظ: خبر.
6- قال أبو عبيد: و لا نعلم أحدا من العلماء أخبر عن نسخ هذه الآية بل أغلظوا شأنها. اه الناسخ و المنسوخ ص 468 (و كان في العبارة اضطراب فصوبها محققه). و قال مكي: و أكثر العلماء على أن الآية محكمة، و حكمها باق، و الاستئذان في هذه الأوقات واجب اه الإيضاح ص 367.

5- و قوله عزّ و جلّ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ (1)، قالوا: نسخت بآية السيف (2). و هذا خبر، و خبر اللّه عزّ و جلّ لا ينسخ.

ص: 774


1- النور (54). و لم يلتزم المصنف الترتيب.
2- ذكره ابن حزم ص 48، و ابن سلامة ص 147 و ابن البارزي ص 42 قال ابن الجوزي: و ذكر بعض المفسرين أن هذا منسوخ بآية السيف، و ليس بصحيح اه. من زاد المسير: 6/ 56.
سورة الفرقان

ليس فيها نسخ.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (1).

قال أبو العالية: قوله (قالوا سلاما) منسوخ بآية السيف (2).

و تكلّم في ذلك سيبويه، و لم يتكلم في شي ء من الناسخ و المنسوخ، إلّا في هذه (الآية) (3) (4).

قال: و لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركون.

قال: و لكنه على قولك: لا خير بيننا و لا شر، يعني أن قوله: (قالوا سلاما)

ص: 775


1- الفرقان (63) وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ .. الآية.
2- ذكره البغوي في تفسيره عن الكلبي و أبي العالية: 5/ 88. قال ابن حزم الأنصاري: منسوخة في حق الكفار بآية السيف، و بعض معناها محكم في حق المؤمنين اه. الناسخ و المنسوخ ص 49. و حكي الكرمي النسخ فيها بآية السيف، ثم قال: و قيل: هي محكمة، إذ لا شك أن الاغضاء عن السفهاء و ترك المقابلة بالمثل مستحسن في الأدب و المروءة و الشرع، و أسلم للعرض اه. قلائد المرجان ص 159. قلت: و هذا هو الصحيح، و سيأتي- بإذن اللّه- مزيد بيان لهذا من كلام السخاوي و غيره، و اللّه أعلم.
3- كلمة (الآية) سقطت من الأصل وظق.
4- قاله النحاس و القرطبي. انظر الناسخ و المنسوخ ص 239، و تفسير القرطبي: 13/ 70.

معناه: تسلما منكم و متاركة، لا نجاهلكم، و (1) لا خير بيننا و لا شر.

أي نتسلم منكم تسلما، فأقيم السلام مقام التسليم (2) اه.

و هذا التأويل يحتاج فيه إلى إثبات أن الجاهلين هم المشركون، و أيضا فإن اللّه عزّ و جلّ وصف المؤمنين و أثنى عليهم بصفات، منها الحلم عند جهل الجاهل، و المراد بالجاهلين: السفهاء، و هذه صفة محمودة باقية إلى يوم القيامة، و ما زال الإغضاء عن السفهاء و الترفّع عن مقابلة ما قالوه بمثله من أخلاق الفضلاء، و بذلك يقضي الورع و الشرع و الأدب و المروءة، ثم (و) (3) أي حاجة إلى القول بأن ذلك منسوخ؟.

و قال زيد بن أسلم: التمست تفسير هذه الآية فلم أجده عند أحد فأتيت (4) في النوم فقيل لي: هم الذين لا يريدون فسادا في الأرض (5).

و قال ابن زيد: هم الذين لا يتكبّرون في الأرض و لا يتجبرون و لا يفسدون، و هو قوله عزّ و جلّ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً (6) وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (7).

و قال الحسن: يمشون حلماء علماء لا يجهلون، و إن جهل عليهم لم يجهلوا وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً، أي إذا خاطبهم الجاهلون بما يكرهون من القول، أجابوهم بالمعروف و السداد من الخطاب، قالوا: تسلما منكم و براءة بيننا و بينكم، ذلّت- و اللّه- منهم الأسماع و الأبصار و الجوارح، حتى يحسبهم الجاهل مرضي، و ما بالقوم من مرض، و إنهم لأصحاء القلوب، دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، و منعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، فلمّا وصلوا إلى بغيتهم قالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا

ص: 776


1- الواو ليست في بقية النسخ.
2- انظر الكتاب لسيبويه: 1/ 325.
3- في بقية النسخ: ثم و أي حاجة ... الخ.
4- في د و ظ: فأنبيت.
5- أخرجه ابن جرير بسنده عن زيد بن أسلم. جامع البيان: 19/ 34. و ذكره القرطبي في تفسيره: 13/ 68.
6- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
7- القصص: (83).

الْحَزَنَ (1) إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (2) و اللّه ما حزنتهم الدنيا، و لا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة، أبكاهم الخوف من النار، و إنه من لم يعتزّ بعزّ اللّه تقطّع نفسه حسرات اه (3) و كلام الحسن و ما ذكرته من كلام غيره، يدل على أن الآية محكمة (4).

و قول سيبويه الذي قاله: فيه نظر، لأنه قال: لم يؤمر (المسلمين) (5) يومئذ أن يسلموا على المشركين، و هذا ليس بأمر، إنما هو (شي ء) (6) حكاه اللّه عزّ و جلّ عنهم و أثنى عليهم به (7) (8).

فإن قيل: أراد سيبويه- رحمه اللّه- لم يؤمروا أن يسلموا عليهم، فكيف يسلمون عليهم؟

قلت: لا يفتقرون في ذلك إلى أمر من اللّه عزّ و جلّ، فقد كانوا يسلّمون عليهم، و إن كان سلام عليكم أصله الدعاء، إلّا أنه (9) قد يقوله من لا يريد الدعاء، إنما يريد الإحسان و الإجمال في المخاطبة.

ص: 777


1- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
2- فاطر (34).
3- أخرج هذا المعنى الطبري بأسانيده عن الحسن و مجاهد. انظر جامع البيان 19/ 34، 35. و أخرجه ابن كثير عن عبد اللّه بن المبارك بسنده عن الحسن. انظر: تفسير القرآن العظيم 3/ 324.
4- قال ابن الجوزي: و هذه الآية محكمة عند الجمهور. انظر: نواسخ القرآن ص 415، و راجع تفسير القرطبي: 13/ 70.
5- هكذا في الأصل: لم يؤمر المسلمين. و في بقية النسخ: لم يؤمر المسلمون. و هو الصواب.
6- كلمة (شي ء) سقطت من الأصل.
7- (به) ليست في د و ظ.
8- قال النحاس: و زعم محمد بن يزيد أن سيبويه أخطأ في هذا و أساء العبارة، لأنه لا معنى لقوله: و لم يؤمر المسلمون أن يسلموا على المشركين، و إنما كان ينبغي أن يقول: و لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يحاربوا المشركين، ثم أمروا بحربهم. قال: و كلام محمد بن يزيد يدل على أن الآية أيضا عنده منسوخة، و إنما جاز فيها أن تكون منسوخة، لأن معناها معنى الأمر. إذا خاطبكم الجاهلون، فقولوا: (سلاما) فعلى هذا يكون النسخ فيها، فأما كلام سيبويه فيحتمل أن يكون معناه: لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين، و لكنهم أمروا أن يتسلموا منهم و يتبرءوا ثم نسخ ذلك بأمر الحرب اه. الناسخ و المنسوخ ص 239، و راجع تفسير القرطبي: 13/ 70.
9- (إلا أنه) مكررة في ظ.

فإن أراد سيبويه هذا فهو حسن، و إن أراد أنهم لم يأتوا بالتسليم يريدون به (1) التبرّؤ، فإن ذلك يبطل بقوله عزّ و جلّ في سورة القصص- حين أثنى على قوم من أهل الكتاب أسلموا-: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (2).

و هذه الآية أخت تلك، و قد عيب عليه قوله، لا خير بيننا و لا شر.

و قال مكّي في هذه الآية: إن هذا- و إن كان خبرا- فهو من الخبر الذي يجوز نسخه.

قال: لأنه ليس فيه خبر من اللّه عزّ و جلّ لنا عن شي ء يكون، أو شي ء كان فينسخ بأنه لا يكون أو (بآية) (3) لم يكن، هذا الذي لا يجوز فيه النسخ، و إنما هذا خبر من اللّه عزّ و جلّ لنا أن هذا الأمر كان من فعل هؤلاء الذين هم عباد الرحمن، قبل أن يؤمروا بالقتال، و أعلمنا في موضع آخر (نزلت) (4) بعد فعلهم ذلك أنه أمر بقتالهم و قتلهم، فنسخ ما كانوا عليه.

قال: و لو أعلمنا (5) في موضع آخر أنهم لم يكونوا يقولون للجاهلين: (سلاما) لكان هذا نسخا للخبر الأول، و هذا لا يجوز، و هو نسخ الخبر بعينه.

و اللّه عزّ و جلّ يتعالى عن ذلك.

قال: فإذا (6) كان الخبر حكاية عن فعل قوم جاز نسخ ذلك الفعل الذي أخبرنا به عنهم، بأن يأمر بأن لا يفعلوه (7)، و لا يجوز نسخ ذلك الخبر، و الحكاية بعينها بأنها لم تكن (8)، أو كانت على خلاف ما أخبر به أولا، فاعرف الفرق في ذلك (9) اه و قوله هذا- لو فرضنا أن تأويل الآية: أن الجاهلين هم المشركون- لا يصح به نسخ الآية، لأن اللّه عزّ

ص: 778


1- في بقية النسخ: مريدين.
2- القصص (55).
3- هكذا في الأصل: بآية. و في بقية النسخ (بأنه) و هو الصواب.
4- هكذا في الأصل: نزلت. و في بقية النسخ (نزل) و هو الصواب.
5- سقطت الهمزة من ظ.
6- في ظ: فإن كان.
7- في ذ و ظ: تفعلوه.
8- في د: لم يكن.
9- انظر: الإيضاح ص 371، 372 مع تصرف السخاوي في بعض العبارات.

و جلّ إن كان نهاهم عن فعله (و أمرهم) (1) أن لا يفعلوه (2) بآية السيف.

فإن هذا الخلق الذي أخبر به عنهم، و هو قولهم: (سلاما) لم يكن بأمر من اللّه عزّ و جلّ، و إنما كانوا يفعلون ذلك من عند أنفسهم حلما و تبرءوا (3) من المشركين، كما زعم من قال ذلك، فإذا نزلت آية السيف ناسخة لذلك، كانت ناسخة عادة كانوا يفعلونها (4)، و لم تكن ناسخة قرآنا.

و هذه الآية مخبرة بما كانوا يفعلونه، فكيف تنسخها آية السيف، و هذا واضح (5).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ .. (6) إلى قوله عزّ و جلّ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (7): ذلك منسوخ بالاستثناء، و هو قوله عزّ و جلّ: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا (8) صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ (9) و هذا ظاهر

ص: 779


1- هكذا في الأصل: و أمرهم. و في بقية النسخ: أو أمرهم. و هو الصواب.
2- في ظ: أن تفعلوه. بالتاء. و في د: بدون نقط.
3- في ت: غير واضحة، و في د: و تبرأ.
4- في د: يفعلونه.
5- قال ابن العربي: لم يؤمر المسلمون أن يسلموا على المشركين، و لا نهوا عن ذلك، بل أمروا بالصفح و الهجر الجميل، و قد كان من سلف من الأمم في دينهم التسليم على جميع الأمم، و قد كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقف على أنديتهم و يحييهم و يداينهم، و لا يداهنهم اه أحكام القرآن باختصار 3/ 1430.
6- كلمة (آخر) ليست في د.
7- الفرقان (68- 69). وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً* يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً ...
8- كلمة (عملا) ساقطة من د و ظ.
9- و هي الآية التي تلي الآيتين السابقتين. و قد ذكر النسخ هنا ابن حزم ص 48، و ابن سلامة ص 248، و ابن البارزي ص 43، و الكرمي ص 159. أما ابن الجوزي فقد ناقش هذه القضية ورد دعوى النسخ فيها و أبطلها بقوله: اختلف العلماء في ناسخها على ثلاثة أقوال: الأول: أنه قوله تعالى وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها الآية (93) من سورة النساء- و قد سبق القول فيها-. و هذا قول ابن عباس، و الأكثرون على خلافه في أن القتل لا يوجب الخلود. الثاني: قوله عزّ و جلّ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ الآية 48 من سورة النساء. قال: و هذا لا يصح، لأن الشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه. و الثالث: أنها نسخت بالاستثناء في قوله: إِلَّا مَنْ تابَ. و هذا باطل، لأن الاستثناء ليس بنسخ اه. نواسخ القرآن ص 416.

البطلان، و قد تقدم القول في مثله (1).

ص: 780


1- راجع على سبيل المثال الموضع الرابع و الخامس و السادس من سورة آل عمران و الموضع الثلاثين من سورة النساء، و الثالث من سورة التوبة.
سورة الشعراء

سورة الشعراء (1)

ليس فيها نسخ.

و زعم قوم أن قوله عزّ و جلّ وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (2)، منسوخ بقوله عزّ و جلّ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... (3) إلى آخرها، و ليس ذلك بنسخ لما ذكرته (4).

ص: 781


1- في الأصل: أضيفت كلمتان في الحاشية يصعب قراءتهما.
2- الشعراء (224).
3- الشعراء (227).
4- تكلم المصنف آخر سورة الفرقان على هذا، و قال: إنه باطل. و قد ذكر دعوى النسخ هنا النحاس بسنده إلى ابن عباس، و أحد رجال الإسناد جويبر، و هو ضعيف- كما سبق- و يفهم من كلام النحاس أنه لم يرتض القول بالنسخ، فقد قال: هذا الذي تسميه العرب استثناء لا نسخا ... الناسخ و المنسوخ ص 241. كما رد مكي دعوى النسخ- بعد أن عزاها إلى ابن عباس-. انظر: الإيضاح ص 373. و كذلك فعل ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 417، و راجع تفسير القرطبي: 13/ 153. و قد ذكر النسخ ابن حزم ص 49 و ابن سلامة ص 251. و ابن البارزي ص 43، و الكرمي ص 161.
سورة النمل

ليس فيها نسخ.

و قال قوم في قوله عزّ و جلّ وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ .. (1)

الآية: هو منسوخ بآية السيف (2).

و قد تقدم القول في مثله (3)، و أنه ليس بمنسوخ كما ذكروا.

ص: 782


1- النمل (92) و تمامها ... وَ مَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ.
2- ذكره ابن حزم 49، و ابن سلامة ص 252، و الفيروزآبادى 1/ 349 و الكرمي ص 162، و البغوي في معالم التنزيل 5/ 133، و القرطبي 13/ 246. قال ابن الجوزي: روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس- رضى اللّه عنهما- أن هذا منسوخ بآية السيف، و كذلك قال قتادة. ثم قال: و قد تكلمنا على جنس هذا، و بينا أن الصحيح أنه ليس بمنسوخ. اه نواسخ القرآن ص 419.
3- قلت: و قد سبق كلام الإمام السخاوي على مثل هذا. انظر على سبيل المثال كلامه على الآية 89 من سورة الحجر، و التعليق على ذلك ص 740. و قد فسر الإمام الطبري الآية بما يؤيد أحكامها. انظر جامع البيان: 20/ 25.
سورة القصص

ليس فيها نسخ.

و أما قول من قال في قوله عزّ و جلّ وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ .. (1) الآية أنه منسوخ بآية السيف (2)، فقد تقدم القول فيه (3).

قال مجاهد: هي محكمة، و المعنى (4): أن المؤمنين كانوا إذا آذاهم الكفار أعرضوا عنهم، و قالوا: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، أي أمنة لكم منا، لا نجاوبكم و لا نسابكم، لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أي لا نطلب عمل الجاهلين (5).

ص: 783


1- القصص (55). و تمامها ... وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ.
2- ذكره ابن حزم ص 49، و ابن سلامة ص 254، و رده كل من النحاس ص 241، و مكي ص 375، و سكت عنه ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 420.
3- راجع مناقشة السخاوي للآية 159 من سورة الأنعام (الموضع السادس عشر) ص 705، و راجع كذلك مناقشته للآية التي مرت قريبا في آخر سورة الفرقان 63 ص 775.
4- سقطت الواو من د و ظ.
5- انظر: كلام مجاهد في الإيضاح ص 375، و راجع الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 241.
سورة العنكبوت

لا نسخ فيها.

و أما قوله عزّ و جلّ وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (1)، و قول من قال: إنها (2) نسخت بآية السيف،- و هو قول قتادة (3)-، فالآية محكمة عند الجمهور (4).

قال ابن زيد: هي محكمة، و المراد من آمن من أهل الكتاب، يعني: لا تجادلوا من آمن من أهل الكتاب فيما يحدثون به في (5) كتابهم، لعلّه كما (6) يقولون (7) اه.

ص: 784


1- العنكبوت (46).
2- كلمة (إنها) ليست في بقية النسخ.
3- انظر: الناسخ و المنسوخ لقتادة ص 45. و رواه عنه ابن جرير الطبري في جامع البيان 21/ 2، و النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 242، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 422. و قال مكي روى عن قتادة أنه قال: نسخها قوله تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ... الآية. انظر الإيضاح ص 377.
4- قال الطبري: لا معنى لقول من قال: نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، و زعم أنها منسوخة، لأنه لا خبر بذلك يقطع العذر، و لا دلالة على صحته من فطرة أو عقل اه. المصدر السابق 21/ 3 و بنحوه قال النحاس، ثم أردف قائلا: فيكون المعنى: و لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالقول الجميل، أي بالدعاء إلى اللّه و التنبيه على حججه، و إذا حدثوكم بحديث يحتمل أن يكون كما قالوا، فلا تصدقوهم و لا تكذبوهم، فهذا الذي هو أحسن اه ص 242.
5- في بقية النسخ: عن كتابهم.
6- في د و ظ: لعله كانوا يقولون. و لا معنى لها.
7- رواه الطبري بنحوه عن ابن زيد، و ذكره النحاس و هو بلفظه في الإيضاح ص 377. انظر: جامع البيان 21/ 2، و الناسخ و المنسوخ ص 242.

و كانوا يفسرون التوراة بالعربية (1).

و قال مجاهد: هي محكمة، و المراد: المعاهدون، أي إنما يجادل (2) من لا عهد له، و يقاتل حتى يعطي الجزية أو يسلم (3).

و قيل: الذين ظلموا: هم المفرطون في العناد، الذي لا تنفع (4) فيهم المجادلة بالتي هي أحسن.

و قيل: الذين ظلموا و اعتدوا، فجعلوا للّه (ولدا) (5) شريكا.

و الذين قالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ (6) وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ (7) و يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ (8) تعالى اللّه عن قولهم (9).

و قيل: من نقض الذمة و منع الجزية، فحينئذ يجادل (بغير) (10) التي هي أحسن أي بالسيف (11).

و عن (12) النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «ما حدثكم به أهل الكتاب فلا تصدقوهم و لا تكذبوهم، و قولوا: آمنا باللّه و كتبه و رسوله، فإن كان باطلا لم تصدقوهم، و إن كان حقا لم تكذبوهم» (13) اه.

ص: 785


1- قال البخاري: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية و يفسرونها بالعربية لأهل الإسلام .. كتاب التفسير 5/ 150.
2- في د و ظ: إنما يجادلون.
3- ذكره مكي بنحوه و ابن الجوزي عن مجاهد. انظر الإيضاح ص 378، و نواسخ القرآن ص 423.
4- في ظق: لم تنفع. و في د و ظ: لم ينفع.
5- في الأصل: طمس الناسخ كلمة (ولدا أو شريكا) و أضاف في الحاشية كلمة (شريكا) فقط.
6- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
7- جزء من آية 181 من سورة آل عمران.
8- جزء من آية 64 من سورة المائدة، و قد ذكر نصّهما كاملا في الموضع الثامن و العشرين من سورة النساء.
9- ذكر هذا المعنى الأخير ابن جرير و أسنده إلى مجاهد. جامع البيان: 21/ 3.
10- في الأصل: طمس الناسخ (بغير) ثم أضيفت في الحاشية إلا أنها لم تظهر.
11- راجع هذه المعاني أو نحوها في تفسير الفخر الرازي 25/ 75، و القرطبي 13/ 350.
12- حرف (عن) مطموس في ظ.
13- انظر صحيح البخاري، كتاب الشهادات باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة 3/ 163، و كتاب التفسير: 5/ 150، و كتاب الاعتصام 8/ 160، و كتاب التوحيد 8/ 213، و سنن أبي داود كتاب العلم باب رواية حديث أهل الكتاب 4/ 59، و مسند الإمام أحمد: 4/ 136.

فهي على جميع ما ذكرته محكمة، و الظاهر أنها نزلت في من آمن أو أعطى الجزية، إذا ذكر للمسلمين شيئا من كتابه فلا يجادل، فأما من أقام على الكفر، و لم يدخل في الذمة، فجداله السيف.

و قوله عزّ و جلّ: وَ (1) قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا (2) وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ إلى آخره. هو المراد بالتي هي أحسن (3).

و قيل: إن هذه السورة نزلت من أولها إلى رأس العشر بمكة، و نزل باقيها بالمدينة (4).

و إذا كانت مجادلة الذين ظلموا منهم السيف، فكيف تنسخها آية السيف و هي آية السيف؟!.

(و) (5) الذين ظلموا: (هم) (6) الذين ذكرهم اللّه (7) في (براءة) في قوله عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (8).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) نسخ معنى النذارة بآية السيف. و هذا ظاهر البطلان (10).

ص: 786


1- سقطت الواو من الأصل.
2- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
3- في ظق: هي الحسن.
4- سبق الحديث عنه في أول الكتاب ص 189.
5- سقطت الواو من الأصل.
6- (هم) سقطت من الأصل وظق.
7- في د و ظ: هم الذين ذكر في براءة. و في ظق: ذكرهم في براءة.
8- التوبة (29). و هذه هي الآية التي روي عن قتادة- كما سبق- أنها ناسخة لآية العنكبوت-.
9- العنكبوت: (50).
10- لأنه لا منافاة بين هذه الوظيفة الشريفة، و هي تبليغ الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم دعوة اللّه إلى الناس و بين قتالهم، و هو آخر المراحل التي يلجأ إليها الرسل صلوات اللّه و سلامه عليهم. و ممن ذكر دعوى النسخ هنا ابن سلامة ص 256، و ابن الجوزي و رده انظر: نواسخ القرآن ص 423، و ابن البارزي ص 44، و الكرمي ص 163.
سورة الروم

ليس فيها نسخ.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (1) نسخها آية السيف (2).

و قد تقدم رد ذلك (3).

ص: 787


1- الروم (60).
2- انظر المصادر السابقة، ابن سلامة، و ابن الجوزي، و ابن البارزي و الكرمي. و قال ابن الجوزي: زعم السدي أنها نسخت بآية السيف. و هذا إنما يصح له لو كان الأمر بالصبر عن قتالهم، فأما إذا احتمل أن يكون صبرا على ما أمر به أو عما نهى عنه، لم يتصور نسخ اه نواسخ القرآن ص 425.
3- انظر الموضع الرابع عشر من سورة آل عمران و الخامس من سورة المائدة و السابع من سورة يونس. و انظر كذلك مناقشة السخاوي للآية 85 من سورة الحجر ص 739.
سورة لقمان

ليس فيها نسخ.

و زعم قوم أن قوله عزّ و جلّ: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ (1).

منسوخ بقوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تقل: ما شاء اللّه و شئت و لكن قل: ما شاء اللّه ثم شئت» (2).

أي نسخ الجمع (3) بين الشكرين بالواو فيستوي الشكران، و لكن يكون ب (ثم) فتقدم الشكر للّه كالمشيئة (4).

ص: 788


1- لقمان: (14). و أولها وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي ... الآية.
2- انظر: سنن أبي داود، كتاب الأدب باب لا يقال: خبثت نفسي 5/ 259 و سنن الدارميّ كتاب الاستئذان باب في النهي أن يقول: ما شاء اللّه و شاء فلان 2/ 295، و المسند للإمام أحمد 5/ 384، 394، 398. و عنوان الباب الثامن من كتاب الأيمان و النذور من صحيح البخاري 7/ 223.
3- كلمة (الجمع) ساقطة من د و ظ.
4- نقله السخاوي عن مكي في الإيضاح ص 379، و لم يعلق مكي على ذلك بشي ء، و إنما اكتفى بنسبته إلى بعض العلماء. و لم أقف على من ذكر النسخ هنا سوى مكي بن أبي طالب ممن تكلموا في الناسخ و المنسوخ، و قد فسر الطبري 21/ 70، و القرطبي 14/ 65 الآية بما يؤيد إحكامها، و هو الصحيح، فإنه يجب على الإنسان أن يشكر اللّه على جميع نعمه و في مقدمة ذلك نعمة الإسلام و يجب عليه أن يشكر للوالدين ما قاما به تجاهه، و في مقدمة ذلك نعمه التربية.

فعلى هذا لا يجوز أن تتلى هذه الآية! و هذا خلف من القول.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ ... وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ (1): نسخ معناها بآية السيف (2).

و ليس كما قالوا، و قد (3) تقدّم الجواب.

ص: 789


1- لقمان (23).
2- ذكر ابن حزم أن الآية المذكورة منسوخة، إلا أنه لم يذكر لها ناسخا ص 50، و قال بنسخها بآية السيف ابن البارزي ص 45، و حكي الكرمي فيها النسخ و الاحكام ص 165. و قد رد ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 426، و في تفسيره 6/ 325 دعوى النسخ، و قال: إنه ليس بشي ء، لأنها إنما تضمنت التسلية له من الحزن، و ذلك لا ينافي القتال اه. قال الإمام الطبري:- عند تفسير هذه الآية- وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ، و لا تذهب نفسك عليهم حسرة، فإن مرجعهم و مصيرهم يوم القيامة إلينا، و نحن نخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا ثم نجازيهم عليها جزاءهم اه جامع البيان: 21/ 80. و هذا التفسير- لا شك- يؤيد إحكام الآية، و يدل على عدم التعارض بينها و بين آية السيف.
3- كلمة (و قد) مطموسة في ظ.
سورة السجدة

ليس فيها نسخ.

و أما قولهم: إن قوله عزّ و جلّ في آخر السورة فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (1).

منسوخ بآية السيف (2) فليس كذلك، و هو وعد من اللّه تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه و سلّم، و وعيد لهم.

ص: 790


1- السجدة (30).
2- رواه النحاس بسنده عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ ص 244، و جويبر ضعيف كما سبق. كما حكى النسخ مكي ص 381، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 427 و ابن حزم ص 50، و ابن سلامة ص 257، و ابن البارزي ص 45، و الفيروزآبادي 1/ 374، و الكرمي ص 166. هذا و لم يناقش كل من النحاس و مكي و ابن الجوزي قضية دعوى النسخ بل ذكروها و سكتوا عنها. و أقول: أن الناظر في سياق الآيات التي تتحدث عن يوم الفتح الواردة في قوله تعالى وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ .. السجدة (28- 29). و هو يوم القيامة على القول الصحيح و هو اليوم الذي يفتح اللّه بين أنبيائه و بين أعدائه و يفصل بينهم، و يرى كل منهم عاقبة أمره. أقول: أن الناظر في هذا يظهر له جليا أن الآية خبر تحمل في طياتها الوعد لأنبيائه و أوليائه و الوعيد و التنديد و التهديد من يوم الوعيد للمشركين الذي طالما أنكروه و استبعدوا وقوعه، فاللّه تعالى يطمئن رسوله و يعده بأنه سيرى عاقبة صبره، كما أنهم سيجدون عاقبة أمرهم و ما ينتظرهم فانتظر إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ. و مثل هذا لا يقال عنه منسوخ، و أما الأعراض عن قتالهم، فإن الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم لم يكن قادرا على قتالهم كما قال السخاوي من قبل، و بعد القدرة على ذلك قاتلهم، و هذا معروف، و اللّه الموفق للصواب.

و ليس معنى قوله عزّ و جلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ: أترك قتالهم، فإنه صلّى اللّه عليه و سلّم لن يكن قادرا على ذلك.

ص: 791

سورة الأحزاب

ليس فيها نسخ.

و قالوا: نسخ قوله عزّ و جلّ وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ (1) وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (2) بآية السيف (3).

و ليس كذلك، و قد تقدّم القول في مثله.

ص: 792


1- إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
2- الأحزاب (48).
3- قاله ابن حزم ص 51، و ابن سلامة ص 258، و ابن البارزي ص 45 و الكرمي ص 167، و القرطبي: 14/ 202. و حكاه ابن الجوزي عن المفسرين، و لم يعلق على ذلك بشي ء. نواسخ القرآن ص 428، لكنه في المصفى بأكف أهل الرسوخ عبر عن ذلك بقوله: زعم جماعة نسخها بآية السيف اه ص 47. اه و هذا التعبير يدل على عدم رضاه عن دعوى النسخ. و اللّه أعلم. هذا و قد أعرض عن ذكر هذه الآية ضمن الناسخ و المنسوخ كل من الإمام الطبري و النحاس، و مكي، و ابن كثير و غيرهم، و هذا يدل على ضعف القول به، و هو كذلك و قد سبق مثله مرارا، و هذه الآية خطاب للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم تأمره بأن يدع أذى الكفار و المنافقين، و أن يعرض عن ذلك و يصير عليه، و هذا لا يمنع القيام بأمر اللّه في عباده و النفوذ لما كلف به، دون طاعة للكفار و المنافقين، و آية السيف تأمره بقتل طائفة من المشركين، فموضوع الآيتين مختلف، فلا يجوز دعوى النسخ. ثم أن آخر الآية يجي ء- بعد النهي عن طاعة الكفار و المنافقين و الأمر بترك أذاهم- بمثابة الإنذار لهم، و هو انذار لهم بالانتقام الشديد منهم في الآخرة وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ و هذا لا يقبل النسخ بحال. راجع تفسير الطبري 22/ 18، و النسخ في القرآن 2/ 572.

و قوله عزّ و جلّ لا تحلّ (1) لك النساء من بعد و لا أن تبدل بهن من أزواج و لو أعجبك حسنهن إلّا ما ملكت يمينك (2) زعم (3) قوم أنه منسوخ.

و اختلفوا في ناسخه، فقال قوم: نسخت بالسّنة، رووا عن عائشة و أم سلمة- رضي اللّه عنهما- «ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حتى أحل له (4) النساء (5)».

و أخبار الآحاد (6) لا تنسخ القرآن، لأن القرآن العظيم (7) مقطوع به.

و خبر الواحد ليس كذلك، فكيف يزال ما قطع به بما لم يقطع به (8)؟

و قيل: الناسخ قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ... (9)،

قالوا: و هي من الأعاجيب، نسخها بآية قبلها في النظم (10).

ص: 793


1- هكذا بالتاء، و هي قراءة أبي عمرو البصري لتأنيث الجماعة و لتأنيث معنى جماعة النساء، و قرأ الباقون بالياء لتذكير لفظ الجمع الكشف 2/ 199، و النشر: 2/ 349، و انظر المهذب 2/ 148.
2- الأحزاب (52).
3- في د: و زعم.
4- (له) سقطت من د و ظ.
5- رواه الترمذي بسنده عن عائشة- رضي اللّه عنها- و قال: حديث حسن صحيح. أبواب التفسير باب و من سورة الأحزاب 9/ 78، و النسائي في سننه كتاب النكاح باب ما افترض اللّه عزّ و جلّ على رسوله- عليه السلام- 6/ 56، و أحمد في المسند 6/ 41، و النحاس في الناسخ و المنسوخ ص 246، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 431، و أخرج ابن سعد و ابن أبي حاتم نحوه عن أم سلمة. انظر الدر المنثور 6/ 637.
6- أخبار الآحاد: هي ما لا ينتهي إلى حد خبر المتواتر المفيد للعلم، فما نقله جماعة من خمسة أو ستة مثلا، فهو خبر واحد، و لا يراد خبر الواحد الخبر الذي ينقله الواحد، و لكن كل خبر عن جائز ممكن لا سبيل إلى القطع بصدقه، و لا إلى القطع بكذبه، فهو خبر الواحد و خبر الآحاد سواء نقله واحد أو جمع منحصرون. جامع الأصول 1/ 124.
7- في بقية النسخ: العزيز.
8- انظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 101، و الإيضاح ص 386. أما ابن حزم الظاهري فيرى عدم الفرق بين السنة المتواترة و غيرها- متى صحت- في النسخ. انظر: الأحكام في أصول الأحكام 4/ 107.
9- الأحزاب (50).
10- المراد بالنظم هنا: أي سياق الآيات. قلت: و قد تقدم نظير هذا في سورة البقرة أثناء الكلام عن آيتي عدة المتوفى عنها زوجها ص 629. أما نسخ لا يَحِلُّ لَكَ .. ب يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ ... فقد عزاه ابن الجوزي إلى ابن عباس و علي بن أبي طالب و عائشة و أم سلمة و علي بن الحسين و الضحاك. انظر نواسخ القرآن ص 431. و مال إليه الزرقاني و انتصر له. انظر مناهل العرفان 2/ 267.

و قيل: نسخت بقوله عزّ و جلّ قبلها تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ (1).

و هذا القول إنما يقوله من قاله ظنا، أ لا ترى اختلاف القولين في الناسخ ما هو (2)؟

و إنما حملهم على ذلك ما ظنّوه من التعارض، و لا تعارض، لأن قوله عزّ و جلّ: إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ، لا يعارض قوله سبحانه لا تحل (3) لك النساء من بعد و لا قوله عزّ و جلّ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ (4) لأن قوله عزّ و جلّ إِنَّا

ص: 794


1- الأحزاب (51).
2- حكى النحاس ثمانية أقوال في الآية الكريمة لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ ... و سأقتصر على ذكر واحد منها فقط و مضمونه أنها منسوخة بآية أخرى و هي قوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ ... و كان اللّه قد حظر عليه التزويج بعد من كان عنده، ثم اطلقه له و أباحه بقوله عزّ و جلّ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ .... قال: و هذا القول عن جماعة من أجلة الصحابة و التابعين، و ساق بسنده إلى أم سلمة قالت: لم يمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء، إلا ذات محرم، و ذلك قوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ ..، و هذا- و اللّه أعلم- أولى ما قيل في الآية، و هو و قول عائشة- رضي اللّه عنها- واحد في النسخ، و قد يجوز أن تكون أرادت: أحل له ذلك بالقرآن و هو مع هذا قول علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- و ابن عباس و علي بن الحسين و الضحاك، قال: و قد عارض بعض الفقهاء الكوفيين، فقال: محال أن تنسخ هذه الآية، يعني تُرْجِي مَنْ تَشاءُ .. لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ و هي قبلها في المصحف الذي أجمع المسلمون عليه، و قوى قول من قال: نسخت بالسنة، لأنه مذهب الكوفيين. قال النحاس: و هذه المعارضة لا تلزم، و قائلها غالط، لأن القرآن نزل جملة واحدة إلى سماء الدنيا في شهر رمضان المبارك، و يبين لك أن اعتراض هذا لا يلزم قوله وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ الآية 240 من سورة البقرة- منسوخة على قول أهل التأويل- لا نعلم بينهم خلافا- بالآية التي قبلها وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً الآية 234 من السورة نفسها- اه الناسخ و المنسوخ ص 246، و راجع الإيضاح ص 385، و تفسير القرطبي 14/ 219، و ابن كثير 3/ 501، 502.
3- في د و ظ: (لا يحل) بالياء، و في ظق: خالية من النقط. و قد سبق ذكر القراءات فيها.
4- و لا قوله عزّ و جلّ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ: تكررت في د و ظ.

أَحْلَلْنا لَكَ و قوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ نزل في نسائه اللاتي كن في عصمته.

فكيف يكون ذلك ناسخا لقوله (1) عزّ و جلّ لا تحل لك النساء من بعد و هذا في هذا الطرف كقول من قال في الطرف الآخر، بل لا تحل لك النساء من بعد ناسخ لما تقدّم من الآيتين (2).

و قد بيّنت (3) أنه لا تعارض، فلا ينسخ المتقدّم المتأخر، و لا المتأخر المتقدّم (4). و قد قال الحسن و ابن سيرين: إنها محكمة، و حرّم اللّه على نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يتزوج على نسائه، لأنهن اخترن اللّه و رسوله، فجوزين في الدنيا بهذا.

و هو قول حسن، و هو (5) الذي يشهد به القرآن (6).

ص: 795


1- في د و ظ: كقوله.
2- و هو قول محمد بن كعب القرظي كما في الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 248، و الإيضاح ص 387، و تفسير القرطبي: 14/ 220.
3- غير واضحة في الأصل.
4- و قد رجح ابن جرير الطبري إحكام الآية. انظر جامع البيان 22/ 30.
5- كلمة (و هو) ساقطة من د و ظ.
6- انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 247، و الإيضاح ص 386. و قد زاد النحاس نسبة هذا القول إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن هشام قال: و هذا القول يجوز أن يكون هكذا، ثم نسخ. فإن قال: كيف يجوز أن ينسخ ما كان ثوابا؟ قيل: يجوز أن ينسخ ما كان ثوابا بما هو أعظم منه من الثواب، فيكون هذا (نسخ) و عوضن منه أنهن أزواجه في الجنة، و هذا أعظم خطرا و أجل قدرا ... فلذلك حظر على نساء النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أن يتزوجن بعده اه و قد استهل ابن كثير تفسيره للآية بقوله: ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس و مجاهد و الضحاك و قتادة و ابن زيد و ابن جرير و غيرهم أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و رضا عنهن على حسن صنيعهن في اختيارهن اللّه و رسوله و الدار الآخرة لما خيرهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كما تقدم في الآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ .. إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ .. آية 28 من السورة نفسها- فلما اخترن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان جزاؤهن أن اللّه تعالى قصره عليهن و حرم عليه أن يتزوج بغيرهن، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن، و لو أعجبه حسنهن إلا الإماء و السراري فلا حرج عليه فيهن، ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك و نسخ حكم هذه الآية، و أباح له التزوج، و لكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عليهن اه تفسير ابن كثير 3/ 501.

و إن (1) كان ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قد روى أنها منسوخة بما تقدّم، فقد روى عنه أنها محكمة، و قال: نهى اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم أن يتزوج بعد نسائه الأول (2) شيئا (3) اه.

و كذلك قال قتادة: لما اخترن اللّه و رسوله و الدار الآخرة قصره اللّه عليهن و قصرهن عليه.

فقال عزّ و جلّ: لا تحل لك النساء من بعد أي من بعد التسع اللواتي مات عنهن (4).

و قال أبي بن كعب: وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ معناه: ليس لك أن تطلقهن بعد أن اخترن اللّه و رسوله اه.

و قيل: معنى (من بعد) أي من بعد هذه القصة، و السبب المتقدّم الذكر. و قال مجاهد و ابن جبير: إنما حرّم عليه نكاح الكتابيات، لأنهن كوافر، لئلا يكن أمهات للمؤمنين.

و معنى (من بعد) أي من بعد المسلمات، أي من بعد نكاحهن (5).

ص: 796


1- سقطت الواو من د و ظ.
2- في ظ: الأولى.
3- أخرجه ابن جرير في جامع البيان: 22/ 28 دون تصريح بالأحكام و ذكره ابن الجوزي بسنده عن ابن عباس و الحسن. نواسخ القرآن ص 432 و عزاه السيوطي إلى ابن مردويه عن ابن عباس. الدر المنثور 6/ 637 قال ابن الجوزي: و هذا قول ابن سيرين و أبي إمامة بن سهل و أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث و السدي اه.
4- أخرجه ابن جرير عن قتادة. جامع البيان 22/ 28، و انظر الإيضاح ص 386، و أحكام القرآن للجصاص 3/ 368.
5- انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 247. و قد أورد مكي هذه الأقوال عن أبي بن كعب، و مجاهد و ابن جبير انظر الإيضاح ص 387 و أخرج قول مجاهد: ابن جرير الطبري بنحوه و رده. انظر جامع البيان 22/ 30. قال النحاس: و هذا بعيد، لأنه يقدره: من بعد المسلمات، و لم يجر للمسلمات ذكر اه المصدر السابق. و انظر تفسير القرطبي: 14/ 220.
سورة سبأ

ليس فيها نسخ.

و قوله عزّ و جلّ قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا .. (1).

زعم قوم أنها منسوخة بآية السيف (2).

و قد تقدّم القول في مثله.

ص: 797


1- سبأ (25). و تمامها .. وَ لا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
2- قاله ابن حزم ص 51 و ابن سلامة ص 259، و ابن البارزي ص 45، و الكرمي ص 170. و ذكره ابن الجوزي عن المفسرين و رده بقوله: قال المفسرون: المعنى: لا تؤاخذون بجرمنا، و لا نسأل عما تعملون من الكفر و التكذيب و المعنى: إظهار التبري منهم، قالوا: و هذا منسوخ بآية السيف. و لا أرى لنسخها وجها، لأن مؤاخذة كل واحد بفعله لا يمنع من قتال الكفار اه نواسخ القرآن ص 434. قلت: و زيادة على ذلك فإن الآية خبرية، و قد سبق مرارا أن الأخبار لا تنسخ. ثم أنه لا تعارض بينها و بين آية السيف، فهي تقرر أن كل إنسان مرهون بعمله و مأخوذ به.
سورة فاطر

ليس فيها نسخ.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (1) معناها: منسوخ بآية السيف (2).

و ليس كذلك، و قد تقدّم (3).

ص: 798


1- فاطر (23).
2- قاله ابن حزم ص 51، و ابن سلامة ص 260، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن و رده ص 435، و ابن البارزي ص 46، و الكرمي ص: 171.
3- راجع على سبيل المثال الموضعين الثاني و السادس من سورة الأنعام، و الموضع الأول من سورة هود- عليه السلام- و الكلام على الآية 89 من سورة الحجر و الموضع الثاني من سورة النحل، و راجع النسخ في القرآن 1/ 429.
سورة يس

لا نسخ فيها.

(و لا بصحيح) (1) قول من قال: (فلا يحزنك قولهم) (2) نسخ بآية السيف (3).

ص: 799


1- هكذا في الأصل: و لا بصحيح. و في بقية النسخ: و ليس بصحيح و هي الصواب.
2- سورة يس (76).
3- ذكر نسخها بآية السيف ابن سلامة و لم يرتضه ص 260، و ذكره ابن البارزي ص 46. و لم أقف على من ذكر دعوى النسخ في هذه الآية غيرهما، و هذا دليل الضعف، و أنه لا يلتفت إلى القول به، و الآية تحمل في طياتها تطمينا و تسلية للرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و تخفف العب ء الثقيل الذي يشعر به من تكذيبهم له و رميهم له بالسحر و الكهانة و غيرهما، و هذه سنة اللّه في أنبيائه و الدعاة إليه إلى يوم القيامة، و اللّه الموفق و الهادي إلى سواء السبيل.
سورة و الصافات

سورة و (1) الصافات

ليس فيها نسخ.

و قوله عزّ و جلّ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ* وَ أَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (2)، و كذلك وَ تَوَلَّ (3) عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (4)* وَ أَبْصِرْ .. (5) زعم قوم أن الآيات الأربع نسخن بآية السيف (6).

ص: 800


1- في ظ: سورة الصافات.
2- الصافات: (174، 175).
3- في الأصل وظق: (فتول). خطأ.
4- كلمة (حين) سقطت من الأصل. و وضع الناسخ سهما لإضافتها في الحاشية لكنها لم تظهر.
5- الصافات: (178، 179).
6- زعم ذلك ابن حزم ص 52، و ابن سلامة ص 261، و ابن البارزي ص 46 و حكاه القرطبي: 15/ 139، و فصل في ذلك الكرمي فقال: قال ابن عباس: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ يعني الموت. قال: فعلى هذا تكون الآية منسوخة، قال مقاتل: نسخها آية القتال اه. و قال السدي: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أي حتى تؤمر بالقتال اه. فعلى هذا تكون الآية محكمة اه من قلائد المرجان ص 172. قلت: و على كل حال فالآية محكمة، لأن الأمر بالتولي مغيا إلى غاية كقوله تعالى فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ الآية 109 من سورة البقرة. و قد سبق أن قال المصنف عند هذه الآية: فحمل هذا على أنه محكم أولى. انظر ص 594 من هذا الكتاب. هذا و قد ذكر ابن الجوزي أقوال المفسرين في هذه الآيات، و مال إلى القول بإحكامها. نظر نواسخ القرآن ص 436، 438، و راجع النسخ في القرآن 2/ 526.

و ليس كذلك (لأنه) (1) قد بينت أنه صلّى اللّه عليه و سلّم لم يكن قادرا على قتالهم فيؤمر بتركه، ثم جاءت آية السيف آمرة بالقتال. ا

ص: 801


1- هكذا في الأصل: لأنه. و في بقية النسخ: لأني. و هو الصواب.
سورة ص

لا نسخ فيها.

و قوله عزّ و جلّ: اصْبِرْ (1) عَلى ما يَقُولُونَ (2)، زعموا أنه منسوخ بآية السيف (3) و قد قدمت (4) إبطاله (5).

و كذلك (6) قوله عزّ و جلّ إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (7).

ص: 802


1- في النسخ (فاصبر) خطأ في الآية.
2- سورة ص (17).
3- ذكره مكي في الإيضاح و سكت عنه ص 391. و ذكره النحاس، ثم قال: و قد يجوز أن يكون هذا غير منسوخ، و يكون هذا تأديبا من اللّه له، (و أمر) لأمته بالصبر على أذاهم، لأن التقدير اصبر على ما يقولون مما يؤذونك به .. اه. الناسخ و المنسوخ ص 251 و استدل على ذلك بسياق الآيات التي تتحدث عن مؤاذاتهم له صلّى اللّه عليه و سلّم و استهزائهم و إنكارهم لما جاء به وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ الآية 16 من السورة نفسها. كما ذكر دعوى النسخ هنا ابن البارزي ص 46، و القرطبي في تفسيره 15/ 158، و ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 110.
4- في د و ظ: و قد تقدم.
5- راجع على سبيل المثال الموضع الرابع عشر من سورة آل عمران. و كلام المصنف في آخر سورة الأنعام، و رده على الذين جعلوا آية السيف ناسخه ل (114) آية، و منها الآيات التي تأمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بالصبر و تحمل الأذى.
6- في د و ظ: بدون واو.
7- سورة ص 70، و لم يلتزم المصنف الترتيب بالنسبة للموضع الآتي.

قالوا: معناها منسوخ بآية السيف (1)، و ليس كذلك.

و كذلك قوله عزّ و جلّ: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ (2).

قالوا: هو منسوخ بتحريم ذلك بالإجماع و بالسّنة، و هذا خلف من القول و إنما (3) حكى اللّه عزّ و جلّ ذلك عن نبيه، و لم يشرّع ذلك لنا، ثم ينسخ بسنة و لا بإجماع (4).

و قوله عزّ و جلّ وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً (5) فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ (6) زعم قوم أن ذلك منسوخ. قالوا: و قال به مالك بن أنس- رحمه اللّه-.

و قال: البر بأتم الافعال، و الحنث بأقلها احتياطا للدين، فلا يجزئ عن مائة ضربة، ضربة واحدة بمائة قضيب (7) اه.

و قال مجاهد و غيره: هذا حكم خص به أيوب عليه السلام (8)- اه.

ص: 803


1- حكاه ابن حزم ص 52، و ابن سلامة ص 262، و ابن البارزي ص 46، و الكرمي ص 173. و أما ابن الجوزي فقد رد على القائلين بالنسخ و وصفهم بقلة الفهم و رجح أنّ الآية محكمة ... الخ. انظر نواسخ القرآن ص 439، و راجع كلام السخاوي على الآية رقم 89 من سورة الحجر.
2- سورة ص (23). و أولها رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ .. الآية.
3- في بقية النسخ بدون واو.
4- قال النحاس: من العلماء من قال: أبيح هذا، ثم نسخ و حظر علينا. فقال الحسن: قطع سوقها و أعناقها فعوضه اللّه مكانها خيرا منها و سخر الريح اه. و أحسن من هذا القول ما رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: طفق مسحا، يمسح أعناقها و عراقيبها حبا لها. و هذا أولى، لأنه لا يجوز أن ينسب إلى نبي من الأنبياء أنه عاقب خيلا و لا سيما بغير جناية منها، إنما اشتغل بالنظر إليها ففرط في صلاته فلا ذنب لها في ذلك اه الناسخ و المنسوخ ص 252. و كذلك ذكر مكي في الإيضاح ص 391. و راجع أقوال المفسرين و اختلافهم في معنى هذه الآية بتوسع في تفسير الطبري 23/ 156، و القرطبي 15/ 195، و زاد المسير: 7/ 130.
5- سيشرح المصنف معنى (الضغث) قريبا.
6- سورة ص (44).
7- انظر: الإيضاح ص 392، و راجع نحوه في المدونة للإمام مالك: 2/ 140.
8- انظر: الإيضاح ص 392، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 252. قال النحاس: و أهل المدينة إلى هذا القول يميلون اه و قال ابن العربي: روى ابن زيد عن ابن القاسم عن مالك: (من حلف ليضربن عبده مائة، فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر.) قال: و كذلك روي عن عطاء أنها لأيوب خاصة. انظر أحكام القرآن 4/ 1652، و راجع أحكام القرآن للجصاص 3/ 382.

قال (1) بعض مصنفي الناسخ و المنسوخ (2): و جعل الشافعي الآية محكمة عامة (معمول) (3) بها، قال: و هو قول عطاء (4).

و (أ) (5) جاز مالك في الرجل يحلف ليضربن عبده عشر ضربات أن يضربه ضربة واحدة بعشرة قضبان (6).

و جعل الآية محكمة غير منسوخة و لا مخصوصة (7).

قال: و هذا مذهب يدلّ على أن شريعة من قبلنا لازمة لنا، حتى يأتي نص (ينقلها) (8) عنها.

و قال: و هذا مذهب يتناقض (9)، لأن شرائع من قبلنا مختلفة في كثير من الأحكام و الهيئات و الرتب و الأعداد، و غير ذلك من تحريم، و تحليل، كما قال عزّ و جلّ: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً (10).

ص: 804


1- في د و ظ: و قال. و في ظق: كما قال.
2- و هو مكي بن أبي طالب.
3- هكذا في الأصل: معمول بها. خطأ نحوي. و في بقية النسخ (معمولا) و هو الصواب.
4- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 252. قال الكيا الهراسي الشافعي: و هو قول الشافعي، و مذهب أبي حنيفة و محمد و زفر. و قال مالك: لا يبر، و رأى أن ذلك مختصا بأيوب، و قال: لا يحنث. و إذا قال: افعل ذلك و لا تحنث، علم أنه جعله بارا إذ لا واسطة اه. أحكام القرآن 2/ 361
5- سقطت الهمزة من الأصل. و في بقية النسخ: و أجاز. و هو الصواب.
6- قال الشوكاني: و قد اختلف العلماء هل هذا خاص بأيوب أو عام للناس كلهم؟ و أن من حلف خرج عن يمينه بمثل ذلك، قال الشافعي: إذا حلف ليضربن فلانا مائة جلدة أو ضربا و لم يقل: ضربا شديدا و لم ينو بقلبه، فيكفيه مثل هذا الضرب المذكور في الآية، حكاه ابن المنذر عنه و عن أبي ثور و أصحاب الرأي اه فتح القدير: 4/ 437.
7- انظر: نحوه في أحكام القرآن للشافعي 2/ 117.
8- هكذا في الأصل: ينقلها عنها، و في بقية النسخ: ينقلنا عنها. و هو الصواب.
9- في ظ: تناقض.
10- المائدة (48).

قال: و إذا كانت مختلفة في التحريم و التحليل، فكيف يلزمنا تحريم شي ء و تحليله في الحال الواحدة؟.

و لأن الشرائع مختلفة، فبأي شريعة يلزمنا العمل؟ إذ لا سبيل إلى العمل بالجميع (1) لاختلافها.

و أما قوله عزّ و جلّ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ (2)، فإنما أراد الإيمان باللّه و ملائكته و كتبه و رسله، و ما لا يختلف (3) فيه الأديان، إذ غير جائز أن يكون المراد: فبشرائعهم اقتد.

قال: فإن ادعى مدع أن أيوب- عليه السلام- بر بذلك من يمينه، و أنه إجماع من شرائع الأنبياء، فيلزمنا فعله، سئل عن الدليل، فلا يجد (4) إليه سبيلا. و قال:

و اختلف أصحاب مالك في مذهبه، فمنهم من قال: مذهبه العمل بشريعة من قبلنا، لأنه قد احتج بقوله عزّ و جلّ وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها .. (5) الآية و منهم من قال: ليس ذلك مذهبه، لأنه لم يخرج الحالف بمثل يمين أيوب- عليه السلام- بمثل ما برّ به في يمينه.

قال: و الذي عليه أكثر أصحابه (6) أن ما قصّ اللّه علينا من شرائع من كان قبلنا و لم ينسخه قرآن و لا سنّة، و لا افترض علينا ضده، فالعمل به واجب نحو قوله تعالى وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ ....

قال: و قد اعترض على هذا القول بقصة أيوب- عليه السلام- في بره بضربة فيها مائة قضيب، و لا يقول به مالك، و اعترض بقصة موسى- عليه السلام (7)- في تزويج

ص: 805


1- في د: الجميع.
2- الأنعام (90) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ .. الآية.
3- في ظق: تختلف. و هي أفصح.
4- في د و ظ: فلا نجد.
5- المائدة (45) وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ .. الآية هذا و قد سبق أن رجح السخاوي أن لنا شرعة تخالف شرعتهم و منهاجا يخالف منهاجهم، و ذلك أثناء حديثه عن قوله تعالى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ .. الآية 178 من سورة البقرة. و سيزيد المصنف الأمر توضيحا قريبا، أي في حديثه عن هذه الآية.
6- في د و ظ: أكثر الصحابة. و هو خطأ فاحش.
7- يريد ما قصه اللّه تعالى علينا في كتبه بقوله: قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ .. الآية 27 من سورة القصص.

احدى (1) الابنتين من غير تعيين (2) اه.

و أقول (3): إن مالكا- رحمه اللّه- إذا قال بنسخ هذه الآية، فهو يقول: بأن شريعة من قبلنا لازمة لنا، و إلّا فأي حاجة أن يجعل (4) الآية منسوخة؟.

و أما الشافعي- رحمه اللّه- فما حجته فيما صار إليه- في أن (5) من حلف ليضربن عشر ضربات فضرب (بعشر) (6) قضبان أنه يخرج من يمينه- إلّا أنه رأى أن عشرة قضبان يصيب كل واحد منها (7) المضروب، هي كعشر ضربات، لا فرق بين ذلك، كما لو كان في (يديه قضبان (8) فضرب بهما مرة واحدة بكلتا يديه، أن ذلك مساو لضربة بيده الواحدة مرتين، و كما (9) لو ضربه عشرة (10) في مرة واحدة كان ذلك بمنزلة عشر ضربات من واحد، لا فرق بين ذلك، و ليست الآية بحجة لما ذهب إليه، لأن الآية لم يشترط فيها أن تصيب (11) جميع قضبان الضغث جسم المضروب، و الشافعي- رحمه اللّه- يشترط ذلك.

فإن قيل: فقد (12) جاء في الكلام في هذه المسألة ما يدل على اعتقادهم أن الشافعي- رحمه اللّه- إنما بنى الكلام فيها على الآية. (1) في ظ: في تزويج في إحدى!

(2) انظر: الإيضاح بلفظه ص 393- 395.

قلت: أما الاعتراض بقصة تزويج موسى- عليه السلام- فليس في مكانه فقد قال القرطبي: هذا يدل على أنه عرض لا عقد، لأنه لو كان عقدا لعين المعقود عليها له، لأن العلماء- و إن كانوا قد اختلفوا في جواز البيع إذا قال: بعتك أحد عبدي هذين بثمن كذا- فإنهم اتفقوا على أن ذلك لا يجوز في النكاح، لأنه خيار، و شي ء من الخيار لا يلصق بالنكاح ... إلى أن قال: أما التعيين فيشبه أنه كان في ثاني حال المراوضة و إنما عرض الأمر مجملا و عين بعد ذلك اه الجامع لأحكام القرآن 13/ 272.

(3) في بقية النسخ: فأقول.

(4) في د و ظ: أن تجعل.

(5) في د و ظ: في أن أي من حلف.

(6) هكذا في الأصل بعشر قضبان. و في بقية النسخ: بعشرة قضبان و هو الصواب.

(7) في د و ظ: منهما.

(8) هكذا في الأصل قضبان و في بقية النسخ قضيبان و هو الصواب.

(9) في د و ظ: كما. بدون واو.

(10) أي كما لو ضربه عشرة رجال أو أشخاص مرة واحدة.

(11) في د و ظ: أن يصيب. و في الأصل: غير واضحة.

(12) في د و ظ: فما جاء.

ص: 806

قال أبو حامد (1): إذا قال لأضربنك مائة خشبة حصل البرّ بالضرب بشمراخ عليه مائة من القضبان.

قال: و هذا بعيد على خلاف موجب اللفظ، قال اللّه تعالى وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ (2) بِهِ وَ لا تَحْنَثْ في قصة أيوب- عليه السلام- ثم لا بد أن يتثاقل على المضروب بحيث تنكبس (3) به القضبان (4) حتى يكون لكل واحد أثر، و لا بأس أن يكون وراء حائل، إذا كان لا يمنع التأثير أصلا.

و فيه وجه: أنه لا بد من ملاقاة الجميع بدنه، و لا يكفي انكباس البعض على البعض قال: ثم لو شككنا (5) في حصول (التنقل (6) و المماسة)- أن شرطناها-: قال الشافعي: حصل البرّ، و نص أنه لو قال: لا أدخل الدار إلّا أن يشاء زيد، ثم دخل، و مات زيد، و لم يعرف أنه شاء أم لا: حنث.

فقيل: قولان بالنقل و التخريج، لأجل الاشكال (7).

و قيل: الفرق أن الأصل عدم المشيئة، و لا سبب يظن به وجودها، و للضرب هاهنا سبب ظاهر.

قال: و لو قال: مائة سوط بدل الخشبة، لم يكفه الشماريخ، بل عليه أن يأخذ مائة سوط و يجمع و يضرب دفعة واحدة.

و منهم من قال: يكفيه الشماريخ، كما في لفظ الخشبة، أما إذا قال: لأضربن مائة ضربة لا يكفي الضرب مرة واحدة بالشماريخ.

ص: 807


1- هو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد، تفقه على إمام الحرمين، و برع في علوم كثيرة، و له مصنفات كثيرة منتشرة في فنون متعددة، و كان من اذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، و كان فيلسوفا متصوفا، عمل مدرسا في المدرسة النظامية في بغداد، ثم ارتحل إلى دمشق و بيت المقدس، و عاد إلى بلده، مولده و وفاته في طوس في خراسان (450- 505 ه). انظر: البداية و النهاية: 12/ 185، و الإعلام: 7/ 22.
2- في د: فالضرب.
3- أي حتى تصيب كلها جسده.
4- في د: الضبان. و في ظ: لا تقرأ.
5- في د: شكنا.
6- هكذا في الأصل: التنقل و المماسة. و في بقية النسخ: التثقيل أو المماسة. و هو الصواب.
7- يعني الأخذ بالنصوص المنقولة إلينا التي تفيد إقامة الحدود، أو اللجوء إلى المخرج و الحيلة إذا وجدت أسباب ذلك لرفع الإشكال، و بهذا نكون قد عملنا بهذا و ذاك. و اللّه أعلم.

فاستبعاده ذلك الحكم من الآية، يدل على أن الآية هي الأصل في ذلك (1) اه.

قلت: لا يليق نسبة مثل هذا إلى الشافعي- رحمه اللّه- و كيف تكون الآية عنده الأصل في هذه المسائل، و ليس في الآية (2) صورة يمين أيوب- عليه السلام- إنما فيها (3) صورة خروجه من اليمين، و هذه الأحكام تختلف باختلاف (4) صورة اليمين و نحن لا ندري هل حلف أيوب- عليه السلام- ليضربن مائة ضربة أو مائة سوط أو مائة عصا أو مائة خشبة؟ ثم إن صورة خروجه من اليمين أيضا غير مذكورة في الآية.

إنما قال عزّ و جلّ: وَ (5) خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً، و الضغث: الحزمة الصغيرة، إما من النبات أو من قضبان الشجر، فأين شرط المماسة أو الانكباس (6)؟.

و على الجملة فليست الآية من هذه المسائل في شي ء، و لا يصح أن يقال: إنها منسوخة، و كيف تنسخ و هي خبر عما أمر اللّه به أيوب- عليه السلام- و رخّص له فيه (7) رحمة منه بالحالف و المحلوف عليه، و إن كانت منسوخة فأين الناسخ؟.

أ يجوز أن يكون الناسخ لها قول إمام من الأئمة بخلافها، مع أنها خبر لا يجوز نسخه؟

و أما شريعتنا فناسخة لجميع الشرائع، و لا يلزمنا العمل بشي ء من شرائع من قبلنا و لو قصّ علينا، و إنما عملنا بما فرض اللّه لنا و أمرنا به.

و قوله تعالى: وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... (8) الآية، لم يلزمنا ما فيها، لأن اللّه عزّ و جلّ كتبه عليهم في التوراة، و إنما ألزمنا ذلك بما أنزله إلينا، كقوله (9)

ص: 808


1- انظر: النص في كتاب الوجيز لأبي حامد الغزالي: 2/ 231. و راجع شرح منح الجليل: 1/ 660.
2- في د و ظ: و ليس في هذه الآية.
3- كلمة (فيها) ليست في د و ظ.
4- في د: يختلف اختلاف. و في ظ. يختلف باختلاف.
5- سقطت الواو من بقية النسخ.
6- حصل تديم و تأخير في د و ظ: فمن قوله: (فأين) إلى قوله (الانكباس) جاءت بعد قوله: (في شي ء).
7- في بقية النسخ: فيه له.
8- المائدة (45)، و تقدمت قريبا.
9- في د و ظ: لقوله.

عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى (1).

و بما حكم به نبينا صلّى اللّه عليه و سلّم في ذلك، و قد قال اللّه عزّ و جلّ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ (2) أي (3) أنهم يهوون أن تحكم بشريعتهم فلا تحكم بها لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً .. (4) إلى آخر الآية.

ثم (5) قال عزّ و جلّ بعدها (6): وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ (7).

و أما قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (8)، فإنما معناه: أن شريعتك هذه هي ملّة إبراهيم، فاتبعها.

و قال عزّ و جلّ: وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ (9).

فمعنى قوله عزّ و جلّ: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ أي اتبعوا ملّتكم هذه، فهي ملّة أبيكم إبراهيم.

و قد عد قوم هذه الآية من المتشابه، و ليس كذلك، و إنما أشكل عليهم عود الضمير و المعنى:- و اللّه أعلم- أن قوله: (هو اجتباكم) عائد إلى (ربّكم)، و قوله لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ متعلّق به، و قوله عزّ و جلّ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ عائد أيضا إلى ما عاد إليه الضمير الأول، أي سمّاكم فيما تقدم من الزمان لأنبيائه، و فيما أنزله من كتبه، (و في هذا): أي و في زمانكم (10).

ص: 809


1- البقرة (178).
2- المائدة (48).
3- كلمة (أي) ساقطة من د و ظ.
4- جزء من الآية نفسها، و تمامها .. وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.
5- (ثم) غير واضحة في ظ.
6- كلمة (بعدها) ساقطة من د و ظ.
7- المائدة (49).
8- النحل (123).
9- الحج (78).
10- راجع تفسير الطبري: 17/ 209، 208، و الكشاف: 3/ 24 و البحر المحيط: 6/ 391، و إملاء ما من به الرحمن: 4/ 49 بهامش الفتوحات الإلهية، و تفسير القرطبي: 12/ 101.
سورة الزمر

ليس فيها نسخ (1).

و زعم قوم أن قوله عزّ و جلّ: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (2) منسوخ بآية السيف (3).

و كذلك قوله عزّ و جلّ: وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (4)، و ليس ذلك بمنسوخ، و القول فيه كما تقدّم.

ص: 810


1- في ظ: ليس فيها ناسخ.
2- الزمر (39).
3- ذكره ابن حزم ص 53، و ابن سلامة ص 265، و نسبه مكي إلى ابن عباس- رضي اللّه عنهما-. و قال: هذا تهديد و وعيد لا يحسن نسخه اه. الإيضاح ص 397 و كذلك رده ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 442. و ممن ذكر النسخ هنا ابن البارزي ص 47، و الكرمي ص 176، و الفيروزآبادي 1/ 405، و قد سبق أن ذكر المصنف موضعا شبيها بهذا ورد القول بالنسخ فيه انظر: الموضع الحادي عشر من سورة الأنعام ص 702.
4- الزمر (41). و قد ذكر النسخ هنا ابن سلامة و مكي و الكرمي و سكتوا عنه، و رده ابن الجوزي انظر المصادر السابقة. و سبق للمصنف أن رد على نظير هذا في الموضع الثاني من سورة الأنعام ص 697 و الموضع السادس من سورة يونس ص 731.

و قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً (1).

قال قوم: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ (2): إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ* (3) و ليس كما زعموا، و إنما المعنى: لا تقنطوا من رحمة اللّه عزّ و جلّ للذنوب التي ارتكبتموها في حال الكفر (4)، فإن الإسلام يمحوها، وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ ... إلى قوله عزّ و جلّ:

وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (5) و هذا خبر لا يجوز نسخه (6).

ص: 811


1- الزمر (53) قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ... الآية.
2- من قوله: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ... إلى (بقوله عزّ و جلّ) هذه العبارة أضيفت في حاشية ظ، لكنها كانت مبتورة.
3- النساء (48، 116) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ*.
4- هكذا قصرها المصنف على الذنوب التي ارتكبها الكفار في حال كفرهم و أرى أنه لا داعي لقصرها على ذلك، بل هي عامة في الكفر و النفاق و المعاصي، فاللّه تعالى وعد بغفران الذنوب لمن أسرف في ذلك ثم تاب و أناب. قال ابن كثير: «هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة و غيرهم إلى التوبة و الإنابة، و إخبار بأن اللّه تبارك و تعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها و رجع عنها، و إن كانت مهما كانت، و إن كثرت و كانت مثل زبد البحر، و لا يصح حمل هذه على غير توبة، لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه .. ثم سرد بعض الأحاديث المتعلقة بهذه الآية، التي تدل على سعة رحمة اللّه و فضله، إلى أن قال: و هذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة، و لا يقنطن عبد من رحمة اللّه، و إن عظمت ذنوبه و كثرت، فإن باب الرحمة و التوبة واسع ..» اه من تفسيره 4/ 58.
5- الزمر (54- 59).
6- راجع الإيضاح لمكي بن أبي طالب ص 398.
سورة المؤمن

سورة المؤمن (1)

ليس فيها نسخ.

و هي أول (آل حم) (2) نزولا، ثم التي تليها إلى انقضاء السبع، فهي في التأليف على حسب النزول عند قوم (3).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ* في الموضعين منها (4): إنه منسوخ بآية السيف (5)، و ليس كذلك، و قد سبق القول في ذلك (6).

ص: 812


1- و تسمى سورة غافر.
2- سبق الكلام على (آل حم) في فصل (منازل الإجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم) من هذا الكتاب ص 263.
3- راجع الكلام على ألقاب القرآن من هذا الكتاب ص 200 و انظر الناسخ و المنسوخ لابن سلامة ص 267.
4- الآيتان: 55، 77.
5- قاله ابن حزم ص 53، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن و رده ص 444، و ابن البارزي ص 47، و تعرض الكرمي للموضع الثاني فقط. انظر قلائد المرجان ص 178.
6- أي أن الأمر بالصبر لا ينسخ، و لا يتعارض مع آية السيف. راجع كلام المصنف على الموضع السادس عشر في آخر سورة الأنعام ص 705 و انظر: الموضع السابع من سورة يونس ص 731 و كذلك راجع كلام المصنف عند قوله تعالى فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ص 739.
سورة السجدة

سورة السجدة (1)

ليس فيها نسخ.

و قال ابن حبيب في قوله تعالى: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ (2): هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* (3).

و ليس هذا بمنسوخ كما (ذكروا) (4)، و قد تقدم القول في مثل هذا (5).

و كيف يظن من له تحصيل أن قوله عزّ و جلّ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، تفويض؟ و هذا قول مظلم، كيف ما تدبرته ازداد ظلمة، و مما فيه (أن) (6) كان لنا أن نعمل ما شئنا من غير مشيئة اللّه تعالى، ثم نسخ بأنا لا نشاء شيئا (7)، إلّا أن يشاء اللّه، و هذا ضرب من الهذيان.

ص: 813


1- و هو أحد أسمائها و تسمى سورة فصلت.
2- فصلت (40).
3- الإنسان (30)، و التكوير (29).
4- هكذا في الأصل: كما ذكروا. و في بقية النسخ: كما ذكر. و هو الصواب.
5- راجع كلام المصنف على الآية رقم 29 من سورة الكهف ص 755. و قد حكي مكي بن أبي طالب عن ابن حبيب القول بالنسخ. ثم قال: و حكي ابن حبيب أن بعض الناس قال: هو تهديد و وعيد، و ليس بتفويض، يريد أنه غير منسوخ، و هذا هو الصواب- إن شاء اللّه- اه انظر بقية كلامه في الإيضاح ص 401.
6- هكذا في الأصل: أن كان. و في بقية النسخ: أنه. و هو الصواب.
7- كلمة (شيئا) ليست في د و ظ.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (1) إنه منسوخ بآية السيف (2).

و ليس كذلك، إنما هذا (3) ندب إلى الحلم عند جهل الجاهل (4).

قال ابن عباس:- رضي اللّه عنهما- هما الرجلان يسبّ أحدهما الآخر، فيقول المسبوب للساب إن كنت صادقا فغفر اللّه لي، و إن كنت كاذبا فغفر اللّه لك، فيصير الساب كأنه صديق لك و قريب منك (5) اه.

و الحميم: الخاص بك، قاله أبو العباس محمد (6).

و قيل: الحميم: القريب، أي ادفع بحلمك جهل من جهل، و بعفوك إساءة المسي ء.

و قال ابن عباس: أمر اللّه المسلمين بالصبر عند الغضب، و بالعفو و الحلم عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم اللّه من الشيطان، و خضع لهم من أساء حتى يصير (كأنه ولي حميم) (7) اه.

ص: 814


1- فصلت: (34).
2- قاله ابن حزم ص 53 و ابن سلامة ص 168. قال ابن الجوزي: و قد زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف و ساق بسنده إلى السدي، قال: هذا قبل القتال. ثم قال ابن الجوزي: و قال أكثر المفسرين: هو كدفع الغضب بالصبر، و الإساءة بالعفو، و هذا يدل أنه ليس المراد بذلك معاملة الكفار. فلا يتوجه النسخ اه نواسخ القرآن ص 445. هذا و ممن ذكر دعوى النسخ هنا ابن البارزي ص 47، و الكرمي ص 179 و القرطبي في تفسيره 15/ 361.
3- في د و ظ: إنما هو.
4- انظر تفسير الطبري: 24/ 119.
5- أخرجه بنحوه ابن المنذر و ابن أبي حاتم و أبو نعيم عن أنس رضي اللّه عنه انظر: الدر المنثور: 6/ 113، 7/ 119. و أورده القرطبي عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما-. قال: و يروى عن أبي بكر أنه قال ذلك لرجل نال منه اه الجامع لأحكام القرآن 15/ 361.
6- هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي، أبو العباس المعروف بالمبرد، إمام العربية ببغداد في زمنه، و أحد أئمة الأدب و الأخبار، مولده بالبصرة و وفاته ببغداد (210- 286 ه). انظر: تاريخ بغداد: 3/ 373، و الإعلام: 7/ 144.
7- أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما-.جامع البيان: 24/ 119، و زاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي في سننه كلهم عن ابن عباس. انظر: الدر المنثور: 7/ 327، و راجع فتح القدير: 4/ 517. و ذكره ابن كثير عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. انظر: تفسيره 4/ 101، و راجع تفسير القرطبي: 15/ 362.

و قال مجاهد: «ادفع (بالإسلام) (1) إساءة من أساء إليك، تقول له إذا لقيته السلام عليكم» اه.

و قال عطاء مثل ذلك (2).

ص: 815


1- هكذا في الأصل: بالإسلام. و في بقية النسخ: بالسلام. و هو الصواب.
2- أخرجه ابن جرير عن مجاهد و عطاء. جامع البيان: 24/ 119. و رواه بنحوه ابن الجوزي بسنده عن مجاهد. نواسخ القرآن ص 446، و انظر الدر المنثور: 7/ 327.
سورة الشورى

ليس فيها نسخ.

و ما ذكروه عن (وهب) (1) بن منبه (2) أنه قال في قوله عزّ و جلّ:

1- وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ (3)غافر (7). الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ .. الآية.

و هذا الأثر رواه النحاس عن وهب بن منبه، و رده، و تأول كلام وهب بقوله: هذا لا يقع فيه ناسخ و لا منسوخ، لأنه خبر من اللّه تعالى، و لكن يجوز أن يكون وهب بن منبه أراد أن هذه الآية جاءت على نسخة تلك الآية لا فرق بينهما، و كذلك يجب أن يتأول للعلماء و لا يتأول عليهم الخطأ العظيم إذا كان لما قالوه وجه اه من الناسخ و المنسوخ بتصرف يسير ص 253.

و قد حذا ابن الجوزي حذو النحاس في الرد على دعوى النسخ هنا بعد عزوه إلى وهب بن منبه و السدي و مقاتل بن سليمان، و قال: إن هذا زعم قبيح، لأن الآيتين خبر، و الخبر لا ينسخ ثم ليس بين الآيتين تضاد لأن استغفارهم للمؤمنين استغفار خاص، لا يدخل فيه إلا من اتبع الطريق المستقيم، فلأولئك طلبوا الغفران، و الإعاذة من النيران و إدخال الجنان، و استغفارهم لمن في الأرض، لا يخلو من أمرين: أما أن يريدوا الحلم عنهم و الرزق لهم، و التوفيق ليسلموا، و أما أن يريدوا به، من في الأرض من المؤمنين، فيكون اللفظ عاما. و المعنى خاصا، و قد دل على تخصيص عمومه قوله: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، و الدليل الموجب يصرفه عن العموم إلى الخصوص أن الكافر لا يستحق أن يغفر له، فعلى هذا البيان لا وجه للنسخ .. اه. نواسخ القرآن ص 448، و راجع تفسير القرطبي: 16/ 4، 5.(4) هو منسوخ (بقوله عزّ و جلّ) (5) في سورة المؤمن وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (5).

ص: 816


1- اسم (وهب) سقط من الأصل.
2- وهب بن منبه بن كامل اليماني أبو عبد اللّه، ثقة و كان قاضيا على صنعاء مات سنة بضع عشرة و مائة. انظر تاريخ الثقات ص 467، و التقريب: 2/ 339.
3- الشورى
4- . .. وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ... الآية.
5- سقط من الأصل هذه العبارة (بقوله عز و جلّ).

و قيل: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا (1)، و هذا تفسير استغفارهم (2)، و ليس غير الأول (3).

و على الجملة فليس (4) هذا (5) بناسخ لما في (الشورى)، فإن استغفارهم للمؤمنين ليس بمعارض لقوله: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ و هذا خبر من اللّه عزّ و جلّ.

فلا يصح أن تتناقض (6) أخباره، و ينسخ بعضها بعضا.

و أيضا فإن سورة (المؤمن) نزلت قبل (الشورى) فيؤدي إلى أن اللّه عزّ و جلّ أنزل كلاما منسوخا حين أنزله.

2- و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (7) هو منسوخ بآية السيف (8).

و ليس (9) كذلك، و إنما المعنى: وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي آلهة يعبدونها

ص: 817


1- جزء من الآية السابقة 7 من سورة غافر.
2- في ظ: استفارهم.
3- و هذا هو الصحيح كما سبق في كلام النحاس و ابن الجوزي. و قال مكي: الصواب فيه أنه مخصوص و مبيّن بآية غافر، و ليس بمنسوخ بها». الإيضاح ص 403. و كان مكي قد بين هذا عند كلامه عن النسخ و التخصيص و مثل له بآيتي الشورى و غافر المذكورتين هنا. انظر الإيضاح ص 89.
4- في د: ليس بدون الفاء.
5- كلمة (هذا) ليست في د و ظ.
6- في د و ظ: فلا يصح أن يتناقض أخباره.
7- الشورى (6).
8- قاله ابن حزم ص 54، و ابن سلامة ص 269، و ابن الجوزي و رده في نواسخ القرآن ص 448، و ابن البارزي ص 49، و الكرمي ص 182. و قد سبق نظير هذه ورد المصنف على دعوى النسخ فيها. راجع على سبيل المثال الموضع الثاني و الثامن من سورة الأنعام و الموضع السادس من سورة يونس- عليه السلام- و الثالث من سورة الإسراء.
9- في د و ظ: فليس.

من دون اللّه، اللّه حافظ عليهم أعمالهم (1) يحصيها و يجازيهم عليها، وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ تحفظها عليهم، إنما أنت مبلغ و رسول و منذر، فعليك التبليغ، و الحساب على اللّه عزّ و جلّ (2).

3- و قالوا أيضا في قوله عزّ و جلّ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ ...... (3) إلى آخر الآية: منسوخ بآية السيف (4). و ليس كما قيل (5)، و هو خطاب لليهود و النصارى، أي: لنا جزاء أعمالنا، و لكم جزاء أعمالكم (لا حجة بيننا و بينكم).

و قال مجاهد و ابن زيد و غيرهما: لا خصومة (6) (7)، لأن الحق قد تبيّن لكم، فجدلكم- بعد ذلك فيما علمتم صحته-: عناد فلا نحاجكم فيما علمنا (إنكم تعلمون

ص: 818


1- كلمة (أعمالهم) ساقطة من ظ.
2- انظر: تفسير الطبري 25/ 8.
3- الشورى (15). .. لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ.
4- رواه النحاس بسنده عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. قال: الآية مخاطبة لليهود، أي لنا ديننا و لكم دينكم لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ أي لا خصومة، هذا لليهود، ثم نسختها قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الآية 29 من سورة التوبة، هذا قول، و القول الثاني أنها غير منسوخة .. الناسخ و المنسوخ ص 253. قلت: و جويبر هذا قد سبق أنه ضعيف سيّئ الحفظ. و أورد مكي النسخ عن ابن عباس و مجاهد بنحو ما رواه النحاس عن ابن عباس، ثم قال: و قيل: الآية محكمة غير منسوخة، و معناها: أن الحجج في صحة دين اللّه قد ظهرت، و براهين الإيمان قد تبينت فلا حجة بيننا و بينكم، أي الأمر الذي نحن عليه ظاهر الحق و الصواب لا يحتاج إلى حجة اه الإيضاح ص 403- 404. و كذلك حكى ابن الجوزي قولين فيها للمفسرين، أحدهما أنها منسوخة و هو نحو ما تقدم ذكره عن النحاس و مكي. و الثاني أنها محكمة، قال: و هو الصحيح اه نواسخ القرآن ص 449، 450. هذا و ممن حكى النسخ ابن سلامة ص 270، و القرطبي في تفسيره: 16/ 13، 14، و ابن البارزي ص 48، و الكرمي ص 182.
5- العبارة غير واضحة في ت.
6- من هنا حصل سقط كبير في (ظق) إلى أثناء الكلام على سورة المزمل.
7- رواه عنهما ابن جرير الطبري في جامع البيان 25/ 18.

صحة عناده و تنكرونه) (1)، (اللّه يجمع بيننا و بينكم) في الموقف (2).

4- و قالوا (3) في قوله عزّ و جلّ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ (4) هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ (5).

روي ذلك عن (6) الضحاك عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما (7)-.

و ليس بين الآيتين نسخ، و هما محكمتان، و هذا خبر، و الخبر من اللّه عزّ و جلّ لا ينسخ.

و لا تعارض بين الآيتين أيضا، لأن معنى قوله عزّ و جلّ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ إن شئنا (8)، لأن من المعلوم أن الأشياء إنما يفعلها بمشيئة اللّه تعالى (9) لا مكره له عليها،

ص: 819


1- هكذا: جاءت العبارة في الأصل (أنكم تعلمون صحة عناده و تنكروه) و لا معنى لها. و في بقية النسخ: إنكم تعلمون صحته و تنكرونه.
2- و هذا هو الصحيح، أي أن الآية محكمة و هو ما سبق أن حكاه مكي و رجحه ابن الجوزي، فالآية تبين أن كل إنسان مسئول عن عمله و محاسب عليه، و عند ما يجمع اللّه الخلائق في عرصات القيامة و يحكم بينهم، يظهر عندئذ أهل الحق من أهل الباطل، و هذا أمر لا يقبل النسخ بحال من الأحوال، و اللّه أعلم.
3- كلمة (و قالوا) غير واضحة في ظ.
4- الشورى (20) و تمامها ... وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ.
5- الإسراء (18).
6- (عن) ليست في د و ظ.
7- هذا الأثر المروي عن الضحاك عن ابن عباس، رواه النحاس و في سنده جويبر تلميذ الضحاك، و قد سبق التنويه عنه مرارا بأنه ضعيف. و بناء عليه فيسقط الاستدلال به في مثل هذه الدعوى ثم أن النحاس- رحمه اللّه- بعد أن روى القول بالنسخ، قال: و القول الآخر أنها غير منسوخة. و هو الذي لا يجوز غيره .. اه الناسخ و المنسوخ ص 254. و قد اختار الإحكام في هذه الآية مكي بن أبي طالب و ابن الجوزي انظر: الإيضاح ص 404، و نواسخ القرآن ص 246، 450. و ما قاله المصنف- رحمه اللّه- من الرد على دعوى النسخ، فيه ما يشفي و يكفي. هذا و ممن ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص 54، و ابن سلامة ص 271، و ابن البارزي ص 48، و ذكر الكرمي فيها القولين- أعني الإحكام و النسخ- انظر: قلائد المرجان ص 183.
8- حصل شطب في بعض العبارات هنا في (ت).
9- في د و ظ: إنما يفعلها بمشيئة و لا مكره له عليها.

فمعنى الآيتين أيضا واحد، فإن (سبحان) (1) نزلت قبل (الشورى) فإن كانت آية ناسخة لآية بعدها فالآية الثانية نزلت منسوخة، و إذا نزلت منسوخة سقطت فائدتها، هذا لو كان ذلك في الأحكام فكيف في الأخبار التي لا يجوز نفسها، و في هذه (2) الرواية عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- نظر.

و قال بعض العلماء: معنى قول ابن عباس- رضي اللّه عنهما- في هذا و نظيره- إن صح قولهم عنه- إنه ناسخ و منسوخ، أي هو على نسخته، أي مثله في المعنى و إن لم يكن مثله في اللفظ.

و لا يعجبني هذا التأويل (3).

5- و قالوا في قوله عزّ و جلّ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (4) هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ في سورة (سبأ): قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ (5)، و هذا غير صحيح، لأن (سبأ) نزلت قبل (الشورى) فتكون آية الشورى قد نزلت منسوخة.

ص: 820


1- في بقية النسخ فمعنى الآيتين واحد أيضا فإن (سبحان) .... الخ.
2- في ظ: و في هذا الرواية.
3- سبق قريبا ذكر كلام للنحاس نحو هذا المعنى، ذكره معتذرا به عن العلماء الذين روي عنهم مثل هذا، و مدافعا عنهم. ص 816. و انظر: الناسخ و المنسوخ ص 253.
4- الشورى (23).
5- سبأ (47). و القول بالنسخ هنا رواه النحاس بسند ضعيف عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- ص 254. و أورده ابن الجوزي عن ابن عباس كذلك. قال: و إلى هذا ذهب مقاتل، و هذا على أن الاستثناء من الجنس فعلى هذا يكون سائلا أجرا، قال: و القول الثاني: أنه استثناء من غير الأول، لأن الأنبياء- عليهم السلام- لا يسألون على تبليغهم أجرا و إنما المعنى: لكني أذكركم المودة في القربى، و قد روى هذا المعنى جماعة عن ابن عباس، منهم طاوس و العوفي ثم ساق بسنده إلى طاوس عن ابن عباس قال: لم يكن بطن من قريش إلّا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيهم قرابة، فنزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى إلا أن تصلوا قرابة ما بيني و بينكم هذا هو الصحيح، و لا يتوجه على هذا نسخ أصلا اه. من نواسخ القرآن ص 451. قلت: و هكذا رواه البخاري بنحوه و ابن جرير. انظر: صحيح البخاري 8/ 564، مع شرحه فتح الباري و تفسير الطبري: 25/ 23.

و معنى قوله ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ: أي إني لا أسألكم أجرا فإن سألتكم أجرا فخذوه فهو لكم.

و قوله (1): إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى لا يعارض هذا و لا ينافيه (2). و قيل:

معناه: ما أسألكم من أجر إلّا هو لكم و عائد بنفعه عليكم، و هو الإيمان و الإسلام، و طاعة اللّه عزّ و جلّ، فتكون الآية على هذا في معنى إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى لأن المودة في القرابة يلزمهم كما يلزمه، فإذا سألهم المودة في القربى فقد سألهم ما هو لهم، و ما نفعه لهم، و ذلك أن بطون قريش كلها بينها و بينه صلّى اللّه عليه و سلّم قرابة، فما سألهم على ما جاء به من الهدى و الفوز و النجاة، إلّا مودتهم وصلة الرحم بينهم و بينه، و لا خفاء أن ذلك راجع بالنفع عليهم فالذي (3) سألهم هو لهم.

و قيل: أن الأنصار افتخرت بأفعالها على قريش، فقال بعض عترة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:

لنا الفضل عليكم، فقال لهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا معشر الأنصار، أ لم تكونوا أذلة فأعزكم اللّه بي؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه فقال: أ لم تكونوا ضلالا فهداكم اللّه بي؟ قالوا:

بلى يا رسول اللّه، قال: أ فلا تجيبونني؟ قالوا: ما نقول (4) يا رسول اللّه؟ قال: أ لا تقولون: أ لم يخرك قومك فآويناك؟ أ لم يكذبوك فصدقناك؟ أ لم يخذلوك فنصرناك؟ فما زال يقول حتى جثوا على الركب، و قالوا: أموالنا و ما في أيدينا للّه و لرسوله فنزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (5).

ص: 821


1- كلمة (و قوله) مطموسة في ظ.
2- قال القرطبي- نقلا عن الثعلبي- و القول بالنسخ ليس بالقوي، و كفى قبحا بقول من يقول: إن التقرب إلى اللّه بطاعته و مودة نبيه صلّى اللّه عليه و سلّم و أهل بيته منسوخ .. اه الجامع لأحكام القرآن 16/ 22. و انظر: تفسير البغوي و الخازن حيث لم يرتضيا القول بالنسخ، و قالا: لا يجوز المصير إليه اه 6/ 101، 102.
3- في د و ظ: و الذي.
4- في د: برسول اللّه.
5- انظر: صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الطائف 8/ 43، بشرح ابن حجر، و صحيح مسلم كتاب الزكاة باب إعطاء المؤلفة و من يخاف على إيمانه 7/ 157، و تفسير الطبري: 25/ 25، و اللفظ له. و تفسير القرطبي: 16/ 24. قال القرطبي:- عقيب ذكره لهذا السبب- و قال قتادة: قال المشركون لعل محمدا- فيما يتعاطاه- يطلب أجرا، فنزلت هذه الآية ليحثهم على مودة أقربائه. قال الثعلبي: و هذا أشبه بالآية، لأن السورة مكية اه.

و هذا المعنى أيضا لا يعارض (آية) (1) (سبأ) لأن مودة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نفعها لهم، على أن هذا التأويل يعترض عليه، أن السورة مكّية و المعنى الأول أحسن و عليه العلماء.

و قال ابن عباس: (المعنى: قل (2) لقريش: قل (3) لا أسألكم على ما جئتكم به أجرا إلّا أن تتوددوا إلى اللّه عزّ و جلّ و تتقرّبوا إليه بالعمل الصالح).

و كذلك قال الحسن: إلّا التقرب إلى اللّه عزّ و جلّ و التودد إليه بالعمل الصالح (4).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (5) إنه منسوخ بآية السيف (6).

ص: 822


1- كلمة (آية) سقطت من الأصل.
2- كلمة (قل) هذه مكررة في ظ.
3- (قل) هذه: ليست في بقية النسخ. و عدم وجودها أولى.
4- رواه ابن جرير بنحوه عن ابن عباس مرفوعا إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و عن الحسن موقوفا عليه. قال النحاس: و هذا أجمع الأقوال و أبينها، و هو قول حسن، فهذا المبيّن عن اللّه قد قال هذا، و كذا الأنبياء- عليهم السلام- قبله إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ* اه. الناسخ و المنسوخ ص 255. و انظر: جامع البيان 25/ 25، و راجع تفسير القرطبي 16/ 22، 23. هذا و ممن حكى في الآية القولين- أعني النسخ و الإحكام-، مكي بن أبي طالب ص 405، و ابن حزم ص 54، و ابن سلامة ص 273 و ابن البارزي ص 48، و الكرمي ص 183.
5- الشورى (39).
6- قال النحاس: زعم ابن زيد أنها منسوخة، قال: المسلمون ينتصرون من المشركين ثم نسخها أمرهم بالجهاد. و قال غيره: هي محكمة، و الانتصار من الظالم بالحق محمود ممدوح صاحبه، كان الظالم مسلما أو كافرا، روى أسباط عن الزهري .. قال: ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يتعدوا. و هذا أولى من قول ابن زيد، لأن الآية عامة اه. الناسخ و المنسوخ ص 255، و انظر تفسير الطبري: 25/ 38، و الإيضاح ص 405، و نواسخ القرآن ص 452. أما ابن حزم ص 55، و ابن سلامة ص 272، و ابن البارزي ص 48 فقد قالوا: إنها نسخت بقوله عز و جل وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ الآية 43 من السورة نفسها. و كذلك حكاه ابن الجوزي و الكرمي على أنه قول ثان في الآية. انظر نواسخ القرآن المصدر السابق، و قلائد المرجان ص 184. قال ابن الجوزي: فكأنها نبهت على مدح المنتصر، ثم أعلمنا أن الصبر و الغفران أمدح، فبان وجه النسخ. قال: و القول الثاني أنها محكمة، لأن الصبر و الغفران فضيلة و الانتصار مباح، فعلى هذا تكون محكمة، و هو الصحيح اه نواسخ القرآن ص 452.

و ليس كذلك.

قال النخعي: (كانوا يكرهون أن يذلّوا أنفسهم، فتجترئ عليهم الفساق) (1).

و هذا تأويل حسن به يظهر معنى الآية، لأن من كان بهذه المثابة استحق أن يثنى عليه، فلذلك أثنى اللّه عزّ و جلّ عليهم.

و قال السدي: (هو في كل باغ أباح اللّه عزّ و جلّ الانتصار منه) (2).

7- و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (3): نسخ بقوله عزّ و جلّ فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (4).

و هذا غير صحيح، لأن اللّه عزّ و جلّ حد لمن جازى من أساء أن لا يتجاوز المماثلة، و لم يحتّم عليه أن يجازي المسي ء، و لا أوجب ذلك عليه، ثم ندب إلى العفو بقوله سبحانه فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فأي نسخ في هذا (5)؟.

8- و كذلك قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ .. (6) الآية.

ص: 823


1- عزاه السيوطي بنحوه إلى سعيد بن منصور. و عبد بن حميد ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم كلهم عن إبراهيم النخعي. الدر المنثور: 7/ 357. و لم أجده في تفسير الطبري في مظانه، فاللّه أعلم. و قد أورده الكيا الهراسي الشافعي في أحكام القرآن 2/ 366، و كذلك ابن العربي 4/ 1669، و راجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 16/ 39.
2- رواه ابن جرير بسنده عن السدي قال: و هو أولى بالصواب .. جامع البيان 25/ 37.
3- الشورى (40).
4- جزء من الآية نفسها.
5- قال ابن الجوزي: زعم بعض من لا فهم له أن هذا الكلام منسوخ بقوله: فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، و ليس بقول من يفهم الناسخ و المنسوخ، لأن معنى الآية: أن من جازى مسيئا، فليجازه بمثل إساءته، و من عفا فهو أفضل اه. نواسخ القرآن ص 453. و راجع تفسير الطبري: 25/ 38، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 255.
6- الشورى (41، 42).

قالوا: هاتان الآيتان منسوختان بقوله عزّ و جلّ وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (1) (2)، و القول فيها كالقول في التي قبلها.

9- و من العجائب: قولهم: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ: إنه منسوخ. (3).

10- و قالوا: في قوله عزّ و جلّ .. وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ إلى قوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ (4). نسخ جميع ذلك بآية السيف (5).

و قد سبق من القول في ذلك ما فيه كفاية (6).

ص: 824


1- الشورى (43).
2- قاله ابن حزم ص 55، و ابن البارزي ص 48. و رده ابن الجوزي بقوله: زعم بعض من لا يفهم أنها نسخت بقوله تعالى: وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ .. الآية، و ليس هذا بكلام من يفهم الناسخ و المنسوخ، لأن الآية الأولى وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ .. تثبت جواز الانتصار، و هذه تثبت أن الصبر أفضل اه نواسخ القرآن ص 454. و راجع تفسير الطبري: 25/ 38، و الناسخ و المنسوخ للنحاس ص 256.
3- حكاه مكي، قال: قال ابن وهب عن ابن زيد: إنها منسوخة بقوله تعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ* المؤمنون: 96، و فصلت: 34 قال: و قيل: هي محكمة، و الانتقام من الظالم حسن .. اه الإيضاح ص 406.
4- الشورى (46- 48).
5- لم أقف على من قال بنسخ هذه الآيات، ابتداء من قوله تعالى: وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ .. و إنما تكلموا على نسخ قوله تعالى: ... فَإِنْ أَعْرَضُوا ... الآية، انظر الناسخ و المنسوخ لابن حزم ص 55، و ابن سلامة ص 172، و ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 454 و ابن البارزي ص 48، و الكرمي ص 184، و الفيروزآبادي: 1/ 419، و قد فسر الطبري الآية بما يؤيد إحكامها، ورد ابن الجوزي القول بنسخها انظر جامع البيان 25/ 43، و نواسخ القرآن ص 454.
6- راجع كلامه على قوله تعالى وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ آية 6 من هذه السورة ص 817 و هناك أحلت إلى بعض المواضع المتقدمة الشبيهة به.
سورة الزخرف

لا نسخ فيها.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (1).

و قوله عزّ و جلّ: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (2): نسختا (3) بآية السيف (4).

ص: 825


1- الزخرف: (83).
2- الزخرف: (89).
3- في د و ظ: نسخها.
4- قاله ابن حزم (ص 55) و ابن سلامة (ص 275) و ابن البارزي (ص 49) و الفيروزآبادي (1/ 422) و الكرمي (ص 185)، و حكى ابن الجوزي النسخ كذلك في الآيتين، ورد القول به في الآية الأولى كما رده في نظائرها. أما الآية الثانية فقال: إن النسخ فيها بآية السيف، مروي عن الضحاك عن ابن عباس قال: و هو مذهب قتادة و مقاتل بن سليمان اه نواسخ القرآن (ص 445، 456). قلت: أما الرواية عن الضحاك عن ابن عباس فقد أوردها النحاس بسنده إلى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. الناسخ و المنسوخ (ص 256). و قد سبق مرارا أن جويبر هذا ضعيف سيّئ الحفظ، و أما الرواية عن قتادة، فقد أخرجها الطبري بإسناده إليه، و رواها النحاس و ابن الجوزي كذلك و سكتوا عنها. انظر جامع البيان (25/ 106) و الناسخ و المنسوخ و نواسخ القرآن في الصفحات الماضية نفسها. و قد ذكر مكي بن أبي طالب الآية الثانية فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ... ثم قال: أكثر العلماء على أنها منسوخة بالأمر بالقتال و القتل، و هو قول ابن عباس و قتادة و غيرهما اه. انظر الإيضاح (ص 407) و الآية من المحكم لا من المنسوخ، لأنه وعيد و تهديد لهم على إصرارهم على الشرك، و على إيذاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لم يرد نص صحيح يجب اتباعه يفيد بأنها منسوخة و أيضا لا تعارض بين أمره تعالى بالصفح عن المشركين في مكة و هو فيهم و لم ينقضوا عهدهم و أمره بقتال طائفة من المشركين في المدينة نقضوا عهدهم و ظاهروا عليه أعداءه ... انظر النسخ في القرآن (2/ 538).

و قد تقدّم رد ذلك (1).

ص: 826


1- راجع على سبيل المثال الكلام على آخر سورة السجدة (ص 790)، و قد سبق نظير ذلك كثيرا.
سورة الدخان

لا نسخ فيها.

و قوله عزّ و جلّ: فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (1).

قالوا: هو منسوخ بآية السيف (2) و قد تقدّم الدليل على بطلان (3) ذلك و نظائره.

ص: 827


1- الدخان: (59).
2- قاله ابن حزم (ص 55) و ابن سلامة (ص 276) و ابن البارزي (ص 49) و الفيروزآبادي (1/ 424) و الكرمي (ص 186) و قد رد ابن الجوزي دعوى النسخ هنا بقوله: قد ذهب جماعة من المفسرين إلى أنها منسوخة بآية السيف، و لا نرى ذلك صحيحا، لأنه لا تنافي بين الآيتين، و ارتقاب عذابهم، أما عند القتل، أو عند الموت، أو في الآخرة، و ليس في هذا منسوخ اه. نواسخ القرآن (ص 457) و راجع النسخ في القرآن (2/ 528).
3- العبارة غير واضحة في ت.
سورة الشريعة

سورة الشريعة (1)

قوله عزّ و جل: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ (2).

روي عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «كان يعرض (على) (3) المشركين إذا آذوه، و كانوا يهزءون به و يكذبونه، ثم أمره اللّه عزّ و جلّ أن يقاتلهم كافة» (4).

قال: فكان هذا من (5) المنسوخ (6).

و قد قلت فيما تقدّم: ان ابن عباس- رضي اللّه عنهما- يسمّي تغيّر الأحوال

ص: 828


1- و تسمى أيضا سورة الجاثية.
2- الجاثية: (14).
3- هكذا في الأصل (على) و في بقية النسخ: (عن) و هو الصواب.
4- (كافة) حرفت في د إلى (كأنه).
5- (من) ساقط من ظ.
6- أخرجه ابن جرير و ابن الجوزي عن محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي عن أبيه عن جده عن ابن عباس. جامع البيان (25/ 144) و نواسخ القرآن (ص 458). قلت: و هذا الأثر عن ابن عباس لم يصح، فإن في سنده رجالا ضعفاء، فمحمد بن سعد كان ليّنا في الحديث، كما في الميزان (3/ 560) و أبوه سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي، قال الإمام أحمد: كان لا يستأهل أن يكتب عنه، و لا كان موضعا لذلك اه تاريخ بغداد (9/ 127) و انظر لسان الميزان (3/ 18، 19) و في سنده أيضا عمّ سعد بن محمد، و هو الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، و قد سبق التنويه بضعفه أثناء الكلام على قوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ (ص 740).

نسخا، و إنما يصح أن يكون هذا منسوخا على المراد بالنسخ عندنا، أن يكون النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قادرا على قتالهم منهيا عنه، ثم جاء الأمر بالقتال، فيكون ذلك ناسخا، و ليس في هذه الآية زيادة على الآيات التي أمر فيها بالصبر.

و قد أشار فيها إلى وعيدهم و النصر عليهم بقوله سبحانه لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (1) (2).

و روى عن ابن عباس- أيضا- و الضحاك و قتادة أنها نزلت في رجل من المشركين سبّ عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- فهم أن يبطش به، فنزلت (3) و ذلك بمكّة قبل الهجرة (4) فإن أريد بالذين آمنوا عمر- رضي اللّه عنه- و أريد بالذين لا يرجون أيام اللّه:

ذلك الذي سبّه، فقوله عزّ و جلّ: وَ (5) قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (6) لا يكون ناسخا لهذه، و إن أريد العموم، فقد كانوا غير قادرين على قتالهم، فلا يكونون منهيين عنه، و إنما كانوا مأمورين بالصبر.

و قال قتادة و الضحاك: نسخها فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ (7).

و قال أبو هريرة:- رضي اللّه عنه- نسخها أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (8).

ص: 829


1- جزء من الآية نفسها.
2- فهذا الجزء من الآية، و الآية التي تليها مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ .. دليلان على أن الآية محكمة لا منسوخة فإنهما يقرران أن كل إنسان مجزي بعمله، فمن عمل صالحا، فثواب هذا العمل الصالح له لا لغيره، و من أساء، فعقاب إساءته عليه لا على سواه .. انظر النسخ في القرآن (2/ 553).
3- كلمة (فنزلت) ساقطة من ظ.
4- راجع الكلام على سورة (الجاثية) في فصل (نثر الدرر في معرفة الآيات و السور) من هذا الكتاب (ص 138) و انظر الإيضاح (ص 409).
5- كتبت الآية بالفاء في (ت) خطأ.
6- التوبة (36).
7- الأنفال (57) و تمامها ... فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ ... الآية أخرج هذا الأثر الطبري و ابن الجوزي عن قتادة. جامع البيان (25/ 144) و نواسخ القرآن (ص 460).
8- الحج (39). أخرجه ابن جرير عن أبي صالح. جامع البيان (25/ 145). و ذكره ابن الجوزي و عزاه إلى أبي صالح. نواسخ القرآن (ص 460).

و لو كان قولهم في النسخ راجعا إلى النقل لما اختلفوا في الناسخ ما هو، و اختلافهم يدلّ على أنهم قالوا ذلك (1) ظنا.

ص: 830


1- و هذا واضح من اختلافهم في الناسخ للآية الكريمة، فمن قائل: إنها آية السيف، و من قائل: إنها آية الأنفال فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ و قائل آخر يقول: إنها آية الحج أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ و آخر يقول: إنها نزلت بمكة بسبب عمر- رضي اللّه عنه- و الرجل الذي شتمه من المشركين، و غير ذلك من الأسباب التي ذكرها المفسرون، و التي لا يتسع المقام لذكرها. فلتنظر في زاد المسير (7/ 357). قال الفخر الرازي:- بعد أن حكى النسخ عن أكثر المفسرين- و الأقرب أن يقال: أنه محمول على ترك المنازعة في المحقرات، و على التجاوز عما يصدر عنهم من الكلمات المؤذية، و الأفعال الموحشة اه من تفسيره (27/ 263).
سورة الأحقاف

ليس فيها نسخ.

و قال قوم: فيها آيتان:

الأولى (1) قوله عزّ و جلّ وَ (2) ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ (3)(أو) ساقطة من ظ.(4).

قال أبو القاسم هبة اللّه (5) بن سلامة (6): ليس (7) في كتاب اللّه عزّ و جلّ (منسوخ) (8) طال حكمه كهذه الآية عمل بها بمكّة عشر سنين، و عيّره به المشركون ثم هاجروا إلى المدينة، فبقوا ست سنين يعيّرهم (المنافقين) (9) فلمّا كان عام الحديبية، خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على أصحابه، و وجهه يتهلّل فقال: (لقد نزلت عليّ اليوم آية أو قال:

آيات هي أحب إليّ من حمر النّعم، أو (9) قال: مما طلعت عليه شمس) فقال له أصحابه:

ص: 831


1- كلمة (الأولى) ساقطة من ظ.
2- سقطت الواو من الأصل.
3- الأحقاف
4- .
5- في ظ: لعتبة اللّه بن سلامة.
6- هبة اللّه بن سلامة بن نصر بن علي أبو القاسم الضرير المقرئ النحوي المفسر البغدادي، كانت له حلقة في جامع المنصور، من مؤلفاته: الناسخ و المنسوخ في القرآن، وفاته ببغداد سنة 410 ه. انظر: تاريخ بغداد (14/ 70) و طبقات المفسرين للداودي (2/ 348) و الإعلام (8/ 72).
7- في د و ظ: و ليس.
8- كلمة (منسوخ) ساقطة من الأصل.
9- هكذا في الأصل: يعيرهم المنافقين خطأ نحوي واضح، و في بقية النسخ: المنافقون، و هو الصواب.

و ما ذاك (1) يا رسول اللّه، فقرأ عليهم إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ... إلى قوله عزّ و جلّ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (2) فقال له أصحابه: ليهنك (ما أنزل) (3) اللّه فيك، فقد أعلمك ما يفعل بك، فما ذا يفعل بنا؟ فنزلت وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً (4).

و قوله عزّ و جلّ لِيُدْخِلَ (5) الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...

إلى قوله: فَوْزاً عَظِيماً (6) (7).

فقال المنافقون و المشركون: قد أعلمه اللّه ما يفعل به و ما يفعل بأصحابه، فما ذا يفعل بنا؟ فنزلت: بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (8) و نزلت وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ من أهل المدينة وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ* من أهل مكّة (9) و غيرهم الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ (10).

و قال ابن أبيّ: هب أنه غلب (اليهود) (11) فكيف له طاقة بفارس و الروم؟ فنزلت وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ...* (12) أكثر من فارس و الروم.

قال (13): و ليس في كتاب اللّه عزّ و جلّ كلمات منسوخة نسختها سبع آيات إلّا هذه (14) اه.

ص: 832


1- في د و ظ: و ما ذلك.
2- الفتح (1- 4).
3- مشطوبة في الأصل، و أضيفت في الحاشية فلم تظهر.
4- الأحزاب (47).
5- في الأصل: (و يدخل ..) خطأ.
6- الفتح (5).
7- انظر: الناسخ و المنسوخ لقتادة (ص 46) قال البغوي و الخازن: و هذا قول أنس و قتادة و الحسن و عكرمة اه انظر لباب التأويل و بهامشه معالم التنزيل (6/ 131). و كذلك عزاه ابن كثير بنحوه إلى ابن عباس و قتادة و الحسن و عكرمة انظر تفسيره (4/ 155).
8- النساء: (138).
9- انظر قلائد المرجان للكرمي (ص 188).
10- الفتح (6).
11- في الأصل: هب أنه غلب الروم. ثم طمس الناسخ كلمة (الروم) و صححها في الحاشية فلم تظهر.
12- الفتح (4- 7).
13- أي هبة اللّه بن سلامة.
14- انظر نص كلام هبة اللّه بن سلامة في كتابه (الناسخ و المنسوخ) (ص 279، 283) مع تصرف يسير من السخاوي.

و قال مكّي بن أبي طالب:- رحمه اللّه- روى عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- أنه قال: نسخها: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) الآية.

قال: و إلى هذا ذهب ابن حبيب، لأن اللّه عزّ و جلّ (2) قد أعلمه حاله، و أنه مغفور له ذنوبه في الآخرة.

قال مكّي: و هذا إنما يجوز على قول من قال: معناها: (ما يفعل بي و لا بكم) في الآخرة، قال: فأما من قال: (ما يفعل بي و لا بكم) في الدنيا من تقلّب الأحوال فيها، فالآية (3) عنده محكمة، و هو قول الحسن- رحمه اللّه- (4) و هو قول حسن لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إنما نفى عن نفسه علم الغيب فيما يحدث عليه و عليهم في الدنيا.

و قال: أ لا ترى إلى قوله تعالى إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ (5) يريد في الدنيا.

قال: و أيضا فإن الآية خبر، و لا ينسخ الخبر، و أيضا فإنه صلّى اللّه عليه و سلّم قد علم أن من مات على الكفر فهو مخلد في النار، فكيف يقول (6): ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ في الآخرة؟ و قد أعلمه اللّه عزّ و جلّ بما يؤول إليه أمر الكفار في الآخرة، و هذا مثل قوله:

وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ (7) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ ... (8)

أي لو علمت الغيب لتحفظت من الضر، فلم يلحقني في الدنيا ضر.

ص: 833


1- أخرجه ابن جرير عن ابن عباس دون تصريح بالنسخ، و عن الحسن البصري، و عكرمة مصرحا بالنسخ. انظر جامع البيان (26/ 7). و كذلك عزاه السيوطي إلى ابن جرير و ابن المنذر و ابن مردويه كلهم عن ابن عباس دون تصريح بالنسخ أيضا. انظر الدر المنثور (7/ 435). و عزاه كذلك إلى ابي داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس مصرحا بالنسخ. المصدر نفسه.
2- في د و ظ: لأن اللّه جل ذكره.
3- في ظ: في الآية.
4- أخرجه الطبري- مطولا- عن الحسن. جامع البيان (26/ 7) و أخرجه النحاس- مختصرا- عن الحسن كذلك. انظر: الناسخ و المنسوخ (ص 257).
5- يونس: (15).
6- كلمة (يقول) سقطت من ظ.
7- إلى هنا ينتهي نص الآية في د و ظ.
8- الأعراف: (188).

قال: فالظاهر أن الآية محكمة، نزلت في أمور الدنيا (1) اه.

و أقول مستعينا باللّه عزّ و جلّ: إن الآية محكمة على كل حال (2).

قول مكّي: إن نسخها إنما يجوز على قول من قال: (ما يفعل بي و لا بكم) في الآخرة دون الدنيا لأن اللّه قد أعلمه أنه مغفور له في الآخرة (3) فليس بمنسوخة، و إن كان اللّه عزّ و جلّ قد أعلمه بذلك، لأن المعنى: إني لا أعلم من الأمور شيئا إلّا ما أعلمني به اللّه عزّ و جلّ يدلّ (4) على ذلك قوله عزّ و جلّ: إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ (5) و ليس لي من علم الغيب شي ء، لأنهم كانوا يسألونه عن المغيبات، فأمر بأن يقول ما أنا ببدع من الرسل، خارج عما كانوا عليه، إذ كانوا (إنّما) (6) يفوهون بما يوحى إليهم، و لا يخبرون بغير ذلك، قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ، فإعلامه بعد ذلك بما يكون منه في الآخرة، لا يكون ناسخا لهذا.

و أما قول هبة اللّه: فقال المشركون، و قال المؤمنون: فما يكون منا؟ فأنزل اللّه عزّ و جلّ كذا و كذا، إلى آخر ما ذكره (فكلامهم) (7) غير مستقيم.

أما ما ذكره عن المؤمنين و ما أنزل فيهم (على) (8) قوله عزّ و جلّ: وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

ص: 834


1- انظر نص كلام مكي في الإيضاح (ص 411، 412) و نحوه في الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 257) و تفسير الطبري (26/ 8) و قد رجح هذا القول و صححه كل من الإمام الطبري و النحاس في المصدرين السابقين. و ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 464) و ابن كثير في تفسيره (4/ 155) و القرطبي كذلك (16/ 186).
2- و هذا هو الصحيح- إن شاء اللّه- كما سبق. فقد أعلم اللّه نبيه صلّى اللّه عليه و سلّم بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و لا يصح أن يتطرق الشك في هذا، لأن اللّه تعالى أعلمه في كتابه العزيز أن أولياءه في أمن و اطمئنان لا يصيبهم الخوف و الحزن كما يصيب غيرهم، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ ... الآيات (62- 64) من سورة يونس. و هو صلّى اللّه عليه و سلّم أرفع درجة من الأولياء بل و سيد الأنبياء عليهم السلام، راجع كلام الأستاذ سامي عطا حسن في تحقيقه لكتاب قلائد المرجان للكرمي (ص 190).
3- إلى هنا ينتهي كلام مكي و يبدأ رد المصنف و مناقشته له.
4- في ظ: و يدل على ذلك.
5- سبق قريبا عزوها، و سيذكر المصنف قريبا أيضا نص الآية من أولها.
6- في بقية النسخ: إذا كانوا إنما يفوهون ... الخ.
7- هكذا في الأصل: (فكلامهم) و في بقية النسخ: فكلام، و هو الصواب.
8- هكذا في الأصل: (على) خطأ، و في بقية النسخ (من)، و هو الصواب.

فلا يكون ناسخا لهذه الآية، لأن قوله عزّ و جلّ: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ ...

الآية، إنّما هو خطاب للمشركين، فكيف ينسخه وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ و كذلك (1) قوله في المنافقين.

و أما ما ذكره عن المشركين في قوله عزّ و جلّ: وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ فليس بناسخ لهذه الآية، لأن الإعلام وقع بتعذيب المشركين و المشركات، و لم يقع بتعذيب المخاطبين، و لا أعلم بما يفعل بهم، و لقد آمن منهم جمع كبير و عدد كثير، فليس في الإعلام بتعذيب الكافرين و المنافقين و فوز المؤمنين و نعيمهم في الآخرة، نسخ لقوله سبحانه وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ لأن ذلك (2) إعلام بعاقبة الفريقين من المؤمنين و غيرهم، و هذا خطاب لقوم لا يدرى من أي الفريقين هم في الآخرة.

و الآية الثانية: قوله عزّ و جلّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (3).

قالوا: نسخ بآية السيف (4) و قد ذكرت أن ذلك غير صحيح، و قدّمت القول فيه (5).

ص: 835


1- في د و ظ: بدون واو.
2- في د و ظ: لأن ذاك.
3- الأحقاف: (35).
4- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن حزم (ص 56) و ابن سلامة (ص 288) و قلائد المرجان (ص 191). قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف، و لا يصح له هذا، إلا أن يكون المعنى: فاصبر عن قتالهم، و سياق الآيات يدل على غير ذلك. قال بعض المفسرين: كأنه ضجر من قومه، فأحب أن ينزل العذاب بمن أبى منهم، فأمر بالصبر اه نواسخ القرآن (ص 465) و انظر النسخ في القرآن (2/ 523).
5- راجع الكلام على قوله تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ من آخر سورة الروم (ص 787).
سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم

ليس فيها نسخ (1).

و قال ابن جريج و السدي و غيرهما في قوله عزّ و جلّ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ... إلى قوله عزّ و جلّ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (2)في د: المرا.(3): نسخ جميع ذلك بآية السيف (4)، فلا يجوز المنّ على المشرك و لا الفداء، إلّا على من لا يجوز قتله كالصبي و المرأة (4).

و قال الضحاك و عطاء: هذه الآية ناسخة لقوله عزّ و جلّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (5) فلا يقتل مشرك صبرا، لكن يمنّ عليه، و يفادى به إذا أيسر (6).

و هذا يدلّك على أنهم تكلّموا في النسخ بالظن و الاجتهاد.

ص: 836


1- كلمة (نسخ) سقطت من ظ.
2- سورة محمد: صلّى اللّه عليه و سلّم
3- فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ... الآية.
4- قاله قتادة في الناسخ و المنسوخ (ص 47). و أخرجه الطبري عن ابن جريج و السدي. انظر جامع البيان (26/ 40). و رواه النحاس عن ابن جريج، قال: و هو قول جماعة، منهم السدي و كثير من الكوفيين اه الناسخ و المنسوخ (ص 258).
5- التوبة: (5) و هي الآية التي تسمى بآية السيف.
6- انظر: الإيضاح لمكي (ص 414) حيث قال مكي: أنه قول شاذ اه.

فمن ثم قال قوم: هو منسوخ، و قال قوم: بل هو ناسخ.

و قال عامة العلماء: بأن لا نسخ، و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مخيّر بين الفداء و المنّ و القتل و الاسترقاق.

و قد (1) روى مثل هذا عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- (2).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (3).

قال هبة اللّه: هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَ يُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (4) و هذا من أعجب ما مرّ بي، و كيف يقول هذا ذو لب و معرفة؟

ص: 837


1- كلمة (و قد) ليست في د و ظ.
2- قال النحاس:- و هو يحكي أقوال العلماء في الآية- و القول الخامس أنها غير ناسخة و لا منسوخة، و الإمام مخير ... و هذا القول قاله كثير من العلماء، و ساق بسنده إلى ابن عباس- رضي اللّه عنهما- في قوله تعالى فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً قال: فجعل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بالخيار في الأسارى، إن شاءوا قتلوهم و إن شاءوا استعبدوهم، و إن شاءوا فادوهم، و إن شاءوا منّوا عليهم، و هذا على أن الآيتين محكمتان، معمول بهما، و هو قول حسن، لأن النسخ، إنما يكون بشي ء قاطع، فأما إذا أمكن العمل بالآيتين، فلا معنى في القول بالنسخ ... و هذا القول يروى عن أهل المدينة و الشافعي و أبي عبيد، و باللّه التوفيق اه. الناسخ و المنسوخ (ص 258، 259) قال مكي: و هو الصواب- إن شاء اللّه تعالى- فالآيتان محكمتان اه انظر: الإيضاح (ص 414) و راجع تفسير الطبري (26/ 42) و ابن العربي (4/ 1701) و البغوي (6/ 145)، و زاد المسير (7/ 397) و تفسير القرطبي (16/ 228). و قد سبق أن تعرض السخاوي لهذه القضية في الموضع الثاني من سورة التوبة فلتنظر هناك.
3- سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم (36) و أولها: .. وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَ لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ.
4- السورة نفسها (37). و قد أورد ابن سلامة الآيتين المذكورتين على أنهما منسوختان بقوله تعالى بعدهما ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... الآية. انظر: الناسخ و المنسوخ (ص 289). و بهذا يكون ما نقله المصنف مخالفا لما ذكره ابن سلامة. و الذي ذكره المصنف هو قول: ابن حزم الأنصاري في الناسخ و المنسوخ (ص 57) و ابن البارزي في ناسخ القرآن و منسوخه (ص 50). و قد رد ابن الجوزي هذا القول و شنع على قائليه بقوله: زعم بعضهم أنها منسوخة بآية الزكاة، و هذا باطل، لأن المعنى: لا يسألكم جميع أموالكم. قال السدي: أن يسألكم جميع ما في أيديكم تبخلوا. و زعم بعض المغفلين من نقلة التفسير أنها منسوخة بقوله إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا و هذا ليس معه حديث اه. نواسخ القرآن (ص 468) و راجع قلائد المرجان (ص 192).

و هل يفهم من هذا أنه عاد إلى خلاف ما أخبر به؟

و إنّما المعنى: و لا يسألكم جميع أموالكم، فيكون ذلك إحفاء (1) في المسألة، أ لا ترون أنه (يدعوكم) (2) لتنفقوا في سبيل اللّه فيبخل بعضكم؟ فكيف لو سألكم أموالكم؟!.

و لم يذكروا في الفتح و لا الحجرات شيئا من المنسوخ، فلتهنهما العافية!!

ص: 838


1- في ظ: إخفاء.
2- كتب الناسخ في ت (دعاكم) ثم شطب عليها و أضاف الصحيح في الحاشية فلم يظهر.
سورة ق

ليس فيها منسوخ.

و قالوا: فيها (1) آيتان منسوختان، قوله عزّ و جلّ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ (2)، و قوله عزّ و جلّ وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ (3) قالوا: نسختا (4) بآية السيف (5) و قد قدّمت القول في ذلك.

ص: 839


1- في د و ظ: و قالوا في فيها.
2- سورة ق: (39).
3- سورة ق: (45).
4- في د: نسختها بآية السيف.
5- قاله ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 57) و ابن سلامة (ص 290) و ابن البارزي في ناسخ القرآن و منسوخه (ص 50) و الكرمي في قلائد المرجان (ص 194). و قد تعرض النحاس و مكي لذكر الآية الأولى ضمن الناسخ و المنسوخ، و حكيا فيها القولين النسخ و الإحكام، و ذكرا في سبب نزولها ما حكاه المصنف. انظر الناسخ و المنسوخ (ص 261) و الإيضاح (ص 417). و أما ابن الجوزي فقد تعرض لذكر الآية الثانية فقط. قال: قال ابن عباس: لم تبعث لتجبرهم على الإسلام، و ذلك قبل أن يؤمر بقتالهم، قالوا: و نسخ هذا بآية السيف اه نواسخ القرآن (ص 470). و يلاحظ أن الآية الأولى جاءت في سياق الكلام عن الأمم السابقة و ما حاق بها من الهلاك و الدمار، و هي تأمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بالصبر، بل كل الآيات التي تأمره بذلك، تؤدي هذا المعنى، و إن اختلف الأسلوب التعبيري عنه. فنجد السياق قد مهد للأمر بالصبر على ما يقولون بالكلام على قدرة اللّه إذ خلق السموات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام، و لم يمسه مع ذلك اعياء و لا تعب- سبحانه و تعالى- كما زعمت اليهود، عليهم من اللّه ما يستحقون ... راجع النسخ في القرآن (2/ 517). و أما الآية الثانية: فإنها لا تفيد أن الغاية من القتال في الإسلام هي جبر الكفار على الدخول فيه، أضف إلى ذلك أن هذه الآية خبرية، و الأخبار لا تنسخ ... راجع نفس المصدر (2/ 770).

و قد قال قوم في الآية الأولى: إنها نزلت في قوم من اليهود سألوا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مسائل بمكّة، و تكلّموا بكلام منكر، فأمر صلّى اللّه عليه و سلّم بالصبر عليهم، فهى مخصوصة في قوم بأعيانهم.

ص: 840

سورة الذاريات

سورة (1) الذاريات

ليس فيها منسوخ.

و قال الضحاك في قوله عزّ و جلّ وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ (2): هو منسوخ بآية الزكاة، قال: و حسن نسخه لأنه خبر في معنى الأمر اه (3).

و قال الحسن و النخعي: الآية محكمة، و في المال حق غير الزكاة (4) اه.

قال مكّي: و هو الذي يوجبه النظر، و به قال أهل العلم إنها في غير الزكاة على الندب لفعل الخير و التطوّع بالصدقة، فهي ندب غير منسوخة اه (5).

فأما قول الضحاك، فليس بشي ء، لأن اللّه عزّ و جلّ ما أوجب في المال قبل الزكاة فرضا آخر فتنسخه الزكاة.

و قال (6) الحسن و الضحاك- أيضا- و النخعي: أن في المال حقا غير الزكاة، فهذه الآية ليست في ذلك، و إنما وصفهم اللّه عزّ و جلّ بما فعلوه من غير إيجاب عليهم و لا ندب

ص: 841


1- في د و ظ: و الذاريات.
2- الذاريات: (19).
3- أخرجه النحاس بسنده عن الضحاك. الناسخ و المنسوخ (ص 263) قال ابن الجوزي: و قد ذكر المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة و لا يصح اه من زاد المسير (8/ 33).
4- ذكره عنهما النحاس في المصدر السابق.
5- انظر الإيضاح (ص 419).
6- في د و ظ: و قول. و يظهر- و اللّه أعلم- أنها أصح، مع الاستغناء عن إضافة اسم الضحاك، حتى يستقيم الكلام، لأن الضحاك قد سبق ذكره و أنه يقول بالنسخ.

لهم، و إنما فعلوا ذلك و يفعلونه تسخيا و مروءة، سواء كانوا ممن يجب عليه الزكاة، أو ممن لا يبلغ ماله ذلك يرون أن عليهم حقا للسائل و المحروم (1) فالسائل: الذي يسأل الناس، و المحروم: الذي لا يسأل الناس، قاله الزهري و عن ابن عباس: المحارف (2).

و قال ابن الحنفية (3): هو الذي لا (4) يشهد الحرب، فيكون لهم سهم في الغنيمة.

و قال زيد بن أسلم: هو الذي لحقته في زرعه جائحة، فأتلفته.

و قال عكرمة: هو الذي لا ينمى له شي ء.

و هذا هو قول ابن عباس بعينه، و في معناه أيضا قول مالك- رحمه اللّه- هو الفقير الذي يحرم الرزق.

و عن عمر بن عبد العزيز: المحروم: الكلب. و هو بعيد عن سياق الآية (5).

ص: 842


1- و يرى ابن العربي أن المراد بهذه الآية الزكاة حيث يقول: و الأقوى في هذه الآية أنه الزكاة لقوله تعالى في سورة (سأل سائل): وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ الآيتان (24، 25) الحق المعلوم: هو الزكاة التي بيّن الشرع قدرها و جنسها و وقتها، فأما غيرها لمن يقل به فليس بمعلوم، لأنه غير مقدر و لا مجنس و لا مؤقت اه. أحكام القرآن (4/ 1730).
2- المحارف:- بضم الميم و فتح الراء- هو الذي لا يصيب خيرا من وجه توجه إليه. و قيل: هو المحروم المحدود الذي إذا طلب فلا يرزق، أو يكون لا يسعى في الكسب. اللسان (9/ 43) (حرف).
3- محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم المعروف بابن الحنفية، أحد الأبطال الأشداء في صدر الإسلام، و هو أخو الحسن و الحسين، غير أن أمهما فاطمة الزهراء، و أمه خولة بنت جعفر الحنفية، ينسب إليها تمييزا له عنهما، كان واسع العلم ورعا. و كان يقول: الحسن و الحسين أفضل مني و أنا أعلم منهما، توفي بالمدينة سنة 81 ه. انظر: صفة الصفوة (2/ 77) و الاعلام (6/ 270).
4- في د و ظ: هو الذي لم يشهد، و هي أفصح.
5- ذكر هذه الأقوال معزوة إلى أصحابها النحاس. قال: و إنما وقع الاختلاف في هذا لأنه صفة أقيم مقام الموصوف، و المحروم: هو الذي قد حرم الرزق و احتاج، فهذه الأقوال كلها داخلة في هذا، غير أنه ليس فيها أجل مما روي عن ابن عباس، و لا أجمع من أنه المحارف اه. انظر الناسخ و المنسوخ (ص 263). و راجع: تفسير الطبري (26/ 200) و البغوي و الخازن (6/ 202) و زاد المسير (8/ 32) و الجامع لأحكام القرآن (17/ 38) و تفسير ابن كثير (4/ 234).

و قال هبة اللّه في قوله عزّ و جلّ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (1): هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (2).

و قال الضحاك: هي منسوخة بالأمر بالإقبال عليهم و تبليغهم الرسالة و وعظهم (3)، (و يزلم) (4) من هذا أنه أمره في هذه الآية بترك التبليغ و الرسالة، ثم أرسل بعد ذلك، فنسخ ما (كان) (5) أمر به من ترك الرسالة و الإنذار! و هذا لم يكن قط، و إنما معناه: فتول عن تكذيبهم و إصرارهم على الكفر، كما قال عزّ و جلّ: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ (6) و لم يرد بذلك الإعراض عن التبليغ و الإنذار، و إنما أراد الإعراض عما يصدر منهم، و ما كان يشق عليهم من (ظلالهم) (7) و ما يأخذ به من شدة الحرص على إيمانهم (8) (لعلّك (9) باخع نفسك ألّا يكونوا مؤمنين) (10).

ص: 843


1- الذاريات (54).
2- و هي الآية التي تليها (55) و انظر الناسخ و المنسوخ لابن سلامة (ص 292) و قاله من قبله ابن حزم (ص 58).
3- ذكره النحاس عن الضحاك. انظر الناسخ و المنسوخ (ص 263). قال مكي: و هو قول الضحاك و غيره اه. الإيضاح (ص 419) و انظر تفسير القرطبي (17/ 54) و زاد المسير (8/ 42).
4- هكذا في الأصل: و يزلم. تحريف. و في بقية النسخ: و يلزم و هو الصواب.
5- سقط من الأصل كلمة (كان).
6- النساء (63).
7- هكذا في الأصل: من ظلالهم. خطأ إملائي، و الصواب: من ضلالهم، كما في بقية النسخ.
8- قال ابن الجوزي: زعم قوم أنها منسوخة، ثم اختلفوا في ناسخها فقال بعضهم: آية السيف. و قال بعضهم: أن ناسخها وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ و هذا قد يخيل أن معنى قوله فَتَوَلَّ عَنْهُمْ: أعرض عن كلامهم فلا تكلمهم، و في هذا بعد، فلو قال هذا: أن المعنى: أعرض عن قتالهم، صلح نسخها بآية السيف، و يحتمل أن يكون معنى الآية: أعرض عن مجادلتهم، فقد أوضحت لهم الحجج و هذا لا ينافي قتالهم اه. نواسخ القرآن (ص 472). و راجع النسخ في القرآن (2/ 770) فما بعدها.
9- في الأصل: (فلعلك) خطأ.
10- الشعراء: (3).

و قال بعض العلماء (1): و ليس قوله فَما (2) أَنْتَ بِمَلُومٍ بوقف بل هو مأمور بالتذكير مع التولي.

و قال قتادة: ذكر لنا أنها لما نزلت اشتدّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و ظنّوا أن الوحي قد انقطع، و أن العذاب قد حضر، فأنزل اللّه بعد ذلك (و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) (3).

قلت: و في هذا دليل على أنه لم يرد بالتولي ما وقع للضحاك.

و قال مكّي: الظاهر في هذه الآية أنها منسوخة بالأمر بالقتال في (براءة) و غيرها اه (4) و ليس كذلك لأنها لا تتضمن الأمر بترك القتال.

ص: 844


1- و هو النحاس في كتاب القطع و الائتناف (ص 683) بنحوه.
2- في الأصل (و ما أنت .....) خطأ.
3- أخرجه الطبري عن قتادة. جامع البيان (27/ 11) و عزاه البغوي إلى المفسرين. انظر معالم التنزيل (6/ 205)، و عزاه أبو حيان إلى علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- انظر: البحر المحيط (8/ 143).
4- انظر: الإيضاح (ص 419).
سورة الطور

ليس فيها نسخ.

و قال قوم: فيها ثلاث آيات نسخت بآية السيف، قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ (1) وَ (2) اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ (3) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (4) (5)، و قد تقدّم قولي في رد هذا و شبهه.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (6): إنه فرض عليه صلّى اللّه عليه و سلّم

ص: 845


1- الطور (31) ... فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ. و قد كتبت الآية في النسخ (فتربصوا إني معكم) ...
2- كتبت الآية في النسخ بالفاء، و هو خطأ، و الصحيح ما أثبته.
3- الطور: (48).
4- الطور: (45) و قد كتبت الآية في النسخ ... حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ* و هو خطأ و الصحيح ما أثبته، و يلاحظ أن المصنف لم يلتزم الترتيب.
5- ذكر دعوى النسخ في الآيات الثلاث ابن سلامة في الناسخ و المنسوخ (ص 292، 293) و ابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 51) و ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 473، 474) ورد ابن الجوزي القول بالنسخ في الآيات الثلاث، و قال: إن القول بذلك ليس صحيحا. و ذكر القرطبي الآيتين الثانية و الثالثة ضمن الآيات المنسوخة بآية السيف، انظر الجامع لأحكام القرآن (17/ 77). و ذكر الكرمي الآيتين الأولى و الثالثة. انظر قلائد المرجان (ص 196) بينما تعرض ابن حزم و الفيروزآبادي لذكر الآية الثانية فقط ضمن الآيات المدعي فيها النسخ. انظر الناسخ و المنسوخ (ص 58) و بصائر ذوي التمييز (1/ 441). و قد سبق رد هذا الادّعاء، و أنه لا تعارض بين آية السيف و بين هذه الآيات و مثيلاتها.
6- الطور: (48).

حين يكبّر تكبيرة الإحرام «سبحانك اللهم و بحمدك، و (1) تبارك اسمك، و تعالى جدك (2) و لا إله غيرك» (3) ثم إن ذلك منسوخ بالإجماع على أنه ليس بفرض، و ما ادعوه من ذلك (4) فلا دليل عليه، و من أين علم أن ذلك كان مفروضا عليه؟

و قد قال العلماء: (حين تقوم) من نومك.

و قال سفيان: (حين تقوم) إلى الصلاة المكتوبة.

و قيل: التسبيح: أريد به الصلاة: و قيل: هو تكبيرة الإحرام (5).

ص: 846


1- في د و ظ: بدون واو.
2- أي علت عظمتك على عظمة غيرك، و تعالى غناك عن أن ينقصه إنفاق أو يحتاج إلى معين و نصير. انظر تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي (2/ 48).
3- رواه الترمذي في سننه كتاب الصلاة باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (2/ 47) و النسائي في سننه كتاب الافتتاح باب الذكر و الدعاء بين التكبير و القراءة (2/ 132) و رواه مسلم موقوفا على عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- كتاب الصلاة باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة (4/ 111).
4- من ذلك؛ غير واضحة في ظ.
5- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 264) و الإيضاح لمكي (ص 421) و راجع تفسير الطبري (27/ 38) و البغوي و الخازن (6/ 211) و زاد المسير (8/ 60) و الجامع لأحكام القرآن (17/ 78، 79) و تفسير ابن كثير (4/ 245).
سورة النجم

سورة (1) النجم

ليس فيها منسوخ.

و أما قوله عزّ و جلّ فَأَعْرِضْ (2) عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا (3) و قولهم: إنه منسوخ بآية السيف (4) فقد ثبت بطلانه.

و أما قوله عزّ و جلّ (5) وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (6) و قولهم: إنه منسوخ

ص: 847


1- في د: و النجم.
2- (فأعرض) مشطوبة في ظ.
3- النجم: (29).
4- قاله ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 58) و ابن سلامة كذلك (ص 293) و مكي في الإيضاح (ص 424) و ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 475) و القرطبي في تفسيره (17/ 105). و لم يناقش كل من مكي و ابن الجوزي قضية النسخ كعادتهما في الآيات التي تشبه هذه الآية، و التي تحمل في طياتها معنى الإعراض لكن عبارة ابن الجوزي تنبئ بعدم قبوله للنسخ حيث قال: المراد بالذكر هاهنا: القرآن، و قد زعموا أن هذه الآية منسوخة بآية السيف اه و قد سبق للمصنف رد مثل هذه الدعوى مرارا. و الذي يلقي نظرة على ما قاله العلماء حول تفسير هذه الآية، يدرك أنه لا وجه لدعوى النسخ فيها، حيث فسروها بما يؤكد إحكامها. انظر تفسير الطبري (17/ 63) و البغوي (6/ 219) و ابن كثير (4/ 255) و راجع النسخ في القرآن (2/ 530).
5- في ظ: و أما قوله صلّى اللّه عليه و سلّم. ثم وضع الناسخ كلمة (عزّ و جلّ) فوق عبارة صلّى اللّه عليه و سلّم و لم يمسحها.
6- النجم: (39).

بقوله عزّ و جلّ و الذين آمنوا و اتّبعتهم (1) ذرياتهم (2) بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم (3).

قالوا: لأنه عزّ و جلّ أخبر أنه أدخل الأبناء مدخل الآباء، و ألحقهم بهم لصلاح الآباء (4).

و احتجوا بقول ابن عباس:- رضي اللّه عنهما- هو المؤمن يرفع اللّه به ذريته (ليقر) (5) بذلك عينه، و إن كانوا دونه في العمل و عنه أيضا:

المؤمن يلحق اللّه به ذريته الصغار التي لم تبلغ الإيمان

(6) و الجواب: أن هذا خبر من اللّه عزّ و جلّ، لا يجوز نسخه، و ليس قوله عزّ و جلّ و الذين آمنوا و أتبعناهم (7) ذرياتهم (8) مما يعارض قوله عزّ

ص: 848


1- في الأصل: و تبعناهم. و لعل المصنف كتب- (و أتبعناهم)- فسقطت الألف، لأن قراءة أبي عمرو بالألف كما سيأتي.
2- في د و ظ: (ذريتهم) و هي قراءة غير أبي عمرو كما سيأتي.
3- الطور: (21). و قد قرأ أبو عمرو (و أتبعناهم) بقطع الألف و إسكان التاء و التخفيف و بعد العين نون و ألف، و قرأ الباقون بوصل الألف و تشديد التاء و بعد العين تاء ساكنة (و أتبعتهم). و قرأ أبو عمرو (ذرياتهم) بالجمع و كسر التاء و كذلك قرأ ابن عامر غير أنه ضم التاء، و قرأ الباقون بالتوحيد و ضم التاء، و قرأ الكوفيون و ابن كثير أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ بالتوحيد و فتح التاء، و قرأ الباقون بالجمع و كسر التاء. التبصرة لمكي (ص 514) و انظر الكشف (2/ 190) و النشر (2/ 377) و الإرشادات الجلية (ص 443).
4- انظر الناسخ و المنسوخ لابن حزم (ص 58) و النحاس (ص 265)، و تفسير الطبري (27/ 74) و الإيضاح (ص 423) و ناسخ القرآن العزيز و منسوخه لابن البارزي (ص 51) و قلائد المرجان (ص 198) قال ابن الجوزي:- بعد أن عزا القول بالنسخ إلى ابن عباس- و لا يصح، لأن لفظ الآيتين لفظ الخبر، و الأخبار لا تنسخ اه زاد المسير (8/ 81) و انظر نواسخ القرآن (ص 475، 476).
5- هكذا في الأصل: ليقر. و في بقية النسخ: لتقر، و هو الصواب.
6- أخرجه الطبري بأسانيده عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- جامع البيان (27/ 24). قال: و هو أولى بالصواب و أشبهها بما دل عليه ظاهر التنزيل اه و راجع تفسير ابن كثير (4/ 241). و أخرجه النحاس كذلك عن ابن عباس. انظر الناسخ و المنسوخ (ص 266). قلت: لكن هذا الاحتجاج بقول ابن عباس ليس في مكانه- في تصوري- بل إنه يؤيد أحكام الآية و سيرد المصنف على هذا الاحتجاج ففيه ما يكفي.
7- في د: وَ اتَّبَعَتْهُمْ و قد سبق بيان القراءات فيها.
8- كلمة ذرياتهم ليست في د و ظ.

و جلّ وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى و لو كان ذلك على ما توهموه، لم يصح مضاعفة الحسنات، و لا أن تبدّل بها السيئات، و لم تصح الصدقة عن الميت (1) و لا الحج عنه، و قد صحّ في الخبر خلاف ذلك.

و أما إلحاق الأبناء بالآباء لصلاح الآباء، فإنهم لم يعطوا سعي (2) آبائهم، و لكنهم لمّا كانوا مؤمنين ضاعف اللّه لهم الحسنات و ألحقهم (3) بآبائهم في الدرجات، و إنما يكون هذا نسخا لو أعطاهم أعمال آبائهم، و أما إكرامهم لأجل الآباء: فلا يعارض قوله عزّ و جلّ وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى

و هذا كقوله- عليه السلام (4)-: «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شي ء» (5)، فهذا لمّا سنّ السّنة الحسنة ضاعف (اللّه) (6) له الأجر، و ما أعطاه سعي غيره، و أما الصدقة عن الميت و الحج، فإن الذي تصدّق و حج لمّا نواه عن الميت و لم ينوه عن نفسه كان كالنائب عنه و الوكيل فيه.

و إنّما يكون معارضا للآية لو نواه عن نفسه، و أعطى (7) ما عمله لنفسه لغيره، فليس للإنسان إلّا ما سعى.

و أما من قال في قوله عزّ و جلّ وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى هو محكم، فلا ينفع أحدا عمل (أخيه) (8) من صدقة و لا صيام و لا حج.

ص: 849


1- قوله: الصدقة عن الميت: غير واضحة في ظ.
2- كلمة (سعى) سقطت من ظ.
3- في د: فألحقهم. و في ظ: مطموسة.
4- في د و ظ: لقوله- عليه السلام-
5- انظر: صحيح مسلم كتاب العلم باب من سن سنة حسنة أو سيئة ... الخ (16/ 226) و سنن الترمذي كتاب العلم باب من دعا إلى هدى ... الخ (7/ 437) و مسند الإمام أحمد (4/ 357، 359، 360، 361) و سنن الدارميّ باب من سن سنة حسنة أو سيئة (1/ 130).
6- لفظ الجلالة: سقط من الأصل.
7- في د و ظ: فأعطى.
8- هكذا في الأصل: حرفت إلى (أخيه) و في بقية النسخ: عمل أحد و هو الصواب.

فقد خالف الخبر، و إن كانت الآية محكمة (1) كما ذكر، إلّا أن المعنى ما سبق و تقرّر (2).

ص: 850


1- في ظ: لمحكمة.
2- قال مكي:- بعد أن حكي النسخ- و البيّن في هذا الذي يوجبه النظر، و عليه أكثر العلماء، أنه ليس بمنسوخ و أنه محكم، لا يعمل أحد عن أحد صلاة و لا جهادا، إلا ما خصصته السنة و بينته من جواز الحج عن من لم يحج من ميت، و في الحج عن الحي اختلاف كثير، و من أجازه، قال: إنما يجوز لعذر نزل بالحي، و هذا إذا بذل و أعطى لمن يحج عنه، فقد سعى في خير، و كذلك الميت إذا أوصى بالحج، فقد سعى في فعل الخير فهما داخلان في سعي الساعين الذين ضمن اللّه لهم الجزاء على سعيهم اه. الإيضاح (ص 423) و راجع في هذا كله الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 266- 268) و تفسير القرطبي (17/ 114) و الخازن (6/ 223).
سورة القمر

ليس فيها نسخ (1).

و أمّا قولهم في (قولهم) (2) عزّ و جلّ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ (3) إنه منسوخ بآية السيف (4) فقد تقدّم القول فيه (5).

ص: 851


1- في د و ظ: ناسخ.
2- هكذا في الأصل: قولهم. و الصواب (قوله) كما في بقية النسخ.
3- القمر: (6).
4- قاله ابن سلامة في الناسخ و المنسوخ (ص 294) و ابن البارزي في ناسخ القرآن و منسوخه (ص 51) و الفيروزآبادى في بصائر ذوي التمييز (1/ 445) و الكرمي في قلائد المرجان (ص 199) و قال ابن الجوزي: و قد زعم قوم أن هذا التولي منسوخ بآية السيف و قد تكلمنا على نظائره، و بينا أنه ليس بمنسوخ اه نواسخ القرآن (ص 477) و راجع النسخ في القرآن (2/ 531).
5- انظر: أقرب مثال على ذلك كلامه على قوله تعالى فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ آية (54) من سورة الذاريات.
سورة الرحمن عزّ و جلّ

ليس فيها نسخ (1).

و كذلك الواقعة. و من العجائب قول مقاتل بن سليمان في قوله عزّ و جلّ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (2): إنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (3) و هذا ممّا يجب أن يتصامم عنه (4)!.

ص: 852


1- في د و ظ: ناسخ.
2- الواقعة: (13، 14).
3- الواقعة: (39، 40).
4- قد تقدم معنى يتصامم عنه (ص 728). و قد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 59) و ابن سلامة كذلك (ص 297) و الفيروزآبادى في بصائر ذوي التمييز (1/ 451) معزوة إلى مقاتل بن سليمان. و حكى ابن البارزي فيها النسخ و الأحكام دون عزو كعادته. انظر: ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 52). قال ابن الجوزي: و قد زعم مقاتل أنه لما نزلت الآية الأولى و هي قوله: وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ وجد المؤمنون وجدا شديدا حتى أنزلت وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ فنسختها. و روي عن عمرة بن رويم نحو هذا المعنى. قلت:- أي ابن الجوزي- و إدّعاء النسخ هاهنا لا وجه له لثلاثة أوجه: أحدها أن علماء الناسخ و المنسوخ لم يوافقوا على هذا، و الثاني: أن الكلام في الآيتين خبر، و الخبر لا يدخله النسخ، فهو هاهنا لا وجه له. و الثالث: أن الثلة بمعنى الفرقة و الفئة. قال الزجاج: اشتقاقهما من القطعة، و الثّل: الكسر و القطع. فعلى هذا قد يجوز أن تكون الثّلة في معنى القليل اه. من زاد المسير (8/ 143).

فإن قيل: كيف يتصامم عنه، و قد روى (أبا) (1) هريرة: لما نزلت ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ: شقّ ذلك على أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فنزلت ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (2)؟.

قلت: ذلك لا يصح أن يكون ناسخا للأول، لأنه خبر من اللّه عزّ و جلّ (3) و خبر اللّه عزّ و جلّ لا ينسخ (4) و أيضا فإن الثاني في أصحاب اليمين، و الأول في السابقين، و ليس في الحديث ما يوهم ما ذكروه، و لم يفهموا معنى الحديث.

و إنّما معناه: أنهم لما شق عليهم قلة السابقين أخبرهم اللّه عزّ و جلّ بكثرة أصحاب اليمين، فسّروا بذلك و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: «الثلتان من أمتي، إني لأرجو (5) أن يكونوا نصف أهل الجنة، و يغلبوهم في النصف الثاني» (6).

ص: 853


1- هكذا في الأصل: أبا. خطأ نحوي واضح، و الصحيح (أبو) كما في بقية النسخ.
2- رواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 391) و زاد السيوطي و الشوكاني نسبته إلى ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه كلهم عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- انظر الدر المنثور (8/ 7) و فتح القدير (5/ 151) و راجع تفسير القرطبي (17/ 200).
3- قوله: من اللّه عزّ و جلّ: ساقط من د و ظ.
4- انظر: تفسير الخازن (7/ 18).
5- في ظ: لا أرجوا. خطأ فظيع.
6- قال الإمام الطبري: و قد روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من وجه عنه صحيح أنه قال: (الثلتان جميعا من أمتى) انظر: جامع البيان (27/ 191). و راجع الدر المنثور (8/ 19) و تفسير ابن كثير (4/ 284). و راجع تخريج حديث أبي هريرة السابق، لما نزلت: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* ... الخ.
سورة الحديد

لا نسخ فيها.

ص: 854

سورة المجادلة

قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً (1): هي منسوخة بالتي بعدها (2).

و قيل: إنها نسخت بالزكاة في الآية التي بعدها (3).

و روى (4) عن علي- عليه السلام- أنه قال: «في (5) كتاب اللّه آية لم يعمل بها أحد قبلي، و لم (6) يعمل بها أحد بعدي، كان عندي دينار، فصرفته بعشرة دراهم (فكنت) (7) إذا ناجيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (تصدق) (8) بدرهم» (9).

ص: 855


1- المجادلة: (12).
2- سيذكرها المصنف فيما بعد. و أكثر العلماء على أن هذه الآية منسوخة. انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 270) و الإيضاح لمكي (ص 426).
3- روي هذا عن ابن عباس بسند ضعيف كما سيأتي قريبا.
4- كلمة (روى): غير واضحة في ظ.
5- في د و ظ: إن في كتاب اللّه ... الخ.
6- في د و ظ: و لا يعمل.
7- كلمة (فكنت) ساقطة من الأصل.
8- هكذا في الأصل: تصدق. و في بقية النسخ (تصدقت). و هي الصواب.
9- أخرجه بنحوه أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ (ص 532) و الطبري في جامع البيان (28/ 20) و الحاكم في المستدرك كتاب التفسير و قال: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي (2/ 482). و ذكره الواحدي في أسباب النزول (ص 235) و ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 449) و السيوطي في الدر المنثور (8/ 84) و ابن سلامة في الناسخ و المنسوخ (ص 299) و مكي في الإيضاح (ص 426).

و في طريق أخرى: «فكنت كلما أردت أن أسأله عن مسألة تصدقت بدرهم، حتى لم يبق معي غير درهم واحد، فتصدقت به و سألته، فنسخت الآية، و نزل ناسخها أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ... (1)

الآية».

و اختلفوا في سبب الأمر بذلك:

فقال قائلون: كان ذلك تعظيما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.

و قال ابن عباس و قتادة: أكثروا من المسائل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، حتى شقوا عليه، فأراد اللّه أن يخفف عن نبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فصبر كثير من الناس، و كفوا عن المسألة، ثم وسّع اللّه عليهم بالآية التي بعدها (2).

و ابن عباس- رضي اللّه عنهما- يجلّ محله من العلم عن مثل هذا، لأنه قول ساقط، من قبل أن ذلك (لا) (3) يكفّهم عن المسألة، لأنه عزّ و جلّ قال (4): فَقَدِّمُوا (5) بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، فلو تصدّق أحدهم بتمرة واحدة أجزأه، فمن يشق عليه أن يتصدق بذلك؟.

و قال الزمخشري: كف الأغنياء شحا و الفقراء لعسرتهم اه (6).

و هذا غير صحيح، لأن ذلك إنّما كان على الأغنياء لقوله سبحانه فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و أيضا فكيف يخفف عن نبيّه، ثم يعود فيشق عليه؟.

و قال ابن زيد: ضيّق اللّه عليهم في المناجاة كي لا يناجي أهل الباطل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، (فيشق) (7) ذلك على أهل الحق فقالوا: يا رسول اللّه (لا نستطيع) (8) ذلك و لا

ص: 856


1- و تمامها ... فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ... الآية.
2- انظر: الناسخ و المنسوخ لقتادة (ص 48) و أبي عبيد (ص 531) و تفسير الطبري (28/ 20) و معالم التنزيل للبغوي (7/ 44) و الدر المنثور (8/ 83).
3- (لا) ساقطة من الأصل.
4- في د و ظ: لأنه قال عزّ و جلّ.
5- في د و ظ: «تقدموا ...».
6- انظر الكشاف (4/ 76).
7- هكذا في الأصل: فيشق. و في بقية النسخ (فشق) و هي الصواب.
8- غير واضحة في ت.

نطيقه، فنزل التخفيف (1) اه.

و (2) أقول: أن المراد بذلك- و اللّه أعلم- أنه جعل هذه الصدقة تطهيرا لهم قبل المناجاة، كما جعل طهارة الأعضاء قبل المناجاة الأخرى فإن المصلي يناجي ربّه عزّ و جلّ، يدل على ذلك قوله سبحانه: ذلِكَ (3) خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ (4) و لو كان للتخفيف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لم يؤمر به الأغنياء دون الفقراء، و الفقراء أكثر و مسائلهم أعظم، قال اللّه عزّ و جلّ: فَإِنْ لَمْ (5) تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

و (6) اختلفوا في مدتها، فقال قوم: ساعة من نهار (7).

و سياق الحديث عن علي بن أبي طالب (8)- عليه السلام- يرد هذا.

و قال ابن عباس: «كان المسلمون يقدمون بين يدي النجوى صدقة، فلما نزلت الزكاة نسخ هذا» (9).

ص: 857


1- أخرجه ابن جرير بنحوه عن ابن زيد. جامع البيان (28/ 21).
2- سقطت الواو في ظ.
3- في الأصل: (ذلكم) خطأ.
4- جزء من الآية المنسوخة. و انظر تفسير ابن كثير (4/ 326).
5- في ظ: (فإن تجدوا ...) خطأ.
6- سقطت الواو من ظ.
7- أخرجه الطبري بسنده عن معمر عن قتادة. جامع البيان (28/ 20) و ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 480). و ذكره القرطبي و الشوكاني عن قتادة، و زاد القرطبي نسبته إلى ابن عباس- رضي اللّه عنهما-. انظر الجامع لأحكام القرآن (17/ 303) و فتح القدير (5/ 190).
8- عبارة: (بن أبي طالب) ليست في د و ظ.
9- أخرجه الطبري بنحوه و ابن الجوزي- و اللفظ له- بسند مسلسل بالضعفاء- كما سبق في سورة الجاثية (ص 828) انظر جامع البيان (28/ 20) و نواسخ القرآن (ص 480). كما أخرجه أيضا الطبري بسنده عن عكرمة و الحسن. المصدر نفسه (28/ 20). و أخرجه كذلك ابن الجوزي من طريق علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما. و من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس كذلك. انظر نواسخ القرآن (ص 479). و عزاه السيوطي بنحوه إلى أبي داود في ناسخه و ابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس. الدر المنثور (8/ 84). قال ابن الجوزي: عقيب ذكره لرواية ابن عباس- كأنه أشار إلى الآية التي بعدها فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ ... اه نواسخ القرآن (ص 480).

و قيل: كان ذلك عشر ليال، ثم نسخ (1) و هذا الناسخ و المنسوخ لا نظير له (2)، أما المنسوخ (إنه) (3) إنما كان راجعا إلى اختيار الإنسان، فإن أحب أن يناجي تصدق و إلّا فلا، و ليست المناجاة بواجبة.

و أما الناسخ فقد ارتفع حكمه و حكم المنسوخ بوفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.

فإن قيل (4): أي فائدة بالأمر (5) بهذه الصدقة و نسخها قبل العمل بها؟.

قلت: تعريف العباد برحمة اللّه لهم، و إظهار المنة (6) عليهم و تمييزا لولي من أوليائه (بفضله) (7) لم يجعلها لغيره، و هو عليّ- عليه السلام- (8).

قال عبد اللّه بن عمر:- رضي اللّه عنهما- كانت لعلي ثلاث، لو كانت لي واحدة

ص: 858


1- عزاه ابن الجوزي و القرطبي و الشوكاني إلى مقاتل بن حيان. انظر نواسخ القرآن (ص 481) و الجامع لأحكام القرآن (17/ 303) و فتح القدير (5/ 190). و ذكره الزمخشري دون عزو، كما ذكر أيضا القول السابق: (ساعة من نهار) انظر: الكشاف (4/ 76). و عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن مقاتل في أثر طويل. انظر الدر المنثور (8/ 84).
2- في د: كتب الناسخ في الحاشية (الناسخ و المنسوخ لا نظير له) و هي واضحة في الصلب.
3- هكذا في الأصل: إنه و في بقية النسخ: فانه و هو الصواب.
4- فإن قيل: غير واضحة في ظ.
5- في د و ظ: في الأمر.
6- في د و ظ: و إظهارا للمنة عليهم.
7- هكذا في الأصل: بفضله. و في بقية النسخ: بفضيلة. و هو الصواب.
8- قال الحازن: فان قلت: في هذه الآية منقبة عظيمة لعلي بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- إذ لم يعمل بها أحد غيره، قلت: هو كما قلت، و ليس فيها طعن على غيره من الصحابة و وجه ذلك أن الوقت لم يتسع ليعملوا بهذه الآية، و لو اتسع الوقت لم يتخلفوا عن العمل، و على تقدير اتساع الوقت و لم يفعلوا ذلك، إنما هو مراعاة لقلوب الفقراء الذين لم يجدوا ما يتصدقون به لو احتاجوا إلى المناجاة، فيكون ذلك سببا لحزن الفقراء إذ لم يجدوا ما يتصدقوا به عند مناجاته. و وجه آخر: و هو أن هذه المناجاة لم تكن من المفروضات و لا من الواجبات و لا من الطاعات المندوب إليها، بل إنما كلفوا هذه الصدقة ليتركوا هذه المناجاة، و لما كانت هذه المناجاة أولى بأن تترك لم يعملوا بها، و ليس فيها طعن على أحد منهم اه لباب التأويل في معالم التنزيل (7/ 44).

منهن كانت أحب إليّ من حمر النّعم، تزوجه (1) فاطمة- رضي اللّه عنها- (و إعطائه) (2) الراية يوم خيبر، و آية النجوى (3).

ص: 859


1- في د و ظ: تزويجه.
2- هكذا في الأصل: و إعطائه. و في بقية النسخ: و إعطاؤه. و هو الصواب.
3- رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبد اللّه بن عمر، لكن فيه بدل (آية النجوى): و سد الأبواب إلا بابه في المسجد. انظر: المسند (2/ 26). قال ابن كثير: و كذلك رواه أبو يعلى، و ذكر السند عن أبي هريرة قال: قال عمر: لقد أعطي علي بن أبي طالب ... و ذكره، إلا أنه قال: أيضا بدل (آية النجوى) و سكناه المسجد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، يحل له منه ما يحل له. انظر البداية و النهاية (7/ 354).
سورة الحشر

قوله عزّ و جلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ (1)انظر الناسخ و المنسوخ لقتادة (ص 48) و رواه الطبري عن قتادة بلفظ أطول. جامع البيان (28/ 37).

و أورده النحاس و مكي عن قتادة أيضا، و زاد ابن الجوزي و القرطبي نسبته إلى يزيد بن رومان في آخرين. انظر الناسخ و المنسوخ (ص 370، 371) و الإيضاح (ص 429) و نواسخ القرآن (ص 482) و تفسير القرطبي (18/ 12).

ثم قال النحاس:- بعد إيراده بقية الأقوال- أما القول إنها منسوخة فلا معنى له، لأنه ليست إحداهما تنافي الأخرى فيكون النسخ اه من المصدر نفسه.(2).

زعم قتادة أنها منسوخة بقوله عزّ و جلّ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... (3) الآية.

و قال: «كان في أول الإسلام (يقسم الغنيمة على الأصناف) (4) المذكورة في سورة الحشر، و لا يعطى لمن قاتل شي ء، إلّا أن يكون من هذه الأصناف».

قال: ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال فجعل (5) الخمس في (6) الأصناف المذكورين في سورة الأنفال، و جعل لمن قاتل أربعة (7) أخماس (7) اه.

ص: 860


1- الحشر:
2- .
3- الأنفال: (41).
4- سقط من الأصل قوله: (يقسم الغنيمة على الأصناف).
5- ساقط من د و ظ.
6- في د و ظ: للأصناف.
7- في ت كتبت كلمة (أربعة مرتين بالتعريف و التنكير. و في د و ظ الأربعة الأخماس).

و الذي قاله لا يصح، من قبل أن سورة الأنفال نزلت قبل سورة (1) الحشر على ما ذكره عطاء الخراساني (2) و رواه (3)، فكيف ينزل الناسخ قبل المنسوخ؟ و أيضا فإن آية الحشر في الخراج (4).

قال القاضي إسماعيل بن إسحاق رحمه اللّه (5): قوله عزّ و جلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى هو في الخراج، فلم يختلف المسلمون أن خراج هذه القرى التي افتتحها المسلمون يفرّق (6) في جميع ما يقرب إلى اللّه و رسوله من ذي القربى و غيرهم من السبل و الطرق و الثغور و عمارة المساجد، (و) (7) في جميع نوائب المسلمين من أرزاق من يقوم بمصالحهم و الذب عنهم، يفعل ذلك كله بالاجتهاد و التوخي.

قال: و قد جاء عن عمر- رضي اللّه عنه- أنه قرأ هذه الآية حتى بلغ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ... إلى قوله عزّ و جلّ رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (8).

فقال عمر:- رضي اللّه عنه- «هذه الآية قد استوعبت الناس كلهم فلم يبق أحد

ص: 861


1- كلمة (سورة) ساقطة من د و ظ.
2- في ظ: الخراسان. و قد سبقت ترجمته.
3- راجع نثر الدرر في معرفة الآيات و السور من هذا الكتاب (ص 109) و انظر تفسير القرطبي (18/ 14) و نواسخ القرآن (ص 484).
4- الخراج: شي ء يخرجه القوم في السنة من مالهم، و هي الأتاوة، تؤخذ من أموال الناس. انظر اللسان (12/ 251) (خرج)، و راجع ارواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (9/ 192). و مختصر سنن أبي داود للمنذري 4/ 269.
5- هو إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد الجهضمي الأزدي، قاضي بغداد و المدائن، فقيه على مذهب مالك، من بيت فضل و علم، له مصنفات جليلة في علوم القرآن و الحديث و الفقه، منها كتاب في الرد على الإمام الشافعي في مسألة الخمس، و غيره، توفي ببغداد (200- 282 ه) انظر تاريخ بغداد (6/ 284)، و الديباج المذهب في أعيان المذهب (ص 92- 95) و الأعلام (1/ 310).
6- في د و ظ: تفرق.
7- سقطت الواو من الأصل.
8- الحشر: (8- 10).

إلّا و له في هذا المال حق، حتى الراعي ب (عدن) (1)» اه.

قال: فعلم أن (2) عمر- رضي اللّه عنه- لم يعن أن يقسم الخراج على أجزاء معلومة، و إنما يقسم على الاجتهاد و التوخي في منافع المسلمين و مصالحهم.

قال: و قد جاء عن عمر بن عبد العزيز- رحمه اللّه- أنه قال: «سبيل الخراج و سبيل الخمس واحد» (3).

قال القاضي إسماعيل: و هو الذي مضى عليه العمل، و الذي يتشاكل على ما جاء من القرآن في الموضعين، قال: فهذه جملة أمر الخراج و أمر الخمس، فأما ما يأخذه المسلمون من أموال الكفار بغير قتال مثل أن يلقي الريح مراكب الكفار إلى سواحل المسلمين، فيأخذونها، أو يضل قوم من الكفار فيقعون في أيدي المسلمين، فإن ذلك داخل في قوله عزّ و جلّ وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ (4)في د و ظ: التي ذكرها اللّه.(5) فهذه الغنيمة إلى و إلى المسلمين يصرفها في مصالحهم، و يجري أمرها مجرى الخراج و الخمس، و ان رأى أن يخص بها الجماعة الذين تولوا أخذها من المسلمين، خص من ذلك بما رأى على الاجتهاد فيه.

قال: و أما غنائم بدر، فإن الأمر رد فيها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقسمها على ما يرى، و لم يكن فيها أربعة أخماس لمن شهد الوقعة، لأن ذلك قبل أن ينزل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الآية.

قال: و أما قوله عزّ و جلّ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الآية، فذلك إذا غنم المسلمون غنيمة من الكفار بقتال، كان لمن حضر الوقعة أربعة أخماس الغنيمة، و الخمس (الثافي) (6) في الوجوه التي ذكر (6) اللّه عزّ و جلّ، يعني التي تقدم ذكرها في قوله عزّ و جلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ ... (7).

ص: 862


1- أخرجه الطبري بنحوه عن عمر- رضي اللّه عنه- و فيه ... ثم قال عمر لئن عشت ليأتين الراعي- و هو يسيّر حمرة- نصيبه لم يعرق فيها جبينه اه جامع البيان (28/ 37).
2- (أن) ساقط من د و ظ.
3- انظر نواسخ القرآن (ص 484).
4- الحشر
5- .
6- هكذا رسمت الكلمة في الأصل (الثافي) و في بقية النسخ (الباقي) و هو الصواب.
7- كلمة (فللّه) ليست في د و ظ.

قال (1): و قد ذهب بعض الناس إلى أن الخمس يقسّم أخماسا، ثم اضطربوا في سهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فدلّ اضطرابهم في ذلك على أنهم لم (يبنوا) (2) أمرهم على أصل ثابت (3).

و اضطربوا أيضا في أمر ذي القربى:

فقال (4): تصير (5) في الكراع (6) و السلاح.

قال (7): و جميع هذا الذي وصفناه من قولهم غير مأخوذ به و لا معمول عليه، و إنما العمل في الخمس على (ما) (8) روي فيه من عمل أبي بكر و عمر و عثمان و علي- رضوان اللّه عليهم- أنه يقسم على الاجتهاد، فإن رأى الإمام أن يعطي ذوي القربى أكثر من خمس الخمس لخلّة تكون فيهم، و لكثرة عدد أعطاهم، و إن (9) رأى أن ينقصهم من خمس الخمس نقصهم، و كذلك، يفعل باليتامى (10) و المساكين و ابن السبيل يعطيهم على الاجتهاد على قدر خلتهم، و إن رأى أن يصرف مثله ما رأى في مصالح المسلمين و ثغورهم و نوائبهم فعل، لأن ذلك (كله) (11) داخل في قوله عزّ و جلّ (و للرسول)، لأن المعنى فيه- و اللّه أعلم- فيما يقرب من اللّه و رسوله.

ص: 863


1- (قال): غير واضحة في ظ، و بعدها عبارة مطموسة.
2- كلمة (يبنوا) لا تقرأ في النسخ.
3- قال ابن الجوزي: و اختلف العلماء فيما يصنع بسهم الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم بعد وفاته. فقال قوم: هو للخليفة بعده. و قال قوم: يصرف في المصالح. قال: فعلى هذا تكون هذه الآية مبينة لحكم الفي ء، و التي في الأنفال مبينة لحكم الغنيمة، فلا يتوجه النسخ اه. نواسخ القرآن (ص 483) و انظر تفسير القرطبي (18/ 12، 13).
4- قوله: فقال. أي بعض الناس.
5- في د و ظ: نصير.
6- الكراع: السلاح، و قيل: هو اسم يجمع الخيل و السلاح. اللسان (8/ 307) (كرع).
7- القائل: إسماعيل بن إسحاق القاضي.
8- سقط من الأصل (ما).
9- عبارة (أعطاهم، و إن رأى): بعضها مطموسة في د. و في ظ: أعطاهم إن رأى. أي سقطت الواو، و هو سقط يخل بالمعنى.
10- في د و ظ: في اليتامى.
11- كلمة (كله) سقطت من الأصل.

قال: و قد أعيد هذا اللفظ الذي ذكر في الخمس في قوله عزّ و جلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ... الآية: فدلّ جميع ما ذكرته على أن الآية التي في (الحشر) ليست بمنسوخة بآية الأنفال، لأمرين:

أحدهما: أن آية (الحشر) في خراج القرى، و فيما أفاء اللّه على المسلمين من غير قتال، و آية (الأنفال) في غنيمة القتال.

و هذا (1) مع أن الأنفال نزلت قبل سورة الحشر، (و الناسخ إنما ينزل بعد (2) المنسوخ لا قبله) (3).

و إنما غلط قتادة و من قال بقوله، لأنه رأى غنيمة القتال في بدر قد قسمت على ما في سورة (الحشر) من آية الخراج، فلمّا نزلت وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... ظنّ أنها ناسخة لما في سورة الحشر، و الذي في سورة (الحشر) حكمه باق لم ينسخ (و الذي) (4) في سورة (الأنفال) لم تنسخ قرآنا، إنما نسخت ما فعله النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في غنيمة بدر.

فتأمل هذه النكتة فإنها فائدة جليلة و معنى دقيق لا تجده في كتاب (5) (اللّه) (6).

و قد قال جماعة من العلماء:- منهم سفيان الثوري- رحمه اللّه الغنيمة غير الفي ء، و الغنيمة (7) ما أخذت عن قتال و غلبة، فيكون خمسه (8) للأصناف المذكورين في (الأنفال) و أربعة أخماسه لمن قاتل عليه.

ص: 864


1- يظهر أن هذا هو الأمر الثاني.
2- في الأصل: و الناسخ إنما ينزل قبل المنسوخ لا بعده. ثم كتب الناسخ فوقها (يقدم).
3- و لذلك قال ابن حزم الأنصاري: أن آية الحشر نسخت آية الأنفال الناسخ و المنسوخ (ص 59).
4- هكذا في الأصل: و الذي. و في بقية النسخ (و التي) و هي الصواب.
5- سبق عند ترجمة القاضي إسماعيل المذكور أن من مصنفاته «الرد على الشافعي في مسألة الخمس» و الظاهر- و اللّه أعلم- أن السخاوي اعتمد فيما نقله هنا على ذلك الكتاب، لأن كل الذي نقله متعلق بالخمس و أين و كيف يصرف ... الخ.
6- هكذا في الأصل: لا تجده في كتاب اللّه. و هو خطأ فاحش.
7- هكذا في الأصل: و الغنيمة. و في بقية النسخ: فالغنيمة.
8- الضمير عائد على (ما) و هو المال المأخوذ غنيمة بعد قتال.

و الفي ء: ما صولح عليه أهل الحرب من غير قتال، فحكمه أن يقسم على المذكورين في سورة (الحشر) و لا خمس، فالآية محكمة على هذا (1).

و مما يؤيد هذا قول بعض العلماء (2): إن آية (الحشر) نزلت في بني النضير حين خرجوا من ديارهم بغير حرب، و تركوا أموالهم، فجعلها اللّه عزّ و جلّ لنبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم خاصة، فلم يستأثر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بها، و فرّقها في المهاجرين، و لم يعط الأنصار منها شيئا إلّا رجلين:

ص: 865


1- رواه وكيع عن سفيان الثوري. انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 271). قال النحاس- بعد ذكر هذه الرواية-: و القول إن الفي ء خلاف الغنيمة، قول مستقيم صحيح، و ذلك أن الفي ء: مشتق من فاء يفي ء إذا رجع، فأموال المحاربين حلال للمسلمين، فإذا امتنعوا ثم صالحوا رجع إلى المسلمين ما صولحوا عليه اه. المصدر نفسه و انظر الإيضاح لمكي (ص 430). و نفهم من هذا الكلام الذى ذكره السخاوي عن سفيان الثوري، و ذكره من قبله النحاس و مكي كذلك عن سفيان و مالوا إليه، و كذلك ما سبق أن ذكرته عن ابن الجوزي، نفهم من هذا أنهم يختارون إحكام الآية و عدم القول بنسخها، و هذا هو الصحيح- إن شاء اللّه تعالى- و هو ما رجحه ابن العربي و استحسنه القرطبي. انظر أحكام القرآن (4/ 1732) و تفسير القرطبي (18/ 14) و هنا كلام نفيس لابن العربي أنقل منه ما يحصل به الغرض و يزيل ما قد يبقى من إشكال في معنى الآيات الثلاث- أعني آيتي الحشر و آية الأنفال-. قال: و اختلف الناس هل هي ثلاثة معان أو معنيان؟ و لا إشكال في أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات. أما الآية الأولى: فهي قوله هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ- و هي الآية الثانية من سورة (الحشر)- ثم قال: وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ يعني من أهل الكتاب، معطوفا عليه فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ يريد- كما بينا- فلا حق لكم فيه، و لذلك قال عمر: إنها كانت خالصة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم- يعني بني النضير و ما كان مثلها- فهذه آية واحدة و معنى متحد. الآية الثانية: قوله تعالى ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فهذا كلام مبتدأ غير الأول لمستحق غير الأول. الآية الثالثة: آية الغنيمة، و هي آية الأنفال، و لا شك في أنه معنى آخر باستحقاق ثان لمستحق آخر، بيد أن الآية الأولى و الثانية اشتركتا في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه اللّه على رسوله، و اقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال، و اقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال، و عريت الآية الثالثة و هي قوله ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى عن ذكر حصوله بقتال أو بغير قتال فنشأ الخلاف من هاهنا، فمن طائفة قالت: هي ملحقة بالأولى و هو مال الصلح كله و نحوه، و من طائفة قالت: هي ملحقة بالثانية، و هي آية الأنفال ... اه بتصرف يسير من أحكام القرآن (4/ 1772).
2- في د و ظ: قول بعض أهل العلم.

سهل بن حنيف (1) و سماك بن خرشة (2) (أبي دجانة) (3) و هذا كله داخل في قول القاضي إسماعيل- رحمه اللّه-.

ص: 866


1- سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري الأوسي، صحابي من أهل بدر، و استخلفه عليّ على البصرة، و مات في خلافته. التقريب (1/ 336) و انظر الاعلام (3/ 142).
2- سماك- بكسر أوله و تخفيف الميم- بن أوس بن خرشة بن لوذان الخزرجي الأنصاري المعروف بأبي دجانة، كان شجاعا بطلا، له مواقف و آثار جميلة في الإسلام، شهد بدرا، و ثبت يوم أحد، و استشهد باليمامة في السنة الحادية عشرة من الهجرة. انظر الكنى للإمام مسلم (1/ 305) و جمهرة أنساب العرب (ص 366) و الاعلام (3/ 138).
3- أخرجه الطبري بنحوه عن عبد اللّه بن أبي بكر. جامع البيان (28/ 41) و انظر الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 271) و الإيضاح لمكي بن أبي طالب (ص 430).
سورة الامتحان

قوله عزّ و جلّ لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ... إلى قوله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (1).

قال هبة اللّه (2): هي منسوخة بما بعدها، و هي قوله عزّ و جلّ إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ ... (3) و هذا كلام ساقط، لأن الآية الأولى معناها: (جواب) (4) الإحسان و البر من المسلمين إلى أقاربهم من (5) المشركين الذين لم يقاتلوا و لم يعاونوا من قاتل، و لم يخرجوا المسلمين من مكّة و لم يساعدوا على ذلك من أراده.

و الثانية: في منع البر و الصلة إلى من هو على غير (6) الصفة الأولى. فالأولى: في قوم، و الثانية في قوم آخرين، فكيف تكون ناسخة لها؟.

قال الحسن و غيره:- في المذكورين في الآية الأولى- هم خزاعة كانوا عاهدوا رسول

ص: 867


1- الممتحنة: (8) و تمامها ... وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ....
2- انظر كتابه الناسخ و المنسوخ (ص 303). و قد تولى السخاوي الرد على القائلين بالنسخ، فأحسن صنعا- رحمه اللّه-.
3- و هي الآية التاسعة، و نصها إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَ ظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
4- هكذا في الأصل: جواب. و في بقية النسخ: جواز. و هي الصواب.
5- (من) ليست في د و ظ.
6- في د و ظ: إلى من هو على خلاف الصفة الأولى.

اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على أن لا يقاتلوه و لا يعينوا عليه، و لم ينقضوا عهدهم، فالآية على هذا محكمة (1).

و قال مجاهد: هي في الذين آمنوا بمكّة و لم يهاجروا، أباح اللّه للمهاجرين أن يبرّوهم. اه (2).

و القول الأول أقوى (3) و هي على هذا أيضا محكمة غير منسوخة.

و قال قتادة و ابن زيد: هي منسوخة بآية السيف (4).

و لا يصح ما قالا (5).

و قد قال جماعة من العلماء: هي محكمة عامة في كل مسلم بينه و بين مشرك قرابة، فبرّه جائز (6).

قوله عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ...

ص: 868


1- عزا النحاس و القرطبي هذا القول إلى الحسن و أبي صالح، و عزاه مكي إلى الحسن. انظر: الناسخ و المنسوخ (ص 274) و الإيضاح (ص 432) و الجامع لأحكام القرآن (18/ 59).
2- أخرجه الطبري بسنده عن مجاهد. جامع البيان (28/ 65). و أورده النحاس و مكي و القرطبي عن مجاهد كذلك. الناسخ و المنسوخ (ص 274) و الإيضاح (ص 432) و تفسير القرطبي (18/ 59). قال النحاس: و هذا القول مطعون فيه، لأن أول السورة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ... و الكلام متصل، فليس من آمن و لم يهاجر يكون عدوا للّه و للمؤمنين اه. و كذلك رد قول الحسن و أبي صالح بمثل هذا الرد. انظر المصدر نفسه.
3- أي القول الذي فسر به السخاوي الآيتين.
4- ساق الطبري و النحاس و ابن الجوزي بأسانيدهم إلى قتادة أنه قال: نسختها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ جامع البيان (28/ 66) و الناسخ و المنسوخ (ص 274) و نواسخ القرآن (ص 485)، كذلك أخرجه الطبري بسنده عن ابن زيد. المصدر نفسه. و أورده مكي عن قتادة .... إلى أن قال: ابن زيد: نسختها قوله لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ... الآية (22) من سورة المجادلة. انظر الإيضاح (ص 431). و أورده القرطبي عن قتادة و ابن زيد. انظر الجامع لأحكام القرآن (18/ 59).
5- و قد رد القول بالنسخ كل من النحاس (ص 274) و مكي (ص 431).
6- و ممن مال إلى هذا القول الطبري و النحاس و مكي و القرطبي و نقله ابن الجوزي عن الطبري. انظر: جامع البيان (28/ 66) و الناسخ و المنسوخ (ص 274) و الإيضاح (ص 432) و نواسخ القرآن (ص 485) و تفسير القرطبي (18/ 59).

إلى قوله عزّ و جلّ وَ آتُوهُمْ (1) ما أَنْفَقُوا (2)جزء من الآية العاشرة السابقة.(3) و ذلك أن سبيعة بنت الحارث (4) من قريش جاءت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقالت: يا (5) رسول اللّه جئتك مؤمنة باللّه مصدّقة لما جئت به، فقال صلّى اللّه عليه و سلّم (6): «نعم ما جئت به، و نعم ما صدقت به» فجاء زوجها، فقال: يا محمد، أرددها عليّ، فإن ذلك من شرطنا عليك، و هذه طينة كتابنا لم تجف، و كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم شرط لهم عام الحديبية ذلك، فنزلت (7) فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا فأعطاه النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مهره الذي كان أعطاها، ثم نسخ ذلك، فلا يرد إلى الكفار مهر و لا غيره، و لا يجوز لنا أن نرد من جاءنا مسلما إلى الكفار، و لا يجوز المصالحة على ذلك، و إنما (8) كان هذا في قضية مخصوصة، زال حكمها بزوالها (9).

قوله (10) عزّ و جلّ وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ (10).

ص: 869


1- في ظ: كتب الناسخ حرفا بين وَ آتُوهُمْ و ما أَنْفَقُوا و لم يقرأ.
2- الممتحنة:
3- و تمامها .. فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا ... الآية.
4- نص عليه البغوي و نسبه إلى ابن عباس. انظر معالم التنزيل (7/ 66) و انظر الإصابة (12/ 297) رقم (521). و قيل: أن سبب نزول الآية أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، و هو الأكثر المشهور عن أهل العلم. و قيل: أن سبب نزول الآية كانت أميمة بنت بشر من بني عمرو بن عوف. انظر زاد المسير (8/ 239) و تفسير القرطبي (18/ 61). و ذكر ابن الأثير أن اسمها سعيدة. انظر: أسد الغاية (7/ 142) رقم (6986).
5- في د: يرسول اللّه.
6- في د و ظ: فقال رسول اللّه ... الخ.
7- في ظ: نزلت. سقطت الفاء.
8- سقطت الواو من ظ.
9- انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 285) و لابن سلامة (ص 303) و الإيضاح (ص 433) و أسباب النزول للواحدي (ص 241) و نواسخ القرآن (ص 486) و تفسير القرطبي (18/ 63). قال القرطبي: و مذهب مالك و الشافعي أن هذا الحكم غير منسوخ اه المصدر السابق. قلت: و لعل هذا هو الصواب، و ليس هناك ما يدعو إلى القول بالنسخ.
10- (قوله): غير واضحة في ظ.

قيل: الآية في غير الكتابيات (1).

و قيل: هو منسوخ بقوله تعالى وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ (2)الممتحنة: (11) و تمامها: ... فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ... الآية.(3).

و قوله عزّ و جلّ وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَ لْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا (4): هذا الحكم زال بزوال المهادنة (5).

قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ ... (5) الآية: هذا

ص: 870


1- حكاه النحاس في الناسخ و المنسوخ (ص 286) و مكي في الإيضاح (ص 435) و القرطبي في تفسيره (18/ 66).
2- المائدة:
3- و أولها الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... الآية. و انظر النحاس و مكي و القرطبي المصادر السابقة، و زاد المسير (8/ 143) و نواسخ القرآن (ص 489). قال مكي: و القول الأول أولى و أحسن، فيكون الحكم فيمن كانت له امرأة بمكة ممن هاجر مسلما إلى المدينة، و هي كافرة بمكة فإن العصمة منقطعة بينهما، فإن كانت كتابية، فإن العصمة تبقى بينهما اه من الإيضاح (ص 435). و قال ابن الجوزي: و قد زعم بعضهم أنه منسوخ بقوله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ و ليس هذا بشي ء، لأن المراد بالكوافر الوثنيات، ثم لو قلنا: إنها عامة، كانت إباحة الكتابيات تخصيصا لها لا نسخا ... اه من نواسخ القرآن (ص 489).
4- جزء من الآية العاشرة السابقة.
5- نقل السخاوي هذا عن مكي. انظر الإيضاح (ص 435) و راجع الناسخ و المنسوخ لقتادة (ص 49). و قد نقل ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى أنه قال: و هذه الأحكام من أداء المهر و أخذه من الكفار و تعويض الزوج من الغنيمة أو من صداق قد وجب رده على أهل الحرب: منسوخ عند جماعة من أهل العلم، و قد نص أحمد بن حنبل على هذا، و كذلك قال مقاتل بن سليمان: كل هؤلاء الآيات نسختها آية السيف اه نواسخ القرآن (ص 491) و من هذا نفهم أن مكي و ابن الجوزي و السخاوي يميلون إلى القول بالنسخ. و أقول:- و اللّه أعلم- أن هذا الجزء من الآية حكمه حكم سائرها و قد تقدم بيان ذلك قريبا، و القول بالاحكام أولى. و راجع تفسير الطبري و ابن كثير للآية الكريمة تجد أن كلا منهما فسرها بما يؤيد احكامها، جامع البيان (28/ 83) و تفسير ابن كثير (14/ 351، 352).

أمر اختص بزمان المهادنة التي جرت بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و بين أهل مكّة، و ذلك أن أم حكيم (1) بنت أبي سفيان فرّت من زوجها عياض بن حكيم (2) إلى الكفار و لحقت بهم، فأنزل اللّه هذه الآية (3) فكان الحكم لمن فاتت (4) زوجته إلى الكفار أن يعطى ما أنفقه عليها من غنائم الكفار، ثم زال هذا الحكم و نسخ، و قد أجاز بعضهم أن يكون منسوخا بقوله عزّ و جلّ: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (5) لأنه (6) بين مصارف الغنيمة، و لم يذكر فيها هذا، و لا جعل لمن ذهبت زوجته مما غنم المسلمون شيئا. (7) و ذا غير صحيح، لأن (الأنفال) نزلت قبل سورة (الممتحنة) و لا يصح نزول (8) الناسخ قبل المنسوخ.

و قال ابن زيد و قتادة: نسخت هذه الأحكام التي في هذه السورة (براءة) إذ أمر اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهده، و أن يقتلوا حيث وجدوا، و أمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية (9).

ص: 871


1- انظر: الإصابة (13/ 195) رقم (1216) و الاستيعاب (13/ 208) و أسد الغابة (7/ 320) رقم (7409).
2- لم أقف على من ذكر أن اسمه عياض بن حكيم، و إنما ذكر ابن سلامة أن اسمه عياض بن غنم، و ذكر البغوي و الخازن أن اسمه عياض بن شداد الفهري، كما نقل القرطبي عن القشيري أن اسمه عياض بن غنم القرشي، و نقل كذلك عن الثعلبي أن اسمه عياض بن أبي شداد الفهري، و لعله وقع خلاف في اسمه، و الأمر في ذلك سهل. انظر؛ الناسخ و المنسوخ لابن سلامة (ص 309) و لباب التأويل و في هامشه معالم التنزيل (7/ 67) و تفسير القرطبي (18/ 70) و راجع الإصابة (7/ 189) رقم (6135) و أسد الغابة (4/ 227) رقم (4155).
3- انظر: المصادر السابقة.
4- في د و ظ: فاتته.
5- الأنفال: (41).
6- في د و ظ: الآية. خطأ.
7- انظر: الإيضاح (ص 435، 436).
8- في د و ظ: بزوال.
9- انظر: الناسخ و المنسوخ لقتادة (ص 50) و الإيضاح (ص 437) قال النحاس: و أكثر الناس على أنها منسوخة، و نقل قول قتادة بنحو ما ذكره السخاوي. الناسخ و المنسوخ (ص 287). و أورده السيوطي مطولا، و عزاه إلى عبد بن حميد و أبي داود في ناسخه و ابن جرير و ابن المنذر كلهم عن قتادة. انظر: الدر المنثور (8/ 134). قال القرطبي:- بعد أن حكى قول الذين قالوا بالنسخ- و قال قوم: هو ثابت الحكم الآن أيضا، حكاه القشيري اه الجامع لأحكام القرآن (18/ 69). قلت: و هذا الذي تطمئن إليه النفس كما سبق. و قد أغفل ابن جرير دعوى النسخ على الآية، مع أنه أورد آثارا كثيرة في تأويلها، و ختمها بقوله: و أولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: أمر اللّه عزّ و جلّ في هذه الآية المؤمنين أن يعطوا من فرّت زوجته من المؤمنين إلى أهل الكفر إذا هم كانت لهم على أهل الكفر عقبى، إما بغنيمة يصيبونها منهم، أو بلحاق نساء بعضهم بهم، مثل الذي انفقوا على الفارة منهم إليهم، و لم يخصص إيتاءهم ذلك من مال دون مال، فعليهم أن يعطوهم ذلك من كل الأموال التي ذكرناها اه جامع البيان (28/ 77) و انظر النسخ في القرآن (2/ 798).

و ليس في الصف و لا في الجمعة و لا في المنافقين، و لا فيما بعد ذلك إلى سورة (ن) منسوخ (1).

ص: 872


1- إلا أن ابن الجوزي ذكر أن قوله تعالى: ... وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ- الآية (14) من سورة التغابن- منسوخ بآية السيف، ثم رد هذا الادّعاء لتعارضه مع سبب نزول الآية. انظر: نواسخ القرآن (ص 492) و راجع النسخ في القرآن (2/ 579- 581).
سورة ن

قال هبة اللّه: و كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يعجب بها (1) اه.

قلت: فيكون بسورة (و الضحى) (2) أشد إعجابا (3).

قال: و فيها منسوختان:- قوله عزّ و جلّ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (4) نسخها آية السيف (5).

ص: 873


1- انظر: الناسخ و المنسوخ لابن سلامة (ص 313).
2- (و الضحى) مكررة في الأصل.
3- و ذلك أن سورة (الضحى) تحمل في طياتها بيان ما للرسول صلّى اللّه عليه و سلّم من الشرف و المنقبة، و وعده فيها بالشفاعة يوم القيامة وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى بعد أن منّ عليه و صانه من الفقر و اليتم و غير ذلك، و أعطاه في الدنيا النصر و الظفر على الأعداء و كثرة الأتباع و الفتوح في زمانه و بعده إلى يوم القيامة، و أعلى دينه و رفع ذكره، و أمته خير الأمم، و أعطاه في الآخرة الشفاعة العامة و الخاصة، و المقام المحمود، و غير ذلك مما أعطاه في الدنيا و الآخرة صلّى اللّه عليه و سلّم. انظر: لباب التأويل للخازن (7/ 215) و بصائر ذوي التمييز (1/ 525).
4- القلم: (44).
5- الناسخ و المنسوخ لابن سلامة (ص 314) و ابن حزم (ص 61)، و ناسخ القرآن و منسوخه لابن البارزي (ص 54) و بصائر ذوي التمييز (1/ 476) و قلائد المرجان (ص 212) و أورده ابن الجوزي و رده بمثل كلام السخاوي. انظر نواسخ القرآن (ص 494). و هذا هو الصحيح، لأن الآية تسلية للرسول صلّى اللّه عليه و سلّم و تهديد لهم، أي كل أمر المكذبين إليّ فأنا أكفيك إياهم و أنا حسيبهم أنتقم منهم، فخل بيني و بينهم، فأنا عالم بما يستحقون و مثل هذا لا يقبل النسخ بحال، و اللّه أعلم.

و هذا خبر، و الخبر لا ينسخ، و هو (وعد) (1) من اللّه عزّ و جلّ.

قال: و الآية الثانية قوله عزّ و جلّ: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ (2).

قال: نسخ اللّه أمره بالصبر بآية السيف (3).

و قد مضى من القول في مثل هذا ما فيه كفاية.

ص: 874


1- هكذا في الأصل: وعد، و في بقية النسخ: (وعيد) و هو الصواب.
2- القلم: (48).
3- انظر المصادر السابقة الصفحات نفسها.
سورة الحاقة

ليس فيها نسخ.

ص: 875

سورة المعارج

قال هبة اللّه فيها منسوختان:

الأولى: قوله عزّ و جلّ: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا (1)في د و ظ: بتركهم.(2) نسخ بآية السيف.

الثانية: قوله عزّ و جلّ: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا ... (3) نسخ (اللّه) (4) ذلك بآية السيف اه (5).

و هذا يدلّ ممن قاله على أنه أمره أن يتركهم (5) خائضين لاعبين و إنما هذا تهديد و وعيد، و لا يقال أنه منسوخ بآية السيف؛.

و ليس في (نوح) و لا في سورة (6) (الجن) نسخ.

ص: 876


1- المعارج:
2- .
3- المعارج: (42).
4- لفظ الجلالة ألحق في ت و لم يقرأ.
5- انظر: الناسخ و المنسوخ لهبة اللّه بن سلامة (ص 315)، و ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 54) و بصائر ذوي التمييز (1/ 480) و قلائد المرجان (ص 213) و قد حكى ابن الجوزي دعوى النسخ في الآيتين عن المفسرين، و أحال إلى نظائرهما مما لا وجه للنسخ فيه. انظر نواسخ القرآن (ص 495). أما النحاس و مكي فقد تعرضا لذكر دعوى النسخ في الآية الأولى فقط و عزواه إلى ابن زيد، ثم قال النحاس: و ردّ على ابن زيد بعض أهل العلم اه كما قال مكي أيضا: و قد قيل: هي محكمة، و لم يزل صلّى اللّه عليه و سلّم صابرا عليهم رفيقا بهم اه. انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 290) و الإيضاح لمكي (ص 441). قلت: و هذا هو الصحيح، و قد سبق نظيره مرارا.
6- في د: و لا الجن. و في ظ: و لا في الجن.
سورة المزمل

قوله عزّ و جلّ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (1).

قالوا: أمره اللّه تعالى بقيام الليل عن آخره، ثم استثنى بقوله إِلَّا قَلِيلًا ثم نسخ القليل بنصفه، فقال: نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا إلى الثلث، فنسخ اللّه من القليل ثلثه، ثم قال: أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أي من النصف إلى الثلث (2).

و هذا كما تراه خبط حاصل عن عدم التحصيل.

إنما المعنى: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كانت حاله تختلف في قيام الليل، فيقوم مرة نصف الليل، و مرة يقوم قبل النصف، و مرة يقوم بعده، و لا يحصى وقتا واحدا، فقال له اللّه عزّ و جلّ:- مهوّنا عليه أمره في ذلك- قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ فنصفه بدل من الليل، أي قم نصف الليل إلّا قليلا (3) و لم يأمره بقيام الليل كله، أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أي انقص من النصف قليلا، و لم ينسخ اللّه بهذا من الليل ثلثه، كما زعم من تقدم ذكره.

ثم قال عزّ و جلّ: أَوْ زِدْ عَلَيْهِ يجوز أن تكون (4) الهاء عائدة (5) (أعلى) (6)

ص: 877


1- الآية الثانية من سورة المزمل يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا.
2- ذكر هذا ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 62) و كذلك ابن سلامة (ص 316) و انظر قلائد المرجان (ص 214).
3- في ظ: جاءت بعض العبارات هنا مضطربة و مكررة.
4- في د و ظ: أن يكون.
5- في ظ: عائد.
6- هكذا في الأصل: أعلى. خطأ، و في بقية النسخ (على) و هو الصواب.

النصف، و هو الظاهر، لقوله عزّ و جلّ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ (1) أي أقل من ثلثي الليل، و هذا تصريح بالزيادة على النصف.

و قيل: يجوز أن تكون الهاء عائدة على القليل، كأنه قيل: قم نصف الليل إلّا قليلا، أو زد على ذلك القليل.

و كذلك قالوا في الهاء في (منه): إنها عائدة على القليل أيضا.

قال الزمخشري: فيكون التخيير على هذا فيما وراء النصف، فيما بينه و بين الثلث اه (2) و هذا غير مستقيم، لأن القليل المستثنى من النصف غير معلوم، فكيف تعقل الزيادة عليه أو النقصان منه؟

و يدلّ على أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقوم الليل تطوعا قوله عزّ و جلّ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ و هذا هو الزيادة على النصف (و نصفه) فيمن قرأ بالنصب (3) (و ثلثه): أي و يقوم النصف و الثلث.

و في قراءة الخفض في (النصف و الثلث): المعنى: و يقوم أدنى من النصف- و الثلث.

و المعنى: أن اللّه تعالى قد رضى منك هذه الأحوال كلها، فأيّها اتّفق لك فهو حسن، و لا يريد اللّه بك و بمن يقوم معك العسر، فيضيق عليكم بوقت تتكلفونه، و قد (علم أن سيكون منكم مرضى) يجدون خفه في بعض هذه الأوقات دون بعض، و مسافرون لا يمكنهم مع (4) أحوال السفر إلّا التخفيف عليهم، و المجاهدون كذلك.

فإن قيل: كيف يكون تطوعا، و قد قال عزّ و جلّ (5): فَتابَ عَلَيْكُمْ؟

قلت: فَتابَ عَلَيْكُمْ كقوله عزّ و جلّ فَإِذْ لَمْ (6) تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ (7)

ص: 878


1- المزمل: (20).
2- انظر: الكشاف (4/ 175، 178) و راجع تفسير القرطبي (19/ 35- 37، 52) و أبي حبان (8/ 361).
3- قرأ عاصم و حمزة و الكسائي و ابن كثير و خلف بالنصب في (النصف و الثلث) و هما معطوفان على (أدنى) المنصوب على الظرفية ب (تقوم) و قرأ الباقون بالخفض فيهما، و هما معطوفان على (ثلثي الليل) المجرور ب (من). انظر: النشر (2/ 393) و المهذب (2/ 310).
4- في د و ظ: من.
5- في د و ظ: و قد قال اللّه عزّ و جلّ.
6- في ظ: (فإن لم) خطأ.
7- المجادلة: (13).

أي رخص لكم، فلا تبعة عليكم، فلمّا كانت حالهم في أن لا تبعه حال التائب (1) عبّر عن الترخيص بالتوبة، و يلزم من قال بالوجوب أن تكون الآية منسوخة، لأنه قد ثبت أن لا فرض من الصلاة إلّا الخمس، و هو إجماع المسلمين.

و قول الأعرابي: (هل عليّ غير ذلك؟ فقال رسول (2) اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: لا، إلّا أن تطوع) (3).

و لا بد من ذكر أقوال العلماء، لأنه من غرض (4) الناسخ و المنسوخ (5).

قال أكثرهم: كان قيام الليل فرضا على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و على المسلمين، ثم خفّف عنهم في الآيتين في آخر السورة، فنسخ بهما أولها (6).

و قد قلت: أن ذلك ليس بنسخ، و إنما هو تخفيف من (7) المقدار لأنهم لا يحصونه.

و قيل: كان فرضا على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم وحده، ثم نسخ بآخر السورة.

و قيل: (8) كان ندبا، و هو الصواب- إن شاء اللّه تعالى- و القول (9) بأنه كان تطوعا، أوضح منه.

و قوله (10) عزّ و جلّ قُمِ اللَّيْلَ: أي دم على ما تطوعت به، مدحا لحاله و تحسينا لها (11).

ص: 879


1- غير واضحة في الأصل.
2- في د و ظ: فقال صلّى اللّه عليه و سلّم.
3- ورد الحديث في عدد من كتب السنة في قصة الأعرابي الذي جاء يسأل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. انظر: صحيح البخاري كتاب الإيمان باب الزكاة في الإسلام (1/ 17) و كتاب الصوم، باب وجوب صوم رمضان (2/ 225)، و صحيح مسلم كتاب الإيمان باب من إقام الفرائض فقد أفلح (1/ 166) و سنن الترمذي أبواب الزكاة باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك (3/ 246) و سنن أبي داود كتاب الصلاة باب فرض الصلاة (1/ 272).
4- في د و ظ: ممن عرض.
5- إلى هنا انتهى السقط الكبير الذي حصل في (ظق) و الذي ابتدأ من سورة الشورى.
6- هكذا قال المصنف: في الآيتين. و الظاهر أنها آية واحدة ابتداء من قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى ... الآية إلى آخر السورة. و هي التي يدور الكلام حولها.
7- في د و ظ: تخفيف في المقدار.
8- سقطت الواو من ظ.
9- سقطت الواو من ظ.
10- سقطت الواو من ظ.
11- قاله الزمخشري في الكشاف (4/ 174).

و قال ابن عباس: «كان بين أول السورة و آخرها سنة» اه (1).

و عن عائشة- رضي اللّه عنها- «لما نزلت يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ كان الرجل يربط الحبل، و يتعلّق به، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى اللّه عزّ و جلّ ما يبتغون (2) من رضوانه، فرحمهم، فردّهم إلى الفريضة و ترك قيام الليل» اه (3).

و أنت في هذه الرواية بين أمور ثلاثة:

1- إما إبطال قول من يقول: إن (المزمل) من أول ما نزل، لأن عائشة- رضي اللّه عنها- لم تكن هناك في ذلك الوقت (4).

2- و إما أن تصحح أن (المزمل) من أول ما نزل، فتبطل هذه الرواية.

3- و إما أن تقول: (5) أن عائشة- رضي اللّه عنها- سمعت ذلك من غيرها، فأخبرت به (6).

و مما يدل (على) (7) أن عائشة رضي اللّه عنها أخبرت عن مشاهدة لا عن سماع: (إنما

ص: 880


1- أخرجه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب نسخ قيام الليل و التيسير فيه (2/ 72). و أبو عبيد في الناسخ و المنسوخ (ص 529) و الطبري في تفسيره (29/ 124). و فيه: و كان بين أولها و آخرها قريب من سنة، و في رواية: نحو من سنة اه. و رواه النحاس كذلك في الناسخ (ص 291). و الحاكم في المستدرك و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي. كتاب التفسير (2/ 505) و بهامشه التلخيص. و انظر الدر المنثور (8/ 312).
2- في ظ: ما يتبعون.
3- أخرجه بنحوه ابن جرير الطبري. جامع البيان (29/ 125). و زاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم. الدر المنثور (8/ 312).
4- قال ابن المنيّر: و ما نقل أن ذلك كان في مرط عائشة- رضي اللّه عنها- فبعيد، فإن السورة مكية، و بنى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم على عائشة- رضي اللّه عنها- بالمدينة، و الصحيح في الآية أن ذلك كان في بيت خديجة عند ما لقيه جبريل أول مرة، فبذلك وردت الأحاديث الصحيحة، و اللّه أعلم اه بتصرف يسير من كتاب الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال (4/ 174) على هامش الكشاف للزمخشري.
5- في ظق: أن يقول:
6- في د و ظ: فأخبرت بذلك.
7- ليست في الأصل، و وضع الناسخ سهما لإضافتها فلم تظهر.

سألت) (1) ما كان تزميله؟ (قال) (2) (كان مرطا (3) أربعة (4) عشرة ذراعا) (5) نصف عليّ و أنا نائمة، و نصف عليه و هو يصلّي، فقيل لها: فما كان؟

فقالت: و اللّه ما كان خزا (6) و لا قزا (7) كان (شداه) (8) شعر و لحمته (9) وبر (10) اه.

و يؤيد هذا ما دلّت عليه السورة من كثرة المسلمين بقوله: وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ.

و في قوله: وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ دليل على أنه لم يكن فرضا، إذ لو كان فرضا (11) لقام الكل و لم يخص طائفة منهم.

ص: 881


1- هكذا في الأصل: إنما سألت، و في بقية النسخ: أنها سئلت و هي الصواب.
2- هكذا في الأصل وظق، و هو خطأ، و في د و ظ: قالت. و هو الصواب.
3- المرط: كل ثوب غير مخيط، و هو كساء من خز أو صوف أو كتان. و قيل: هو الثوب الأخضر، و جمعه: مروط. اللسان (7/ 401) (مرط) و انظر معالم السنن (4/ 315).
4- هكذا في الأصل: أربعة عشرة ذراعا. و في ظق: أربع عشر ذراعا و في د و ظ: أربع عشرة ذراعا.
5- جاءت العبارة في ظق، قال: مرطا طويلاه أربع عشر ذراعا، و هي عبارة مضطربة.
6- قال ابن منظور: الخز: معروف من الثياب مشتق منه، عربي صحيح، و هو من الجواهر الموصوف بها اه اللسان (5/ 345) (خزز).
7- و القز من الثياب و الابريسم، أعجمي معرّب، و جمعه: قزوز، و هو الذي يسوي منه الإبريسم. اللسان (5/ 395) (قزز).
8- هكذا في الأصل: شداه. و في بقية النسخ: سداه و هو الصواب.
9- الوبر:- بفتح الواو و الباء- صوف الإبل و الأرانب و نحوها، و الجمع أوبار. اللسان (5/ 271) (وبر).
10- لم أقف عليه في كتب الحديث أو التفسير، و إنما أورده الزمخشري دون عزو. انظر الكشاف (4/ 174). و أورده القرطبي و عزاه إلى الثعلبي. انظر الجامع لأحكام القرآن (19/ 32) و قد سبق ما ذكر ابن المنيّر حول هذا و استبعاده أن ذلك كان في المدينة بدليل أن السورة مكية، و زواج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بعائشة كان في المدينة ... الخ. و قال أبو حيان: و ما رووه أن عائشة- رضي اللّه عنها- سئلت ما كان تزميله .... إلى آخر الرواية: كذب صراح، لأن نزول (المزمل) بمكة في أوائل مبعثه، و تزويجه عائشة كان بالمدينة اه البحر المحيط (8/ 360).
11- عبارة (إذ لو كان فرضا) سقطت من ظق بانتقال النظر.

و قال ابن جبير: «مكث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقوم الليل كما أمره اللّه عزّ و جلّ عشر سنين، ثم خفّف عنهم بعد عشر سنين» اه (1).

و قال عكرمة: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نسختها التي في آخرها عَلِمَ أَنْ لَنْ (2) تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ.

و قد ثبت (3) أن ذلك في القيام (المقرر) (4) و الوقت المعين، علم أن لن تحصوا ذلك فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (5) لأنه يلزم من قراءة ما تيسّر من القرآن، قيام ما اتّفق من الأوقات.

و قال قتادة: قاموا حولين حتى تنفخت (6) أقدامهم و سوقهم، فأنزل اللّه عزّ و جلّ تخفيفا في آخر السورة اه (7).

فهذه أقوال العلماء، فإن حملت أول السورة على التطوع أو على الندب، و آخرها

ص: 882


1- أخرجه ابن جرير بسنده عن سعيد بن جبير. انظر جامع البيان (29/ 125). و زاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد و ابن أبي حاتم. انظر الدر المنثور (8/ 312). و أورده القرطبي معزوا إلى سعيد بن جبير. انظر الجامع لأحكام القرآن (19/ 34). قلت: و هذا الأثر المروي عن سعيد بن جبير ضعيف بدليل ما يأتي. أولا: أنه مخالف لما ثبت عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- كما سبق. ثانيا: أن رجال السند الذين ذكرهم ابن جرير إلى سعيد بن جبير قد تكلّم فيهم علماء الجرح و التعديل، فابن حميد الذي روى عنه ابن جرير ضعيف. انظر الميزان (3/ 530). و ابن حميد يروي عن يعقوب القمي، و هو صدوق يهم. انظر التقريب (2/ 376)، و يعقوب القمي يروي عن جعفر بن أبي المغيرة، و هو كذلك صدوق يهم. انظر التقريب (1/ 133).
2- في د: (علم أن لا تحصوه) خطأ.
3- في د و ظ: و قد بينت.
4- هكذا في الأصل: المقرر، و في بقية النسخ: المقدر.
5- في ظق: سقط بمقدار سطر من قوله .... ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ السابقة إلى هنا بانتقال النظر.
6- في بقية النسخ: حتى انتفخت.
7- و نص كلام قتادة:- بعد ذكر أول السورة- قال: ففرض اللّه عزّ و جلّ قيام الليل في أول هذه السورة، فقام أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حتى انتفخت أقدامهم، فأمسك اللّه خاتمتها حولا، ثم أنزل اللّه عزّ و جلّ التخفيف في آخرها، قال اللّه عزّ و جلّ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ... الآية. فنسخت هذه ما كان قبلها من قيام الليل، فجعل قيام الليل تطوعا بعد فريضة و قال: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ و هما فريضتان لا رخصة لأحد فيهما اه الناسخ و المنسوخ (ص 50).

على ترك المؤاخذة بالمقدار (كان) (1) الآيتان (محكمتان) (2) و إن حملت أولها على الوجوب كان آخرها ناسخا لأولها، و كانوا في آخرها مأمورين بأن يصلّوا ما تيسّر لهم، ثم كان آخرها- أيضا- منسوخا بالصلوات الخمس (3) جعلنا اللّه من الذين يستمعون القول فيتّبعون احسنه.

قوله عزّ و جلّ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (4)النساء: (28).

و قد قال هذا ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 62) و كذلك ابن سلامة (ص 317).(5) زعموا أنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ (5) و هذا خبر لا يجوز نسخه.

و عن (6) ابن عباس- رضي اللّه عنهما- (كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه، و تربد (7) له وجهه) (8).

و عن عائشة- رضي اللّه عنها- «كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم (9) عنه، و إن جبينه ليتفصد (10) عرقا (11)» اه.

ص: 883


1- هكذا في النسخ (كان) و هو خطأ و الصحيح (كانت).
2- هكذا في الأصل (محكمتان) و هو خطأ نحوي واضح. و في بقية النسخ: (محكمتين) و هو الصواب.
3- راجع تفسير القرطبي (19/ 36).
4- المزمل:
5- .
6- من هنا إلى قوله: و تربد له وجهه. أضيف في حاشية ظ فلم يظهر.
7- الرّبد: تغير بشرة الوجه، و كان يحصل له- صلّى اللّه عليه و سلّم- ذلك لعظم موقع الوحي. و راجع اللسان (3/ 170) (ربد) و شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 190).
8- رواه الإمام مسلم بنحوه في حديث طويل عن عبادة بن الصامت- رضي اللّه عنه- كتاب الحدود باب حد الزنا (11/ 190)، و في كتاب الفضائل باب طيب عرقه صلّى اللّه عليه و سلّم و التبرك به (15/ 89) و رواه الإمام أحمد في المسند (5/ 317، 318، 327).
9- أصل الفصم: القطع فقوله: (فيفصم) بفتح أوله و سكون الفاء و كسر المهملة- أي يقلع و يتجلى ما يغشاني. فتح الباري (1/ 20) و اللسان (12/ 454) (فصم).
10- ليتفصد: بالفاء و تشديد المهملة، مأخوذ من الفصد، و هو قطع العرق لإسالة الدم، شبه جبينه بالعرق المفصود، مبالغة في كثرة العرق، فتح الباري (1/ 20) و انظر اللسان (3/ 337) (فصد).
11- رواه البخاري في صحيحه كتاب بدء الوحي (1/ 18) بشرح ابن حجر، و مالك في الموطأ باب كيف كان يأتيه الوحي (2/ 474) و الترمذي في أبواب المناقب باب ما جاء كيف كان ينزل الوحي على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم (10/ 112) و النسائي في كتاب الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن (2/ 149) و أحمد في المسند (6/ 257).

و قال زيد بن ثابت: أملى عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ..

وَ الْمُجاهِدُونَ (1) فِي سَبِيلِ اللَّهِ (2) فجاء ابن أم مكتوم (3) و هو يملها عليّ، فقال: يا رسول اللّه، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، قال: فأنزل اللّه عليه- و فخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على فخذي، فثقلت، حتى خشيت أن (4) ترتض (5) فخذي، فأنزل اللّه عزّ و جلّ- غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (6) (7) اه.

و قيل: ثقيل في الميزان.

و قيل: ثقيل على أهل النفاق.

و قال الحسن: «إن الرجل ليهذ القرآن (8) و لكن العمل به ثقيل» اه.

و قال قتادة: «فرائض القرآن و حدوده ثقيل و اللّه» اه.

و عن (9) عروة: «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا أوحي إليه و هو على ناقته وضعت جرانها (10).

فما تستطيع (11) أن تتحرك حتى يسرى عنه» (12) اه.

ص: 884


1- في الأصل: (و المهاجرين) خطأ.
2- أي قبل أن ينزل عليه غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ الآتية.
3- و هو عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم، و قيل: اسمه: عبد اللّه و اسم أمه: عاتكة، و تكنى أم مكتوم، صحابي شجاع، كان ضرير البصر، أسلم بمكة، و هاجر إلى المدينة بعد وقعة بدر و كان مؤذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مع بلال، و حضر حرب القادسية، فقاتل- و هو أعمى- و رجع بعدها إلى المدينة، فتوفى سنة 23 ه انظر جمهرة أنساب العرب (ص 171) و صفة الصفوة (1/ 582)، و التقريب (2/ 70) و الأعلام (5/ 83).
4- (أن) ساقطة من د و ظ.
5- أي تدقها، كما في فتح الباري (8/ 261).
6- فيصير نص الآية لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ ... الآية (95) من سورة النساء.
7- رواه البخاري في صحيحه كتاب التفسير باب لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ... (8/ 259) بشرح ابن حجر، و الترمذي في سننه أبواب التفسير باب و من سورة النساء (8/ 390) و انظر الدر المنثور (2/ 639).
8- سبق ذكر معنى (الهذ) و أنه بمعنى سرعة القراءة.
9- (و عن) غير واضحة في ظ.
10- أي باطن عنقها، و قيل: الجران: مقدم العنق من مذبح البعير إلى منحره؛ فإذا برك البعير و مد عنقه على الأرض، قيل: ألقى جرانه على الأرض. اللسان (13/ 86) (جرن).
11- في د و ظ: فما يستطيع أن يتحرك.
12- رواه الإمام احمد في المسند بنحوه (6/ 118) و الطبري- و اللفظ له- جامع البيان (29/ 127) و الحاكم في المستدرك، و قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي، كتاب التفسير (2/ 505).

و قال ابن زيد: «هو- و اللّه- ثقيل مبارك، كما ثقل في الدنيا ثقل في الموازين يوم القيامة» (1) اه.

و قوله عزّ و جلّ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (2).

قالوا: نسخ بآية السيف (3).

و قد قدّمت القول في ذلك (4).

و قوله عزّ و جلّ وَ ذَرْنِي- وَ الْمُكَذِّبِينَ ... (5) الآية.

قالوا: نسخت بآية السيف (6).

ص: 885


1- أورد ابن جرير قول الحسن و قتادة و عروة و ابن زيد، ثم قال: و أولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال: إن اللّه وصفه بأنه قول ثقيل، فهو كما وصفه به، ثقيل محمله، ثقيل العمل بحدوده و فرائضه اه جامع البيان (29/ 127، 128). و راجع معالم التنزيل للبغوي (7/ 138) و زاد المسير (8/ 389) و الجامع لأحكام القرآن (19/ 38) و تفسير ابن كثير (4/ 435) و الدر المنثور (18/ 315).
2- المزمل (10) وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا.
3- قاله ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 62) و ابن سلامة (ص 317) و ابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 55) و الكرمي في قلائد المرجان (ص 216). و رواه الطبري و النحاس بسنديهما عن قتادة. جامع البيان (29/ 134) و الناسخ و المنسوخ (ص 292). و عزاه مكّي و ابن الجوزي و القرطبي إلى قتادة كذلك دون إسناد، الإيضاح (ص 444) و نواسخ القرآن (ص 499) و الجامع لأحكام القرآن (19/ 45).
4- سبق مرارا كلام المصنف على مثل هذا حيث أثبت الإحكام في كل الآيات التي تحمل في طياتها معنى الصبر و ادعى بعض العلماء القول بنسخها بآية السيف. و راجع النسخ في القرآن (2/ 517، 518).
5- المزمل (11) وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلًا.
6- قاله ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 62) و ابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 55) و الكرمي في قلائد المرجان و رده (ص 216) و الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 487) قال ابن الجوزي: زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف و ليس بصحيح، لأن قوله (ذرني) وعيد، و أمره بإمهالهم ليس على الإطلاق، بل أمره بإمهالهم إلى حين يؤمر بقتالهم، فذهب زمان الإمهال، فأين وجه النسخ؟ اه. نواسخ القرآن (ص 500) و راجع النسخ في القرآن (1/ 497).

و هذا تهديد و وعيد غير منسوخ بها.

و قوله تعالى إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (1).

قالوا: نسخ ذلك بقوله سبحانه وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* (2) (3).

و قد تقدّم ذكره (4) و القول في إبطاله (5).

ص: 886


1- المزمل (19).
2- الإنسان (30) و التكوير (29).
3- حكاه ابن حزم في الناسخ و المنسوخ، قال: و قيل: نسخت بآية السيف اه (ص 63) و ابن سلامة (ص 318). و قال ابن البارزي و الفيروزآبادي: نسخت بآية السيف اه. ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 55) و بصائر ذوي التمييز (1/ 487) و قد رد ابن الجوزي القول بالنسخ هنا و فنده بقوله: زعم بعض من لا فهم له أنها نسخت بقوله وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* و ليس هذا بكلام من يدري ما يقول، لأن الآية الأولى أثبتت للإنسان مشيئة، و الآية الثانية أثبتت أنه لا يشاء حتى يشاء اللّه و كيف يتصور النسخ؟. اه نواسخ القرآن (ص 500) و راجع النسخ في القرآن (1/ 475).
4- في ظق: و قد تقدّم ذكره أن الكلام و القول في إبطاله. حيث أدرج كلمة (أن الكلام) و لا معنى لها.
5- و يكفي في رد هذا و إبطاله قول ابن الجوزي المتقدم قريبا. و قد سبق للمصنف كلام حول هذا أثناء مناقشته لدعوى النسخ في قوله تعالى فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ الآية (29) من سورة الكهف (ص 755).
سورة المدثر

لا منسوخ فيها.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (1) أي (خلى) (2) بيني و بينه فإني أتولى إهلاكه، مع القصة إلى آخرها: نسخ ذلك بآية السيف (3) و كيف يعده بإهلاكه، و بأنه يتولى ذلك منه على ما (ذكره) (4) ثم ينسخه بآية السيف؟ (5).

ص: 887


1- المدثر (11).
2- هكذا في الأصل و ظق: (خلى) خطأ نحوي، و في د و ظ (خل) و هو الصواب.
3- قاله ابن حزم (ص 63) و ابن سلامة (ص 319) و ابن البارزي (ص 55) و الفيروزآبادي (1/ 488) و الكرمي (ص 218).
4- هكذا في الأصل: على ما ذكره. و في ظق: على ما ذكروا و في د و ظ: على ما ذكروه.
5- قال ابن الجوزي: هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، و المعنى خل بيني و بينه فإني أتولى إهلاكه، و قد زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف، و هذا باطل من وجهين: أحدهما: أنه إذا ثبت أنه وعيد، فلا وجه للنسخ، و قد تكلمنا على نظائرهما فيما سبق. و الثاني: أن هذه السورة مكّية، و آية السيف مدنية، و الوليد هلك بمكة قبل نزول آية السيف اه. نواسخ القرآن (ص 501) و راجع النسخ في القرآن (1/ 497).
سورة القيامة

لا نسخ فيها.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (1) إنه منسوخ بقوله عزّ و جلّ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (2) و هذا خلف من القول، لأن اللّه عزّ و جلّ لم يأمره بالنسيان ثم نهاه عنه!.

و أظنهم توهموا ذلك، و أن (لا) في قوله: (فلا تنسى) للنهي و ما هي للنهي (3) (لا) (4) من جهة المعنى، و لا من جهة اللفظ، أما اللفظ فغير مجزوم، و أما المعنى، فليس النسيان مما يقدر الإنسان على اجتنابه فينهي عنه (5).

و هذا خبر، أخبر اللّه عزّ و جلّ به نبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه يقرئه فلا ينسى، فما معنى النسخ؟

فإن قالوا: كان يعجّل بالقرآن خوف النسيان، فقال اللّه عزّ و جلّ: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى

ص: 888


1- القيامة (16).
2- الأعلى (6). ذكر هذا ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 63) و كذلك ابن سلامة (ص 319) و ابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز (ص 56)، و الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 490). و نقله الكرمي عن هبة اللّه بن سلامة و رده، قال: و وجه النسخ هنا غير ظاهر جدا اه قلائد المرجان (ص 219).
3- عبارة: (و ما هي للنهي) ساقطة من ظ بانتقال النظر.
4- غير واضحة في ت.
5- و راجع البحر المحيط (8/ 458) و الجامع لأحكام القرآن (20/ 19).

قلت: فأين النسخ؟! و الآيتان في معنى واحد (1).

قال ابن عباس: «كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يلقى في التنزيل شدة، فكان يحرّك شفتيه كراهة أن يتفلت منه، فأنزل اللّه جلّ ذكره لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ أي جمعه في صدرك و أن تقرأه، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أي (فأنصت) (2) و استمع، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أي علينا أن نبيّنه بلسانك، قال: فكان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إذا أتاه جبريل- عليه السلام- استمع (3) فإذا انطلق قرأ كما قرأ» (4) اه.

و قال الضحاك: كان (5) يفعل ذلك مخافة أن ينساه، قيل له إن علينا أن نحفظه في قلبك، و أن تقرأه بعد حفظه.

و روى ذلك عن ابن عباس أيضا و مجاهد و قتادة.

و قال قتادة: (إن علينا جمعه و قرآنه) أي جمعه في قلبك حتى تحفظه (و قرآنه) أي تأليفه (6). فأي فرق بين هذه الآية و بين آية (الأعلى) فالقول بأن هذا منسوخ بذلك (7)

ص: 889


1- قلت: و نظير هاتين الآيتين قوله تعالى .. وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ... الآية (114) من سورة طه. و قد سبق أن ذكرها المصنف في موضعها (ص 759) ورد على القائلين بأنها منسوخة بقوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى و أبطله.
2- غير واضحة في ت.
3- في بقية النسخ: يستمع.
4- أصل الحديث في صحيح البخاري كتاب التفسير (8/ 680) بشرح ابن حجر. و صحيح مسلم كتاب الصلاة باب الاستماع للقراءة (4/ 165) بشرح النووي، و سنن الترمذي أبواب التفسير باب و من سورة القيامة (9/ 248) و سنن النسائي كتاب الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن (2/ 149) و انظر جامع البيان (29/ 187) و جامع الأصول (2/ 420) و الدر المنثور (8/ 348).
5- كلمة (كان) ساقطة من د و ظ.
6- انظر الآثار في ذلك عن ابن عباس و مجاهد و الضحاك و قتادة في جامع البيان للطبري (29/ 188) و الدر المنثور (8/ 348). قال الطبري: و أشبه القولين بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، القول الذي ذكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، و ذلك أن قوله إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ ينبئ أنه إنما نهي عن تحريك اللسان به متعجلا فيه قبل جمعه، و معلوم أن دراسته للتذكر إنما كانت تكون من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من بعد جمع اللّه له ما يدرس من ذلك اه المصدر نفسه.
7- في ظق: بذاك.

خطأ من جهة أن (1) الخبر لا يدخله النسخ، و من جهة أن المعنى فيهما واحد.

و ما كان ينبغي أن (2) (يتكلم) (3) على هذا، فإنه لفساده يوقع كلام المتكلم عليه في الضيم (4).

ص: 890


1- (أن) ساقطة من د و ظ.
2- ينبغي أن: ساقط من ظق.
3- هكذا: في الأصل: أن يتكلم. و في بقية النسخ: أن نتكلم، و هي الصواب.
4- قلت: و لذلك لم يتعرض لذكر هذه الآية ضمن الآيات المدعي عليها النسخ معظم علماء التفسير و النسخ، مثل قتادة و الطبري و النحاس و مكي و ابن الجوزي و القرطبي و غيرهم.
سورة الإنسان

ليس فيها منسوخ.

و زعم هبة اللّه- و أظنه نقله عن غيره (1)- أن فيها آيتين منسوختين و بعض آية:

قوله عزّ و جلّ وَ أَسِيراً (2).

قال: هذا منسوخ، و هو من غير أهل القبلة (3) اه.

و اللّه تعالى مدح قوما بإطعام الأسير و لم ينه عن ذلك إذا كان مشركا فكيف يكون منسوخا، و في إطعام الأسير المشرك مثوبة؟ (4).

ص: 891


1- ليس هناك ما يدل على أن ابن سلامة نقل هذا القول عن أحد، و إنما هو رأيه، و اللّه أعلم.
2- الإنسان (8) وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً.
3- انظر: الناسخ و المنسوخ لهبة اللّه بن سلامة (ص 320). و قال ابن البارزي و الفيروزآبادي: أنها منسوخة بآية السيف. انظر: ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 56) و بصائر ذوي التمييز (1/ 493) و راجع قلائد المرجان (ص 220) قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أن هذه الآية تضمنت المدح على إطعام الأسير المشرك. قال: و هذا منسوخ بآية السيف، و ساق بسنده إلى سعيد بن جبير أنه قال: «و أسيرا» قال: يعني من المشركين، نسخ السيف الأسير من المشركين. اه. ثم قال ابن الجوزي: و إنما أشار بهذا إلى أن الأسير يقتل و لا يفادي، فأما إطعامه ففيه ثواب بالإجماع ... و الآية محمولة على التطوع، فأما الفرض فلا يجوز صرفه إلى الكفار أه نواسخ القرآن (ص 502).
4- و لعل من المناسب هنا أن أنقل هذا الخبر عن الزركشي فيما يتعلق بكلام هبة اللّه بن سلامة هذا، حيث قال:- أي الزركشي- و من ظريف ما حكي في كتاب هبة اللّه أنه قال في قوله تعالى وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً منسوخ من هذه الجملة وَ أَسِيراً و المراد بذلك أسير المشركين، فقرئ الكتاب عليه- و ابنته تسمع- فلما انتهى إلى هذا الموضع، قالت: أخطأت يا أبت في هذا الكتاب، فقال لها: و كيف يا بنيه؟ قالت: أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم و لا يقتل جوعا اه البرهان (2/ 29).

و قد قال قتادة: إنه المأسور المشرك.

و قال الحسن: ما كان إسراؤهم إلّا المشركين.

و قال عكرمة: الأسير في ذلك الزمان: المشرك.

و قال مالك: يعني أسرى المشركين.

و قال مجاهد و ابن جبير و عطاء: المراد بالأسير: المسجون من المسلمين (1).

و هذا كله من صفات الأبرار، و الآية غير منسوخة، و ليس قول قتادة: و أخوك المسلم أحق منه مما يوجب تقويله بالنسخ.

قال: و الآية الكاملة قوله عزّ و جلّ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ... (2) الآية، قال:

نسخت بآية السيف اه (3).

ص: 892


1- ذكر الطبري هذه الأقوال بأسانيدها عن قتادة و الحسن و عكرمة و مجاهد و عطاء و ابن جبير، ثم قال: و الصواب من القول في ذلك أن يقال: أن اللّه وصف هؤلاء الأبرار بأنهم كانوا في الدنيا يطعمون الأسير ... و اسم الأسير قد يشمل الفريقين، و قد عم الخبر عنهم أنهم يطعمونهم، فالخبر على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له، و أما قول من قال: لم يكن لهم أسير يومئذ إلا أهل الشرك فإن ذلك- و إن كان كذلك- فلم يخصص بالخبر الموفون بالنذر يومئذ، و إنما هو خبر من اللّه عن كل من كانت هذه صفته يومئذ و بعده إلى يوم القيامة، و كذلك الأسير معنى به أسير المشركين و المسلمين يومئذ و بعد ذلك إلى قيام الساعة اه جامع البيان (29/ 209، 210). و راجع معالم التنزيل للبغوي (7/ 159) و زاد المسير (8/ 433) و الجامع لأحكام القرآن (19/ 129) و الدر المنثور (8/ 371).
2- الإنسان: (24).
3- الناسخ و المنسوخ لابن سلامة (ص 321) و حكاه ابن حزم (ص 63) و الكرمي (ص 220) و الفيروزآبادى (1/ 493) قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أنها منسوخة بآية السيف، و قد تكلمنا عن نظائرها و بينا عدم النسخ اه. نواسخ القرآن (ص 503) قلت: و كذلك سبق للمصنف مناقشة الآيات التي تتكلم عن الصبر و تأمر الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم و المؤمنين بتحمل الأذى الذي يلاقونه من المشركين، و في الوقت نفسه كانوا مطالبين بقتلهم و قتالهم، و قرر- رحمه اللّه- مرارا أنه لا تعارض بين تلك الآيات و بين آية السيف، و اللّه الموفق للصواب.

و ليس في هذا نهي عن القتال، فيكون منسوخا بالأمر بالقتال و حكم الأمر بالصبر على (1) الشدائد باق.

و الآية الأخرى قوله عزّ و جلّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (2).

قال: نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* (3) اه، و هذا ضرب من الجهل عظيم، فإنه (4) عزّ و جلّ لم يطلق المشيئة للعبيد، ثم حجزها (5) عنهم و نسخها، و إنما أعلم أن العبد إذا شاء أمرا من صلاح أو ضلال، فلا (6) يكون ذلك إلّا أن يشاء اللّه، و هذا وعيد و تهديد، لأن اللّه عزّ و جلّ بيّن في هذه السورة الطريقين (7) ثم قال:- على (8) وجه التهديد- من شاء النجاة اتّخذ إلى ربّه سبيلا (9) و من شاء غير ذلك فسيرى ما يناله (10) من العذاب الأليم المعد للظالمين.

ص: 893


1- في بقية النسخ: في الشدائد.
2- الإنسان (29).
3- الإنسان (30) و التكوير (29). و انظر: الناسخ و المنسوخ لهبة اللّه بن سلامة (ص 321). و حكاه ابن حزم و الكرمي، قالا: نسخ التخيير بآية السيف اه الناسخ و المنسوخ (ص 63) و قلائد المرجان (ص 220) و حكي ابن الجوزي النسخ عن بعضهم. انظر: نواسخ القرآن (ص 503). و قد سبق لابن الجوزي و السخاوي رد دعوى النسخ في نظير هذه الآية من سورة المزمل (ص 886) فلينظر.
4- في د و ظ: و إنه.
5- في بقية النسخ: حجرها. بالراء.
6- في د و ظ: و لا يكون.
7- أي في قوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً الآية الثالثة من السورة نفسها.
8- (على) ساقطة من ظ.
9- في ظ: كتب الناسخ بعد قوله ... سَبِيلًا: قال: نسخ ذلك بقوله عزّ و جلّ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* و هذا ضرب من الجهل، و من شاء غير ذلك ... الخ. و هو تكرير لما سبق قبل عدة أسطر.
10- في د و ظ: فيرى ما ناله.
سورة المرسلات

ليس فيها ناسخ و لا منسوخ.

و سورة النبأ: ليس فيها ناسخ و لا منسوخ.

و روي أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم هاجر من غداة يوم إنزالها (1) فهي من آخر المكّي الأول، لأن المكّي الأول: ما نزل قبل (2) الهجرة و المكّي الثاني بعد الفتح (3).

ص: 894


1- في ظق: من يوم غداة إنزالها.
2- في ظ: من قبل الهجرة.
3- انظر الناسخ و المنسوخ لهبة اللّه بن سلامة (ص 322). قال الزركشي: أعلم أن للناس في ذلك ثلاثة اصطلاحات:- أحدها: أن المكي ما نزل بمكة، و المدني ما نزل بالمدينة. و الثاني:- و هو المشهور- أن المكي ما نزل قبل الهجرة، و إن كان بالمدينة، و المدني ما نزل بعد الهجرة و إن كان بمكة. و الثالث: أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة و المدني ما وقع خطابا لأهل المدينة اه البرهان (1/ 187) قلت: و قد سبق الحديث عن هذا أثناء الكلام عن (نثر الدرر في معرفة الآيات و السور) و قد كانت سورة (النبأ) تحمل رقم (79) في ترتيب السور المكية و بعدها سورة النَّازِعاتِ ثم إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ثم إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ثم الم* غُلِبَتِ الرُّومُ ثم (العنكبوت) ثم سورة (المطففين) و هذا على ما ذكره السخاوي من رواية عطاء الخراساني. انظر (ص 108) من هذا الكتاب.
سورة النازعات

لا ناسخ فيها و لا منسوخ. سورة عبس: كذلك.

و قالوا: قوله عزّ و جلّ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (1) منسوخ بقوله وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* (2) و قد تقدّم القول فيه (3). و كذلك سورة التكوير.

و قالوا في قوله عزّ و جلّ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (4) هو منسوخ بقوله عزّ و جلّ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (5)، و قد تقدّم (6).

و ليس في سورة (الانفطار) و ما بعدها إلى (الطارق) ناسخ و لا منسوخ

ص: 895


1- عبس (12).
2- الإنسان (30) و التكوير (29). و قد ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم (ص 64) و ابن سلامة (ص 324) و ابن البارزي (ص 57) و حكاه ابن الجوزي و رده. انظر نواسخ القرآن (ص 504) و قال الفيروزآبادي و الكرمي: إنها منسوخة بآية السيف اه بصائر ذوي التمييز (1/ 501) و قلائد المرجان (ص 221).
3- راجع مناقشة السخاوي لدعوى النسخ في قوله تعالى إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (آية 19) من سورة المزمل (ص 886).
4- التكوير: (27).
5- التكوير: (29). و قد ذكر دعوى النسخ هنا ابن سلامة في الناسخ و المنسوخ (ص 324) و الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (1/ 503) و حكى فيها ابن البارزي القولين النسخ و الأحكام. انظر ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 57) و حكاه ابن الجوزي و رده. انظر نواسخ القرآن (ص 505). و كذلك أورده الكرمي، ثم قال: قال بعضهم: إن دعوى النسخ في هذا و شبهه غير متجه، لأنه سبحانه إنما أخبر أن مشيئتهم لا تقع إلا بعد مشيئة اللّه تعالى اه قلائد المرجان (ص 222) قلت: و هذا هو الصحيح، و قد تقدم.
6- أي في سورة المزمل السالفة الذكر.
سورة الطارق

قوله عزّ و جلّ فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (1) نسخ بآية السيف (2) و قد تقدّم القول في ذلك (3).

ص: 896


1- الطارق: (17).
2- ذكر هذا ابن حزم (ص 65) و ابن سلامة (ص 326) و ابن البارزي (ص 57) و الفيروزآبادي (1/ 512) و الكرمي (ص 223).
3- قلت: لعله يريد عند قوله تعالى فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ الآية (84) من سورة مريم، حيث قال هناك: أن هذا تهديد و وعيد، و ليس بمنسوخ بآية السيف اه (ص 758). و هو كما قال- رحمه اللّه- و بناء عليه فلا نسخ، و راجع نواسخ القرآن (ص 506) و النسخ في القرآن (1/ 497).
سورة الأعلى

لا نسخ فيها (1).

و كذلك (الغاشية).

و قالوا في قوله عزّ و جلّ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (2) نسخت بآية السيف (3) و ليس بصحيح، و قد تقدّم (4).

و ليس بعد ذلك في السور ناسخ و لا منسوخ (5) إلى وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ، فإنهم

ص: 897


1- أي لا نسخ فيها يعول عليه، و إلا فقد سبق له أن ذكر أن قوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ناسخ لقوله سبحانه وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ و لقوله لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ .. و قد رد القول بالنسخ هناك و فنده. انظر (ص 759 و 888) من هذا الكتاب.
2- الغاشية: (22).
3- أورده النحاس و مكي معزوا إلى ابن زيد. انظر الناسخ و المنسوخ (ص 296) و الإيضاح (ص 446) و رواه ابن الجوزي عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- انظر نواسخ القرآن (ص 507) قال مكي: و قيل: هي محكمة، و المعنى: لست بجبار، أي لست تجبرهم في الباطن على الإسلام، لأن قلوبهم ليست بيدك، إنما عليك أن تدعوهم إلى اللّه، و تبلغ ما أرسلت به إليهم اه المصدر السابق. و ذكر نحوه ابن الجوزي، ثم قال: فعلى هذا لا نسخ اه من المصدر السابق.
4- تقدم نظير هذا في سورة ق عند قوله تعالى وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ الآية (45) (ص 839).
5- قلت: الا أن النحاس و مكي حكيا النسخ عن ابن مسعود- رضي اللّه عنه- في قوله تعالى فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ الآية (7) من سورة الشرح. و إنما أدخلت هذه الآية في الناسخ و المنسوخ، لأن ابن مسعود يرى أن معنى الآية: فإذا فرغت من شغلك فانصب في قيام الليل، و هو أمر حتم، ثم نسخ بما نسخ به قيام الليل في (المزمل). و قد فسرت الآية بتفسيرات أخرى مروية عن ابن مسعود أيضا و قتادة و مجاهد و الحسن البصري تؤيد أحكامها. انظر: الناسخ و المنسوخ للنحاس (ص 296) و الإيضاح (ص 446) و راجع النسخ في القرآن (2/ 775).

زعموا أن قوله عزّ و جلّ: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (1) نسخ منها المعنى بآية السيف (2) و هو غير صحيح.

و ليس في باقي القرآن نسخ باتفاق، إلّا ما ذكروه في سورة (العصر) في قوله عزّ و جلّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (3) قالوا: هو منسوخ بالاستثناء بعده (4).

و قالوا في قوله (5) قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ: نسخ منها لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ (6) بآية السيف (7) و لا يصح.

ص: 898


1- التين: (8).
2- قاله ابن حزم (ص 66) و ابن سلامة (ص 329) و ابن البارزي (ص 58) و الفيروزآبادى (1/ 527) و الكرمي (ص 225) و قد رد ابن الجوزي على القائلين بالنسخ بقوله: زعم بعضهم أنه نسخ معناها بآية السيف، لأنه ظن أن معناها: دعهم و خل عنهم، و ليس الأمر كما ظن، فلا وجه للنسخ اه نواسخ القرآن (ص 508) و كذلك رفض السيوطي دعوى النسخ هنا و فنده، حيث أورد هذه الآية المدعي عليها النسخ كمثال من الأمثلة التي أوردها المكثرون من ذكر الآيات المنسوخة، و أن هذه الآية من القسم الذي ليس من النسخ في شي ء و لا من التخصيص، و لا له بهما علاقة بوجه من الوجوه. انظر الإتقان (3/ 63).
3- الآية الثانية من سورة العصر.
4- قاله ابن حزم في الناسخ و المنسوخ (ص 67) و ابن سلامة كذلك (ص 332) و ابن البارزي في ناسخ القرآن العزيز و منسوخه (ص 58) و حكى فيها الفيروزآبادى القولين النسخ و الإحكام. انظر بصائر ذوي التمييز (1/ 542). أما الكرمي فحكى القولين أيضا، و لكن لم يرتض القول بالنسخ، قال: لأن فيه ما فيه. انظر قلائد المرجان (ص 225). قلت و الذي فيه أنه استثناء، و قد سبق للمصنف الرد على مثل هذا الادّعاء و تفنيده. انظر على سبيل المثال رده على دعوى النسخ في قوله تعالى وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ (الآية 229) من سورة البقرة (ص 625). و الموضع (الثلاثون) من سورة النساء (ص 680) و آخر الفرقان (ص 116) و آخر الشعراء (ص 781).
5- هكذا في الأصل، و في بقية النسخ: و قالوا في قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ و هو الصحيح.
6- الكافرون: (6).
7- قاله ابن حزم الأنصاري (ص 48) و ابن سلامة (ص 337) و ابن البارزي (ص 58) و الفيروزآبادي (1/ 548) و الكرمي (ص 226) و عزاه البغدادي إلى ابن عباس- رضي اللّه عنهما- انظر الناسخ و المنسوخ له (ص 161) قال ابن الجوزي: قال كثير من المفسرين هو منسوخ بآية السيف قال: و إنما يصح هذا إذا كان المعنى: قد أقررتم على دينكم و إذا لم يكن هذا مفهوم الآية، بعد النسخ اه نواسخ القرآن (ص 509) ففي هذه الآية نرى أن الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم و أتباعه المؤمنين يعبدون اللّه بما شرع، و المشركون يعبدون غير اللّه عبادة لم يأذن بها اللّه عزّ و جلّ، و قد كان المشركون عرضوا عليه أن يعبدوا اللّه سنة و يعبد آلهتهم سنة، فنزلت السورة بيانا لحالهم و تيئيسا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من إيمان طائفة منهم بأعيانهم، و بناء عليه فلا يطمع في إيمانهم. راجع تفسير ابن كثير (4/ 560) و هكذا نأتي إلى نهاية المطاف في آخر آية أدّعي فيها النسخ بعد هذه الجولة الطويلة. و لعل القارئ يشاركني الرأي في هذه الآية بل و في كل الآيات التي سبق الحديث عنها من هذا النوع أنه لا مجال للقول بالنسخ فيها و قد سبق بيان ذلك في مواضعه، و أنه لا تعارض بين تلك الآيات و بين آية السيف حتى نلجأ إلى القول بالنسخ، و اللّه الموفق و الهادي إلى سواء السبيل.

قال أبو القاسم هبة اللّه بن سلامة: (1) كل ما في القرآن من أَعْرِضْ عَنْهُمْ* و تَوَلَّ عَنْهُمْ* و ما شاكل هذا المعنى: فناسخه آية السيف.

و قد أوضحت القول في ذلك (2).

قال: و كل ما في القرآن إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* (3) نسخه لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ (4) (5).

قلت: أ فترى أنه زال خوفه من اللّه؟ و قد قام صلّى اللّه عليه و سلّم حتى تورمت قدماه، فقيل له:

ص: 899


1- من هنا إلى قوله: و هذه الجملة استخرجتها ... الخ سقط من كتاب الناسخ و المنسوخ لهبة اللّه بن سلامة في طبعتيه- على هامش أسباب النزول، و طبعة مصطفى البابي الحلبي. و قد كنت تتبعت هذه المواضع التي ذكرها السخاوي في أماكنها المتفرقة من الكتاب حيث لا توجد مجتمعة، و ظننت أن السخاوي جمعها من أقوال ابن سلامة المتناثرة في ثنايا الكتاب، ثم رجعت إلى نسخه مخطوطة من كتاب ابن سلامة، فوجدت الكلام الذي نقله السخاوي في مكانه من آخر الكتاب مجتمعا، و أن الخطأ وقع من أصحاب الطباعة، و اللّه أعلم، أو من بعض النساخ حيث سقط النص المذكور من نسخة حيدرآباد، و لعل الذي قام بطبع الكتاب اعتمد على نسخه حيدرآباد رقم (13241) ثم إني وقفت على الكتاب مطبوعا في المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى عام 1404 ه فوجدت النص بنحوه.
2- و ذلك في الموضع التاسع عشر و الثالث و العشرين من سورة النساء (ص 665، 669) و راجع كذلك مناقشة السخاوي للآية (54) من سورة الذاريات فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (ص 843).
3- الأنعام: (15)
4- الآية الثانية من سورة الفتح.
5- راجع الموضع الأول من سورة الأنعام من هذا الكتاب (ص 696). و كذلك الموضع الأول من سورة يونس- عليه السلام- (ص 729).

أ تفعل (1) هذا و قد غفر لك (2) ما تقدّم من ذنبك و ما تأخر؟ فقال: أ فلا أكون عبدا شكورا؟ و قال: «و اللّه إني لأخوفكم للّه»، و كان يسمع لصدره (أزيزا) (3) كأزيز المرجل (4).

قال: و كل ما في القرآن من خبر الذين أوتوا الكتاب و الصفح عنهم: نسخه قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا (5) بِالْيَوْمِ الْآخِرِ (6).

و قد قدّمت القول في ذلك (7).

و قال: و كل ما في القرآن من الأمر بالشهادة: نسخه فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (8) (9).

قال: و كل ما في القرآن من التشديد و التهديد: نسخه بقوله عزّ و جلّ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ (10) وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (11) (12).

و قد قدّمت القول في جميع ذلك.

قال رحمه اللّه: و هذه الجملة- يعني (ما ذكروه) (13) من (14) كتاب «الناسخ و المنسوخ»

ص: 900


1- في د و ظ: أ فتفعل.
2- في بقية النسخ: و قد غفر اللّه لك.
3- هكذا في الأصل: أزيزا. و في د و ظ: أزير كأزيز المرجل. و في ظق: (أزيز) و هو الصواب.
4- سبق تخريج الحديث و شرح مفرداته أثناء الكلام على البكاء و الدعاء عند قراءة القرآن (ص 322).
5- (لا) ساقطة من ظ.
6- التوبة: (29).
7- انظر على سبيل المثال الموضع الخامس من سورة المائدة (ص 690).
8- البقرة: (283).
9- سقط من د و ظ بانتقال النظر قوله: قال: و كل ما في القرآن من الأمر بالشهادة، نسخه فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اه.
10- في ظ: اليسرى، خطأ.
11- البقرة: (185).
12- راجع كلام السخاوي على نظير هذا في آخر سورة البقرة وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ ... الآية (284) (ص 637) و الناسخ و المنسوخ لهبة اللّه بن سلامة (ص 101).
13- هكذا في الأصل، و في بقية النسخ: ما ذكره، و هو الصواب.
14- في بقية النسخ: في كتاب.

له- استخرجتها من كتب المحدثين و شيوخ المفسرين، و علمائهم، من كتاب أبي صالح (1) ثنا أبو (2) إسحاق إبراهيم بن أحمد البزوري (3) ثنا أبو جعفر أحمد بن الفرج بن جبريل المفسر (4) ثنا أبو عمر حفص بن عمر الدوري (5) عن محمد (بن) (6) السائب الكلبي عن أبي صالح- مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخت علي- عليه السلام- عن ابن عباس.

قال: و من كتاب مقاتل بن سليمان أنبا به عبد الخالق بن الحسين السقطي (7) ثنا عبد اللّه بن ثابت (8) عن أبيه (9) عن الهذيل بن حبيب (10) عن مقاتل.

ص: 901


1- و اسمه باذام- بالذال المعجمية- و يقال: آخره نون، أبو صالح مولى أم هانئ، ضعيف مدلس، من الطبقة الثالثة. التقريب (1/ 93) و انظر الكنى للإمام مسلم (1/ 435).
2- في ظ: ثنا أبي. خطأ نحوي.
3- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق البزوري البغدادي، مقرئ كبر، قرأ على أحمد بن فرح و غيره. انظر تاريخ بغداد (6/ 16) و معرفة القراء الكبار (1/ 325).
4- أحمد بن فرح- بالحاء المهملة- بن جبريل أبو جعفر البغدادي، العسكري الضرير المقرئ المفسر، قرأ على أبي عمر الدوري و غيره، توفي سنة 303 ه و قد قارب التسعين. انظر: تاريخ بغداد (4/ 345) و معرفة القراء الكبار (1/ 238) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 64) و سير أعلام النبلاء (14/ 163).
5- حفص بن عمر بن عبد العزيز الأزدي الدوري، أبو عمر، إمام القراءة في عصره و هو صاحب الكسائي كان ثقة ثبتا ضابطا، و كان ضريرا توفي سنة 246 ه. انظر: تاريخ بغداد (8/ 203) و التقريب (1/ 187) و معرفة القراء الكبار (1/ 191) و شذرات الذهب (2/ 111) و النشر في القراءات العشر (1/ 134) و الأعلام للزركلي (2/ 264).
6- (بن) ساقط من الأصل.
7- عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن أبي روبا، أبو محمد السقطي- نسبة إلى بيع السقط، و هي الأشياء الخسيسة- المعدل البغدادي، كان ثقة، توفي سنة 356 ه. انظر: تاريخ بغداد (11/ 124) و الأنساب للسمعاني (7/ 151) و العبر للذهبي (2/ 305) و شذرات الذهب (3/ 19).
8- عبد اللّه بن ثابت بن يعقوب المقرئ النحوي، سكن بغداد، و روى بها عن أبيه عن الهذيل بن حبيب تفسير مقاتل بن سليمان (223- 308 ه) تاريخ بغداد (9/ 426).
9- ثابت بن يعقوب بن قيس، سكن بغداد، و حدث بها عن أبي صالح الهذيل بن حبيب عن مقاتل بن سليمان كتاب التفسير، رواه عنه ابنه عبد اللّه بن ثابت، و قال: سمعته منه سنة 240 ه، و مات و هو ابن 85 سنة، تاريخ بغداد (7/ 143).
10- الهذيل بن حبيب أبو صالح الدنداني، حدث عن حمزة بن حبيب الزيات، روى عن مقاتل بن سليمان كتاب التفسير، حدث عنه ثابت بن يعقوب، و سمع منه كتاب تفسير مقاتل من أوله إلى آخره سنة 190 ه. تاريخ بغداد (14/ 78).

و من كتاب مجاهد بن جبر (1) ثنا به أبو بكر محمد بن الخضر بن زكريا (2) عن مجاهد (3).

و من كتاب النضر بن عربي (4) عن عكرمة [عن ابن عباس، ثنا به عمر بن أحمد الدوري (5) و أبو بكر بن إبراهيم البزار (6) قالا: ثنا عمر بن أحمد الدوري (7) عن محمد بن إسماعيل الحساني (8) عن وكيع بن الجراح عن النضر بن عربي عن عكرمة] (9).

و من كتاب محمد بن سعد العوفي عن أبيه عن جده عن عطية (10) عن ابن عباس، ثنا

ص: 902


1- في الناسخ و المنسوخ لابن سلامة في طبعاته الثلاث: مجاهد بن حبيب. تحريف.
2- محمد بن الخضر بن زكريا بن عثمان بن أبي حزام، و يقال ابن حزام أبو بكر المقري، كان ثقة. تاريخ بغداد (5/ 241).
3- في الناسخ و المنسوخ لابن سلامة:- بعد كلمة: مجاهد بن جبر- التي حرفت إلى (حبيب) كما سبق- قال: حدثنا محمد بن الخضر المقرئ المعروف بابن أبي حزام، قال: حدثنا به الشيخ الصالح- رحمة اللّه عليه- قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى البرقي، قال: حدثنا أبو حذيفة عن شبل بن أبي نجيح عن مجاهد.
4- في الناسخ و المنسوخ لابن سلامة المخطوط: النضر بن عدى، و في المطبوع النصر بن المقرئ. و هو النضر بن عربي الإمام العالم المحدث الثقة، أبو روح، روي عن عكرمة و غيره، و روى عنه وكيع و غيره، و كان لا بأس به، و بعضهم يوثقه مات سنة 168 ه. انظر الجرح و التعديل (8/ 475) و سير أعلام النبلاء (7/ 403) و التقريب (2/ 302).
5- هو عمر بن أحمد بن علي بن إسماعيل أبو حفص القطان المعروف (بالدري) كذا في تاريخ بغداد و لعله تحريف. سمع محمد بن إسماعيل الحساني و غيره، و كان ثقة، مات سنة 327 ه. تاريخ بغداد (11/ 229).
6- لم أقف له على ترجمة.
7- هكذا، و لم أفهم معنى هذا التكرار.
8- في الناسخ و المنسوخ لابن سلامة المطبوع: الحساني الرازي، و في مخطوطة تونس السجستاني بدل الحساني، و في مخطوطة حيدرآباد الواسطي. اه و هو محمد بن إسماعيل البختري أبو عبد اللّه الواسطي المعروف بالحساني، سكن بغداد، و حدث بها عن وكيع بن الجراح و غيره، و روى عنه عمر بن أحمد الدوري و غيره، وثقه العلماء، مات سنة 258 ه. تاريخ بغداد (2/ 36).
9- ما بين المعقوفتين أضيف في حاشية (ت) و كانت الأسماء مبتورة لسوء التصوير.
10- أما محمد بن سعد العوفي و أبوه فقد سبق أنهما ضعيفان أثناء الكلام على قوله تعالى قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ .. (ص 828). و أما جده فهو محمد بن الحسن بن عطية العوفي، فهو أيضا ضعيف يخطئ. انظر: الميزان (3/ 513) و التقريب (2/ 154). و كذلك عطية بن سعد العوفي صدوق يخطئ كثيرا، ضعفه العلماء و كان شيعيا مدلسا، مات سنة 113 ه. التقريب (2/ 24)، و الميزان (3/ 79).

به المظفر بن نظيف (1) قال: ثنا به (ابن مالك) (2) القاضي (3) ثنا محمد بن سعد العوفي عن أبيه عن جده عن عطية عن ابن عباس.

و من كتاب سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، ثنا به (أبو) (4) القاسم عبيد اللّه بن جنيقا الدقاق (5) ثنا أبو الحسن على محمد المصري الواعظ (6) ثنا الحسين بن عبد اللّه بن محمد (7) عن محمد بن يحيى (8) عن سعيد عن قتادة.

قال: فهذه جملة كافية.

قلت: و هبة اللّه هذا رجل صالح، و قد سمعت كتابه هذا من أبي محمد القاسم بن علي (ابن الحسين) (9) بن هبة اللّه (10) الحافظ (11)- رحمه اللّه- و (12) أنبا به عن أبي الكرم

ص: 903


1- في الناسخ و المنسوخ لابن سلامة المطبوع: المطرف بن نصيف (تحريف). و هو المظفر بن نظيف بن عبد اللّه أبو نصر، كان قاصا كذابا، روي عن القاضي المحاملي. انظر تاريخ بغداد (13/ 129) و ميزان الاعتدال (4/ 132).
2- هكذا في الأصل: ابن مالك. تحريف، و في بقية النسخ: ابن كامل، و هو الصواب.
3- أحمد بن كامل بن حنبل خلف القاضي البغدادي، تلميذ ابن جرير الطبري، حدث عن محمد بن سعد العوفي و غيره، و كان من العلماء بالأحكام و علوم القرآن و النحو و الشعر و التواريخ، و له في ذلك مصنفات (260- 350 ه) تاريخ بغداد (4/ 357) و سير أعلام النبلاء (15/ 544) و معجم المؤلفين (2/ 52).
4- (أبو) ساقط من الأصل.
5- عبيد اللّه بن عثمان بن يحيى أبو القاسم الدقاق المعروف بابن جنيقا كان صحيح الكتاب كثير السماع ثبت الرواية، و كان ثقة مأمونا، فاضلا حسن الخلق (318- 390 ه) تاريخ بغداد (10/ 377).
6- علي بن محمد بن أحمد بن الحسن أبو الحسن الواعظ المعروف بالمصري، و هو بغدادي، أقام بمصر مدة ثم رجع إلى بغداد فعرف بالمصري، و كان ثقة أمينا عارفا، صنف كتبا كثيرة في الزهد توفي سنة 338 ه. تاريخ بغداد (12/ 75) و سير أعلام النبلاء (15/ 381) و معجم المؤلفين (7/ 179).
7- لم أقف له على ترجمة.
8- لم أقف له على ترجمة.
9- ابن الحسن: غير واضحة في ت.
10- من قوله: قلت: و هبة اللّه ... إلى هنا سقط من ظ بانتقال النظر ثم أضيف في الحاشية فلم تظهر بعض العبارات.
11- سبقت ترجمته أثناء الكلام عن شيوخ السخاوي (ص 26).
12- في د و ظ: بدون واو.

يحيى بن عبد الغفار بن عبد المنعم (1) عن أبي محمد رزق اللّه بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي (2) عن هبة اللّه المصنّف.

و إنما وقع الغلط (3) للمتأخرين من قبل عدم المعرفة بمراد المتقدمين، فإنهم كانوا يطلقون على الأحوال المنتقلة: النسخ (4).

و المتأخرون يريدون بالنسخ: نزول النص ثانيا رافعا لحكم النص (5) الأول (6) و لا يثبت النسخ باجتهاد مجتهد من صحابي و لا غيره (7) (8) و لا بد في ذلك من النقل، و اللّه أعلم (9).

قال ناسخ الكتاب: وافق الفراغ منه يوم الثلاثاء الثاني و العشرين من ذي القعدة في سنة ثلاث و ثلاثين و سبعمائة (733 ه)، غفر اللّه لكاتبه و لقارئه و لصاحبه و لمصنفه، و لجميع المسلمين أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين و صلى اللّه على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين و آخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين بلغ مقابلة بحسب الطاقة.

لا زال يعلو شأنه على المدى صاحب هذا الكتاب.

ما غردت ورقاء في دوحة و أضحك الروض السحاب.

الحمد للّه، اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلّم و رضي اللّه عن كل الصحابة أجمعين،،،

ص: 904


1- لم أقف له على ترجمة.
2- رزق اللّه بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث أبو محمد التميمي البغدادي الحنبلي المقرئ الفقيه الواعظ المفسر (400- 488 ه) معرفة القراء الكبار (1/ 441) و شذرات الذهب (3/ 384) و غاية النهاية (1/ 284) و طبقات المفسرين للداودي (1/ 177)، و البداية و النهاية (12/ 160) و الأعلام (3/ 19).
3- في د و ظ: العدد.
4- سبق للمصنف أن ذكر نحو هذا أثناء حديثه عن الموضع السادس عشر من سورة الأنعام (ص 704)
5- كلمة (النص) ساقطة من د و ظ.
6- سبق تعريف النسخ في أول الكلام على الطود الراسخ في المنسوخ و الناسخ (ص 586).
7- في ظ: و لا غير.
8- انظر: الإتقان (3/ 71).
9- و بهذا انتهى الكتاب المحقق.

الخاتمة

اشارة

و أسأله تعالى أن يحسنها، و أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، و خير أيامنا يوم نلقاه.

- لقد عشت أ تتلمذ على الإمام العلامة علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 ه/ بواسطة كتابه القيم «جمال القراء ..» قرابة أربع سنوات، و كنت أراجع كل ما كتبته مع أستاذي فضيلة الدكتور/ محمد سالم محيسن المشرف على بحثي، قضيت هذه الفترة الزمنية من زهرة عمري في دراسة و تحقيق هذا الكتاب، الذي ألفه إمام من أئمة القراءات و التفسير و العربية و غير ذلك.

و لا بد لي- بعد هذه الجولة العلمية- أن أجمع شتات هذا البحث، و أن ألخصه و أقرب أبعاده، و أن أبين بعض النتائج التي توصلت إليها، مستعينا باللّه تعالى و مستمدا منه العون و السداد:

- لقد كانت هذه الرسالة في قسمين اثنين.

الأول: قسم الدراسة، و الثاني: قسم التحقيق.

كتبت- قبل الدخول في الدراسة- مقدمة للبحث و تمهيدا، تطرقت في المقدمة إلى أهمية علوم القرآن و اهتمام العلماء قديما و حديثا بهذه العلوم التي تخدم كتاب اللّه عزّ و جلّ.

و من هؤلاء علم الدين السخاوي الذي أدلى بدلوه في هذا الميدان فكتب كتابه «جمال القراء ..» الذي نال إعجاب العلماء، حيث إنه كتاب يتناول كثيرا من مباحث علوم القرآن التي تتسم بالموضوعية.

- و توصلت من هذا البحث إلى أن تحقيق التراث ليس بالأمر السهل الميسور بل ان

ص: 905

فيه مشقة لا يعرفها إلّا من عايشها، و هذه المشقة قد تختلف من مخطوط إلى آخر، و أيضا فإن هذه المشقة قد لا يجدها من لا يكلف نفسه عناء في خدمة المخطوط، خدمة تليق بالتراث الذي خلفه لنا علماؤنا- رحمة اللّه عليهم-.

- أما التمهيد فقد تطرقت فيه إلى الحديث عن ثلاث قضايا هي:

أ) تعريف علوم القرآن بمعنييه الخاص و العام، أي باعتباره «علما» و باعتباره مركبا إضافيا.

ب) و القضية الثانية هي ذكر أهم المصنفات في علوم القرآن من بدء التدوين حتى عصر الإمام السخاوي، و ذكرت خمسة و عشرين مؤلفا في ذلك، بين مطبوع و مخطوط، و رتبتها حسب وفيات مؤلفيها.

ج) و القضية الثالثة هي أثر كتاب «جمال القراء ...» فيمن جاء بعده من المؤلفين، توصلت من خلال هذه القضية إلى شخصية هذا الإمام و مكانته في المجتمع الذي نشأ فيه و ترعرع في أحضانه، و قضى فيه بقية زمانه، حيث كان فريد عصره و وحيد دهره و أوانه. و بناء عليه فقد تأثر به و بكتابه كثير من العلماء منذ عصره إلى وقتنا الحاضر.

فقد اقتبس منه الكثيرون و أفادوا منه فوائد عظيمة ..

أما قسم الدراسة فقد جعلته في بابين:
الباب الأول:

ضمنته الحديث عن النهضة العلمية في عهد السخاوي، و قد تبين لي أن الحركة العلمية في هذه الحقبة الزمنية ازدهرت ازدهارا كبيرا. و قد تمثل ذلك في اعتناء الحكام بالعلم و العلماء، فقد كان معظم حكام ذلك العصر مثقفين، و كانوا يحيطون أنفسهم بالعلماء، و يبالغون في اكرامهم معنويا و ماديا ..

- و تمثل أيضا في كثرة المدارس و المساجد و المعاهد العلمية في سورية و القاهرة و بغداد، و التي تولت نشر المذهب السنّي بدلا عن المذهب الشيعي ...

حتى بلغ عدد المدارس في العصر الأيوبي ستا و عشرين مدرسة .. و قد ذكرت أشهر هذه المدارس ...

- و تمثل ازدهار النهضة العلمية كذلك في دور المكتبات في ذلك العصر و نشاط التأليف و الترجمة، فكثرت بذلك المكتبات التي تزخر بالكتب الدينية و العلمية و الأدبية و غيرها من الكتب التي حمل لواءها أعلام نبغوا في شتى العلوم ..

ص: 906

- و كان للعلوم الشرعية الحظ الأوفر في الانتشار و الازدهار في ذلك العصر، كالقراءات و التفسير و الحديث و الفقه و النحو. حيث تناول البحث ذكر نبذة مختصرة عن كل علم من هذه العلوم. مع ذكر مجموعة من العلماء الذين برزوا في كل منها ..

- و تكلمت في هذا الباب عن حياة الإمام علم الدين السخاوي، فذكرت اسمه و كنيته و لقبه و نسبته و من يشاركه في هذه النسبة من العلماء السابقين عليه و اللاحقين به مرتّبين حسب وفياتهم.

- و ذكرت مولده، و أسرته و ترجمت لبعض شيوخه مبيّنا مدى تأثره بهم، و تنقله في طلب العلم من مسقط رأسه إلى الإسكندرية ثم القاهرة ثم دمشق، و صنفت شيوخه إلى ثلاثة أصناف مبتدئا بشيوخه في القراءات ثم الحديث ثم بقية شيوخه الذين أغفلت المصادر ذكر المادة العلمية التي تلقاها عنهم ...

- ثم ذكرت تلاميذه الذين تلقوا عنه كثيرا من العلوم و بخاصة علم القراءات مبيّنا مدى أثره فيهم، و قد أخذ عنه خلق كثير لأنه مكث نيفا و أربعين سنة يقرئ الناس.

- و تحدثت عن أخلاقه و منزلته العلمية و أقوال العلماء فيه، و قلت إن السخاوي تقدم على معاصريه في كثير من الميادين العلمية، و اعترف له المؤرخون المعاصرون و اللاحقون بالصلاح و التقوى و غزارة العلم، و وصفوه بالمقرئ المجود المتكلم المفسر المحدث الفقيه الأصولي اللغوي النحوي ... إلخ.

- و تطرق البحث في هذا الباب إلى الحديث عن قوة شخصية السخاوي إذ كانت شخصيته واضحة، يتمثل ذلك بعرض أقوال العلماء و مناقشتها و نقد الكثير منها، و قد سقت أمثلة على ذلك من كتابه (جمال القراء ..).

- و تعرض البحث لذكر مذهبه- رحمه اللّه- فقد كان مالكي المذهب ثم انتقل إلى المذهب الشافعي و استقر عليه حتى صار من أعيانه ...

- كما تناول البحث في هذا الباب ذكر مؤلفات السخاوي، حيث إنه شارك في كثير من العلوم بقسط كبير، مما أهله لأن يكون في مقدمة المبرزين من علماء عصره، و قد أثنى الذين ترجموا له على مؤلفاته و أشادوا بها، و كانت مؤلفاته متنوعة كالقراءات و علوم القرآن و التفسير و اللغة و القصائد النبوية و غير ذلك.

و قد حاولت جمع شتاتها فبلغت اثنين و أربعين مؤلفا، و رتبتها ترتيبا موضوعيا ثم

ص: 907

رتبت كل موضوع ترتيبا هجائيا، مبينا إن كانت مطبوعة أو مخطوطة و أماكن وجودها قدر المستطاع.

- و ختم الباب الأول المتعلق بحياة السخاوي بذكر أبرز أعماله، ثم وفاته ...

رحمه اللّه رحمة واسعة و أسكنه فسيح جناته و جمعنا و إياه و جميع المسلمين في دار كرامته.

و أما الباب الثاني من قسم الدراسة:

فقد تعرضت فيه لدراسة الكتاب، و شمل ذلك تحقيق عنوانه و صحة نسبته إلى مؤلفه، ثم وصف نسخه الخطية.

و قلت إن معظم الذين ذكروا هذا الكتاب سموه «جمال القراء و كمال الإقراء» و بينت أن العلماء لم يختلفوا في نسبته إلى مؤلفه علم الدين السخاوي.

- و تكلمت في هذا الباب عن مصادر السخاوي، و تبين لي أنه- رحمه اللّه- قد اعتمد على مصادر عدة، استقى منها مادته العلمية، بالاضافة إلى ثقافته التي تلقاها مشافهة عن شيوخه، مما كان له أثره البارز في مصنفاته و بخاصة «جمال القراء ..».

و قد صنفت تلك المصادر- حسب موضوعاتها- إلى سبعة أصناف، هي التفسير، و القراءات، و الناسخ و المنسوخ، و الحديث، و العدد و كتاب المصاحف، و الفقه، ثم النحو و غريب الحديث.

هذا بالإضافة إلى النقولات التي كان ينقلها عن بعض العلماء دون أن يذكر أسماء مؤلفاتهم التي أفاد منها ..

- و تكلمت في هذا الباب كذلك عن منهج السخاوي في تصنيف كتابه، و ما اشتمل عليه من علوم تتعلق بالقرآن الكريم.

و قلت إنه قسمه إلى سبعة علوم رئيسة، كل علم يكاد يكون موضوعا مستقلا بذاته، و هذه العلوم:

1- نثر الدرر في ذكر الآيات و السور.

2- الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز.

3- منازل الإجلال و التعظيم في فضائل القرآن العظيم.

4- تجزئة القرآن.

5- أقوى العدد في معرفة العدد.

ص: 908

6- ذكر الشواذ.

7- الطود الراسخ في المنسوخ و الناسخ.

و قد استعرضت منهجه في كل علم من هذه العلوم، و بينت الطريقة التي سلكها في تصنيفه لها.

- «القسم الثاني»- التحقيق

و قد اشتمل على تحقيق النص و توثيقه، و المقارنة بين النسخ، و عزو الآيات القرآنية و تخريج الأحاديث النبوية و الآثار الواردة في ذلك و تخريج الأبيات الشعرية، و شرح غريب بعض الألفاظ، و التعريف ببعض الأماكن و البلدان و الترجمة للأعلام، و اتمام بعض الآيات القرآنية التي أورد المصنف جزءا منها، و مناقشة بعض القضايا العلمية و التنبيه على بعض المسائل العلمية التي أغفل المصنف التنبيه عليها.

و رجعت في توثيقي للمسائل العلمية التي اشتمل عليها الكتاب إلى المصادر المعنية بذلك.

- و اتضح لي أن كتاب «جمال القراء ..» من أنفس الكتب في موضوعه.

- و تبين لي أن الإمام السخاوي كان يجل العلماء و يقدر جهودهم و يثني عليهم و بخاصة مشايخه الذين تلقى عنهم و إلى جانب هذا فقد كان ينكر على بعض العلماء أقوالهم الخارجة عن الصواب، و بخاصة فيما يتعلق بالناسخ و المنسوخ إذ أن موضوع النسخ موضوع خطير.

- و قد جعل بعض العلماء آية السيف سيفا صارما نسخت أكثر من مائة آية تتعلق بالأمر بالصبر و الإعراض عن المشركين و الصفح عنهم، و غير ذلك مما يدخل تحت هذا المعنى، و قد تولى السخاوي- رحمه اللّه- الرد على كل ذلك. و قد أيدته في رأيه، و دعمت كل ذلك بأقوال العلماء.

ص: 909

هذا و قبل أن أختم كلمتي هذه أتوجه إلى اللّه عزّ و جلّ بخالص الشكر و جزيل الثناء إذ وفقني و أعانني على اتمام بحثي هذا.

و ما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت و إليه أنيب.

و صلّ اللّهم على نبينا و حبيبنا (محمد) صلّى اللّه عليه و سلّم و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين.

و آخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين.

ص: 910

الصورة

ص: 911

الصورة

ص: 912

الصورة

ص: 913

الصورة

ص: 914

الصورة

ص: 915

الصورة

ص: 916

الصورة

ص: 917

الصورة

ص: 918

الصورة

ص: 919

الصورة

ص: 920

الصورة

ص: 921

الصورة

ص: 922

الصورة

ص: 923

الصورة

ص: 924

الصورة

ص: 925

الصورة

ص: 926

الصورة

ص: 927

الصورة

ص: 928

الصورة

ص: 929

الصورة

ص: 930

الصورة

ص: 931

الصورة

ص: 932

الصورة

ص: 933

الصورة

ص: 934

الصورة

ص: 935

الصورة

ص: 936

الصورة

ص: 937

الصورة

ص: 938

الصورة

ص: 939

الصورة

ص: 940

الصورة

ص: 941

الصورة

ص: 942

الصورة

ص: 943

الصورة

ص: 944

الصورة

ص: 945

الصورة

ص: 946

الصورة

ص: 947

الصورة

ص: 948

الصورة

ص: 949

الصورة

ص: 950

الصورة

ص: 951

الصورة

ص: 952

الصورة

ص: 953

الصورة

ص: 954

الصورة

ص: 955

الصورة

ص: 956

الصورة

ص: 957

الصورة

ص: 958

الصورة

ص: 959

الصورة

ص: 960

الصورة

ص: 961

الصورة

ص: 962

الصورة

ص: 963

الصورة

ص: 964

الصورة

ص: 965

الصورة

ص: 966

الصورة

ص: 967

الصورة

ص: 968

الصورة

ص: 969

الصورة

ص: 970

الصورة

ص: 971

الصورة

ص: 972

الصورة

ص: 973

الصورة

ص: 974

الصورة

ص: 975

الصورة

ص: 976

الصورة

ص: 977

الصورة

ص: 978

الصورة

ص: 979

الصورة

ص: 980

الصورة

ص: 981

الصورة

ص: 982

الصورة

ص: 983

الصورة

ص: 984

الصورة

ص: 985

الصورة

ص: 986

الصورة

ص: 987

الصورة

ص: 988

الصورة

ص: 989

الصورة

ص: 990

الصورة

ص: 991

الصورة

ص: 992

الصورة

ص: 993

الصورة

ص: 994

الصورة

ص: 995

الصورة

ص: 996

الصورة

ص: 997

الصورة

ص: 998

الصورة

ص: 999

الصورة

ص: 1000

الصورة

ص: 1001

الصورة

ص: 1002

الصورة

ص: 1003

الصورة

ص: 1004

الصورة

ص: 1005

الصورة

ص: 1006

الصورة

ص: 1007

الصورة

ص: 1008

الصورة

ص: 1009

الصورة

ص: 1010

الصورة

ص: 1011

الصورة

ص: 1012

الصورة

ص: 1013

الصورة

ص: 1014

الصورة

ص: 1015

الصورة

ص: 1016

الصورة

ص: 1017

الصورة

ص: 1018

الصورة

ص: 1019

الصورة

ص: 1020

الصورة

ص: 1021

الصورة

ص: 1022

الصورة

ص: 1023

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.